You are on page 1of 2

‫"العمل مع جماعات المسنين وأسرهم"‬

‫أ‪ .‬عبدالمجيد طاش نيازي‬


‫‪a.tash.n@gmail.com‬‬
‫تؤكد كثير من الدراسات النفسية والجتماعية المتخصصة على أن كبار السن بشكل عام يواجهون عددا من‬
‫المشكلت النفسية والجتماعية التي تقف عائقا أمام توافقهم النفسي والجتماعي من بينها مشكلت طول‬
‫وقت الفراغ‪ ،‬والعزلة‪ ،‬والكتئاب‪ ،‬والقلق من الموت‪ ،‬وضعف العلقات الجتماعية‪ ،‬والنطواء الجتماعي‪،‬‬
‫وعدم إشباع حاجتهم إلى المن والحترام والعتماد على النفس وغيرها من المشكلت التي تحتاج إلى‬
‫التعامل معها بطريقة علمية تعمل على تخليص هذه الفئة منها أو على القل التخفيف من آثارها عليهم‪.‬‬
‫وتعتبر الجماعات من أهم الليات التي يعتمد عليها المختصون في مجال مهن المساعدة النسانية (كالخدمة‬
‫الجتماعية وعلم النفس والرشاد) لمساعدة الناس في إشباع حاجاتهم النفسية والجتماعية‪ ،‬وتحسين‬
‫علقاتهم بأنفسهم وبالبيئة المحيطة بهم‪ ،‬وتحسين أوضاعهم البيئية والجتماعية‪ ،‬وحل مشكلتهم النفسية‬
‫والجتماعية‪ .‬فمن خلل عمليات الجماعة وعمليات التفاعل والتعاون المشترك بين أعضاء الجماعة‪ ،‬وتبادل‬
‫الراء والفكار والمشاعر والخبرات يمكن مساعدة كبار السن على النمو النفسي والجتماعي‪ ،‬وتعزيز‬
‫استقلليتهم‪ ،‬وتحقيق أهدافهم الشخصية والجماعية المشتركة‪.‬‬
‫والعمل مع الجماعات هو منهج من مناهج التدخل والعلج في مهن المساعدة النسانية‪ ،‬وهذا المنهج‬
‫يستهدف وقاية أعضاء الجماعة أو المستفيدين من الوقوع فريسة للمشكلت‪ ،‬وتوفير الدعم والتعاطف‬
‫والمعونة النفسية لهم‪ ،‬وعلج مشكلت سوء التوافق الجتماعي والضطرابات النفسية التي تواجههم‪ ،‬هذا‬
‫بالضافة إلى التعليم‪ ،‬والنمو‪ ،‬والتنشئة الجتماعية‪.‬‬
‫ويتم هذا النوع من التدخل عن طريق استخدام جماعات صغيرة العدد (من ‪ 3‬إلى ‪ 6‬أو ‪ 8‬أفراد في الغالب)‪،‬‬
‫تجتمع على فترات منتظمة أسبوعيا‪ ،‬مع شخص مختص (الخصائي الجتماعي) يسمى قائد الجماعة‪ ،‬في‬
‫مكان معين يحدده القائد‪ ،‬ولمدة زمنية محددة يتفق عليها أعضاء الجماعة‪ ،‬وذلك بهدف ممارسة بعض‬
‫النشطة الموجه أو المبرمجة (كالحوار العلجي الموجه والتعليم والتدريب والتمرين واللعاب الرياضية‬
‫والنشطة الترويحية ولعب الدوار والفنون والمناقشة والقراءة) التي تساعدهم في تحقيق أهدافهم الشخصية‬
‫وأهداف الجماعة ككل‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق يمكن استخدام الجماعة كآلية للتعامل مع مشكلت كبار السن وإشباع حاجاتهم النفسية‬
