You are on page 1of 12

‫الزواج‬

‫مقدمة‬

‫إن الحمد ل نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‬
‫من يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له وأشهد أن ل اله إل ال وحده ل شريك له وأشهد أن‬
‫محمدا عبده ورسوله صلى ال على آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬

‫أما بعد‪ :‬فإنني مسرور بما تيسر لي من المشاركة في الموسم الثقافي للمحاضرات في كليتي الشريعة‬
‫واللغة العربية بالقصيم لما أرجوه من الفائدة التي تحصل لي ولمن سمع محاضراتي أو قرأها إن شاء‬
‫ال تعالى وأسأل ال تعالى أن يجعل عملنا جميعا خالصا لوجهه موافقا لمرضاته‪.‬‬

‫ولكنني أحب أن أقدم كلمة قبل الدخول في صميم المحاضرة تكون مناسبة – إن شاء ال – وهي أنكم‬
‫تعرفون أيها الخوة‪ ..‬وأيها المشايخ أن السلم في عصرنا هذا محارب من جهات متعددة‪.‬‬

‫‪ -1‬من جهة الكفار‬

‫‪ -2‬من جهة الخلق‬

‫‪ -3‬من جهة العقائد‬

‫وإنه كلما شنت الغارات وقويت فإنه يجب أن يكون لها مضاد يقابلها بل يكون أعلى منها فإذا لم يكن‬
‫ذلك فإن معناه القضاء على السلم‪.‬‬

‫وهذا أمر في أعناق أهل العلم وأهل الدين‪ ،‬يجب عليهم أن يبذلوا الجهد ما استطاعوا بأن يمنعوا هذه‬
‫التيارات التي جاءتنا من كل جانب والتي أصبح النسان فيها بل الحليم حيران ل يدري كيف‬
‫يتصرف ؟‬

‫ولقد كنا نسمع كثيرا أن أعداء المسلمين يقولون‪ :‬إنه يجب التركيز على – المملكة العربية السعودية‬
‫– لكونها مهد السلم وقبلة المسلمين وقدوتهم‪ ،‬ولهذا تجدهم يشنون الغارات الشرسة والمكايد‬
‫المحكمة ويكرسون جهودهم لحرب هذه المملكة وإذا لم يقم أهل هذه المملكة من علماء ومن مخلصين‬
‫بإيصاد الباب أمام هؤلء وسوف يجوسون خلل الديار وسوف تجدون أمورا تنكرونها غاية النكار‪.‬‬

‫والذي يجب علينا أمام هذه التيارات أيها الخوة هو‪:‬‬

‫‪ -1‬توحيد الدعوة‬

‫‪-2‬توحيد الجهد‬

‫‪-3‬أل نجعل بيننا مكانا لموطئ قدم من العداء‬

‫ولكني أقول بالحقيقة إننا نعمل على ذلك كل منا كأنما يعمل وحده ل نجد اثنين إل ما شاء ال على‬
‫هدف واحد أو بعبارة أصح على طريق واحد وإن كان الهدف متحدا‪.‬‬

‫لذلك أرى أن من واجب علماء هذه المملكة سواء في الرياض أو في الحجاز أو في القصيم أو في‬
‫غيرها من مناطق المملكة أن يجتمعوا على كلمة واحدة وأن يدرسوا الموضوع بجد لنه خطير فيما‬
‫أرى‪ ،‬يدرسوه دراسة وافية ل فيما يتصل بوسائل العلم ول فيما يتصل بوسائل الثقافة ومناهج‬
‫المدارس ومقرراتها ول فيما يكون بين عامة الناس من النحراف والنصراف عن أصول دينهم‬
‫وفروعه‪.‬‬

‫ونحن نجد كثيرا من طلب العلم مشغولون بغير ما هم مكلفون به بطلب الدنيا والقبال عليها‬
‫واللتفاف حولها وهذا في الحقيقة يضعف دعوتهم إلى الخير‪ ،‬يضعف قبولها أمام العامة أيضا فإن‬
‫لسلوك العالم خطرا بالغا في تأثيره على من حوله فإذا كان العامة ل يجدون من أهل العلم إل التكالب‬
‫على الدنيا كما يتكالب عليها السوقة من عامة الناس فإنهم لن يثقوا أبدا بما عندهم من الرشادات‬
‫والعلوم‪.‬‬

‫كذلك أيها الخوة بالنسبة لولة المور يجب علينا مناصحتهم‪ .‬النبي صلى ال عليه وسلم قال‪) :‬الدين‬
‫النصيحة( ثلث مرات قالوا‪ :‬لمن يا رسول ال ؟ قال‪) :‬ل ولكتابه ولرسوله ولئمة المسلمين‬
‫وعامتهم( )‪.(1‬‬

‫فالواجب علينا مناصحة ولة المور وأل نعتمد على رجل أو رجلين أو ثلثة أو أربعة‪ ،‬يناصحون‬
‫ولة المور‪ ،‬فولة المور إذا كثر ناصحوهم وعرفوا الحق من كل جانب وجاءتهم النصيحة من كل‬
‫وجه فإنهم ل بد أن يلتفتوا إلى ذلك وأن يسلكوا المنهج الذي نسأل ال تعالى أن يوفقهم له‪ ،‬وهو منهج‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم ظاهرا وباطنا‪.‬‬

