You are on page 1of 48

‫كشف الحقائق‬

‫الخفية‬
‫عند مدعي‬
‫السلفية‬
‫بـقــلـم ‪/‬‬
‫عبد العزيز بن سريان العصيمي‬
‫الطبعة الشرعية‬
‫جديدة مزيدة ومنقحة‬
‫‪ 1429‬هـ‬
‫عنوان المؤلف‬
‫(‬ ‫مكة المكرمة ص ‪ .‬ب ) ‪26888‬‬
‫الرمز البريدي ) ‪( 21955‬‬
‫‪abdulaziz.ag@gmail.com‬‬
‫حقوق الطبع محفوظة‬

‫عبد العزيز بن سريان العصيمي‬ ‫ح‬

‫فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر‬

‫العصيمي ‪ ،‬عبد العزيز سريان‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬

‫عبد العزيز سريان العصيمي ‪ -‬مكة المكرمة ‪ 1425 ،‬هـ‬

‫‪ 48‬ص ‪ X 20 14 ،‬سم‬

‫ردمك ‪9960-46-561-6‬‬

‫‪ -2‬العقيدة السلمية‬ ‫‪ -1‬الدعوة السلفية‬


‫أ – العنوان‬
‫‪1425 / 5389‬‬ ‫ديوي ‪217‬‬

‫حقوق الطبع والترجمة محفوظة إل بإذن من المؤلف‬


‫إل من أراد طباعته وترجمته وتوزيعه مجانًا‬

‫عنيت بالطبع دار الطرفين للنشر والتوزيع‬


‫الطائف ‪ /‬جوال ‪0505704808 /‬‬

‫يطلب من مكتبة الفرقان – مكة المكرمة‬


‫مدخل جامعة أم القرى ‪0504628587‬‬
‫إهـداء‬

‫إلى ‪ ....‬الذي يحترم أوامر الدين ‪.‬‬

‫إلى ‪ ....‬الذي يقدر الدعاة والعلماء المخلصين ‪.‬‬

‫إلى ‪ ....‬الذي يخاف من عذاب الجحيم ‪ ،‬ويطمع أن يدخل جنة نعيم ‪.‬‬

‫إلى ‪ ....‬الذي يحرص على التزود من دنياه إلى أخراه بطاعة موله ‪.‬‬

‫إلى ‪ ....‬الذي يبحث عن الحق ويطلبه ويعمل به ‪.‬‬

‫إلى هؤلء جميعًا أقدم هذا الجهد المتواضع هدية مع أصدق تحية ‪.‬‬

‫ولكم مني صالح الدعاء‬

‫من أخيكم‬
‫عبد العزيز العصيمي‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪3‬‬
‫‪3‬‬
‫حيِم‬
‫ن الّر ِ‬
‫حَم ِ‬
‫ل الّر ْ‬
‫سِم ا ِّ‬
‫ِب ْ‬

‫كلمة مضيئة‬

‫لسماحة العلمة ‪ /‬عبد العزيز بن باز )رحمه ال (‬

‫)) ‪ ...‬الواجب على طلبة العلم وعلى أهل العلم معرفة واجب العلماء ‪ ،‬والواجب عليهم حسن‬

‫الظن وطيب الكلم والبعد عن سيئ الكلم ‪ ،‬فالدعاة إلى ال – جل وعل– حقهم عظيم على المجتمع ‪.‬‬

‫عدوا على مهمتهم بكلم طيب وبأسلوب حسن ‪ ،‬والظن الصالح الطيب ‪ ،‬ل بالعنف‬
‫فالواجب أن ُيسا َ‬

‫والشدة ‪ ،‬ول بتتبع الخطاء وإشاعتها للتنفير من فلن وفلن ‪.‬‬

‫يجب أن يكون طالب العلم ‪ ،‬ويكون السائل يطلب الخير والفائدة ‪ ،‬ويسأل عن هذه المور ‪ ،‬وإذا وقع‬

‫خطأ أو إشكال سأل بالحكمة والنية الصالحة ‪ ،‬كل إنسان يخطئ ويصيب ‪ ،‬ما فيه أحد معصوم إل‬

‫الرسل – عليهم الصلة والسلم – معصومون فيما يبلغون عن ربهم ‪ ،‬والصحابة وغيرهم كل واحد‬

‫قد يخطئ وقد يصيب ‪ ،‬والعلماء كلمهم معروف في هذا والتابعون ومن بعدهم ‪.‬‬

‫ليس معنى هذا أن الداعية معصوم أو العالم أو المدرس أو الخطيب ‪ ،‬ل ‪ .‬قد يخطئون فالواجب إذا ُنبه‬

‫أن يتنبه ‪ ،‬وعلى من يشكل عليه شيء أن يسأل بالكلم الطيب والقصد الصالح حتى تحصل الفائدة‬

‫ويزول الشكال من غير أن يقع في عرض فلن أو النيل منه ‪.‬‬


‫‪4‬‬
‫مدعي ‪ ،‬وإن‬
‫السلفية‬ ‫عند لهم أجر‬
‫الخفيةأخطأوا‬
‫الحقائقفهم إن‬
‫يخطئون أبدًا ‪،‬‬
‫العلماء هم ورثة النبياء ‪ ،‬وليس معنى هذا أنهم لكشف‬
‫‪4‬‬
‫أصابوا لهم أجران ‪.‬‬

‫يقول الرسول‪ )) : ‬إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ‪ ،‬فإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أجر ((‬

‫عدوا على الخير ‪،‬‬


‫سا َ‬
‫وإخواننا الدعاة إلى ال – عز وجل – في هذه البلد حقهم على المجتمع أن َُي َ‬

‫وأن ُيحسن بهم الظن ‪ ،‬وأن يبين الخطأ بالسلوب الحسن ‪ ،‬ليس بقصد التشهير والعيب ‪.‬‬

‫بعض الناس يكتب نشرات في بعض الدعاة ‪ ،‬نشرات خبيثة رديئة ل ينبغي أن يكتبها طالب علم ‪،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫فل ينبغي هذا السلوب ‪((....‬‬

‫رواه البخاري ) ‪ ، ( 193 / 9‬ومسلم ) ‪. ( 1342 / 33‬‬ ‫)‪(1‬‬


‫كبار العلماء يتكلمون عن الدعاة ‪ ،‬حجر القرني ‪ ،‬ص )‪. (8‬‬
‫)‪(2‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪5‬‬
‫‪3‬‬
‫حيِم‬
‫ن الّر ِ‬
‫حَم ِ‬
‫ل الّر ْ‬
‫سِم ا ِّ‬
‫ِب ْ‬

‫كلمة مضيئة‬
‫لسماحة العلمة ‪ /‬محمد بن صالح العثيمين ) رحمه ال (‬

‫)) أنه إذا كثرت الحزاب في المة فل تنتم إلى حزب ‪ ،‬فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان مثل‬

‫الخوارج والمعتزلة والجهمية والرافضة ‪ ،‬ثم ظهرت أخيرًا إخوانيون وسلفيون وتبليغيون وما أشبه‬

‫ذلك ‪ ،‬فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار وعليك بالمام وهو ما أرشد إليه النبي ‪ ‬في قوله ‪:‬‬

‫" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين "‬

‫ول شك أن الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف ل النتماء إلى حزب‬

‫معين يسمى السلفيين ‪.‬‬

‫والواجب أن تكون المة السلمية مذهبها مذهب السلف الصالح ل التحزب إلى ما يسمى‬
‫)‪(1‬‬
‫) السلفيون( فهناك طريق السلف وهناك حزب يسمى ) السلفيون( والمطلوب اتباع السلف((‬

‫) ‪ ( 1‬شرح الربعين النووية ‪ ،‬حديث )‪ (28‬أوصيكم بتقوى ال والسمع والطاعة ‪ ،‬ص ) ‪. ( 309 ، 308‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪7‬‬
‫‪3‬‬

‫‪‬‬
‫المقدمة‬
‫الحمد ل الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم ‪ ،‬يدعون من ضل إلى الهدى ‪،‬‬

‫ويبصرون منهم على الذى ‪ُ ،‬يحيون بكتاب ال الموتى ‪ ،‬وُيبصرون بنور ال أهل العمى ‪ ،‬فكم من‬

‫قتيل لبليس قد أحيوه ‪ ،‬وكم من ضال تائه قد هدوه ‪ ،‬فما أحسن أثرهم على الناس ‪ ،‬وأقبح أثر الناس‬

‫عليهم ‪ ،‬ينفون عن كتاب ال تحريف الغالين ‪ ،‬وانتحال المبطلين ‪ ،‬وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية‬

‫البدع ‪ ،‬وأطلقوا عقال الفتنة ‪ ،‬ويتكلمون بالمتشابه من الكلم ويخدعون جهال الناس بما يشبهون‬

‫عليهم ‪ ،‬فنعوذ بال من فتن الضالين ‪(1) .‬‬

‫وأشهد أن ل إله إل ال القائل في كتابه ‪ :‬يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن‬

‫إثم و ل تجسسوا و ل يغتب بعضكم بعضًا ‪)  .....‬الحجرات‪ :‬من الية ‪. (12‬‬

‫وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ‪ ،‬وصفيه وخليله ‪ ،‬وخيرته من خلقه ‪ ،‬بلغ الرسالة وأدى المانة ‪،‬‬

‫ونصح المة وجاهد في ال حق جهاده ‪ ،‬فصلى ال عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ‪،‬‬

‫وعلى من تبعهم بإحسان واقتفى أثرهم إلى يوم الدين ‪ ،‬وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين ‪.‬‬

‫)‪ ( 1‬من مقدمة المام أحمد بن حنبل – رحمه ال – في كتابه الرد على الزنادقة والجهمية ‪ ،‬بتصرف ‪.‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪8‬‬
‫‪3‬‬
‫أما بعد ‪....‬‬

‫وكيف أبدأ ؟!‬ ‫من أين أبدأ ؟!‬

‫وكيف المخرج ؟!‬ ‫ما القضية ؟!‬

‫يا حي يا قيوم‬ ‫يا ال‬ ‫يا رب‬

‫واهد ضالنا‬ ‫واكشف غمنا‬ ‫أفرج همنا‬

‫واجمع على الحق كلمتنا ووحد على الهدى صفنا ‪ ،‬واغفر لنا واحمنا أنت مولنا فانصرنا على القوم‬

‫الكافرين ‪.‬‬

‫ففي الونة الخيرة ظهرت عاصفة هوجاء ‪ ،‬وفتنة عمياء ‪ ،‬طمت وعمت في ساحة الشباب المستقيم‬

‫تشككهم في دعاتهم وعلمائهم بسبب خلفات فرعية مما يسع الجتهاد فيها ‪ ،‬فانبرت لخطائهم القلم‬

‫ولزلتهم وجهت السهام ‪ ،‬دون رقيب أو حسيب ‪ ،‬تشهيرًا وتنفيرًا ‪ ،‬وحسدًا وحقدًا لتنزل عليهم كل‬

‫وصف شنيع وقول فظيع ‪ ،‬عياذا بال من هذا الصنيع ‪ ،‬حمل لواءها فئام لئام من الدعياء تظاهروا –‬

‫أمام الناس – بعلم العلماء وحكمة الحكماء في الشكل والظاهر بلباس باهر في تنسك فاجر ‪ ،‬فزعمت‬

‫النصح والنقد البناء ‪ ،‬وتصحيح الخطاء ‪ ،‬ولكنه الجرح والفضح ‪ ،‬فضلوا الطريق ‪ ،‬فصدق عليهم "‬

‫وكم من مريد للخير ل يبلغه " وعلى إثرها انقسم الشباب تجاه الدعاة والعلماء ‪ ،‬وتفرقت كلمتهم‬

‫ما بين مادح أو قادح ‪ ،‬وما بين ذاب أو ساب ‪ ،‬وما بين مبشر أو محذر ‪ ،‬فتلشت بينهم النصيحة وفشت‬

‫القطيعة ‪ ،‬فقّل الئتلف وطّل الختلف ‪ ،‬وبدأ نور الوفاق يخبو ‪ ،‬ونار الفراق تربو ‪ ،‬فاتسعت‬

‫الفجوة وحلت الجفوة ‪.‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪9‬‬
‫‪3‬‬
‫فعندها صار الفرح إلى ترح ‪ ،‬وحّل القرح ‪ ،‬واتسع الجرح ‪ ،‬فسال دمًا ‪ ،‬وأعقب ندمًا ‪،‬‬

‫فبلغ السيل الزبى فإلى ال المشتكى ‪ ،‬وحسبنا ال ونعم الوكيل على من سلك طريق التضليل ‪ ،‬أو أراد‬

‫بنا البطش أو التنكيل ‪.‬‬

‫والحق أنه ليس لدي رغبة في المنازلة ‪ ،‬ول شهوة في المجادلة ‪ ،‬لن العقلء ل يمارون السفهاء ‪،‬‬

‫ل في حال السيف‬
‫ول ينازلون الطعناء ‪ ،‬امتثاَل لقول ‪ ) :‬ومن اللباقة مجانبة أرباب الحماقة ( وتأم ً‬

