You are on page 1of 5

‫الصورة الكثر ضبابية للسودان في العلم الخارجي ‪..

‬‬
‫هل من مغيث أيها السادة‪..‬؟!!‬
‫بقلم‪ :‬ابن البيداء‬

‫‪-1-‬‬
‫بحلول العام ‪2004‬م كانت كل الدنيا تعرف دارفور ‪ ..‬والجنجويد ‪ ..‬وموسى هلل‬
‫كمصطلحات لغوية جديدة‪!!..‬‬
‫سائق التاكسي في اقاصي الدنيا يستفسرنا عن موطننا ‪ ..‬دهشنا وهو يسأل في‬
‫براءة أين يقع السودان من دارفور‪ ..‬؟!!‬
‫النسان في تلك الدولة ل يعرف من افريقيا ال القاهرة ودارفور ‪ ..‬عجبا واراضي‬
‫السودان يمرح فيها الجميع من اطراف الدنيا لقصاها ‪!!..‬‬
‫صاحب المطعم الذي دلفنا اليه للزوادة لم يتورع ان ينادينا في لكنة يختلط فيها‬
‫العربي بالنجليزي ولهجتهم الوطنية‪« ..‬الجنجويد» ‪ ..‬فقد شاهد بالمس تقارير‬
‫عبر تلفازهم المحلي عن صراع يقوم بين الفارقة والجنجويد في دارفور ‪.. !! ..‬‬
‫وتلك البقعة التي تبعد عن السودان وليس دارفور ما يقارب ساعات اليوم‬
‫طيرانا‪!!..‬‬
‫لك ال ايها السودان الذي اضحى يعرف موقعه بحدود احد اقاليمه ‪ ..‬وسفارة‬
‫السودان تحتل موقع كبد المدينة والسفير يجوب اطراف الدولة يشارك في‬
‫الحتفالت الرسمية ‪ ..‬ويجلب الستثمارات التي ل تخطئها العين الى داخل‬
‫السودان ‪!!..‬‬
‫مائة وعشرون يوما كانت مدة اقامتنا والكل يمني نفسه ان يجد خبرا صغيرا او‬
‫معلومة عن السودان او تصريحا لسفيرنا والعلم هناك يرفدنا يوميا بصورة تقلقنا‬
‫على البلد فالحرب مستعرة والبادة يدور رحاها ‪ ..‬فكيف يكون الحال ان لم تكن‬
‫هذه من الدول الصديقة ‪!!..‬‬
‫هي ل تكذب و ل تتجمل ولكنها تنقل الصورة التي يرسمها العلم العالمي‬
‫ووكالت النباء الشهيرة ‪ ..‬سألت أحد المقيمين ماذا تفعل سفارة السودان هنا‬
‫؟ ؟‪ ..‬ضحك ‪ ..‬بخبث وهو يهمس في اذني « انها ليست سفارة ‪ ..‬بل مكتب‬
‫علقات عامة ومراسم !!» ‪..‬‬
‫عدنا سالمين الى الوطن محملين باطنان من الكتيبات والمطبقات والقراص‬
‫المدمجة التي تعرف بتلك الدولة وموقعها الجغرافي بكل اللسنة باخراج جميل‬
‫وورق صقيل لمع والمفاجأة انها توزع مجانا‪!!..‬‬
‫‪-2-‬‬
‫العام ‪1999‬م في دمشق التي ل تفصلنا عنها سوى ساعات معدودة بالطيران في‬
‫الطريق الى الردن يفاجئك الناس في السواق والطرقات وعلى عربات التاكسي‬
‫انهم يعرفون عن السودان كل شئ والكل هذا هو سوق ليبيا وسعد قشرة وسوق‬
‫الناقة ‪!! ..‬‬
‫كل بقاع الدنيا ‪ ..‬نصفنا الفريقي او العربي حتى شعوب آسيا والمريكتين‬
‫واستراليا ‪ ..‬يعرفون السودان بأنه بقعة للصراعات بين العرب والفارقة او‬
‫المسلمين وغيرهم من الديان الخرى ‪ ..‬او ارض المجاعات والكوارث‬
‫الطبيعية‪..‬ليس في قواميسهم انه اكبر دول العالم ثروة حيوانية ومعادن او ارث‬
‫حضاري ‪!!..‬‬
