Professional Documents
Culture Documents
2
3
يمنع نسخ أو استعمال أي جزء من هذا
الكتاب بأي وسيلة تصويرية أو الكترونية أو
ميكانيكية بما فيه التسجيل الفوتوغرافي.
والتسجيل على أشرطة أو اقراص قرائية
أو أي وسيلة نشر أخرى أو حفظ
المعلومات ،واسترجاعها دون إذن خطي
من الناشر
ISBN 9953-29-623-5
الطبعة الولى
1425هـ 2004 -م
محفوظة
جميع الحقوق َ
َ
عمرو خالد
لمسة وفياء
إليييى العلمييياء الجلء والسيييادة الفاضيييل
والجنييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييود
المجهولين الذين شيياركوا فييي تحضييير هييذه
المييييييييييييييييييييادة القرآنييييييييييييييييييييية،
ولم يبخلوا بعلم ول جهد ول وقييت ،فجزاهييم
اللييييييييييييييه عنييييييييييييييي وعيييييييييييييين
أمة القرآن خير الجزاء
عمرو خالد
8
خوا اسم السورةهدفها
الصفحة
طر
15 سورة الفاتحة :حاوية أهداف القرآن
قرآنية سورة البقرة :أنت مسؤول عن الرض
24
الثبات على المنهج سورة آل عمران:
45
سورة النساء :العدل والرحمة خاصة مع الضعفاء
65
80 سورة المائدة :أوفوا بالعقود
سورة النعام :توحيد الله تعالى في العتقاد والتطبيق
98
احسم موقفك في الصراع بين الحق والباطل سورة العراف:
111
سورة النفال :قوانين النصر مادية وربانية
125
سورة التوبة :التوبة
137
سورة يونس :اليمان بالقضاء والقدر
148
سورة هود :التوازن في الثبات على الحق دون ركون أو تهور
159
سورة يوسف :ثق بتدبير الله ،واصبر ول تيأس
171
سورة الرعد :قوة الحق وضعف الباطل
177
سورة إبراهيم :نعمة اليمان ونقمة الكفر
184
9
سورة البقرة 10
اسم السورةهدفها
الصفحة
سورة النمل :أهمية التفوق الحضاري
279
الثقة بوعد الله سورة القصص:
290
احذر من الفتن سورة العنكبوت:
300
سورة الروم :آيات الله ظاهرة وواضحة ،فكيف ل تؤمنون
11 سورة البقرة
305
سورة لقمان :تربية البناء
309
الخضوع لله تعالى سورة السجدة:
315
سور الستسلم لله
317
-سورة الحزاب :الستسلم لله في المواقف الحرجة
-سورة سبأ : :الستسلم لله سبيل بقاء الحضارات
-سورة فاطر :الستسلم لله سبيل العزة
-سورة يس :الستسلم لله بالصرار على الدعوة حتى لو يئست
من النتيجة
-سورة الصافات :الستسلم لله وإن لم تفهم الحكمة من أوامره
-سورة ص :الستسلم لله بالعودة إلى الحق دون عناد
سورة الزمر :الخلص لله تعالى
334
سورة غافر :أهمية الدعوة إلى الله وتفويض المر إليه
340
واجبات ومحاذير للمة المسؤولة عن الرض
346
-سورة فصلت :حسن الستقبال لوامر الله تعالى
-سورة الشورى :التحذير من الفرقة ،والمر بالشورى
-سورة الزخرف :التحذير من النبهار بالمظاهر المادية
-سورة الدخان :التحذير من النبهار بالسلطة والتمكين
-سورة الجاثية :التحذير من التكبر والتعالي
-سورة الحقاف :نماذج لمن أجاب ولمن رفض أوامر الله
سور محمد :طاعة النبي صلى الله عليه وسلم مقياس قبول العمال
361
سور الفتح :سورة الفتوحات والتجليات الربانية
361
أدب العلقات سورة الحجرات:
361
سور الختيار
سورة البقرة 12
373
-سورة ق :الختيار بين الهدى والضلل
-سورة الذاريات :العطاء والمنع بيد الله ففروا إلى الله
-سورة الطور :الختيار بين طريق الجنة وطريق النار
-سورة النجم :اختر مصدر معلوماتك
-سورة القمر :التعرف على الله تعالى من خلل نقمه
اسم السورةهدفها
الصفحة
القمر :التعرف على الله تعالى من خلل نعمه -سورة
الواقعة :وكنتم أزواجا ً ثلثة
-سورة
الحديد :التوازن بين المادية والروحانية -سورة
للسلم سور النتماء
393
-سورة المجادلة :التبرؤ من المناهج الخرى والتصال بالسلم
-سورة الحشر :مواقف مختلفة من النتماء لدين الله
-سورة الممتحنة :امتحانات النتماء
-سورة الصف :أهمية وحدة الصف
-سورة الجمعة :دور صلة الجمعة في النتماء
-سورة المنافقون :خطر النفاق
-سورة التغابن :مشاغل اجتماعية تضيع النتماء
-سورة الطلق :ل للخلف
-سورة التحريم :دور المرأة في تحقيق النتماء لدين الله
سور الجزء التاسع والعشرين :الدعوة إلى الله
414
سور الجزء الثلثين :ختام المنهج الرباني
425
13
مقد
مة
الحمد لله الييذي أنييزل علييى عبييده الكتيياب ولييم
يجعل له عوجًا،
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لول أن
هدانا الله
هذا الكتاب ليييس كتياب تفسييير ،ول يهيدف إليى
تفسييير آيييات القييرآن بالتفصيييل ،وميين أراد ذلييك
فليرجع إلى أمهييات الكتييب فييي التفسييير ،كتفسييير
الطبري وابن كثير وغيرها من كتييب التفاسييير الييتي
تمتلئ بها مكتبتنا السلمية ...لكن فكرة هذا الكتاب
مختلفة ،وهدفه مختلف.
فكرة هذا الكتياب تراودنيي منيذ عشير سينوات،
تحدييييدا ً رمضيييان مييين كيييل عيييام ...حييييث يقبيييل
المسلمون فييي كييل العييالم السييلمي علييى قييراءة
القرآن وختميه فيي شيهر رمضييان المبيارك .لكننيي
كنت أحزن كثيرا ً عنييدما أجييد هييذه الرغبيية الصييادقة
لقييراءة القييرآن دون أن يرتبييط بهييا فهييم واضييح
لهييداف هييذه السييورة ،ولميياذا نزلييت ،ومييا هييي
جهها لنا هذه السورة .وبالتالي كنت الرسالة التي تو ّ
أجد الناس يقرأون القرآن ويستشعرون فييي قييرارة
14
15 سورة البقرة
قيم .
ست َ ِ ٱل ْ ُ
م ْ
أساسيات السلم
وتذكرنا سورة الفاتحة بأساسيات الدين ومعييانيه
العظيمة:
ب
م ـدُ للــه َر ّ ِ .1نعييم اللييه تبييارك وتعييالى ٱل ْ َ
ح ْ
ن . مي َع ٰـل َ ِ
ٱل ْ َ
د .أي نفييردك عُبــ ُ ك نَ ْ .2الخلص بكلميية إ ِّيــا َ
وحييدك يييا ربنييا بالعبييادة ،فل نعبييد إل أنييت ،ول
ن . عي ُ ست َ ِ ك نَ ْ وإ ِّيا َنستعين بأحد إل أنت َ
صـَرا َ
ط دَنا ٱل ّ هـ ِ .3طلييب الصييحبة الصييالحة ٱ ْ
ت َ َ َ
مهــ ْ
علي ْ ِ م َ ع ْن أن ْ َ ذي َ ط ٱل ّ ِصَرا َ مِ
قي َست َ ِ
م ْ ٱل ْ ُ
.
ب ضــو ِ غ ُ م ْر ٱل ْ َ غي ْ ِ .4التحذير من أصحاب السوء َ
ن . ضاّلي َ ول َ ٱل ّم َ ه ْ َ َ
علي ْ ِ
.5أسماء الله الحسنى ،مع التركيز على أسماء اللييه
حي ـم ِ .فأصييل علقيية ربنييا ن ٱلّر ِم ٰـ ِ ٱلّر ْ
ح َ
بالبشيير هييي الرحميية ولييذلك ورد قييوله الرحميين
الرحيم مرتين.
مقي َس ـت َ ِ ط ٱل ْ ُ
م ْ ص ـَرا َ
دَنا ٱل ّ .6السييتقامة ٱ ْ
ه ِ
.
ن ،
دي ِ
وم ِ ٱلــ ّ
ك يَ ْ م ٰـل ِ ِ .7الخرة والستعداد لها َ
م .
قي َست َ ِ
م ْ ط ٱل ْ ُصَرا َ
دَنا ٱل ّ وٱ ْ
ه ِ
.8أهمية الدعاء وأدب الدعاء ،فالسورة قد اختتمييت
23 سورة البقرة
بالدعاء.
ن كل ألفاظ .9أمتنا أمة واحدة ..ولذلك فإّنك تجد بأ ّ
المخاطبيية والييدعاء فييي سييورة الفاتحيية جيياءت
بصيغة الجمع فحتى لو كان المييرء يصييلي وحيييدا ً
في غرفته ل تصح صيلته بيأن يقيول "اييياك اعبيد
واياك استعين" أو "اهيدني الصيراط المسيتقيم"،
د عب ُـ ُ دَنا و إ ِي ّــا َ
ك نَ ْ فل بد ان يقول ٱ ْ
هـ ِ
ن ،وكلها بصيغة الجمع ،حتى عي ُ
ست َ ِ وإ ِّيا َ
ك نَ ْ َ
يعرف المييرء انييه ضييمن أميية واحييدة وأنييه ليييس
وحيدا في هذا الكون.
الدب مع الله
وبالضافة إلى ما سبق ،فإن السورة تعّلم العبييد
سييمة إلييى نصييفين ،النصييف الدب مع ربه ،فهي مق ّ
الول ثنيياء علييى اللييه والنصييف الثيياني دعيياء اليييه.
م ـدُ للــه ح ْفالثناء على الله يتجلى في اليات :ٱل ْ َ
ك م ٰـــل ِ ِ حيــم ِ َ ن ٱلّر ِ م ٰـــ ِ ح َ ن ٱلّر ْ مي َع ٰـــل َ ِ ب ٱل ْ َ َر ّ
ن . عي ُ سـت َ ِ ك نَ ْ وإ ِي ّــا َعب ُـدُ َ ك نَ ْ ن إ ِي ّــا َدي ِ وم ِ ٱل ـ ّ ي َـ ْ
صــــَرا َ
ط دَنا ٱل ّ هــــ ِ وبعييييد ذلييييك الييييدعاء :ٱ ْ
ت َ َ َ
مهـ ْ علي ْ ِ مـ َ ع ْ
ن أن ْ َ ذي َ ط ٱل ّـ ِ ص ـَرا َ مِ قي َ ست َ ِ م ْ ٱل ْ ُ
ن . ضاّلي َ ول َ ٱل ّ م َ ه ْ ب َ َ
علي ْ ِ ضو ِ غ ُ م ْر ٱل ْ َ َ
غي ْ ِ
واللطيف أن عدد أحرف الثناء في النصف الول
مسيياوية تمامييا ً لعييدد أحييرف الييدعاء فييي النصييف
الثاني.
سورة البقرة 24
مــاو َ
ها َ
حو َ فييذوا ذلييك مكرهييين مجييبرين َ
ف ـذَب َ ُ ن ّ
ن . عُلو َ دوا ْ ي َ ْ
ف َ َ
كا ُ
ن قصيية البقييرة تنب ّييه ميين المادييية الشييديدة وكييأ ّ
وكأنها تنّبه من الجدل في دين الله تعالى ،تنب ّييه ميين
فذالمراوغة والتحايل على شرع الله تعالى ،أو أن تن ّ
ميت سييورة شرع الله تعالى وأنت كيياره لييذلك فس ي ّ
البقرة لخطورة هذه الفعال.
تمّيزوا حتى في مصطلحاتكم
وتمضي اليات إلى أن نصل إلى الية التي يييذكر
مُنــوا ْ .وهييذا َ
ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّ ِفيها لول مرة ي َ ٰـأي ّ َ
مُنوا ْ ل َ َ
ن ءا َذي َها ٱل ّ ِ يتجلى في قوله تعالى ي َ ٰـأي ّ َ
عوا ْ م ُسـ َ
وٱ ْ قول ُــوا ْ ٱنظُْرن َــا َ و ُ قوُلوا ْ ٰر ِ
عن َــا َ تَ ُ
.((104
لقد كان اليهود يخاطبون النييبي صييلى الييه عليييه
وسلم بقولهم )راعنا( ومعنى راعنا أي راعي أمورنييا
ى سيئا ً بلغتهم )إسيمع ولكنهم كانوا يقصدون بها معن ً
ل سمعت( أو تعني شيئا ً من الرعونة .ومن ل يفهييم
لغتهم ول يعييرف مييا يقصييدون يظيين بييأنهم يقولييون
للنبي راعي أمورنا .فالله جل وعل يقول للصحابة ل
تقولوا راعنا ولكن قولييوا انظرنييا والكلمتييان تحملن
المعنى نفسه ولكن ذلك تغيير في المصطلح..
وكأن المعنى :تمّييييزوا حييتى فييي مصييطلحاتكم.
فالله تعالى يريد أن يفهمنييا بييأن الميية السييابقة قيد
وقعيييت بأخطييياء شيييديدة فل تّتبعوهيييا أو تقل ّيييدوها،
45 سورة البقرة
َ ْ
.( مث ْل ِ َ
ها(106 و
ها أ ْ
ِ من ْ َر ّخي ْ ٍ
ت بِ َها ن َأ ِ س َُنن ِ
-ثم ييأتي الربيع الثيامن ليتحيدث عين بنياء الكعبية
ن ٱل ْب َْيــ ِ
ت مــ َ
عدَ ِ
وا ِ
ق َم ٱل ْ َ هي ُع إ ِب ْ ٰر ِف ُ إ ِذْ ي َْر َ
و
َ
.( (127
-وكانت آخر حلقات السلسلة بيان أن نسخ الحكم
سيكون بتغيييير إتجياه القبليية ،فيانظر إليى جميال
ترابط اليات ببعضها!
تمييز المة حتى في مصطلحاتها
ولكن الربع هذا ينّبه إلى هييدف آخيير غييير إختبييار
الطاعة .فكمييا سييبق فييي الجييزء الول التنييبيه إلييى
أهمية التميز عن المييم الخييرى فييي المصييطلحات:
قوُلوا ْ قوُلوا ْ ٰر ِ مُنوا ْ ل َ ت َ ُ يٰ َ
و ُ
عَنا َ ن ءا َ
ذي َها ٱل ّ ِ
ـأي ّ ََ
ٱنظُْرَنا ( (104ففي هذه الية أيض يا ً أميير بييالتميز
عن الخرين في إتجاه القبلة..
فاليهود كانوا يصّلون باتجاه بيت المقدس ،فييأمر
المسييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلمون
جه للكعبة .وكأن الرسالة هنا :كيييف بمخالفتهم والتو ّ
تستخلف أمة على هذه الرض وهي ليست متمّيييزة
عن غيرها؟ كيف يكون التابع والمقل ّييد مسييؤول ً عيين
الرض؟ ...فكان ل بد قبل التيييان بييأي أميير أو نهييي
في المنهج أن يأتي المر بييالتميز عيين طريييق تغيييير
اتجاه القبلة! ليتمّيز المسلمون فل يشعروا بالتقليييد
والتبعية للمم الخرى.
51 سورة البقرة
وسطية التميز
128 أما الربع الثاني من هذا الجييزء فيبييدأ بالييية
فا صــ َ ن ٱل ّ واليييتي يقيييول الليييه تعيييالى فيهيييا إ ِ ّ
ت ج ٱل ْب َي ْـ َ حـ ّ ن َ م ْف َر ٱلله َ عائ ِ ِ ش َمن َ وةَ ِ مْر َو ٱل ْ َ َ
َ َ
مــا ه َ ف بِ ِ و َ ه أن ي َطّ ـ ّ عل َي ْ ِ
ح َ جَنا َ فل َ ُ مَر َ عت َ َ
و ٱ ْ أ ِ
((158بعيييض النييياس يفهيييم هيييذه اليييية أن لبيييأس
بييالطواف وأن الطييواف إختييياري .لكيين لكييي نفهييم
معنى الية ل بد من معرفيية سييبب نزولهييا ،فييالواقع
أن الصحابة عندما سييمعوا خطيياب القييرآن يييأمرهم
بالتمييز )سواء بتغيير المصييطلحات أو بتغيييير إتجيياه
القبلة( ،ووجدوا أن المشركين يطوفون بييين الصييفا
والمييروة )ويضييعون صيينمين علييى جبلييي الصييفا
والمييروة )آسيياف ونائليية( وكييانوا يسييعون بينهمييا(،
عندها شعر الصحابة بحرج ميين السييعي بييين الصييفا
والمروة وأنه ينافي التميز الذي أمييروا بييه ،فجيياءت
الية لتخبرهم أن ليس كييل مييا يفعلييه الكفييار خطييأ،
فإن أصل السييعي بييين الصييفا والمييروة أميير ربيياني
واتباع لسيدنا إبراهيم .وبهذا تضح الرسالة :ل بد من
التوازن في التميز لن هذه المة أمة وسييط فليييس
كل ما يفعله الكفار مرفوض...
ولذلك تأتي في هذا الربييع آييية هاميية فييي رسييم
كوُنوا ْ طا ل ّت َ ُس ً ُ
و َ ة َم ًم أ ّ عل ْن َ ٰـك ُ ْج َك َ وك َ ٰذل ِ َالمنهجَ :
س.( (143 داء َ َ ُ
على ٱلّنا ِ ه َ ش َ
أنت منتمييي إلييى أميية متميييزة :تخيييل أنييك أنييت
سورة البقرة 52
السورة:
ك هـ َ ج َ و ْل َ و ّ .1تغيييير القبليية )لتحقيييق التميييز(َ
فـ َ
رام ِ.( (144 ح َد ٱل ْ َج ِ
س ِ
م ْشطَْر ٱل ْ َ َ
.2التييوازن فييي التميييز ل جنــاح عليكــم أن
تطوفوا بين الصفا والمروة.( (158
وّلوا ْ َ
س ٱل ْب ِّر أن ت ُ َ .3التجاه ليس كل شيء :ل ّي ْ َ
ب ر ِ غــ ِ
م ْ و ٱل ْ َق َ
ر ِ
شــ ِ ل ٱل ْ َ
م ْ قَبــ َم ِهك ُ ْ
جــو َ
و ُ ُ
.((177
فبعد ان رسخ الله تعالى لييدى الصييحابة الطاعيية
والتميز في الربع الول ،بّين لهم أن المسألة ليست
مسألة إتجاه وإنما هي قضية إصييلح شيياملة .فحييين
جاء الميير بيالتوجه للكعبية كييان ذلييك فقيط لختبييار
الطاعة والتميييز ،بينمييا الصييل هييو عمييل الييبر بكييل
أشكاله التي وردت في الية .177
مفردات الصلح الشامل
وميين أول الربييع الثييالث فييي الجييزء الثيياني تبييدأ
الوامر والنواهي للمة لترسم شمول المنهج:
مُنــوا ْ َ
ن ءا َ ذي َ ها ٱّلــ ِ تشــريع جنــائي :يـــأي ّ َ
قت ْل َــى.( (178 فــي ٱل ْ َ ص ِ صا ُ ق َ م ٱل ْ ِ
عل َي ْك ُ ُ ب َ ك ُت ِ َ
ص صــا ِ ق َ في ٱل ْ ِ م ِ ول َك ُ ْوبعدها يأتي قوله تعالى َ
ُ
ب.( (179 حي َ ٰوةٌ يأوِلي ٱلل ْب َ ٰـ ِ َ
َ
م ح ـدَك ُ ُ ض ـَر أ َ ح َ ذا َ م إِ َ عل َي ْك ُـ ْ
ب َ مواريث :ك ُت ِ َ
ن صــي ّ ُ ْ خْيــًرا ٱل ْ َ ت ِإن َتــَر َ ٱل ْ َ
ة ل ِل ٰوِلــدَي ْ ِ و ِ ك َ و ُ مــ ْ
سورة البقرة 54
( ن(180 و ٱل ْ ْ
قَرِبي َ َ
وبعد هذا
َ
مُنــوا ْ ك ُِتــ َ
ب ن ءا َ ها ٱّلــ ِ
ذي َ تشريع تعبدي :يأي ّ َ
مــنن ِ ذي َ عل َــى ٱل ّـ ِب َ ما ك ُت ِـ َ م كَ َ صَيا ُم ٱل ّ عل َي ْك ُ َُ
ن .. قو َ عل ّك ُ ْ
م ت َت ّ ُ م لَ َقب ْل ِك ُ ْ َ
التقوى مصباح الطريق
والملحظ أن كل الحكام الواردة هنا قييد ركييزت
بشكل أساسي على تقوى الله تعالى ،قتجد في آييية
حي َ ٰوةٌ يــُأوِلي ص َ صا ِ ق َ في ٱل ْ ِ م ِ ل َك ُ ْ و
القصاصَ :
ن ( (179وفيييي آييييات قــو َ م ت َت ّ ُ كــ ْ عل ّ ُ ب لَ َ ٱلل ْب َ ٰـــ ِ
ن صـي ّ ُ ْ خي ْـًرا ٱل ْ َ إن ت ََر َ
ة ل ِل ٰول ِـدَي ْ ِ و ِ ك َ المييواريث ِ
نقيــ َ مت ّ ِعَلى ٱل ْ ُ قا َ ح ّ ف َ عُرو ِ م ْ ن ب ِ ٱل ْ َ قَرِبي َ و ٱل ْ ْ َ
َ
ن ذي َ هــا ٱّلــ ِ ( (180وفيييي آييييات الصييييام يأي ّ َ
عل َــى ب َ مــا ك ُت ِ ـ َ م كَ َ صَيا ُ م ٱل ّ عل َي ْك ُ ُ ب َ مُنوا ْ ك ُت ِ َ ءا َ
ن ( (183وفييي قــو َ م ت َت ّ ُ عل ّك ُ ْم لَ َ قب ْل ِك ُ ْ من َ ن ِذي َ ٱل ّ ِ
ه
ن ٱللــه آي َــات ِ ِ ك ي ُب َي ّـ ُ ـ ٰذل ِ َ ختام عرض الحكام :ك َ
ن.( (187 قو َ م ي َت ّ ُ ه ْ عل ّ ُس لَ َ ِللّنا ِ
فهذا المنهج ل بد له من أناس طائعين ،متميزين
عن غيرهم ،ومّتقين يريدون إرضاء الله تعالى ،فهذه
المحيياور الثلثيية هييي سييياج يحمييي المنهييج ،ذكييرت
بطريقة مترابطة ومدهشيية ل تشييبه طريقيية البشيير
في الشرح والعرض.
وكلما تقدمت أخي المسلم فييي قييراءة السييورة
55 سورة البقرة
ق ٰـت ُِلون َك ُ ْ
م ن يُ َ ل ٱلله ٱل ّ ِ
ذي َ سِبي ِ
في َ ق ٰـت ُِلوا ْ ِ
َ
و
َ
( (190كما وبّينت الخلق الحربية في القتال بعدم
العتداء )ول تعتدوا(.
الحج :محطة وقود
وتنتقل اليييات للحييديث عيين أحكييام الحييج ،فمييا
الذي دعا للكلم على الحج بعد القتال؟ إن الحج هييو
أول تدريب على القتال ،والله تعالى يتيح للميية ميين
خلل الحج فرصة تدريبية )من إعداد نفسييي وبييدني
وروحي( للتدريب على الجهاد وتغيير العادات ..تأمل
كيف أن آيات السييورة وحييدة متماسييكة رغييم تنييوع
موضوعاتها.
وهنا نتذكر دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلم في
رَنـــا آخييير الجيييزء الول مييين السيييورة َ ...
وأ ِ
َ
سك ََنا ...فكان التفصيل في أحكام الحييج فييي مَنا ِ
َ
اليييات ) (200-196اسييتجابة لييدعوة سيييدنا إبراهيييم
في الية ).(128
أركان السلم
ويلحيييظ أمييير هيييام ،وهيييو أن أركيييان السيييلم
الخمسة لم تييأت مفصييلة ومجتمعيية فييي أي سييورة
من القرآن كما في سورة البقرة ..فأحكييام الصيييام
لم ترد إل في سورة البقرة وأحكام الحج لم تفصييل
إل فييي سييورة البقييرة وكييذلك أحكييام النفيياق وأن
السلم منهج زكوي تنموي ل ربوي .وأما الشهادتان
57 سورة البقرة
ن
ذي َ فأول آيات سورة البقرة تشييير إلييى ...ٱل ّ ِ
ب .( (3...نصل إلى عماد الدين: غي ْ ِ ن ب ِ ٱل ْ َ
مُنو َ ؤ ِيُ ْ
الصييلة ،الييتي تكييررت الشييارات اليهييا ميين أول
وآُتوا ْ ٱلّزك َ ٰو َ وأ َ
ة ( (43إلييى صل ٰوةَ َ موا ْ ٱل ّ قي ُ ِ َ
تصـــل َ ٰو ِ
عَلـــى ٱل ّ ظوا ْ َ
ف ُ ح ٰــــ ِ قيييوله تعيييالى َ
سطَ ٰى ( (238وهنا الية الوحيييدة و ْ ة ٱل ْ ُصل َ ٰو ِو ٱل ّ
الييتي خصصييت إحييدى الصييلوات الخمسيية لهميتهييا
وهي صلة العصر.
آدخلوا في السلم كافة
وبعد أن عرضت اليات أحكاما ً مختلفة نصل إلى
مُنــوا ْ َ
ن ءا َ ذي َ ها ٱّلــ ِ آييية محورييية هاميية َيـــأي ّ َ
ة ( (208ومعنييى فــ ًكا ّ ســل ْم ِ َفــي ٱل ّ خُلــوا ْ ِ
ٱد ْ ُ
السلم هنييا السييلم .أي أن المعنييى :يييا أيهييا الييذين
أمنوا أدخلوا في السلم الكامييل الشييامل ،السييلم
الذي يمّثل هذا المنهج بجميييع جييوانبه .وسييبب ورود
الييية فييي هييذا المواضيييع أن اليييات السييابقة بّينييت
معييالم المنهييج ميين تعب ّييد وتشييريع جنييائي وتركييات
وقتال وأحكام الحج والنفاق .فتأتي هذه الية لتييأمر
بأخذ السلم بأحكامه كلها والتحييذير ميين أخييذ جييزء
ن من ُــو َ فت ُ ْ
ؤ ِ وتييرك جييزء آخيير كمييا فعييل اليهييود أ َ َ
ض ..( (36فهيييذا ع ٍ ن ب ِب َ ْ فُرو َوت َك ْ ُ ض ٱل ْك ِت َ ٰـ ِ
ب َ ع ِ ب ِب َ ْ
تنبيه لمة محمد على الدخول في السلم كافيية
وإتباعه كافة فل ينبغي أن نأخذ أجزاء ونترك أجييزاء،
كالتي تصلي وتترك الحجاب أو تقييوم الليييل وتييؤذي
سورة البقرة 58
جارتها.
اكتمال المنهج :أحكام السرة
ويستمر المنهج في تبيان أحكام السرة واليزواج
والطلق والرضيياعة والخطبيية ،علييى مييدى ربعييين
كاملين ،وقد يتساءل البعض عن سبب تييأخر أحكييام
السرة وعدم ورودها في الول ..والجواب أنه ل بييد
ميين البييدء بطاعيية اللييه والتقييوى والصيييام والحييج
للعييداد ،لن تنظيييم السييرة ميين المييور الصييعبة..
فمليييين القييوانين تعجييز عيين إصييلح نفييوس تريييد
النحراف .لذلك أغلب آيييات هييذين الربعييين ختمييت
موا ْعل َ ُ
وٱ ْبتقوى الله أو التذكير بعلمه ومراقبتهَ :
م( (231 ل َن ٱلله ب ِك ُ ّ َ
عِلي ٌ
ىء َ
ش ْ أ ّ
َ
صــيٌر مُلو َ
ن بَ ِ ع َ
ما ت َ ْ
ن ٱلله ب ِ َ موا ْ أ ّعل َ ُ
وٱ َْ
((233
( ر(234 مُلو َ
خِبي ٌ
ن َ ع َما ت َ ْ و ٱلله ب ِ َ َ
و ٰى( (237 ب ِللت ّ ْ
ق َ قَر ُ فوا ْ أ َ ْ ع ُوأن ت َ ْ
َ
َ
عَلى ح ّ
قا َ ف َعُرو ِ ع ب ِ ٱل ْ َ
م ْ مت َ ٰـ ٌ ت َ ق ٰـ ِ مطَل ّ َ ل ِل ْ ُ و
َ
ن( (241 قي َ مت ّ ِ ٱل ْ ُ
وتغليف أحكام السرة بالتقوى ،يعلمنا أن النظام
الخلقييي والنظييام العملييي فييي السييلم مرتبطييان
دائمًا.
من سيكمل إلى النهاية؟
59 سورة البقرة
َ
.( م(260
زيٌزكي ٌ
ح ِ
ع ِن ٱلله َ
َ مأ ّعل َ ْ َ
وٱ ْ
فهييذه للقصييص تؤكييد قييدرة اللييه علييى الحييياء
م ى ٱل ْ َ
قّيــو ُ و ٱل ْ َ
ح ّ ه إ ِل ّ ُ
ه َ والماته ٱلله ل َ إ ِل َ ٰـ َ
( (255جاءت بعد كل آيات المنهييج لتقوييية إيمييان
المسلم ويقينيه بيالله فتكيون عونيا ً ليه عليى تحميل
تبعات المنهج الثقيل.
النظام المالي والقتصادي
وتظهر اليييات آخيير ملمييح المنهييج وهييو النظييام
المييالي والقتصييادي فييي السييلم ،والييذي عنييوانه:
السييلم منهييج تنمييوي وليييس منهييج ربييوي ،وتييأتي
ٱّْرب َـ ٰوا ْ ق ٱللــه ل ح ُ م َ ْاليات لتحذر ميين الربييا :ي َ
ر ل كَ ّ
فــا ٍ ب ك ُـ ّ حـ ّ و ٱلله ل َ ي ُ ِ ت َ ق ٰـ ِ صدَ َ وي ُْرِبى ٱل ّ َ
ثيم ٍ.( (276 أ ِ َ
وذَُروا ْ َ
قــوا ْ ٱللــه َ مُنوا ْ ٱت ّ ُ ن ءا َ ذي َها ٱل ّ ِ يأي ّ َ
ف ـِإن نَ مِني َ مـ ْ
ؤ ِ م ّ كنت ُـ ْ ن ٱلّرب َ ٰوا ْ ِإن ُ م َ ى ِ ق َ ما ب َ ِ َ
ْ
ه ســول ِ ِوَر ُ ن ٱللــه َ مـ َ ب ّ حْر ٍ فأذَُنوا ْ ب ِ َ عُلوا ْ َ ف َ م تَ ْ لّ ْ
َ
ن مــو َم ل َ ت َظْل ِ ُ م ـ ٰول ِك ُ ْ سأ ْ م ُرءو ُ فل َك ُـ ْ م َ وِإن ُتبت ُ ْ َ
ن.( (278 - 279 مو َ ول َ ت ُظْل َ ُ َ
حييتى تييأتي آييية المداينيية )وهييي أطييول آييية فييي
القييرأن( لتوضييح معييالم المنهييج فييأكثر فييي قضييايا
الديون وإثباتها جاءت لتفيد التثبت في المعاملت
َ
فـ ٱك ْت ُُبو ُ
ه مى َ سـ ّ م َ ل ّ جـ ٍ ن إ َِلى أ َ داَينُتم ب ِدَي ْ ٍ ذا ت َ َ إِ َ
( (282بعييد ذكيير قصيية إبراهيييم فييي التثبييت فييي
سورة البقرة 62
رن ِــى ك َي ْ ـ َ
ف َ قــا َ وإ ِذْ َ
بأ ِ م َر ّ هي ـ ُل إ ِب ْ ٰر ِ العقيييدة َ
ل ب َل َـ ٰى قــا َ َ
قــا َ من َ م ت ُـ ْ
ؤ ِ ول َـ ْ
لأ َ وت َ ٰى َ ى ٱل ْ َ
مـ ْ حـ ِ تُ ْ
قل ِْبــى ( (260لتيييوحي هاتيييان ن َمئ ِ ّكن ل ّي َطْ َ ول َ ٰـــ ِ
َ
اليتان في داخلييك أن التثبييت أسييلوب المسييلم فييي
حياته في كل نواحيها .والملحظ أن آيات الربا جاءت
بين آيات النفاق والتنمية لتوضح أن السلم ل يحرم
شيئا ً إل ويأتي بالبديل الصلح.
سورة البقرة :إشارة المارة
بعييد أن استعرضيينا سييورة البقييرة وشييموليتها
لحكام السلم نفهييم لمياذا كيان النيبي ييولي عليى
القوم من يحفظ سورة البقرة لنييه بييذلك قييد جمييع
معالم المنهج .هذا المنهج الشامل الذي هو الصراط
المستقيم في سورة الفاتحة ،نجده عقيييدة فيي آيية
الكرسي وعبادة في أحكام الصيام والحج ومعاملت
في النفيياق وتوثيييق الييديون وتحريييم الربييا وأحكييام
القتال ،يغلفها جميعها محيياور ثلثيية الطاعيية ،التميييز
بالوسطية ،التقوى.
الختام :سمعنا وأطعنا
تختم سييورة البقييرة بييآيتين همييا كنيٌز ميين تحييت
قــاُلوا ْ
و َ العييرش يمييدح اللييه بهمييا المييؤمنينَ :
سمعَنا َ
صــيُر م ِ ك ٱل ْ َ
وإ ِل َي ْ َ فَران َ َ
ك َرب َّنا َ غ ْ وأطَ ْ
عَنا ُ َ َ ِ ْ
.( (285
نا( (93
ص ـي ْ َ
ع َ
و َ
َ عَنا
م ْ فبنو إسرائيل قالوا َ
سـ ِ
63 سورة البقرة
)الشورى.(52 ،
وليذلك فييإن أغليب السيور اليتي تبيدأ بييالحروف
المقطعة يأتي بعييدها تمجيييد للكتيياب )أو القييرآن أو
الوحي أو الذكر.
الثبات على المبدأ
إن الهدف الذي تدور حوله السورة وثيق الصييلة
بهدف سييورة البقييرة الييتي كييانت تخييبر المسييلمين
بأنهم مسؤولون عيين الرض ،والييتي عرضييت منهييج
الستخلف .فسييورة آل عمييران تؤكييد الثبييات عليى
هذا المنهج ،والكثير من الشييخاص -بعييد أن يقييرأوا
المنهج ويتحملوا المسييؤولية -يزيغييون ويسييقطون،
ويبتعدون عن المنهج القويم ،كالذي يتعبد في شييهر
رمضييان ثييم يغلييق أبييواب الطاعيية والعبييادة بعييده.
فالسورة تخاطب المتدينين منييذ أكييثر ميين 20سيينة
وتثبتهييم علييى الييدين ،كمييا تخيياطب الشييباب الييذين
تييدّينوا بييالمس وتقييول لهييم أثبتييوا علييى دينكييم
ومنهجكم لتحقيق استخلف المسلم في الرض.
كيف نثبت على الحق؟
للجابة على هذا السييؤال يجييب أن نعييرف كيييف
يزيييغ النيياس ،فالنيياس يضييللون إمييا بالفكييار الييتي
تشوش عقائدهم ،أو يتيهون وسييط مشيياغل الحييياة
فتضعف عزائمهم .وبالتييالي فأسييباب الهلك فكرييية
)داخليييية( أو عمليييية )خارجيييية( ،والسيييورة تحيييث
67 سورة البقرة
ْ
ن من ي َ َ
شــاء إ ِ ّ ه َر ِ
ص ِ و ٱلله ي ُ َ
ؤي ّدُ ب ِن َ ْ ن َ عي ْ ِى ٱل ْ َ َرأ َ
ر.( (13ص ٰـ ِوِلى ٱل ْب ْ َ عب َْرةً ل ِ ْ ك لَ ِ فى ٰذل ِ َ ِ
كرنا السورة بالحواريين حين ثبتوا علييى ومرة تذ ّ
نصرة دين الله تعالى وعدم الكفر به.
م ٱل ْك ُ ْ َ
لقــا َ فـَر َ هـ ُ من ْ ُسـ ٰى ِ عي َ س ِ ح ّ ما أ َ فل َ َّ
َ
ن ح ُ ن نَ ْ رّيو َ وا ِ ح َل ٱل ْ َ قا َ رى إ َِلى ٱلله َ صا ِ ن أن َ م ْ َ
َ
هدْ ب ِأّنــا وٱ ْ َ
شــ َ مّنــا ِبــ ٱلله َ للــه ءا َ صــاُر ٱ أن ْ َ
ن.( (52 مو َ سل ِ ُ م ْ ُ
كرنا الله وبمناسبة الحديث عن المم السابقة ،يذ ّ
تعالى بعهد النبياء وثباتهم على نصرة السلم.
مـــا ن لَ َ ق ٱلن ّب ِي ّي ْـــ َ ميث َ ٰــــ َ خـــذَ ٱللـــه ِ ِذْ أ َ َ وإ َ
ة
مـــــــ ٍ حك ْ َ و ِ ب َ ٰــــــــ ٍ مـــــــن ك ِت َ كـــــــم ّ ءات َي ْت ُ ُ
ن من ُ ّ ؤ ِم ل َُتــ ْ كــ ْ ع ُم َ ما َ صدّقٌ ل ّ َ م َ ل ّ سو ٌ م َر ُ جاءك ُ ْ م َ ثُ ّ
ه.( (81... صُرن ّ ُ ول ََتن ُ ه َ بِ ِ
وفي سييورة آل عمييران تجييد آيييات تحث ّييك علييى
التقوى والثبات على الدين حتى الممات.
ٰ َ
ق
حـ ّ قــوا ْ ٱللــه َ من ُــوا ْ ٱت ّ ُ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّـ ِ يأي ّ َ
قات ِه ول َ ت َمــوت ُن إل ّ َ
ن( (102 مو َ سـل ِ ُ م ْ وأنت ُــم ّ َ ّ ِ ُ تُ َ ِ َ
الية تقول لك :إياك أن تموت إل وأنت مسلم.
ولكن كيف ونحن ل نعرف متى نموت؟ الجواب:
اتق الله واثبييت علييى طيياعته تمييوت علييى السييلم
وتضمن حسن الخاتمة إن شاء الله.
موا ْ
ص ُ
عت َ ِ وتأتي الية التي بعدها مباشييرة َ
وٱ ْ
71 سورة البقرة
ٰى عَلـ ك َ خْيـُر إ ِّنـ َ ك ٱل ْ َ د َ شاء ب َِيـ ِ من ت َ َ ل َ ذ ّ وت ُ ِ شاء َ تَ َ
ديٌر.( (26 ق ِ ىء َ ش ْ ل َ كُ ّ
ور لنييا القييرآن نميياذج مضيييئة وكييف إلى أن يصي ّ
كانت تلجأ إلى الله.
ب إ ِّنـي فهذه زوجة عمران تدعو الله قائلةَ :ر ّ
حّرًرا.( (35 م َ في ب َطِْني ُ ما ِ ك َ ت لَ َ ن َذَْر ُ
بل َر ّ قــا َ ه َ ري ّــا َرب ّـ ُ عــا َزك َ ِ ك دَ َ هَنال ِ َ وزكريا ُ
ك ذُّرّيــــــ ً
ة مــــــن ّلــــــدُن ْ َ ب ِلــــــي ِ هــــــ ْ َ
ة.( (38 طَي ّب َ ً
ث علييى الييدعاء وتمضي اليات في السورة لتح ي ّ
وترغييييييييييييييييب فيييييييييييييييييه ،فهييييييييييييييييذا
دعيياء المييم السييابقة فييي الثبييات عنييد لقيياء العييدو
فـْر غ ِ قــاُلوا ْ رب ّن َــا ٱ ْ م إ ِل ّ َأن َ ه ْ ول َ ُ قـ ْ ن َ كا َ ما َ و َ َ
َ َ
مَنا دا َ قــ َ تأ ْ وث َب ّ ْ رَنا َ م ِ فى أ ْ فَنا ِ سَرا َ وإ ِ ْ ل ََنا ذُُنوب ََنا َ
ن.( (147 ري َ ف ِ وم ِ ٱل ْك َ ٰـ ِ ق ْ عَلى ٱل ْ َ صْرَنا َ و ٱن ُ
عَنا م ْ سـ ِ وهذا دعيياء أولييي اللبيياب ّرب َّنا إ ِن ّن َــا َ
َ
مّنا فـَئا َ م َ مُنوا ْ ب َِرب ّك ُ ْ ن ءا ِ نأ ْ م ٰـ ِ لي َ مَناِديا ً ي َُناِدى ل ِ ِ ُ
سي ّئ َ ٰــت َِنا عّنـا َ فـْر َ وك َ ّ فْر ل ََنـا ذُُنوب ََنـا َ غ ِ فـ ٱ ْ َرب ّن َــا َ
عــدت َّنا و َ مــا َ وءات ِن َــا َ ر َ رب ّن َــا َ ع ٱل ْب ْـَرا ِ مـ َ فَنا َ و ّ وت َ َ َ
ك لَ ة إ ِن ّـ َ م ِ قي َ ٰــ َ م ٱل ْ ِ و َ زن َــا ي َـ ْ خ ِ ول َ ت ُ ْ ك َ سل ِ َ عل َ ٰى ُر ُ َ
َ
م أّنى ل َ ه ْ م َرب ّ ُ ه ْ ب لَ ُ جا َ ست َ َ فٱ ْ عادَ َ مي َ ف ٱل ْ ِ خل ِ ُ تُ ْ
و ُأنث َـ ٰى رأ ْ
عامـل من ْك ُـم مــن ذَك َـ َ
ٍ ْ ّ ل َ ِ ٍ ّ مـ َ ع َ ع َ ضــي ُ أ ِ
ُ
جــوا ْ ر ُ خ ِ وأ ُ ْ جُروا ْ َ ه ٰـــ َ ن َ ذي َ ف ٱل ّ ِ ض َ ع ٍ من ب َ ْ كم ّ ض ُ ع ُ بَ ْ
ق ٰـــت َُلوا ْ و َ ســِبيِلى َ فــى َ ذوا ْ ِ وُأو ُ م َ ه ْ ر ِ مــن ِدي َ ٰـــ ِ ِ
75 سورة البقرة
مهـ ْ خل َن ّ ُول َدْ ِم َ ه ْ سي ّئ َ ٰـ ـت ِ ِ م َ هـ ْ عن ْ ُن َ ف ـَر ّ قت ُِلوا ْ لك َ ّ و ُ َ
د
عنــ ِ من ِ وابا ً ّه ٰـُر ث َ َ ها ٱل ْن ْ َ حت ِ َ من ت َ ْ رى ِ ج ِ ت تَ ْ جن ّ ٰـ ٍَ
ب.( (193 - 195 وا ِ ن ٱلث ّ َ س ُح ْ عندَهُ ُ و ٱلله ِ ٱلله َ
ما .2العبادة :وتقييرأ فييي ذلييك قييوله تعييالى :ك ُل ّ َ
رّيا ( (37فكانت السيدة مريم ها َزك َ ِ عل َي ْ َل َ خ َ دَ َ
عاكفة على المحراب ،فتعلييم منهييا سيييدنا زكريييا
لييذلك عنييدما نييادته الملئكيية لتبشييره بيحيييى:
فــى ص ـّلى ِ م يُ َ قــائ ِ ٌ و َ ه َ
و ُ ة َ مَلـئ ِك َ ُ ه ٱل ْ َ فَنادَت ْ ُ َ
ب.( (39 حَرا ِ م ْ ٱل ْ ِ
وهكذا نرى أن أجواء العبادة في السييورة كييثيرة
ونصل إلييى صييفات أولييي اللبيياب فييي آخيير السييور
قي َ ٰـما ً ن ٱلله ِ ن ي َذْك ُُرو َ ذي َ لنقرأ قوله تعالى :ٱل ّ ِ
م.( (191... ه ْ جُنوب ِ ِ عل َ ٰى ُ و َ عودا ً َ ق ُ و ُ َ
.3الدعوة إلى الله :توجد منطقة في مخ النسييان
هي منطقة القناعات ،وهناك منطقيية أبعييد وأقييوى
هي منطقة الهوية والنتماء ،ولكي ننقل فكرة فييي
المييخ ميين منطقيية القناعييات إلييى منطقيية الهوييية
دث عنهييا .فقييد يكييون المييرء والنتماء ل بد أن نتح ّ
مقتنعا ً بالسلم ،لكن السلم لييم يصييبح هوييية لييه.
فإذا أراد النسان أن يكمل انتمائه إلى دينه فينبغي
أن يكييثر الحييديث عنييه ،فيقييوى انتميياءه للفكييرة
ويثبت عليها .فالدعوة إلييى اللييه ميين أهييم عوامييل
الثبييات لن الييداعي حييين يأخييذ بيييد النيياس فييإنه
سيكون أول من يثبت على ميا ييدعو النياس إلييه.
سورة البقرة 76
ُ
ق
ح ٰـــ َ س َ
وإ ِ ْل َ عي َم ٰـــ ِ س َ وإ ِ ْ
م َ هيــ َ عَلــ ٰى إ ِب ْ ٰر ِ ل َ ز َ
أنــ ِ
ُ
ســ ٰى مو َ ى ُ مــا أوِتــ َ و َط َ ســَبا ِ و ٱل ْ ْ ب َ قــو َ ع ُوي َ َْ
نف ـّرقُ ب َي ْ ـ َ م ل َ نُ َهـ ْ من ّرب ّ ِ ن ِ و ٱلن ّب ِّيو َس ٰى َ عي َ و ِ َ
َ
ن.( (84 مو َ سل ِ ُ م ْ ه ُ ن لَ ُ
ح ُ ون َ ْ
م َ ه ْمن ْ ُ
د ّ
ح ٍأ َ
الحجج والبراهين وسيلة القرآن للتثبيت
م ل ءادَ َ مث َـ ِ عن ـدَ ٱللــه ك َ َ س ـ ٰى ِ عي َ ل ِ مث َ َ ن َ إ ِّ
ن في َك ُــو ُ ه ك ُــن َ ل ل َـ ُ قــا َ م َ ب ث ُـ ّ من ت ُـَرا ٍ ه ِ ق ُ خل َ َ َ
.((59
ٰي أ َ
م هيــ َ فــى إ ِب ْ ٰر ِ ن ِ جو َ حا ّ م تُ َ ب لِ َ ل ٱل ْك ِت َ ٰـ ِ ه َ ْ
ُ
ه د ِ عـ ِ مــن ب َ ْ ل إ ِل ّ ِ جيـ ُ و ٱل ْن ْ ِ ت ٱلّتوَراةُ َ زل َ ِ ما أن ِ و َ َ
ن.( (65 قُلو َ ع ِ فل َ ت َ ْ أَ َ
م ما ل َ ُ ه ٰـ ُ َ
عل ٌ ه ِ كم ب ِ ِ في َ م ِ جت ُ ْ ج ْ ح ٰـ َ ؤلء َ م َ هأنت ُ ْ
م.( (66 عل ْ ٌ ه ِ م بِ ِ س ل َك ُ ْ ما ل َي ْ َ في َ ن ِ جو َ حا ّ م تُ َ فل ِ َ َ
كن ول َ ِ صَران ِّيا َ ول َ ن َ ْ هوِدّيا َ م يَ ُ هي ُ ن إ ِب ْ ٰر ِ كا َ ما َ َ
ن كي َ ر ِ شــ ِ م ْ ن ٱل ْ ُ م َ ن ِ كا َ ما َ و َما َ سل ِ ً م ْ فا ّ حِني ً ن َ كا َ َ
.( (67
آيـــات كـــثيرة فـــي القنـــاع العقلـــي
والمنطقي:
ب ه ٱللــه ٱل ْك ِت َ ٰـ ـ َ ؤِتي ُ ر َأن ي ُـ ْ شـ ٍ ن ل ِب َ َ كا َ ما َ َ
كون ُــوا ْ س ُ قــو َ م يَ ُ وةَ ث ُـ ّ حك ْ َ و ٱل ْ ُ
ل ِللن ّــا ِ و ٱلن ّب ُـ ّ م َ َ
كوُنــوا ْ كن ُ ول َ ٰـــ ِ ن ٱللــه َ دو ِ مــن ُ دا ّلــى ِ عَبــا ً ِ
م كنت ُ ْ ما ُ وب ِ َب َ ن ٱل ْك ِت َ ٰـ َ مو َ عل ّ ُ م تُ َ كنت ُ ْ ما ُ ن بِ َ َرب ّ ٰـن ِّيي َ
ن.( (79 سو َ ت َدُْر ُ
سورة البقرة 80
مل َ ٰـــــئ ِك َ َ
ة ذوا ْ ٱل ْ َ م َأن ت َت ّ ِ
خــــ ُ مَرك ُ ْ
ْ
َ يــــأ ُ ول ََ
َ
عدَ إ ِذْ أنُتم كم ب ِٱل ْك ُ ْ
مُر ُ ْ َ َ
ر بَ ْف ِ ن أْرَباًبا أي َأ ُ و ٱلن ّب ِي ّي ْ َ َ
ن.( (80 مو َ سل ِ ُم ْ ّ
تحذير أهل الكتاب من التكذيب
وبعييييد أن عرضييييت اليييييات الدل ّيييية العقلييييية
والمنطقية ،تنتقل إلى جانب آخر ميين النقيياش وهييو
التحذير والترهيب.
َ يأ َ
ت ٱللـه ن ب ِأي َ ٰــ ِ فـُرو َ م ت َك ْ ُ ل ٱل ْك ِت َ ٰـ ِ
ب لِ َ ه َْ
ن.( (70 م تَ ْ َ
دو َ ه ُ ش َ وأنت ُ ْ َ
َ
ق
حــ ّ ن ٱل ْ َ ســو َ م ت َل ْب ِ ُ
ب ِلــ َ ل ٱل ْك ِت َ ٰـــ ِ هــ َ ْ ٰيأ
ب ٱل ْب ٰـطل وت َك ْت ُمون ٱل ْحق َ
ن مــو َ عل َ ُم تَ ْ
وأنُتــ ْ َ ّ َ ُ َ ِ ِ َ َ ِ
.((71
ه
في ـ ِ
ب ِ وم ٍ ل ّ َري ْـ َ م ل ِي َـ ْ
ه ْعن َ ٰـ ـ ُ
م ْ
ج َ
ذا َ ف إِ َك َي ْ َ
فَ
نمو َ م ل َ ي ُظْل َ ُ ه ْو ُ
ت َ سب َ ْما ك َ َس ّ ف ٍ ل نَ ْ ت كُ ّ في َ ْ و ّ
و ُ
َ
.( (25
ثم يشتد ّ التحدي:
ن
مـ َ ك ِ جــاء َ مــا َ د َع ِ
من ب َ ْ ه ِفي ِ ك ِ ج َ حا ّ ن َ م ْ ف َ َ
ع أ َبَناءن َــا َ
م وأب ْن َــاءك ُ َْ وا ْ ن َ ـدْ ُ ْعــال َ ْ ل تَ َ قـ ْ ف ُ عل ْ ـم ِ َٱل ْ ِ
مم ث ُـ ّ س ـك ُ ْف َ سـَنا وَأن ُ ف َ وَأن ُ
م َ ســاءك ُ ْ ون ِ َســاءَنا َ ون ِ َ َ
ن ذِبي َ عَلى ٱل ْك َ ٰـــ ِ ت ٱلله َ عن َ ُعل ل ّ ْ ج َ فن َ ْل َ ه ْ ن َب ْت َ ِ
.((61
مى هييذه الييية بآييية المباهليية :أي أن يجتمييع
تسي ّ
الفريقان المتناقشان ويبتهلون إليى اللييه بييأن ينصيير
81 سورة البقرة
.((42
إنه مبدأ رائع في التوازن والعدل ،فلم تأت هييذه
الييييييييييييييييييية فييييييييييييييييييي مييييييييييييييييييدح
زوجة النبي ول ابنته بل أتت في الثناء على السيييدة
مرييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم
عليها السلم.