‫والجتماعية‪ ،‬وهذا ليس بالمر الجديد فقد بدأ الهتمام بالعمل مع جماعات المسنين منذ فترة مبكرة‪ ،‬إل أن‬
‫هذا العمل قد ركز ‪-‬في بداياته الولى‪ -‬على تحقيق أهداف محدودة كالترويح والعمل المجتمعي‪ ،‬ثم تنوعت هذه‬
‫الهداف فشملت بالضافة إلى ما ذكر أهدافا أخرى كإعادة التأهيل‪ ،‬وتعديل السلوك والتجاهات والعادات غير‬
‫المرغوبة‪ ،‬وإشباع الحاجات النفسية والجتماعية‪ ،‬وحل المشكلت النفسية والجتماعية‪ ،‬وإكساب المهارات‬
‫الشخصية والجتماعية‪.‬‬
‫والجماعات التي نستخدمها مع كبار السن تختلف باختلف الهداف التي تسعى هذه الجماعات إلى تحقيقها‬
‫ويمكن أن نلخص أهم أنواع هذه الجماعات بناء على الهداف التي تسعى إلى تحقيقها في التالي‪:‬‬
‫‪-1‬جماعات الذكريات‪.‬‬
‫‪-2‬جماعات العلج النفسي‪.‬‬
‫‪-3‬جماعات الواقع‪.‬‬
‫‪-4‬جماعات القائمين على رعاية كبار السن‪.‬‬
‫فجماعات الذكريات هي جماعات تستهدف مساعدة كبار السن للمحافظة على صحة نفسية جيدة‪ ،‬وذلك من‬
‫خلل تذكر ما قاموا به في الماضي من أعمال إيجابية‪ ،‬والتحدث عن إنجازاتهم خاصة تلك التي تشعرهم‬
‫بالرضا والفخر والعتزاز‪ ،‬وتساعدهم في توضيح أدوارهم ومسؤولياتهم السرية والمجتمعية‪ ،‬والتكيف مع‬
‫الضغوط النفسية والجتماعية‪ .‬وهذا النوع من الجماعات ل يحتاج إلى وقت طويل حيث يمكن لمثل هذه‬
‫الجماعات أن تحقق أهدافها من خلل جلستين إلى خمسة جلسات‪ ،‬ويفضل أن تكون جماعات الذكريات‬
‫جماعات صغيرة العدد من (‪ 10‬إلى ‪ )15‬عضوا‪ ،‬وأن يشترك أعضاؤها في الهتمامات لكي يمكن تحقيق‬
‫درجة عالية من النسجام بين أعضاء الجماعة‪.‬‬
‫أما جماعات العلج النفسي فإنها تعمل على مساعدة كبار السن في حل كثير من مشكلتهم النفسية‬
‫والجتماعية‪ ،‬وتعتمد في تدخلها على استخدام العمليات المهنية الساسية كتكوين العلقة المهنية والدراسة‬
‫والتشخيص والعلج والمتابعة التي يعتمد عليها المختصون في مجال مهن المساعدة النسانية لتحقيق‬
‫أهدافهم من عملية التدخل والمساعدة‪ ،‬حيث تقوم الجماعة بمناقشة مشكلت محددة تواجه أعضاء الجماعة‬
‫وتعمل على دراستها دراسة علمية منظمة‪ ،‬وتشخيصها تشخيصا مناسبا‪ ،‬والوصول إلى أساليب تدخل مناسبة‬
‫لحلها وعلجها‪ .‬وتهتم جماعات العلج النفسي اهتماما كبيرا بالعلقة بين القائد وأعضاء الجماعة‪ ،‬وتعتمد‬
‫في تدخلها لتحقيق أهدافها على واحدة أو أكثر من النظريات النفسية والجتماعية كنظرية التحليل النفسي‪،‬‬
‫ونظرية الدور‪ ،‬والنظرية النفسية الجتماعية‪ ،‬ونظرية تعديل السلوك‪ ،‬ونظرية الزمة وغيرها من النظريات‬