‫سفاراتنا في العالم اشبه بديوان العمدة ل يغشاها حتى ابن البلد ال لتجديد جوازه‬
‫او سداد مساهمة ‪ ..‬وهي خاوية على عروشها حتى خريطة السودان ل تكاد تجد‬
‫لها مكانا‪ ..‬ولول العراف الدبلوماسية لختفى علم البلد من واجهات السفارات‬
‫‪!!..‬‬
‫‪-3-‬‬
‫القيم الخبارية بين عشية وضحاها جعلت اخبار الصراع في دارفور في افتتاحيات‬
‫النشرات العالمية ‪ ،‬والعلم الغربي ل يهتم بأخبار العالم الثالث او العالم المتخلف‬
‫ال اذا لمست انقلبا عسكريا او صراعا دمويا او مجاعة ‪ ،‬ل يهمها التنمية‬
‫والبناء فهي تبحث عما يثير الغرائز او يهيج المشاعر النسانية بما يحقق لها‬
‫ربحية عالية وطلبا متزايدا ‪ ،..‬لذلك الصورة الذهنية التي صنعها العلم الغربي‬
‫للسودان تصفه بـ»أنه شعب يتصارع اهله وتنتهك فيه آدمية البشر وتنشط فيه‬
‫تجارة الرق»‪!!..‬‬
‫صحافة الدول الصديقة تنقل بالكربون المعلومات التي تصنعها المؤسسات‬
‫العلمية الكبرى والتي جعلت التطهير العرقي وانتهاك العراض في دارفور من‬
‫المسلمات التي ل يمكن ان تشوبها ريبة او شك في مصداقيتها‪!!..‬‬
‫‪-4-‬‬
‫العلم السوداني في الحرب على غزة كان اكثر حضورا ‪ ، ..‬العلم السوداني‬
‫استغل كل الشكال الصحفية المعروفة في تغطية الحداث بصورة لفتة‬
‫للنظار‪.!!..‬‬
‫مراسلو تلفزيون السودان نقلوا للعالم نبض الشارع في بلدانهم ازاء الحرب على‬
‫غزة ‪ ..‬والكل شاهد الهتمام السوداني على اعلى مستوياته بالغارة التي استهدفت‬
‫منزل مراسل تلفزيون السودان من غزة ‪!! ..‬‬
‫ذات المراسلين وكل تلفزيونات الدنيا فشلت في ان تستنطق بلدانها او تنقل نبض‬
‫الشارع المخزي حيال القرار الذي صدر في حق الرئيس‪!!..‬‬
‫اي رئيس هو؟ ‪ ..‬انه رئيس الدولة التي يدفع تلفزيونها مرتباتهم واستحقاقاتهم‬
‫ويعلي شأنهم ‪ ..‬مئات اللف من الدولرات تنفق على المراسلين والعائد صفر‬
‫‪!!..‬‬
‫ماذا نقل العلم العالمي عقب امسية الرابع من مارس؟؟ ‪ ..‬الجابة كلنا شاهدون‬
‫عليها‪ ..‬انها لم تتعد افادات خجولة لسفراء السودان عندما توارت الشعوب العربية‬
‫كأن المر ل يعنيها ‪!!..‬‬
‫نكاد نجزم بأن أى رهان على أن الغربيين حريصون على الوضع النساني في‬
‫دارفور وان العلم الغربي يمكن ان ينصف قضية السودان رهان خاسر ‪ ،‬ان‬
‫الهتمام العالمي بدارفور مجرد صراع على مناطق النفوذ والبترول !!‬
‫كم هو حجم التغطية العلمية التي وفرتها وسائل العلم العالمية عقب قرار ما‬
‫يعرف بالجنائية؟ ‪ ..‬انه ل يتجاوز الـ «‪ »%5‬من حجم التغطية التي خرجت بها‬
‫صحف الخرطوم اثناء الجتياح السرائيلي لغزة‪ ،..‬ويا ترى كم من هذه الوسائل‬
‫استقى معلوماته من وكالة السودان للنباء ؟ وبنظرة متأنية لكل مراقب يجد ان‬
