Professional Documents
Culture Documents
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
الخفية
عند مدعي
السلفية
بـقــلـم /
عبد العزيز بن سريان العصيمي
الطبعة الشرعية
جديدة مزيدة ومنقحة
1429هـ
عنوان المؤلف
( مكة المكرمة ص .ب ) 26888
الرمز البريدي ) ( 21955
abdulaziz.ag@gmail.com
حقوق الطبع محفوظة
48ص X 20 14 ،سم
ردمك 9960-46-561-6
إلى ....الذي يخاف من عذاب الجحيم ،ويطمع أن يدخل جنة نعيم .
إلى ....الذي يحرص على التزود من دنياه إلى أخراه بطاعة موله .
إلى هؤلء جميعًا أقدم هذا الجهد المتواضع هدية مع أصدق تحية .
من أخيكم
عبد العزيز العصيمي
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
3
3
حيِم
ن الّر ِ
حَم ِ
ل الّر ْ
سِم ا ِّ
ِب ْ
كلمة مضيئة
)) ...الواجب على طلبة العلم وعلى أهل العلم معرفة واجب العلماء ،والواجب عليهم حسن
الظن وطيب الكلم والبعد عن سيئ الكلم ،فالدعاة إلى ال – جل وعل– حقهم عظيم على المجتمع .
عدوا على مهمتهم بكلم طيب وبأسلوب حسن ،والظن الصالح الطيب ،ل بالعنف
فالواجب أن ُيسا َ
يجب أن يكون طالب العلم ،ويكون السائل يطلب الخير والفائدة ،ويسأل عن هذه المور ،وإذا وقع
خطأ أو إشكال سأل بالحكمة والنية الصالحة ،كل إنسان يخطئ ويصيب ،ما فيه أحد معصوم إل
الرسل – عليهم الصلة والسلم – معصومون فيما يبلغون عن ربهم ،والصحابة وغيرهم كل واحد
قد يخطئ وقد يصيب ،والعلماء كلمهم معروف في هذا والتابعون ومن بعدهم .
ليس معنى هذا أن الداعية معصوم أو العالم أو المدرس أو الخطيب ،ل .قد يخطئون فالواجب إذا ُنبه
أن يتنبه ،وعلى من يشكل عليه شيء أن يسأل بالكلم الطيب والقصد الصالح حتى تحصل الفائدة
يقول الرسول )) : إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ،فإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله
)(1
. أجر ((
وأن ُيحسن بهم الظن ،وأن يبين الخطأ بالسلوب الحسن ،ليس بقصد التشهير والعيب .
بعض الناس يكتب نشرات في بعض الدعاة ،نشرات خبيثة رديئة ل ينبغي أن يكتبها طالب علم ،
)(2
فل ينبغي هذا السلوب ((....
كلمة مضيئة
لسماحة العلمة /محمد بن صالح العثيمين ) رحمه ال (
)) أنه إذا كثرت الحزاب في المة فل تنتم إلى حزب ،فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان مثل
الخوارج والمعتزلة والجهمية والرافضة ،ثم ظهرت أخيرًا إخوانيون وسلفيون وتبليغيون وما أشبه
ذلك ،فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار وعليك بالمام وهو ما أرشد إليه النبي في قوله :
ول شك أن الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف ل النتماء إلى حزب
والواجب أن تكون المة السلمية مذهبها مذهب السلف الصالح ل التحزب إلى ما يسمى
)(1
) السلفيون( فهناك طريق السلف وهناك حزب يسمى ) السلفيون( والمطلوب اتباع السلف((
) ( 1شرح الربعين النووية ،حديث ) (28أوصيكم بتقوى ال والسمع والطاعة ،ص ) . ( 309 ، 308
المقدمة
الحمد ل الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم ،يدعون من ضل إلى الهدى ،
ويبصرون منهم على الذى ُ ،يحيون بكتاب ال الموتى ،وُيبصرون بنور ال أهل العمى ،فكم من
قتيل لبليس قد أحيوه ،وكم من ضال تائه قد هدوه ،فما أحسن أثرهم على الناس ،وأقبح أثر الناس
عليهم ،ينفون عن كتاب ال تحريف الغالين ،وانتحال المبطلين ،وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية
البدع ،وأطلقوا عقال الفتنة ،ويتكلمون بالمتشابه من الكلم ويخدعون جهال الناس بما يشبهون
وأشهد أن ل إله إل ال القائل في كتابه :يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ،وصفيه وخليله ،وخيرته من خلقه ،بلغ الرسالة وأدى المانة ،
ونصح المة وجاهد في ال حق جهاده ،فصلى ال عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ،
وعلى من تبعهم بإحسان واقتفى أثرهم إلى يوم الدين ،وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين .
) ( 1من مقدمة المام أحمد بن حنبل – رحمه ال – في كتابه الرد على الزنادقة والجهمية ،بتصرف .
واجمع على الحق كلمتنا ووحد على الهدى صفنا ،واغفر لنا واحمنا أنت مولنا فانصرنا على القوم
الكافرين .
ففي الونة الخيرة ظهرت عاصفة هوجاء ،وفتنة عمياء ،طمت وعمت في ساحة الشباب المستقيم
تشككهم في دعاتهم وعلمائهم بسبب خلفات فرعية مما يسع الجتهاد فيها ،فانبرت لخطائهم القلم
ولزلتهم وجهت السهام ،دون رقيب أو حسيب ،تشهيرًا وتنفيرًا ،وحسدًا وحقدًا لتنزل عليهم كل
وصف شنيع وقول فظيع ،عياذا بال من هذا الصنيع ،حمل لواءها فئام لئام من الدعياء تظاهروا –
أمام الناس – بعلم العلماء وحكمة الحكماء في الشكل والظاهر بلباس باهر في تنسك فاجر ،فزعمت
النصح والنقد البناء ،وتصحيح الخطاء ،ولكنه الجرح والفضح ،فضلوا الطريق ،فصدق عليهم "
وكم من مريد للخير ل يبلغه " وعلى إثرها انقسم الشباب تجاه الدعاة والعلماء ،وتفرقت كلمتهم
ما بين مادح أو قادح ،وما بين ذاب أو ساب ،وما بين مبشر أو محذر ،فتلشت بينهم النصيحة وفشت
القطيعة ،فقّل الئتلف وطّل الختلف ،وبدأ نور الوفاق يخبو ،ونار الفراق تربو ،فاتسعت
فبلغ السيل الزبى فإلى ال المشتكى ،وحسبنا ال ونعم الوكيل على من سلك طريق التضليل ،أو أراد
والحق أنه ليس لدي رغبة في المنازلة ،ول شهوة في المجادلة ،لن العقلء ل يمارون السفهاء ،
ل في حال السيف
ول ينازلون الطعناء ،امتثاَل لقول ) :ومن اللباقة مجانبة أرباب الحماقة ( وتأم ً
فزاد ترددي كثيرًا ،وتأملي طويل في هذه الفتنة المطلة بأفكارها المضلة .
