You are on page 1of 43

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫و ازرة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة محمد خيضر بسكرة‬

‫كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‬


‫قسم العلوم االجتماعية‬
‫شعبة علم النفس‬

‫محاضرات في‬

‫علم النفس المرضي للطفل والمراهق‬


‫مقدمة لطلبة علم النفس العيادي‬

‫إع ـداد ‪:‬‬

‫د‪ .‬خـيـاط خـالـد‬

‫‪3102 / 3102‬‬
‫الفهرس‬

‫مـقدمـة ‪1 ..........................................................................‬‬

‫المحاضرة األولى ‪ -‬علم النفس المرضي للطفل والمراهق ‪2 ..........................‬‬

‫المحاضرة الثانية ‪ -‬الذهان عند الطفل والمراهق ‪5 ..................................‬‬

‫المحاضرة الثالثة ‪ -‬عصاب الطفل و المراهق ‪9 .....................................‬‬

‫النفسية عند الرضيـع ‪11 ...........................‬‬ ‫المحاضرة الرابعة ‪ -‬االضطرابا‬

‫المحاضرة الخامسة ‪ -‬الحرمـان األمـومي ‪11 .........................................‬‬

‫النـوم ‪11 ..........................................‬‬ ‫المحاضرة السادسة ‪ -‬اضطـرابا‬

‫المحاضرة السابعة ‪ -‬النفسية الحركية واضطراباتها ‪21 ...............................‬‬

‫اإلخراج ‪25 .........................................‬‬ ‫المحاضرة الثامنة ‪ -‬اضطرابا‬

‫المحاضرة التاسعة – الكذب ‪22 .....................................................‬‬

‫المحاضرة العاشرة ‪ -‬السرقــة ‪12 ....................................................‬‬


‫المحاضرة الحادية عشر ‪ -‬الـعـدوان ‪15 .............................................‬‬

‫خاتمة ‪19 .........................................................................‬‬

‫الـم ارج ــع ‪04 .......................................................................‬‬


‫مقدمة ‪:‬‬
‫الطفل أب الرجل‪ .‬بهذه العبارة البليغة اختصر العلماء بيان أهمية الطفولة في كيان المجتمع‬
‫البشري‪ .‬تعد الطفولة نقطة االنطالق الرئيسي للحياة برمتها‪ ،‬العضوية الجسمية والنفسية االنفعالية والعقلية‬
‫المعرفية واالجتماعية‪ .‬لذلك توجب على البشرية جمعاء‪ ،‬وعلى العلماء بالخصوص االهتمام بهذه المرحلة‪،‬‬
‫والسعي إلى فهمها وادراك مكنوناتها‪ ،‬من أجل معرفة وطرح والحرص على توفير ضمانات النمو السليم‬
‫ألفراد الجنس البشري‪ ،‬حتى نضمن سالمة المجتمعات واألمم‪.‬‬
‫في المقابل‪ ،‬إن حدثت اختالالت في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ كل عضو من أعضاء‬
‫المجتمع البشري‪ ،‬فسوف تكون لها عواقب وخيمة على الفرد الذي تعرض لها‪ .‬وكلما مست االختالالت‬
‫عددا أكبر كلما تفاقمت عواقبها على المحيطين الصغير والواسع لهؤالء األفراد (األطفال)‪.‬‬
‫من هذا المنطلق انصبت جهود العلماء على دراسة الطفل بمختلف جوانب حياته‪ ،‬الجسمية والنفسية‬
‫والعقلية واالجتماعية‪ .‬وكان علم النفس المرضي أحد التخصصات التي اعتنت بدراسة االضطرابات التي‬
‫يتعرض لها الطفل‪ .‬والحقيقة أن الطالب الدارس لعلم النفس العيادي ال يكتمل تكوينه األكاديمي إال‬
‫بتحكمه في المعارف المتعلقة بمرحلتي الطفولة والمراهقة‪ ،‬وعلى رأسها علم النفس المرضي للطفل‬
‫والمراهق‪.‬‬
‫هذه المطبوعة هي خالصة موجزة للمحاضرات المقدمة طيلة أعوام عدة من تدريس مقياس علم‬
‫النفس المرضي للطفل والمراهق‪ .‬وقد حاولنا إيجازها بما يمكن الطالب من اإلحاطة بمختلف االضطرابات‬
‫في زمن وجيز‪.‬‬

‫د‪ .‬خـياط خـالد‬

‫‪1‬‬
‫المحاضرة األولى ‪ -‬علم النفس المرضي للطفل والمراهق‬

‫‪ -1‬لمحة عن علم النفس المرضي للطفل والمراهق‪:‬‬


‫حظ ـي الم ارهــق منــذ بدايــة القــرن التاســع عشــر باهتمــام كبيــر – مــع الد ارســات علــى الخــرف – لكــن‬
‫الطفل و اضطراباته بقيا تقريبا غائبين عن د ارسـات علـم الـنفس المرضـي إلـى أن قـدم بينيه اختبـار الـذكاء‬
‫مقـاالت فـي النظريـة الجنسـية " لفتـت أنظـار البـاحثين إلـى‬ ‫سنة ‪ . 1091‬في نفس السنة قدم فرويد " ثـال‬
‫نفسـ ــية الطفـ ــل واضـ ــطراباتها ‪ ،‬وتوجـ ــه االهتمـ ــام تـ ــدريجيا مـ ــن فحـ ــص الـ ــذكاء إلـ ــي تكـ ــوين الطفـ ــل ونمـ ــوه‬
‫واضطرابات النمو (خاصة مـع بيـاجي و فـالون )‪ .‬انطالقـا مـن أربعينـات القـرن العشـرين تطـورت الد ارسـات‬
‫على األطفال المضطربين عقليا ونفسـيا وأخـذ الطفـل مكانـة معتبـرة ككـائن قـائم بذاتـه ‪ ،‬منفصـل عـن ال ارشـد‬
‫له مميزاته وخصائصه الصحية والمرضية‪.‬‬
‫ساعدت المالحظة المباشرة للطفل والمراهق على معرفة مراحل نموها واآلليات التي تسيره و العوامل‬
‫المؤثرة فيه ‪ ،‬وأصبحت النظرة للطفل على أنه وحدة نفسية جسمية تعيش في محيط يؤثر عليها و تتأثر به‬
‫‪ ،‬هذه التأثيرات تفتح المجال لتطور إمكانات الطفـل أو قمعهـا أو تعطيلهـا أو تشويشـها (ميمـوني – ‪2991‬‬
‫– ص ص‪. ) 22 -22‬‬

‫‪ -1-2‬السواء و الال سواء عند الطفل المراهق ‪:‬‬


‫الس ـواء و الــال س ـواء مســألة معقــدة و يمكــن تناولهمــا كمفهــومين متناقضــين مثــل الخيــر و الشــر أو‬
‫د ارســتهما علــى أســاس جدليــة األضــداد ‪ .‬يمكــن حصــر التعــاريف المختلفــة للسـواء ضــمن أربــع فئــات السـواء‬
‫عــن الس ـواء كقيمــة إحصــائية و نطــابق‬ ‫كصــحة ‪ ،‬أو كطوبيــا ‪ ،‬أو كمتوســط أو كعمليــة ‪ .‬إذ يمكــن الحــدي‬
‫كذلك عـن ‪ -‬السـواء القيمـي – أي‬ ‫بين السوي و الشائع و يتوزع األشخاص حسب منحى قوس و نتحد‬
‫ما يجب أن يكون و السواء المثالي يتغير حسب المجتمعات‪.‬‬
‫أيضــا عــن السـواء الــوظيفي حســب ممي ـزات كــل فــرد إذا أمكــن تعريــف الس ـواء بــالنظر إلــى‬ ‫و نتحــد‬
‫بعض التوازن إنما هو قدرة رد الفعـل إلعـادة‬ ‫التكيف – وفق بعض المعايير البيولوجية – ليس فقط أحدا‬
‫التوازن المفقود عقب موقف مجهد و من الزاوية النفسية االجتماعية ال يجدر بنـا فهـم التكيـف كمجـرد قبـول‬
‫ما أعطانا إياه العالم الخارجي أو المجتمع بل هو كما قال نوتين (‪ " )J.Nuttin‬المبدأ الدينامي األساسي‬
‫لـيس التكيـف مـع العـالم بـل هـو تحقيــق الـذات فـي هـدا العـالم " (‪De Ajuriaguerra -1980-pp152-‬‬
‫‪. )153‬‬
‫أما تريالت ‪ E.Trillat‬فيرفض معيار التكيف و يعوضها بمفهوم قابلية التكيـف إذ بالنسـبة إليـه "‬
‫الفرد السوي ال يتكيف أبدا بصفة تامة ‪ ،‬لكن المعتل النفسي غير قابل للتكيف " ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ويمكن تناول مسألة السواء مرتبطة بمسألة الصحة والمرض‪ ،‬فالمرض هو حياة جديدة تميزها ثوابـت‬
‫فيسيولوجية جديـدة أن تكـون سـليما لـيس فقـط أن تكـون سـويا فـي موقـف معـين ‪ ،‬بـل هـو أيضـا أن تكـون‬
‫سويا في هذا الموقف كما في مواقف أخرى محتملة ‪ ،‬لهذا قيل ‪ :‬الصحة الجيـدة هـي القـدرة علـى النهـوض‬
‫مــن المــرض أي الرفاهيــة البيولوجيــة‪ .‬غيــر أن مصـطلح " الــال سـواء " قــد يصــبح فــي وضــع متنــاقض ألننــا‬
‫يمكن أن ندرج ضمنه مختلف مخلفات المرض أو العيوب الثابتة كالتشوهات ‪ ،‬لهذا يفضل بعض المؤلفين‬
‫تعويض مصطلح "الال سواء" بمصطلح "االنحراف" أو "السلوك المنحرف" أو"الشخص المنحرف" ‪.‬‬
‫يمكن فهم السوي و المرضي – كذلك – بناءا على السلوك ‪ ،‬و الفرق بين السلوك السوي و السـلوك‬
‫المرضي ليس فرقا في الطبع إنما في الشـكل ‪ ،‬السـلوك المتسـق هـو السـلوك المالئـم للظـروف الخصوصـية‬
‫الفردي ــة للعض ــية وللظ ــروف الموض ــوعية للمح ــيط الخ ــارجي مع ــا‪DeAjuriaguerra-1980-pp153-(.‬‬
‫‪)154‬‬
‫أول مــن وضــع فروقــا بــين الســوي والالســوي –عنــد الطفــل– هــو العــالم كنقلهههاين ‪Kenghelhein‬‬
‫وضــع أربــع معــايير لتحديــدهما‪ ،‬لكــن فرويــد انتقــد هـذه المعــايير‪ ،‬وأردف أننــا كلنــا عصــابيين ألن لكــل‬ ‫حيـ‬
‫فرد إما بنية عصابية أو بنية ذهانية‪ ،‬وكل فلرد يعيش صراعات أو أزمـات يحلهـا بواسـطة لليـات الـدفاع ‪.‬‬
‫عــن‬ ‫سـاندت مالنههي كاليههن فكـرة فرويــد – هــذه – لكـن بنــوع مـن االعتـراض فـال ينبغــي – حسـبه – الحــدي‬
‫عــن العصــاب الحقيقــي لــدى الطفــل فــال يمكــن‬ ‫العصــاب كضــرورة فــي بنيــة كــل شــخص بــل يجــب البح ـ‬
‫اعتبار الخوف – مثال – كحالة عصابية يمر بها الطفل‪.‬‬
‫عند األطفال الكثير من المشكالت العصابية هي في الحقيقة محصورة في اضطراب وظيفي واحد ‪،‬‬
‫والمسـار مــن الصـراع إلـى العــرض غالبــا أقصـر ممــا هــو عليـه فــي عصــاب ال ارشـد‪ .‬ويــرى هارتمــان أنــه ال‬
‫يمكـن فهـم النمـو العصــابي إذا لـم نعتمـد علـى تحليــل مفصـل جـدا ومعرفـة مدققــة لمـا هـو " نمـو طبيعــي " ‪،‬‬
‫بينمــا حاليــا األســئلة التــي تطــرح حــول العصــاب الطفلــي أكثــر مــن األجوبــة التــي تقــدم و هــذا مــع تقــدم علــى‬
‫نفس النمو عموما ‪.‬‬
‫حسـب كـريس ‪ Kris‬تبــين المالحظــات أن الصـراعات واألزمــات ال يمكــن تفاديهــا خــالل عمليــة نمــو‬
‫الطفـل يجــب النظــر إلــى هــذه األزمــات كأنويــة مهمــة لهــذا النمـو‪ ،‬منهــا مــا هــو منبــع لهــذه القابليــات ومــا هــو‬
‫منبع لضعف األنا (‪. )DeAjuriaguerra-1980-p158‬‬
‫إن بع ــض األع ـ ـراض ولي ــدة ظـ ــروف معيشـ ــية إذ تك ــون انعكاسـ ــا لهـــا و ت ــزول بزوالهـ ــا أو خفتهـ ــا أو‬
‫تحســنها‪ ،‬مــثال ‪ :‬الم ارهــق فــي نمــو س ـريع علــى جميــع األصــعدة و يعــيش أزمــة جســمية نفســية اجتماعيــة‬
‫تجعلــه يتصــرف بشــكل غريــب ق ـد يأخــذ أشــكاال مرضــية أحيانــا لكنــه ال ينــدرج ضــمن إطــار مرضــي نظ ـ ار‬
‫لكونــه يــدخل ضــمن خصــائص هــذه المرحلــة ‪ ،‬و يــزول هــذا الســلوك بعــد مــرور هــذه األزمــة ( ميمــوني‪-‬‬
‫‪ –2991‬ص ‪. ) 33‬‬

‫‪3‬‬
‫وي ــرى دأجوري ــاقيره أن الم ــرض يش ــكل ال تكيف ــا م ــع المقتض ــيات الحميمي ــة و م ــع مقتض ــيات الع ــالم‬
‫الخارجي‪ ،‬مترافقـا مـع عجـز عـن القلـب ‪ Réversibilité‬واسـتحالة الالتمركـز‪ ،‬لكـن ال يمكـن اعتبـارالعرض‬
‫أو السلوك مرضيا إال بمقارنته بمستوى النمو والموقف الراهن ونظام الحوافز‪.‬وعن طريق مجموع منظومـة‬
‫الطفــل والمميـزات العالئقيــة نســتطيع التفريــق بــين االضــطرابات المهيكلــة ذات الطــابع العصــابي الصـريح و‬
‫االضـطرابات االنعكاسـية العـابرة أو األشـكال االنتقاليـة أو إعـادة التنظيميـة (‪DeAjuriaguerra-1980-‬‬
‫‪. )pp158-159‬‬

‫‪2‬‬
‫المحاضرة الثانية ‪ -‬الذهان عند الطفل والمراهق‬

‫إن الطفل يعاني صراعات نفسانية فـي حياتـه اليوميـة ‪ ،‬هـذه الصـراعات و المشـكالت إذا مـا واجههـا‬
‫وتمكــن مــن حلهــا فقنــه يبقــى فــي حالــة ســوية ‪ ،‬أمــا إذا لــم يســتطع حلهــا أو التغلــب عليهــا دخــل فــي حالــة‬
‫اض ــطرابية ق ــد تك ــون وظيفي ــة أو س ــلوكية ‪...‬أو غيره ــا‪ .‬االض ــطرابات الوظـيف ـ ـية ه ــي اض ــطرابات األك ـ ـل‬
‫واضــطرابات الطـ ـرح واضــطرابات الـ ـنوم و اضــطرابات الكــالم واالضــطرابات الجنســية ‪...‬الــخ ‪ ،‬وكــل ه ـذه‬
‫االضطرابات تجدها عند الرضيع وعند الطفل وعند المراهق‪ .‬ليس من اليسير طرح وشرح موضوع أمراض‬
‫الطفل النفسية واضطراباته السلوكية‪ ،‬وال من اليسير تفسيرها علميا ولغـويا‪ ،‬غيـر أننا سنعمل على تقديم مـا‬
‫تيسر لنا جمعه من تصنيفات وشروح لالضطرابات الوظيفية التي تظهر عند الطفل والمراهق ‪.‬‬
‫يمكن تقسيم االضطرابات النفسية لدى الطفل والمراهق إلى‪:‬‬
‫‪ -‬اضطرابات نفسية وظيفية ‪.‬‬
‫‪ -‬اضطرابات نفسية ذات مظهر عضوي ‪.‬‬
‫‪ -‬اضطرابات نفسية جسمية ‪.‬‬
‫قــد تتطــور االضــطرابات الوظيفيــة إلــى إصــابات عضــوية أو وظيفيــة للعضــو المعنــي‪ ( ،‬الخليــدي‪.‬‬
‫وهبي‪ -1001 -‬ص ص ‪)199-03‬‬
‫ف ــي الحقيق ــة‪ ،‬م ــن الص ــعب تش ــخيص اض ــطرابات الطف ــل‪ ،‬ويغ ــدو األم ــر أيس ــر ف ــي وج ــود أعـ ـراض‬
‫وتظــاهرات عضــوية لــذلك ينبغــي علينــا تقيــيم حالــة الطفــل الجســدية فضــال عــن التقيــيم المتكامــل لحاالتــه‬
‫النفســية واالجتماعي ــة‪ ،‬واضــافة إل ــى ذلــك الب ــد م ــن تقيــيم نم ــو شخصــيته ومس ــتواه االنفعــالي وطريقت ــه ف ــي‬
‫مواجهة حاالته الوجدانية المختلفة ( قلق وضيق وغضب‪)...‬ألنها قد تتطور إلى اضطرابات حشوية ‪.‬‬
‫تص ــيب األمـ ـراض النفس ــية الوظيفي ــة مختل ــف أجهـ ـزة الجس ــم ووظ ــائف أعض ــاءه‪ ،‬بينم ــا‪ ،‬الجه ــاز الهض ــمي‬
‫والجهاز اإلخراجي‪ ،‬والوظائف التناسلية والنومية ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫فيما يلي سنستعرض أهم االضطرابات العقلية والنفسية لدى الطفل ‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهومي البنية و التنظيم ‪:‬‬


‫فـي علـم الـنفس المرضــي تعـرف البنيـة أنهــا تنظـيم ثابـت و نهـائي لمكونــات ميتيانفسـية أساسـية سـواء‬
‫كانت الحالة مرضية أو سوية ‪ .‬في هذا الصدد يقول س ‪ .‬فرويد ‪ " :‬إذا سقط بلور من الكريستال فقنه ال‬
‫يتكسر بأي حال من األحوال بل حسب خطوط الضعف و القوة التي حـدثت أتنـاء تكوينـه ‪ ،‬و هـي خاصـة‬
‫بكل جسم هده الخطوط تبقى خفية إلى أن ينكسر البلور أو يفحص بجهاز خاص ‪ ،‬بنيـة الشخصـية تسـلك‬
‫نفس المدرج " ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عند الطفل ال نتكلم عن بنية عصابية أو ذهانية بل عـن تنظيمـات عصـابية أو ذهانيـة قابلـة للتغييـر‬
‫تحـ ــت تـ ــأثير العوامـ ــل الداخليـ ــة والخارجيـ ــة‪ .‬ال تكتمـ ــل البنيـ ــة إال عنـ ــد المراهقـ ــة لـ ــذلك يطـ ــرح التشـ ــخيص‬
‫الضطرابات الطفل والمراهق مشـكال معتبـ ار ‪ .‬فـقذا ظهـرت عنـد الطفـل أعـراض ذات طبـع عصـابي فهـي ال‬
‫تعني ‪ -‬بالضرورة ‪ -‬وجود عصاب أو بنية عصابية ألن الطفل الذي أبدى هذه األعراض يمكن أن يشفى‬
‫خالل صيرورة نموه نظ ار لإلمكانيات التطورية الداخليـة والخارجيـة التـي يملكهـا بالمقابـل ‪ .‬يمكـن أن يـنقص‬
‫أكثــر إذا ســاءت الظــروف الداخليــة و الخارجيــة مطــو ار بــدلك اضــطرابات نفســية ‪ .‬أمــا فــي المراهقــة فيقــول‬
‫برجري أنه يمكن لتنظيم ذهاني أن ينقلب إلى تنظيم عصـابي بفضـل معالجـة معمقـة ‪ ،‬كمـا أن عـددا كبيـ ار‬
‫مــن االضــطرابات تأخــذ طابعهــا النهــائي كالفصــام (الــذي هــو ذهــان المراهقــة والشــباب) ‪ .‬يجــدر القــول أن‬
‫مفهوم التنظيم في الطفولة والمراهقة يسـاعد علـى التبصـر بخطـورة االضـطرابات وأهميـة التشـخيص المبكـر‬
‫و العالج كي ال تترسخ وال تتعمق االضطرابات (ميموني‪ .2991.‬ص ص ‪.) 61 -11‬‬

