You are on page 1of 27

‫العــدد‪ / ..

( 13 ) :‬جوان ‪2022‬‬ ‫مجلة التكامل ‪ISSN : 2588-168x‬‬

‫الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫أسامة عمر العزابي‬ ‫أ‪ .‬حسن نورالدين عبدالحميد‬


‫جامعة طرابلس ‪ -‬ليبيا‬ ‫المعهد العالي للتقنيات الهندسية‪ -‬ليبيا‬
‫‪Zator772002@yahoo.com‬‬ ‫‪Hasenaizawi1@gmail.com‬‬

‫الملخص‬
‫هدفت الدراسة الحالية إلى تسليط الضوء على الصحة النفسية‪ ،‬ودورها في المؤسسات التعليمية‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫التعرف بمفهوم الصحة النفسية داخل المدرسة‪ ،‬والتعرف على دور المدرسة في تحقيق الصحة النفسية للطالب والمعلم‬
‫داخل المدرسة‪ ،‬عالوة على ذلك التعرف على البيئة المدرسية وتأثيرها على الصحة النفسية‪ ،‬حيث تعد الصحة النفسية‬
‫أم ار ال غنى عنه خاصة في وقتنا الراهن‪ ،‬في المؤسسات التعليمية عام ًة‪ ،‬والمدرسة بصفة خاصة‪ ،‬فالمدرسة مجتمع‬
‫مصغر متكامل‪ ،‬فيه المعلمين والموظفين والطالب‪ ،‬وهم يختلفون فيما بينهم في االعمار والمستوى الثقافي واالجتماعي‬
‫واالقتصادي‪ ،‬فهم عرض ًة لالضطرابات النفسية والمشكالت السلوكية المختلفة‪ ،‬لذا وجب أن يكون هناك أخصائي نفسي‬
‫أو مكتب مرشد نفسي داخل المدرس ة لكي يتعامل معها‪ ،‬حتى تتحقق درجة مقبولة من الصحة النفسية للجميع‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل مجاالتها المختلفة‪ :‬البنائي‪ ،‬والوقائي‪ ،‬والتشخيصي‪ ،‬و العالجي‪ ،‬باحتواء كل ما من شأنه أن يؤثر على العملية‬
‫التعليمية والمناخ المدرسي‪ ،‬كما خلصت البحث إلى مجموعة من التوصيات تتمثل في‪:‬‬
‫العمل على تهيئة المناخ والبيئة التعليمية التي تراعي شروط تحقيق الصحة النفسية من قبل المسؤولين وكل‬ ‫‪-‬‬
‫من له عالقة بالعملية التعليمية‪.‬‬
‫تكتيف الجهود لنشر ثقافة الصحة النفسية داخل المؤسسات التعليمية وخارجها‬ ‫‪-‬‬
‫العمل على تدريب وتأهيل المعلمين في دورات تخصصية للتعريف بالصحة النفسية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الصحة النفسية؛ المدرسة؛ العملية التعليمية‪.‬‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪The study aimed at quality education in education and mental health, through study,‬‬
‫‪education and mental health within the school, and to identify good education in education‬‬
‫‪and school health, education and good health, education and health, good education.‬‬
‫‪Pictures and printing appear in schools and female students, among themselves in Ages and‬‬
‫‪cultural level, the basic image for everyone, through various matters of the internal image,‬‬
‫‪preventive, diagnosis, diagnosis, and dealing with them, the educational process and the‬‬
‫‪school climate, as I concluded‬‬
‫•‬ ‫‪Work environment in an educational climate environment.‬‬
‫•‬ ‫‪Adaptation to spread the culture of mental health inside and outside educational institutions‬‬
‫•‬ ‫‪Training and qualifying teachers in specialized courses to introduce mental health .‬‬
‫‪Keywords: mental health, school, educational process‬‬

‫‪‬‬ ‫‪revue.takamol@gmail.com‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪+213699915243‬‬


‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫لم يعد من المقبول اعتبار الصحة النفسية نوع من الترف المعنوي أو محصلة‬
‫لعمليات التفاعل االجتماعي وما ينتج عنه من فشل أو نجاح ‪ ،‬رضاء وسعادة أو ألم‬
‫وحزن‪ ،‬أن المجتمعات اإلنسانية المتطورة أدركت أهمية الصحة النفسية في كافة‬
‫المجاالت وجميع المؤسسات و ْأولتها اهتمام خاص نظ ار ألهميتها في تكوين شخصية‬
‫اإلنسان ودورها في تحقيق التوافق والتكيف مع النفس ومع البيئة للوصول إلى اقصى‬
‫معدالت النمو السليم نفسيا وجسميا وعقليا‪ ،‬وتعد المؤسسات التعليمية أهم وابرز تلك‬
‫المؤسسات لحساسية دورها‪ ،‬وارتباطها الوثيق بالمجتمع ومنظومة القيم الثقافية‬
‫والمعرفية التي تحدد مدى تقدم وتخلف المجتمع‪ ،‬ولقد اشار العالم المسلم ابن خلدون‬
‫لهذا المفهوم بقوله أن التعليم إحدى صناعات المجتمعات االنسانية ‪.‬‬
‫وتعد المدرسة اكبر مؤسسة اجتماعية تأثي ار في حياة الطفل بعد االسرة‪ ،‬بل‬
‫انها في كتير من االحيان تعد المؤثر االيجابي الوحيد في حياة الطفل‪ ،‬في حاالت‬
‫التصدع االسري وحاالت الطالق أو فقدان أحد االبويين وكذلك في حاالت انشغال ‪,‬‬
‫لكالً من األب واالم بأعمالهم اليومية‪ ،‬األمر الذي زاد من حجم المسؤوليات على‬
‫المدرسة‪ ،‬فالمدرسة الحديثة تعدت مفهوم التعليم التقليدي المتمثل في (المعلم‪-‬‬
‫المتعلم‪ -‬المادة الدراسية) ليشمل كل القائمين على العملية التعليمية والتربوية من‬
‫اداريين ومشرفين واخصائيين (نفسي‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬صحي) يشتركون مع بعض من أجل‬
‫الوصول إلى غاية واحدة وهي خلق شخصية متوازنة نفسيا‪ ،‬قادرة على االستفادة من‬
‫المعارف والخبرات والمهارات وتوظيفها في الحياة اليومية العملية والتعليمية ‪.‬‬

‫‪-22-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫لقد أدركت المجتمعات المتطورة أهمية الصحة النفسية وأولتها اهتمام خاصاً‪ ،‬فهي‬
‫تدرك الثمن الباهظ الذي يكلفه أهملها‪ ،‬من اضطرابات نفسية وعقلية‪ ،‬وجنوح االحداث‪،‬‬
‫والتعاطي وما يسببه من ارتفاع في معدالت الجريمة‪ ،‬وكذلك شبح األمية والبطالة‬
‫واالنحراف االخالقي والسلوكي ‪.‬‬
‫مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫نشأت عالقة الصحة النفسية بالتربية نتيجة لمالحظة االنحراف النفسي أو سوء‬
‫التكيف لدى التلميذ في المدارس ‪ ،‬وضرورة العناية بهم‪ ،‬ولقد أثر علم الصحة النفسية‬
‫في التربية تأثي اًر كبي اًر‪ ،‬اذ نقل االهتمام من الناحية العقلية إلى الناحية االنفعالية‪ ،‬فبعد‬
‫أن كانت التربية القديمة تهتم بجوانب التنمية العقلية والتدريب العقلي لملكات الطفل‪،‬‬
‫اصبحت التربية الحديثة تهتم بالنمو االنفعالي واالجتماعي بجانب النمو العقلي‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫فأهتمت بمشكالت التالميذ االنفعالية وأساليب توافقهم النفسي ‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد يؤكد أحمد عزت راجح على أهمية العناية بالصحة النفسية‬
‫لطالب العلم‪ ،‬وذلك على هذا النحو البليغ‪" ،‬تهتم التربية الحديثة بالصحة النفسية‬
‫للطالب‪ ،‬ووقايتهم من عوامل االضطراب الموجودة في كل مدرسة وتزويدهم بأساليب‬
‫الوقاية منها‪ ،‬ذلك ألن العلم ليس اال سالحا واحدا من اسلحة النجاح في الحياة‪،‬‬
‫وكثير ممن يحملون العلم‪ /‬ولكن تنقصهم الخبرة بالناس والحياة‪ ،‬فال يستفيدون مما‬
‫‪2‬‬
‫تعلموه أو نفع غيرهم به "‪.‬‬

