Professional Documents
Culture Documents
واألسر
الفصل العاشر
العالج المتمركز حول الحل
Solution - Focused Brief Therapy
مقدمة:
وعلى خالف األساليب العالجية األخرى ،فإن هذا األسلوب العالجي ال
يستغرق في البحث عن األعراض المرضية وال عن العوامل التي ساهمت في
نشأتها بقدر ما يتوجه مباشرة إلى الحلول التي تساهم في القضاء على المشكلة
أو التخفيف من حدتها أو التكيف مع إفرازاتها .ومن هنا فإنه عالج موجه
ومباشر 1نحو الهدف النهائي الذي يسعى له العميل وهو الوصول 1إلى التوافق1
النفسي واالجتماعي 1مع الذات ومع البيئة المحيطة.
تتضمن أنه من الصعب الحصول على نظرية واحدة تستطيع 1تفسير السلوك
اإلنساني كما أنه من الصعب أن ينظر إلى العمالء نظرة واحدة حتى وإ ن كانت
تبدو مشكالتهم متشابهة ويرى ) Garfield (1994أن العالج المختصر 1فعال
ومؤثر 1نتيجة لآلتي-:
5
المداخل العالجية المعاصرة للعمل مع األفراد
واألسر
-1معظم األفراد يلجأون لطلب العالج لمشكلة محددة يواجهونها 1وليس من
أجل الحصول على االستبصار 1بتأثيرها فقط.
في مدينة Palo Altoبوالية كاليفورنيا 1بالواليات المتحدة األمريكية منذ العام
1967ومن أبرز العلماء Batesonو Jacksonو Weaklandو Watzlawick
و1ي1ق1د1م 1م1ع1ه1د 1ا1أل1ب1ح1ا1ث 1ا1ل1ع1ق1ل1ي1ة 1ن1م1و1ذ1ج1اً 1ي1و1ض1ح 1ك1ي1ف1ي1ة 1ت1ع1ا1م1ل 1ا1ل1ع1م1ي1ل 1م1ع1
ا1ل1م1ش1ك1ل1ة 1ا1ل1ت1ي 1ت1و1ا1ج1ه1ه 1و1م1د1ى 1م1س1ا1ه1م1ة 1ه1ذ1ه 1ا1ل1ط1ر1ي1ق1ة 1ف1ي 1ت1ف1ا1ق1م 1ا1ل1م1ش1ك1ل1ة 1و1ا1ز1د1ي1ا1د1
ح1د1ث1ه1ا1( 1ش1ك1ل 1ر1ق1م1.)1 1
ومن خالل النظر إلى الشكل يمكن مالحظة أن العميل يدور في دائرة
مغلقة من خالل محاولة عالج المشكلة بحلول أثبتت فشلها وساهمت في تفاقم
المشكلة .والعالج لهذا الوضع كما يراه MRIتكمن في كسر هذه الدائرة من
خالل التخلي عن الحلول عديمة الفائدة ومحاولة إيجاد حل مختلف.
المداخل العالجية المعاصرة للعمل مع األفراد 6
واألسر
نعم
المشكلة
المشكلة تتفاقم
تتفاقم أكثر
-3ا1ل1ت1ر1ك1ي1ز 1ع1ل1ى 1ق1د1ر1ا1ت 1ا1ل1ع1م1ي1ل 1و1إ م1ك1ا1ن1ي1ا1ت1ه 1ب1د1الً 1م1ن 1ا1ل1ت1ر1ك1ي1ز 1عل1ى 1م1و1ا1ط1ن1
ا1ل1ض1ع1ف1.1
المفاهيم األساسية-:
" -2إذا عرفت ما الذي يحقق التغيير فالزمه وساعد العميل على عمل
المزيد منه" .ومعنى ذلك أن التغيير مهما كان بسيطاً هو الهدف
المنشود والوصول إليه وشعور 1العميل بما يحدثه في حياته هو لب
العالج ويجب أن يستمر العمل من خالله حتى يتحقق التغيير الكامل
وهو زوال المشكلة أو على األقل الحد من آثارها على العميل.
" -3إذا كان العالج غير فعال ولم يحدث التغيير فال تعاود 1محاولته مرة
ثانية" ومعنى ذلك أن على المعالج محاولة أسلوب آخر أو حل آخر
غير الذي ثبت فشله وفي هذا خروجاً من االحباطات التي يشعر بها
العميل واستثاره لقدراته وإ مكانياته في البحث عن حلول أخرى أكثر
فاعلية في التصدي لمشكلته.