‫‪ -2‬ذهان الطفل و المراهق ‪:‬‬


‫يعرف الذهان دوشي كتنظيم غير موافق لألنا ‪ ،‬يتسبب في ‪:‬‬
‫‪ -‬تلف و تشوه في فهم و تكوين الواقع رغم سالمة وظائف اإلدراك ‪.‬‬
‫‪ -‬تشوه معرفة الطفل لنفسه و للغير مما يولد اضطرابات سلوكية معتبرة ‪.‬‬
‫كما يضيف دأجورياقيره بعض األعراض األساسية‪ ،‬هي ‪:‬‬
‫‪ -‬تلف في معرف الجسم وصورته ووعيه رغم تقدم العمر ‪.‬‬
‫‪ -‬اهتمام شاد باألشياء أو بعض خصائصها ال يتعلق بحقيقة استعمالها ( ميموني‪ .2991 .‬ص ‪. ) 61‬‬

‫‪:‬‬ ‫‪ -1-2‬التوحد ( الذهان المبكر )‬


‫صــنفه كــانر (‪ )1023‬ضــمن الــذهانات ‪ ،‬وفرقــه عــن التخلــف العقلــي وعــن االضــطرابات الدماغيــة‬
‫المبكرة ووصفه باألعراض التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬االنطواء على الذات ‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف االنتماء إلى اآلخر ‪.‬‬
‫‪ -‬ميل قوي للمحافظة على رتابة األشياء ‪.‬‬
‫ثم قدمت الجمعية األمريكية للطب العقلي (‪ )1013‬األعراض األساسية للتوحد فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ظهور األعراض قبل ‪ 39‬شه ار ‪.‬‬
‫‪ -‬غياب مستمر لالستجابة و االنتماء إلى الغير‪.‬‬
‫‪ -‬اضطراب خطير في نمو اللغة ‪.‬‬
‫‪ -‬في حال نمو اللغة تظهر اضطرابات خاصة منها المضادات و تشوش استعمال الضمائر ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬رد فعل مضطرب تجاه المحيط ‪ ،‬مقاومة التغير و التعلق و استعمال الشاديين لبعض األشياء ‪.‬‬
‫‪ -‬غياب الهلوسات و الخلط الموجودين في الفصام ( ميموني‪ .2991 .‬ص ‪.) 63‬‬

‫‪ -2-2‬ذهان المراهقة ‪:‬‬


‫يكتســي ذهــان المراهقــة أع ـراض ذهــان ال ارشــد و ال ننســى أن الفصــام يعتبــر ذهــان الشــباب ‪ .‬يشــير‬
‫نجـد‬ ‫بورو ‪ Porot‬إلـى مـا يـدعى شـبه الـذهان الـذي يتطـابق مـع بعـض خصـائص مرحلـة المراهقـة حيـ‬
‫األعراض التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬صعوبة االتصال بصفة معقولة مع المحيط ‪.‬‬
‫‪ -‬تثبيط يختفي ورائه قلق ‪.‬‬
‫‪ -‬اضطرابات األداء اللغوي ‪.‬‬
‫‪ -‬اضطرابات نفسية حركية غالبا ما تتطور إلى فصام ‪.‬‬
‫ذهـان المراهقـة بصـفة مفاجئـة أو تدريجيـة و بـأعراض مختلفـة منهـا مخـاوف أو أفعـال جانحـة‬ ‫يحد‬
‫أو ه ــوس ‪...‬إل ــخ‪ .‬ويؤك ــد دوشههههي عل ــى أهمي ــة تش ــخيص ه ــذه الح ــاالت عل ــى اعتب ــار احتم ــال أن تك ــون‬
‫سلوكياتها المضـطربة مؤقتـة مرتبطـة بالمراهقـة فحسـب ‪ ،‬و احتمـال أن تكـون سـلوكات ذهانيـة ال تـزول بـل‬
‫يرافقها تغيرات تدريجية في الشخصية تعلن عن التفكك ( ميموني‪ .2991 .‬ص ‪. ) 10‬‬

‫‪ -3-2‬أسباب ذهان الطفولة و المراهقة ‪:‬‬


‫ال ــذهان تش ــكيلة م ــن االض ــطرابات متع ــددة األش ــكال والس ــببيات ‪ ،‬نج ــد ‪ -‬ف ــي أغلبي ــة الم ارج ــع ‪-‬‬
‫اهتماما بأسباب الذهان المبكر ( التوحـد المبكـر ) و الـذهان المتـأخر ( أي ذهـان الطفولـة الثانيـة والثالثـة)‪.‬‬
‫درس جايسهههمان و جايسهههمان تط ــور ال ــذهانين و الحظ ــا أن األول يمك ــن أن يتط ــور ف ــي ش ــكل الث ــاني ‪،‬‬
‫والثاني يمكن أن يتطور و يأخذ سمات التوحد المبكر عن طريق النكوص ‪.‬‬
‫ف ــي ه ــده المحاضـ ـرة سنس ــتعرض أس ــباب ال ــذهان المبك ــر و ال ــذهان المت ــأخر مع ــا م ــع اإلش ــارة إل ــى‬
‫األسباب الخاصة بكل واحد على حدى إذا كان ‪.‬‬

‫‪-1-3-2‬األسباب العضوية ‪:‬‬


‫الد ارســات علــى عــائالت الــذهانيين لــم تبــرز عالقــة دالــة بــين الو ارثــة والــذهان ‪ .‬أمــا الد ارســات الجينيــة‬
‫فأوضــحت أن العوامــل الجينيــة ال تــور الــذهان إنمــا تــور حساســية و قابليــة كبي ـرة للــذهان و أن المحــيط‬
‫يلع ــب دو ار ف ــي تعزي ــز الحساس ــية ه ــذه أو أن يص ــلحها ‪ .‬كم ــا أش ــار العدي ــد م ــن الب ــاحثين إل ــى إض ــطراب‬
‫المتقــبالت الحســية إذ أن ارتفــاع أو ضــعف العتبــة الحمائيــة ضــد المثي ـرات ‪ ،‬فــي الحــالتين يفشــل المحــيط‬

‫‪1‬‬
‫العــائلي فــي حمايــة الطفــل مــن المثي ـرات أو بتــوفير المثي ـرات الكافيــة لــه وقــد الحــظ ريمبههو ‪Rimbaud‬‬
‫تشابه أعراض الذهان وأعراض األطفال المصابين بحرمان حسي ونفسي ‪.‬‬

‫‪-2-3-2‬األسباب العائلية ‪:‬‬


‫حــاول البــاحثون أيجــاد تـرابط بــين اضــطراب األم و اضــطراب عالقاتهــا بالطفــل و بــين الــذهان ‪ ،‬مــن‬
‫تكـون عقالنيــة يقتصـر اهتمامهــا بطفلهــا‬ ‫بيـنهم كــانر الـذي أشــار إلـى أن األم تتســم بــالبرودة العاطفيـة حيـ‬
‫على الواجب خاليـا مـن العواطـف ممـا يقلـل عمـق العالقـة و يعرقـل االطمئنـان المتوقـع ‪ ،‬وتسـائل كـانر هـل‬
‫سـلوك األم هـدا يمكـن أن يكـون رد فعــل عـن اضـطراب الطفـل ‪ .‬الحــظ العديـد مـن البـاحثين أن األم انهيــا ار‬
‫خالل السـنوات األولـى مـن مـيالد الطفـل ‪ ،‬جعـل األم عـاجزة عـن االهتمـام بوليـدها و اسـتثماره وجـدانيا ممـا‬
‫جعلها تتعامل معه كـ "شئ " ال فرد حساس ‪.‬‬
‫رك ــز فينيكهههوت عل ــى اض ــطراب المح ــيط إذ ي ــرى أن ف ــي البداي ــة ال نج ــد رض ــيعا – فحس ــب – ألن‬
‫الرضيع ال يعتبر " وحدة " لوحده ‪ ،‬بل الوحدة هي الثنائية " رضيع – محيط " فـقذا كـان المحـيط ناقصـا أو‬
‫عـاج از اضــطرب نمـو الطفــل ‪ .‬أمـا الفيه ‪ Lawick‬فأدخــل مفهــوم " الصـلة المزدوجــة " فـأفراد العائلــة هــم‬
‫أط ـراف النســق اإلتصــالي إذ أن كــل فــرد يــؤثر و يتــأثر بــاآلخرين و الحــظ فــي عــائالت الفصــاميين نوعــا‬
‫خاصــا مــن االتصــال يتمثــل فــي كــون المثيــر لــه " معنــى مزدوجــا " و متناقضــا يجعــل المســتجيب يخضــع‬
‫‪ Ling‬أن‬ ‫الزدواجيــة و تنــاقض المثيــر و يجب ـره علــى اســتعمال نفــس الطريقــة فــي اإلجابــة لــذا يقــول‬
‫الفصــامي لــيس مريض ــا لكــن عائلتــه ذات عالق ــة مرضــية و عالجــه يك ــون مــع عائلتــه ‪ ،‬ه ــذا ال ـرأي أن ــت‬
‫العالجات العائلية و النسقية ( ميموني ‪ – 2991‬ص ص ‪. ) 31-32‬‬

‫‪ -4-2‬التنبههأ‪:‬‬
‫تدخل عدة عوامل في التنبأ من بينها سن اإلصابة ونوع اإلصابة والمحيط‪ ...‬غالبا ال يشفى الـذهان‬
‫المبكر‪ ،‬لكـن هـذا ال يمنـع التكفـل بـه وتـوفير تربيـة خاصـة ومكيفـة علـى إعاقتـه تسـاعده علـى التوصـل إلـى‬
‫اســتقاللية حس ــب إمكانيات ــه أو تس ــمح لــه ‪-‬عل ــى األقـ ـل– بتلبي ــة حاجاتــه األساس ــية واالن ــدماج ف ــي محيط ــه‬
‫األســري والمجتمعــي ‪ .‬توجــد بأوروب ـا م اركــز محميــة يعمــل فيهــا الــذهانيون كــل حســب إمكانياتــه ‪ ،‬وهــذا لــه‬
‫إيجابيات عدة منها ‪:‬‬
‫‪ -‬العمل يخرج الذهاني من قوقعة الفراغ والوحدة والضجر ‪.‬‬
‫‪ -‬يتعامل مع أقرانه ومع أفراد عاديين مما ينمي اجتماعيته ‪.‬‬
‫‪ -‬العمل يلبي الحاجة إلى القيمة والتقدير ويكسب المكانة االجتماعية ‪.‬‬
‫‪ -‬بالعمل يتحمل مسؤولية نفسه ويزيل العبء عن اآلخرين ويتخلص من الشعور بأنه عالة على الغير‪.‬‬
‫هذه الفوائد تساعده على االتزان واالندماج وهذا نوع من الشفاء (ميموني ‪ – 2991‬ص ‪.)01‬‬

‫‪3‬‬
‫المحاضرة الثالثة ‪ -‬عصاب الطفل و المراهق‬

‫‪ -1‬مفهوم العصاب ‪:‬‬


‫يعرف العصاب بأنه "إصابة نفسية المنشأ تكون فيها األعراض تعبي ار رمزيا عن صراع نفسي يستمد‬
‫جــذوره مــن التــاريخ الطفلــي للشــخص و يشــكل تســوية بــين الرغبــة و الــدفاع" ( البالنــش و بونتــاليس‪ .‬ص‬
‫‪.) 320‬‬
‫يتطل ــب تش ــخيص العص ــاب عن ــد الطف ــل ح ــذ ار كبيـ ـ ار ألن الطف ــل م ــازال ف ــي نم ــو متواص ــل وظهـ ـور‬
‫أعراض ذات شكل عصابي ال يعني بالضرورة وجود عصاب‪ .‬بل هده األعراض شـائعة عنـد األطفـال ممـا‬
‫دفــع فرويــد إلــى اعتبارهــا عصــابا عاديــا ألنهــا تظهــر وتــزول فــي مرحلــة مــا مــن النمــو دون أن تســجل قلقــا‬
‫مرضيا‪ ،‬بل يتسم فيها األنا بالتوازن و الدفاعات بالمرونة و الوظائف العقلية باألداء الطبيعي ‪.‬‬
‫أما ما يعرف بالعصاب الطفلي فهو هام و حتمي ألنه ينظم نمو الطفل ( كـقلق الشهر الثامن)‪ ،‬رغم‬
‫أنــه عصــاب مــنظم إال أنــه يبقــى مفتوحــا و قــابال للتغييــر دون عــالج نفســي حقيقــي ‪ ،‬خاصــة إذا صــادف‬
‫يظهـر الطفـل رهابيـا ثـم هسـتيريا ثـم‬ ‫محيطا مرنا غير عصابي ‪ ،‬و يتغير شكله خالل مرحلة الطفولة حي‬
‫وسواسيا ‪ ( ...‬ميموني ‪ – 2991‬ص ‪. ) 03‬‬
‫لتشخيص العصاب عند الطفل تشترط أنا فرويد مراعاة النقاط التالية ( التساؤالت ) ‪:‬‬
‫‪ -‬هل األعراض زائلة أم طائلة ؟ وهل هي انعكاسات لظروف معينة ؟‬
‫‪ -‬هــل لليــات ال ـدفاع مرنــة أم صــلبة ‪ ،‬و دائمــة االســتعمال ؟ ومــا مــدى تغلــب القــوى التقدميــة علــى القــوى‬
‫النكوصية ؟ وما مستوى عتبة اإلحباط ؟‬
‫‪ -‬ما مدى تكيف الطفل مع الواقع و المحيط ؟‬
‫وتعتبــر أنــا فرويــد الطفــل عصــابيا إذا كــون صــورة خاطئــة عــن الواقــع ال تناســب ســنه و ال ذكــاءه ‪،‬‬
‫وعندما تصبح انفعاالت غريبة عنه وال يتحكم فيها ‪ ،‬وعندما يبدي نسيانا كبي ار ‪.‬‬
‫عموما‪ ،‬يشير مختصـو د ارسـة األطفـال أن للعصـاب الطفلـي خصائصـه المميـزة وهـي مرتبطـة بـالنمو‬
‫وبالظروف التي يعيش فيها ‪.‬‬

‫‪ -2‬أسباب العصاب ‪:‬‬


‫‪ -1-2‬األسباب العضوية ‪:‬‬
‫ير الفرد حساسية لإلصابة به يـدعمها المحـيط‬ ‫تلعب الوراثة دو ار في توفير القابلية للعصاب حي‬
‫بظروفـه الخاصــة وبالصـراعات التــي تثيرهـا القــيم والقـوانين االجتماعيـة الثقافيــة‪ .‬يقـول أيســنك أن االنطـوائي‬

‫‪0‬‬
‫والمتــوتر يشــكالن النســبة الغالبــة المعرضــة لعصــابات القلــق والوســاوس والخ ـواف واالكتئــاب أي مــا يســمى‬
‫باضــطرابات الطبــع واالنفعــال‪ ،‬أمــا المتفــتح المتــوتر فيصــاب عمومــا بالهســتيريا واالعــتالل النفســي واإلجـرام‬
‫‪...‬إلخ‪.‬‬
‫أما األمراض الجسمية فقـد تزعـزع ثقـة الطفـل بنفسـه و تـنقص مـن قيمتـه و تقـديره لذاتـه و هـدا يـؤدي‬
‫في بعض الحاالت إلى اضطرابات عصابية إذا صادف ظروفا محيطية غير مالئمة كاضـطراب العالقـات‬
‫و عدم تفهم وال تقبل المحيط لمرضه و لشخصه ‪.‬‬

‫‪-2-2‬العوامل البيئية و النفسية ‪:‬‬


‫تلعــب البيئ ــة دو ار معتب ـ ار ف ــي تولي ــد وتعزيــز االض ــطرابات العص ــابية ‪ -‬خاصــة الطفلي ــة – وتش ــير‬
‫الدراسات إلى العديد من العوامل أهمها ‪:‬‬
‫‪ -‬التربية غير السليمة و العناية الشاذة ( إفراط أو تفريط ) ‪.‬‬
‫يشير فينيكوت إلى ضـعف الحمايـة األموميـة للطفـل مـن المثيـرات سـواء‬ ‫‪ -‬تفكك األسرة و اضطرابها حي‬
‫كانــت داخليــة ( القلــق و الحيـرة و األلــم ) أو خارجيــة ‪ ،‬فــقذا فــاق المثيــر قــدرة الطفــل التحمليــة دفــع بــه إلــى‬
‫ردود األفعال السلبية أو الشاذة ( العصابية ) ‪.‬‬
‫‪ -‬الالأمن و الالاستقرار و غياب الثوابت المتينة ‪ ،‬مما يجعل الطفـل فـي حالـة تهديـد دائـم و قلـق متواصـل‬
‫و خوف من الحاضر و من المسـتقبل ‪ ،‬و هـدا مـا يزعـزع أسـس شخصـيته و نضـرته لمحيطـه ‪ ،‬نحـن نعلـم‬
‫أن أساس االضطراب النفسي هو غياب أو ضعف الثقة بالذات وبالمحيط واإلحساس باالأمن ‪.‬‬
‫توقظ اإلحباطات والقلق الداخلي ( ميموني ‪ – 2991‬ص ص ‪. ) 06-01‬‬ ‫‪ -‬الصدمات حي‬

‫‪19‬‬
‫المحاضرة الرابعة ‪ -‬االضطرابات النفسية عند الرضيهع‬

‫يظهر الالارتياح النفساني للرضيع بصفات جد متعددة‪ ،‬قد يتجلى في أعراض عضوية أو أعراض‬
‫نفسية جسمية‪ ،‬أو في اضطرابات نمائية‪ ،‬أو تظاهرات سلوكية ونفسية‪ .‬الجسم غالبا ما يكون طرفا في‬
‫اللعبة‪ ،‬من خالله يكشف الرضيع معاناته الداخلية‪ .‬إذا كانت القاعدة الذهنية تنص على ضرورة إزالة أي‬
‫إصابة جسمية فو ار ألن تطور األمراض في هذه السن جد سريع‪ ،‬فقن هناك قاعدة أخرى هي ضرورة‬
‫القدرة على قراءة المعاناة النفسية للرضيع من خالل التظاهرات الجسمية غير المبررة عضويا‪ .‬ال ينبغي‬
‫االكتفاء بالعبارة التملصية "هذا سيزول مع السن"‪ .‬كما ال يجدي التطبيب المفرط ألن الكثير من‬
‫االضطرابات ليست سوى عالمات على التضايق وأن نظرة حاذقة تستطيع تأويلها وشفاءها بسهولة ‪ .‬أمام‬
‫اضطراب نفسي للرضيع ينبغي علينا طرح األسئلة التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬هل يتعلق األمر بصعوبات بسيطة تدخل في إطار التغيرات النمائية السوية ‪.‬‬
‫أوموقف محدد (مرض‪ ،‬تغيرات في حياة الرضيع‪)..‬؟‬ ‫‪ -‬هل يتعلق باضطراب رد فعلي يمكن ربطه بحد‬
‫‪ -‬هل يتعلق باضطراب منظم‪ ،‬بقصابة نفسية ؟‬
‫أسباب االضطرابات النفسية جد ثرية بالمحتويات معرفتها تسمح بوصف التشوهات الجد متنوعة‬
‫بشرط أن نجيد قراءتها‪ ،‬هذا يتطلب مقاربة وتكوينا خاصا‪ .‬فيما يلي سوف نستعرض أهم االضطرابات‬
‫التي تصيب الرضيع‪.‬‬