‫‪ -1‬الشرقاوي‪ ،‬مصطفى خليل‪ ،‬علم الصحة النفسية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪،1983 ،‬ص‪315‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬نق الالال ع الالن العيس الالوي‪ ،‬عب الالدالرحمن محم الالد‪ ،‬الوقاي الالة م الالن االض الالطرابات النفس الالية وس الالبل عالجه الالا اه الالال للش الالروط والتوزي الالع‪،‬‬
‫الطبعة االولى ‪ ،‬الجيزة‪،2008،‬ص‪.182‬‬
‫‪- 23-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫ومن خالل ما سبق‪ ،‬يحدد الباحث مشكلة الدراسة في التساؤل الرئيس التالي‪ :‬ما‬
‫الصحة النفسية؟ وما ودورها في المؤسسات التعليمية ؟‬
‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫تأتي أهمية هذا الدراسة من اهمية الصحة النفسية كعلم قائم على أربعة مجاالت‬
‫دراسية يمكنها أن تتعامل مع العملية التعليمية وكل ما يحدث فيها من تفاعل وفاعلية‬
‫بين جميع مكوناتها وعناصرها وما يترتب عن هذا التفاعل ‪.‬‬
‫فالمدرسة مجتمع متكامل معلمين وموظفين وطالب يختلفون فيما بينهم في‬
‫االعمار والمستوى الثقافي واالجتماعي مما قد ينشأ عنه وجود مشكالت أو اعراض‬
‫الضطرابات نفسية أو سلوكية أو سيكوسوماتية (أمراض ناتجة عن أسباب نفسية) تقوم‬
‫مجاالت الدراسة المتمثلة في الجانب البنائي‪ ،‬والجانب الوقائي‪ ،‬والجانب التشخيصي‪،‬‬
‫والجانب العالجي‪ ،‬باحتواء كل ما من شأنه أن يؤثر على العملية التعليمية والمناخ‬
‫المدرسي‪.‬‬
‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫تسعى الدراسة الحالية لتحقيق األهداف التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬التعرف على مفهوم الصحة النفسية داخل المدرسة‪.‬‬
‫‪ -2‬التعرف على دور المدرسة لتحقيق الصحة النفسية للطالب والمعلم‬
‫‪ -3‬التعرف على البيئة المدرسية وتأثيرها على الصحة النفسية‪.‬‬
‫تساؤالت الدراسة‪:‬‬
‫‪ -1‬ما دور الصحة النفسية في العملية التعليمية؟‬

‫‪-24-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫‪ -2‬ما دور المدرسة لتحقيق الصحة النفسية للطالب والمعلم؟‬


‫‪ -3‬ما تأثير البيئة المدرسية على الصحة النفسية على الطالب والمعلم؟‬
‫اإلطار النظري‬
‫أوالً‪ /‬الصحة النفسية‪:‬‬
‫سيتناول الباحث في هذ الجزء التعريفات المختلفة للصحة النفسية‪ ،‬واهميتها‪،‬‬
‫ومظاهرها المختلفة‪ ،‬وأهم المجاالت التي من خاللها يمكن تحقيق الصحة النفسية‪:‬‬
‫مفهوم الصحة النفسيـة‪:‬‬
‫هناك العديد من التعريفات التي تناولت مفهوم الصحة النفسية‪ ،‬واختلفت فيما‬
‫بينها في النظرة إلى الصحة النفسية‪ ،‬إال أنها اتفقت في الكثير من الجوانب‪ ،‬ومن بين‬
‫هذه التعريفات ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬يعرف حامد زهرأنالصحة النفسية بأنها "حالة دائمة نسبياً يكون فيها الفرد متوافقاً‬
‫نفسياً وانفعالياً واجتماعياً‪ ،‬ويشعر بالسعادة مع نفسه ومع اآلخرين‪ ،‬ويكون قادر على‬
‫تحقيق ذاته واستغالل قدراته وإمكانياته إلى أقصى حد ممكن ‪ ،‬ويكون قاد اًر على‬
‫مواجهة مطالب الحياة‪ ،‬وتكون شخصيته متكاملة سوية‪ ،‬ويكون سلوكه عادياً بحيث‬
‫‪3‬‬
‫يعيش في سالمة وسالم‪.‬‬
‫‪ -‬كما عرفها بطرس بأنها "حالة التكيف والتوافق واالنتصار على الظروف والمواقف‬
‫‪4‬‬
‫يعيشها الشخص في سالم حقيقي مع نفسه وبيئته والعالم من حوله"‪.‬‬

‫‪ -3‬زهران‪ ،‬حامد‪ ،‬الصحة النفسية والعالج النفسي ‪ .‬عالم الكتب‪.2015.‬‬


‫‪ -4‬بطرس‪ ،‬أبو عالم حافظ‪ . 2008،‬التكيف والصحة النفسية‪ .‬عمان‪ :‬المسيرة لمنشر والتوزيع‬
‫‪- 25-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫أهمية الصحـة النفسيـة‪:‬‬


‫إن تحقق الصحة النفسية لألفراد من شأنه أي يؤدي إلى ازدهار المجتمع‬
‫وتنميته ألن أفراده خاليين من العيوب النفسية والتي من شأنها أن تؤدي إلى إعاقتهم‬
‫في أدائهم ألدوارهم في المجتمع فال يتحقق الرخاء ويصبح مجتمعاً واهياً خاوياً‪ ,‬لذلك‬
‫ولهذه األسباب ترجع أهمية الصحة النفسية للفرد والمجتمع والتي يمكن توضيحها في‬
‫النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الصحة النفسية تمكن الفرد من مواجهة مشكالت الحياة ‪.‬‬
‫‪ -2‬الصحة النفسية تمكن الفرد من النمو االجتماعي السليم ‪.‬‬
‫‪ -3‬الصحة النفسية تمكن الفرد من التعلم الجيد ‪.‬‬
‫‪ -4‬الصحة النفسية تدعم الصحة البدنية للفرد ‪.‬‬
‫‪ -5‬الصحة النفسية تسهم في زيادة كفاية الفرد ورفع إنتاجيته ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -6‬الصحة النفسية تقلل من المنحرفين والخارجين على نظام المجتمع ‪.‬‬
‫مظاهر الصحة النفسية‪:‬‬
‫كما أن للصحة النفسية مظاهر‪ ،‬يمكن من خاللها التعرف عليها والتي من بينها‪:‬‬
‫‪ -1‬اإليجابية ‪.‬‬
‫‪ -2‬التفاؤل ‪.‬‬
‫‪ -3‬تقبل الفرد الواقعي لحدود امكانياته ‪.‬‬

‫‪ -5‬شالالاذلي‪ ،‬عبدالحميالالد محمالالد‪ ،‬الصالالحة النفسالالية وسالاليكولوجية الشخصالالية المكتسالالبة الجامعيالالة‪ ،‬االسالالكندرية‪ ،‬الطبعالالة الثانيالالة‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص‪16-14‬‬
‫‪-26-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫‪ -4‬اتخاذ أهداف واقعية ‪.‬‬