فجاء الجواب أن حرر الخطاب بكل أمانة وصواب ،عسى أن يكون هداية لولي اللباب بما حواه
من سؤال وجواب ،نعمة من منزل الكتاب ،ومنة من مسبب السباب ،مجتنبا فيه السباب خشية أن
فبكل السى والحزن أسطر قصة ربيبة الفتن ) (1التي أظهرت ما في النفوس قد بطن ،فلفظته ألسن
ممزوجة بالعفن ،في أنجس لحن لتبيع الغالي بأبخس ثمن ،والتي بسببها انتهكت حرمة العراض ،وهي
إحدى الحرمات الثلث – الدم ،والمال ،والعرض – والذي أخشاه ول أتمناه أن يؤول المر إلى استباحة ما
) (1أسميتها ربيبة الفتن أو شريكة الفتن لنها جمعت من كل فتنة بلية وشاركتها مشابهة لهم فيها ،
وسابين هذا في خلصة الحقائق –إن شاء ال . -
)(2
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
10
3
فمع القضية المهينة والقصة المشينة من جذورها النتنة ومرورًا بفروعها النكرة إلى ثمارها النكدة ،
في رسالة خفيفة بعبارة لطيفة ،وهيئة ظريفة في خطوة جريئة ،وكلمات بريئة ،لدفع الصائل
وإجابة السائل ،بخطورة التصنيف المهين المبني على الظن ل اليقين ،كتبتها بالبنان هداية للحيران
من غواية الشيطان ،راجيًا من ربي العفو والغفران ،والنجاة من النيران ،والفوز بالمنازل العليا في
الجنان ،موسومة بعنوان " كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية ،سؤال وجواب هداية لولي
احتوت على خمسة عشر سؤاًل وجوابًا ،كل سؤال وجواب يضيء فيكشف لك حقيقة ،وسؤال
وجواب آخر فيكشف لك حقيقة أخرى عن أولئك الدعياء ،حتى إذا بلغت نهاية العقد ،اكتمل الضياء
وسرى السناء في كافة الرجاء ،كنور البدر ليلة الخامسة عشر ،وقد تجلت أمام ناظريك جل
وبهذه الكلمات التي سطرت ،أحتسب عند ال أنها كلمات الهداية إلى طريق الهداية ،وأني لولئك
نصحت ،وفي إطفاء جذوة الفتنة أسهمت ،وللبدعة قمعت ) ، (1وللحقائق كشفت ،وللشمل جمعت ،
) (1أعني بالفتنة هي فتنة التجريح والتبديع لهل السنة وتصنيفهم إلى فرق وأحزاب وجماعات ،والبدعة هي بدعة امتحان
الناس بالشخاص .انظر مزيد توضيح في هذا الجانب رسالة ) الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع وبيان خطرها (
للشيخ /عبد المحسن العباد البدر ص ) . ( 71– 58
علينا بالسمع والطاعة ولزوم أمر الجماعة ،وبالخلص في القول والعمل ،وأن يوفقنا إلى الصواب
ول تنس – أخي الحبيب – أن هذا العمل ل يخرج عن جهد الطاقة البشرية ،من محطة المحاولة
والجتهاد عبر قطبي ) الخطأ والصواب ( ،فكن ناصحًا ول تكن فاضحاً ،ومسددًا ل منددًا ،وانظر
له بعين الرضا ،فعين الرضا عن كل عيب كليلة ،وإياك وعين السخط فإنها تبدي لك المساوي .
هذا فما كان من صواب فمن ال الواحد المنان ،وما كان من زلل أو نقصان فمن نفسي والشيطان ،
دواعي الرسالة
ج /كتبت هذه الرسالة لكل باحث عن الحقيقة الخفية عند مدعي السلفية ،ولمن يريد أن يقف على
) (1
خطورة هذا الفكر المنحرف والمسلك الضال ،والفتنة العمياء التي لم تمر في تاريخ السلم منذ
بزوغ فجره قط إل في عصرنا هذا على أيدي فئة ادعت " السلفية " فكادت لعلمائها ودعاتها من أهل
السنة والجماعة بالحط من قدرهم والنيل من أعراضهم بكلمات بذيئة ونشرات خبيثة .
وكتبت هذه الرسالة – أيضًا – نصرة للظالم والمظلوم ،نصرة للظالم بالخذ على يده ،وإبداء النصح
له ،وتحذيره من مغبة هذا الظلم ،ومن نقمة ال وسخطه عليه في الدنيا والخرة ،فالتوبة التوبة من
ونصرة للمظلوم بردع الظالم عنه ،والذب عن عرضه ،وتذكيره بموعود ال لمن صبر واحتسب
ولو بعد حين ،فالثبات الثبات على الحق وإن خالفك الخلق ،أو قل إخوانه .
" وفي عصرنا الحاضر يأخذ الدور في هذه الفتنة دورته في مسلخ من المنتسبين إلى السنة ،
متلفعين بمرط ينسبونه إلى السلفية ظلمًا لها ،فنصبوا أنفسهم لرمي الدعاة بالتهم الفاجرة المبنية على
)( 2
الحجج الواهية ،واشتغلوا بضللة التصنيف "
) (1لست أول من كتب عن هذه الفتنة ،انظر مأجورًا غير مأمور إلى كتاب " تصنيف الناس بين الظن واليقين " للعلمة د.
بكر أبو زيد رحمه ال ،ورسالة " رفقًا أهل السنة بأهل بالسنة " ورسالة " الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع
وبيان خطرها " للشيخ /عبد المحسن العباد البدر ،حفظه ال .
) (2تصنيف الناس بين الظن واليقين ،بكر أبو زيد ،ص ) . ( 28
السنة ودعوى نصرتها ،فاتخذوا التصنيف بالتجريح دينًا وديدنا " .
فيا ل كم جرت هذه الفتنة العمياء شباب المة إلى الوقوع في مسالك الضلل والتضليل ،والترويع
والتبديع ،والتنفير والتكفير ،والفساد والفساد في الرض بدعوى الصلح والصلح ل يكون
وقال أيضًا ":وهذا النشقاق في صف أهل السنة لول مرة ،حسبما نعلم يوجد في المنتسبين إليهم
من يشاقهم ،ويجند نفسه لمثافنتهم والوقوف في طريق دعوتهم ،وإطلق العنان للسان يفري في
. ) (1
أعراض الدعاة ،ويلقي في طريقهم العوائق في عصبية طائشة
فهذا -يا أخي -فيض من غيظ ،وقليل من كثير من بليا ورزايا هذه الفتنة ،لذا فإن كشف الحقائق
والدواء والهواء ونقد المقالت المخالفة للكتاب والسنة ،وإجماع المة ،وتحذير الناس منها سنة
ماضية في تاريخ المسلمين ،وإنكارها والتصدي لها واجب شرعي يجب أخذه في العتبار ،وأما
ترك الفتنة تموج وتعصف بالشباب دون رد وبيان ،أو مناصحة ومكاشفة ،أو حوار هادف معهم ،
فهذا عين الخطأ ومكمن الغلط ،ولكي ل يتسع الخرق على الراقع .
الوقيعة في أعراض الولة من أهل السنة ،وقد قيل ):الحركة ولود والسكون عاقر( ،وهو أسوأ أثر
يجره المنشقون ،وهذا خرق آخر بجانب العتقاد الواجب في موالة ولي أمر المسلمين منهم .
) ول نرى الخروج على أئمتنا وولة أمورنا ،وإن جاروا ،ول ندعوا عليهم ،ول ننزع يدًا من
وندعوا لهم بالصلح والمعافاة ،ونتبع السنة والجماعة ،ونتجنب الشذوذ والخلف والفرقة " .
) (1
وهذا الذي يجب على كل مسلم أن يعتقده ويدين ال به ،وأما الطعن في الدعاة والعلماء ،والنيل من
أعراضهم والخروج عن السمع والطاعة وأمر الجماعة ،والولوج في الطوائف والحزاب ،وشق
عصا الطاعة لولة المر ،فهذا عين كل شر وفساد ،وكل بلء وخراب ،وسفك وإرهاب .
قال ال – جل وعل : -يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم . ( (2..