‫‪ -1‬اضطرابات التفاعل " أم‪ -‬رضيع " ‪:‬‬


‫تـ ـ ــم الكشـ ـ ــف عـ ـ ــن هـ ـ ــذه الصـ ـ ــعوبات عـ ـ ــن طريـ ـ ــق د ارسـ ـ ــة التفـ ـ ــاعالت "طفـ ـ ــل– والـ ـ ــدين" بواسـ ـ ــطة‬
‫األجه ـ ـ ـزة التصـ ـ ــويرية‪ .‬وهـ ـ ــي تظهـ ـ ــر سـ ـ ــوء تكيـ ـ ــف أو التكيـ ـ ــف لشخصـ ـ ــية األم وشخصـ ـ ــية الرضـ ـ ــيع قـ ـ ــد‬
‫يـ ــؤدي إلـ ــى إفـ ــالس كفـ ــاءات أحـ ــدهما فـ ــي بنـ ــاء العالقـ ــة الوجدانيـ ــة بينهمـ ــا‪ ،‬قـ ــد يتعلـ ــق األمـ ــر ‪ -‬مـ ــثال‪-‬‬
‫برضـ ـ ــيع ذي نشـ ـ ــاط عالئقـ ـ ــي ضـ ـ ــعيف يقـ ـ ــود إلـ ـ ــى تسـ ـ ــاؤالت األم عـ ـ ــن مـ ـ ــدى كفاءاتهـ ـ ــا ألن تكـ ـ ــون " أم‬
‫تتوض ـ ــع الحلقـ ــة المفرغـ ــة التـ ــي تتميـ ــز ب ـ ــال اسـ ــتثمار م ـ ــع‬ ‫حسـ ــنة"‪ .‬فـ ــي ح ـ ـال عـ ــدم تـ ــدخل طـ ــرف ثال ـ ـ‬
‫‪Canoui.Messerschmitt.‬‬ ‫‪1994.‬‬ ‫معان ـ ـ ــاة أو اس ـ ـ ــتثمار صـ ـ ـ ـراعي ب ـ ـ ــين األم ورض ـ ـ ــيعها (‬
‫‪.)pp299-300‬‬

‫‪ -2‬االكتئاب عند الرضيع ‪:‬‬


‫وصفت عدة جداول عيادية الكتئابات الرضيع‪ .‬ويمكن حصر أهم الظروف المولدة الكتئابات‬
‫الرضيع في ‪:‬‬
‫‪ -‬حالة حرمان أمومي شامل ( االكتئاب االستنادي)‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ -‬أشكال من الحرمان األمومي الجزئي ( غيابات قصيرة لكن متكررة ‪. )...‬‬
‫‪ -‬خلل في التفاعل " أم ‪ -‬رضيع"‪.‬‬
‫‪ -‬اكتئاب أمومي ظاهر أو اكتئاب أمومي مستتر يتطور في شبه صمت ولم تتم معالجته‪Canoui & ( .‬‬
‫‪.)Messerschmitt.1994.p297‬‬

‫‪ -1-2‬االكتئاب االستنادي ‪:‬‬


‫كلمة "استنادي" هي ترجمة للكلمة اليونانية ‪ Anaklinein‬التي تعني " استند على"‪ .‬اختار سبيتر‬
‫هذا المصطلح ليقضي بأن هذه الحالة المرضية تظهر عندما ال يغدو الرضيع يستطيع االستناد على أمه‬
‫من أجل نماءه‪ .‬يختص هذا االكتئاب برضع أعمارهم بين ‪ 6‬و‪ 0‬أشهر فصلوا فجائيا عن أمهاتهم بعد أن‬
‫نعموا بعالقات طبيعية معهن‪ .‬هذا الحرمان األمومي الشامل دون بديل معوض يقود إلى رد فعل ضد هذا‬
‫الفقدان ويؤدي إلى حالة اكتئاب استنادي (‪.)Canoui & Messerschmitt.1994.p297‬‬
‫‪ -1-1-2‬أعراض االكتئاب االستنادي‬
‫بالبالغين تظهر فترة ثانية تطبعها بالدة شاملة مع‬ ‫بعد فترة أولى من البكاء و الصرخات والتشب‬
‫رفض للتواصل أو ال اكت ار بالمحيط ونالحظ ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬غياب الـمناغاة‪ ،‬و غياب اللعب باليدين أو بأي شيء ‪ ،‬والغياب التام للفضول االستكشافي ‪.‬‬
‫‪ -‬تظهر ظواهر االستثارة الذاتية ‪ :‬تأرجح إلى وضعية ركبية‪-‬صدرية‪ ،‬وايقاعات وحدانية ليلية – أو أثناء‬
‫الخلود إلى النوم ‪ -‬للرأس أو الجسم ‪ ،‬إيقاعات نهارية ‪ .‬وفي الحد األقصى ‪ ،‬تظهر سلوكات عدوانية‬
‫مجموعات كبرى من العالمات ‪:‬‬ ‫ضد الذات ‪ .‬حوصلة لألعراض نميز ثال‬
‫‪ -‬انسحاب وال اكت ار ‪.‬‬
‫‪ -‬تراجع المكتسبات الحركية والعقلية ‪.‬‬
‫‪ -‬اضطرابات جسمية يطبعها نقض في الوزن وامتناع عن األكل واألرق وحساسية كبيرة لاللتهابات‪.‬‬
‫في الحد األقصى يصل الرضيع إلى حالة قريبة من الهزال‪.‬‬
‫‪ -2-1-2‬الهتهنبأ ‪:‬‬
‫إذا حضرت األم أو بديل جيد عنها ومقبول عند الطفل قبل الفترة الحرجة ( ‪ 1-3‬أشهر ) فقن‬
‫الحالة االكتئابية تزول بسرعة‪ ،‬بينما يمكن أن يحتفظ الرضيع بحساسية كبيرة ألي انفصال محتمل الحقا‪.‬‬
‫أما في الحالة العكسية فقن التطور يغدو خطيرا‪ :‬على المستوى البدني قد يصل إلى الوفاة نتيجة التهابات‬
‫حاصلة (ال حظه سبيتز عند ‪% 39‬من الحاالت)‪ .‬وعلى المستوى النفسي رفقة الالإحساس يتدهور‬
‫بـ داء‬ ‫التأخر النفسي الحركي‪ ،‬تاركا علال ال تنمحي‪ .‬هذا الجدول الكامل يشكل ما سماه سبيتز‬
‫المصحات (‪.)Canoui & Messerschmitt.1994.p298‬‬

‫‪12‬‬
‫المحاضرة الخامسة ‪ -‬الحرمهان األمهومي‬

‫يعــد افتقــاد األم أو الحرمــان مــن رعايتهــا ظرفــا مــؤث ار علــى صــحة الطفــل النفســية ســلبا وأحــد أســباب‬
‫االضطرابات التي تعتري سلوك الطفل في سنينه الباكرة‪ .‬يطلق الحرمان األمومي على هذه الحـال التـي ال‬
‫يحظى فيها الطفل بالعالقة الحميمة مع األم‪ ،‬وهو اصطالح عام يطلق على درجـات مختلفـة مـن الحرمـان‬
‫(مجــدي‪ .2996.‬ص ص ‪ )290-293‬ســوف نستعرضــها فــي هــذا الفصــل بنــاء علــى الد ارســات المــذكورة‬
‫أعاله‪.‬‬
‫‪ .1‬تهعريهف الحرمان األمومي‪:‬‬
‫يعرفــه بــولبي ‪ Bowlby‬بأنــه "عــدم وجــود شــخص واحــد مخصــص لرعايــة الطفــل بصــفة مســتمرة‬
‫يشــعر الطفــل بــاألمن والطمأنينــة والثقــة‪ ،‬وغالبــا مــا تكــون األم هــي ذلــك الشــخص"‪ .‬ويــرى‬ ‫وشخصــيا بحي ـ‬
‫دأجوريــاقيره ‪ De Ajuriaguerra‬أنــه الــنقص فـي الحــب والعطــف والحنــان والعنايــة مــن طــرف األم نظـ ار‬
‫لغيابها أو موتها أو االنفصال عنها بسبب الطالق أو الرفض (عزيز سمارة ومعاونوه‪.)1000.‬‬
‫فالحرمان األمومي يشير – إذا‪ -‬إلى مجموعة لثـار تنـت عـن انعـدام أو قصـور فـي العالقـة والعنايـة‬
‫العاطفيــة الممنوح ـة للطفــل مــن طــرف األم أو بــديلها‪ ،‬وتشــمل اضــطرابات ســلوكية ونفس ـية وعقليــة متفاوتــة‬
‫الخطورة‪.‬‬

‫‪ .2‬أسباب الحرمان األمومي ‪:‬‬


‫حاالت يمكن أن ينت عنها الحرمان األمومي‪ ،‬وهي ‪:‬‬ ‫قدمت الدراسات ثال‬
‫‪ .1.2‬الهتفريهق ‪ :‬أي فصل الطفل عن أمه (أو بديلها) لمدة طويلة دون توفير وجه أمـومي ثابـت ومطمـئن‬
‫هذا خاصة فـي حـاالت االستشـفاء (للطفـل أو لـألم )‪ ،‬وفـي حـاالت أخـرى ك ـالطالق أو وفـاة األم‬ ‫له‪ ،‬يحد‬
‫أو ألسباب قضائية (ميمـوني‪ .2991.‬ص ص ‪ .)161-166‬بقمكـان هـذا التفريـق أن يـؤدي إلـى اضـطراب‬
‫الطف ــل غي ــر أن لث ــاره ‪ -‬ف ــي الح ــاالت الخفيف ــة‪ -‬تـ ـزول ت ــدريجيا بع ــودة األم (أو ب ــديلها)‪ .‬التفري ــق ال ي ــؤدي‬
‫بالضرورة إلى الحرمان‪ ،‬خاصة إذا كانت العالقة باألم سيئة أو إذا وجد الطفل بديال مكافئا ومطمئنا‪.‬‬
‫‪ .2.2‬الوضع بالمؤسسهات ‪ :‬أي وضـع الطفـل بمؤسسـات (كالحضـانة أو المؤسسـات االجتماعيـة األخـرى)‬
‫حــاالت الحرمــان الخطيـرة بالمؤسســات وتــؤدي إلــى اضــطرابات وخيمــة العواقــب إذ‬ ‫ألســباب مختلفــة‪ .‬تحــد‬
‫تعتبر المؤسسات المحيط األكثر خطورة على صحة الطفل النفسية والجسمية‪.‬‬
‫إن وضع الطفل بمؤسسة والتخلي عنه بعد ستة أشهر بعدما ك نـون عالقـة تعلـق مـع أمـه (أو بـديلها)‬
‫يجعل الطفل في حالـة حـداد حـاد يشـكل خطـ ار علـى صـحته النفسـية وحتـى علـى حياتـه ألن بعـض األطفـال‬
‫يموتــون لكــأنهم لــم يجــدوا قــوة لمتابعــة الحيــاة‪ .‬أمــا وضــع الطفــل بعــد مــيالده فــال يعتبــر تفريقــا بــل انعــداما‬

‫‪13‬‬
‫للموضوع الثابت الـذي يتعلـق بـه ويوظـف معـه طاقاتـه‪ .‬زيـادة علـى هـذا تعـاني المؤسسـات مـن مشـاكل عـدة‬
‫منها نقص العناية والتربية والتحفيز بكل أنواعهم ( حسيا وحركيا ونفسيا وعقليا واجتماعيا‪) ...‬‬
‫نتيجـة الحيـاة مـع أم (أو بديلـة عنهـا) ذات اتجـاه غيـر ودي‬ ‫‪ .3.2‬حرمان أمومي في حضور األم ‪ :‬يحـد‬
‫نحو الطفل (سمارة و لخ‪.1000.‬ص‪ .)...‬تشير أينسوور إلى خلل يصيب العالقة مع األم ‪ :‬قد ال تبالي‬
‫بطفلها أو تقسو عليه أو تفرط في حمايته‪ .‬هذا النوع من الحرمـان سـماه هـارلو ب ـ " الحرمـان الكـامن " وهـو‬
‫نوع خطير ألنه مخفي ومتستر في كنف الوالدين ( ميموني‪.2991.‬ص ص ‪.)163-161‬‬
‫هذا النوع من الحرمان األمومي يولد القلق واإللحاح في طلب الحب والعطـف والحنـان األمـومي مـن‬
‫أن يغشـى سـلوكه الحقـد واالكتئـاب‪ ،‬وقـد ينتهـي بـه األمـر إلـى الجنـوح‪ ،‬خاصــة أن‬ ‫طـرف الطفـل‪ ،‬ومـا يلبـ‬
‫شخصــية الطفــل لــم تكتمــل فــي هــذه الفتـرة مــن حياتــه بعــد بمــا ينظمهــا مــن جوانــب نموهــا المختلفــة (جســمية‬
‫ونفســية وعقليــة واجتماعيــة و‪ .)...‬كــذلك يمكــن يــنجح فــي التعامــل مــع ذلــك الحرمــان إمــا بكبتــه أو التنفــيس‬
‫عنه بطريقة غير ملتوية ال تعرضه لإلصابات النفسية والعصبية ( مجدي عبد اهلل‪.)2992 .‬‬
‫ف ــي الواق ــع‪ ،‬الحرم ــان ل ــيس مرادف ــا للتفري ــق ألن األخي ــر ه ــام وض ــروري لنم ــو الطف ــل إذ تق ــوم علي ــه‬
‫اســتقاللية الفــرد‪ .‬مــا هــو مطلـوب صــحيا هــو تحضــير الطفــل لالنفصــاالت ومســاعدته علــى تقبلهــا واالنتفــاع‬
‫منها بدال من الشعور به كتخـل ونبـذ وهجـران ‪ ،‬ألجـل ذلـك يجـب تحضـير األوليـاء والطفـل كـي يعيشـوا هـذا‬
‫التفريــق كترقيــة اجتماعيــة‪ .‬كمــا أن التفريــق الضــار ال يعنــي فقــط مؤسســات الرعايــة بــل أيضــا االستش ــفاء‬
‫لمــرض عضــوي (خاصــة األم ـراض المزمنــة) وكــذلك الحضــانة والروضــة والمدرســة‪ ،‬لــذلك إذا كــان التفريــق‬
‫فجائيا لم يتم تحضير الطفل له واتسم المحيط العائلي والمؤسسي بالالمباالة أو لم يكن مكيفـا علـى حاجـات‬
‫الطفل فقن ذلك يمكن أن يخلـف لثـا ار وخيمـة علـى نمـو الطفـل الجسـمي والنفسـي والعقلـي (ميمـوني‪.2005.‬‬
‫ص ص‪.)160 -161‬‬

‫‪ .3‬أصناف الحرمان األمومي ‪:‬‬


‫تختلف أشكال الحرمان بين حرمان جزئي أو حرمان كامل‪ ،‬ولكل لثاره المرضية على نفسـية الطفـل‬
‫وســلوكه‪ .‬فرقــة الحرمــان الجزئــي يــأتي القلــق واإللحــاح فــي طلــب الحــب والعطــف وتــأتي الرغبــة فــي االنتقــام‬
‫ومختلف أشكال ردود األفعال المختلفة بحكم عدم نض الطفل عقليا وعجـزه عـن التعامـل الناضـ مـع هـذا‬
‫الحرمــان ‪ .‬أمــا الحرمــان الكامــل فلــه لثــار بعيــدة المــدى علــى نفســية الطفــل وشخصــيته ســلوكه د يصــل إلــى‬
‫عرقلة قدرته علـى بنـاء عالقـات اجتماعيـة ارضـية مـع اآلخـرين‪ .‬كمـا أن القلـق النـاجم عـن خب ارتـه العالئقيـة‬
‫الفقي ـرة الســابقة تهيئــه للــرد علــى المثي ـرات بطريقــة غيــر اجتماعيــة‪ .‬وقــد أثبتــت الد ارســات أن مواقــف القلــق‬
‫المبكـرة إنمــا هــي مظـاهر االفتقــاد األطفــال ألمهـاتهم أو انفصــالهم أو تعرضــهم لإلهمـال‪ ،‬أو حــاالت تصــبح‬
‫فيها عالقة األولياء بالطفل ضارة له‪ .‬وأشهر هذه المواقف ‪:‬‬
‫‪ -‬التفضيل والمحاباة غير المعتمدين لطفل على حساب اآلخر‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ -‬انصراف األم وانشغالها بطلب الحب واألمان لنفسها فحسب ‪.‬‬
‫‪ -‬رضا األم أو مداراتها أو تشجيعها لطفلهــا على سلـوك ضار له (مجدي‪ .2996.‬ص ص ‪.)219-290‬‬
‫وصف سبيتز نوعين من هذا االضطراب هما ‪" :‬الخور االتكالي" و"داء المصحات"‪.‬‬

‫تفريــق مدتــه بــين الشــهر وأربعــة أشــهر ‪،‬‬ ‫‪ .1.3‬اال كتئهههاب االسهههتنادي ‪ :‬يظهــر هــذا االض ـطراب إذا حــد‬
‫يتطور تدريجيا وتزداد خطورته حسب مدة التفريق ‪:‬‬
‫‪ -‬في الشهر األول‪ :‬يظهر بكاء طلبي مستمر كأن الطفل يحت على هذا التفريق‪.‬‬
‫‪ -‬في الشهر الثاني ‪ :‬يقل البكاء ويظهر الصياح ‪ ،‬وينقص وزن الطفل ويتوقف نموه‪.‬‬
‫‪ :‬يبــدأ االنطـواء ورفــض العالقــات ‪ ،‬كمــا يعــاني الطفــل مــن األرق والمرضــية الكبيـرة ‪،‬‬ ‫‪ -‬فــي الشــهر الثالـ‬
‫ويتأخر نموه الحركي ‪ ،‬وتجمد تعابير وجهه كأنه اليبالي بشي ‪.‬‬
‫‪ :‬يثبت الجمود و يختفي البكاء و يزداد تأخر النمو‪ .‬والحظ شبيتز أن الطفل إذا أعيد‬ ‫‪ -‬بعد الشهر الثال‬
‫إل ــى أم ــه (أو ب ــديل مطم ــئن و ثاب ــت ) فقن ــه يس ــتعيد قـ ـواه – بع ــد م ــدة قص ــيرة – ويتج ــاوز األزم ــة وت ــزول‬
‫االضطرابات ‪ ,‬لكن بحوثا أخرى ذكرت أن التفريـق يتـرك ل ثـا ار خفيـة تتجلـى فـي حساسـية أكبـر لكـل تفريـق‬
‫أو تهديد بالتفريق (ميموني‪ .2991.‬ص ص ‪.)119-160‬‬