‫‪ -5‬القدرة على إقامة عالقات اجتماعية ناجحة ‪.‬‬
‫‪ -6‬احترام الفرد لثقافة المجتمع مع تحقيق قدر من االستقالل عن هذا المجتمع‪.‬‬
‫‪ -7‬القدرة على ضبط الذات ‪.‬‬
‫‪ -8‬ارتفاع مستوى االحتمال النفسي ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -9‬نجاح الفرد في عمله و رضاه عنه‪.‬‬
‫مجاالت الصحة النفسية‪:‬‬
‫للصحة النفسية العديد من المجاالت التي يمكن خاللها تحقيقها‪ ،‬والوصل مستوى من‬
‫االتزان االنفعالي‪ ،‬والتي من بينها‪:‬‬
‫‪ -1‬المجال البنائي‪:‬‬
‫وهي مجال نظري يتناول دراسة بنية الشخصية وتطورها ومكوناتها وعوامل نمائها‪،‬‬
‫ومحركات السلوك البشري في المراحل العمرية المختلفة‪ ،‬ونشأة الصراع النفسي‬
‫وأساليب الدفاع النفسي وذلك بهدف فهم االسس التي يبنى عليها السلوك الصحي ‪.‬‬
‫‪ -2‬المجال الوقائي‪:‬‬
‫وهو مجال تطبيقي يتجه فيه االهتمام إلى حماية الفرد من الوقوع في المشكالت‬
‫التي تحول بينه وبين الصحة النفسية وذلك باتخاذ االجراءات وتهيئة الظروف‬
‫التي تضمن ذلك‪.‬‬

‫‪ -6‬شاذلي‪ ،‬عبدالحميد محمد المرجع السابق‬


‫‪- 27-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫‪ -3‬المجال التشخيصي‪:‬‬
‫يتكفل بدراسة خصائص كل من االحوال النفسية وجزئياتها دراسة سريرية تفصيلية‬
‫بهدف تحديد العادات والصفات السلوكية التي تميز كل حالة‪.‬‬
‫‪ -4‬المجال العالجي‪:‬‬
‫ويتكفل بدراسة اساليب العالج النفسي بدرجاته المختلفة والقيام باإلجراءات العالجية‬
‫‪7‬‬
‫واالرشادية‪.‬‬
‫ثانياً‪/‬الصحة النفسية والمدرسة‪:‬‬
‫المدرسة من المؤسسات التربوية الهامة التي لها دورها الكبير في التأثير على‬
‫طالبها حيث يقضي الطالب فيها فترة طويلة من حياته‪ ،‬كما أنه عن طريق المدرسة‬
‫يزود الطالب بالعديد من الخبرات والمهارات واالتجاهات التي تمكنهم من مواجهة‬
‫الحياة بصفة عامة ومن خوض ميدان الحياة العملية بصفة خاصة وهو ما يبرز دور‬
‫‪8‬‬
‫المدرسة في تأثيرها على سلوك االفراد وعلى شخصيتهم وصحتهم النفسية‪.‬‬
‫كما أن مفهوم التوافق النفسي المدرسي يعني الذهاب إلى المدرسة واالنفصال‬
‫عن الوالدين والخضوع لنظم وضعتها جماعات غير االسرة والمشاركة في نشاطات‬
‫الجماعة‪ ،‬وكلها مصادر فعالة للضغط على الطفل‪ ،‬ومعالجة االباء والمدرسين لهذه‬
‫المتطلبات من الممكن أن تجعل خبرة المدرسة إيجابية وصحية أو تجعلها حجر كثرة‬

‫‪7‬‬
‫‪ -‬الشرقاوي‪ ،‬مصطفى خليل علم الصحة النفسية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪،1983 ،‬ص‪. 315‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬الهابط‪ ،‬مح مد السيد‪ ،‬التكيف والصحة النفسية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫‪-28-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫في نمو شخصية الطفل‪ ،‬والخبرات الشائعة الخطيرة بالنسبة للنمو السوي للطفل في‬
‫محيط المدرسة هي‪ :‬الضغط الزائد لكي يتغلب على مقاومته لالنفصال عن البيت‪،‬‬
‫ووضع مستويات للتحصيل تفوق قدرته‪ ،‬وممارسة التهديد والعنف لكي نجعل الطفل‬
‫يسلك بطريقة معينة‪ ،‬ونقده أو توبيخه على تحصيله أو سلوكه االجتماعي‪ ،‬والحماية‬
‫‪9‬‬
‫الوالدية الزائدة التي تعوق نمو استقالل الطفل‪.‬‬
‫البيئة المدرسية‪:‬‬
‫وتقصد بها البيئة المادية في المدرسة وهي العوامل التي تشكل الكيان المادي‬
‫للمدرسة‪ ،‬من قاعات دراسية وحدائق وساحات ومالعب ومعامل واضاءة وتهوية‪ ،‬وكل‬
‫ما من شأنه أن يوفر البيئة المناسبة لحدوث التعلم‪ ،‬فيجب أن تتوفر المباني الحديثة‬
‫والجيدة التي تراعي وتوفر كافة العوامل المدرسية وكذلك االهتمام بالنظافة العامة‬
‫وعدالة توزيع االطفال على الصفوف وتوفير المقاعد المريحة وتوفير االدوات والوسائل‬
‫التي تساعد في عملية التعلم ‪.‬‬
‫إن عدم توفير البيئة التعليمية المناسبة يؤثر تأثي اًر سلبياً على عملية التعلم ويعد عائق‬
‫وعامل مؤثر في التعلم‪ ،‬فالناظر إلى حال ما درسنا يالحظ تفاوت فيما بينها وكأن كل‬
‫مدرسة موجود في قطر يختلف عن األخر فهناك المدارس الحديثة التي تراعي جل‬
‫االشتراطات المطلوبة ألحداث عملية التعلم وهناك المدارس التي تحاول جاهدة توفير‬
‫ابسط المتطلبات الستمرار عملية التعلم وهناك المدارس التي أقل ما يقال عنها أنها‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬والترج كوفيل وافرون‪ ،‬االمراض النفسية‪ ،‬ترجمة محمود الزيادي‪ ،‬مكتبة سعيد رأفت‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬ص‪.109‬‬

‫‪- 29-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫غير صالحة لالستخدام البشري وكل ذلك نتائجه تعود على الطفل وعلى العملية‬
‫التعليمية ومدى الحكم على جودتها وصالحيتها ‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫‪ -‬دراسة أحمد رجب محمد السيد (‪ ،)2015‬عن البيئة المدرسية وعالقتها بالصحة‬
‫النفسية لدى التالميذ المعاقين عقلياً بالمرحلة االبتدائية بمحافظة اإلحساء‪ ،‬حيث‬
‫هدفت هذه الدراسة إلى الكشف عن العالقة بين البيئة المدرسية والصحة النفسية‬
‫لدى بالمرحلة االبتدائية بمحافظة اإلحساء التالميذ المعاقين عقليا بالمملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬كما هدفتً إلى الكشف عن الفروق بين التالميذ الذكور واإلناث في كل‬
‫من متغيري أيضا البيئة المدرسيةً القابلين للتعلم والصحة النفسية‪ ،‬وتكونت عينة‬
‫الدراسة من (‪ )103‬تلميذاً وتلميذة من المعاقين عقلياً بالمرحلة االبتدائية بمحافظة‬
‫اإلحساء‪ ،‬ممن تراوحت أعمارهم الزمنية ما بين (‪ )14–8‬سنة وممن تلميذا (‪)46‬‬

‫تلميذة‪ ،‬طبق عليهم مقياس البيئةً تراوح معامل ذكائهم ما بين (‪ )70–50‬بواقع (‪،)57‬‬
‫المدرسية (من إعدادا الباحث) ومقياس الصحة النفسية السيد‪ ،)2012( ،‬وتوصلت‬
‫نتائج الدراسة إلى وجود عالقة ارتباطية بين درجات أفراد عينة الدراسة على كل من‬
‫مقياسي البيئة المدرسية بين التالميذ إلى وجود فروق دالة إحصائياً والصحة‬
‫النفسية‪ ،‬كما توصلت نتائج الدراسة أيضاً الذكور واإلناث في كل من متغيري البيئة‬
‫المدرسية والصحة النفسية لصالح اإلناث‪.‬‬
‫‪ -‬كما هدفت دراسة (‪ (al, et, Bakare 2010‬إلى التعرف على واقع البيئة المدرسية وما‬
‫ريين المعاقين عقلياً تشمله من برامج للصحة النفسية وأثرها في السلوك االجتماعي‬

‫‪-30-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫لألطفال النيجي‪ ،‬بإحدى مدارس جنوب شرق نيجيريا وتكونت عينة الدراسة من (‪)44‬‬

