Professional Documents
Culture Documents
تأليف
د .ربيع بن هادي عمي الدخلي
مقدمة الطبعة الثانية
ال مد ل ،وال صلة وال سلم على ر سول ال وعلى آله و صحبه و من
اتبع هداه .
أما بعد:
فيعلم رب أنن ما قصدت بكتاب هذا "منهج أهل السنة والماعة ف
نقد الرجال والكتب والطوائف "؛ إل بيان الق والعدل والنصاف،
التمثل ف هذا النهج العظيم ،وقد تريت جهد طاقت ف إبرازهذا الق
ودحض ما يالفه ويضاده.
فأسأل ال الكري ،رب العرش العظيم ،أن يعله خالصا لوجهه ولنصرة
دينه ،وأن يعله ف ميزان حسنات.
وإن من شكر ال وحده أن أبي أن الكتاب قد لقي قبول عظيما لدى
أهل الق والنصاف والنهج السلفي ،وهم كثي وكثي ف هذا البلد
وخارجه ،والشيء من معدنه ل يستغرب.
وأسأل ال الكري أن يوفق إخواننا الذين خدعوا بذلكم النهج الخادع
الغالط ،الذي يلبس ظاهرا لباس العدل والنصاف ،وينطوي على هدم
منهج السلف الذي ل يوجد العدل القيقي والنصاف إل فيه :أن
يوفقهم إل الرجوع إل الق ،وأن ينبهم سبل أهل الباطل ،والعناد
والكابرة ،وأن يقينا وإياهم كيد الشياطي -شياطي النس والن،-
-3-
وأن يرج الميع من دوامة الوى والية الت حطمت رحاها القلوب
والنفوس والعقيدة والخلق ،إن رب لسميع الدعاء.
ول يفوتن أن أذكر للقراء الكرام :أنن بعد أن فرغت من تأليف كتاب
((منهج أهل السنة والماعة ف النقد)) ،أرسلت منه نسخة لسماحة
شيخنا العلمة الشيخ عبدالعزيز بن عبدال بن باز رئيس إدارات البحوث
العلمية والفتاء والدعوة والرشاد ،فتفضل ساحته بإحالته إل صاحب
الفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدال الراجحي ف خطاب (رقم /488
خ) ،وتأريخ ( 1412 /3 /13هـ) ،فامتثل صاحب الفضيلة الشيخ
عبدالعزيز بن عبدال الراجحي أمر شيخه العلمة عبدالعزيز بن عبدال
بن باز ،فقام بدراسة الكتاب ،ث تلخيصه تلخيصا جيدا ،أضاف إليه
خلصة الؤلف ،وأرفقه بذا الطاب إل ساحة العلمة الشيخ عبدالعزيز
بن عبدال بن باز:
بسم ال الرحن الرحيم.
من عبدالعزيز بن عبدال الراجحي إل ساحة شيخنا ووالدنا عبدالعزيز
بن عبدال بن باز حفظه ال ووفقه ومتعه متاعا حسنا آمي .السلم
عليكم ورحة ال وبركاته.
أما بعد:
فقد وصلن خطابكم (رقم /488خ) ف (3/1412 /13هـ) مشفوعا
بؤلف للشيخ ربيع بن هادي مدخلي الدرس ف الامعة السلمية
-4-
بالدينة النورة بعنوان" :منهج أهل السنة والماعة ف نقد الرجال
والكتب والطوائف "؟ لغرض مراجعته والفادة.
وعليه تدون ساحتكم برفقه الفادة عنه.
وال يفظكم ويرعاكم ،وال الوفق ،وصلى ال على ممد وآله
وصحبه.
إبنكم :عبدالعزيز بن عبدال الراجحي .
وبعد قراءة الشيخ العلمة ابن باز إفادة الشيخ عبدالعزيز الراجحي،
وجه إل خطابه الت -ليبشرن بأنه قد سره جواب الشيخ الراجحي،
وداعيا ل با أرجو من ال أن يستجيبه :-
(( الرقم /1673 :خ .التاريخ .1412 /9 /8 :الرفقات ))7 :
من عبدالعزيز بن عبدال بن باز إل حضرة الخ الكرم صاحب
الفضيلة الدكتور ربيع بن هادي بن عمي مدخلي ،وفقه ال لا فيه
رضاه ،وزاده من العلم واليان ،آمي.
سلم عليكم ورحة ال وبركاته.
أما بعد:
فأشفع لكم رسالة جوابية من صاحب الفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن
عبدال الراجحي حول كتابكم ((منهج أهل السنة والماعة ف نقد
الرجال والكتب والطوائف )) ،لن قد أحلته إليه ،لعدم تكن من
مراجعته ،فأجاب با رآه حوله ،وقد سرن جوابه والمد ل ،وأحببت
اطلعكم عليه.
-5-
وأسأل ال أن يعلنا وإياكم وسائر إخواننا من دعاة الدى وأنصار
الق ،إنه جواد كري.
والسلم عليكم ورحة ال وبركاته.
الرئيس العام لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد)).
بارك ال ف عمر شيخنا ،وشكر ال له هذا التشجيع والتجاوب
الطيب ،وجعلنا وإياه وكل السلمي من الدعاة إل الق والسنة والذابي
عن حياضهما ،إن رب لسميع الدعاء.
وقد بدا ل أن أتف القراء الكرام بإرداف كلم آخر لشيخنا ،وبكلم
صاحب السماحة الشيخ عبدالعزيز الحمد السلمان ،وبكلم صاحب
السماحة الدكتور الشيخ صال الفوزان عضو هيئة كبار العلماء ،إذ كل
ذلك بؤيد موضوع الكتاب ويصب ف نره.
-سئل ساحة الشيخ عبدالعزيز بن باز حفظه ال ووفقه السؤال التال:
بالنسبة لنهج أهل السنة ف نقد أهل البدع وكتبهم ،هل من الواجب
ذكر ماسنهم ومساوئهم ،أم فقط مساوئهم؟
فأجاب وفقه ال:
((العروف ف كلم أهل العلم نقد الساوىء للتحذير ،وبيان الخطاء
الت أخطؤوا فيها للتحذير منها ،أما الطيب معروف ،مقبول الطيب،
لكن القصود التحذير من أخطائهم ،الهمية ...العتزلة ...الرافضة...
وما أشبه ذلك.
-6-
فإذا دعت الاجة إل بيان ما عندهم من حق ،يبي ،وإذا سأل السائل:
ماذا عندهم من الق؟ ماذا وافقوا فيه أهل السنة؟ والسؤول يعلم ذلك،
يبي ،لكن القصود العظم والهم بيان ما عندهم من الباطل ،ليحذره
السائل ،ولئل ييل إليهم )) .
-فسأله آخر :فيه أناس يوجبون الوازنة :أنك إذا انتقدت مبتدعا
ببدعته لتحذر الناس منه يب أن تذكر حسناته حت ل تظلمه؟
فأجاب الشيخ رعاه ال:
((ل ،ما هو بلزم ،ما هو بلزم ،ولذا إذا قرأت كتب أهل السنة،
وجدت الراد التحذير ،اقرأ ف كتب البخاري ((خلق أفعال العباد)) ،ف
كتاب الدب ف "الصحيح " ،كتاب "السنة" لعبد ال بن أحد ،كتاب
"التوحيد" لبن خزية" ،رد عثمان بن سعيد الدارمي على أهل
البدع" ...إل غي ذلك.
يوردونه للتحذير من باطلهم ،ما هو القصود تعديد ماسنهم...
القصود التحذير من باطلهم ،وماسنهم ل قيمة لا بالنسبة لن كفر ،إذا
كانت بدعته تكفره ،بطلت حسناته ،وإذا كانت ل تكفره ،فهو على
خطر ،فالقصود هو بيان الخطاء والغلط الت يب الذر منها" اهـ.
من شريط مسجل لدرس من دروس الشيخ حفظه ال الت ألقاها ف
صيف عام 1413هـ ف الطائف بعد صلة الفجر.
-7-
شريط 855من سلسلة الدى والنور للعلمة الحدث الشيخ ممد
ناصر الدين اللبان حفظه ال عن منهج الوازنات فكانت السئلة
والجوبة هي ما يأت:
"س :القيقة يا شيخنا إخواننا هؤلء أو الشباب هؤلء جعوا أشياء
كثية ،من ذلك قولم :ل بد لن أراد أن يتكلم ف رجل مبتدع قد بان
ابتداعه وحربه للسنة أو ل يكن كذلك لكنه أخطأ ف مسائل تتصل
بنهج أهل السنة والماعة ل يتكلم ف ذلك أحد إل من ذكر بقية
حسناته ،وما يسمونه بالقاعدة ف الوازنة بي السنات والسيئات،
وألفت كتب ف هذا الباب ورسائل من بعض الذين يرون هذا الرأي،
بأنه ل بد ؟؟؟ منهج الولي ف النقد ول بد من ذكر السنات وذكر
السيئات ،هل هذه القاعدة على إطلقها أو هناك مواضع ل يطلق فيها
هذا المر؟ نريد منكم بارك ال فيكم التفصيل ف هذا المر.
ج :التفصيل هو :وكل خي من اتباع من سلف ،هل كان السلف
يفعلون ذلك؟ هم يستدلون حفظك ال شيخنا ببعض الواضع ،مثل
كلم الئمة ف الشيعة مثل ،فلن ثقة ف الديث ،رافضي ،خبيث،
يستدلون ببعض هذه الواضع ،ويريدون أن يقيموا عليها القاعدة بكاملها
دون النظر إل آلف النصوص الت فيها كذاب ،متروك ،خبيث؟
ج :هذه طريقة البتدعة حينما يتكلم العال بالديث برجل صال وعال
وفقيه ،فيقول عنه :سيء الفظ ،هل يقول إنه مسلم ،وإنه صال ،وإنه
-8-
فقيه ،وإنه يرجع إليه ف استنباط الحكام الشرعية ،ال أكب ،القيقة
القاعدة السابقة مهمة جدا ،تشتمل فرعيات عديدة خاصة ف هذا
الزمان.
من أين لم أن النسان إذا جاءت مناسبة لبيان خطأ مسلم ،إن كان
داعية أو غي داعية؟ لزم ما يعمل ماضرة ويذكر ماسنه من أولا إل
آخرها ،ال أكب ،شيء عجيب وال ،شيء عجيب ،وضحك الشيخ هنا
تعجبا.
س :وبعض الواضع الت يستدلونا مثل :من كلم الذهب ف "سي
أعلم النبلء" أو ف غيها ،تمل شيخنا على فوائد أن يكون عند الرجل
فوائد يتاج إليها السلمون ،مثل الديث؟
ج :هذا تأديب يا أستاذ مش قضية إنكار منكر ،أو أمر بعروف يعن
الرسول عندما يقول" :من رأى منكم منكرا فليغيه " هل تنكر النكر
على النكر هذا ،وتكي إيش ماسنه؟
س :أو عندما قال :بئس الطيب أنت ،ولكنك تفعل وتفعل ،ومن
العجائب ف هذا قالوا :ربنا عز وجل عندما ذكر المر ذكر فوائدها؟
ج :ال أكب ،هؤلء يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله،
سبحان ال ،أنا شايف ف عندهم أشياء ما عندنا نن )).
-9-
-سئل فضيلة الشيخ صال بن فوزان الفوزان حفظه ال ورعاه السؤال
التال -بعد أن سئل قبله عدة أسئلة حول الماعات :-طيب يا شيخ !
تذر منهم دون أن تذكر ماسنهم مثلً؟ أو تذكر ماسنهم ومساوئهم؟
فأجاب حفظه ال:
"إذا ذكرت ماسنهم ،معناه :دعوت لم ،ل ،ل تذكر ،اذكر الطأ
الذي هم عليه فقط ،لنه ما هو موكول لك أن تدرس وضعهم
وتقوم ...أنت موكول لك بيان الطأ الذي عندهم من أجل أن يتوبوا
منه ،ومن أجل أن يذره غيهم ،أما إذا ذكرت ماسنهم ،قالوا :ال
يزاك خي ،نن هذا الذي نبغيه " ...اهـ.
من شريط مسجل للدرس الثالث من دروس كتاب "التوحيد" الت
ألقاها فضيلته ف صيف عام 413ا هـ ف الطائف.
-11-
كلمــة
المد ل وكفى ،والصلة والسلم على عباده الذين اصطفى،
وخاتهم ممد صلى ال عليه وسلم الذي وف.
أما بعد:
فإن الرد على أهل الهواء باب شريف من أبواب الهاد ،وكيف ل
يكون كذلك وأهله ف موقع الراسة لذا الدين :يذبون عنه تريف
الغالي ،وانتحال البطلي ،وتأويل الاهلي ،قد تسنموا غارب الق،
وامتشقوا حسام العلم ،ليبقى السلم صافيا نقيا يتلل بالة الرسالة الت
أنزلت على خات النبيي صلى ال عليه وسلم .
ومن استقرأ حالم ف حلهم وترحالم ،وجد أنم قد رفعوا قواعد الرد
على الخالف على أصل النصيحة ل ولرسوله ولئمة السلمي وعامتهم.
وهذا القام الذي يعدّ عليه مدار السلم ،يتطلب إحكام الدراك لآخذ
الخالفة ومداركها ،الذي هو أساس ف ترتيب النقض الحصور ف
ذكرها والتحذير منها ،دون اللتفات إل ماسن أهل الهواء الت
يصفونا على أقوالم الكاسية العارية ،ليجمّلوها ف أبصار وبصائر
الناظرين إليهم.
وبي يديك أخي القارىء بوث ف نفائس العلم وغواليه ،اتصلت
بسلك طرفه الول ،منهج السلف الصال من أهل السنة والماعة ف
نقد الرجال والفرق والكتب ،كتبها أخ فاضل حريص على بقاء النهج
السلفي ناصعا كما عرفه الراسخون من أهل العلم ،وحريص على
-12-
الشباب السلم أل ينخدع بسراب أهل البدع وهالت التقديس الت
يلعونا على رؤوسهم ودعاتم ،ودعاويهم العريضة الت يتمون وراء
جدرها ،حيث يزعمون أنم أرادوا إحسانا وتوفيقا ،أحسبه كذلك،
وال حسيبه ،ول أزكي على ال أحدا.
وينبغي الهتمام ف هذا القام بأمر ،وهو أن اللتفات إل ماسن أهل
الهواء ف باب النصيحة مَطيّة مَ ِظنّة للخطر ،وما تت قدم الداعي إل
ذلك دحض ،فليحذر من الزلل ،وليسلك منه الدد الذي يؤمن معه
العثار.
إن نسبة هذا النهج للسلف الصال نسبة منكودة جديرة أن تفتح باب
الفتنة على مصراعيه ،حيث ُتلقي بعدة الستقبل ف أحضان الدعياء ،لن
ماسنهم ستطغى على بدعهم ،فيلقون إليهم بالودة ،وقد أمروا أن
يشردوا بم من خلفهم ،وأن يضربوا منهم كل بنان.
وقد حذر العلماء السابقون من خطورة ذلك:
قال الافظ النفاد مؤرخ السلم الذهب معقبا على اغترار الليفة
العباسي النصور بكبي العتزلة عمرو بن عبيد ،حيث كان يعظمه
ويقول:
كلكم يطلب صيد كلكم يشي رويد
غي عمرو بن عبيد
قال الذهب(( :اغتر بزهده وإخلصه وأغفل بدعته)) (. )1
-13-
قلت :هذا ديدن أهل البدع ،يظهرون خلف ما يبطنون ،ويتغنون با
ل يعتقدون ( ، )1فقد وصفهم الذي ل ينطق عن الوى ممد صلى ال
عليه وسلم (( :يكون بعدي أئمة ل يهتدون بداي ،ول يستنون بسنت ،
وسيقوم فيهم رجال ،قلوب الشياطي ف جثمان إنس)) (.)2
ولكن ،ل تغرنكم البقة ،فإنا فجر كاذب.
ول تولنكم الفاجأة ،فإن الهابذة ينخلونم نلً.
وكل يقوم حسب وسعه وطاقته على منهاج النبوة ،فإن النصح لكل
مسلم ميثاق نبوي.
وعلى ال قصد السبيل.
وكتبه
أبو أسامة سليم بن عيد اللل
() وقد بلونا ذلك على بعضهم ،فهو يقق وينشر كتب السلف ،ويظهر مبتهم ،حت 1
إذا تكن من قلوب بعض الشباب السلم ،كشف لم عن دخيلة نفسه ،فتراه يرد
الديث بالعقل ،ويطعن ف أئمة السلف عياذا بال.
() أخرجه مسلم ( -237 -236 /1 2نووي) من حديث حذيفة رضي ال عنه. 2
-14-
مقدمة الطبعة الول
-15-
وسار على نجه خلفاؤه الراشدون ،فجاهدوا الرتدين ف جزيرة
العرب ،حت قضوا على حركة الردة الطية ،ث حلوا لواء الهاد إل
أناء العمورة ،حت نصرهم ال على أعت قوى الكفر آنذاك -الفرس
والرومان وغيها ،-وتقق لم وعد ال :وعد ال الذين آمنوا منكم
وعملوا الصالات ليستخلفنهم ف الرض كما استخلف الذين من
قبلهم وليمكنن لم دينهم الذي ارتضى لم وليبدلنهم من بعد خوفهم
أمنا يعبدونن ل يشركون ب شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم
الفاسقون (.)1
وكان أمي الؤمني عمر بن الطاب -العبقري الذي أعز ال به
السلم -سدا منيعا وبابا مغلقا ف وجه الفت والفساد والشر ،فتآمر
عليه الزنادقة والجوس ،ونفذوا تلك الؤامرة باغتياله رضي ال عنه
وأرضاه ،فلقي ربه شهيدا بعد أن مل الرض عدلً وإيانا ونورا،
فانكسر بقتله ذلك الباب الحكم ،فدبت الفت ،وتسربت إل صفوف
السلمي ف عهد الليفة الراشد عثمان بن عفان رضي ال عنه،
واستفحل أمرها ،حت أدت إل قتل هذا الليفة ،فلقي ربه شهيدا
مظلوما.
وجرى بسبب هذه الفت ما جرى بي الليفة الراشد علي رضي ال
عنه وبي معاوية بن أب سفيان رضي ال عنه ،وكلهم متهد ،فللمصيب
أجران ،وللمخطىء أجر واحد.
-16-
ث تركت فتنة أهل البدع الوارج ،الذين وصفهم رسول ال صلى
ال عليه وسلم على اجتهادهم ف العبادة -بأنم ((يرقون من الدين
كما يرق السهم من الرمية)) ،وبأنم ((شر اللق والليقة)) ،وبأنم
((شر من تت أدي السماء)) ،وقال فيهم(( :اقتلوهم حيث وجدتوهم،
فإن لن قتلهم أجرا عند ال )) ( ،)1ما فيه أعظم عبة لولئك الدعاة إل
التقارب والتعاطف مع أهل بدع شر منهم وأخبث وأشد كيدا ومكرا،
فقتل علي هؤلء كما أمره رسول ال صلى ال عليه وسلم .
ث ظهرت فتنة الرفض والزندقة ،فلم ير علي رضي ال عنه أشفى
لقلوب الؤمني من إحراقهم بالنار ،يشاركه ف ذلك من يشاركه من
الصحابة الكرام.
وهكذا يسن لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم وصحابته الكرام هذا
الزم وهذا السم ف التعامل مع أهل البدع والزنادقة.
ث على مرور الزمن ،وانقراض خي القرون ،استشرت البدع ،واتسعت
دائرتا ،وكثرت فرقها ،فتحقق فيهم ما أخب به رسول ال صلى ال عليه
وسلم وأنذر:
من قوله(( :لتتبعن سنن من كان قبلكم شبا بشب وذراعا بذراع ،حت
لو دخلوا جحر ضب ،تبعتموهم )) .قلنا :يا رسول ال ! اليهود
والنصارى؟ قال(( :فمن؟! )) (. )2
() صحيح البخاري )) (كتاب العتصام ،باب قول النب صلى ال عليه وسلم 2
((لتتبعن سنن من كان قبلكم )) ،رقم ((( )7320صحيح مسلم)) (كتاب العلم باب
-17-
وقوله صلى ال عليه وسلم ((افترقت اليهود إل إحدى وسبعي فرقة،
وافترقت النصارى إل اثنتي وسبعي فرقة ،وستفترق أمت إل ثلث
وسبعي فرقة ،كلها ف النار إل واحدة)) قالوا :من هي يا رسول ال؟
قال(( :من كان على ما أنا عليه وأصحاب)) .
وف لفظ(( :هي الماعة)) (.)1
وقد فسر أئمة السلم -كابن البارك ،ويزيد بن هارون ،وابن
الدين ،وأحد بن حنبل ،والبخاري ،وأئمة آخرون ،منهم :الطيب
البغدادي ،وابن تيمية ،وابن رجب -هذه الفرقة الناجية والفرقة
النصورة بأنم أهل الديث ومن دان بنهجهم ،وأكثر تفسياتم وردت
عند قوله صلى ال عليه وسلم (( :ل تزال طائفة من أمت علي الق
ظاهرين ،ل يضرهم من خذلم ،ول من خالفهم ،حت يأت أمر ال وهم
على ذلك )) (.)2
فما زالت هذه الطائفة منذ حدثت الفت وتشعبت الهواء بالمة إل
أن بلغوا العدد الذكور ،ما زالوا قائمي بأمر ال ،يدعون إل الق،
وينشرون علوم النبوة ،ويافظون عليها ،ويدافعون عنها ،ويردون كيد
الكائدين وانتحال البطلي وتريف الاهلي ،ل يثنيهم عن ذلك أذى
ول كيد الكائدين ول تدابي التآمرين ،ول تزيدهم الشدائد إل ثباتا على
-18-
الق وصمودا ف وجه الباطل ،كما حصل ف عهد المام أحد
وعبدالغن القدسي وعهد ابن تيمية.
ث هيأ ال للجزيرة العربية مهبط الوحي ومنطلق الرسالة دعوة المام
الجدد الشيخ ممد بن عبدالوهاب -بعد أن خيمت عليها ظلمات
الهل والضلل والفوضى قرونا ،-فرفع للتوحيد رايته ،وللسلم
أعلمه ،فقامت بهوده وجهود إخوانه أهل التوحيد والسنة دولة
التوحيد والسنة ،وصارت الرب سجالً بينهم وبي أهل الباطل ،إل أن
استقرت دولة التوحيد والسنة وثبتت قواعدها على يد اللك عبدالعزيز
وإخوانه من أهل التوحيد ،جنودا ملصي ،وعلماء صادقي.
وشع نور التوحيد واليان ف العال ،يبدد ظلمات الشرك والبدع هنا
وهناك ،ينشر كتب السلف الصال ،من حديث ،وتفسي ،وتوحيد،
وبالخص كتب شيخ السلم ابن تيمية وابن القيم ،وبتأسيس الدارس
على متلف الراحل ،بدءا من البتدائيات ،ومرورا بالامعات
والدراسات العليا التخصصة ،إضافة إل مراكز الدعوة الت انتشرت ف
الداخل والارج لمل رسالة التوحيد والسنة ،ما أقض مضاجع كل
خصوم الق والتوحيد ،من علمانيي ،ويهود ،ونصارى وشيوعيي،
وأهل البدع الضالي من خرافيي وحزبيي وحركيي.
وكان أنكاهم وأشدهم تأثيا أهل البدع الاقدون ،إذ استطاعوا
بكرهم وكيدهم وتلفعهم بلباس السنة أن يقتحموا كل معقل ،ويتسللوا
إل كل منفذ من الدارس والامعات والساجد وغيها ،فاستطاعوا أن
يكونوا جيل يمل فكرهم ،كلً أو جزءا ،عن قصد وعن غي قصد .
-19-
فتحرك هذا اليل الذي دربوه وصنعوه على أعينهم ،يدعو إل
فكرهم ،ويدافع عنه بنشاط هنا وهناك ،ف الامعات والدارس وغيها،
ف هذه الظروف العصيبة ،الت تتاج فيها دعوة ال إل رجال غيورين،
يرفعون رايتها بقوة وعزم ،فيهاجون جحافل الباطل والكيد والكر،
فيدونم على أعقابم خاسئي.
وإذا بأصوات ترتفع باسم السلفية وباسم العدالة والنصاف لن
يتصورونم مظلومي من أهل البدع الذين غزوا أهل السنة والتوحيد ف
عقر دارهم ،وأفسدوا عقول وعقائد الكثي من أبنائهم ،وشوهوا صورة
النهج السلفي وأهله ف أعي أبنائهم ،فشرع البارزون من هذا اليل
يدعون إل منهج جديد ف نقد الناهج والدعوات والكتب والشخاص،
ويدعون أنه منهج وسط ،فظن كثي من الشباب وكثي من يكتب لم
أنه كذلك ،بل يدعي أنه منهج أهل السنة والماعة ،وشاع وذاع ف
كتابات بعض النتسبي إل السلف ،وتأثر به وقَبِله وتعلق به كثي من
الشباب ،ظاني أنه الق والعدل ،وبدأ يترسخ ف نفوسهم مع السف،
وما علموا أنه مذهب غريب على السلم والسلمي ،تسرب إليهم من
أعدائهم كما تسرب غيه من الفكار إل الجتمعات السلمية.
ولقد برزت آثار هذا النهج واضحة ف ماورات ومناقشات وكتابات
ومواقف كثية من الشباب والساتذة.
وبدأ هذا النهج يترسخ ف النفوس ،فكان من نتائجه أن أضعف مبدأ
الولء والباء ل وف ال ولنهج ال وأهله الذين يب حبهم وولؤهم ف
ال ،وبدا واضحا الولء والب والتقدير لدعاة وكتب وأفكار ومناهج
-20-
كلها بعيدة عن النهج السلفي( ،)1وأهلها غي أهله ،بل هي جادة ف
ماصمة النهج السلفي ،وتاول بد أن تزيه عن مواقعه ،وتط رحالا
ف منازله ،بعد أن يتم ترحيله.
لقد أثر هذا النهج على كتاب نسبهم من خيار السلفيي ،ومن
الطاقات والنوعيات والشخصيات اليدة ،الت نسأل ال أن يوفقها لن
تسلك مسلك ومنهج سلفهم الصال ،ف الدعوة إل النهج السلفي
الواضح ،والتربية الادة للشباب عليه ،وغرس حبه وحب أهله أحياء
وأمواتا ،والسي ف ركابم ،والعتزاز بالنتماء إليهم.
لقد أثر هذا النهج الذي يدعى له الوسطية والعدل على شباب كنا ول
نزال نأمل فيهم أن يأخذوا النهج السلفي بد ،ويملوا رايته بقوة،
ويدعوا إليه باعتزاز ،ويضحوا من أجله بكل غال ورخيص ،من مال،
وجاه ،ونشاط ،وعمل.
لكن ،مع السف ،فإن الواقع غي هذا.
ولذلك ،فإن القلوب لترتف خوفا عليهم أن تتلط عليهم الناهج
وتتشابه ،وتتلط عليهم الرايات وتتشابه -وليس بعد الق إل
الضلل ،-فيتراءى لم أن الميع حق ،أو أنا إخوة لعلت ،ويكن أن
() وسبب ذلك أن هؤلء قد نشؤوا ف جو مكفهر يسوده تشويه النهج السلفي 1
بأساليب ماكرة من فئات معادية للمنهج السلفي تلبس مسوحه ف الظاهر بأن تتظاهر
باحترامه وهي تكن له العداء ف الباطن ،فكان لذلك آثاره ف عقول هؤلء ،حيث ل
يستطيعوا ف هذا الو أن يروه ف صورته الميلة الناصعة ،ول يستطيعوا أن يتصوروا
أهله على حقيقتهم ،وأنم هم الناس حقا دينا وخلقا عقيدة والتزاما بالسلم.
-21-
يتخذ بعضها بديل للمنهج السلفي ،وإيثار رايته على رايته ،لنه كثي
البيق والضجيج والتلميع ،وإن كان أجوف خال من أصل من أصول
السلم ،وأعمى ف باب العتصام بالكتاب والسنة.
ولذا النهج الشار إليه آثار أخرى ل أرى ذكرها الن.
وإن لرجو أن يوفقن ال لعرض النهج السلمي السلفي ،ف نقد
الشخاص ،والطوائف ،والكتب ،والدعوات ،من خلل نصوص
الكتاب والسنة ،ونصوص ومواقف علماء المة العتبين وأئمتهم
الرضيي ،ومن تصرفاتم ف كتب الرح والتعديل ،وكتب السنة
والعقائد السلمية.
قمت بذلك بدافع حب لذا الشباب الؤمن الذي أعده -وال -أعظم
ثروة ف هذه الياة ،ونفديه بالرواح والهج ،ونرص أشد الرص على
سداد سيه ف دروب ومسالك الياة وغياهبها ،فإن حنت نفوسهم
وعقولم وأرواحهم إل ديار مبوبم الول( ، )1فذلك ما يبه ال
ويرضاه.
نقل فؤادك حيث شئت من الوى
ما الب إل للحبيب الول
كم منل ف الرض يعشقه الفت
وحنينه أبدا لول منل
-22-
وإن أب بعضهم إل التأرجح واللط والتناقض والضطراب ،فالقلوب
بي أصبعي من أصابع الرحن ،يقلبها كيف يشاء .
ول المر من قبل ومن بعد .
-23-
منهج السلم وأئمته ف نقد القوال والشخاص وتقويها
وبيان أن العدل القيقي إنا هو ف هذا النهج
-24-
(.)1 وقال :وما ظلمهم ال ولكن أنفسهم يظلمون
وقد قص ال علينا مواقف المم الكافرة الت كذبت رسله ،فذكر من
كفرهم وتكذيبهم ومازيهم ث إهلكهم وتدميهم ما زخر به القرآن،
ول يذكر شيئا من ماسنهم ،لن الدف الساسي من ذكر ذلك هو
التعاظ والزدجار عما ارتكبوه ف حق رسلهم ،من كفر ،وتكذيب،
لئل يكون مصي من فعل فعلهم مثل مصائرهم ،ومصرعه مثل
مصارعهم.
ووصف ال اليهود والنصارى بأقبح صفاتم ،وتوعدهم أشد الوعيد،
ول يذكر شيئا من ماسنهم الت أهدروها بكفرهم وتكذيبهم لحمد
صلى ال عليه وسلم وما ارتكبوه من كفر وتريف لكتبهم.
وكانت لقريش ماسن دنسوها وأهدروها بكفرهم وتكذيبهم لعظم
الرسل صلى ال عليه وسلم .
ولا أسر منهم من أسر يوم بدر ،قال صلى ال عليه وسلم " :لو كان
الطعم بن عدي حيا ،ث سألن هؤلء النتن ،لعطيته إياهم".
وقال تعال :تبت يدا أب لب وتب ،ما أغن عنه ماله وما كسب،
سيصلى نارا ذات لب ،وامرأته حالة الطب ،ف جيدها حبل من مسد
()
. 2
-25-
ول شك أن لب لب وزوجه ماسن ،وها من بيوتات الشرف
والجد ،لكنهما أهدرا كل ذلك بكفرها ومواقفهما الشينة من رسول
ال صلى ال عليه وسلم .
وذلك الن هج الاطىء قد يؤدي إل أن هذا الن هج الربا ن قد جا نب
العدل ،تعال ال عن ذلك علوا كبيا.
•تذير النب صلى ال عليه وسلم أمته من أهل الهواء:
وقد حذر النب صلى ال عليه وسلم أمته من أهل الهواء دون التفات
إل ماسنهم ،لن ماسنهم مرجوحة ،وخطرهم أشد وأعظم من
الصلحة الرجوة من ماسنهم.
عن عائشة أم الؤمني رضي ال عنها ،قالت :تل رسول ال صلى ال
عليه وسلم هذه الية :هو الذي أنزل عليك الكتب منه ءايات
مكمات هن أم الكتاب وأخر متشابات فأما الذين ف قلوبم زيغ
فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ،وما يعلم تأويله إل ال
والراسخون ف العلم يقولون ءامنا به ،كل من عند ربنا وما يذكر إل
()
1قالت :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم "فإذا أولوا اللباب
رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه ،فأولئك الذين سى ال ،فاحذروهم "
(. )2
() رواه :البخاري ف " صحيحه " (تفسي سورة آل عمران ،حديث ،)4547ومسلم 2
ف "صحيحه " (كتاب العلم ،حديث ،2665باب النهي عن اتباع التشابه من
القرآن).
-26-
وعن أب هريرة رضي ال تعال عنه ،عن رسول ال صلى ال عليه
وسلم أنه قال(( :سيكون ف آخر أمت أناس يدثونكم با ل تسمعوا
()
أنتم ول آباؤكم ،فإياكم وإياهم )) . 1
ومعلوم أن أهل البدع ل يلون من ماسن ،فلم يلتفت رسول ال
صلى ال عليه وسلم إليها ،ول يذكرها ،ول يقل :استفيدوا من
ماسنهم ،وأشيدوا بذكرها.
ومع السف ،فإن المر قد انقلب رأسا على عقب ،فنجد كثيا من
النتسبي إل النهج السلفي ،يوالون أهل البدع ،ويتولونم ومناهجهم
وكتبهم ،ويدافعون عن ذلك كله ،وينفرون وينفرون .،ويذرون من
أهل الق والسنة! فإنا ل وإنا إليه راجعون.