‫‪ .2.3‬داء المصههحات ‪ :‬بعــد مــا تتجــاوز مــدة التعــرف أربعــة أشــهر دون أن تجــد الطفــل بــديل فقنــه يكــون قــد‬
‫استكمل مراحل الخور االتكالي ليسقط في حالة خطيرة سماها شبيتز داء المصـحات يتسـم فيـه الطفـل ب‬
‫الجمود وخلو الوجه من التعابير ‪،‬كما ال يستطيع حتـى أن يلتفـت لوحـده فـي سـريره ‪ ،‬ثـم تظهـر اضـطرابات‬
‫حركية إيقاعية وحركات غير مألوفة لألصابع ‪ ،‬وكلما طالت مدة التعريف بدون بديل أمومي‪ ،‬كلما إزدادت‬
‫لالضطرابات ‪ .‬وقد تتبع شبيتز ‪ 01‬طفال في دراسة طويلة لمدة ‪ 2‬سنوات قدم نتائجها (فـي مـؤتمر الطـب‬
‫النفسي بلشبونة سنة ‪ )1013‬التي أبرزت خطورة إلى المصطلحات‪ .‬من بين ما توصل إليه ‪:‬‬
‫‪ 31-‬طفال توفوا قبل السنة الثانية ‪.‬‬
‫‪ 29-‬ال يلبسون بمفردهم ‪.‬‬
‫‪ 96-‬ال يتحكمون إطالقا في عمليات اإلخراج ‪.‬‬
‫‪ 96-‬ال ينطقون أي كلمة ‪.‬‬
‫‪ 91-‬ينطقون كلمتين فقط ‪.‬‬
‫يكون جمال (ميموني ‪ .2991.‬ص‪.) 111‬‬
‫‪ 91-‬فقط ن‬

‫‪11‬‬
‫‪ .4‬عهالج الحرمان األمومي ‪:‬‬
‫كلما طالت مدة الحرمان وكلما كانت مبكرة إال زادت خطـورة اآلثـار واالضـطرابات المعرفيـة والنفسـية‬
‫المترتبــة عنــه وزادت صــعوبة الــتخلص منهــا‪ .‬لــذلك يصــعب تصــليح لثــار الحرمــان الــذي وقــع فيمــا يــدعى‬
‫بـ"الفترة الحرجة" وطالت مدته‪ ،‬ألنه يعرقل نمو الطفل نهائيا‪ .‬بالمقابل تتوفر إمكانية تصليح هـذه اآلثـار إذا‬
‫كــان التــدخل العالجــي مبك ـ ار خاصــة إذا وضــع الطف ــل فــي محــيط ثــري بالتربيــة والعنايــة والعالقــة‪ .‬ك ــذلك‬
‫الحرمان القصير المدى فيمكن تصليح لثاره بعودة األم أو توفير بـديل مـرض للطفـل‪ .‬غيـر أن هـذا األخيـر‬
‫يبقـى حساســا ألي تفريــق أو احتمـال تفريــق فيمــا بعـد‪ .‬بينمــا إذا ترســخت اآلثـار واالضــطرابات الناجمــة عــن‬
‫لــم يعــد تــوفير محــيط مالئــم كافيــا لتحســين حــال الطفــل ‪ ،‬يصــبح مــن الضــروري‬ ‫الحرمــان األمــومي بحي ـ‬
‫إجراء معالجة نفسية معمقة (ميموني‪ .2991.‬ص ص‪.)131-133‬‬

‫‪16‬‬
‫المحاضرة السادسة ‪ -‬اضطهرابات النهوم‬

‫تمهيد ‪:‬‬
‫صــعوبات النــوم شــائعة جــدا منــذ المــيالد حت ـى الســن الخامســة‪ ،‬وهــي ردود فعــل طبيعيــة‪ .‬وال تعتبــر‬
‫اضــطرابات إال عنــد فقــدان الطفــل للقــدرة علــى النــوم أو الشــعور بــالالأمن خــالل عمليــة النــوم‪ .‬وأكثــر ه ـذه‬
‫األطفــال مــا بــين ‪ 19-3‬ســنوات‪،‬‬ ‫االضــطرابات شــيوعا الك ـوابيس والنــوم القلــق‪ .‬تظهــر الك ـوابيس عنــد ثل ـ‬
‫وتبلغ ذروتها في ‪ 19‬سنوات‪ .‬يصاحب حرمان الطفل أو المراهق من النوم ‪-‬إن كان لفتـرة قصـيرة‪ -‬شـعور‬
‫بالتعب والعياء وفقدان القدرة على التركيز واضطراب في المزاج‪ ،‬وتصـاحبه كـذلك تغيـرات واضـطرابات فـي‬
‫نبض القلب ويصبح تخطيط المخ غير منتظم‪ .‬وان طالت مـدة الحرمـان مـن النـوم يصـابان بفـرط االسـتثارة‬
‫وســرعة االنفعــال والقلــق‪ ،‬وقــد تظهــر حتــى الهــالوس والهــذيانات‪ .‬وألن اضــطرابات النــوم متباينــة كليــا‪ ،‬فــقن‬
‫أعراضها تتباين حسب نوع االضطراب‪.‬‬

‫‪ -1‬نماذج من اضطرابات النوم ‪:‬‬


‫‪ -1-1‬األ ر ق‪:‬‬

‫هو أكثر اضطرابات النوم انتشا ار‪ .‬وهو صعوبة الدخول في النوم‪ ،‬أو صعوبة االسـتمرار فيـه والميـل‬
‫نحـو االسـتيقاظ المبكـر فــي الصـباح والشـعور بنــوم خفيـف وغيـر مـنعش‪ .‬ويترتــب علـى األرق إجهـاد وتعــب‬
‫خــالل ســاعات النهــار ممــا قــد يــؤثر علــى لداء الفــرد لوظائفــه اليوميــة ‪ (...‬ميمــوني‪ - 5002 -‬ص‪.)532‬‬
‫األرق ألطف ــال ع ــاديين نتيج ــة ض ــعوط نفس ــية أو ت ــوتر أو إره ــاق جس ــدي‪ ،‬وربم ــا ألس ــباب غي ــر‬ ‫ويح ــد‬
‫إلــى أن األســباب الرئيســية لــألرق تتمثــل فــي الرغبــات المكبوتــة والشــعور بالــذنب‬ ‫واضــحة‪ .‬وتشــير األبح ـا‬
‫والخوف والمضايقات‪.‬‬
‫يظهر األرق لدى الرضيع ويعتبر كأرق مبكر و يمكن تلخيص أسبابه فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬إفراط النشاط وإثارة عصبية الطفل واقالقه يمنعونه من النوم‪ ،‬كقزعاج اإلخوة ألخيهم‪.‬‬
‫‪ -‬أخطاء الرعاية كالتغذية غير الكافية أو عدم تغيير األفرشة والبطانيات وعدم احترام إيقاع نومه‪.‬‬
‫طارئ يتعلق بنمو الرضيع مثل ظهور األسنان‪.‬‬ ‫‪ -‬حد‬
‫‪ -‬خلل في العالقة " أم – رضيع " ناجم عن عجز األم عـن فهـم حاجـات ونـداءات الرضـيع‪ ،‬أو نـاجم عـن‬
‫حــاالت قلــق لــدى األم‪ ،‬أو اســتحواذها‪ ،‬أو األم المهملــة التــي ال تحمــي رضــيعها مــن المثيـرات المؤرقــة مثــل‬
‫الضجي والملل واإلثارات ‪ (...‬ميموني ‪ -2991-‬ص ‪.) 131‬‬
‫بــين الســنة الثانيــة والثالثــة يــتعلم الطفــل أشــياء كثي ـرة منهــا تطــور الحركــة واللغــة والنشــاط مــع إخوتــه‬
‫وأق ارنــه و اللعــب ‪ ...‬وغيرهــا كــل هــذه المكتســبات الجديــدة تثيــر الطفــل و تســتهويه و تــؤدي إلــى نفــوره مــن‬
‫‪11‬‬
‫النــوم ألنــه يحرمــه مــن نشــاطاته المفضــلة‪ .‬فــي نفــس الوقــت يصــعب علــى الطفــل االنفصــال عــن فـراش األم‬
‫ويتط ــور عن ــده الخ ــوف م ــن الظ ــالم‪ ،‬ل ــذلك يج ــب تهدئت ــه و مس ــاعدته عل ــى التخل ــي الت ــدريجي ع ــن ألعاب ــه‬
‫وتحضيره للنوم‪.‬‬
‫بين السن الثالثة والخامسة يكون نوم الطفل منظما‪ ،‬لكن قد يستيقظ ليال بفعل كـوابيس تثيـر قلقـه و‬
‫ربمــا خوفــه مــن النــوم وعــودة الك ـوابيس‪ .‬تخويــف الطفــل بالحيوانــات أو المخلوقــات الخرافيــة (ك ـالغول) قــد‬
‫يسـاعد المحـيط فــي السـيطرة علــى الطفـل‪ ،‬لكنــه بالمقابـل يغــذي الكـوابيس و يثيــر قلـق الطفــل ومخاوفـه عنــد‬
‫حلـول الليــل‪ .‬بعـض اآلبــاء يلجـؤون إلــى الضـرب كــي ينـام الطفــل فـي حــين أن سـرد حكايــة مسـلية و مهدئــة‬
‫يساعد على استسالم الطفل إلى فراشه في اطمئنان ‪.‬‬
‫أما في المراهقـة فيـدخل اضـطراب النـوم عمومـا فـي خصـائص هـذه المرحلـة‪ .‬يريـد الم ارهـق أن يثبـت‬
‫وجـوده وشخصــيته وهــذا مــا يدفعـه إلــى الســهر مــع أصـحابه إلــى ســاعات متــأخرة مـن الليــل مــع صــعوبة فــي‬
‫االســتيقاظ صــباحا‪ .‬فــأرق الم ارهــق ‪-‬هنــا‪ -‬يعبــر عــن اإلف ـراط فــي النشــاط الفكــري والعضــلي‪ .‬أمــا الشــاب‬
‫البطال فأرقه نات عن الملل و نقص النشاط من جهة ومن جهـة أخـرى يعبـر عـن انشـغال الشـاب بمصـيره‬
‫والصراعات التي تنتابه ( ميموني‪ -2991-‬ص ص‪. ) 136 -131‬‬

‫‪ -2-1‬فرط النوم‪:‬‬
‫يعرف فرط النوم على أنـه حالـة مـن النعـاس الشـديد خـالل النهـار ومـع نوبـات مـن النـوم أو اسـتغراق‬
‫فت ـرة طويلــة لالنتقــال إلــى حالــة اليقظــة الكاملــة‪ .‬عنــد االســتيقاظ ال يظهــر علــى الطفــل حالــة االنتعــاش أو‬
‫الحيوية لما بعد النوم بل يبدو عليه نـوم وخمـول مـع عـدم القـدرة علـى مقاومـة العـودة إلـى النـوم مـرة أخـرى‪.‬‬
‫وقد ترافق هذه الحالة عند الطفل حالة سمنة أو اضطراب‪.‬‬
‫‪ -3-1‬الكوابيس الليلية‪:‬‬
‫انفعالية تدور في أحالم النـائم أي أنـه حلـم مخيـف مرعـب يـراه الطفـل أثنـاء نومـه فيـؤدي‬ ‫هي أحدا‬
‫به إلى االنزعاج الشديد مـع اليقظـة وانقطـاع النـوم فـي اللحظـة التـي يبلـغ فيهـا الخـوف قمتـه ويبلـغ االنفعـال‬
‫سـنوات‪ ،‬لكنهـا ال تكـون‬ ‫والهلع ذروته‪ .‬يبدأ األطفال بتذكر األحالم المزعجة بدرجة بسـيطة مـن عمـر ثـال‬
‫مزعجة في تكرارها وحدتها‪ .‬ويستطيع طفـل الخامسـة وصـف محتـوى الحلـم المخيـف بشـكل تفصـيلي شـديد‪.‬‬
‫يصبح الكابوس مثي ار لالهتمام إن كان يتكرر وبفترات متفاوتة تؤدي إلى اضطرابات نوم الطفل‪.‬‬

‫‪ -4-1‬الفزع الليلي أو ( الفزع أثناء الليل)‪:‬‬


‫الف ــزع الليل ــي أثنــاء الن ــوم‪ ،‬إذ يص ــرخ الطف ــل النــائم ث ــم يم ــر بــأنواع مختلف ــة م ــن االس ــتجابات‬ ‫يحــد‬
‫األول من النوم‬ ‫الفزع الليلي أثناء الثل‬ ‫التلقائية كخفقان شديد للقلب والتنفس السريع والعرق الغزير‪ .‬يحد‬
‫أيضا ويستمر لمدة ‪ 19‬دقائق وهنا يتعذر على المحيطين بالفرد تهدئته أو تغيير الظاهرة‪ .‬قد يتذكر الطفـل‬

‫‪13‬‬
‫المفزوع حادثته بعد صحوه أحيانا‪ ،‬إال أنه ينساها في معظم األحيان‪ ،‬ويحـاول فـي بعـض األحيـان الهـروب‬
‫من الحجرة من شدة الفزع‪ ،‬لذلك تجب حمايته إن تكررت الحادثة‪.‬‬

‫‪ -2‬أسباب اضطرابات النوم ‪:‬‬


‫يمكـن تقسـيم أسـباب اضـطرابات النـوم إلـى قسـمين‪ :‬القسـم األول خـاص بالعوامـل العـابرة أو المؤقتــة‪،‬‬
‫والقسم الثاني خاص بالعوامل المزمنة أو المستمرة‪.‬‬
‫‪ -‬األسباب العابرة ‪ :‬تضم ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تعاطي المواد المنبهة أو المنومة‪ ،‬ألي سبب مـن األسـباب‪ ،‬يسـبب عسـر استحضـار (األرق) أو مقاومـة‬
‫النوم (اإلفراط)‪ ،‬مثـل المنشـطات واألدويـة المنشـطة والمنبهـات كـالقهوة والشـاي والتبـغ‪ ،‬واألدويـة المنومـة أو‬
‫المخــدرات والخمــور‪ ،‬خاصــة لــدى األطف ـال والم ـراهقين غيــر المعتــادين عليهــا‪ .‬وتــزداد احتمــاالت مشــكالت‬
‫ذلك في المساء‪ ،‬أو قبل النوم بقليل‪ ،‬أو في توقيته‪.‬‬ ‫النوم خاصة إذا حد‬
‫‪ -‬بعــض األم ـراض الجســمية األليمــة العارضــة ك ـ الم األســنان أو الغــازات أو المعــدة‪ ،‬أو أم ـراض األطفــال‬
‫التي تؤدي إلى ارتفاع درجة الح اررة‪ .‬وقد تؤدي إلى كثرة االستيقاظ أو النوم غير المريح‪.‬‬
‫‪ -‬تعـاطي أدويــة عالجيــة (ألمـراض معينــة) ذات لثــار جانبيــة تخــل بوظيفــة النــوم‪ ،‬تــؤدي إمــا إلــى األرق أو‬
‫فرط النوم كما في بعض أدوية الحساسية ‪.‬‬
‫‪ -‬بعض الصعوبات اليومية العابرة‪ ،‬وضغوط الدراسة‪ ،‬خاصة االمتحانات‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة والدة مولود جديد‪ ،‬أو تغيرات في الظروف المعيشية لألسرة عموما‪.‬‬
‫‪ -‬عوامل خارجية كالضوضاء‪ ،‬والسفر من مكان إلى مكان خاصة عند وجود فروق في التوقيت‪.‬‬
‫‪ -‬أســاليب تربويــة خاطئــة مثــل اتجاهــات الوالــدين الخاطئــة نحــو وقــت مــدة النــوم واجبــار الطفــل علــى النــوم‬
‫حسب ظروف محددة ومتصلبة‪ ،‬أو استخدام النوم كتهديد وعقاب‪.‬‬

‫‪ -‬العوامل المزمنة‪ :‬تضم ما يلي‪:‬‬


‫‪ -‬أسباب عصبية‪ :‬كأمراض المخ و الجهاز العصبي المزمنة مثل مرض باركنسون أو الشـلل الرعـاش‪ ،‬أو‬
‫أورام المخ التي تؤدي إلى فرط النوم ( الغيبوبة)‪.‬‬
‫‪ -‬األمهههراض الجسهههمية‪ :‬الش ــديدة والمزمن ــة ك ــأمراض القل ــب‪ ،‬والجه ــاز التنفس ــي والجه ــاز الب ــولي‪ ،‬والجه ــاز‬
‫الهض ــمي‪ ،‬اآلالم الروماتيزمي ــة ‪...‬إل ــخ‪ .‬وه ــي ت ــؤدي ف ــي الغال ــب إل ــى األرق وع ــدم االس ــتقرار ف ــي الن ــوم‪،‬‬
‫واضطراب مواعيد النوم‪ ،‬وفرط النوم كنوع من التعويض في بعض األوقات‪.‬‬
‫‪ -‬األمهراض النفسههية والعقليههة‪ :‬كاالكتئــاب الــذي يــؤدي إلــى اضــطراب النــوم ويكــون غالبــا علــى هيئــة أرق‪،‬‬
‫والهوس الذي يؤدي إلى استمرار األرق لمدة طويلة‪ ،‬والفصام الذي يؤدي إلى فرط النوم (الغيبوبـة)‪ .‬والقلـق‬
‫والخواف الذين عادة ما يؤديان إلى األرق واضطراب موعد النوم واليقظة‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ -3‬عالج اضطرابات النوم‪:‬‬
‫ـرط الن ــوم) وبـ ـاختالف درج ــة االض ــطراب‬
‫يختل ــف الع ــالج ب ــاختالف ن ــوع االض ــطراب (تفـ ـريط أم إف ـ ا‬
‫(مؤقــت أم مــزمن ومســتمر)‪ .‬وب ـاختالف العوامــل المســؤولة عنــه (عضــوية أم نفســية أم بيئيــة) وبـ ـاختالف‬
‫العمر (رضيع أم طفل أم مراهق)‪.‬‬
‫‪ -‬العالج العضهوي‪ :‬فـي الحـاالت التـي يوجـد فيهـا سـبب عضـوي يقـف خلـف اضـطرابات النـوم‪ .‬يـتم عـالج‬
‫المرض العضوي لكي تخف مشكالت النوم أو تختفي‪ ،‬كعالج األمراض األليمة ‪.‬‬
‫‪ -‬العالج الدوائي ‪ :‬باستخدام األدوية النفسية لعالج القلق أو عالج االكتئاب‪ ،‬أو األدوية المنومـة (األرق)‬
‫أو األدويــة المنشــطة (الغف ـوات)‪ .‬لكــن هــذه األدويــة خطي ـرة علــى ســالمة الوظــائف العقليــة للطفــل وعليــه ال‬
‫ينبغي اللجوء إلى مثل هذه األدوية إال في حاالت الضرورة القصوى‪ ،‬ولفترة قصيرة‪.‬‬
‫‪ -‬العالج النفسي‪ :‬يتم من خالل عملية التفريغ االنفعالي والتعرف على الصراعات واالستبصار بها‪ ،‬وهـو‬
‫ما يساعده على استعادة استق ارره النفسي واستعادة نومه الطبيعي‪.‬‬
‫‪ -‬العالج السهلوكي‪ :‬التعـديل السـلوكي نـاجع‪ ،‬خاصـة فـي حالـة األطفـال الصـغار الـذين لـم تترسـخ عـاداتهم‬
‫الســلوكية الســيئة المرتبطــة بــالنوم بدرجــة كبيـرة‪ .‬ومــن اإلجـراءات الســلوكية المفيــدة فــي هــذا الصــدد التــدريب‬
‫علــى تمرينــات االســترخاء س ـواء كــان االســترخاء عضــليا أو عقليــا‪ .‬وتمرينــات التــنفس البطنــي العميــق لمــن‬
‫يجدون صعوبة في النوم ‪ .‬وكذلك إخماد السلوك غير المرغوب فيه من خالل الدعم السـلبي‪ .‬كمـا يسـتخدم‬
‫تغي ـرات مــؤثرة فــي حياتــه والتغلــب علــى‬ ‫الســلوكيون أســلوب المكافــأة الذاتيــة عنــدما يــنجح الفــرد فــي إحــدا‬
‫مشكالت النوم‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المحاضرة السابعة ‪ -‬النفسية الحركية واضطراباتها‬