‫طفالً وطفلة من المعاقين عقلياً ممن يعانون بعض المشكالت السلوكية‪ ،‬تم تطبيق‬
‫استبيان للحصول على المعلومات االجتماعية والديموجرافيا‪ ،‬وأظهرت نتائج الدراسة‬
‫وجود بعض المشكالت السلوكية واالجتماعية لدى هؤالء األطفال‪ ،‬كما أشارت النتائج‬
‫إلى أن األطفال الذكور أكثر عرضة إلظهار السلوك المشكل وسلوك فرط الحركة من‬
‫اإل ناث‪ ،‬وترجع الدراسة هذه النتائج إلى عدم وجود برامج للصحة النفسية بمثل هذه‬
‫المدارس‪ ،‬وإن وجدت فهي غير مفعلة‪ ،‬مما ينعكس سبالً على العملية التعليمية‬
‫لهؤالء األطفال وعلى الناحية النفسية والسلوكية لهم‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة عمرو نبيل عبد الحميد وآخرون (‪ ،)2020‬والتي هدفت إلى تحديد عالقة‬
‫ضغوط البيئة المدرسية بمستوى الصحة النفسية لدى طالب الصف األول الثانوي‪،‬‬
‫وكذلك التعرف على الفروق بين الذكور واإلناث في ضغوط البيئة المدرسية والصحة‬
‫النفسية‪ ،‬وما هي أبعاد الضغوط المدرسية التي تنبئ بمستوى الصحة النفسية لدى‬
‫طلبة الصف األول الثانوي‪ ،‬حيث أجريت الدراسة على عينة قوامها (‪ )400‬طالب‬
‫وطالبة (‪ 213‬طالبة‪ ،‬و‪ 187‬طالبا) من طالب الصف األول الثانوي من مدرسة‬
‫القنايات الثانوية المشترکة التابعة إلدارة القنايات التعليمية‪ ,‬طبق عليهم مقياس‬
‫ضغوط البيئة المدرسية (إعداد الباحث) ‪ ,‬ومقياس الصحة النفسية للشباب (إعداد‬
‫القريطى والشخص)‪ .‬حيث أظهرت نتائج الدراسة وجود عالقه ارتباطية سالبة عند‬
‫مستوى الداللة (‪ )0,01‬بين ضغوط البيئة المدرسية بأبعاده المختلفة وأبعاد مستوى‬
‫الشعور بالصحة النفسية‪ ،‬وهو ما يفسر وجود ارتباط عكسي بين ارتفاع مستوى‬
‫الضغوط المدرسية يقابله انخفاض في الشعور بالصحة النفسية‪ ،‬وأيضا وجود فروق‬

‫‪- 31-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫دالة إحصائيا عند مستوى الداللة (‪ )0,01‬بين الذكور واإلناث في ضغوط البيئة‬
‫المدرسية لصالح اإلناث وهذا يعنى أن اإلناث هم أكثر عرضة للضغوط المدرسية‬
‫من الذكور‪ ،‬وكذلك وجود فروق دالة إحصائية عند مستوى (‪ )0,05‬بين الذكور‬
‫واإلناث في الصحة النفسية لصالح اإلناث‪ ،‬وهذا يعنى أن اإلناث هم أکثر عرضة‬
‫النخفاض الصحة النفسية من الذكور‪ ،‬وأظهرت النتائج أيضا أنه يمكن التنبؤ‬
‫بالصحة النفسية لدى طالب المرحلة الثانوية من خالل المناخ المدرسي السائد لدى‬
‫مدارس الثانوية العامة؛ وتوصي الدراسة بضرورة تنمية الكفاءة والثقة بالنفس وغرس‬
‫روح المساعدة اإليجابية والعالقة االجتماعية لما لها من تأثير قوى في رفع معدالت‬
‫الصحة النفسية والتوافق النفسي واالجتماعي لدى الطلبة‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة محمد بوفاتح‪ ،‬وعائشة بن عون (‪ )2017‬والتي هدفت إلى التعرف على العالقة‬
‫بين جودة البيئة المدرسية والصحة النفسية لدى عينة من معلمي المرحلالة االبتدائية‪،‬‬
‫وكذا معرفة الفروق في تقديرهم لجودة البيئة المدرسية وصحتهم النفسية تعزى إلى‬
‫متغير (المنطقة‪ ،‬األقدمية)‪ ،‬حيث أجريت الدراسة بمدينة األغواط على عينة من‬
‫معلمي المرحلة االبتدائية قوامها (‪ )60‬معلما‪ ،‬وبعد المعالجة اإلحصائية توصلنا إلالى‬
‫النتائج التالية‪ :‬توجد عالقة موجبة ذات داللة إحصائية بين جودة البيئة المدرسية‬
‫والصحة النفسية لدى معلمالي المرحلالة االبتدائيالة بواليالة األغواط _ تقدير متوسط لجودة‬
‫البيئة المدرسية من وجهة نظر معلمي المرحلة االبتدائية بوالية األغواط_ مستوى‬
‫متوسط للصحة النفسية لدى معلمي المرحلة االبتدائية بوالية األغواط ‪ -‬ال توجد فروق‬

‫‪-32-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫دالة إحصائيا في تقدير كل من جودة البيئة المدرسة والصحة النفسية لدى معلمي‬
‫المرحلة االبتدائية تعزى إلى متغير المنطقة واألقدمية‬
‫‪ -‬دراسة اليامنة بوخروبة (‪ )2012‬عن الصحة النفسية والمدرسة‪ ،‬حيث توصلت إلى‬
‫النفسية بمعناه‬
‫النفسية في المدرسة‪ ،‬فالصحة ّ‬
‫أهمية الدور الذي يلعبه علم الصحة ّ‬
‫الوقائي والعالجي يقدم األسس العلمية التي تجعل من العملية التعليمية في المدرسة‬
‫عملية ذات فاعلية‪ ،‬ليس فقط في الوصول بها لتحقيق النجاح األكاديمي‪ ،‬أو نقول‬
‫التحصيل الدراسي بل أيضا الوصول بالتلميذ والمعلم إلى تحقيق درجة عالية من‬
‫النفسي‪ ،‬فيضمن‬
‫التوافق‪ ،‬والتأقلم مع الوسط المدرسي‪ ،‬وتوفر لديهم ما يعرف بالرضا ّ‬
‫فسيا سليما لبناء شخصيته‪ ،‬كما يضمن للمعلم القدرة على المواصلة في‬
‫للمتعلم نموا ّن ً‬
‫العطاء‪ ،‬واإلبداع دون الشعور بالملل واإلحباط ‪.‬كما أن علم الصحة ّ‬
‫النفسية يحمي كل‬
‫النفسية‪ ،‬وتساعدهم‬
‫من المعلم والمتعلم من الوقوع في أخطار االضطرابات واألمراض ّ‬
‫النفسية التي يهددها ضغط المشكالت المدرسية‪ ،‬والمهنية‪،‬‬
‫على استرجاع صحتهم ّ‬
‫والتي قد تمتد جذورها عادة إلى التنشئة االجتماعية األولى‪ ،‬ألن عملية التربية عملية‬
‫دائمة ومستمرة‪ ،‬التي تقتصر على عهد الدراسة في المدرسة‪ ،‬بل تمتد إلى حياة الفرد‬
‫بكاملها من المهد إلى اللحد هذه الحياة التي تبدأ ّنفسيا من مرحلة االستيعاب بالتقليد‬
‫والمحاكاة‪ ،‬وتنتهي عند مرحلة اإلبداع واإلنتاج‪ ،‬واجتماعيا من مرحلة االعتماد على‬
‫الغير‪ ،‬إلى مرحلة االستقاللية وحب التحرر‪ ،‬واالعتماد على النفس‪.‬‬