‫ينقص قدره إذا قيل ) السيف أمضى من العصا ( ‪.‬‬

‫فزاد ترددي كثيرًا ‪ ،‬وتأملي طويل في هذه الفتنة المطلة بأفكارها المضلة ‪.‬‬

‫وسألت نفسي مرارًا ‪ ،‬وأعدته عليها تكرارًا ‪.‬‬

‫هل أسطر فأنشر ؟! ‪ ......‬أو أحجم فأكتم ؟!‬

‫أروي أم أطوي ؟! ‪ .......‬أعرض الخفايا أم ُأ عرض عن الرزايا ؟!‬

‫فجاء الجواب أن حرر الخطاب بكل أمانة وصواب ‪ ،‬عسى أن يكون هداية لولي اللباب بما حواه‬

‫من سؤال وجواب ‪ ،‬نعمة من منزل الكتاب ‪ ،‬ومنة من مسبب السباب ‪ ،‬مجتنبا فيه السباب خشية أن‬

‫أكون به مغتابًا ‪.‬‬

‫فبكل السى والحزن أسطر قصة ربيبة الفتن )‪ (1‬التي أظهرت ما في النفوس قد بطن ‪ ،‬فلفظته ألسن‬

‫ممزوجة بالعفن ‪ ،‬في أنجس لحن لتبيع الغالي بأبخس ثمن ‪ ،‬والتي بسببها انتهكت حرمة العراض ‪ ،‬وهي‬

‫إحدى الحرمات الثلث – الدم ‪ ،‬والمال ‪ ،‬والعرض – والذي أخشاه ول أتمناه أن يؤول المر إلى استباحة ما‬

‫بقي من الحرمات الثلث ‪.‬‬

‫)‪ (1‬أسميتها ربيبة الفتن أو شريكة الفتن لنها جمعت من كل فتنة بلية وشاركتها مشابهة لهم فيها ‪،‬‬
‫وسابين هذا في خلصة الحقائق –إن شاء ال ‪. -‬‬
‫)‪(2‬‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪10‬‬
‫‪3‬‬
‫فمع القضية المهينة والقصة المشينة من جذورها النتنة ومرورًا بفروعها النكرة إلى ثمارها النكدة ‪،‬‬

‫في رسالة خفيفة بعبارة لطيفة ‪ ،‬وهيئة ظريفة في خطوة جريئة ‪ ،‬وكلمات بريئة ‪ ،‬لدفع الصائل‬

‫وإجابة السائل ‪ ،‬بخطورة التصنيف المهين المبني على الظن ل اليقين ‪ ،‬كتبتها بالبنان هداية للحيران‬

‫من غواية الشيطان ‪ ،‬راجيًا من ربي العفو والغفران ‪ ،‬والنجاة من النيران ‪ ،‬والفوز بالمنازل العليا في‬

‫الجنان ‪ ،‬موسومة بعنوان " كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية ‪ ،‬سؤال وجواب هداية لولي‬

‫اللباب " ‪.‬‬

‫احتوت على خمسة عشر سؤاًل وجوابًا ‪ ،‬كل سؤال وجواب يضيء فيكشف لك حقيقة ‪ ،‬وسؤال‬

‫وجواب آخر فيكشف لك حقيقة أخرى عن أولئك الدعياء ‪ ،‬حتى إذا بلغت نهاية العقد ‪ ،‬اكتمل الضياء‬

‫وسرى السناء في كافة الرجاء ‪ ،‬كنور البدر ليلة الخامسة عشر ‪ ،‬وقد تجلت أمام ناظريك جل‬

‫الحقائق الخفية عند مدعي السلفية ‪.‬‬

‫وبهذه الكلمات التي سطرت ‪ ،‬أحتسب عند ال أنها كلمات الهداية إلى طريق الهداية ‪ ،‬وأني لولئك‬

‫نصحت ‪ ،‬وفي إطفاء جذوة الفتنة أسهمت ‪ ،‬وللبدعة قمعت )‪ ، (1‬وللحقائق كشفت ‪ ،‬وللشمل جمعت ‪،‬‬

‫وللشبهات المترددة فندتها بأقوال العلماء المسددة فيها ‪،‬‬

‫) ‪ (1‬أعني بالفتنة هي فتنة التجريح والتبديع لهل السنة وتصنيفهم إلى فرق وأحزاب وجماعات ‪ ،‬والبدعة هي بدعة امتحان‬
‫الناس بالشخاص ‪ .‬انظر مزيد توضيح في هذا الجانب رسالة ) الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع وبيان خطرها (‬
‫للشيخ ‪ /‬عبد المحسن العباد البدر ص ) ‪. ( 71– 58‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪11‬‬
‫‪3‬‬
‫كما أنني ل أدعي في هذا المقام التأليف أو التصنيف ‪ ،‬وإنما الجمع والنتقاء لقوال الدعاة والعلماء‬

‫لتكون نبراسًا من السناء وباقة من الهداء ‪.‬‬

‫ل ويرزقنا اجتنابه ‪ ،‬وأن يمن‬


‫وال أسأل أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه ‪ ،‬وأن يرينا الباطل باط ً‬

‫علينا بالسمع والطاعة ولزوم أمر الجماعة ‪ ،‬وبالخلص في القول والعمل ‪ ،‬وأن يوفقنا إلى الصواب‬

‫من العلم والقول والعمل ‪.‬‬

‫ول تنس – أخي الحبيب – أن هذا العمل ل يخرج عن جهد الطاقة البشرية ‪ ،‬من محطة المحاولة‬

‫والجتهاد عبر قطبي ) الخطأ والصواب ( ‪ ،‬فكن ناصحًا ول تكن فاضحاً ‪ ،‬ومسددًا ل منددًا ‪ ،‬وانظر‬

‫له بعين الرضا ‪ ،‬فعين الرضا عن كل عيب كليلة ‪ ،‬وإياك وعين السخط فإنها تبدي لك المساوي ‪.‬‬

‫جّل من ل عيب فيه وعل‬ ‫فإن وجدت عيبًا فسد الخلل‬

‫هذا فما كان من صواب فمن ال الواحد المنان ‪ ،‬وما كان من زلل أو نقصان فمن نفسي والشيطان ‪،‬‬

‫وال ورسوله منه بريئان ‪ ،‬وال المستعان ‪ ،‬وعليه التكلن ‪.‬‬

‫وال الهادي إلى سواء السبيل ‪ ،‬والحمد ل رب العالمين ‪.‬‬

‫وكتبه أخوك المحب لك ‪:‬‬


‫عبد العزيز بن سريان العصيمي‬
‫مكة المكرمة "حرسها ال "‬
‫ص ‪ .‬ب ‪26888 /‬‬
‫الرمز ‪21955 /‬‬
‫في ‪ 1425 / 5 / 15‬هـ‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪12‬‬
‫‪3‬‬

‫دواعي الرسالة‬

‫س ‪ / 1‬لماذا هذه الرسالة ؟‬

‫ج ‪ /‬كتبت هذه الرسالة لكل باحث عن الحقيقة الخفية عند مدعي السلفية ‪ ،‬ولمن يريد أن يقف على‬
‫) ‪(1‬‬

‫خطورة هذا الفكر المنحرف والمسلك الضال ‪ ،‬والفتنة العمياء التي لم تمر في تاريخ السلم منذ‬

‫بزوغ فجره قط إل في عصرنا هذا على أيدي فئة ادعت " السلفية " فكادت لعلمائها ودعاتها من أهل‬

‫السنة والجماعة بالحط من قدرهم والنيل من أعراضهم بكلمات بذيئة ونشرات خبيثة ‪.‬‬

‫وكتبت هذه الرسالة – أيضًا – نصرة للظالم والمظلوم ‪ ،‬نصرة للظالم بالخذ على يده ‪ ،‬وإبداء النصح‬

‫له ‪ ،‬وتحذيره من مغبة هذا الظلم ‪ ،‬ومن نقمة ال وسخطه عليه في الدنيا والخرة ‪ ،‬فالتوبة التوبة من‬

‫الجور والحيف ‪ ،‬وإن كثر أعوانه ‪.‬‬

‫ونصرة للمظلوم بردع الظالم عنه ‪ ،‬والذب عن عرضه ‪ ،‬وتذكيره بموعود ال لمن صبر واحتسب‬

‫ولو بعد حين ‪ ،‬فالثبات الثبات على الحق وإن خالفك الخلق ‪ ،‬أو قل إخوانه ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ‪ /‬بكر بن عبد ال أبو زيد ) رحمه ال ( ‪:‬‬

‫" وفي عصرنا الحاضر يأخذ الدور في هذه الفتنة دورته في مسلخ من المنتسبين إلى السنة ‪،‬‬

‫متلفعين بمرط ينسبونه إلى السلفية ظلمًا لها ‪ ،‬فنصبوا أنفسهم لرمي الدعاة بالتهم الفاجرة المبنية على‬
‫)‪( 2‬‬
‫الحجج الواهية ‪ ،‬واشتغلوا بضللة التصنيف "‬

‫)‪ (1‬لست أول من كتب عن هذه الفتنة ‪ ،‬انظر مأجورًا غير مأمور إلى كتاب " تصنيف الناس بين الظن واليقين " للعلمة د‪.‬‬
‫بكر أبو زيد رحمه ال ‪ ،‬ورسالة " رفقًا أهل السنة بأهل بالسنة " ورسالة " الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع‬
‫وبيان خطرها " للشيخ ‪ /‬عبد المحسن العباد البدر ‪ ،‬حفظه ال ‪.‬‬
‫)‪ (2‬تصنيف الناس بين الظن واليقين ‪ ،‬بكر أبو زيد ‪ ،‬ص ) ‪. ( 28‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪13‬‬
‫‪3‬‬
‫وقال أيضًا ‪ .... " :‬حين سرت إلى عصرنا ظاهرة الشغب هذه إلى من شاء ال من المنتسبين إلى‬

‫السنة ودعوى نصرتها ‪ ،‬فاتخذوا التصنيف بالتجريح دينًا وديدنا " ‪.‬‬

‫فيا ل كم جرت هذه الفتنة العمياء شباب المة إلى الوقوع في مسالك الضلل والتضليل ‪ ،‬والترويع‬

‫والتبديع ‪ ،‬والتنفير والتكفير ‪ ،‬والفساد والفساد في الرض بدعوى الصلح والصلح ل يكون‬

‫بالفساد في الرض ‪.‬‬

‫وقال أيضًا ‪ ":‬وهذا النشقاق في صف أهل السنة لول مرة ‪ ،‬حسبما نعلم يوجد في المنتسبين إليهم‬

‫من يشاقهم ‪ ،‬ويجند نفسه لمثافنتهم والوقوف في طريق دعوتهم ‪ ،‬وإطلق العنان للسان يفري في‬
‫‪.‬‬ ‫) ‪(1‬‬
‫أعراض الدعاة ‪ ،‬ويلقي في طريقهم العوائق في عصبية طائشة‬

‫فهذا ‪ -‬يا أخي ‪ -‬فيض من غيظ ‪ ،‬وقليل من كثير من بليا ورزايا هذه الفتنة ‪ ،‬لذا فإن كشف الحقائق‬

‫والدواء والهواء ونقد المقالت المخالفة للكتاب والسنة ‪ ،‬وإجماع المة ‪ ،‬وتحذير الناس منها سنة‬

‫ماضية في تاريخ المسلمين ‪ ،‬وإنكارها والتصدي لها واجب شرعي يجب أخذه في العتبار ‪ ،‬وأما‬

‫ترك الفتنة تموج وتعصف بالشباب دون رد وبيان ‪ ،‬أو مناصحة ومكاشفة ‪ ،‬أو حوار هادف معهم ‪،‬‬

‫فهذا عين الخطأ ومكمن الغلط ‪ ،‬ولكي ل يتسع الخرق على الراقع ‪.‬‬

‫) ‪ (1‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. ( 40 ، 39 ) ،‬‬


‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪14‬‬
‫‪3‬‬
‫إلى أن قال ‪ " :‬إن تحرك هؤلء الذين يجولون في أعراض العلماء اليوم سوف يجرون – غدًا –‬

‫شباب المة إلى مرحلتهم الثانية ‪:‬‬

‫الوقيعة في أعراض الولة من أهل السنة ‪ ،‬وقد قيل ‪ ):‬الحركة ولود والسكون عاقر(‪ ،‬وهو أسوأ أثر‬

‫يجره المنشقون ‪ ،‬وهذا خرق آخر بجانب العتقاد الواجب في موالة ولي أمر المسلمين منهم ‪.‬‬

‫قال الطحاوي – رحمه ال ‪ -‬في شرح الطحاوية ‪:‬‬

‫) ول نرى الخروج على أئمتنا وولة أمورنا ‪ ،‬وإن جاروا ‪ ،‬ول ندعوا عليهم ‪ ،‬ول ننزع يدًا من‬

‫طاعتهم ‪ ،‬ونرى طاعتهم من طاعة ال – عز وجل – فريضة ما لم يأمروا بمعصية ‪.‬‬

‫وندعوا لهم بالصلح والمعافاة ‪ ،‬ونتبع السنة والجماعة ‪ ،‬ونتجنب الشذوذ والخلف والفرقة " ‪.‬‬
‫) ‪(1‬‬

‫وهذا الذي يجب على كل مسلم أن يعتقده ويدين ال به ‪ ،‬وأما الطعن في الدعاة والعلماء ‪ ،‬والنيل من‬