فأولي المر هم العلماء والمراء فطاعتهم واجبة في غير معصية ال وهي من طاعة ال ورسوله.
ج /أساس القضية الصلية عندهم تنحصر في شبهة أو شهوة لديهم ،وهي حصر المنهج السلفي في
مسائل معينة وعلى فهم شخص واحد أو أشخاص معينين من المعاصرين ،ومن خالفهم في هذه
المسائل – التي ل يخرج أكثرها عن مسائل الجتهاد المعتبر – فهو خارج عن المنهج السلفي ،
ومنابذ لهل التوحيد والسنة ،ومناصر لهل الهواء والبدع ،وذلك لعدم فقههم في كيفية التعامل مع
والحق والعدل في ذلك أن الدعوة السلفية منهج شامل متكامل في العقيدة والفقه والسلوك والعبادة ،
والخلق والدعوة ،والعلم والتربية ،والتأليف والتصنيف ،والنقد والحكم على الخرين ،فمن طبق
المنهج السلفي بتكامله وشموله كان سلفيًا حقًا ،ومن أخذ بالمنهج في بعض الجوانب دون الباقي ،
" هناك من يدعي أنه على مذهب السلف لكن يخالفهم ،يغلوا ويزيد ،ويخرج عن طريقة السلف ،
ومنهم من يدعي أنه على مذهب السلف ويتساهل ويضيع ويكتفي بالنتساب .
الذي على منهج السلف يعتدل ويستقيم بين الفراط والتفريط ،هذه طريقة السلف ل غلو ول تساهل ،
فإذا أردت أن تتبع السلف ل بد أن تعرف طريقتهم ،فل يمكن أن تتبع السلف إل إذا عرفت طريقتهم
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
16
3
وأتقنت منهجهم من أجل أن تسير عليه ،وأما مع الجهل فل يمكن أن تسير على طريقتهم وأنت
تجهلها ول تعرفها ،أو تنسب إليهم ما لم يقولوه ولم يعتقدوه ،تقول :هذا مذهب السلف ،كما يحصل
من بعض الجهال – الن – الذين يسمون أنفسهم )سلفيين( ثم يخالفون السلف ،ويشتدون ويكفرون ،
السلف ما كانوا يبدعون ويكفرون ويفسقون إل بدليل وبرهان ،ما هو بالهوى أو الجهل ،إنك تخط
خطة وتقول :من خالفها فهو مبتدع ،فهو ضال ،ل – يا أخي – ما هذا بمنهج السلف .
منهج السلف العلم والعمل ،العلم أوًل ثم العمل على هدى ،فإذا أردت أن تكون سلفيًا حقًا فعليك أن
تدرس مذهب السلف بإتقان ،وتعرفه ببصيرة ،ثم تعمل به من غير غلو ومن غير تساهل ،هذا
)(1
. منهج السلف الصحيح ،أما الدعاء والنتساب من غير حقيقة فهو يضر ول ينفع "
) (1من إجابات الشيخ على أسئلة الحضور في شرح العقيدة الطحاوية ،لعام 1425هـ ،وهــو مســجل علــى شــريط
حول هذا الموضوع .
بلقب ) السلفي ( في أختام مثل ) فلن بن فلن السلفي ( ،أو الثري وهكذا ،ادعاء مظهري خاوي
سئل صاحب الفضيلة العلمة د .صالح بن فوزان الفوزان ) حفظه ال ( هذا السؤال /
بعض الناس يختم اسمه ) بالسلفي (أو ) الثري ( فهل هذا من تزكية النفس أو هو موافق للشرع ؟
الـجــواب :
" المطلوب أن النسان يتبع الحق ،المطلوب أن النسان يبحث عن الحق ويطلب الحق ويعمل به ،
أما أنه يتسمى بأنه ) سلفي ( أو ) أثري ( أو ما أشبه ذلك فل داعي لهذا ،ال يعلم سبحانه وتعالى
قل أتعلمون ال بدينكم وال يعلم ما في السماوات وما في الرض وال بكل شيء عليم
فالتسمي ) سلفي ،أثري ( أو ما أشبه ذلك ،هذا ل أصل له ،نحن ننظر إلى الحقيقة ول
ننظر إلى القول والتسمي والدعاوى ،قد يقول أنه سلفي وما هو بسلفي ،أو أثري وما
هو بأثري ،وقد يكون سلفيًا أو أثريًا وهو ما قال إنه أثري أو سلفي .
فالنظر إلى الحقائق ل إلى المسميات ول إلى الدعاوى ،وعلى المسلم أن يلزم الدب مع
ال سبحانه وتعالى ،لما قالت العراب :آمنا أنكر ال عليهم قالت العراب آمنا قل لم
تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولكن قولوا أسلمنا ،ال أنكر عليهم أن يسمون
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
18
3
ويصفون أنفسهم باليمان وهم ما بعد وصلوا لهذه المرتبة ،أعراب جاءوا من البادية ويدعون أنهم
صاروا مؤمنين على طول ،ل .أسلموا دخلوا في السلم ،وإذا استمروا وتعلموا دخل اليمان في
قلوبهم شيئًا فشيئًا ولما يدخل اليمان في قلوبكم وكلمة ) لما ( للشيء الذي يتوقع ،يعني
سيدخل اليمان ،لكن أنك تدعيه من أول مرة هذه تزكية للنفس .
فل حاجة أنك تقول " :أنا سلفي ،أنا أثري " أنا كذا ،أنا كذا ،عليك أن تطلب الحق وتعمل به
)(1
.انتهى كلمه ) حفظه ال ( . وتصلح النية ،وال الذي يعلم – سبحانه -الحقائق "
وكم لهذا الشعار من أثار على من يحمله ،فهو يولد عند حديثي السنان من السفهاء استعلء التدين
على إخوانهم ،والزهو والغرور بالنتساب إلى السلفية ،وأنه أصبح اسمه ) فلن السلفي ( ،وبهذا
الشعار يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا بأنهم قد نجوا من الفرق الهالكة ،وأصبحوا في عداد الفرقة
وانظر إلى هؤلء الدعياء كيف تجرؤا على أن ينجوا أنفسهم بأنفسهم ،ويهلكوا إخوانهم بزعمهم ؟!
إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ، النحل . 125
ثم اعلم أنه ل يلجأ إلى تزكية النفس إل ضعيف النفس ،مقبل على شهواتها ،مغفل عن دسائسها
وأما عالي الهمة فيعلم أنها من ال منة ونعمة ،فيسترها بالتواضع ،لن كل ذي نعمة محسود .
كفوا عن هذه الدعاوى فإنها تحزب وهراء،وكفوا عن رمي إخوانكم بالحزبية فإنه كذب وافتراء .
أعني بتزكية النفس هو مدحها ورفعها فوق منزلتها ،وأما تزكيتها بالطاعة وتطهيرها من المعصية ،فهذا )(1
مطلب شرعي لقوله تعالى قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها الشمس ) . ( 10 ، 9
يونس ،الية . ( 32 ) : )(2
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
20
3
الوظيفة البليسية
ج /عملهم الرئيس هو ) تصنيف الناس ( على حسب الهوى والوسواس ،وهو شغلهم الشاغل في
مجالسهم ومنتدياتهم ،وعملهم الدؤوب الذي ل يحسنون غيره بإتقان ومهارة .
" ول يلتبس هذا الصل السلمي بما تراه مع بلج الصبح ،وفي غسق الليل من ظهور ضمير أسود
وافد من كل فج استعبد نفوسًا بضراوة أراه ) :تصنيف الناس ( وظاهرة عجيب نفوذها هي ) رمز
الجراحين ( أو ) مرض التشكيك وعدم الثقة ( حمله فئام غلظ من الناس يعبدون ال على حرف ،
فألقوا جلباب الحياء ،وشغلوا به أغرارًا التبس عليهم المر فضلوا وأضلوا .