‫‪- 33-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫نتائج الدراسة‪:‬‬
‫ولإلجابة على تساؤالت الدراسة‪ ،‬قام الباحث باالطالع على أدبيات الدراسة‪ ،‬والدراسات‬
‫السابقة التي تناولت متغيرات الدراسة‪ ،‬وبعد البحث واالطالع تم التوصل إلى النتائج‬
‫التالية‪:‬‬
‫التساؤل األول‪ :‬ما دور الصحة النفسية في العملية التعليمية؟‬
‫االجابة على التساؤل‪ :‬يعد التعامل مع احتياجات الصحة النفسية في المدارس أم اًر‬
‫بالغ األهمية‪ ،‬حيث إنه يوجد واحد من كل (‪ )5‬أطفال وشباب يعاني من اضطراب‬
‫عاطفي أو سلوكي أو عقلي قابل للتشخيص‪ ،‬ويوجد (‪ )1‬من كل (‪ )10‬شباب لديه‬
‫مشكلة في الصحة العقلية تعيق عمله في المنزل والمدرسة أو في المجتمع‪ ،‬لذا من‬
‫الضروري تحديد المشاكل الصحية النفسية لألطفال‪ ،‬ومساعدتهم عليها ألنها شائعة‪،‬‬
‫وغالباً ما تتطور خالل مرحلة الطفولة والمراهقة‪ ،‬ولكن يمكن معالجتها‪ ،‬كما تساعد‬
‫استراتيجيات الكشف والتدخل المبكر على تحسين القدرة على التكيف‪ ،‬والنجاح في‬
‫‪10‬‬
‫المدرسة والحياة ‪.‬‬
‫أهمية برامج الصحة النفسية في المدرسة‪:‬‬
‫إن برامج الصحة النفسية في المدارس أمر ضروري ال غنى عنه‪ ،‬ال سيما‬
‫في الوقت الراهن‪ ،‬الذي أطلق عليه العلماء عصر الضغوط النفسية‪ ،‬حيث أنه ال‬

‫‪ -10‬دانالالة الوهالالادين‪ ،‬مفهالالوم الصالالحة النفسالالية المدرسالالية‪ ،‬موق الع موضالالوع‪ ،‬تمالالت الكتابالالة بواسالالطة دانالالة الوهالالادين‪ 1 ،‬أغسالالطس‪،‬‬
‫‪.2018‬‬

‫‪-34-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫ي وجد فرد ال يمر خالل حياته بأزمة طارئة قد تؤثر على بنيانه النفسي‪ ،‬وتخل بتوازنه‬
‫االنفعالي‪ ،‬وقد تمر هذه األزمة بسالم‪ ،‬أو قد تؤثر تأثي ار سلبيا على شخصية الطفل‪،‬‬
‫وتكون استجابته لهذه االزمة غير سوية‪ ،‬تحتاج إلى عالج‪ ،‬وبعض هذه االزمات‬
‫تعتبر عادية مثل‪ :‬النمو الجسمي وما يحدث فيه من تغيرات فسيولوجية‪ ،‬لها تأثيرات‬
‫مختلفة على نمط العالقة بين الطفل واالهل أو المجتمع‪.‬‬
‫هناك بعض األزمات التي قد تكون فردية مثل‪ :‬صعوبة التقدم في المدرسة‪،‬‬
‫ضغط األقران‪ ،‬المشكالت العائلية مثل طالق األبوين‪ ،‬اإليذاء المعنوي‪ ،‬أو البدني‪ ،‬أو‬
‫الجنس‪ ،‬وتشير احصائيات الصحة العالمية‪ ،‬أن طفالً بين خمسة أطفال‪ ،‬أو مراهقين‬
‫سوف يعاني من اضطراب انفعالي أو سلوكي أثناء حياته المدرسية واستجابتهم تكون‬
‫بالفشل الدراسي أو ضعف تقديره لذاته أو البند االجتماعي وهو ما يدفعهم لمخالفة‬
‫القوانين واالنحراف و‪ %10‬من األطفال في السن الدراسي يعانون االضطرابات النفسية‬
‫التي تشمل مشكالت التعليم و‪ %3‬من األطفال يعانون األمراض النفسية مثل االكتئاب‬
‫الشديد واالفكار االنتحارية‪ ،‬ومشكالت االنتباه‪ ،‬والعصاب والذهان‪ ،‬وأن برامج الصحة‬
‫النفسية تقلل من حدوث ذلك‪ ،‬وتزيد من فاعلية العملية التعليمية‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫البرامج المتكاملة‪ ،‬والوقائية‪ ،‬والعالجية‪ ،‬المتمثلة في هذا النموذج‪( .‬فاتن عبداللطيف‬
‫‪11‬‬
‫‪)2001،‬‬

‫‪ -‬فاتن عبداللطيف‪ ،‬مجلة الطفولة والتنمية‪ ،‬تصدر عن المجلس العربي للطفولة والتنمية‪ ،‬العدد ‪ 2‬صيف ‪2001‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪- 35-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫املشكالت النفسية يف املدرسة‪:‬‬

‫الصحة النفسية‬ ‫كل جمتمع املدرسة‬

‫كل املدرسني والطالب املعلومات واالجتاهات والسلوكيات‬


‫النفسية الصحية‬
‫املشكالت النفسية‬ ‫‪ %30-20‬من التالميذ‬

‫االضطراابت‬
‫‪ %12-3‬من التالميذ النفسية‬

‫دور المدرسة في تحقيق الصحة النفسية‪:‬‬


‫هناك العديد من المهام المنوطة بالمدرسة‪ ،‬والتي تسعى جاهدة لتحقيقها‪ ،‬حتى تتحقق‬
‫الصحة النفسية داخل المدرسة للجميع‪ ،‬حيث يمكن تحديد أهم أدوارها في النقاط‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬يجب ان يسود المدرسة جو من الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي بين الجميع‪.‬‬
‫‪ -2‬العمل على اشباع الحاجات النفسية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ -3‬مساعدة التالميذ على أن يضعوا ألنفسهم أهداف واقعية ‪.‬‬
‫‪ -4‬االهتمام بالفروق الفردية بين التالميذ ‪.‬‬
‫‪ -5‬االهتمام بالصحة النفسية للمعلم وتحقيق رضاه النفسي واستق ارره المهني‪.‬‬
‫‪ -6‬جعل المدرسة بيئة إيجابية تسودها الحركة والنشاط ‪.‬‬

‫‪-36-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫‪12‬‬
‫‪ -7‬االهتمام بمشكالت التالميذ السلوكية ومعرفة أسبابها ودوافعها‪.‬‬

‫التساؤل الثاني‪ /‬ما دور المدرسة لتحقيق الصحة النفسية للمعلم والطالب ؟‬
‫قام الباحث باإلجابة على التساؤل كما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ /‬الصحة النفسية للمعلم‪:‬‬
‫من الوظائف المتفق عليها للمعلم أنه ناقل المعرفة للتالميذ‪ ،‬وناقل الثقافة‬
‫العامة والقيم‪ ،‬واألنماط السلوكية المقبولة‪ ،‬ويقوم المعلم بهذه الوظائف من خالل‬
‫الممارسات اليومية المهنية‪ ،‬والتي تتم من خالل عالقة إنسانية مهنية مع التالميذ‪،‬‬
‫وإلى جانب األدوار األكاديمية السابقة ‪ ،‬يمكن للمعلم أن يؤدي أدوا اًر أخرى إضافية‪،‬‬
‫بحكم موقعه الحساس والمهم‪ ،‬وهذا ما يميز المعلم المتطور‪.‬‬
‫ومن أهم أدوار المعلم المتطور‪:‬‬
‫‪ -1‬بجانب االهتمام بالتحصيل الدراسي‪ ،‬يهتم المعلم ايضا بشخصية التلميذ ويحدد‬
‫جوانب التميز لديه‪ ،‬ويدعمها‪ ،‬وجوانب القصور‪ ،‬فيعالجها‪ ،‬أو يطلب خدمات محددة‬
‫لعالجها ‪.‬‬
‫‪ -2‬يسعى إلى تحقيق التوافق الشامل‪ ،‬ألن مفهوم التوافق لديه يشمل التوافق التحصيلي‬
‫والتوافق النفسي واالجتماعي ‪.‬‬
‫‪ -3‬يسعى لتحقيق التفوق في التحصيل الدراسي‪ ،‬واإلبداع واالبتكار‪.‬‬