‫أعراضهم والخروج عن السمع والطاعة وأمر الجماعة ‪ ،‬والولوج في الطوائف والحزاب ‪ ،‬وشق‬

‫عصا الطاعة لولة المر ‪ ،‬فهذا عين كل شر وفساد ‪ ،‬وكل بلء وخراب ‪ ،‬وسفك وإرهاب ‪.‬‬

‫قال ال – جل وعل ‪  : -‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم ‪. ( (2..‬‬

‫فأولي المر هم العلماء والمراء فطاعتهم واجبة في غير معصية ال وهي من طاعة ال ورسوله‪.‬‬

‫) ‪ (1‬المرجع السابق ‪ ،‬ص )‪. (54‬‬


‫) ‪ (2‬سورة النساء ‪ ،‬الية )‪. (59‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪15‬‬
‫‪3‬‬
‫قضية الدعياء‬

‫س ‪ / 2‬ما أساس القضية عند هؤلء الدعياء ؟‬

‫ج ‪ /‬أساس القضية الصلية عندهم تنحصر في شبهة أو شهوة لديهم ‪ ،‬وهي حصر المنهج السلفي في‬

‫مسائل معينة وعلى فهم شخص واحد أو أشخاص معينين من المعاصرين ‪ ،‬ومن خالفهم في هذه‬

‫المسائل – التي ل يخرج أكثرها عن مسائل الجتهاد المعتبر – فهو خارج عن المنهج السلفي ‪،‬‬

‫ومنابذ لهل التوحيد والسنة ‪ ،‬ومناصر لهل الهواء والبدع ‪ ،‬وذلك لعدم فقههم في كيفية التعامل مع‬

‫المخالف لهوائهم ‪.‬‬

‫والحق والعدل في ذلك أن الدعوة السلفية منهج شامل متكامل في العقيدة والفقه والسلوك والعبادة ‪،‬‬

‫والخلق والدعوة ‪ ،‬والعلم والتربية ‪ ،‬والتأليف والتصنيف ‪ ،‬والنقد والحكم على الخرين ‪ ،‬فمن طبق‬

‫المنهج السلفي بتكامله وشموله كان سلفيًا حقًا ‪ ،‬ومن أخذ بالمنهج في بعض الجوانب دون الباقي ‪،‬‬

‫كان سلفيا في ما أخذ وطالبناه بالباقي ‪.‬‬

‫يقول الشيخ العلمة د‪ .‬صالح بن فوزان الفوزان ) حفظه ال ( ‪:‬‬

‫" هناك من يدعي أنه على مذهب السلف لكن يخالفهم ‪ ،‬يغلوا ويزيد ‪ ،‬ويخرج عن طريقة السلف ‪،‬‬

‫ومنهم من يدعي أنه على مذهب السلف ويتساهل ويضيع ويكتفي بالنتساب ‪.‬‬

‫الذي على منهج السلف يعتدل ويستقيم بين الفراط والتفريط ‪ ،‬هذه طريقة السلف ل غلو ول تساهل ‪،‬‬

‫ولهذا قال ال تعالى ‪ ...  :‬والذين اتبعوهم بإحسان ‪ ..‬‬

‫فإذا أردت أن تتبع السلف ل بد أن تعرف طريقتهم ‪ ،‬فل يمكن أن تتبع السلف إل إذا عرفت طريقتهم‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪16‬‬
‫‪3‬‬
‫وأتقنت منهجهم من أجل أن تسير عليه ‪ ،‬وأما مع الجهل فل يمكن أن تسير على طريقتهم وأنت‬

‫تجهلها ول تعرفها ‪ ،‬أو تنسب إليهم ما لم يقولوه ولم يعتقدوه ‪ ،‬تقول ‪ :‬هذا مذهب السلف ‪ ،‬كما يحصل‬

‫من بعض الجهال – الن – الذين يسمون أنفسهم )سلفيين( ثم يخالفون السلف ‪،‬ويشتدون ويكفرون ‪،‬‬

‫ويفسقون ويبدعون ‪.‬‬

‫السلف ما كانوا يبدعون ويكفرون ويفسقون إل بدليل وبرهان ‪ ،‬ما هو بالهوى أو الجهل ‪ ،‬إنك تخط‬

‫خطة وتقول ‪ :‬من خالفها فهو مبتدع ‪ ،‬فهو ضال ‪ ،‬ل – يا أخي – ما هذا بمنهج السلف ‪.‬‬

‫منهج السلف العلم والعمل ‪ ،‬العلم أوًل ثم العمل على هدى ‪ ،‬فإذا أردت أن تكون سلفيًا حقًا فعليك أن‬

‫تدرس مذهب السلف بإتقان ‪ ،‬وتعرفه ببصيرة ‪ ،‬ثم تعمل به من غير غلو ومن غير تساهل ‪ ،‬هذا‬
‫)‪(1‬‬
‫‪.‬‬ ‫منهج السلف الصحيح ‪ ،‬أما الدعاء والنتساب من غير حقيقة فهو يضر ول ينفع "‬

‫فإلى هؤلء أقول ‪:‬‬

‫ل على ضوء الكتاب والسنة بل إفراط ول‬


‫كونوا دعاة ل أدعياء ‪ ،‬ادعوا إلى السلفية الحقة قوًل وعم ً‬

‫تفريط ‪ ،‬ول تّدعوا السلفية قوًل بل عمل ‪.‬‬

‫بـيـنــات أبنـاؤهـا أدعـيـــاء‬ ‫والدعاوى ما لم يقـيمـوا عليهـا‬

‫)‪ (1‬من إجابات الشيخ على أسئلة الحضور في شرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬لعام ‪ 1425‬هـ ‪ ،‬وهــو مســجل علــى شــريط‬
‫حول هذا الموضوع ‪.‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪17‬‬
‫‪3‬‬
‫شعار الدعياء‬
‫س ‪ / 3‬ما هو شعار هؤلء الدعياء ؟‬
‫ج ‪ /‬شعارهم ادعاء )) السلفية (( أو قولهم ‪ " :‬نحن سلفيون " أو " أنا سلفي " أو يذيلون أسماءهم‬

‫بلقب ) السلفي ( في أختام مثل ) فلن بن فلن السلفي ( ‪ ،‬أو الثري وهكذا ‪ ،‬ادعاء مظهري خاوي‬

‫من المضمون الجوهري ‪.‬‬

‫سئل صاحب الفضيلة العلمة د‪ .‬صالح بن فوزان الفوزان ) حفظه ال ( هذا السؤال ‪/‬‬

‫بعض الناس يختم اسمه ) بالسلفي (أو ) الثري ( فهل هذا من تزكية النفس أو هو موافق للشرع ؟‬

‫الـجــواب ‪:‬‬

‫" المطلوب أن النسان يتبع الحق ‪ ،‬المطلوب أن النسان يبحث عن الحق ويطلب الحق ويعمل به ‪،‬‬

‫أما أنه يتسمى بأنه ) سلفي ( أو ) أثري ( أو ما أشبه ذلك فل داعي لهذا ‪ ،‬ال يعلم سبحانه وتعالى‬

‫‪ ‬قل أتعلمون ال بدينكم وال يعلم ما في السماوات وما في الرض وال بكل شيء عليم‪‬‬

‫فالتسمي ) سلفي ‪ ،‬أثري ( أو ما أشبه ذلك ‪ ،‬هذا ل أصل له ‪ ،‬نحن ننظر إلى الحقيقة ول‬

‫ننظر إلى القول والتسمي والدعاوى ‪ ،‬قد يقول أنه سلفي وما هو بسلفي ‪ ،‬أو أثري وما‬

‫هو بأثري ‪ ،‬وقد يكون سلفيًا أو أثريًا وهو ما قال إنه أثري أو سلفي ‪.‬‬

‫فالنظر إلى الحقائق ل إلى المسميات ول إلى الدعاوى ‪ ،‬وعلى المسلم أن يلزم الدب مع‬

‫ال سبحانه وتعالى ‪ ،‬لما قالت العراب ‪  :‬آمنا ‪ ‬أنكر ال عليهم‪ ‬قالت العراب آمنا قل لم‬

‫تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ‪ ‬ولكن قولوا أسلمنا ‪ ،‬ال أنكر عليهم أن يسمون‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪18‬‬
‫‪3‬‬
‫ويصفون أنفسهم باليمان وهم ما بعد وصلوا لهذه المرتبة ‪ ،‬أعراب جاءوا من البادية ويدعون أنهم‬

‫صاروا مؤمنين على طول ‪ ،‬ل ‪ .‬أسلموا دخلوا في السلم ‪ ،‬وإذا استمروا وتعلموا دخل اليمان في‬

‫قلوبهم شيئًا فشيئًا‪ ‬ولما يدخل اليمان في قلوبكم ‪ ‬وكلمة ) لما ( للشيء الذي يتوقع ‪ ،‬يعني‬

‫سيدخل اليمان ‪ ،‬لكن أنك تدعيه من أول مرة هذه تزكية للنفس ‪.‬‬

‫فل حاجة أنك تقول ‪ " :‬أنا سلفي ‪ ،‬أنا أثري " أنا كذا ‪ ،‬أنا كذا ‪ ،‬عليك أن تطلب الحق وتعمل به‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ .‬انتهى كلمه ) حفظه ال ( ‪.‬‬ ‫وتصلح النية ‪ ،‬وال الذي يعلم – سبحانه ‪ -‬الحقائق "‬

‫وكم لهذا الشعار من أثار على من يحمله ‪ ،‬فهو يولد عند حديثي السنان من السفهاء استعلء التدين‬

‫على إخوانهم ‪ ،‬والزهو والغرور بالنتساب إلى السلفية ‪ ،‬وأنه أصبح اسمه ) فلن السلفي ( ‪ ،‬وبهذا‬

‫الشعار يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا بأنهم قد نجوا من الفرق الهالكة ‪ ،‬وأصبحوا في عداد الفرقة‬

‫الناجية أو الطائفة المنصورة ‪ ،‬فُيصّبرون من تبعهم بها على ضللهم ‪.‬‬

‫فيا ل من هذا الُعجب الذي أتى بالعجب ‪.‬‬

‫) ‪ (1‬المرجع السابق ‪.‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪19‬‬
‫‪3‬‬

‫وانظر إلى هؤلء الدعياء كيف تجرؤا على أن ينجوا أنفسهم بأنفسهم ‪ ،‬ويهلكوا إخوانهم بزعمهم ؟!‬

‫وال سبحانه وتعالى يقول ‪:‬‬

‫إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ‪ ، ‬النحل ‪. 125‬‬ ‫‪‬‬

‫ثم اعلم أنه ل يلجأ إلى تزكية النفس إل ضعيف النفس ‪ ،‬مقبل على شهواتها ‪ ،‬مغفل عن دسائسها‬

‫وأما عالي الهمة فيعلم أنها من ال منة ونعمة ‪ ،‬فيسترها بالتواضع ‪ ،‬لن كل ذي نعمة محسود ‪.‬‬

‫فإلى هؤلء الدعياء أقول ‪:‬‬

‫كفوا عن هذه الدعاوى فإنها تحزب وهراء‪،‬وكفوا عن رمي إخوانكم بالحزبية فإنه كذب وافتراء ‪.‬‬

‫‪. (‬‬ ‫‪(2‬‬


‫هذا هو الحق وإل ‪ ‬فما ذا بعد الحق إل الضلل فأنى تصرفون‬

‫أعني بتزكية النفس هو مدحها ورفعها فوق منزلتها ‪ ،‬وأما تزكيتها بالطاعة وتطهيرها من المعصية ‪ ،‬فهذا‬ ‫)‪(1‬‬
‫مطلب شرعي لقوله تعالى ‪ ‬قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ‪ ‬الشمس ) ‪. ( 10 ، 9‬‬
‫يونس ‪ ،‬الية ‪. ( 32 ) :‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪20‬‬
‫‪3‬‬

‫الوظيفة البليسية‬

‫س ‪ / 4‬ما هو العمل الرئيس الذي يجمعهم وتعرفهم به ؟‬

‫ج ‪ /‬عملهم الرئيس هو ) تصنيف الناس ( على حسب الهوى والوسواس ‪ ،‬وهو شغلهم الشاغل في‬

‫مجالسهم ومنتدياتهم ‪ ،‬وعملهم الدؤوب الذي ل يحسنون غيره بإتقان ومهارة ‪.‬‬

‫فلو سألتني ماذا تقصد بالتصنيف ؟‬

‫فسأجيبك بما قاله العلمة ‪ /‬بكر أبو زيد ) رحمه ال ( ‪:‬‬

‫" ول يلتبس هذا الصل السلمي بما تراه مع بلج الصبح ‪ ،‬وفي غسق الليل من ظهور ضمير أسود‬

‫وافد من كل فج استعبد نفوسًا بضراوة أراه ‪ ) :‬تصنيف الناس ( وظاهرة عجيب نفوذها هي ) رمز‬

‫الجراحين ( أو ) مرض التشكيك وعدم الثقة ( حمله فئام غلظ من الناس يعبدون ال على حرف ‪،‬‬