قال البغوي ف شرح هذين الديثي(( :قد أخب النب صلى ال عليه
وسلم عن افتراق هذه المة ،وظهور الهواء والبدع فيهم ،وحكم
بالنجاة لن اتبع سنته وسنة أصحابه رضي ال عنهم ،فعلى الرء السلم
إذا رأى رجل يتعاطى شيئا من الهواء والبدع معتقدا ،أو يتهاون بشيء
من السنن :أن يهجره ويتبأ منه ويتركه حيا وميتا ،فل يسلم عليه إذا
لقيه ،ول ييبه إذا ابتدأ ،إل أن يترك بدعته ويراجع الق.
والنهي عن الجران فوق الثلث فيما يقع بي الرجلي من التقصي ف
حقوق الصحبة والعشرة ،دون ما كان ف حق الدين ،فإن هجرة أهل
الهواء والبدع دائمة إل أن يتوبوا)) ( )2اهـ.
() مقدمة ((صحيح مسلم)) (.)1/12 1
-27-
وساق حديث كعب بن مالك ف تلف الثلثة عن غزوة تبوك ،وفيه
قال(( :ونى رسول ال صلى ال عليه وسلم السلمي عن كلمنا أيها
الثلثة ،فاجتنبنا الناس ،وتغيوا لنا ،حت تنكرت ف نفسي الرض ،فما
هي بالت أعرف )) ،وذكر هجران السلمي لم جيعا ،إل أن
اكتملت لم خسون ليلة.
قال البغوي(( :وفيه دليل على هجران أهل البدع ،وكأن رسول ال
صلى ال عليه وسلم خاف على كعب وإخوانه النفاق حي تلفوا عن
الروج معه ،فأمر بجرانم ،إل أن أنزل ال توبتهم ،وعرف رسول ال
صلى ال عليه وسلم براءتم ،وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم
وعلماء السنة على هذا ،ممعي متفقي على معاداة أهل البدعة
ومهاجرتم )) ( )1اهـ.
•موقف الصحابة والتابعي من أهل البدع:
قال ابن عمر رضي ال عنهما ف أهل القدر(( :أخبهم أن بريء
منهم ،وأنم من برآء)).
وقال أبو قلبة(( :ل تالسوا أصحاب الهواء -أو قال :أصحاب
الصومات ، -فإن ل آمن أن يغمسوكم ف ضللتهم ،ويلبسوا عليكم
بعض ما تعرفونه)).
وقال رجل من أهل البدع ليوب السختيان :يا أبا بكر! أسألك عن
كلمة؟ فول وهو يقول(( :ول نصف كلمة)) (.)2
() شرح السنة للمام البغوي رحه ال تعال (.)1/227 1
() ((شرح السنة)) للمام البغوي رحه ال تعال (27 .)227 /1 2
-28-
هذا وال هو الولء الصادق ل وللسلم.
ولو عامل علماء السنة ف هذا الزمن أهل البدع هذه العاملة الازمة،
لاتت البدع ف جحورها ،ولا استطاعت الطابع أن تطبع كتبهم ،لنا
ل يوجد لا زبائن ،ول سعت صوتا يهر بالدفاع عن أهل البدع ،فضل
أن تؤلف الكتب للدفاع عنهم ،فيتهافت الشباب السلفي عليها تافت
الفراش على النار!!
فإنا ل وإنا إليه راجعون.
ترى كيف كان يتعامل الصحابة والتابعون وأئمة السلم مع أهل
البدع ول يلتفتون إل شيء من ماسنهم ؟!
ذلك من حزمهم وصرامتهم ف حسم الباطل ،ومن فقههم لقاصد
السلم ،ومنها:
((درء الفاسد مقدم على جلب الصال )) .
•ذكر النب صلى ال عليه وسلم عيوب أشخاص معيني
دون ذكر ماسنهم من باب النصيحة:
-1عن عائشة رضي ال عنها :أن رجل استأذن على النب صلى ال
عليه وسلم ،فلما رآه ،قال(( :بئس أخو العشية ،وبئس ابن العشية))،
فلما جلس ،تطلق النب صلى ال عليه وسلم ف وجهه ،وانبسط إليه،
فلما انطلق الرجل ،قالت له عائشة :يا رسول ال! حي رأيت الرجل،
قلت كذا وكذا ،ث تطلقت ف وجهه وانبسطت إليه! فقال رسول ال
-29-
صلى ال عليه وسلم ((يا عائشة! مت عهدتن فاحشا؟ إن شر الناس عند
ال منلة من تركه الناس اتقاء شره))(.)1
قال الافظ" :قال القرطب :ف الديث جواز غيبة العلن بالفسق أو
الفحش أو نو ذلك من الور ف الكم والدعاء إل البدعة ،مع جواز
مداراتم واتقاء شرهم ،ما ل يؤد ذلك إل الداهنة ف دين ال)) (.)2
-2لا انتهت فاطمة بنت قيس من عدة طلقها من زوجها أب عمرو
ابن حفص ،ذكرت للنب صلى ال عليه وسلم أن معاوية بن أب سفيان
وأبا جهم خطباها ،فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم (مشيا
ناصحا)(( :)3( ،أما أبو جهم ،فل يضع عصاه عن عاتقه ،وأما معاوية،
فصعلوك ل مال له ،انكحي أسامة بن زيد)) ،قالت :فكرهته ،ث قال:
((انكحي أسامة)) .فنكحته ،فجعل ال فيه خيا ،واغتبطت(.)4
ول شك أن للرجلي فضائل وماسن ،ولكن القام مقام نصيحة
ومشورة ،ل يتطلب أكثر من ذلك ،ولو كان ذكر الحاسن لزما ف
مثل هذا القام -مقام النصيحة والشورة ،-لشرع لنا ذلك رسول ال
صلى ال عليه وسلم ،ولقام به على الوجه الكمل.
أما النهج الديد ،فيحتم ف مثل هذا القام ذكر الحاسن ،ول يدري
أهله أن النصوح له يصبح ف حية وبلبلة ،وقد يقع فيما يضره ،فتضيع
-30-
جدوى النصيحة وفائدتا ،وما أصبح الناصح ناصحا ومذرا ،بل قد
يكون مغريا با يضر ،مرضا عليه.
-3وعن عائشة رضي ال عنها :أن هند بنت عتبة ،قالت :يارسول
ال ! إن أبا سفيان رجل شحيح ،وليس يعطين ما يكفين وولدي ،إل
ما أخذت منه وهو ل يعلم ؟ فقال(( :خذي ما يكفيك وولدك
بالعروف)) (.)1
قال الافظ ابن حجر(( :واستدل بذا الديث على جواز ذكر
النسان با ل يعجبه إذا كان على وجه الستفتاء والشتكاء ونو ذلك،
وهو أحد الواضع الت تباح فيها الغيبة)) (.)2
فلم ينكر عليها رسول ال صلى ال عليه وسلم ذكرها للجانب الظلم،
ول يكلفها بذكر ماسن أب سفيان ،وإنه لذو ماسن.
-4قول النب صلى ال عليه وسلم ف أعراب قال اللهم ارحن وممدا
ول تشرك ف رحتنا أحدا فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ما
()3
تقولون أهو أضل أم بعيه )...
وأصحاب النهج الديد ل يراعوا مثل هذه المور ،ول يفرقوا بي
الصال والفاسد ،بل أهدروا جانب الصلحة ،واستهانوا بطورة البدع
وأضرارها ،ول يدركوا فوائد النصيحة الت أدركها السلم وأدركها
() صحيح البخاري ( -69كتاب النفقات ،حديث ،3564و((صحيح مسلم)) ( ، 1
- 30القضية.)1714 ،
() الفتح (.)9/509 2
-31-
أئمة السلف ،فلما أهدروا ذلك ،خيل إليهم أن من ذكر عيوب أو بدع
شخص أو جاعة تذيرا للمة ونصحا لا قد جانب العدل ووقع ف هوة
اليانة !!
•تذير النب صلى ال عليه وسلم من الوارج:
-4وعن علي رضي ال عنه ،قال :إذا حدثتكم عن رسول ال صلى
ال عليه وسلم ،فلن أخر من السماء أحب إل من أن أقول عليه ما ل
يقل ،وإذا حدثتكم فيما بين وبينكم ،فإن الرب خدعة ،سعت رسول
ال صلى ال عليه وسلم يقول(( :سيخرج ف آخر الزمان قوم أحداث
السنان ،سفهاء الحلم ،يقولون من خي قول البية ،يقرؤون القرآن ل
ياوز حناجرهم ،يرقون من الدين كما يرق السهم من الرمية ،فإذا
لقيتموهم ،فاقتلوهم ،فإن ف قتلهم أجرا لن قتلهم عند ال يوم القيامة))
(. )1
وعن عبيد ال بن أب رافع مول رسول ال صلى ال عليه وسلم :أن
الرورية لا خرجت وهو مع علي بن أب طالب رضي ال عنه ،قالوا :ل
حكم إل ل .قال علي :كلمة حق أريد با باطل ،إن رسول ال صلى
ال عليه وسلم وصف ناسا إن لعرف صفتهم ف هؤلء ،يقولون الق
بألسنتهم ،ل ياوز هذا منهم -وأشار إل حلقه ،-من أبغض خلق ال
إليه ،منهم أسود إحدى يديه طب شاة أو حلمة ثدي ...فلما قتلهم علي
بن أب طالب رضي ال عنه ،قال :انظروا! فنظروا ،فلم يدوا شيئا.
فقال :ارجعوا! فوال ما كذبت ول كذبت ،مرتي أو ثلثا .ث وجدوه
() صحيح مسلم (كتاب الزكاة ،حديث .)1066 1
-32-
ف خربة ،فأتوا به حت وضعوه بي يديه .قال عبيدال :وأنا حاضر ذلك
من أمرهم وقول علي فيهم (. )1
وف حديث أب سعيد ف شأن ذي الويصرة(( :إنه يرج من ضئضىء
هذا قوم يتلون كتاب ال رطبا ،ل ياوز حناجرهم ،يرقون من الدين
كما يرق السهم من الرمية( ،قال :أظنه قال ):لئن أدركتهم ،لقتلنهم
قتل ثود)) (.)2
وعن أب ذر رضي ال عنه ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم
(( :إن بعدي من أمت (أو :سيكون بعدي من أمت) قوم يقرؤون
القرآن ،ل ياوز حلقيمهم ،يرجون من الدين كما يرج السهم من
الرمية ،ث ل يعودون فيه ،هم شر اللق والليقة)) (.)3
وف حديث علي ف وصفهم (( :ليس قراءتكم إل قراءتم بشيء ،ول
صلتكم إل صلتم بشيء ،ول صيامكم إل صيامهم بشيء ،يقرؤون
القرآن ،يسبون أنه لم وهو عليهم ،ل تاوز صلتم تراقيهم ،يرقون
من السلم كما يرق السهم من الرمية ،لو يعلم اليش الذين يصيبونم
ما قيل لم على لسان نبيهم صلى ال عليه وسلم ل تكلوا على
العمل )) (.)4
اللهم! إنا نعوذ بك من الوى والضلل.
-33-
عباد قد يكونون ملصي ف قراءتم وصلتم وصيامهم ،الت ل
يلحقهم فيها أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ،انقلبت ذما
لم ،وعلمة على ضللم ،وهم مع ذلك عند ال ورسوله سفهاء
الحلم ،ل تشفع لم هذه العبادة الضنية ،الت أنصبتهم وأسهرتم،
وتملوا فيها حر العطش ومعاناة السهر والوف من ال ،ل تشفع لم
عند ال ،فهم شر اللق والليقة ،ويرقون من الدين مروق السهم من
الرمية ،ولو أدركهم رسول ال -صلى ال عليه وسلم ،لقتلهم قتل عاد
وإرم.
أين الدافعون عن أهل البدع الذين قد يكونون أضل من هؤلء؟!
أين الدافعون عنهم ف ظل ذلك النهج الغريب الخالف لنهج ال
ورسوله ؟!
أين الدافعون عن الروافض والقبوريي والصوفيي والشاعرة
والزبيي ؟!
أين الدافعون والنافحون عن العقلنيي العصريي والهمية العطلي ؟!
بل الدافعون عن أهل بدع قد ضموا إل هذه البدع بدعة الوارج؟!
من بال على الق والعدل ؟! أمن يذر من أهل البدع نصحا ل ودينه
والسلمي ؟! أم هؤلء ؟!
-34-
ضوابط يب مراعاتا بالنسبة للفراد والماعات
-35-
ضوابط يب مراعاتا بالنسبة للفراد والماعات
-36-
وقد نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن سبهم ،فقال" .:ل تسبوا
أصحاب ،فوالذي نفسي بيده ،لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ،ما بلغ
مد أحدهم ول نصيفه " (.)1
ولقد عرف منلتهم أهل السنة والماعة ،فحافظوا عليها أيا حفاظ،
ونوا عن الوض فيما شجر بي علي ومعاوية ومن معهما من بقية
الصحابة ،وأثبتوا لم أجر الجتهدين ،وحكموا على من يتكلم فيهم أو
ف أحد منهم بالزيغ والضلل والزندقة.
ثالثا :التابعون لم بإحسان:
من التابعي الذين أدركوا صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
واهتدوا بديهم ،مثل فقهاء الدينة السبعة ،ومن جرى على منهجهم ف
سائر المصار ،ث من بعدهم أئمة الديث والفقه والتفسي ،الذين
سلكوا مسلك الصحابة والتابعي الكرام ،ومن سار على منهجهم ف
العتقاد والعتصام بالكتاب والسنة ،ومانبة البدع والهواء وأهلها،
والدفاع عن الق وأهله إل يومنا هذا وبعده إل أن يأت أمر ال.
وهؤلء هم الذين عناهم رسول ال صلى ال عليه وسلم بقوله" :ل
تزال طائفة من أمت على الق ظاهرين ،ل يضرهم من خذلم ول من
خالفهم ،حت يأت أمر ال عز وجل ".
-37-
وهم العروفون بأهل الديث ،كما قرر ذلك أئمة السلم وأعلم
الدى ،ول يالفهم فيما قرروه إل من ل يعتد به ،ول يلتفت إليه ،من
أهل الهواء والهل والضلل.
وقد رمى المام أحد والاكم وابن القيم من يطعن فيهم بالزندقة،
وطعن فيمن يتكلم فيهم أشد الطعن ابن قتيبة والرامهرمزي والطيب
وغيهم.
ول شك أنه ل يطعن فيهم إل من أضله ال وأعمى بصيته ،فإن أخطأ
أحد من هؤلء ف مسألة من مسائل الجتهاد وغيها ،وجب بيانا ل
على وجه الذم.
قال شيخ السلم ابن تيمية ف أمثال هؤلء" :ومن علم منه الجتهاد
السائغ ،فل يوز أن يذكر على وجه الذم والتأثيم له ،فإن ال غفر له
ومبته ،والقيام با
خطأه ،بل يب لا فيه من اليان والتقوى موالته ( )
أوجب ال من حقوقه من ثناء ودعاء وغي ذلك " . 1
•من يوز نقدهم وتريهم وتذير الناس من
ضررهم:
أول :أهل البدع:
ويوز -بل يب -الكلم ف أهل البدع ،والتحذير منهم ومن بدعهم
أفرادا وجاعات ،الاضون منهم والاضرون ،من الوارج والروافض
-38-
جرهم) علم الكلم إل
والرجئة والكرامية وأهل الكلم الذين (
والهمية ( )
عقائد فاسدة 1مثل :تعطيل صفات ال أو بعضها . 2
فهؤلء يب التحذير منهم ومن كتبهم وطرقهم الضالة ،وما أكثرها!
وكذلك من سار على نجهم من الفرق (الماعات) العاصرة من باين
أهل التوحيد والسنة ،ونابذهم ،وجانب مناهجهم ،بل حاربا ،ونفر
عنها وعن أهلها ،ويلحق بم من يناصرهم ويدافع عنهم ،ويذكر
ماسنهم ويشيد با ،ويشيد بشخصياتم وزعمائهم ،وقد يفضل
مناهجهم على منهج أهل التوحيد والسنة والماعة.
ثانيا :الرواة والشهود إذا كانوا مروحي:
()
فهؤلء يوز جرحهم بإجاع السلمي ،بل هو واجب . 3
قال ذلك وحكاه النووي وابن تيمية رحهما ال.
-1فإذا اتفق أئمة الرح والتعديل على جرح راو بالكذب ،أو فحش
الغلط ،أو قالوا :متروك الديث ،واهي الديث ،أو ما شاكل ذلك،
جاز لكل باحث وناقل أن ينقل ذلك ويرويه ،ول يلزمه -من قريب ول
من بعيد -ذكر شيء من ماسنه ،فضل عن البحث عن كل ماسنه ث
ذكرها.
() وحكى شيخ السلم ابن تيمية اتفاق السلمي عليه. 1
() وكذلك أهل التصوف؟ إل من نسب إليهم وهوف حقيقته ومنهجه ليس منهم ،من 2
-41-
اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي ،ل يكن الوصول إليه إل
با ،وهو بستة أسباب:
الول :التظلم.
الثان :الستعانة علي تغيي النكر ورد العاصي إل الصواب.
الثالث :الستفتاء.
الرابع :تذير السلمي من الشر ونصيحتهم ،وذلك من وجوه:
-1منها جرح الجروحي من الرواة والشهود:
وذلك جائز بإجاع السلمي ،بل واجب للحاجة".
إل أن يقول" :ومنها إذا رأى متفقها يتردد إل مبتدع فاسق ،يأخذ عنه
العلم ،وخاف أن يتضرر التفقه بذلك ،فعليه نصيحته ببيان حاله ،بشرط
أن يقصد النصيحة." ...
وسيأت كلمه كامل ف موضعه.
قلت :فأنت ترى أنه ل يشترط إل قصد النصيحة ،ول يشترط ذكر
حسنات الحذر منه ،ول يوجب الوازنات الت يوجبها هؤلء ،ويرون
أن تركها يناف المانة وياف النصاف والعدل.
وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال" :وقال بعضهم لحد بن حنبل:
إنه يثقل علي أن أقول :فلن كذا ،فلن كذا؟ فقال :إذا سكت أنت
وسكت أنا ،فمت يعرف الاهل الصحيح من السقيم ؟ إ".
وإذا كان النصح واجبا ف الصال الدينية الاصة والعامة:
-42-
مثل نقلة الديث الذين يغلطون أو يكذبون ،كما قال يي بن سعيد:
"سألت مالكا والثوري والليث بن سعد -أظنه -والوزاعي عن الرجل
يتهم ف الديث؟ فقالوا :بي أمره ".
ومثل أئمة البدع من أهل القالت الخالفة للكتاب والسنة والعبادات
الخالفة للكتاب والسنة.
فإن بيان حالم وتذير المة منهم واجب باتفاق السلمي ،حت قيل
لحد بن حنبل :الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم ف
أهل البدع؟ فقال" :إذا قام وصلى واعتكف ،فإنا هو لنفسه ،وإذا تكلم
ف أهل البدع ،فإنا هو للمسلمي ،هذا أفضل ".
قال ابن تيمية شيخ السلم" :فبي أن نفع هذا عام للمسلمي ف
دينهم ،من جنس الهاد ف سبيل ال ،إذ تطهي سبيل ال ودينه ومنهاجه
وشرعه ودفع بغي هؤلء وعدوانم على ذلك واجب على الكفاية
باتفاق السلمي.
ولو ل من يقيمه ال لدفع ضرر هؤلء ،لفسد الدين ،وكان فساده
أعظم من فساد استيلء العدو من أهل الرب.
وما فيها من الدين ،إل تبعا،
فإن هؤلء إذا استولوا ل يفسدوا القلوب ( )
وأما أولئك ،فهم يفسدون القلوب ابتداء" 1اهـ.
وله كلم طويل سيأت.
-43-
فهذا هو منهج السلف حقا ل ادعاء ،وهو الذي يسي عليه ابن تيمية
وغيه من الجاهدين الخلصي الصادقي ،ول تأخذهم ف ال لومة لئم.
فأين اشتراط الوازنات ؟!
وأين إياب ذكر الوانب الشرقة الت طالا سعنا تردادها حفاظا ظالا
على مكانة دعاة الضلل ؟!
بل ترى ابن تيمية يرى أن الرد على أهل الهواء واجب ،ومن جنس
الهاد ف سبيل ال ،لنه تطهي لدين ال ومنهاجه وشرعته.
•كلم الئمة ف أهل البدع والرواة:
ث إن أئمة السلم تكلموا ف أهل البدع وف الرواة ،ول يشيوا من
قريب ول من بعيد إل وجوب أو اشتراط هذه الوازنة .،وألفوا كتبا ف
الرح والتعديل ،وكتبا ف نصر السنة والرد على أهل البدع وجرحهم،
وكتبا ف العلل ،وكتبا ف الوضوعات ،ول يوجبوا هذه الوازنة ل من
قريب ول من بعيد ،بل ألفوا كتبا خاصة بالرح ،وخصصوها
بالجروحي أو بن تكلم فيهم برح ،ول يشترطوا هذا الشرط ل من
قريب ول من بعيد.
فقد ألف المام البخاري -وهو من هو إمامة ودينا وخلقا وورعا-
كتابي ف الضعفاء" :الكبي" ،و"الصغي".
وألف المام النسائي كتابا ف "الضعفاء والتروكي ".
وألف العقيلي كتابا ف "الضعفاء".
وألف ابن عدي كتابه "الكامل " ف من تكلم فيهم.
-44-
وألف ابن حبان كتابا خاصا بالجروحي.
وللدارقطن وابن معي عدد من الكتب أجابا فيها على أسئلة عن
الضعفاء والتروكي.
وألف الاكم كتاب "الضعفاء" ،وهو جزء من "الدخل ".
وألف أبو نعيم وابن الوزي ف ذلك.
وألف الذهب ثلثة كتب ف الجروحي ومن تكلم فيهم" :اليزان " و
" الغن " و "ديوان الضعفاء".
وألف الافظ ابن حجر" :لسان اليزان ".
وكتب الرح والتعديل الشتركة مليئة بالطعن ف الجروحي ،وخاصة
كتب المام يي بن معي ،فلم يشترطوا هذه الوازنة.
إن هذا النهج الذي يشترط الوازنة ،لما يعود على أئمة السلم
بالطعن ،وإيقاعهم ف شبك التام بالظلم واليانة ،ونعوذ بال من منهج
هذه من نتائجه.
ومن الناسب هنا أن أذكر أمثلة لرح أئمة لناس ،مقتصرين على ذكر
الرح ،دون التفات إل ما فيهم من ماسن.
المام أحد رحه ال:
"حارث
-1قال الروذي :إن أبا عبدال ذكر حارثا الحاسب ،وقال) ( :
أصل البلية -يعن :حوادث كلم جهم ،-ما الفة إل حارث " . 1
-45-
()
-2حبيب بن أب هلل :قال أحد" :متروك " . 2
()
-3حبيب بن جحدر :كذبه أحد . 2
-4السن بن ذكوان :قال أحد" :أحاديثه أباطيل " ،وف رواية":ليس
بذاك "(.)3
( ) -5خالد بن يزيد بن عبدالرحن المدان :قال أحد" :ليس بشيء"
.4
المام البخاري رحه ال تعال:
قال" :جسر بن فرقد يروي عنه يي بن الضريس وغيه :ليس ) ( -1
بذاك" . 5
()
-2خالد بن إياس القرشي العدوي الدن" :ليس بشيء" . 6
()
-3داود بن الحب" :منكر الديث ،شبه ل شيء" . 7
عطاء) ،أبو سليمان الدن" :منكر الديث .قال أحد:
( -4داود بن
رأيته وليس بشيء" . 8
-46-
المام النسائي رحه ال تعال:.
()
-1إبراهيم بن عثمان أبو شيبة" :متروك الديث ،كوف" . 1
()
-2إبراهيم بن الكم بن أبان" :متروك الديث ،عدن " . 2
()
-3إبراهيم بن خثيم" :متروك الديث ،بغدادي " . 3
()
-4إبراهيم بن يزيد الوزي" :متروك الديث ،بغدادي " . 4
()
-5أشعث بن سعيد السمان" :ليس بشيء" . 5
-47-
•مناقشة أدلة من يرى وجوب الوازنة
بي اليابيات والسلبيات خصوصا ف
أهل البدع
قال سلمان العودة وهو يتحدث عن العدل:
"العدل ف تقوي الكتب :فحينما تقوم كتابا ،فليس من العدل أن
تقول :إنه يوي أحاديث موضوعة أو ضعيفة مثل أو آراء شاذة ،فتذكر
الانب الظلم وتنسى جانبا آخر موجودا ف الكتاب ،وهو أنه يوي
توجيهات مفيدة أو أباثا علمية.
إن ذكرك لنصف القيقة وإهال النصف الخر منها ليس من المانة،
والكثي من الناس بجرد أن يرى خطأ ف كتاب ما يذره ويذر منه،
لنه ساق حديثا ضعيفا ،أو أخطأ( )ف مسألة ،ولو عاملنا كتب أهل العلم
بذا القياس ،ما بقي لنا كتاب " . 1
أقول :العدل هو ضد الور ،وإذا كان ف كتاب ما بدع وانرافات ،ث
ذكرها مسلم ناصح تذيرا للمسلمي ونصحا لم ،فليس هذا من الظلم
ف شيء ،مثله مثل الشخص فيه عيب أو بدعة ،فذكرت ما فيه قصدا
للنصيحة ،فليس ذكر ذلك بظلم ول غيبة ،بل هو من باب النصيحة،
وهذا أمر مقرر عند علماء السلم ،وستأت أقوال العلماء ف هذه
القضايا ،وقدمنا منها شيئا.
()"من أخلق الداعية" (ص ،)40وهذا الكلم ف الفقرة الخية منه مبالغة عظيمة. 1
-48-
ث إن الظلم إنا هو وضع الشيء ف غي موضعه ،وذكر العيوب والبدع
ف الكتب والشخاص نصحا للمسلمي أمر مطلوب شرعا ،ويقق
مصال ،وتدرأ به مفاسد.
()
* وقال سلمان أيضا " : 1والعدل أن نأخذ بذا وذاك ،ونضع هذه ف
كفة وتلك ف أخرى ،حت يعتدل اليزان ويستقيم ".
* قال هذا ف العدل بي النصوص ،ويظهر ل من تصرفاته أنه يعمم
هذا العدل ف الشخاص والكتب .والعدل مطلوب ،ول بد منه ،ولكن
ذكر العيوب والبدع لجل نصح السلمي ل يلزم معه ذكر الحاسن،
لنه يفوت مقصود النصيحة ،ويبلبل النصوح ،ث ل تر عليه النصوص،
ول عمل السلف.
قال أحد بن عبدالرحن الصويان" :خامسا :الوازنة بي اليابيات
والسلبيات :إذا تبي أن النسان -مهما كانت منلته -معرض للصواب
والطأ ،فل يوز لنا أن نطرح جيع اجتهاداته ،بل ننظر إل أقواله
الوافقة للحق ونلتزمها ،ونعرض عن أخطائه ،فالوازنة بي اليابيات
هو )عي العدل والنصاف ،وإليك بيان هذه السألة بالدلة والسلبيات (
والشواهد " 2ا هـ.
قلت :ل كلم ف الئمة الجتهدين الذين اجتهدوا ف طاعة ال
ورسوله باطنا وظاهرا ،وهم ف ذلك يطلبون الق باجتهادهم ،كما
() منهج أهل السنة والماعة ف تقوي الرجال ومؤلفاتم)) (ص.)27 2
-49-
()
أمرهم ال ورسوله 1فإن لم فيما أصابوا فيه أجرين ،وفيما أخطؤوا فيه
أجرا واحدا ،وقد تقدم الكلم عنهم.
لكن الكلم ف أهل البدع والضلل والهل ،الذين قال (ال) ف شأنم:
{أم لم شركاء شرعوا لم من الدين ما ل يأذن به ال } . 2
ويقول ال ف شأنم{ :قل إنا حرم رب الفواحش ما ظهر منها وما
بطن والث والبغي بغي الق وأن تشركوا بال ما ل ينل به سلطانا وأن
ولكل) أمة أجل فإذا جاء أجلهم ل
تقولوا على ال ما ل تعلمون * (
يستأخرون ساعة ول يستقدمون } . 3
والكلم على الذين يتجرؤون على الفتوى والفتاء بغي علم ،والذين
يضعون الناهج ،ويقعدون القواعد ،ويؤصلون أصول كلها بعيدة عن
منهج السلم ،ويفتقدون الدلة والباهي ،والذين قال ال فيهم{ :ول
لتفتروا على ال
تقولوا لا تصف ألسنتكم الكذب هذا حلل وهذا حرام ( )
الكذب إن الذين يفترون على ال الكذب ل يفلحون } . 4
والكلم ف أتباع هؤلء الذين( )قال ال ف أشباههم{ :اتذوا أحبارهم
ورهبانم أربابا من دون ال } . 5
-50-
والذين ورد ف أمثالم قوله صلى ال عليه وسلم جوابا على قول عدي
بن حات :وال ما نعبدهم! فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم:
فتحلونه ،ويرمون اللل فتحرمونه؟ " .قال :بلى."أليس يلون الرام ( )
قال" :فتلك عبادتم . 1
كما يب أن يفرق بي الجتهدين وهذه الصناف.
كما يب أن يفرق بي من يتحرى الق ،ويأخذ من أقوال الجتهدين
ما يوافق ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم ،ويرد ما خالفه ،وبي
أولئك الذين ل يتحرون هذا التمييز بي الصواب والطأ ف حق
الجتهدين ،ول يتورعون عن تقديس أهل البدع والهل ،والخذ
بأقوالم الباطلة ،ومناهجهم الفاسدة ،وأصولم الضالة.
ول أر الخ الصويان يفرق بي هذه النواع ،وكان يب عليه التفريق
الواضح ،والهتمام بإبراز خطورة البدع والتحذير القوي منها ومن
أهلها.
وهذا أسلوب -أعن :ضعف البالة بالبدع -أصبح متبعا عند كثي من
الدعاة الدد ،بل تد عندهم الحاماة عن أهل البدع بل الشادة بم!!
والتنويه بذكرهم!! بل يعتبون بعض رؤوس أهل البدع مددين وأئمة
تديد!! بل هناك كتب وضعت للدفاع عن هذه النواع ،وليس عندهم
() سنن الترمذي " (" ،)278 /5تفسي ابن جرير" (" ،)8 1 -80 /1 0سنن البيهقي 1
() والسبب ف ذلك هو هذه التربية الطية ،الت يرب عليها الشباب الغرر بم، 2
وتلقينهم هذا النهج النحرف على أنه منهج الق والعدل والسلف!! والت من آثارها:
التبعية العمياء لولئك الدعاة ،وإن خالفوا الق ومنهج السلف.
تضليل شباب السلم وتغريرهم بأن هذا النهج الذي يربونم عليه هو منهج السلف.
تييع وإماتة جانب الولء والباء والب ف ال والبغض فيه ،فيوالون أهل البدع من
القبوريي والصوفيي والزبيي ،وينافحون عن قاداتم ،بجة العدل وذكر السنات،
ويطعنون ف السلفيي والنهج السلفي ،ويرمونم بالمود والتشدد والتنطع ...فيا ل
العجب!
() آل عمران .75 3
-52-
ولذا قال تعال{ :يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامي ل شهداء بالقسط
أل تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا
ول يرمنكم شنئان قوم على ( )
ال إن ال خبي با تعملون} . 1
قلت:
أول :ل يقل أحد -ف حدود علمي -ل من الصحابة -ومنهم البحر
الب ابن عباس -ول من الفسرين :إن هذه الية تدل على الوازنة بي
اليابيات والسلبيات ،ول ما ف معن هذه العبارة ،ول ينبغي الروج
عن فقه السلف وفهمهم.
ثانيا :الذي فهمه علماء التفسي من الية إنا هو التحذير:
إما عموما ،كالقرطب رحه ال ،قال" :الثانية :أخب ال تعال أن ف
أهل الكتاب الائن والمي ،والؤمنون ل ييزون ذلك ،فينبغي اجتناب
كذلك ،لن
جيعهم ،وخص أهل الكتاب بالذكر ،وإن كان الؤمنون ( )
اليانة فيهم أكثر ،فخرج الكلم على الغالب ،وال أعلم " . 2
()
وإما خصوصا ،كما يفهم من كلم ابن كثي . 3
ويبدو ل أن تفسي القرطب هو الول بالصواب.
() تفسي ابن كثي! ( ،)374 /1وانظر" :تفسي ابن جرير" ( ،)317 /3وكلمه 3
{وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتاذكم العجل
أنفسكم )ذلكم خي لكم عند بارئكم فتاب
( فتوبوا إل بارئكم فاقتلوا
عليكم إنه هو التواب الرحيم } . 3
وما
{اتذوا أحبارهم ورهبانم أربابا من دون ال والسيح ابن مري ( )
أمروا إل ليعبدوا إلا واحدا ل إله إل هو سبحانه عما يشركون} . 4
فأين الوازنات بي اليابيات والسلبيات ؟!