‫‪ -12‬شالالاذلي‪ ،‬عبدالحميالالد محمالالد‪ ،‬الصالالحة النفسالالية وسالاليكولوجية الشخصالالية المكتسالالبة الجامعيالالة‪ ،‬االسالالكندرية‪ ،‬الطبعالة الثانيالالة‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص‪. 42-41‬‬
‫‪- 37-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫‪ -4‬يقدم تقارير لفريق تقديم الخدمات بالمدرسة عن مستوى تحصيل التلميذ وحالته‬
‫االنفعالية وأنماط سلوكه‪.‬‬
‫‪ -5‬يشترك في مؤتمر الحالة الذي يعقد من أجل التلميذ صاحب المشكلة ‪.‬‬
‫‪ -6‬يتعاون مع المرشد النفسي في تحقيق أهداف ارشادية من خالل خطة ارشادية‬
‫محددة ‪.‬‬
‫‪ -7‬يتعاون مع اولياء األمور في توضيح مستوى التحصيل الدراسي للتلميذ وتوافقه‬
‫‪13‬‬
‫النفسي واالجتماعي داخل المدرسة ‪.‬‬
‫المعلم المتكيف نفسياً‪:‬‬
‫من المعروف أن مهنة التدريس تحتاج إلى أعلى قدر من التمتع بالصحة‬
‫النفسية‪ ،‬فإذا كان المعلم مضطرباً نفسياً‪ ،‬أو قلقاً فإنه ينقل ذلك إلى طالبه‪ ،‬ولذلك‬
‫وجب االهتمام بالصحة النفسية للمعلم‪ ،‬واعداده وتدريبه‪ ،‬ورعايته رعاية نفسية متعمقة‪،‬‬
‫حتى ال يسقط اآلمه على الطالب‪ ،‬أو يتسم سلوكه نحوهم بالقسوة والشدة والتسلط‪ ،‬أو‬
‫بالخوف والتردد واإلهمال‪ ،‬والمعلم الحديث ليس مهمته فقط نقل المعلومات وحسب‬
‫ألدهان التالميذ‪ ،‬وإنما يقوم بدور األب والمعلم والمرشد والناصح والقائد والخبير‬
‫‪14‬‬
‫والموجه والباحث والمستشار والصديق‪.‬‬

‫‪ -13‬سالالعفان محمالالد أحمالالد‪ ،‬محمالالود سالالعيد طالاله‪ ،‬علالالم الالالنفس التربالالوي اعالالداد وتالالدريب المعلالالم ‪ ،‬دار الكتالالاب الحالالديث‪ ،‬الطبعالالة‬
‫الثانية‪ ،2007 ،‬ص‪. 173-171‬‬

‫‪ -14‬العيسوي عبدالرحمن محمد‪ ،‬الوقاية من االضطرابات النفسية وسبل عالجهالالا اهالالال للشالالروط والتوزيالالع‪ ،‬الطبعالالة االولالالى ‪،‬‬
‫الجيزة‪،2008،‬ص‪.179‬‬
‫‪-38-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫وبما أن الصحة النفسية تتمثل في تنظيم متسق بين عوامل التكوين العقلي وعوامل‬
‫التكوين االنفعالي للفرد ويسهم هذا التنظيم في تحديد استجابات الفرد الدالة على أثره‬
‫االنفعالي وتوافقه الشخصي واالجتماعي والمهني وتحقيق ذاته ويسعى الفرد من خالل‬
‫التوافق إلى اشباع حاجاته البيولوجية والسيكولوجية ويحقق مطالبه العديدة ويعبر عنها‬
‫‪15‬‬
‫في مواقف الحياة المختلفة التي يتفاعل معها الفرد سواء في األسرة والعمل ‪.‬‬
‫كما يتصف العمل بمجموعة من العالقات المتشابكة والتي تؤثر في التوافق‬
‫المهني للفرد من حيث مستوى حدوثه‪ ,‬ومنها عالقة الفرد بمهنته‪ ,‬ومدى مناسبة ميوله‬
‫واتجاهاته‪ ،‬وقدراته واستعداداته‪ ،‬لمتطلبات العمل والنجاح فيه‪ ،‬وهذا ما يقصد به‬
‫‪16‬‬
‫التأهيل التربوي للمعلم‪ ،‬حتى يقوم بمهامه التربوية على أكمل وجه‪.‬‬
‫أهمية التأهيل التربوي للمعلــــم‪:‬‬
‫يجب على المعلم أن يكون على دراية كاملة بمراحل النمو المختلفة‪ ،‬واحتياجات‬
‫كل مرحلة وخصائصها‪ ،‬معتمداً على خبراته التي اكتسبها أثناء قيامه بالتدريس‪،‬‬
‫وفهمه لقيم المجتمع‪ ،‬وحاجات وقدرات طالبه التي يعززها‪ ،‬ويؤكدها تأهيله التربوي‬
‫والنفسي المتمثل في االلمام بطرق التدريس ووسائل القياس والتقويم‪ ،‬والصحة النفسية‪،‬‬
‫ونظريات التعلم والتعليم‪ ،‬وبما أن المعلم عنصر اساسي في العملية التعليمية فيقع‬
‫على عاتق المعلم ايصال المعلومة‪ ،‬واالسلوب المتبع في ايصال المعلومة التي يتم‬
‫تصنيفها للمتعلم‪ ،‬وهي من اساسيات فشل ونجاح توصيل المعلومة‪ ،‬وهذا يتطلب‬

‫‪ -15‬أديب الخالدي‪ ،‬المرجع في الصحة النفسية‪ ،‬الدار العربية للنشر‪ ،‬غريان ‪.2002 ،‬ص‪143‬‬
‫‪ -16‬محمد‪ ،‬عاطف األبحر‪ ،‬لدراسة التوافق المهني لمدارس التربية المدنية ‪ ,‬إدارة اإلصالح‪ ،‬بيروت‪.2005 ،‬‬

‫‪- 39-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫سلوكا يهدف إلى احداث تغيير في ذات المتعلم في الجوانب العقلية والجسمية‬
‫واالنفعالية ‪.‬‬
‫والجانب التربوي النفسي يهدف إلى إكساب الطالب القيم والمعارف والمهارات‬
‫التي تختص بها مهنة التعليم دون سواها من المهن فالمعلم بحاجة إلى معرفة نفسية‬
‫الطالب واالساليب التي تساعده على حسن تربيتهم واألساليب التي تمكنه من تقويم‬
‫‪17‬‬
‫تعلمهم‪.‬‬
‫ثانياً‪ /‬الصحة النفسية للطالب‪:‬‬
‫يمثل التوافق الجيد مؤش اًر إيجابياً‪ ،‬ودافعاً قوياً‪ ،‬يدفع التالميذ إلى التحصيل من‬
‫ناحية‪ ،‬ويرغبهم في المدرسة‪ ،‬ويساعدهم على إقامة عالقات متناغمة مع زمالئهم‬
‫ومعلميهم‪ ،‬ويجعل من العملية التعليمية خبرة ممتعة‪ ،‬وجذابة‪ ،‬والعكس صحيح تماماً‪،‬‬
‫فالتالميذ سيئوا التوافق‪ ،‬يعانون من التوتر النفسي‪ ،‬ويعبرون عن ذلك‪ ،‬بطرق متعددة‪،‬‬
‫كاستجابات التردد‪ ،‬والقلق‪ ،‬أو بمسالك العنف في اللعب‪ ،‬واألنانية‪ ،‬والتمركز حول‬
‫الذات‪ ،‬وفقدان الثقة بالنفس‪ ،‬واستخدام األلفاظ النابية في التعامل مع اآلخرين‪،‬‬
‫وكراهية المدرسة‪ ،‬والهروب منها‪ ،‬وقد يظهر سوء التوافق على شكل اضطرابات‬
‫سلوكية مثل‪ :‬السرقة‪ ،‬والكذب‪ ،‬وقضم األظافر‪ ،‬والميول‪ ،‬واالنسحابية‪ ،‬والسرحان‪،‬‬