ل للتباع العمى
ذرنا القرآن من التباع العمى لهل وبالمقابل يح ّ
الكتاب بعد أن بّين لنا عقائدهم:
ٰ َ
ن م َ ريقا ً ّ ف ِ عوا ْ َ طي ُ مُنوا ْ ِإن ت ُ ِ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّ ِ يأي ّ َ
ُ
م م ٰــن ِك ُ ْ عـدَ ِإي َ كـم ب َ ْ دو ُ ب ي َُر ّ ن أوُتـوا ْ ٱل ْك ِت َ ٰــ َ ذي َ ٱّلـ ِ
ن.( (100 ري َ ف ِ ك َ ٰـ ِ
عل َي ْ ُ م ت ُت َْلــ ٰى َ فــرون َ
م كــ ْ وأن ُْتــ ْ َ َ ف ت َك ْ ُ ُ وك َْيــ َ َ
صــم عت َ ِ مــن ي َ ْ و َ ه َ ســول ُ ُ م َر ُ فيك ُـ ْ و ِ ت ٱللــه َ ءاي َ ٰـ ـ ُ
قيم ٍ.( (101 ست َ ِ م ْ ط ّ ص ٰر ٍ ى إ ِل َ ٰى ِ د َ ه ِ قدْ ُ ف َ ب ِ ٱلله َ
ُ َ
م حّبـــون َك ُ ْ ول َ ي ُ ِ م َ ه ْ حّبـــون َ ُ ولء ت ُ ِ مأ ْ هـــاأنت ُ ْ َ
قــاُلوا ْ م َ قــوك ُ ْ ذا ل َ ُ وإ ِ َ ه َ ب ك ُل ّـ ِ ن ب ِٱل ْك ِت َ ٰــ ِ من ُــو َ ؤ ِ وت ُ ْ
َ
ن مـ َ ل ِ مـ َ م ٱل َْنا ِ عل َي ْك ُـ ُ ضــوا ْ َ ع ّوا ْ َ خل َ ْ ذا َ وإ ِ َ مّنا َ ءا َ
ظ.( (119 غي ْ ِ ٱل ْ َ
فــوا ْ خت َل َ ُ وٱ ْ قــوا ْ َ فّر ُ ن تَ َ ذي َ كوُنوا ْ ك َٱل ّ ِ ول َ ت َ ُ َ
هم ٱل ْبين َ ٰــت ُ
م هـ ْ ك لَ ُ وَلــئ ِ َ وأ ْ ُ َ َ ّ جــاء ُ ُ مــا َ د َ عـ ِ من ب َ ْ ِ
م.( (105 ظي ٌع ِ ب َ ذا ٌ ع َ َ
والملحييظ أن محيياور هييذا النقيياش تييأتي ضييمن
83 سورة البقرة
مـــوا ْ ش ً َ
و ظَل َ ُ ةأ ْ ح َ ف ٰــــ ِ عل ُـــوا ْ َ
ف َذا َن إِ َ ذي َ وٱل ّـــ ِ َ
ْ غ َ م ذَك َُروا ْ ٱلله َ أن ْ َُ
م فُروا ل ِـذُُنوب ِ ِ
ه ْ س ـت َ ْ
فٱ ْ ه ْ س ُف َ
صـّروا ْ م يُ ِ وَلـ ْ ب إ ِل ّ ٱللـه َ فـُر ٱلـذُّنو َ غ ِ مـن ي َ ْ و ََ
ن.( (135 عل َ ُ
مو َ م يَ ْ
ه ْو ُ عُلوا ْ َف َما َ عل َ ٰى َ َ
.3المواساة :رفع الييروح المعنوييية بييين الصييحابة،
آيييات رائعيية تخيياطب المسييلمين فييي كييل زمييان
ومكان لتثيبيتهم رغيم كيل اللم وكييل المصييائب:
ول َ ت َهُنوا ول َ ت َحزُنوا َ
ن ِإن و َ عَلــ ْم ال ْ ْ وأنُتــ َُ ْ َ َ ِ َ
ن.( (139 مِني َ م ْ
ؤ ِ كنُتم ّ ُ
مو َ
قـ ْ س ٱل ْ َ مـ ّ ق ـدْ َ ف َ ح َ
ق ـْر ٌم َ س ـك ُ ْ س ْ م َ ِإن ي َ ْ
ن
ها ب َْيــ َ ول ُ َدا ِم ُنــ َ ك ٱل ّْيــا ُ وت ِْلــ َه َ مث ُْلــ ُ ح ّ قــْر ٌ َ
س.( (140 ٱلّنا ِ
فتمسح اليات بحنان على آلم الصحابة ،فالكفييار
قد تألموا مثلكم وفقدوا الرواح مثلكم.
م َ
ســب ْت ُ ْ ح ِ
م َثم تأتي الية الرائعة في التثبيت :أ ْ
ن
ذي َ عل َم ِ ٱللــه ٱل ّـ ِ ول َ ّ
ما ي َ ْ ة َ جن ّ َ َأن ت َدْ ُ
خُلوا ْ ٱل ْ َ
ن.( (142 ري َ
ص ٰـب ِ ِم ٱل ّ عل َ َوي َ ْم َ دوا ْ ِ
منك ُ ْ ه ُج ٰـ َ
َ
فالجنة غالية ،ول بد لمن يطلبها أن يجاهد ويصييبر
لينالها.
.4لوم رقيق :بعد رفع الروح المعنوييية يبييدأ اللييوم
الرقيق.
ل َأن مــن َ
قْبــ ِ ت ِ و َ ن ٱل ْ َ
م ْ و َ
من ّ ْم تَ َ
كنت ُ ْ ول َ َ
قدْ ُ َ
َ ف َوهُ َ ت َل ْ َ
مـــــــــــوهُقـــــــــــدْ َرأي ْت ُ ُ قـــــــــــ ْ
سورة البقرة 86
َ
.( َتنظُُرو َ
ن(143 م
وأنت ُ ْ َ
ه
قب ْل ِ ـ ِمــن َ ت ِ خل َ ْقدْ َ ل َ سو ٌ مدٌ إ ِل ّ َر ُ ح ّ
م َ ما ُ و َ َ
عل َ ٰى َ ٱلرس ُ َ
م َ قل َب ْت ُ ْ ل ٱن َ قت ِ َو ُ تأ ْ ما َ ل أفإ ِْين ّ ّ ُ
فل َــن ه َ قب َي ْـ ِ ع ِعل َـ ٰى َ ب َ قل ِـ ْ مــن َين َ و َ م َق ٰـب ِك ُ ْ أَ ْ
ع َ
زى ٱللــــه ج ِ ســــي َ ْو َ شــــْيئا ً َ ضــــّر ٱللــــه َ يَ ُ
ن .( (144 ري َ ش ٰـك ِ ِ ٱل ّ
نوو َ ول َ ت َل ْ ـ ُ ن َ دو َ ع ُص ِويلومهم لوما ً آخيير :إ ِذْ ت ُ ْ
م خَراك ُـ ْ فى أ ُ ْ م ِ عوك ُ ْ ل ي َدْ ُ سو ُ و ٱلّر ُ د َ ح ٍ عل َ ٰى أ َ َ
.( (153
تخيييل هييذا المشييهد :المسييلمون يركضييون ول
يسييتمعون لحييد والرسييول ثييابت فييي أرض
كرهييم كرهم بييالخرة .ثييم ذ ّ المعركة ينيياديهم ويييذ ّ
بأحوال السابقين وثباتهم:
ن ك َِثيـٌر َ
رب ّي ّــو َ ه ِ عـ ُ م َل َ قات َـ َ ى َ من ن ّب ِ ّ وك َأّين ّ َ
َ
ل ٱللــه س ـِبي ِ فــى َ م ِ ه ْ صــاب َ ُ ما أ َ هُنوا ْ ل ِ َ و َ ما َ ف َ َ
ب حـ ّ و ٱللــه ي ُ ِ كاُنوا ْ َ سـت َ َ مــا ٱ ْ فوا ْ َ
و َ ع ُضـ ُ ما َ و َ َ
ن.( (146 ري َ ص ٰـب ِ ِ ٱل ّ
د
ع ِ من ب َ ْ م ّ عل َي ْك ُ ْ ل َ م َأنَز َ .5عودة للمواساة :ث ُ ّ
ش ـ ٰى َ عاسا ً ي َ ْ َ ٱل ْ َ
م من ْك ُـ ْ ة ّ فـ ً طائ ِ َ غ َ ة نّ َمن َ ً مأ َ غ ّ
.((154
نم َ ة ّ م ٍ ح َ ما َر ْ فب ِ َ ويحنن قلب النبي عليهم َ
و ك ُْنـــــ َ
ت وَلـــــ ْ م َ هـــــ ْ ت لَ ُ ٱللـــــه ِلنـــــ َ
ك ول ِـ َ ح ْ ن َ مـ ْ ضــوا ْ ِ ف ّ ب ل َن ْ َ قل ْـ ِ ظ ٱل ْ َ غِليـ َ فظّا ً َ َ
87 سورة البقرة
م
ه ْ
وْر ُ و َ
شــا ِ م َ فْر ل َ ُ
هــ ْ غ ِ
ست َ ْ
وٱ ْ م َ
ه ْ
عن ْ ُف َ ع ُ َ
فٱ ْ
ر.( (159 م ِفى ٱل ْ ْ ِ
حيتى بعيد الهزيمية ،تيأمر الييات النيبي أن ل
يترك الشورى.
استشعر روعة هذا الدين الييذي يمييزج اللييوم مييع
الحنان والمواساة في أحلك الظروف وأصعبها.
.6أسباب الهزيمة وعدم الثبات :بعد كل هذا ل
بد من تبيان أسباب الهزيمة والثبات حتى يسييتفيد
المسلمون في كل زمان ومكان من الخطاء اليتي
وقعت:
د
قــــ ْ ول َ َ
أ .الختلف وعــــدم الطاعــــةَ :
م
ه ْ
ســــون َ ُح ّعــــدَهُ إ ِذْ ت َ ُ
و ْ قك ُ ُ
م ٱللــــه َ صــــدَ َ
َ
.( ب ِإ ِذْن ِ ِ
ه(152
ـ ٰى حت ّ فالله تعالى قد أصدقكم وعييده بالنصيير َ
فــى م ِ عت ُ ْ وت َن َ ٰـَز ْ م ) أي لم تثبتوا( َ شل ْت ُ ْف ِ ذا َ إِ َ
م وهييذه ص ـي ْت ُ ْ ع َ و َ ر ) أي اختلفتييم( َ مـ ِ ٱل ْ ْ
د
عــ ِمن ب َ ْ إشارة إلى خطورة المعصية وأثرهييا ّ
َ
ن ) ميين بعييد مييا أراكييم حب ّــو َ مــا ت ُ ِ م ّ ما أَراك ُـ ْ َ
كم من ُ و ِ ريدُ الدّن َْيا َ من ي ُ ِ كم ّ من ُ بشائر النصر( ِ
ة ) بعضكم كييان يبغييي متيياع خَر َ ريدُ ٱل ْ ِ من ي ُ ِ ّ
الدنيا من وراء القتال ،فكانت الهزيمة(.
نذي َ ن ٱّلــ ِ المعاصــي والــذنوب :إ ِ ّ ب.
مــا ن إ ِن ّ َ عا ِ م َج ْ قى ٱل ْ َ م ٱل ْت َ َ و َ م يَ ْ منك ُ ْوا ْ ِ ول ّ ْ تَ َ
سورة البقرة 88
س ـُبوا ْ
مــا ك َ َ
ض َ شي ْطَ ٰـ ُ
م ٱل ّ ست ََزل ّ ُ
ع ِ
ن ب ِب َ ْ ه ُ ٱ ْ
.( (155
ج .التعلق بالشــخاص :فعنييدما يتعلييق النيياس
بالشخاص أكثر ميين تعلقهييم بييالفكرة يضييعف
ثبيياتهم وانتميياؤهم للفكييرة نفسييها ،فبعييض
الصحابة ألقى السلح عنييدما سييمعوا بإشيياعة
قتيييل النيييبي فنزليييت الييييات تيييؤنبهم
مــن
ت ِ خل َـ ْ
قـدْ َ ل َســو ٌ مـدٌ إ ِل ّ َر ُ ح ّ
م َ
مــا ُ و َ َ
و ُ َ قبِلــه ٱلرســ ُ َ
قِتــ َ
ل تأ ْ مــا َل أفــإ ِْين ّ ّ ُ ِ َ ْ
م.( (144 ق ٰـب ِك ُ ْ عل َ ٰى أ َ ْ
ع َ م َ قل َب ْت ُ ْٱن َ
التحذير من الخلف في السورة
لحظنييا أن السييورة ركييزت علييى التحييذير ميين
الخلف لنييه ميين أكييثر العوامييل الييتي تييؤدي لعييدم
الثبات وتزلزل الصف الييداخلي سييواء أكييان الخلف
فكريا أو عمليًا.
لذلك ح ّ
ذرت السورة من:
أ .اتباع اليات المتشابهة من الكتاب بقصــد
الفتنـــة والتأويـــلَ َ :
ن فـــى ذي َ مـــا ال ّـــ ِ فأ ّ
ه
مْنــ ُ
ه ِ
ش ٰـــب َ َ مــا ت َ َ ن َ عــو َ في َت ّب ِ ُغ َ م َزْيــ ٌ
ه ْ ُ ُ
قلــوب ِ ِ
ه.( (7 ْ غاء ٱل ْ ِ
ويل ِ ِ
غاء ت َأ ِ و ٱب ْت ِ َ ة َ فت ْن َ ِ ٱب ْت ِ َ
ب .التفــــرق والختلف فــــي الفــــروع:
ميعــــا ً
ج ِ
ل ٱللــــه َ موا ْ ب ِ َ
حب ْــــ ِ صــــ ُ
عت َ ِ
وٱ ْ َ
قــوا ْ .( (103وتحييذرنا السييورة ميين فّر ُول َ ت َ ََ
89 سورة البقرة
َ
ل موا ْ ب ِ ٱل ْ َ
ع ـدْ ِ حك ُ ُس أن ت َ ْ ن ٱلّنا ِ م ب َي ْ َ حك َ ْ
مت ُ ْ ذا َوإ ِ ََ
ن
كــا َن ٱللــه َ ه إِ ّم ِبــ ِ عظ ُ ُ
كــ ْ مــا ي َ ِ ع ّن ٱللــه ن ِ ِ إِ ّ
صيرا ً.( (58 ميعا ً ب َ ِس ِ َ
طاعة الله والرسول أساس العدل
وهييذا المعنييى واضييح فييي الييية ) (59التالييية:
من ُـــــــــــوا ْ َ
ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّـــــــــــ ِ ٰ ــــــــــــأي ّ َ يَ
ل ُ أ َطيعــوا ْ ٱللــه َ
وِلــى وأ ْ ســو َ َ عــوا ْ ٱلّر ُ طي ُ وأ ِ َ ِ ُ
ه
دو ُ فــُر ّ ىء َ ش ْ فى َ م ِ عت ُ ْ فِإن ت ََناَز ْ م َ من ْك ُ ْ ر ِ م ِ ٱل ْ ْ
ن ب ِٱلله مُنو َ ؤ ِ م تُ ْ كنت ُ ْ ل ِإن ُ سو ِ و ٱلّر ُ إ َِلى ٱلله َ
ْ خير َ
ويل ً . ن ت َأ ِ س ُ ح َ وأ ْ ك َ ْ ٌ َ ر ٰذل ِ َ خ ِ وم ِ ٱل ْ ِ و ٱل ْي َ ْ َ
فالحتكييام إلييى شييرع اللييه ورد ّ كييل خلف إلييى
مام العييدل والرحميية كتاب الله وسنة رسوله هما ص ّ
في المجتمع وإن بدا فيهما غير ذلك ،كما هو واضييح
فييي الييية ) ،(64فييإذا عصييى المييؤمن أواميير اللييه
م ِإذ ورسوله فيكييون قييد ظلييم نفسييه ول َ َ
هـ ْ و أن ّ ُ َ ْ
فُروا ٱللــه ْ غ َ س ـت َ ْ فٱ ْ ك َ جــاءو َ م َ ه ْ س ُ ف َ موا ْ َأن ُ ظّل َ ُ
وابا ً دوا ْ ٱلله ت َ ّ ج ُ و َ ل لَ َ سو ُ م ٱلّر ُ ه ُ فَر ل َ ُ غ َ ست َ ْ وٱ ْ َ
حيما .فكيف نحقق تمام العدل؟ تجيييب الييية ) ً ّر ِ
حّتــ ٰى ن َ مُنو َ ؤ ِ ك ل َ يُ ْ وَرب ّ َ َ َفل (65بوضوح شديد َ
فــى دوا ْ ِ جــ ُ م ل َ يَ ِ م ثُ ّ ه ْ جَر ب َي ْن َ ُ ش َ ما َ في َ ك ِ مو َ حك ّ ُ يُ َ
سـِليما ً موا ْ ت َ ْ سل ّ ُ وي ُ َ ت َ ضي ْ َ ق َ ما َ م ّ حَرجا ً ّ م َ ه ْ س ِ ف ِ َأن ُ
يا مسلمون ،اعرضوا أنفسييكم علييى كتيياب اللييه
وعلى سنة النبي وس يّلموا بحكييم النييبي ،وإييياكم أن
تترددوا أو تتحرجوا من أوامر النبي لكي يشهد النبي
سورة البقرة 110
ن
عيــ َم أ َْرب َ ِ
هــ ْ ة َ َ
علي ْ ِ مــ ٌ
حّر َ
م َ
ها ُ ل َ
فإ ِن ّ َ الرباني َ
قا َ
ض ( (26حييّرم اللييه فــى ٱل ْْر ِ ن ِ هــو َة ي َِتي ُ
ســن َ ً
َ
عليهم دخول الرض المقدسة أربعين سنة.
وقييد أشييرنا أن السييورة بييدأت بقييوله تعييالى بي ي
ت قوِد أ ُ ِ
حل ّ ْ فوا ْ ب ِٱل ْ ُ
ع ُ و ُ َ
مُنوا ْ أ ْن ءا َ ها ٱل ّ ِ
ذي َ
َ
َيـأي ّ َ
م. ... عا ِ ة ٱل ْن ْ َ م ُ
هي َم بَ ِل َك ُ ْ
ث على إيفاء العقود حتى ل يضّيق الله دائرة للح ّ
الحلل على الميية ،وهنييا فييي القصيية نييرى أن اللييه
تعالى ضّيق على بنييي إسييرائيل لنقضييهم عهييودهم.
فالقاعييدة العاميية فييي السييورة "إذا أوفييى المييرء
سع عليه وإن نقضييها فييإنه بالعهود فإن الله تعالى يو ّ
تعالى يضيق عليه".
قصة ابني آدم عليه السلم
َ
ق إ ِذْ
ح ّ م ِبــ ٱل ْ َ ى ءادَ َ ٱن َ ْ
م ن َب َأ ب ْ ه ْ ل َ َ
علي ْ ِ و ٱت ْ ُ َ
َ
قب ّـ ْ
ل ول َـ ْ
م ي ُت َ َ ما َه َد ِ
حـ ِمن أ َ ل ِ قب ّ َفت ُ ُقْرب َ ٰـنا ً َقّرَبا ُ َ
ر.( (27... خ ِن ٱل ْ َ م َ ِ
فييابن آدم قتييل أخيياه متهييورا ً بسييبب الغضييب
والحسييد والغييل ،وأمييا علقيية قصيية ابنييي آدم عليييه
السيييلم بقصييية بنيييي إسيييرائيل ودخيييولهم الرض
المقدسيية هييو أنهمييا نموذجييان لنقييض العهييود :بنييو
إسرائيل نقضوا عهد اللييه تعييالى لجبنهييم ،وأمييا ابيين
وره ،فهمييا نموذجييان آدم فلقييد نقييض العهييد لتهيي ّ
معاكسان لبعضهما ،وكلهما يؤدي لنقييض العهييد مييع
الله تعالى .والسلم يأمرنا دائما ً بالوسطية في كييل
سورة البقرة 130
شؤون الحياة.
ثم تأتي الية ) (32بعييد القصيية مباشييرة للتعقيييب
َ
لسـ ٰرءي َ عل َ ٰى ب َِنـى إ ِ ْ ك ك َت َب َْنا َ ل ٰذل ِ َ نأ ْ
ج ِ عليها ْ
مِ
فــى ســاٍد ِ و َ َ ر نَ ْ فسا ً ب ِ َ ل نَ ْ قت َ َ من َ َ
ف َ سأ ْ فـ ٍ غي ْـ ِ ه َ أن ّ ُ
ٱل ْرض َ َ
ن مــ ْ ميعــا ً َ
و َ ج ِس َ ل ٱلّنــا َ قَتــ َ مــا َ فك َأن ّ َ ْ ِ
ميعـا ً ( (32لمييا َ َ َ
ج ِس َحَيـا الّنـا َ مـا أ ْ فك َأن ّ َ ها َ حي َ ٰــ َ أ ْ
ور لنا القرآن الكريم بشاعة جريمة القتل في قصة ص ّ
آدم عليييه السييلم ،أتييت اليييات الييتي بعييدها بأحكييام
شديدة للقضيياء علييى الفسيياد ،فييبّينت حييدود الحرييية
والسرقة والفساد في الرض.
والجييدير بالييذكر أن العييالم لييم يعييرف إل فييي
عصرنا هذا موضوع الحق العام في الفقه القييانوني،
بينما نجد القييرآن قيد سييبق هيذه القيوانين بيي 1400
َ
مـن ه َ عام ،فييالله تعييالى يييبّين بشييكل واضييح أن ّ ُ
َ فسا ً ب ِ َ
فــى ٱل ْْر ِ
ض ساٍد ِ ف َو َ سأ ْ ف ٍ ر نَ ْ غي ْ ِ ل نَ ْ قت َ َ َ
ميع ـا ً ( (32فالجريميية َ َ
ج ِ س َ ل ٱلن ّــا َ قت َـ َ ما َ فك َأن ّ َ
ليسييت اعتييداء علييى فييرد ،وإنمييا هييي خطيير علييى
المجتمع ،وهناك حق عام ل بد أن يؤخذ.
النداء السادس )الجهاد في سبيل الله تعالى(
من ُــوا ْ َ
ن ءا َ ذي َها ٱل ّـ ِ يقييول اللييه تعييالى َيـئ َأي ّ َ
دوا ْ ه ُ سيل َ َ ه ٱل ْ َ غوا ْ إ َِلي ِ قوا ْ ٱلله َ ٱت ّ ُ
ج ٰـ ِ
و َ
ة َ و ِ و ٱب ْت َ ُ
ن . حو َ فل ِ ُ م تُ ْ عل ّك ُ ْه لَ َ
سِبيل ِ ِ
فى َ ِ
بعد أن عرضييت اليييات السييابقة خطيير الفسيياد،
أتييت الييية ) (35لتييأمر المييؤمنين بالجهيياد ومحاربيية
131 سورة البقرة
الفساد.
لحظ أنه في كل مييرة يييأتي الميير بالجهيياد فييي
القرآن يذكر سببه )كما في سورة النساء حين ذكيير
الجهاد لنصرة المستضعفين(:
ل ٱللــه س ـِبي ِ
فــى َ ق ٰـ ـت ُِلو َ
ن ِ م ل َ تُ َ ما ل َك ُـ ْ
َ و
َ
ن) ...النساء .(75 في َ ع ِ
ض َست َ ْ م ْ و ٱل ْ ُ
َ
النداء ) :9 ،8 ،7ل للتقليد العمى(
وتصل بنا السورة إلى ربع جديد ،وثلثيية نييداءات
تهدف إلى أن يكون لهذه المة هويتها المميزة.
َ
د
هــو َ ذوا ْ ٱل ْي َ ُ خــ ُ مُنوا ْ ل َ ت َت ّ ِ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّ ِ ي َ ٰـأي ّ َ
ول َِيــــــــــــــــــاء َ
ٰـــــــــــــــــــَر ٰى أ ْ ص
و ٱلن ّ َ
َ
َ
هف ـإ ِن ّ ُ م َ منك ُ ْ م ّ ه ْ ول ّ ُمن ي َت َ َ و َ ض َ ع ٍ ول َِياء ب َ ْ مأ ْ ه ْ ض ُ ع ُ بَ ْ
ن مي َ م ٱلظّ ٰـل ِ ِ و َق ْ دى ٱل ْ َ ه ِن ٱلله ل َ ي َ ْ م إِ ّ ه ْ من ْ ُِ
.((51
َ
عــن م َ منك ُـ ْ من ي َْرت َدّ ِ مُنوا ْ َ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّ ِ يأي ّ َ
م هــ ْ حب ّ ُ وم ٍ ي ُ ِ قــ ْ ف َيــأ ِْتى ٱللــه ب ِ َ و َ ســ ْ ف َ ه َ ِديِنــ ِ
عل َــى َ َ
ة َ ع ـّز ٍ نأ ِ مِني َ ؤ ِ مـ ْ عل َــى ٱل ْ ُ ة َ ه أِذل ّـ ٍ حّبون َ ُ وي ُ َِ
ن.( (54 ري َ ف ِ ٱل ْك َ ٰـ ِ
َ
نذي َ ذوا ْ ٱل ّـ ِ خـ ُ مُنـوا ْ ل َ ت َت ّ ِ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّـ ِ ي َ ٰـأي ّ َ
ن ُأوت ُــوا ْ ذي َ ن ٱل ّ ـ ِ م َ عبا ً ّ ول َ ِهُزوا ً َ م ُ ذوا ْ ِدين َك ُ ْ خ ُ ٱت ّ َ
َ و ٱل ْك ُ ّ
ول َِياء.( (57... فاَر أ ْ م َ قب ْل ِك ُ ْ من َ ب ِ ٱل ْك ِت َ ٰـ َ
إن هييذه اليييات ل تهييدف إلييى تحقييير وتسييفيه
الديييان الخييرى ،إنمييا تهييدف للحفيياظ علييى هوييية
سورة البقرة 132
َ
ب حـ ّ ن ٱللــه ل َ ي ُ ِ دوا ْ إ ِ ّ
عَتــ ُ ول َ ت َ ْ م َ ل ٱلله ل َك ُ ْ ح ّ أ َ
ن.( (87 دي َ عت َ ِ
م ْٱل ْ ُ
ل الله هنا يأتي النداء أن ل يحّرم المؤمنون ما أح ّ
لهييم ميين الطيبييات ،فييالتحريم والتحليييل حييق اللييه
وحده ،والله عندما حّرم ،لم يحّرم علينا إل الخبييائث
ل لنييا الطيبييات المفيييدة بالمقابييل، الضييارة ،وأحيي ّ
مقك ُـ ُمــا َرَز َ م ّ وك ُُلوا ْ ِ
فجيياءت الييية الييتي تليهييا َ
َ
ه
ذى أنُتم ب ِ ِ قوا ْ ٱلله ٱل ّ ِ و ٱت ّ ُ حل َ ٰـل ً طَّيبا ً َ ٱلله َ
ن ( (88لتؤكد على هذا المعنى. مُنو َ ؤ ِم ْ ُ
والرابييط بييين هييذا النييداء والنييداء الثيياني ل َ
عائ َِر ٱللــه هييو أن تحريييم الحلل شــ َ حّلــوا ْ َ تُ ِ
معصييية للييه تعييالى وتغيييير لشييرعه تمام يا ً كتحليييل
الحرام.
وهكيييذا نيييرى أن معيييالم الحلل والحيييرام فيييي
السلم تتضح شيئا ً فشيئًا ،وكل آية تضيييف مفهومييا ً
جديييدا ً لتكمييل الحكييام عنييد المسييلمين قبييل ختييام
نزول اليات.
النداء الحادي عشر )محّرمات الشراب(
بعدما تحييدثت اليييات عيين الطيبييات تنتقييل إلييى
الحديث عن الخبييائث )بنفييس الييترتيب الييذي بييدأت
فيه السورة في اليات ).(2 - 1
مـــا ٱل ْ َ َ
مـــُرخ ْ مُنـــوا ْ إ ِن ّ َنآ َذي َها ٱّلـــ ِ
َيــــأي ّ َ
نمـ ْس ّ جـ ٌ ر ْ
م ِو ٱل ْْزل َ ُ ب َ صــا ُلن َوٱ ْسُر َ و ٱل ْ َ
مي ْ ِ َ
135 سورة البقرة
ن
حــو َ
فل ِ ُ عل ّك ُـ ْ
م تُ ْ جت َن ُِبوهُ ل َ َ ن َ
فـ ٱ ْ َ ل ٱل ّ
شي ْط ٰـ ِ م ِ
ع َ
َ
.( (90
فالسورة بدأت بمحّرمات الطعام فل بد أن تذكر
محّرمات الشراب )فاسمها سييورة المييائدة( لتح ي ّ
ذر
المسلم من النغماس في ملييذات الحييياة المحّرميية
وليفييي بعهييده فل يييدخل فمييه قطييرة خميير لتوقييع
العداوة والبغضاء في صفوف المة.
لحظ أن الية تعياملت ميع قضيية الخمير بشيدة
فقرنييت بينييه وبييين النصيياب والزلم وهييي ميين
مخّلفات الشرك بالله وذلك للتشنيع من هذه العادة
المهلكة للمم.
والملحظيية الثانييية أن القييرآن اسييتعمل كلميية
)اجتنبوه( والتي هي أقصى درجات النهي والتحريم.
النداء الثاني عشر – الثالث عشر )احذروا البتلء
في الحلل والحرام(
من ُــوا ْ َ
ن ءا َ ذي َها ٱل ّـ ِ
ٰ ـ ـأي ّ َ يقييول اللييه تعييالى ي َ
هد ت ََنــال ُ ُصــي ْ ِ
ن ٱل ّ مــ َ
ىء ّ شــ ْ م ٱللــه ب ِ َ ل َي َب ُْلــ َ
ون ّك ُ ُ
َ
هف ُخــا ُمــن ي َ َ م ٱللــه َ عل َ ـ َ
م ل ِي َ ْحك ُ ْ
م ٰـ ـ ُ
ر َو ِم َ ديك ُ ْأي ْ ـ ِ
ب ( (94هييذه الييية تحييذر ميين البلء )أي غي ْ ِِبــ ٱل ْ َ
المتحان( الييذي قييد يقييع فيييه المسييلم ليختييبر اللييه
تعالى إيمانه وتطبيقه للحلل والحرام.
وقيييد نزليييت عنيييدما كيييان الصيييحابة محرميييين
واختييبرهم اللييه تعييالى بييأل ّ يصييطادوا مهمييا كييانت
سورة البقرة 136
قبل ِك ُم ث ُ َ
ن .ري َ ف ِ حوا ْ ب ِ َ
ها ك َٰـ ِ صب َ ُ
مأ َْ ْ ْ ّ
فييي إشييارة إلييى كييثرة سييؤال المييم السييابقة
لنبيائهم فيضيق الحكم عليهم فل يطيعون.
دوا ْ
مــا ك َــا ُ
و َ
ها َ فذَب َ ُ
حو َ فهم في قصة البقرة َ
ن لنهم أكييثروا ميين السييؤال عيين طبيعيية عُلو َ ف َيَ ْ
البقرة ولونها فيما لم يطلييب منهييم ،فضيياق الحكييم
الواسييع المطلييق عليهييم .ولنييا فييي رسييول اللييه
وأصحابه السوة الحسنة في هذا المعنى:
قال رسول الله يوما ً لصحابه" :إن اللييه قييد
فرض عليكم الحج" فقال أحد الصييحابة" :أفييي كييل
عام يا رسول الله".
فسكت رسول الله ثم قييال" :لييو قلييت نعييم
ت". ل َوَ ُ
جب َ ْ
ففي سورة المائدة إذا ً توازن بين التزام الواميير
والنواهي والوفاء بعهد الله وبين عدم التشديد علييى
النفس فيما لم يأمر به الله تعالى.
النداء الخامس عشر )ل تكن إمعة(
وتتوالى اليات ،وتصل بنا إلييى النييداء 15والييذي
هو ضابط آخر من ضوابط الحلل والحرام:
سـك ُ ْ
م لَ ف َم أ َن ْ ُ عل َي ْ ُ
كـ ْ مُنـوا ْ َ ن ءا َ ها ٱل ّ ِ
ذي َ
َ
يأي ّ َ
م.( (105... هت َدَي ْت ُ ْ
ذا ٱ ْ ض ّ
ل إِ َ من َ م ّ ضّرك ُ ْ
يَ ُ
قام أبو بكر الصديق رضي الله عنييه خطيب يا ً فييي
النيياس فقييال" :إنكييم تضييعون هييذه الييية فييي غييير
سورة البقرة 138
موضعها".
لن الناس قد ظنوا أن معنى قييوله تعييالى ...
م أي ل تأخيييذوا بأييييدي أحيييد ســك ُ ْ
ف َم أ َن ْ ُ عل َي ْ ُ
كــ ْ َ
للهداييية ،فميين أراد الضييلل فليضييل ،فييأدى فهمهييم
الخاطئ إلى ترك الدعوة إلى الله تعالى.
لكن معنى الية :لو كل الناس من حولك غّيييرت
الحلل والحييرام وتركييت الوفيياء بييالعقود ،فعليكييم
أنفسكم يا مييؤمنين ،فييأثبتوا علييى الحييق ول تغيييروا
أحكام الييدين ،وهييذا مصييداق لحييديث النييبي " ل
يكيين أحييدكم إمعيية إن أحسيين النيياس أحسيينت وإن
أسييياء النييياس أسيييأت ،ولكييين إن أحسييين النييياس
فأحسنوا وإن أساؤوا فل تظلموا".
إذا ً فالسورة ركيزت فييي النيدائين 14و 15علييى
ضييييييييييييييييييييييييابطين للواميييييييييييييييييييييييير
والنواهي:
-ل تضّيق على نفسك
-ل تتأثر بالناس من حولك.
النداء السادس عشر )الحلل والحرام في
الشهادات والوصية(
من ُــوا ْ َ تأتي الييية يـ َ
ه ٰـ ـدَةُ ش َ ن ءا َ ذي َها ٱل ّـ ِ أي ّ َ ِ
ْ ْ َ
ةصي ّ ِ
و ِ
ن ٱل َ حي َت ِ و ُ
م ْ
م ٱل َ حدَك ُ ُ ضَر أ َ ح َذا َم إِ َب َي ْن ِك ُ ْ
م ( (106لتكمييل سلسييلة من ْك ُـ ْل ّ عـدْ ٍ وا َن ذَ َ ٱث َْنا ِ
الحكام في السورة ،ولتثبت شمولية السييلم لكييل
شييؤون الحيياة ،مين أميور الطعيام والشيراب ،إليى
139 سورة البقرة
ل َك ُم دين َك ُم َ
تضــي ُوَر ِ
مت ِــى َ
ع َ عل َي ْك ُـ ْ
م نِ ْ ت َ
م ُ
م ْ
وأت ْ َْ َ ْ ِ
م ِدينـا ً هييذه الييية منحيية ربانييية س ـل َ َ
م ٱل ْ ل َك ُـ ُ
مشييابهة للييية الييتي أعطيهييا الحواريييون )المييائدة(،
وهييم قييد وفييوا بعهييدهم فهييل سيييفي المسييلمون
بعهدهم؟
من فضلك وأنت تقرأ سييورة المييائدة ،استشييعر
عظييييييييييم النعميييييييييية الييييييييييتي أتمهييييييييييا
ربنا علينا بإتمام الدين ،وجاهيد نفسيك لليفياء بعهيد
الله تعالى في كل أمور حياتك.
سورة النعام
المخاطبون في السورة
فييي خضييم الفكييار والمييذاهب ومناهييج الحييياة
المختلفة -سواء أكانت هذه الفكار عبييادة للصيينام
أو لقوى الطبيعيية كمييا فييي عصيير النييبي ،أو إلحييادا ً
وإنكارا ً لوجود الله كما فييي عصييرنا الحييديث -تييأتي
سورة النعام لترد على كل هؤلء من خلل الحديث
عيين قييدرة اللييه وعظمتييه فييي الكييون .ولهييذا فييإن
ل ،لتزيد من إيمانييك السورة تخاطبك أيها المؤمن أو ً
بالله وحبك له وإخلصييك فييي عبييادته .وإلييى جييانب
ذلك فهي تعطيك مادة للرد على الميياديين ومنكييري
وجود الله :ميين خلل الحييديث عيين قييدرة اللييه فييي
ن الطبيعيية هييي الكون ،ثم نقض زعييم الملحييدين بييأ ّ
الييتي خلقييت الكييون ،أو أن الكييون خلييق صييدفة،
سورة البقرة 146
َ قك ُ َ
م (63- جل ِ ُ
كــ ْ ت أْر ُ
ح ِ
من ت َ ْ و ِ
مأ ْ و ِ ْ ف ْ من َ ذابا ً ّ ع َ
َ
عن َــا مــا ل َ َين َ
ف ُ ن ٱلله َ دو ِمن ُ ل أ َن َدْ ُ
عوا ْ ِ ق ُْ 65)
ن اليييات تخيياطب القييارئ ضّرَنا .( (71فكييأ ّ ول َ ي َ ُ َ
قائلة :استشعر في نفسك من هو القييادر حييتى تمل
قلبك من حبه ،ثم انطلق في مواجهة من يشكك فيي
إيمانك بوحدانيته وعظمته.
وقتنا هذه المقدمات ،تعال معييي أخييي بعد أن ش ّ
المسييلم لنعيييش مييع آيييات القييدرة والمواجهيية فييي
السورة.
بداية السورة موجة آيات القدرة.
تبدأ السورة بثلث آيات تظهر قدرة اللييه تعييالى:
ت م ٰــــ ٰو ِ س َ ق ٱل ّ خَلـــ َ ذى َ مـــدُ للـــه ٱّلـــ ِ ح ْ ٱل َْ
م و ٱلن ّـــوَر ث ْـــ ّ ت َ مــــٰ ِ ل ٱلظّل ُ َ عـــ َ ج َو َض َ و ٱل ْْر َ َ
ذى و ٱل ّ ـ ِ هـ َ نُ دُلو َ عـ ِ م يَ ْ هـ ْ ْ
ف ـُروا ب َِرب ّ ِ ن كَ َ ذي َ ٱل ّ ـ ِ
ضــى أ َجل ً َ م َ ق ُ خل َ َ
لجــ ٌ وأ َ َ َ ق َ ن ُثــ ّ طيــ ٍ مــن ِ م ّ كــ ْ َ
و
هـ َ و ُ دهُ وبعييدها قييوله تعييالىَ : عن ـ َ مى ِ مس ـ ّ ّ
م عل َ ـ ُ ض يَ ْ فــى ٱل ْْر ِ و ِت َ م ٰـــوٰ ِ س َ فــى ٱل ّ ٱللــه ِ
ن .وقييوله سُبو َ ما ت َك ْ ِ م َ عل َ ُوي َ ْم َ هَرك ُ ْ ج ْ و َم َ سّرك ُ ْ ِ
م ه ْجــاء ُ مــا َ ق لَ ّ ح ّ كــذُّبوا ْ ِبــ ٱل ْ َ قــدْ َ ف َ تعييالىَ :
َ فسو َ ْ
ن زءو َ ه ِ سـت َ ْه يَ ْ كاُنوا ْ ب ِـ ِ ما َ م أن َْباء َ ه ْف ي َأِتي ِ َ َ ْ
.( (5
ن يقرأهيا إليى أن يستشيعر مي ْ
فهذه اليات تدعو َ
قييدرة اللييه تعييالى ..فييإذا وجييد إدبييارا ً ميين الكفييار
المنكرين ،استشييعر عظييم جرمهييم ومييدى جرأتهييم
149 سورة البقرة
ه ٱن ْظُْر ك َي ْ َ ْ
ت ف ٱل ْي َ ٰـــ ِ صــّر ُ ف نُ َ ٱلله ي َأِتيك ُ ْ
م بِ ِ
َ ل أ ََرأ َي ْت َ ُ
م ن أت َ ٰـــك ُ ْ م إِ ْكــ ْ قــ ْن ُفو َ د ُصــ ِم يَ ْ هــ ْم ُ ُثــ ّ
ك إ ِل ّ هَلــ ُ هــ ْ غَتــ ً َ عــ َ
ل يُ ْ ه ـَرةً َ ج ْ و َ ةأ ْ ب ٱللــه ب َ ْ ذا ُ َ
ن سييياق اليييات ن .( (46-47إ ّ مو َم ٱلظّ ٰـ ـل ِ ُ و ُ
ق ْ ٱل ْ َ
والكلمييات يرقييق المشيياعر ويجعييل القلييب يخشييع
ويرغب في القرب من الله.
أسلوب جديد في المواجهة
ولن الييييات تجهّيييز النيييبي لييييواجه قيييومه
بالدعوة ،فإنها تستخدم أسلوبا ً جديدا ً في الييية )(57
من ّرّبى ة ّعل َ ٰى ب َي ّن َ ٍ
ل إ ِّنى َ ففي قوله تعالىُ :
قْ
ه ...تأكيد على الثوابت العقائدية ،وثقة وك َذّب ُْتم ب ِ ِ
َ
بييالنفس تهييز الطييرف الخيير .وهييي طريقيية دعوييية
مفيدة نتعلمها من آيات السورة.
شمول العلم والقدرة
وتبدأ اليات في موجة جديدة من عرضها لقييدرة
الخييالق ،فييي سييياق يهييز القلييب ويحييرك أوتيياره:
و
هــ َ هــا إ ِل ّ ُ عل َ ُ
م َ ب ل َ يَ ْ غْيــ ِ ح ٱل ْ َ فاِتــ ُ م َعنــدَهُ َ و َِ
مــن ط ِق ُ س ُ ما ت َ ْ و َر َ ح ِ و ٱل ْب َ ْ فى ٱل ْب َّر َ ما ِ م َ عل َ ُوي َ َْ
ت م ٰــــ ِ فـــى ظُل ُ َ ة ِ حب ّـــ ٍ ول َ َ هـــا َ م َعل َ ُة إ ِل ّ ي َ ْ قـــ ٍ وَر ََ
س إ ِل ّ ِ ْ
ب فــى ك ِت َ ٰـ ـ ٍ ول َ ي َــاب ِ ٍ ب َ ول َ َرط ـ ٍ ض َٱل ْْر ِ
ن ( (59وكأنك ترى الورقة وهييي تسييقط فييي مِبي ٍ ّ
الصحراء أو على جبل أو في قاع بحر..
وه َ و ُوميين الييذي يتييوفى النفييس؟ إنييه اللييه َ
سورة البقرة 154
حت ُــم جَر ْ مــا َ م َ عل َـ ُ وي َ ْل َ كم ب ِٱل ّي ْ ـ ِ فـ ـٰ ُ و ّ ذى ي َت َ َ ٱّلــ ِ
ر ( (60فكيف تشركون به؟ ها ِ ب ِٱلن ّ َ
ومن الذي شييمل الخلييق علميا ً وعييددًا؟إنييه اللييه
عل َي ْك ُــم ل َ سـ ُ وي ُْر ِ ه َ عب َــاِد ِ وق َ ِ هُر َ
ف ْ قا ِ و ٱل ْ َ ه َ و َُ
ة ( (61أي ملئكيية تحفظكييم ميين الفييات ظــ ً ف َ ح َ َ
وتكتب أعمالكم من الحسنات والسيئات.
ومن الذي ينجي العباد من مهالييك الييبر والبحيير؟
ت ٱل ْب َـّر مــٰ ِ مــن ظُل ُ َ م ّ جيك ُ ْ من ي ُن َ ّ ل َ ق ْ إنه الله ُ
ر .( (63فكيف تشركون به؟ ح ِ و ٱل ْب َ ْ َ
كك أحييد فييي ذلييك فييإن الييية تييرد عليييه فإن شي ّ
َ
معل َي ْك ُـ ْ
ث َ ع َ عل َ ٰى أن ي َب ْ َ قاِدُر َ و ٱل ْ َ ه َ ل ُ قْ بقوةُ :
َ قك ُ َ
م( (65 كــ ْ جل ِ ُ ت أْر ُ ح ِ من ت َ ْ و ِ مأ ْ و ِ ْ ف ْ من َ ذابا ً ّ ع َ
َ
فمن الذي يخييرج عين قيدرته أو يغيييب عيين شييمول
علمه سبحانه وتعالى..؟!
فما هو شعور المؤمن الذي يقرأ سورة النعييام؟
إنه يشعر أن مشاعره تهتّز وهييي تنييزل علييى النييبي
ليل ً في موكب من الملئكة ..يشعر بصوت الملئكيية
وهييم يس يّبحون اللييه لعظميية هييذه السييورة ..فهييذه
السورة تزلزل النظرة النسييانية وتطييوف بالنسييان
لتأخييذه إلييى ملكييوت السييموات والرض والنهييار
والليييل والييبر والبحيير والشييمس والقميير والنجييوم..
تريك الجنات المعروشات ..إنها تطلعييك علييى ملييك
الله عز وجل ..حتى تصل إلى آيية أخيرى مين آييات
ت م ٰــــ ٰو ِ س َ ق ٱل ّ خَلـــ َ ذى َ و ٱّلـــ ِ ــ َ هـو ُ القيييدرة َ
155 سورة البقرة
ف
خا ُ ول َ أ َ َتركيزه على نفي الشرك وتوحيد الله َ
شْيئا ً.( (80 شاء َرّبى َ ه إ ِل ّ َأن ي َ َ ن بِ ِ كو َر ُش ِ ما ت ُ ْ َ
لذلك أثنى الله على هذا السلوب الدعوي بقوله
عل َـ ٰى م َ هيـ َ
ها إ ِب ْ ٰر ِ
جت ُن َــا ءات َي ْن َ ٰــ َ
ح ُّ كيالى:ل ْ َ
وت ِ تعي َ
ه.( (83... م ِ
و ِ َ
ق ْ
ومن جمال القرآن أنك ترى قصص النبياء تتكّرر
في القرآن الكريم ،لكنها في كل مييرة تخييدم هييدف
السورة التي تذكر فيهييا ،بإعجيياز يعجييز البشيير عيين
التيان بمثله.
فسورة النعام مثل ً أوردت جانبا ً من قصة سييدنا
إبراهييييم واليييذي يتعليييق بنظيييره فيييي آييييات الليييه
واستخدامه أسلوب القدرة والمواجهيية فييي الييدعوة
إلى الله فلم ترد قصيية إبراهيييم عليييه السييلم حييين
ل ،لكنها وظفت لتخدم هدف رماه قومه في النار مث ً
السورة وسياقها.
التحذير الشديد من الشرك
وفييي التعقيييب علييى قصيية إبراهيييم تييأتي آييية
محورية في التحذير من الشرك:
م
ه ْم ٰـــن َ ُ ســوا ْ ِإي َم ي َل ْب ِ ُ
وَلــ ْ
مُنــوا ْ َن ءا َ ذي َ ّلــ ِ
ٱ
ُ
ن دو َ هت َـ ُم ْم ّ هـ ْ
و ُن َ مـ ُ م ٱل ْ ْ هـ ُك لَ ُ
وَلـئ ِ َ
ب ِظُل ْم ٍ أ ْ
.((82
لمييا نزلييت هييذه الييية شييق ذلييك علييى أصييحاب
رسييول الليه ،قيالوا :وأّينيا ليم يظليم نفسيه؟ فقييال
157 سورة البقرة
ى
حي َــا َ م ْ و َ كى َ سـ ِ ون ُ ُ ص ـل َِتى َ ن َ ل إِ ّ ق ْ السييورة ُ
هك َلــ ُ ري َ شــ ِ ن لَ َ مي َ ع ٰـــل َ ِ ب ٱل ْ َ مــاِتى للــه َر ّ م َ و َ
َ
َ َ َ ُ
غي َْرلأ َ ق ْ ن ُ مي َ سل ِ ِم ْ ل ٱل ْ ُ و ُ وأن َا ْ أ ّ ت َ مْر ُ كأ ِ وِبذٰل ِ َ َ
َ
ب س ُ ول َ ت َك ْ ِ ىء َ ش ْ ل َ ب كُ ّ و َر ّ ه َ و ُغى َرّبا َ ٱلله أب ْ ِ
ها.( (162 - 164 عل َي ْ َ س إ ِل ّ َ ف ٍ ل نَ ْ كُ ّ
فمن كانت ليه هذه القدرة أحييق بييأن يكييون ليييه
التوحيييد الخييالص فييي كييل مظيياهر حياتنييا الفكرييية
والروحية والعملية.
هييذه المعيياني كلهييا تلخصييت فييي ثلث آيييات
محورية في المواجهة على مدار السورة:
ر فـــاطِ ِ ول ِي ّـــا ً َخـــذُ َ غي ْـــَر ٱللـــه أ َت ّ ِ ل أَ َ قـــ ْ ُ
ض.( (14 و ٱل ْْر ِ ت َ م ٰـوٰ ِ س َ ٱل ّ
ذى و ٱل ّ ـ ِ هـ َ و ُكمـا ً َ ح َ غــى َ غي ْـَر ٱللــه أ َب ْت َ ِ ف َ أ َ َ
ب
ٰـــــــــــــ َ م ٱل ْك ِت َ ل إ ِل َي ْك ُــــــــــــ ُ أ َن َــــــــــــَز َ
ل.( (114... ص ً ف ّ م َ ُ
غى َرّبا.( (164... غي َْر ٱلله أ َب ْ ِ ل أَ َ ق ْ ُ
فهذه اليات الثلث ركزت علييى محيياور التوحيييد
الثلثة وهي التوحيد في الربوية وفييي المحبيية وفييي
الحتكام لشرع الله تعالى.
ختام السورة :الستخلف
بعدما أكييد اللييه تعييالى ميين خلل آيييات السييورة
ملكييه للرض وإبييداعه لهييا وتصييرفه فيهييا ،أعطانييا
معل َك ُـ ْ
ج َ و ٱل ّـ ِ
ذى َ ه َ
و ُ
الرض واسييتخلفنا عليهيياَ :
163 سورة البقرة
.( (44
فهمييا داران ل ثييالث لهمييا ،لييذلك تييأتي كلميية
ب لتفصييل جا ٌ ح َما ِ ه َ وب َي ْن َ ُحاسمة في الية َ 46
بين الفريقين بشكل نهائي .أمييا زلييت مييترددًا؟ ألييم
تحسييم موقفييك بعييد؟ اسييمع إذا ً نييداء السييتغاثة:
ن وَنادىٰ أ َصحـ ـٰب ٱلن ّــار أ َصحـ ـٰب ٱل ْجن ّ ـ َ
ةأ ْ ِ َ َ ْ َ ِ ُ ْ َ َ َ
َ أَ ِ
م ٱلله قك ُ ُ
ما َرَز َ م ّو ِ ماء أ ْ ن ٱل ْ َ م َ عل َي َْنا ِ
ضوا ْ َ في ُ
ن ري َف ِ عل َــى ٱل ْك َ ٰــ ِ مــا َ ه َم ُ
حّر َن ٱللــه َ قاُلوا ْ إ ِ ّ َ
((50واختر لنفسك أي المصيرين ،وأي الدارين؟!