إن تقرير هذا البدأ الحدث والخذ به سيفتح الباب لليهود والنصارى
والشيوعيي والعلمانيي على مصراعيه ،للطعن ف ال ورسوله وكتابه
وسنة نبيه وف علماء السلمي ف كل ماكتبوه ودونوه فيما يتعلق بنقد
الفرق ،وف أبواب الرح والتعديل ،وف هذا دللة واضحة وبرهان ني
على بطلن هذا النهج الغريب.
-54-
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :لعنة ال على اليهود والنصارى،
)
اتذوا قبور أنبيائهم مساجد" ،يذر ما صنعوا (. 1
وقال البخاري :حدثنا علي بن عبدال :حدثنا سفيان عن عمرو عن
طاوس عن ابن عباس ،قال :سعت عمر بن الطاب رضي ال عنه
يقول :قاتل ال فلنا ،أل يعلم أن النب صلى ال عليه وسلم ،قال" :لعن
ال اليهود ،حرمت عليهم الشحوم ،فجملوها ،فباعوها" ؟
قال البخاري" :تابعه جابر وأبو هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم "
)
(. 2
وف مسلم" :بلغ عمر أن سرة باع خرا ،فقال :قاتل ال سرة! أل
يعلم " ...الديث.
)
وحديث جابر وأب هريرة رواها مسلم (. 3
فأين الوازنات ف كلم رسول ال صلى ال عليه وسلم وكلم عمر
رضي ال عنه ؟!
أل يتضمن مبدأ الوازنات طعنا ف هذه الواقف من رسول ال صلى
ال عليه وسلم وصاحبه الذي مل الدنيا عدل؟!
إنن ل أقول :إن هؤلء يدركون نتائج القول بذا البدأ أو اليزان
الطائش ،ولكنن أرجو أن يدركوا من الن أبعاده وأخطاره الت نوهت
() صحيح البخاري " ( -65النبياء ،حديث ،)3460و"صحيح مسلم " (-22 2
-55-
عنها وأن يعودوا إل الصواب والق والعدل الذي تضمنه السلم ،وأن
يدركوا أن الظلم أن تقول ف الشخص أو الكتاب أو الماعات ما ليس
فيها ،فإن ذكرت ما فيها وكتبته ونشرته للنصح للسلم والسلمي،
فذلكم هو عي العدل والنصاف والقيام بواجب من واجبات الهاد
والذود عن حياض السلم.
رابعا :إن الية تدل على عكس ما يدعيه هؤلء ،فإن الية ذكرت
أناسا من أهل الكتاب يتسمون بالمانة ،وأناسا يتسمون باليانة ،ولو
كان القصد منها تقرير مبدأ الوازنة بي اليابيات والسلبيات ،لذكرت
إيابيات من وصفوا باليانة ،وسلبيات من وصفوا بالمانة ،إذ هم
كفار ،ولم سلبيات فظيعة تبط عند ال ما لم من إيابيات(.)1
فأين الوازنات بي إيابيات هؤلء الذين وصفوا باليانة ؟! وأين
سلبيات من وصف منهم بالمانة؟!
فيلزم على تميلكم هذا النص القرآن مبدأ الوازنة :أنه يشرع لنا أن
نتحدث ونكتب عن إيابيات الكفار ونسكت عن سلبياتم ؟ لنه ل
يذكر سلبيات هذا الصنف من اليهود ،وهذا -لو ذهب إليه أحد -هو
عي الضلل والضلل.
إن الوازنة ليست بواجبة ،ول لزمة ،لن ال يريد أن يذر الؤمني
من شر وخيانة هؤلء اليهود ،وهو مقصود عظيم ،تتحقق به مصال
عظيمة ،وتدفع به مفاسد عظيمة ،وهو المر الذي تترمه العقول
() هذا على أحد وجوه تفسي هذه الية . 1
-56-
السليمة والشرائع السلمية العظيمة ،وهذا البدأ ل يقق هذه القاصد،
أعن :مبدأ الوازنات.
خامسا :هذا البدأ يقتضي أن التكلم أو الكاتب إذا ذكر أحدا من أهل
الكتاب -اليهود أو النصارى ،-أو انتقد كتابا من كتبهم ،أو ذكرهم
على العموم :أنه ل يوز أن يكون قوله أو عمله ف مال من هذه
الجالت إل مقرونا بذكر حسناتم ،وقد يب أن نبدأ بذكر ماسنهم
قبل مساوئهم ،لن الية نزلت ف أهل الكتاب ،والسبب يدخل ف
عموم النص دخول أوليا ،كما هو مقرر عند أهل العلم بالصول
والتفسي والديث ،وكذلك يب أن ل نذكر عيب أحد من الوثنيي أو
اللحدين أو فساده ،إل مقرونا بحاسنه ،لنكم استدللتم على وجوب
الوازنة بعد الية السابقة:
بقول ال تعال{ :يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامي ل شهداء بالقسط
ول يرمنكم شنئان قوم على أل تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا
)
ال إن ال خبي با تعملون}(. 1
ومثلها قوله تعال{ :يا أيها الذين آمنوا ل تلوا شعائر ال ول الشهر
الرام ول الدي ول القلئد ول آمي البيت الرام يبتغون فضل من
ربم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ول يرمنكم شنئان قوم أن
صدوكم عن السجد الرام أن تعتدوا وتعاونوا على الب والتقوى ول
)
تعاونوا على الث والعدوان واتقوا ال إن ال شديد العقاب }(. 2
() الائدة .8 : 1
-57-
فإن هذه الية ف الشركي.
فمبدؤكم هذا مبدأ الوازنة بي السلبيات واليابيات يتم علينا أل
نذكر أبا جهل وأبا لب والزنادقة والعلمانيي العاصرين وف كل زمان
ومكان بسوء ،إل مقرونا بذكر حسناتم!
فيكون قول ال تبارك وتعال{ :تبت يدا أب لب وتب * ما أغن عنه
ما له وما كسب * سيصلى نارا ذات لب * وامراته حالة الطب * ف
)
جيدها حبل من مسد}( 1قد ظلم فيه أبو لب وزوجته ،لنه ل يقم
على مبدأ الوازنات.
وقل مثل ذلك ف فرعون وهامان وسائر الكفرة واللحدين ،الذين
ذكرهم القرآن ،وذكرهم السلمون ف تواريهم ،وكتب نقدهم
وجرحهم ،وكتب تفسيهم وشروحهم للسنة ...إل.
فهذا مقتضى منهجكم ومبدئكم ،نسأل ال العافية ،ورزقنا وإياكم
التوبة من الزلل والقول على ال بل علم ول هدى ول كتاب مني.
قال أحد الصويان وفقنا ال وإياه" :وقال تعال{ :يسألونك عن المر
)
واليسر قل فيهما إث كبي ومنافع للناس } ( ، 2فال سبحانه وتعال
)
أثبت النفع ف المر واليسر ،ولكنه حرمهما لغلبة الفاسد"(. 3
الواب:
-58-
أول :فهل ترى ف ضوء هذا البدأ الذي تقرره وتستشهد له بذه الية:
أنه ل يوز ذكر المر واليسر ومفاسدها إل مقرونا بذكر ماسنهما
ومنافعهما؟!
ومعلوم أن هذه الية أول آية نزلت ف المر.
ث نزلت ف المر آية النساء{ :يا أيها الذين آمنوا ل تقربوا الصلة
)
وانتم سكارى حت تعلموا ما تقولون }(. 1
ث نزلت ف المر واليسر وغيها آيتا الائدة ،قال تعال{ :يا أيها
الذين آمنوا إنا المر واليسر والنصاب والزلم رجس من عمل
الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون .إنا يريد الشيطان أن يوقع بينكم
العداوة والبغضاء ف المر واليسر ويصدكم عن ذكر ال وعن الصلة
)
فهل أنتم منتهون }(. 2
فكيف أطلق ال عليهما الرجس وقرنما بالنصاب والزلم ،وأضاف
إل ذلك قوله{ :يا أيها الذين آمنوا إنا المر واليسر والنصاب
والزلم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون .إنا يريد
الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء ف المر واليسر ويصدكم عن
)
ذكر ال وعن الصلة فهل أنتم منتهون }( 3؟!
كيف اقتصر هنا على وصفهما بأخبث الصفات ،ول يذكر شيئا من
منافعهما؟!
() النساء .43 : 1
-59-
ث ل يذكرها رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد ذلك إل بقوله:
)
"كل مسكر حرام "(. 1
وينهى عن المر ،ويذر منها ف أحاديث كثية ،كما ف كتب
الشربة ف كتب "السنن " ،ول يذكر شيئا من منافعها.
)
ث ساها عثمان بـ (أم البائث) ( ، 2واشتهرت عند عموم السلمي.
وعن أب الويرية ،قال :سألت ابن عباس عن الباذق؟ فقال" :سبق
ممد صلى ال عليه وسلم الباذق ،فما أسكر ،فهو حرام " .قال" :
الشراب اللل الطيب " .قال" :ليس بعد اللل الطيب إل الرام
)
البيث "(. 3
فهل تواطأت المة على ظلم المر ودفن ماسنها ،فل يذكرون منها
إل الانب السلب أو الظلم ،ول يذكرون ماسنها ومنافعها؟!
أين الوازنات إذن ؟!
الواب :ل ظلم ول حيف ،بل هو النصح للمة السلمية ،وتذيرها،
والبتعاد با عن الشرور والفاسد.
وكذلك يتعاملون مع البتدعي وبدعهم ،فإنا أخطر من المر وأشد،
لنا تلبس لباس الدين ،فلهذا كان تذير رسول ال صلى ال عليه وسلم
وعلماء المة منها أشد ،فليت التساهلي بالبدع يدركون هذا ،وال
-60-
الستعان .وف أب داود" :نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الدواء
)
البيث "(. 1
وفسر الطاب ذلك بالمر ولوم اليوان غي مأكولة اللحم.
وعن أب مسعود النصاري" :نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن
)
ثن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن (. 2
وفيه" :شر الكسب :مهر البغي ،وثن الكلب ،وكسب الجام ".
وفيه" :ثن الكلب خبيث ،ومهر البغي خبيث ،وكسب الجام خبيث
".
فأين الوازنة ف كسب الجام؟!
وقد يكون مهر البغي وثن الكلب عسل وثرا وفضة وذهبا !!
بل أطلق النت والبث على بعض أنواع اللل.
فعن جابر رضي ال عنه ،قال :نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن
أكل البصل والكراث ،فغلبتنا الاجة ،فأكلنا منها ،فقال" :من أكل من
هذه الشجرة النتنة ،فل يقربن مسجدنا ،فإن اللئكة تتأذى ما يتأذى
)
منه النس(. 3
وف خطبة أمي الؤمني عمر الشهية ..." :ث إنكم أيها الناس تأكلون
شجرتي ،ل أراها إل خبيثتي ،هذا البصل والثوم ،ولقد رأيت رسول
-61-
ال صلى ال عليه وسلم إذا وجد ريهما من الرجل ف السجد ،أمر به،
)
فاخرج إل البقيع ،فمن أكلهما ،فليمتهما طبخا" (. 1
)
وف "سنن الترمذي ( 2من حديث الباء رضي ال عنه ،قال :كنا
أصحاب نل ،فكان الرجل يأت من نله على قدر قلته وكثرته ،وكان
الرجل يأت بالقنو والقنوين ،فيعلقه ف السجد ،وكان أهل الصفة ليس
لم طعام ،فكان أحدهم إذا جاع ،أتى القنو فضربه بعصاه ،فيسقط من
البسر والتمر ،فيأكل ،وكان ناس من ل يرغب ف الي يأت للرجل
بالقنو فيه الشيص والشف وبالقنو قد انكسر ،فيعلقه ،فأنزل ال تعال:
{يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم وما أخرجنا لكم من
الرض ول تيمموا البيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إل أن تغمضوا فيه
)
واعلموا أن ال غن حيد}(. 3
قال الترمذي" :هذا حديث حسن غريب صحيح ".
فأين الوازنات الت يريدها بعض الناس حت ف الشياء الحرمة ،ويتج
بذكر منافع المر واليسر ،ويرى أن ذكرها من باب الوازنة بي
السلبيات واليابيات ؟!
اللهم فقهنا جيعا ف الدين ،واجعلنا سائرين على نج الفاهي للعدل
حق الفهم ،إنك أنت النعم التفضل.
-62-
وقال أحد الصويان" :قال حذيفة بن اليمان رضي ال عنه :كان الناس
يسألون رسول ال عن الي ،وكنت أسأله عن الشر ،مافة أن يدركن،
فقلت :يا رسول ال! إنا كنا ف جاهلية وشر ،فجاءنا ال بذا الي،
فهل بعد هذا الي من شر؟ قال" :نعم " .قلت :وهل بعد ذلك الشر من
خي؟ قال" :نعم ،وفيه دخن " .قلت :وما دخنه؟ قال" :قوم يهدون بغي
)
هديي ،تعرف منهم وتنكر " ...الديث ( 1فالنب صلى ال عليه وسلم
أثبت اليية لبعض القوم على الرغم من وجود الدخن بينهم ،فالعبة
بكثرة الحاسن " اهـ.
أقول:
أول :أسوق بقية الديث ،ث أعقبه بشرح العلماء له ،ث أقوم بناقشة
استنتاج الباحث.
بقية الديث :قلت :فهل بعد ذلك الي من شر؟ قال" :نعم؟ دعاة
على أبواب جهنم ،من أجابم إليها ،قذفوه فيها " .قلت :يا رسول ال!
صفهم لنا .قال" :هم من جلدتنا ،ويتكلمون بألسنتنا " .قلت :فما
تأمرن إن أدركن ذلك؟ قال" :تلزم جاعة السلمي وإمامهم " .قلت:
فإن ل يكن لم جاعة ول إمام؟ قال " :فاعتزل تلك الفرق كلها ،ولو
)
أن تعض بأصل شجرة ،حت يدركك الوت وأنت على ذلك " (. 2
شرح الديث :قال الافظ ابن حجر:
() أخرجه البخاري (كتاب الفت ،رقم ،7084الفتح ،)35 /13ومسلم (كتاب 1
-63-
((قوله" :ف جاهلية وشر" :يشي إل ما كان قبل السلم من الكفر،
وقتل بعضهم بعضا ،ونب بعضهم بعضا ،وإتيان الفواحش.
قوله" :فجاءنا ال بذا الي" ،يعن :اليان والمن وصلح الال
واجتناب الفواحش.
قوله" :فهل بعد هذا الي من شر؟ قال :نعم ،" ...فالراد بالشر ما يقع
من الفت بعد قتل عثمان وهلم جرا وما يترتب على ذلك من عقوبات
الخرة.
قوله" :نعم ،وفيه دخن :" ...وهو القد ،وقيل :الدغل ،وقيل :فساد
القلب ،ومعن الثلثة متقارب ...يشي إل أن الي الذي ييء بعد الشر
ل يكون خيا خالصا ،بل فيه " كدر...
قال عياض :الراد بالشر الول :الفت الت وقعت بعد عثمان ،والراد
بالي الذي بعده :ما وقع ف خلفة عمر بن عبدالعزيز ،والراد بالذين
تعرف منهم وتنكر :المراء بعده ،فكان فيهم من يتمسك بالسنة
والعدل ،وفيهم من يدعو إل البدعة ويعمل بالور".
قال الافظ" :قلت :والذي يظهر ل أن الراد بالشر الول ما أشار إليه
)
من الفت الول ،وبالي ما وقع من الجتماع مع علي ( 1ومعاوية،
وبالدخن ما كان ف زمنهما من بعض المراء ،كزياد بالعراق ،وخلف
من خالف عليه من الوارج ،وبالدعاة على أبواب جهنم من قام ف
طلب اللك من الوارج وغيهم ،وإل ذلك الشارة بقوله"" :إلزم
() كذا ،والصواب أن الجتماع ت بي السن ومعاوية رضي ال عنهما ،فسمي ذلك 1
-65-
لكنه ل يفعل ذلك ،بل استخرج الوازنة من عهد واحد فحسب؟ فلماذا
؟!
والواب أنه ل يفعل ذلك :إما لنه حاول ذلك فاستعصى عليه
الديث ،لنه ل دللة فيه على هذا النهج ،وإما لنه ل يفهم الديث
حق الفهم ،ول يكن واسع النظر إل معناه ،وعلى كل الالي ،فالديث
حجة عليه ل له.
ثالثا :وبيان ذلك أنه يوجب على مذهبه التعامل بالنصاف والعدل،
وإجراء الوازنات ف حق الؤمن والكافر ،والسن والبتدع ،فأسأله :أين
الوازنات ف العهود الربعة الت ل تر فيها موازنات ؟!
وهذا يذكرن با ينعاه ابن القيم وغيه على التعصبي من أهل
الذاهب ،حيث يتجون ف كثي من الحاديث بأجزاء منها ،وهي الت
توافق مذهبهم ،ول يتجون با يغفلونه ،لنا حجج عليهم ،تضاد ما
يتعصبون له من الراء ،على أن الزء الذي استدللت به ل دللة فيه على
مذهبك:
-1فالعهد الول -وهو العهد الاهلي -اقتصر ف الديث على ذكر
الاهلية والشر ،مع أنه كان يوجد فيه خي ،مثل :الب بالوالدين ،وصلة
الرحام ،وإكرام الضيف ،والدفاع عن الذمار ،وحسن الوار ،والقيام
ببعض شعائر الدين الت ورثوها عن إبراهيم عليه الصلة والسلم،
كالج ،وصيام عاشوراء ،وغي ذلك من أنواع الي.
-66-
وكان فيهم حنفاء ،مثل :ورقة بن نوفل ،وزيد بن عمرو بن نفيل ،وأب
ذر ،وعمرو بن عبسة ،وبعض بقايا بن إسرائيل ف الصوامع.
فلو كانت الوازنات واجبة ،والديث من أدلة الوازنات ،لا أغفل
ذلك رسول الدى والعدل صلوات ال وسلمه عليه!
-2والعهد الثان -وهو عهده عليه الصلة والسلم -كان فيه الي
العظيم الذي ل تعرف النسانية مثله ،من الوحي النل كتابا وسنة،
ووجوده ووجود أصحابه ،وما ف ذلك من المن واليان ف أيامه وأيام
خلفائه الراشدين.
ولكنه -مع كل هذا -ل يل من الشر ،فكان هناك النافقون ،وكان
اليهود ف خيب وتيماء ،وف الزيرة نصارى نران وموس هجر ،ولا
امتدت الفتوحات خارج الزيرة العربية ،كان هناك أهل ذمة من اليهود
والنصارى ف الشام ومصر والعراق ،وهناك بقايا موس ف فارس
أجريت عليهم الزية ،فلو كان القصود من الديث الوازنات بي الي
والشر ف هذه العهود ،لا أغفلها رسول ال صلى ال عليه وسلم .
-3والعهد الثالث اقتصر فيه الديث على ذكر الشر فقط ،فهل كان
خاليا من الي؟! كل ث كل ،بل كان فيه الي الكثي والكثي ،بل كان
من خي القرون ،ولكن الديث ل يذكر هذا الي العظيم ،لنه شر
نسب بالنسبة لا قبله ،لنه حصلت فيه فت عصفت بيار السلمي مع
إيانم وكونم من خي القرون.
-67-
ول أسترسل ،فقد وضح المر لذي عيني ،ول يفى عليه معان باقي
الديث ف باقي العهود.
لكن سأضيف بعض الحاديث الت تدل على ما سبق ،أنه ل علقة
للرسول صلى ال عليه وسلم والقرآن والسنة وعلماء المة بذا النهج،
فمنها:
-1حديث عمران بن حصي رضي ال عنهما ،قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وسلم " :خي أمت قرن ،ث الذين يلونم ،ث الذين يلونم
(قال عمران :فل أدري أذكر بعد قرنه قرني أو ثلثة ؟) ،ث إن بعدكم
قوما يشهدون ول يستشهدون ،ويونون ول يؤتنون ،وينذرون ول
)
يوفون ،ويظهر فيهم السمن " (. 1
-2حديث عبدال بن مسعود رضي ال عنه :أن النب صلى ال عليه
وسلم قال" :خي الناس قرن ،ث الذين يلونم ،ث الذين يلونم ،ث ييء
)
قوم تسبق شهادة أحدهم يينه ،ويينه شهادته " (. 2
ففي هذين الديثي اقتصر النب صلى ال عليه وسلم على ذكر الي
فقط ،ف القرون الثلثة ،ول يذكر ما فيها من شر ،ث اقتصر على ذكر
الشر فيما بعد ذلك من القرون ،ول يذكر ما فيهم من خي ،مع أن فيهم
خيا كثيا ،ولو ل يكن فيهم إل الطائفة النصورة ،لكفى ذلك دللة
على وجود الي.
() صحيح البخاري (كتاب فضائل الصحابة ،باب فضائل أصحاب النب صلى ال 1
-68-
-3حديث" :ستفترق أمت إل ثلث وسبعي فرقة ،كلها ف النار إل
واحدة".
فلم يذكر خيا ،ف الثنتي وسبعي فرقة الت ف النار ،مع أن فيهم
خيا.
)
-4حديث" :تقتل عمارا الفئة الباغية" (. 1
فلم يذكرهم إل بالبغي ،مع أن فيهم خيا كثيا.
فهذه الحاديث الت تقدمت ليس فيها موازنات ،ولو كانت واجبة ،لا
أغفلها رسول ال صلى ال عليه وسلم.
والدلة من هذا النوع كثية ،نكتفي با أوردنا منها.
قال الخ أحد الصويان" :عن عمر بن الطاب رضي ال عنه :أن
رجل كان على عهد النب صلى ال عليه وسلم كان اسه عبدال ،وكان
يلقب حارا ،وكان يضحك رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وكان قد
جلده ف الشراب ،فأتى به يوما ،فأمر به ،فجلد ،فقال رجل من القوم:
اللهم العنه ،ما أكثر ما يؤتى به! فقال" :ل تلعنوه ،فوال ما علمت إنه
)
يب ال ورسوله " (. 2
فهذا الصحاب الليل رضي ال تعال عنه زلت قدمه ،وتكرر منه
شرب المر ،وهذا ل يعن أنه فاسد بالكلية ،بل إن فيه من الصفات
الميدة الخرى ما توجب مبته وموالته ،فيعرف للمحسن إحسانه،
وللمسيء إساءته ،إتاما للعدل والنصاف ،ول يوز بال أن يغلب
() أخرجه البخاري. 1
-69-
جانب النظر إل العصية دون النظر إل بقية السنات والفضائل ،وهذا
)
هو الد الفاصل بي أهل السنة والوارج"(. 1
أقول:
أول :إن هذا الرجل صحاب ،.ومنلة الصحبة ل يعدلا شيء من
أعمال خيار الصالي الجاهدين بعدهم ،فكيف بالفاسقي ؟!
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ل تسبوا أصحاب ،فلو أن
)
أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا؟ ما بلغ مد أحدهم ول نصيفه " (. 2
فمن يلحق أصحاب ممد صلى ال عليه وسلم ف هذه الفضيلة
العظيمة من خيار الناس ؟! فكيف يقاس عليهم المارون؟!
ثانيا :ف حديث أب هريرة رضي ال عنه :فلما انصرف؟ قال رجل :ما
له أخزاه ال؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ل تقولوا هكذا،
ل تعينوا عليه الشيطان " ،وف لفظ" :ل تكونوا عون الشيطان على
)
أخيكم " (. 3
ثالثا :ليس ف هذا ول ذاك موازنة ،بل فيه النهي عن لعن العي؟ فإن
كثيا من العلماء ل ييزون لعن العي ،ولو كان كافرا ،بل يكون اللعن
-70-
بالوصاف؟ كما ف قوله صلى ال عليه وسلم " :لعن ال السارق
)
يسرق البيضة فتقطع يده ،ويسرق البل فتقطع يده " (. 1
يوضح ذلك أن اللعن الذي قصده به الصحاب ليس من سلبياته حت
يقال :إنه قد وقعت مقارنة بي السلبيات واليابيات.
رابعا :أن الرجل لعن بعد أن أقيم عليه الد ،وف إقامة الد كفارة
لذنبه ،فل يوز لعن من هذا حاله؟ ل معينا ،ول ف حالة العموم.
قال المام البخاري رحه ال" :باب الدود كفارة" ،ث ساق حديث
عبادة بن الصامت رضي ال عنه:
كنا عند النب صلى ال عليه وسلم ف ملس ،فقال" :بايعون على أن
)
ل تشركوا بال شيئا ول تسرقوا ول تزنوا (وقرأ هذه الية كلها (، 2
فمن وف؟ فأجره على ال ،ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به ،فهو
كفارته ،ومن أصاب من ذلك شيئا فستره ال عليه ،إن شاء غفر له،
وإن شاء عذبه ".
فجعل صلى ال عليه وسلم العقوبة ف الدنيا كفارة ،وهي إقامة الد،
فليس لحد أن يلعن أو يعي مسلما أذنب فأقيم عليه الد.
خامسا :هناك أحاديث ذكرت فيها سلبيات أشخاص ،ول يذكر فيها
شيء من ماسنهم ،منها:
() (يا أيها النب إذا جاءك الؤمنات يبايعنك على أن ل يشركن بال شيئا! ... 2
المتحنة.،12 :
-71-
" -1بئس أخو العشية" ،ف رجل استأذن على النب صلى ال عليه
)
وسلم(. 1
-2خطب رجل عند النب صلى ال عليه وسلم فقال :من يطع ال
ورسوله ،فقد رشد ،ومن يعصهما ،فقد غوى .فقال له رسول ال
)
صلى ال عليه وسلم " :بئس خطيب القوم أنت " (. 2
-3استشارت فاطمة بنت قيس رسول ال صلى ال عليه وسلم ف
رجلي خطباها ،ها معاوية وأبو الهم ،فقال صلى ال عليه وسلم :
"أما معاوية ،فصعلوك ل مال له ،وأما أبو الهم ،فل يضع عصاه عن
)
عاتقه " (. 3
-4قالت هند بنت عتبة :يا رسول ال! إن أبا سفيان رجل مسيك
(وف لفظ :رجل شحيح) ،ل يعطين ما يكفين وولدي .فقال لا صلى
)
ال عليه وسلم" :خذي ما يكفيك وولدك " ( ، 4ول ينكر عليها قولا:
"شحيح ".
ول شك أن لكل من هؤلء فضائل وحسنات ،فلو كانت الوازنة
واجبة ،فكيف يغفلها الرسول الكري إمام العادلي.
سادسا :قال الصويان تعليقا على هذا الديث " :فهذا الصحاب الليل
رضي ال تعال عنه زلت به قدمه ،وتكرر منه شرب المر ،ولكن هذا
-72-
ل يعن أنه فاسد بالكلية ،بل إن فيه من الصفات الميدة ما يوجب مبته
وموالته ،فيعرف للمحسن إحسانه ،وللمسيء إساءته ،إتاما للعدل
والنصاف ،ول يوز بال تغليب جانب النظر إل العصية دون النظر
إل بقية السنات والفضائل ،وهذا هو الد الفاصل بي أهل السنة
والوارج " ،وأشار إل "مموع الفتاوى" ( 151 /3و)152
وعلى هذا الكلم مآخذ ،منها:
-قوله" :فيه (يعن :الصحاب الذي أقيم عليه الد) من الصفات
الميدة ما يوجب مبته وموالته ،ماذا يريد به؟
هل يريد مبة وموالة هذا الصحاب ؟ فنعم.
أو يريد مبة وموالة البتدعي والفجار من المارين والرابي وغيهم
هكذا على الطلق ،تابوا أو ل يتوبوا ،فهذا ليس من مذهب أهل السنة
والماعة ،بل من مذهبهم التقرب إل ال ببغض هذه الصناف
ومعاداتم وهجرانم.
قال المام البغوي رحه ال" :وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم
وعلماء السنة على هذا ممعي متفقي على معاداة أهل البدعة
ومهاجرتم.
قال ابن عمر ف أهل القدر :أخبهم أن بريء منهم ،وأنم من
)
برآء. 1(" ...
ث ساق كلم بعض السلف.
-73-
وعن أب فراس ،قال" :خطب عمر بن الطاب ،فقال :يا أيها الناس!
أل إنا كنا نعرفكم إذ بي ظهرينا النب صلى ال عليه وسلم وإذ ينل
الوحي ،وإذ ينبئنا ال من أخباركم ،أل وإن النب صلى ال عليه وسلم
قد انطلق ،وقد انقطع الوحي ،وإنا نعرفكم با نقول لكم :من أظهر
منكم خيا ،ظننا به خيا وأحببناه ،ومن أظهر لنا منكم شرا ،ظننا به
)
شرا وأبغضناه عليه ،سرائركم بينكم وبي ال 1( " ...اهـ.
حسنه الشيخ أحد شاكر ،وف تسينه نظر ،لكن يستأنس به وعليه
عمل السلف.
)
وقال البخاري ف "صحيحه " (" : 2حدثنا الكم بن نافع :أخبنا
شعيب عن الزهري ،قال :حدثن حيد بن عبدالرحن بن عوف :أن
عبدال بن عتبة ،قال :سعت عمر بن الطاب رضي ال عنه يقول :إن
ناسا كانوا يؤخذون بالوحي ف عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
وإن الوحي قد انقطع ،وإنا نأخذكم الن با ظهر لنا من أعمالكم ،فمن
أظهر لنا خيا ،أمناه وقربناه ،وليس لنا من سريرته شيء ،ال ياسب
سريرته ،ومن أظهر لنا سوءا ،ل نأمنه ،ول نصدقه ،وإن قال :ان سريرته
حسنة".
فقد يكون معن الديثي واحدا بعد التأمل والفهم ،فما قاله الصويان
بذا الطلق يالف ما عليه كل السلف.
-74-
وقوله" :وهذا هو الد الفاصل بي أهل السنة والوارج " ،وإشارته
إل "الجموع " لبن تيمية ،يفيد أن من ل يوازن بي اليابيات
والسلبيات ف حق الشخاص مثل ،فهو من الوارج ،وأن هذا العمل
من عمل الوارج ،ل من عمل أهل السنة ،الذين أقاموا منهجهم على
الوازنات.
وهذا الذي عمله الخ الصويان فيه خطأ وخطر من جهتي:
الول :التعريض بن ل يلتزمون منهج الوازنة بأنم ف عملهم هذا
يسلكون مسلك الوارج ،وقد علمت -وستعلم با سيأت ف هذا
البحث إن شاء ال -أن هذا النهج -منهج الوازنة -غي لزم ،بل هو
منهج فاسد ،ل يعرفه السلف ،وعملهم يري على خلفه.
الثانية :أن الذي قرره الصويان شيء ،وكلم شيخ السلم الذي أحال
عليه شيء آخر.
قال شيخ السلم رحه ال" :ومن أصول أهل السنة :أن الدين واليان
قول وعمل ،قول القلب واللسان ،وعمل القلب واللسان والوارح،
وأن اليان يزيد بالطاعة ،وينقص بالعصية.
وهم مع ذلك ل يكفرون أهل القبلة بالعاصي والكبائر ،كما يفعله
الوارج ،بل الخوة اليانية ثابتة مع العاصي:
كما قال سبحانه وتعال ف آية القصاص{ :فمن عفي له من أخيه
)
شيء فاتباع بالعروف} (. 1
-75-
وقال تعال{ :وإن طائفتان من الؤمني اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن
بغت إحداها على الخرى فقاتلوا الت تبغي حت تفيء إل أمر ال فإن
فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن ال يب القسطي * إنا
)
الؤمنون إخوة فأصلحوا بي أخويكم واتقوا ال لعلكم ترحون }(. 1
ول يسلبون الفاسق اللي اسم اليان بالكلية ،ول يلدونه ف النار كما
تقوله العتزلة.
بل الفاسق يدخل ف اسم اليان ف مثل قوله تعال{ :فتحرير رقبة
)
مؤمنة} (. 2
وقد ل يدخل ف اسم اليان الطلق ،كما ف قوله تعال{ :إنا الؤمنون
الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم وإذا تليت عليهم آياته زادتم إيانا}
)
(. 3
وقوله صلى ال عليه وسلم " :ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن ،ول
يسرق السارق حي يسرق وهو مؤمن ،ول يشرب المر حي يشربا
وهو مؤمن " ...الديث.
ويقولون :هو مؤمن ناقص اليان ،أو مؤمن بإيانه فاسق بكبيته ،فل
)
يعطى السم الطلق ،ول يسلب مطلق السم " (. 4
-76-
فهذا هو كلم شيخ السلم الذي أحال عليه الخ أحد الصويان،
وهو يتضمن بيان مالفة الوارج لهل السنة ف عصاة الؤمني؟ فأهل
السنة ل يكفرونم بارتكاب كبائر الذنوب والوارج يكفرونم ،وأهل
السنة ل يكمون على مرتكب الكبائر الصرين عليها باللود ف النار ،
والوارج والعتزلة يكمون عليهم باللود ف النار وها أمران ل علقة
لما بالنهج الذي يقرره الصويان وشتان بينهما وبينه شتان ،ول
يسلبونم اسم اليان بل يدخلون عندهم ف مسمى مطلق اليان ول
يعطونم اسم اليان الطلق بسبب نقصان إيانم بالعاصي الت ارتكبوها
،وهذا الذهب الذي يريد الصويان أن ينسبه إل أهل السنة إنا هو
مذهب كثي من يتولهم الصويان ويدافع عنهم من أمثال سيد قطب
وأتباعه ،والوارج والعتزلة يكمون عليهم باللود ف النار ،وها أمران
ل علقة لما بالنهج الذي يقرره الصويان ،وشتان بينهما وبينه شتان.