‫فألقوا جلباب الحياء ‪ ،‬وشغلوا به أغرارًا التبس عليهم المر فضلوا وأضلوا ‪.‬‬

‫فلبس الجميع أثواب الجرح والتعديل ‪ ،‬وتدثروا بشهوة التجريح ونسج الحاديث ‪ ،‬والتعلق بخيوط‬

‫الوهام ‪ ،‬فبهذه الوسائل ركبوا ثبج التصنيف للخرين للتشهير والتنفير ‪ ،‬والصد عن سواء السبيل ‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق الواهي غمسوا ألسنتهم في ركام من الوهام والثام ‪ ،‬ثم بسطوها بإصدار التهم‬

‫والحكام عليهم ‪ ،‬والتشكيك فيهم وخدشهم ‪ ،‬وإلصاق التهم بهم ‪ ،‬وطمس محاسنهم ‪ ،‬والتشهير بهم ‪،‬‬

‫وتوزيعهم أشتاتًا وعزين في عقائدهم وسلوكهم ‪ ،‬ودواخل أعمالهم وخلجات قلوبهم ‪ ،‬وتفسير‬

‫مقاصدهم ‪ ،‬ونياتهم ‪ ،‬كل ذلك وأضعاف ذلك ما هنالك من الويلت ‪ ،‬يجري على طرفي التصنيف‬
‫)‪(1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الديني واللديني "‬

‫)‪ (1‬تصنيف الناس بين الظن واليقين ‪ ،‬د‪ .‬بكر أبو زيد ‪ ،‬ص ) ‪. (9‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪21‬‬
‫‪3‬‬
‫وقال ) رحمه ال ( عن هذه الوظيفة ‪ " :‬فيا ل كم لهذه الوظيفة البليسية من آثار موجعة للجراح نفسه‬

‫إذ سلك غير سبيل المؤمنين ‪ ،‬فهو لقى منبوذ آثم ‪ ،‬جان على نفسه ‪ ،‬وخلقه ‪ ،‬ودينه ‪ ،‬وأمته ‪ ،‬من كل‬

‫أبواب سوء القول قد أخذ بنصيب ‪ ،‬فهو يقاسم القاذف ‪ ،‬ويقاسم البهات ‪ ،‬والقتات والنمام والمغتاب‬

‫ويتصدر الوضاعين ‪ ،‬في أعز شيء يملكه المسلم ) عقيدته وعرضه ()‪. (1‬‬

‫قال تعالى ‪  :‬والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثمًا مبينًا ‪‬‬

‫فمثل هذا النقد الجارح الثم والخارج عن منهج الوسطية في النقد والحكم على الخرين ليس من‬

‫أخلق السلف الصالح في نصح إخوانهم من أهل السنة ‪.‬‬

‫قال المام الشعبي – رحمه ال ‪ " : -‬لو أصبت تسعًة وتسعين ‪ ،‬وأخطأت واحدة ‪ ،‬لخذوا الواحدة‬

‫وتركوا التسعة والتسعين " ‪.‬‬

‫ومثل هذه الصورة تبين لنا تمامًا حال العلماء والدعاة – قديمًا وحديثًا – فهم يصيبون ويخطئون بحكم‬

‫أنهم بشر ليسوا معصومين من الخطأ ‪ ،‬فيأتي بعض الجهلة ممن يريد أن ينتقدهم ‪ ،‬فيأخذ الواحدة‬

‫فيطير بها فرحًا ‪ ،‬وما ذاك إل أنه ناتج عن الحسد والحقد الذي ترسب وتغلغل في أعماق النفس‬

‫الضعيفة ‪ ،‬ودللة أيضًا على فساد القصد وسوء الظن بالخرين ‪.‬‬

‫)‪ (1‬المرجع السابق ‪ ،‬ص )‪. ( 23‬‬


‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪22‬‬
‫‪3‬‬
‫وسائل التصنيف‬

‫س ‪ / 5‬ما الوسائل التي يستخدمها الدعياء لتصنيف الناس ؟‬

‫ج ‪ /‬وسائلهم وطرقهم في التصنيف كثيرة وملتوية ‪ ،‬ول تنس أنهم يتقنونها بكل مهارة من أجل أن‬

‫يلبسوا عليك الحقيقة مستغلين في نفس الوقت عاطفتك وغيرتك على الحق ‪ ،‬حتى ترى الحق ضلًل ‪ ،‬والضلل حقًا‬

‫ول حول ول قوة إل بال‬

‫فإليك بعضًا من طرقهم ‪ ،‬مثل ‪:‬‬

‫" تحريك الرأس ‪ ،‬وتعويج الفم ‪ ،‬وصرفه والتفاته ‪ ،‬وتحميض الوجه ‪ ،‬وتجعيد الجبين ‪ ،‬وتكليح‬

‫الوجه ‪ ،‬والتغير والتضجر ‪ ،‬أو ُيسأل عنه ‪ ،‬فيشير إلى فمه ‪ ،‬أو لسانه معبرًا عن أنه كذاب أو بذي ‪.‬‬

‫إلى غير ذلك من أساليب التوهين بالشارة أو التحريك ‪.‬‬

‫شلت تلك اليمين عند حركة التوهين ظلمًا ‪......‬‬


‫أل ُ‬

‫صدعت تلك الجبين عند حركة التوهين ظلمًا ‪.....‬‬


‫و ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫ويا ليت بنسعة من جلد تربط بها تلك الشفة عند تعويجها للتوهين ظلماً "‬

‫فلنقل ‪ -‬أنا وأنت والمسلمون ‪ -‬آمين ‪ ...‬آمين ‪ ...‬آمين ‪.‬‬

‫فكلك عورات وللناس ألسن‬ ‫لسانك ل تذكر به عورة امرئ‬

‫ول در أبي العباس النميري ‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية – رحمه ال تعالى – إذ وضع النصال على‬

‫النصال في كشف مكنونات تصرفات الجراحين فقال ‪:‬‬

‫) ‪ (1‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. ( 11 ) ،‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪23‬‬
‫‪3‬‬
‫" ومنهم من يخرج الغيبة في قوالب شتى ‪ ،‬تارة في قالب ديانة وصلح ‪ ،‬فيقول ليس لي عادة أن‬

‫أذكر أحدًا إل بخير ‪ ،‬ول أحب الغيبة ‪ ،‬ول الكذب ‪ ،‬وإنما أخبركم بأحواله ‪ .‬ويقول ‪ :‬وال إنه مسكين‬

‫‪ ،‬أو رجل جيد ولكن فيه كيت وكيت ‪ ،‬وربما يقول ‪ :‬دعونا منه ال يغفر لنا وله ‪ ،‬وإنما قصده‬

‫استنقاصه وهضمًا لجنابه ‪ ...‬ومنهم من يخرج الغيبة في قالب تمسخر ولعب ليضحك غيره باستهزائه‬

‫ومحاكاته ‪ ،‬واستصغار المستهزأ به ‪ ،‬ومنهم من يخرج الغتمام فيقول ‪ :‬مسكين فلن ‪ ،‬غمني ما‬

‫جرى له ‪ ،‬وما تم له ‪ ،‬فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف ‪ ،‬وقلبه منطو على التشفي به ‪ ،‬ولو قدر‬

‫لزاد على ما به ‪ ،‬وربما يذكره عند أعدائه ليتشفوا به ‪.‬‬


‫)‪(1‬‬
‫‪.‬‬ ‫وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات ل ولخلقه "‬

‫يقول العلمة د‪ .‬صالح بن فوزان الفوزان ) حفظه ال ( ‪:‬‬

‫" إن الذين يسخرون من العلماء يريدون أن ُيفقدوا المة علماءها حتى ولو كانوا موجودين على‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الرض ‪ ،‬ما دام أنها قد نزعت منهم الثقة فقد فقدوا ‪ ...‬ول حول ول قوة إل بال "‬

‫المرجع السابق ‪ ،‬ص )‪ ، (12‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ابن تيمية )‪ ( 237 / 28‬بتصرف ‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫وجوب التثبت في الخبار واحترام العلماء ‪ ،‬ص )‪. (50‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪24‬‬
‫‪3‬‬

‫المبدأ الخبيث‬

‫س ‪ /‬ما هو المبدأ الذي يسير عليه هؤلء الدعياء ؟‬

‫ج ‪ /‬المبدأ – يا أخي – خبيث ونتن وهو ) إذا لم تكن معي فأنت ضدي ( ‪ ،‬إذا لم تقل مثلهم " أنا سلفي‬

‫" ولم تعاد من عادوه ‪ ،‬وتضلل من ضللوه ‪ ،‬وتبدع من بدعوه ‪ ،‬وتهجر من هجروه ‪ ،‬وتحذر كما‬

‫يحذرون ‪ ،‬وتقصي من أقصوه ‪ ،‬وتدني من أدنوه ‪ ،‬فأنت ضدهم وخارج عن المنهج السلفي كما‬

‫يزعمون ‪.‬‬

‫يقول العلمة الشيخ ‪ /‬محمد بن صالح العثيمين – رحمه ال ‪: -‬‬

‫" فمن الناس من يتحزب إلى طائفة معينة ‪ ،‬يقرر منهجها ‪ ،‬ويستدل عليه بالدلة التي قد تكون دلي ً‬
‫ل‬

‫ل له ‪ ،‬ويحامي دونها ويضلل من سواها ‪ ،‬وإن كانوا أقرب إلى الحق منها يضلل‬
‫عليه ‪ ،‬وقد تكون دلي ً‬

‫ي ( وهذا مبدأ خبيث " ) ‪ ( 1‬انتهى كلمه ‪.‬‬


‫‪ ،‬ويأخذ بمبدأ ) من ليس معي فهو عل ّ‬

‫فهؤلء ل يرضون عن أحد من الناس حتى يوافقهم على هواهم ويتبع مسلكهم هذا ‪ ،‬وإن بدا منهم‬

‫رضا عنك ‪ ،‬فهو رضا مظهري سرعان ما ينكشف عن الحقيقة الكامنة بمجرد مناقشتهم بالدليل‬

‫والنكار عليهم وترك مداهنتهم ‪.‬‬

‫ولعل هذا المبدأ الذي أخذوا به ناتج عن أسباب من أهمها ‪:‬‬

‫تحاملهم الشديد على العلماء والدعاة المصلحين في تضليلهم والتحذير منهم ‪ ،‬وإسقاطهم‬ ‫‪.1‬‬

‫من أعين الناس ‪.‬‬

‫وقوعهم في الحزبية التي نادوا بها تحت ستار ) السلفية ( ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫)‪ (1‬شرح رسالة ) حلية طالب العلم ( ‪ ،‬ابن عثيمين ‪ ،‬ص ) ‪. ( 381- 380‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪25‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ – 3‬ردة الفعل عندهم بسب الراء المخالفة لهوائهم ولما يدعون إليه ‪.‬‬

‫ل عن‬
‫‪ – 4‬شعورهم بالنبذ وعدم القبول لما يطرحونه من آراء شاذة لدى عامة الناس فض ً‬

‫المتعلمين منهم ‪.‬‬

‫أثاره ‪ /‬وبسبب تمسكهم بهذا المبدأ الخبيث وتشددهم فيه جرهم إلى مخالفة منهج السلف في‬

‫النقد والحكم على الخرين ‪ ،‬ومناقضة صريحة لشيخ السلم ابن تيمية – رحمه ال – في‬

‫أصول الحكم على المبتدعة – فكيف والمخالفين لهم هم أهل السنة ؟ !!! ‪ -‬والتي قررها في فتاويه‬

‫وردوده ولك أن تقدر وجه المخالفة بعد كل أصل من واقع مقالتهم وردودهم على إخوانهم من الدعاة‬

‫والعلماء الذين تسلطوا عليهم بغير حق إل اتباع الهوى وما تشتهيه النفس المريضة وهي ‪/‬‬

‫الصل الول ‪/‬‬

‫العتذار لهل الصلح والفضل عما وقعوا فيه من بدعة عن اجتهاد ‪ ،‬وحمل كلمهم المشكل‬

‫على أحسن محمل ‪.‬‬

‫الصل الثاني ‪/‬‬

‫عدم تأثيم مجتهد إذا أخطأ في مسائل أصولية أو فرعية ‪ ،‬وأولى من ذلك عدم تكفيره أو تفسيقه ‪.‬‬

‫الصل الثالث ‪/‬‬

‫عذر المبتدع المجتهد ‪ ،‬ل يقضي إقراره على ما أظهره من بدعة ‪ ،‬ول إباحة اتباعه ‪ ،‬بل يجب‬

‫النكار عليه فيما يسوغ إنكاره ‪ ،‬مع مراعاة الدب في ذلك ‪.‬‬

‫الصل الرابع ‪/‬‬

‫عدم الحكم على من وقع في بدعة ‪ ،‬أنه من أهل الهواء والبدع ‪ ،‬ول معاداته بسببها ‪ ،‬إل إذا‬

‫كانت البدعة مشتهرة ومغلظة عند أهل العلم بالسنة ‪.‬‬


‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪26‬‬
‫‪3‬‬
‫الصل الخامس ‪/‬‬

‫ل يحكم بالهلك جزمًا على أحد خالف في العتقاد أو غيره ‪ ،‬ول على طائفة معينة بأنها من الفرق‬