‫التي تساعد في فهم السلوك النساني وتعديله‪ .‬ويتلخص دور القائد في تحديد أهداف الجماعة‪ ،‬واختيار‬
‫العضاء‪ ،‬وتوجيه عمليات التفاعل بما يضمن تحقيق أهدافها‪ ،‬ومساعدة أعضاء الجماعة في دراسة‬
‫المشكلت وتشخيصها ووضع خطط العلج المناسبة التي تسهم في حلها‪ .‬وأخيرا يمكن القول أن جماعات‬
‫العلج النفسي تحتاج إلى قائد متمرس يمتلك المعرفة والخبرة والمهارة التي تؤهله للعمل مع هذا النوع من‬
‫الجماعات‪.‬‬
‫أما جماعات الواقع فهي على العكس من جماعات الذكريات حيث تركز هذه الجماعات على الحاضر‬
‫والمستقبل أكثر من تركيزها على الماضي‪ ،‬وتهدف هذه الجماعات إلى مساعدة كبار السن للتعامل مع الحاضر‬
‫من خلل تذكر وتعلم السماء والوقت والمكان والحوادث والموضوعات المهمة في حياتهم الحالية‪ .‬ومن‬
‫فوائد هذا النوع من الجماعات أنها تساعد كبار السن في التخلص من مشاعر الضيق والنزعاج الناتج عن‬
‫النسيان‪ ،‬حيث أن هذه المشاعر لو تركت لدت إلى العزلة والقلق وتجنب مخالطة الخرين ومشاركتهم‬
‫أنشطتهم‪ .‬ومن أهم ما يميز هذا النوع من الجماعات هو اعتمادها على أساليب ومهارات مختلفة ومتنوعة‬
‫كمهارات الشرح والتوضيح التي يستخدمها القائد لمساعدة أعضاء الجماعة على تذكر هذه الجوانب في‬
‫حياتهم‪ ،‬كما أنها تتميز بقصر مدة العمل حيث يمكن تحقيق أهداف الجماعة خلل ‪ 3‬إلى ‪ 6‬جلسات‪.‬‬
‫أما جماعات القائمين على رعاية كبار السن فهي جماعات تستهدف توفير المساندة الجتماعية لهذه الفئة من‬
‫أفراد المجتمع وتعزيز قدراتهم على تفهم حاجات ومطالب كبار السن‪ ،‬وتفهم مشاعرهم وسلوكياتهم‬
‫واتجاهاتهم‪ ،‬وتعلم أساليب وسلوكيات جديدة للتعامل معهم‪ ،‬وحثهم وتشجيعهم لتوفير الدعم والتعاطف‬
‫والمساندة الجتماعية اللزمة للمسن‪ ،‬ومساعدتهم للتكيف مع أوضاعهم الجتماعية وتحمل مسؤولية رعاية‬
‫كبار السن‪ ،‬واتخاذ القرارات المناسبة بشأن رعاية ذويهم‪ ،‬وتعلم واكتساب مهارات وأنشطة جديدة تساعدهم‬
‫في تدعيم علقاتهم الجتماعية وتحسين عمليات التصال بينهم وبين كبار السن‪ ،‬ومساعدتهم على تجاوز‬
‫وحل الخلفات التي تنشأ بينهم وبين ذويهم من كبار السن‪ .‬وهذا النوع من الجماعات أيضا ل يحتاج إلى وقت‬
‫طويل حيث يمكن أن يحقق هذا النوع من الجماعات أهدافه خلل (‪ 3‬إلى ‪ )5‬جلسات‪ ،‬وعلى القائد الهتمام‬
‫بتحديد أهداف الجماعة بصورة دقيقة وأل يبالغ في التعامل مع جوانب متعددة قد تؤدي إلى عدم استفادة‬
‫العضاء من العمل الجماعي‪.‬‬

You might also like