سبب تسمية السورة بالعراف
فلماذا سميت السورة بهييذا السييم )العييراف(؟
يقول تبارك وتعالى:
لجــا ٌ ر َ ف ِ عــَرا ِ عَلى ٱل ْ ْ و َ ب َ جا ٌ ح َما ِ ه َ وب َي ْن َ ُ َ
م ( (46أي بيييين الجنييية ه ْ م ٰـــ ُ سي َ ن ك ُل ّ ب ِ ِ فــو َ ر ُ ع ِ
يَ ْ
والنييار يعرفييون أهييل كييل منهمييا فينييادون أصييحاب
نــادوا ْ أ َصح ٰـــب ٱل ْجّنــ َ
م سل َ ٰـــ ٌ ة أن َ ِ َ َ ْ َ و َْ َ الجنيية:
َ
ن( (46 عــو َ م ُ ْ
م ي َط َ هــ ْو ُ ها َ خلو َ ُ م َيــدْ ُ م لــ َْ كــ ْ عل َي ْ ُ َ
م َ ر َ إ ِ َ
ه ْ ص ٰـــُر ُ ت أب ْ َ ف ْ صـ ِ ذا ُ و
ويخييافون ميين النييار َ
َ
ع
مـ َ عل ْن َــا َ ج َقاُلوا ْ َرب َّنا ل َ ت َ ْ ر َ ب ٱلّنا ِ حـٰ ِ ص َ قاء أ ْ ت ِل ْ َ
َ
ف عَرا ِ ب ٱل ْ ْ حـٰ ُ ص َ دىٰ أ ْ وَنا َ نَ مي َ وم ِ ٱلظّ ٰـل ِ ِ ق ْ ٱل ْ َ
غن َـ ٰى مـا أ َ ْ قــاُلوا ْ َ م َ ه ْ م ٰــ ُ سي َ م بِ ِ ه ْ فــون َ ُ ر ُ ع ِ جال ً ي َ ْ ر َِ
ن.( (47-48 ست َك ْب ُِرو َ م تَ ْ كنت ُ ْ ما ُ و َم َ عك ُ ْ م ُ ج ْ م َ عنك ُ ْ َ
فمن هم أصحاب العراف؟ إنهم أنيياس تسيياوت
حسييناتهم وسيييئاتهم ،فهييم لييم يحسييموا مييواقفهم
سورة البقرة 170
الفساد:
ففييي ثمييود -قييوم صييالح -كييان فسيياد الييترف
الييييييييييزائد هييييييييييو الييييييييييذي أهلكهييييييييييم
)الية (74
أميييا قيييوم ليييوط ،فكيييان فسيييادهم الخلقيييي
وشذوذهم الجنسي سببا ً لهلكهم اليات ).(81 - 80
وأميييا ميييدين -قيييوم شيييعيب -فكيييان الفسييياد
القتصادي هو المستشري فيهم:
ســوا ْ َ َ
خ ُ ول َ ت َب ْ َ
ن َ ميــَزا َ و ٱل ْ ِل َ فوا ْ ٱل ْك َي ْ َ و ُفأ ْ
م.( (85... ه ْ شَياء ُس أَ ْ ٱلّنا َ
-التحذير من الستكبار ،لنه ميين أخطيير أسييباب
الهلك:
ســت َك ْب َُروا ْ نٱ ْ ذي َمل َ ٱّلــ ِ ل ٱل ْ َ قــا َ فعبييارة َ
ه ( (74...نراها تتكرر مع ثمييود ومييدين، م ِو ِ ق ْمن َ ِ
كما نرى فييي أوائل السييورة الييتركيز علييى عبييارات
ســت َك ْب َُروا ْ وٱ ْ كــذُّبوا ْ ِبـَئاَيـــٰت َِنا َ ن َ ن ٱّلــ ِ
ذي َ إ ِ ّ
هــا ...اليييات ) 36و .(40ول يمكيين أن تتكييرر عن ْ َ
َ
عبييارة بحييذافيرها فييي القييرآن ميين دون أن يكييون
هناك معنى مهم جدا ً ينبهنا إليه ربنا سبحانه.
-الييتركيز علييى نجيياة النييبي والييذين آمنييوا معييه
وهلك الكييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييافرين،
بييييدون أي ذكيييير لي فئة متفرجيييية أو محايييييدة.
ف َ َ َ
ه
جي ْن َ ٰـــ ُ
أن َهَ ...
عــ ُ
م َ
ن َذي َو ٱّلــ ِ
ه َ جي َْنـــٰ ُ
فأن َ
173 سورة البقرة
ن و ٱّلـــ ِ
ذي َ ب َ
عي ْ ُ ك يــــٰ ُ
ش َ جّنـــ َ
ر َ ه ل َن ُ ْ
خ ِ وأ َ ْ
هَلـــ ُ َ
ك عـــــــــــــــــــــ َ م َ مُنـــــــــــــــــــــوا ْ َءا َ
اليات ).(88 - 83 - 72 - 64
بعد كل هذا :أل زلت مترددا ً
قب َ َ
م.( (121-123... ن ل َك ُ ْن ءاذَ َ لأ ْ َ ْ
ن
عــ ّ قط ّ َ وبعييد ذلييك يقييول لهييم فرعييون ل َ
أ َي ـديك ُم َ
مص ـل ّب َن ّك ُ ْ م لَ َ ف ثُـ ّ خل َ ٍ ن ِ مـ ْ م ّ جل َك ُـ ْوأْر ُ ْ ِ َ ْ َ
ن ( (124فماذا كان أثر ذلك على موقفهم؟ َ
عي َ م ِج َ أ ْ
مّنــا م ِ ق ُ ما َتن ِ و َ
نَ قل ُِبو َمن َ قاُلوا ْ إ ِّنا إ ِل َ ٰى َرب َّنا ُ َ
َ
جاءت َْنا( (125-126 ما َ ت َرب َّنا ل َ ّ مّنا ِبـَئاي َ ٰـ ِ ن ءا َ ِإل أ ْ
هكذا فييي إصييرار وعييدم تييردد رغييم تهديييد فرعييون
ووعيده ،بل أنهم اسييتمدوا الصييبر والتمسييوا حسيين
عل َي ْن َــاغ َ ر ْ الخاتميية ميين صيياحب الحييقَ :رب َّنا أ َ ْ
فـ ِ
ن.( (126... مي َسل ِ ِ م ْ فَنا ُ و ّوت َ َ صب ًْرا َ َ
فساد فرعون
بعد أن رأينا في قصييص النبييياء السييابقة أنواعيا ً
مختلفة ميين الفسيياد ،تييأتي قصيية موسييى وفرعييون
لترينا قمة في الفساد:
حِيـــى ست َ ْون َ ْ
م َ ه ْل أ َب َْنــاء ُقت ّ ُ ســن ُ َ ل َ قــا َ َ ...
ن.( (127 هُرو َ ق ٰـ ِم َ ه ْ ق ُ و َ وإ ِّنا َ
ف ْ م َ ه ْساء ُ نِ َ
فكييان العقيياب الربيياني متييدرجا ً لييذلك الظييالم
وقومه:
َ َ
و ٱل ْ َ
جــَرادَ ن َ فــا َ طو َ م ٱل ّ هــ ُ ســل َْنا َ َ
علي ْ ِ فأْر َ
ت م ءاي َ ٰـــــ ٍ و ٱلــــدّ َ ع َفاِد َ ضــــ َ و ٱل ّ ل َ مــــ َ ق ّو ٱل ْ ُ
َ
ت.( (133... صل َ ٍ ف ّ م َّ
ن م َينك ُث ُــو َ هـ ْ ذا ُ فف الله عنهم ،لكيين إ ِ َ فخ ّ
((135فماذا كان العقاب؟
سورة البقرة 176
فــي ٱل ْي َ ـ ّ
م م ِه ْ
قَنـٰ ُغَر ْفأ َ ْ
م َ ه ْ
من ْ ُ
مَنا ِ ف ٱن ت َ َ
ق ْ َ
كاُنوا ْ َ َ
ن فِلي َ هــا َ
غ ٰـ ـ ِ عن ْ َ م ك َذُّبوا ْ ِبـَئاي َ ٰـت َِنا َ
و َ ه ْ
ب ِأن ّ ُ
.((136
دد
بنو إسرائيل :سلبية وتر ّ
وبالمقابل ،ترينا اليات نموذجا ً آخير لليترّدد وهيم
عيُنوا ْ س ـت َ ِبنو إسرائيل ،فعندما قال لهم نييبّيهم ٱ ْ
مــن هــا َ رث ُ َ
ض لله ُيو ِ ن ٱل ْر َ صب ُِروا ْ إ ِ ّ وٱ ْ ب ِٱلله َ
ن( (128 قي ـ َمت ّ ِ ة ل ِل ْ ُ قب َ ُ و ٱل ْ َ
ع ٰـ ـ ِ ه َ عب َــاِد ِ
ن ِم ْ شاء ِ يَ َ
فماذا كان جوابهم؟
ْ َ ُ
د
ع ِ
من ب َ ْ و ِ ل أن ت َأت ِي ََنا َ من َ
قب ْ ِ قاُلوا ْ أوِذيَنا ِ َ
جئ ْت ََنا.( (129 ما ِ
َ
فرد ّ عليهم موسيى ليعلمهيم حسين الظين بيالله
والذي هو أمر أساسي من متطلبات الحسم:
َ
موك ُ ْ
عــدُ ّ هِلــ َ
ك َ م أن ي ُ ْ ســ ٰى َرب ّ ُ
كــ ْ ع َل َ قــا ََ
فَين ُ
ظـــَر ك َْيـــ َ فك ُ ْ
ف ض َ فـــى ٱل ْْر ِ م ِ خل ِ َ
ســـت َ ْ
وي َ َْ
ن.( (129 مُلو َ ع َتَ ْ
فاليتييان ) (129 - 128تؤكييدان علييى أن الحييزم
وعيييييييييييييييييييييييييييدم اليييييييييييييييييييييييييييتردد
أمييران أساسيييان فييي امتحييان السييتخلف علييى
الرض ،وهذا ما لم يفهمه بنو إسرائيل.
حتى في العقيدة
ويظهر بنو إسييرائيل فييي مواقييف أخييرى تييوحي
أنهييم يعيشييون بل غاييية ول هييدى حييتى فييي أمييور
177 سورة البقرة
َ َ
م ه ْ
دي ِ هــ ِ ول َ ي َ ْ م َ هــ ْ م ُ ه ل َ ي ُك َل ّ ُ وا ْ أّنــ ُ م َيــَر ْ أَلــ ْ
ط ق َ سـ ِ مــا ُ ول َ ّ نَ مي َ كاُنوا ْ ظَ ٰـل ِ ِ و َ ذوهُ َ خ ُ سِبيل ً ٱت ّ َ َ
قــاُلوا ْ ل َِئن ضـّلوا ْ َ َ َ َ
قـدْ َ م َ ه ْ وا ْ أن ّ ُ وَرأ ْ م َ ه ْ دي ِ فى أي ْ ِ َ
ن مــ َ ن ِ كــون َ ّ فــْر ل ََنــا ل َن َ ُ غ ِ وي َ ْ مَنــا َرب َّنــا َ ح ْ م ي َْر َ ّلــ ْ
ن.( (148-149 ري َ س ِ خ ٰـ ِ ٱل ْ َ
فهييم يشييكون ميين عييدم الوضييوح والحييزم فييي
تدّينهم وعلقتهم مع الله.
وبذلك يظهر الفارق واضييحا ً بييين السييحرة وبييين
بنيييي إسيييرائيل ،بيييين تحيييدي السيييحرة لفرعيييون
قــاُلوا ْ ض ( (72وبييين َ ت َ َ فٱ ْ َ
قا ٍ ما أن َ ض َ ق ِ
جئ ْت ََنا ْ َ من َ ُ
ما ِ د َ ع ِمن ب َ ْ و ِ ل أن ت َأت ِي ََنا َ قب ْ ِ أوِذيَنا ِ
.((129
ن( (121 مي َ ع ٰـ ـل َ ِ ب ٱل ْ َ من ّــا ب ِـَر ّ قاُلوا ْ آ َ بييين َ
ل ع ْ ج َالتي أتت دون تردد من السييحرة ،وبييين ٱ ْ
ة ( (138التي صدرت من ه ٌ م ءال ِ َ ه ْ ما ل َ ُ ها ك َ َ ل َّنا إ ِل َ ٰـ ً
بني إسرائيل رغم المعجزات الكبيرة التي رأوها.
فَرق الثلث
ال ِ
وتأتي مباشرة بعد قصة موسى مع بني إسرائيل
قصة أصحاب السبت اليات ) :(167 - 163وملخصها
أن بعييض بنييي إسييرائيل احتييالوا علييى شييرع اللييه
فارتكبوا جرما ً شديدا ً وهييو الصيييد فييي اليييوم الييذي
حّرم الله عليهم العمل فيه )يوم السبت( فيياختبرهم
اللييه بإرسييال السييمك يييوم السييبت أمييام أعينهييم
179 سورة البقرة
في ذلك.
-فمنهم من قال أنهييم لييم يسييتحقوا أن يييذكروا
لنهييم كييانوا سييلبيين فلييم يييذكر اللييه لهييم مصيييرا ً
وسيماهم يوم القيامة كيف يشاء...
-والرأي الثاني يرى أنهم قد دخلوا مع الظالمين
نذي َ وأ َ َ
خــذَْنا ٱّلــ ِ وهييم معنيييون بقييوله تعييالى َ
موا ْ فهم والذين اقترفوا المعاصي سواء فييي ظَل َ ُ
هييذا الحكييم ،لنهييم بقييوا حييياديين حيييال المعصييية
وسكتوا عنها فأصبحوا بذلك عصاة...
منهم الصالحون ومنهم دون ذلك
وميين روعيية القييرآن أنييه ل يحكييي قصيية لمجييرد
القصص ،بل يختمها بعبرة وعظيية حييتى يرسييخ فييي
ذهن القارئ المعنى المراد مين القصية .لييذلك كييان
التعقيب على قصة موسى وأصحاب السبت واضحا ً
في بيان عبرة القصة:
ُ
مهــ ُ
من ْ ُ
مــا ّ
م ً
ضأ َفــي ٱل ْْر ِ م ِ ه ْ قط ّ ْ
عَنـــٰ ُ و ََ
ن ٰ ذل ِ َ
ك.( (168... دو َ
م ُ ه ْمن ْ ُ
و ِ
ن َ حو َ ص ٰـل ِ ُ
ٱل ّ
هييذا كييان حييال الجيييل الول ميين بنييي إسييرائيل
الذي تاه وتفرق في الرض :منهم صييالحون ومنهييم
دون ذلك ،لكن الجيل الثاني كان فيه أناس سييلبيون
رث ُــوا ْو ِف َ خل ْـ ٌ م َ ه ْد ِ عـ ِمــن ب َ ْف ِ خل َ َف َ مييترددون َ
ٰى ٱ ْدَْنـــ
ذا له ٰــــ َ ض َ عـــَر َ ن َ ذو َ خـــ ُب ي َأ ْ ُ
ٱل ْك ِت َ ٰــــ َ
ْ
همث ْل ُـ ُض ّع ـَر ٌ م َ ه ْوِإن ي َأت ِ ِ فُر ل ََنا َ
غ َ سي ُ ْ ن َ قوُلو َ وي َ ُ
َ
181 سورة البقرة
ه.( (169...
ذو ُ ي َأ ْ ُ
خ ُ
وبالمقابل ،تختم اليات بمثال رائع لنقتدي به في
أخذ أوامر الدين بقوة:
موا ْ وأ َ َ
قــا ُ ب َن ب ِ ٱل ْك ِت َ ٰـــ ِكو َســ ُم ّن يُ َ
ذي َ ٱّلــ ِو
َ
َ
ن.( (170 حي َصل ِ ِ جَر ٱل ْ ُ
م ْ عأ ْ صَلوٰةَ إ ِّنا ل َ ن ُ ِ
ضي ُ ٱل ّ
سييكون( كيييف أنهييا تييدل علييى
لحييظ كلميية )يم ّ
سييك شييديد بييأوامر اللييه وخاصيية الصييلة ،هييؤلء
تم ّ
ينالون شرفا ً من الله أنهم مصلحون وليسييوا مجييرد
صيييالحين لنفسيييهم ،إنهيييم إيجيييابيون مصيييلحون
لمجتمعهم وبلدهم وأمتهم.
كيف ل تحسم وفطرتك شهدت؟
ترجع بنا اليييات بعييد ذلييك إلييى زميين بعيييد ،فييي
عالم الذر ،عندما أشهدنا الله على أنفسيينا بربييوبيته
وعظمته.
مـــن م ِ مـــن ب َِنـــى ءادَ َ ك ِ خـــذَ َرّبـــ َ وإ ِذْ أ َ ََ
م ه ْ
ســ ِ ف ِ عَلــى َأن ُم َ ه ْهدَ ُش َوأ َ ْ
م َ م ذُّري ّت َ ُ
ه ْ ه ْر ِ هو ِ ظُ ُ
قول ُــوا ْ هدَْنا َأن ت َ ُ شـ ِقــاُلوا ْ ب َل َـ ٰى َ م َ ت ب َِرب ّك ُ ْ س َ
َ
أل َ ْ
ن فِلي َ ذا َ
غ ٰـ ـ ِ ه ٰـ ـ َن َ عـ ْ ة إ ِن ّــا ك ُن ّــا َم ِ قي َ ٰـ ـ َ م ٱل ْ ِو َ يَ ْ
.((172
فكيف ل نتحرك في نصرة ديننا والله قد أخذ علينا
العهد من بداية الخلق ،وقبل أن نأتي إلى هذه الييدنيا،
أن نكون مع الحق وأهله .إن حب الييدين والنميياء لييه
فطرة ربانية من عند الله ،فلماذا ينسى بعض النيياس
سورة البقرة 182
د ٱلله(
عن ِ
ن ِ صُر إ ِل ّ ِ
م ْ ما ٱلن ّ ْ
و َ
القسم الول ) َ
وهو يظهر منة الله تعالى وفضله على المييؤمنين
بالنصر ،وذلك من خلل:
.1ترتيب المعركة
ك مــن ب َي ْت ِـ َ ك ِ ك َرب ّـ َ جـ َ خَر َ ما أ َ ْ قال تعييالى :ك َ َ
نهو َ ر ُ ن ل َك َّـــ ِ مِني َ ؤ ِم ْ ن ٱل ْ ُ م َ ريقا ً ّ ف ِ ن َ وإ ِ ّ ق َ ح ّ ب ِ ٱل ْ َ
.( (5
فالكثير من المؤمنين لم يكونوا يريييدون القتييال،
لكن الله تعالى دّبر ذلك ليحقّ الحق:
َ دى ٱل ّ
هــا ن أن ّ َ فت َي ْ ِ طائ ِ َ ح َ م ٱلله إ ِ ْ عدُك ُ ُ وإ ِذْ ي َ ِ َ
َ
ن ة ت َك ُــو ُ وك َ ِ شـ ْ ت ٱل ّ ذا ِ غي ْـَر َ ن َ نأ ّ دو َ و ّ وت َـ َ م َ ل َك ُـ ْ
ه
م ٰـــت ِ ِ ق ب ِك َل ِ َحــ ّ ق ال َ حــ ّ ريــدُ ٱللــه َأن ي ُ ِ وي ُ ِم َ كــ ْ لَ ُ
ل وي ُب ْطِ َ ق َ ح ّ ق ٱل ْ َ ح ّ ن ل ِي ُ ِ ري َ ف ِداب َِر ٱل ْك َ ٰـ ِ ع َ قطَ َ وي َ ْ
َ
ن.( (7-8 مو َ ر ُ ج ِ م ْ رهَ ٱل ْ ُ و كَ ِ ول َ ْ ل َ ٱل َْبـٰطِ َ
ة فيي الوضيوح ،فيترتيب إن هذه اليات لهي غايي ٌ
المعركة ابتداًء كان بتقدير الله عز وجل.
.2العداد النفسي للمعركة
س
عــا َ م ٱلن ّ َ شــيك ُ ُ غ ّ يقييول اللييه تعييالى :إ ِذْ ي ُ َ
َ
مــاء ماء َ سـ َمــن ٱل ّ عل َي ْك ُــم ّ ل َ وي ُن َـّز ُ
ه َ من ْـ ُ
ة ّ من َ ًأ َ
ن َ جــَز ٱل ّ عنك ُ ْ وي ُذْ ِ هَرك ُ ْ ل ّي ُطَ ّ
شي ْط ٰـــ ِ ر ْ م ِ ب َ ه َ ه َم بِ ِ
م دا َ
قـ َ ه ٱل ْ ْ ت ب ِـ ِوي ُث َب ّـ َ م َقُلوب ِك ُ ْ لى ُع َ ٰط َ ول ِي َْرب ِ ََ
.((11
فأنامهم قبييل المعركيية وبعييد أن اسييتيقظوا ميين
191 سورة البقرة
مـــام ّ دوا ْ ل َ ُ
هـــ ْ عـــ ّوأ َ ِ
يقيييول الليييه تعيييالىَ :
ة .( (60إن هذه الية واضحة و ٍ من ُ
ق ّ ست َطَ ْ
عُتم ّ ٱ ْ
جدا ً في بيان هذا المعنى ،فنفس السورة التي تؤكد
أن النصر هو من عند الله تعالى وحييده ،تؤكييد أيضيا ً
ضييرورة الخييذ بالسييباب .فييالتخطيط إلييى جييانب
اللجوء إلى الله هما السببان الرئيسيان في النصيير،
وهذه السورة تتحييدث عيين مييوازين القييوى ،وتشييير
إلى أن المعارك ل يجدي بهييا أن يقييوم فييرد ليقاتييل
منفردا ً وينتصر على الجيوش الجرارة بحجة أن اللييه
د ٱللــه عن ِ ن ِم ْصُر إ ِل ّ ِما ٱلن ّ ْ و َ
تعالى يقولَ :
.((10إن هذا فهم خيياطئ ونيياقص لييدين اللييه تعييالى
وسننه التي يدير بها الكون.
والملحظ أن الرهاب الذي ذكر في الية يهييدف
إلى منع القتال ل إلى سفك الدماء .فييالمطلوب هييو
أن تكييون للمسييلمين قييوة رادعيية ترهييب أعييداءهم
فتكون النتيجة وقف القتال .حتى فييي الحييرب نييرى
السلم يدعو إلى السلم )عكس ما يعتقد الكييثيرون
ن
ريــ َ خ ِ وءا َ عن هذا الدين( .فالية تقول بعد ذلكَ :
م،( (60 ه ْم ُعل َ ُ
م ٱلله ي َ ْ ه ُمون َ ُعل َ ُ
م ل َ تَ ْ ه ْ
دون ِ ِمن ُ
ِ
فهي تشمل إظهار قوة المسلمين أمام كل أعدائهم
لردعهم عيين القتييال .لييذلك تييأتي الييية الييتي بعييدها
مباشرة لتقول:
لوك ّـ ْوت َ َهــا َ ح لَ َ ج ن َـ ْ سل ْم ِ َ
فٱ ْ حوا ْ ِلل ّ جن َ ُ
وِإن َ َ
195 سورة البقرة
التوبة آية ،وهي آخر سورة كامليية أنزلييت علييى النييبي
قبل انتقاله إلى الرفيق العلى...
لقد أنزلت هذه السورة في وقت كييان المجتمييع
السييلمي يسييتعد للخييروج برسييالة السييلم ميين
الجزيرة العربية إلى شعوب الرض كلها.
أنزلت هذه السورة بعد آخر غزوة للنييبي ،غييزوة
تبييوك ،وكييان عييدد المسييلمين فيهييا ثلثييين ألفييًا.
واللطيف أنها جاءت في ترتيييب المصييحف مباشييرة
بعييد النفييال الييتي تحييدثت عيين غييزوة بييدر )أولييى
غييزوات النييبي( حيييث عييدد المسييلمين فيهييا 313
شخصا ً فقط .ولعييل الحكميية هييي أن يلحييظ قييارئ
القييرآن الفييرق بييين ظييروف الغزوتييين وأحكامهمييا
وطريقة القرآن فييي التعقيييب عليهمييا .غييزوة تبييوك
كانت من أكثر الغزوات التي ظهر فيها أثر النفاق إذ
كان مع الجيش منافقون كثر ،وتخلف عنها منافقون
كثر كما تخّلف عنها بعض المؤمنين بسييبب الكسييل.
203
سورة البقرة 204
حوا ْ ســي ُ ف ِ نَ كي َ ر ِ شـ ِ م ْ ن ٱل ْ ُ مـ َ م ّ ه ـدْت ُ ْ عا َ ن َ ذي َ ٱل ّ ِ
َ ة أَ ْ َ
غي ُْر م َ موا ْ أن ّك ُ ْ عل َ ُ وٱ ْ ر َ ه ٍ ش ُ ع َض أْرب َ َ فى ٱل ْْر ِ ِ
زي ٱلله ( (1-2بداية شديدة ومهلة محيددة. ج ِع ِ م ْ ُ
ن وأ ََ
ذا ٌ ثييم أذان ميين اللييه ورسييوله يقييرع الذانَ :
جحـ ّ م ٱل ْ َ و َ س ي َـ ْ ه إ ِلــى ٱلن ّــا ِ
سول ِ ِ َ وَر ُ ن ٱلله َ م َ ّ
َ
ن كي َ ر ِ شــ ِ م ْ ن ٱل ْ ُ مــ َ رىــء ّ ن ٱللــه ب َ ِ رأ ّ ٱل ْك َْبــ ِ
ه.( (3 سول ُ ُ وَر ُ َ
خْيــٌر و َ ه َ ف ُ م َ فِإن ت ُب ْت ُ ْ لماذا كل هذه الشدة؟ َ
َ
زى جــ ِ ع ِ م ْ غي ُْر ُ م َ موا ْ أن ّك ُ ْ عل َ ُ فٱ ْ م َ ول ّي ْت ُ ْوِإن ت َ َ م َ ل ّك ُ ْ
ٱلله ،( (3فالتهديد إذا ً كان من أجل التوبة ل ميين
أجييل النتقييام والوعيييد ،كييأن "بييراءة" و"أذان" همييا
النداء الخير للتوبة.
توبة المشركين المحاربين
ذا فإ ِ َوتصييل بنييا اليييات إلييى الييية الخامسيية َ
قت ُُلوا ْ فــــ ٱ ْ م َ حــــُر ُ هُرل ْ ُٱ شــــ ُ خ ٱل ْ ســــل َ َ ٱن َ
د ص ٍمْر َ ل َ م ...ك ُ ّ ه ْمو ُ جدت ّ ُ و َ ث َ حي ْ ُن َكي َ ر ِ ش ِم ْ ٱل ْ ُ
وا ْوءات َ ُ صل َ ٰوةَ َ موا ْ ٱل ّ قا ُ وأ َ َ فِإن َتاُبوا ْ َ ومع ذلك َ
م فبعييد كييل هييذا الميير ه ْ سِبيل َ ُخّلوا ْ َ ف َٱلّزك َ ٰوةَ َ
ث الكفييار عليهييا.. بالقتييال جيياء التييذكير بالتوبيية لح ي ّ
فبقدر ما السورة حادة في مواجهتهم بقييدر مييا هييي
حريصة على توبتهم وإنابتهم إلى الله..
وبعد ذلك تخبرنا بأنه ل بد أن تقييام الحجيية علييى
الكفار وذلك بدعوتهم وبيان الدين لهم قبييل قتييالهم
َ
كجاَر َ ســـت َ َ
نٱ ْ كي َ ر ِشـــ ِم ْ ن ٱل ْ ُ مـــ َ حـــدٌ ّ نأ َ وإ ِ َْ
209 سورة البقرة
ه م أ َب ْل ِ ْ
غــ ُ ع ك َل َ َ
م ٱللــه ُثــ ّ م َ
ســ َ
ى يَ ْ
حّتــ ٰجْرهُ َ
َ َ
فــأ ِ
ه.( (6... ْ
من َ ُمأ َ َ
وتتابع اليات علييى نفييس الييوتيرة :تهديييد ،وفييي
نهاية كل تهديد ووعيد وتذكير بالتوبة .فمثل ً في الية
ن م ٍ ؤ ِ مـ ْ فــى ُ ن ِ قُبو َ العاشرة يقول تعييالى ل َ ي َْر ُ
ة ُ
ن ثييم دو َ عَتــ ُ م ْ م ٱل ْ ُ هــ ُ ك ُ وَلـــئ ِ َ وأ ْ مــ ً َ ول َ ِذ ّ إ ِل ّ َ
موا ْ قـا ُ وأ َ َ فـِإن َتـاُبوا ْ َ تقييول الييية الييتي بعييدها َ
فــي م ِ وان ُك ُ ْ خ َ فــإ ِ ْ كــ ٰوةَ َ ٱّز َ وا ْ ل وءاَتــ ُ صــل َ ٰوةَ َ ٱل ّ
ف عنهييم اليييات فحسييب بييل ن .فلييم تع ي ِ دي ِ ٱل ـ ّ
أوجبت على المؤمنين محبتهم بعد توبتهم لنهييم قييد
أصبحوا إخوانا ً لنا.
ثيم عيودة للتهدييد فيي حيال إصيرار المشيركين
وِإن ن ّك َُثوا ْ على القتال في اليييات ) (12و)َ :(14
عُنوا ْ ِ َ
م كــ ْ فى ِدين ِ ُ وطَ َ م َ ه ْ د ِ ه ِ
ع ْ د َ ع ِ من ب َ ْ هم ّ م ٰـن َ ُ أي ْ َ
َ َ
م هـ ْ ن لَ ُ م ٰـ ـ َ م ل أي ْ َ هـ ْ ر إ ِن ّ ُفـ ِ ة ٱل ْك ُ ْ مـ َ ق ٰـ ـت ُِلوا ْ أئ ِ ّ ف َ
َ
م ٱللــه ه ُ عــذّب ْ ُ م يُ َ ه ْ قـٰت ُِلو ُ ن وَ هو َ م َينت َ ُ ه ْ عل ّ ُلَ َ
م َ َ َ
م . ...ثييم هـ ْ علي ْ ِ صـْرك ُ ْ وي َن ْ ُ م َ هـ ْ ز ِ خ ِ وي ُ ْم َ ديك ُ ْ ب ِأي ْ ِ
ب وي َُتو ُ عودة للتوبة مباشرة في الية )َ ... :(15
شاء . ...إنهييا قميية فييي تييوازن من ي َ َ عل َ ٰى َ ٱلله َ
ووسطية السييلم بييين الرحميية والرفييق ميين جهيية،
وبين الواقعية والشدة من جهة أخرى.
فإن كان المر كذلك بالنسبة للكفار والمنافقين،
فما الحكم في المؤمنين الييذين قييد عصييوا ربهييم...
أيتوب تعالى عليهييم أم ل ...فييإن كييان تعييالى يقييول
سورة البقرة 210
فــي م ِوان ُك ُ ْ
خ َ فــِإن َتــاُبوْاَ ...
فــإ ِ ْ عيين الكفييار َ
ن ( (11فمييا بالييك بميين ارتكييب بعييض دي ِ
ٱلــ ّ
المعاصي من المؤمنين؟
إن سورة التوبة هي من أكثر السييور الييتي تزيييد
أمل المؤمن ورجاءه برحمة الله تعالى ...فييإن كييان
ث الكفييار رب العزة بلطفه وإحسييانه تعييالى قييد ح ي ّ
والمنافقين على التوبة وكّرر ذكر كلميية التوبيية )(17
مييرة فييي السييورة ،فكيييف ل يغفيير لميين تيياب ميين
المؤمنين العصاة!؟
توبة المؤمنين المتخاذلين عن نصرة الدين
نصييل إلييى الييية ) (24الييتي تخيياطب المييؤمنين
وتحثهم على نصرة دين الله تعالى ،فالية ل تتحييدث
عن الجهاد بمعنى الحرب فقط بييل أن تنصيير الييدين
ويكون أغلى من كل أمور حياتك الدنيوية.
ؤك ُ ْ
م ن ءاَبـــا ُ ل ِإن َ
كـــا َ قـــ ْيقيييول تعيييالىُ :
م ...ٱل ْ َ ج ُ ون ُك ُم َ وأ َب ْن َـــا ُ
مو َقـــ ْ كــ ْ وأْزوٰ ُ ْ َ خــ ٰ
وإ ِ ْ ؤك ُ ْ
م َ َ
ن.( (24 قي َس ِف ٰـ ِٱل ْ َ
لقد ذكرت الية ثمانية أمور وكلهييا مباحيية ،لكنهييا
حذرت من أن تكون سببا َ في البعد عن اللييه تعييالى
وترك الجهاد ،وهذا يعني أن يكييون أميير اللييه تعييالى
أولوية في حياتييك وفييوق كييل رغباتييك ،وإل فييانتظر
عقاب الله والعياذ بالله.
وتنتقييل السييورة للحييديث عيين نييوع جديييد ميين
211 سورة البقرة
فت ِن ّــى ول َ ت َ ْ ذن ل ّــي َ ل ٱئ ْ َ قو ُ من ي َ ُ م ّ ه ْ من ْ ُ و ِ َ
ة طــ ٌ حي َ م ِ م لَ ُ هن ّ َ ج َ ن َ وإ ِ ّ طوا ْ َ ق ُ س َ ة َ فت ْن َ ِ فى ٱل ْ ِ َأل ِ
ن.( (49 ري َ ف ِ ب ِ ٱل ْك َ ٰـ ِ
هــم مــا ُ و َ م َ منك ُـ ْ م لَ ِ هـ ْ ن ب ِٱلله إ ِن ّ ُ فو َ حل ِ ُ وي َ ْ َ
م.( (56... منك ُ ْ ّ
َ َ
خل ً مـدّ َ و ُ تأ ْ غ ٰــَرا ٍ م َ و َ جئا ً أ ْ مل ْ َن َ دو َ جـ ُ و يَ ِ ـ ْ لَ
مهــــــــــــــ ْ و ُ ه َ وا ْ إ ِل َي ْــــــــــــــ ِ ول ّــــــــــــــ ْ لّ َ
ن.( (57 حو َ م ُ ج َ يَ ْ
واليات ) (87 - 81شديدة اللهجة فييي التهديييد،
فمثل ً نرى الية ).(86
مُنــوا ْ ِبــ ٱلله َ إ َ ُ
ن ءا ِ ســوَرةٌ أ ْ ت ُ زَلــ ْ ذا أن ِ و ِ َ
ُ ْ
ل و ِ وُلوا ْ ٱلطّ ْ كأ ْ ست َأذَن َ َ هٱ ْ سول ِ ِ ع َر ُ م َ دوا ْ َ ه ُ جـٰ ِ و َ َ
ن . دي َ ع ِ ق ٰـ ِ ع ٱل ْ َ م َ ن ّ قاُلوا ْ ذَْرَنا ن َك ُ ْ و َ م َ ه ْ من ْ ُ ِ
فكلميية القاعييدين مييؤثرة للغاييية ،فميين يرضييى
لنفسييه أن يبقييى قاعييدا ً يشيياهد التلفيياز ول يكّلييف
نفسه عناء أي عمييل لنصييرة دينييه ،وقييد يكييون ميين
المصّلين ومن المثابرين علييى صييلة الجماعيية لكنييه
سلبي ل يحّرك سيياكنا ً لخدميية السييلم ،فهيذا النييوع
ضــوا ْ من الناس عليه أن يحذر من الييية )َ :(87ر ُ
م ه ْ قلوب ِ ِ
عل َ ٰى ُ ُ ع َ وطُب ِ َ ف َ خ ٰول ِ ِ ع ٱل ْ َ م َ كوُنوا ْ َ ب َِأن ي َ ُ
ن . هو َ ق ُ ف َ م ل َ يَ ْ ه ْ ف ُ َ
فكيف يستقيم لهم رأي أو عمل وهم علييى هييذه
الحال؟ وانظر إلى اليجابيين المتحركين.
ه عـ ُ م َ من ُــوا ْ َ ن ءا َ ذي َ و ٱّلــ ِ ل َ ســو ُ ن ٱلّر ُ لـ ـٰك ِ ِ
َ
سورة البقرة 214
.( م(102
حي ٌ
ّر ِ
فوٌر ن ٱلله َ
غ ُ م إِ ّ ه ْ ب َ َ
علي ْ ِ ي َُتو َ
ث الجميع على التوبة: - 3ثم ح ّ
َ َ
ة
وب َـ َ
ل ٱلت ّ ْ و يَ ْ
قب َـ ُ هـ َ
ن ٱللــه ُ موا ْ أ ّ عل َ ُ
م يَ ْ أل َ ْ
قـ ـٰت َ ص دَ َ وي َأ ْ ُ
وهـ َن ٱللــه ُ وأ ّ ِ َ خ ـذُ ٱل ّ ه َ عَباِد ِ ن ِ ع ْ
َ
م.( (104 حي ُ ب ٱلّر ِ وا ُ ٱلت ّ ّ
إن شروط التوبة ثلثة:
-ندم على الذنب
-إقلع عن الذنب
-عزم على عدم العودة
فبادر إليهييا أخييي المسييلم ،وإييياك وتأخيرهييا لن
تييأخير التوبيية وتأجيلهييا هييو بحييد نفسييه معصييية للييه
تعالى.
صفات المؤمنين المستحقين للشهادة
وفييي مقابييل الحييديث عيين المنييافقين تنتقييل
السورة للكلم على صفات المؤمنين الييذين عقييدوا
ن مــ َ شت ََر ٰى ِ ن ٱلله ٱ ْ عقد بيع مع الله تعالى :إ ِّ
َ فســهم َ َ
م هــ ُن لَ ُ م ِبــأ ّ ه ْمــ ٰول َ ُ وأ ْ ن أن ُ َ ُ ْ َ مِني َ ؤ ِ مــ ْ ٱُ لْ
ن قت ُل ُــو َ في َ ْ ل ٱللــه َ س ـِبي ِ فــى َ ن ِ قـٰت ُِلو َ ة يُ َ جن ّ َ ٱل ّ َ
ةوَرا ِ فــي ٱلّتــ ْ قــا ِ ح ّ ه َ عل َْيــ ِ دا َعــ ً و ْن َ قت َُلــو َ وي ُ َْ
ن و َ َ و ٱل ْ ُ
م َ ه ِ د ِه ِ ع ْ ف ٰى ب ِ َ ن أ ْ م ْ و َ ن َ قْرءا ِ ل َ جي ِ لن ِ وٱ ِ َ
ه
م ب ِـ ِ عت ُ ْ ذى ب َــاي َ ْ م ٱل ّـ ِ عك ُ ُ شُروا ْ ب ِب َي ْ ِ ست َب ْ ِ فٱ ْ ٱلله َ
م.( (111 ظي ُع ِ وُز ٱل ْ َ ف ْ و ٱل ْ َ ه َك ُ وذل ِ َ َٰ
إن السييياق القرآنييي يجعلنييا نتشييوق لمعرفيية
سورة البقرة 216
.( م(128
حي ٌ
ّر ِ ف
َرءو ٌ
وهذه الية خير ختام للسبع الطوال ،وهييي أيض يا ً
خير ختام لحياة النبي .فهي آخيير سييورة أنزلييت
كاملة على رسول اللييه .إنهييا سييورة الييوداع ،وخييير
وداع في ديننا هو التوبة على كل النيياس .فييإن أبييوا
التوبة فإن الية الخيرة تقول:
ى ٱلله ل إ ِل َ ٰـــ َ
ه إ ِل ّ سب ِ َ
ح ْ
ل َ ق ْ ف ُوا ْ َول ّ ْ
ِإن ت َ َ َ
ف
ظيـم ِع ِش ٱل ْ َ ب ٱل ْ َ
عـْر ِ و َر ّه َ
و ُت َ وك ّل ْ ُ ه تَ َ عل َي ْ ِ
و َه َ
ُ
.( (129
أخي الكريم .إسأل نفسييك :هييل سييتتوب أم ل؟
فإذا كان باب التوبة مفتوحا ً لكل فئات الناس ولكييل
فئات المجتمع مهما تفاوتت درجة قربهييم أو بعييدهم
عن الدين ،فكيف يكون حالك وأنييت مييؤمن ومحييب
لكتاب الله؟ لذلك فلنعمل للسلم ولنعييش للسييلم
ولنحذر التخاذل والقعود عن نصييرة الييدين ،ولنييتيقن
أن الله تبارك وتعالى يتوب على من يشاء..
من لطائف القرآن
وفييي النهاييية نشييير إلييى أن سييورتي التوبيية
والنفال جاءتا متتاليتين بالضافة إلى أنهما توافقييان
الترتيب الزمني لغزوتي بدر وتبوك .فسورة النفييال
تتحييدث عيين أول غييزوة غزاهييا النييبي بينمييا سييورة
قييب علييى آخيير غييزوة لرسييول اللييه .وقييد
التوبيية تع ّ
جاءت السورتان متتاليتين حييتى نلحييظ الفييرق فييي
219 سورة البقرة
.
أي هل تتعجبييون ميين كييون الرسييالة قييد أنزلييت
على محمد ...فالله تعالى ينزل رسالته على من
يشاء وهناك حكمة وتييدبير لختيييار اللييه للرسييول
الذي يحمييل الرسييالة ،ولييذلك جيياء فييي آييية أخييرى
ه ) النعييام،ســال َت َ ُ
ر َ ع ُ
ل ِ ج َ
ث يَ ْ
حي ْ ُ
م َ ٱلله أ َ ْ
عل َ ُ
.(124
يدّبر المر
وبعد ذلك تنتقل اليات للحديث عن ملك الله
للكون وتدبيره في ملكه حتى تشعر بصفاته وتييوقن
م ٱللــه ن َرب ّك ُـ ُ بهييا وتييدفع الظنييون والوهييام .إ ِ ّ
ة سـت ّ ِفــى ِ ض ِ و ٱل ْْر َ ت َ م ٰـــوٰ ِ س َق ٱل ّ خل َـ َ ذي َ ٱل ّ ِ
َ
م ـَرش ي ُـدَب ُّر ٱل ْ ْ ع ـْر ِ عَلى ٱل ْ َ وىٰ َ ست َ َمٱ ْ أّيام ٍ ث ُ ّ
م ٱللــه ذل ِك ُـ ُه ٰ د إ ِذْن ِـ ِ عـ ِ ع إ ِل ّ ِ
مــن ب َ ْ في ٍ شـ ِ من َ ما ِ َ
َ
ن . فل َ ت َذَك ُّرو َ دوهُ أ َ عب ُ ُفٱ ْ م َ َرب ّك ُ ْ
م ـَر يتكييرر كييثيرا ً وقييوله تعييالى :ي ُدَب ُّر ٱل ْ ْ
خلل هييذه السييورة ،حييتى نعلييم أنييه حكيييم ومييدبر،
فكيف نظن العبث يصدر عن حكمته سبحانه؟ كيييف
نظن الظلم في أفعيياله وأنييه جعييل النسييان مجييبرا ً
على المعصية لنه كتبه من أهل النار؟
الحق عنوانها
عك ُـ ْ
م ج ُ
مْر ِ ثييم تييأتي الييية الييتي بعييدها إ ِل َي ْـ ِ
ه َ
سورة البقرة 224
ل .كي ٌ
و ِ
ىء َش َْ
وتمضييي أول 24آييية ميين هييذه السييورة لتكييون
رسالة واضيحة لليدعاة :التكيذيب شييديد ،وليه تييأثير
عليكم ،فاثبتوا علييى دعييوتكم ،وابييذلوا جهييدكم ،ثييم
دعوا المر لله وتوكلوا عليه!!
نماذج للستقامة
وبعييد هييذه اليييات تسييير السييورة كلهييا بنفييس
الطريقة :ذكيير قصييص مختلفيية لنبييياء اللييه تعييالى،
)نوح وهود وصالح وشعيب وموسى عليهم السلم(،
والتركيز في كل قصيية علييى تطييبيق النييبي للواميير
م - عييدم التهييور ق ْ
ست َ ِ الثلثيية )السييتمرار َ
فٱ ْ
وا ْ - عدم الركون ل َ ت َْرك َُنوا ْ .( ل َ ت َطْ َ
غ ْ
نوح عليه السلم 950 :سنة
وأول قصة تأتي لتخدم معنى الستقامة والثبييات
هييي قصيية نييوح عليييه السييلم .وتجييدر الشييارة أن
سورة هود تحتوي على أطول قصة لسيدنا نوح فييي
القرآن )حتى أنها أطييول ميين سييورة نييوح نفسييها(،
فلماذا؟ لن سيييدنا نييوح بقييي 950سيينة فييي دعييوة
قييومه دون أن يسييتجيبوا ليييه ،فيكييون بييذلك مثييال ً
وقدوة في الستقامة وعدم اليأس.
َ َ َ
م ه إ ِن ّــى ل َك ُـ ْ
م ِ
و ِ حا إ ِل َ ٰى َ
قـ ْ سل َْنا ُنو ً قدْ أْر َ ول َ
َ
دوا ْ إ ِل ّ ٱلله إ ِن ّــى أ َ َ
ف خــا ُ عب ُ ُن أن ل ّ ت َ ْ مِبي ٌ
ذيٌر ّ نَ ِ
وم ٍ أ َِلي ـم ٍ ( (25 - 26فالكلمييات ب ي َـ ْ ذا َع َ
م َعل َي ْك ُ َْ
سورة البقرة 244
َ
صب ِْر ذا َ
فٱ ْ هـٰ َ
ل َ من َ
قب ْ ِ ك ِم َو ُ
ق ْ ول َ َ ت َ ها أن َ م َعل َ ُ
تَ ْ
ن.( (49قي َ ة ل ِل ْ ُ
مت ّ ِ قب َ َ ن ٱل ْ َ
ع ٰـ ِ إِ ّ
فالرسالة التي تحملها القصية هيي قيوله تعيالى:
صب ِْر ، ...صبرا ً إيجابيا ً فيه عمل وإنتيياج دون َ
فٱ ْ
تهور أو ركون.
أنبياء الله تعالى والتوازن
وكييل قصييص النبييياء المييذكورة فييي السييورة
)شعيب وصالح ولوط وهييود( تخييدم نفييس المعنييى،
كل تطبيقا ً عملييا ً لليية المحوريية فيي السييورة وتش ّ
)الية ،(112بمحاورها الثلثة:
ُ
ت.( (112... مْر َ م كَ َ
ما أ ِ ق ْ ست َ ِ
فٱ ْ َ .1
وا ْ.( (112 ول َ ت َطْ َ
غ ْ َ 2
موْا.( (113...
ن ظَل َ ُ
ذي َول َ ت َْرك َُنوا ْ إ َِلى ٱل ّ َِ 3
فييإذا أخييذنا مثل ً قصيية شييعيب -مييع العلييم أنييك
تستطيع أن تطبق هذه القواعد على كيل القصيص -
فإننا سنرى فيها ما يلي:
ن الستقامة علييى الثبييات والصييلح بتييوازن إ ِ ْ
ُ
ت.( (88 ع ُ ست َطَ ْما ٱ ْ ح َ صَلـٰ َ ريدُ إ ِل ّ ٱل ِ ْ أ ِ
وحييدة المنهييج الييذي دعييا إليهييا كييل أنبييياء اللييه
فُروا ْ غ ِست َ ْ وٱ ْ)وحتى استعمال نفس الكلمات(َ ،
ه.( (90 م ُتوُبوا ْ إ ِل َي ْ ِم ثُ ّ َرب ّك ُ ْ
مــا ب َ عي ْ ُ شـ َقاُلوا ْ ٰي ُ شدة الوضييع والتكييذيب َ
فيَنــاك ِ وإ ِّنــا ل ََنــَرا َل َ مــا ت َ ُ
قــو ُ م ّ ه ك َِثيــًرا ّ قــ ُف َ نَ ْ
249 سورة البقرة
كله(:
د
مـ ٍ ع َ ر َ غْيـ ِ ت بِ َ م ٰــ ٰو ِ س َع ٱل ّ ف َ ذى َر َ ٱلله ٱل ّ ِ
خَر سـ ّ و َ ش َ عـْر ِ عل َــى ٱل ْ َ وىٰ َ سـت َ َ مٱ ْ هــا ث ُـ ّ ون َ َ ت ََر ْ
مـــى س ّ م َ ل ّ ج ٍ رى ل َ َ ج ِ ل يَ ْ مَر ك ُ ّ ق َ و ٱل ْ َ س َ م َ ش ْ ٱل ّ
َ
م قاء َرب ّك ُ ْ م ب ِل ِ َ عل ّك ُ ْ ت لَ َ ل ٱلي َ ٰـ ِ ص ُ ف ّ مَر ي ُ َ ي ُدَب ُّر ٱل ْ
ن.( (2 قُنو َ ُتو ِ
هــا عــ َ َ و ٱّلــ ِ
في َ ل ِ ج َو َ ض َ مــدّ ٱل ْر َ ذى َ هــ َ و َُ
رواس ـى َ
لعـ َ ج َ ت َ م ـ ٰر ِ ٱث ّ َل ل مــن ك ُـ ّ و ِ ه ٰـــرا ً َ وأن ْ َ َ َ ِ َ َ
هــاَر ل ٱلن ّ َ شى ٱل ّي ْ ـ َ غ ِ ن يُ ْ ن ٱث ْن َي ْ ِ جي ْ ِ و َ ها َز ْ في َ ِ
.((3
فلله تعالى كتابان في الكييون ،كلهمييا يييدل عليييه
وكلهما يقوي الخر ويدل عليه:
فالكتيياب المقييروء )القييرآن( يطييالب المسييلم
بالنظر في الكتاب المنظور )الكون( ،من خلل آيات
كثيرة كهذه اليات.
وبالمقابل ،فيإن الكتياب المنظيور يزييدك إيمانيا ً
بالقرآن.
الكتاب المنظور والحق
فمن هو المدّبر؟ ومن هو القادر؟ من الذي يملييك
الكون؟ أتتبعونه أم تتبعون الباطل؟
ولييذلك تتييابع السييورة حييديثها عيين كتيياب اللييه
المنظور )الكون( وكييف ييدل عليى عظميية الخيالق
جل وعل:
سورة البقرة 266
جاُبوا ْ
ســت َ َ
نٱ ْ تحييدثت عنهييم الييية :14ل ِّلــ ِ
ذي َ
سن َ ٰى. ... م ٱل ْ ُ
ح ْ ه ُ
ل َِرب ّ ِ
لماذا "الرعد"؟
ويبقى سبب تسمية السورة ،فلميياذا اختييار ربنييا
الرعد ليسمي السورة باسمه؟
لن الرعييد نمييوذج للتنيياقض ،فهييو ميين ناحييية
علمية ،يحمل في طييياته شييحنات متناقضيية ،سييالبة
وموجبيية .وميين ناحييية إيمانييية ،فهييو يظهيير الرعييب
والخوف ،لكنه يحمل الخير والمطيير للنيياس .صييوته
رهيب من الخييارج ،لكيين بيياطنه يسييبح اللييه ،اسييمع
قوله تعالى
نمـ ْة ِ مل ْ ٰــئ ِك َ ُ
و ٱل ْ َ ه َد ِ
مـ ِح ْ
عـدُ ب ِ َ
ح ٱلّر ْ سب ّ ُي ُ َو
َ
مــن هــا َ ب بِ َ صــي ُ في ُ ِق َع َص ـ ٰو ِ ل ٱل ّ س ُوي ُْر ِ ه َفت ِ ِ خي َِ
ديدُ
شـ ِ و َ هـ َو ُفــى ٱللــه َ ن ِ دُلو َجـ ـٰ ِ
م يُ َ ه ْو ُشاء َ يَ َ
ل.( (13 حا ِ م َ ٱل ْ ِ
وكييأن آيييات اللييه الكونييية فييي السييورة )وعلييى
رأسها الرعد( توجه لنييا نفييس الرسييالة ،وهييي أن ل
ننخدع بظاهر الشياء ،بل ننظر إلى باطنها.
عظمة القرآن
وبعد أن عددت اليييات أثيير كتيياب اللييه المنظييور
)الكون( في إيضاح الحق والباطل ،يأتي مثال أروع:
كتاب الله المقروء.
سورة البقرة 272
سيدنا موسى.