‫الضالة الثنتين والسبعين إل إذا كانت المخالفة غليظة ‪.‬‬

‫الصل السادس ‪/‬‬

‫التحري في حال الشخص المعين المرتكب لموجب الكفر أو الفسق ‪ ،‬قبل تكفيره أو تفسيقه ‪ ،‬بحيث ل‬

‫يكفر أحد ول يفسق إل بعد إقامة الحجة عليه ‪.‬‬

‫الصل السابع ‪/‬‬

‫الحرص على تأليف القلوب واجتماع الكلمة ‪ ،‬وإصلح ذات البين ‪ ،‬والحذر من أن يكون الخلف في‬

‫المسائل الفرعية العقدية والعلمية ‪ ،‬سببًا في نقض عرى الخوة ‪ ،‬والولء والبراء بين المسلمين ‪.‬‬

‫الصل الثامن ‪/‬‬

‫النصاف في ذكر ما للمبتدعة من محامد ومذام ‪ ،‬وقبول ما عندهم من حق ‪ ،‬ورد ما عندهم من باطل‬

‫‪ ،‬وأن ذلك سبيل المة الوسط ‪(1) .‬‬

‫هذا هو منهج السلف الصالح وإل ‪...‬فأي سلف لهم ؟ ! !!‬

‫)‪ (1‬انظر مستزيدًا مستفيدًا ‪ ) :‬أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ السلم ابن تيمية ( ‪ ،‬د‪ .‬أحمد‬
‫الحليبي ‪ ،‬دار الفضيلة ‪.‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪27‬‬
‫‪3‬‬
‫البضاعة المزجاة‬
‫س ‪ /7‬ماذا قدم هؤلء الدعياء للسلم والمسلمين ؟‬

‫ج ‪ /‬إن المتأمل في حالهم – ونعوذ بال من حالهم – أن بضاعتهم مزجاة ‪ ،‬ومن أجوافهم مرماة في‬

‫فتنة عمياء إلى سوق سوداء من الجهلة والسفهاء ‪ ،‬معروضة بأبخس ثمن ‪ ،‬وأنجس لحن ‪ ،‬رأس مالها‬

‫تصيد الخطاء بحجة النقد البناء ‪ ،‬والربح من ورائها التحذير والتنفير من العلماء والدعاة إلى ال‬

‫للصد عن سبيل ال باسم الدفاع عن العقيدة ونصرة الحق ‪ ،‬فلبسوا على الخلق حقيقة الحق ‪.‬‬

‫ولم يقدموا من المؤلفات سوى الردود الرديئة ‪ ،‬ببشاعة اللفاظ مليئة ‪ ،‬فل عدل لديهم ول إنصاف سوى‬

‫النصل بأقبح الوصاف ‪.‬‬

‫" فيا أخي إحذر ) الفتانين ( دعاة الفتنة الذين يتصيدون العثرات وسيماهم ‪/‬‬

‫جعل الدعاة تحت مطارق النقد ‪ ،‬وقوارع التصنيف ‪ ،‬موظفين لذلك ‪:‬‬

‫الحرص على تصيد الخطاء ‪ ،‬وحمل المحتملت على المؤاخذات ‪ ،‬والفرح بالزلت والعثرات ‪،‬‬

‫ليمسكوا بها بالحسد ‪ ،‬والثلب واتخاذها دينًا ‪.‬‬

‫وهذا من أعظم التجني على أعراض المسلمين عامة وعلى الدعاة منهم خاصة ‪.‬‬

‫وسيماهم أيضًا ‪ :‬توظيف النصوص في غير مجالها ‪ ،‬وإخراجها في غير براقعها ‪ ،‬لتكثير الجمع ‪،‬‬

‫والبحث عن النصار ‪ ،‬وتغرير الناس بذلك ‪.‬‬


‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪28‬‬
‫‪3‬‬
‫فإذا رأيت هذا القطيع فكبر عليهم ‪ ،‬وولهم ظهرك ‪ ،‬وإن استطعت صد هجومهم وصيالهم‬

‫فهو من دفع الصائل ‪.‬‬

‫واعلم أن ) تصنيف العالم الداعية ( وهو من أهل السنة ‪ ،‬ورميه بالنقائص ‪ ،‬ناقض من نواقض‬

‫الدعوة ‪ ،‬وإسهام في تقويض الدعوة ‪ ،‬ونكث الثقة ‪ ،‬وصرف الناس عن الخير ‪ ،‬وبقدر هذا الصد ينفتح‬

‫السبيل للزائغين " )‪(1‬‬

‫ومن المعلوم أن أهل السنة والجماعة ل يكفرون ول يضللون ‪ ،‬ول يبدعون بعضهم بعضًا إل بدليل‬

‫وبرهان ‪ ،‬وإقامة حجة ‪ ،‬ل بالهوى والتعصب ‪ ،‬وإنما يخطئون من وقع في الخطأ مجتهدًا مع التماس‬

‫العذر له ‪ ،‬والعفو عن زلته ‪ ،‬والدعاء له بالمغفرة ‪ ،‬والترحم على من مات منهم ‪.‬‬

‫وهؤلء الدعياء الذين اشتغلوا بضللة التصنيف وقعوا في مخالفة السلف ‪ ،‬وابتعدوا عن المنهج‬

‫القويم ‪ ،‬فضلوا وأضلوا في هذا عن الحق والصواب ‪ ،‬فكان هم أحدهم وجل بضاعته التحذير والتنفير‬

‫من العلماء الربانيين ‪ ،‬والدعاة المخلصين ‪ ،‬بحجة الدفاع عن الحق والعقيدة ‪ ،‬وما علموا أنه ضياع‬

‫للحق وخداع للخلق ‪ ،‬وإشاعة للفاحشة بين المؤمنين ‪ ،‬وأذية لهم ‪ ،‬وهم بهذا قطاع طرق الفادة من‬

‫العلماء والدعاة ‪ ،‬وهم غزاة العراض بالمراض ‪.‬‬

‫)‪ (1‬تصنيف الناس بين الظن واليقين ‪ ،‬للعلمة د‪ .‬بكر أبو زيد ‪ ،‬ص‪. ( 79 – 78 ) :‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪29‬‬
‫‪3‬‬
‫آثار فتنة التصنيف‬
‫س ‪ / 8‬ما البلء الذي جرته فتنة الدعياء على السلم والمسلمين ؟‬

‫ج ‪ /‬وهذا بلء عريض ‪ ،‬وفتنة مضلة في تقليص ظل الدين ‪ ،‬وتشتيت جماعته ‪ ،‬وزرع البغضاء‬

‫بينهم ‪ ،‬وإسقاط حملته من أعين الرعية ‪ ،‬وما هنالك من العناد وجحد الحق تارة ورده تارة أخرى‪.‬‬

‫وصدق الئمة الهداة ‪:‬‬

‫إن رمي العلماء بالنقائص ‪ ،‬وتصنيفهم البائس من البينات فتح باب زندقة مكشوفة ‪.‬‬

‫ويا ل كم صدت هذه الفتنة العمياء عن الوقوف في وجه المد اللحادي ‪ ،‬والمد الطرقي ‪ ،‬والعبث‬

‫الخلقي ‪ ،‬وإعطاء الفرصة لهم في استباحة أخلقيات العباد ‪ ،‬وتأجيج سبل الفساد الفساد ‪.‬‬

‫إلى آخر ما تجره هذه المكيدة المهينة من جنايات على الدين ‪ ،‬وعلى علمائه ‪ ،‬وعلى المة وعلى ولة‬

‫أمرها ‪.‬‬

‫وبالجملة فهي فتنة مضلة والقائم بها مفتون ‪ ،‬ومنشق عن جماعة المسلمين ‪(1).‬‬

‫أل إن هذا التصنيف داء خبيث ‪ ،‬متى ما تمكن من نفس أطفأ ما بها من نور اليمان ‪ ،‬وصير القلب‬

‫خرابًا ‪ ،‬يستقبل الهواء والشهوات ويفرزها ‪ ،‬نعوذ بال من الخذلن ‪ ،‬ومن مصائد الشيطان ‪.‬‬

‫)‪ (1‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ) ‪. (29‬‬


‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪30‬‬
‫‪3‬‬
‫وبهؤلء ) المنشقين ( وصل العدو من طريقهم ‪ ،‬وجندوهم للتفريق من حيث يعلمون أو ل يعلمون ‪،‬‬

‫وانفض بعضهم عن العلماء واللتفاف حولهم ‪ ،‬ووهنوا حالهم ‪ ،‬وزهدوا الناس في علمهم ‪.‬‬

‫وبهؤلء ) المنشقين ( آل أمر طلئع المة وشبابها إلى أوزاع وأشتات ‪ ،‬وفرق وأحزاب ‪ ،‬وركض‬

‫وراء السراب ‪ ،‬وضياع في المنهج والقدوة ‪ ،‬وما نجا من غمرتها إل من صحبه التوفيق ‪ ،‬وعمر‬

‫اليمان قلبه ‪(1).‬‬

‫فإلى هؤلء الدعياء أقول ‪:‬‬

‫متى صار من دين ال التحذير والتنفير ‪ ،‬والتقاطع والتهاجر‪ ،‬والغيبة والبهتان للمسلمين فيما بينهم ؟ !‬

‫أو تصنيفهم إلى فرق وأحزاب ؟!‬

‫ومتى صار من دين ال فرح المسلم بمقارفة أخيه للذنب والخطيئة ؟!‬

‫)‪ (1‬المرجع السابق ‪ ،‬ص )‪. (40‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪31‬‬
‫‪3‬‬

‫الدعوة إلى الحزبية‬


‫س ‪ / 9‬علم تتركز دعوة الدعياء ؟‬

‫ج ‪ /‬إن أبرز دعوة تظهر من أفواههم واضحة جلية هي الدعوة إلى الحزبية والطائفية ‪ ،‬وذلك بخلق‬

‫حزب معين منشق عن الجماعة ‪ ،‬ينادي بآراء نشاز ‪ ،‬وهذا وواضح وجلي – كما ذكرت لك سابقًا –‬

‫من خلل رفع شعار ) أنا سلفي ( أو ) نحن سلفيون ‪ ،‬أو أثريون ( ‪.‬‬

‫يقول الشيخ د‪ .‬بكر أبو زيد ‪ ،‬رحمه ال في رسالة ) حلية طالب العلم ( ‪:‬‬

‫" أهل السلم ليس لهم سمة سوى السلم والسلم ‪ ،‬فيا طالب العلم – بارك ال فيك وفي علمك –‬

‫اطلب العلم ‪ ،‬واطلب العمل ‪ ،‬وادع إلى ال تعالى على طريقة السلف ‪ ،‬ول تكن خراجًا وّلجا في‬

‫الجماعات ‪ ،‬فتخرج من السعة إلى القوالب الضيقة ‪ ،‬فالسلم كله لك جادة ومنهجًا ‪ ،‬والمسلمون‬

‫جميعهم هم الجماعة ‪ ،‬وإن يد ال مع الجماعة ‪ ،‬فل طائفية ول حزبية في السلم ‪.‬‬

‫فعلق على هذا الكلم النفيس ‪ ،‬العلمة ‪ /‬ابن عثيمين – رحمه ال – بقوله ‪:‬‬

‫" وهذا الفصل فصل مهم ‪ ،‬وهو تخلي طالب العلم عن الطائفية والحزبية ‪ ،‬بحيث يعقد الولء‬

‫والبراء على طائفة معينة ‪ ،‬أو حزب معين ‪ ،‬فإن هذا ل شك آثم ‪ ،‬فإن هذا ل شك خلف منهج السلف‪.‬‬

‫السلف الصالح ليس عندهم أحزاب ‪ ،‬كلهم حزب واحد ‪ ،‬كلهم ينطوون تحت قول ال تعالى ‪:‬‬

‫‪ ‬هو سماكم المسلمين من قبل ‪ ، ( (1‬فل حزبية ول تعدد ‪ ،‬ول موالة ‪ ،‬ول معاداة إل على حسب ما جاء‬

‫في الكتاب والسنة ‪ ،‬بل يجب أن نكون أمة واحدة ‪ ،‬وإن اختلفنا في الرأي ‪ ،‬أما أن نكون أحزابًا ‪ ،‬هذا إخواني‪،‬‬

‫يعني من الخوان المسلمين ‪ ،‬وهذا تبليغي ‪ ،‬وهذا سلفي ‪ ،‬وهذا ماذا ؟!‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪32‬‬
‫‪3‬‬

‫على كل حال ل يجوز هذا إطلقًا ‪ ،‬فالواجب أن هذه السماء تزول ‪ ،‬ونكون أمة واحدة وحزبًا واحدًا‬

‫على أعدائنا " )‪. (1‬‬

‫ويقول الشيخ د‪ .‬صالح الفوزان – حفظه ال ‪: -‬‬

‫" الحاصل من هذا كله أن المسلمين يجب أن يكونوا جماعة واحدة ‪ ،‬وأن يكون مصدرهم واحدًا ‪،‬‬

‫وأن تكون قيادتهم واحدة ‪ ،‬كما أنهم يجتمعون على عقيدة واحدة ‪ ،‬وهي عبادة ال – عز وجل – وحده‬

‫ل شريك له ‪ ،‬هذه هي جماعة المسلمين ‪.‬‬

‫ب فيهم تباغض وهجر ‪ ،‬أو وجد فيهم منافقون فإن المر خطير جدًا ‪ ،‬ل‬
‫وإذا دبّ فيهم خلل ‪ ،‬أو د ّ‬