قال الصويان -5" :قال النب صلى ال عليه وسلم لب هريرة رضي
ال عنه عن الشيطان الذي علمه آية الكرسي لتحفظه من الشيطان" :أما
إنه صدقك وهو كذوب "؟ فالنب صلى ال عليه وسلم أثبت الصدق
للشيطان الذي ديدنه الكذب ،فلم ينع ذلك من تقبل الي الذي دل
عليه.
وذكر ابن حجر العسقلن من فوائد هذا الديث أن الكمة قد
يتلقاها الفاجر ،فل ينتفع با ،وتؤخذ عنه ،فينتفع با ،وبأن الكذاب قد
يصدق " اهـ.
والواب:
-77-
أول :ل يكتف الخ الصويان بادعاء الوازنات فيما يتعلق باليهود ،بل
تعدى ذلك إل الوازنات ف أشخاص الشياطي!
فهل -بال -يب أن نري الوازنات ف سية الشيطان الكب ورؤساء
الردة وكبار الشياطي؟!
وهل سيحاسبنا ال يوم القيامة على التقصي ف هذه الوازنات لننا
ظلمنا الشياطي فلم ننصفهم؟!
"إن من الورع لقتا" ،كما يقال!
ثانيا :ف الديث أن أبا هريرة لا أخب رسول ال صلى ال عليه وسلم
بقصة الشيطان وسرقته ،قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :أما إنه
كذبك وسيعود" ،فعاد الشيطان إل السرقة ،فقبض عليه أبو هريرة،
فأخب رسول ال صلى ال عليه وسلم بذلك ،فقال له رسول ال صلى
)
ال عليه وسلم مرة ثانية" :أما إنه كذبك وسيعود" (. 1
فلم يقم رسول ال صلى ال عليه وسلم بإجراء الوازنة بي مثالب هذا
الشيطان وبي ماسنه ف الرتي الوليي ،ول يأمر أبا هريرة ول غيه من
الصحابة بالقيام بشيء من ذلك للتربية على الوازنات العادلة الت قد
تواجه المة فيها مشاكل مع اللصوص والجرمي والقتلة ،فتقوم المة
عندها بوازنات بي مثالبهم وماسنهم ،قد تسقط ف كثي من الحيان
عنهم الدود والقصاص والديات.
-78-
ثالثا :قوله صلى ال عليه وسلم ف الرة الثالثة" :أما إنه صدقك وهو
كذوب " ،ليس فيه ذرة من الوازنات بي الحاسن والساوىء
الشيطانية ،وإنا فيه قبول الق والصدق من أي أحد كائنا من كان،
يهوديا ،أو نصرانيا ،أو وثنيا ،أو علمانيا ،أو شيطانا كذابا رجيما ،فهذا
فيه تربية على احترام الق والصدق ،وقبوله ،ولو جاء عن طريق مصدر
خبيث ،خصوصا إذا ل ند طريقا إل الق ،إل من جهته.
وهذا بلف ما عليه الكفرة والبتدعون العاندون والتحزبون
التهوكون ،الذين يردون الق والصدق ،ولو جاء به الصادقون العادلون،
)
بل لو جاء به النبيون والرسلون (. 1
قال تعال{ :فمن أظلم من كذب على ال وكذب بالصدق إذ جاءه
أليس ف جهنم مثوى للكافرين .والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك
()
هم التقون} . 2
بل ترى هذه الصناف تصدق الكذب والشائعات الباطلة وتلتهمها،
وتكذب بالصدق والق وترفضه إذا خالف أهواءهم.
قال الصويان" :وقد ورد ف "صحيح البخاري " ف حديث طويل ف
رجل من بن إسرائيل استقرض من صاحب له ألف دينار إل أجل
مسمى ،.فلما جاء الجل ،التمس مركبا يركبها يقدم عليه للجل الذي
() هذا راجع بالدرجة الول إل الكفار ،وقد يوجد معن التكذيب ف البتدعي 1
والزبيي ف رفضهم للحق ف كثي من المور الت جاء با رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،فيجادلون فيها ،ويعاندون أهل الق.
() الرمز.33-32 : 2
-79-
أجله ،فلم يد مركبا ،فأخذ خشبة ،فنقرها ،فأدخل فيها ألف دينار،
وصحيفة منه إل صاحبه ،ث زجّج موضعها ،ورمى با ف البحر ،حت
ولت فيه ،ث انصرف ،وهو ف ذلك يلتمس مركبا يرج إل بلده،
فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء باله ،فإذا
بالشبة الت فيها الال ،فأخذها لهله حطبا ،فلما نشرها ،وجد الال
والصحيفة ،ث قدم الذي كان أسلفه ،فأتى باللف دينار ،فقال :وال ،ما
زلت جاهدا ف طلب مركب لتيك بالك ،فما وجدت مركبا قبل
الذي جئت فيه .قال :فإن ال قد أدى عنك الذي بعثت ف الشبة،
فانصرف باللف دينار راشدا" اهـ.
* أقول :ليس ف قصة هذا الرجل ،أي :موازنة ،إنه رجل مؤمن،
ضرب أروع المثلة للوفاء بالوعد ،وحسن اللجوء إل ال ،ث ف
العتماد على ال والتوكل عليه ،وكذلك صاحبه ،اقرأ هذين القطعي
من قصته:
الول :عن أب هريرة رضي ال عنه عن رسول ال صلى ال عليه
وسلم " :أنه ذكر رجل من بن إسرائيل ،سأل بعض بن إسرائيل أن
يسلفه ألف دينار ،فقال :ائتن بالشهداء أشهدهم .فقال :كفى بال
شهيدا .قال :فائتن بالكفيل .قال :كفى بال كفيل .قال :صدقت .قال:
)
فدفعها إليه " (. 1
الثان :فقال" :اللهم إنك تعلم أن كنت تسلفت فلنا ألف دينار،
فسألن كفيل ،فقلت :كفى بال كفيل ،فرضي بك ،وسألن شهيدا
() انظرها ف "الفتح " ( /469 /4حديث رقم .)2291 1
-80-
فقلت :كفى بال شهيدا ،فرضي بذلك ،وأن جهدت أن أجد مركبا
)
أبعث إليه الذي له ،فلم أقدر ،وإن أستودعكها" (. 1
إنا قصة عجيبة ،أراد رسول ال صلى ال عليه وسلم :أن يأخذ
أصحابه وأمته منها العبة والقدوة ،وليس فيها شيء من السلبيات.
وف القرآن والسنة قصص كثية لتؤخذ منها العبة ،كقصص النبياء،
وأهل الكهف ،وذي القرني ،وغيها ،وف السنة ،كقصة الثلثة
أصحاب الغار الذين توسلوا بأعمالم الصالة ،وجريج وأمه ،والطفل
الذي تكلم ف الهد ،وغيها ،وكلها مليئة باليابيات ،وليس فيها
سلبيات ،وكلها تدف إل غايات نبيلة ومقاصد عظيمة ،نسأل ال أن
يعلنا من يستفيد منها ويأخذ منها العب.
والقصود أن القصة هذه ليس فيها موازنات ،لنه ل وجود فيها
للسلبيات كما هي واضحة.
ومن دراسة النصوص الت تعلق با الصويان ،ظانا أنا أدلة على ما
ذهب إليه هو وغيه من وجوب العادلت ،يتبي أنه ل دللة ف أي
منها على وجوب هذه الوازنات ،وأنا حجج عليه ل له.
-1قال المام البخاري رحه ال" :وحدثنا آدم بن أب إياس ،قال:
حدثنا سليمان بن الغية ،قال :حدثنا حيد بن هلل ،قال :حدثنا أبو
صال السمان ،قال :رأيت أبا سعيد الدري ف يوم جعة يصلي إل
شيء يستره من الناس ،فأراد شاب من بن أب معيط أن يتاز بي يديه،
-81-
فدفع أبو سعيد ف صدره ،فنظر الشاب ،فلم يد مساغا إل بي يديه،
فعاد ليجتاز ،فدفعه أبو سعيد أشد من الول ،فنال من أب سعيد ،ث
دخل على مروان ،فشكا إليه ما لقي من أب سعيد ،ودخل أبوسعيد
خلفه على مروان ،فقال :مالك ولبن أخيك يا أبا سعيد ؟! قال :سعت
رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول" :اذا صلى أحدكم إل شيء
يستره من الناس ،فأراد أحد أن يتاز بي يديه؟ فليدفعه ،فإن أب،
)
فليقاتله ،فإنا هو شيطان " (. 1
أين الوازنات ف هذا الديث ؟!
كلمة شيطان أطلقها رسول ال صلى ال عليه وسلم على الار بي
يدي الصلي الذي اتذ ستره ،ولو كان الار مسلما.
وطبقها أبوسعيد على شاب مسلم من قريش.
-2روى البخاري ف "الدب الفرد" ( ،)119وابن حبان (،)2554
والاكم ( ،)166 /4وأحد ( ،)445 /2وأبو بكر ممد بن أحد العدل
ف " المال " ( )201 /6من طريق العمش ،قال :حدثنا أبويي مول
جعدة بن هبية ،قال :سعت أبا هريرة يقول :قيل للنب صلى ال عليه
وسلم يا رسول ال! إن فلنة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق
وتؤذي جيانا بلسانا .فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم "ل خي
فيها ،هي من أهل النار" .قال :وفلنة تصلي الكتوبة وتصدق بأتوار من
-82-
القط ول تؤذي أحدا .فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم "هي من
)
أهل النة" (. 1
هكذا ييب رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ل خي فيها ،هي من
أهل النار".
وهذا منطق ل يتمشى مع مذهب الوازنات.
فهل يلتزم بذا النطق الدافعون عن أهل البدع ؟!
-3روى البخاري ف " الدب الفرد" (ص )56عن أب هريرة رضي
ال عنه ،قال :قال رجل :يا رسول ال ! إن ل جارا يؤذين ،فقال:
"انطلق ،فأخرج متاعك إل الطريق " .فانطلق ،فأخرج متاعه ،فاجتمع
الناس عليه ،فقالوا :ما شأنك ؟ قال :ل جار يؤذين ،فذكرت للنب
صلى ال عليه وسلم ،فقال" :انطلق ،فأخرج متاعك إل الطريق ".
فجعلوا يقولون :اللهم العنه ،اللهم أخزه ،فبلغه ،فأتاه ،فقال :ارجع إل
منلك ،فوال ل أوذيك.
وهكذا تل هذه الشكلة على هذه الصورة ،وهو حل حكيم وعادل،
ولكنه على منهج الصوفية العصرية ،وعلى منهج الوازنات يعتب حل
خشنا وغي عادل.
)
-4قال المام البخاري ( 2رحه ال" :حدثنا الميدي :حدثنا
سفيان :حدثنا عمرو بن دينار ،قال :أخبن سعيد بن جبي ،قال" :قلت
لبن عباس :إن نوفا البكال يزعم أن موسى صاحب الضر ليس هو
() سلسلة الحاديث الصحيحة (رقم .)190 1
-83-
موسى صاحب بن إسرائيل .فقال ابن عباس :كذب عدو ال ،حدثن
أب بن كعب :أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول :إن موسى
قام خطيبا ف بن إسرائيل ،فسئل :أي الناس أعلم ،فقال :أنا ،فعتب ال
عليه ،إذ ل يرد العلم إليه ،فأوحى ال إليه :إن ل عبدا بجمع البحرين
هو أعلم منك .قال :يا رب! وكيف به." ...
قال الافظ ابن حجر" :قوله" :كذب عدو ال " :قال ابن التي :ل يرد
ابن عباس إخراج نوف عن ولية ال ،ولكن قلوب العلماء تنفر إذا
سعت غي الق ،فيطلقون أمثال هذا الكلم ،لقصد الزجر والتحذير
منه ،وحقيقته غي مرادة".
قال الافظ" :قلت :ويوز أن يكون ابن عباس اتم نوفا ف صحة
إسلمه ،فلهذا ل يقل ف حق الر بن قيس هذه القالة ،مع تواردها
عليها.
وأما تكذيبه ،فيستفاد أن للعال إذا كان عنده علم بشيء ،فسمع غيه
يذكر فيه شيئا بغي علم :أن يكذبه ،ونظيه قوله صلى ال عليه وسلم:
)
"كذب أبو السنابل " ،أي :أخب با هو باطل ف نفس المر"(. 1
-5عن مالك ،عن يي بن سعيد ،عن ممد بن يي بن حبان ،عن
ابن مييز :أن رجل من بن كنانة يدعى الخدجي سع رجل بالشام
يكن أبا ممد يقول :إن الوتر واجب .فقال الخدجي :فرحت إل عبادة
بن الصامت ،فاعترضت له وهو رائح إل السجد ،فأخبته بالذي قال
أبو ممد ،فقال عبادة :كذب أبو ممد؟ سعت رسول ال صلى ال عليه
() الفتح (.)1/219 1
-84-
وسلم يقول" :خس صلوات كتبهن ال عز وجل على العباد ،فمن جاء
بن ،ل يضيع منهن شيئا استخفافا بقهن ،كان له عند ال عهد أن
يدخله النة ،ومن ل يأت بن ،فليس له عند ال عهد ،إن شاء عذبه،
وإن شاء أدخله النة".
) ()
-6وقال المام مسلم " : 1وحدثناه( 2قتيبة بن سعيد :حدثنا حات
(يعن :ابن إساعيل) عن موسى بن عقبة عن سال ،قال :كان ابن عمر
رضي ال عنهما إذا قيل له :الحرام من البيداء .قال :البيداء الت
تكذبون فيها على رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ما أهل رسول ال
صلى ال عليه وسلم إل من عند الشجرة حي قام به بعيه".
فهؤلء الذين كذبم عبدال بن عمر من خيار التابعي.
فأين الوازنات من قوم هم خي أمة أخرجت للناس ،وهم أصدق
الناس ،وأعدلم ،وأورعهم ،وأتقاهم ،وأخشاهم ل؟!
أل إن منهج الوازنات ل يوضع إل لسكات صوت الق ضد أهل
البدع والباطل.
ومن أوضح الدلة على ما أقوله أن دعاته وحاملي رايته إذا هجموا
على أهل الق والتوحيد والسنة ،ل يلوون على هذا النهج ،ول يلتفتون
إليه ،ويا ليتهم ينسبون إليهم سلبيات واقعة فيهم ،بل يقذفونم بالطوام
والدواهي العظام ،ظلما وزورا وبتانا! وليتهم يقولون هذا عند خواصهم
() الضمي راجع إل حديث سابق رواه من طريق مالك رحه ال. 2
-85-
وسرا ف بيوتم ،بل يعلنونه على النابر ف بيوت ال ،وف كل الوسائل،
وف كل اليادين ،ويشيعونه ويبثونه ف متمعات العوام والطغام!
)
{كب مقتا عند ال أن تقولوا ما ل تفعلون }(. 1
وال إنا لكارثة نزلت بالمة ف دينها وأخلقها ،فإل ال الشتكى،
وهو الستعان.
-7قال الافظ ابن رجب ف كتابه "شرح علل الترمذي " (-43 /1
" : )44قال أبو عيسى رحه ال :وقد عاب بعض من ل يفهم على
أصحاب الديث الكلم ف الرجال ،وقد وجدنا غي واحد من الئمة
من التابعي قد تكلموا ف الرجال ،منهم :السن البصري ،وطاووس ،قد
تكلما ف معبد الهن ،وتكلم سعيد بن جبي ف طلق بن حبيب ،وتكلم
إبراهيم النخعي وعامر الشعب ف الارث العور ،وهكذا روي عن
أيوب السختيان وعبدال بن عون وسليمان التيمي وشعبة بن الجاج
وسفيان الثوري ومالك ابن أنس والوزاعي " وعبدال بن البارك ويي
بن سعيد القطان ووكيع بن الراح وعبدالرحن بن مهدي وغيهم من
أهل العلم أنم تكلموا ف الرجال وضعفوا.
فما حلهم على ذلك عندنا -وال أعلم -إل النصيحة للمسلمي ،ل
نظن أنم أرادوا الطعن على الناس أو الغيبة ،إنا أرادوا عندنا أن يبينوا
ضعف هؤلء ،لكي يعرفوا ،لن بعضهم -من الذين ضعفوا -كان
صاحب بدعة ،وبضعهم كان متهما ف الديث ،وبعضهم كانوا
أصحاب غفلة وكثرة خطأ ،فأراد هؤلء الئمة أن يبينوا أحوالم ،شفقة
() الصف 3 : 1
-86-
على الدين ،وتبيينا ،لن الشهادة ف الدين أحق أن يتثبت فيها من
الشهادة ف القوق والموال ".
قال الافظ ابن رجب" :مقصود الترمذي رحه ال أن يبي أن الكلم
ف الرح والتعديل جائز ،قد أجع عليه سلف المة وأئمتها ،لا فيه من
تييز ما يب قبوله ما ل يوز قبوله ،وقد ظن بعض من ل علم عنده أن
ذلك من باب الغيبة ،وليس كذلك ،فإن ذكر عيب الرجل ،إذا كان فيه
مصلحة -ولو كانت خاصة ،كالقدح ف شاهد -الزور -جائز بغي
نزاع ،فما كان فيه مصلحة عامة للمسلمي أول.
وروى ابن أب حات بإسناده عن بز بن أسد قال :لو أن لرجل على
رجل عشرة دراهم ،ث جحده ،ل يستطع أخذها منه إل بشاهدين
عدلي ،فدين ال أحق أن يؤخذ فيه العدول.
وكذلك يوز ذكر العيب إذا كان فيه مصلحة خاصة ،كمن يستشي
ف نكاح أو معاملة ،وقد دل عليه قول النب صلى ال عليه وسلم لفاطمة
بنت قيس" :أما معاوية فصعلوك ل مال له ،وأما أبو الهم ،فل يضع
عصاه عن عاتقه " ." ...واستمر ابن رجب ف كلم يطول نقله.
هذا ،وقد أورد الخ أحد الصويان أقوال بعض العلماء ،متجا با على
منهج الوازنات ،وليس فيها ما يدل على ذلك ،وتعلق بابن تيمية
والذهب ،وف تصرفهما ومواقفهما الكثية البعيدة عن منهج الوازنات ما
يقطع علئق هذا التعلق.
وأقول:
-87-
أول :إن للمام ابن تيمية مؤلفات كثية يذكر فيها فرقا وأشخاصا
وجاعات ل وجود فيها لذه القارنات بي اليابيات والسلبيات،
ولوكانت هذه الوازنة واجبة ،لرأيته من أقوم الناس با ،وكذلك كتبه
مليئة بنقد الكتب والرجال والذاهب والعقائد ،فل يوجد فيها هذه
الوازنات ،اللهم إل بعض النتف ف نادر من الحوال ،وليس سببها إيانه
بوجوب هذه الوازنات.
ثانيا :لو فرضنا أن شيخ السلم رأى ذلك واجبا -وهو بعيد جدا،-
لكان لزاما أن نرد ذلك إل ال والرسول ،كما قال تعال{ :فإن تنازعتم
ف شيء فردوه إل ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ذلك
)
خي وأحسن تأويل}(. 1
ث هذه مؤلفات تلميذ هذا المام ،وعلى رأسهم ابن القيم ،ل يوجد
فيها شيء -حسب علمي -من الوازنات.
ثالثا :للحافظ الذهب ثلثة مؤلفات ف الجروحي ،وهي " :اليزان "،
و " الغن " ،و "ديوان الضعفاء" ،فلو كانت الوازنات واجبة عنده،
فلماذا خصص هذه الكتب للجرح فقط ول يلتزم إل جانبه ذكر
الحاسن؟!
وقد سبقه إل هذا أئمة كبار ،فهل كانوا يؤمنون بنهج الوازنات ث
ييدون عنه ،حاشا وكل ،فإنم على الصراط الستقيم ،والنهج القوي،
وأقوم الناس بالعدل والنصح لمة السلم.
-88-
وأضيف متوجعا متحسرا فأقول :إن من الضحكات البكيات إذن أن
تؤلف كتب باسم السلف ،وباسم منهج أهل السنة والماعة ،وباسم
العدالة السلمية ،وتنشر أشرطة ،يشاد فيها بأهل البدع وقادتم ،فهم
الدعاة ،وهم الفكرون ،وهم الطباء الصقعون ،وهم الجاهدون
الناضلون ...والسلفيون ليسوا من هذه الجالت ف قبيل ول دبي ،ول
ف العي ول ف النفي ،وليت المر يقف عند هذا الد ،بل يتجاوزه إل
الطعن والتحقي والتشهي.
يا قوم ! مهل مهل!!
أخبون ما هي الهود الت بذلتموها ف قمع أهل البدع وصد ظلمهم
وعدوانم على الق وأهله ؟!
هل أنتم على طريقة أهل السنة والماعة ف هجران أهل البدع
ومقاطعتهم ومنابذتم والباءة منهم ومن بدعهم وضللم ؟!
هل أنتم سائرون على صراطهم ف التعامل معهم مواقف وتآليف
تدحض باطلهم ؟!
هل أنتم على طريقة الصحابة والتابعي وأتباع التابعي؟!
هل أنتم على طريقة حاد بن زيد ،وحاد بن سلمة ،والوزاعي،
والثوري ،والمام مالك ،وأب إسحاق الفزاري ،وأحد بن حنبل،
وأقرانه ،ومدرسته ،وعلى طريقة البخاري ،ومسلم ،وأب داود،
وإخوانم ؟!
-89-
هل أنتم على طريقة عبدال بن أحد ،وابن خزية ،وابن بطة،
والللكائي ،وقوام السنة النصاري ؟!
هل أنتم على طريقة القادسة عبد الغن والضياء وابن قدامة ؟ أ
هل أنتم على طريقة ابن تيمية وابن القيم وابن عبدالادي ؟!
هل أنتم على طريقة المام ممد بن عبدالوهاب وتلميذه وأبنائه
وأحفاده؟!
هل أنتم على طريقة هؤلء جيعا مواقف ومؤلفات وماضرات
وندوات ف قمع البدع ودحضها وفضحها ،والتحذير والتنفي منها ومن
أهلها ؟! فالواقع يشهد بعكس هذا كله.
لقد ذهبتم تفتشون ف تراث السلف ،علكم تدون فيه من كلمهم
ومواقفهم ما توقفون به السلفيي الظالي ف نظركم عند حدهم ،فلم
تدوا من كلم ول مواقف أحد منهم ،من الصحابة ،من القرن الول
للتاريخ السلمي إل القرن الثامن ،ل تدوا شيئا ،إل نتفا من كلم ابن
تيمية ،الذي كانت حياته كلها جهادا ونضال وهجوما على أهل البدع،
فإذا أدرك أنه قد دمر معاقلهم ،وثلّ عروشهم ،أدركته رقة تشبه رقة أب
بكر على أسرى قريش يوم بدر ،فيقول كلمات ف قوم قد يكونون
قريبي إل السنة ،ولم مع ذلك جهاد يدافعون فيه عن السنة وعن
وأهلها ،فتأخذون تلك النتف ،وتسمونا :منهج أهل السنة والماعة!
وتشنون با الغارة على البقية من الجتهدين من أهل السنة ،الذين
تكالبت عليهم فرق الضلل والبدع.
-90-
إن هذه النتف الت تدونا ف كلم ابن تيمية ،ل يوز أن نسميها
منهج ابن تيمية ،فضل عن أن نسميها منهج أهل السنة والماعة ،لن
ابن تيمية ل يكن دافعه فيها اليان بذه الوازنات الزعومة.
ث إن العمود الفقري ف منهجهم -والذي ينسبونه إل أهل السنة
والماعة -هو قولم بوجوب الوازنة بي اليابيات والسلبيات ف
الرجال ومؤلفاتم ،وبعضهم يعمم ذلك ف الماعات ،وقد هدمناه
بعاول الق ،فصار عليهم ل لم ،ول المد.
وف النقول التية عن ابن تيمية وغيه من أئمة السلف ما يدعم هذا:
-91-
موقف شيخ السلم من البدع وأهلها وبيان عدم التزامه
بذكر ماسنهم
وها أنا ذا أقدم لكم ناذج ما امتلت به كتب شيخ السلم -وما
أكثرها -بنقد الرجال وذكر مثالبهم ،ل يلتزم ف شيء منها بذكر
ماسنهم ،لن ذلك ل يلزمه.
خذ بعض جولته الت هي قطرة من جهاده العظيم الذي واجه فيه
البدع والضللت بكل شجاعة وصراحة وعدل وإنصاف للسلم وذود
عن حياضه:
)
-1قال شيخ السلم ف "نقض النطق " (" : 1الراد على أهل البدع
ماهد ،حت كان يي بن يي يقول :الذب عن السنة أفضل من الهاد"
اهـ.
-2وقال شيخ السلم" :فمن كان ماهدا ف سبيل ال :باللسان،
بالمر بالعروف ،والنهي عن النكر ،وبيان الدين ،وتبليغ ما ف الكتاب
والسنة من المر والنهي والي ،وبيان القوال الخالفة لتلك ،والرد على
من خالف الكتاب والسنة.
أو باليد ،كقتال الكفار.
فإذا أوذي ف جهاده بيد غيه أو لسانه ،فأجره ف ذلك على ال ،ل
يطلب من الظال عوض مظلمته ،بل هذا الظال إن تاب وقبل الق الذي
جوهد عليه ،فالتوبة تب ما قبلها{ :قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لم
-92-
)
ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الولي }( ، 1وإن ل يتب،
بل أصر على مالفة الكتاب والسنة ،فهو مالف ل ورسوله ،وان كان-
أيضا -للمؤمني حق تبعا لق ال ،وهذا إذا عوقب ،لق ال ،ولتكون
كلمة ال هي العليا ،ويكون الدين كله ل ،ل لجل القصاص فقط "
)
( 2اهـ.
ومن هذا النطلق قضى جل حياته ف جهاد أهل الباطل والبدع ،ببيانه
الواضح ،وقلمه السيال ،وإمكاناته العقلية الائلة ،وشجاعته النادرة،
فأنتج كل ذلك هذه الثروة العظيمة من الؤلفات الت أعلى ال با منار
الق ،ودمغ با الباطل..
وكان يركز ف أكثرها على أولئك البتدعة -من صوفية وأشعرية-
والذين يصرون على النتساب إل أهل السنة والماعة ،ذلك السلوب
الذي خدعوا به المة السلمية ،فأوقعوا أجيال منهم ف أحضان البدع
والرافات الشينة ،المر الذي يري مثله اليوم ف الساحات السلفية،
لرهم إل حأة البدع وأوحالا مرة أخرى ،بعد أن أنقذهم ال منها
بهود الخلصي الرتكزة على كتاب ال وسنة رسوله وهدي السلف
الصال من هذه المة.
لقد كانت كتابات وجهاد ومؤلفات شيخ السلم تركز على فكر
ومناهج وعقائد تلك الطوائف العتزية إل السنة والماعة -وهي بعيدة
عنها ،-لن خطرها أشد على المة السلمية ،فألف ف هذا اليدان
() النفال .38 : 1
-93-
الكثي والكثي ،مثل" :درء تعارض العقل والنقل " ،و"بيان تلبيس
الهمية" ،وجانب كبي من فتاواه ،وجانب كبي من كتابه "منهاج
السنة" الذي ألفه ردا على الروافض ،ومثل " الموية" و " الواسطية" و
" التدمرية" و " التوسل والوسيلة" و " الرد على البكري " و"الرد على
الخنائي " ،وغي هذه ،ما صبّه حما على هذه الصناف الطية ،الت
يدافع عن أمثالا اليوم كثي من ينتمي إل النهج السلفي ،قبل أن يقدموا
أي جهد لتحذير المة من خطرهم ،وفضح عقائدهم وأساليبهم الت
يتذرعون با إل مادعة الشباب السلفي.
يا ليت هؤلء يعلمون أي جناية يرتكبونا ف حق السلم بأسلوبم
اليادي هذا.
إنم ل يوجد لديهم أي استعداد للذود عن عرين النهج السلفي،
والذود عن حياضه ،لذا تراهم يبدؤون حياتم برحلة سلم مع أهل
البدع والباطل ،ويسمون أسلوبم ومنهجهم هذا بنهج أهل السنة
والماعة !!
يا قوم! اقرؤوا ما كتبه أئمة الديث أهل السنة والماعة ،اقرؤوا ما
كتبه البخاري ف "خلق أفعال العباد" ،وما كتبه المام أحد وابنه
عبدال ،وما كتبه اللل وابن خزية ف كتب "السنة" و " التوحيد"،
واقرؤوا " البانة" لبن بطة و"الشرح والبانة" له ،و"شرح اعتقاد إهل
السنة والماعة" لللكائي ،ومقدمة "شرح السنة" للبغوي ،ومقدمة "
ابن ماجه " ،و (السنة) لب داود ف كتابه "السنن " ،و"الجة ف بيان
الحجّة" لب القاسم التيمي الصبهان ،ومؤلفات ابن تيمية وابن القيم،
-94-
كـ "الصواعق الرسلة" و " النونية" ،ومدرسة المام ممد بن
عبدالوهاب ،وانظروا مواقفهم وتعاملهم مع أهل البدع.
هل تدونم ل يذكرون شخصا إل مقرونة حسناته بسيئاته وبدعه ؟!
وهل ل يذكرون مثالب كتاب إل وبعدها أو قبلها حسناته ؟!
ل نعرف قط ذلك ،ول نسمع به.
أل تدركون أن دعائم النهج السلفي ستقوض بذا السلوب ،وأن
قضية الولء والباء الت هي أوثق عرى اليان ستدمر ؟!
يا إخوتاه! إن كنتم حقا تترمون النهج السلفي وأهله ،فانشروا
كتبهم ،ودرسوها ،واشحنوا كتاباتكم وماضراتكم ومقالتكم بأقوالم
ف أهل البدع وتذيرهم منهم ،ودرسوا الشباب مواقفهم من أهل
البدع ،وحثوا الشباب على دراستها والحتفاء با والعتزاز با ،فبهذه
الساليب تيا عقيدة ومنهج السلف ،وتتألق ف نفوسهم ،وترتفع با
رؤوسهم تباهيا واعتزازا.
-3قال رحه ال تعال ف نقد أئمة الشاعرة ومنهجهم وأصلهم الذي
بنوا عليه اعتقادهم الخالف لكتاب ال وسنة رسوله ومنهج السلف
الصال ،الذي تتشد كل الدعوات غي السلفية لتسريبه إل عقول
الشباب السلفي ف غمرة الهادنات ،والغالطات ،يرافقه الترويض على
التودد إل الصوفية ،والقبورية ،اللذين لبن تيمية معهما معارك ومعارك.
-95-
قال" :وهذه الطريقة الت سلكها من وافق العتزلة ف ذلك -كصاحب
)
"الرشاد" ( 1وأتباعه ،-هؤلء يردون دللة الكتاب والسنة :تارة
يصرحون بأنا وإن علمنا مراد الرسول ،فليس قوله ما يوز أن يتج به
ف مسائل الصفات ،لن قوله إنا يدل بعد صدقه الوقوف على مسائل
الصفات ،وتارة يقولون :إنا ل يدل لنا ل نعلم مراده ،لتطرق
الحتمالت إل الدلة السمعية ،وتارة يطعنون ف الخبار.
فهذه الطرق الثلث الت وافقوا فيها الهمية ونوهم من البتدعة،
أسقطوا با حرمة الكتاب والرسول عندهم ،وحرمة الصحابة والتابعي
لم بإحسان ،حت يقولوا :إنم ل يققوا أصول الدين كما حققناها!
وربا اعتذروا عنهم بأنم كانوا مشتغلي بالهاد! ولم من جنس هذا
الكلم الذي يوافقون به الرافضة ونوهم من أهل البدع ،ويالفون به
الكتاب والسنة والجاع ،ما ليس هذا موضع بسطه ،وإنا نبهنا على
أصول دينهم وحقائق أقوالم ،وغايتهم أنم يدعون ف أصول الدين
الخالفة للكتاب والسنة العقول والكلم ،وكلمهم فيه من التناقض
والفساد ما ضارعوا به أهل اللاد ،فهم من جنس الرافضة :ل عقل
صريح ،ول نقل صحيح ،بل منتهاهم السفسطة ف العقليات ،والقرمطة
ف السمعيات ،وهذا منتهى كل مبتدع خالف شيئا من الكتاب والسنة،
)
حت ف السائل العملية والقضايا الفقهية" ( 2اهـ.
فهذا كلمه ف صاحب "الرشاد" وأتباعه من الشاعرة.
() يعن :إمام الرمي. 1
-96-
فأي مواجهة للباطل أقوى من هذه الواجهة الصادعة بالق ،البعيدة
كل البعد عن الجاملت والتمويهات والتملق لهل البدع والضلل
الذين ل نسبة بينهم وبي الوين وأتباعه ف سعة العلم وف الدين
والورع ؟!