فلبس الجميع أثواب الجرح والتعديل ،وتدثروا بشهوة التجريح ونسج الحاديث ،والتعلق بخيوط
الوهام ،فبهذه الوسائل ركبوا ثبج التصنيف للخرين للتشهير والتنفير ،والصد عن سواء السبيل .
ومن هذا المنطلق الواهي غمسوا ألسنتهم في ركام من الوهام والثام ،ثم بسطوها بإصدار التهم
والحكام عليهم ،والتشكيك فيهم وخدشهم ،وإلصاق التهم بهم ،وطمس محاسنهم ،والتشهير بهم ،
وتوزيعهم أشتاتًا وعزين في عقائدهم وسلوكهم ،ودواخل أعمالهم وخلجات قلوبهم ،وتفسير
مقاصدهم ،ونياتهم ،كل ذلك وأضعاف ذلك ما هنالك من الويلت ،يجري على طرفي التصنيف
)(1
. الديني واللديني "
) (1تصنيف الناس بين الظن واليقين ،د .بكر أبو زيد ،ص ) . (9
إذ سلك غير سبيل المؤمنين ،فهو لقى منبوذ آثم ،جان على نفسه ،وخلقه ،ودينه ،وأمته ،من كل
أبواب سوء القول قد أخذ بنصيب ،فهو يقاسم القاذف ،ويقاسم البهات ،والقتات والنمام والمغتاب
ويتصدر الوضاعين ،في أعز شيء يملكه المسلم ) عقيدته وعرضه (). (1
قال تعالى :والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثمًا مبينًا
فمثل هذا النقد الجارح الثم والخارج عن منهج الوسطية في النقد والحكم على الخرين ليس من
قال المام الشعبي – رحمه ال " : -لو أصبت تسعًة وتسعين ،وأخطأت واحدة ،لخذوا الواحدة
ومثل هذه الصورة تبين لنا تمامًا حال العلماء والدعاة – قديمًا وحديثًا – فهم يصيبون ويخطئون بحكم
أنهم بشر ليسوا معصومين من الخطأ ،فيأتي بعض الجهلة ممن يريد أن ينتقدهم ،فيأخذ الواحدة
فيطير بها فرحًا ،وما ذاك إل أنه ناتج عن الحسد والحقد الذي ترسب وتغلغل في أعماق النفس
الضعيفة ،ودللة أيضًا على فساد القصد وسوء الظن بالخرين .
ج /وسائلهم وطرقهم في التصنيف كثيرة وملتوية ،ول تنس أنهم يتقنونها بكل مهارة من أجل أن
يلبسوا عليك الحقيقة مستغلين في نفس الوقت عاطفتك وغيرتك على الحق ،حتى ترى الحق ضلًل ،والضلل حقًا
" تحريك الرأس ،وتعويج الفم ،وصرفه والتفاته ،وتحميض الوجه ،وتجعيد الجبين ،وتكليح
الوجه ،والتغير والتضجر ،أو ُيسأل عنه ،فيشير إلى فمه ،أو لسانه معبرًا عن أنه كذاب أو بذي .
ول در أبي العباس النميري ،شيخ السلم ابن تيمية – رحمه ال تعالى – إذ وضع النصال على
أذكر أحدًا إل بخير ،ول أحب الغيبة ،ول الكذب ،وإنما أخبركم بأحواله .ويقول :وال إنه مسكين
،أو رجل جيد ولكن فيه كيت وكيت ،وربما يقول :دعونا منه ال يغفر لنا وله ،وإنما قصده
استنقاصه وهضمًا لجنابه ...ومنهم من يخرج الغيبة في قالب تمسخر ولعب ليضحك غيره باستهزائه
ومحاكاته ،واستصغار المستهزأ به ،ومنهم من يخرج الغتمام فيقول :مسكين فلن ،غمني ما
جرى له ،وما تم له ،فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف ،وقلبه منطو على التشفي به ،ولو قدر
" إن الذين يسخرون من العلماء يريدون أن ُيفقدوا المة علماءها حتى ولو كانوا موجودين على
)(2
. الرض ،ما دام أنها قد نزعت منهم الثقة فقد فقدوا ...ول حول ول قوة إل بال "
المرجع السابق ،ص ) ، (12مجموع الفتاوى ،ابن تيمية ) ( 237 / 28بتصرف . )(1
وجوب التثبت في الخبار واحترام العلماء ،ص ). (50 )(2
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
24
3
المبدأ الخبيث
ج /المبدأ – يا أخي – خبيث ونتن وهو ) إذا لم تكن معي فأنت ضدي ( ،إذا لم تقل مثلهم " أنا سلفي
" ولم تعاد من عادوه ،وتضلل من ضللوه ،وتبدع من بدعوه ،وتهجر من هجروه ،وتحذر كما
يحذرون ،وتقصي من أقصوه ،وتدني من أدنوه ،فأنت ضدهم وخارج عن المنهج السلفي كما
يزعمون .
" فمن الناس من يتحزب إلى طائفة معينة ،يقرر منهجها ،ويستدل عليه بالدلة التي قد تكون دلي ً
ل
ل له ،ويحامي دونها ويضلل من سواها ،وإن كانوا أقرب إلى الحق منها يضلل
عليه ،وقد تكون دلي ً
فهؤلء ل يرضون عن أحد من الناس حتى يوافقهم على هواهم ويتبع مسلكهم هذا ،وإن بدا منهم
رضا عنك ،فهو رضا مظهري سرعان ما ينكشف عن الحقيقة الكامنة بمجرد مناقشتهم بالدليل
تحاملهم الشديد على العلماء والدعاة المصلحين في تضليلهم والتحذير منهم ،وإسقاطهم .1
وقوعهم في الحزبية التي نادوا بها تحت ستار ) السلفية ( . .2
) (1شرح رسالة ) حلية طالب العلم ( ،ابن عثيمين ،ص ) . ( 381- 380
ل عن
– 4شعورهم بالنبذ وعدم القبول لما يطرحونه من آراء شاذة لدى عامة الناس فض ً
أثاره /وبسبب تمسكهم بهذا المبدأ الخبيث وتشددهم فيه جرهم إلى مخالفة منهج السلف في
النقد والحكم على الخرين ،ومناقضة صريحة لشيخ السلم ابن تيمية – رحمه ال – في
أصول الحكم على المبتدعة – فكيف والمخالفين لهم هم أهل السنة ؟ !!! -والتي قررها في فتاويه
وردوده ولك أن تقدر وجه المخالفة بعد كل أصل من واقع مقالتهم وردودهم على إخوانهم من الدعاة
والعلماء الذين تسلطوا عليهم بغير حق إل اتباع الهوى وما تشتهيه النفس المريضة وهي /
العتذار لهل الصلح والفضل عما وقعوا فيه من بدعة عن اجتهاد ،وحمل كلمهم المشكل
عدم تأثيم مجتهد إذا أخطأ في مسائل أصولية أو فرعية ،وأولى من ذلك عدم تكفيره أو تفسيقه .
عذر المبتدع المجتهد ،ل يقضي إقراره على ما أظهره من بدعة ،ول إباحة اتباعه ،بل يجب
النكار عليه فيما يسوغ إنكاره ،مع مراعاة الدب في ذلك .