‫‪ -17‬عب الالدالرحمن ص الالالح‪ ،‬مجل الالة العل الالوم التربوي الالة‪ ،‬يص الالدرها معه الالد الد ارس الالات التربوي الالة جامع الالة‪ ،‬الق الالاهرة الع الالدد الث الالاني‪ ،‬ابري الالل‬
‫‪.2003‬‬
‫‪-40-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫والخجل‪ ،‬والغيرة‪ ،‬وعيوب النطق والكالم ‪...‬وغيرها من المشكالت السلوكية‪ ،‬التي‬


‫‪18‬‬
‫تنعكس آثارها في انخفاض التحصيل‪ ،‬الذي هو جوهر العملية التعليمية‪.‬‬
‫إن تكوين الطالب العقلي والنفسي‪ ،‬في ظل التربية التي تقدمها المدرسة‪ ،‬يمكنه من‬
‫تحقيق أهدافه‪ ،‬إذا كان هناك مدرسة جيدة التصميم‪ ،‬واالدارة‪ ،‬والمدرسين‪ ،‬إضافة إلى‬
‫منهج مالئم‪ ،‬يحقق ويشبع حاجات الطالب‪ ،‬ويمكنه أيضاً ذلك من فهم ذاته‪ ،‬ومحيطه‬
‫الثقافي واالجتماعي‪ ،‬والتغلب على مشكالته النفسية‪ ،‬والمدرسية‪ ،‬واالسرية‪ ،‬وغيرها من‬
‫المشاكل‪.‬‬
‫إذن البد أن تتكامل أدوار وجهود كل من في المدرسة‪ ،‬لخلق طالب اليوم‪ ،‬ورجل الغد‪،‬‬
‫انسان صحيح الجسم والعقل والنفس‪ ،‬وبالتالي مواطنا صالحا‪ ،‬قاد اًر فيما بعد على‬
‫‪19‬‬
‫تكوين غيره من األجيال‪.‬‬
‫أسباب سوء الصحة النفسية للطالب‪:‬‬
‫كما أن هناك العديد من األسباب التي تؤثر بالسلب على صحة الطالب النفسية‪،‬‬
‫واختالل توازنه االنفعالي‪ ،‬خاصة تلك األحداث التي تحدث للطالب بدون سابق إنذار‪،‬‬
‫ومن األمثلة على هذه الحاالت موت أحد األشخاص‪ ،‬أو طالق الوالدين‪ ،‬أو فقدان‬
‫الصداقات‪ ،‬أو الصراعات العائلية‪ ،‬أو أي مشكلة قد يضطر بسببها الطفل لالنتقال‬
‫للعيش في مكان آخر‪ ،‬أو الذهاب لدار الرعاية‪ ،‬أو دار األيتام‪ ،‬عالوة على ذلك‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫شالالاذلي‪ ،‬عبدالحميالالد محمالالد‪ ،‬الصالالحة النفسالالية وسالاليكولوجية الشخصالالية المكتسالالبة الجامعيالالة‪ ،‬االسالالكندرية‪ ،‬الطبعالالة الثانيالالة‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص‪. 59-58‬‬
‫اليامنة بوخروبة‪ ،‬الصحة النفسية والمدرسة‪ ،‬مجلة ابحاث نفسالالية وتربويالالة‪ ،‬العالالدد ‪ ،2 ،5‬تصالالدر عالالن جامعالالة قسالالطنطينية‬ ‫‪19‬‬

‫‪ .2012‬ص‪111-110‬‬

‫‪- 41-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫التغيرات في الحياة اليومية مثل‪ :‬والدة أخ جديد‪ ،‬أو االنتقال من مدرسة إلى مدرسة‬
‫أخرى‪ ،‬زد على ذلك التعرض ألحداث صادمة‪ ،‬والتي قد تشمل اإلساءة‪ ،‬والحوادث‪،‬‬
‫والعنف المنزلي‪ ،‬والكوارث الطبيعية‪.‬‬

‫التساؤل الثالث‪ /‬ما تأثير البيئة المدرسية على الصحة النفسية للطالب والمعلم؟‬
‫فيما يلي اإلجابة على التساؤل السابق‪:‬‬
‫يشكل الجو المدرسي العام‪ ،‬اإلطار الذي ينمو فيه الطالب داخل المدرسة‪ ،‬وتختلف‬
‫األجواء المدرسية من مدرسة إلى أخرى‪ ،‬منها ما يمثل بيئة إيجابية ومنها ما يمثل بيئة‬
‫سلبية‪ ،‬المقصود بالجو المدرسي هو جوهر هذا النظام وحقيقته وليس الشكل الخارجي‬
‫له‪ ،‬فقد نجد مدرسة يسودها النظام الدقيق والهدوء ولكن داخل طالبها غليان وتورات‬
‫عنيفة‪ ،‬الن حقيقة هذا النظام قائم على الكبث والقسوة والتسلط‪ ،‬وبمجرد ان ينتهي‬
‫اليوم المدرسي يتحول النظام الدقيق إلى فوضى والهدوء إلى ضجيج تنفيسا من‬
‫الطالب عما كانوا يعانون منه طوال اليوم المدرسي من قهر وارهاب وقد تكون‬
‫المدرسة من النوع الذي يسوده جو العمل الطبيعي ويحافظ طالبها من تلقاء انفسهم‬
‫‪20‬‬
‫على النظام والهدوء والعمل حبا في ذلك وليس خوفا من أحد‪.‬‬
‫وبشير أوزبل (‪ )AUSUBEL‬إلى انه يمكن النظر إلى علم النفس التربوي على‬
‫اساس انه مجموعة من العالقات التجريبية والمنطقية التي تربط ما بين العوامل‬