زيدَن ّك ُ ْ
م( )ل َِئن َ
شك َْرت ُ ْ
مل ِ
ثم تأتي قاعدة عامة ووعد رباني لكل من يشكر
م ل َِئن َ َ
مشـــك َْرت ُ ْ ن َرب ّك ُـــ ْوإ ِذْ ت َـــأذّ َنعيييم الليييه َ
د دي ٌشـ ِ ذاِبى ل َ َ عـ َن َ م إِ ّ ول َِئن ك َ َ
فْرت ُ ـ ْ م َ زيدَن ّك ُ ْل ِ
.((7
ومع أن الييية تنطبييق علييى كييل نعييم اللييه ،لكيين
ورودها فيي وسيط اليييات اليتي تتحيدث عين نعميية
اليمان ،يشير إلى أهمية شكر نعمة اليمييان بشييكل
خاص ،حتى يزيدنا اللييه ميين هييذه النعميية ،وإل فييإن
ســى ِإن مو َ ل ُقــا َو َ اللييه غنييي عيين العييالمينَ :
َ
ن
ف ـإ ِ ّعــا َ مي ً
ج ِض َ فــى ٱل ْْر ِ مــن ِ و َ م َ فُروا ْ أنت ُ ْ ت َك ْ ُ
د.( (8 مي ٌ ح ِى َ غن ِ ّ ٱلله ل َ َ
رسالة النبياء
وتبدأ اليات بعد ذلك فييي الكلم علييى المواجهيية
بين أهل اليمان وأهل الكفر ،ولن موضوع السييورة
هو نعمة اليمان ونقمة الكفر ،فإنها ل تتكلم عن كل
نبي لوحده ،وهذا يخالف منهج السور السابقة الييتي
كييانت تتحييدث عيين كييل نييبي مييع قييومه ،أمييا هييذه
فييار ،كمييا ور كل النبياء مع كييل الك ّ السورة فإنها تص ّ
م، ه ْ ســل ُ ُ م ُر ُهــ ْ ت لَ ُ قــال َ ْ فييي قييوله تعييالىَ :
تقــال َ ْ مَ . ه ْسـل ِ ِ فـُروا ْ ل ُِر ُ ن كَ َ ذي َل ٱل ّ ِ
قا َ و ََ
َ
ت م ٰــ ٰو ِ س َر ٱل ّ فــاطِ ِ ك َ شـ ّ فــى ٱللــه َ مأ ِ ه ْسل ُ ُُر ُ
م مــن ذُن ُــوب ِك ُ ْ م ّ فَر ل َك ُ ْغ ِم ل ِي َ ْ عوك ُ ْ و ٱل ْْر ِ
ض ي َدْ ُ َ
سورة البقرة 276
.((10
كرت يوما ً في أهمية هذه النعمة؟ ان اللييه هل تف ّ
تعييالى بعزتييه وجييبروته يناديييك ويييدعوك ليغفيير لييك
ذنوبك وهو الغني عنك؟
واسمع إلى تأكيد الرسل مرة ثانييية علييى أن مييا
هييييييييييييم فيييييييييييييه ميييييييييييين إيمييييييييييييان
ول َ ٰـ ـك ِ ّ
ن ومعرفة بالله تعالى هو أعظم النعييم
َ ...
ه.( (11... عَباِد ِ
ن ِ
م ْ
شاء ِ عل َ ٰى َ
من ي َ َ ن َم ّٱلله ي َ ُ
نعم ...ونقم
وتتوالى أنواع النعم والنقم في السورة:
م ٱل ْْر َ
ض سك ِن َّنــك ُ ُول َن ُ ْ
فيييأتي قييوله تعييالىَ :
فخــا َ
و َ
مى َ م َ
قــا ِ ف َخــا َ ن َ
مـ ْ م ٰذل ِـ َ
ك لِ َ ه ْ
د ِ
ع ِمن ب َ ْ ِ
د.( (14 عي ِ و ِ
َ
وتأتي مقابلها آيات شديدة في التحذير من نقمة
الله:
د
دي ٍ ص ِ ماء َ من ّ ق ٰى ِ س َ وي ُ ْ م َ هن ّ ُ ج َ ه َ وَرائ ِ ِ من َ ّ
ْ
مــن ت ِ و ُ مـ ْ ه ٱل ْ َ وي َـأِتي ِ ه َ غ ُسي ُ كادُ ي ُ ِ ول َ ي َ َ ه َ ع ُ
جّر ُ ي َت َ َ
بذا ٌ عـ َ
ه َ وَرائ ِ ِ مــن َ و ِ ت َ مي ّـ ٍ و بِ َ هـ َ ما ُ و َ ن َ كا ٍم َل َ كُ ّ
م
ه ْ مـال ُ ُ ع َم أَ ْ هـ ْ ْ
فـُروا ب َِرب ّ ِ ن كَ َ ذي َ ل ٱل ّـ ِ مث َ ُ
ظّ غِلي ٌ َ
ف... صـ ٍ عا ِ وم ٍ َ في ي َ ْ ح ِ ه ٱلّري ُ ت بِ ِ شت َدّ ْ ماٍد ٱ ْ ك ََر َ
.( (16-18
آيات كثيرة تتواصل ،إلى أن تصل بنا إلى خطبيية
إبليس في جهنم ،والتي هي بمثابة قمة نقمة الكفيير
277 سورة البقرة
على أصحابه.
خطبة إبليس
ن ى ٱل ْ ْ
م ـُر إ ِ ّ ضـ َ ق ِمــا ُن لَ ّ طـٰ ُ شي ْ َ ل ٱل ّ قا َ و ََ
ق
حـــــــ ّ عـــــــدَ ٱل ْ َ و ْم َ عـــــــدَك ُ ْ و َ ٱللـــــــه َ
َ
مــن م ّعل َي ْك ُ ْى َ ن لِ َكا َما َ و َ م َ خل َ ْ
فت ُك ُ ْ فأ ْ م َ عدت ّك ُ ْ و َو َ
َ
َ ُ ْ َ
م ل ِــى جب ْت ُ ْ
ســت َ َ
فٱ ْ م َ وت ُك ُ ْعـ ْ ن إ ِل ّ أن دَ َ سلطـ ـٰ ٍ
.((22
تخّيييل حسييرة ميين سيسييمع هييذا الكلم! كيييف
تستجيب له وهو سيتبرأ منك بهذه الكلمات...
مــا أ َن َـا ْ م ّس ـك ُ ْف َ مــوا ْ َأن ُوُلو ُ مــوِنى َ فل َ ت َُلو ُ َ
ى إ ِن ّــى ك َ َ َ
ت ف ـْر ُ خ ّر ِ صـ ِ م ْم بِ ُ ما أنت ُـ ْ و َ م َ خك ُ ْ ر ِص ِ م ْ بِ ُ
َ
م هــ ْ ن لَ ُ مي َن ٱلظّ ٰـل ِ ِ ل إِ ّقب ْ ُمن َ ن ِ
مو ِ شَرك ْت ُ ُ ما أ ْ بِ َ
َ
م ...( (22فهل هنالــك نقمــة أشـ ّ
د ب أِلي ٌ ذا ٌ ع ََ
من ذلك؟!..
الكلمة الطيبة..
وتصييل اليييات إلييى آييية محورييية تشييير إلييى أن
أعظم نعمة هي نعمة اليمان ،يضرب اللييه لنييا فيهييا
ة ولقييد ة طَي ّب َـ ٍ جر ٍش َ ة كَ َة طَي ّب َ ً مث َل ً ك َل ِ َ
م ً مث ً
لَ :
ضرب الله هييذا المثييال لن النيياس يظنييون أن نعييم
الله إنما هي مادية ،فيعلمنييا اللييه تعييالى بييأن كلميية
واحييدة ،نعميية واحييدة ،هييي أعظييم ميين كييل النعييم
َ
فم ت َـَر ك َي ْـ َ المادي ّيية الييتي يراهييا النسييان ...أل َـ ْ
ة طَي ّب َـ ٍ
ة جر ٍ شـ َ ة كَ َة طَي ّب َـ ً مـ ً مث َل ً ك َل ِ َ ب ٱلله َ ضَر َ
َ
سورة البقرة 278
َ
ؤِتى ماء ت ُـ ْسـ َفــى ٱل ّ هــا ِ ع َفْر ُ و َت َها ث َــاب ِ ٌصـل ُ َ أ ْ
ُ
ب ٱللــه ر ُ
ضـ ِوي َ ْ
هــا َن َرب ّ َ ن ب ِـإ ِذْ ِ حي ـ ٍل ِ هــا ك ُـ ّ أك ُل َ َ
ن( (24 – 25 م ي َت َـذَك ُّرو َهـ ْ عل ّ ُ
س لَ َ ل ِللّنا ِ مَثا َ ٱل ْ
ن الشجر يثمر ثمارا ً طيبة ،فكييذلك شييجرة ل فكما أ ّ
إله إل ّ الله ،الراسخة الجذور ،العالييية الفييروع ،تثميير
أشخاصا ً مؤمنين )كأهييل القييرآن والييدعاة إلييى اللييه
واليجييابيين وغيرهييم ميين أهييل الخييير المييؤمنين.(..
وتؤتي أكلها كل حييين بييإذن ربهييا ،حسيينات وأعمييال ً
صالحة ،تبقى لصاحبها صدقة جارية بعد موته.
شة ،خبيثيية ،ل جييذع وبالمقابل فإن كلمة الكفر ه ّ
ة
جَر ٍ
شـ َة كَ َ خِبيث َـ ٍ
ة َ ل ك َل ِ َ
مـ ٍ مث ـ ُ
و َ
لهييا ول أصييلَ :
مــن مــا ل َ َ
هــا ِ ض َ ق ٱل ْْر ِ و ِ من َ
ف ْ جت ُث ّ ْ
ت ِ خِبيث َ ٍ
ةٱ ْ َ
ر.( (26 قَرا ٍ َ
دل نعمة الله
ل تب ّ
وتمضي آيات السورة لتصب في نفس المحييور:
نعمة اليمان ونقمة الكفر .فتأتي آية واضحة:
َ
ت ٱللــه مـ َ ع َن ب َـدُّلوا ْ ن ِ ْ م ت ََر إ ِل َــى ٱل ّـ ِ
ذي َ أل َ ْ
داَر حّلـــــــــوا ْ َ فـــــــــرا َ كُ ْ
م َ ه ْم ُ و َ
قـــــــــ ْ وأ ًَ َ
ر.( (28 وا ِ ٱل ْب َ َ
هاون َ َصــل َ ْ م يَ ْ هّنــ َ فميياذا يكييون جزاؤهييم؟ َ
ج َ
قَراُر.( (29 س ٱل ْ َ وب ِئ ْ َ َ
فإياك أخي المسلم أن تفييرط فييي نعميية اليمييان
التي أعطاك الله إياها ،وتجحييد بهييا ...إييياك أن تكييون
279 سورة البقرة
ضـّلوا ْ َ َ
عــن دا ل ّي ُ ِ عل ُــوا ْ للــه أن ـ َ
دا ً ج َ ميين الييذين َ
و َ
ه.( (30...
سِبيل ِ ِ
َ
فكيف نشكر نعمة الله علينا باليمان؟
مــوا ْ مُنــوا ْ ي ُ ِ
قي ُ ن ءا َ ى ٱّلــ ِ
ذي َ عَبــاِد َ قــل ل ّ ِ ُ
ســـّرام ِ ه ْقَنـــا ُ مـــا َرَز ْ قـــوا ْ ِ
م ّ ف ُوي ُن ْ ِصـــل َةَ َ ٱل ّ
ة.( (31... علن ِي َ ًو َ
َ
ها(
صو َ ة ٱلله ل َ ت ُ ْ
ح ُ م َ دوا ْ ن ِ ْ
ع َ ع ّ
وِإن ت َ ُ
) َ
وتعدد السورة نماذج أخرى من نعم الله:
و ٱل ْْر َ
ض ت َ م ٰـــوٰ ِ
س َ خل َـ َ
ق ٱل ّ ذى َ ٱلله ٱل ّـ ِ
م خَر ل َ ُ
كــ ُ ســ ّ
و َماء ...و َ ماء َ س َ
ن ٱل ّ م َ
ل ِ وَأنَز ََ
ك.( (32 فل ْ َ
ٱل ْ ُ
م خر ل َك ُـــ ُ ســـ ّ و َه ٰــــَر َ م ٱ لن ْ َ خَر ل َك ُـــ ُســـ ّ وَ َ
لم ٱل ّْيــ َ خَر ل َك ُ ُس ّ
و َن َ دائ َِبي َ
مَر َق َ و ٱل ْ َ س َم َ ش ْ ٱل ّ
هاَر.( (33... و ٱل ن ّ َ َ
خرة تحت أيدينا ،لميياذا؟ حييتى كل هذه النعم مس ّ
نعرف الله تعالى ونستشعر فضله ونسلك منهجه.
دوا ْ عـ ّ وِإن ت َ ُ واللطيييف أن الييية ) (34تقييولَ :
ها .فلييم تقييل الييية وإن صــو َ ح ُة ٱللــه ل َ ت ُ ْ م َ ع َ
نِ ْ
دد خصييائص تعدوا نعم الله ،بل أننا لو حاولنييا أن نع ي ّ
نعمة واحدة فقط )كنعمة الشييمس مث ً
ل( لمييا قييدرنا
على إحصائها ،فما بالك بأعظم نعمة؟ نعمة اليمييان
بالله ومعرفة منهجه؟...
نموذج إبراهيم
سورة البقرة 280
ل رب َ َ
وم ِ ف ـأنظِْرِنى إ ِل َـ ٰى ي َـ ْ ـا َ َ ّ قـذكيير تعييالىَ :
وم ِ نإ ِ ل َ ٰى ي َ ْ
ري َ منظَ ِ ن ٱل ْ ُ م َ ك ِ فإ ِن ّ َ
ل َ قا َ نَ عُثو َ ي ُب ْ َ
مه ْ وي َن ّ ُ ك لَ ْ
غـ ِ عّزِتـ َ فب ِ ِل َ قــا َ عل ُــوم ِ َ م ْت ٱل ْ َق ِو ْٱل ْ َ
َ
ن (36- خل َ ِ
صــي َ م ْ م ٱل ْ ُ هـ ُمن ْ ُك ِ عَبادَ َ ن إ ِل ّ ِ
عي َ م ِج َ أ ْ
...(40
لحظ الطريقة الساسييية الييتي سيييتبعها إبليييس
في الغواء :تزيييين الباطييل فييي الرض عيين طريييق
إبهار الناس .فالبهييار يغي ّيير الحييق ويقلييب المفيياهيم
وش على الكثير من ضعاف القلوب .لكن عبيياد ويش ّ
الله المخلصين محفوظييون بييإذن اللييه ،فيييأتي الييرد
على عدو الله:
نم إِ ّ
قي ٌ ســت َ ِ
م ْى ُعَلــ ّ
ط َصــ ٰر ٌ ذا ِ هــ َل َ قــا َ َ
ن ن إ ِل ّ َ
مــ ِ سل ْطَ ٰـــ ٌم ُهــ ْ ك َ َ
علي ْ ِ س َلــ َ عَبــاِدى ل َْيــ َ ِ
ن.( (41 - 42 وي َ غا ِن ٱل ْ َ م َك ِ ع َ ٱت ّب َ َ
إن هييذه السييورة هييي سييورة الحفييظ ،فييأنت
محفوظ أيها النسان ،والقرآن محفوظ كما حفظييت
السيييماوات مييين قبيييل ،والرزاق محفوظييية فليييم
الخوف..؟ إن هذه السورة قد أنزلت في ذروة إيذاء
المشييركين للمسييلمين فييي مكيية ،لتطمئن النييبي
وأصحابه أنهم محفوظون ،والن تطمئن كل الييدعاة
إلى الله أنهم أيض يا ً محفوظييون ...أنتييم محفوظييون
عب َــاِدى ل َي ْـ َ
س ن ِطالما كنتم على صلة بربكييم إ ِ ّ
ن ...اللييه تعييالى هييو الييذي سل ْطَ ٰــ ٌ م ُ هـ ْعلي ْ ِ
ك َ َ لَ َ
يقول هذا ...وانظر إلى لطف الية وهو يييدافع عنييك
287 سورة البقرة
.( ن(73
قي َ
ر ِ م ْ
ش ِ ُ ة
ح ُ
صي ْ َ
ٱل ّ
توجيهات للدعاة في كل زمان
بعييد أن استشييعر قييارئ السييورة مييدى الحفييظ
الرباني وأهميته وعدم نفع كل ما سواه ،تأتي نصائح
مهمة للدعاة إلى الله للتعقيب على قصص السورة
ولتحقيق هدفها:
مث َـــاِني ن ٱل ْ َمـــ َعا ّ
ســـب ْ ً
ك َ قـــدْ ءات َي َْنــــٰ َ ول َ َ َ .1
م ( (87في مقابل كل مييا ظي َ ع ِ ن ٱل ْ َ قْرءا َ و ٱل ْ ُ َ
أوتي الخرون من قوة ومظاهر مادية ،آتيياك اللييه
سورة الفاتحة والقرآن العظيم )هل تذكر سييورة
سك بما الفاتحة وعظمتها ومعانيها الرائعة؟( ،فتم ّ
آتاك الله واعتز به ول تمد ّ عينيك إلييى مييا سييواه،
لذلك تأتي الية التالية:
ك إل َ ٰى ما مت ّعن َــا ب ـ َ
جــا
وا ًه أْز َ ِ ِ َ َ ْ عي ْن َي ْ َ ِ ن َ مدّ ّ تَ ُ .2ل َ
حـ َ
ك جَنا َض َ فـ ْ خ ِ
وٱ ْم َ هـ ْ ن َ َ ول َ ت َ ْ
علي ْ ِ حَز ْ م َ ه ْ من ْ ُ ّ
ن.( (88 مِني َؤ ِ م ْ ل ِل ْ ُ
فل تنبهر أخي المسلم بمتاع الدنيا الذي تراه عند
الحضييارات الخييرى ،واعييتّز بإسييلمك وتواضييع
ور
لخوانييك .ل تغّرنييك تكنولوجييية الغييرب ول تطي ّ
عمرانه ،فإن القاعدة الربانية الييتي طّبقييت علييى
أصحاب الحجر تنطبق عليهييم أيض يًا ،وهييي أنييه ل
حافظ إل الله.
ن
عـــ ِ
ض َر ْ وأ َ ْ
عـــ ِ مُر َ مـــا ُتـــ ْ
ؤ َ ع بِ َ
صـــدَ ْ َ .3
فٱ ْ
سورة البقرة 290
فـأ ََتى ٱللــه م َ هـ ْ قب ْل ِ ِن َ م ْن ِ ذي َ مك ََر ٱل ّ ِ قدْ َ َ
فق ُسـ ْ
م ٱل ّ هـ ُ خّر َ َ د َ ن ٱل ْ َ
علي ْ ِ ف َ ع ِوا ِ ق َ م َ م ّ ه ْ ب ُن َْيـٰن َ ُ
َ
ث لَ حي ْـ ُ
ن َ
مـ ْب ِ ذا ُ عـ َ م ٱل ْ َ ه ُوأَتــٰ ُ م َ
ه ْق ِ
و ِ فـ ْمــن َ ِ
ن.( (26 عُرو َ ش ُ يَ ْ
وبالمقابل ،تأتي اليات التي بعدها مباشرة )- 30
قي َ
ل و ِشر ميين أحسيين اسييتخدام النعييمَ ، (32لتب ّ
را ... قاُلوا ْ َ
خي ْ ً م َل َرب ّك ُ ْذا َأنَز َ ما َوا ْ َ ق ْن ٱت ّ َ ذي َ ل ِل ّ ِ
در نعمة الوحي فانظر إلى هذا المدح الرباني لمن ق ّ
ذبوا بآيييات اللييه )الييية وعرفها في مقابييل الييذين ك ي ّ
.(24وتأتي الية ):(32
نة طَي ِّبيـــ َ مل َ ٰــــئ ِك َ ُم ٱل ْ َ ه ُف ٰــــ ُ و ّن ت َت َ َذي َ ِ ٱّلـــ
مــا
ة بِ َجن ّـ َ خل ُــوا ْ ٱل ْ َ م ٱد ْ ُ عل َي ْك ُـ ُ
م َ سَلــٰ ٌ ن َ قول ُــو َ يَ ُ
ن . مُلو َ ع َم تَ ْكنت ُ ْ ُ
مه ُ و ّ
ف ٰـ ُ ن ت َت َ َذي َ أيضا ً في مقابل الية ) (28ٱل ّ ِ
س ـل َ َ
م وا ْ ٱ ل ّ ق ُف ـأ َل ْ َ
م َ
ه ْ
سـ ِ مى َأن ُ
ف ِ ة َ
ظال ِ ِ مَلـٰئ ِك َ ُ
ٱل ْ َ
سوء. .. من ُ ل ِ م ُ
ع َما ك ُّنا ن َ ْ َ
نعمة الرسل والهداية
مة يتكرر ذكرها في السورة :إنهييا نعميية نعمة مه ّ
الرسل والهداية:
َ كــ ّ ُ
فــى ُ ول َ َ
ســول ً أ ِ
ن ة ّر ُ مــ ٍ
لأ ّ عث َْنــا ِ
قــدْ ب َ َ َ
ت( (36 غو َ جت َن ُِبــوا ْ ٱل ْطّ ٰـــ ُ
وٱ ْ دوا ْ ٱللــه َ عُبــ ُ
ٱ ْ
فإرسال الرسل إلى البشر بشرع اللييه ومنهجييه هييو
أعظم نعمة على الناس في كل العصور.
299 سورة البقرة
َ
حى جــال ً ن ّــو ِ ر َك إ ِل ّ ِ قب ْل ِـ َمــن َ سل َْنا ِ مآ أْر َ و ََ
ر ِإن ك ُن ُْتــم ل َ ل ٱلــذّك ْ ِ هــ َ ســأ َُلوا ْ أ َ ْ فٱ ْ م َ هــ ْ َ
إ ِلي ْ ِ
ك وَأنَزل َْنــا إ ِل َْيــ َ ر َ و ٱلّزُبــ ِ ت َ ن ب ِٱل ْب َي َّنـــٰ ِ مــو َ عل َ ُ
تَ ْ
م هـ ْعل ّ ُول َ َ
م َ هـ ْ ما ن ُـّز َ َ
ل إ ِلي ْ ِ س َ ن ِللّنا ِ ٱلذّك َْر ل ِت ُب َي ّ َ
ن.( (43-44 فك ُّرو َ ي َت َ َ
ن بهيا الليه علييك، هل كتبت بيين النعيم اليتي مي ّ
إرسييييييييييييييال النييييييييييييييبي إلينييييييييييييييا؟
وإنييزال القييرآن الييذي نقييرأه ونعيييش مييع آييياته
ومعيييييييييييييانيه؟ ...وهيييييييييييييل فكيييييييييييييرت
يوما ً في تطبيق أوامر القرآن وسيينة النييبي بنييية
شكر ربنا على هاتين النعمتين العظيمتين؟
وما بكم من نعمة فمن الله
وبعييد ذكيير النعييم المتتالييية ،تييأتي آييية محورييية
وفاصلة لتعقب عليها:
ن ٱلله ( (53 م َ
ف ِة َم ٍ
ع َ
من ن ّ ْ ما ب ِ ُ
كم ّ و َ
َ
لتلفت النظر إلى أن استشعار النعميية هييو بداييية
شييكر، دها ال ُ
التمهيييد لشييكر الخييالق ،فالِنعميية قييي ُ
شك َْرت ُ ْ
م والشييكر ضييمانة لسييتمرار النعييم ل َِئن َ
زيدَن ّك ُ ْ
م ) إبراهيم.(7 ، ل ِ
فلو أرجع النسان كل مييا فييي حييياته إلييى أصييله
فييإّنه سيييجد أن ّييه ل يملييك شيييئا ..ميين أول حاجييياته
الساسية )ميين لبيياس ومأكييل ومشييرب( إلييى آخيير
مستجدات التكنولوجيا الحديثة )من مركبات فضائية
سورة البقرة 300
الية:
ف س ـك ُ َ َ
جــا وا ً م أْز َ ْ ن أن ُ ِ مـ ْ م ّ ل ل َك ُـ ْ ع َ ج َ و ٱلله َ َ
ة
فــدَ ً ح َ ج ُ َ ل لَ ُ عــ َ
و َ ن َ كــم ب َِنيــ َ ن أْز ٰو ِ مــ ْ م ّ كــ ْ ج َ و َ َ
ت ( (72فالسييتقرار فييي ن ٱلطّي َّبا ِ م َ كم ّ ق ُ وَرَز َ َ
ن بهييا اللييه الحياة العائلية من أفضل النعم الييتي يم ي ّ
ذر ميين كفيير علينييا ،لييذلك تييأتي آييية موجعيية لتحيي ّ
ت ٱللــه مـ ِ ع َ وب ِن ِ ْ ن َ مُنـو َ ؤ ِ ل يُ ْ فب ِٱل َْبـٰطِ ِ النعمة أ َ َ
ن
دو َ عُبــــــــــ ُ وي َ ْ
نَ فــــــــــُرو َ م ي َك ْ ُ هــــــــــ ْ ُ
ن
مـ َ قــا ّ رْز ً م ِ هـ ْ ك لَ ُ مل ِـ ُ مــا ل َ ي َ ْ ن ٱللــه َ دو ِ مــن ُ ِ
َ
ن عو َ طي ُ س ـت َ ِ ول َ ي َ ْ شي ًْئا َ ض َ و ٱل ْر ِ ت َ م ٰـوٰ ِ س َٱل ّ
...((72 - 73
م كــ ْ ل لَ ُ عــ َ ج َ حتى البيوت التي نسكنها والله َ
سك ًَنا.( (80 م َ من ب ُُيوت ِك ُ ْ ّ
َ
ها ف َوا ِ صـ َ نأ ْ مـ ْ و ِ والثاث الذي نسييتعمله َ ...
مت َ ٰـعا ً إ ِل َـ ٰى ِ شعار َ َ ها َ َ
ن حيـ ٍ و َ ها أث َ ٰـثا ً َ وأ ْ َ ِ ر َ َ وَبا ِ وأ َْ
.((80
م كــ ْ ل لَ ُ عــ َ ج َ و َ والملبيييس اليييتي نلبسيييهاَ .. :
كــم قي ُ ل تَ ِ ســ ٰرِبي َ و َ حــّر َ م ٱل ْ َ كــ ُ قي ُ ل تَ ِ ســَراِبي َ َ
ْ
م.( (81 سك ُ ْ ب َأ َ
وأبسييط ميين ذلييك كلييه :الظييل الييذي نسييتريح
ق ظِل َ ٰـ ـل ً خل َ ـ َما َم ّ ل ل َك ُ ْ
م ّ ع َ
ج َ
ٱلله َ
و
تحتهَ ...
((81
ه
مت َـ ُ
ع َ
م نِ ْ
ك ي ُت ِـ ّلذلك تييأتي آييية محورييية ك َذَل ِ َ
سورة البقرة 304
.( ن(81
مو َ
سل ِ ُ
تُ ْ عل ّك ُ ْ
م م لَ َ
عل َي ْك ُ ْ
َ
خطورة سوء استخدام النعم
وكما ذكرنا تتييابع اليييات بنفييس السييياق :موجيية
من النعم ،ثم الحث على الشكر عليها ،ثييم التحييذير
من سوء استخدام النعم.
هــا ت ٱللــه ُثــ ّ
م ُينك ُِرون َ َ مــ َ
ع َن نِ ْ
فــو َ ر ُ
ع ِي َ ْ
ن ( (83أرأييييت كيييف أن فُرو َ م ٱل ْك َ ٰـــ ِ هــ ُ وأ َك ْث َُر ُ
َ
تجاهل نعمة الله قد يؤدي بصاحبه إلييى الكفيير بييالله
والعياذ بالله؟...
وتأتي آيات شديدة في التحذير من نقييض العهييد
كوُنوا ْ ول َ ت َ ُمع الله بعد أن أعطانا كل هذه النعم َ
ة َأنك َ ٰــًثا و ٍ قـ ّ د ُعـ ِ
من ب َ ْ ها ِ غْزل َ َ ت َ ض ْ ق َ ك َٱل ِّتى ن َ َ
.((92
َ
لز ّ
فت َـ ِم َ خل ً ب َي ْن َك ُـ ْ
م دَ َ م ٰـ ـن َك ُ ْ ذوا ْ أي ْ َ خـ ُل َ ت َت ّ ِو
َ
ها.( (94... عدَ ث ُُبوت ِ َ م بَ ْ قدَ ٌَ
ل .. قِلي ً منــا ً َ د ٱللــه ث َ َ هــ ِع ْشــت َُروا ْ ب ِ َ ول َ ت َ ْ َ
.((95
ق
عن ـدَ ٱللــه ب َــا ٍ
مــا ِ
و َ
ف ـدُ َ عندَك ُ ْ
م َين َ ما ِ
َ
.((96
ذر من كفران النعمة: ثم آيات أخرى تح ّ
ة
مَنــ ً ت ءا ِ ة َ
كــان َ ْ قْرَيــ ًمث َل ً َ
ب ٱللــه َ ضــَر َو َ َ
مطْمئ ِن ّ ً ْ
ن مك َــا ٍ
ل َمــن ك ُـ ّ دا ّ غـ ًهــا َر َق َرْز ُ
ها ِة ي َأِتي َ َ ّ
س ذا َ َ
فأ َ عم ِ ٱللــه َ َ فك َ َ
َ
هــا ٱللــه ل ِب َــا َ ق َ ت ب ِـأن ْ ُف ـَر ْ
305 سورة البقرة
.( ن(112
عو َ
صن َ ُ
يَ ْ كاُنوا ْما َ ف بِ َو ِ خ ْو ٱل ْ َ ع َ ٱل ْ ُ
جو ِ
وكان الولى بهؤلء أن يفعلييوا كمييا قييال تعييالى:
حَلـــل ً طَّيبــا ً م ٱللــه َ ق ُ
كــ ُ مــا َرَز َ م ّ فك ُُلــوا ْ ِ َ
ن دو َعُبــ ُ ت ٱلله ِإن ك ُن ْت ُ ْ
م إ ِّياهُ ت َ ْ م َع َشك ُُروا ْ ن ِ ْوٱ ْ َ
...( (114
إبراهيم عليه السلم :شاكرا ً لنعمه
صة شخص شيياكر لنعييم اللييه، وتختم السورة بق ّ
إنييه سييّيدنا إبراهيييم عليييه السييلم ،والملفييت أن
السورة وصفت سيدنا إبراهيييم بإحييدى أهييم صييفاته
ه مـ ِع ِ كرا ً ل َن ْ ُ الييتي تخييدم هييدف السييورةَ :
شا ِ
.((121
ه
جت َب َ ٰــ ُٱ ْ وبعييد أن أصييبح شيياكرا ً لنعييم اللييه
قيم ٍ.( (121
ست َ ِ
م ْط ّ داهُ إ ِل َ ٰى ِ
ص ٰر ٍ ه َ
و َ
َ
سبب تسمية السورة
ودناكم مع كل سورة ،يبقى سييؤال مهييم: وكما ع ّ
ميت هذه السورة بسييورة النحييل؟ إن هييذه لماذا س ّ
السورة لم تسم باسم النعم التي ملتها ولكن باسم
النحل ،فلماذا؟
ن َ ك إِ َ ٰ
حى َرب ّ َ يقول تعالى َ
لأ ِ حــ ِ لى ٱلن ّ ْ و َ ٰ وأ ْ َ
ر
ج ِ شـ َ ن ٱل ّ مـ َو ِ
ل ب ُُيوت ًــا َ جب َــا ِ ن ٱل ْ ِ مـ َذى ِ خـ ِ ٱت ّ ِ
ت م ـ ٰر ِ ل ٱلث ّ َمــن ك ُـ ّ م ك ُل ِــى ِ ن ث ُـ ّشو َ ر ُ ع ِما ي َ ْ م ّ و ِ َ
هــا ُ
مــن ب ُطون ِ َ ج ِ خُر ُ ُ
ك ذُلل ً ي َ ْ ل َرب ّ ِ سب ُ َكى ُ ُ
سل ِ فٱ ْ َ
خت َل ِ ٌ َ
س (68 فآء ِللّنا ِ ش َ
ه ِ في ِ
ه ِ وان ُ ُ ف أل ْ َ م ْب ّ شَرا ٌ َ
سورة البقرة 306
.(- 69
أول ً إن النحل وتنظيم مملكتييه وطريقيية إخراجييه
للنحل هييي نعييم عظيميية ميين نعييم اللييه وآييياته فييي
الكون.
ثانيًا ،إن اليات قد بدأت بقوله تعالى وأ َ
ح ٰى ْ
و َ َ
ل ،فهي تشير إلى اتبيياع النحييل ح ِ ك إِ َ ٰ
لى ٱلن ّ ْ َرب ّ َ
للوحي الرباني وطاعتها للييه واسييتعمالها لرشييادات
ذى... الييوحي لتنفيييذ مييا كلفييت بييه بدقيية ٱت ّ ِ
خـ ِ
كى. ... سل ُ ِ
فٱ ْك ُِلىَ ...
فكان النحل نموذجا ً لتوظيف النعمة طاعيية للييه،
فذ أوامره ،أخرج اللييه ميين بطييونه فلما أطاع الله ون ّ
عسييل ً شييافيا ً ومفيييدا ً للرض كّلهييا ...ولحييظ دقيية
ج ،ولم تقل الية التعبير القرآني في كلمة ي َ ْ
خُر ُ
ل( ،لنها لمييا اتبعييت الييوحي وطبقييت )فاخرجي عس ً
منهج ربنا خرج عسل مفيييد ونييافع ،وكييذلك الييوحي،
ينزل على المة ،فإن الييتزمت بييأوامر اللييه واتبعييت
الوحي ،فسيخرج عسل الهداية والنور للمجتمع.
ومن اللطيف في مملكة النحييل :اعتمادهييا علييى
الناث بشييكل أساسييي ،وحييتى النييداء القرآنييي لهييا
كى ..كان بصيغة المييؤنث ،لن سل ُ ِفٱ ْ ك ُِلىَ ..
الذكور ل عمل لهم إل تلقيح الملكة ،بينما يقع الدور
الساسي في العمييل والبنيياء وإخييراج العسييل علييى
الناث.
القرآن والعسل ...شفاء للرواح والبدان
307 سورة البقرة
..((112
فاليييذي يعصييي الليييه تعييالى مسييتخدما ً نعميييه
فسيعيش حياةً غير آمنة وسينقص رزقه ويعيش في
فقر وجوع وخوف ...ولذلك كان من أهييم منيين اللييه
تذا ٱل ْب َي ْ ِهـٰ َب َدوا ْ َر ّ فل ْي َ ْ
عب ُ ُ تعالى على قريشَ :
َ
ن
مــ ْ هــم ّ من َ ُ
وءا َع َجــو ٍمــن ُ هــم ّ
م ُ ذى أطْ َ
ع َ ٱّلــ ِ
ف ) ...قريش(4-3 ، و ٍ خ ْ
مشروع عملي
ما رأيكم أن نتبع قراءتنا لهذه السييورة بمشييروع
عملي ،يزيد ميين إحساسيينا بنعييم اللييه وتفاعلنييا مييع
سورة النحل؟
اقرأ سورة النحل ،ثم تتّبع النعم المييذكورة فيهييا
واكتبها كلها ،وترجم هذه النعم إلييى حياتييك الخاصيية
بأمثلة محددة )كالستر مثل ً أو العائلة أو الغذاء( .بعد
كر في كيفية توظيف كل هذه النعم فييي ذلك كله تف ّ
طاعة الله ،تكون قد حققت مراد الله منك في هذه
السورة ،والله المستعان.
السراء
.((2
مل َْنا
ح َ
ن َ
م ْ فكيف وصل الكتاب إليهم؟ ذُّري ّ َ
ة َ
كوًرا.( (3 ش ُ
دا َعب ْ ً
ن َ ه َ
كا َ ح إ ِن ّ ُ
ع ُنو ٍ
م َ
َ
وكييأن هييذه اليييات الثلث تصييوير مييادي لحركيية
انتقال الكتاب عبر المم.
فماذا فعلوا بالكتاب؟ ولماذا استبدلوا؟
ب فى ٱل ْك ِت َ ٰـــ ِ ل ِ س ٰرءي َ ضي َْنا إ ِل َ ٰى ب َِنى إ ِ ْ ق َ و َ َ
وا ً ُ ُ َ َ لت ُ ْ َ
علـ ّ ن ُ علـ ّ ولت َ ْ ن َ مّرت َي ْـ ِ ض َ فــى ٱل ْر ِ ن ِ سدُ ّ ف ِ
ور ك َِبيرا ً ...( (4وتمضييي اليييات ميين 7 - 4لتص ي ّ
تضييع المة السابقة لهذه المانة إلى أن نصييل إلييى
آية محورية ،الية ،9لتعلن مسييؤولية أميية السييلم،
عن الكتاب.
م و ُ ق َ ى أَ ْ ه َ دى ل ِل ِّتى ِ ه ِ ن يِ ْقْرءا َ ذا ٱل ْ ُ هـٰ َ ن َ إ ِ ّ
ن مُلــــو َ ع َن يَ ْ ذي َ ن ٱّلــــ ِ مِني َ ؤ ِمــــ ْ شــــُر ٱل ْ ُ وي ُب َ ّ َ
َ َ َ
ن ذي َ ن ٱّلــ ِ جًرا ك َِبي ـًرا وأ ّ مأ ْ ه ْ ن لَ ُ تأ ّ حا ِ ص ٰـل ِ َ ٱل ّ
َ ة أَ ْ ن ب ِٱل َ ِ
ما ذاًبا أِلي ً ع َم َ ه ْعت َدَْنا ل َ ُ خَر ِ مُنو َ ؤ ِل َ يُ ْ
.((9 – 10
فاستمسكوا بهذا الكتاب ،واستعصييموا بييه ،فييإنه
يهديكم أيها المسلمون للتي هي أقوم...
كتاب الخرة
وفي معرض الحديث عيين يييوم القياميية ،تتحيدث
اليات عن كتاب الخرة -كتاب العمال والحسيينات
والسيئات -لتبّين مصير الييذي ل يلييتزم بكتيياب اللييه
سورة البقرة 314
في الدنيا.
ه َ َ
هقـ ِ عن ُ ِفــى ُ طـ ـئ َِرهُ ِ من َ ٰـ ُ ن أل َْز ْ س ٰـ ٍ ل إ ِن ْ َ ك ُ ّو
َ
شورا ً من ْ ُه َ ق ٰـ ُ ة ك َِتاًبا ي َل ْ َ م ِ قي َ ٰـ َ م ٱل ْ ِ و َه يَ ْ ج لَ ُر ُ خ ِون ُ ْ
َ
عل َي ْ ـ َ ْ
ك م َ و َك ٱل َْيــ ْ سـ َف ِ ى ب ِن َ ْ فـ ٰ ك كَ َ قــَرأ ك َـت َـبَٰ َ ٱ ْ
سيًبا.( (13 – 14 ح ِ َ
فقضية الكتاب قضية أساسية في حياة المسلم،
فإن لم تقرأ أيها المسلم كتيياب اللييه وتفهييم معييانيه
وتطّبقهييا فييي حياتييك الييدنيا ،فميياذا سييتفعل بكتيياب
الخرة؟..
أوامر الكتاب
ومن أول الربع الثاني تتكلم السورة عن عظميية
هذا الكتاب ،لنه يأمر بما تقتضيه كل فطرة سليمة،
فييأي صيياحب عقييل سييليم وفطييرة سييليمة غييير
وشة ل يسعه حين يقرأ هذا الكتاب إل أن يس يّلم مش ّ
ويعترف بعظمته ...فمن هذه الوامر:
ض ٰ ى رب َ َ
هدوا ْ إ ِل ّ إ ِي ّ ٰـ ُ عب ُ ُ ك أل ّ ت َ ْ َ ّ َ و َ
ق -بّر الوالدين َ
ك ٱل ْك ِب ََر عندَ َ ن ِ غ ّ ما ي َب ْل ُ َ سـنا ً إ ِ ّ
ح َٰ ن إِ ْ وب ِٱلوٰل ِدَي ْ ِ
ْ َ
ُ َ َ
ول َ ف َ مــا أ ّ ه َ قــل ل ّ ُ فل َ ت َ ُ مــا َ ه َ و ك ِل َ ُ ما أ ْ ه َ حدُ ُ أ َ
ضفــ ْ خ ِوٱ ْ ما َ ري ً ول ً ك َ ِ ق ْ ما َ ه َ قل ل ّ ُ و ُ ما َ ه َ هْر ُ ت َن ْ َ
ب قــل ّر ّ و ُة َ مـ ِ ح َ ن ٱلّر ْ مـ َ ل ِ ح ٱلـذّ ّ جَنا َ ما َ ه َ لَ ُ
غيًرا...( (23 – 24 ص ِما َرب َّياِنى َ ما ك َ َ ه َم ُ ح ْ ٱْر َ
ذا ت َ وءا ِ -اسييتعمال المييال فييي أوجييه الخييير َ
ل سِبي ِ ن ٱل ّ و ٱب ْ َ ن َ كي َ س ِ م ْ و ٱل ْ ِ ه َ ق ُ ح ّ قْرَبىٰ َ ٱل ْ ُ
315 سورة البقرة
ن
خ ٰو َ كاُنوا ْ إ ِ ْ ن َ ري َ ن ٱل ْ ُ
مب َذّ ِ ذيًرا إ ِ ّ ول َ ت ُب َذّْر ت َب ْ ِ َ
فــوًرا ه كَ ُ ن ل َِرب ّـ ِ شي ْطَ ٰـ ُ ن ٱل ّ كا َ و َن َ طي ِ شي َ ٰـ ِ ٱل ّ
..( (26 - 27
ك ل ي َدَ َ ع ْ ج َ ول َ ت َ ْ -التوازن بين البخل والسراف َ
لها ك ُـــ ّ ســـطْ َ ول َ ت َب ْ ُ ك َ قـــ َعن ُ ِٰى ُ ة إ ِل َـــ
غُلول َـــ ً
م ْ
َ
سورا ً...( (29 ح ُ م ْما ّ مُلو ً عدَ َ ق ُفت َ ْ ط َ س ِ ٱل ْب َ ْ
نداء الفطرة
كلهييا أواميير ونييواهي تخيياطب العقييل السييليم
والفطرة الحية ،فمن يعييرض عيين هييذا الكلم؟ كيييف
نهجره وكيف ل نستمسك بييه؟ وفيييه مصييلحة البشيير
وخيرهم...
ة إِ ْ َ َ
نحـ ُق نّ ْمل ٰــ ٍ شـي َ َ خ ْ م َ ولدَك ُـ ْقت ُل ُــوا ْ أ ْ
ل َ ت َ ْ و
َ -
خطًْئا ن ِ م َ
كــا َ هــ ْ قت ْل َ ُن َ كم إ ّ وإ ِّيــا ُ
م َ
هــ ْ ق ُن َْرُز ُ
ك َِبيًرا.( (31
ة
شــ ً ح َفا ِ ن َ
كــا َ ه َ ٱّزَنــ ٰى إ ِّنــ ُ قَرُبــوا ْ ل ول َ ت َ ْ َ -
سِبيل ً.( (32 ساء َ و َ َ
ولن اليات تخاطب الفطييرة ،فقييد تكلمييت عيين
قبييح ،وإن لييم ل بييالغ ال ُ ل" لنه ِفع ٌ الزنا أنه "ساء سبي ً
يلحظ بعض أصحاب النفوس الضعيفة ذلييك ،لنييه ل
مشيييي فيييي طريقيييه إل الهلك ييييترتب عليييى ال َ
والكييوارث ،مثييل قتييل النفييس ،وضييعف الييرزق،
ظلميية الييوجه ،واختلط النسيياب والحييياة البائسيية و ُ
الكئيبة...
سورة البقرة 316
س
لنــ ُ تٱ ِ عــ ِم َ جت َ َنٱ ْ ّ فييي السييورةُ :
قــل لئ ِ ِ
ذا ٱل ْ ُ ْ ع َ ٰ َ
ن لَ قْرءا ِ هـٰ َ ل َ لى أن ي َأُتوا ْ ب ِ ِ
مث ْ ِ ن َ ج ّ و ٱل ْ َِ
َ و َ َ ْ
هيــًراضظ ِ عــ ٍ م ل ِب َ ْه ْ ض ُ
ع ُ ن بَ ْ كا َ ول ْ مث ْل ِ ِ
ه َ ن بِ ِي َأُتو َ
.( (88
فافتخر بهذا التحدي الذي ل يزال قائما ً إلى يييوم
القيامة.
ن ذا ٱل ْ ُ
قــْرءا ِ هـٰ َفى َس ِ
فَنا ِللّنا ِ صّر ْ
قدْ َ ول َ ََ
س إ ِل ّ ك ُ ُ فأ َ ٰ َ
فــوًرا بى أك ْث َُر ٱلّنا ِل َ َ مث َ ٍ
ل َ من ك ُ ّ ِ
.((89
فكل احتياجات الحياة الكريمة موجودة فييي هييذا
القرآن ،لكن أكثر الناس يأبى إل الكفر والجحود.
دور القرآن
َ
مــاو َل َ ق َنــَز َ وِبــ ٱل ْ َ
ح ّ ق أن َْزل َْنــاهُ َ ح ّ ٱ َوِبــ ل ْ
َ
سل َْنا َ َ
ه
قَنـا ُ فَر ْ قْرءان ًــا َ و ُ ذيًرا َ
ون َ ِ
شًرا َ مب َ ّك إ ِل ّ ُ أْر َ
هون َّزل ْن َ ٰـ ـ ُ
ث َ مك ْ ـ ٍعل َ ـ ٰى ُ س َ ٱن ّــا ِ عل َــى ل ق ـَرأ َهُ َ ل ِت َ ْ
زيل ً..( (105 – 106 ت َن ْ ِ
لقد سميت هذه السييورة بسييورة السييراء حييتى
نتذكر -كلما قرأناها -النبي ،وهو يستلم الكتيياب
في رحلة السراء ،ويسّلمه لنا من بعده.
وبما أننا تحملنا مسؤولية حمييل القيرآن ،فينبغيي
أن نكثر من قراءته ،ليس في رمضان فقط ،بل في
كل الشهور ،وينبغييي أن نتييدبره ونعمييل بييه ونعّلمييه
فذ منهجه... لمن حولنا وننشره ونن ّ
سورة البقرة 320
أحّباء القرآن
وختام السورة تذكرة بأنيياس أحب ّييوا القييرآن حبيا ً
شديدًا ،وفهموا هدف سورة السييراء ،فتفيياعلوا مييع
و لَ ل ءامن ُــوا ْ بـ َ قـ ْ كتاب الله تفاعل ً صييادقًاُ :
هأ ْ ِ ِ ِ
ذا ه إِ َ قب ْل ِ ـ ِمــن َ م ِ عل ْ َن ُأوُتوا ْ ٱل ْ ِ ذي َ ن ٱل ّ ِ مُنوا ْ إ ِ ّ ؤ ِ تُ ْ
دا
ج ً ســـ ّ ن ُ قـــا ِ ن ل ِل َذْ َ خـــّرو َ م يَ ِهـــ ْ ٰى َ َ
علي ْ ِ ي ُت َْلـــ
ع ـدُ َرب ّن َــا و ْن َ ن َرب ّن َــا ِإن ك َــا َ حا َ س ـب ْ َ ن ُ قول ُــو َ وي َ ُ َ
َ
م ه ْ زيــدُ ُ وي َ ِن َ ُ
ن ي َب ْكــو َ قا ِ ن ل ِلذْ َ خّرو َ عول ً َ
وي َ ِ م ْ
ف ُ لَ َ
عا.( (107 – 109 شو ً خ ُ ُ
والحمد لله ،لقد أصبحنا نرى هذه اليييات تنطبيق
على بعض الشباب في المساجد ،وخاصة في شييهر
رمضييان .تنظيير إليهييم فييتراهم "يخييرون للذقييان
يبكون" .وكلمييا تليييت عليهييم آيييات القييرآن تزيييدهم
خشوعًا ...وهو أمر مطمئن ،لن تعامل الشباب مييع
شر ببوادر خير لهذه المة. القرآن بهذا المستوى يب ّ
يرفع أقواما ً ويضع آخرين
فإن لييم نكيين كأحبيياء القييرآن الييذين ذكييروا فييي
اليييات السييابقة ،فييإن نفييس اليييات تحييذرنا ميين
من ُــوا ْ . و ل َ تُ ْ ل ءامن ُــوا ْ ب ـ َ السييتبدال ُ
قـ ْ
ؤ ِ هأ ِْ ِ ِ
فالمم السابقة قد قصرت في حفظ الكتاب وتبليغه
فنزع منها إلييى الميية الييتي تليهييا فييالتي تليهييا حييتى
وصل إلينا ،فماذا لو قصييرت هييذه الميية فييي حمييل
المانة؟
إن الحساب سيكون أشد يوم القياميية لننييا آخيير
321 سورة البقرة
فييذه؟ فمييا
من ثلثة أرباع الساعة ،فما بالييك بمين ين ّ
بالك بمن يسمع اليات بنّية تنفييذها وتطبيقهيا؟ فميا
بالك بمن يفهم القرآن ،ويعرف مييراد ربنييا ميين كييل
سورة؟ إذا ً فماذا يكون حييال ميين يشيعر أن القييرآن
أمانة في ع ُُنقه ،فيرغ ّييب ميين حييوله بقييراءة القييرآن
سر لهم بعض معانيه الرائعة التي نعيش معها؟ ويف ّ
ل بد للشاب المسلم الييذي قييرأ سييورة السييراء
وفهم مراد ربنا منها أن يتعامل مع القييرآن ميين الن
وصاعدا ً بجدية متناهية ،وأن ينذر حييياته ليكييون ميين
أهل القرآن ،الذين هم أهل الله وخاصته.
من السراء إلى الكهف
ومن الشيارات اللطيفية ،أن نيرى الحيديث عين
القرآن يمتييد ميين ختييام سييورة السييراء إلييى بداييية
سييورة الكهييف .فبعييد أن ختمييت سييورة السييراء
بسجدة حتى تستشعر فيها حلوة القرآن وتبكي من
خشييية اللييه ،ثييم تحمييده علييى نعميية القييرآن ،هييذه
النعمة العظيمة التي بدأت سورة الكهف بشكر ربنا
ه
د ِ عل َـ ٰى َ
عب ْـ ِ ذى أ َن ْـَز َ
ل َ ٱ ّـ ِ
مدُ لله ل ح ْ ل ْ َعليها :ٱ
جا.( (1 و َع َ عل ل ّ ُ
ه ِ ج َ ول َ ْ
م يَ ْ ب َ ٱل ْك ِت َ ٰـ َ
الكهف
الكهف آيات.
خيوط لنسيج واحد
سورة الكهف هي عبارة عن أربع قصييص ،قصيية
أصييحاب الكهييف ،وقصيية صيياحب الجنييتين وقصيية
موسى والخضر وقصيية ذي القرنييين ،مييع ذكيير عييدد
من اليات بعد كل قصة للتعقيب عليهييا .فمييا علقيية
القصييص الربييع ببعضييها؟ ولميياذا سييميت بسييورة
الكهف؟ ولماذا تقرأ كل يوم جمعة؟
فضل وثواب سورة الكهف
يقول النبي " من قرأ سورة الكهف ميين يييوم
الجمعة أو في يوم الجمعة أضيياء اللييه لييه نييورا ً ميين
تحت قدميه إلى عنان السماء".
كمييا ويقييول " ميين قييرأ العشيير الواخيير ميين
سورة الكهف كانت له عصمة من الدجال".
وفي حديث آخر" :من أدركه منكم -أي الييدجال
– فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف" رواه مسلم.
323
سورة البقرة 324
ه (17)......
من ْـ ُ
ّ ة
و ٍ
ج َ ف ْفى َ م ِ ه ْو ُ ل َ ما ِ ش َ ت ٱل ّ ذا َ َ
م قل ّب ُ ُ
هــ ْ ون ُ َ م ُر ُ
قــودٌ َ هــ ْو ُ قا ً
ظــا َ م أ َي ْ َه ْ س ـب ُ ُ ح َوت َ ْ َ
ل.( (18 ما ِ ش َ ت ٱل ّ ذا َ و َ ن َ مي ِ ت ٱل ي َ ِ ذا ََ
فكل هذه المعجزات كييانت لجييل الحفيياظ علييى
هييؤلء الفتييية ،إلييى أن اسييتيقظوا بعييد 309سيينين،
ووجدوا أن الناس جميعا ً قد آمنوا وأنهم أصبحوا في
مجتمع جديد كله إيمان.