‫تخضع خطوات النمو النفسي الحركي إلى نفس الترتيب التتابعي لـدى كافـة األطفـال غيـر أن سـرعة‬
‫التقدم تتباين بشدة بينهم ‪ .‬يقتضي نمو الحركية الشروط التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬كامل الجهاز العضوي العصبي عند الميالد والحقا ‪.‬‬
‫‪ -‬محيطا كافي التحفيز في جو عاطفي وعالئقي يوفر متعة التفاعالت الحركية ‪.‬‬
‫ويخضع نموها للقواعد التالية ‪:‬‬
‫= قههانون كوليههل ‪ :‬الــتحكم العضــلي فــي محــور الجســم يبــدأ علــى مســتوى طــرف الــدماغ ( عضــالت‬
‫الرقبة ‪ ،‬عضالت العين ‪ )...‬وتتقدم نحو الطرف األسفل لجدع الجسم ‪ .‬أمـا الـتحكم اإلرادي فـي األعضـاء‬
‫فيظهر أوال على مستوى الجدع ثم يتوجه نحو الطرف ‪.‬‬
‫= قانون التمييز ‪ :‬يسـتلزم أن الحركيـة تتـدقق تـدريجيا ‪ :‬تبـدأ بالشـمولية عنـد المـيالد ثـم تغـدو أكثـر‬
‫دقة وتكيفا شيئا فشيئا (‪.)CANOUI .1994.pp107-108‬‬
‫و اضــطرابات النفســية الحركيــة متعــددة األبعــاد‪ ,‬بقمكاننــا أن نميــز ضــمن هــده االضــطرابات الحركيــة‬
‫الفئات التالية ‪:‬‬

‫‪ .1‬اضطرابات تعلم الوظائف الحركية ‪:‬‬


‫يتعلق األمر بأطفال ندعوهم عادة باألراعن ‪ ،‬يسجلون نتائجا دون المتوسطة في النشاطات الحركية‬
‫االعتياديـة كاألكـل واللبـاس والقــص والتركيـب والرسـم والكتابــة ‪ .‬هـذه الرعونـة الحركيــة تظهـر فـي غيــاب أي‬
‫اضطراب عصبي أو ضعف عقلي‪ .‬سنحاول أن نستعرض أهم أنواع هـذه االضـطرابات لكـن تنبغـي – أوال‬
‫– اإلشارة إلى أن هناك أشكاال وسطية متعددة بين هاته األنواع ‪.‬‬
‫‪ .1.1‬التخلههف النفسهي الحركهي البسيط ‪:‬‬
‫يبدي الطفل المصـاب بهـذا االضـطراب تـأخ ار فـي نمـوه الحركـي مقارنـة بأق ارنـه‪ .‬يمكننـا قيـاس معامـل‬
‫النمو باالستناد إلى مختلف الساللم التي تقيس السواء الحركي ( هذه الساللم ليست عالمية وال تصـح علـى‬
‫العرقيات كلها )‪.‬ينبغي أن نعلم أن النمو النفسي الحركي ال يتسم بالثبات والخطية‪ ,‬بل توجـد دورات تسـارع‬
‫وفترات تباطؤ يشبه منحناها أسنان المنشار ‪.‬‬
‫تبدو هنـاك عالقـة تـرابط بـين معامـل الـذكاء المسـتقبلي وبـين تعلـم المشـي قبـل الشـهر ‪ 12‬أو بعـد‬
‫الشهر ‪ .13‬التنبؤ في صـالح المتعلمـين مبكـرا‪ .‬فـي حـين أن األطفـال الـذين مشـوا مبكـ ار قبـل غيـرهم عمومـا‬
‫كانـوا أكثر تحف از ولديهم بالتالي فرصة نمو أحسن‪ .‬هـؤالء األطفــال يتعلمــون المشـي – عمومـا ‪ -‬فـي السـن‬
‫الثالثة‪ .‬التنبؤ النهائي حول حالتهم حسن‪.‬‬
‫‪ .2.1‬البالدة الحركيههة ‪:‬‬
‫‪21‬‬
‫حددها دوبههري سنة ‪,1091‬وتشير إلى أطفال ذوي رعونـة فـي حركـاتهم اإلراديـة مصـحوبة بمجموعـة‬
‫مـن العالمـات األخـرى‪ :‬منعكسـات عظميـة وتريـة مبالغـة وتشـن وتخشـب‪ .‬يمكـن أن نجـد بـالدة ذهنيـة لكـن‬
‫البالدة الحركية تظهر أيضا عند األطفال األذكياء أو األذكياء جدا‪ .‬ضمن إطار البالدة الحركية ال توجـد ـ‬
‫نوعيــا ـ إصــابات عصــبية‪ ,‬وهــذه الــبالدة تمثــل شــكال مــن الالتوافــق مــع المحــيط‪ ,‬وتبــدو علــى األصــح ذات‬
‫أصل نفسي ومحيطي (‪.)CANOUI.1994.P113-114‬‬

‫‪ .2‬االضطرابات الحركية للسلو ‪:‬‬


‫تتسم الحياة الحركية للرضيع بأرجحات للرأس وللجسم كله وهي ما تعرف بـ اإليقاعات الحركيـة التـي‬
‫تعتبر ظاهرة شائعة لدى الطفل العـادي ( بـين ‪ 0-1‬أشـهر) ثـم تختفـي فـي حـدود السـنة الثالثـة أو الرابعـة ‪,‬‬
‫لكنها قد تدوم إلى ما بعد السنة ‪ .12‬أبسط وأكثر هذه اإليقاعات شيوعا هي مص اإلبهام ‪ ,‬باإلضافة إلى‬
‫أصابع أخرى وأشياء مختلفة ‪ ,‬قرض األسنان نها ار أو ليال أثناء النـوم ‪ .‬هنـاك إيقاعـات حركيـة تظهـر لـدى‬
‫وقد تعمر طويال منها حك األنف والخدود واألعضاء الجنسية‪.‬‬ ‫الطفل الحد‬
‫يمكن أن تستمر إيقاعات الطفولة األولى إلى ما بعدها مـن م ارحـل‪ ,‬كمـا قـد تظهـر أخـرى جديـدة فـي‬
‫هذه المراحل التالية‪ .‬من بين التصرفات التك اررية التي قد تستمر نجد ‪ :‬أرجحة الرأس‪ ,‬ونتف الشعر‪ .‬يمكن‬
‫أن نالحظ الـ التشنجية التي سبق أن ذكرناهـا حسـب دوبـري‪ ,‬كمـا أضـاف بـرجس ‪.‬ج إليهـا تشـنجات العمـق‬
‫والفعل التي هي عجز عن الخمود الـ العضلي – الحركي ( ‪.) CANOUI. 1994. Pp 116-117‬‬
‫وهناك شكل خصوصي يدعى البل وهو عبارة عن تعليق لكل نشاط حركي ‪ :‬من الحركـات العفويـة‬
‫إلى اإليماءات إلى الكالم‪.‬‬
‫أخيرا‪ ,‬نشير إلى أن ردود األفعـال الوقاريـة (الجليلـة) ‪ -‬التـي وصـفها فهالون عنـد الطفـل والم ارهـق ‪-‬‬
‫تظهــر فــي اتجــاه الطفــل إلــى محاولــة إظهــار صــورة حســنة لنفســه أحيانــا بتحــديات تصــدمنا بعــدم مالءمتهــا‬
‫للموقف هذه األفعال تترجم حالة عدم ارتياح عالئقي ( ‪.)CANOUI- 1994. P118‬‬

‫‪ .3‬اللزمهههات ‪:‬‬
‫عــن إحساســات متشــابهة فيمــا بينهــا فــي نفــس الوقــت ‪.‬‬ ‫يعرفهــا فــالون ‪ Wallon‬بأنهــا حركــات تبحـ‬
‫خاصيتها اإليقاعية و تغيـرات إيقاعاتهـا توضـح ذلـك ‪ ،‬و كـذلك يوضـحه تتـابع الم ارحـل العاطفيـة المتباينـة‬
‫التي تعرف من خالل الصرخات الخفيفة أو القوية ‪ ،‬و من خالل تغيرات لون الوجه و بريق العينين و‬
‫ســيالن اللعــاب‪ .‬و حســب فــالون‪ ،‬هــذه الحركــات تعبــر عــن الرغبــة فــي مالعبــة الجســم و الــتحكم فيــه مثــل‬
‫الدميــة ‪ ،‬كــأن الــوعي‪ -‬بســبب عجـزه عــن تــدبر أمـره فــي المحــيط الخــارجي– ينهمــك فــي الوظــائف الحســية‬
‫الحركية للجسم الشخصي ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫صنفت هذه الحركات ضمن مجموعة واحدة ‪-‬رغم أنها الى حد ما غير متشابهة‪ -‬ألنها باإلضافة إلى‬
‫كونهـا كلهـا حركيـة ‪ ،‬فــقن هـذه الحركـات ‪ -‬بــدرجات متفاوتـة – تفيـد فـي التكــوين خـالل النمـو ‪ :‬التفريغــات‬
‫االستكش ــافية تس ــاهم ف ــي التع ــرف عل ــى الجس ــم ‪ ،‬والتفريغ ــات اإليقاعي ــة تخف ــض الت ــوتر و تس ــمح للطف ــل‬
‫ب ــاالنعزال ع ــن المح ــيط الخ ــارجي ‪ ،‬أم ــا التفريغ ــات العنيف ــة ض ــد ال ــذات اإليقاعي ــة والالإيقاعي ــة ذات الق ــيم‬
‫المتناقصة‪.‬‬
‫فــي جوهرهــا‪ ،‬هــذه األنمــاط الســلوكية تصــبح مرضــية عنــدما ال تصــبح مصــدر للمعلومــات وال تحقــق‬
‫إش ــباعات حقيقيـ ــة‪ ،‬وتصـــبح قوالبـ ــا قهري ـ ـة (‪ .) DEAJURIAGUERRA.1980.pp252-254‬وأبـ ــرز‬
‫اللزمات التي تشيع لدى األطفال والمراهقين نجد ‪:‬‬
‫‪ -‬مص األصبع ( أو األصابع) ومص المالبس أو األشياء األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬قضم األظافر أو األقالم أو غيرها من األدوات واألشياء‪.‬‬
‫‪ -‬هز و ترعيش الرجل أو الرجلين بوتيرة مستمرة أو سريعة ‪.‬‬
‫‪ -‬ترميش العينين بطريقة الفتة للنظر ‪.‬‬
‫‪ -‬تحريك األنف والفم والكفين والرقبة ‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ -‬فرقعة األصابع وتنقية األنف وفرك العينين ‪.‬‬
‫‪ -‬نتف الشعر ( ومداعبة الشارب واللحية لدى البالغ) ( الخليدي وهبي ‪-1001.‬ص ص ‪.)119-120‬‬
‫انطالقا من دراسة نفسية غير فيزيولوجية ميز مولدوفسكي نوعان من اللزمات ‪:‬‬
‫‪ -‬اللزمة البسيطة ‪ :‬هي التي ال تحتوي على أي داللة نفسية أو انفعالية أو رمزية‪.‬‬
‫‪ -‬اللزمة المعقدة ‪ :‬هي التي تبدو محتوية على مركبات نفسـية مسـيطرة ‪ ،‬والتـي تخفـض مـن التـوتر‪ ،‬والتـي‬
‫نجد في تعبيرها الرمزي صراعات تتمركز حول النزوات العدوانية والحاجات الجنسية الجبرية‪.‬‬
‫وميز لوبوفيتشي لدى األطفال بين نوعين من اللزمات‪:‬‬
‫‪ -‬اللزمات العـابرة‪ :‬التـي يمكـن أن نقربهـا مـن مختلـف العـادات العصـابية والتـي تختفـي غالبـا بصـفة نهائيـة‬
‫رغم أنها تنبأ باحت ارزات حول االتزان العاطفي مستقبال ‪.‬‬
‫‪ -‬اللزمات المزمنة‪ :‬التـي تشـكل ‪-‬عكـس سـابقتها‪ -‬إصـابة مسـتديمة ت ارفـق حالـة عصـابية منطبعـة‪ ،‬تالحـظ‬
‫هذه إما في العصاب الوسواسي أو هستيريا اإلقالب إن كانت اللزمات المزمنة تعبرعن الشخصية العميقـة‬
‫للفرد ألنها لليات جد ال تكون أكثر من تظاهرات طفيلية ‪.‬‬

‫‪ .1.3‬أسباب اللزمات ‪:‬‬


‫في دراستها حول شخصية المالزمين ‪ ،‬قالت ماهلر أن األمر يتعلق بأشخاص يبدون تناذ ار سـمته ب ـ‬
‫"الحاج ــة الحركي ــة الجبري ــة" ‪ ،‬أي حال ــة اس ــتحالة ال ــتحكم ف ــي الوظيف ــة العص ــبية العض ــلية‪ .‬حس ــبها يتمث ــل‬
‫المالزمون في أشخاص كانوا أطفاال قلقيـين مثبطـين ‪ ،‬سـهلو االكتئـاب‪ ،‬سـلبيين ‪ ،‬وهـم علـى األكثـر ذكـور‪،‬‬
‫‪23‬‬
‫ألن الجهاز العصبي العضـلي يكـون – بالخصـوص عنـد الـذكور – كحقـل للعدوانيـة‪ ،‬إذ تـأتي اللزمـات إلـى‬
‫األفراد ذوي االستعدادات الضطرابات حركية وخالل الصراعات الشائعة في فترة الكمون‪.‬‬
‫حسب مولدوفسكي‪ ،‬يكون هؤالء األطفال قد اكتسبوا درجة غيـر اعتياديـة مـن النشـاط الحركـي‪ ،‬يقـول‬
‫لباؤهم أنهم سهلو اإلثارة وجد متلخبطين (‪.) DEAJURIAGUERRA. 1980. pp258-259‬‬

‫‪ .2.3‬عهالج اللزمههات‬
‫إجماال‪ ،‬يمكن حصر العالجات في المعالجات الدوائية و المعالجات الحركية والمعالجات النفسية‪:‬‬
‫‪ -‬أغلب األدوية ال تحقق إال تعديالت طفيفة ماعدا الديازيبام والبوتيروفنون المفيدين في حاالت‪.‬‬
‫‪ -‬المعالجات النفسية الحركية تميل إلى اختزال االستقرار والبالدة الحركية المترافقين مع اللزمات‪.‬‬
‫‪ -‬طريقــة بريســو ‪ :‬تهــاجم اللزمــة مباش ـرة‪ .‬أسســها علــى التوفيــق بــين أســلوبين همــا‪ :‬تثبيــت الحركــة وحركــة‬
‫التثبيت‪ .‬ثم عمم ماج هذه الطريقة تحـت اسـم التربيـة النفسـية الحركيـة‪ ،‬وكملهـا بعـدة أسـاليب منهـا ‪ :‬تمـرين‬
‫بسط العضالت منهجيا والتمرين تحت رقابة المرلة‪.‬‬
‫‪ -‬العالجات السلوكية الجديدة‪ :‬أعيد اكتشاف هذه التقنيات انطالقا من نظرية اإلشـراط‪ .‬تتمثـل تقنياتهـا فـي‬
‫أيــام طيلــة ثالثــة أســابيع‪،‬‬ ‫التك ـرار اإلداري للحركــة خــالل ح ـوال نصــف ســاعة يوميــا أو ســاعة فــي الــثال‬
‫تتبعها راحة طيلة ثالثة أسابيع أخرى‪ ،‬ثم إعادة الكرة‪ .‬هذه الطريقة حققت نتائ مرضية تقريبا‪.‬‬
‫‪ -‬االسـترخاء العالجـي‪ :‬يمكنـه كـذلك إعطـاء نتـائ جيـدة (‪De AJURIAGUERRA 1980.pp260-‬‬
‫‪.)261‬‬

‫‪22‬‬
‫المحاضرة الثامنة ‪ -‬اضطرابات اإلخراج‬

‫مع تطور استقاللية الطفل الحركية و اللغوية في سنه الثانية يشرع المحيطون به في تعليمه وتوعيته‬
‫بحاجته إلى النظافة والتحكم في عمليات اإلخراج وتصريفها في المكان المخصص لها‪ .‬في البدايـة يوضـع‬
‫الطفــل فــي المحبســة ثــم تــدريجيا يــتعلم الطفــل اإلعــالن عــن حاجتــه مــن أجــل قضــائها فــي مكانهــا الخــاص‪.‬‬
‫ويحتاج التحكم في العضالت السارة إلى شروط أهمها ‪:‬‬

‫‪ -‬نض بيولوجي للمثانة و لعضالت التحكم ‪.‬‬


‫‪ -‬تربية الطفل على النظافة و تعليمه عاداتها ‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة وجدانية تجعل الطفل يرغب في النظافة ليسـر أمـه ‪ ،‬وكـي يسـر نفسـه و يشـعر بنضـجه و يفتخـر‬
‫بأنه أصبح أكبر ( ميموني‪ -2991-‬ص ص‪. ) 122 -123‬‬

‫‪ -1‬الهتبول ‪: Enuresie‬‬
‫يعــرف التبــول بأنــه بــول ال إرادي‪ ,‬ويعتبــر ال ســويا بعــدما يبلــغ الطفــل مرحلــة التنشــئة االجتماعيــة ‪،‬‬
‫خاصــة بعــد الســنة الرابعــة مــن العمــر المالحــظ أن هــدا االضــطراب الــوظيفي يظهــر فــي جــل األحيــان عنــد‬
‫الذكور‪ .‬وقد عرف التبول عدة تقسيمات‪ .‬فقد قسم حسب تاريخ ظهوره إلى ‪:‬‬
‫‪ -‬تبول أولهي ‪ :‬وهـو يشـكل مـا يقـارب ‪ % 39‬مـن حـاالت التبـول‪ .‬سـمي أوليـا ألن الطفـل لـم يـتحكم فـي‬
‫البول مند ميالده‪ .‬أرجع دوشي ‪ Duché‬سـببه إلـى تهـاون األم التـي عـودت الطفـل علـى البلـل ممـا جعلـه‬
‫ال ينــزع منــه وال يســتيقظ حــين يبلــل بطانيتــه‪ .‬يظهــر التبــول األولــي أيضــا عنــد الطفــل المــدلل الــذي يبقــى‬
‫طفوليا و يفضل أن يبقى " الصغير األبدي " ‪ ( .‬يقول الرسام الشهير س ‪ .‬دالي أنه ظل يبلل فراشه حتـى‬
‫ســن الســابعة للمتعــة فقــط ‪ ،‬ولــم تقــل أمــه لــه شــيئا )‪ .‬يمكــن أن يعــزى أيضــا فــي بعــض الحــاالت إلــى الــتعلم‬
‫يظهــر التبــول االعت ارضــي و االنتقــامي‪ ,‬كمــا يظهــر‬ ‫المبكــر و المتصــلب للنظافــة مــع اســتحواذ األم ‪ ،‬حيـ‬
‫لــدى األطفــال عميقــي النــوم ‪ ،‬و يقــول كثيــر مــن األشــخاص أنهــم حلم ـوا بــذهابهم إلــى المرحــاض و قضــاء‬
‫حاجتهم فيه ‪.‬‬
‫‪ -‬التبول الثانوي ‪ :‬يعاني منه ‪ %19‬من األطفال األقل من ‪ 11‬سنة ‪ % 91 ،‬منه فقط يبقى إلى الرشد‪.‬‬
‫يظهــر عنــد الطفــل بعــد اكتســابه التــام للنظافــة‪ .‬وهــو ‪-‬عمومــا– نتــاج صــدمات ( أم ـراض أصــابت الطفــل‪،‬‬
‫مرض األم ‪ ،‬ميالد أخ ‪ ،‬دخول المدرسة ‪...‬إلخ ) ‪ .‬يزول هذا التبول عادة بعد زوال الظروف المنتجـة لـه‪،‬‬
‫خاصة إذا كان المحيط متفهما ومرنا ‪ ،‬كما يزول مع النض الوجداني للطفل ‪.‬‬