‫سيما وأننا نسمع في زماننا هذا من يتكلم في أعراض العلماء ويتهمهم بالغباوة والجهل ‪ ،‬وعدم إدراك‬

‫المور ‪ ،‬وعدم فقه الواقع كما يقولون ‪ ،‬وهذا أمر خطير ‪.‬‬

‫فإنه إذا فقدت الثقة في علماء المسلمين فمن يقود المة السلمية ؟‬

‫ومن ُيرجع إليه في الفتاوى والحكام ؟‬

‫وأعتقد أن هذا دس من أعدائنا ‪ ،‬وأنه انطلى على كثير من الذين ل يدركون المور ‪ ،‬أو الذين فيهم‬

‫غيرة شديدة وحماس ‪ ،‬لكنه على جهل ‪ ،‬فأخذوه مأخذ الغيرة ‪ ،‬ومأخذ الحرص على المسلمين ‪ ،‬لكن‬

‫المر ل يكون هكذا ‪. (2)" ...‬‬

‫شرح رسالة حلية طالب العلم ‪ ،‬للعلمة ‪ /‬ابن عثيمين ‪،‬ص )‪. (382‬‬
‫وجوب التثبت في الخبار واحترام العلماء ‪ ،‬ص )‪. (46‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪33‬‬
‫‪3‬‬
‫تربية الدعياء للشباب‬
‫س ‪ / 10‬ما هي محاور تربية الدعياء للشباب ؟‬

‫ج ‪ /‬ترتكز تربية ) مدعي السلفية ( للناشئة على أمور ومحاور عديدة من أبرزها ‪:‬‬

‫تربيتهم على اتساع الذمة ‪ ،‬والجرأة في الطعن والنيل من أعراض المسلمين عامة ‪ ،‬والدعاة‬ ‫‪.1‬‬

‫والعلماء على وجه الخصوص ‪ ،‬وعدها قربة إلى ال ‪ ،‬ودفاعًا عن العقيدة ‪.‬‬

‫تربيتهم على حب المراء ‪ ،‬والجدل العقيم ‪ ،‬بأسلوب سقيم وسلوك ذميم ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تربيتهم على تنشيط الحزبية بين الشباب ‪ ،‬وذلك بتصنيف المسلمين إلى فرق وأحزاب وجماعات ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫غرس مرض التعالم والتعالي على الناس منذ بداية طلب الشاب للعلم ‪ ،‬بأنه أصبح مؤه ً‬
‫ل‬ ‫‪.4‬‬

‫للفتاء وللنقد البناء ‪.‬‬

‫تربيتهم للناشئة على سوء النقد ‪ ،‬وتغليظ القول على مخالفي أهوائهم من إخوانهم بل تقدير‬ ‫‪.5‬‬

‫للعالم ‪ ،‬أو الكبير ‪ ،‬ول حتى حياء من الناس ‪.‬‬

‫تربيتهم للناشئة على سوء الظن ‪ ،‬وإنماء بذرتها في القلب ‪ ،‬حتى تعطي المزيد من الثمار‬ ‫‪.6‬‬

‫الفاسدة المبنية على خيوط الظن والوهام ‪ ،‬وإصدار التهم والحكام ‪.‬‬

‫تربيتهم للشباب على الستهانة بالغيبة والبهتان في قوالب الديانة والصلح ‪.‬‬ ‫‪.7‬‬

‫تربيتهم للشباب على تصيد الخطاء للتشهير بها ‪ ،‬والفرح العظيم بأنه وجد على العالم أو‬ ‫‪.8‬‬

‫الداعية الفلني كذا وكذا ‪.‬‬

‫تربيتهم للشباب على هجر إخوانهم عندما يختلفون معهم حول مسألة ما ‪ ،‬بأن هذا الهجر هو‬ ‫‪.9‬‬

‫من قبيل هجر أهل الهواء والمبتدعة ‪.‬‬


‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪34‬‬
‫‪3‬‬
‫تشجيعهم للشباب على الخمول والكسل ‪ ،‬والسلبية ‪ ،‬وذلك مثل ‪ :‬تحذيرهم من المساهمة في النشطة‬ ‫‪.10‬‬

‫التوعوية ‪ ،‬والعمال التطوعية التي تساهم في خدمة دينهم ‪ ،‬وبناء مجتمعهم ‪ ،‬بزعمهم أنها بدعة ‪.‬‬

‫تربيتهم للشباب على النتصار للذات ل للحق ‪ ،‬والتشفي من المخالف لهواهم بكل قبح ووقاحة ‪.‬‬ ‫‪.11‬‬

‫تربيتهم للشباب على الفوضى في طلب العلم ‪ ،‬فل منهجية لديهم ‪ ،‬ول تحصيل عندهم لمسائل التأصيل ‪،‬‬ ‫‪.12‬‬

‫وإنما جل بضاعتهم حفظ بعض السطور من مقالت متفرقة تخدم مرادهم ‪.‬‬

‫تربيتهم للشباب على التعصب للشخاص ل للحق ‪ ،‬وعدم قبول الحق من الطرف المخالف لهوائهم‬ ‫‪.13‬‬

‫وشهواتهم بحجة أن الخير والحق الذي عند هؤلء المخالفين عند غيرهم من الموافقين لهم ‪.‬‬

‫تربيتهم للشباب على الغلو والتطرف ‪ ،‬وخاصة في باب النصيحة ‪ ،‬فهم غلة فيها‬ ‫‪.14‬‬

‫على مخالفيهم ‪ ،‬وجفاة عنها عند مؤيديهم ‪.‬‬

‫تكثيف الحديث عن التوحيد ‪ ،‬والدندنة حوله ‪ ،‬وإهمال البقية من جوانب العلم‬ ‫‪.15‬‬

‫والتربية والدعوة ‪ ،‬وهم في الحقيقة أبعد الناس عن تطبيقه فيما يتعلق بالنيل من‬

‫أعراض الدعاة والعلماء ‪ ،‬ورميهم بأقبح الوصاف ) ضال – مبتدع –غامض –‬

‫متلون – مميع – عنده كفريات – عنده شركيات ( إلى غيرها من مقولت السوء التي‬

‫تمرق من أفواههم في حق إخوانهم من الدعاة والعلماء ‪ ،‬فحسبنا ال ونعم الوكيل ‪.‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪35‬‬
‫‪3‬‬
‫أضرار مخالطتهم‬
‫س ‪ / 11‬ما هي أضرار مخالطتهم ؟‬

‫ج ‪ /‬في الحقيقة أن مجالستهم رأس البلء ‪ ،‬ومفتاح الداء لمراض القلوب ‪ ،‬فالصالحون إذا جالستهم‬

‫ذكروك بال – عز وجل ‪ ، -‬ورغبوك بما في الجنة من نعيم ‪ ،‬ورهبوك من النار وما فيها من جحيم‬

‫– وقانا ال وإياك شرها – فتخرج من عندهم وأنت تشعر برقة القلب ‪ ،‬وانشراح الصدر ‪ ،‬فتزداد من‬

‫ال خشية ‪ ،‬وله قربة ومحبة ‪ ،‬أو قد ظفرت بمسألة حفظتها فازددت نورًا وبصيرة في دينك ‪.‬‬

‫وعلى العكس من مجالسة أهل الهواء ‪ ،‬وتصيد الخطاء ‪ ،‬والطعن في العلماء غيبة ونميمة ‪،‬‬

‫وأخلق ذميمة ‪ ،‬فتخرج من عندهم وقد قسا قلبك وضاق صدرك ‪ ،‬واسود نهارك وطال ليلك ‪ ،‬فل‬

‫ترى الخير إل في أمثالك غرورًا بحالك ‪ ،‬وازدراًء لخوانك ‪.‬‬

‫فاحذر – يا أخي – من مجالسة هؤلء الدعياء ‪ ،‬فإن قربهم عدوى ‪ ،‬ومصاحبتهم بلوى ‪ ،‬ول تكن‬

‫مثلهم كالسفنجية تمتص كل شيء تقع عليه ‪ ،‬أو كبعض الحشرات التي ل يسرها إل رائحة العفن‪،‬أو‬

‫الجرح النتن فتقع عليه ‪.‬‬

‫قال شيخ السلم ابن تيمية – رحمه ال ‪: -‬‬

‫" إن الجاهل بمنزلة الذباب الذي ل يقع إل على العقير ) الجريح ( ول يقع على الصحيح ‪ ،‬والعاقل‬

‫يزن المور جميعًا هذا وهذا " )‪. (1‬‬

‫)‪ (1‬منهاج السنة ‪. ( 150 / 6 ) ،‬‬


‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪36‬‬
‫‪3‬‬
‫وبلغ المر – من مجالستهم ‪ -‬ما بلغ بأنك ترى الرجل من هؤلء الدعياء متورع في الحديث عن‬

‫كشف كيد العداء ومخططاتهم لهدم الدين والخلق ‪ ،‬والتحذير منهم ‪ ،‬وعن المنكرات وإنكارها‬

‫وسبل علجها متورع أيضًا ‪.‬‬

‫وفي الوقت نفسه ل يفتر لسانه عن الفري في لحوم العلماء ‪ ،‬وأعراضهم ‪ ،‬وخاصة العلماء منهم ‪،‬‬

‫الحياء والموات على السواء ‪ ،‬ل يبالي بما يقوله من كذب وافتراء ‪ ،‬زاعمًا النقد البناء والغنيمة‬

‫تصيد الخطاء ‪ ،‬فكم بهتوا على الدعاة والعلماء ‪ ،‬وقولوهم ما لم يقولوه ‪ ،‬وحملوا مقاصدهم على ما‬

‫لم يقصدوه ‪ ،‬ولم يقولوه ولم ينووه ‪ ،‬ول در القائل ‪:‬‬

‫حثوًا بل كيل ول ميزان )‪(1‬‬ ‫فالبهت عندكم رخيص سعره‬

‫فإلى هؤلء أقول ‪:‬‬

‫الزموا الدعاة والعلماء المخلصين ‪ ،‬فهم مصابيح الدجى ‪ ،‬ومنائر العل ‪ ،‬ومنابر الهدى ‪ ،‬وأعمدة العلم‬

‫والفتيا ‪ ،‬ومحاريب التقى ‪ ،‬وساحات البصيرة والنهى ‪ ،‬فحرام ثم حرام عليكم النيل من أعراضهم‬

‫خاصة ‪ ،‬والمسلمين عامة ‪.‬‬

‫قال ال تعالى ‪  :‬إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينًا وهو‬

‫‪. (‬‬ ‫‪(2‬‬ ‫عند ال عظيم‬

‫فأي خير يرتجى من في من يكيد لهل التقى ؟!!‬

‫ابن القيم ) رحمه ال ( ‪ ،‬القصيدة النونية ‪ ،‬ص ) ‪. (499‬‬


‫سورة النور ‪ ،‬الية ) ‪. (15‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪37‬‬
‫‪3‬‬

‫أصناف المفتونين بهم‬


‫س ‪ / 12‬ما هي أصناف الخائضين في هذه الفتنة ؟‬

‫ج ‪ /‬ل شك أن الذين خاضوا هذه الفتنة ‪ ،‬وركبوا موجة التصنيف ‪ ،‬والتسلط على إخوانهم من أهل‬

‫السنة ‪ ،‬ورميهم بأبشع الوصاف من التهم الجائرة‪ ،‬واللقاب الفاجرة على أصناف عديدة منها على‬

‫سبيل المثال ل الحصر لها ‪/‬‬


‫الحسدة ‪ /‬وهم طائفة وجهت سهام الطعن والتنفير ‪ ،‬والتحذير والتبديع ‪ ،‬لمشاهير من أهل‬

‫السنة والجماعة الذين تميزوا عنهم بالعلم ‪ ،‬والمحبة والقبول لدى عامة المسلمين‪.‬‬

‫القعدة ‪ /‬وهم طائفة من الذين ليس لهم أي دور يذكر في الدعوة إلى ال ‪ ،‬ونفع مجتمعهم‬

‫وأمتهم ‪ ،‬فسدًا لهذا الفراغ وحتى ل يقال عنهم إنهم ل دور لهم ‪ ،‬فصاروا‬

‫يقولون ‪ :‬دورنا هو التحذير من أهل البدع والضلل كما زعما ‪ ،‬والحق أنهم‬

‫قدموا خدمة لعداء الدين وهي التفرقة بين المؤمنين ‪ ،‬فإنه من حرم العمل لهذا‬

‫الدين أوتي الجدل فيه ‪.‬‬

‫المرتزقة ‪ /‬وهم طائفة من أصحاب المطامع والمصالح الدنيوية ‪ ،‬والذين استغلوا هذه‬

‫الفتنة لنيل شهواتهم ‪ ،‬وتحقيق مآربهم على حساب دينهم ‪ ،‬وال حسيبهم ‪.‬‬

‫المقلدون والتباع ‪ /‬وهم أكثر هذه الصناف ‪ ،‬ول تتعجب أن أكثرهم من العراب قليلي‬