غرور يطعن في الثوابت
والقصة الثانية قصة رجل أنعم الله عليه ،فنسي
واهييب النعميية فطغييى وتجييرأ علييى ثييوابت اليمييان
بالطعن والشك:
عل َْنـــا ج َ ن َ جلْيـــ ِ
مث َل ً ّر ُ َ م ّ هـــ ْ بل ُ ر ْ ضـــ ِ وٱ ْ َ
ل خ ٍ ما ب ِن َ ْ ه َ فَنا ُ ف ْ ح َو َ ب َ عن َ ٰـ ٍ ن أَ ْ م ْ ن ِ جن ّت َي ْ ِ ما َ ه َ د ِ ح ِ لَ َ
و هــ َ و ُه َ جن َّتــ ُ ل َ خــ َ ود َ َ عــاَ ... مــا َزْر ً ه َ عل َْنــا ب َي ْن َ ُ ج َ و َ َ
ه أ ََبدا ً ذ ِ ه ٰـ ِ ن أن ت َِبيدَ َ َ
ما أظ ّ ُ َ
ل َ قا َ ه َ س ِ ف ِ م لن َ ْ ّ ظال ِ ٌ َ
( (32 – 35لقد فتنه المال فنسي اللجوء إلى الليه
َ
ة مـ ً قائ ِ َ ة َ ع َ ســا َ ن ٱل ّ مــا أظُ ـ ّ و َ تبييارك وتعييالى َ
َ
هــا من ْ َ خْيــرا ً ّ ن َ جــدَ ّ ت إ َِلــ ٰى َرّبــى ل ِ ول َِئن ّرِدد ّ َ
وُرهُ أك َ َ َ َ ً َ
ت ف ـْر َ ح ٰـ ـ ِ و يُ َ ه َ و ُ ه َ حب ُ ُ ص ٰـ ِ ه َ لل ُ قا َ قلبا َ من ْ َ ُ
م ة ث ُـ ّ فـ ٍ مــن ن ّطْ َ م ِ ب ث ُـ ّ من ت ُـَرا ٍ ك ِ ق َ خل َ َ ذى َ ب ِ ٱل ّ ِ
جل ً ...( (36 – 37إلييى أن كييانت نهاييية ك َر ُ وا َ سـ ّ َ
َ ه َ حي َ ُ
ح ص ـب َ َ فأ ْ ر ِ مـ ِ ط ب ِث َ َ وأ ِ الرجل المغرور بمالهَ ..
ةوي َـ ٌ خا ِ ى َ هـ َ و ِ ها َ في َ ق ِ ف َ ما أ َن ْ َ عَلى َ ه َ في ْ ِ ب كَ ّ قل ّ ُ يُ َ
ك ر ْ شـ ِ م أُ ْ ل ٰيل َي ْت َن ِــى ل َ ـ ْ قــو ُ وي َ ُ ها َ شـ َ عُرو ِ عل َ ـ ٰى ُ َ
سورة البقرة 326
.( دا(42
بربى َ
ح ً
أ َ ِ َ ّ
كيف نتعامل مع قدر الله
أما القصة الثالثة ،فهييي قصيية نييبي اللييه موسييى
عليه السلم مييع الخضيير ،عنييدما سييأله قييومه :ميين
أعلييم أهييل الرض ،فأجييابهم بييأنه هييو عليييه السييلم
ن بأن لديه ميين العلييم مييا أعلم أهل الرض ،فلقد ظ ّ
يجعله أعلم أهل الرض خاصة وأنه من أولي العييزم
من الرسل .فأوحى الله إليه بأنه يوجد من هو أعلم
منه ،لذلك طلب منه أن يذهب إلى أرض معينة عنييد
مجمع البحرين .فقطع مسافة بعيدة في سفره إلييى
د
ق ْ أن أدركه التعب الشديد ،حتى أنه قال لفتاه ل َ َ
صــبا ً ..( (62فتعييب ذا ن َ َه ٰــ َ رَنا َ
ف ِ سـ َمــن َ قين َــا ِلَ ِ
كثيرا ً إلى أن التقى بالرجل الصالح الذي يملك علما ً
مهما ً ل يملكه الكثير من الناس وهو علم الثقة بقدر
الله تعالى ،وأن لله تعالى فييي قضييائه حكميية تحتييم
عليك أن توقن بتدبيره وإدارته لشؤون الحياة ،وهييذا
العلم هو باختصار ،علم معرفة الله حق المعرفة.
لذلك ،فقبل أن يصيياحب سيييدنا موسييى الخضيير
عليهميييييييييييييييييييييييييا السيييييييييييييييييييييييييلم،
عــن ســأ َْلنى َ فل َ ت َ ْ يشييترط عليييه الخضيير َ ...
ه ث ل َــــــ َ ُ َ
من ْــــــ ُ
ك ِ د َ حــــــ ِ ٰى أ ْ حت ّــــــ
شــــــىء َ
جدُِنى ِإن ِذك ْــرا ً .( (70فقييال لييه موسييى َ
سـت َ ِ
مرا ً.( (69 كأ ْ صى ل َ َ ع ِ ول َ أ َ ْ صاب ًِرا َشاء ٱلله َ َ
وتخلل الصحبة ثلثة مواقف ،كانت فييي ظاهرهييا
327 سورة البقرة
سوءا ً أو ظلمًا:
.1السفينة التي خرقها الخضر عليييه السييلم ،وكييان
سبب ذلك وجود ملييك ظييالم يسييلب كييل سييفينة
صالحة يراها.
.2الغلم الذي قتله الخضيير ،وكييان سييبب ذلييك أنييه
كان يرهق أبويه المؤمنين لعصيانه وعقوقه.
.3الجييدار الييذي أقييامه الخضيير ميين دون أجيير فييي
مدينة طرده أهلها منها ،والسبب أنه كان لغلمين
يتيمين وكان تحته كنز مدفون لهمييا ولييو لييم يقييم
الجدار لما حفظ لهما كنزهما..
ويجمع بين كل هييذه المييور عييدم ظهييور حكميية
الله تعالى فيها ،لن ظاهرها غير مبرر .وذلك ليتعلم
المؤمن أن الله تعالى يقدر أمورا ً قد ل نعلم الحكمة
منها والخير المقدر فيهييا .وهييذا هييو العلييم )الييذي ل
نراه في الكتييب( يعلمييه اللييه تعييالى لموسييى عليييه
السلم ويعلمنا إياه أيضًا..
إنا م ّ
كنا له في الرض
وآخر قصة هي قصة ذي القرنين ،الملك العييادل
الذي ينشر الحق والعدل والخير فييي الرض ويملييك
كل السييباب المادييية )ميين علييم وتكنولوجيييا( الييتي
تسهل له التمكين والنجاح في الحياة.
َ
من ُ
كــ ّ
ل ه ِ
وات َي ْن َ ٰـ ُ
ض َ
فى ٱلْر ِ مك ّّنا ل َ ُ
ه ِ ِّ نا َ
إ
س ـَببا ً ( (84فكييان يطييوف بييالرض ميين ىء َ َ
شـ ْ
سورة البقرة 328
َ
لمــ َع ِو َ
ن َ مــ َ ءا َ
ن َ
م ْ
ما َ
وأ ّ كرا ً َ ذابا ً ن ّ ْع َه َ عذّب ُ ُ َ
في ُ َ
ل ل َـ ُ
ه قو ُ س ـن َ ُ
و َس ـن َ ٰى َ
ح ْ ج ـَزآءً ٱل ْ ُ ه َفل َ ُ ص ٰـِلحا ً َ َ
سرا ً.( (87 – 88 َ
رَنا ي ُ ْم ِ نأ ْ م ْ ِ
من ّرّبى.( (98 ة ّ م ٌ
ح َ ذا َر ْ ه ٰـ َ ل َ قا َ َ
محرك خيوط الفتنة
هذه الفتن الربعيية الساسييية هييي الخيييط الييذي
يجمييع القصييص الربييع فييي السييورة .وفييي وسييط
السورة تقريبا ً بين أول قصتين وآخر قصتين ،تخبرنييا
الييية 50عيين المحييرك الساسييي لخيييوط الفتنيية
ه خـ ُ
ذون َ ُ الربعيية :إنييه عييدو اللييه إبليييس ...أ َ َ
فت َت ّ ِ
وذُريت َ َ
سو ب ِئ ْ َ
عــدُ ّ م َ م ل َك ُ ْ
ه ْ
و ُ
دوِنى َ من ُ ول َِياء ِهأ ْ َ ّ ّ ُ
ن ب َـدَل ً هييل ميين المعقييول أن تتخييذوا مي َ ِللظّ ٰـل ِ ِ
عدو الله وعدوكم وليًا؟ ).(50
العصمة من الفتن
فالجو العام للسورة إذا ً هو العصمة ميين الفتيين،
ولذلك جاء في الحديث أنها تنجييي ميين أعظييم فتنيية
في تاريخ البشرية من لدن آدم إلييى قيييام السيياعة،
وهييي فتنيية المسيييح الييدجال ،يقييول عليييه الصييلة
والسلم "ما بين خلق آدم إلى قيــام الســاعة
فتنة أعظم من الدجال" رواه الحاكم.
فمييا علقيية فتنيية المسيييح الييدجال بييالفتن الربييع
المييذكورة؟ إن الييدجال سيييظهر قبييل يييوم القياميية
بالفتن الربع :فهو يفتيين النيياس فييي دينهييم ،ويطلييب
331 سورة البقرة
.1الصحبة الصالحة:
كانت الفتنة الولى هي فتنة الدين في قصة أهل
الكهييف ،وللثبييات علييى الييدين والعصييمة ميين هييذه
الفتنة ترشدك سورة الكهف إلى:
ع
مــ َ ك َ ســ َ ف َ صــب ِْر ن َ ْ وٱ ْ أ .الصيييحبة الصيييالحةَ :
ة
دا ِغـــــ َ هـــــم ب ِٱل ْ َ ن َرب ّ ُ عو َ ن َيـــــدْ ُ ذي َ ٱّلـــــ ِ
كعي ْن َــا َع ـدُ َ ول َ ت َ ْه َ هـ ُ ج َ و ْن َ دو َ ري ـ ُ
ى يُ ِ ش ّ ع ِ و ٱل ْ ََ
ةٰو ِ يــــــ ح َٱ زيَنــــــل ْ َ
ةَ ريــــــدُ ِ م تُ ِ هــــــ ْ عن ْ ُ
َ
ٱلدّن َْيا.( (28
فالصحبة الصالحة والصبر عليهييا هييي خييير معييين
للمرء في الحفاظ على التزامه...
ب .تييذكر الخييرة :ومصييير المييؤمنين والكييافرين،
فهي الييدواء النييافع للعصييمة ميين الفتيين الكييثيرة
ن مي َ
ظــال ِ ِ التي يمر بها المسلم إ ِّنا أ َ ْ
عَتــدَْنا ِلل ّ
غيُثوا ْ س ـت َ ِ س ـَراِد ُ َ َ
وِإن ي َ ْ
ها َ ق َ م ُ هـ ْحــاط ب ِ ِ َناًرا أ َ
س جوهَ ب ِئ ْ َ وى ٱْلو ُ ش ِ ل يَ ْ ه ِم ْماء ك َٱل ْ ُ غاُثوا ْ ب ِ َيُ َ
قا.( (29 ف ً مْرت َ َ
ت ُ ساء ْ و َ ب َ ش َرا ُ ٱل ّ
.2عدم التعلق بالدنيا:
وللعصمة من فتنة المال التي وقع فيهييا صيياحب
الجنتين ،هناك أمران يأتيان مباشرة بعد القصة:
.1فهم حقيقة الدنيا :وهذا ما نراه بوضييوح فييي أول
آيييييييييييييييية أتيييييييييييييييت مباشيييييييييييييييرة
مَثــ َ
ل هــم ّ ب لَ ُ
ر ْ
ضــ ِ بعييد انتهيياء القصيية َ
وٱ ْ
333 سورة البقرة
َ
ول َ ي َظْل ِ ـ ُ
م ض ـًرا َ مُلوا ْ َ
حا ِ ع ِ دوا ْ َ
ما َ ج ُ
و َ
و َ
ها َ صا َح َأ ْ
دا.( (49 رب َ َ
ح ً
كأ َ َ ّ
- 3التواضع
وللعصمة من فتنة العلم والغترار به ،ل بييد ميين
ل ،ثم للمعلم .وهذا ما يظهر في الية التواضع لله أو ً
ول َ
صاب ًِرا َ
شاء ٱلله َ جدُِنى ِإن َست َ ِل َقا َ َ :69
مرا ً .مع أنه نبي ورسول من أولييي صى ل َ َ
كأ ْ أَ ْ
ع ِ
العزم بالضافة إلى كونه كليم الله تعالى .فإييياك أن
تغييّرك الشييهادات الجامعييية ،أو علمييك الواسييع ،أو
حتى حفظك للقرآن الكريم ،ويفتنيوك عين التواضيع
لله تعالى.
- 4الخلص:
وفتنة السلطان علجهييا الخلص ،والتواضييع للييه
تعالى ،ورد كل الفضل في القوة والتمكين إلى اللييه
من ّرّبى. .. ة ّ م ٌ ح َ ذا َر ْ ه ٰـ َ ل َ قا َ َ
ولييذلك حييذرت السييورة مميين يشييرك بييالله ول
يخليييييييييييص فيييييييييييي عمليييييييييييه ليييييييييييه
سبحانه:
م ٰـ ـل ً ع َ ن أَ ْ ري َ سـ ِ خ َ ل ن ُن َب ّئ ُك ُــم ب ِٱل َ ْ هـ ْ ل َ ـ ْ ُ
ق
ة ٱل ـدّن َْيا حي َـ وٰ ِ ٱْ َ
فــى ل م ِ ه ْ عي ُ ُ
سـ ْ ل َ ضـ ّ ن َ ذي َ ٱل ّ ـ ِ
وَلـــئ ِ َ
ك ُ َ
عا أ ْ صــن ْ ً ن ُ سُنو َ ح ِ م يُ ْ ه ْ ن أن ّ ُ سُبو َ ح َ م يَ ْ ه ْ و ُ َ
تحب ِطَـ ْ ف َ ه َ قائ ِ ِ ول ِ َ م َ ه ْ ت َرب ّ ِ فُروا ْ ِبـَئاي َ ٰـ ِ ن كَ َ ذي َ ٱل ّ ِ
وْزنا ً ة َ م ِ قي َ ٰـ َ م ٱل ْ ِ و َ م يَ ْ ه ْ م لَ ُ قي ُ فل َ ن ُ ِ م َ ه ْ مال ُ ُ ع َ أَ ْ
335 سورة البقرة
.((103 – 105
وهذه الية تختص بالمشركين وتحذر من الشرك
بييالله ،وبالمقابييل ختمييت السييورة بييأمر المييؤمنين
بالخلص في العبادة لله تعالى وحده.
مـ ْ
ل فل ْي َ ْ
ع َ ه َ جــو ل ِ َ
قــاء َرب ّـ ِ ن ي َْر ُمن ك َــا َ ف ََ ..
عبــادة رب ـ َ
داحـ َ هأ َ ك بِ ِ َ َ ِ َ ّ ِ ر ْشـ ِول َ ي ُ ْص ٰـ ـِلحا ً َ
مل ً َ
ع َ
َ
.((110
فميين أراد أن يقبلييه اللييه تعييالى قبييول ً كييامل ً
ويرضى عنه في الخرة ،ل بد له من تحقيق أمرييين:
أن يكون عمل ً صحيحا ً )أي موفقا ً للسنة( ،وأن يكون
خالصا ً لوجه الله تعييالى ،وهيذان المييران ذكيرا فيي
الية الخيرة من سورة الكهف.
من روائع السورة
ومن خلل آيات السورة ،نرى ملحظييات عديييدة
ولفتات رائعة ،تزيدنا حبا ً وتعلقا ً بهيذا القيرآن وبهيذه
السييورة ،وتصييب كلهييا فييي خدميية هييدف السييورة
ومحورها.
كثرة الحركة واليجابية
نلحظ في السورة كثرة الحركة بشييكل ملفييت،
فالسورة كلها عبييارة عيين قصييص لنيياس يتحركييون
بإيجابية ،من أهل الكهف الذين تركوا الهييل والييديار
وأووا إلى الكهف ْ َ
ف ،إلييى ووا ْ إ َِلى ٱل ْك َ ْ
هـ ِ فأ ُ
سورة البقرة 336
مريم آية.
زينة الحياة الدنيا
كييل إنسييان يحييب النسييل والذرييية .فييإذا رزق
ل ،ينشغل تفكيره في تأمين ما يلييزم لهييم ميين أطفا ً
حاجيييات ،فيكييون انشييغاله وهييو شيياب فييي إنجيياب
الولد وتنشئتهم وتييأمين الغييذاء والتعليييم والطبابيية،
بينما يكون انشغاله عند اقتراب أجله في توريثهم..
ومسييألة حييب الولد فطييرة بشييرية فطيير اللييه
تعالى الناس عليها ،وسييورة مريييم ترك ّييز علييى هييذا
الموضييوع بشييكل أساسييي ،لكنهييا تسييأل كييل والييد
ووالدة :لميياذا تريييدون النجيياب؟ أميين أجييل التمتييع
بالولد فقييط؟ وميياذا سييتوّرثونهم؟ أمييوال ً وعقييارات
فقط؟!!!
توريث الدين للبناء
إن في سورة مريييم سييببا ً أرقييى للنجيياب ،وهييو
خلل توريثه لجيال قادمة 340المحافظة على الدين من
341 سورة البقرة
َ
نشي ْطَ ٰـــ َ ن ٱل ّ ن إِ ّ شي ْطَ ٰـــ َ د ٱل ّ عب ُ ِ ت ل َ تَ ْ ٰيأب َِ
ف َأن خــا ُ ت إ ِن ّــى أ َ َ َ
صـي ّا ً ٰ يـ أب َ ِ ع ِ ن َ م ٰــ ِ ح َ ن ِللّر ْ ك َــا َ
ن كـــو َ فت َ ُن َ م ٰــــ ِ ح َ ن ٱلّر ْ مـــ َ ب ّ ذا ٌ عـــ َ ك َ ســـ َ م ّ يَ َ
َ
ن ن إِ ّ شي ْطَ ٰـــ َ د ٱل ّ عُبــ ِ ت ل َ تَ ْ ول ِي ّ ٰا ًي أب َ ِ ن َ َ
شي ْط ٰـ ِ ِلل ّ
َ
ت إ ِن ّــى صـي ّا ً ٰ يـ أب َ ِ ع ِ ن َ م ٰــ ِ ح َ ن ِللّر ْ كا َ ن َ شي ْطَ ٰـ َ ٱل ّ
ن فت َ ُ ن َ ع َ س َ خا ُ َ أَ َ
كو َ م ٰـ ِ ح َن ٱلّر ْ م َ ب ّ ذا ٌ ك َ م ّ ف أن ي َ َ
ول ِي ّا ً.( (44 – 45 ن َ َ
شي ْط ٰـ ِ ِلل ّ
ولما كان على هذه الدرجة من الدب والبر بأبيه
علييى كفييره وضييلله ،أكرمييه اللييه تعييالى بييأولده
ن ٱلله دو ِ من ُ ن ِ دو َ عب ُ ُ ما ي َ ْ و َ م َ ه ْ عت ََزل َ ُ ما ٱ ْ فل َ َّ
عل ْن َــا ن َب ِي ّـا ً ج َ وك ُل ّ َ ب َ قــو َ ع ُوي َ ْ ق َ ح ٰــ َ س َ ه إِ ْ هب َْنا ل َ ُ و َ
َ
ن
سـا َ م لِ َ هـ ْ عل َْنـا ل َ ُ ج َ و َ مت َِنـا َ ح َ من ّر ْ م ّ ه ْ هب َْنا ل َ ُ و َ و َ َ
عل ِي ّا ً.( (49-50 ق َ صدْ ٍ ِ
فكأن ِبره بأبيه كان سببا ً ليرزق اثنين من الذ ُّرية
الصالحة التي تقر بها عينه ،وتحمل الدين وتوّرُثه.
إسماعيل :وكان يأمر أهله بالصلة والزكاة
وتمر الجيال تلو الجيال ،ويسلم كييل جيييل هييذه
المانة لمن بعده:
فتذكر اليات إسماعيل عليه السلم ،وتقول عنه
ة و ٱلّز َ
كـــ ٰو ِ صـــل َ ٰو ِ
ة َ ه ب ِ ٱل ّ مُر أ َ ْ
هَلــ ُ
ْ
ن َيــأ ُ وَ
كــا َ َ
ضــي ّا ً ...( (55فواضييح أن مْر ِ ه َعنــدَ َرّبــ ِ ن ِ و َ
كــا َ َ
الجيال كانت تسلم بعضها لواء الدعوة إلى الله...
وتيأتي الييات عليى ذكير موسيى علييه السيلم،
سورة البقرة 346
.((97
ولهذا تأتي بعد هييذه القصيية آيييات تعقييب عليهييا،
لتؤكييد علييى هييدف السييورة ،أن السييعادة فييي هييذا
الدين وفي اتباعه ،وأن الشقاء كل الشقاء في البعد
د مــا َ َ عل َي ْـ َ ك نَ ُ ٰ َ ذل ِ َ
قـ ْ ن أن ْب َــاء َ مـ ْ ك ِ ص َ قـ ّ عنييه ك
َ
ضعــَر َ نأ ْ م ْ كرا ً ّ من ل ّدُّنا ِذ ْ ك ِ ءات َي ْن َ ٰـ َ قدْ َ و َ ق َ سب َ َ َ
ندي َ خ ٰـــل ِ ِ زرا ً َ و ْة ِ م ِ قي َ ٰـ َ م ٱل ْ ِ و َ ل يَ ْ م ُ ح ِ ه يَ ْفإ ِن ّ ُه َ عن ْ ُ َ
مل ً.( (99-101 ح ْ ة ِ م ِ قي َ ٰـ َم ٱل ْ ِ و َ م يَ ْ ه ْ ساء ل َ ُ و َ ه َ في ِ ِ
ثم يقول تعالى عن سعادة وشقاوة أهل الخييرة:
ب خــا َ ق ـدْ َ و َ قّيــوم ِ َ ى ٱل ْ َ ح ّ جوهُ ل ِل ْ َ و ُ ت ٱل ْ ُ عن َ ِ و َ َ
ت ح ٰـ ـ ِ ص ٰـل ِ َ ن ٱل ّ مـ َ ل ِ م ْ ع َمن ي َ ْ ل ظُْلما ً َ
وَ م َ ح َ ن َ م ْ َ
ضما ً (111- ه ْ ول َ َ ف ظُْلما ً َ خا ُ فل َ ي َ َ ن َ م ٌ
ؤ ِ م ْ و ُ ه َ و ُ
َ
.(112
سيدنا آدم والسعادة
وحييين وصييلت السييورة إلييى قصيية آدم وحييواء،
قل َْنا ف ُ ركييزت ميين خللهييا علييى هييدف السييورةَ :
فل َ ك َ جـــ َو ِ
ول َِز ْ ك َ و ّلـــ َ عـــدُ ّ ذا َ ه ٰــــ َ ن َ م إِ ّ ٰيــــَئادَ ُ
ق ٰى .( (117فييترك شـ َ فت َ ْ ة َ جن ّ ِن ٱل ْ َ م َ ما ِ جن ّك ُ َ
ر َ
خ ِ
يُ ْ
منهج الله تعالى واتباع إبليس هما سبب الشقاء في
الخرة .لذلك تتابع اليات ببيان أنييواع السييعادة فييي
ك وأ َن ّ َعَر ٰى َ ول َ ت َ ْها َ في َ ع ِ جو َ ن لَ َ َ
ك أل ّ ت َ ُ الجنة :إ ِّ
ح ٰى.( (118 - 119 ض َ ول َ ت َ ْ ها َ في َؤا ِ م ُل َ ت َظْ َ
وهذه القاعدة تطبق على أدم وذريتييه حييتى بعييد
ميع ـا ً ج ِ هــا َ هب ِطَــا ِ
من ْ َ لٱ ْ قا َ الخروج من الجنة َ
357 سورة البقرة
دى
هـ ً
من ّــى ُكم ّ ما ي َـأ ْت ِي َن ّ ُ و َ
فإ ِ ّ عدُ ّ
ض َ ع ٍ م ل ِب َ ْضك ُ ْع ُبَ ْ
ق ٰى شــ َ ول َ ي َ ْل َ ضــ ّ فل َ ي َ ِ ى َ دا َهــ َ
ع ُ ن ٱت َّبــ َ مــ ِ َ
ف َ
.((123
الشقاء الحقيقي
لقد تكررت كلمة الشقاء ومشتقاتها ثلث مييرات
في السورة:
فل َ ق ٰىَ ... ش َ ن ل ِت َ ْ قْرءا َ ك ٱل ْ ُ عل َي ْ َ أ َن ََزل َْنا َ ما َ
عن ٱت َّبــ َ م ِ ف َ قىَ ... ش َ ٰ فت َ ْ ة َ جن ّ ِ ن ٱل ْ َ م َ ما ِ جن ّك ُ َ ر َ خ ِ يُ ْ
ق ٰى حتى ل يخاف أحد ش َ ول َ ي َ ْ ل َ ض ّ فل َ ي َ ِ ى َ دا َ ه َ ُ
من التدّين واتباع منهج الله ،فالسعادة كل السييعادة
مع التمسك بدين الله تعييالى ،أمييا ميين أعييرض عيين
هذا المنهج ،فتأتي آيات رهيبيية فييي تصييوير شييقاوته
رى عــن ِذك ْـ ِ ض َ عـَر َ ن أَ ْ مـ ْ و َفي الدنيا والخييرةَ :
ضنكا ً هذا في الدنيا فماذا عيين ة َ ش ً عي َ م ِ ه َ ن لَ ُ فإ ِ ّ َ
ل قا َ م ٰى َ ع َ ة أَ ْ م ِ قي ٰـ َ م ٱل ْ ِ و َ شُرهُ ي َ ْ ح ُ ْ ون َ الخرة؟ َ
صــيرا ً ق ـدْ ُ و َ َ ح َ
ت بَ ِ كن ـ ُ م ـ ٰى َ ع َ ش ـْرت َِنى أ ْ م َ ب لِ َ َر ّ
ك كــ ٰذل ِ َ و َ ها َ ســيت َ َ فن َ ِ ك اي َ ٰــت ُـَنا َ ك أ َت َْتــ َ كــ ٰذل ِ َ ل َ َ
قــا َ
َ
م ول َ ْف َ سَر َ نأ ْ م ْزى َ ج ِك نَ ْ وك َ ٰذل ِ َ س ٰى َ م ت ُن ْ َ و َ ٱل ْي َ ْ
د
شـ ّ ة أَ َخــَر ِ ب ٱل َ ِ ذا ُ عـ َ ول َ َ
ه َ ت َرب ّ ـ ِ من ِبـَئاَيـ ـٰ ِ ؤ ِ يُـ ْ
ق ٰى.( (124 – 127 وأ َب ْ َ َ
أعلى مقامات السعادة
وقميية السييعادة أن ترضييى عيين نفسييك وعيين
حياتك ،وترضى عن ربك وتحييس برضيياه ..وهييذا مييا
قوُلو َ
ن عل َ ٰى َ
ما ي َ ُ صب ِْر َ يؤكده ختام السورةَ :
فٱ ْ
سورة البقرة 358
و َ
قب ْ َ
ل س َ ع ٱل ّ قب ْ َ ُ ُك َ د َرب ّ َ
م ِ ش ْ ل طلو ِ م ِح ْح بِ َ سب ّ ْ و َ َ
َ
وأطْـَرا َ
ف ح َ س ـب ّ ْ
ف َ ل َ ن ءان َــاء ٱل ّي ْـ ِ مـ ْو ِها َ غُروب ِ َ ُ
ر.( (130 ها ِ ٱلن ّ َ
ض ـ ٰى ك ت َْر َ ل ّ َ
كل هييذا إلييى أييين يييؤدي؟ ل َ َ
ع
.((130
فتسبيح الله تعالى وذكره وطيياعته همييا السييبيل
المؤدي لعلى درجات السعادة ،أل وهي الرضا ،وما
هي السعادة سييوى الشييعور بالرضييى؟ الييذي حييرم
منه الكثيرون مهما تمتعوا بشهوات الدنيا ميين نسيياء
وأموال وقصور وسيارات ...فهم قد حرمييوا الرضييا،
الذي يؤتاه المؤمن بتسبيح الله تعالى وطاعته
إلى كل من يبحييث عيين السييعادة ،إلييى الشييباب
الذين طرقييوا أبييواب المعاصييي بحثيا ً عيين السييعادة
وعادوا خائبين ،من فضلكم ،اقرأوا سورة طه:
ق ٰى شـ َ
ن ل ِت َ ْ ك ٱل ْ ُ
قـْرءا َ ما أ َن ََزل َْنا َ
عل َْيـ َ طه َ
.( (1
سورة النبياء
ن... م ي َل ْ َ
عب ُــو َ هـ ْ
و ُ
نَ ..
ضــو َ
ر ُ
ع ِ
م ْ فل َـ ٍ
ة ّ غ ْفى َ ِ
م .ه ْ قُلوب ُ ُ
ة ُ لَ ِ
هي َ ً
قدوتك في العبادة والحركة
وميين أهييم أهييداف السييورة ،أن تسييألك أخييي
المسلم :بمن تقتييدي فييي حياتييك؟ ميين هييو قييدوتك
الساسية؟ ولو سألنا أكثر شباب اليوم عن قدوتهم،
يييا تييرى كييم واحييد سيييجيب أن سيييدنا إبراهيييم هييو
قدوته؟ وكييم واحييد سيييجيب أن سيييدنا يوسييف هييو
مثاله العلى؟ وكم واحييد سيييقول أن النييبي هييو
قييدوته؟ وكييم واحيد سيييقول أن المغنييي الفلنييي أو
الممثييل الفلنييي هييو قييدوته؟ ويييا تييرى كييم واحييد
ل...؟سيجيب بأنه ليس عنده قدوة أص ً
361 سورة البقرة
َ َ
فــى مــن ِ ه َ جدُ َلــ ُ ســ ُ ن ٱللــه ي َ ْ م َتــَر أ ّ أَلــ ْ
س و ٱل ّ َ
م ُ شــ ْ ض َ فــى ٱل ْر ِ مــن ِ و َ ت َ م ٰـــوٰ ِ س َٱل ّ
جُر شـــ َ و ٱل ّ ل َ جب َـــا ُ و ٱل ْ ِم َجـــو ُ و ٱلن ّ ُ مـــُر َ ق َ و ٱل ْ َ َ
عل َي ْ ِ
ه ق َ ح ّوك َِثيٌر َ س َ ن ٱلّنا ِ م َوك َِثيٌر ّ ب َ وا ّ و ٱل د ّ َ َ
رم ٍ مك ْـ ِمــن ّ ه ِ مــا ل َـ ُ ف َن ٱلله َ ه ِ من ي ُ ِ و َ ب َ ذا ُ ع َٱل ْ َ
شاء . ما ي َ َ ل َ ع ُف َ ن ٱلله ي َ ْ إِ ّ
حياة المة ...بين سجدتين
واللطيف أن أول سورة نزلييت فيهييا سييجدة مييع
بداية البعثة كانت سورة العلق ،التي جاء فيها قييوله
رب ، وٱ ْ
قت َ ـ ِ ج دْ َ سـ ُ وٱ ْ ه َ عـ ُتعييالى :ك َل ّ ل َ ت ُطِ ْ
بينما آخيير سييورة نزلييت فيهييا سييجدة كييانت سييورة
الحج ،التي نزلت مع نهاية البعثيية ،والييتي تييرى فيهييا
عــوا ْ َ
من ُــوا ْ ٱْر ك َ ُ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّ ـ ِ قييوله تعييالى :يأي ّ َ
خي ْـَرعل ُــوا ْ ٱل ْ َ وٱ ْ
ف َ م َ دوا ْ َرب ّك ُـ ْ عب ُـ ُ دوا ْ َ
وا ْ ج ُ
س ُ وٱ ْ َ
ن.( (77 حو َ م تُ ْ
فل ِ ُ عل ّك ُ ْ
لَ َ
والفيرق بيين السيجدتين يظهير النقلية العظيمية
التي انتقلتهيا المية ،مين السيجدة الوليى الموجهية
للنييبي وحييده فييي سييورة العلييق ،إلييى السييجدة
الخيرة التي وجهييت للميية كلهييا فييي سييورة الحييج.
فهي نقلة نوعية في فترة محدودة ،من النبي وحييده
في غار حراء ،إلى أمة عابدة مجاهدة..
من فضيلك ،إنييو أداء هيذه الفريضية العظيميية ،أو
على القل العمرة ،لتعد ّ نفسك وترّبيها على المعيياني
371 سورة البقرة
كيييييييييييييييييييييييييييف تييييييييييييييييييييييييييؤدي
صلتك؟ هل تخشع فيها أم ل؟ كييم نقطيية تعطييي
نفسييييييييييييييييك عيييييييييييييييين هييييييييييييييييذا
السؤال؟
ن:( (3 ضــو َر ُ ع ِ
م ْ
و ّ ن ٱل ل ّ ْ
غـ ِ ع ِ
م َ
ه ْ
ن ُ ذي َو ٱل ّ ِ
َ -
هل تغتاب مسلما ً أو تقع في النميمة؟ هل تمسك
لسانك عما ل يفيد ميين الكلم؟ هييل تعييرض عيين
مجالس الغيبة وتمتنع عن سماعها؟
م
هـ ْس ُ و َ ن ٱل ْ ِ
فــْردَ ْ رث ُــو َ
ن يَ ِ ن ٱّلــ ِ
ذي َ رث ُــو َ ٱل ْ ٰو ِ
ن .مبروك ،لقد حزت جييائزة ربانييية دو َ خ ٰـل ِ ُ
ها َفي َ ِ
عالية ،وشهادة ربانية في اليات ) (11 - 10تؤهلييك
لكي ترث الرض في الدنيا ،وتنال الفردوس العلى
في الخرة.
تاريخ المؤمنين ...ومصير المكذبين
ثم تنتقل الييات إليى ذكير تارييخ الميؤمنين عليى
هذه الرض ،فتذكر قصص عديدة لنبييياء اللييه تعييالى،
مع التركيز على وراثيية كييل جيييل ميين النبييياء لصييفة
اليمان.
ن قْرن ـا ً ءا َم َ ث ُم َأن َ ْ
ري ـ َخ ِ ه ْد ِعـ ِمــن ب َ ْ
شأَنا ِ ّ
قُرونا ً ءا َ م ُ ْ َ
ن ري َ
خ ِ ه ْد ِع ِمن ب َ ْ شأَنا ِ م أن َ(31).. ث ُ ّ
.((42
وبين هييذه اليييات ،يييأتي ذكيير لمصييير المكييذبين
بآيييات اللييه تعييالى ،وكأنهييا تقييول للمييؤمنين الييذين
عرضوا صفاتهم على الستقصيياء الموجييود فيي أول
السييورة :إييياكم والبعييد عيين طريييق اليمييان ،إييياكم
وترك الصلة ،فتنالوا المصير الذي ناله هؤلء:
م ه ْ عل ْن َ ٰـ ـ ُ ج َ ف َ ق َح ّ ة ب ِـ ٱل ْ َح ُص ـي ْ َ م ٱل ّ خ ـذَت ْ ُ
ه ُ أ َ َ
فَ
وم ِ قــــــــــــ ْ عــــــــــــدا ً ل ّل ْ َ فب ُ ْغَثــــــــــــاء َ ُ
ن.( (41 مي َ ٱلظّ ٰـل ِ ِ
عن َــا ة رســول ُها ك َـذّبوه َ َ ُ ك ُ ّ
فأت ْب َ ْ ُ ُ َ م ً ّ ُ جاء أ ّ ما َ ل َ
عدا ً ل ّ َ َ
وم ٍ ق ْ ث َ
فب ُ ْ حاِدي َ م أ َ
ه ْعل ْن َ ٰـ ُج َ و َعضا ً َ م بَ ْ ه ْض ُع َ بَ ْ
375 سورة البقرة
.( ن(44
مُنو َ ل ّ يُ ْ
ؤ ِ
أرأيييت كيييف يكييون البعييد عيين اليمييان سييببا ً
للهلك...
صفات أرقى وأعلى
وبعيييد ذليييك ،تعيييرض الييييات صيييفات أخيييرى
للمؤمنين ،هي بمثابيية مسييتوى أعلييى ميين الصييفات
السابقة :إقرأ معي اليات :61 - 57
مهـــ ْة َرب ّ ِ شـــي ِ خ ْ ن َ مـــ ْ هـــم ّ ن ُ ذي َ ن ٱّلـــ ِ إ ِ ّ
ن :( (57ففي أول السورة كان الخشوع قو َ ف ُ ش ِ م ْ
ّ
صفة مطلوبة في الصلة ،أما هنا فالمستوى أعلييى:
أن تصاحبك خشية الله تعالى في كييل أمييور حياتييك
وعند كل عمل.
ن
مُنــو َ ؤ ِم يُ ْ هــ ْت َرب ّ ِ هــم ِبـَئاي َ ٰـــ ِ ن ُ ذي َ ٱّلــ ِ و
َ
ن .( (58-59فل كو َ ر ُشـ ِم ل َ يُ ْ هـ ْهم ب َِرب ّ ِ ن ُ ذي َ و ٱل ّ ِ َ
يشركون مع الله أحدا ً في عبادتهم ،سواء كييان هييذا
الشرك شركا ً أكبر )كأن يدعو مع الله إلهييا ً آخيير( أو
شركا ً أصغر وهو الرياء .فإياك أن تبتغي ميين عملييك
شيئا ً سوى الجر والثواب من الله.
جل َـ ٌ
ة و ِم َ ه ْ قُلوب ُ ُ و ُ ما ءاَتوا ْ ّ ن َ ؤُتو َ ن يُ ْ ذي َ و ٱل ّ ِ َ
ن.( (60 ه ْ َ َ
عو َ ج ُ م ٰر ِ ه ْم إ ِل ٰى َرب ّ ِ أن ّ ُ
وهنا نصل إلى قمة في صفات المييؤمنين ،وهييي
أن تعبد الله تعالى وتنفذ أوامره ثم تخاف ،مم؟ من
عييدم قبييول العمييل .وقييد سييألت السيييدة عائشيية
سورة البقرة 376
د
حــ ٍ وا ِ ل َ كــ ّ دوا ْ ُ جِلــ ُ فٱ ْ و ٱلّزاِنى َ ة َ ٱلّزان ِي َ ُ
فــى ة ِ ف ٌ ما َرأ ْ َ ه َم بِ ِ خذْك ُ ْ ول َ ت َأ ْ ُ ة َ جل ْدَ ٍ ة َ ما ْئ َ َ ما ِ ه َ من ْ ُ
ّ
وم ِو ٱل َْيــ ْ ن ِبــ ٱلله َ مُنــو َ ؤ ِ م تُ ْ كنت ُ ْ ن ٱلله ِإن ُ ِدي ِ
ن مـــ َ ة ّ فـــ ٌ طائ ِ َما َ ه َ ذاب َ ُ عـــ َ هدْ َ شـــ َ ول ْي َ ْ ر َ خـــ ِ ٱل َ ِ
ن.( (2 مِني َ م ْ
ؤ ِ ٱل ْ ُ
ومع أن الصييل فييي ديننييا هييو الرحميية والرأفيية،
فــى ة ِ فـ ٌ مــا َرأ ْ َ ه َ م بِ ِ خذْك ُ ْ ول َ ت َأ ْ ُ لكن الية قالت َ
ن ٱلله . ِدي ِ
ومع أن السلم يحثنا على الستر ،لن الله تعالى
ستار يحب الستر ،لكيين فيي حيد الزنيا تقيول الييية:
ن . مِني َ ؤ ِ م ْ ن ٱل ْ ُ م َ ة ّ ف ٌطائ ِ َ ما َ ه َ ذاب َ ُع َهدْ َ ش َ ول ْي َ ْ َ
رد شبهة
وهنا يبدأ أعداء السييلم فييي انتقيياد هييذا الييدين،
ووصييفه بالتشييدد والوحشييية فييي تطييبيق الحكييام،
وللسف يستحي بعض المؤمنين من الرد على هييذه
الشبهات ،أو يصدقونها في بعض الحيان .وإلى كييل
هييؤلء نقييول :ل تحكمييوا علييى السييلم إل بعييد أن
تقرأوا سورة النور كلها وتفهموا روعة السييلم فييي
حل مشاكل المجتمع.
وسائل الوقاية
وسبب هذه البداية الشديدة ،أن السورة وضعت
ضمانات قوية لعدم وقوع الزنى ،فلو وقيع أحيد ٌ فيي
هذه الجريمة بعد كل هذه الضمانات والضوابط التي
385 سورة البقرة
.1الستئذان:
فل يدخل رجل علييى امييرأة بمفردهييا فييي بيتهييا،
وخاصة لو كان أخا ً للييزوج أو قريبييه .ول يخلييو رجييل
بامرأة يحل له الييزواج منهييا ،ول يييدخل الولد علييى
أبويهم فييي أي وقييت يشيياؤون بل اسييتئذان وكييذلك
الخدم .يقول تعالى:
خُلوا ْ ب ُُيوتا ً َ مُنوا ْ ل َ ت َدْ ُ َ
غْيــَر ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّ ِ يأي ّ َ
هــاهل ِ َعل َ ٰى أ َ ْ موا ْ َ سل ّ ُ سوا ْ َ
وت ُ َ
ْ
ست َأن ِ ُ حت ّ ٰى ت َ ْ م َ ب ُُيوت ِك ُ ْ
دوا ْ ج ُ م تَ ِ فِإن ل ّ ْ نَ م ت َذَك ُّرو َ عل ّك ُ ْم لَ َ خي ٌْر ل ّك ُ ْم َ ٰذل ِك ُ ْ
َ
وِإن م َ ن ل َك ُـ ُ
ؤذ َ َحت ّ ٰى ي ُـ ْ ها َ خُلو َ فل َ ت َدْ ُ حدا ً َ ها أ َ في َِ
سورة البقرة 386
ٰى ل َك ُـ ْ
م و أ َْزك َـ هـ َ عوا ْ ُ ج ُ ف ٱْر ِ عوا ْ َ ج ُ م ٱْر ِ ل ل َك ُ ْ قي َ ِ
م.( (27 – 28 عِلي ٌ ن َ مُلو َ ع َ ما ت َ ْ و ٱلله ب ِ َ َ
َ
نذي َ هــا ٱل ّـ ِ وبعييد ذلييك يقييول اللييه تعييالى ٰ يأي ّ َ
َ مل َ َ ْ
م م ٰـــن ُك ُ ْ ت أي ْ َ كــ ْ ن َ ذي َ م ٱّلــ ِ ســت َأِذنك ُ ُ مُنــوا ْ ل ِي َ ْ ءا َ
ت مـّرا ٍ ث َ م ث َل َ َ كـ ْ من ُ م ِ حل ُ َ غوا ْ ٱل ْ ُ م ي َب ْل ُ ُ ن لَ ْ ذي َ وٱل ّ ِ َ
((58هييذه اليييات هييي قواعييد المييرور داخييل الييبيت
المسلم ،للطفال والخدم .اسمع معييي هييذه القواعييد
والنظمة:
ن عو َ ضــ ُ ن تَ َ حيــ َ و ِ ر َ ج ِ ف ْ ة ٱل ْ َ صـَلوٰ ِ ل َ قب ْ ِ من َ ّ
صــل َ ٰو ِ
ة د َ عــ ِ مــن ب َ ْ و ِ ة َ هيــَر ِ ّ
ن ٱلظ ِ مــ َ م ّ ث ِي َ ٰـــب َك ُ ْ
ول َ م َ عل َي ْك ُـ ْ س َ م ل َي ْ ـ َ ت ل ّك ُـ ْ وَرا ٍ ع ْث َ شاء ث َل َ ُ ع َ ٱل ْ ِ
ن ( (58...وهي الوقات التي ه ّ عدَ ُ ح بَ ْ جَنا ٌ م ُ ه ْ َ َ
علي ْ ِ
يتخفييف فيهييا المسييلم ميين ثيييابه لينييام أو ليرتييدي
غيرها .ثم تقول اليات:
م حُلـــ َ م ٱل ْ ُ كـــ ُ من ُ ل ِ فـــا ُ غ ٱل َطْ َ ذا ب ََلـــ َ وإ ِ ََ
ْ ْ
م هــ ْ قب ْل ِ ِمن َ ن ِ ذي َ ن ٱل ّ ِ ست َأذَ َ ما ٱ ْ ست َأِذُنوا ْ ك َ َ فل ْي َ ْ َ
م عِلي ـ ٌ و ٱللــه َ ه َ م ءاَيـ ـٰت ِ ِ ن ٱللــه ل َك ُـ ْ ك ي ُب َي ّـ ُ كذٰل ِ َ َ
م...( (58 – 59 كي ٌ ح ِ َ
ما هذا الدين العظيم ،الييذي يييدخل مييع المسييلم
إلى داخل بيته ،لينظم له حركة البيت بما يضمن لييه
السعادة والوقاية من الفات والشرور!!...
.2غض البصر:
وللحفاظ على المجتمع مما يؤدي إلى الفاحشة،
387 سورة البقرة
تعالى:
ت ٰــــــ ِ صن َح َ م ْ ن ٱل ْ ُ مـــــو َ ن ي َْر ُ ذي َ نٱّلـــــ ِ إِ ّ
فــى ٱلــدّن َْيا عُنــوا ْ ِ ت لُ ِ منـــٰ ِ ؤ ِ م ْت ٱل ْ ُ فَلـــٰ ِ غـٰ ِٱل ْ َ
د
ه ُ شـ َم تَ ْو َم ي َـ ْ ظيـ ٌ ع ِ ب َ ذا ٌ عـ َ م َ هـ ْ ول َ ُة َ خـَر ِ و ٱل َ ِ َ
كاُنوا ْ َ َ َ
ما َ م بِ َ ه ْ جل ُ ُ وأْر ُ م َ ه ْ دي ِ
وأي ْ ِ م َ ه ْ سن َت ُ ُم أل ْ ِ ه ْ َ َ
علي ْ ِ
ن..( (23 – 24 مُلو َ ع َ يَ ْ
ل بد من أربعة شهود
وهكييذا نييرى أن السييلم أميير بتطييبيق كييل هييذه
الضييوابط ،ليضييمن خلييو المجتمييع ميين كييل مييا قييد
سييرًا،يسبب وقوع الفاحشة ...فييإذا كييان الييزواج مي ّ
والحجيياب منتشييرًا ،والييتزم النيياس بغييض البصيير
واختفت العلنات الرذيلة ومنع البغاء ،ومع هذا كله،
زنييى شييخص مييا ،فهييل يكييون مسييتحقا ً للحييد؟...
والجواب طبعًا :ل ،لنه ل يكون مستحقا ً للحييد إل إن
شهد عليه أربعة شهداء ،ول يطّبق عليييه حييد الرجييم
أو الجلد إل إذا شهد عليه أربعيية شييهداء عييدول )أي
أمناء موثوق في شهادتهم ومعروفييون بخلقهييم فييي
المجتمع( أو اعترف هو بنفسه .اسمع قوله تعالى:
م ي َأ ُْتوا ْم لَ ْ ت ثُ ّ صن َ ٰـ ِ ح َم ْ ن ٱل ْ ُ مو َ ن ي َْر ُ ذي َ و ٱل ّ ِ َ
َ
ول َ جل ْـدَةً َ ن َ مــاِني َ م ثَ َ ه ْدو ُ جل ِ ُ فٱ ْ داء َ ه َ ش َ ة ُ ع ِب ِأْرب َ َ
وَلــــئ ِ َ شـــهادةً أ َبـــدا ً ُ
م هـــ ُك ُ وأ ْ َ َ َ َ م َ هـــ ْ قب َل ُـــوا ْ ل َ ُ تَ ْ
ك د ٰذل ِـ َ عـ ِمــن ب َ ْ ن ت َــاُبوا ْ ِ ذي َ ن إ ِل ّ ٱل ّ ِ قو َ س ُ
ف ٰـ ِ ٱل ْ َ
حوا ْ َ َ
م..( (4 – 5 حي ٌ فوٌر ّر ِ غ ُ ن ٱلله َ فإ ِ ّ صل َ ُوأ ْ َ
لهذا استحق العقوبة
391 سورة البقرة
َ
ل
س ـ ٰرءي َ
ت ب َن ِــى إ ِ ْ
عب ّــد ّ
ن َ
ىأ ْعل َ ّ
ها َ
من ّ َ
ة تَ ُ
م ٌ
ع َ
نِ ْ
.((22
وينتهي تبييادل التهامييات ليبييدأ الحييوار الييدعوي.
اسمع معي اليات:
قـا َ
ل نَ مي َ ع ٰــل َ ِ ب ٱل ْ َ مـا َر ّ و َن َ و ُعـ ْ فْر َ ل ِ قا َ َ
م ما ِإن ُ َ
كنت ُ ْ ه َ ما ب َي ْن َ ُ و َ ض َ و ٱلْر ِ ت َ م ٰـوٰ ِ س َب ٱل ّ َر ّ
ن.( (23-24 قِني َ مو ِ ّ
ل ل ِمــن حــول َ َ
لقــا َ نَ عو َ م ُ ســت َ ِ ه أل َ ت َ ْ قــا َ َ ْ َ ْ ُ َ
َ
ن.( (25-26 وِلي َ م ٱل ّ ب ءاَبائ ِك ُ ُ وَر ّ م َ َرب ّك ُ ْ
ُ
م ل إ ِل َي ْك ُـ ْ سـ َ ذى أْر ِ م ٱّلــ ِ ســول َك ُ ُ ن َر ُ ل إِ ّ قا َ َ
مــا و َ ب َ ر ِ غ ِم ْ و ٱل ْ َ ق َ ر ِ ش ِ م ْ ب ٱل ْ َ ل َر ّ قا َ نَ جُنو ٌ م ْ لَ َ
ن.( (27-28 قُلو َ ع ِ م تَ ْ كنت ُ ْ ما ِإن ُ ه َ ب َي ْن َ ُ
فنرى أن سيدنا موسييى استرسييل فييي الجييواب
ن ( (23للتييأثير ع ٰـ ـل َ ِ
مي َ ب ٱل ْ َ َ
ما َر ّ و
على سؤال َ
علييى المسييتمعين دون أن يبييالي بالتفاهييات الييتي
صدرت من فرعون بعد السؤال الول.
العلم في قصة موسى
وفي نفس القصيية ،نييرى حييرص سيييدنا موسييى
علييى التييأثير علييى النيياس بأفضييل طريقيية ممكنيية،
فيقول لفرعون:
قا َ َ
ن.( (30 مِبي ٍ جئ ْت ُ َ
ك بِ َ
شىء ّ ول َ ْ
و ِ لأ َ َ
فماذا كيانت هيذه الوسيييلة؟ إنهييا السييحر ،اليذي
كان أفضل وسيلة للتأثير في الناس في عهد سيييدنا
411 سورة البقرة
.( ن (78-82
دي ِ
ٱل ِ م طيئ َِتى ي َ ْ
و َ خ ِ
َ
بيان القرآن
ولن القرآن هو محور دعوة النبي ،فإننا نرى
اليات التي تحدثت عن القييرآن فييي السييورة تركييز
على بيان القرآن وأهميتييه فييي التييأثير فييي النيياس.
تك ءاي َ ٰـــ ُ ْلــ َ
فميين البداييية نييرى قييوله تعييالى ت ِ
ن.( (2 مِبي ِب ٱل ْ ُ ٱل ْك َِتـٰ ِ
وفي أواخر السورة ،وبعد قصييص النبييياء ،يييأتي
ن.( (195 مِبي ٍى ّعَرب ِ ّ
ن َسا ٍ قوله تعالى :ب ِل ِ َ
ول بييد للغيية الخطيياب والتييأثير أن تكييون ملئميية
للجو الذي يعيش فيييه النيياس ،مهمييا كييانت قيمتهييا،
و ن َّزل ْن َ ٰـ ـ ُ
ه ل َ ْ
و
لذلك نرى في السورة قوله تعييالىَ :
مــاهــم ّ ق ـَرأ َهُ َ َ ف َنَ ض ٱل َ ْ عل َـ ٰ
علي ْ ِ مي ـ َج ِع َ عـ ِ ى بَ ْ َ
ن.( (198-199 مِني َؤ ِم ْه ُكاُنوا ب ِ ِ َ
فآيات السورة واضحة أشد الوضوح فييي إرشيياد
المسلمين والدعاة إلى الله ،في كل زمييان ومكييان،
إلييى اسييتخدام أفضييل السيياليب وأوضييحها فييي
الدعوة.