‫‪ -1-1‬أسباب التبول ‪:‬‬


‫‪21‬‬
‫يمكــن أن نجــد التبــول كعــرض لــبعض االضــطرابات العصــابية و الذهانيــة و التخلــف العقلــي أيضــا‪.‬‬
‫مهما كان نوع التبول فقنه يتدعم دوما بعوامل نفسية تختلف معانيها حسب الحالة و خصائصها الداخلية و‬
‫الخارجية‪ ،‬لذلك يتطلب فهم ظاهرة التبول دراسة معمقة تغوص في الظروف الخاصة و الظروف المشتركة‬
‫بين الحاالت‪ .‬عموما ‪ ،‬يمكن أن يعبر التبول عن قلق أو صراعات داخلية أو محاولة يائسة لجلـب اهتمـام‬
‫الوالدين ‪ ،‬و تارة يعبر عن عدوان ( شعوري) أو نكـوص إلـى مرحلـة مبكـرة إلعـادة االهتمـام و االنتبـاه إليـه‬
‫خاصة عقب والدة أخ أو عقب صدمة ( نفسية‪ ،‬اجتماعية ‪ . ) ....‬وقد ركز دوشهي ‪ Duché‬علـى البيئـة‬
‫االجتماعيــة و تأثيرهــا علــى الطفــل‪ .‬إن كانــت التربيــة متصــلبة وضــاغطة فقنهــا قــد تــدفع الطفــل إلــى التمــرد‬
‫والمعارضة‪ .‬كما أن التربية المفرطـة التسـامح ال تسـاعد علـى تكـوين عـادات الـتحكم فـي العضـالت السـارة‪،‬‬
‫يطرح ما شاء وحيثما شاء‪ .‬لذلك وجب على المربي أن يكون متفهما مرنا يأخذ بعين االعتبار نفسـية‬ ‫حي‬
‫الطفل و شخصيته‪ ،‬كي الطفل يعيش النظافة كشيء هام و نابع منه‪ ،‬ال كقكراه‪.‬‬

‫‪ -2-1‬عالج التبهول ‪:‬‬


‫قبـل اتخـاذ أي إجـراءات عالجيـة نفســية ينبغـي توجيــه الطفـل أو الم ارهــق إلجـراء فحــص عضـوي يــتم‬
‫عن أي اضطرابات عضوية و عالجها‪ .‬من جهـة أخـرى بقمكـان الطبيـب‬ ‫فيه فحص جهاز البول و البح‬
‫العضوي أن يصف أدوية تنقص إفراز البول مما يساعد الطفل على التعود على عدم البـول فـي ف ارشـه‪ ،‬أو‬
‫وصف مضادات االكتئاب أيضا للتخفيف من القلق الذي يؤدي إلى التبول‪.‬‬
‫‪ -1-3‬العالج السلوكي ‪ :‬يستخدم تقنيات عدة أبرزها ‪:‬‬
‫يوضع منبه يـدق بصـوت قـوي بمجـرد تبلـل فـراش الطفـل بـالبول الـذي يغلـق الـدارة‬ ‫‪ -‬طريقة المنب ‪ :‬حي‬
‫الكهربائية المفتوحة بين صـفيحتين معـدنيتين موصـولتين بالمنبـه بواسـطة سـلكين نـاقلين‪ .‬هكـذا يعمـل البـول‬
‫كوسيط ناقل للتيار الكهربائي مما يؤدي إلى اشتغال المنبه ‪.‬‬
‫‪ -‬طريقههة " اليوميههة " ‪ :‬تبــدأ بتوعيــة الطفــل بســفاهة فعلــه و توجيهــه نحــو مجــاالت تعبيريــة مناســبة لعمـره‪.‬‬
‫ويحمل الطفل مسـؤولية شـفائه عـن طريـق تكليفـه بـالتمرين التـالي ‪ :‬يسـجل فـي " اليوميـة " أمـام األيـام التـي‬
‫تبــول فيهــا العالمــة (‪ )9‬صــفر ‪ ،‬و العالمــة (‪ )1‬واحــد أمــام األيــام الجافــة ثــم كــل أســبوعين يــزور الطفــل‬
‫خـالل األيـام التـي تبـول فيهـا‪ .‬هكـذا يـتعلم الطفـل‬ ‫معالجه حامال معه نتائجه ليتحاو ار حولها وحول ما حد‬
‫مالحظة ذاته و التعبير عن صعوباته ( ميموني – ص ص ‪. ) 123-121‬‬
‫‪ -‬طريقة النجوم ‪ :‬تعتمد هي كذلك على اليومية‪ ،‬لكن توضـع نجمـة ذهبيـة (أو أي رمـز ثمـين أو محبـوب‬
‫من قبل الطفـل) أمـام األيـام التـي لـم يتبـول فيهـا و تهمـل األيـام المبللـة‪ .‬بعـد ذلـك يتحـاور المعـال و الطفـل‬
‫حول األيام الجافة‪ ،‬و يركز األخير حديثه على تثمينها و تشجيع الطفل على المزيد من التقدم ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -2-3‬العالج النفسي ‪ :‬يهدف إلى التعرف على شخصية ( نفسية ) الطفل و كشف مشاكله و صـراعاته‬
‫و خصائص محيطه األسري و المجتمعي ‪ ،‬و من خالل دلك يحدد طريقة العالج الالزمة أو المناسبة ‪ ،‬و‬
‫من أبرزها ‪:‬‬
‫‪ -‬توجي و إرشاد الوالدين ‪ :‬إلى كيفية التعامل مع الطفل و معالجة اضـطرابه باألسـاليب الصـحية‪ ،‬حيـ‬
‫الوالــدين‬ ‫يقــوم المعــال بتعلــيمهم الحـوار مــع طفلهــم و طمأنتــه و إشــعاره بالحــب و الثقــة فــي نفســه‪ .‬و يحـ‬
‫على ضرورة التخلي عن األساليب التربية الخاطئة كالضرب المبرح و التأنيب المحبط والعقابات المجحفة‪،‬‬
‫ألنها بالعكس سوف تزيد احتماالت تفاقم االضطراب ‪.‬‬
‫‪ -‬العالج المعمق ‪ :‬أما إذا كان تبول الطفل مصحوبا بأعراض عصابية أخرى فقنـه سـوف يقتضـي عمليـة‬
‫عالجية معمقة‪ ،‬ألن التبول هنا ليس عرضا من أعراض اضطراب نفسي ما‪.‬‬

‫‪ - 2‬التبههرز ‪:‬‬
‫التبــرز اضــطراب وظيفــي يصــيب اإلخ ـراج الشــرجي‪ ،‬يشــخص عنــد األطفــال ذوي عمــر عقلــي يفــوق‬
‫التبرز أثناء اليقظة ( نهارا) وهو ال إرادي وغير مضبوط‪ .‬يكون في المالبس أو على‬ ‫األربع سنين‪ .‬يحد‬
‫على األقل مرة كل شهر خالل عدة أشهر‪ .‬أما في الليل فيبقى الطفل نظيفا‪.‬‬ ‫األرض‪ .‬يحد‬
‫يظهر التبرز لدى ‪ %1‬من األطفال البالغين ‪ 1‬سنين‪ ،‬وهـو عنـد ‪ 3‬إلـى ‪ 2‬ذكـور مقابـل فتـاة واحـدة‪.‬‬
‫ويرافقه التبول عند ‪ % 21‬من المتبرزين ‪ .‬ويختلف حال الفضالت من عجينية إلى سائلة إسهالية‪ .‬تتبـاين‬
‫أماكن التبرز من االنفراد في الغرفة إلى التبرز في القسم إلى التبرز بمجرد العـودة إلـى البيـت‪ .‬هنـاك تبـرز‬
‫أولي يخص األطفال الذين لم يكتسبوا أبدا القدرة على التحكم في فضالتهم بصفة ثابتة‪ ،‬وهناك تبرز ثانوي‬
‫يخــص الــذين تحكم ـوا ســابقا فــي عمليــة الطــرح لعــدة أشــهر‪ .‬لكــن هــذان الشــكالن ال يتمــايزان بشــكل واضــح‬
‫للممارس العيادي ‪.‬‬
‫فــي أغلــب األحيــان نجــد ردود فعــل المحــيط متمثلــة فــي التخلــي عــن الطفــل المتبــرز مــن قبــل العائلــة‬
‫واألزواج‪ .‬وســخ الفضــالت ونتانتهــا التــي ال يتقبلهــا المحيطــون تعيــق إمكانيــة التســامح النســبي مــن طــرف‬
‫الفضـ ــالت وتقـ ــوده إلـ ــى سـ ــلوكات إنكاريـ ــة لآلثـ ــار الملموسـ ــة الضـ ــطرابه ( إخفـ ــاء المالبـ ــس المتسـ ــخة‪)...‬‬
‫(‪. )MESSERSCHMITT & CANOUI. 1994. pp 165-166‬‬
‫بالنســبة للتبــرز ذي األســباب النفســية‪ ،‬يقــدم عمــل عالجــي علــى الطفــل والعائلــة أيضــا‪ ،،‬يعمــل علــى‬
‫تحس ــين وتقوي ــة العالق ــات األسـ ـرية الودي ــة اإليجابي ــة‪ ،‬والعم ــل عل ــى اكتس ــاب الطف ــل اس ــتقاللية ف ــي تس ــيير‬
‫اض ــطرابه ( الـــذهاب إل ــى المحبس ــة أو المرحـ ــاض )‪ ،‬والرف ــع م ــن قيمـ ــة اتجاهات ــه االجتماعيـــة والرياضـــية‬
‫والمدرسـية‪ .‬باإلضـافة إلـى إجـراءات تمـس التغذيـة ( ‪MESSERSCHMITT & CANOUI. 1994.‬‬
‫‪.)pp166-167‬‬

‫‪21‬‬
‫المحاضرة التاسعة ‪ -‬الكذب‬

‫يعرف روس (‪ )1012‬االضطراب السلوكي بأنه اضطراب نفسي يتضح عندما يسلك الفرد سلوكا‬
‫يتكرر هذا‬ ‫منحرفا ‪-‬بصورة واضحة‪ -‬عن السلوك المتعارف عليه في المجتمع الذي ينتمي إليه‪ ،‬بحي‬
‫السلوك باستمرار ويمكن مالحظته والحكم عليه‪ .‬وهو حسب هويت (‪ )1063‬ينحرف عما هو متوقع‬
‫يعتبر هذا السلوك سلوكا غير متوافق ويمكن‬ ‫بالنسبة للعمر الزمني والجنس والوضع االجتماعي‪ ،‬بحي‬
‫أن يعرض صاحبه لمشاكل خطيرة في حياته‪ .‬ويالحظ كوفمان (‪ )1011‬أن األطفال المضطربين سلوكيا‬
‫يمكن تعليمهم سلوكا اجتماعيا مقبوال (جمال القاسم ولخرون‪ .2999 .‬ص ص‪.)13-11‬‬

‫‪ - 1‬الهكهذب ‪:‬‬
‫يعرف الكذب بأنه القول الذي ال يطابق الواقع ‪ ،‬يتعمده الشخص بقصد تضليل الغير وخداعه ‪ ،‬أو‬
‫إخفاء الحقيقة ألي سبب من األسباب‪ .‬وغالبا ما يستخدمها الطفل أو المراهق بهدف التخلص من العقاب‪.‬‬
‫يؤدي هذا السلوك إلى العديد من المشكالت االجتماعية مثل السرقة و الخيانة (شيفر وملمان‪.1000 .‬‬
‫ص‪ .)239‬والكذب يشمل القول والسلوك‪ .‬وهو ليس فطريا‪ ،‬بل هو مكتسب بالتعلم من البيئة المحيطة‪.‬‬
‫ويعتبر أساس أو رفيق أو حامي أغلب السلوكات المضطربة أو المنحرفة أو غير السوية‪ .‬رغم أن الكذب‬
‫سلوك غير سوي إال أنه يعد ظاهرة طبيعية في السنوات األولى من عمر الطفل‪ ،‬ألن األطفال دون السن‬
‫الخامسة يعانون صعوبتين أساسيتين ‪:‬‬
‫يجدون صعوبة في التعبير اللغوي الدقيق والمطابق في وصفهم أو سردهم للوقائع‪.‬‬ ‫‪ -‬حاجز اللغة ‪ :‬حي‬
‫يجدون صعوبة في التمييز بين الحقيقة والخيال‪ ،‬والواقع واألحالم ‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫‪ -‬حاجز النض العقلي ‪ :‬حي‬
‫مراحل لتطور مفهوم الكذب عند األطفال ‪:‬‬ ‫ميز بياجي ثال‬
‫المرحلة األولى‪ :‬يعتقد الطفل الكذب خطأ ألنه سوف يعاقب عليه‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬يبدو الكذب خطأ بحد ذاته وسوف يبقى خطأ حتى بعد زوال العقاب‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬الكذب خطأ ألنه ينعكس على المحبة واالحترام المتبادالن (مريم سليم‪ .2992 .‬ص‪/226‬‬
‫تشارلز شيفر وهوارد ملمان‪ .2993 .‬ص ‪.)220‬‬

‫‪ .2‬أنواع الكذب ‪:‬‬


‫‪ .1.2‬الكذب الخيالي ‪ :‬وهو شائع في الطفولة األولى‪ ،‬إذ نجد الطفل ينس قصصا حول مواقف أو‬
‫خيالية ال وجود لها في الواقع‪ .‬ويعزى هذا الكذب لألسباب اآلتية ‪:‬‬ ‫أحدا‬
‫‪ -‬عدم قدرة الطفل في السن قبل الخامسة على التمييز بين الحقيقة والخيال‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -‬عدم إدراك الطفل لماهية الكذب‪ ،‬وحدود إعمال الخيال‪.‬‬
‫‪ -‬التعبير عن األحالم واألمنيات‪ ،‬وكذا ضرورات بعض األلعاب ‪.‬‬
‫‪ -‬سماع الطفل للحكايات الخرافية خصوصا قبل النوم‪.‬‬
‫ال تصنف هذه التخيالت الطفولية كـكذب وال يخشى على الطفل منها‪ ،‬ولكن على المربي أن يربط‬
‫الطفل من حين آلخر بالواقع بل في بعض األحيان تكون هذه التخيالت بذرة لموهبة قصصية تحتاج إلى‬
‫اهتمام ورعاية وتنمية‪.‬‬
‫‪ .2.2‬الكذب التعويضي واالدعائي‪ :‬يلجا إليه الطفل حين يشعر بالنقص وبأنه أقل ممن حوله‪ ،‬أو لكسب‬
‫اإلعجاب واإلطراء من والديه‪ ،‬خاصة حين يفشل في الوصول إلى توقعاتهما في عمل معين (محمد‬
‫المهدي‪ .2991.‬ص‪ .)01‬هنا يقوم الطفل بادعاء وجود صفات أو أشياء لديه‪ ،‬وهو في الواقع ال يتصف‬
‫أو مغامرات عاشها أو قام بها‪ ،‬بينما هي مجرد‬ ‫بها وال يملكها‪ .‬أو يسرد قصصا حول مواقف أو أحدا‬
‫مبالغات أو اختالق ات كاذبة‪ .‬وغرض الطفل منها تعويض ما يشعر أنه ينقصه مقارنة بأقرانه‪ ،‬من صفات‬
‫وممتلكات‪ .‬أو قد يسعى الطفل بهذا الكذب إلى تقديم نفسه في صورة مرموقة تثير اإلعجاب والتقدير من‬
‫قبل المحيط‪ .‬هذا النوع من الكذب يحتاج إلى االهتمام بالطفل وتفهم احتياجاته النفسية ومشاعر النقص‬
‫والدونية عنده‪ ،‬ومحاولة إيجاد طرق واقعية لتحقيق هذه االحتياجات دون اللجوء إلى الكذب واال فسيتحول‬
‫هذا النوع إلى كذب مزمن يتطور إلى محاوالت خداع واحتيال‪.‬‬
‫‪ .3.2‬كذب االستحواذ‪ :‬يظهر لدى الطفل الذي يعاني من قسوة والديه ومن انعدام الثقة بينه وبينهما‪ ،‬ومن‬
‫حرمانه من أشياء كثيرة يرغب في امتالكها‪ ،‬لذلك يلجا إلى الكذب للحصول على هذه األشياء‪ .‬حين يفقد‬
‫الطفل الثقة في البيئة المحيطة به ويشعر بالحرمان ربما يميل إلى هذا النوع من الكذب المتالك أكبر قدر‬
‫من األشياء التي يرغب بها‪ .‬وهذا النوع يحتاج لالقتراب وجدانيا من الطفل و إشعاره بالثقة واألمان وتفهم‬
‫احتياجاته حتى ال يضطر لالحتيال للحصول عليها ( محمد المهدي‪ .2991.‬ص‪.)01‬‬
‫يقلد الطفل أحد أبويه في المبالغة عند الحدي ‪ .‬وقد يكذب األطفال‬ ‫‪ .4.2‬كذب المحاكاة أو التقليد ‪ :‬حي‬
‫ألنهم اعتادوا أن الكذب سلوك مقبول في األسرة إذ يكذب البالغون في حضور الطفل أو عليه أو يطلبون‬
‫منه النيابة عنهم في الكذب ‪.‬‬
‫‪ .2.2‬الكذب للفت االنتباه ‪ :‬هذا النوع من الكذب يلجا إليه نوعان من األطفال ‪:‬‬
‫‪-1‬الطفل األناني المدلل الذي يريد أن يظل موقع اهتمام والديه طول الوقت لذلك فهو يكذب لجلب‬
‫انتباههما حتى ولو كان سيؤدي لغضبهما منه فالمهم أن يكون موضع اهتمام ‪.‬‬
‫‪-2‬الطفل المنبوذ الذي يريد أن يحصل على انتباه والديه الغافلين عنه نظ ار النشغالهما بقخوانه أو‬
‫حالة من التوتر تعيد له اهتمام والديه‪.‬‬ ‫بمشاكلهم اليومية فال يجد وسيلة في نظره إال الكذب إلحدا‬
‫‪ .2.2‬كذب الكراهية واالنتقام ‪ :‬الدافع إلى هذا النوع من الكذب هو مشاعر الحقد والغيرة والكراهية‬
‫يأتي طفل أباه أو أمه شاكيا إليه أن‬ ‫والرغبة في االنتقام ‪ ،‬وهذا النوع شائع بين األخوة في األسرة حي‬