-3المفهوم الثالث الذي يرتكز 1عليه العالج المتمركز 1حول الحل يقوم على
فكرة كرة الثلج " "Snow ballبمعنى أن التغيير البسيط في حياة العميل
يؤدي إلى نجاح أكبر وصوالً 1إلى الهدف النهائي وهو التوافق 1النفسي
واالجتماعي.
11
المداخل العالجية المعاصرة للعمل مع األفراد
واألسر
مثال-:
الطالب الذي 1يعاني 1من التأخر 1الدراسي 1نتيجة ألنه يكره 1مادة
الرياضيات 1ال يمكن للمرشد 1الطالبي 1أن يحقق الهدف 1النهائي 1وهو 1هنا 1التفوق1
الدراسي 1ما 1لم يسعى 1في 1البداية إلى 1إحداث بعض التغييرات 1البسيطة 1في 1حياة
الطالب مثل :حث مدرس 1الرياضيات 1على تشجيع 1الطالب 1أمام زمالءه،
إعطاءه دروساً 1خصوصية 1في 1أوقات 1الفراغ 1بين الحصص الدراسية 1،إدماج
الطالب في 1مجموعة صغيرة 1مع بعض الطالب 1المتفوقين 1في 1مادة
الرياضيات 1.مثل 1هذه التغييرات 1الصغيرة 1تؤدي 1إلى 1تغيير 1أكبر 1في 1حياة
الطالب.
-4المفهوم الرابع يدور حول أهمية االعتراف بأن لكل عميل قدرات (
)Strengthsيستطيع استخدامها للتغلب على ما يواجهه من صعوبات.
وعلى هذا يجب على الممارس أن يعطي اهتماماً كبيراً نحو اكتشاف
قدرات العميل وتجنب التركيز على مواطن الضعف فيه.
إن التركيز 1على القدرات يزيد من ثقة العميل بنفسه ومن قدرته على
االعتماد عليها فترتفع روحه المعنوية ويكبر 1األمل والتفاؤل داخله
ويصبح متطلعاً للمستقبل ومتخلصاً 1من آثار الماضي.
-5يدور هذا المفهوم حول ضرورة صياغة أهداف العميل بصورة إيجابية
Positive goalsبدالً من صياغتها بصورة سلبية Negative goalsألن
هناك فرقاً 1شاسعاً بين النظر إلى نصف الكوب الملىء بالماء وبين
النظر إلى نصف الكوب الفارغ من الماء.
المداخل العالجية المعاصرة للعمل مع األفراد 12
واألسر
إن الطريقة ال11تي ينظر بها اإلنس11ان إلى األش11ياء هي ال11تي توجه إمكاناته
وقدراته وهي بمثابة الوقود 1الذي يتزود 1منه اإلنسان بالطاقة.
ومن هنا كان على الممارس أن يساعد العميل على صياغة أهدافه
بطريقة إيجابية من خالل سؤاله عما يود فعله وليس ما ال يود فعله .وهذا ألن
العمالء يكتسبون القوة من خالل إنجاز األهداف التي وضعوها لحل مشكالتهم1
التي يواجهونها.
ومن المه 11 1 1 1ارات ال11 1 1 1تي يجب على المع11 1 1 1الج أن يكتس11 1 1 1بها 1في عالقته مع
العمالء ما يلي-:
مثال:
13
المداخل العالجية المعاصرة للعمل مع األفراد
واألسر
األخصائي :أقدر 1مشاعر األلم التي تشعر بها اآلن وأعلم مقدار المعاناة التي تمر
بها.
-2االستعداد لمناقشة كل شيء وأي شيء يود العميل مناقشته Readiness
to discuss everythingولكن هذا األمر ال يعني بالضرورة أن
المعالج يستطيع أن يعالج كل مشكالت العميل أو أن لديه إجابة لكل
سؤال أو استفسار يطرحه العميل بل يعني أن المعالج لديه استعداد لبذل
الجهد في محاولة مساعدة العميل.
-3الهدوء ورباطة الجأش ( )Composureوتعني أن يكون المعالج مرتاحاً1
من عالقته بالعميل بغض النظر عن اعتقاداته وآراءه الشخصية
وبغض النظر عن الفوارق االجتماعية أو االقتصادية .فالعميل في
نهاية المطاف إنسان يجب احترامه واالهتمام به .والهدوء هنا يجعل
المعالج قادراً على التركيز في كل ما يقوله أو يشعر به العميل.
-4التشجيع ( )encouragementوهو اإليمان الكامل بأن لكل عميل قدرات
وإ مكانيات يستطيع 1استثمارها إلى أقصى حد من أجل التغلب على
المشكالت التي تعوق تكيفه النفسي واالجتماعي .وقيام 1األخصائي
االجتماعي بتشجيع العميل على تحمل المسؤولية يكسب األخير الثقة
بذاته وبقدراته كما أن ذلك يسهل عملية تقديم المساعدة.