العلم الرباني
فعندما تقرأ أخي المسلم سورة الشعراء ،تييذكر
دائما ً أن العلم ينبغي أن يكون من وسائل الييدعوة
إلييى اللييه ،ل أن يسييتخدم فييي الترويييج للمعاصييي
والفتيين والفييواحش .هييذه هييي رسييالة السييورة
413 سورة البقرة
النمل آية.
سورة التفوق الحضاري
سييورة النمييل تتحييدث عيين التفييوق الحضيياري،
وأهمية أن يمتلك المسلمون معالم حضارية قوية من
العلم والتكنولوجيا والقوة المادية والقييوة العسييكرية،
ليستخدموها في نصرة دين الله تعالى .فهذه السورة
تخاطب الذين يفهمون السلم على أنه صلة ركعتين
وبكاء العينين وحفظ القييرآن فقييط ...هييذه الشييياء -
على أهميتها -ل بد أن تقترن بأسييباب قيييادة الييدنيا
وإدارة الرض وفق منهج الله .وليس هييذا فحسييب،
بل إن تفوق المسلمين الحضاري وتقييدمهم العلمييي
والتكنولوجي يفيد فييي الييدعوة ويييؤثر فييي الخرييين
أضعاف أضعاف ما يؤثر فيهم كلم شخص عييادي أو
فاشل في حياته العملية أو راسب فييي امتحانيياته...
هذه السورة تقول لنا باختصيار :ييا أمية محميد ،لين
يكييون لكييم احييترام ودور مميييز بييين المييم دون أن
414
415 سورة البقرة
المؤسسة الناجحة
وكان رمز التفوق الحضيياري فييي هيذه السييورة:
سيدنا سليمان عليه السلم ،ومملكتييه الييتي جمعييت
بين اليمان والنجاح في الحياة ،هذه المؤسسة هييي
أشبه ما تكون بلغيية اليييوم :شييركة عالمييية متعييددة
الجنسيات ،توظف ضييمن جهازهييا الداري جنسيييات
مختلفييية ،مييين الجييين والنيييس والطيييير والنميييل
والوحوش ...فلنتأمل عناصر التفوق الحضيياري فييي
مملكة سيييدنا سييليمان ،وكيييف أن تفاصيييل القصيية
وجزئياتها تعطينا معنى مهما ً وأبعادا ً جديييدة للتفييوق
الحضاري والنجاح في الحياة:
.1استشعار قيمة العلم
سورة البقرة 416
عْلم ـ ً
ا ... ِ نم ٰـ ـ َسل َي ْ َ و ُوودَ َ دا ُقدْ ءات َي ْن َــا َل َ َو
َ
((15فل تفييوق ميين غييير علييم ،ول يمكيين للطييالب
المسلم أن يخييدم السييلم إل إذا كييان متفوق يا ً فييي
مدرسته وجامعته ،لن ذلك من صميم السلم.
عَلـ ٰى ضـل ََنا َ
ف ّ ذى َ مـدُ للـه ٱّلـ ِ ح ْ قـال َ ٱل ْ َ وَ َ
ن.( (15 مِني َؤ ِ ه ٱل ْ ُ
م ْ عَباِد ِ ن ِ م ْر ّ ك َِثي ٍ
فضلهم بماذا؟ طبعا ً بالعلم ،ورزقهم ميييزة هاميية
أخرى ،وهي العتزاز بييه وإدراك قيميية هييذه النعميية
وحمييد اللييه عليهييا .فالميية الييتي يغييش طلبهييا فييي
المتحانات ويكون كل همهم نيل الشهادات ل تدرك
قيمة العلم ،ول يمكن لهكذا أمة أن تنهييض وتنييافس
باقي المم..
.2توريث الجيال
د ،( (16حتى ل يقف وو َدا ُ
ن َ سل َي ْ َ
م ٰـ ُ ث ُ
ر َ
و ِ
و َ
َ
النجاح عند جيل معين .ول بد من وجود أجيال تييرث
النجيياح وتحييافظ عليييه لضييمان اسييتمرار التفييوق
وتراكم الخبرات داخل المؤسسة الواحدة.
.3إتقان اللغات
قــا َ َ
ق
منطِ ـ َ عل ّ ْ
من َــا َ س ُ
هــا ٱلن ّــا ُ
ل يٰأي ّ َ و َ
َ ...
ر ( (16...وهذه الميييزة تتيييح التعامييل مييع ٱلطّي ْ ِ
الخرين والتفاعل معهم.
.4توفر المكانيات
ُ ...
و ذا ل َ ُ
هــ َ ه ٰـــ َ
ن َ
ىء إ ِ ّ
شــ ْ من ك ُ ّ
ل َ وأوِتيَنا ِ
َ
417 سورة البقرة
ن.( (16 ل ٱل ْ ُ
مِبي ُ ض ُ ٱل ْ َ
ف ْ
فيييأوتيت هيييذه المملكييية المكانييييات والميييوارد
الطبيعييية والبشييرية ،ولييم تقتصيير علييى ذلييك بييل
اجتهدت في الحفاظ على هذه الموارد وتطويرها.
.5حسن الدارة
ه ( (17...تخيييل جن ُــودُ ُ
ن ُم ٰــ َ سل َي ْ َ
شـَر ل ِ ْ ح ِ و
ُ
َ
هذه المملكة العظيمة ،شركة متعددة الجنسيات ،أو
متعددة الكائنات ،فيها الجيين والنييس ،فيهييا الطيييور
ن
جــ ّ ن ٱل ْ ِ والوحوش ،فيها من كل المخلوقات ِ
م َ
ن .( (17وكلمة عو َ م ُيوَز ُه ْف ُر َو ٱلطّي ْ ِ و ٱل ِْنس ََ
"حشر" هنا تبين عييدد الجنييود الكييبير وتنييوعهم .أمييا
التنظيييم الييدقيق وتوزيييع العمييال فنييراه فييي قييوله
ن ،( (17فالكل يؤدي عمله عو َم ُيوَز ُ ه ْ تعالى َ
ف ُ
المطلوب منه ،الذي هو ضمن اختصاصه وإمكاناته.
.6التدريب
ل( (19... ع َ ٰ تى إ َ َ
م ِ
واِدى ٱلن ّ ْ
لى َ وا َذا أت َ ْح ّ ٰ ِ
َ
مييا علقيية هييذه الرحليية إلييى وادي النمييل بسييليمان
وجنوده وتنظيم مملكتهم؟
إن هذه الشييركة تيدرب أفرادهييا ،حيييث يأخيذهم
سليمان ليدربهم ويتنقل بهييم فييي الرض ،فكييان أن
وصفت لنا الية الكريمة جانبيا ً ميين تييدريبهم ،عنييدما
وصلوا خلل جولتهم إلى وادي النمل ،وحصل ما هو
مل َ ٌ
ة قال َ ْ
ت نَ ْ معلوم من حوار النملة مع قومهاَ .. :
سورة البقرة 418
َ
م من ّ ُ
كــ ْ حطِ َ س ٰـك ِن َك ُ ْ
م ل َ يَ ْ خُلوا ْ َ
م َ ل ٱد ْ ُم ُها ٱلن ّ ْ يأي ّ َ
ن.( (18 عُرو َ ش ُ م ل َ يَ ْه ْو ُ
جُنودُهُ َ
و ُن َ سل َي ْ َ
م ٰـ ُ ُ
.7النضباط والحزم
ونتيييابع ميييع قصييية سيييليمان ،لنلحيييظ تنظييييم
المؤسسة الدقيق والحزم في التعامييل مييع الفييراد.
فخلل كييل اجتميياع ،يتييم تفقييد الحضييور والغييياب:
َ
د
ه َ ي ل َ أَرى ٱل ْ ُ
ه دْ ُ مال ِ َ قا َ
ل َ قدَ ٱلطّي َْر َ
ف َ ف ّوت َ َ
َ
ديدا ً ذابا ً َعـ َ ن لُ َ ن ٱل ْ َ م َ َ
شـ ِ ه َ عذّب َن ّ ُ غائ ِِبي َ م َ
ن ِ كا َ أ ْ
ن (20- و ل َي َـأ ْت ِي َّنى ب ِ ُ ْ َ أ َو ل َذْبحن ّ َ
مِبي ـ ٍن ّ سلط ٰـ ـ ٍ هأ ْ َ َ ُ ْ
(21فسليمان عليه السييلم لييم يسييأل عيين الهدهييد
قيده ،مميا ييدل عليى دقية النظيام فيي فقط بيل تف ّ
المملكة .ومع أن الهدهد جندي صغير ولن يؤثر فييي
قوة الجيش ،لكن غيابه يخييل بالنضييباط وينبغييي أن
يقابل بالحزم.
.8انتماء الفراد للرسالة
ويظهر في قصة سييليمان انتميياء أفييراد الشييركة
وموظفيهيييا للرسيييالة وشيييعورهم بقضييييتها تماميييا ً
كالقييائد .فالهدهييد طييار ميين فلسييطين إلييى اليميين
ليحضر معلومات عين مملكيية تسيجد للشييمس ميين
دون الله ،ليقف أمام الملك دون خجييل ويقييول لييه:
حـ ْ َ
ه ( (22...وقييد درس ط ب ِـ ِ م تُ ِ ما ل َ ْ
ت بِ َحط ُ أ َ
الموقف جيدا ً وأحضر معلومات يقينية ودقيقة... :
ن.( (22 قي ٍ سب َإ ٍ ب ِن َب َإ ٍ ي َ ِمن َ ك ِجئ ْت ُ َ و ِ
َ
419 سورة البقرة
و ّ
ل م ث ُـ ّ
م ت َـ َ هـ ْ ق ْ َ
ه إ ِلي ْ ِ فأ َل ْ ِ
ذا َ ه ٰـ َهب ب ّك َِتاِبى َ ٱذْ َ
ن ( (28..فيقييوم عــو َ ج ُ ذا ي َْر ِ ف ـ ٱن ْظُْر َ
مــا َ م َ ه ْ
عن ْ ُ
َ
سيدنا سليمان بتجربة مع هييؤلء القييوم ...أي علييوم
هذه؟ وأي تنظيييم هييذا؟ يييا أميية محمييد تعلمييوا ميين
مملكة سليمان كيف يكون النجاح...
الشورى وقود التفوق
وفييي الناحييية المقابليية ،نييرى مؤسسيية متفوقيية
أيضًا :مملكة بلقيس .وسييبب نجاحهييا هييو اسييتخدام
الشورى بين قومها ،فهي ل تقييوم بييأي خطييوة قبييل
أن تشاركهم في أخذ القرار:
َ مل ُ أ َ ْ َ
مــا رى َ م ِفى أ ْ فُتوِنى ِ ها ٱل ْ َ ت يٰأي ّ َ قال َ ْ َ
ق ٰـطع ً َ
ن.( (32 دو ِ ه ُ
ش َ حت ّ ٰى ت َ ْ مرا ً َ ةأ ْ ِ َ ت َ ُ
كن ُ
ورغم أن الملكة لم تكن عليى ديين الليه تعيالى،
لكنهييييييييييييييا اسييييييييييييييتعملت عييييييييييييييامل ً
مهمييا ً ميين عوامييل النجيياح الداري ،وهييو الشييورى
ن
ح ُ وتقبل الرأي الخيير ...فميياذا قييالوا لهييا؟ ..ن َ ْ
َ ْ ة َ ُ ُ ُ
ك م ـُر إ ِل َي ْـ ِ و ٱل ْ د َ دي ٍشـ ِ س َ وأولوا ب َأ ٍ و ٍق ّ وُلوا ْ ُأ ْ
ْ
ن.( (33 ري َ م ِذا ت َأ ُ ما َ رى َ ف ٱنظُ ِ َ
فليس لهم رأي ،وهم بخلف الهدهييد الييذي كييان
له رأي يعتز به وقضية يجادل من أجلها .قارن بييالله
َ
م مــا َلــ ْ ت بِ َ حط ُ عليك بين جيش فيه من يقول أ َ
ه ..والتي هييي أسيياس الشييورى وأسيياس ط بِ ِ ح ْتُ ِ
مُر إ ِل َْيــ ِ َ
ك و ٱل ْ النصر ،وبين جيش فيه من يقول َ
ْ
ن . ري َ م ِذا ت َأ ُ ما َ رى َ ف ٱنظُ ِ َ
421 سورة البقرة
حضارة ربانية
وتحاول ملكة سبأ أن تختبر صييدق سييليمان فييي
ة ة َ
فن َــاظَِر ٌ دي ّـ ٍ
ه ِ
م بِ َ
ه ْ سل َ ٌ َ دعوتهَ ،
ة إ ِلي ْ ِ مْر ِوإ ِّنى ُ
ن ( (35لكنه غضييب وقييال: سُلو َ مْر َ ع ٱل ْ ُ ج ُ
م ي َْر ِ بِ َ
مــا ل َ َ
م ّ
خي ْـٌر ّما ءاَتـِٰنى ٱللــه َ ف َ ما ٍ
ن بِ َ دون َ ِم ّ أت ُ ِ
م.( (36 ءات َ ٰـك ُ ْ
لنه صاحب رسالة ربانية ل يريد جمع المال ميين
ورائهييا ،وليييس أخييذه بأسييباب النجيياح والتفييوق
الحضاري من أجل إخضاع المم ونهب ثرواتهييا ،بييل
هييدفه ميين وراء ذلييك كلييه هييو إيصييال رسييالة اللييه
للناس كلها...
التفوق التكنولوجي
ومملكة سليمان تملك قوة عسكرية ل مثيل لهييا
ٱر جع إل َيهم َ ْ
مهـ ْل لَ ُ جُنوٍد ل ّ ِ
قب َ َ هم ب ِ ُفل َن َأت ِي َن ّ ُ ْ ِ ْ ِ ْ ِ ْ
ن غُرو َ ص ٰــ ِم َ هـ ْو ُ ها أ َِذل ّـ ً
ة َ من ْ َ
هم ّ جن ّ ُ
ر َ ول َن ُ ْ
خ ِ ها َ
بِ َ
..((37نستشييعر فييي هييذه الييية عناصيير التفييوق
الحضاري التي تميزت بها مملكة سليمان ،من إدارة
عالية وعلوم وقوة عسكرية ،إضافة إلى عامل مهييم
جييدًا ،وهييو العامييل الييذي س يّبب النبهييار الحضيياري
وإسلم ملكة سبأ...
سبقها عرشها
عندما علم سليمان بقدوم الملكة للتفاوض معه،
هــا قا َ َ
طلييب ميين جنييوده التيييان بعرشييها َ
ل يأي ّ َ
سورة البقرة 422
فـُر م أ َك ْ ُ َ
شـك ُُر أ ْ وِنى َأء ْ ل َرب ّــى ل ِي َب ْل ُـ َ ض ِ ف ْ من َ ِ
.وكان شكر سيدنا سيليمان عليى هيذه النعيم
بتسخيرها لنشر اليمان في الرض كلها..
عْلمـا ً ن ِ م ٰــ َ سل َي ْ َ و ُ وودَ َ دا ُ قدْ ءات َي َْنا َ ل َ َو
-العلمَ :
( (15ول حضييارة بغييير علييم وتفييوق علمييي
والهم من ذلك ،استشعار قيمة العلم...
َ
ه مــا َرأت ْـ ُ فل َ ّ
-التكنولوجيا المتطييورة والمبهييرةَ :
ه ل إ ِن ّ ُ قا َ ها َ قي ْ َ سا َ عن َ ت َ ف ْ ش َ وك َ َ
ة َ ه لُ ّ
ج ً سب َت ْ ُح ِ َ
ريَر.( (44.. قوا ِ من َ مّردٌ ّ م َ ح ّ صْر ٌ َ
م هــ ْ جــ ْ َ
ع إ ِلي ْ ِ -القييوة العسييكرية الشييديدة :ٱْر ِ
َ ْ
ها.( (37.. م بِ َ ه ْل لَ ُ
قب َ َجُنوٍد ل ّ ِ هم ب ِ ُ فل َن َأت ِي َن ّ ُ
-شعور الفراد بالمسؤولية :وهذا قد ظهر واضييحا ً
في موقف الهدهد ورحلتييه الدعوييية إلييى مملكيية
سبأ.
كم وسيلة تمتلك أمتنا من هذه الوسييائل؟ وأييين
هو دورك يييا قييارئ القييرآن حييتى تبنييي أميية ناجحيية
ومتفوقة كأمة سليمان...؟
سلطان الله أعظم
وميين روعيية القييرآن فييي عييرض سيينن التفييوق
الحضاري ،أن سييورة النمييل -برغييم تركيزهييا علييى
المقومات والسباب المادية للنصيير -قييد اسييتعانت
بأمثلة كلها معجزات :من هدهد يتكلم ويجييادل ،إلييى
نمليية حكيميية تييوجه قومهييا ،وخلل ذلييك كلييه قييول
425 سورة البقرة
فـــى م ِ ه ْ خل ِ َ
فن ّ ُ ســـت َ ْ ت ل َي َ ْ حا ِ ص ٰــــل ِ َ مُلـــوا ْ ٱل ّ ع ِو َ َ
ف ٱل ّـ ِ خل َ َ َ
م هـ ْ قب ْل ِ ِمـن َ ن ِ ذي َ سـت َ ْ مـا ٱ ْ ض كَ َ ٱل ْر ِ
م هـ ْضـ ٰى ل َ ُ ذى ٱْرت َ َ م ٱّلـ ِ هـ ُ م ِدين َ ُ هـ ْ ن لَ ُ مك َّنـ ّ ول َي ُ َ
َ
َ
دون َِنى ل َ عُبــ ُ منا ً ي َ ْ مأ ْ ه ْ ف ِو ِخ ْد َ ع ِ من ب َ ْ م ّ ه ْول َي ُب َدّل َن ّ ُ َ
شْيئا ً ) النور .(55 ،هذا الييية وعييد ن ِبى َ كو َ ر ُ
ش ِ يُ ْ
ه
دو ُ ميين وعييود اللييه تعييالى ،تشييبه تمام يا ً إ ِّنا َرا ّ
كعل َْيـــ َ ض َ فـــَر َ ذى َ ن ٱّلـــ ِ ك ( (7و إ ِ ّ إ ِل َْيـــ ِ
عاٍد ( (85في كونها من م َك إ ِل َ ٰى َ ن ل ََرادّ َ قْرءا َ ٱل ْ ُ
عند الله ،وأنها متحققة ل محاليية كمييا تحققييت هييذه
الوعود) ،وإن طالت المدة لثماني أو عشر سنين أو
أكثر( .فهل ستمتلئ قلوبنييا بوعييد اللييه بعييد قراءتنييا
لسورة القصص؟
ضريبة الدعوة
لكيين تحقييق وعييد اللييه تعييالى مرتبييط بتضييحية
ومجاهييدة ميين الييدعاة أنفسييهم ،ولييذلك أشييارت
السورة إلى انتقييال مكييان الييدعوة ،كمييا فييي قصيية
موسى عليه السلم وسيرة النبي ،ويتجلى ذلييك
ع و َ ُ ْ بوضييوح فييي قييوله تعييالى َ
قــالوا ِإن ن ّت ِّبــ ِ
َ خط ّ ْ
ضَنا.( (57
ن أْر ِ
م ْ
ف ِ ع َ
ك ن ُت َ َ م َ ٱل ْ ُ
هدَ ٰى َ
ل ،لنييه فطريق الدعوة إلى الله ليس طريقا ً سه ً
مليء بالتضحيات وترك الوطييان ،لكيين آخييره نصيير
وعزة إن شاء الله.
إرادة الباطل وإرادة الله
سورة البقرة 434
ُ و َ
ســ ٰى مو َ م ُ حي َْنا إ ِل َ ٰى أ ّ وَ
عجيب:أ ْ
َ السابعة بأمر
ه ( (7فكأن هذه الية هي بداية تحقيق َ َ
عي ِض ِ ن أْر ِ أ ْ
الوعد ،كيف؟
فالسييورة -بعييد أن أشييارت إلييى علييو فرعييون
وتجّبره وإلى حتمية التغيير -انتقلت إلى جو مختلف
تماميًا :أم ترضييع ابنهييا .فمييا العلقيية؟ إن فييي ذلييك
إشييارة بييأن النصيير يبييدأ بأمهييات تربييي أطفالهييا،
وترضعهم -مع الحليب -التمسك بهذا الدين ،والثقة
بوعد الله .واللطيييف أن الييية لييم تقييل لم موسييى
)فإذا خفت عليه فخييبئيه( أو )فاحضيينيه( ،بييل قييالت
م فــى ٱلي َ ـ ّ ه ِقي ِ ف ـأ َل ْ ِ
ه َ عل َي ْـ ِت َ خ ْ
ف ِ ذا ِ فإ ِ َلها َ
،((7وكأن المعنى :إلقيه في اليم وثقييي بوعييد اللييه،
ن
م َ عُلوهُ ِ ج ٰـ ِ
و َك َ دوهُ إ ِل َي ْ ِ لماذا؟ لنه يقول إ ِّنا َرا ّ
ن .( (7قصة مولييد أميية ،بييدأت بطفييل سِلي َ مْر َ ٱل ْ ُ
يرمى في البحر ،وأم واثقة من وعد الله لها.
دور المرأة في نصرة الدين
وسييورة القصييص تسييلط الضييوء بشييكل واضييح
على دور المييرأة فيي نصييرة هييذا الييدين .فالمحيياور
الرئيسية في السورة والشخاص الساسيون الييذين
نساعدوا موسييى عليييه السييلم فييي تأدييية دوره كي ّ
ُ أربع نساء ،أولهيين أم موسييىوأ َ
م حي َْنا إ ِل َـ ٰى أ ّ
و َْ َ
س ٰى .التي حمته بتصييرفها الواثييق بوعييد اللييه مو َُ
لها..
ه
صــي ِ ه ُ
ق ّ ت لُ ْ
خِتــ ِ قال َ ْو َ
ثم دور أخت موسى َ
سورة البقرة 436
ن عُرو َ شــ ُ م ل َ يَ ْ هــ ْ و ُب َ جُنــ ٍ عــن ُ ه َ ت ِبــ ِ صــَر ْ فب َ ُ َ
له ْ ت َ قال َ ْ ف َ ل َ قب ْ ُ من َ ع ِ ض َ مَرا ِ ه ٱل ْ َ عل َي ْ ِ مَنا َ حّر ْ و َ َ
َ َ ُ َ َ َ
ه
م لـ ُ هـ ْ و ُ م َ ه لك ُـ ْ فلون َ ُ ت ي َك ْ ُ ل ب َي ْ ٍ ه ِ عل ٰى أ ْ م َ أدُل ّك ُ ْ
ُ
ه .( (11 – 13إنه دور م ِ ه إ ِل َ ٰى أ ّ ف َردَدْن َ ٰـ ُ نَ
حو َ ص ُ ن َ ٰـ ِ
الخت التي أعادت موسى عليييه السييلم إلييى أمييه.
َ
ت م ـَرأ ُ تٱ ْ قــال َ ِ و َ والثالثيية هييي زوجيية فرعييون َ
ســ ٰى ع َ قت ُُلــوهُ َ ك ل َ تَ ْ ول َ َ ن ّلى َ عي ْ ٍ قّرةُ َ ن ُ و َ ع ْ فْر َ ِ
ول َــدا ً .( (9والرابعيية هييي َ َأن ي َن ْ َ
خ ـذَهُ َ و ن َت ّ ِ عَنا أ ْ ف َ
ما ه َ دا ُ حـ َ ه إِ ْ جــاءت ْ ُ ف َ بنييت شييعيب الييتي تزوجهيياَ :
ك عو َ ن أ َِبى َيــدْ ُ ت إِ ّ قال َ ْ حَياء َ ست ِ ْ عَلى ٱ ْ شى َ م ِ تَ ْ
ت ل ََنا .( (25ل بل أنها هي س َ َ زي َ َ
قي ْ َ ما َ جَر َ كأ ْ ج ِ ل ِي َ ْ
ما ه َ دا ُ حــ َ ت إِ ْ قال َ ْ التي أوحت لبيها بهذه الفكييرة َ
ت َ
جْر َ سَتـــ َ نٱ ْ مــ ِ خْيــَر َ ن َ جْرهُ إ ِ ّ سَتـــ ِ تٱ ْ يــٰأب َ ِ
ن ..( (26إنهيين أربييع نسيياء كييان ميـ ُ ى ٱل َ ِ و ّ ق ِ ٱل ْ َ
لهيين دور محييوري فييي حييياة سيييدنا موسييى عليييه
السلم بعون وتوفيق من الله تعالى..
وإن كان هناك أربع نساء ساعدن سيدنا موسييى
في حياته وفي دعوته ،فإننييا نييرى فييي حييياة سيييدنا
محمييد أدوارا ً مهميية للعديييد ميين النسيياء ،كالسيييدة
خديجيية رضييي اللييه عنهييا الييتي كييانت تييدعم النييبي
بنفسييها ومالهييا ،بالضييافة إلييى أم سييلمة وعائشيية
وغيرهن من أمهات المؤمنين .ول ننسى أول شهيدة
في السلم ،السيدة سييمية ،والسيييدة فاطميية بنييت
النبي وسييدة نسياء العيالمين ..أرأييت المقابلية
437 سورة البقرة
َ
ن( (58 رِثي َ
وا ِم ٱْلــ َ عل َ ُ
هــ ُ ج َ ون َ ْة َ مــ ً م أئ ِ ّ عل َ ُ
هــ ْ ج َ ون َ ْ َ
وأنييت يييا عمييار ميين الييذين استضييعفوا فييي الرض،
فأردت يا عمار أن أري الناس وعد الله وهو يتحقق،
اذهب فقد وليتك العييراق لمييدة شييهر ليييرى النيياس
ريدُ َأن وعد اللييه وهييو يتحقييق أمييام أعينهييم َ
ون ُ ِ
ض َ فوا ْ ِع ُ عَلى ٱل ّـ ِ
فــى ٱل ْر ِ ضـ ِست ُ ْ نٱ ْ ذي َ ن َ م ّ نّ ُ
َ
ن .رِثي َ م ٱل ْ َ
وا ِ ه ُ عل َ ُج َون َ ْة َ م ًم أئ ِ ّ ه ْعل َ ُج َ ون َ ْ َ
سراقة بن مالك وسواري كسرى
وتتجلى ثقة النبي بوعييد اللييه تعييالى فييي حادثيية
الهجرة أيضًا ،حين كان مطاردا ً وجاء سراقة بيين
مالييك ليقتلييه أو يأسييره وينييال جييائزته ميين قريييش
)وهي 100ناقة( ..لكنييه كلمييا حيياول القييتراب منييه
وقع عن فرسه بل سييبب مييع كييونه فارس يا ً مغييوارًا،
فيقول سراقة "فعلمت بأن الرجييل ممنييوع" .أي أن
هناك ما يمنعه ،فقال يا محمد أعطني المان ،فقييال
النبي لك المان ،فقال سراقة :يييا محمييد أردت
أن آخذك فلم أسييتطع وكنييت أرييد جييائزة فيأعطني
أنت شيئًا ،فقال له النبي أعدك سواري كسرى،
فقال سراقة :كسرى من؟ فقال النبي :كسييرى
ملك الفيرس فقيال سيراقة :أتكتيب ليي كتابيا ً بهيذا
فقال النبي يا أبا بكر أكتب له كتابا ً بهذا.
يا رسول اللييه ،لميياذا لييم تعييده بأوقييية بلييح ميين
المدينة؟ أو بمبلغ من المال؟ لماذا سواري كسرى؟
إنها الثقة من النبي بوعد الله تبارك وتعالى...
441 سورة البقرة
َ
ضو ٱلْر ِ ت َ م ٰـــوٰ ِ س َ ق ٱل ّ خْلــ ُ ه َ ن ءاَيـــٰت ِ ِ مــ ْ وِ َ
َ َ
ك فــى ٰذل ِـ َ ن ِ م إِ ّ وأل ْـ ٰون ِك ُ ْ م َ س ـن َت ِك ُ ْ ف أل ْ ِ خت ِل َ ٰـ ـ ُ وٱ ْ
َ
َ
ل كم ب ِٱل ّْيــ ِ م ُ مَنــا ُ ه َ ن ءاَيـٰت ِ ِ م ْ و ِنَ مي َ ع ٰـل َ ِ ت ل ّل ْ َ لي َ ٰـ ٍ
ه (22-23) -... ضـل ِ ِ ف ْ مـن َ م ّ ؤك ُ ْغا ُ و ٱب ْت ِ َ ر َ ها ِ و ٱلن ّ َ َ
معـا ً وطَ َ وفـا ً َ خ ْ م ٱل ْب َـْرقَ َ ريك ُـ ُ ه يُ ِ ن ءاَيــٰت ِ ِ م ْ و َِ
ض َ ماء َ وي ُن َّز ُ
ه ٱل ْر َ ى ِبــ ِ ح ِ في ُ ْ ماء َ س َ ن ٱل ّ م َ ل ِ َ
ماء ه أن ت َ ُ َ
ســـ َ م ٱل ّ قـــو َ ن ءاَيــــٰت ِ ِ مـــ ْ و ِ َ (24) -
ه.( (25 َ َ
ر ِ م ِ ض ب ِأ ْ و ٱل ْر ُ َ
هذه السورة 60آية ،من فضييلك أنظيير بنفسييك،
كم مرة وردت كلمة آيات في هييذه السييورة؟
لييذلك بعييد أن تقييرأ السييورة ،أخييرج إلييى الطبيعيية
وتفكر في خلق الله لمدة 5دقائق ،من الييذي خلييق
455 سورة البقرة
فــى ن ِفت َك ُـ ْ
ل َ خـْردَ ٍن َمـ ْ ة ّحب ّـ ٍ
ل َ مث ْ َ
قــا َ ك ِ ِإن ت َـ ُ
ض َ َ خر َ
فــى ٱل ْر ِ و ِ تأ ْم ٰـــوٰ ِ س َفــى ٱل ّ و ِ ةأ ْ صــ ْ َ ٍ َ
ْ
خِبيــٌر.( (16 ف َ طيــ ٌ ن ٱللــه ل َ ِ ها ٱلله إ ِ ّ ت بِ َي َأ ِ
ومن روعة هذه الية أنها ضييربت مثل ً يفهمييه الولد
الصغار ،بينما تحمل معنى عظيما ً يلئم الكبييار أيض يا ً
ويجعلهييم يشييعرون بقييدرة اللييه تعييالى وإحيياطته
وعلمه.
.2بر الوالدين ،وتعريف البناء بفضل البــاء
عليهم ،حتى يعرفوا معنى الشكر ،شكر الله
وشكر الوالدين.
ه ص ـيَنا ٱلن ْس ٰـ ـن ب ٰول ِـديه حمل َت ْـ ُ
مـ ُ هأ ّ ُ َ ْ ِ َ َ َ ِ ِ َ و ّ ْ و ََ
َ
ننأ ِ مي ْ ِ
عــا َفــى َ ه ِ صــال ُ ُ ف َو ِ ن َ هـ ٍ و ْعَلــ ٰى َ هن ـا ً َ
و ْ
َ
صيُر.( (14 م ِ ى ٱل ْ َ ك إ ِل َ ّ شك ُْر ِلى َ
وِلوٰل ِدَي ْ َ ٱ ْ
وحتى عند المر ببر الوالدين ،يأتي التذكير بعييدم
الشرك حتى لو كان ذلييك طاعيية للوالييدين ،ليعلمنييا
القيييرآن أن المريييين ل ينبغيييي أن يتعارضيييا ميييع
ر َ
ك ب ِــى عل َـ ٰى َأن ت ُ ْ
شـ ِ ك َ دا َ ه َج ٰـ َ إن َ و ِ
بعضهماَ ..
مــا ( (15وتييأتي ه َ فل َ ت ُطِ ْ
ع ُ م َ عل ْ ٌه ِ ك بِ ِس لَ َ ما ل َي ْ َ
َ
قاعدة هامة في التوازن بين البر وبين ترك الشرك:
عُروفا ً.( (15 م ْ
فى ٱلدّن َْيا َ ما ِ ه َحب ْ ُصـٰ ِ
و ََ
.3أهمية العبادة واليجابية في الحياة.
قـم ٱلص ـل َو ٰةَ ْ َ
ف
عُرو ِ مـْر ب ِـ ٱل ْ َ
م ْ وأ ُ
َ ّ ىأ ِ ِ ٰ يب ُن َـ ّ
ر.( (17 ن ٱل ْ ُ
من ْك َ ِ ع ِ
ه َ و ٱن ْ َ
َ
سورة البقرة 462
فــى ش ِ مـ ِ ول َ ت َ ْ س َ ك ِللن ّــا ِ خـدّ َعْر َ صـ ّ ول َ ت ُ َ َ
ل ب ك ُـ ّ ن ٱللــه ل َ ي ُ ِ مَرحا ً إ ِ ّ َ
خت َــا ٍ
م ْ ل ُ حـ ّ ض َ ٱل ْر ِ
مــن ض ِ ضـ ْ غ ُ وٱ ْ ك َ ش ـي ِ َم ْفــى َ ص دْ ِ ق ِ وٱ ْ رَ خو ٍ ف ُ َ
َ َ
ر ميــ ِ ح ِت ٱل ْ َ و ُ صــ ْ ت لَ َ صوٰ ِن أنك ََر ٱل ْ ك إِ ّ وت ِ َ ص َْ
،((18-19ـ ل بد ميين التعامييل مييع النيياس بييأدب وذوق
حتى في أدق التفاصيل ،فييي المشييي والصييوت .فل
يرفع المرء خييده اسييتعلًء علييى النيياس ،ول يمشييي
د
صــ ْق ِ وٱ ْ بالخيلء بين الناس بل يقتصد في ذلك َ
ك ،ول يرفع صوته أكثر مما يحتاج إليييه شي ِ َ م ْ فى َ ِ
السامع.
.7تحديــد الهــدف فــي الحيــاة والتخطيــط
للمستقبل
ومن روعة السورة أنها شملت هذا المعنى أيضا ً
فييي التربييية .وذلييك مييا نييراه فييي قييوله تعييالى:
ك فهييذه الييية قييد تكييون شي ِ َ
م ْ
فى َ
ص دْ ِ
ق ِوٱ ْ
َ
إتماما ً لسلسلة الذوقيات والخلق التي تحدثت عنها
السييورة ،فيكييون المعنييى أن تمشييي علييى الرض
بوقييار ودون أي عجييب أو خيلء .وقييد تعنييي "اقصييد
في مشيك" :أن تضع قصدا ً وهدفا ً وراء كييل خطييوة
تمشيها ،فل تعيييش فييي الحييياة زائدا ً عليهييا دون أن
يكون لك أي هدف فيها...
العاطفة بريد التربية
ونلحظ في السورة أن هذا الكم من التوجيهييات
سورة البقرة 464
مــا
م ّ معــا ً َ
و ِ وطَ َ
وفا ً َ
خ ْ
م َه ْ
ن َرب ّ ُ
عو َع ي َدْ ُ
ج ِ
ضا ِ م َ ٱل ْ َ
ن .( (16وحييتى عنييدما يلجييأون قو َف ُ
م ُين ِ ه ْ
قن َ ٰـ َُرَز ْ
إلييى النييوم ،ترفضييه أجسييامهم .وانظيير إلييى عبييارة
"تتجافى جنوبهم عن المضاجع" ما أروعها ...فييالنوم
والسرير يمثلن بالنسبة لكييثير ميين النيياس الراحيية،
أما الخاضعون ،فهم يرفضون النوم لما يحملونه من
حب للعبادة وخوف من النار وطمعا ً بالجنة.
وانظر كيف يكييرم اللييه ميين خضييع لييه ميين بنييي
إسييييييرائيل ،ويعييييييزه فييييييي الييييييدنيا قبييييييل
َ َ
رَنا ل َ ّ
ما م ِ
ن ب ِأ ْ
دو َ
ه ُة يَ ْ
م ًأئ ِ ّ م
ه ْ من ْ ُعل َْنا ِ ج َ
و َ
الخرةَ :
ن.( (24 قُنو َ ُيو ِ كاُنوا ْ ِبـَئاي َ ٰـت َِنا صب َُروا ْ َ
و َ َ
إياك أن تكون منهم
وأما من لم يخضييع فييي الييدنيا بييإرادته ،فسييوف
يخضع في الخرة قهرا ً بل أجر ،بل بعذاب أليم:
ســـوا ْ ن َناك ِ ُ مـــو َ ر ُ ج ِم ْرى إ ِِذ ٱل ْ ُ و َتـــ َ ٰ وَلـــ ْ َ
عَنا َ
م ْ سـ ِ و َ ص ـْرَنا َ م َرب ّن َــا أب ْ َ هـ ْ عن ـدَ َرب ّ ِ م ِ ه ْ سـ ِ ُرءو ِ
ن وتييأتي قن ُــو َ مو ِ ص ٰـِلحا ً إ ِن ّــا ُ ل َ م ْع َ عَنا ن َ ْ ج ْ ف ٱْر َِ
آية أخرى لترينيا كييف أن الخضيوع فيي الخيرة لين
نذي َ ع ٱل ّ ِ ف ُ ح ل َ َين َ فت ْ ِم ٱل ْ َ و َل يَ ْ ق ْيفيد أصحابه ُ
ن.( (29 م ُينظَُرو َ ه ْ ول َ ُ م َه ْم ٰـن ُ ُ فُروا ْ إ ِي َ َكَ َ
لكيين اللييه تعييالى يمهييل أولئك المتكييبرين حييتى
يعودوا إليه ،ويرسل لهييم بعييض البتلءات والعييذاب
م ه ْقن ّ ُذي َول َن ُـ ِ
عساهم يخضعون لربهييم جييل وعلَ :
سورة البقرة 470
َ ن ٱل ْ َ ب ٱل َدَْنــ ىٰ ُ ن ٱل ْ َ
رب ٱل ك َْبــ ِذا ِعــ َ دو َ ذا ِع َ م َ ّ
ن.( (21 عو َ
ج ُم ي َْر ِ ه ْ عل ُّ لَ َ
وكأن السورة تعرض لك النموذجين وتسألك :مع
أي الفريقين أنت؟
ســقا ً ل ّ فا ِن َ
كــا َ مــن َ منا ً ك َ َ م ْ
ؤ ِ ن ُ من َ
كا َ ف َ أ َ َ
ن.( (18 وو َ ست َ ُ يَ ْ
الموت حق
ولنها سورة الخضييوع ،يييأتي فيهييا ذكيير المييوت،
حتى يفيق الغافلون من غفلتهم ويخضعوا لله:
وك ّـ َ
ل ذى ُ ت ٱل ّـ ِ و ِ ك ٱل ْ َ
مـ ْ مل َ ُ
كم ّ فـٰ ُ و ّ ُ
ق ْ
ل ي َت َ َ
ن..( (11 عو َج ُ م إ ِل َ ٰى َرب ّك ُ ْ
م ت ُْر َ ب ِك ُ ْ
م ثُ ّ
لكل هذه المعاني الرقيقة والخاشعة ،كان النييبي
يقرأ هذه السييورة فجيير كييل جمعيية ،ليجييدد نييية
الخشوع والخضوع لله في الدنيا قبل العييرض علييى
الله.
فإذا أحسست أخي المسلم بفتييور فيي عبادتييك،
وأردت أن تقوي همتك وتجدد خشيوعك لليه تعيالى،
إقييرأ سييورة السييجدة واطلييب ميين اللييه تعييالى أن
يعينك على ذلك الجزءان ).(23 – 22
سور الحزاب وسبأ وفاطر
ويس والصافات وص
محاور الستسلم
وهذه السور الست تدور حول محور واحد ،وهييو
الستسلم لله تعالى في كل شؤون الحياة:
سورة الحزاب :الستسلم لله فييي المواقييف
الحرجة
ســورة ســبأ :الستسيييلم لليييه سيييبيل بقييياء
الحضارات
سورة فاطر :الستسلم لله سبيل العزة
ســورة يــس :الستسييلم للييه بالصييرار علييى
الدعوة حتى لو يئست من النتيجة
سورة الصافات :الستسلم لله وإن لم تفهييم
الحكمة من الوامر
سورة ص :الستسلم لله بالعودة إلى الحق بل
عناد
473 سورة البقرة
سورة الحزاب
سو الستسلم لله في المواقف الحرجة:
رة وهييذه السييورة هييي بالمناسييبة ميين أكييثر سييور
الحيييزا القرآن تصويرا ً لمواقف حرجة قد يمر بهييا النسييان.
فحادثيية الحييزاب )أو غييزوة الخنييدق( هييي نفسييها
مــن م ّ جــاءوك ُ ْ صورة لموقف بغاية الصييعوبة إ ِذْ َ
من ُ َ
ت غـــ ِوإ ِذْ َزا َ م َ كـــ ْ ل ِف َســـ َنأ ْ مـــ ْ و ِ م َ قك ُ ْو ِ َ
فـــ ْ
وت َظُن ّــو َ
ن ب ٱل ْ َ قُلو ُ ت ٱل ْ ُ وب َل َ َ َ
جَر َ حَنا ِ غ ِ صـُٰر َ ٱل ب ْ َ
نمن ُــو َؤ ِم ْى ٱل ْ ُ ك ٱب ْت ُل ِـ َ هَنال ِـ َب ِٱلله ٱلظُّنون َـا ْ ُ
ديدا ً.( (10 – 11 ش ِ زل َْزال ً َ وُزل ْ ِ ُ ْ
زلوا ِ َ
سورة البقرة 474
فتر ّ
كز السورة فيي كيل آياتهيا عليى طاعيية اللييه
والستسلم له في هذه المواقف.
مواقف اجتماعية
وبعد ذلك كان موقف محرج آخر وهو طلق زيييد
رضي الله عنه ميين زينييب بنييت جحييش رضييي اللييه
ضــ ٰى ما َ
ق َ عنها ومن ثم زواج النبي بهيياَ ...
فل َ ّ
ها...( (37 جن َ ٰـك َ َ طرا ً َز ّ
و ْ و َ
ها َ
من ْ َ
َزي ْدٌ ّ
ثم تحريم التبني وإلغاء هذه العدة المتأصلة فييي
م ...( (5وهذه َ
ه ْ م لَبائ ِ ِ ه ْعو ُ نفوس العرب :ٱدْ ُ
القاعييدة الييتي بييدأت مييع سيييدنا محمييد ،عنييدما
ألغي تبنيه لزيد ،وعاد اسم زيد بن حارثيية إليييه بييدل ً
من زيد بن محمد ...موقييف محييرج لزيييد وللنييبي...
ما لذلك تقول اليات تعقيبييا ً علييى هييذه الحادثيية ّ
ض ٱللــه فـَر َ ما َ في َ ج ِ حَر ٍ ن َ م ْ ى ِ عَلى ٱلن ّب ِ ّ ن َ كا َ َ
ه.( (38 لَ ُ
ويأتي موقف صعب :نسيياء النييبي يطلبيين زيييادة
فييي النفقيية .وليييس هييذا ترفييا ً منهيين ،لن الوضييع
القتصادي الذي كانوا عليييه كييان غاييية فييي الشييدة.
لكن الله تعالى أراد اختبارهن بامتحان صعب ،لنهن
َ
ىها ٱلن ّب ِ ّأمهات المؤمنين ،لذلك تقول الية يٰأي ّ َ
حي َـ وٰةَ ٱلـدّن َْيا ن ٱل ْ َ رد ْ َ ك ِإن ُ ج َ َ ُ
ن ُتـ ِكنت ُ ّ قل لْزوٰ ِ
س ـَراحا ً فت َعال َين أ ُمت ّعك ُن ُ
ن َ حك ُ ّ س ـّر ْ وأ َ ها َ َ ْ َ َ ْ ّ َ زين َت َ َ و ِ َ
ســـول َ ُ
ه وَر ُ ن ٱللـــه َ ردْ َ ن ُتـــ ِ كنُتـــ ّ وِإن ُ ميل ً َ ج ِ َ
475 سورة البقرة
ت
سن َ ٰـ ـ ِ
ح ِ
م ْ ن ٱللــه أ َ َ
ع ـدّ ل ِل ْ ُ فإ ِ ّ داَر ٱل َ ِ
خَرةَ َ و ٱل ّ
َ
ظيما ً.( (28-29 جرا ً َ َ
ع ِ نأ ْمنك ُ ِّ
حجابك قمة استسلمك
وهكييذا نييرى أن السييورة تضييمنت الكييثير ميين
المواقف الحرجة والصعبة التي قد يمر بها المسلم،
إلى أن تصل بنا إلى أمر صعب علييى النسيياء ،لكنييه
اختبار قوي لمدى استسلمهن لوامر الله :الحجاب.
ســاء وب َن َ ٰـ ـت ِ َ جـ َ َ ى ُ َ
ون ِ َ ك َ ك َ قــل لْز ٰو ِ ها ٱلن ّب ِ ّ َيأي ّ
ن ه ّ مــن َ َ ن َ َ مـ ْٱل ْ ُ
جل ٰــِبيب ِ ِ ن ِ هـ ّ علي ْ ِ ن ي ُـدِْني َ مِني َ ؤ ِ
.((59
وهذه الية -بالضافة إلى الية ) (31ميين سييورة
النور -قد ذكرت تفاصيييل حجيياب المييرأة المسييلمة
بشكل دقيق .ففي سورة النور ،أتى تفصيييل الجييزء
عل َـ ٰى ن َ هـ ّ ر ِ
م ِخ ُ ن بِ ُرب ْ َ
ض ِ ي َ ْ ول ْ
العلوي من اللباس َ
ن أما في سييورة الحييزاب ،فقييد وصييفت ه ّجُيوب ِ ِ ُ
ن
هـ ّ ن َ َ الية لباس المسلمة ميين تحييت ي ُـدِْني َ
علي ْ ِ
ن .فهييل ستستسييلمي للييه تعييالى ه ّ من َ َ
جل ٰــِبيب ِ ِ ِ
أيتها الخت المسلمة ،وترضخي لحكم الحجيياب؟ أم
أننا سنظل نسمع من يقول :أنا لييم أقتنييع بالحجيياب
بعد...
استسلم بل تردد
فييإذا أصيير البعييض علييى عييدم تطييبيق الحكييام
الشرعية إل بعد فهم الحكميية منهييا ،فاسييمعي أيتهييا
سورة البقرة 476
ن ه َ
كـا َ ن إ ِن ّـ ُ
س ٰــ ُ مل َ َ
هــا ٱل ِن ْ َ ح َ
و َ
هــا َ
من ْ َ ن ِ ق َف ْ وأ َ ْ
ش َ َ
هول ً.( (72 ج ُ ظَُلوما ً َ
فالستسلم لله تعالى نوعييان :إمييا أن تستسييلم
لربك جييل وعل باختيييارك وبإرادتييك ،وإمييا أن تكييون
عبييدا ً لييه دون أي اختيييار ...والنييوع الول هييو الييذي
أشييفقت منييه السييماوات والرض لمييا يعلميين ميين
صعوبة حمل المانة ،أمانة التكليييف ،ولييذلك فضييلن
النوع الثاني من الستسلم ،وهو الخضوع لله تعالى
دون أن يكونوا مخيرين في فعل الطاعات..
ن ه ك َــا َأما النسان ،فقد حمل هذه المانة إ ِن ّـ ُ
هول ً ،والية ل تعنييي أنييه كييان ظلوميا ً ج ُ ظَُلوما ً َ
جهول ً لنه حمييل المانيية ،لكنييه يكييون كييذلك إذا لييم
يستسلم لله بعد حمله لهذه المانة.
لذلك كان ختييام سييورة الحييزاب :استسييلم للييه
تعالى ،واعلم أن الله تعالى استأمنك على مسؤولية
كبيرة ،خافت منها مخلوقات عظيمة ميين مخلوقييات
الله ،وفضلت الستسييلم للييه دون أن يكييون عنيدها
خيار في ذلك...
سبب تسمية السورة:
ونصل إلييى سييبب تسييمية السييورة ،وهييو طبع يا ً
يرجييع إلييى غييزوة الخنييدق ،حييين أحيياط الحييزاب
بالمدينة من كل جانب ...فماذا كان قول المسلمين
مـــا َرَأى ول َ ّ
فييييي هييييذا الموقييييف الصييييعب؟ َ
479 سورة البقرة
سورة سبأ
سو استسلم الحضارات لله
رة سبأ سورة سبأ من السور التي تتناول قضية التفييوق
الحضاري ،كسورة النمل ،لكنها تأتي مكملة لها فييي
المعنييى ; فبينمييا ركييزت سييورة النمييل علييى الخييذ
بمقومييات الحضييارة ،ميين علييم وتفييوق تكنولييوجي
وإدارة ،تأتي سورة سبأ لتسأل كل من يريد بناء أمة
وحضييارة :علييى أي شييي ء تقييوم هييذه الحضييارة؟
وعلييى أي أسييس؟ فهييدف السيييورة هييو :حاجيية
الحضارة لليمان
والسيييورة تتحيييدث عييين نميييوذجين متناقضيييين
للحضييارات :حضييارة مؤمنيية مستسييلمة للييه ،وهييي
حضييارة داوود وسييليمان عليهمييا السييلم ،وحضييارة
عاصية رافضة لطريق الله وهي حضارة سبأ.
ومجيء هذه السورة في ترتيييب المصييحف بعييد
481 سورة البقرة
ه ب َل ْدَةٌ طَي ّب َ ـ ٌ
ة شك ُُروا ْ ل َ ُ وٱ ْ م َ ق َرب ّك ُ ْ من ّرْز ِ ك ُُلوا ْ ِ
لس ـي ْ َ سل َْنا َ َ ضوا ْ َ َ فأ َ ْفوٌر َ غ ُ ب َ
م َ ه ْ
علي ْ ِ فأْر َ عَر ُ وَر ّ َ
ُ ْ ْ
ل ى أك ُـ ٍ وات َ ْن ذَ َ جن ّت َي ْ ِ م َ ه ْ جن ّ ٰـت ِ ِ م بِ َ ه ْ وب َدّلن َ ٰـ ُ رم ِ َ ع ِ
ٱل َ
ل ذَل ِـ َ ر َ خم ـط َ
ك قِليـ ٍ سـدْ ٍ مــن ِ ىء ّ شـ ْ و َ ل َ وأث ْـ ٍ َ ْ ٍ َ
فــوَر زى إ ِل ّ ٱل ْك َ ُ ج ِ ل نُ ْ ه ْ و َفُروا ْ َ ما ك َ َ م بِ َ ه ْ جَزي َْنـٰ َُ
.( (15 – 17
الجن في السورة
وبين هاتين الحضارتين ،تأتي السورة علييى ذكيير
الجييييييييييييييييييييييييييين ،وكييييييييييييييييييييييييييييف
كييانت حضييارتهم مستسييلمة إلييى حضييارة سييليمان
ن
جـــــــ ّ ن ٱل ْ ِ مـــــــ َ و ِ بشييييييييكل كامييييييييلَ :
م ه ْ من ْ ُ
غ ِ ز ْ من ي َ ِ و َ ه َ ن َرب ّ ِ ه ب ِإ ِذْ ِ ن ي َدَي ْ ِ ل ب َي ْ َ م ُ ع َ من ي َ ْ َ
ر.( (12 عـ َ ذ ْ َ
عي ِ سـ ِب ٱل ّ ذا ِ ن َ مـ ْ ه ِ ق ُ رَنا ن ُـ ِ م ِ نأ ْ ع ْ َ
هذه الحضيارة ليم تيؤت قيوة ول سيلطانا ً ول علميًا،
ت و َ مـ ْ ه ٱل ْ َ عل َي ْـ ِ ضي َْنا َ ق َ ما َ فل َ ّبدليل قوله تعالى َ
لض ت َأ ْك ُـ ُ ة الْر ِ
َ داب ّـ ُ ه إ ِل ّ َ وت ِ ِمـ ْ عل َـ ٰى َ م َ هـ ْ مــا دَل ّ ُ َ
و ك َــاُنوا ْ َ َ
ن أن ل ّـ ْ جـ ّ ت ٱل ْ ِ خّر ت َب َي ّن َ ِ ما َ فل َ ّ
ه َ سأت َ ُ من َ ِ
ب ذا ِ عــ َفــى ٱل ْ َ مــا ل َب ُِثــوا ْ ِ ب َ غْيــ َ ن ٱل ْ َ مــو َ عل َ ُ يَ ْ
ن.( (14 هي ِ م ِ ٱل ْ ُ
فهم كانوا يعملون بجد خوفا ً ميين سييليمان الييذي
كان يراقبهم ،لكنه -عليه السلم -مات وهو متكييئ
على كرسيه دون أن يلحظ الجن ذلك ،ولم يعرفييوا
هذه الحقيقة إل بعد أن أكلييت حشييرات الرض ميين
عصا سليمان ...حادثة بسيطة تظهر هييذه الحضييارة
483 سورة البقرة
سورة فاطر
سو الستسلم سبيل العّزة:
رة وتكمل سورة فاطر محور الستسلم لله تعالى.