عدم الحكم على من وقع في بدعة ،أنه من أهل الهواء والبدع ،ول معاداته بسببها ،إل إذا
ل يحكم بالهلك جزمًا على أحد خالف في العتقاد أو غيره ،ول على طائفة معينة بأنها من الفرق
التحري في حال الشخص المعين المرتكب لموجب الكفر أو الفسق ،قبل تكفيره أو تفسيقه ،بحيث ل
الحرص على تأليف القلوب واجتماع الكلمة ،وإصلح ذات البين ،والحذر من أن يكون الخلف في
المسائل الفرعية العقدية والعلمية ،سببًا في نقض عرى الخوة ،والولء والبراء بين المسلمين .
النصاف في ذكر ما للمبتدعة من محامد ومذام ،وقبول ما عندهم من حق ،ورد ما عندهم من باطل
) (1انظر مستزيدًا مستفيدًا ) :أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ السلم ابن تيمية ( ،د .أحمد
الحليبي ،دار الفضيلة .
ج /إن المتأمل في حالهم – ونعوذ بال من حالهم – أن بضاعتهم مزجاة ،ومن أجوافهم مرماة في
فتنة عمياء إلى سوق سوداء من الجهلة والسفهاء ،معروضة بأبخس ثمن ،وأنجس لحن ،رأس مالها
تصيد الخطاء بحجة النقد البناء ،والربح من ورائها التحذير والتنفير من العلماء والدعاة إلى ال
للصد عن سبيل ال باسم الدفاع عن العقيدة ونصرة الحق ،فلبسوا على الخلق حقيقة الحق .
ولم يقدموا من المؤلفات سوى الردود الرديئة ،ببشاعة اللفاظ مليئة ،فل عدل لديهم ول إنصاف سوى
" فيا أخي إحذر ) الفتانين ( دعاة الفتنة الذين يتصيدون العثرات وسيماهم /
جعل الدعاة تحت مطارق النقد ،وقوارع التصنيف ،موظفين لذلك :
الحرص على تصيد الخطاء ،وحمل المحتملت على المؤاخذات ،والفرح بالزلت والعثرات ،
وهذا من أعظم التجني على أعراض المسلمين عامة وعلى الدعاة منهم خاصة .
وسيماهم أيضًا :توظيف النصوص في غير مجالها ،وإخراجها في غير براقعها ،لتكثير الجمع ،
واعلم أن ) تصنيف العالم الداعية ( وهو من أهل السنة ،ورميه بالنقائص ،ناقض من نواقض
الدعوة ،وإسهام في تقويض الدعوة ،ونكث الثقة ،وصرف الناس عن الخير ،وبقدر هذا الصد ينفتح
ومن المعلوم أن أهل السنة والجماعة ل يكفرون ول يضللون ،ول يبدعون بعضهم بعضًا إل بدليل
وبرهان ،وإقامة حجة ،ل بالهوى والتعصب ،وإنما يخطئون من وقع في الخطأ مجتهدًا مع التماس
العذر له ،والعفو عن زلته ،والدعاء له بالمغفرة ،والترحم على من مات منهم .
وهؤلء الدعياء الذين اشتغلوا بضللة التصنيف وقعوا في مخالفة السلف ،وابتعدوا عن المنهج
القويم ،فضلوا وأضلوا في هذا عن الحق والصواب ،فكان هم أحدهم وجل بضاعته التحذير والتنفير
من العلماء الربانيين ،والدعاة المخلصين ،بحجة الدفاع عن الحق والعقيدة ،وما علموا أنه ضياع
للحق وخداع للخلق ،وإشاعة للفاحشة بين المؤمنين ،وأذية لهم ،وهم بهذا قطاع طرق الفادة من
) (1تصنيف الناس بين الظن واليقين ،للعلمة د .بكر أبو زيد ،ص. ( 79 – 78 ) :
ج /وهذا بلء عريض ،وفتنة مضلة في تقليص ظل الدين ،وتشتيت جماعته ،وزرع البغضاء
بينهم ،وإسقاط حملته من أعين الرعية ،وما هنالك من العناد وجحد الحق تارة ورده تارة أخرى.
إن رمي العلماء بالنقائص ،وتصنيفهم البائس من البينات فتح باب زندقة مكشوفة .
ويا ل كم صدت هذه الفتنة العمياء عن الوقوف في وجه المد اللحادي ،والمد الطرقي ،والعبث
الخلقي ،وإعطاء الفرصة لهم في استباحة أخلقيات العباد ،وتأجيج سبل الفساد الفساد .
إلى آخر ما تجره هذه المكيدة المهينة من جنايات على الدين ،وعلى علمائه ،وعلى المة وعلى ولة
أمرها .
وبالجملة فهي فتنة مضلة والقائم بها مفتون ،ومنشق عن جماعة المسلمين (1).
أل إن هذا التصنيف داء خبيث ،متى ما تمكن من نفس أطفأ ما بها من نور اليمان ،وصير القلب
خرابًا ،يستقبل الهواء والشهوات ويفرزها ،نعوذ بال من الخذلن ،ومن مصائد الشيطان .
وانفض بعضهم عن العلماء واللتفاف حولهم ،ووهنوا حالهم ،وزهدوا الناس في علمهم .
وبهؤلء ) المنشقين ( آل أمر طلئع المة وشبابها إلى أوزاع وأشتات ،وفرق وأحزاب ،وركض
وراء السراب ،وضياع في المنهج والقدوة ،وما نجا من غمرتها إل من صحبه التوفيق ،وعمر
متى صار من دين ال التحذير والتنفير ،والتقاطع والتهاجر ،والغيبة والبهتان للمسلمين فيما بينهم ؟ !
ومتى صار من دين ال فرح المسلم بمقارفة أخيه للذنب والخطيئة ؟!
ج /إن أبرز دعوة تظهر من أفواههم واضحة جلية هي الدعوة إلى الحزبية والطائفية ،وذلك بخلق
حزب معين منشق عن الجماعة ،ينادي بآراء نشاز ،وهذا وواضح وجلي – كما ذكرت لك سابقًا –
من خلل رفع شعار ) أنا سلفي ( أو ) نحن سلفيون ،أو أثريون ( .
يقول الشيخ د .بكر أبو زيد ،رحمه ال في رسالة ) حلية طالب العلم ( :
" أهل السلم ليس لهم سمة سوى السلم والسلم ،فيا طالب العلم – بارك ال فيك وفي علمك –
اطلب العلم ،واطلب العمل ،وادع إلى ال تعالى على طريقة السلف ،ول تكن خراجًا وّلجا في
الجماعات ،فتخرج من السعة إلى القوالب الضيقة ،فالسلم كله لك جادة ومنهجًا ،والمسلمون
فعلق على هذا الكلم النفيس ،العلمة /ابن عثيمين – رحمه ال – بقوله :
" وهذا الفصل فصل مهم ،وهو تخلي طالب العلم عن الطائفية والحزبية ،بحيث يعقد الولء
والبراء على طائفة معينة ،أو حزب معين ،فإن هذا ل شك آثم ،فإن هذا ل شك خلف منهج السلف.
السلف الصالح ليس عندهم أحزاب ،كلهم حزب واحد ،كلهم ينطوون تحت قول ال تعالى :
هو سماكم المسلمين من قبل ، ( (1فل حزبية ول تعدد ،ول موالة ،ول معاداة إل على حسب ما جاء
في الكتاب والسنة ،بل يجب أن نكون أمة واحدة ،وإن اختلفنا في الرأي ،أما أن نكون أحزابًا ،هذا إخواني،
يعني من الخوان المسلمين ،وهذا تبليغي ،وهذا سلفي ،وهذا ماذا ؟!