‫العلم والثقافة ‪ ،‬وربما كان بعضهم من الميين ‪ ،‬وهؤلء الصنف لم‬

‫يتعلموا الحد الدنى من العلوم الضرورية ‪.‬‬


‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪38‬‬
‫‪3‬‬

‫المخدوعون ‪ /‬وهم المغرر بهم من أصحاب الشخصيات الضعيفة ‪ ،‬والراء الهزيلة من‬

‫حدثاء السنان ‪ ،‬وسفهاء الحلم التي تعير عقلها لغيرها ول تستخدمه ‪،‬‬

‫فينساقون وراء قادة هذا الفكر النكد بل تمحيص لما يدعونهم إليه ‪ ،‬ولكنه‬

‫التقليد العمى الذي تمكن منهم ‪ ،‬وسلب عليهم عقولهم ‪.‬‬

‫الناقمون ‪ /‬وهم طائفة من الدعياء اشتغلت بضللة النقد النكد ‪ ،‬فجندوا أنفسهم ‪،‬‬

‫وكرسوا جهدهم لتتبع السقطات ‪ ،‬والبحث عن الهفوات والزلت ‪ ،‬والطعن‬

‫في المقاصد والنيات ‪ ،‬ولو كان ظنًا ‪ ،‬فعاشوا بين ركامها ‪ ،‬فحشوا أفكارهم ‪،‬‬

‫ل وحقدًا ‪ ،‬وكرهًا وبغضًا لمن خالف هواهم ‪ ،‬ولم ينزل‬


‫وشحنوا قلوبهم منها غ ً‬

‫عند مرادهم ‪ ،‬ثم بسطوا ألسنتهم عليهم بأبشع وأفظع كلمات التقذيع والتبديع‬

‫فكتبوا بعقول طائشة ‪ ،‬ونفوس هائجة عن الدعاة والعلماء مقولة السوء )‬

‫ضال – مبتدع – مميع – سلفي الظاهر مبتدع الباطن – متلون – ‪ (.....‬في‬

‫نشرات خبيثة ‪ ،‬وردود رديئة تحت عناوين ضخمة ‪ ،‬وعبارات استفزازية‬

‫وقحة ‪ ،‬بعيدة كل البعد عن شرطي النقد ) العلم وسلمة القصد ( بأقلم‬

‫مدادها السم الناقع ‪ ،‬وحصادها النقد اللذع ‪ ،‬بل ضمير رادع ول رقيب مانع ‪.‬‬

‫فيا سبحان ال ‪ .....‬أيسلم منكم أعداء الدين من اليهود والنصارى وغيرهم ‪ ،‬ول‬

‫يسلم منكم إخوانكم من الدعاة والعلماء ؟!!‬

‫وهذه الصناف وغيرها قد يجتمع منها صنفان أو أكثر في الشخص الواحد منهم ‪،‬‬

‫نسأل ال العافية من كل بلء وفتنة ‪.‬‬

‫بتصرف ‪.‬‬ ‫)‪ (1‬انظر واجبا ومثابا ‪ ) ،‬انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا ( ‪ ،‬صالح بن عبد اللطيف ‪(18 ) ،‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪39‬‬
‫‪3‬‬
‫الدعياء جناة‬
‫س ‪ / 13‬ما الذي جنى عليه هؤلء الدعياء ؟‬

‫ج ‪ /‬إن فئامًا من الناس – وللسف الشديد – يحملون أفكارًا منحرفة ‪ ،‬وسلوكًا خاطئًا ‪ ،‬وفي الوقت‬

‫نفسه نراهم يرفعون شعارات براقة ولمعة تطرب من سمعها ‪ ،‬وتبهر من رآها ‪ ،‬وينسبون أنفسهم‬

‫لها ظلمًا لها ‪ ،‬بيد أننا إذا نظرنا إلى أفعالهم ‪ ،‬وتأملنا في حالهم ‪ ،‬وما مدى تطبيقهم لما يّدعونه ‪،‬‬

‫وينسبون أنفسهم إليه وجدناهم أدعياء ل غير ‪ ،‬وألقابهم بريئة من أفعالهم المنكرة التي ليست‬

‫منها في شيء ‪.‬‬

‫إن النتساب إلى مثل هذه اللقاب ) سلفي ‪ ،‬أثري ( ليس شعارًا ‪ ،‬ول هوى ول دعوى يدعيها من‬

‫أرادها فحسب ‪ ،‬وإنما تحتاج إلى تحقيق وعمل ‪ ،‬تحقيق للصفات الشرعية ‪ ،‬وعمل بالواجبات‬

‫الشرعية التي يتطلبها النتساب إلى تلك اللقاب ‪.‬‬

‫فمثل هذه الفئة التي تجلت لنا بعض من حقائقهم ‪ ،‬وما خفي أعظم ‪ ،‬قد جنت على لقب ) السلفية (‬

‫وذلك بنسبة أفعالهم ) – تصنيف الناس – التبديع – التضليل – تصيد الخطاء – وغيرها ‪ (-‬إلى‬

‫السلف الصالح ‪ ،‬وذلك بإلباسها لباس ) السلفية ( من أجل خداع الناس وتبرير مواقفهم وأفعالهم‬

‫القبيحة ‪ ،‬والترويج لها بهذا اللقب الشريف والوسام النزيه ‪ ،‬والمقبول عند المسلمين ‪.‬‬

‫فبهذه الممارسة الدنيئة قد امتهنوا هذا اللقب الشريف والوصف الحميد ) السلفية ( فأصبح كأنه‬

‫تهمة لكل من تسميه به بأنه مثل أدعيائه في الفكر ‪ ،‬والتجاوزات الشرعية التي لديهم ‪.‬‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪40‬‬
‫‪3‬‬
‫طريق السلمة‬
‫س ‪ / 14‬كيف المخرج والنجاة من هذه الفتنة ؟‬

‫ج ‪ /‬وطريق السلمة والنجاة من هذه الفتنة يكون بما يلي ‪/‬‬

‫أوًل ‪ :‬فيما يتعلق بالتجريح والتحذير ينبغي مراعاة ما يلي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬أن يتقي ال من أشغل نفسه بتجريح العلماء ‪ ،‬وطلبة العلم والتحذير منهم ‪،‬وأن ينشغل بالبحث‬

‫عن عيوبه للتخلص منها بدًل من النشغال بعيوب الخرين ‪ ،‬ويحافظ على البقاء على حسناته فل‬

‫يضيق بها ذرعًا فيوزعها على من ابتلي بتجريحهم والنيل منهم ‪.‬‬

‫فكلك عورات وللناس ألسن‬ ‫لسانك ل تذكر به عورة امرئ‬

‫‪ – 2‬أن يشغل نفسه – بدًل من التجريح والتحذير – بتحصيل العلم النافع ‪ ،‬والجد والجتهاد فيه ‪ ،‬وأّل‬

‫ُيشغل نفسه بتجريح العلماء وطلبة العلم من أهل السنة ‪ ،‬وقطع الطرق الموصلة إلى الستفادة منهم ‪،‬‬

‫فيكون من أهل الهدم ‪ ،‬ومثل هذا المنشغل بالتجريح ل يخلف بعده إذا مات علمًا ُينتفع به ‪ ،‬ول يفقدون‬

‫الناس بموته عالمًا ينفعهم ‪ ،‬بل بموته يسلمون من شره ‪.‬‬

‫‪ – 3‬أن ينصرف الطلبة من أهل السنة في كل مكان إلى النشغال بالعلم ‪ ،‬بقراءة الكتب المفيدة ‪،‬‬

‫وسماع الشرطة النافعة لعلماء أهل السنة ودعاتها ‪ ،‬بدًل من انشغالهم بفلن أو فلن ‪ ،‬أو التصال‬

‫والسؤال ) ما رأيك في فلن ؟ وما ذا تقول في قول فلن وفلن ( ‪.‬‬

‫‪ – 4‬عند سؤال طلبة العلم عن حال أشخاص من المنشغلين بالعلم ‪ ،‬ينبغي رجوعهم إلى مصدر‬

‫موثوق ‪ ،‬وجهة رسمية كرئاسة الفتاء بالرياض ‪ ،‬للسؤال عنهم ‪ ،‬ومن كان عنده علم بأحوال‬

‫أشخاص معينين ‪ ،‬أو ملحظات حولهم يمكنه أن يكتب إلى رئاسة الفتاء ببيان ما يعلمه عنهم للنظر‬

‫في ذلك ‪ ،‬بدًل من أن يجعل نفسه قاضيًا على نوايا الناس وتصرفاتهم ‪ ،‬فيحكم لهذا بالنجاة ‪،‬وعلى ذاك‬

‫بالهلك أو الضلل ‪.‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪41‬‬
‫‪3‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬فيما يتعلق بالرد على من أخطأ ‪ ،‬ينبغي مراعاة ما يلي ‪:‬‬

‫أن يكون الرد برفق ولين ‪ ،‬ورغبة شديدة في سلمة المخطيء من الخطأ ‪.‬‬

‫ل يجوز أن يمتحن أي طالب علم غيره ‪،‬بأن يكون له موقف من فلن المردود عليه أو‬

‫الراد ‪ ،‬فإن وافق سلم ‪ ،‬وإن لم يوافق يبدع ويهجر‪ ،‬وليس لحد أن ينسب إلى أهل السنة مثل‬

‫هذه الفوضى في التبديع والهجر ‪.‬‬

‫وليس لحد – أيضا – أن يصف من ل يسلك هذا المسلك الفوضوي بأنه مميع لمنهج السلف ‪.‬‬

‫يقول شيخ السلم ابن تيمية – رحمه ال – في مجموع الفتاوى ) ‪: ( 164 / 20‬‬

‫" وليس لحد أن ينصب للمة شخصًا يدعو إلى طريقته ‪ ،‬ويوالي ويعادي عليها غير النبي ‪‬‬

‫ول ينصب لهم كلمًا يوالي عليه ويعادي غير كلم ال – عز وجل – ورسوله ‪ ، ‬وما‬

‫اجتمعت عليه المة ‪ ،‬هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلمًا يفرقون به بين‬

‫المة ‪ ،‬يوالون به على ذلك الكلم أو تلك النسبة ويعادون " )‪. (1‬‬

‫)‪ (1‬انظر لزامًا ) رفقًا أهل السنة بأهل السنة ( ‪ ،‬للشيخ ‪ /‬عبد المحسن العباد البد ‪ ،‬ص ) ‪، ( 54 – 48‬‬
‫ورسالة الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع وبيان خطرها ‪ ،‬للمؤلف نفسه ‪.‬‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪42‬‬
‫‪3‬‬
‫وقال ابن تيمية – رحمه ال – أيضًا ) ‪: ( 16-15/ 28‬‬

‫" فإذا كان المعلم أو الستاذ قد أمر بهجر شخص ‪ ،‬أو بإهداره وإسقاطه ‪ ،‬وإبعاده ‪ ،‬ونحو ذلك‬

‫نظر فيه ‪ :‬فإذا كان قد فعل ذنبًا شرعيًا لم يجز أن يعاقب بشيء لجل غرض المعلم أو غيره ‪.‬‬

‫وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ‪ ،‬ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء ‪ ،‬بل يكونوا مثل‬

‫الخوة المتعاونين على البر والتقوى ‪ ،‬كما قال ال تعالى ‪:‬‬

‫‪ ... ‬وتعاونوا على البر والتقوى و ل تعاونوا على الثم والعدوان واتقوا ال إن ال شديد‬

‫العقاب ‪. ( (1‬‬

‫)‪ (1‬سورة المائدة ‪ ،‬الية ‪. (2) :‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪43‬‬
‫‪3‬‬

‫خلصة حقائق منهج الدعياء‬


‫س ‪ / 15‬ما هي خلصة منهج هؤلء الدعياء ؟‬

‫ج ‪ /‬وفي هذا الجانب أختصر المقال بضرب المثال لمشابهة الحال للحال ‪ ،‬فهم خليط ومزيج ‪،‬‬

‫وأمر مريج ‪ ،‬من الفكار الوافدة ‪ ،‬من الفرق الضالة ‪ ،‬والمناهج المنحرفة ‪ ،‬والراء الشاذة حتى‬

‫ل عن غيرهم ‪ ،‬فشابهوا الفرق مع الفرق فهم ‪:‬‬


‫تكونت في عقولهم خطة ومنهجًا مستق ً‬

‫أخذوا من الخوارج مبدأ الخروج ‪ ،‬فخرجوا على الدعاة والعلماء الذين ل يوافقونهم على‬

‫أهوائهم‪ ،‬ول ينزلون عند مرادهم بالحط من قدرهم ‪ ،‬ورميهم بقذائف من اللقاب القبيحة في‬

‫أشخاصهم ‪ ،‬فتارة يقولون ‪ ) :‬هذا ضال ‪ ،‬وذاك مبتدع ‪ ،‬والخر عنده شركيات وكفريات ( حتى‬

‫فاهو بكلمة ‪ ):‬أضر علينا من اليهود والنصارى ( ‪ ،‬وإن خففوا قالوا ‪:‬‬

‫) هذا غامض ‪ ،‬أو متلون ‪ ،‬أو مميع لمنهج السلف ‪ ،‬أو غير واضح ‪ ،‬أو سلفي الظاهر مبتدع‬