-4وقال ف الرد على الرازي" :فقوله" :خصومنا ف هذا الباب إما
الكرامية وإما النابلة" ،ليس بسديد ،ل سيما وهؤلء النابلة الذين
وصفهم -إن كان لم وجود -فهم صنف من النابلة الوجودين ف
وقته أو قبله بأرض خراسان وغيها ،ليسوا من أئمة علماء النابلة ول
أفاضلهم ،فإن هذه اللفاظ الت حكاها عن النابلة ل نعرفها عن أحد
منهم كما سنذكره.
وكذلك هؤلء الكرامية الذين حكى قولم هم بعض الكرامية ،وإل
فكثي من الكرامية قد يالفونه فيما حكاه عنهم.
بل خصومه ف هذا الباب جيع النبياء والرسلي وجيع الصحابة
والتابعي ،وجيع أئمة الدين من الولي والخرين ،وجيع الؤمني
الباقي على الفطرة الصحيحة -دع ما قد تنازع فيه من ذلك ،-فإنم ل
يطلقون على ال هذا الطلق الذي ذكره ،وإن كان فيهم وف سائر
الطوائف من نصّ بالصفات الت يطلق عليها هو وأمثاله أنا أجزاء أو
أبعاض ،لكنهم ل يطلقون اللفاظ الوهة الحتملة ،إل إذا نص الشرع،
فأما ما ل يرد به الشرع ،فل يطلقونه ،إل إذا تبي معناه الصحيح الوافق
)
للشرع " ( 1اهـ.
() تلبيس الهمية (.)1/21 1
-97-
)
-5قال رحه ال ف "درء تعارض العقل والنقل " ( 1مبينا أن عامة
من ضل عن الق إنا سبب ضللم هو إعراضهم وتفريطهم ف اتباع ما
جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم ،ول يعذرهم" :لكن ينبغي أن
يعرف أن عامة من ضل ف هذا الباب أو عجز فيه عن معرفة الق ،فإنا
هو لتفريطه ف اتباع ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم وترك النظر
والستدلل الوصل إل معرفته ،فلما أعرضوا عن كتاب ال ضلوا:
كما قال تعال{ :يا بن آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم
)
آيات فمن اتقى وأصلح فل خوف عليهم ول هم يزنون }(. 2
{قال اهبطا منها جيعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم من هدى
فمن اتبع هداي فل يضل ول يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له
()3
معيشة ضنكا ونشره يوم القيامة أعمى} .
قال ابن عباس" :تكفل ال لن قرأ القرآن وعمل با فيه أن ل يضل ف
الدنيا ،ول يشقى ف الخرة" ،ث قرأ هذه الية.
وقال تعال{ :الص * كتاب أنزل إليك فل يكن ف صدرك حرج منه
لتنذر به وذكرى للمؤمني * اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ول تتبعوا
)
من دونه أولياء قليل ما تذكرون } (. 4
-98-
وقال{ :وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحون * أن
تقولوا إنا أنزل الكتاب على طائفتي من قبلنا وإن كنا عن دراستهم
لغافلي * أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد
جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحة فمن أظلم من كذب بآيات ال
وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب با كانوا
)
يصدفون}(. 1
فذكر سبحانه أنه يزي الصادف عن آياته مطلقا -سواء كان مكذبا
أم ل يكن -سوء العذاب با كانوا يصدفون.
يبي ذلك أن كل من ل يقر با جاء به الرسول ،فهو كافر ،سواء
اعتقد كذبه ،أو استكب عن اليان به ،أو أعرض عنه اتباعا لا يهواه ،أو
ارتاب فيما جاء به ،فكل مكذب با جاء به ،فهو كافر ،وقد يكون
كافرا من ليكذبه إذا ل يؤمن به.
ولذا أخب ال ف غي موضع ف كتابه بالضلل والعذاب لن ترك اتباع
مـا أنزله ،وإن كان له نظـر وجدل واجتهاد فـ عقليات وأمور وغيـ
ذلك ،وجعل ذلك من نعوت الكفار والنافقي.
قال تعال( :ولقد مكناهم فيما إن مكنكم فيه وجعلنا لم سعا وأبصارا
وأفئدة فما أغن عنهم سعهم ول أبصارهم ول أفئدتم من شيء إذ
)
كانوا يحدون بآيات ال وحاق بم ما كانوا به يستهزئون}(. 2
-99-
وقال تعال{ :فلما جاءتم رسلهم بالبينات فرحوا با عندهم من العلم
وحاق بم ما كانوا به يستهزئون * فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بال وحده
وكفرنا با كنا به مشركي * فلم يك ينفعهم إيانم لا رأوا بأسنا سنة
)
ال الت قد خلت ف عباده وخسر هنالك الكافرون }(. 1
وقال( :الذين يادلون ف آيات ال بغي سلطان أتاهم كب مقتا عند ال
)
وعند الذين آمنوا كذلك يطبع ال على كل قلب متكب جبار}(. 2
وف الية الخرى( :أم لكم سلطان مبي فأتوا بكتابكم إن كنتم
)
صادقي}(. 3
والسلطان :هو الجة النلة من عند ال ،كما قال تعال{ :أَمْ أَن َزْلنَا
عَلَْي ِهمْ سُ ْلطَانًا َف ُهوَ َيتَكَّلمُ ِبمَا كَانُوا ِبهِ ُيشْ ِركُونَ}( )4وقال تعال { :أَمْ
لَ ُكمْ ُسلْطَانٌ ُمبِيٌ * فَأْتُوا ِبكِتَابِ ُكمْ ِإنْ كُنُتمْ صَادِقِيَ}( )5وقال تعال{:إن
هي إل أساء سيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل ال با من سلطان إن
)
يتبعون إل الظن وما توى النفس ولقد جاءهم من ربم الدى}(. 6
وقد قال تعال ف نعت النافقي{ :أل تر إل الذين يزعمون انم آمنوا
با أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إل الطاغوت
وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلل بعيدا * وإذا
() غافر.85-83 : 1
-100-
قيل لم تعالوا إل ما أنزل ال وإل الرسول رأيت النافقي يصدون عنك
صدودا * فكيف إذا أصابتهم مصيبة با قدمت أيديهم ث جاؤوك يلفون
بال إن أردنا إل إحسانا وتوفيقا * أولئك الذين يعلم ال ما ف قلوبم
)
فأعرض عنهم وعظهم وقل لم ف أنفسهم قول بليغا}(. 1
وف هذه اليات أنواع من العب الدالة على ضلل من تاكم إل غي
الكتاب والسنة ،وعلى نفاقه ،وإن زعم أنه يريد التوفيق بي الدلة
الشرعية وبي ما يسميه هو عقليات من المور الأخوذة عن بعض
الطواغيت من الشركي وأهل الكتاب ،وغي ذلك من أنواع العتبار.
فمن كان خطؤه:
-1لتفريطه فيما يب عليه من اتباع القرآن واليان مثل.
-2أو لتعديه حدود ال بسلوك السبيل الت ني عنها.
-3أو لتباع هواه بغي هدى من ال.
فهو الظال لنفسه ،وهو من أهل الوعيد.
بلف الجتهد ف طاعة ال ورسوله باطنا وظاهرا ،الذي يطلب الق
باجتهاده ،كما أمره ال ورسوله ،فهذا مغفور له خطؤه ،كما قال تعال:
{آمن الرسول با أنزل إليه من ربه والؤمنون كل آمن بال وملئكته
وكتبه ورسله ل نفرق بي أحد من رسله وقالوا سعنا وأطعنا} إل قوله:
)
{ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا} (. 2
-101-
وقد ثبت ف "صحيح مسلم " عن النب صلى ال عليه وسلم :أن ال
تعال قال" :قد فعلت ".
وكذلك ثبت فيه من حديث ابن عباس :أن النب صلى ال عليه وسلم
ل يقرأ برف من هاتي اليتي ومن سورة الفاتة إل أعطي ذلك.
فهذا يبي استجابة هذا الدعاء للنب والؤمني ،وأن ال ل يؤاخذهم إن
نسوا أو أخطؤوا" اهـ.
أقول :إن كثيا من الناس ،بل من الدعاة ،من ينل الناس غي منازلم،
فيجعل من رؤساء البدع الهلة أئمة متهدين ،لم أجر الجتهدين ف
صوابم وخطئهم.
وينسى أن هؤلء من أهل الهواء ،الذين يملون بدعواتم الضالة
أوزارهم وأوزار من تبعهم ل ينقص ذلك من أوزارهم شيئا.
اعرف أيها الؤمن النصف منلة هؤلء من كلم شيخ السلم الت ف
من هو أعلم وأفضل منهم.
" -6ونقل هذا العارض عن الواب ما ليس فيه ،بل العروف التواتر
ف جيع كتبه وكلمه بلفه ،وليس ف الواب ما يدل عليه ،بل على
نقيض ما قاله ،وهذا إما أن يكون عن تعمد ،أو عن سوء فهم مقرون
بسوء الظن وما توى النفس ،وهذا أشبه المرين به ،فإن من الناس من
يكون عنده نوع من الدين مع جهل عظيم ،فهؤلء يتكلم أحدهم بل
علم فيخطىء ،ويب عن المور بلف ما هي عليه خبا غي مطابق،
ومن تكلم ف الدين بغي الجتهاد السوّغ له الكلم وأخطأ ،فإنه كاذب
-102-
آث ،كما قاله النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الذي ف "السنن "
عن بريدة عن النب صلى ال عليه وسلم :أنه قال" :القضاة ثلثة:
قاضيان ف النار ،وقاض ف النة" :رجل قضى للناس على جهل؟ فهو ف
النار ،ورجل عرف الق وقضى بلفه ،فهو ف النار ،ورجل علم الق
فقضى به ،فهو ف النة.
فالذي يهل ،وإن ل يتعمد خلف الق ،فهو ف النار ،بلف الجتهد
الذي قال فيه النب صلى ال عليه وسلم (( :إذا اجتهد الاكم فأصاب ،فله
أجران ،وإن اجتهد الاكم فأخطأ ،فله أجر)).
فهذا جعل له أجرا مع خطئه ،لنه اجتهد فاتقى ال ما استطاع ،بلف من
قضى با ليس له به علم ،وتكلم بدون الجتهاد السوغ له الكلم ،فإن هذا
كما ف الديث عن ابن عباس عن النب صلى ال عليه وسلم :أنه قال" :من
قال ف القرآن برأيه ،فليتبوأ مقعده من النار" .وف رواية(( :بغي علم )) .
وف حديث جندب عن النب صلى ال عليه وسلم (( :من قال ف القرآن
برأيه ،فأصاب ،فقد أخطأ ،ومن أخطأ ،فليتبوأ مقعده من النار)).
وف "الصحيحي " عن عبدال بن عمرو عن النب صلى ال عليه وسلم :أنه
قال(( :إن ال ل يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ،ولكن يقبضه بقبض
العلماء ،فإذا ل يبق عالا ،اتذ الناس رؤوسا جهال ،فسئلوا ،فأفتوا بغي علم،
فضلوا وأضلوا ))(.)1
وف رواية للبخاري (( :فأفتوا برأيهم )).
() البخاري ،كتاب العلم ،حديث ، 100ومسلم ،كتاب العلم ،حديث 2673 1
-103-
وهذا بلف الجتهد الذي اتقى ال ما استطاع ،وابتغى طلب العلم بسب
المكان ،وتكلم ابتغاء وجه ال ،وعلم رجحان دليل على دليل ،فقال بوجب
الراجح ،فهذا مطيع ل ،مأجور أجرين إن أصاب ،وإن أخطأ أجرا واحدا.
ومن قال(( :كل متهد مصيب )) ،بعن أنه مطيع ل ،فقد صدق ،ومن
قال(( :الصيب ل يكون إل واحدا ،وإن الق ل يكون إل واحدا ،ومن ل
يعلمه ،فقد أخطأ ،بعن أنه ل يعلم الق ف نفس المر ،فقد صدق ،كما
بسط هذا ف مواضع .
والقصود أن من تكلم بل علم يسوغ ،وقال غي الق ،فإنه يسمى كاذبا،
فكيف بن ينقل من كلم موجود خلف ما هو فيه ما يعرف كل من تدبر
الكلم أن هذا نقل باطل؟! فإن مثل هذا كذب ظاهر ،والول على صاحبه
الكذب ،كما قال النب صلى ال عليه وسلم : إث الكذب ،ويطلق عليه ( )
((كذب أبو السنابل )) ، 1وكما قال لا قيل له :إنم يقولون :إن عامرا
بطل عمله ،قتل نفسه .فقال(( :كذب من قال ذلك )) ،وكما قال عبادة:
((كذب أبو ممد)) ،لا قال :الوتر واجب .وقال ابن عباس(( :كذب
نوف )) ،لا قال :إن موسى صاحب بن إسرائيل ليس هو موسى صاحب
الضر ،ومثل هذا كثي.
() ف قصة سبيعة السلمية لا مات زوجها فوضعت حلها وتيأت للخاطبي فأنكر عليها أبو 1
السنابل وقال :حت تعتدي أربعة أشهر وعشرا .فسألت النب صلى ال عليه وسلم ،فقال:
كذب أبو السنابل !.
والقصة ف " الصحيحي " وغيها.
وأبو السنابل هو ابن بعكك ،اسه حبة أو عمرو ،وقيل غي ذلك .اهـ من الصابة ف
معرفة الصحابة" ف (ترجة أب السنابل).
-104-
فإذا كان هذا الب الذي ليس بطابق يسمى كذبا ،فما هو كذب ظاهر
أول.
ومثل هذا إذا حكم بي الناس بالهل ،فهو أحد القضاة الثلثة الذين قال
فيهم النب صلى ال عليه وسلم ((القضاة ثلثة :قاضيان ف النار ،وقاض ف
النة :رجل علم الق وقضى به ،فهو ف النة ،ورجل علم الق وقضى
بلفه ،فهو ف النار ،ورجل قضى للناس على جهل ،فهو ف النار)).
وان قيل فيه :قد يكون متهدا مطئا مغفورا له ،فحكمه الذي أخطأ فيه
وخالف فيه النص والجاع باطل باتفاق العلماء ،وكذلك حكم من شاركه
ف ذلك.
وكلم هذا وأمثاله يدل على أنم بعيدون عن معرفة الصواب ف هذا الباب،
كأنم غرباء عن دين السلم ف مثل هذه السائل ،ل يتدبروا القرآن ،ول
عرفوا السنن ،ول آثار الصحابة ،ول التابعي ،ول كلم أئمة السلمي.
وف مثل هؤلء قال النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الصحيح(( :بدأ
السلم غريبا ،وسيعود غريبا كما بدأ)) ،فشريعة السلم ف هذا الباب غريبة
عند هؤلء ل يعرفونا ،فإن هذا وأمثاله لو كان عندهم علم بنوع من أنواع
الدلة الشرعية ف هذا الباب ،لوزعهم ذلك عما وقعوا فيه من الضلل،
والبتداع ،ومالفة دين الرسلي ،والروج عما عليه جيع أئمة الدين ،مع ما
فيه من الفتراء على) ال ورسوله صلى ال عليه وسلم ،وعلى علماء السلمي،
وعلى الجيب ))( 1اهـ.
() (ص )11 -9من كتاب "الرد على الخنائي واستحباب زيارة خي البية الزيارة 1
الشرعية" لبن تيمية ،تقيق عبدالرحن بن يي العلمي اليمان ،طبع الرئاسة العامة لدارات
-105-
()
ف 2
-7قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال ف "مموع الفتاوى"
أصناف الهمية -وعد منهم الشاعرة :-
((ومن قال (( :الظاهر غي مراد)) ،بالتفسي الثان -وهومراد الهمية ومن
تبعهم من العتزلة وبعض الشعرية وغيهم ،-فقد أخطأ.
ث أقرب هؤلء -الهمية -الشعرية ،يقولون :إن له صفات سبعا:
الياة ،والعلم ،والقدرة ،والرادة ،والكلم ،والسمع ،والبصر ،وينفون ما
عداها ،وفيهم من يضم إل ذلك اليد فقط ،ومنهم من يتوقف ف نفي ما
سواها ،وغلتم يقطعون بنفي ما سواها.
وأما العتزلة ،فإنم ينفون الصفات مطلقا ،ويثبتون أحكامها ،وهي ترجع
عند أكثرهم إل أنه عليم قدير ،وأما كونه مريدا متكلما ،فعندهم أنا صفات
حادثة أو إضافية أو عدمية ،وهم أقرب الناس إل الصابئي الفلسفة من الروم
ومن سلك سبيلهم من العرب والفرس ،حيث زعموا أن الصفات كلها ترجع
إل سلب أو إضافة أو مركب من سلب وإضافة ،فهؤلء كلهم ضلل
مكذبون للرسل.
ومن رزقه ال معرفة ما جاءت به الرسل ،وبصرا نافذا ،وعرف حقيقة
مأخذ هؤلء ،علم قطعا أنم يلحدون ف أسائه وآياته ،وأنم كذبوا بالرسل
وبالكتاب وبا أرسل به رسله ،ولذا كانوا يقولون :إن البدع مشتقة من
الكفر ،وآيلة إليه ،ويقولون :إن العتزلة مانيث الفلسفة ،والشعرية مانيث
العتزلة.
البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد الرياض ،سنة 1404هـ.
() ( .)36 0 -358 /6 2
-106-
وكان يي بن عمار يقول .:العتزلة الهمية الذكور ،والشعرية الهمية
الناث ،ومرادهم الشعرية الذين ينفون الصفات البية ،وأما من قال منهم
بكتاب "البانة" الذي صنفه الشعري ف آخر عمره ،ول يظهر مقالة تناقض
ذلك ،فهذا يعد من أهل السنة ،لكن مرد النتساب إل الشعري بدعة ،ل
سيما وأنه بذلك يوهم حسنا بكل من انتسب هذه النسبة ،وينفتح بذلك
أبواب شر ،والكلم مع هؤلء الذين ينفون ظاهرها بذا التفسي".
فهذا كلم فصل ف الشعرية ،وأنم من فصائل الهمية ،إل من التزم با ف
كتاب "البانة" لب السن الشعري ،فإنه يعد من أهل السنة ،شريطة أن ل
ينتسب إل الشعري.
وهذا يدفع الاكرين الذين ياولون إقناع الشباب السلفي بأن الشاعرة من
أهل السنة ،ودافع ذلك أسباب عقدية فاسدة ،وأغراض سياسية متلعبة.
•قول شيخ السلم ف الطوائف والكتب
والذاهب:
-8قال شيخ السلم بعد أن ذكر اليات الت تذم أهل الكتاب على
اختلفهم ،وبعد أن بي أنواع الختلف بينهم:
قال رحه ال" :واختلف أهل البدع هو من هذا النمط ،فالارجي يقول:
ليس الشيعي على شيء ،والشيعي يقول :ليس الارجي على شيء ،والقدري
الناف يقول :ليس الثبت على شيء ،والقدري البي الثبت يقول :ليس الناف
على شيء ،والوعيدية تقول :ليست الرجئة على شيء ،والرجئة تقول:
ليست الوعيدية على شيء.
-107-
بل ويوجد شيء من هذا بي أهل الذاهب الصولية والفروعية النتسبي إل
السنة ،فالكلب يقول :ليس الكرامي على شيء ،والكرامي يقول :ليس
الكلب على شيء ،والشعري يقول :ليس السالي على شيء ،والسالي
يقول :ليس الشعري على شيء ،ويصنف السالي كأب علي الهوازي كتابا
ف مثالب الشعري ،ويصنف الشعري كابن عساكر كتابا يناقض ذلك ف
كل وجه ،وذكر فيه مثالب السالية.
وكذلك أهل الذاهب الربعة وغيها ،ل سيما وكثي منهم قد تلبس ببعض
القالت الصولية ،وخلط هذا بذا ،فالنبلي والشافعي والالكي يلط بذهب
مالك والشافعي وأحد شيئا من الصول الشعرية والسالية ،وغي ذلك،
ويضيفه إل مذهب مالك والشافعي وأحد ،وكذلك النفي يلط
بذهب أب حنيفة شيئا من أصول العتزلة والكرامية والكلبية ،ويضيفه
إل مذهب أب حنيفة.
وهذا من جنس الرفض والتشيع ،لكنه تشيع ف تفضيل بعض الطوائف
والعلماء ،ل تشيع ف تفضيل بعض الصحابة.
والواجب على كل مسلم يشهد أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول
ال :أن يكون أصل قصده توحيد ال بعبادته وحده ل شريك له ،
وطاعة رسوله ،يدور على ذلك ويتبعه أين وجده ،ويعلم أن أفضل اللق
بعد النبياء هم الصحابة ،فل ينتصر لشخص انتصارا مطلقا عاما ؟ إل
لرسول ال صلى ال عليه وسلم ،ول لطائفة انتصارا عاما مطلقا؟ إل
للصحابة رضي ال عنهم أجعي؟ فإن الدى يدور مع رسول ال حيث
دار ،ويدور مع أصحابه دون أصحاب غيه حيثما داروا فإذا أجعوا ل
-108-
يمعوا على خطأ قط بلف عال من العلماء فإنم قد يمعون على
خطأ"( ) .
1
-109-
ث ساق آيات ف هذا العن ...ث قال" :فهذه الواضع من القرآن تبي
أن الختلفي ما اختلفوا حت جاءهم العلم والبينات ،فاختلفوا للبغي
والظلم ،ل لجل اشتباه الق بالباطل عليهم.
وهذا حال أهل الختلف الذموم من أهل الهواء ،كلهم ل يتلفون
إل من بعد أن يظهر لم الق وييئهم العلم ،فيبغي بعضهم على بعض،
ث الختلفون الذمومون كل منهم يبغي على الخر ،فيكذب با معه من
الق مع علمه أنه حق ،ويصدق با مع نفسه من الباطل مع العلم ( ) بأنه
1
-110-
اختلف طبقاتم ،فرأيت عامة الختلف الذي فيها من الختلف الذموم،
وأما الق الذي بعث ال به رسوله وأنزل به كتابه وكان عليه سلف المة،
فل يوجد فيها ف جيع مسائل الختلف ،بل يذكر أحدهم ف السألة عدة
أقوال ،والقول الذي جاء به الكتاب والسنة ل يذكرونه ،وليس ذلك لنم
يعرفونه ول يذكرونه ،بل ل يعرفونه ،ولذا كان السلف والئمة يذمون هذا
الكلم )).
ث ( )1ذكر أبا العال والغزال والمدي والرازي وما كانوا فيه من حية
وشكوك ورجوع بعضهم عند موته.
ث قال(( :وأما الرازي ،فهو ف الكتاب الواحد ،بل ف الوضع الواحد منه
ينصر قول ،وف موضع آخر منه أو من كتاب آخر ينصر نقيضه ،ولذا استقر
أمره على الية والشك...
ولذا ،لا ذكر أكمل العلوم :العلم بال وبصفاته وأفعاله ،ذكر أن على كل
منها إشكال.
وقد ذكرت كلمه ،وبينت ما أشكل عليه وعلى هؤلء ف مواضع ،فإن ال
قد أرسل رسله بالق ،وخلق عباده على الفطرة ،فمن كمل فطرته با أرسل
ال به رسله ،وجد الدى واليقي الذي ل ريب فيه ل يتناقض ،لكن هؤلء
أفسدوا فطرتم العقلية ،وشرعتهم السمعية ،با حصل لم من الشبهات
والختلف الذي ل يهتدوا معه إل الق ،كما قد ذكر تفصيل ذلك ف
موضع غي هذا))...
-111-
ث قال ف شأن الرازي(( :فإن من تدبركتبه كلها ،ل يد فيها مسألة واحدة
من مساثل أصول الدين موافقة للحق الذي يدل عليه النقول والعقول ،بل
يذكر ف السألة عدة أقوال ،والقول الق ل يعرفه فل يذكره ،وهكذا غيه
من أهل الكلم والفلسفة ،ليس هذا من خصائصه ،فإن الق واحد ،ول
يرج عما جاءت به الرسل ،وهو الوافق لصريح العقل ،فطرة ال الت فطر
الناس عليها.
وهؤلء ل يعرفون ذلك ،بل هم الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ،وهم
متلفون ف الكتاب{ :ذلك بان ال نزل الكتاب بالق وإن الذين اختلفوا ف
الكتاب لفي شقاق بعيد} (. )1
ث قال(( :قال المام أحد ف خطبة مصنفه الذي صنفه ف مبسه ف الرد
على الزنادقة والهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غي
تأويله ،وفيها الثناء على أهل الق والسنة واجتهادهم ف بيان الق ودعوة
الناس وهدايتهم إل الق ،وفيها :ينفون عن كتاب ال تريف الغالي،
وانتحال البطلي ،وتأويل الاهلي ،الذين عقدوا ألوية البدعة ،وأطلقوا عنان
الفتنة ،فهم متلفون ف الكتاب ،مالفون للكتاب ،متفقون على مالفة
الكتاب ،يقولون على ال وف ال وف كتاب ال بغي علم ،يتكلمون بالتشابه
من الكلم ،يدعون الهال با يلبسون عليهم ".
ث قال" :وهم كما وصفهم رحه ال ،فإن الختلفي أهل القالت الذكورة
ف كتب الكلم -إما نقل مردا للقوال ،وإما نقل وبثا وذكرا للجدال -
متلفون ف الكتاب ،كل منهم يوافق بعضا ،ويعل ما يوافق رأيه هو الحكم
() البقرة . 176 : 1
-112-
الذي يب اتباعه ،وما يالفه هو التشابه الذي يب تأويله أو تفويضه ،وهذا
موجود ف كل من صنف ف الكلم ،وذكر النصوص الت يتج با ويتج با
عليه ،تده يتأول النصوص الت تالف قوله تأويلت ،لو فعلها غيه ،لقام
القيامة عليه ،ويتأول اليات با يعلم بالضطرار أن الرسول ل يرده ،وبا ل
يدل عليه اللفظ أصل ،وبا هو خلف التفسي العروف عن الصحابة
والتابعي وخلف نصوص أخرى.
ولو ذكرت ما أعرفه من ذلك ،لذكرت خلقا ،ول أستثن أحدا من أهل
البدع ،ل من الشهورين بالبدع الكبار من معتزل ورافضي ونو ذلك ،ول
من النتسبي إل السنة والماعة من كرامي وأشعري وسالي ونو ذلك،
وكذلك من صنف على طريقهم من أهل الذاهب الربعة وغيها.
هذا كله رأيته ف كتبهم ،وهذا موجود ف بثهم ف مسائل الصفات
والقرآن ومسائل القدر ومسائل الحكام والساء واليان والسلم ومسائل
الوعد والوعيد وغي ذلك ،وقد بسطنا الكلم على ذلك ف مواضع من كتبنا
غي هذا الكتاب" :درء تعارض النقل والعقل " وغيه( )1اهـ.
فهل من ذكرهم شيخ السلم من الطوائف وأهل الذاهب قد جردوا كلهم
من السنات والحاسن ،وهل كتبهم تلو خلوا كامل من الفوائد والعلم
والحاسن ،فأين ذكرها؟!
الواب :إن ذكرها غي لزم ،ول واجب ،وليس إهالا ما يناف المانة ،بل
الواجب واللزم فقط هو بيان ضللم وبدعهم وتصرفاتم وتأويلتم وتذير
الناس من خطرها وشرها.
() منهاج السنة" ( 102 .)275-260 /5 1
-113-
وذلك هو غاية النصح الطلوب من علماء السلم ،وعلى هذا النهج
ساروا ،وبه نضوا ،فلهم منا الذكر الميل وحسن الثناء ،ونسأل ال أن يزل
لم الثواب والعطاء على ما بذلوا من نصح ،وما قدموا من جهد وجهاد.
•كلمه على الشعرية والعطلة ومن جرى مراها:
-9وقال شيخ السلم ف الكلم على حديث الصورة وميء الرب تبارك
وتعال من كتابه "تلبيس الهمية"(:)1
"ول ريب أن عند الهمية متنع أن يكونوا متبعي ل كما يتنع أن يكون هو
الت ،وكما يتنع أن يكون قد أتاهم ف صورة ،وكما يتنع أن يتجلى
ضاحكا ،وكما يتنع أن يكشف عن ساقه.
فأحد المرين لزم ...إما أن يكون ما أخب به الرسول هو الق ،أو ما
يقوله هؤلء الهمية ،وها متناقضان غاية التناقض.
ومن عرف ما جاء به الرسول ،ث وافقهم ،فل ريب أنه منافق " اهـ.
مراده بالهمية هنا هم الشعرية وغيهم من العطلة ،والشعرية مقصودون
بالقصد الول ،ول شك أن كثيا منهم عرف ما جاء به الرسول صلى ال
عليه وسلم ،ث وافقهم.
فأين ذكر الحاسن إن كان من العدل ذكرها ؟!
-114-
•نقده لطوائف النظار:
- 10قال شيخ السلم ف "تلبيس الهمية" (" : )1وإنا القصود هنا إبطال
كل تأويل فيه تريف للكلم عن مواضعه ،وإلاد فيه ،ورد لا قصد بالنص،
فيد ما كذبوا به من الق ،فإن هذا شأن الحرفي لنصوص الصفات ،إذا
حلوا الديث على ما هو ثابت ف نفس المر ،ل تنازع ف ذلك العن
الصحيح ،ول ف دللة الديث عليه إذا احتمل ذلك ،وقد ل يكون ف هذا
القام ناظرين ف دللة الديث عليه نفيا وإثباتا ،ولكن تنازعهم ف تريف
الكلم عن مواضعه ،واللاد ف أساء ال وآياته ،وهو ما أبطلوه وعطلوه
وكذبوا به من الق ،فإن خطأ النظار فيما كذبوا به ونفوه أكب من خطئهم
فيما صدقوا به وعلموه " اهـ.
كلم شيخ السلم هنا على النظار من متلف الطوائف جهمية ومعتزلة
وأشعرية بالدرجة الول.
ومقصوده ينصب فقط على إبطال تأويلتم وتريفهم وإلادهم ،وهو قصد
شرعي جهادي ،يظهر به الق على الباطل ويدفعه ،ول يلزم الجاهد الناضل
عن الق الناصر لدين ال التشاغل بتعداد ماسن أهل الباطل والبدع.
•رأي شيخ السلم ف الوارج:
-11ف "الصحيحي " ( )2عن علي رضي ال عنه ،قال :سعت رسول ال
صلى ال عليه وسلم يقول" :سيخرج قوم ف آخر الزمان ،أحداث السنان،
() ( .)306 -305 /3 1
() صحيح البخاري (-61كتاب الناقب حديث رقم )3611ومسلم (-12كتاب 2
-116-
وقال :هؤلء الذين كفروا بعد إيانم ،وتل قوله تعال{ :فأما الذين ف
قلوبم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}(.)3
وقال :زاغوا فزيغ بم.
قال شيخ السلم ف "الصارم السلول " (ص )183 -182بعد أن ذكر
هذه الحاديث وغيها ف شأن الوارج:
"فهذه الحاديث كلها دليل على أن النب صلى ال عليه وسلم أمر بقتل
طائفة هذا الرجل العاتب عليه ،وأخب أن ف قتلهم أجرا لن قتلهم ،وقال :لئن
أدركتهم لقتلنهم قتل عاد وارم ،وذكر أنم شر اللق والليقة".
وقال" :ول يوز أن يكون أمر بقتلهم بجرد قتالم الناس كما يقاتل الصائل
من قاطع الطريق ونوه كما يقاتل البغاة ،لن أولئك إنا يشرع قتالم حت
تنكسر شوكتهم ،فيكفوا عن الفساد ،ويدخلوا ف الطاعة ،ول يقتلون أينما
لقوا ،ول يقتلون قتل عاد ،وليسوا بشر قتلى تت أدي السماء ،ول يؤمر
بقتلهم ،وإنا يؤمر ف آخر المر بقتالم ،فعلم أن هؤلء أوجب قتلهم مروقهم
من الدين ،لا غلوا فيه حت مرقوا منه ،كما دل عليه قوله ف حديث علي:
"يرقون من الدين كما يرق السهم من الرمية ،فأينما لقيتموهم ،فاقتلوهم "،
فرتب المر بالقتل على مروقهم ،فعلم أنه الوجب له.
ولذا وصف النب صلى ال عليه وسلم الطائفة الارجة ،وقال" :لو يعلم
اليش الذين يصيبونم ما قضي لم على لسان ممد ،لنكلوا عن العمل ،وآية
-117-
ذلك أن فيهم رجل له عضد ليس له ذراع ،على رأس عضده مثل حلمة
الثدي ،عليه شعرات بيض ".
وقال" :إنم يرجون على حي فرقة من الناس ،يقتلهم أدن الطائفتي إل
الق ".
وهذا كله ف "الصحيح ".
فثبت أن قتلهم لصوص صفتهم ل لعموم كونم بغاة ماربي.
