Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الثالثة
حسب العلماء في هذا المجال ،من الصعب تق ديم تعري ف ش امل متف ق علي ه للعالج
النفس ي الجم اعي ،لكن إذا قمن ا بدراس ة كلم ة "عالج" نج د أنه ا ترتب ط بعالج الم رض
والشفاء منه ،والتركيز على العالج في العالج النفسي الجماعي يش ير إلى اف تراض أن ه ذا
األخ ير يرك ز على مس اعدة أعض اء الجماع ة على ح ل وعالج مش كالتهم المتعلق ة بس وء
التوافق أو باضطرابات الشخصية أو بمشكالت الصحة العقلية بصفة عامة.
يتميز العالج الجم اعي ب الوقت والجه د ،ومعالج ة ع دد من األف راد يع انون من نفس
المشكلة في نفس الوقت،
ويتميز العالج الجماعي بقدرته على الحصول على ردود فعل س ريعة ومباش رة م ع الف رد
عن كل تغيير يحدث أو مشاركة حقيقية.
وكان كل من هؤالء الثالث ة نش طون ويعمل ون في الس احل الش رقي في النص ف األول من
القرن العشرين.
وبعد الحرب العالمية الثانية تم تطوير العالج النفسي الجماعي من قبل يعقوب إل .مورين و،
صموئيل سالفسون ،هيمان ،ايرفين يالوم ،ولو اورمونت،
واعتبر نهج في العالج الجماعي مؤثر جدا ليس فق ط في الوالي ات المتح دة ولكن في جمي ع
أنحاء العالم.
ك ورت ل وين وك ارل روج رز وزمالئ ه روادا في منتص ف 1940في العالج الجم اعي،
واس تخدموه كوس يلة من وس ائل التعلم ح ول الس لوك البش ري أص بح يع رف بمخت برات
التدريب الوطني (المعروف أيضا باسم معهد مختبرات التدريب) وال ذي تم إنش اؤه من قب ل
مكتب البحوث البحرية وجمعية التربية الوطنية في بيت ايل ،مين ،في عام .1947
تطور العالج النفسي الجماعي في المملكة المتح دة في البداي ة بش كل مس تقل ،من قب ل اس
اتش فولكس ويلفريد بيون مستخدمين العالج الجماعي كنهج لعالج تعب القتال في الح رب
العالمية الثانية ،وكان كل من فولكس وبيون محللين نفسيين وقاما بدمج التحليل النفسي م ع
العالج الجماعي من خالل إدراك أن االنتقال يمكن أن ينشأ ليس فقط بين أعضاء المجموعة
وبين المعالج ولكن أيضا بين أعضاء المجموعة نفسها ،وعالوة على ذل ك ،تم تمدي د مفه وم
التحليل النفسي لالوعي بإدراك مفهوم الالوعي الجماعي،
وضع فولكس نموذج يعرف باسم التحليل الجماعي ومعهد تحلي ل الجم اعي ،في حين ك ان
بيون مؤثر في تطوير العالج الجماعي في عيادة تافيستوك. .
في األرجنتين تقدمت مدرسة مس تقلة في التحلي ل الجم اعي من عم ل وتع اليم السويس ري
المولد المحلل النفسي األرجنتيني إنريك بيشون-ريفي ير ،وتصور ه ذا المفك ر نهج يتمرك ز
على الجماعة والذي وإن لم يكن تأثر مباشرة بعمل فولكس ،إال أنه كان متوافق تمام ا مع ه.
ولقد اصبح العالج الجماعي هو عنصر أساسي من البيئ ة العالجية في المجتم ع العالجي،
وتعتبر البيئة الكلية و الوسط المحيط وسيلة للعالج ،جميع تعت بر التف اعالت واألنش طة علي
أنه ا ق د تك ون ذات فائ دة عالجي ة وتخض ع لالستكش اف والتفس ير ،كم ا يتم بحثه ا في
االجتماع ات اليومي ة أو األس بوعية ،إال أن التفاع ل بين ثقاف ة إع دادات العالج النفس ي
الجماعي والمعايير األكثر إدارية للسلطات الخارجية قد تخل ق "اض طراب تنظيمي" وال ذي
بدوره يمكن أن يقوض بشكل حاسم قدرة المجموعة على المحافظ ة على "مس احة تكويني ة"
آمنة.