-5الهدفيه ( )Purposefulnessوتعني 1أن يكون األخصائي االجتماعي
هادفاً في عمله فلكل نشاط يقوم به هدف وغاية يسعى إلى تحقيقها
وتخدم مصالح عمالءه .كما يجب عليه أن يسعى إلى توضيح ذلك
للعمالء الذين يتعامل معهم .وكلما كانت تلك األهداف واضحة لدى
المداخل العالجية المعاصرة للعمل مع األفراد 14
واألسر
األخصائي والعميل كلما كان ذلك أدعى ألن تصبح عملية المساعدة
أكثر كفاءة وفاعلية.
وعلى هذا فالعالقة المهنية بين كل من األخصائي االجتماعي والعميل
هي عالقة تبادلية ( )Reciprocalبمعنى أن األخصائي االجتماعي ال يفرض
على العميل أهدافاً محددة ويجبره على تبنيها كما أن العميل ينظر إلى
األخصائي االجتماعي كشخص مقبول ومتفهم ويمكن االعتماد عليه (Aguilera
و1ي1م1ك1ن 1ل1ن1ا 1أن 1ن1ن1ظ1ر 1إ1ل1ى 1ط1ب1ي1ع1ة 1ا1ل1ع1ال1ق1ة 1ا1ل1م1ه1ن1ي1ة 1ا1ل 1 1ت1ي 1ت1ر1ب1ط 1ا1أل1خ1ص 1 1ا1ئ1ي1
ا1ال1ج1ت1م111ا1ع1ي 1ب1ا1ل1ع1م1ي1ل 1ف1ي 1ا1ل1ع1ال1ج 1ا1ل1م1ت1م1ر1ك1ز 1ح111و1ل 1ا1ل1ح1ل 1م1ن 1خ1ال1ل 1م1ع1ر1ف1ة 1ط1ب1ي1ع1ة1
ا1ل1ع1م1ال1ء1.1
والسؤال المهني الذي يفرض نفسه هنا هو كيف تواجه كل نوعية من
العمالء باستخدام العالج المتمركز حول الحل ؟ ولإلجابة على هذا السؤال يطرح
) Murphy (1997عددًا من المهارات التي يمكن أن تساعد األخصائي االجتماعي.
تكنيكات العالج:
إن التكنيكات 1التي 1يقدمها المتمركز 1حول الحل هي 1وسائل 1تعتمد1
بدرجة كبيرة 1على 1مهارة األخصائي 1االجتماعي 1وعلى مدى 1استجابة 1العميل
أثناء عملية المساعدة .ومع 1عرضنا 1لهذه التكنيكات 1يظل هناك 1تساؤالً 1حول
مدى 1مالئمة تطبيقها 1في 1المجتمعات 1العربية حيث أنها 1نشأت وتطو1رت 1وتم1
تطبيقها 1فأثبتت 1فاعلية في 1المجتمعات 1الغربية .وهذا 1ألن المشكالت 1اإلنسانية
وإ ن تشابهت 1األسماء يظل 1التراث الثقافي 1واالجتماعي 1عامالً مؤثراً 1في1
الجانب التطبيقي 1فلكل 1مجتمع خصوص1يته 1الثقافية واالجتماعية1.
مثال:
الطالب :ال أريد أن يوقفني المعلم أمام التالميذ ألنني لم أقم بحل الواجب؟
(هدف سلبي).
الطــالب :إذا قمت بحل الواجب فإن المعلم لن يوقفني أمام التالميذ.
األخص ـ ــائي :تخيل أنك قمت من الن 11 1 1وم في الص 11 1 1باح وقد انتهت المش 11 1 1كلة ال 11 1 1تي
تواجهك .ما الذي يمكن أن يتغير في حياتك ؟
المداخل العالجية المعاصرة للعمل مع األفراد 18
واألسر
من خالل إجابة العميل حول هذا االفتراض يمكن لألخصائي1
االجتماعي أن يبحث عن الحلول وفقاً لما يراها العميل ثم يقوم بمناقشة العميل
حول إمكانية تطبيق تلك الحلول.
إن اله11 1 1دف من ه11 1 1ذه األس11 1 1ئلة هو زي11 1 1ادة وتعزيز فرصة العمالء في أن
يجدوا الحلول الممكنة للمشكالت التي يواجهونها.
مثال:
العمــيل :أريد أن أتخلص من كل المشكالت التي أعاني منها.