وهذا القدر موجود ف الواحد منهم كوجوده ف العدد منهم ،و إنا ل
يقتلهم علي رضي ال عنه أول ما ظهروا ،لنه ل يب له أنم الطائفة النعوتة،
حت سفكوا دم ابن خباب ،وأغاروا على سرح الناس ،فظهر فيهم قوله:
"يقتلون أهل السلم ،وبدعون أهل الديان " ،فعلم أنم الارقون ،ولنه لو
قتلهم قبل الحاربة ،لربا غضبت لم قبائلهم ،وتفرقوا على علي رضي ال
عنه ،وقد كان حاجته إل مداراة عسكره واستئلفهم كحال النب صلى ال
عليه وسلم ف حاجته ف أول المر إل استئلف النافقي " اهـ.
قلت :فأين ذكر ماسنهم مع أنم خي من كثي من مبتدعة زماننا ،إذ
كانوا بعيدين عن الشرك ف العبادة ،وبعيدين عن تعطيل أساء ال وصفاته،
المر الذي غلب على مبتدعة زماننا ؟!
-118-
•تذير شيخ السلم من البدع وأهلها ،ونقله
اتفاق السلمي على وجوب ذلك :
-12قال شيخ السلم ابن تيمية(" :)1ذكر الناس با يكرهون هو ف الصل
على وجهي:
أحدها :ذكر النوع.
والثان :ذكر الشخص العي الي أو اليت.
أما الول ،فكل صنف ذمه ال ورسوله يب ذمه ،وليس ذلك من الغيبة،
كما أن كل صنف مدحه ال ورسوله يب مدحه ،وما لعنه ال ورسوله لعن،
كما أن من صلى ال عليه وملئكته يصلى عليه.
فال ذم الكافر والفاجر والفاسق والظال والغوي والضال والاسد والبخيل
والساحر وآكل الربا وموكله والسارق والزان والختال والفخور والتكب
البار وأمثال هؤلء.
كما حد الؤمن التقي والصادق والبار والعادل والهتدي والراشد والكري
والتصدق والرحيم وأمثال هؤلء.
ولعن رسول ال صلى ال عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه،
والحلل والحلل له ،ولعن من عمل عمل قوم لوط ،ولعن من أحدث حدثا
أو آوى مدثا ،ولعن المر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والحمولة إليه
وبائعها ومشتريها وساقيها وشاربا وآكل ثنها ،ولعن اليهود والنصارى حيث
-119-
حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثنها ،ولعن ال الذين
يكتمون ما أنزل ال من البينات والدى من بعد ما بينه للناس." ...
قال" :وأما الشخص العي فيذكر ما فيه من الشر ف مواضع منها:
-الظلوم :له أن يذكر ظاله با فيه:
إما على وجه دفع ظلمه واستيفاء حقه ،كما قالت هند :يا رسول ال! إن
أبا سفيان رجل شحيح ،وليس يعطين من النفقة ما يكفين وولدي ،فقال لا
النب صلى ال عليه وسلم "خذي ما يكفيك وولدك بالعروف ".
وكما قال صلى ال عليه وسلم " :ل الواجد يل عرضه وعقوبته " .قال
وكيع" :عرضه شكايته ،وعقوبته حبسه ".
وقال ال تعال{ :ل يب ال الهر بالسوء من القول إل من ظلم وكان ال
سيعا عليما}(. )1
وقد روي أنا نزلت ف رجل نزل ف قوم ،فلم يقروه ،فإن كان هذا فيمن
ظلم بترك قراه الذي تنازع الناس ف وجوبه -وإن كان الصحيح أنه واجب
-؟ فكيف بن ظلم بنع حقه الذي اتفق السلمون على استحقاقه إياه ؟!
أو يذكر ظاله على وجه القصاص ،من غي عدوان ،ول دخول ف كذب،
ول ظلم الغي ،وترك ذلك أفضل.
-ومنها :أن يكون على سبيل النصيحة للمسلمي ف دينهم ودنياهم.
كما ف الديث الصحيح عن فاطمة بنت قيس :لا استشارت النب صلى ال
عليه وسلم من تنكح؟ قالت :إنه خطبن معاوية وأبو جهم .فقال" :أما
-120-
معاوية ،فصعلوك ل مال له ،وأما أبو جهم ،فرجل ضراب للنساء" ،وروي:
"ل يضع عصاه عن عاتقه " ،فبي لا أن هذا فقي قد يعجز عن حقك ،وهذا
يؤذيك بالضرب ،وإن هذا كان نصحا لا ،وإن تضمن ذكر عيب الاطب.
وف معن هذا نصح الرجل فيمن يعامله ،ومن يوكله ،ويوصي إليه ،ومن
يستشهده ،بل ومن يتحاكم إليه ،وأمثال ذلك.
وإذا كان هذا ف مصلحة خاصة ،فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق
عموم السلمي من المراء ،والكام ،والشهود ،والعمال أهل الديوان،
وغيها ؟!
فل ريب أن النصح ف ذلك أعظم ،كما قال النب صلى ال عليه وسلم:
"الدين النصيحة ،الدين النصيحة" .قالوا :لن يا رسول ال؟ قال" :ل ،ولكتابه،
ولرسوله ،ولئمة السلمي وعامتهم ".
وقد قالوا لعمر بن الطاب ف أهل الشورى :أمر فلنا وفلنا ،فجعل يذكر
ف حق كل واحد من الستة -وهم أفضل المة -أمرا جعله مانعا له من
تعيينه.
وإذا كان النصح واجبا ف الصال الدينية الاصة والعامة ،مثل نقلة الديث
الذين يغلطون أو يكذبون ،كما قال يى بن سعيد :سألت مالكا والثوري
والليث بن سعد -أظنه -والوزاعي عن الرجل يتهم ف الديث أو ل يفظ
؟ فقالوا :بي أمره.
-121-
وقال بعضهم لحد بن حنبل :إنه يثقل علي أن أقول :فلن كذا وفلن كذا
وفلن كذا ،فقال :إذا سكت أنت وسكت أنا ،فمت يعرف الاهل الصحيح
من السقيم ؟
ومثل أئمة البدع من أهل القالت الخالفة للكتاب والسنة أو العبادات
الخالفة للكتاب والسنة ،فإن بيان حالم وتذير المة منهم واجب باتفاق
السلمي ،حت قيل لحد بن حنبل :الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب
إليك أو يتكلم ف أهل البدع؟ فقال :إذا صام وصلى واعتكف ،فإنا هو
لنفسه ،وإذا تكلم ف أهل البدع فإنا هو للمسلمي ،هذا أفضل.
فبي أن نفع هذا عام للمسلمي ف دينهم ،من جنس الهاد ف سبيل ال ،إذ
تطهي سبيل ال ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلء وعدوانم على ذلك
واجب على الكفاية باتفاق السلمي ،ولول من يقيمه ال لدفع ضرر هؤلء ،
لفسد الدين ،وكان فساده أعظم من فساد استيلء العدو من أهل الرب،
فإن هؤلء إذا استولوا ل يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إل تبعا ،وأما
أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء" اهـ.
قلت :لينظر الرء الفرق الائل بي موقف السلمي الذي ينقله شيخ السلم
وغيه بأن القالت الخالفة وبيان حال أهلها وتذير المة منهم واجب
باتفاق السلمي ،وبي واقع كثي من ينتسب إل السلفية والنهج السلفي
فضل عن غيهم كيف يعدون التحذير من البدع وأهلها شغبا وتشددا ؟! فيا
بعد ما بي الوقفي! ويا لغربة الدين! ويا لغربة النافحي عنه !
ووال إن لوقفهم هذا لثارا وآثارا :فمن شباب السلف من يلتحق
بطائفة ضالة ،ويدافع عنها ،ويوال ويعادي من أجلها ،ومنهم من يلتحق
-122-
بطائفة أخرى ،ويفعل مثل ما فعل غيه ،ومنهم من يعيش مايدا ،وقد يغار
على أهل البدع وبدعهم أكثر ما يغار على النهج السلفي وأهله.
اللهم أنقذ دينك ودعوتك وانصره إنك ميب الدعاء ،فإن دينك وأنصاره
ف غربة شديدة ،قد خذلم من ترجى منه النصرة ،واشتد بم ساعد أهل
البدع ،ول ناصر إل أنت ،فنعم الول أنت ونعم النصي.
-13وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال ف "منهاج السنة"" :ومن قال
عن متهد :إنه تعمد الظلم وتعمد معصية ال ورسوله ومالفة الكتاب والسنة،
ول يكن كذلك ،فقد بته ،وإذا كان فيه ذلك ،فقد اغتابه ،لكن يباح من
ذلك ما أباحه ال ورسوله ،وهو ما يكون على وجه القصاص والعدل ،وما
يتاج إليه لصلحة الدين ونصيحة السلمي(.)1
-1فالول كقول الشتكي الظلوم :فلن ضربن وأخذ مال ومنعن حقي
ونو ذلك ،قال تعال{ :ل يب ال الهر بالسوء من القول إل من ظلم }
(. )2
وقد نزلت فيمن ضاف قوما فلم يقروه -لن قرى الضيف واجب كما
دلت عليه الحاديث الصحيحة ،-فلما منعوه حقه ،كان له ذكر ذلك ،وقد
أذن له النب صلى ال عليه وسلم أن يعاقبهم بثل قراه ف زرعهم ومالم،
وقال" :نصره واجب على كل مسلم " ،لنه قد ثبت ف الصحيح أنه قال:
"انصر أخاك ظالا أو مظلوما" .قلت :يا رسول ال! أنصره مظلوما ،فكيف
أنصره ظالا؟ قال" :تنعه من الظلم ،فذلك نصرك إياه ".
() (.)5/143-146 1
-123-
)2وأما الاجة ،فمثل استفتاء هند بنت عتبة ،كما ثبت ف الصحيح أنا
قالت :يا رسول ال! إن أبا سفيان رجل شحيح ،ل يعطين وبن ما يكفين
بالعروف .فقال صلى ال عليه وسلم " :خذي ما يكفيك وولدك بالعروف "
أخرجاه ف الصحيحي ،من حديث عائشة ،فلم ينكر عليها قولا ،وهو من
جنس قول الظلوم.
)3وأما النصيحة ،فمثل قوله صلى ال عليه وسلم لفاطمة بنت قيس لا
استشارته فيمن خطبها ،فقالت :خطبن أبوجهم ومعاوية .فقال" :أما معاوية،
فصعلوك ل مال له ،وأما أبو جهم ،فل يضع عصاه عن عاتقه (وف لفظ:
يضرب النساء) ،انكحي أسامة" .فلما استشارته فيمن تتزوج ،ذكر ما تتاج
إليه ،وكذلك من استشار رجل فيمن يعامله.
والنصيحة مأمور با ،ولو ل يشاوره ،فقد قال صلى ال عليه وسلم ف
الديث الصحيح" :الدين النصيحة ،الدين النصيحة" ،ثلثا .قالوا :لن يا
رسول ال؟ قال" :ل ،ولكتابه ،ولرسوله ،ولئمة السلمي وعامتهم ".
وكذلك بيان أهل العلم لن غلط ف رواية عن النب صلى ال عليه وسلم ،أو
تعمد الكذب عليه أو على من ينقل عنه العلم ،وكذلك بيان من غلط ف
رأي رآه ف أمر الدين من السائل العلمية والعملية ،فهذا إذا تكلم فيه النسان
بعلم وعدل وقصد النصيحة ،فال تعال يثيبه على ذلك ،ل سيما إذا كان
التكلم فيه داعيا إل بدعة ،فهذا يب بيان أمره للناس ،فإن دفع شره عنهم
أعظم من دفع شر قاطع الطريق " اهـ.
-124-
-14وقال شيخ السلم(" :)1فصل :فالرسول صلى ال عليه وسلم بي
الصول الوصلة إل الق أحسن بيان ،وبي اليات الدالة على الالق سبحانه
وأسائه السن وصفاته العليا ووحدانيته على أحسن وجه ،كما قد بسط ف
مواضع.
وأما أهل البدع من أهل الكلم والفلسفة ونوهم ،فهم ل يثبتوا الق ،بل
أصلوا أصول تناقض الق ،فلم يكفهم أنم ل يهتدوا ول يدلوا على الق،
حت أصلوا أصول تناقض الق ،ورأوا أنا تناقض ما جاء به الرسول يه،
فقدموها على ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم ،ث تارة يقولون:
الرسول جاء بالتخييل ،وتارة يقولون :جاء بالتأويل ،وتارة يقولون :جاء
بالتجهيل...
وأما أكثر التكلمي ،فيقولون :بل ل يقصد أن يب إل بالق ،لكن بعبارات
ل تدل وحدها عليه ،بل تتاج إل التأويل ،ليبعث المم على معرفته بالنظر
والعقل ،ويبعثها على تأويل كلمه ،ليعظم أجرها.
واللحدة يسلكون مسلك التأويل ،ويفتحون باب القرمطة ،وهؤلء
يوزون التأويل مع الاصة.
وأما أهل التخييل ،فيقولون :الاصة قد عرفوا أن مراده التخييل للعامة،
فالتأويل متنع.
والفريقان يسلكون مسلك إلام العوام عن التأويل ،لكن أولئك يقولون :لا
تأويل يفهمه الاصة ،وهي طريقة الغزال ف إللام ،استقبح أن يقال :كذبوا
-125-
للمصلحة ،وهو أيضا ل يرى تأويل العمال كالقرامطة ،بل تأويل الب عن
اللئكة واليوم الخر.
وكذلك طائفة من الفلسفة ترى التأويل ف ذلك ،وهذا مالف لطريقة أهل
التخييل.
وقد ذكر الغزال هذا عنهم ف "الحياء" لا ذكر إسرافهم ف التأويل ،وذكره
ف مواضع ،كما حكى كلمه ف "السبعينية" وغيها.
والقسم الثالث :الذين يقولون :هذا ل يعلم معناه إل ال ،أو له تأويل يالف
ظاهره ،ل يعلمه ال ال ،فهؤلء يعلون الرسول وغيه غي عالي با أنزل ال،
فل يسوغون التأويل ،لن العلم بالراد عندهم متنع ،ول يستجيزون القول
بطريقة التخييل ،لا فيها من التصريح بكذب الرسول ،بل يقولون :خوطبوا با
ل يفهمونه ،ليثابوا على تلوته ،واليان بألفاظه ،وإن ل يفهموا معناه ،يعلون
ذلك تعبدا مضا على رأي الجبة الذين يوزون التعبد با ل نفع فيه للعامل،
بل يؤجر عليه.
والكلم على هؤلء وفساد قولم مذكور ف مواضع ،والقصود هنا أن الذي
دعاهم إل ذلك ظنهم أن العقول يناقض ما أخب به الرسول صلى ال عليه
وسلم ،أو ظاهر ما أخب به الرسول ،وقد بسط الكلم على رد هذا ف
مواضع ،وبي أن العقل ل يناقض السمع ،وأن ما ناقضه فهو فاسد ،وبي بعد
هذا أن العقل موافق لا جاء به الرسول ،شاهد له ،ومصدق له ،ل يقال :إنه
غي معارض فقط ،بل هو موافق مصدق ،فأولئك كانوا يقولون :هو مكذب
مناقض.
-126-
بي أول :أنه ل يكذب ول يناقض.
ث بي ثانيا :أنه مصدق موافق.
وأما هؤلء ،فبي أن كلمهم الذي يعارضون به الرسول باطل ل تعارض
فيه ،ول يكفي كونه باطل ل يعارض ،بل هو أيضا مالف لصريح العقل،
فهم كانوا يدعون أن العقل يناقض النقل ،فبي أربع مقامات:
-1أن العقل ل يناقضه.
-2ث يبي أن العقل يوافقه.
-3ويبي أن عقلياتم الت عارضوا با النقل باطلة.
-4ويبي أيضا أن العقل الصريح يالفهم.
ث ل يكفي أن العقل يبطل ما عارضوا به الرسول ،بل يبي أن ما جعلوه
دليل على إثبات الصانع إنا يدل على نفيه ،فهم أقاموا حجة تستلزم نفي
الصانع ،وإن كانوا يظنون أنم يثبتون با الصانع.
والقصود هنا أن كلمهم الذي زعموا أنم أثبتوا به الصانع إنا يدل على
نفي الصانع وتعطيله ،فل يكفي فيه أنه باطل ل يدل على الق ،بل دل على
الباطل الذي يعلمون هم وسائر العقلء أنه باطل.
ولذا كان يقال ف أصولم" :ترتيب الصول ف تكذيب الرسول" ،ويقال
أيضا هي" :ترتيب الصول ف مالفة الرسول والعقول " ،جعلوها أصول
للعلم بالالق ،وهي أصول تناقض العلم به ،فل يتم العلم بالالق إل مع اعتقاد
نقيضها.
-127-
وفرق بي الصل والدليل الستلزم للعلم بالرب ،وبي الناقض العارض للعلم
بالرب " اهـ.
قلت :أيها الشاب السلفي! هل تد أسلوبا كهذا ف الصدع بالق ودحض
الباطل ؟!
إن هذا الكلم موجه إل طوائف ومدارس كانت ول تزال قائمة ،ولا جنود
وكتاب على متلف البهات ،ولم خطوط هجوم وخطوط دفاع وأجهزة
سرية ،تبث ف صفوف شبابنا النومات العقلية والفكرية والعاطفية العمياء،
فينتج عن كل هذه العمال شباب وكتاب يدافعون عن هذه الدارس أكثر ما
يدافعون عن مدرستهم ومنهجهم السلفي ،ويصدرون بذلك كتبا ومقالت
تضع مناهج للعدل -على حد زعمهم -ومناهج للحكمة.
ومت صدرت هذه الكتب؟!
حينما كان الجوم كاسحا على النهج السلفي من العقلنيي وتلميذ
الكوثري الاقدين على النهج السلفي وعلى أهله؟ ل نسمع صوتا ول نر
مقالة ول كتابا إل ف أندر النادر( !! )1واستمر المر على ذلك سني وسني،
فلما هب الغيورون للدفاع عن الق ولقمع الباطل وأهله؟ هبت القلم،
وارتفعت الصوات؟ تطالب بالعدل والعتدال والتوسط والوسطية.
يا قوم! إن الظلم كل الظلم أن تفسحوا الجال للباطل يغزو الق ف عقر
داره وف بلده الذي طهره ال على أيدي الدعاة الخلصي والجاهدين
الصادقي.
() وحت هذا النادر كان ضعيفا ول يتفق مع حجم النراف. 1
-128-
فإذا هب الضعفاء الساكي ،يذرون وينذرون خطر البدع وأهلها،
ويكشفون عن عوار مناهجهم وبدعهم ،رميتموهم بالتشدد والور والظلم،
رغم عجزهم عن نصرة الق ،والدفع عنه ،ورغم ضآلة ما قدموه للذياد عن
الق ،وبدل أن ترفعوا راية الق ،وثبتم مذعورين ترفعون عقيتكم بالتباكي
على أهل البدع ،الذين ظلمهم التشددون الذين يذكرون بعض بدعهم ول
يشيدون بحاسنهم.
فعلى منطقكم هذا يكون سلفنا الصال الذين تصدوا لنقد أهل البدع،
فيذكرون بدعهم فقط ،وينفرون ويذرون منها ،ويأمرون بقاطعتهم
وهجرانم ،يكون هؤلء السلف الصال ،وعلى رأسهم أحد بن حنبل ف
زمانه ،وابن تيمية ف زمانه ،وابن عبدالوهاب ف زمانه ،على منطقكم يكون
هؤلء من أظلم الظالي.
فيا للداهية الدهياء! ويا للجهل بالسلم! إن كان هؤلء ل يعرفوا العدل
الذي عرفتموه واهتديتم إليه !!
-15وقال شيخ السلم وهو يقرر اشتمال الكتاب والسنة على جيع
الدى وينقد الراء الحدثة ف الصول والفروع؟ قال:
"وأين هذا من أهل الكلم الذين يقولون :إن الكتاب والسنة ل يدلن على
أصول الدين بال ،وإن أصول الدين تستفاد بقياس العقل العلوم من غيها ؟
وكذلك المور العملية الت يتكلم فيها الفقهاء ،فإن من الناس من يقول:
إن القياس يتاج إليه ف معظم الشريعة ،لقلة النصوص الدالة على الحكام
الشرعية ،كما يقول ذلك أبو العال وأمثاله من الفقهاء ،مع انتسابم إل
-129-
مذهب الشافعي ونوه من فقهاء الديث ،فكيف بن كان من أهل رأي
الكوفة ونوهم ،فإنه عندهم ل يثبت من الفقه بالنصوص إل أقل من ذلك،
وإنا العمدة على" الرأي والقياس ؟! حت إن الراسانيي من أصحاب
الشافعي -بسبب مالطتهم لم -غلب عليهم استعمال الرأي وقلة العرفة
بالنصوص.
وبإزاء هؤلء أهل الظاهر ،كابن حزم ونوه من يدعي أن النصوص
تستوعب جيع الوادث بالساء اللغوية الت ل تتاج إل استنباط واستخراج
أكثر من جع النصوص ،حت تنفي دللة فحوى الطاب ،وتثبته ف معن
الصل ونو ذلك من الواضع الت يدل فيها اللفظ الاص على العن العام.
والتوسط ف ذلك طريقة فقهاء الديث ،وهي إثبات النصوص والثار
الصحابية على جهور الوادث ،وما خرج عن ذلك ،كان ف معن الصل
وفحوى الطاب ،إذ ذلك من جلة دللت اللفظ.
وأيضا ،فالرأي كثيا ما يكون ف تقيق الناط الذي ل خلف بي الناس ف
استعمال الرأي والقياس فيه ،فإن ال أمر بالعدل ف الكم ،والعدل قد يعرف
بالرأي وقد يعرف بالنص.
وقد قال النب صلى ال عليه وسلم" :إذا اجتهد الاكم فأصاب فله أجران،
وإذا اجتهد فأخطأ ،فله أجر".
إذ الاكم مقصوده الكم بالعدل بسب المكان ،فحيث تعذر العدل
القيقي للتعذر أو التعسر ف علمه أو عمله ،كان الواجب ما كان به أشبه
-130-
وأمثل ،وهو العدل القدور ،وهذا باب واسع ف الكم ف الدماء والموال،
وغي ذلك من أنواع القضاء ،وفيها يتهد القضاة.
وإنا ظن كثي من الناس الاجة إل الرأي الحدث ،لنم يدون مسائل
كثية ،وفروعا عظيمة ،ل يكنهم إدخالا تت النصوص ،كما يوجد ف
فروع من ولد الفروع من فقهاء الكوفة ومن أخذ عنهم.
وهذا جوابه من وجوه:
-1أحدها :أن كثيا من تلك الفروع الولدة القدرة ل تقع أصل،
وما كان كذلك ،ل يب أن تدل عليه النصوص ،ومن تدبر ما فرعه
الولدون من الفروع من باب الوصايا والطلق واليان وغي ذلك ،علم
صحة هذا.
-2الوجه الثان :أن تكون تلك الفروع والسائل مبنية على أصول فاسدة،
فمن عرف السنة ،بي حكم ذلك الصل ،فسقطت تلك الفروع الولدة
كلها.
وهذا كما فرعه صاحب "الامع الكبي" ،فإن غالب فروعه كما بلغنا عن
المام أب ممد القدسي أنه كان يقول :مثله مثل من بن دارا حسنة على
أساس مغصوب ،فلما جاء صاحب الساس ،نازعه ف الساس ،وقلعه،
اندمت تلك الدار" ( )1اهـ.
قلت :ث ذكر وجها ثالثا وأطال النفس فيه.
-131-
فقد تدث شيخ السلم عن أهل الكلم ،وبي ما عندهم من العقائد
الفاسدة ،وما عندهم من فروع فقهية وأصول فاسدة ،ونص على أشخاص
بأعيانم ،كما نص على كتب وبي عيوبا ،وواصل نقده لتلك التاهات
وأهلها وأصولا وفروعها ،ول يعرج على شيء من ماسن الطوائف
والذاهب والشخاص.
وكل ما قاله حق وعدل ونصيحة صادرة عن رجل ماهد ،وهب نفسه ل،
فل يداهن ول ياب ول يشى ف ال لومة لئم.
-16قال شيخ السلم( " :فصل) :وأهل الضلل الذين فرقوا دينهم
وكانوا شيعا -وهم كما قال ماهد :أهل البدع والشبهات -يتمسكون با
هو بدعة ف الشرع ومشتبه ف العقل ،كما قال فيهم المام أحد ،قال :هم
متلفون ف الكتاب ،مالفون للكتاب ،متفقون على مالفة الكتاب ،يتجون
بالتشابه من الكلم ،ويضلون الناس با يشبهون عليهم.
والوفّقة من أهل الضلل تعل لا دينا وأصول دين قد ابتدعوه برأيهم ،ث
يعرضون على ذلك القرآن والديث .،فإن وافقه ،احتجوا به اعتقادا ل
اعتمادا ،وان خالفه ،فتارة يرفون الكلم عن مواضعه ويتأولونه على غي
تأويله ،وهذا فعل أئمتهم ،وتارة يعرضون عنه ،ويقولون :نفوض معناه إل
ال ،وهذا فعل عامتهم.
وعمدة الطائفتي ف الباطن غي ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم
يعلون أقوالم البدعية مكمة يب اتباعها واعتقاد موجبها ،والخالف إما
كافر وإما جاهل ل يعرف هذا الباب ،وليس له علم بالعقول ول بالصول،
ويعلون كلم ال ورسوله الذي يالفها من التشابه الذي ل يعرف معناه إل
-132-
ال ،أو ل يعرف معناه إل الراسخون ف العلم ،والراسخون عندهم من كان
موافقا لم على ذلك القول.
وهؤلء أضل من تسك با تشابه عليه من آيات الكتاب ويترك الحكم-
كالنصارى والوارج وغيهم ، -إذ كان هؤلء أخذوا بالتشابه من كلم ال
وجعلوه مكما ،وجعلوا الحكم متشابا ،وأما أولئك -كنفاة الصفات من
الهمية ومن وافقهم من العتزلة وغيهم وكالفلسفة ،-فيجعلون ما ابتدعوه
هم برأيهم هو الحكم الذي يب اتباعه ،وإن ل يكن معهم من النبياء
والكتاب والسنة ما يوافقه ،ويعلونه من التشابه ،ولذا كان هؤلء أعظم
مالفة للنبياء من جيع أهل البدع ،حت قال يوسف بن أسباط وعبدال بن
البارك وغيها كطائفة من أصحاب أحد :إن الهمية نفاة الصفات
خارجون عن الثنتي وسبعي فرقة .قالوا :وأصولا أربعة :الشيعة ،والوارج،
والرجئة ،والقدرية " (. )1
وقال" :والقصود هنا أن العطلة -نفاة الصفات أو نفاة بعضها -ل يعتمدون
ف ذلك على ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم إذ كان ما جاء به
الرسول إنا يتضمن الثبات ل النفي ،لكن يعتمدون ف ذلك على ما يظنونه
أدلة عقلية ،ويعارضون بذلك ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم ،
وحقيقة قولم أن الرسول ل يذكر ف ذلك ما يرجع إليه ل من سع ول عقل،
فلم يب بذلك خبا بي به الق على زعمهم ،ول ذكر أدلة عقلية تبي
الصواب ف ذلك على زعمهم ،بلف غي هذا ،فإنم معترفون بأن الرسول
ذكر ف القرآن أدلة عقلية على ثبوت الرب وعلى صدق الرسول ،وقد
() مموع الرسائل الكبى (.)107-1/106 1
-133-
يقولون أيضا :انه أخب بالعاد ،لكن نفوا الصفات لا رأوا أن ما ذكروه من
النفي ل يذكره الرسول ،فلم يب به ،ول ذكر دليل عقليا عليه ،بل إنا ذكر
الثبات وليس هو نفس المر حقا ،فأحوج الناس إل التأويل أو التفويض.
فلما نسبوا ما جاء به الرسول إل أنه ليس فيه ل دليل سعي ول عقلي ،ل
خب يبي الق ،ول دليل يدل عليه ،عاقبهم ال بنس ذنوبم ،فكان ما يقولونه
ف هذا الباب خارجا عن العقل والسمع ،مع دعواهم أنه من العقليات
البهانية ،فإذا اختبه العارف ،وجده من الشبهات الشيطانية ،من جنس
شبهات أهل السفسطة واللاد ،الذين يقدحون ف العقليات والسمعيات،
وأما السمع ،فخلفهم له ظاهر لكل أحد ،وإنا يظن من يعظمهم ويتبعهم
أنم أحكموا العقليات ،فإذا حقق المر ،وجدهم كما قال أهل النار{ :وقالوا
لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا ف أصحاب السعي} ( ، )1وكما قال تعال:
{والذين كفروا أعمالم كسراب بقيعة يسبه الظمآن ماء حت إذا جاءه ل
يده شيئا ووجد ال عنده فوفاه حسابه وال سريع الساب .أو كظلمات
ف بر لي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها
فوق بعض إذا أخرج يده ل يكد يراها ومن ل يعل ال له نورا فما له من
نور}(.)2
فلما كان حقيقة قولم أن القرآن والديث ليس فيه ف هذا الباب دليل
سعي ول عقلي ،سلبهم ال ف هذا الباب معرفة الدلة السمعية والعقلية ،حت
كانوا من أضل البية ،مع دعواهم أنم أعلم من الصحابة والتابعي وأئمة
() اللك .10 : 1
-134-
السلمي ،بل قد يدعون أنم أعلم من النبيي ،وهذا مياث من فرعون وحزبه
اللعي "( )1اهـ.
-135-
البواب الت توز فيها الغيبة
قال النووي رحه ال ف "رياض الصالي " (" :)1باب ما يباح من الغيبة:
اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي ،ل يكن الوصول إليه إل با،
وهو ستة أسباب :
الول :التظلم:
فيجوز للمظلوم أن يتظلم إل السلطان والقاضي وغيها من له ولية أو
قدرة على إنصافه من ظاله ،فيقول :ظلمن فلن كذا.
الثان :الستعانة على تغيي النكر ورد العاصي إل الصواب :فيقول لن يرجو
قدرته على إزالة النكر :فلن يعمل كذا ،فازجره عنه ،ونو ذلك ،ويكون
مقصوده التوصل إل إزالة النكر ،فإن ل يقصد ذلك ،كان حراما.
الثالث :الستفتاء:
فيقول للمفت :ظلمن أب أو أخي أو زوجي أو فلن بكذا ،فهل له ذلك؟
وما طريقي ف اللص منه ،وتصيل حقي ،ودفع الظلم؟ ونو ذلك ،فهذا
جائز للحاجة ،ولكن الحوط والفضل أن يقول :ما تقول ف رجل أو
شخص أو زوج كان من أمره كذا؟ فإنه يصل به الغرض من غي تعيي ومع
ذلك فالتعيي جائز كما سنذكره ف حديث هند إن شاء ال تعال.
الرابع :تذير السلمي من الشر ونصيحتهم:
وذلك من وجوه:
() (ص )519وانظر كلمه أيضا ف هذا الوضوع ف كتاب صحيح الذكار وضعيفه 1
() إن الزبيات الديدة قد طمست معال هذه البواب العظيمة وشوهت كل من 1
يقوم با نصيحة ل ولكتابه ورسوله والسلمي ،فجنت بذلك على السلم والسلمي
جنايات عظيمة لخالفتهم لكتاب ال وسنة رسوله وإجاع المة ،ولا فيها من
الفاسد العظيمة .
) ) وهذا الباب أحكم إغلقه أهل الهواء والتحزبات السياسية فكم جنوا على 2
السلم والسلمي.
-137-
كالجاهر بشرب المر ،ومصادرة الناس ،وأخذ الكس ،وجباية الموال
ظلما ،وتول المور الباطلة ،فيجوز ذكره با ياهر به ،ويرم ذكره بغيه من
العيوب ،إل أن يكون لوازه سبب آخر ما ذكرنا.
السادس :التعر يف:
فإن كان النسان معروفا بلقب -كالعمش والعرج والصم والعمى
والحول وغيهم -؟ جاز تعريفهم بذلك ،ويرم إطلقه على وجه التنقيص،
ولو أمكن تعريفه بغي ذلك ،كان أول.
فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء ،وأكثرها ممع عليها ،دلئلها من
الحاديث الصحيحة الشهورة" اهـ.
وقد نظمها بعض العلماء ف قوله:
متظلم ومعرف ومذر القدح ليس بغيبة ف ستة
وماهر فسقا ومستفت ومن طلب إلعانة ف إزالة منكر
قال ابن رجب النبلي رحه ال تعال" :اعلم أن ذكر النسان با يكره مرم
إذا كان القصود منه مرد الذم والعيب والنقص.
فأما إن كان فيه مصلحة لعامة السلمي أو خاصة لبعضهم ،وكان القصود
منه تصيل تلك الصلحة ،فليس بحرم ،بل مندوب إليه.
وقد قرر علماء الديث هذا ف كتبهم ف الرح والتعديل ،وذكروا الفرق
بي جرح الرواة وبي الغيبة ،وردوا على من سوى بينهما من التعبدين
وغيهم من ل يتسع علمه ول فرق بي الطعن ف رواة ألفاظ الديث ول
التمييز بي من تقبل روايته منهم ومن ل تقبل ،وبي تبيي خطأ من أخطأ ف
-138-
فهم معان الكتاب والسنة ،وتأول شيئا منها على غي تأويله ،وتسك با ل
يتمسك به ،ليحذر من القتداء به فيما أخطأ فيه.