وق د تمت اإلش ارة إلي ش كل من أش كال العالج الجم اعي بأن ه فع ال في حال ة الم راهقين
المصابين بالذهان والمدمنين المتعافين و مع السجناء.
أصبح التحليل الجماعي منتشر على نطاق واسع في أوروبا ،وخاص ة في المملك ة المتح دة،
حيث أصبح الشكل األكثر شيوعا من العالج النفسي الجماعي ،كما زاد االهتمام ب ه من قب ل
كل من أستراليا واالتحاد السوفياتي السابق والقارة األفريقية.
العالمية :االعتراف بالخبرات والمشاعر المشتركة بين أعضاء المجموعة ،وذلك قد
يكون محل اهتمام اإلنسان على نطاق واسع أو ع المي ،كم ا أن ه يعم ل على إزال ة إحس اس
عضو المجموعة بالعزلة ،ويؤيد من خبراته ،ويرفع من احترامه للذات.
معلومات المنح :في حين أن هذ ليس بالمعنى الدقيق عملية عالجية ،إال أنه غالبا ما
يشير األعضاء بأنه كان مفيدا جدا لهم معرف ة معلوم ات واقعي ة من األعض اء اآلخ رين في
المجموعة ،على سبيل المثال ،حول معاملتهم أو حول الحصول على الخدمات.
الخالصة التصحيحية للتجربة األسرة األساسية :في كثير من األحي ان وبص ورة ال
واعية يطابق األعضاء معالج أو عضو المجموعة بوالدهم وأشقائهم من خالل عملي ة عملي ة
تمثل شكل من أشكال النقل مخصصة للعالج النفسي الجم اعي ،ويمكن أن تس اعد تفس يرات
الطبيب المعالج أعضاء المجموعة علي اكتساب فهم تأثير خبرات الطفولة على شخص يتهم،
كم ا ق د يتعلم وا تجنب تك رار أنم اط الماض ي التفاعلي ة الغ ير مفي دة في عالق ات ال وقت
الحاضر.
تط وير تقني ات التنش ئة االجتماعي ة :ي وفر العالج الج امعي بيئ ة آمن ة وداعم ة
لألعض اء تس اعدهم علي تحم ل المخ اطر من خالل توس يع ذخ يرتهم من الس لوك بين
األشخاص وتحسين مهاراتهم االجتماعية.
سلوك مقلد :إحدى الطرق ال تي يمكن للعالج الجم اعي مس اعدة األعض اء فيه ا هي
تطوير المهارات االجتماعي ة من خالل عملي ة النمذج ة ،ومراقب ة وتقلي د المع الج وأعض اء
المجموعة اآلخرين ،على سبيل المثال ،تبادل المشاعر الشخصية ،وإظه ار االهتم ام ،ودعم
اآلخرين.
التماسك :اقترح التماسك بأنه عامل عالجي أساسي وال ذي تت دفق من ه ك ل العوام ل
األخرى ،البش ر هم حيوان ات قطي ع بحاج ة غريزي ة لالنتم اء إلى الجماع ات ،وال يمكن أن
تح دث التنمي ة الشخص ية إال في س ياق العالق ات الشخص ية ،والمجموع ة المتماس كة هي
المجموعة التي يشعر فيها جميع األعضاء باالنتماء والقبول ،والتأكيد.
عوامل وجوديةَ :ت َّعلُم المرء أنه يجب عليه أن يتولي المس ؤولية عن حيات ه الخاص ة،
وكذلك النتائج المترتبة على قراراته.
التطهير :التطه ير ه و تجرب ة للتخفي ف من االض طراب الع اطفي من خالل التعب ير
العاطفي الحر والغير مثبط ،فعندما يخ بر أعض اء المجموه ة قص تهم لجمه ور داعم ،ف إنهم
يمكنهم االنعتاق من المشاعر المزمنة من العار والشعور بالذنب.
التعلم الشخصي التفاعلي :يحقق أعضاء المجموعة مستوى أعلى من ال وعي ال ذاتي
من خالل عملية التفاع ل م ع اآلخ رين في المجموع ة ،األم ر ال ذي يعطي أث ر على س لوك
األعضاء وتأثير على اآلخرين.
الفهم الذاتي :ه ذا العام ل يت داخل م ع التعلم الشخص ي التف اعلي بين األف راد ،ولكن
يشير إلى تحقيق مستويات أعلى من التبصر في نشأة المش اكل ،وال دوافع الالش عورية ال تي
تكمن وراء سلوك الفرد.