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
32
3
على كل حال ل يجوز هذا إطلقًا ،فالواجب أن هذه السماء تزول ،ونكون أمة واحدة وحزبًا واحدًا
" الحاصل من هذا كله أن المسلمين يجب أن يكونوا جماعة واحدة ،وأن يكون مصدرهم واحدًا ،
وأن تكون قيادتهم واحدة ،كما أنهم يجتمعون على عقيدة واحدة ،وهي عبادة ال – عز وجل – وحده
ب فيهم تباغض وهجر ،أو وجد فيهم منافقون فإن المر خطير جدًا ،ل
وإذا دبّ فيهم خلل ،أو د ّ
سيما وأننا نسمع في زماننا هذا من يتكلم في أعراض العلماء ويتهمهم بالغباوة والجهل ،وعدم إدراك
المور ،وعدم فقه الواقع كما يقولون ،وهذا أمر خطير .
فإنه إذا فقدت الثقة في علماء المسلمين فمن يقود المة السلمية ؟
وأعتقد أن هذا دس من أعدائنا ،وأنه انطلى على كثير من الذين ل يدركون المور ،أو الذين فيهم
غيرة شديدة وحماس ،لكنه على جهل ،فأخذوه مأخذ الغيرة ،ومأخذ الحرص على المسلمين ،لكن
شرح رسالة حلية طالب العلم ،للعلمة /ابن عثيمين ،ص ). (382
وجوب التثبت في الخبار واحترام العلماء ،ص ). (46
ج /ترتكز تربية ) مدعي السلفية ( للناشئة على أمور ومحاور عديدة من أبرزها :
تربيتهم على اتساع الذمة ،والجرأة في الطعن والنيل من أعراض المسلمين عامة ،والدعاة .1
والعلماء على وجه الخصوص ،وعدها قربة إلى ال ،ودفاعًا عن العقيدة .
تربيتهم على حب المراء ،والجدل العقيم ،بأسلوب سقيم وسلوك ذميم . .2
تربيتهم على تنشيط الحزبية بين الشباب ،وذلك بتصنيف المسلمين إلى فرق وأحزاب وجماعات . .3
غرس مرض التعالم والتعالي على الناس منذ بداية طلب الشاب للعلم ،بأنه أصبح مؤه ً
ل .4
تربيتهم للناشئة على سوء النقد ،وتغليظ القول على مخالفي أهوائهم من إخوانهم بل تقدير .5
تربيتهم للناشئة على سوء الظن ،وإنماء بذرتها في القلب ،حتى تعطي المزيد من الثمار .6
الفاسدة المبنية على خيوط الظن والوهام ،وإصدار التهم والحكام .
تربيتهم للشباب على الستهانة بالغيبة والبهتان في قوالب الديانة والصلح . .7
تربيتهم للشباب على تصيد الخطاء للتشهير بها ،والفرح العظيم بأنه وجد على العالم أو .8
تربيتهم للشباب على هجر إخوانهم عندما يختلفون معهم حول مسألة ما ،بأن هذا الهجر هو .9
التوعوية ،والعمال التطوعية التي تساهم في خدمة دينهم ،وبناء مجتمعهم ،بزعمهم أنها بدعة .
تربيتهم للشباب على النتصار للذات ل للحق ،والتشفي من المخالف لهواهم بكل قبح ووقاحة . .11
تربيتهم للشباب على الفوضى في طلب العلم ،فل منهجية لديهم ،ول تحصيل عندهم لمسائل التأصيل ، .12
وإنما جل بضاعتهم حفظ بعض السطور من مقالت متفرقة تخدم مرادهم .
تربيتهم للشباب على التعصب للشخاص ل للحق ،وعدم قبول الحق من الطرف المخالف لهوائهم .13
وشهواتهم بحجة أن الخير والحق الذي عند هؤلء المخالفين عند غيرهم من الموافقين لهم .
تربيتهم للشباب على الغلو والتطرف ،وخاصة في باب النصيحة ،فهم غلة فيها .14
تكثيف الحديث عن التوحيد ،والدندنة حوله ،وإهمال البقية من جوانب العلم .15
والتربية والدعوة ،وهم في الحقيقة أبعد الناس عن تطبيقه فيما يتعلق بالنيل من
متلون – مميع – عنده كفريات – عنده شركيات ( إلى غيرها من مقولت السوء التي
ج /في الحقيقة أن مجالستهم رأس البلء ،ومفتاح الداء لمراض القلوب ،فالصالحون إذا جالستهم
ذكروك بال – عز وجل ، -ورغبوك بما في الجنة من نعيم ،ورهبوك من النار وما فيها من جحيم
– وقانا ال وإياك شرها – فتخرج من عندهم وأنت تشعر برقة القلب ،وانشراح الصدر ،فتزداد من
ال خشية ،وله قربة ومحبة ،أو قد ظفرت بمسألة حفظتها فازددت نورًا وبصيرة في دينك .
وعلى العكس من مجالسة أهل الهواء ،وتصيد الخطاء ،والطعن في العلماء غيبة ونميمة ،
وأخلق ذميمة ،فتخرج من عندهم وقد قسا قلبك وضاق صدرك ،واسود نهارك وطال ليلك ،فل
فاحذر – يا أخي – من مجالسة هؤلء الدعياء ،فإن قربهم عدوى ،ومصاحبتهم بلوى ،ول تكن
مثلهم كالسفنجية تمتص كل شيء تقع عليه ،أو كبعض الحشرات التي ل يسرها إل رائحة العفن،أو
" إن الجاهل بمنزلة الذباب الذي ل يقع إل على العقير ) الجريح ( ول يقع على الصحيح ،والعاقل
كشف كيد العداء ومخططاتهم لهدم الدين والخلق ،والتحذير منهم ،وعن المنكرات وإنكارها
وفي الوقت نفسه ل يفتر لسانه عن الفري في لحوم العلماء ،وأعراضهم ،وخاصة العلماء منهم ،
الحياء والموات على السواء ،ل يبالي بما يقوله من كذب وافتراء ،زاعمًا النقد البناء والغنيمة
تصيد الخطاء ،فكم بهتوا على الدعاة والعلماء ،وقولوهم ما لم يقولوه ،وحملوا مقاصدهم على ما
الزموا الدعاة والعلماء المخلصين ،فهم مصابيح الدجى ،ومنائر العل ،ومنابر الهدى ،وأعمدة العلم
والفتيا ،ومحاريب التقى ،وساحات البصيرة والنهى ،فحرام ثم حرام عليكم النيل من أعراضهم
قال ال تعالى :إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينًا وهو
ج /ل شك أن الذين خاضوا هذه الفتنة ،وركبوا موجة التصنيف ،والتسلط على إخوانهم من أهل
السنة ،ورميهم بأبشع الوصاف من التهم الجائرة ،واللقاب الفاجرة على أصناف عديدة منها على
السنة والجماعة الذين تميزوا عنهم بالعلم ،والمحبة والقبول لدى عامة المسلمين.
القعدة /وهم طائفة من الذين ليس لهم أي دور يذكر في الدعوة إلى ال ،ونفع مجتمعهم
وأمتهم ،فسدًا لهذا الفراغ وحتى ل يقال عنهم إنهم ل دور لهم ،فصاروا
يقولون :دورنا هو التحذير من أهل البدع والضلل كما زعما ،والحق أنهم
قدموا خدمة لعداء الدين وهي التفرقة بين المؤمنين ،فإنه من حرم العمل لهذا
المرتزقة /وهم طائفة من أصحاب المطامع والمصالح الدنيوية ،والذين استغلوا هذه
الفتنة لنيل شهواتهم ،وتحقيق مآربهم على حساب دينهم ،وال حسيبهم .