‫الباطن( فبئس ما قالوا وما فعلوا ‪.‬‬

‫ي أعناق النصوص ‪ ،‬حتى تعانق أهدافهم‬


‫وأخذوا عن الشاعرة طريقة التأويل ‪ ،‬فذهبوا إلى ل ّ‬

‫الدنيئة ‪ ،‬وقاموا بتأويل فتاوى العلماء حتى توافق مقاصدهم ومرادهم ‪ ،‬ونفوا عن كل فضل‬

‫فضله ‪.‬‬

‫وأخذوا عن المرجئة الذين قالوا ‪ ) :‬أنه ل يضر مع اليمان معصية ( السكوت عن المنكرات‬

‫جبنًا ‪ ،‬وخيانة لمانة النصيحة ‪ ،‬فلم ينكروا المنكرات العظام ‪ ،‬ولم يؤدوا حق النصيحة الذي‬

‫أوجبه ال على المسلمين عامة ‪.‬‬


‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪44‬‬
‫‪3‬‬
‫ومن غلة الصوفية أخذوا طريقة التقديس للسادات ‪ ،‬فهو المصيب وغيره الضال ‪ ،‬فل يرد‬

‫عليه ‪ ،‬ول ينتقد له مقال ‪ ،‬ورفعوهم فوق منزلتهم ‪ ،‬وكذا الحال عند هؤلء الدعياء الذين سكتوا‬

‫عن معايب ومثالب شيوخهم في الوقت الذي يبحثون فيه عن الهفوات ‪ ،‬والزلت ‪ ،‬ويتصيدون‬

‫الخطاء لغيرهم ‪.‬‬

‫ومع بطش اليهود والنصارى بالمسلمين فلسان الحال والمقال ‪ :‬هذا قدر ال ‪ ،‬ومشيئة ال ‪ ،‬ل‬

‫نستطيع رد هذا الصنيع ‪ ،‬فهم ل يقدمون لنصرة الدين ‪ ،‬والمة شيئًا ول يحركون ساكنًا ‪ ،‬في‬

‫الوقت الذي ل يدعون داعية في دعوته آمنًا ‪.‬‬

‫وفي باب النصيحة غلة وجفاة ‪ ،‬فمع أخطاء الدعاة والعلماء يغلون في حق النصيحة لهم ‪ ،‬حتى‬

‫يقلبوا النصيحة إلى فضيحة ‪ ،‬ومع أخطاء غيرهم ممن شاكلهم جفاة عن القيام بواجب النصيحة‪.‬‬

‫والحق والعدل في ذلك أن المصيب من يسلك طريق الوسطية في النصيحة وغيرها بين الغالي‬

‫فيها والجافي عنها ‪.‬‬

‫فالوسطية مطلب شرعي يجب الخذ به ‪ ،‬حتى ل نقع في إحدى السوءتين ‪ ،‬إما الفراط أو‬

‫التفريط ‪ .‬قال تعالى ‪:‬‬

‫وكذلك جعلناكم أمة وسطًا ‪ ....‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ) ‪. (143‬‬


‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪45‬‬
‫‪3‬‬
‫الخاتمة‬

‫وبعد هذه الصولة والجولة ‪ ،‬التي خضنا غمارها سويًا على مضمار ) الدين النصيحة ( في‬

‫رحلة ماتعة ‪ ،‬وأقوال نافعة ‪ ،‬رغبة مني في هداية الخلق إلى الحق ‪ ،‬بما حواه الكتاب من سؤال‬

‫وجواب ‪ ،‬تبصرة لولي اللباب ‪.‬‬

‫وفي نهاية المطاف أتقدم بالنصيحة لهؤلء بهذا الهتاف ‪:‬‬

‫اتقوا ال عباد ال في العلماء والدعاة إلى ال ‪ ،‬وإياكم والنيل من أعراضهم لتحقيق أغراضكم ‪،‬‬

‫وعليكم بالسمع والطاعة ولزوم أمر الجماعة ‪ ،‬واعلموا أن لحوم العلماء مسمومة ‪ ،‬وعادة ال‬

‫في هتك منتقصهم معلومة ‪ ،‬ومن ابتلهم بالثلب ابتله ال بمرض القلب ‪.‬‬

‫وتأملوا معي – يا رعاكم ال – ما قاله النبي ‪ ‬للصحابي الجليل عمر ابن الخطاب ‪ -‬حينما‬

‫قال في قصة حاطب بن أبي بلتعة‪ " : ‬دعني يا رسول ال أضرب عنقه ‪ ،‬إنه قد خان ال‬

‫ورسوله والمؤمنين " فقال له الرسول ‪ " ‬يا عمر وما يدريك ‪ ،‬لعل ال اطلع على أهل بدر‬

‫فقال ‪ :‬اعملوا ما شئتم ‪ ،‬فقد وجبت لكم الجنة‪ ،‬أو قد غفرت لكم " فدمعت عينا عمر ‪ -‬رضي‬

‫ال عنه – وقال ‪ :‬ال ورسوله أعلم " ) رواه البخاري ومسلم ( ‪.‬‬

‫فهذا التوجيه التربوي النبوي هو ليس لعمر ‪ ‬وحده ‪ ،‬ولكنه للمة من بعده ‪ ،‬أن الخطأ قد ل‬

‫ينقص من منزلة الرجل عند ال ‪ ،‬ول ُيحل لنا دمه ول عرضه ‪.‬‬

‫ونتعلم من هذه القصة دروسًا منها أننا لسنا معصومين من الخطأ ‪ ،‬وأن خطأ القران يطوى‬

‫ول يروى ‪ ،‬ويستر فل يظهر ‪ ،‬ويغمر في بحار حسناته فل ينشر ‪ ،‬وأنه ما من عالم – قديمًا أو‬

‫حديثًا – إل وقد ُأ خذ عليه مأخذ ‪ ،‬فلو كان الحال أن كل من كان له خطأ أو هفوة يترك فل يؤخذ من‬

‫العلم ‪ ،‬فلن نجد من نأخذ منه العلم ‪ ،‬ول من يدلنا على الخير ويحذرنا من الشر وأهله ‪.‬‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪46‬‬
‫‪3‬‬
‫وأيضًا نتعلم من هذه القصة أن نلتمس لخواننا العذر والصفح ‪ ،‬ولو كان الخطأ له تسعة‬

‫ل للشر ‪ ،‬ومحمل واحد للخير ‪ ،‬لوجب علينا أن نحمله على هذا المحمل الواحد ‪.‬‬
‫وتسعون محم ً‬

‫فأقول ‪ :‬أما يسعنا ما وسع عمر ‪ ‬بأن تدمع عيوننا ‪ ،‬ونستغفر ال لنا ولخواننا ؟ !‬

‫وللخائضين في هذه الفتنة أخصهم بهمسة فأقول ‪ :‬أنتم إخواننا وأحبابنا في ال مهما غلظتم القول‬

‫فينا ‪ ،‬ومهما تلقيتم النصح منا ‪ ،‬ولكن الحق أحب إلينا منكم ‪ ،‬ولئن قسونا عليكم ‪ ،‬فالنسان يقسوا‬

‫أحيانًا على من يحب ‪.‬‬

‫لذا أدعوك – أخي – إلى التوبة والوبة ‪ ،‬والعدل والنصاف ‪ ،‬وترك التسلط والجحاف بحق‬

‫العلماء والدعاة ‪ ،‬فكلنا ذوو خطأ ‪.‬‬

‫ومن له الحسنى له فقط‬ ‫من الذي ما ساء قط‬

‫ل‪،‬‬
‫ل مه ً‬
‫فالسلمة السلمة قبل الحسرة والندامة على استباحة حرمة أعراض المسلمين ‪ ،‬فمه ً‬

‫ورفقًا رفقًا بإخوانكم ‪ ،‬وإلى متى هذا الخلف ؟!‬

‫وإني بعد هذا كله لمتفائل جدًا بأن تعلنها إلى ال توبة ‪ ،‬وإلى الحق أوبة ‪ ،‬شعارك السمع‬

‫والطاعة ‪ ،‬ولزوم أمر الجماعة ‪ ،‬مرددًا قول الحق تبارك وتعالى ‪  :‬رب نجني من القوم الظالمين ‪) ‬القصص‪ :‬من‬
‫الية ‪ ، (21‬وبعدها أبشر بـ ‪ ‬عفا ال عما سلف ‪) ‬المائدة‪ :‬من الية ‪، (95‬‬
‫ول تنس ‪ ‬ومن عاد فينتقم ال منه ‪) ‬المائدة‪ :‬من الية ‪ ، (95‬والحقيقة ‪ ‬ربكم أعلم بما في‬

‫نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للوابين غفورًا ‪) ‬السراء‪(25:‬‬

‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬


‫‪47‬‬
‫‪3‬‬ ‫ولمن ابتلي بهم أقول له ‪:‬‬

‫وقتك – يا أخي – ثمين فل تضيعه مع العابثين بأعراض المسلمين ‪ ،‬والتفكه بها في المجالس ‪،‬‬

‫ق لهم سمعك ‪ ،‬وتعاهدهم بنصحك ‪ ،‬وهب لهم دعوة بظهر الغيب‬


‫فالسلمة في توخيهم ‪ ،‬فل تل ِ‬

‫من عندك ‪ ،‬ثم إياك أن تشمت بأخيك فيعافيه ال ويبتليك ‪.‬‬

‫اللهم إني أسألك أن تكون هذه الرسالة سببًا في هدايتهم إلى الحق والعمل به ‪ ،‬وترك العناد ‪ ،‬واتباع الهوى ‪.‬‬

‫اللهم إني أسألك أن تجمع كلمتنا على الحق ‪ ،‬وأن توفقنا للعمل به والدعوة إليه ‪ ،‬ربنا اغفر لنا‬

‫ل للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم‬


‫ولخواننا الذين سبقونا باليمان ول تجعل في قلوبنا غ ً‬

‫تلك برقية عاجلة عبر إشارات عابرة ‪ ،‬وكلمات قاصرة ‪ ،‬أهديها لكم رغبة في نصحكم ‪ ،‬وأم ً‬
‫ل‬

‫في رشدكم ‪ ،‬والنبيه يكفيه التنبيه ‪.‬‬

‫وهذه نصيحتي قصدت بها وجه ال والدار الخرة ‪ ،‬وإرادة الحق بالتي هي أحسن ‪ ،‬فمن أبصر‬

‫فلنفسه ‪ ،‬ومن عمي فعليها ‪ ،‬وما أنا عليكم بحفيظ ‪ ،‬فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى‬

‫ال إن ال بصير بالعباد‬

‫بهذا جرى مداد القلم بما تقدم ‪ ،‬براءة للذمة ‪ ،‬ونصيحة للمة ‪ ،‬فلكم المغنم ‪ ،‬وعلي المغرم ‪،‬‬

‫ونعوذ بال من زلة القلم وعثرة القدم ‪ ،‬نصيحة لكم ‪ ،‬وإشفاقًا عليكم ‪ ،‬والسلم عليكم ورحمة ال وبركاته ‪.‬‬

‫‪ ‬وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إل الصلح ما استطعت وما توفيقي إل بال‬

‫عليه توكلت وإليه أنيب ‪) ‬هود‪ :‬من الية ‪. (88‬‬

‫سدد ال الخطى وبارك في الجهود وهدى إلى الصواب من العلم والقول والعمل ‪ ،‬والحمد ل الذي بنعمه تتم‬

‫الصالحات ‪.‬‬
‫قـالـه وكــتــبــه ‪/‬‬
‫عبد العزيز بن سريان العصيمي‬
‫مكة المكرمة ) حرسها ال (‬
‫ص ‪ .‬ب ‪26888 /‬‬
‫الرمز البريدي ‪21955 /‬‬
‫‪abdulaziz.ag@gmail.com‬‬
‫كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية‬
‫‪48‬‬
‫‪3‬‬
‫الـفـهــرس‬
‫كلمة مضيئة للعلمة ‪ /‬ابن باز ) رحمه ال ( ‪3.......................................................‬‬

‫كلمة مضيئة للعلمة ‪ /‬ابن عثيمين ) رحمه ال( ‪5....................................................‬‬

‫المقدمة ‪7.....................................................................................................‬‬

‫دواعي الرسالة ‪12 ........................................................................................‬‬

‫قضية الدعياء ‪15 ..........................................................................................‬‬

‫شعار الدعياء ‪17............................................................................................‬‬

‫الوظيفة البليسية ‪20.......................................................................................‬‬

‫وسائل التصنيف ‪22.........................................................................................‬‬

‫المبدأ الخبيث ‪24.............................................................................................‬‬

‫البضاعة المزجاة ‪27.........................................................................................‬‬

‫آثار فتنة التصنيف ‪29.......................................................................................‬‬

‫الدعوة إلى الحزبية ‪31......................................................................................‬‬

‫تربية الدعياء للشباب ‪33.................................................................................‬‬

‫أضرار مخالطتهم ‪35.......................................................................................‬‬

‫أصناف المفتونين بهم ‪37.................................................................................‬‬

‫الدعياء أجنياء ‪39.........................................................................................‬‬

‫طريق السلمة ‪40.........................................................................................‬‬

‫خلصة حقائق منهج الدعياء ‪43......................................................................‬‬

‫الخاتمة ‪45.................................................................................................‬‬

‫الفهرس ‪48................................................................................................‬‬

You might also like