وقد أجع العلماء على جواز ذلك أيضا ،ولذا ند ف كتبهم الصنفة ف
أنواع العلوم الشرعية من التفسي ،وشروح الديث ،والفقه ،واختلف
العلماء ،وغي ذلك ،متلئة من الناظرات ،وردوا أقوال من تضعف أقواله من
أئمة السلف واللف من الصحابة والتابعي ومن بعدهم.
ول يترك ذلك أحد من أهل العلم ،ول ادعى فيه طعنا على من رد عليه
قوله ،ول ذما ،ول نقصا ...اللهم إل أن يكون الصنف من يفحش ف
الكلم ،ويسيء الدب ف العبارة ،فينكر عليه فحاشته وإساءته ،دون أصل
رده ومالفته إقامة بالجج الشرعية ،والدلة العتبة.
وسبب ذلك أن علماء الدين كلهم ممعون على قصد إظهار الق الذي
بعث ال به رسوله صلى ال عليه وسلم ،وأن يكون الدين كله ل ،وأن
تكون كلمته هي العليا ،وكلهم معترفون بأن الحاطة بالعلم كله من غي
شذوذ شيء منه ليس هو مرتبة أحد منهم ،ول ادعاه أحد من التقدمي ول
من التأخرين ،فلهذا كان أئمة السلف الجمع على علمهم وفضلهم يقبلون
الق من أورده عليهم ،وإن كان صغيا ،ويوصون أصحابم وأتباعهم بقبول
الق إذا ظهر ف غي قولم( ")1اهـ.
-139-
منهج أهل السنة والماعة قاطبة ف التحذير من أهل البدع ومن
كتبهم وحكمهم ف الداعية إل البدع
123 -1قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال ف "السياسة الشرعية" (ص
)" :وجوز طائفة من أصحاب الشافعي وأحد وغيها قتل الداعية إل البدع
الخالفة للكتاب والسنة ،وكذلك كثي من أصحاب مالك ،وقالوا :إنا جوز
مالك وغيه قتل القدرية لجل الفساد ف الرض ،ل لجل الردة" اهـ.
-2وقال شيخ السلم رحه ال تعال" :من قامت عليه الجة من أهل
البدع ،استحق العقوبة ،وإل ،كانت أعماله البدعية النهي عنها باطلة ل
ثواب فيها ،وكانت منقصة له ،خافضة له ،مسقطة لرمته ودرجته ،فإن هذا
حكم أهل الضلل وجزاؤهم ،وال حكم عدل ،ل يظلم مثقال ذرة ،وهو
عليم حكيم "( )1اهـ.
الافظ )تقي الدين أب ممد عبدالغن بن عبدالواحد القدسي رحه -3رأي (
ال ف الطوائف . 2
قال رحه ال" :واعلم رحك ال أن السلم وأهله أتوا من طوائف ثلثة:
ا) فطائفة ردت أحاديث الصفات ،وكذبوا رواتا ،فهؤلء أشد ضررا على
السلم وأهله من الكفار.
)2وطائفة قالوا بصحتها وقبولا ،ث تأولوها؟ فهؤلء أعظم ضررا من
الطائفة الول.
-140-
)3والثالثة :جانبوا القولي الولي ،وأخذوا -بزعمهم -ينهون وهم
يكذبون ،فأداهم ذلك إل القولي الولي ،وكانوا أعظم ضررا من الطائفتي
الوليي " ا هـ.
()
-4وقال ابن الوزي " : 1قال أبو الوفاء علي بن عقيل الفقيه :قال
شيخنا أبو الفضل المذان :مبتدعة السلم والواضعي للحاديث أشد من
اللحدين ،لن اللحدين قصدوا (فساد الدين من خارج ،وهؤلء قصدوا
إفساده من داخل ،فهم كأهل بلد سعوا ف إفساد أحواله ،واللحدون
كالحاصرين من خارج ،فالدخلء يفتحون الصن ،فهو( )2شر على السلم
من غي اللبسي له ".
قلت :فهذا كلم ف طوائف تنتمي إل السلم ،ول شك أن لم ماسن،
فلم يذكرها هؤلء العلماء العظماء ،لن ذكرها غي واجب.
ث منهج السلف الصال هو التحذير من الكتب الت فيها بدع ،صيانة لنهج
السلمي من ضررها وخطرها ،وليس من الظلم أن يذكر السلم الناصح من
كتاب مثالب موجودة فيه ،تذيرا للمسلمي من ضرره ،ولو ل يذكر ماسنه،
ب با ليس فيه ،ولو كان كاتبه كافرا.
بل من الظلم أن ُيْثَل َ
-5وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال" :فالكذب على الشخص حرام
كله ،سواء كان الرجل مسلما أو كافرا أو فاجرا ،لكن الفتراء على الؤمن
-141-
()
3
أشد ،بل الكذب كله حرام ،ولكن يباح عند الاجة الشرعية العاريض
اهـ.
ولقد حذر رسول ال صلى ال عليه وسلم من قراءة كتب أهل الكتاب،
فعن جابر بن عبدال رضي ال عنه :أن عمر بن الطاب رضي ال عنه أتى
النب صلى ال عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ،فغضب،
فقال" :أمتهوكون يا ابن الطاب؟! والذي نفسي بيده ،لقد جئتكم با نقية،
ل تسألوهم عن شيء فيخبوكم بق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به،
نفسي بيده ،لو أن موسى عليه السلم كان حيا ،ما وسعه إل أن
والذي ( )
يتبعن " . 1
-6وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال" :وهذه حقيقة قول من قال من
السلف والئمة :إن الدعاة إل البدع ل تقبل شهادتم ،ول يصلى خلفهم،
ول يؤخذ عنهم العلم ،ول يناكحون.
فهذه عقوبة لم حت ينتهوا ،ولذا يفرقون بي الداعية وغي الداعية ،لن
الداعية أظهر النكرات ،فاستحق العقوبة ،بلف الكات ،فإنه ليس شرا من
عليه وسلم يقبل علنيتهم ويكل سرائرهم النافقي ،الذين كان النب صلى ال ( )
إل ال ،مع علمه بال كثي منهم " 2اهـ.
() أخرجه :المام أحد ( ،)387 /3والدارمي ( ،)1 1 5 /1وابن عبدالب ف "جامع بيان1
-142-
تفسي قوله تعال{ :الزانية
-7وقال شيخ السلم رحه ال تعال عند ( ).
4
والزان فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}
"فأمر بعقوبتهما وعذابما بضور طائفة من الؤمني ،وذلك بشهادته على
نفسه ،أو بشهادة الؤمني عليه ،لن العصية إذا كانت ظاهرة ،كانت عقوبتها
ظاهرة ،كما جاء ف الثر" :من أذنب سرا ،ليتب سرا ،ومن أذنب علنية،
فليتب علنية" ،وليس من الستر الذي يبه ال تعال ،كما ف الديث" :من
ستر مسلما ،ستره ال " ،بل ذلك إذا ستر ،كان ذلك إقرارا لنكر ظاهر ،وف
الديث" :إن الطيئة إذا خفيت ،ل تضر إل صاحبها ،وإذا أعلنت فلم تنكر،
ضرت العامة" ،فإذا أعلنت ،أعلنت عقوبتها ،بسب العدل المكن.
ولذا ل يكن للمعلن بالبدع والفجور غيبة ،كما روي ذلك عن السن
البصري وغيه ،لنه لا أعلن ذلك ،استحق عقوبة السلمي له ،وأدن ذلك أن
يذم عليه ،لينجر ويكف الناس عنه وعن مالطته ،ولو ل يذم ويذكر با فيه
من الفجور والعصية أو البدعة ،لغتر به الناس ،وربا حل بعضهم على أن
يرتكب ما هو عليه ،ويزداد أيضا هو جرأة وفجورا ومعاصي ،فإذا ذكر با
فيه ،انكف وانكف غيه عن ذلك وعن صحبته ومالطته.
قال السن البصري :أترغبون عن ذكر الفاجر؟! اذكروه با فيه كي يذره
الناس ،وقد روي مرفوعا.
والفجور اسم جامع لكل متجاهر بعصية أو كلم قبيح يدل السامع له على
فجور قلب قائله ،ولذا كان مستحقا للهجر إذا أعلن بدعة أو معصية أو
-143-
فجورا أوتتكا أومالطة لن هذا حاله ،بيث ل يبال بطعن الناس عليه ،فإن
هجره نوع تعزير له.
فإذا أعلن السيئات ،أعلن هجره ،وإذا أسر ،اسر هجره ،إذ الجرة هي
قال)
وهجرة السيئات هجرة ما نى ال عنه ،كما (
الجرة على السيئات) ( ،
تعال{ :والرجز فاهجر} ، 1وقال تعال{ :واهجرهم هجرا جيل} ، 2
وقال تعال{ :وقد نزل عليكم ف الكتاب أن إذا سعتم آيات ال يكفر با
تقعدوا معهم حت يوضوا ف حديث غيه إنكم إذا مثلهم } ويستهزأ با فل ( )
()
000 3إل " اهـ.
4
()
-8وقال ابن عبد الب ف كتابه "جامع بيان العلم " " : 5أخبنا إساعيل بن
عبدالرحن ،قال :حدثنا إبراهيم بن بكر ،قال :سعت أبا عبدال ممد بن أحد
بن إسحاق بن خويز منداد الصري الالكي ،قال ف (كتاب الجارات) من
كتابه ف اللف :قال مالك :ل توز الجارات ف شيء من كتب الهواء
والبدع والتنجيم ،وذكر كتبا ،ث قال :وكتب أهل الهواء والبدع عند
أصحابنا هي كتب أصحاب الكلم من العتزلة وغيهم ،وتفسخ الجارة ف
ذلك .قال :وكذلك كتاب القضاء بالنجوم وعزائم الن وما أشبه ذلك.
وقال ف (كتاب الشهادات) ف تأويل قول مالك" :ل توز شهادة أهل البدع
والهواء" ،قال :أهل الهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلم ،فكل
() الدثر .5 : 1
() تفسي سورة النور" لبن تيمية ،تقيق علي العلي عبدالميد حامد( .ص .)33-31 4
-144-
متكلم ،فهو من أهل الهواء والبدع ،أشعريا كان أو غي أشعري ،ول تقبل
له شهادة ف السلم أبدا ،ويهجر ،ويؤدب على بدعته ،فإن تادى عليها،
استتيب منها" اهـ.
-9وقال ابن عبدالب ف كتابه "التمهيد" عقب حديث كعب بن مالك ف
قصة الثلثة الذين خلفوا" :وف حديث كعب هذا دليل على أنه جائز أن
أخاه )إذا بدت منه بدعة أو فاحشة يرجو أن يكون هجرانه تأديبا له
يهجر الرء (
وزجرا عنه)) 1 1هـ.
()
- 10وروى الطيب البغدادي 2بإسناده إل الفضل بن زياد ،قال:
"وسألت أبا عبدال عن الكرابيسي وما أظهر ،فكلح وجهه ،ث أطرق ،ث
تعال{ :وإن أحد من الشركيقال :هذا قد أظهر رأي جهم ،قال ال ( )
استجارك فاجره حت يسمع كلم ال } ، 3فممن يسمع ،وقال النب صلى
ال عليه وسلم "فله المان حت يسمع كلم ال " ،إنا جاء بلؤهم من هذه
الكتب الت وضعوها ،تركوا آثار رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه،
وأقبلوا على هذه الكتب " اهـ.
قال )الشيخ شس الدين أبوعبدال ممد بن مفلح ف كتابه "الداب ( -11
الشرعية" " : 4وذكر الشيخ موفق الدين رحه ال ف النع من النظر ف كتب
-145-
البتدعة ،قال :وكان السلف ينهون عن مالسة أهل البدع ،والنظر ف كتبهم،
والستماع لكلمهم " اهـ.
-1 2انظر كلم المام البغوي التقدم ف (ص .)27 -26
-13قال الشاطب رحه ال" :فإن فرقة النجاة -وهم أهل السنة -
مأمورون بعداوة أهل البدع ،والتشريد بم ،والتنكيل بن اناش إل جهتهم،
بالقتل فما دونه ،وقد حذر العلماء من مصاحبتهم ومالستهم ،وذلك مظنة
إلقاء العداوة والبغضاء ،لكن الدرك فيها على من تسبب ف الروج عن
كيف)
الماعة با أحدثه من اتباع غي سبيل الؤمني ،ل على التعادي مطلقا( ،
1
ونن مأمورون بعاداتم وهم مأمورون بوالتنا والرجوع إل الماعة ؟)
اهـ
()
-14وقال الشاطب أيضا رحه ال " : 2حي تكون الفرقة تدعو إل
ضللتها وتزينها ف قلوب العوام ومن ل علم عنده ،فإن ضرر هؤلء على
السلمي كضرر إبليس ،وهم من شياطي النس ،فل بد من التصريح بأنم
من أهل البدع والضللة ،ونسبتهم إل الفرق إذا قامت له الشهود على أنم
منهم.
فمثل هؤلء ل بد من ذكرهم والتشريد بم ،لن ما يعود على السلمي من
ضررهم إذا تركوا أعظم من الضرر الاصل بذكرهم والتنفي عنهم إذا كان
سبب ترك التعيي الوف من التفرق والعداوة ،ول شك أن التفرق بي
السلمي وبي الداعي للبدعة وحدهم إذا أقيم عليهم أسهل من التفرق بي
() العتصام (.)1/120 1
-146-
السلمي وبي الداعي ومن شايعهم واتبعهم ،وإذا تعارض الضرران،
فالرتكب أخفهما وأسهلهما ،وبعض الشر أهون من جيعه كقطع اليد
التأكله ،إتلفها أسهل من إتلف النفس ،وهذا شأن الشرع أبدا ،يطرح
حكم الخف وقاية من الثقل ".
قلت :فهذا هو مذهب السلف ،وهذه هي أحكامهم ،وهذا هو تعاملهم مع
الكتب ومع أهلها أهل البدع ،كما ترى ف كلم ابن تيمية والبغوي
والشاطب ،وف كلم ابن عبدالب عن مالك وأصحابه ،وكما ف كلم
الطيب والوفق ابن قدامة عن المام أحد والسلف قاطبة.
()
-15وقال ابن القيم ف "الطرق الكمية" ( " : 1فصل) :وكذلك ل
ضمان ف تريق الكتب الضلة وإتلفها :قال الروذي :قلت لحد :استعرت
كتابا فيه أشياء رديئة ،ترى أن أخرقه أو أحرقه ،قال :نعم ،فأحرقه.
وقد رأى النب صلى ال عليه وسلم بيد عمر كتابا اكتتبه من التوراة،
وأعجبه موافقته للقرآن ،فتمعر وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم ،حت
ذهب به عمر إل التنور ،فألقاه فيه.
فكيف لو رأى رسول ال صلى ال عليه وسلم ما صنف بعده من الكتب
الت يعارض با ما ف القرآن والسنة ؟! وال الستعان.
وقد أمر النب صلى ال عليه وسلم من كتب عنه شيئا غي القرآن أن يحوه،
ث أذن ف كتابة سنته ،ول يأذن ف غي ذلك.
-147-
وكل هذه الكتب التضمنة لخالفة السنة غي مأذون فيها ،بل مأذون ف
موها وإتلفها ،وما على المة أضر منها ،وقد حرق الصحابة جيع الصاحف
الخالفة لصحف عثمان لا خافوا على المة من الختلف ،فكيف لو رأوا
هذه الكتب الت أوقعت اللف والتفرق بي المة." ...
ث قال ابن القيم" :والقصود أن هذه الكتب الشتملة على الكذب والبدعة
يب إتلفها وإعدامها ،وهي أول بذلك من إتلف آلت اللهو والعازف،
وإتلف آنية المر ،فإن ضررها أعظم من ضرر هذه ،ول ضمان فيها ،كما
ل ضمان ف كسر أوان المر وشق الزقاق " اهـ.
-16وقال الذهب" :قال الافظ سعيد بن عمرو البدعي :شهدت أبا زرعة
-وقد سئل عن الارث الحاسب وكتبه -فقال للسائل :إياك وهذه الكتب،
هذه كتب بدع وضللت ،عليك بالثر ،فإنك تد فيه ما يغنيك .قيل له :ف
هذه الكتب عبة .فقال :من ل يكن له ف كتاب ال عبة ،فليس له ف هذه
الكتب عبة ،بلغكم أن سفيان ومالكا والوزاعي صنفوا هذه الكتب ف
الطرات والوساوس؟! ما أسرع الناس إل البدع!
مات الارث سنة ثلث وأربعي ومائتي.
وأين مثل الارث؟! فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف التأخرين ،كـ "
القوت " لب طالب؟! وأين مثل " القوت " ؟! كيف لو رأى "بجة
السرار" لبن جهضم و"حقائق التفسي" للسلمي ،لطار لبه؟! كيف لو رأى
تصانيف أب حامد الطوسي ف ذلك على كثرة ما ف "الحياء" من
الوضوعات؟! كيف لو رأى "الغنية" للشيخ عبدالقادر؟! كيف لو رأى
"فصوص الكم " و " الفتوحات الكية"؟!
-148-
بلى؟ لا كان الارث لسان القوم ف ذاك العصر ،كان معاصره ألف إمام ف
الديث ،فيهم مثل أحد بن حنبل وابن راهويه ،ولا صار أئمة الديث مثل
العارفي كصاحب "الفصوص " وابن ابن الدخيسي وابن شحانة ،كان قطب ( )
سبعي ،نسأل ال العفو والسامة آمي" 1اهـ.
أقول :رحم ال المام الذهب ،كيف لو رأى مثل "الطبقات " للشعران،
و"جواهر العان " و"بلوغ المان ف فيض أب العباس التيجان " لعلي بن
حرازم الفاسي؟! كيف لو رأى "خزينة السرار" لحمد حقي النازل؟! كيف
لو رأى " نور البصار" للشبلنجي؟! كيف لو رأى "شواهد الق ف جواز
الستغاثة بسيد اللق " و"جامع كرامات الولياء" للنبهان ؟! كيف لو رأى "
تبليغي نصاب " وأمثاله من مؤلفات أصحاب الطرق الصوفية ؟! كيف لو
رأى مؤلفات غزال هذا العصر وهي تاجم السنة النبوية وتسخر من حلتها
والتمسكي با من الشباب السلفي وتقذفهم بأشنع التهم وأفظع اللقاب؟!
كيف لو رأى مؤلفات الودودي وما فيها من انراف عقدي وعقلي
وسلوكي؟! كيف لو رأى مصنفات القرضاوي وهي تدافع عن أهل البدع
وتنتصر لا ،بل تشرح أصولا ،والذي ينحى منحى غزال هذا العصر ،بل هو
أخطر؟! كيف لو رأى دعاة زماننا وقد أقبلوا على هذه الكتب النحرفة ،وهم
يسيون ويسيون شبابم وأتباعهم على مناهج الفرق النحرفة الضالة ،بل
وينافحون عنها وعن قاداتا البتدعي؟! كيف لو رأى مصنفات سعيد حوى
الصوفية والسياسية النحرفة؟! كيف لو رأى مصنفات الكوثري وتلميذه أب
غدة وإخوانه من كبار متعصب الصوفية والذهبية؟! كيف لو رأى مصنفات
() اليزان (.)431-1/430 1
-149-
البوطي وأمثاله من خصوم السنة وخصوم مدرسة التوحيد ومدرسة ابن
منهج
تيمية؟! كيف لو رأى شباب المة بل شباب التوحيد وقد جهلوا ( )
السلف بل جهلوا الكتاب والسنة وأقبلوا على هذه الكتب الهلكة 1؟!
ويا ويل من يتعرض لنقدها ويريد حاية دينهم وعقائدهم من ضللتا!
يا ويله! من يميه من سهامهم واتاماتم الريئة؟! فإنا ل وإنا إليه راجعون!
()
-17قال الافظ ابن رجب رحه ال ف "شرح علل الترمذي " " : 2وقد
تسلط كثي من يطعن ف أهل الديث عليهم بذكر شيء من هذه العلل،
وكان مقصوده بذلك الطعن ف الديث جلة والتشكيك فيه ،أو الطعن ف
غي حديث أهل الجاز ،كما فعله حسي الكرابيسي ف كتابه الذي ساه بـ
"كتاب الدلسي " ،وقد ذكر كتابه هذا للمام أحد ،فذمه ذما شديدا،
وكذلك أنكره عليه أبو ثور وغيه من العلماء.
قال الروزي :مضيت إل الكرابيسي ،وهو إذ ذاك مستور ،يذب عن السنة،
ويظهر نصرة أب عبدال ،فقلت له :إن كتاب "الدلسي" يريدون أن يعرضوه
على أب عبدال ،فأظهر أنك ندمت حت أخب أبا عبدال .فقال ل :إن أبا
عبدال رجل صال ،مثله يوفق لصابة الق ،وقد رضيت أن يعرض كتاب
عليه ،وقد سألن أبو ثور وابن عقيل وحبيش أن أضرب على هذا الكتاب،
فأبيت عليهم ،وقلت :بل أزيد فيه ،ول ف ذلك ،وأب أن يرجع عنه ،فجيء
بالكتاب إل أب عبدال وهو ل يدري من وضع الكتاب ،وكان ف الكتاب
الطعن على العمش والنصرة للحسن بن صال ،وكان ف الكتاب" :إن قلتم:
() أعن :كتب تلميذ الكوثري وغيهم من البتدعة الذين تستروا بدعوة الخوان السلمي. 1
-150-
إن السن بن صال كان يرى رأي الوارج ،فهذا ابن الزبي قد خرج " ،فلما
قرىء على أب عبدال ،قال" :هذا قد جع للمخالفي ما ل يسنوا أن يتجوا
به ،حذروا عن هذا" ،ونى عنه ".
قال ابن رجب رحه ال" :وقد تسلط بذا الكتاب طوائف من أهل البدع
من العتزلة وغيهم ف الطعن على أهل الديث ،كابن عباد الصاحب ونوه،
وكذلك بعض أهل الديث ينقل منه دسائس ،إما أنه يفى عليه أمرها ،أو ل
يفى عليه ،ف الطعن ف العمش ونوه ،كيعقوب الفسوي وغيه.
وأما أهل العلم والعرفة والسنة والماعة ،فإنا يذكرون علل الديث نصيحة
للدين ،وحفظا لسنة النب صلى ال عليه وسلم ،وصيانة لا ،وتييزا ما يدخل
على رواتا من الغلط والسهو والوهم ،ول يوجب ذلك طعنا ف غي
الحاديث العللة ،بل تقوى بذلك الحاديث السليمة عندهم ،لباءتا من
العلل ،وسلمتها من الفات ،فهؤلء هم العارفون بسنة رسول ال صلى ال
عليه وسلم حقا ،وهم النقاد الهابذة الذين ينتقدون الديث انتقاد الصيف
الاذق للنقد البهرج من الالص ،وانتقاد الوهري الاذق للجوهر ما دلس
به " اهـ.
()
-18قال الافظ ابن رجب رحه ال " : 1وقد كان بعض السلف إذا
بلغه قول ينكره على قائله يقول" :كذب فلن " ،ومن هذا قول النب صلى
ال عليه وسلم " :كذب أبو السنابل " ،لا بلغه أنه أفت أن التوف عنها زوجها
إذا كانت حامل ل تل بوضع المل حت تأت عليها أربعة أشهر وعشرا.
-151-
وقد بالغ الئمة الورعون ف إنكار مقالت ضعيفة لبعض العلماء ،وردها
أبلغ الرد ،كما كان المام أحد ( 241 -164هـ) ينكر على أب ثور (
240هـ) وغيه مقالت ضعيفة تفردوا با ،ويبالغ ف ردها عليهم.
هذا كله حكم الظاهر ،وأما ف باطن المر ،فإن كان مقصوده ف ذلك
مرد تبيي الق ولئل يغتر الناس بقالت من أخطأ ف مقالته ،فل ريب أنه
مثاب على قصده ،ودخل بفعله هذا بذه النية ف النصح ل ورسوله وأئمة
السلمي وعامتهم.
وسواء كان الذي بي الطأ صغيا أم كبيا ،فله أسوة بن رد من العلماء
مقالت ابن عباس ".
ث ذكر سعيد بن السيب والسن وعطاء وطاوس وغيهم "من أجع
السلمون على هدايتهم ودرايتهم ومبتهم والثناء عليهم ،ول يعد أحد منهم ما
خالفوه ف هذه السائل ونوها طعنا ف هؤلء الئمة ول عيبا لم ،وقد
امتلت كتب أئمة السلمي من السلف واللف بتبيي هذه القالت وما
أشبهها مثل كتب الشافعي وإسحاق وأب عبيد وأب ثور ومن بعدهم من أئمة
الفقه والديث وغيها من ادعوا هذه القالت ما كان بثابتها شيء كثي،
ولو ذكرنا ذلك بروفه لطال المر جدا.
وأما إن كان مراد الراد بذلك إظهار عيب من رد عليه ،وتنقصه ،وتبيي
جهله وقصوره ف العلم ،ونو ذلك ،كان مرما ،سواء كان رده لذلك ف
وجه من رد عليه أو ف غيبته ،وسواء كان ف حياته أو بعد موته ،وهذا داخل
فيما ذمه ال تعال ف كتابه ،وتوعد عليه ف المز واللمز ،وداخل أيضا ف
قول النب صلى ال عليه وسلم "يا معشر من آمن بلسانه ول يؤمن بقلبه! ل
-152-
تؤذوا السلمي ،ول تتبعوا عوراتم ،فإنه من يتبع عوراتم ،يتبع ال عورته،
ومن يتبع ال عورته ،يفضحه ،ولو ف جوف بيته ".
وهذا كله ف حق العلماء القتدى بم ف الدين ،فأما أهل البدع والضللة
ومن تشبه بالعلماء وليس منهم ،فيجوز بيان جهلهم ،وإظهار عيوبم ،تذيرا
من القتداء بم ،وليس كلمنا الن ف هذا القبيل ،وال أعلم".
()
-19وقال الافظ ابن رجب أيضا رحه ال ف "شرح علل الترمذي : " 1
"قال ابن أب الدنيا :نا أبو صال الروزي :سعت رافع بن أشرس ،قال :كان
يقال" :من عقوبة الكذاب أن ل يقبل صدقه " .وأنا أقول :من عقوبة الفاسق
البتدع أن ل تذكر ماسنه ".
قال الحقق" :قال الكنكوهي ف " الكوكب الدري " ( :)347 /1إنه
صاحب بدعة ،ل ينبغي أن يأخذ العلماء منه ،ول أن يتركوا العامة يسألون
عنه ويلسون إليه ،فلما كان كذلك ،ل يتحدث عنه أحد فيموت ذكره ،ول
يشتهر أمره ،فعلم أن العلماء يوز لم بل يب أن يظهروا للناس عيبه
وينعوهم عن الخذ عنه ".
قلت :وما أشبه الليلة بالبارحة! فخصوم السنة والتوحيد يستغلون اليوم
كتابات وأشرطة بعض من ينتسبون إل السنة والتوحيد ف الطعن ف أعلم
السنة والتوحيد ودعاتما ،بل الشد نكاية وفجيعة أن يتأثر بذه الشرطة
والكتابات والدعايات كثي من أبناء التوحيد والسنة ،فيسددون سهام
التجريح والتهم الظالة إل أعلم التوحيد والسنة وحلة راياتما والدافعي عن
حياضهما ،والشد من ذلك أسفا وفواجع أن يتعاطفوا ويتضامنوا مع أهل
() (.)1/50 1
-153-
البدع والضلل ف تسديد السهام السمومة الت يعدها أعداء السنة والتوحيد
السهام الخية للجهاز على البقية الباقية من السنة والتوحيد.
وظلم ذوي القرب أشد مضاضة
على النفس من وقع السام الهند
فإنا ل وانا إليه راجعون.
انظر أخي واعتب! كيف وقف المام أحد ومن وراءه من أهل السنة من
كتاب "الدلسي " للكرابيسي ،ولعله خي آلف الرات وأقل خطرا آلف
الرات من كتب يدافع عنها أبناء السنة والتوحيد لهل البدع والضلل ،فإنا
ل وانا إليه راجعون مرات ومرات أخرى !
-20قال السبكي بعد أن ذكر طعن الازري ف الغزال" :وقد سبقه إل
قريب منه من الالكية أبو الوليد الطرطوشي ،فذكر ف "رسالة إل ابن مظفر":
فأما ما ذكرت من أمر الغزال ،فرأيت الرجل وكلمته ،فرأيته رجل من أهل
العلم ،قد نضت به فضائله ،واجتمع فيه العقل والفهم ومارسة العلوم طول
زمانه ،ث بدا له النصراف عن طريق العلماء ،ودخل غمر العمال ،ث
تصوف ،فهجر العلوم وأهلها ،ودخل ف علم الواطر وأرباب القلوب
ووساوس الشيطان ،ث شابا باراء الفلسفة ورموز اللج ،وجعل يطعن
على الفقهاء والتكلمي ،ولقد كاد ينسلخ من الدين ،فلما عمل "الحياء" ،
أنيس )با ،ول خبي
عمد يتكلم ف علوم الحوال ومرامز الصوفية ،وكان غي (
بعرفتها ،فسقط على أم رأسه ،وشحن كتابه بالوضوعات " 1اهـ.
() "طبقات الشافعية" للسبكي ( ،)243 /6ودافع السبكي عن الغزال دفاع عميان التعصبي 1
-155-
مستضعفا مع رؤوس أمرائه ،فلذلك ظهرت مناكي خور ف دولته ،فتغافل،
وعكف عن العبادة ،وتوثب عليه ابن تومرت ،ث صاحبه عبد الؤمن " اهـ.
فهذا سبب زوال ملكهم :ظهور النكرات والمور ،وضعف علي بن
يوسف.
()
-22وقال ابن الوزي ف "تلبيس إبليس " " : 1ث جاء أقوام -يعن :من
الصوفية -فتكلموا لم ف الوع والفقر والوساوس والطرات ،وصنفوا ف
ذلك ،مثل الارث الحاسب.
وجاء آخرون فهذبوا مذهب التصوف وأفردوه بصفات ميزوه با من
الختصاص بالرقعة والسماع والوجد والرقص والتصفيق ،وتيزوا بزيادة
النظافة والطهارة.
ث ما زال المر ينمو والشياخ يضعون لم أوضاعا ويتكلمون بواقعاتم،
ويتفق بعدهم عن العلماء ،ل بل رؤيتهم ما هم فيه أوف العلوم ،حت َسمّوُه
العلم الباطن ،وجعلوا علم الشريعة العلم الظاهر.
ومنهم من خرج به الوع إل اليالت الفاسدة ،فادعى عشق الق
واليمان فيه ،فكأنم تايلوا شخصا مستحسن الصورة ،فهاموا به ،وهؤلء
بي الكفر والبدعة.
ث تشعبت بأقوام منهم الطرق ،.ففسدت عقائدهم ،فمن هؤلء من قالوا
باللول ،ومنهم من قال بالتاد.
وما زال إبليس يبطهم بفنون البدع حت جعلوا لنفسهم سننا.
-156-
وجاء أبوعبدالرحن السلمي فصنف لم كتاب "السنن " ،وجع لم "حقائق
التفسي" ،فذكر عنهم فيه العجب ف تفسيهم القرآن با يقع لم ،من غي
إسناد ذلك إل أصل من أصول العلم ،وإنا حلوه على مذاهبهم ،والعجب
من ورعهم ف الطعام وانبساطهم ف القرآن.
وقد أخبنا أبو منصور عبدالرحن القزاز ،قال :أخبنا أبو بكر الطيب :قال
ل ممد بن يوسف القطان النيسابوري ،قال :كان أبو عبدالرحن السلمي
غي ثقة ،ول يكن سع من الصم إل شيئا يسيا ،فلما مات الاكم أبوعبدال
بن البيع ،حدث عن الصم؟ بـ "تاريخ يي بن معي " وبأشياء كثية سواه،
وكان يضع للصوفية الحاديث.
()
قال الصنف : 1وصنف لم أبو نصر السراج كتابا ساه "لع الصوفية"،
ذكر فيه من العتقاد القبيح والكلم الرذول ما سنذكر منه جلة إن شاء ال
تعال.
وصنف لم أبو طالب الكي "قوت القلوب " ،فذكر فيه الحاديث الباطلة
وما ل يستند فيه إل أصل ،من صلوات اليام والليال وغي ذلك من
الوضوعات ،وذكر فيه العتقاد الفاسد ،وردد فيه قول" :قال بعض
الكاشفي " ،وهذا كلم فارغ ،وذكر فيه عن بعض الصوفية أن ال عز وجل
يتجلى ف الدنيا لوليائه.
أخبنا أبو منصور القزاز :أخبنا أبو بكر الطيب ،قال :قال أبو طاهر ممد
بن العلف ،قال :دخل أبو طالب الكي إل البصرة بعد وفاة أب السي بن
سال ،فانتمى إل مقالته ،وقدم بغداد ،فاجتمع الناس عليه ف ملس الوعظ،
() أي :ابن الوزي . 1
-157-
فخلط ف كلمه ،فحفظ عنه أنه قال" :ليس على الخلوق أضر من الالق "،
فبدعه الناس ،وهجروه ،فامتنع من الكلم على الناس بعد ذلك.