المقلدون والتباع /وهم أكثر هذه الصناف ،ول تتعجب أن أكثرهم من العراب قليلي
المخدوعون /وهم المغرر بهم من أصحاب الشخصيات الضعيفة ،والراء الهزيلة من
حدثاء السنان ،وسفهاء الحلم التي تعير عقلها لغيرها ول تستخدمه ،
فينساقون وراء قادة هذا الفكر النكد بل تمحيص لما يدعونهم إليه ،ولكنه
الناقمون /وهم طائفة من الدعياء اشتغلت بضللة النقد النكد ،فجندوا أنفسهم ،
في المقاصد والنيات ،ولو كان ظنًا ،فعاشوا بين ركامها ،فحشوا أفكارهم ،
عند مرادهم ،ثم بسطوا ألسنتهم عليهم بأبشع وأفظع كلمات التقذيع والتبديع
مدادها السم الناقع ،وحصادها النقد اللذع ،بل ضمير رادع ول رقيب مانع .
فيا سبحان ال .....أيسلم منكم أعداء الدين من اليهود والنصارى وغيرهم ،ول
وهذه الصناف وغيرها قد يجتمع منها صنفان أو أكثر في الشخص الواحد منهم ،
بتصرف . ) (1انظر واجبا ومثابا ) ،انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا ( ،صالح بن عبد اللطيف (18 ) ،
ج /إن فئامًا من الناس – وللسف الشديد – يحملون أفكارًا منحرفة ،وسلوكًا خاطئًا ،وفي الوقت
نفسه نراهم يرفعون شعارات براقة ولمعة تطرب من سمعها ،وتبهر من رآها ،وينسبون أنفسهم
لها ظلمًا لها ،بيد أننا إذا نظرنا إلى أفعالهم ،وتأملنا في حالهم ،وما مدى تطبيقهم لما يّدعونه ،
وينسبون أنفسهم إليه وجدناهم أدعياء ل غير ،وألقابهم بريئة من أفعالهم المنكرة التي ليست
إن النتساب إلى مثل هذه اللقاب ) سلفي ،أثري ( ليس شعارًا ،ول هوى ول دعوى يدعيها من
أرادها فحسب ،وإنما تحتاج إلى تحقيق وعمل ،تحقيق للصفات الشرعية ،وعمل بالواجبات
فمثل هذه الفئة التي تجلت لنا بعض من حقائقهم ،وما خفي أعظم ،قد جنت على لقب ) السلفية (
وذلك بنسبة أفعالهم ) – تصنيف الناس – التبديع – التضليل – تصيد الخطاء – وغيرها (-إلى
السلف الصالح ،وذلك بإلباسها لباس ) السلفية ( من أجل خداع الناس وتبرير مواقفهم وأفعالهم
القبيحة ،والترويج لها بهذا اللقب الشريف والوسام النزيه ،والمقبول عند المسلمين .
فبهذه الممارسة الدنيئة قد امتهنوا هذا اللقب الشريف والوصف الحميد ) السلفية ( فأصبح كأنه
تهمة لكل من تسميه به بأنه مثل أدعيائه في الفكر ،والتجاوزات الشرعية التي لديهم .
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
40
3
طريق السلمة
س / 14كيف المخرج والنجاة من هذه الفتنة ؟
– 1أن يتقي ال من أشغل نفسه بتجريح العلماء ،وطلبة العلم والتحذير منهم ،وأن ينشغل بالبحث
عن عيوبه للتخلص منها بدًل من النشغال بعيوب الخرين ،ويحافظ على البقاء على حسناته فل
يضيق بها ذرعًا فيوزعها على من ابتلي بتجريحهم والنيل منهم .
– 2أن يشغل نفسه – بدًل من التجريح والتحذير – بتحصيل العلم النافع ،والجد والجتهاد فيه ،وأّل
ُيشغل نفسه بتجريح العلماء وطلبة العلم من أهل السنة ،وقطع الطرق الموصلة إلى الستفادة منهم ،
فيكون من أهل الهدم ،ومثل هذا المنشغل بالتجريح ل يخلف بعده إذا مات علمًا ُينتفع به ،ول يفقدون
– 3أن ينصرف الطلبة من أهل السنة في كل مكان إلى النشغال بالعلم ،بقراءة الكتب المفيدة ،
وسماع الشرطة النافعة لعلماء أهل السنة ودعاتها ،بدًل من انشغالهم بفلن أو فلن ،أو التصال
– 4عند سؤال طلبة العلم عن حال أشخاص من المنشغلين بالعلم ،ينبغي رجوعهم إلى مصدر
موثوق ،وجهة رسمية كرئاسة الفتاء بالرياض ،للسؤال عنهم ،ومن كان عنده علم بأحوال
أشخاص معينين ،أو ملحظات حولهم يمكنه أن يكتب إلى رئاسة الفتاء ببيان ما يعلمه عنهم للنظر
في ذلك ،بدًل من أن يجعل نفسه قاضيًا على نوايا الناس وتصرفاتهم ،فيحكم لهذا بالنجاة ،وعلى ذاك
أن يكون الرد برفق ولين ،ورغبة شديدة في سلمة المخطيء من الخطأ .
ل يجوز أن يمتحن أي طالب علم غيره ،بأن يكون له موقف من فلن المردود عليه أو
الراد ،فإن وافق سلم ،وإن لم يوافق يبدع ويهجر ،وليس لحد أن ينسب إلى أهل السنة مثل
وليس لحد – أيضا – أن يصف من ل يسلك هذا المسلك الفوضوي بأنه مميع لمنهج السلف .
يقول شيخ السلم ابن تيمية – رحمه ال – في مجموع الفتاوى ) : ( 164 / 20
" وليس لحد أن ينصب للمة شخصًا يدعو إلى طريقته ،ويوالي ويعادي عليها غير النبي
ول ينصب لهم كلمًا يوالي عليه ويعادي غير كلم ال – عز وجل – ورسوله ، وما
اجتمعت عليه المة ،هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلمًا يفرقون به بين
المة ،يوالون به على ذلك الكلم أو تلك النسبة ويعادون " ). (1
) (1انظر لزامًا ) رفقًا أهل السنة بأهل السنة ( ،للشيخ /عبد المحسن العباد البد ،ص ) ، ( 54 – 48
ورسالة الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع وبيان خطرها ،للمؤلف نفسه .
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
42
3
وقال ابن تيمية – رحمه ال – أيضًا ) : ( 16-15/ 28
" فإذا كان المعلم أو الستاذ قد أمر بهجر شخص ،أو بإهداره وإسقاطه ،وإبعاده ،ونحو ذلك
نظر فيه :فإذا كان قد فعل ذنبًا شرعيًا لم يجز أن يعاقب بشيء لجل غرض المعلم أو غيره .
وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ،ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء ،بل يكونوا مثل
... وتعاونوا على البر والتقوى و ل تعاونوا على الثم والعدوان واتقوا ال إن ال شديد
العقاب . ( (1
ج /وفي هذا الجانب أختصر المقال بضرب المثال لمشابهة الحال للحال ،فهم خليط ومزيج ،
وأمر مريج ،من الفكار الوافدة ،من الفرق الضالة ،والمناهج المنحرفة ،والراء الشاذة حتى
أخذوا من الخوارج مبدأ الخروج ،فخرجوا على الدعاة والعلماء الذين ل يوافقونهم على
أهوائهم ،ول ينزلون عند مرادهم بالحط من قدرهم ،ورميهم بقذائف من اللقاب القبيحة في
أشخاصهم ،فتارة يقولون ) :هذا ضال ،وذاك مبتدع ،والخر عنده شركيات وكفريات ( حتى
فاهو بكلمة ):أضر علينا من اليهود والنصارى ( ،وإن خففوا قالوا :
) هذا غامض ،أو متلون ،أو مميع لمنهج السلف ،أو غير واضح ،أو سلفي الظاهر مبتدع
الدنيئة ،وقاموا بتأويل فتاوى العلماء حتى توافق مقاصدهم ومرادهم ،ونفوا عن كل فضل
فضله .