فاطر فبعد أن رأينا في سورة سبأ أن الستسلم للييه هييو
سبيل بقاء الحضارات ،تأتي سورة فاطر لتقول :بيل
أكثر من ذلك ،فهو سبيل العزة والرفعة فييي الييدنيا.
سورة البقرة 484
سورة يس
سو الستسلم في الدعوة إلى الله:
رة يس وسييورة يييس تظهيير أن هنيياك نوعييا ً آخيير ميين
الستسييلم ل بييد للمسييلم ميين القيييام بييه ،وهييو
الستسييلم للييه تعييالى وتفييويض الميير إليييه أثنيياء
الييدعوة إلييى اللييه ،بييأن يبقييى المييرء مصييرا ً علييى
الدعوة إلى الله سواء اهتدى النيياس أم لييم يهتييدوا،
لن الدعوة إلى الله عبيادة لليه ،وأنيت تتقييرب إليى
الله بهذه العبادة سواء أرأيت النتييائج أمامييك أم لييم
ترها...
ور لنييا نمييوذجين ميين ولذلك فإن سورة يس تصي ّ
النيياس :نمييوذج لشييخاص مييا تييزال قلييوبهم تنبييض
بالحياة ،ونموذج آخر لشخاص ميياتت قلييوبهم .ولن
المرء ل يعلم ميا فيي قليوب النياس فهيو بالتيالي ل
يعلم من يرجى هدايته مميين ل يرجييى فييوجب عليييه
دعوة الجميع سواء اهتدوا أو لم يهتدوا.
سبب نزول السورة:
487 سورة البقرة
ب ٱل َ َ
هـــــــــا جاء َ ة إ ِذْ َ قْرَيـــــــــ ِ حــــــــــٰ َ ص َ أ ْ
َ ْ َ
نم ٱث ْن َي ْــــ ِ هــــ ُ ســــلَنا إ ِلي ْ ِ ن إ ِذْ أْر َ ســــُلو َ مْر َ ٱل ْ ُ
مقــاُلوا ْ إ ِن ّــا إ ِل َي ْك ُـ ْ ف َ ث َ عّزْزن َــا ب ِث َــال ِ ٍ ما َ
ف َ ه َ فك َذُّبو ُ َ
ن .( (13 – 14فهذه القرية قد أرسل إليها سُلو َ مْر َ ّ
ثلثة أنبياء ،لكن هنيياك رجل ً أحييس بمسييؤوليته عيين
هذا الدين وكان موقفه رائعًا:
ع ٰى ســ َ ل يَ ْ جــ ٌ ة َر ُ دين َ ِ م ِصى ٱل ْ َ ق َ ن أَ ْ م ْ جاء ِ وَ َ
من ل ّ عوا ْ َ ن ٱت ّب ِ ُ سِلي َ مْر َ عوا ْ ٱل ْ ُ وم ِ ٱت ّب ِ ُ ق ْ ل ٰي َ قا َ َ
د ى ل َ أَ ْ
عب ُ ُ ما ل ِ َ و َ نَ دو َ هت َ ُم ْ م ّ ه ْ و ُ جرا ً َ
َ
مأ ْ سـئ َل ُك ُ ْ يَ ْ
ن ( (20 – 22إنهييا عو َ ج ُ ه ت ُْر َ وإ ِل َي ْ ِفطََرِنى َ ذى َ ٱل ّ ِ
قصة رجل لييم يقييف مكتييوف اليييدين دون أن يييدعو
إلى الله ،بحجة وجود النبياء في هذه القرييية ،لكنييه
أصر على الستمرار في دعوة قومه رغييم أنهييم لييم
يسييتجيبوا للنبييياء الييذين هييم أفضييل منييه بكييثير...
وهكذا نرى أن هذه القصة تصب في محور السييورة
مباشرة :إياك واليأس من دعوة الناس إلى الله.
اليات الكونية ونهاياتها
وقد ركزت السورة على المييوت والبعييث ،حييتى
نتذكر أننا جميعا ً سنموت ،مؤمنين وكافرين ،طائعين
وعاصين ..لذلك ينبغي الستمرار في الييدعوة ،لعييل
الله تعالى يحيي قلب رجل عاص قبل الموت .وهييذا
المحور يأتي مقرونا ً باليات الكونييية المييذكورة فييي
السورة ،الييتي ركييزت علييى نهايييات المييور ،وكأنهييا
489 سورة البقرة
سورة الصافات
سو سورة الصافات تسّلط الضوء على معنى واحييد:
رة استسلم لوامر الله حتى لو لم تدرك الحكمة منهييا.
الصييافا لذلك تأتي السورة بمثييل رائع :سيييدنا إبراهيييم ،لمييا
طلب منه ذبح ابنه إسماعيل ،فتلقييى الميير دون أي
تردد أو سؤال عن الحكمة والغاية من هييذا الطلييب،
وكأن السورة تقول لنا :سيأتيكم يييا مسييلمون عييدد
سورة البقرة 490
سورة ص
سو 22و 23 وبعييد أن عرضييت كييل سييور الجزئييين
رة ص محورا ً واحدا ً وهو الستسلم لله تعييالى ،تييأتي سييورة
ص بمعنى جميل :رغيم أنيك أيهيا المسيلم مستسيلم
لوامر الله ،لكنك قد تخطئ وتعصييي ،والسييؤال هييو:
هل سييتعود إلييى اللييه؟ أم أنييك سييتتكبر وتصيير علييى
رأيك ..وهكذا يكيون محيور السيورة :الستسيلم لليه
بالعودة إلى الحق دون عناد.
493 سورة البقرة
ل ف َ
قــا َ جي َــادُ َ ت ٱل ْ ِ فَنـ ـٰ ُ
صـٰ ِ ى ٱل ّ شـ ّ ع ِ ه ب ِ ٱل ْ َ عل َي ْ َِ
حّتـ ٰى عـن ِذ ْ ب ٱل ْ َ َ
ر َرِبـى َ كـ ِ ر َ خي ْ ِ ح ّ ت ُ حب َب ْ ُ إ ِّنى أ ْ
ب ( (31-32فلمييا رأى أن الخيييل جا ِ ح َ ت ب ِٱل ْ ِ واَر ْ تَ َ
ألهتييه عيين ذكيير اللييه حييتى غييابت الشييمس ،قييال:
ق ســحا ً ب ِٱل ّ
ســـو ِ م ْ ق َ فــ َ فطَ ِ ى َ عَلــ ّ هــا َ دو َ ُر ّ
ق ( (33فقييرر ذبييح الخيييل كلهييا لهييذا عن َــا ِ و ٱل َ ْ َ
السبب.
وترينا اليات مشهدا ً آخر من مشاهد إنابته عليييه
عل َـ ٰى قي ْن َــا َوأ َل ْ َن َ م ٰــ َسل َي ْ َفت َن ّــا ُ دْ َ قول َ َ
السييلمَ:
َ
ب.( (34 م أَنا َ سدا ً ث ُ ّ ج َ ه َ سي ّ ِك ُْر ِ
عودة أيوب:
وأخيرا ً قصة أيييوب عليييه السييلم حييين أقسييم أن
كد َ
خـذْ ب َِيـ ِ يضرب زوجته مئة ضربة فقال تعالى َ
و ُ
ث ( (44...فعيياد إلييى ول َ ت َ ْ
حن َ ْ ه َ
رب ب ّ ِ
ض ِ
فٱ ْغثا ً َ
ض ْ
ِ
الحق ،وأوجد اللييه تعييالى لييه مخرجيا ً لكييي ل يحنييث،
وأمره أن يأخذ مئة عود وأن يضرب بها زوجته ضييربا ً
خفيفا ً حتى يبر بقسمه دون أن يمنعه ذلك من العودة
إلى الحق.
والملحظ أن قصييص النبييياء فييي هييذه السييورة
كزت على عبودية النبياء وإنابتهم لله تعالى: ر ّ
ه ذا ٱل َْيــ ِ
د إ ِّنــ ُ وودَ َ
دا ُ و ٱذْك ُْر َ
عْبــدََنا َ -داوود َ
ب ( (17أي كثير الرجوع إلييى اللييه وسييريع َ
وا ٌ
أ ّ
العودة إلى الحق.
495 سورة البقرة
غافر آية..
أدع إلى الله وفوض المر إليه
إن المحور الساسيي اليذي تتحيدث عنيه سييورة
غافر هو أهمية الدعوة إلى الله وتفييويض الميير للييه
أثناء الدعوة ...فما علقة الدعوة بتفويض المر إلى
الله؟...
إن الييداعي إلييى اللييه تعييالى سيييواجه مشيياكل
ومصاعب خلل دعوته ،فييإذا أردت أخييي المسييلم أن
تختييار طريييق الييدعوة إلييى اللييه ،طريييق أنبييياء اللييه
تعالى ،فاعلم أن هناك عقبات كثيرة فيييه ،وعليييك أن
تفوض المر كله لله وتتوكل عليه .لذلك جاء في هذه
نذي َ وٱّلــ ِ سل ََنا َصُر ُر ُ السورة آية محورية ،إ ِّنا ل ََنن ُ
م قــو ُ م يَ ُ و َ
وَيــ ْة ٱلــدّن َْيا َ و ِحَيــ ٰ فــى ل ْ
ٱ َ مُنــوا ْ ِ ءا َ
د .( (51هييذه الييية موجهيية إليييك أخييي ه ٰـــ ُش َٱل َ ْ
ن
ذي َ وٱل ّـ ِ سـل ََنا َ المسلم كما هي موجهة للنبياء ُر ُ
مُنوا ْ ،وتعييدك بالنصيير الربيياني فييي الييدنيا قبييل ءا َ
505
سورة البقرة 506
م
قــو ُم يَ ُ
و َ
وَيــ ْ
ة ٱلــدّن َْيا َ
و ِ
حَيــ ٰ فــى ل ْ
ٱ َ الخييرة ِ
د ،فتوكل على الله ،وفوض المر إليه... ه ٰـ ُ ٱل َ ْ
ش َ
خير القول وخير العمل
وسورة غافر تنضم إلى سور كثيرة فييي القييرآن
في حثها على أشرف مهمة في التاريخ :الدعوة إلى
اللييه ،لنهييا طريييق النبييياء والمرسييلين ،فل بييد أن
يحرص النسان عليهييا ويهتييم بهييا ل بييل ينييذر حييياته
كلها ليصال الخير إلى الناس.
واليدعوة ليسيت صيعبة ،إذ ل يشيترط أن يكيون
المرء ع ّ
لمة حتى يدعو إلى الله تعالى.
ن ي َك ُْتــ ُ
م و َ
ع ْ
فْر َ
ل ِ
ن ءا ِ
م ْ
ن ّ
م ٌ م ْ
ؤ ِ ج ٌ
ل ّ ل َر ُ و َ
قا َ َ
509 سورة البقرة
قــدْ و َ
ى ٱلله َ ل َرب ّ َ قو َ جل ً َأن ي َ ُن َر ُقت ُُلو َ ه أ َت َ ْ
مـن َ ُِإي َ ٰ
ذبا ً
ك ك َ ٰـ ـ ِ وِإن ي َ ـ ُ م َ مــن ّرب ّك ُـ ْت ِ م ب ِٱل ْب َي ّن َ ٰـ ـ ِ جــاءك ُ ْ َ
ض عــ ُ صــب ْك ُ ْ
م بَ ْ دقا ً ي ُ ِص ٰـــ ِ ك َوِإن َيــ ُ ه َ ذب ُ ُكــ ِ ه َ عل َْيــ ِ َ
ف َ
م ..( (28...فهو يقول لهم" :اسييمعوه عدُك ُ ْ ذى ي َ ِ ٱل ّ ِ
وبعد ذلك قرروا القبول أو الرفض .مع العلم أن كذبه
سيرتد عليه وحده ،أما صدقه فيرتد عليكم ويهلككم".
كلم عاقييل وهييادف ،يعتمييد علييى تبسيييط المييور
والحقائق.
التواضع مع الناس
وبعد أن أنهى المنهج العقلي ،انتقل هذا المييؤمن
إليييييييييييى منهيييييييييييج آخييييييييييير ،فقيييييييييييال:
فــىن ِ ري َ
ه ِ و َ َ ك ٱل ْي َـ ْمل ْـ ُ
م ٱل ْ ُ قــوم ِ ل َك ُـ ُٰيَ
م ظ ٰــ ِ
س ٱللــه ِإن ْ ض َ َ
مــن َبــأ ِ صــُرَنا ِ مــن َين ُ ف َ ٱل ْر ِ
جاءَنا.( (29... َ
لحييظ الييذكاء وحسيين اختيييار اللفيياظ :فحييين
ظمهييمك فع ّ مل ْ ُ
م ٱل ْ ُتحدث عن الملك قال :ل َك ُ ُ
وأنزلهم منازلهم ،لكنه حين أراد تحذيرهم من عذاب
صُرَنا ،فأدخل نفسه معهييم من َين ُ ف َالله ،قالَ :
حييتى يشييعرهم أنييه واحييد منهييم ،ل يتكّبيير عليهييم
بالتزامه وتدّينه ،وأنه يخاف عليهم كمييا يخيياف علييى
نفسه.
وهكذا نتعلم درسين في الدعوة إلى الله من آية
واحدة:
سورة البقرة 510
ممن سبقوهم.
التذكير بيوم القيامة
وأخيرًا ،بدأ يتحدث عن يوم القيامة ،لن التييذكير
باليوم الخر هو من أقوى الوسائل التي يجييب علييى
الييدعاة أن يسييتعينوا بهييا فييي دعييوتهم إلييى اللييه:
م ٱلت َّناِد( (32 و َ م يَ ْ عل َي ْك ُ ْ ف َ خا ُ وم ِ إ ِّنى أ َ َ ق ْ ويٰ َ َ
م ما ل َك ُ ْ ن َ ري َ مدْب ِ ِ ن ُ وّلو َ م تُ َ و َ -أي يوم القيامة -ي َ ْ
ه ما ل َ ُ ف َ ل ٱلله َ ضل ِ ِ من ي ُ ْ و َ صم ٍ َ عا ِ ن َ م ْ ن ٱلله ِ م َ ّ
هاٍد.( (33 ن َ م ْ ِ
م كــ ْ جاء ُ قـدْ َ ول َ َ ثم يعود بعد ذلك إلى التاريخ َ
ت ( (34...ثييم إلييى ل ب ِٱل ْب َي ّن َ ٰــ ِ قب ْـ ُ مــن َ ف ِ س ُ ُيو ُ
م د ُ َ اسييتخدام العاطفيية يٰ َ
كـ ـ ْ ه ِ نأ ْ عــو ِ وم ِ ٱت ّب ِ ُ قـ ْ
شـاِد .( (38ثم التذكير بيوم القيامة ل ٱلّر َ سِبيـ َ َ
ن وإ ِ ّ ع َ مت َ ٰـــ ٌ حي َ ٰوةُ ٱلدّن َْيا َ ه ٱل ْ َ ذ ِ ه ٰـ ِ ما َ م ِ إ ِن ّ َ و
ق ْ ٰي َ
ر ( (39ثييم المنهييج قــَرا ِ داُر ٱل ْ َ ى َ هـ َ خـَرةَ ِ ٱل َ ِ
ة ج ٰو ِ م إ َِلى ٱلن ّ َ كـ ْ عو ُ ما ِلى أ َدْ ُ وم ِ َ ق ْ ي َ وٰ العقلي َ
فَر كـــ ُ عون َِنى ل َ ْ ر َ تــدْ ُ عون َِنى إ َِلــى ٱلّنــا ِ وَتــدْ ُ َ
وأن َـا ْ َ ْ َ ر َ ُ
وأ ْ
م َ عل ـ ٌ ه ِ س ل ِــى ب ِـ ِ ما لي ْ َ ه َ ك بِ ِ ش ِ ب ِٱلله َ
ر.( (41 – 42 فا ِ غ ّ ز ٱل ْ َ زي ِ ع ِ م إ َِلى ٱل ْ َ عوك ُ ْ أ َدْ ُ
ويختم دعوته لقومه بتفويض المر إلى اللييه كمييا
ض و ُ فـ ّ وأ ُ َ م َ كـ ـ ْ ل لَ ُ قــو ُ ما أ َ ُ ن َ ست َذْك ُُرو َ ف َ ذكرنا َ
رى إ َِلى ٱلله ...( (44 َ
م ِ أ ْ
موقف رائع ،وحجة باهرة ،يستعملها هذا الييداعي
إلى الله ،الذي ليس بنبي مرسل ،لكن غيرتييه علييى
سورة البقرة 512
عــاء
مــا دُ َ عوا ْ َ
و َ قاُلوا ْ َ
ف ـ ٱد ْ ُ الدعاء فييي الييدنيا َ
ل.( (50 ضل َ ٰـ ٍ
فى َ ن إ ِل ّ ِ
ري َ ٱل ْك َ ٰـ ِ
ف ِ
فيييإذا أردت العيييون خلل دعوتيييك إليييى الليييه،
والتفويض والتسليم إليه سبحانه فييي هييذا الطريييق،
فاقرأ سورة اليدعوة والتفييويض ،اقييرأ سييورة غييافر
بهذه النية.
سور فصلت والشورى
والزخرف
والدخان والجاثية والحقاف
ف
خت ُل ِ َ
ٱ ْ فــــــــــــــــــ ب َ
ـــــــــــــــــــ ٰ َ ٱل ْك ِت َ
ه.( (45... في ِ ِ
َ
ســ ٰى مو َ ســل َْنا ُ قــدْ أْر َ َ َ
ول سييورة الّزخييرفَ :
ن
و َ عـــــــــــ ْ فْر َ ٰى ِ لـــــــــــ ٰ ت َِنا إ ِ َ
ــــــــــــ ِبـَئاي َ
ه.( (46 ملئي ْ ِ و َ َ
م و َ قـ ْ م َ هـ ْ قب ْل َ ُفت َن ّــا َ قـدْ َ ول َ َسييورة الييدخانَ :
َ َ
دوا ْ إ ِل َ ـ ّ
ى نأ ّ مأ ْ ري ـ ٌ ل كَ ِ سو ٌ م َر ُ ه ْ
جاء ُ و َ ن َ و َ ع ْ فْر َ ِ
عَبادَ ٱلله.( (17-18 ِ
ب ذا ِ عـ َن ٱل ْ َ مـ َ ل ِ ســ ٰرءي َ جي َْنا ب َِنى إ ِ ْ قدْ ن َ ّ ل َ َ و
َ
ن.( (31 هي ِ م ِ ٱل ْ ُ
لس ـ ٰرءي َ قدْ ءات َي ْن َــا ب َن ِــى إ ِ ْ ل َ َ
و
سورة الجاثيةَ :
محك ْـــــــــــــــــــ َ و ٱل ْ ُ ب َ ٰــــــــــــــــــــ َ ٱل ْك ِت َ
ة.( (16... و َ و ٱلن ّب ُ ّ َ
س ـ ٰى مو َ ب ُ ه ك ِت َ ٰـ ـ ُ قب ْل ِ ِ من َ و ِ الحقاف:
َ سورة
مامـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ً إِ َ
ة.( (12 م ً ح َ وَر ْ َ
وأكثر قصص النبياء تكرارا ً فييي القييرآن الكريييم
هييييييييييييييييي قصيييييييييييييييية موسييييييييييييييييى
عليه السلم ،لدرجة أننا نرى حديثا ً لطيفا ً للنييبي
فيييييييييييييييي المسيييييييييييييييألة ،حييييييييييييييييث
يقول" :رحم الله أخي موسى لقد كاد يييذهب بثلييث
القييييييييييييييرآن" .فمييييييييييييييا الحكميييييييييييييية
من ذلك؟
سورة البقرة 518
عَرب ِّيـــ ً
ا ... َ ســـانا ً
صـــدّقٌ ل ّ َ
م َ
ب ّ ٰــــ َ
ذا ك ِت َ ٰــــ ٌ ه
و َ
َ
)الحقاف.(12 ،
.4الوحدة وخطورة الفرقة:
ســـى مو َ قـــدْ ءات َي ْن َـــا ُ ول َ َ صيييلتَ : سيييورة ف ّ
ف
خت ُل ِ َ ٱ ْ فــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــ ب َ ٰ َ ٱل ْك ِت َ
ه.( (45... في ِ ِ
مــا ن َ دي ِ ن ٱل ِ ـ ِ م َكم ّ ع لَ ُ شَر َ سورة الشورىَ :
حي ْن َــا إ ِل َي ْ ـ َ َ
مــا و َ ك َ و َذى أ ْ و ٱل ّ ـ ِ ه ُنوح ـا ً َ ص ـ ٰى ب ِ ـ ِ و َّ
ن َ
ســ ٰى أ ْ عي َ و ِ ســ ٰى َ مو َ و ُ م َ هيــ َ ه إ ِب َْرا ِ صــي َْنا ِبــ ِ و ّ
َ
قــــــــوا ْ َ
فّر ُ ول َ ت َت َ َ ن َ دي َ مــــــــوا ْ ٱلــــــــ ّ قي ُ أ ِ
م ه ُ جــاء ُ مــا َ د َ عـ ِ مــن ب َ ْ قــوا ْ إ ِل ّ ِ فّر ُ مــا ت َ َ و َ هَ في ـ ِ ِ
م.( (13-14.. ه ْ غيا ً ب َي ْن َ ُم بَ ْ عل ْ ُ ٱل ْ ِ
مــن ب ِ حــَزا ُ ف ٱل َ ْ خت َل َ َ فٱ ْ سورة الزخرفَ :
وم ٍ ب ي َـ ْ ذا ِ عـ َ ن َ مـ ْ مــوا ْ ِ ن ظَل َ ُ ذي َ ل ل ّل ّـ ِ وي ْ ٌ ف َ م َ ه ْ ب َي ْن ِ ِ
أ َِليم ٍ.( (65
ن
مــ َت ّ هم ب َي ّن َ ٰـــ ٍ ي ْن َ ٰـــ ُ
وءات َ
يية:
سيييورة الجاثيي َ
م فوا ْ إ ِل ّ ِخت َل َ ُ ر َ َ
ه ُ
جــاء ُمــا َ
د َعـ ِ مــن ب َ ْ ما ٱ ْ ف َ م ِٱل ْ
م.( (17... ه ْ غيا ً ب َي ْن َ ُ عل ْ ُ
م بَ ْ ٱل ْ ِ
.5الصفح والمهال
والجميل أن كل هذه السور قييد اختتمييت بييالعفو
والصفح والمر بالصبر:
جرا ً عل َي َ َ
هأ ْ سـئ َل ُك ُ ْ
م َ ْ ِ قل ل ّ أ ْ
سورة الشورىُ :
سورة البقرة 520
صلت سورة ف ّ
سو وأول هيييذه الواجبيييات المطلوبييية مييين المييية
رة المحمدية :أن تعي هذا القرآن ،وأن تتلقيياه بييالحفظ
صلت
ف ّ والرعاية والفهم ...فما علقة هذه السييورة بالهييدف
العام الذي ذكرناه؟
إن سييور الحييواميم -كمييا رأينييا -تمث ّييل مرحليية
انتقالية من الدعوة إلى المواجهة ،ولذلك كانت أول
سورة في هذه السلسييلة تييبّين وضييوح رسييالة اللييه
تعييالى إلييى البشييرية ،وتفصيييلها وتيسيييرها للنيياس.
ت ، صـل َ ْ ف ّ وهذا ما نستنتجه من اسييم السييورة ُ
الذي أشارت إليه الية المحورية في بداية السييورة:
وم ٍقـ ْعَرب ِّيـا ً ل ّ َ
قْرءانـا ً َ
ه ُ صـل َ ْ
ت ءاي َ ٰــت ُ ُ ب ُ
ف ّ ك ِت َٰ ــ ٌ
ن.( (3 مو َعل َ ُ
يَ ْ
حسن الستقبال
صييلت تتحييدث عيين أهمييية السييتقبال سييورة ف ّ
السليم لوامر الله تعييالى .فلكييي تنتقييل أي رسييالة
إلى مستمعيها بشكل سليم ،ل بد من سلمة جهازي
الرسييال والسييتقبال ،بالضييافة إلييى وضييوح اللغيية
523 سورة البقرة
سورة الشورى
سو فييي سييورة الشييورى ،نييرى أن المحظييور هييو
رة الخلف والفرقة ،والواجب الذي يحمي ميين الوقييوع
الشييور شييورى .هييذا هييو محييور سييورةفييي الخلف هييو ال ّ
الشورى ببساطة شديدة...
نعم للختلف ...ل للخلف
ومن لطف السييورة ،أنهييا تحييدثت عيين الختلف
ن الصيييل فيييي النييياس أنهيييم
بواقعيييية ،وقيييرّرت أ ّ
525 سورة البقرة
سورة الزخرف
كد على المعاني الساسية في سورة الزخرف تؤ ّ
سو
رة الحييواميم ،وتنبييه ميين أحييد المحيياذير الييتي تضيييع
الزخييير مسؤولّية الحفاظ على الكتاب .هذا المحظور واضح
ميين اسييم السييورة :الزخييرف ،أو الغييترار بزخييرف
دنيا ومظاهرها الخادعة... ال ّ
ضييوء علييى المظيياهرلييذلك فالسييورة تس يّلط ال ّ
سورة البقرة 526
من َ
و َ وتمضي اليات في عرضها لمتاع الدنيا :أ َ
غي ْـُر صــام ِ َ خ َفــى ٱل ْ ِ و ِ
هـ َ
و ُة َ حل ْي َـ ِ
فى ٱل ْ ِ شأ ُ ِ ي ُن َ ّ
عل ُــوا ْ ج َ ن ( (18ثييم الييية الييتي بعييدهاَ :
و َ مِبي ـ ٍ ُ
ن إ ِن َ ٰـــثا ً م ٰــ ِ ح َ
عَبادُ ٱلّر ْم ِ ه ْن ُ ذي َ ة ٱل ّ ِ
مَلـئ ِك َ َ ٱل ْ َ
((19والناث هي إشييارة إلييى المييور المادي ّيية الييتي
يسعى المرء وراءها...
فرعون والمظاهر المادية
سييلم، وهذا فرعون ،أراد تكذيب موسى عليييه ال ّ
فييييييييييييييياغتر بقيييييييييييييييوته الماديييييييييييييييية
َ مل ْ ُ َ
رى جــ ِه ٰـُر ت َ ْ
ه ٱلن ْ َ ذ ِه ٰـ ِ و َصَر َم ْ ك ِ س ِلى ُ أل َي ْ َ
ن .( (51وكييانت نظرتييه صـُرو َ فل َ ت ُب ْ ِ حِتى أ َ َ من ت َ ْ ِ
َ َ
ن مـ ْ خي ْـٌر ّ م أَنا َ إلى سيدنا موسى نظرة مادّية أ ْ
ول َفل َـ ْنَ ول َ ي َك َــادُ ي ُِبيـ ُ ن َهيـ ٌ م ِو َ ه َذى ُ ذا ٱل ّ ِ هـٰ ََ
ب) ...الزخرف52 : من ذَ َ عل َي َ أ ُل ْ ِ
ه ٍ وَرةٌ ّ س ِ هأ ْ ى َ ْ ِ ق َ
– .(53
فلقد غرق فرعون فييي المظيياهر المادي ّيية ،حت ّييى
أنه طلب أن يييأتيه موسييى بأسييورةٍ ميين ذهييب ميين
ن هذه السورة هي التي ستجعله يؤمن سماء ،وكأ ّال ّ
بالله...
عيسى بن مريم :رمز الزهد
وفي مقابل نمييوذج فرعييون ،ذلييك الرجييل الييذي
أعمته الحياة الييدنيا بماديتهييا ،يييأتي نمييوذج معيياكس
ب
ر َ
ضـ ِما ُول َ ّ
تمامًا ،سيدنا عيسى عليييه السييلمَ :
529 سورة البقرة
سورة الدخان
سو بعد أن حذرت سورة الزخرف من متاع المظاهر
رة المادية ،وخطورة النبهيار بيه عليى مسيؤولية الميية
الدخان عن القرآن وعن الدين ،تأتي سورة الييدخان بمعنييى
مماثل :التحذير من المظاهر المادّية ،لكن من ناحية
سلطة والتمكين..
ال ّ
فناء الظالمين في الدنيا
فييترى فيهييا آيييات شييديدة ،تعقييب علييى فنيياء
الظالمين وكل من سار سيرهم:
531 سورة البقرة
سورة الجاثية
سو ثم تأتي سورة الجاثية إلى المسييلم الييذي حمييل
رة المانة وحمل القرآن ،لتح ّ
ذره من التكبر والتعالي.
الجاثية
سورة البقرة 532
سورة الحقاف
سو وتأتي سورة الحقاف لتختييم الحييواميم بطريقيية
رة رائعة:
الحقيييا فبعد أن عرضت السور السابقة المنهج القرآني،
تأتي سورة الحقاف لتقول أن هناك من سيستجيب
لهذا المنهج ،وهنيياك ميين سيييرفض .فتعييرض نميياذج
متناقضة:
فهناك أناس لم يستجيبوا لله تعييالى ،وهييم قييوم
ه
م ُ و َ قـــ ْ عـــاٍد إ ِذْ َأنـــذََر َ خـــا َ كـــْر أ َ َ
و ٱذْ ُ عييياد َ
ف.( (21.. قا ِ ح َ ب ِ ٱل َ ْ
فك َن َــاجئ ْت َن َــا ل ِت َأ ْ ِ َ
قاُلوا ْ أ ِ
فكان تكذيبهم شديدا ً َ
هت َِنـــــــــــــــــــــــا ن ءال ِ َعـــــــــــــــــــــــ ْ َ
عدَُنا ( (22...وحتى لما رأوا العييذاب: ما ت َ ِ َ ْ
فأت َِنا ب ِ َ
مطُِرَنا.( (24 م ْ
ض ّ ر ٌ عا ِ
ذا َ ه ٰـ َقاُلوا ْ َ َ
حتى الجن ...استجابوا
أمييا الييذين سييمعوا النييداء واسييتجابوا لييه ،فهييم
وإ ِ ْ
ذ ليسييوا حييتى ميين البشيير ،إنهييم ميين الجيينَ :
ن
عو َ م ُســت َ ِ
ن يَ ْ جــ ّ ن ٱل ْ ِمــ َفــرا ً ّ فَنا إ ِل َْيــ َ
ك نَ َ صــَر ْ َ
ن ( (29أمر عجيب ،يعلمنييا أن السييتجابة قْرءا َ ْ
ٱل ُ
والهداية ليست بيد أحد من البشر ،إنما هي من الله
تعالى .فماذا قالوا لما سمعوا النداء؟
َ
مــا فل َ ّصــُتوا ْ َ قــاُلوا ْ أن ِ ضــُروهُ َ ح َ مــا َفل َ َّ ...
ن ( (29ثييم ري َ ذ ِ
من ـ ِهم ّ م ِو ِ وا ْ إ ِل َـ ٰى َ
قـ ْ ول ّ ْ
ى َ ض َ ُ
ق ِ
سورة البقرة 534
ُ
د
ع ِمن ب َ ْ ل ِ ز َعَنا ك ِت َ ٰـبا ً أن ِ م ْ
س ِ
مَنا إ ِّنا َو َق ْ قاُلوا ْ ٰي ََ
س ٰى ( (30...حتى الجن أتوا على ذكر موسى، مو َ
ُ
وأكييدوا علييى قيميية القييرآن ووراثيية المسييلمين لييه،
)أرأيت الترابط بين السور؟(.
َ
ىعــ َ جيُبــوا ْ َ
دا ِ مَنــا أ ِ و َق ْثييم يقييول الجيينٰ :ي َ
ٱلله ،( (31..بعد المهال والمر بالصفح فيي كيل
سور الحييواميم ،تييأتي سييورة الحقيياف فييي ختامهييا
َ
ى ٱلله . ع َ دا ِجيُبوا ْ َ
مَنا أ ِو َق ْ لتقولٰ :ي َ
الستجابة للوالدين
وتعرض السورة نموذجين لنييوع آخيير ميين أنييواع
الستجابة :بر الوالدين .فنرى نموذجا ً صالحًا:
ة
ســن َ ً
ن َعي َ غ أ َْرب َ ِ وب َل َ َ
شدّهُ َغ أَ ُ
ذا ب َل َ َحت ّ ٰى إ ِ َ َ ..
ك ٱل ّت ِــى َ َ َ
مت َـ َع َ ن أش ـك َُر ن ِ ْ عن ِــى أ ْ ز ْ و ِ
بأ ْ ل َر ّ قــا ََ
َ
ى ( (15...وبالمقابييل، عل َ ٰى ٰول ِـدَ ّ و َ ى َعل َ ّ
ت َ م َ ع ْ
أن ْ َ
يييييييييييييييييييييييييييييأتي نمييييييييييييييييييييييييييييوذج
قــا َ
ل ذى َ و ٱل ّ ِرهيب للعقييوق وعييدم السييتجابة َ
تخل َ ِ
قدْ َو َج َ خَر َ ن أُ ْ َ
دان ِِنى أ ْ ما أ َت َ ِ
ع َ ف ل ّك ُ َ ه أُ ّل ِ ٰول ِدَي ْ ِ
ن ٱللــه غيَثا ِ سـت َ ِمــا ي َ ْه َ
و ُ
قب ْل ِــى َ مــن َ ن ِ قُرو ُ ٱل ْ ُ
ق.( (17 ح ّ عدَ ٱلله َ و ْ ن َ ن إِ ّ م ْ ك ءا ِ وي ْل َ َ
َ
تدرج السور وعلقتها ببعضها
فييي الختييام ،ل بييد ميين التأكيييد علييى المهييال
والصفح في سور الحواميم.
535 سورة البقرة
مِبينا ً .
ّ
نسأل الله تعالى أن يكون قراء القرآن قد أحبييوا
هييذه السييور السييت ،سييور الحييواميم ،وأن يبييدأوا
بحفظها وملحظة ترابط آياتها وأهدافها...
سور محمد ،الفتح ،الحجرات
سورة محمد
سو عدد آيات هذه السييورة الكريميية 38آييية ،يتكييرر
رة الحديث عن قبول العمل أو إحباط العمل اثنا عشيير
محمد مرة ،وفي كل مرة من هذه المييرات ،تربييط اليييات
هذا المعنييى بطاعيية اللييه وطاعيية الرسييول ،كقييوله
عــوا ْ اللــه َ َ
من ُــوا ْ أ ِ
طي ُ ن ءا َ ذي َ هــا ٱّلــ ِتعييالى يٰأي ّ َ
م ...م ٰـ ـل َك ُ ْ
ع َ ول َ ت ُب ْطِل ُــوا ْ أ َ ْ ل َ سو َعوا ْ ٱلّر ُ طي ُ
َ
وأ َِ
.((33
ومن هنا نستخلص محور السورة" :طاعة النييبي
واتباعه هما مقياس قبييول العمييال وإحباطهييا".
معنييى غييالي ومهييم ،استشييعره وأنييت تقييرأ هييذه
السورة الكريمة ،واسأل نفسك :أييين أنييا ميين سيينة
النبي وعبادته وأخلقه...
الطاعة ميزان التباع
537
سورة البقرة 538
عل َـ ٰى ل َ مــا ن ُـّز َ من ُــوا ْ ب ِ َ وءا َ ت َ ح ٰـ ِ ص ٰـل ِ َ مُلوا ْ ٱل ّ ع ِو َ
َ
مــــــــن ق ِ حــــــــ ّ و ٱل ْ َ هــــــــ َ و ُ د َ مــــــــ ٍ ح ّ م َ ُ
َ
م ه ْح ب َــال َ ُ ص ـل َ َ وأ ْ م َ ه ْ سي ّئ َ ٰـ ـت ِ ِ م َ هـ ْ عن ْ ُ ف ـَر َ م كَ ّ ه ْ ّرب ّ ِ
ل َ ذَل ِ َ َ
ن وأ ّ عوا ْ ٱل ْب َ ٰــطِ َ َ فُروا ْ ٱت ّب َ ُ ن كَ َ ذي َ ن ٱل ّ ِ ك ب ِأ ّ
ك م ك َذَل ِ َ ه ْ من ّرب ّ ِ ق ِ ح ّ عوا ْ ٱل ْ َ مُنوا ْ ٱت ّب َ ُ ن ءا َ ذي َ ٱل ّ ِ
َ
م...( (1 – 3 ه ْ مث َ ٰـل َ ُ سأ ْ ب ٱلله ِللّنا ِ ر ُ ض ِ يَ ْ
ل ضـ ّ وأ َ َ
م َ هـ ْ عس ـا ً ل ّ ُ فت َ ْ فُروا ْ َ ن كَ َ ذي َ و ٱل ّ ِ ثمَ :
َ َ أَ ْ
ل ٱللــه مــا أن ـَز َ هــوا ْ َ م كَ ِ
ر ُ ه ْ ك ب ِأن ّ ُ م ذَل ِ َ ه ْم ٰـل َ ُ ع َ
م...( (8 – 9 ه ْ م ٰـل َ ُ ع َ ط أَ ْ حب َ َ فأ ْ
َ َ
أرأيت الترابط والتلزم بين المعنيين؟
َ
ه إ ِل ّ ه ل َ إ ِل َ ٰـ ـ َ م أن ّـ ُ عل َ ْ ٱ ْ ف ويأتي قوله تعييالىَ :
ن مِني َ مــــ ْ
ؤ ِ ول ِل ْ ُ
ك َ ذنب ِ َ فْر ِلــــ َ غ ِ ســــت َ ْ وٱ ْ ٱللــــه َ
539 سورة البقرة
سورة الفتح
سو سد سورة الفتح هذا التباع ،فهي نزلييت بعييد
وتج ّ
رة صلح الحديبية ،في ظروف إحباط شديد للصحابة.
الفتح نزلت والنفوس جريحة
ففي السنة السابعة ،وبعد غيزوة الحيزاب ،كيان
الصراع على أشده بين المسلمين والمشركين.
ورأى النييبي فييي الرؤيييا أنييه يييدخل المسييجد
الحييرام ،فتجّهييز مييع الصييحابة للييذهاب إلييى مكيية
معتمرييين غييير مقيياتلين .لكنهييم لمييا وصييلوا إلييى
الحديبية ،رفض المشييركون السييماح لهييم بالييدخول
إلى مكة ،فقرر النييبي عقييد صييلح مييع مشييركي
مكة ،والذي عرف فيما بعد بصلح الحديبية.
543 سورة البقرة
مِبينـا ً
فْتحا ً ّ ك َ حَنا ل َ َ فت َ ْ .1مغفرة الذنوب :إ ِّنا َ
مـا
و َ ذنب ِـ َ
ك َ مــن َ م ِ قدّ َ ما ت َ َ ك ٱلله َ فَر ل َ َ ل ّي َ ْ
غ ِ
خَر.( (1 – 2... ت َأ َ ّ
ك.( (2... عل َي ْ َ
ه َ مت َ ُ
ع َ م نِ ْ وي ُت ِ ّ
.2إتمام النعمةَ ... :
قيما ً ســت َ ِم ْصــ ٰرطا ً ّ ك ِ دي َ َ
ه ِوي َ َْ ...
.3الهداييية :
.((2
زيـزا ً( (3 ع ِصـرا ً َ
ك ٱللــه ن َ ْ صَر َ وَين ُ
.4النصرَ :
)فأتت المغفرة قبل النصر(.
ل .5إنزال السكينة في قلوب الميييؤمنينَ ... :أنَز َ
دوا ْ دا ُ ن ل َِيــْز َ مِني َؤ ِ مــ ْ ب ٱل ْ ُ قُلو ِ فى ُ ة ِ كين َ َ س ِ ٱل ّ
م.( (4... ه ْ
م ٰـن ِ ِ ع ِإي َ م َ م ٰـنا ً ّ ِإي َ
ن مِني َ ؤ ِ مــــ ْ ل ٱل ْ ُ خ َ .6دخيييييول الجنييييية :ل ُّيــــدْ ِ
هــا حت ِ َ مــن ت َ ْ رى ِ جــ ِ ت تَ ْ جن ّ ٰـــ ٍ ت َ من َ ٰـــ ِ ؤ ِ م ْ و ٱل ْ ُ
َ
ها( (5... َ
في َ ن ِ دي َ خ ٰـل ِ ِ ه ٰـُر َ ٱلن ْ َ
ب عذّ َ وي ُ َ .7فضح المنافقين والمشركين وتعذيبهمَ :
ن كي َ ر ِ شــ ِ م ْو ٱل ْ ُ ت َ قـــٰ ِ ف َمَنـٰ ِ و ٱل ْ ُ ن َ قي َ ف ِ مَنـــٰ ِ ٱل ْ ُ
ن ظـــ ّ ن ِبـــ ٱلله َ ظـــاّني َ ت لٱ ّ كــــٰ ِ ر َ ش ِ م ْ و ٱل ْ ُ َ
وء.( (6... س ْ ٱل ّ
ي ٱللــه ضــ َ قدْ َر ِ .8رضى الله على المؤمنين :ل ّ َ
ن.( (18... مِني َ ؤ ِ م ْ ن ٱل ْ ُ ع ِ َ
م ك َِثيــَر ً
ة غــان ِ َ م َم ٱللــه َ عــدَك ُ ُ و َ .9المغيييانمَ :
ها.( (20... ذون َ َ خ ُ ت َأ ْ ُ
ق
صـدَ َ قـدْ َ .10الوعد بدخول المسجد الحرام :ل ّ َ
545 سورة البقرة
سورة الحجرات
سو تحييدثت سييورة الحجييرات عيين أدب العلقييات،
رة وخاصة أدب العلقة مع النبي .
الحجييرا وهكذا نفهم تسلسل السور الثلث وعلقتهييا مييع
بعضها ،وكيف أن النبي هو محورها:
ن إّتباع النبي هو دليل قبول
مد تبّين أ ّ
فسورة مح ّ
العمال ،وسييورة الفتييح :مواصييفات الييذين سييينزل
سورة البقرة 550
ن
ذي َو ٱل ّ ِ سو ُ
ل ٱلله َ مدٌ ّر ُ
ح ّ
م َ
الله عليهم الفتحّ :
ه. ...
ع ُ
م َ
َ
وسورة الحجرات :يا ميين سييينزل عليهييم الفتييح،
تأّدبوا بالداب الجتماعية ،خاصة مع النبي .
وكأن الصفات التي ذكرت في آخر سورة الفتح،
من تضحية وجهاد ،وتوازن بين العبادة والنجيياح فييي
الحييياة ،لهييا تكمليية فييي سييورة الحجييرات ،وهييي
الصيييفات الدبيييية الخلقيييية اليييتي ذكرتهيييا سيييورة
الحجرات.
مع الشرع:
إذا ً سورة الحجرات هي سورة الذوق والدب مع
كل الطراف :وأول هذه الدبيات هو مع شييرع اللييه
سبحانه وتعالى...
َ
ى موا ْ ب َي ْ َ
ن َيــدَ ِ قدّ ُ مُنوا ْ ل َ ت ُ َ
ن ءا َ ذي َها ٱل ّ ِيٰأي ّ َ
ع
مي ٌســ ِن ٱلله َ قوا ْ ٱلله إ ِ ّ و ٱت ّ ُه َسول ِ ِ
وَر ُ ٱلله َ
م.( (1 عِلي ٌ
َ
فهذه الييية تقييول للصييحابة :ل تسييتعجلوا نييزول
الوحي ،وتأدبوا مع الشرع ومع الله ورسوله.
وتطييبيق الييية فييي حياتنييا يقتضيي منييا الخضييوع
لشرع الله وسنة نبيه ول نتجاوزهما.
مع النبي
َ ٰ .1ي َ
مصـ ٰوت َك ُ ْ عــوا ْ أ ْ ف ُ من ُــوا ْ ل َ ت َْر َ
ن ءا َ هــا ٱل ّـ ِ
ذي َ أي ّ َ
ل
و ِ ق ْ ه ب ِ ـ ٱل ْ َ
هُروا ْ ل َـ ُ ج َول َ ت َ ْ
ى َ ٱن ّب ِ ّ
ت ل و ِ ص ْ
وقَ َ ف َْ
551 سورة البقرة
مم ٰـ ـل ُك ُ ْ ط أَ ْ
ع َ حب َ ـ َ ض أن ت َ ْ
َ
عـ ٍ م ل ِب َ ْ ض ـك ُ ْ ع ِ ر بَ ْ هـ ِ ج ْ كَ َ
ن.( (2 م ل َ تَ ْ َ
عُرو َ ش ُ وأنت ُ ْ َ
َ
ل
ســو ِ عن ـدَ َر ُ م ِه ْ ص ٰوت َ ُ نأ ْ ضو َ غ ّ ن يَ ُ ذي َ ن ٱل ّ ِ ّ .2إ ِ
ُ
م ه ْقُلوب َ ُ
ن ٱلله ُ ح َ مت َ َن ٱ ْ ذي َ ك ٱل ّ ِ وَلـئ ِ َ ٱلله أ ْ
و ٰى.( (3... ق َ ِللت ّ ْ
ت جــ ٰر ِ ح ُ وَراء ل ْ
ٱ ُ مــن َ ك ِ دون َ َ ن ي َُنا ُ ذي َ ن ٱل ّ ِ ّ إَ
نل َـ َ أ َك ْث َُر ُ
حت ّـ ٰى ص ـب َُروا ْ َ م َ هـ ْ و أن ّ ُ و ْ قُلو َ ع ِ م ل َ يَ ْ ه ْ
م.( (4 – 5 ه ْخْيرا ً ل ّ ُ ن َ كا َ م لَ َ ه ْ خُر َ َ
ج إ ِلي ْ ِ تَ ْ
مع الخبار
وذلك بعدم نقلها وترديدها وبنيياء أحكييام مسييبقة
عليها قبل التأكد منها:
َ
قسـ ُ فا ِم َ جــاءك ُ ْمن ُــوا ْ ِإن َ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّـ ِ يٰأي ّ َ
َ
هاَلـــ ٍ
ة ج َمـــا ب ِ َو َ صـــيبُبوا ْ َ
ق ْ فت َب َي ُّنـــوا ْ أن ت ُ ِب ِن ََبـــإ ٍ َ
ن.( (6 مي َ د ِ عل ْت ُ ْ
م ن َ ٰـ ِ ما َ
ف َ عل َ ٰى َ حوا ْ َ صب ِ ُ َ
فت ُ ْ
مع المؤمنين
ة ( (10...فييأخوة و ٌ
خــ َ
ن إِ ْ
مُنــو َ
ؤ ِ مــا ٱل ْ ُ
م ْ إ ِن ّ َ
اليمان تقوي روابط الناس مع بعضهم وتوثقهييا كمييا
تقييوي اليمييان ،وبغيرهييا تحصييل الخلفييات وينقييص
اليمان..
إصلح ذات البين
قت َت َُلــوا ْ
نٱ ْ مِني َ مــ ْ
ؤ ِ ن ٱل ْ ُ م َ ن ِ طائ ِ َ
فَتا ِ وِإن َ َ
عل َـ ٰى َ َ
ما َ
ه َدا ُ
حـ َ ت إِ ْ غـ ْ مــا َ
فـِإن ب َ َ ه َحوا ْ ب َي ْن َ ُصـل ِ ُ
فأ ْ
سورة البقرة 552
فىــء
ٰى ت َ ِ حت ّـ ق ٰــت ُِلوا ْ ٱل ّت ِــى ت َب ْ ِ
غــى َ ف َخَر ٰى َ ٱل ُ ْ
ر ٱلله.( (9... إ َ ٰ َ
م ِلى أ ْ ِ
مع العلقات الجتماعية
َ
مــن م ّ و ٌ قـ ْ خْر َ سـ َ مُنوا ْ ل َ ي َ ْ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّ ِ يٰأي ّ َ
ســاء ول َ ن ِ َ م َ هـ ْ من ْ ُخي ْــرا ً ّ كوُنوا ْ َ س ٰى َأن ي َ ُ ع َوم ٍ َ ق ْ َ
َ
ول َ ن َ هـ ّ من ْ ُ خي ْــرا ً ّ ن َ س ـ ٰى أن ي َك ُـ ّ ع َ ســاء َ مــن ن ّ َ ّ
َ
ول َ ت ََنــاب َُزوا ْ ب ِٱلل ْ َ مُزوا ْ أن ُ َ
سب ب ِئ ْ َ ق ٰـ ـ ِ م َ سك ُ ْ ف َ ت َل ْ ِ
ب م ي َت ُ ْ من ل ّ ْ و َ ن َ ما ِ لي َ عدَ ٱ ِ سوقُ ب َ ْ ف ُ م ٱل ْ ُ س ُ ٱل ْ
َ ُ
ن.( (11 مو َ م ٱلظّ ٰـل ِ ُ ه ُ ك ُ وَلـئ ِ َ فأ ْ
َ
ن مــ َ جت َن ُِبوا ْ ك َِثيــرا ً ّ مُنوا ْ ٱ ْ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّ ِ يٰأي ّ َ
ول َ سوا ْ َ س ُ ج ّ ول َ ت َ َ م َ ن إ ِث ْ ٌ ض ٱ لظ ّ ّ ع َ ن بَ ْ ن إِ ّ ٱلظّ ّ
عضًا.( (12... كم ب َ ْ ض ُ ع ُ غَتب ب ّ ْ يَ ْ
مع النسانية كلها
ر مــن ذَ َ قن َ ٰـــ ُخل َ ْ يأ َ
كــ ٍ كم ّ س إ ِّنــا َ هــا ٱلّنــا ُ ي ّ َ
ُ
نفوا ْ إ ِ ّ
ع ٰـَر ُ
ل ل ِت َ َقَبائ ِ َو َعوبا ً َ ش ُ م ُعل ْن َ ٰـك ُ ْ
ج َ
و َوأن ْث َ ٰى َ َ
َ َ
م.( (13... ق ٰـك ُ ْ
عندَ ٱلله أت ْ َ م َ مك ُ ْ أك َْر َ
امتلئوا حتى تفيضوا
والملحظ أن أدب التعامييل مييع النسييانية تييأخر،
مييع أنييه أعييم وأشييمل ميين الداب الولييى .وكييأن
المعنى :بعد أن تصلحوا أنفسكم وتضبطوا علقتكييم
مييع نييبيكم ومييع إخييوانكم ،أخرجييوا إلييى العييالم
الخارجي ،وانطلقوا إلى الرض كلها وعرفوهييا علييى
أخلقكييم ،لنكييم بييذلك تنييالوا احييترام النيياس بهييذه
553 سورة البقرة
نمِبي ـ ٌ
ذيٌر ّ ه ن َـ ِمن ْ ُم ّ فّروا ْ إ َِلى ٱلله إ ِّنى ل َك ُ ْ ف ِ َ
( (50آية رائعة ومحورية في السورة ...فروا إلييى
الله يا مؤمنين ..إلجأوا إليه واختاروا طريقه..
ماو َ
لذلك تييأتي آيييات كييثيرة بنفييس المعنييىَ :
ن ( (56هذا دو ِ عب ُ ُ س إ ِل ّ ل ِي َ ْ لن َ وٱ ِ ن َ ج ّ ت ٱل ْ ِ ق ُ خل َ ْ
َ
هو الهدف الساسييي ميين خلقييك ،أن تختييار طريييق
ُ
مــن هــم ّمن ْ ُريدُ ِ ما أ ِ العبودييية للييه .وبعييد ذلييك َ
و
هــ َن ٱللــه ُ ن إِ ّ مــو ِ ع ُريــدُ َأن ي ُطْ ِ ُ
مــا أ ِ و َ
ق َ ّرْز ٍ
ن.( (58 مِتي ُ ة ٱل ْ َو ِ ذو ٱل ْ ُ
ق ّ ٱلّرّزاقُ ُ
أرأيت كيف تدور سورة الذاريات فييي كييل آياتهييا
حول نفس المحور :اخييتر طريييق اللييه لن اللييه هييو
الرزاق...