األخصائي :م11اذا بعد أن تتخلص من كل المش11كالت ،ما ال11ذي يمكن أن يتغ11ير في
حياتك؟
-4خريطة العقل ()Mind mapping
إن هذا التكنيك العالجي ما هو إال رسم خريطة لألفكار 1التي تقود
وتوجه العمالء وتصبغ سلوكهم 1ومشاعرهم .ولكي يستخدمه األخصائي1
االجتماعي فإن عليه أن يقوم باستدعاء سلوك العميل اإليجابي مهما كان صغيراً
وتعزيز 1ذلك السلوك في حياة العميل ومطالبته بعمل المزيد منه .هذا السلوك
19
المداخل العالجية المعاصرة للعمل مع األفراد
واألسر
سوف يعمل بمثابة الخارطة التي سوف 1تقود العميل وترشده إلى الوصول 1إلى
النجاح في العملية العالجية وفيما 1يحقق أهدافها.
-5توجيه النجاح ()Cheer Leading
يعرف ) Kottler (1997هذا التكنيك بأنه مساندة وتشجيع نجاح العميل
من خالل إسماع العميل كلمات المدح والثناء .فالعمالء يحبون من يثني على ما
يقدمون أو ما يقومون به من أفعال .وذلك إن حدث يمنحهم الثقة بالنفس ويعتبر1
بمثابة الوقود الذي يدفعهم للمشاركة الفاعلة في عملية المساعدة.
ويمكن لألخصائي 1أن يظهر هذا التكنيك من خالل-:
-1رفع مستوى الصدق أثناء الحوار ليري العميل كيف أن عملية
المساعدة تتقدم.
-2التعبير للعميل عن السرور 1عندما يقوم العميل بمحاولة جادة للوصول1
إلى حل للمشكلة.
-3إظهار اإلعجاب بما يقدمه العميل من تفكير بناء ورشيد وناضج في
المشكلة التي يواجهها.
مثال:
-6المقياس ()Scaling
المداخل العالجية المعاصرة للعمل مع األفراد 20
واألسر
هذا التكنيك يهدف إلى مراقبة التحسن الذي يطرأ على الحالة من مقابلة
إلى أخرى أثناء العملية العالجية ،ويتم ذلك من خالل الطلب من العميل أن
يحدد على مقياس يبدأ من صفر إلى 10بحيث أن الصفر يعني أنه ال يوجد تقدم
أو تحسن في حل المشكلة بينما يعني رقم 10أن المشكلة تماماً انتهت وتم
التوصل إلى حل لها .وعندما يختار العميل رقماً 1بين طرفي 1المقياس يقوم
األخصائي االجتماعي بسؤاله عن سبب اختيار الرقم 1وعن مقدار التحسن الذي
طرأ على الحالة.
فمثالً عندما يختار العميل في المقابلة األولى صفر وفي المقابلة الثانية
يختار الرقم 4يتم مساءلة العميل عما حدث من تقدم وما هي األفعال والمهام
التي قام بها في مواجهة المشكلة التي يعاني منها .ثم عندما يذكر العميل بعضاً
من تلك األفعال التي ساهمت في عملية التغيير يطالبه األخصائي 1باالستمرار1
في فعل ذلك حتى تستمر 1حالة التغيير وصوالً إلى األهداف العالجية.
ومن هنا يتوجه النقد إلى العالج المتمركز حول الحل في كونه أسلوبا
عالجيا تفاؤليا إلى حد المبالغة .فهو ينظر إلى العميل على أنه يملك من القدرات
واإلمكانيات ما يؤهله للتغلب على الصعوبات التي تواجهه .وفي 1هذا نوع من
التفاؤل المفرط فالعمالء ليسوا في مستوى 1واحد من القدرات الصحية والنفسية
واالجتماعية وبالتالي 1فمن المنطقي أن يختلفوا في مستوى استجاباتهم وردود
أفعالهم.
ومن النقد الذي يوجه أيضا لهذا األسلوب العالجي أنه يعتمد كثيرا على
البحث عن االستثناءات (األوقات 1التي ال تظهر فيها المشكلة) ودفع العميل نحو
مالحظتها وإ دامة فتراتها .وفي 1هذا هروب من مواجهة المشكلة ومحاولة
للتوافق معها ومع تأثيراتها 1كما وأن ذلك يجعل العميل يقف موقفا سلبيا منها.
وما يهمنا في هذا المقام هو مدى مالئمة هذا النوع من العالج في
مجتمعاتنا العربية واإلسالمية التي تتميز بخصوصيتها 1الثقافية والدينية .وهذا
األمر من الصعوبة الخوض فيه ،حيث أنه يحتاج إلى المزيد من األبحاث
التطبيقية والممارسة المهنية.
المداخل العالجية المعاصرة للعمل مع األفراد 22
واألسر