قال الطيب :وصنف أبو طالب الكي كتابا ساه "قوت القلوب "على
لسان الصوفية ،وذكرفيه أشياء منكرة مستبشعة ف الصفات.
()
قال الصنف : 1وجاء أبو نعيم الصبهان ،فصنف لم كتاب "اللية"،
وذكر ف حدود التصوف أشياء منكرة قبيحة ،ول يستح أن يذكر ف الصوفية
أبا بكر وعمر وعثمانا؟ وعليا وسادات الصحابة رضي ال عنهم ،فذكر عنهم
فيه العجب ،وذكر منهم شريا القاضي والسن البصري وسفيان الثوري
وأحد بن حنبل ،وكذلك ذكر السلمي ف "طبقات الصوفية" الفضيل
وإبراهيم بن أدهم ومعروفا الكرخي ،وجعلهم من الصوفية ،بأن أشار إل أنم
من الزهاد.
فالتصوف مذهب معروف يزيد على الزهد ،ويدل على الفرق بينهم أن
الزهد ل يذمه أحد ،وقد ذموا التصوف على ما سيأت ذكره.
وصنف لم عبدالكري بن هوازن القشيي كتاب "الرسالة" ،فذكر فيها
العجائب من الكلم ف الفناء والبقاء ،والقبض والمع والتفرقة ،والصحو
والسكر ،والذوق والشرب ،والحو والثبات ،والتجلي والحاضرة
والكاشفة ،واللوائح والطوالع واللوامع ،والتكوين والتمكي ،والشريعة
والقيقة ...إل غي ذلك من التخليط الذي ليس بشيء ،وتفسيه أعجب
منه.
-158-
وجاء ممد بن طاهر القدسي ،فصنف لم صفوة التصوف ،فذكر فيه أشياء
يستحي العاقل من ذكرها ،نذكر ما يصلح ذكره ف مواضعه إن شاء ال
تعال.
وجاء أبو حامد الغزال ،فصنف لم كتاب "الحياء" على طريقة القوم،
ومله بالحاديث الباطلة وهو يعلم بطلنا ،وتكلم ف علم الكاشفة ،وخرج
عن قانون الفقه ،وقال :إن الراد بالكواكب والشمس والقمر اللوات رآهن
ابراهيم صلوات ال عليه :أنوار هي حجب ال عز وجل ،ول يرد هذا ف
العروفات ،وهذا من جنس كلم الباطنية.
وقال ف كتاب "الفصح بالحوال " :إن الصوفية ف يقظتهم يشاهدون
اللئكة وأرواح النبياء ،ويسمعون منهم أصواتا ،ويقتبسون منهم فوائد ،ث
يرتقي الال من مشاهدة الصور ال درجات يضيق عنها نطاق النطق.
()
قال الصنف 1وكان السبب ف تصنيف هؤلء مثل هذه الشياء :قلة
علمهم بالسنن والسلم والثار ،وإقبالم على ما استحسنوه من طريقة القوم،
وإنا استحسنوها ،لنه قد ثبت ف النفوس مدح الزهد ،وما رأوا حالة أحسن
من حالة هؤلء القوم ف الصورة ،ول كلما أرق من كلمهم ،وف سي
السلف نوع خشونة ،ث إن ميل الناس إل هؤلء القوم شديد ،لا ذكرنا من
أنا طريقة ظاهرها النظافة والتعبد ،وف ضمنها الراحة والسماع ،والطباع تيل
إليهما ،وقد كان أوائل الصوفية ينفرون من السلطي والمراء ،فصاروا
أصدقاء.
-159-
وجهور هذه التصانيف الت صنفت لم ل تستند إل أصل ،وإنا هي
واقعات تلقفها بعضهم عن بعض ودونا ،وقد سوها بالعلم الباطن ،والديث
بإسناد إل أب يعقوب إسحاق بن حية ،قال :سعت أحد بن حنبل وقد سئل
عن الوساوس والطرات؟ فقال :ما تكلم فيها الصحابة ول التابعون " ا هـ.
-23قال الافظ ابن الصلح رحه ال" :قلت :ولقائل أن يقول :إنا يعتمد
الناس ف جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب الت صنفها أئمة الديث ف
الرح والتعديل ،وقل ما يتعرضون فيها لبيان السبب ،بل يقتصرون على مرد
قولم :فلن ضعيف ،وفلن ليس بشيء ،ونو ذلك ،أو هذا حديث ضعيف،
وهذا حديث غي ثابت ،ونو ذلك.
فاشتراط بيان السبب يفضي إل تعطيل ذلك ،وسد باب الرح ف الغلب
الكثر ،وجوابه أن ذلك ،وإن ل نعتمده ف إثبات الرح والكم به؟ فقد
اعتمدناه ف أن توقفنا ف قبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك؟ بناء على أن
ذلك أوقع عندنا فيهم ريبة قوية يوجب مثلها التوقف".
قال العراقي متعقبا ابن الصلح" :وما يدفع هذا السؤال رأسأ أو يكون
جوابا عنه :أن المهور إنا يوجبون البيان ف جرح من ليس عالا بأسباب
الرح والتعديل ،وأما العال بأسبابما ،فيقبلون جرحه من غي تفسي ،وبيان
ذلك أن الطيب حكى ف "الكفاية" عن القاضي أب بكر الباقلن أنه حكى
عن جهور أهل العلم :إذا جرح من ل يعرف الرح ،يب الكشف عن
ذلك .قال :ول يوجبوا ذلك على أهل العلم بذا الشأن .قال القاضي :والذي
يقوي عندنا ترك الكشف عن ذلك إذا كان الارح عالا كما ل يب
-160-
الزكي عدل إل آخر كلمه ،وما حكيناه عن
استفسار العدل عما به صار ( )
القاضي أب بكر هو الصواب " 1اهـ.
قلت :فأنت ترى أنم ل يشترطون ف الارح أن يذكر الوانب الشرقة ف
الجروح ،وأن العال بأسباب الرح والتعديل يؤخذ كلمه مسلما عند جهور
العلماء ،ويب الكشف عن جرح غي العال بأسباب الرح والتعديل ،ول
يتهمون أحدا بأنه ظال إذا اقتصر على الوانب الظلمة.
هذا هو النهج الرشيد الذي يب أن يعرفه الشباب السلفي ،النهج الذي دل
عليه الكتاب والسنة ،وسلكه خيار المة -مدثوها وفقهاؤها ،-ومن شرط
تطبيق هذا النهج أن يكون الناقد مريدا بذلك وجه ال والنصيحة ل ولكتابه
وصيانة دين ال وما حواه من عقائد وشرائع وعبادات.
وما يؤسف له أشد السف أن أهل الباطل والبدع قد خدعوا كثيأ من
أذكياء طلب العلم -فضل عن غيهم -بأنه ل يوز الكلم ف الدعاة،
يريدون بذلك دعاة البدعة والضلل ،يريدون بذلك إفساح الجال لنتشار
خدعهم الدامة ،يريدون القضاء على دعوة التوحيد والسنة ومنهج السلف
الصال.
ومن فروع هذا الذهب الداع هذه الشروط الت يشترطها بعض أبناء
التوحيد :أنه ل بد ف نقد أهل البدع -أو من يسمون بالدعاة من ذكر
الوانب الشرقة إل جانب ذكر الوانب الظلمة...
-161-
-24وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال :ف الكلم على حديث رواه
عبداللك بن هارون" :لكنه قد رواه من صنف ف عمل اليوم والليلة كابن
السن وأب نعيم ،وف مثل هذه الكتب أحاديث كثية موضوعة ،ل يوز
العتماد عليها ف الشريعة باتفاق العلماء ،ورواه أبو الشيخ الصبهان ف
"فضائل العمال " ،وف هذا الكتاب أحاديث كثية كذب كتاب ( )
موضوعة " 1اهـ
فترى شيخ السلم قد اقتصر على ذكر الانب الظلم ول يذكر الوانب
الشرقة ،فلو كان إهال الحاسن ظلما ،فكيف يقدم على هذا الظلم؟! ولو
كان من منهج السلف ضرورة ذكر الحاسن إذا ذكرت الثالب ،فكيف
يفسر معظم نقدهم الذي ل يذكرون فيه الجروحي والبتدعي إل بالرح
والطعن دون أن يعرجوا على جوانب الدح والحاسن ،كيف يفسر هذا
التصرف؟!
-25قال شيـخ السـلم فـ"شرح الصـفهانية"" :ومـا فـهذا العتقاد
الشروح هو موا فق لقول الواق فة الذ ين ل يقولون بقول الشعري وغيه من
متكلمة أهل الثبات وأهل السنة والديث والسلف ،بل يثبتون ما وافقه
عليه العتزلة البصريون ،فإن العتزلة البصريي يثبتون ما ف هذا العتقاد،
ول كن الشعري و سائر متكل مة أ هل الثبات مع أئ مة ال سنة والما عة
يثبتون الرؤية ،ويقولون :القرآن غي ملوق.
وقد رأيت اعتقادا متصرا لصاحب مصنف هذا العتقاد الشروح،
وهو مشهور بالعلم والديث ،وهو ف الظاهر أشعري عند الناس ،رأيت
() التوسل والوسيلة (ص/164فقرة )489تقيق الؤلف. 1
-162-
اعتقاده على هدا النمط ،ذكر فيه أن ال متكلم آمر ناه كما يوافق عليه
العتزلة ،ول يذكر أن القرآن غي ملوق ،ول أثبت الروية ،بل جعلها ما
تتأول ،وكان ييل إل الهمية الذين ناظروا أحد بن حنبل وسائر أئمة
السنة ف مسألة القرآن ،ويرجح جانبهم ،وحكى عنهم ذما وسبا لحد
بن حنبل ،وهو بن اعتقاده وركبه من قول الهمية ومن قول الفلسفة
القائلي بِ ِقدَم العقول والنفوس ،وهو من جنس القول الضاف إل
ديقراطيس ،وليس هذا مذهب الشعرية ،بل هم متفقون على أن القرآن
غي ملوق ،وعلى أن ال يرى ف الخرة".
-26وقال شيخ السلم" :ث هذا العتقاد الشروح ،مع أنه ليس فيه
زيادة على اعتقاد العتزلة البصريي ،فاعتقاد العتزلة البصريي خي منه
فإن ف هذا العتقد من اعتقاد التفلسفة ف التوحيد ما ل يرضاه العتزلة،
كما نبهنا عليه فيما تقدم ،وبينا أن ما ذكره من التوحيد ودليله هو
مأخوذ من أصول الفلسفة وأنه من أبطل الكلم.
()
وكان قد طلب منه 1شرح "العقيدة الصفهانية" ،فأجاب إل ذلك ،
واعتذر بأنه ل بد عند شرح ذلك الكلم من مالفة بعض مقاصده لا
توجبه قواعد السلم ،فإن الق أحق أن يتبع " اهـ.
فأنت ترى أنه يذكر مثالب الكتاب ،ول يعرج على ذكر ماسنه ،بل
ذكر كتابه الخر مقتصرا على ذكر الثالب ،أفلو كان ذكر الحاسن
واجبا ،أفتراه يسكت عن ماسن الكتابي؟!
() أي :شيخ السلم ابن تيمية .انظر شرح العقيدة الصفهانية ص 3 1
-163-
حكم من يتول أهل البدع وينصرهم على أهل السنة
قال تعال{ :يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا بطانة من دونكم ل يألونكم
خبال ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تفي صدورهم
()1
أكب قد بينا لكم اليات إن كنتم تعقلون} .
()2
قال القرطب رحه ال ف تفسي هذه الية من "تفسيه " :
هذه الية فيها ست مسائل:
الول :أكد ال الزجر عن الركون إل الكفار.
الثانية :نى ال عز وجل الؤمني بذه الية أن يتخذوا من الكفار
واليهود وأهل الهواء دخلء وولاء يفاوضونم ف الراء ،ويسندون
إليهم أمورهم ،ويقال :كل من كان على خلف مذهبك ودينك ،فل
ينبغي أن تادثه.
قال الشاعر:
عن الرء ل تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالقارن يقتدي
وف "سنن أب داود" عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال
عليه وسلم قال":الرء على دين خليله ،فلينظر أحدكم من يالل ".
-164-
أقول هذا كله ف اتاذهم بطانة أو أصدقاء ،فكيف إذا تردت ببعض
الناس الحوال إل أن ينصروهم ويذلوا الوحدين أهل السنة ف الشدائد
والكوارث.
وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال خلل كلمه على أهل وحدة
الوجود وأئمتهم ،كابن سبعي وابن الفارض وابن حويه ،قال" :ومن ل
يوافقهم ،أكثرهم يسلمون لم أقوالم ،أو يقولون :نن ل نفهم هذا ،أو
يقولون :هذا ظاهره كفر ،ولكن قد تكون له أسرار وحقائق يعرفها
أصحابا.
ومن هؤلء من يعاونم وينصرهم على أهل اليان النكرين للحلول
والتاد ،وهو شر من ينصر النصارى على السلمي ،فإن قول هؤلء
شر من قول النصارى ،بل هو شر من ينصر الشركي على السلمي،
()
فإن الشركي يقولون{ :ما نعبدهم إل ليقربونا إل ال زلفى} 1خي
من قول هؤلء ،فإن هؤلء أثبتوا خالقا وملوقا غيه يتقربون به إليه،
وهؤلء يعلون وجود الالق وجود الخلوق.
()
ولا وقعت منة هؤلء اللحدة الشهورة ، 2وجرى فيها ما جرى من
الحوال ،ونصر ال السلم عليهم ،طلبنا شيوخهم لنتوبم ،فجاء من
كان من شيوخهم ،وقد استعد لن يظهر عندنا غاية ما يكنه أن يقوله
لنا ،ليسلم من العقاب ،فقلنا له :العال هو ال أو غيه ،فقال :ل هو ال
() الظاهر أن شيخ السلم يريد بم الطائفة الصوفية الرفاعية ،وهي اليوم وأمثالا من 2
() درء تعارض العقل والنقل " (.)173 -171 /6 1
-166-
خاتـة
لقد تبي للقارىء النصف:
-1أن ما يدعى من وجوب الوازنة بي الثالب والحاسن ف نقد
الشخاص والكتب والماعات دعوى ل دليل عليها من الكتاب
والسنة ،وهو منهج غريب مدث.
-2وأن السلف ل يرون هذا الوجوب الدعى.
-3وأنه يب التحذير من البدع وأهلها باتفاق السلمي ،وأنه يوز
بل يب ذكر بدعهم والتحذير والتنفي منها.
-4وأنه يوز -بل يب -جرح الرواة والشهود إذا كان فيهم جرح
يسقط شهادتم أو روايتهم أو يضعفها.
-5وقد نقل ابن عبدالب عن المام مالك وأصحابه أنه ل يوز
الجارات ف شيء من كتب أهل الهواء والبدع ،وتفسخ الجارة فيها،
وأن علماء قرطبة منهم أحرقوا كتبا من كتب أهل البدع.
-6ونقل ابن مفلح عن ابن قدامة وغيه أن السلف كانوا ينهون عن
مالسة أهل البدع والنظر ف كتبهم.
-7نقل ابن القيم عن المام أحد أنه سئل عن كتاب فيه أشياء رديئة،
فأمر برقه أو خرقه.
-8وأن ابن القيم يرى وجوب إتلف كتب البدع والكذب
وإعدامها ،وأنا أول بذلك من إتلف آلت اللهو والعازف وإتلف
آنية المر ،لن ضررها أعظم من ضرر هذه المور الذكورة.
-167-
-9نقل الذهب رحه ال تعال عن أب زرعة عندما سئل عن الارث
الحاسب وكتبه ،فحذر السائل منها وذمها ...واعتب التأليف ف ذلك
من البدع ،وتعليق الذهب على ذلك.
-10وأن كتب المام ابن تيمية معظمها ف الرد على أهل البدع،
وفيها نقد مر لهل الهواء ولكتبهم ولطوائفهم ،وليس فيها موازنات،
وأن ما يذكره ف أندر من النادر ليس انطلقا من قناعته بوجوب
الوازنات الزعومة.
-11وأن السلف قد ألفوا كتبا ف الرح والتعديل ،وكتبا ف الرح
خاصة ،وهي كثية ،ول يذهب أحد منهم إل وجوب ول استحباب
الوازنات ،بل يرون وجوب الرح ليس إل.
-12وأنم ألفوا كتبا ف بيان السنن ،ودحض البدع ،والتحذير من
أهلها ،ول يلتزموا هذه الوازنات ،بل عملهم على نقيض ما يدعى منها.
-13وأن كل ذلك قائم على مراعاة الصلحة للمة ،والنصح لا،
ويلزم ف ذلك الخلص ل وحده.
-14وأن الرد على أهل البدع والتحذير منهم جهاد ف سبيل ال.
-15ولقد تبي للعاقل من الواقع ،ودللة التاريخ :أن ف منهج السلف
سدا منيعا وحاية عظيمة للمسلمي من غوائل أهل الهواء والبدع
ومكايدهم.
-16وأن التساهل معهم فتح ويفتح الطريق أمامهم ،لفساد عقائد
السلمي ،وخصوصا شبابم ،ويفتح باب الفت على مصراعيه ،لياد
-168-
صراعات بي شباب السنة والتوحيد ،تضر بالسلم وبم ،ول يستفيد
منها ويسر با إل أهل الهواء الاقدون.
-17وأن على الشباب السلفي أن يكون يقظا لا ياك ضده وضد
عقيدته ومنهجه ،فل يليق به أن ينساق وراء الشعارات الطنانة ،ول وراء
العواطف العمياء ،الت تؤدي إل تضييع أعظم نعمة وأعظم أمانة ف
عنقه ،وهي الثبات على منهج أهل الديث والسنة ،وحايته من غوائل
خصومه ومكايدهم وألعيبهم ،الت ظهرت آثارها على كثي من
الساتذة وطلب العلم والثقفي ،الذين كان ينتظر منهم تربية الجيال
على منهج السلف الصال ،وتثبيتهم عليه ،والعتزاز برفع لوائه.
ومن الناسب هنا أن أتف شباب السنة والتوحيد بذه القوال التية
لبعض أئمة السلم:
-1قال ابن القيم رحه ال ف سياق كلمه على بعض التكلمي
العطلي لصفات ال" :فما أعظم الصيبة بذا وأمثاله على اليان! وما
أشد الناية به على السنة والقرآن! وما أحب جهاده بالقلب واليد
واللسان إل الرحن! وما أثقل أجر ذلك الهاد ف اليزان! والهاد
بالجة واللسان مقدم على الهاد بالسيف والسنان ،ولذا أمر به تعال
ف السور الكية حيث ل جهاد باليد؟ إنذارا وتعذيرا ،فقال تعال{ :فل
()1
تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيا} .
فالهاد بالعلم والجة جهاد أنبيائه ورسله وخاصته من عباده
الخصوصي بالداية والتوفيق والنفاق ،ومن مات ول يغز ول يدث
() الفرقان.52 : 1
-169-
نفسه بالغزو؟ مات على شعبة من النفاق ،وكفى بالعبد عمى وخذلنا
أن يرى عساكر اليان وجنود السنة والقرآن وقد لبسوا للحرب لمته،
وأعدوا له عدته ،وأخذوا مصافهم ،ووقفوا مواقفهم ،وقد حي الوطيس،
ودارت رحى الرب ،واشتد القتال ،وتنادت القران :النال ! النال!
وهو ف اللجأ والغارات والدخل ،مع الوالف كمي ،وإذا ساعد القدر
وعزم على الروج ،قعد فوق التل مع الناظرين ،ينظر لن الدائرة ،ليكون
إليهم من التحيزين ،ث يأتيهم وهو يقسم بال جهد أيانه أن كنت
()
معكم وكنت أتن أن تكونوا أنتم الغالبي " 1اهـ.
-2وقال أبو عبيد القاسم بن سلم" :التبع للسنة كالقابض على
()2
المر ،وهو اليوم عندي أفضل من الضرب بالسيوف ف سبيل ال " .
-3قال الفضيل بن عياض" :الرواح جنود مندة ،فما تعارف منها
ائتلف ،وما تناكر منها اختلف ،ول يكن أن يكون صاحب سنة يالء
()3
صاحب بدعة ،إل من نفاق " .
-4وقال المام يي بن يي النيسابوري" :الذب عن السنة أفضل من
()
الهاد" . 4
وصلى ال على نبينا ممد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيا.
()"شرح القصيدة النونية ا للشيخ ممد خليل هراس (.)8 /1 1
-170-
فهرس الحاديث النبوية
-173-
((لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم الحلل والحلل. )) ...
((لعن ال السارق يسرق البيضة . ))...
((لعن ال اليهود ،حرمت عليهم......)) ...
((لعنة ال على اليهود والنصارى.....)).. .
((لو كان الطعم ابن عدي حيا.....)) ...
((لو يعلم اليش الذين يصيبونم. )) ...
ل الواجد يل عرضه وعقوبته......)).. .
((ليس قراءتكم إل قراءتم بشيء ،ول صلتكم. )) ...
((ما أهل رسول ال صلى ال عليه وسلم إل من عند الشجرة. )) ...
((من أكل من هذه الشجرة النتنة. " ...
((من ستر مسلما ستر ال. .....))...
((من قال ف القرآن برأيه. ...)) ...
(نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن ثن الكلب ومهر. )) ...
((نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الدواء البيث )) ......
((هم شر قتلى تت أدي السماء................)) ...
((هي من أهل النة.......))....
((ولقد رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا وجد ريهما من
الرجل))
((وال ،ل يدون بعدي رجل هو أعدل من. .......)) ...
-174-
((ونى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن كلمنا. )) ...
((يا معشر من آمن بلسانه ول يؤمن بقلبه! ل تؤذوا. )) ...
((يرج ف آخر الزمان قوم كأن هذا منهم ،يقرؤون القرآن. )) ...
((يكون بعدي أئمة ل يهتدون بداي. .....))...
-175-
فهرس الوضوعات والفوائد
مقدمة الطبعة الثالية .5.........................
نقل خطاب من ساحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ف تقييم الكتاب.....
.6
نقل كلم للشيخ عبدالعزيز بن باز ف مسألة الوازنات...............
.8
نقل كلم للشيخ ناصر الدين اللبان ف مسألة الوازنات
.............
نقل كلم للشيخ عبدالعزيز الحمد السلمان ف مسألة الوازنات......
.9
نقل كلم للشيخ صال بن فوزان الفوزان ف مسألة الوازنات.........
نقل كلم للشيخ صال بن ممد اللحيدان .......................
نقل كلم للشيخ عبدالحسن بن حد العباد ..............
كلمة بقلم الشيخ سليم اللل ..................
مقدمة الطبعة الول.15 .............................
خطبة الاجة .15.....................
القصد من بعثة النب صلى ال عليه وسلم .15 ..........
اللفاء الراشدون يسيون على منهج الن صلى ال عليه وسلم
........
-176-
ظهور الفت وما جرى بي الليفة الراشد علي ومعاوية رضي ال
عنهما .16
ظهور بدع الوارج والروافض والزنادقة.17 ..........
استشراء البدع وافتراق المة .17........
ظهور أئمة يقومون بأمر ال ويدعون إل الق-.................
.18
ظهور الشيخ ممد بن عبدالوهاب ف الزيرة بعد قرون من
الظلم.....
أهل البدع يكونون جيل جديدا لعادة كرتم وإظهار بدعتهم.....
.19
أثر منهج الوازنات الزعوم وشيوعه بي أوساط الشباب السلفي.....
سعي الؤلف ف هذا الكتاب لعرض النهج الصحيح ف النقد .21
منهج السلم وأئمته ف نقد القوال والشخاص وتقويها
وبيان أن العدل القيقي إنا هو ف هذا النهج
القرآن الكري يذكر الكفار والنافقي والفاسقي دون ذكر
ماسنهم......
تذير النب صلى ال عليه وسلم أمته من أهل
الهواء....................
موقف الصحابة والتابعي من أهل البدع......................
-177-
ذكر النب صلى ال عليه وسلم عيوب أشخاص معيني دون ذكر
ماسنهم
-1حديث ((بئس أخو العشية ،وبئس ابن العشية))...............
-2نصيحة فاطمة بنت قيس بعدم الزواج من معاوية وأب
الهم.......
-3قول هند بنت عتبة للنب صلى ال عليه وسلم إن أبا سفيان رجل
شحيح))
تذير النب صلى ال عليه وسلم من الوارج.......................
-4حديث علي رضي ال عنه ف ذلك......................
-5قصة علي رضي ال عنه مع الرورية.....................
-6حديث أب سعيد رضي ال عنه ف شأن ذي الويصرة.........
وصف علي وأب ذر رضي ال عنهما للخوارج..................
ضوابط يب مراعاتا بالنسبة للفراد والماعات
من يب تكريهم..................................
أول :الرسل والنبياء صلوات ال عليهم أجعي...............
ثانيا :الصحابة الكرام رضوان ال عليهم أجعي..............
ثالثا :التابعون لم بإحسان عليه رحات ال.................
من يوز نقدهم وتريهم وتذير الناس من ضررهم.............
أول :أهل البدع .................................
ثانيا :الرواة والشهود إذا كانوا مروحي....................
-178-
ا) الرواة التفق على جرحهم......................
)2الرواة الختلف ف تعديلهم وجرحهم وأهل البدع...........
ثالثا :من تباح غيبتهم.............................
كلم الئمة ف أهل البدع والرواة..........،..............
الئمة تكلموا ف أهل البدع وف الرواة ول يشترطوا الوازنة.....
الئمة ألفوا كتبا خاصة بالرح والجروحي ....
ذكر بعض الكتب ف الجروحي والضعفاء ............
المام أحد يرح بعض الرواة دون التفات إل ماسنهم.41......
المام البخاري يرح بعض الرواة دون التفات إل ماسنهم.42......
المام النسائي يرح بعض الرواة دون التفات إل ماسنهم........
.42
مناقشة أدلة من يرى وجوب الوازنة بي اليابيات والسلبيات
خصوصا ف أهل البدع
نقل نص من كلم سلمان العودة والرد عليه .45.............
نقل نص آخر من كلم سلمان العودة والرد عليه.46 .........
نقل نص من كلم أحد الصويان والرد عليه.46 .........
نقل أدلة أحد الصويان وتفنيدها والرد عليها من خسة وجوه.......
.49
نقل كلم أحد الصويان ف شأن المر .54..............
الرد على ذلك بأدلة من القرآن والحاديث والثار.54 ............
-179-
إيراد أمثلة أخرى ف عدم الوازنات .56 ،......................
نقل كلم أحد الصويان ف سؤال حذيفة النب صلى ال عليه وسلم
عن الشر والي .58 ..........
تفنيد ذلك والرد عليه58 .............
ذكر بقية الديث وشرحه ومناقشته من ثلثة وجوه 58 ...........
إيراد أربعة أحاديث تدل على عدم اعتماد منهج الوازنات62 ........
نقل كلم أحد الصويان ف لعن الصحاب الذي شرب
المر..........
الرد على ذلك من ستة وجوه 64.............
الرد على اتام أحد الصويان مالفيه بأنم يسلكون مسلك الوارج ..
بيان مالفة أحد الصويان لكلم شيخ السلم ابن تيمية ............
نقل كلم أحد الصويان ف تعليم الشيطان لب هريرة آية الكرسي ..
الرد على كلمه هذا من ثلثة وجوه .71...........
نقل كلم أحد الصويان ف السرائيلي الذي استقرض اللف دينار
.72
الرد على كلمه هذا وإبطاله.73 ............
إيراد ستة أحاديث ترد كلم أحد الصويان جلة وتفصيل..........
.74
إيراد كلم للترمذي وابن رجب ينقض كلم أحد الصويان..........
.78
-180-
احتجاج أحد الصويان بأقوال لبعض العلماء ورد ذلك ...........
.79
موقف شيخ السلم من البدع وأهلها
وعدم التزامه بذكر ماسنهم
-1إيراد نص من "نقض النطق " ف تفضيل الرد على أهل البدع على
الهاد .83...............
-2إيراد نص من "الحتجاج بالقدر" ف أن الرد على أهل البدع
جهاد
-3إيراد نص من "العقل والنقل ،ف نقد أئمة الشاعرة. .........
-4إيراد نص من "تلبس الهمية ف الرد على الرازي.87 ........
-5إيراد نص من "العقل والنقل ،ف بيان سبيل من ضل عن الق.....
-6إيراد نص من "الرد على الخنائي " فيمن يتكلم بغيعلم.......
.92
-7إيراد نص من (الفتاوى ف الشاعرة وغيهم من الهمية......
-8إيراد نص من (منهاج السنة) ف اختلف البتدعة والذهبية
واضطراب أقوالم ............
-9إيراد نص من "تلبيس الهمية" ف الشعرية والعطلة وأشباههم
-10إيراد نص من " تلبيس الهمية" ف نقد طوائف النظار .1.4
-11إيراد نص من ((الصارم السلول )) ف شأن الوارج.1.4 ......
-181-
-12إيراد نص من "الفتاوى" ف التفاق على التحذير من أهل
البدع.....
-13إيراد نص من "منهاج السنة" فيمن تباح غيبته..........
-14إيراد نص من "الفتاوى" ف أهل الكلم والفلسفة ومن بينهم
الغزال
-15إيراد نص من "الستقامة" ف نقد الراء الحدثة ف الصول
والفروع
-16إيراد نص من "الرسائل" ف فساد منهج أهل البدع وضلله ....
البواب الت يوز فيها الغيبة
نقل كلم النووي فيما يباح من الغيبة .123.............
الول :التظلم .123...............
الثان :الستعانة على تغي النكر ورد العاصي.123 ........
الثالث :الستفتاء.123........................
الرابع :تذير السلمي من الشر ونصيحتهم124 ............
الامس :أن يكون ماهرا بفسقه أو بدعته .124............
السادس :التعريف.125 ......................
نقل كلم لبن رجب النبلي فيما يباح من الغيبة.126 ............
منهج أهل السنة والماعة قاطبة ف التحذير من أهل البدع
-1إيراد نص لبن تيمية ف جواز قتل الداعي إل البدع
-2إيراد نص آخر لبن تيمية ف عقوبة أهل البدع
-182-
-3إيراد نص لتقي الدين القدسي ف الطوائف
-4إيراد نص لبن الوزي ف أن البتدعة شر من اللحدين
-5ايراد نص لبن تيمية ف حرمة الكذب كله
-6إيراد نص لبن تيمية ف رد شهادة الدعاة إل البدع
-7إيراد نص لبن تيمية ف أنه ليس للمعلن بالبدع والفجور غيبة
-8إيراد نص لبن عبدالب ف عدم جواز الجارات ف شيء من كتب
أهل البدع والهواء وعدم جواز شهادتم
-9إيراد نص لبن عبدالب ف جواز هجر البتدع
-10إيراد نص للخطيب البغدادي ف الكرابيسي
-11إيراد نص لبن مفلح ف النع من النظر ف كتب البتدعة
-12الحالة إل كلم للمام البغوي تقدم ذكره ف (ص . )27 -26
-13إيلراد نص للشاطب ف المر بعداوة أهل البدع
-14إيراد نص للشاطب ف ضرر أهل البدع وضرورة التشريد بم
-15إيراد نص لبن القيم ف تريق كتب أهل البدع والضللت
-16إيراد نص للذهب ف التحذير من الصوفية وكتبهم
-17إيراد نص لبن رجب فيمن طعن ف أهل الديث
-18إيراد نص لبن رجب ف إنكار السلف على القالت الضعيفة
وردها
-19إيراد نص لبن رجب ف أن من عقوبة الفاسق والبتدع أن ل
تذكر ماسنه
-183-
-20إيراد نص للسبكي ف بعض من طعن ف الغزال و"إحيائه"
-21إيراد نص للونشريسي ف إحراق "إحياء علوم الدين "
-22إيراد نص لبن الوزي ف بعض ضللت الصوفية ومؤلفاتم
القبيحة
23إيراد نصي لبن الصلح والعراقي ف عدم ضرورة بيان سبب
الرح
-24إيراد نص لبن تيمية ف عدم العتماد على بعض كتب الديث
-25إيراد نص لبن تيمية ف نقد "العقيدة الصفهانية"
-26إيراد نص آخر لبن تيمية ف نقد "العقيدة الصفهانية"
حكم من يتول أهل البدع وينصرهم على أهل السنة
كلم للقرطب ف تفسي قوله تعال{ :ل تتخذوا بطانة من دونكم}...
كلم لشيخ السلم فيمن يعاون أهل البدع من أهل اللول والتاد
الاتة
ذكر سبعة عشرة مسألة مستفادة من الفصول السابقة
نقل أقوال عظيمة لعدد من أئمة السلمي وعلمائهم
-1كلم لبن القيم ف جهاد أهل البدع بالعلم والجج
157 ................
-2كلم لب عبيد القاسم بن سلم ف اتباع السنة .................
158
-184-
-3كلم للفضيل بن عياض ف نفاق من يصاحب أهل البدع ......
158
-4كلم ليحي بن يي النيسابوري ف الذب عن السنة
فرس اليات القرآنية
فهرس الحـاديث النبوية
فهرس الفوائد والوضوعات
-185-