‫‪20‬‬
‫الهال الالابط‪ ،‬محمال الالد السال الاليد‪ ،‬التكيال الالف والصال الالحة النفسال الالية‪ ،‬المكتال الالب الجال الالامعي الحال الالديث‪ ،‬االسال الالكندرية‪ ،‬الطبعال الالة الثانيال الالة‪ ،‬ب‪،‬ت‪،‬‬
‫ص‪.172‬‬
‫‪-42-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫الواقعة في البيئة المدرسية وبين النتائج التي نسعى لتحقيقها‪ ،‬ومن المعلوم أن كثي اًر‬
‫من الحقائق التي نتعلمها ال تأتينا عن طريق التعلم النظامي والمقصود فقط‪ ،‬ولكنها‬
‫كثي اًر ما تأتي في شكل نتاج سلوكي وحصيلة تعامل الشخص مع بيئته سواء كانت‬
‫‪21‬‬
‫إيجابية أم سلبية‪ ،‬وهو ما يؤثر بشكل مباشر على النمو الذهني والوجداني للتلميذ ‪.‬‬
‫تأثير العوامل البيئية على التعلم‪:‬‬
‫لقد عمل انصار البيئة على التأكيد على اهمية العوامل البيئية في التأثير على قدرات‬
‫االنسان العقلية‪ ،‬وفيما يتعلمه وفي كل النتائج المترتبة على سلوك االنسان ونشاطاته‪،‬‬
‫ويرى انصار هذا الرأي أن الكائن الحي يولد دون وجود عوامل مسبقة تتحكم في‬
‫مستوى قدراته واستعداداته‪ ،‬وبالتالي فإن االنسان يولد كالصفحة البيضاء وهو مخير‬
‫في اتباع ما يروق له من سلوك أو ما يحقق مصالحة ورغباته‪ ،‬وان السلوك وما يط أر‬
‫عليه من تعيير وتطور واستم اررية أنما يعتمد كليا على العوامل البيئية الخارجية وما‬
‫قد تقدمه من فرص عملية تؤثر على مجراه‪ ،‬وترى وجهة النظر االنسانية أن االمر‬
‫يخضع لتأثير العوامل البيئية فاذا ما عمل االنسان على تهيئة ظروف معيشية وبيئية‬
‫مناسبة فسوف يساعد ذلك في توفير جو جيد لحدوث عملية التعلم القادر على اعداد‬
‫المواطن الصالح الذي يستطيع تحمل مسؤولياته واداء واجباته وكذلك يرى اصحاب‬
‫‪22‬‬
‫النظر السلوكية ان االنسان يخضع في سلوكه لتأثير العوامل البيئية المختلفة‪.‬‬
‫التوصيات‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫القالالذافي رمضالالان محمالالد‪ ،‬علالالم ال الالنفس التربالالوي‪ ،‬الالالدار الجماهيريالالة للنشالالر والتوزي الالع‪ ،‬الطبعالالة االولالالى‪ ،‬دار الكتالالب الوطني الالة‬
‫بنغازي‪ ،1990 ،‬ص‪. 11‬‬
‫‪22‬‬
‫القذافي رمضان محمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪82‬‬
‫‪- 43-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫من خالل العرض السابق الذي حاول الباحث فيه إبراز أهم العوامل المدرسية التي‬
‫يمكن أن تؤثر في الصحة النفسية للطالب‪ ،‬سواء في صورتها السلبية أو اإليجابية‪،‬‬
‫ومن أجل توفير بيئة مدرسية‪ ،‬تعمل على تحقيق األهداف التربوية المتوخاة‪ ،‬والتي‬
‫يأتي في مقدمتها العمل على إعداد أجيال‪ ،‬خالية من األمراض والعقد النفسية‪ ،‬متمتعة‬
‫بكل عوامل الثقة والرغبة في التفوق واإلنجاز‪ ،‬وأن تكون قادرة على تحمل مسؤولياتها‬
‫في تحقيق التقدم والرقي لمجتمعنا نقدم بعض التوصيات‪:‬‬
‫‪ -1‬إنشاء المدارس الحديثة التي تواكب التطور والحداثة المعمول بها في أغلب دول‬
‫العالم ‪.‬‬
‫‪ -2‬تهيئة المناخ والبيئة التعليمية التي تراعي شروط تحقيق الصحة النفسية ‪.‬‬
‫‪ -3‬نشر ثقافة الصحة النفسية لكل العاملين داخل المؤسسات التعليمية ‪.‬‬
‫‪ -4‬تدريب وتأهيل المعلمين في دورات تخصصية للتعريف بالصحة النفسية ‪.‬‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪ -1‬أحمد‪ ،‬رجب محمد السيد‪ ،‬البيئة المدرسية وعالقتها بالصحة النفسية لدى التالميذ‬
‫المعاقين عقلياً بالمرحلة االبتدائية بمحافظة اإلحساء‪ ،‬مجلة البحث العلمي في‬
‫التربية‪ ،‬العدد السادس عشر (‪.)2015‬‬
‫‪ -2‬أديب‪ ،‬الخالدي‪ ،‬المرجع في الصحة النفسية‪ ،‬الدار العربية للنشر‪ ،‬غريان‬
‫(‪.)2002‬‬

‫‪-44-‬‬
‫املؤلف األول‪ :‬أ‪ .‬حسن نور الدين ‪ /‬املؤلف الثاني‪ :‬د‪ .‬أسامة العزابي‬

‫‪ -3‬بطرس‪ ،‬أبو عالم حافظ‪ :‬التكيف والصحة النفسية‪ ،‬المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‬
‫(‪.)2008‬‬
‫‪ -4‬دانة‪ ،‬الوهادين‪ :‬مفهوم الصحة النفسية المدرسية‪ ،‬موقع موضوع‪ ،‬تمت الكتابة‬
‫بواسطة دانة الوهادين‪ 1 ،‬أغسطس‪.)2018(،‬‬
‫‪ -5‬زهران‪ ،‬حامد‪ :‬الصحة النفسية والعالج النفسي‪ ،‬عالم الكتب‪.)2015(.‬‬
‫‪ -6‬سعفان محمد أحمد‪ ،‬محمود سعيد طه‪ :‬علم النفس التربوي اعداد وتدريب المعلم ‪،‬‬
‫دار الكتاب الحديث‪ ،‬الطبعة الثانية‪.)2007( ،‬‬
‫‪ -7‬شاذلي‪ ،‬عبدالحميد محمد‪ :‬الصحة النفسية وسيكولوجية الشخصية المكتسبة‬
‫الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬الطبعة الثانية‪.)2001(،‬‬
‫‪ -8‬الشرقاوي‪ ،‬مصطفى خليل‪ :‬علم الصحة النفسية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫(‪.)1983‬‬
‫‪ -9‬عبدالرحمن‪ ،‬صالح مجلة العلوم التربوية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬يصدرها معهد الدراسات‬
‫التربوية جامعة القاهرة‪ ،‬ابريل‪. )2003( ،‬‬
‫‪-10‬عمرو نبيل عبد الحميد وآخرون‪ :‬ضغوط البيئة المدرسية وعالقتها بمستوى‬
‫الشعور بالصحة النفسية لدى عينة من طالب الصف األول الثانوى‪ ،‬المجلة العربية‬
‫للعلوم التربوية والنفسية‪ ،‬العدد ‪ ،5‬المجلد‪. )2020( ،4‬‬
‫‪-11‬العيسوي‪ ،‬عبدالرحمن محمد‪ :‬الوقاية من االضطرابات النفسية وسبل عالجها‪ ،‬اهال‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬الجيزة‪.)2008( ،‬‬
‫‪-12‬فاتن‪ ،‬عبداللطيف‪ :‬مجلة الطفولة والتنمية‪ ،‬تصدر عن المجلس العربي للطفولة‬
‫والتنمية‪ ،‬العدد ‪)2001( ،2‬‬

‫‪- 45-‬‬
‫العنوان‪ :‬الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية‬

‫‪-13‬القذافي‪ ،‬رمضان محمد‪ :‬علم النفس التربوي‪ ،‬الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة االولى‪ ،‬دار الكتب الوطنية بنغازي‪.)1990( ،‬‬
‫‪-14‬القذافي‪ ،‬رمضان محمد‪ :‬نظريات التعلم والتعليم‪ ،‬منشورات الجامعة المفتوحة‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪. )1990( ،‬‬
‫‪-15‬محمد‪ ،‬بوفاتح‪ ،‬عائشة‪ ،‬بن عون‪ :‬جودة البيئة المدرسية وعالقتها بالصحة النفسية‬
‫لدى عينة من معلمي المرحلة االبتدائية بوالية االغواط‪ ،‬مجلة دراسات نفسية و‬
‫تربوية‪ ،‬مخبر تطوير الممارسات النفسية و التربوية‪ ،‬جامعة عمار ثليجي باألغواط‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬عالدد ‪ 18‬جوان‪.)2017( ،‬‬
‫‪-16‬محمد‪ ،‬عاطف األبحر‪ :‬لدراسة التوافق المهني لمدارس التربية المدنية‪ ،‬إدارة‬
‫اإلصالح‪ ،‬بيروت (‪. )2005‬‬
‫‪-17‬الهابط‪ ،‬محمد السيد‪ :‬التكيف والصحة النفسية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ب‪-‬ت‪.‬‬
‫‪-18‬والترج كوفيل وافرون‪ :‬االمراض النفسية‪ ،‬ترجمة محمود الزيادي‪ ،‬مكتبة سعيد‬
‫رأفت‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬ب‪-‬ت‪.‬‬
‫‪-19‬اليامنة بوخروبة‪ :‬الصحة النفسية والمدرسة‪ ،‬مجلة ابحاث نفسية وتربوية‪ ،‬العدد ‪،5‬‬
‫‪ ،2‬تصدر عن جامعة قسطنطينية‪.)2012( ،‬‬
‫‪20- Bakare, O., Ubochi , N., Ebigbo, O., & Orovwigho, O..‬‬
‫‪Problem and pro-social behavior among Nigerian children with‬‬
‫‪intellectual disability: the implication for developing policy for‬‬

‫‪-46-‬‬
‫ أسامة العزابي‬.‫ د‬:‫ املؤلف الثاني‬/ ‫ حسن نور الدين‬.‫ أ‬:‫املؤلف األول‬

school based mental health programs, Italian journal of


pediatrics, (2010) 36: 37, 1-7.

- 47-

You might also like