‫‪20‬‬
‫في المدارس أيضا‪ .‬غالبا ما يكون هذا النوع من الكذب‬ ‫أخاه قام بفعل من األفعال غير المقبولة‪ ،‬ويحد‬
‫بسبب إحساس الطفل انه مظلوم من والديه أو مدرسته أو لغيرته من أقرانه واحساسه بأنه أقل منهم حظا‬
‫مشاكل كثيرة داخل األسرة وداخل المجتمع ويؤدي إلي إيقاع عقوبات على‬ ‫واهتماما‪ .‬هذا النوع يحد‬
‫أشخاص أبرياء لذلك وجب التنبه له ومعالجته في نطاق األسرة والمدرسة‪ ،‬ويتسنى ذلك بتفهم دوافع‬
‫الطفل‪ .‬أما إذا فشل األولياء في هذا المسعى فيجب إحالة الطفل إلى أخصائي نفساني ‪.‬‬
‫‪ .2.2‬الكذب الدفاعي ‪ :‬هذا النوع من الكذب يشكل حوالي ‪ %19‬من الكذب عند األطفال خاصة فوق‬
‫سن السادسة‪ ،‬وهو بذلك يعتبر أكثر أنواع الكذب شيوعا‪ .‬يهدف الطفل من خالله إلى دفع األذى ومنع‬
‫عقوبة متوقعة قد تسلط عليه هو أو على أشخاص لخرين‪ .‬أو إنكار مسؤوليته عن وقائع معينة‪ .‬هذا النوع‬
‫حين يسود نظام عقابي صارم وشديد في األسرة أو المدرسة أو المجتمع‪ ،‬فيلجأ الطفل إلى الكذب‬ ‫يحد‬
‫خوفا من التعرض للعقاب‪ ،‬وربما يلقي بالتهمة الموجهة إليه إلى شخص لخر بريء فيصبح الكذب مزدوجا‬
‫ينفي التهمة عن نفسه أوال ثم يلصقها بشخص بريء‪ .‬هناك من اآلباء من يضربون أبنائهم لكي‬ ‫حي‬
‫يقولوا الحقيقة وهم بذلك يدفعونهم دفعا إلى الكذب‪ .‬كما قد يسلك الطفل هذا الكذب أيضا للخروج من‬
‫المواقف المحرجة‪ .‬يحتاج عالج هذا النوع إلى بيئة تتسم بالتفهم والتقبل لزالت الطفل وأخطائه ومساعدته‬
‫على تصحيحها بوسائل تربوية إيجابية دون اللجوء إلى العقاب الشديد طوال الوقت (سامي محمد ملحم‪.‬‬
‫‪ .2992‬ص‪ / 363‬محمد المهدي‪ ،2991 ،‬ص ص ‪ / 03-97‬عبد اللطيف حسين فرج‪.2990 .‬‬
‫ص‪.)261‬‬
‫يجد الطفل نفسه مدفوعا إلى الكذب ال‬ ‫‪ .8.2‬الكذب المرضي المزمن‪ :‬وهو الكذب المتعمد المزمن حي‬
‫شعوريا‪ .‬يكذب في أغلب المواقف حتى يصبح الكذب أحد سماته التي يشتهر بها‪ .‬هذا الكذب عنصر‬
‫ضمن منظومة سلوكية مضطربة مثل السرقة والعدوان‪ .‬وهذه الحالة تحتاج إلى العالج النفسي‬
‫واالجتماعي المتخصص ( محمد المهدي‪ ،2991 ،‬ص ص ‪.)00-03‬‬
‫تنتشر هذه األنواع كلها في مختلف مراحل الطفولة والمراهقة‪ .‬غير أن الكذب الخيالي االلتباسي هو‬
‫أكثر األنواع شيوعا في األعوام األولى من عمر األطفال‪ .‬وهي تحتاج إلى متابعة وعناية من قبل المحيط‬
‫حتى ال تترسخ كمشكلة مستقلة تولد الكثير من المشكالت السلوكية األخرى‪ .‬غير أن تدخل المحيط ينبغي‬
‫أن يتسم بالمرونة ومراعاة حقيقة وخلفية هذه المشكالت حتى يتمكن من التخلص منها وليس تغذيتها‪.‬‬

‫‪ .3‬أسباب الكذب ‪:‬‬


‫توجد أسباب عديدة لكذب األطفال ‪:‬‬
‫‪ -‬عدم إشباع الحاجات األساسية ‪.‬‬
‫‪ -‬التنفيس عن المكبوتات‪ ،‬واإلنكار كطريقة لتجنب الذكريات المؤلمة والمشاعر والخياالت‪.‬‬
‫‪ -‬تقليد سلوك الراشين ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -‬التفاخر أو التباهي كي يحصل على اإلعجاب و االهتمام‪.‬‬
‫‪ -‬العدوانية تجاه اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -‬تشوه صورة الذات بأن يكون قد أوحى المحيط للطفل م ار ار بأنه كاذب حتى أصبح مقتنعا بذلك‪.‬‬
‫‪ -‬عدم الثقة إن اعتاد األبوان أن ال يثقا بالطفل وال يصدقانه عندما يخبرهما الحقيقة فقد دفعاه إلى الكذب‬
‫(تشارلز شيفر وهوارد ملمان‪ ،2993 ،‬ص ‪.)239‬‬
‫‪ -‬الدفاع عن النفس هربا من النتائ المؤلمة نتيجة عمل غير مرضي قد قام به حتى يتجنب للعقاب‪.‬‬
‫‪ -‬عدم مراقبة الوالدين لسلوك األبناء والتدقيق هل هو صادق أم كاذب‪.‬‬

‫‪ .1‬الوقاية وعالج الكذب عند األطفال ‪:‬‬


‫عند التفكير في عالج الكذب يجب مالحظة التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬سن الطفل‪ :‬قبل سن الخامسة تكون االحتماالت بريئة وليست كذبا بالمعنى المعروف‪.‬‬
‫‪ -‬ماهو نوع الكذب ؟‬
‫‪ -‬هل الكذب صفة مالزمة أم سلوك عارض ؟‬
‫‪ -‬ماهي دوافع هذا الكذب ومالبساته ؟‬
‫‪ -‬هل الكذب عرض منفرد عند الطفل أم أنه جزء من تركيبة سلوكية مضطربة ؟‬
‫علينا أن ننظر في المصادر األصلية للكذب في البيئة والتي منها استقى الطفل هذا السلوك‪.‬‬
‫بمعنى أن نطهر الجو المحيط بالطفل من كل مظاهر الكذب‪ ،‬و هذا يستدعى شجاعة من الوالدين في‬
‫مواجهة كذبهما الشخصي أوال ليكونا بحق قدوة حسنة لطفلهما‪ .‬ثم ننتقل إلى اإلجراءات األخرى‪ ،‬نذكر‬
‫منها ‪:‬‬
‫‪ -‬رصد احتياجات الطفل المحبطة كالحاجة للحب والتقدير والحاجة إلى األمان‪ ،‬ألن عدم إشباع هذه‬
‫الحاجات ربما يدفعه إلى الكذب انتقاما أو هربا أو تعويضا‪.‬‬
‫‪ -‬إتاحة الفرصة للطفل للتعبير عن نفسه دون قهر أو خوف حتى ال يدفعانه دفعا إلى الكذب‪.‬‬
‫‪ -‬تحمل أخطاء الطفل وزالته والتسامح معه كلما أمكن ذلك دون الوقوع في خطأ التدليل أو التساهل‪.‬‬
‫‪ -‬الوفاء بوعودنا التي قطعناها للطفل واعالء قيمة الصدق في األسرة‪.‬‬
‫يجب أن نعلم أن أضعف الوسائل اإلصالحية في هذه الحاالت هي العقاب والنصح اللفظي الذي‬
‫ال يعقبه السلوك ‪ ،‬كما أن التشهير بالطفل أمام العائلة و أمام أصدقائه يجعله يتمادى في كذبه كما يؤثر‬
‫ذلك بالسلب على شخصيته (محمد المهدي‪ ، 2991 ،‬ص‪.)199‬‬

‫‪31‬‬
‫المحاضرة العاشرة ‪ -‬السرقههة‬
‫حب التملك عند اإلنسان دافع أصيل في تكوين اإلنسان وهو الرغبة في أن تكون له أشياء تخصه‬
‫يدافع عنها‪ .‬الميل إلى التملك أمر مشروع عند كل إنسان ولكن العدوان على ممتلكات اآلخرين واالستحواذ‬
‫عليها بدون وجه حق‪ ،‬يعد سرقة ألنها تلحق ضر ار بالفرد أو المجتمع ويعاقب عليها القانون وكذلك‬
‫المجتمع‪ ،‬وحتى األديان السماوية تشددت في معاملة السارقين إذ أن حد السرقة في اإلسالم قطع اليد‪.‬‬
‫يبدأ الطفل في نهاية السنة األولى بالتمسك بملكيته ألشياءه الخاصة به ويمنع اآلخرين من أخذها‬
‫أن سلبه أحد شيئا ما من لعبه فقنه يبكي ويضرب يديه ورجليه محاوال استردادها‪ .‬ال‬ ‫منه ‪ ،‬واذا حد‬
‫تكون حدود الملكية واضحة لدى الطفل في سنوات عمره األولى فهو يريد أن يمتلك أي شيء يعجبه‬
‫ويستعين بوالديه للحصول على األشياء التي يحبها وال يستطيع الحصول عليها‪ ،‬فقذا كبر قليال وأصبح‬
‫قاد ار على أخذها فقنه ال يتردد في ذلك إذ ليس عنده سبب يمنعه من أن يأخذ ما يحبه هنا يأتي دور‬
‫التربية األسرية التي تعلم الطفل بأسلوب بسيط يستوعب عقله الصغير بأن هناك أشياء تخصه وأشياء‬
‫تخص أسرته‪ .‬وال يحق له أخذ مالبس أخيه أو أخته أو لعبهما إال بقذنهما‪ ،‬وهما أيضا لن يفعال ذلك‪ .‬هنا‬
‫تبدأ أولى دروس حدود الملكية واألمانة ‪.‬ولكي ترسخ هذه القيم في عقل الطفل الوجداني فيجب أن يكون‬
‫له حوائ ال يشاركه فيها أحد ولعب خاصة به‪ .‬وفي نفس الوقت الذي يتعلم فيه الطفل معنى الملكية‬
‫نعلمه أن هناك شيء اسمه االستئذان فقذا أحب مثال أن يلعب لبعض الوقت بلعبة أخيه فيمكنه ذلك بعد‬
‫أن يستأذن‪ .‬ثم نعلمه أن هناك شيء عظيما اسمه اإليثار وذلك بأن يعطي أخاه بعض لعبه ليلعب بها‬
‫بعض الوقت‪ .‬وأن هناك خلقا اسمه األمانة وهي تعني عدم التعدي على أشياء إخوته أو رفاقه في اللعب‬
‫وأن اهلل الذي خلقه وأحبه ومنحه كل شيء في حياته يحب هذه األمانة ويكره أن يأخذ أحد شيئا ليس من‬
‫حقه‪ ،‬وهو يراه حي ن يفعل ذلك حتى ولو لم يره أحد لخر وهكذا تتاح لنا الفرصة في سن مبكر إلرساء‬
‫هذه القواعد المهمة واألصيلة بشكل مبسط في سلوك الطفل‪ .‬أما إذا فشلت هذه العملية التربوية فقننا نواجه‬
‫مشكالت كثيرة يصعب حلها في السن األكبر (محمد المهدي ‪ ، 7002 ،‬ص ‪ ) 00‬منها السرقة‪.‬‬

‫‪ .1‬تعريف السرقة‪:‬‬
‫هي أن يأخذ الطفل شيئا ليس من حقه ( محمد المهدي‪ ،2991 ،‬ص‪ )33‬ولكن ال يوصف السلوك‬
‫عند الطفل بأنه سرقة إال إذا عرف أن من الخطأ أخذ الشيء بدون إذن صاحبه وأنه سوف يعاقب عليه‪.‬‬
‫السرقة البسيطة في مرحلة الطفولة المبكرة‪ ،‬وتبلغ ذروتها بين الـ ‪ 00‬و‪ 00‬سنوات من‬ ‫تشيع حواد‬
‫العمر ثم تبدأ بالتناقص‪ .‬وينمو الضمير عند األطفال بشكل بطيء كلما ابتعدوا تدريجيا عن اتجاه‬
‫التمركز حول الذات واإلشباع الفوري لدوافعهم‪ .‬ومن بين جميع المشكالت السلوكية في مرحلة الطفولة‬
‫يرونها نموذجا للسلوك اإلجرامي مما يولد الخوف في‬ ‫المبكرة تعد السرقة أكثرها إثارة لقلق اآلباء حي‬

‫‪32‬‬
‫قلوبهم كما يشعرون أن محيطهم سوف يحكم عليهم بناءا على سلوك أطفالهم (حنان عبد الحميد عناني‪،‬‬
‫الطفل واألسرة والمجتمع‪ ،‬ط‪ ،00‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ، 7000 ،‬ص ‪.)071‬‬

‫‪ .2‬دوافع السرقة‪:‬‬
‫هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى السرقة منها‪:‬‬
‫‪ -‬قد يسرق الشخص نتيجة لحاجة مادية بسبب الظروف االقتصادية واالجتماعية التي يعيشها‪.‬‬
‫‪ -‬أساليب معاملة الوالدين غير المناسبة فيلجأ إلى السرقة نتيجة القسوة والعقاب‪.‬‬
‫‪ -‬التنشئة االجتماعية الغير سليمة وغياب التوجيه في األسرة وعدمن وجود معاير أخالقية في األسرة‪.‬‬
‫في حالة الطفل األناني أو المدلل على الرغم من أن والديه يوفران‬ ‫‪ - -‬الرغبة في االمتالك وهذا يحد‬
‫له كل شيء إال انه يريد المزيد‪.‬‬
‫‪ -‬تغطية الشعور بالنقص والتعويض عن غياب أحد الوالدين أو كليهما‪.‬‬
‫‪ -‬جذب االهتمام الوالدين حتى لو كان عن طريق العقاب فهو يريد أن يكون في دائرة وعيهما‪.‬‬
‫‪ -‬اإلثارة والفعل الدرامي والمغامرة ( محمد المهدي‪ ،2991 ،‬ص ص ‪.)01 ،09‬‬
‫‪ -‬قد تكون السرقة عالمة عن توتر داخلي عند الطفل مثل االكتئاب أوالغيرة من مولود جديد في األسرة‬
‫والغضب‪ ،‬إذ يحاول استعادة شعوره الداخلي باالرتياح من خالل السرقة (شيفر وملمان‪ ،2993 ،‬ص ص‬
‫‪.)221 ،229‬‬
‫‪ -‬هوس السرقة يعني حالة مرضية يسرق فيها أشياء ال يحتاجها وال قيمة لها عنده ومع ذلك يسرق‪.‬‬
‫ويسرق في شكل نوبات ‪ ،‬في كل نوبة يشعر بتوتر شديد قبل ارتكاب فعل السرقة وال يخف هذا التوتر إال‬
‫بعد تنفيذ السرقة ربما يشعر بالندم بعد ذلك لكنه مع هذا يعاود هذا الفعل القهري مرات ومرات‪ .‬هذه‬
‫الحاالت تحتاج للعالج الطبي والنفسي (محمد المهدي‪ ،2991 ،‬ص ص ‪.)01 ،09‬‬

‫‪ .3‬الوقاية والعالج‪:‬‬
‫أول ما ينبغي القيام به هو تنمية مفهوم الملكية واألمانة لدى الطفل من سن مبكر‪ .‬ثم بعد ذلك‬
‫تأتي اإلجراءات الوقائية والعالجية األخرى ‪ ،‬من بينها ‪:‬‬
‫‪ -‬إشباع الحاجات البيولوجية والنفسية بدرجات معقولة ‪.‬‬
‫‪ -‬حين يقع الطفل في خطأ السرقة على الوالدين أن يجلسا معه ويتفهما ظروف ومالبسات هذا الفعل‪،‬‬
‫وتعريفه بأن هذا السلوك غير مقبول دينيا واجتماعيا وأن يطلب المساعدة ممن حوله خصوصا والديه‬
‫عند تعرضه لمواقف صعبة تواجهه‪ .‬مع التلميح بالعقاب في حالة تكرار السلوك ويكون العقاب مناسبا‬
‫للمرحلة العمرية التي يمر بها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم معايرة الطفل بفعل السرقة أمام إخوته‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -‬المرونة والتسامح في حالة السرقة العرضية على اعتبار أن هذا السلوك عابر قد مر به أغلب الناس‬
‫في سن الطفولة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم اإللحاح على الطفل باالعتراف بفعل السرقة فذلك ربما يدفعه إلى الكذب فيصبح بذلك سارقا‬
‫وكاذبا‪.‬‬
‫حين تصبح السرقة سلوكا متكر ار أو مزمنا وفشلت جهود الوالدين يجب عرض الطفل على طبيب‬
‫نفسي أو أخصائي نفسي لدراسة الحالة واكتشاف االضطرابات المرضية أو المشكالت التربوية الكامنة‬
‫إجراء بعض االختبارات النفسية مثل اختبارات الذكاء‬ ‫خلف هذا السلوك وربما يحتاج األمر إلى‬
‫واالختبارات النفسية التي تقيس درجات القلق واالكتئاب أو العدوان والعالج ربما يكون في صورة إعطاء‬
‫بعض األدوية المناسبة وهذا حسب مقتضيات الحالة‪( .‬محمد مهدي ‪ ،2991 ،‬ص ‪.)03 ،02‬‬

‫‪32‬‬
‫المحاضرة الحادية عشر ‪ -‬الهعهدوان‬
‫يعتبر العدوان سلوكا مألوفا في كل المجتمعات تقريبا‪ ،‬إال أن هناك درجات من العدوانية‪ ،‬بعضها‬
‫مقبول ومرغوب كالدفاع عن النفس وعن اآلخرين وغير ذلك‪ ،‬وبعضها غير مقبول ويعتبر سلوكا هداما‬
‫ومزعجا في كثير م ن األحيان ‪ .‬انصب اهتمام الباحثين على دراسة هذا السلوك ألن النتائ المترتبة عنه‬
‫تعد أكثر خط ار على المجتمع من النتائ المترتبة على نتائ السلوكات األخرى التي يتصف بها األطفال‬
‫المضطربون سلوكيا وانفعاليا ‪.‬‬

‫‪ .1‬تعريف العدوان ‪:‬‬


‫قد حاول العديد من العلماء والباحثين تقديم تعريفات للعدوان منهم ‪:‬‬
‫‪ -‬ميرز (‪ )Marz‬عرفه بأنه حاالت السلوك الموجبة إليقاع األذى بشخص ما بشكل مباشر أو غير‬
‫مباشر أما " زلمان (‪ ")Zillman‬فيرى أن العدوان هو أي نشاط يقصد به الشخص اإليذاء البدني أو‬
‫األلم لشخص لخر‪.‬‬
‫‪ -‬في حين عرفه هيلقارد "‪ "Hilgard‬بأنه نشاط هدام أو تخريبي من أي نوع‪ ،‬أو أنه نشاط يقوم به الفرد‬
‫إللحاق األذى بشخص لخر إما عن طريق الجرح البدني الحقيقي أو عن طريق سلوك االستهزاء والسخرية‬
‫والضحك‪ ،‬أم " الرفاعي" فيرى أن العدوان عبارة عن "السلوك الهجومي المنطوي على اإلكراه واإليذاء"‬
‫(خولة أحمد يحي ‪ ،7000 ،‬ص ص ‪.)000،001‬‬
‫يمكن حوصلة تعريف للعدوان بأنه السلوك الذي يلحق األذى بالغير أو بالذات‪ ،‬وقد يكون أذى‬
‫نفسيا (من إهانة وتحقير ونبذ وما شابههم) أو جسميا (من ضرب ورمي باألشياء ودفع وما شابه ذلك) أو‬
‫لفظيا (تنابز واغاظة وشتم وتسلط وتعليقات التحقير والسخرية وما شابه) (شالرز شيفر وهوارد ملمان‪،‬‬
‫‪ ،2993‬ص‪.)333‬‬