إن العالج الجم اعي ض روري للس جناء ال ذين يع انون اض طرابات س لوكية و خاص ة
اضطرابات عقلية خطيرة ،ويشمل على سبيل المثال ال الحصر المجموع ات العالجي ة ال تي
ترك ز على حاج ة الس جناء المض طربين عقل ًّي ا لفهم ح التهم المرض ية واالل تزام ب أنظمتهم
الدوائية.
ولقد أثبت العالج الجماعي وجلسات اإلرشاد النفسي الجماعي ة ال تي ترك ز على مش كالت
محددة — مثل تعاطي المخدرات ،والعن ف األس ري ،ومش كالت تربي ة األبن اء — فعاليت ه
الكبيرة مع مجموعة أكبر بكثير من المجرمين في السجون.
لكن في معظم السجون ،هناك عدد قليل نسب ًّيا من المجموعات العالجية .ويبرر األطب اء
النفسيون ذلك بانشغالهم الشديد بوصف األدوية؛ ما يحول دون عقدهم للمجموعات العالجية.
كما يشير اختصاصيو علم النفس إلى أنهم يقض ون معظم وقتهم في كتاب ة التق ارير للمح اكم
ومجالس إطالق الس راح المش روط .و العدي د من م وظفي الص حة العقلي ة يش ُكون من أنهم
غير مُدرَّ بين تدريبًا كافيًا على أسلوب العالج الجماعي.
هدت ب رامج العالج من المخ درات والكحولي ات تق دمًا ه ائاًل في الس نواتْ ولق د ش
األخ يرة ،وتوض ح الدراس ات ال تي ُأج ريت ح ول النت ائج المتحقق ة من ه ذه ال برامج م دى
نجاحه ا في مس اعدة ع دد كب ير من الن اس في تجنب المخ درات ،الكحولي ات والس لوكيات
العدائية .
هناك تقارير عن ب رامج عالج من اإلدم ان تحق ق نجاحً ا داخ ل الس جون ،لكن ع د ًدا
قلياًل نسب ًّيا من أنظمة السجون تقدم برامج تثقيفية وعالجية جادة للسجناء ال ذين ل ديهم ت اريخ
س ابق من تع اطي المخ درات والكحولي ات .ل ذا ،يجب جلب الخ براء في مج ال تع اطي
المخدرات إلى السجون لتدريب الموظفين ووضع برامج متطورة تهدف للح د من احتم االت
عودة السجناء إلى اإلدمان على اختالف أنواعه و السلوكيات العدائي ة ،و الع ود إلى بعض
الجرائم بمجرد خروجهم من السجون.
و من الدراسات التي ُأجريت على النتائج المتحققة من المجموعات التثقيفية والعالجي ة،
التي ُتدار جي ًدا ،أن تلك المجموع ات تقل ل من احتم االت الع ودة إلى اإلج رام ل دى مرتك بي
جرائم العنف األسري واالعتداء الجنسي .وال يعني هنا المختصين أن المدانين بهذه الجرائم
العنيفة يجب العفو عنهم بس بب اض طرابهم العقلي ،وال أن « ُي دلَّلوا» .وإنم ا يجب ً
أيض ا أال
ُترك هؤالء السجناء ليقضوا مدة عقوبتهم دون أية فرصة لإلصالح من أنفسهم.
ي َ
فمهما كانت جسامة جرائمهم ،فإن تركهم يعانون ص دمات الحي اة بالس جن دون أي ة فرص ة
للعمل على حل المش كالت ال تي يعانونه ا س يجعلهم يع ودون على األرجح إلى الجريمة بع د
خروجهم من السجن.
ومن ش أن تق ديم برن امج عالج جم اعي ج اد لهم ي ديره خ براء في المش كالت ال تي
يعانونها أن يؤدي إلى انخفاض هائل في احتماالت عودتهم إلى الجريمة.
فحسب علماء النفس ،نعلم أن بعض الرجال الذين لديهم نزعة للعنف لن تجدي معهم مث ل
هذه الجهود ،لكن علينا أن نفكر في كل الحاالت التي سيُحدِث فيها هذا التدخل اختال ًفا.