‫«سونا» لم تكن مصدرا للمعلومات ‪ ..‬لن المعلومات تمت صياغتها بالخلفية‬
‫العدائية واعطت صورة سالبة عن الحداث‪!!..‬‬
‫ونهمس في آذان المعنيين بالهمية القصوى لختيار العلميين ذوي المعرفة‬
‫والخبرة للعمل بالملحقيات والمراكز العلمية لضمان حسن الداء وإنجاز المهام‬
‫العلمية الموكلة إليهم باقتدار وهمة ‪ ..‬بعيدا عن أمرين‪ :‬الركون إلى السبات أو‬
‫العشوائية والرتجال واستخدام الساليب العقيمة ‪ ..‬وخاصة في عصر العلم‬
‫المعتمد على التخطيط والمدعم بالعلم والخبرة والمعرفة الشاملة مما جعل له تأثيرا‬
‫فعالً على مختلف المستويات وفي جميع الوساط وتلك إحدى سمات العولمة‪!!..‬‬
‫‪-5-‬‬
‫مجلس العلم الخارجي اثبت بجدارة عجزه في ادارة الزمة ول يقل عنه‬
‫الدور المفقود للملحقيات العلمية بسفاراتنا بالخارج وتشترك معهم وكالة السودان‬
‫للنباء في الفشل الكبير في الوقت الذي يستقي فيه العلم العالمي اخبار السودان‬
‫من الوكالت الغربية ‪!!..‬‬
‫سنوات خلت كان الحديث يدور في اتجاهات ان الصورة التي يتم بها تناول‬
‫المشكلة في دارفور أكبر من الوضع الحقيقي و الشيخ موسى هلل يشير الى‬
‫وجود تقصير اعلمي داخلي في عرض ازمة دارفور ‪ ،‬واتهم العلم بأنه لم‬
‫يتناول القضية بصورة موسعة وواضحة‪!!..‬‬
‫«لئن توقد شمعة خير من ان تلعن الظلم» عبارة تفرض نفسها خاصة والموقف‬
‫يديننا جميعا كإعلميين وطنيين ويدعونا لطلق النداء والتوصية بضرورة تدعيم‬
‫هذه الجهزة وتحسين دورها الخباري ليتجاوز الحدود الحالية التي تضر‬
‫بالصورة الذهنية بسبب قلة الكادر البشري او الموارد المالية واستكمال البناء الفني‬
‫والتقني والتحريري للعاملين في العلم الخارجي والملحقيات العلمية حتى‬
‫يواكبوا بحرفية التطورات التي تحيق بالوطن وكل ذلك الى جانب تعزيز العلقة‬
‫التبادلية بين العلم الوطني والمؤسسات العلمية في الدول الصديقة وتعيين‬
‫مراسلين غير متفرغين لستنطاق شعوب العالم وحكوماتها بما يصحح الصورة‬
‫الذهنية للسودان وتحسينها في اذهان الرأي العام العالمي ‪!!..‬‬
‫نعتقد ان الوضع الن مناسب لحل مجلس العلم الخارجي وتحويله إلى شركة‬
‫حكومية مستقلة إداريا وماليا تتبع الى رئاسة مجلس الوزراء مباشرة تحت اسم‬
‫«الشركة السودانية للتصال الدولي» أو «العلقات العامة الدولية‪ »،‬و منحها‬
‫اختصاصات تمكنها من إنشاء رسائل اتصالية وتوجيهها للجمهور المستهدف‪ ،‬إلى‬
‫جانب إدارة علقة اتصالية تفاعلية مع الجمهور المستهدف على ان يكلف بادارة‬
‫الشركة احد أبناء السودان الذين نالوا تعليمهم خارج السودان ‪!!..‬‬

‫المصدر‪ :‬صحيفة الرأي العام – السودان بتاريخ ‪ 11‬ابريل ‪2009‬‬


‫‪http://www.rayaam.info/News_view.aspx?pid=485&id=35843‬‬

You might also like