‫‪ .2‬مظاهر السلو العدواني ‪:‬‬


‫هناك عدة تقسيمات لمظاهر السلوك العدواني‪ ،‬أهمها ‪:‬‬
‫‪.1.2‬التقسيم األول ‪:‬‬
‫‪ .1.1.2‬العدوان الجسدي‪ :‬ويقصد به السلوك الجسدي المؤذي الموجه نحو الذات أو اآلخرين‪،‬‬
‫ويهدفن إلى اإليذاء أو إلى خلق الشعور بالخوف ‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك الضرب والدفع والركل شد‬
‫الشعر والعض ‪...‬الخ ‪ .‬وهذه السلوكات ترافق غالبا نوبات الغضب الشديدة ‪.‬‬
‫‪ .2.1.2‬العدوان اللفظي ‪ :‬ويقف عند حدود الكالم الذي يرافق الغضب والشتم والسخرية والتهديد ‪...‬الخ ‪،‬‬
‫وذلك من أجل اإليذاء أو خلق جو من الخوف ‪ ،‬وهو كذلك يمكن أن يكون موجها للذات أو اآلخرين ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ .3.2‬العدوان الرمزي ‪ :‬ويشمل التعبير بطرق غير لفظية عن احتقار األفراد اآلخرين أو توجيه اإلهانة‬
‫لهم ‪ ،‬كاالمتناع عن النظر إلى الشخص الذي يكن له العداء أو االمتناع عن تناول ما يقدمه له أو النظر‬
‫بطريقة ازدراء وتحقير (خولة أحمد يحي ‪ ،‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.)700‬‬
‫‪ .2.2‬التقسيم الثاني ‪:‬‬
‫‪ .1.2.2‬العدوان االجتماعي‪ :‬ويشمل األفعال المؤذية التي تهدف إلى ردع اعتداءات اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .2.2.2‬العدوان الالاجتماعي‪ :‬ويشمل األفعال المؤذية التي يظلم بها اإلنسان نفسه أو يظلم غيره ‪.‬‬
‫‪ .3.2‬التقسيم الثالث ‪:‬‬
‫‪ .1.3.2‬العدوان المباشر‪ :‬هو الفعل العدواني الموجه نحو الشخص الذي أغضب المعتدي فتسبب في‬
‫سلوك العدوان‪.‬‬
‫‪ .2.3.2‬العدوان لير المباشر‪ :‬فيتضمن االعتداء على شخص بديل‪ ،‬وعدم توجيهه نحو الشخص الذي‬
‫تسبب في غضب المعتدي‪ ،‬وغالبا ما يطلق على هذا النوع من العدوان اسم العدوان البديل‪.‬‬
‫‪ .4.2‬التقسيم الرابع ‪:‬‬
‫‪ .1.4.2‬العدوان المتعمد ‪ :‬يشير إلى الفعل الذي يقصد فعال إلحاق األذى باآلخرين ‪.‬‬
‫‪ .2.4.2‬العدوان لير المعتمد ‪ :‬يشير إلى الفعل الذي لم يكن الهدف منه إيقاع األذى باآلخرين على‬
‫الرغم من أنه قد انتهى عمليا بقيقاع األذى أو إتالف الممتلكات‪.‬‬
‫‪ .2.2‬التقسيم الخامس ‪:‬‬
‫‪ .1.2.2‬العدوان المعادي‪ :‬موجه نحو اآلخرين بهدف إلحاق األذى والضرر بهم فقط ‪.‬‬
‫‪ .2.2.2‬العدوان الو سيلي‪ :‬يقوم به الطفل بدافع الحصول على شيء ما أو استرداد شيء ما‪ ،‬وعادة ما‬
‫يقوم الطفل بهذا النوع من العدوان عندما يشعر أن هناك ما يعترض سبيل تحقيقه لهدفه‪.‬‬
‫‪ .2.2‬التقسيم السادس ‪:‬‬
‫يدافع الطفل عن نفسه ضد اعتداء أقرانه‪.‬‬ ‫‪ .1.2.2‬عدوان ناتج عن استفزاز ‪ :‬حي‬
‫يهدف الطفل من خالله إلى السيطرة على أقرانه أو‬ ‫‪ .2.2.2‬عدوان ناتج عن لير استفزاز‪ :‬حي‬
‫إزعاجهم أو إغاظتهم أو التسلط عليهم‪.‬‬
‫‪ .3.2.2‬العدوان المصحوب بنوبة الغضب ‪ :‬يقوم الطفل بتحطيم األشياء من حوله ويبدو هنا كأنه ال‬
‫يستطيع أن يضبط غضبه‪.‬‬
‫يشعر‬ ‫‪ .4.2.2‬العدوان السلبي ‪ :‬وهو العدوان النات عن التمرد على السلطة من أهل ومعلمين‪ ،‬حي‬
‫األطفال أوالمراهقون بأنهم مظلومون وأن أولياءهم مستبدون يسيئون معاملتهم ‪ .‬لكنهم ال يستطيعون‬
‫االنتقام بشكل مباشر من مصادر السلطة‪ ،‬فيلجأون هذا العدوان ذي الشكل الخداع المبطن‪ ،‬كتعمد‬
‫إحضار الكتاب الخاطئ إلى الصف‪ ،‬أو تجاهل الواجبات المدرسية‪ ،‬أوالقفز على السطر أثناء القراءة‬
‫أومقاطعة المعلم بشكل متكرر بدواع ال تستحق ‪...‬إلخ ( خولة أحمد يحي ‪ ،7000 ،‬ص ‪.)702‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ .3‬أسباب العدوان‪:‬‬
‫من العلماء من يركز على العوامل البيئية االجتماعية في تفسير السلوك العدواني‪ .‬إذ الحظوا أن األوالد‬
‫الذين يأتون من بيوت يكون األب غائبا عنها لفترة طويلة يظهرون تمردا على التأثير األنثوي لألمهات‬
‫اللواتي يحملن أعباء إضافية بأن يصبحوا شديدي العدوان أكثر هؤالء األوالد يتصرفون كما لو أنهم‬
‫يعتقدون بأن التصرفات العدوانية تجاه اآلخرين هي دليل الرجولة ( شالرز شيفر وهوارد ملمان‪،2993 ،‬‬
‫ص‪ .)333‬كما أن كثرة المشاحنات بين الوالدين تشعرالطفل بعدم الثقة فتنعكس على شخصيته وتؤدي‬
‫إلى ضعف السيطرة على المشاكل والصعوبات التي يواجهها مما يزيد سلوكه العدواني‪ .‬وتظهر على‬
‫الطفل المدلل مشاعر العدوان أكثر من غيره ‪ ،‬فهذا الطفل الذي تمتع بالحماية الزائدة ال يعرف سوى لغة‬
‫الطاعة لتلبية رغباته فقن يتجلى السلوك العدواني لديه بوضوح ‪.‬‬
‫وهناك اتجاه تنظيري يؤكد أن السلوك العدواني ينشأ نتيجة التعرض إلحباطات الحياة اليومية وأن‬
‫العدوان هو النتيجة الحتمية الطبيعية لإلحباط للحرمان أواستجابة للتوتر الناشئ عن حاجة عضوية غير‬
‫مشبعة‪ .‬وحينما يشعر الطفل بحرمانه من الحب والتقدير رغم جهوده الحثيثة لكسب ذلك الحب والتقدير‬
‫فقن سلوكه يتحول نحو العدوان إذ يرى فيلد هاريمان (‪" )P.L Hariman‬أن السلوك العدواني هو‬
‫تعويض عن اإلحباط المستمر وأن كثافة العدوان تتناسب مع حجم اإلحباط وكثافته إذ كلما زاد اإلحباط‬
‫زاد عدوانه ‪.‬‬
‫من العلماء من أكد على دور العوامل النفسية والص ارعات النفسية واالنفعاالت المكبوتة فقد وجد‬
‫سيرز "‪ "Sears‬أن هناك عالقة بين العدوان وشعور الطفل بعدم األمان والشعور بالذنب‪ .‬كما أن شعور‬
‫األطفال بالنقص الجسمي أوالمعنوي عن بقية األطفال ممن حوله يمثل بالنسبة له منطلقا لظهور مشاعر‬
‫الغيرة والعدوانية‪ .‬قد يقوم بعض األطفال باجتذاب انتباه اآلخرين وذلك بقبراز قوتهم أمام الكبار وممارسة‬
‫العدوانية ضد اآلخرين ‪.‬‬
‫ويرى المنظرون السلوكيون أن السلوك العدواني متعلم في أغلبه‪ ،‬فاألطفال يتعلمون السلوك‬
‫العدواني عن طريق مالحظة نماذج العدوان عند والديهم ومدرسيهم أو أصدقائهم‪ ،‬وفي أفالم التلفاز‬
‫والسينما وفي القصص التي يقرؤونها ويمكن للطفل أن يتعلم السلوك العدواني إذا الحظ غيره يجني منافع‬
‫جراء قيامه بهذا السلوك‪.‬‬

‫‪ .4‬عالج السلو العدواني ‪:‬‬


‫هذا السلوك هل هي اضطرابات عضوية أم اضطرابات نفسية أم‬ ‫من الضروري معرفة بواع‬
‫ظروف اجتماعية ‪ ،‬ونحاول التعامل معها حسب طبيعتها بالعالج الدوائي أو اإلرشاد أو العالج النفسيين‪.‬‬
‫وال شك أن العالج سيكون متعدد المستويات ومتعدد العناصر ويحتاج إلى فريق متعدد التخصصات إذ ال‬
‫يكفي تدخل عالج واحد في هذا الموضوع إنما كل تدخل سوف يصلح جزءا من هذا االضطراب المتعدد‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫باإلضافة إلى تعددية الوسائل العالجية نحتاج إلى سياسة النفس الطويل والصبر الجميل من المعالجين‬
‫ومن األسرة ألن التغيير ال يتم بسرعة وانما يحتاج إلى مراحل ‪ ،‬ويمكن أن يأخذ أحد الصور التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬توفير جو مالئم للطفل يراعي قدراته ويقلل إحباطاته وغضبه ويعطيه شعو ار باألمان والطمأنينة ‪.‬‬
‫‪ -‬تعليمه المهارات االجتماعية الجديدة لمواجهة ضغوط الحياة بشكل متحضر ومقبول‪.‬‬
‫‪ -‬إعطاء القدوة من قبل الوالدين والمدرسين والشخصيات المؤثرة في حياته وبيان أن التعامل مع اآلخرين‬
‫يتم باالحترام والمودة واألخذ والعطاء وال يتم بالعنف والعدوان ‪.‬‬
‫‪ -‬عد م التساهل أو التهاون إزاء السلوك العدواني بل البد وأن يعرف الطفل أن هناك عواقبا دائما لسلوكه‬
‫العدواني كما أن هناك مكاف ت للسلوك السوي ‪ ،‬واذا قمنا بتأديب الطفل أو عقابه فيجب أن يتم ذلك بشكل‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫‪ -‬إرشاد وتعليم للوالدين حول السباب التربوية الصحيحة‪.‬‬
‫‪ -‬تدعيم الجوانب اإليجابية من خالل نظام التشجيع المعنوي والمكاف ت‪ ،‬ويضعف الجوانب السلبية من‬
‫خالل نظام الحرمان من بعض المزايا أو التعرض لبعض العقوبات اإليجابية‪.‬‬
‫‪ -‬العالج األسري‪ :‬يتم في جلسات متعددة يقوم بها معال متخصص في العالج األسري‪.‬‬
‫‪ -‬عالج نفسي جمعي لألطفال أو الوالدين مع لخرين لديهم مشكالت متشابهة مع أبنائهم هذا العالج‬
‫يستخدم لليات وتقنيات كثيرة لتفسير السلوكات المرضية (محمد مهدي‪ ،2991 ،‬ص ‪.)33-32‬‬
‫‪ -‬العالج المؤسسي بانتزاع الطفل من البيئة المضطربة التي تعلم فيها السلوكيات المرضية (شيفر‬
‫وملمان‪ ،2993 ،‬ص ص ‪.)319-329‬‬
‫والدراسات في السنوات األخيرة شجعت إستخدامها ومما زاد احتماالت‬ ‫‪ -‬العالج بالعقاقير‪ :‬األبحا‬
‫االستفادة من العقاقير أن هناك نسبة غير قليلة من الحاالت المضطربة يعانون من االكتئاب أو قلق‬
‫وغالبا ما يعبر الطفل عن اكتئابه وقلقه في صورة اضطرابات سلوكية ولذلك تلعب مضادات االكتئاب‬
‫والقلق وحاليا تستخدم مضادات الذهان في عالج السلوك العدواني " الهالوبيدول" ‪" ،‬الريسيبريدون"‬
‫ويستخدم الليثيوم لعالج العنف عند األطفال وهناك بعض الدراسات التي تقترح استخدام "الكارباماذيي"‬
‫للسيطرة على نوبات العنف أو السلوك المضطرب وتستخدم مضادات القلق وخاصة "بوسبيرون" لعالج‬
‫القلق وما يصاحبه من اضطرابات سلوكية (محمد مهدي‪ ،2991 ،‬ص ص ‪.)33-32‬‬

‫‪33‬‬
‫خاتمة‬
‫يعد علم النفس المرضي للطفل والمراهق أحد الفروع األساسية لعلم النفس المرضي‪ ،‬وهو مفتاح فهم‬
‫مختلف االضطرابات النفسية والعقلية التي تظهر في مختلف المراحل العمرية‪ ،‬بدء بالرضاعة ثم الطفوالت‬
‫فال مراهقة‪ .‬بل ال يكاد يكتمل فهم علم النفس المرضي للراشد واالضطرابات النفسية التي تصيب الراشدين‬
‫إال بالعودة إلى المعارف التي يقدمها علم النفس المرضي للطفل والمراهق‪ .‬ذلك ان جذور مختلف‬
‫االضطرابات النفسية والعقلية تعود إلى المراحل األولى من العمر‪ ،‬تصل حتى األعوام الخمس األولى‬
‫حسب علماء النفس الديناميين‪.‬‬
‫ويحتل علم النفس المرضي للطفل والمراهق مكانة بارزة في علم النفس العيادي عموما‪ ،‬نظ ار‬
‫حول الطفل‪ ،‬منها تقنيات الفحص والعالجات النفسية‪ .‬فقد كانت‬ ‫الرتباط مختلف فروعه بنتائ األبحا‬
‫دراسة الطفل واضطراباته ضرورة قصوى تحتاجها كل مقاربة نظرية إلثبات دقة وصحة مفاهيمها‬
‫وواقعيتها‪ ،‬وكذا نجاعة األساليب العالجية التي تعتمدها‪.‬‬
‫ولقد حاولنا في هذه المطبوعة ذكر بعض االضطرابات النفسية الشائعة عند األطفال والمراهقين‪.‬‬
‫ونظر لكون هذه االضطرابات كثيرة ومتشعبة‪ ،‬فقد ركزنا عرضنا بقيجاز على مختلف الجوانب التي‬
‫ا‬
‫تصيبها االضطرابات عند الطفل والمراهق‪ .‬وقد حاولنا تكييف حجم المطبوعة على الحجم الساعي‬
‫المخصص للمقياس‪ ،‬وهو سداسي واحد‪ ،‬لذلك كان العرض يميل إلى اإليجاز‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الـمراجـــع‬

‫‪ -1‬أحمد السيد محمد اسماعيل‪ .‬مشكالت األطفال السيكولوجية‪ .‬ط‪ .2‬دار الفكر الجامعي‪.‬‬
‫االسكندرية‪1001..‬‬
‫‪ -2‬أحمد عبد اللطيف وحيد‪ .‬علم النفس االجتماعي‪ .‬دار المسيرة‪ .‬عمان‪.2991 .‬‬
‫‪ -3‬جمال مثقال القاسم ولخرون‪ .‬االضطرابات السلوكية‪ .‬دار صفاء‪ .‬عمان‪.2991 .‬‬
‫‪ -2‬حنان عبد الحميد العناني‪ .‬الطفل واألسرة والمجتمع‪ .‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ .‬عمان‪.2999 .‬‬
‫‪ -1‬خولة أحمد محمد يحي‪ .‬االضطرابات السلوكية واالنفعالية‪ .‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫األردن‪.2999 .‬‬
‫‪ -6‬راتب أسامة كامل‪ .‬النمو الحركي – مدخل الى النمو المتكامـل للطفـل والم ارهـق ‪ .‬دار الفكـر العربـي ‪.‬‬
‫القاهرة ‪. 1000‬‬
‫‪ -1‬الريماوي محمد عودة‪ .‬في علم نفس الطفل‪ .‬دار الشروق ‪ .‬عمان ‪. 1003 .‬‬
‫‪ -3‬سامي محمد ملحم‪ .‬مشكالت طفل الروضة ‪ .‬دار الفكر للطباعة و النشر‪ .‬األردن‪.2992 .‬‬
‫‪ -0‬شارلز شيفر و هوارد ملمان‪ .‬مشكالت األطفال والمراهقين وأساليب المساعدة فيها‪ .‬دار الفكر‪ .‬عمان‪.‬‬
‫‪2993‬‬
‫‪ -19‬شارلز شيفر و هوارد ملمان‪ .‬ترجمة سعيد حسني الغزة‪ .‬سيكولوجية الطفولة والمراهقة‪ .‬دار الثقافة‪.‬‬
‫األردن‪.1000 .‬‬
‫‪ -11‬الضبع ثناء يوسف‪ .‬تعلم المفاهيم اللغوية والدينية لدى الطفل‪ .‬دار الفكر العربي ‪ .‬القاهرة ‪.2991.‬‬
‫‪ -12‬عبد الحميد محمد شاذلي‪ .‬الصحة النفسية وسيكولوجية الشخصية‪ .‬المكتبة الجامعية‪ .‬ط‪.2‬‬
‫االسكندرية‪.2991 .‬‬
‫‪ -13‬عزيز سمارة‪ ،‬النمر عصام‪ ،‬الحسن هشام‪ .‬سيكولوجية الطفل‪ .‬ط‪ .3‬دار الفكر‪ .‬عمان‪.1000.‬‬
‫‪ -12‬عصام عبد اللطيف العقاد‪ .‬سيكولوجية العدوانية و ترويضها‪ .‬دار غريب‪ .‬القاهرة‪.2991 .‬‬
‫‪ -11‬علي فالح الهنداوي‪ .‬علم النفس النمو الطفولة و المراهقة‪ .‬دار الكتاب الجامعي‪ .‬ط‪ .2‬األردن‪.‬‬
‫‪.2992‬‬
‫‪ -16‬الريماوي محمد عودة‪ ،‬ولخرون‪ .‬علم النفس العام‪ .‬دار المسيرة‪ .‬ط‪ .2‬عمان‪.2996 .‬‬
‫‪ -11‬فيصل محمد خير الزراد‪ .‬األمراض العقلية والذهنية واالضطرابات السلوكية‪ .‬دار القلم‪ .‬بيروت‪.‬‬
‫‪.1032‬‬
‫‪ -13‬القذافي رمضان محمد‪ .‬علم نفس النمو– الطفولة و المراهقة‪ .‬المكتبة الجامعية‪ .‬اإلسـكندرية‪2999 .‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -10‬الكسواني مصطفى خليل‪ .‬طرق دراسة الطفل ‪ .‬دار الصفاء للنشر و التوزيع ‪ .‬عمان ‪. 2992.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -29‬مجدي أحمد محمد عبد اهلل‪ .‬الطفولة بين السواء والمرض‪ .‬دار المعرفة الجامعية‪ .‬األزارطية‪.‬‬
‫‪.2992‬‬
‫‪ -21‬محمد المهدي‪ .‬الصحة النفسية للطفل‪ .‬مكتبة االنجلوالمصرية‪ .‬القاهرة‪.2991 .‬‬
‫‪ -22‬محمد قاسم عبد اهلل‪ .‬مدخل الى الصحة العامة‪ .‬دار الفكر‪ .‬األردن‪.2991 .‬‬
‫‪ -23‬محمد كمال عبد العزيز‪ .‬أنت‪ ...‬ومشاكل طفلك‪ .‬مكتبة رحاب‪ .‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -22‬مريم سليم ‪ .‬علم نفس النمو‪ .‬دار النهضة العربية ‪ .‬بيروت ‪.2992 .‬‬
‫‪ -21‬معوض خليل ميخائيـل‪ .‬سـيكولوجية النمـو‪ ،‬الطفولـة و المراهقـة ‪ .‬دار الفكـر الجـامعي‪ .‬اإلسـكندرية ‪.‬‬
‫‪. 1002‬‬
‫‪ -26‬همشري عمر أحمد‪ .‬التنشئة اإلجتماعية للطفل ‪ .‬دار الصفاء للنشر و التوزيع ‪.‬عمان ‪. 2993.‬‬

‫المراجع األجنبية ‪:‬‬


‫‪27- De AJURIAGUERRA, J. Manuel de Psychiatrie de l’Enfant et de‬‬
‫‪l’Adolescent. 2ed. Masson. Paris. 1980.‬‬
‫‪28- CANOUI, P. MESSERSCHMITT,P & RAMOS, O. Psychiatrie de l’Enfant‬‬
‫‪et de l’Adolescent. Maloine. Paris. 1994.‬‬

‫‪21‬‬

You might also like