إن البرامج اإلصالحية الهادفة إلعادة تدريب الرجال على التعبير عن أنفس هم ووض ع
حل لخالفاتهم دون اللجوء للعنف تكون غالبًا برامج رمزية ،في أفضل األحوال .على س بيل
المثال ،يضيف القضاة في الكثير من الواليات إلى األحكام التي يصدرونها في قضايا العنف
ً
شرطا بأن يخضع المُدان للعالج قبل إطالق سراحه من السجن. األسري واالعتداء الجنسي
وفي الكثير من السجون شديدة االزدحام ،يُؤجَّ ل تنفيذ هذا العالج اإللزامي حتى الع ام
األخير من مدة عقوب ة الس جين .ويع ني ذل ك أن الس جين س يتأثر معظم م دة عقوبت ه بثقاف ة
السجن؛ األمر الذي سيزيد على األرجح من غضبه وسيعلمه فقط التص رف على نح و أك ثر
يوض ع بع د ذل ك في الع ام األخ ير من حبس ه في برن امج عالج جم اعي للمتهمين
َ عن ًفا ،ثم
بالضرب أو االعتداء الجنسي في إطار االستعداد إلطالق سراحه من السجن.
ليس مستغربًا ،إذن ،حسب المختصين في هذا المجال ،أن هذه المجموعات العالجية
تفشل في أغلب األحيان .وكبديل عنها ،يجب نقل التدخالت التي أثبتت نجاحً ا في وض ع ح د
للعنف لدى الرجال في المجتمع العادي إلى السجون بهدف وقائي وهو حماية جميع الس جناء
الذين هم عرضة الرتكاب هذه الجرائم طوال فترة بقائهم في السجون.
كما يشير علماء الص حة النفس ية ،ان ه ال ب د من توف ير عالج للص حة العقلي ة ً
أيض ا
للناجين من جرائم العنف ،وهناك العديد من هؤالء الناجين في السجون .فلنا أن نفك ر ،مثاًل ،
في اإلناث الناجيات من التحرش في طفولتهن ومن العنف األسري في مرحلة المراهق ة .من
المعروف أن جلسات اإلرشاد النفس ي الجماعي ة فعَّال ة للغاي ة في تعزي ز تق دير ال ذات ل دى
السيدات ،ومساعدتهن في تجاوز صدمات الماضي التي تعرضن لها ،وتشجيعهن على اتخاذ
خي ارات أفض ل عن د مغ ادرتهن الس جن .ويمكن للمجموع ات العالجي ة الخاص ة بالن اجين
الذكور أي ً
ضا تحقيق نتائج مشابهة.
و البرنامج العالجي يمكن أن يساعد ضحايا االغتصاب في السجن على التك ُّيف مع
نتائج الصدمة المروعة التي تعرضوا لها .وهذا البرنامج يمكن ص ياغته استرش ا ًدا ب برامج
العالج الناجحة لحاالت االغتصاب واالعتداء األسري الموج ودة في المجتم ع الع ادي .على
سبيل المثال ،يمكن تدريب م وظفي األمن والص حة العقلي ة على توف ير مك ان آمن للض حية
لتتعافى فيه .وعلى األقل ،يمكن تدريبهم على تجنب إع ادة تع ريض الض حية للص دمة التي
عانتها عن طريق إرغامها على تحديد هوية المعت دي أو إي داعها الحبس العق ابي .فالس جناء
الذين يعانون أعراض اضطراب توتر ما بعد الصدمة ،يحتاجون إلى عالقة عالجية موثوقة
يمكنهم من خاللها تجاوز صدمة االغتصاب أو الصدمات المتع ددة ال تي تعرض وا له ا على
مدار حياتهم.
وهناك حاجة أي ً
ضا ألنواع أخرى من المجموعات .على سبيل المثال ،يمكن لمجموعات
التحكم في الغضب أن تكون ف َّعالة للغاية ،وكذلك المجموعات المُعدة لمس اعدة الس جناء على
فهم دورهم كآباء وتجاوز حزنهم بشأن انفصالهم عن أحب ائهم .وجلس ات اإلرش اد الجم اعي
من شأنها مساعدة السجناء ،الذين تكون نتائج فحص فيروس نقص المناعة البشرية الخاص ة
بهم إيجابية أو المصابين باإليدز ،في تجاوز حزنهم ومجابهة أزمتهم .و الخبرات الجماعي ة،
سواء الهادفة للعالج أو للتثقيف النفسي ،تقدم للسجناء ممن لديهم االستعداد بدياًل مه ًّما للعزلة
التي تهيمن على الحياة داخل السجن.
: المراجع