وأخذوا عن المرجئة الذين قالوا ) :أنه ل يضر مع اليمان معصية ( السكوت عن المنكرات
جبنًا ،وخيانة لمانة النصيحة ،فلم ينكروا المنكرات العظام ،ولم يؤدوا حق النصيحة الذي
عليه ،ول ينتقد له مقال ،ورفعوهم فوق منزلتهم ،وكذا الحال عند هؤلء الدعياء الذين سكتوا
عن معايب ومثالب شيوخهم في الوقت الذي يبحثون فيه عن الهفوات ،والزلت ،ويتصيدون
ومع بطش اليهود والنصارى بالمسلمين فلسان الحال والمقال :هذا قدر ال ،ومشيئة ال ،ل
نستطيع رد هذا الصنيع ،فهم ل يقدمون لنصرة الدين ،والمة شيئًا ول يحركون ساكنًا ،في
وفي باب النصيحة غلة وجفاة ،فمع أخطاء الدعاة والعلماء يغلون في حق النصيحة لهم ،حتى
يقلبوا النصيحة إلى فضيحة ،ومع أخطاء غيرهم ممن شاكلهم جفاة عن القيام بواجب النصيحة.
والحق والعدل في ذلك أن المصيب من يسلك طريق الوسطية في النصيحة وغيرها بين الغالي
فالوسطية مطلب شرعي يجب الخذ به ،حتى ل نقع في إحدى السوءتين ،إما الفراط أو
وبعد هذه الصولة والجولة ،التي خضنا غمارها سويًا على مضمار ) الدين النصيحة ( في
رحلة ماتعة ،وأقوال نافعة ،رغبة مني في هداية الخلق إلى الحق ،بما حواه الكتاب من سؤال
اتقوا ال عباد ال في العلماء والدعاة إلى ال ،وإياكم والنيل من أعراضهم لتحقيق أغراضكم ،
وعليكم بالسمع والطاعة ولزوم أمر الجماعة ،واعلموا أن لحوم العلماء مسمومة ،وعادة ال
في هتك منتقصهم معلومة ،ومن ابتلهم بالثلب ابتله ال بمرض القلب .
وتأملوا معي – يا رعاكم ال – ما قاله النبي للصحابي الجليل عمر ابن الخطاب -حينما
قال في قصة حاطب بن أبي بلتعة " : دعني يا رسول ال أضرب عنقه ،إنه قد خان ال
ورسوله والمؤمنين " فقال له الرسول " يا عمر وما يدريك ،لعل ال اطلع على أهل بدر
فقال :اعملوا ما شئتم ،فقد وجبت لكم الجنة ،أو قد غفرت لكم " فدمعت عينا عمر -رضي
ال عنه – وقال :ال ورسوله أعلم " ) رواه البخاري ومسلم ( .
فهذا التوجيه التربوي النبوي هو ليس لعمر وحده ،ولكنه للمة من بعده ،أن الخطأ قد ل
ينقص من منزلة الرجل عند ال ،ول ُيحل لنا دمه ول عرضه .
ونتعلم من هذه القصة دروسًا منها أننا لسنا معصومين من الخطأ ،وأن خطأ القران يطوى
ول يروى ،ويستر فل يظهر ،ويغمر في بحار حسناته فل ينشر ،وأنه ما من عالم – قديمًا أو
حديثًا – إل وقد ُأ خذ عليه مأخذ ،فلو كان الحال أن كل من كان له خطأ أو هفوة يترك فل يؤخذ من
العلم ،فلن نجد من نأخذ منه العلم ،ول من يدلنا على الخير ويحذرنا من الشر وأهله .
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
46
3
وأيضًا نتعلم من هذه القصة أن نلتمس لخواننا العذر والصفح ،ولو كان الخطأ له تسعة
ل للشر ،ومحمل واحد للخير ،لوجب علينا أن نحمله على هذا المحمل الواحد .
وتسعون محم ً
فأقول :أما يسعنا ما وسع عمر بأن تدمع عيوننا ،ونستغفر ال لنا ولخواننا ؟ !
وللخائضين في هذه الفتنة أخصهم بهمسة فأقول :أنتم إخواننا وأحبابنا في ال مهما غلظتم القول
فينا ،ومهما تلقيتم النصح منا ،ولكن الحق أحب إلينا منكم ،ولئن قسونا عليكم ،فالنسان يقسوا
لذا أدعوك – أخي – إلى التوبة والوبة ،والعدل والنصاف ،وترك التسلط والجحاف بحق
ل،
ل مه ً
فالسلمة السلمة قبل الحسرة والندامة على استباحة حرمة أعراض المسلمين ،فمه ً
وإني بعد هذا كله لمتفائل جدًا بأن تعلنها إلى ال توبة ،وإلى الحق أوبة ،شعارك السمع
والطاعة ،ولزوم أمر الجماعة ،مرددًا قول الحق تبارك وتعالى :رب نجني من القوم الظالمين ) القصص :من
الية ، (21وبعدها أبشر بـ عفا ال عما سلف ) المائدة :من الية ، (95
ول تنس ومن عاد فينتقم ال منه ) المائدة :من الية ، (95والحقيقة ربكم أعلم بما في
وقتك – يا أخي – ثمين فل تضيعه مع العابثين بأعراض المسلمين ،والتفكه بها في المجالس ،
اللهم إني أسألك أن تكون هذه الرسالة سببًا في هدايتهم إلى الحق والعمل به ،وترك العناد ،واتباع الهوى .
اللهم إني أسألك أن تجمع كلمتنا على الحق ،وأن توفقنا للعمل به والدعوة إليه ،ربنا اغفر لنا
تلك برقية عاجلة عبر إشارات عابرة ،وكلمات قاصرة ،أهديها لكم رغبة في نصحكم ،وأم ً
ل
وهذه نصيحتي قصدت بها وجه ال والدار الخرة ،وإرادة الحق بالتي هي أحسن ،فمن أبصر
فلنفسه ،ومن عمي فعليها ،وما أنا عليكم بحفيظ ،فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى
بهذا جرى مداد القلم بما تقدم ،براءة للذمة ،ونصيحة للمة ،فلكم المغنم ،وعلي المغرم ،
ونعوذ بال من زلة القلم وعثرة القدم ،نصيحة لكم ،وإشفاقًا عليكم ،والسلم عليكم ورحمة ال وبركاته .
وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إل الصلح ما استطعت وما توفيقي إل بال
سدد ال الخطى وبارك في الجهود وهدى إلى الصواب من العلم والقول والعمل ،والحمد ل الذي بنعمه تتم
الصالحات .
قـالـه وكــتــبــه /
عبد العزيز بن سريان العصيمي
مكة المكرمة ) حرسها ال (
ص .ب 26888 /
الرمز البريدي 21955 /
abdulaziz.ag@gmail.com
كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية
48
3
الـفـهــرس
كلمة مضيئة للعلمة /ابن باز ) رحمه ال ( 3.......................................................
المقدمة 7.....................................................................................................
الخاتمة 45.................................................................................................
الفهرس 48................................................................................................