كرم إبراهيم لثقته بكرم الله
وحييتى قصيية إبراهيييم الييتي أتييت فييي السييورة
مناسبة لجو الرزق .ففي هذه القصيية ،نييرى بشييارة
الملئكة لزوجته -رغييم كييبر سيينها وعقمهييا -بييرزق
من نييوع جديييد :الولييد .وكييأن السييورة تحييدثت عيين
الييرزق ميين جميييع جييوانبه ،اسييمع قييوله تعييالى:
َ فأ َ ْ
هــا ه َج َو ْ صــك ّ ْ
ت َ ف َة َ صّر ٍ
فى َ ه ِ مَرأت ُ ُ تٱ ْ قب َل َ ِ َ
م ( (29فتعجبت أن تلييد فييي قي ٌع ِ جوٌز َ ع ُت َ قال َ ْ و َ َ
كهذه الظييروف ،لكيين الملئكيية قييالت لهييا :ك َذَل ِ ِ
م.( (30 عِلي ُم ٱل ْ َ كي ُ و ٱل ْ َ
ح ِ ه َ ه ُ ك إ ِن ّ ُ ل َرب ّ ِ قا ََ
وحتى كلمات القصة نفسها تخييدم هييذا المعنييى،
563 سورة البقرة
م هـ ْ
م َرب ّ ُه ْما ءات َ ٰـ ـ ُ ن بِ َ
هي َ عيم ٍ َ
ف ٰ ـك ِ ِ ون َ ِت َ جن ّ ٰـ ٍ
فى َ ِ
حيـــم ك ُُلـــوا ْ ج ِ ب ٱل ْ َ ذا َ عـــ َ م َ هـــ ْ م َرب ّ ُ ه ْقــــٰ ُو َ
و َ
َ
ِ
ن.( (17-19 ُ
ملــو َ ع َم تَ ْكنت ُـ ْمــا ُ ً
هِنيئ َا ب ِ َ ْ
شَرُبوا َ وٱ ْ َ
عكس صفات المييؤمنين تماميًا ،لتقييول لييك اليييات:
اختر لنفسك بينهما...
وهذه المقابلة المستمرة بين الفريقين في سور
القرآن ،لها في نفوس المؤمنين وقييع شييديد ،وهييي
من أسرار تييأثير آيييات القييرآن علييى المييؤمنين .ثييم
ترينا اليات لماذا فاز أولئك المؤمنون:
نقي َ ف ِ شـ ِ م ْهل ِن َــا ُفى أ َ ْ ل ِ قب ْ ُ قاُلوا ْ إ ِّنا ك ُّنا َ
َ
موم ِ إ ِّنــا س ُب ٱل ّ ذا َ ع َقـَٰنا َ و َو َعل َي َْنا َ
ن ٱلله َ م ّ
ف َ َ
م حي ـ ُ و ٱل ْب َـّر ٱلّر ِ ه َ
ه ُعوهُ إ ِن ّ ُل ن َدْ ُ قب ْ ُمن َ ك ُّنا ِ
((26-28ألييم تخييتر بعييد...؟ ألييم تتشييوق لتكييون مييع
هؤلء...؟
سور تسّلم بعضها
ومن لطائف القرآن ،أن سورة الطور ختمت بما
يتناسب مع بدايتها وبداية السورة الييتي تليهييا .ففييي
وإ ِدْب َ ٰـــَر
ه َ
ح ُ
ســب ّ ْف َ ن ٱل ّْيــ ِ
ل َ ِ
مــ َوقييوله تعييالى َ
جوم ِ ( (49جو من التسييبيح فييي الليييل ،الييذي ٱلن ّ ُ
ر وهييو الجبييل و ٱلطّــو ِيناسب بداية السييورة َ
الذي كلم الله به موسى ليل ً وكلفه بالرسالة...
وختام سورة الطييور كييان فييي قييوله َ
وإ ِدْب َ ٰـَر
جــوم ِ بينمييا نييرى فييي بداييية سييورة النجييم:ٱلن ّ ُ
565 سورة البقرة
ن
وإ ِ ّ ن َ ظــ ّ ن إ ِل ّ ٱل ّ عو َ في ريبهم وظنهم ِإن ي َت ّب ِ ُ
ش ـْيئا ً ،( (28ـ إلييى ق َ ح ّ ن ٱل ْ َ م َ غِنى ِ ن ل َ يُ ْ ٱلظّ ّ
أن تصل بنا السورة إلى إثبات سطحيتهم ومعرفتهم
كن َرب ّـ َ عل ْـم ِ إ ِ ّن ٱل ْ ِ مـ َم ّ هـ ْغ ُ مب ْل َ ُ الضئيلة :ذَل ِ َ
ك َ
م و أَ ْ
عل َـ ُ هـ َ و ُه َ س ـِبيل ِ ِ
عــن َ ل َضـ ّ مــن َ م بِ َعل َ ُو أَ ْ
ه َُ
هت َدَ ٰى..( (3 ن ٱ ْ م ِبِ َ
وكأن رسالة هذه السييورة :وثييق مصييادرك قبييل
الحديث عن العلم وقبل إعطاء الحكام.
لماذا النجم؟
ويييأتي سييؤال :لميياذا سييميت السييورة بسييورة
و ٰى ه َ
ذا َ ٱلن ّ ْ
جم ِ إ ِ َ و
النجم؟ ولماذا بدأت بالقسم َ
( (1؟ وما علقة ذلك بالعلم؟
إن القسيييم بيييالنجم ييييوحي أن النجيييم يهيييوي
(أتييى بمنهييج ل يهييوي ول ويسقط ،لكن صاحبكم )
حب ُك ُ ْ
م ص ٰـــ ِل َ ض ّ
ما َ
يسقط أبدًا ،لذلك قال تعالىَ :
و ٰى ..( (2فهذا المنهج هو من عند الله وهو ما َ
غ َ و َ
َ
أقيييوى مييين السيييماوات والرض ،مقابلييية عظيمييية
ومعنى رائع ،أن هذا الدين وهييذا الييوحي أقييوى ميين
الشمس وأرسخ من النجوم التي نراها بأعيننا.
نعمة العلم الموثوق
ول يشعر بنعمة تلقي العلم عن الوحي والقييرآن
إل ميين جييالس أناسيا ً ميين الغييرب ،مميين اقتصييرت
مصادر علمهم على المور المادية ...فيرى أفكارهم
سورة البقرة 568
سورة القمر
569 سورة البقرة
سورة الرحمن
سورة البقرة 572
واجا ً ث َل َ ٰـث َ ً
ة( َ و ُ
م أْز َ
كنت ُ ْ سورة الواقعة ) َ
سو وسييورة الواقعيية هييدفها بوضييوح :اختيياروا أن
رة تكونوا بين أحد هذه الصناف الثلثة:
الواقعة .1السابقون المقّربون
.2أصحاب اليمين
.3أصحاب الشمال
هذه هي السورة باختصار شديد .لذلك نرى فييي
بدايتها:
ة َ َ َ
ة
مَنــ ِمي ْ َب ٱل ْ َ حـٰ ُ
ص َ فأ ْ واجا ً ث َل َ ٰـث َ ً م أْز َ و ُ
كنت ُ ْ َ
َ َ
ماة َم ِ شـئ َ َ ب ٱل ْ َ
م ْ حـٰ ُ ص َوأ ْ ةَ من َ ِ مي ْ َب ٱل ْ َ حـٰ ُ ص َ ما أ ْ َ
َ
نقو َ ٰـــــــب ِ ُ سٱ ل ّة
م ِ شـــــــئ َ َ
وَ م ْ ب ٱل ْ َ حـــــــٰ ُ ص َأ ْ
.( ن(7-10 س ٰـب ِ ُ
قو َ ٱل ّ
575 سورة البقرة
.((71-72
فإذا تذكرت أخي المسلم كل هذه النعم ،ورأيت
أنها كلها بأمر الله وليس لك منها شيء ،فبييادر إلييى
ظيــم ِ( (74 ك ٱل ْ َ
ع ِ سم ِ َرب ّ َ
ح ب ِٱ ْ
سب ّ ْ التسبيح َ
ف َ
سبحان ربي العظيم..
إختر قبل الموت
ثم يأتي قبل الختام تييذكير بييالموت ،حييتى تختييار
أخي المسلم قبل أن يأتيك الجل وتغادر هذه الدنيا،
َ حل ْ ُ
ذحين َئ ِ ٍ
م ِ وأنُتــ ْ مَ قــو َ ت ٱل ْ ُ ذا ب َل َ َ
غــ ِ ول َ إ ِ َ فَلــ َْ
كن ل ّ ول َ ٰـ ـ ِ
م َ منك ُـ ْه ِب إ ِل َي ْـ ِ ن أَ ْ
قَر ُ ح ُ
ون َ ْن ََتنظُُرو َ
ن .( (83-85لحظات صييعبة وشيديدة ،ميين صُرو َ ت ُب ْ ِ
منييا سيييكون ميين المقّربييين ،فتخفييف عنييه تلييك
اللحظات ،ومن منييا سيييكون ميين أصييحاب اليمييين،
ومن سيختم له بالشقاء والعياذ بالله...
تذكرة بين تسبيحتين
ح
سـب ّ ْ
ف َ وتختم سييورة الواقعيية بقييوله تعييالىَ :
ظي ـم ِ ،( (96بمييا يتناسييب مييع ع ِك ٱل ْ َسم ِ َرب ّ َ ب ِٱ ْ
لن ٱل ّْيــ ِ مــ َ ختييام سييورة الطييور بالتسييبيح َ
و ِ
جوم ِ وختييام سييورة النجييم وإ ِدَْبـَٰر ٱلن ّ ُ
ه َ ح ُ
سب ّ ْ َ
ف َ
دوا ْ . عُبـــ ُ
وٱ ْ دوا ْ للـــه َ
ج ُ
ســـ ُ فٱ ْ بالسيييجود َ
فالتسييبيح والعبييادة همييا أكييبر معينييين علييى اختيييار
طريق الحق والثبات عليه إن شاء الله.
وكما كانت السييور السييابقة تس يّلم بعضييها ،بييأن
577 سورة البقرة
م
هـ ْ وك َِثيٌر ّ
من ْ ُ يوازنون بييين المادييية والروحانييية َ
ن.( (26 قو َس ُ َ
ف ٰـ ِ
التوازن مفتاح النور
وهناك ملحوظة لطيفة في السورة ،أن النور قد
ذكر فيها 3مرات ،بشكل يفهمنا حقيقة التوازن فييي
السلم:
قــوا ْ من ُــوا ْ ٱت ّ ُ َ
ن ءا َ ذي َ هــا ٱل ّـ ِ -فييي الييدنيا :يٰأي ّ َ
مــن ن ِ م كِ ْ َ ؤت ِك ُ ْه ي ُـ ْ مُنوا ْ ب َِر ُ
فلي ْـ ِ سول ِ ِ وءا ِ ٱلله َ
ه.( (28 ن بِ ِ شو َ م ُ م ُنورا ً ت َ ْ عل ل ّك ُ ْ ج َوي َ ْه َ مت ِ ِ ح َ ّر ْ
ن مِني َ ؤ ِ مـــ ْ م ت َـــَرى ٱل ْ ُ و َ -عليييى الصيييراط :ي َـــ ْ
َ
م ه ْ دي ِ ن أي ْـ ِ هم ب َي ْـ َ ع ٰى ن ُــوُر ُ سـ َ ت يَ ْ من َ ٰــ ِ ؤ ِ م ْ و ٱل ْ ُ َ
هم.( (12 َ
م ٰـن ِ ِ وب ِأي ْ َ َ
م هـ ْ م لَ ُ هـ ْ عن ـدَ َرب ّ ِ داء ِ ه َ شـ َ و ٱل ّ -فييي الجنييةَ :
م.( (19 َ
ه ْ وُنوُر ُ م َ ه ْ جُر ُ أ ْ
أنظر بالله عليك إلى روعة هييذا الييدين وتييوازنه،
فالسورة تثبت لك أن التزامك بطاعة اللييه سيييجعل
لك نورا ً في الدنيا وفي حركيية حياتييك مثلمييا سييينور
طريقك عند اجتييياز الصييراط فييي الخييرة ...وليييس
هذا فحسب ،بل أن السورة ذكرت نييورا ً خاص يا ً بفئة
م هــ ْ م لَ ُ هــ ْ عنــدَ َرب ّ ِ داء ِ ه َ شــ َ و ٱل ّ ميين النيياسَ :
م .( (19لميياذا؟ لنهييم هييم الييذين َ
ه ْ وُنوُر ُ م َ ه ْ جُر ُ أ ْ
استخدموا الحديد في الصناعات الحربية فكانوا قمة
في النجاح في الحياة ونصييرة ديين اللييه .وبالمقابييل
سورة البقرة 582
وسورة الطور(
تختار أن تكون من السييابقين وأصييحاب اليمييين،
ذبين؟ )سورة الواقعة( أم أن تكون من المك ّ
تختيييار النعيييم أم النقيييم.؟ )سيييورتي الرحمييين
والقمر(
قييى علمييك ميين طريييق الييوحي أم
تختييار أن تتل ّ
طريق الشك والظن؟ )سورة النجم(
تختييار رزق اللييه وعطيياءه أم حرمييانه؟ )سييورة
الذاريات(
تختييار المادييية أو الروحانييية والغلييو بأحييدهما أم
تتوازن بينهما؟ )سورة الحديد(
نسأل الله تعالى أن يعيننا على هذه الختيييارات،
وأن ينفعنييا بمييا قرأنييا ميين آيييات الجييزء السييابع
والعشرين..
سور الجزء الثامن والعشرين
سورة المجادلة
سو بداية النتماء :حق المرأة
رة وسييورة المجادليية هييدفها :التييبرؤ ميين المناهييج
المجادل الخرى والتصال بالسلم .فكيف كانت بدايتها؟
تبدأ هذه السورة ويبدأ الجزء الثييامن والعشييرين
بقضية أسرة معرضة للتفكيك :رجيل خاصيم زوجتيه
وقال لها" :أنت علي كظهر أمييي" ،ممييا يييؤدي إلييى
أن تحرم عليييه فل يقربهييا فييي الفييراش ول يعطيهييا
حقها ..ظلم شديد للمرأة وعادة ميين أقبييح العييادات
الجاهلية الييتي كييانت ل تييزال موجييودة فييي مجتمييع
المدينيية المنييورة ...فنزلييت آيييات السييورة لتعطييي
ع
م َســ ِ قدْ َ للمرأة حقها من فوق سبع سييماواتَ :
هــا ج َو ِ
فــى َز ْ ك ِ جاِدُلــ َ
ل ٱل ِّتــى ت ُ َو َ ٱللــه َ
قــ ْ
كمــا وَر ُ
حا ُع تَ َ
م ُســ َ
و ٱلله ي َ ْ كى إ َِلى ٱلله َ وت َ ْ
شت َ ِ َ
صيٌر.( (1 ع بَ ِمي ٌس ِن ٱلله َ إِ ّ
589 سورة البقرة
قــو ُ
ل مــا ن َ ُع ـذّب َُنا ٱللــه ب ِ َ م ل َـ ْ
ول َ ي ُ َ ه ْسـ ِف ِ فى َأن ُ ِ
فب ِئ ْ َ
س ها َ ون َ َصـــــــل َ ْ
م يَ ْ
هن ّـــــــ ُج َ م َ ه ْســـــــب ُ ُ ح ْ َ
صيُر.( (8 م ِ ٱل ْ َ
من مظاهر النفاق
وحتى سبب نزول السورة ،وهو الظهييار وتحييذير
المييؤمنين ميين هييذه الظيياهرة ،يعييود إلييى أن هييذا
المرض هو نوع من أنواع النفاق الجتميياعي ،فكييان
ل بد من معالجة هذه الظاهرة وأكييثر ميين ذلييك ،إن
النجوى هي أيض يا ً ميين العييوارض الخطيييرة للنفيياق،
َ
ن ذي َ ها ٱل ّ ـ ِ لذلك حذرت السورة منهييا أيضييًا ،يٰأي ّ َ
جٰ ْ ْ فل َ ت َت َن َم َ مُنـــوا ْ إ ِ َ
وا ِبـــ ٱلث ْم ِ ــــ َ جي ْت ُ ْذا ت ََنـــا َ ءا َ
وا ْ ب ِٱل ْب ِّر ج ْوت ََنـٰ َ ل َ سو ِ ة ٱلّر ُ صي َ ِع ِ م ْو َ
ن َ وا ِ ع دْ َو ٱل ْ ُ َ
و ٰى جـ َ مــا ٱلن ّ ْ َ و ٰى ( (9وقوله تعييالى إ ِن ّ ق َو ٱلت ّ ْ َ
س ول َي ْـ َ من ُــوا ْ َ ن ءا َ ذي َ ن ٱل ّ ِحُز َ ن ل ِي َ ْ َ
شي ْطـٰ ِ ن ٱل ّ م َ ِ
ن ٱلله .( (10 شْيئا ً إ ِل ّ ب ِإ ِذْ ِ م َ ه ْ ضاّر ِ بِ َ
قد سمع الله
ومن هنا نفهم سبب تركيييز آيييات السييورة علييى
علييم اللييه وإحيياطته بكييل شيييء ،حييتى تعلييم أخييي
المسلم أن الله تعالى يعلييم السيير وأخفييى ،فتمتنييع
عن موالة غير المسلمين ولو في قرارة نفسك:
ع
م َســ ِ
قدْ َ فالسورة بدأت أصل ً بقوله تعييالىَ :
ها . ج َو ِفى َز ْ جاِدل ُ َ
ك ِ ل ٱل ِّتى ت ُ َ
و َ ٱلله َ
ق ْ
َ َ
ن ٱلله م ت ََر أ ّونرى فيها أيضا ً قوله تعالى أل َ ْ
سورة البقرة 592
َ
مــا
ض َ
فــى ٱل ْر ِ ما ِو َ ت َ م ٰـوٰ ِ س َ فى ٱل ّ ما ِ م َ عل َ ُ يَ ْ
م.( (7... ه ْع ُو َراب ِ ُه َة إ ِل ّ ُ و ٰى ث َل َ ٰـث َ ٍ ج َ من ن ّ ْ ن ِ كو ُ يَ ُ
ولذلك نييرى أن أسييماء اللييه الحسيينى المختصيية
بالعلم والحاطة قد تكررت بشكل ملفت:
مل ُــو َ
ن ع َمــا ت َ ْ و ٱللــه ب ِ َ صــيٌرَ (1)... ع بَ ِ مي ٌ س َِ
د(6)... هي ٌ ش ِ ىء َ ش ْ ل َ عل َ ٰى ك ُ ّ و ٱلله َ خِبيٌر(َ 3)... َ
م.( (7 عِلي ٌ
يء َ ش ْ ل َن ٱلله ب ِك ُ ّ إِ ّ
إعلن الولء
وتختم سورة المجادلة بآييية محورييية فييي الييولء
الكامل لله والتبرؤ من أعدائه:
وم ِ و ٱل َْيــ ْ ن ِبــ ٱلله َ من ُــو َ
ؤ ِوم ـا ً ي ُ ْق ْ ج ـدُ َ ل ّ ت َ ِ
وول َـ ْه َ ســول َ ُ
وَر ُحــادّ ٱللــه َ ن َ م ْ ن َ دو َ وا ّر يُ َ خ ِٱل َ ِ
و َ َ و أ َب َْنــاء ُ َ ك َـــاُنوا ْ ءاَبــاء ُ
مأ ْ ه ْخـــ ٰون َ ُ و إِ ْ
مأ ْ ه ْ مأ ْ ه ْ
م ( (22كلم شديد ولهجيية لييم نسييمعها ه ْ شيَرت َ ُ ع ِ
َ
من قبل ...إييياك أن تحييب ميين يعييادي دينييك ،الميير
ليييس فقييط متعلق يا ً بأفعالييك ،بييل حييتى بمشيياعرك
القلبية ...ول بد من التذكير أن الحديث هنييا مختييص
بالمناهج والحضارات التي تعادي السلم ،فلو كييانوا
غير مؤذين أو محاربين فل بأس من التعامل معهييم،
كمييا سيينرى فييي سييورة الممتحنيية ...أمييا إذا كييانوا
يعادون الله ورسوله ،ويحييادون اللييه ورسييوله ،ولييو
كانوا من القارب أو الهل أو الصحاب ،فييالمطلوب
هو التبرؤ الشديد منهم والنتماء الحقيقييي للسييلم.
593 سورة البقرة
سورة الحشر
سو تتحييدث سييورة الحشيير عيين يهييود بنييي النضييير
رة وحادثة إجلئهم عن المدينة بعد إخللهييم بالعهييد مييع
الحشر رسول الله .هذه الحادثة التي ظهر فيها نوعان ميين
الناس :نوع ساعد أعداء الله ووقفييوا بجييانبهم وهييم
المنيييافقون ،ونيييوع تيييبرأ مييين أعيييداء الليييه وهيييم
المؤمنون ...أرأيت كيف أن النتماء يسير معنييا فييي
سور هذا الجزء ...هيا بنا نسييتعرض هييذين النييوعين
اللذان كشفت حقيقتهم في تلك الحادثة.
المنافقون :ضعف النتماء
أن يجلي بنييي النضييير ،سييارع لما أراد النبي
سورة البقرة 594
للسلم:
مــن جــوا ْ ِ ر ُ خ ِ ن أُ ْ ذي َ ن ال ّ ِ ري َ ج ِ ه ٰـ ِ م َ قَراء ال ْ ُ ف َ ل ِل ْ ُ
دـيـ ٰرهم َ
ن ٱللــه مـ َ ضـل ً ّ ف ْ ن َ غــو َ م ي َب ْت َ ُ ه ْ مـ وٰل ِ ِ وأ ْ ِ َ ِ ِ ْ َ
م وَلـئ ِ َ ضونا ً وينصرون ٱلله ورسول َ ُ
ه ُك ُ ه أ ْ ُ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ ر ْ ٰ و ِ َ
ن ( (8أرأيت قمة النتماء لهيذا اليدين، قو َ د ُص ٰـ ِ ٱل ّ
ليس بالكلم ،وإنما بالعمل والتضحية..
مـن ن ِ م ٰــ َ و ٱلي َ داَر َ وءوا ٱلـ ّ ن ت ََبـ ّ ذي َ ٱّلـ ِ و
َ
ن دو َ جـ ُ ول َ ي َ ِ م َ هـ ْ َ َ
جَر إ ِلي ْ ِ هــا َ ن َ مـ ْ ن َ حّبو َ م يُ ِ ه ْ قب ْل ِ ِ
عل َ ٰى ُ
ن َ ؤث ُِرو َ وي ُ ْ ما أوُتوا ْ َ م ّ ة ّ ج ً حا َ م َ ه ْ ر ِ دو ِ ص ُ فى ُ ِ
ق
مــن ي ُــو َ و َ ة َ صـ ٌ صا َ خ َ م َ هـ ْ ن بِ ِ كا َ و َ ول َ ْ م َ ه ْ س ِ ف ِ َأن ُ
فسه َ ُ
ن.( (9 حو َ فل ِ ُ م ْ م ٱل ْ ُ ه ُ ك ُ وَلـئ ِ َ فأ ْ ح نَ ْ ِ ِ ش ّ ُ
فالمهاجرون انتموا لهذا الدين بصييدق ،والنصييار
أحبييوا الييذين هيياجروا إليهييم ،ل بييل آثروهييم علييى
أنفسهم رغم ضيق حالتهم المادية .ومع أن هجييرات
البشر عبر التاريييخ يعقبهييا كراهييية شييديدة وحييروب
ومشيياكل بييين الوافييدين وأهييل البلييد ،لكيين هجييرة
النصييار إلييى المهيياجرين كييانت بخلف ذلييك ،حييب
وإيثار وتضحية ...وتأتي بعد ذلك آية رائعة ،تصف لنا
وحدة المة عبر الجيال:
ن َرب َّنــا قوُلو َ م يَ ُ ه ْ د ِ ع ِمن ب َ ْ جاءوا ِ ن َ ذي َ و ٱل ّ ِ َ
ن
ذي َ خوٰن ِن َـــــــا ٱل ّـــــــ ِ ول ِ ْ فـــــــْر ل َن َـــــــا َ غ ِ ٱ ْ
غل ّ قُلوب ِن َــا ِ فــى ُ ل ِ ع ْ ج َ ول َ ت َ ْ ن َ م ٰـ ِ لي َ قوَنا ب ِ ٱ َ سب َ ُ َ
م.( (10... حي ٌ ف ّر ِ ك َرءو ٌ مُنوا ْ َرب َّنا إ ِن ّ َ ن ءا َ ذي َ ل ّل ّ ِ
سورة البقرة 596
سورة الممتحنة
سو وسورة الممتحنة نرى هدفها واضحا ً من أول آييية
ذوا ْ َ من ُــوا ْ ل َ ت َت ّ ِ َ
رة وى ع ـدُ ّ خـ ُ ن ءا َ ها ٱل ّ ِ
ذي َ فيها يٰأي ّ َ
ول َِيــاء ...أرأييييت كييييف أن اليييولء عــدوك ُ َ
الممتحن مأ ْ و َ ُ ّ ْ َ
للمسلمين والتبرؤ من الكافرين واضحان فييي سييور
الجزء كلها ...لذلك تأتينييا السييورة بأربعيية امتحانييات
للنتماء:
.1امتحان حاطب بن أبي بلتعة
.2امتحان المؤمنات المهاجرات
.3امتحان التوازن في الولء والبراء
.4امتحان النساء قبل مبايعتهن
تعييالوا معييا ً لنسييتعرض هييذه المتحانييات الييتي
أوردتها السورة الكريمة ،سورة الممتحنة.
حاطب بن أبي بلتعة وإفشاء السرار
كييان رسييول الليه يجهييز الجيييوش قبيل فتيح
مكة ،حتى يفاجئ الكفييار بيدخول مكيية فيستسيلموا
دون أن يحدث أي قتييال أو إراقيية دم فييي الحييرم...
لكن أحييد الصييحابة -وهييو حيياطب بيين أبييي بلتعيية -
أرسييل لهلييه فييي مكيية حييتى يحييذرهم ميين مجيييء
المسييلمين ..فكييان امتحانييا ً لييولء ذلييك الصييحابي
الجليل ،الذي أخطأ في تصييرفه هييذا ،ولييذلك نزلييت
آيات السورة تعاتبه على ذلك:
599 سورة البقرة
سورة الصف
سو وهييدف سييورة الصييف واضييح ميين اسييمها" :يييا
رة مسييلمون ،ويييا ميين انتمييى لهييذا الييدين ،وحييدوا
الصف
603 سورة البقرة
ســول ً ُ و ٱل ّ ـ ِ
ن َر ُ مّيي ـ َ فــى ٱل ّ ث ِ عـ َ ذى ب َ َ ه َُ
م ،( (2ما هي مهمة هييذا الرسييول؟ وبالتييالي ه ْ من ْ ُ ّ
ما هي مهمة من ينييوب عنييه ويخطييب الجمعيية فييي
مهـــ ْ وي َُز ّ ل ُـــو َ َ
كي ِ ه َم ءاي َ ٰــــت ِ ِ هـــ ْعلي ْ ِ النييياس؟ ي َت ْ
ة ...( (2فعناصيير مـ َ و ٱل ْ ِ
حك ْ َ ب َ م ٱل ْك َِتــٰ َ ه ُم ُعل ّ ُوي ُ َ
َ
خطبة الجمعة هي :تلوة القرآن والتعايش مييع آييياته
وأحكامه ،تزكية النفييوس وإصييلحها ،وتعليييم النيياس
سّنة النبي وأحاديثه...
فاسعوا إلى ذكر الله
وتختم السيورة بيأهم ميا يجيب عليى المسيلم أن
يفعله حتى يثبت انتماءه لله تعالى:
ٰي َ
ة ص ـل َ ٰو ِى ِلل ّ ذا ن ُــوِد َ من ُــوا ْ إ ِ َ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّـ ِ أي ّ َ
ر ٱللــه ى ِذك ْـ ِ وا ْ إ ِل َـ ٰ ع ْ سـ َ فٱ ْ ة َ عـ ِ م َج ُ وم ِ ٱل ْ ُ من ي َ ْ ِ
ع.( (9 وذَُروا ْ ٱل ْب َي ْ َ َ
فمن دلئل انتمائك أن تسارع إلى المسجد حييتى
تتوحييد مييع المسييلمين فييي الحييي ،وأن تضييع الييدنيا
خلف ظهرك دون أن تلهيييك عيين انتمييائك وعبادتييك
ن.( (9 مو َ عل َ ُ
م تَ ْ كنت ُ ْ م ِإن ُ خي ٌْر ل ّك ُ ْ م َ ذَل ِك ُ ْ
وتذكر لنا السورة حادثة أخطأ فيها صحابة رسييول
الله ،عندما تركييوا رسييول اللييه يخطييب علييى المنييبر
وسييارعوا إلييى ملقيياة إحييدى القوافييل وهييي تييدخل
ضــوا ْ هــوا ً ٱن َ َ َ
ف ّ و لَ ْجـــَٰرةً أ ْ وا ْ ت ِ َ
ذا َرأ ْ وإ ِ َالمدينيية َ
ن مــ َخي ٌْر ّ عندَ ٱلله َ ما ِ ل َق ْ قاِئما ً ُ ك َ كو َ وت ََر ُها َ إ ِل َي ْ َ
ن قي َز ِ خي ُْر ٱلّرا ِ وٱلله َ ة َ جـَر ِ ن ٱل ت ّ َ ٰ م َ و ِو َ ٱلله ِ
607 سورة البقرة
سورة المنافقون
سو وسييورة المنييافقون تحييذر ميين هييذا المييرض
رة الييداخلي الييذي يهييدد انتميياء الميية ويضيييع وحييدة
المنافق
سورة البقرة 608
ل تلهكم أموالكم
وتختتم السييورة بييذكر شييواغل النتميياء ،تمهيييدا ً
لسور التغييابن والطلق والتحريييم ،الييتي تتكلييم عيين
مُنوا ْ ل َ َ
ن ءا َ ها ٱل ّ ِ
ذي َ هذا الموضوع بالتفصيل :يٰأي ّ َ
َ ت ُل ْهك ُ َ
ر ٱللــه عــن ِذك ْـ ِ وَلـ ـٰدُك ُ ْ
م َ ول َ أ ْ م َ ول ُك ُ ْ
مـ ٰ مأ ْ ِ ْ
ن م ٱل ْ َ ول َ ٰـئ ِ َ ُ ك َ ل ذَل ِ َ
ع ْ من ي َ ْ
سُرو َ خ ٰــ ِ هـ ُ ك ُ فأ ْ ف َ و َ
َ
.((9
فالموال والولد كييانت هييي مشييكلة المنييافقين
الساسييية ،فاحييذر أخييي المسييلم أن تشييغلك هييذه
المور عن ذكر الله وعن انتمائك للمؤمنين ،فتكييون
بذلك معرضا ً لخطر النفاق الشديد ..فمييا الحييل إذًا؟
مــامــن ّ قــوا ْ ِ ف ُوَأن ِ بالنفيياق فييي سييبيل اللييه َ
َ ْ َ
ت و ُمــ ْم ٱل ْ َ ح ـدَك ُ ُ ىأ َ ل أن ي َ ـأت ِ َقب ْ ِ من َ م ّ قَنـٰك ُ َْرَز ْ
َ ول أ َ ّ
بريـ ٍ ق ِ ل َ جـ ٍ خْرت َِنـى إ َِلـ ٰى أ َ ب َلـ ْ ل َر ّ قـو ُ في َ ُ
َ
ن ( (10لن حي َ ص ٰـــل ِ ِ ن ٱل ّ مــ َ كــن ّ وأ َ ُ
صــدّقَ َ فأ ّ
َ َ
النفاق هو أفضل وقاية للقلوب من مييرض النفيياق،
ومن شواغل النتماء...
سور التغابن والطلق والتحريم
سو هييذه السييور تتحييدث -كمييا ذكرنييا سييابقا ً -عيين
ر المحاذير التي تضّيع النتميياء عنييد المسييلمين .وميين
التغييابن عناوين السور ،نلحظ أنها كلها مشاغل اجتماعية.
فالمشييغول بالمييال والزوجيية والولييد عيين اللييه
تعالى وعن دينه ،هييو إنسييان مغبييون )أي مخييدوع(،
611 سورة البقرة
خَرج ـ ً
ا ... م ْ عل ل ّـ ُ
ه ج َق ٱلله ي َ ْ
َ من ي َت ّ ِو ََ ... -
.((2
َ
ه
ر ِ
مـ ِ
نأ ْمـ ْ عــل ل ّـ ُ
ه ِ ج َق ٱللــه ي َ ْ
من ي َت ّ ِو ََ ... -
سرًا.( (4... يُ ْ
سي ّئ َ ٰـ ـت ِ ِ
ه ه َ
عن ْـ ُ ق ٱللــه ي ُك َ ّ
فـْر َ مــن ي َت ّـ ِ
و َ
َ ...
-
جرا ً.( (5 ويعظم ل َ َ
هأ ْ َ ُ ْ ِ ْ ُ
وكأن السورة تبين لنا آداب المفارقيية فييي حييياة
السرة المسلمة ،والتي تتلخص بكلمة واحدة :تقوى
الله ،لن عدم التقوى في هذه الظييروف ليين يييؤدي
إلى انهيييار أسييرة واحييدة فقييط ،بييل إن ضييرر ذلييك
سيتعدى إلى المجتمع كله...
فريضة شرعية
هذا الجزء يحمل الوصية ما قبل الخيرة للقييرآن
الكريم ..وهييي فريضيية الييدعوة إلييى اللييه وضييرورة
حمل منهج السييلم للرض كلهييا ..فبعييد أن عرفييت
أخي المسلم ،في الجييزء الثييامن والعشييرين ،قيميية
النتماء للسلم وأحسست بحلوة الولء لدين اللييه،
ل بد لك أن تتحرك بالسلم وتدعو الناس إليييه بكييل
ما أوتيت من قوة وجهد وحكمة..
وفريضة الدعوة إلى الله واجبة على كل مسييلم
ومسلمة ،مهما كانت معلوماتهم الدينية قليليية ،فقييد
قال رسول الله" :بّلغوا عني ولو آييية" .لييذلك يقييول
المام أحمد بن حنبل :ميين علييم مسييألة فهييو عييالم
بها .ولنا فيي سييدنا أبيي بكير قيدوة حسينة ،عنيدما
أسلم على يديه ستة من كبار الصييحابة الكييرام فييي
أول يوم من إسلمه ،رغم أن معلوميياته فييي الييدين
كانت أقل بكثير من معلوماتك أخي المسلم...
دث النيياس فييي فإذا علمت أن الصلة واجبة فحي ّ
الصلة ...كّلمهم في حب ربنا وحلوة الجنة وأهييوال
سييهلة ل تحتيياج للكييثير ميين
الخييرة ...هييذه أمييور 615
سورة البقرة 616
م ه ْ وت ُ ُ
عـ ْ مــا دَ َ وإ ِن ّــى ك ُل ّ َ كيييف تفيييد المداوميية َ -
َ
م هــ ْفــى ءا ٰذن ِ ِ م ِ ه ْ ع ُص ٰـــب ِ َ عُلــوا ْ أ َ
ج َ م َ هــ ْفــَر ل َ ُ غ ِ ل ِت َ ْ
ســت َك ْب َُروا ْ شــوا ْ ث ِيــابهم َ
وٱ ْ صــّروا ْ َ وأ َ َ َ ُ ْ َ غ َ ْ ست َ ْوٱ ْ َ
ست ِك َْبارا ً.( (7 ٱ ْ
ورغم كييل هييذه الصييعوبات وكييل هييذا التكييذيب،
نلمييس ميين السييورة إصييراره الشييديد علييى تبليييغ
م إ ِن ّــى ه ٰـــرا ً ث ُـ ّ ج َ م ِ ه ْ وت ُ ُ
عـ ْم إ ِن ّــى دَ َ الرسالة :ث ُ
ّ
س ـَرارا ً( (8-9 عل َن ْـت ل َه ـم َ أَ ْ
م إِ ْ هـ ْ ت لَ ُ س ـَرْر ُ وأ ْ
ُ ْ َ ُ
فكييأنه يقييول :لقييد جّربييت كييل الوسييائل الممكنيية،
أخذت كل واحد وكّلمتييه لوحييده ،وأقمييت مييؤتمرات
حييتى أشييرح فكرتييي للنيياس ،وخيياطبت الفييراد
ه إ ِل ّ عـ ُم َن َ مـ َ ما ءا َ و َ والجماعييات ...ومييع ذلييك َ
ل كمييا جيياء فييي سييورة هييود ،آميين معييه 60 قِلي ٌ َ
واحد فقط على إحدى الروايات ..تخي ّييل ...أي رجييل
واحد يؤمن كل 15سنة ...ما هذا التكذيب الشييديد..
وما هذا الصرار والتفاني على الدعوة...؟
فسورة نوح ،كما رأينييا ،تؤكييد علييى معنييى مهييم
جدا ً في جزء الدعوة إلى الله :اسييتمر فييي الييدعوة
حتى لو لييم يسييتجب لييك أحييد ،واجعييل سيييدنا نييوح
قدوتك في ذلك.
فن الدعوة
ويمضييي التقرييير فييي وصييف أسيياليب الييدعوة
المستعملة:
فارا ً ن َ
غ ّ ه َ
كا َ فُروا ْ َرب ّك ُ ْ
م إ ِن ّ ُ غ ِ
ست َ ْ قل ْ ُ
ت ٱ ْ ف ُ
َ
623 سورة البقرة
مكــــــــــ ْعل َي ْ ُ
ماء َ ســــــــــ َ ل ٱل ّ ســــــــــ ِ ي ُْر ِ
َ
عــل ل ّك ُـ ْ
م ج َوي َ ْن َوب َِني َ
ل َ
م ٰو ٍ م ب ِأ ْددْك ُ ْ
م ِ مدَْرارا ً َ
وي ُ ْ ّ
م كــــــــــــ ْ عــــــــــــل ل ّ ُ ج َ وي َ ْ
ت َ ٰـــــــــــــ ٍ جن ّ
َ
هارا ً.( (10-12 َ
أن ْ َ
فهو يبشرهم أن استجابتهم لوامر اللييه سييتكون
خيرا ً لهم في الدنيا قبل الخييرة ،وكييأنه يقييول لهييم:
ألم تحبوا الدنيا؟ ألم تتعلقوا بهييا؟ فاسيتغفروا ربكيم
حتى تتحسن دنياكم وتزدهر...
ثم ينتقل إلى أسلوب آخر :قدرة الله في الكييون
مقك ُـ ْخل َ َقـدْ َو َ قــارا ً َ
و َن لله َ جو َ م ل َ ت َْر ُ ما ل َك ُ ْ ّ
وارا ً.( (13-14 َ
أطْ َ
َ
ت م ٰــ ٰو ٍ س َ
ع َ سـب ْ َ
ق ٱلله َ خل َ َ ف َ وا ْ ك َي ْ َم ت ََر ْ أل َْ
عـ َ
ل ج َو َ ن ن ُــورا ً َ هـ ّ
في ِم ـَر ِ
ق َل ٱل ْ َ عـ َ ج َو َطَِباق ـا ً َ
سَراجا ً.( (15-16 س ِ م َ ش ْ ٱل ّ
أسييمعك الن تقييول فييي نفسييك :إنهييا سييورة
الملك ،وأهمية التعرف على الله وتوقيره حتى ندعو
إليه ...ترابط رائع بين سور الجزء ...وماذا بعد؟
ض ن ََباتــا ً ُ ثــ ّ
م َ
ن ٱلْر ِ مــ َم ّ وٱللــه َأنب َت َ ُ
كــ ْ َ
خَراجــا ً...( (17-18 م إِ ْ ج ُ
كــ ْ ر ُ
خ ِوي ُ ْ
هــا َ في َ عيــدُك ُ ْ
م ِ يُ ِ
تييذكرة بييالموت ،وبيياليوم الخيير .إنييه محييور سييورة
الحاقة ...أن زاد الداعيية إليى الليه هيو الحيديث عين
اليوم الخر ...أرأيت كييف تيترابط سيور هيذا الجيزء،
وكيييف ترينييا سييورة نييوح تطبيقييا ً عمليييا ً للمعيياني
سورة البقرة 624
َ
مــن ف َ ه َ مّنــا ِبــ ِ هدَ ٰى ءا َ عَنا ٱل ْ ُ م ْس ِ ما َ وأّنا ل َ ّ َ
هقا ً.( (13 ول َ َر َ خسا ً َ ف بَ ْ خا ُ فل َ ي َ َ ه َمن ب َِرب ّ ِ ؤ ِ يُ ْ
س ُ مّنا ٱل ْ َ وأ َ
نطو َ ق ٰـــ ِ و ِ
ن َ مو َ سل ِ ُم ْ مّنا ٱل ْ ُ ّنا ِ َ
.( (14
ثم نرى كلما ً مشابها ً لكلم نوح عليه السلم ،بييأن
اليمان يفيد صاحبه في الييدنيا قبييل الخييرةَ :
وأّلـ ِ
و َ
قـ ِ َ
مـاء هم ّ قي ْن َ ٰــ ُس َ ةل ْ ري َ عَلـى ٱلطّ ِ موا ْ َ ق ٰــ ُ ست َ َ ٱ ْ
دقا ً.( (16 غ َ َ
فالسورتان واضحتان في علقتهما مييع بعضييهما،
وفي تعليمنا فقه الدعوة وأهميتها وأساليبها..
عل َي ْ ُ
هدا ً َ ســل َْنا إ ِل َي ْ ُ َ
مــام كَ َكــ ْ ش ٰـــ ِ ســول ً َ م َر ُ كــ ْ أْر َ
ن سول ً َ سل َْنا إ ِل َ ٰى ِ َ
و ُعــ ْفْر َص ٰى ِ ع َ فَ ن َر ُ و َ
ع ْ
فْر َ أْر َ
وِبيل ً ( (15-16فمييا خــذا ً َه أَ ْ
خذْن َ ٰــ ُفأ َ َ
ل َ ســو َ ٱلّر ُ
علقة موسى وفرعون بمحور السورة؟
إن قيييام الليييل هييو المعييين الول علييى مواجهيية
الطغاة والجبابرة والمكييذبين ،كمييا كييان الحييال مييع
سيدنا موسى عليه السلم ...وكأنها تقول لييك :أيهييا
الداعية ،صل في الليل حتى تكون أقوى على دعييوة
النيياس فييي النهييار ...معادليية واضييحة تقييدمها إلينييا
سورة المزمل.
ن َرب ّـــ َ
ك وتختتيييم السيييورة بقيييوله تعيييالى إ ِ ّ
م ( (20...إلى آخر الية. عل َ ُ
يَ ْ
فقيام الليل كان فرضا ً على المسلمين في بداية
الدعوة السرية ،وبقي كذلك لمدة سنة كاملة .لكيين
المر شق على الصحابة ،فنزلت الييية الخيييرة ميين
السورة حتى تخفف الحكييم علييى الصييحابة ،وتقييول
ن
مــ َســَر ِ قَرءوا ْ َ
مــا ت َي َ ّ فــ ٱ ْ لهيييم بالمقابيييلَ :
ن .والملفت أننا نييرى فيهييا قييوله تعييالى قْرءا ِٱل ْ ُ
ل ٱلله .فمع سِبي ِ
فى َ قـٰت ُِلو َ
ن ِ ن يُ َ
خُرو َوءا ََ
أن السورة مكييية ونزلييت فييي أوائل العهييد المكييي،
لكنها ذكرت الجهاد في سبيل اللييه ،لن قيييام الليييل
هو من مقومات الستعداد للجهيياد فييي سييبيل اللييه،
فاستعينوا به أيها الييدعاة ،حييتى تتهيييأوا للجهيياد فييي
المستقبل..
سورة البقرة 628
سورة القيامة
كر بيييوم القياميية، وهذه السورة ،من اسييمها ،تييذ ّ
سو
رة لتقف إلى جييانب سييورة الحاقيية فيي تزوييد اليدعاة
القيامة بالميادة الساسيية خلل أخيذهم بأييدي النياس إليى
الله ،وخاصة من خلل التذكير بأول مراحل الخييرة،
لقي ـ َ
و ِ ىَ قـ َت ٱلت َّرا ِ غـ ِ ذا ب َل َ َوهو الموت :ك َل ّ إ ِ َ
ت و ٱل ْت َ ّ ه ٱل ْ ِ َ و َ
فــ ِ فــَراقُ َ ن أّنــ ُ ظــ ّ قَ ن َرا ٍ
مــ ْ
َ
ق
ســا ُ م َ ذ ٱل ْ َمئ ِ ٍ
و َك ي َـ ْلى َرب ّ َق إِ َ ٰ سا ِ ساقُ ب ِٱل ّ ٱل ّ
.( (26-30
سورة النسان
سو هذه السورة توضح أحد أهم المفاهيم التي يجب
رة على الدعاة إلى الله أن يوقنوا بها:
النسيييا "المطلوب منييك هييو الييدعوة فقييط ،أمييا النتييائج
سورة البقرة 630
فهي على الله" .لذلك ترى فيها قييوله تعييالى إ ِّنا
فورا ً( (3 ما ك َ ُ كرا ً َ
وإ ِ ّ شا ِما َ ل إِ ّ سِبي َ ه ٱل ّ هدَي َْنـٰ ُ َ
فكأنها تقييول للييدعاة ،وتقييول لنييبيهم :ل تيأسييوا
من تكذيب النيياس لكييم ،لن اللييه تعييالى هييو الييذي
ع ول َ ت ُ ِ
طــ ْ ك َ حك ْم ِ َرب ّ َ صب ِْر ل ِ ُ
فٱ ْ يهدي من يشاء َ
َ
لء ؤ َه ٰـــ ُ ن َ ّ فــورا ً (24) إ ِ و كَ ُ م ءاِثمــا ً أ ْ هــ ْ من ْ ُ ِ
قيل ً ومــا ً ث َ ِم يَ ْ ه ْوَراء ُ ن َ وي َذَُرو َة َ جل َ َ ن ٱل ْ َ
عا ِ حّبو َ يُ ِ
.( (27
سورة المرسلت
سو وبعد أن خاطبت سورة النسان الييدعاة ،حييتى ل
رة يتأثروا بتكذيب الناس ،نصل إلى سورة المرسييلت،
الييتي نييرى فيهييا خطابييا ً موجهييا ً وتحييذيرا ً مباشييرا ً
المرسيي
ن ذ ل ّل ْ ُ
مك َـذِّبي َ مئ ِ ٍ
و َ للمكييذبين أنفسييهم َ
وي ْ ٌ
ل ي َـ ْ
.((15
وتقييول للييدعاة فييي نفييس الييوقت :ل تتحسييروا
عليهم ،وخييذوا بالسييباب واتركييوا النتييائج علييى رب
ن . عدَهُ ي ُ ْ العالمين َ َ
مُنو َ
ؤ ِ ث بَ ْ
دي ٍ
ح ِ
ي َ
فب ِأ ّ
سور رائعة في ترابطها وحديثها عن الدعوة إلييى
الله .وميع أننيا ليم نتنياول كيل ميا فيهيا مين أصيول
الييدعوة ومعانيهييا ،إل أننييا حاولنييا أن نسييلط الضييوء
علييى المفاتيييح والمعيياني الساسييية فيهييا ،لنييترك
المجييال أمييام قييارئ القييرآن حييتى يعيييش مييع هيذه
السور ،ويتعرف على اللفتات اللطيفة اليتي ل يخلييو
631 سورة البقرة
ختام المنهج
هييذا الجييزء هييو ختييام القييرآن ،وختييام منهييج
الستخلف الذي وضعه اللييه تعييالى للبشيير ...فبعييد
الحكييام والتشييريعات ،وبعييد ذكيير أخبييار السييابقين
وأخذ العبرة منهم ،وبعييد ذكيير مقومييات السييتخلف
فييي سييور وأجييزاء بأكملهييا ،يأتينييا الجييزء الثلثييون،
بسوره القصيرة المؤثرة ،حتى يؤكييد علييى المعيياني
التي تساعد قارئ القرآن علييى حمييل هييذا المنهييج.
هذه المعاني تبييدأ ميين اليمييان بعظميية اللييه تعييالى
وقدرته ،إلى التييذكير بلقيياء اللييه والعييودة إليييه فييي
الخرة ،إلى التأكيد على ذكر الله تعالى وشكره...
َ
ه
عــ ُ
ف َ و َيــذّك ُّر َ
فَتن َ كــ ٰى أ ْ عّلــ ُ
ه ي َّز ّ ك لَ َري َ
مــا ُيــدْ ِ
و َ
َ
ٱلــذّك َْر ٰى ( (1-4حييتى تعّلمنييا أن الييدعوة حييق
للناس كلهم وليست لفئة محددة ،ونعلم أن المقبييل
علييى الييدعوة هييو أولييى بهييا مهمييا كييان مسييتواه
الجتماعي..
والجدير بالذكر أن اهتمام النبي بأكابر القوم
لم يكن تعظيما ً لمستواهم الجتماعي وانتقاصيا ً ميين
قدر العمى الذي أعييرض عنييه ،وإنمييا لنييه رأى
أنهييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم
ت ماء َ
ذا ِ ســـ َو ٱل ّتخيييرج اليييزرع مييين الرض َ
ع( (11-12 ض َ َ
صــــدْ ِ
ت ٱل ّ
ذا ِ و ٱلْر ِ عَ جــــ ِٱلّر ْ
فخييالق النسييان وخييالق الكييون إلييه واحييد ،خلييق
النسان كمييا يخلييق الييزرع ميين ميياء أودع فيييه سيير
الحياة.
ن ك َل ّ ل َ ْ
و مو َ عل َ ُ
ف تَ ْو َ س ْم ك َل ّ َ ن ثُ ّ مو َ عل َ ُ ف تَ ْو َ س ْ َ
م (3- حي ـ َ ج ِ ن ٱل ْ َ و ّ ن ل َت َـَر ُقي ِم ٱل ْي َ ِ عل ْ َ ن ِ مو َ عل َ ُتَ ْ
.(6إياك أن تكون منهم ...إن في داخلك روحا ً تحتاج
إلى غذائها من الطاعيية والسييتغفار والحفيياظ علييى
الصلة وقيام الليل ...فإن لم تستجب لهييذا التحييذير
فاسمع الية الرهيبة في تصوير رؤييية جهنييم والعييياذ
نسـئ َل ُ ّم ل َت ُ ْ ن ثُ ّ قي ِ ن ٱل ْي َ ِ عي ْ َ
ها َ ون ّ َ م ل َت ََر ُ بالله :ث ُ ّ
عيم ِ ( (7-8فالله تعييالى سيسييألنا ن ٱلن ّ ِ ع ِ ذ َ مئ ِ ٍو َيَ ْ
عن كل نعمة صغيرة أو كبيرة أنعم بها علينا ،والييتي
ميين أهمهييا هييذا الجسييد الييذي رزقنييا اللييه إييياه،
فاسييتعمله البعييض فييي معصيييته ناسييين أرواحهييم
وغذاءها وتحضيرها للخرة..
َ ل رب َ َ
م ل ك َي ْدَ ُ
ه ْ ع ْج َم يَ ْل أل َ ْفي ِ ب ٱل ْ ِ حـٰ ِص َ ك ب ِأ ْ ع َ َ ّ ف َ َ
ل .إن كيد أعداء اللييه ضييعيف ل يييؤثر ضِلي ٍ فى ت َ ْ ِ
ول يدوم ،لنه ضييال ،ولن قييدرة اللييه الغالبيية تقييف
هــم مي ِ ل ت َْر ِم طَْيرا ً أ ََباِبيـ َ ه ْ ل َ َ
علي ْ ِ س َ دونهَ :
وأْر َ َ
ْ
ل
كو ِ مــأ ُ ف ّ ص ٍ ع ْم كَ َ عل َ ُ
ه ْ ج َف َلَ جي ٍ س ّ من ِ ة ّ جاَر ٍ ح َبِ ِ
فاستعينوا بالله على عدوه وعدوكم.