‫كذلك بالنسبة للعامة نجد أكثر المساجد – مع السف – غالب أئمتها جهال ول يرشدون ول ينصحون‬
‫ول يتكلمون وكان الناس قبل وقتنا الحاضر وقبل أن تفتح عليهم الدنيا‪ ،‬يأخذ إمامهم وإن لم يكن من‬
‫طلبة العلم بعض الكتب المعتمدة‪ ،‬فيقرؤها على المصلين وينتفعون بها‪ ،‬أما اليوم فغالب المساجد ل‬
‫يقرأ فيها شيء ول يوجه المام جماعته إلى ما ينفعهم ولهذا تجد عزوف العامة عن المسائل الدينية‬
‫كثيرا جدا وهذا كله بتقصير من أهل العلم وبتقصير ممن يهمهم هذا المر‪ ،‬فعلينا أيها الخوة أن‬
‫نجتمع وأن نوحد جهودنا وأن نناصح ولة أمورنا وأن نبذل الجهد في نصح عامة المسلمين في‬
‫المساجد والطرقات وغيرها ما استطعنا إلى ذلك سبيل‪.‬‬

‫وشيء آخر مهم جدا وهو العزلة بين الشباب والشيوخ هذه العزلة التي أصبح الشباب فيها حيران ل‬
‫يهتدون سبيل كل هذا في الحقيقة من تقصير كبار السن وعدم التفات بعضهم إلى الشباب مطلقا حتى‬
‫إنهم ل يصغون لهم وإن قالوا رشدا‪ ،‬وهذا من الخطأ فالواجب علينا أن نكون مع هؤلء الشباب وأن‬
‫ننظر ما هم عليه وأن نلحظ ما حولهم مما يؤثر عليهم وما السبب الذي أوجب لهم هذا العزوف‬
‫والنصراف عن القبال على دينهم ؟ حتى إذا عرفنا الداء أمكننا أن نقوم بإعطاء الدواء‪.‬‬

‫وأما كوننا إذا سمعنا ما ل ينبغي عن بعضهم أعرضنا عن الجميع ثم نبذناهم وجعلنا نسبهم في كل‬
‫مكان ول نبالي بشأنهم وننظر إليهم بعين الحتقار فهذا مما يوجب الشر العظيم من بعد الشباب عن‬
‫الشيوخ وعن أهل العلم والدين حتى تقودهم الشياطين إلى ما تريد‪.‬‬

‫فعلينا أيها الخوة أن نراعي هذه المسألة الخطيرة وأن نلقي لها بال ونحسب لها حسابا‪.‬‬

‫وعلى المدرسين خصوصا‪ :‬أن يجتهدوا في تثقيف الطلبة تثقيفا دينيا وأن يرغبوهم فيما جاء به النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم من كتاب ال تعالى وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم وأن يبصروهم بالدين‬
‫على حقيقته وأن يكشفوا لهم الحكام الشرعية كشفا واضحا مع بيان أسرار الشريعة وحكمتها لني‬
‫أرى أن التعليم ول سيما الجامعي فيه بعض النقص وذلك أن بعض المدرسين يلقي الدرس جافا أي‬
‫أنهم ل يبينون للطلبة دليل حكم المسألة ول حكمته وواقع المؤمن أن ينقاد إلى أمر ال ورسوله سواء‬
‫خَيَرُة ِم ْ‬
‫ن‬ ‫ن َلُهُم اْل ِ‬
‫سوُلُه َأْمًرا َأن َيُكو َ‬
‫ل َوَر ُ‬
‫ضى ا ُّ‬
‫ن َول ُمْؤِمَنٍة ِإَذا َق َ‬ ‫علم الحكمة أم ل‪ .‬قال تعالى }َوَما َكا َ‬
‫ن ِلُمْؤِم ٍ‬
‫َأْمِرِهْم{ ] الحزاب‪ [36 -‬ولكنه إذا عرف الحكمة ازداد اطمئنانا وتطبيقا ورغبة في الشريعة ولهذا‬
‫أحث إخواني المدرسين على أن يلقوا العلم إلى الطلبة دسما حيا محركا للقلوب مهذبا للنفوس ينشرح‬
‫به الصدر وتطمئن إليه النفس‪.‬‬

‫والن أرجع إلى صميم المحاضرة‪:‬‬

‫لقد كان موضوع محاضرتي هذه "عقد النكاح وآثاره وما يترتب عليه وغير ذلك من بعض ما يتعلق‬
‫به"‪.‬‬

‫واخترت هذا الموضوع لهميته وجهل كثير من الناس بكثير من أحكامه‪ ،‬ولما يتصل به من‬
‫المشكلت الجتماعية التي يتمنى كل مخلص وناصح لدينه وأمته أن ييسر حلها‪ ،‬فإن المشكلت كلما‬
‫طرقت وألقيت الضواء عليها تيسر حلها وإذا تناساها الناس وأغمضوا عيونهم بقيت كما هي أو‬
‫زادت غموضا وإشكال‪.‬‬

‫وقد عقدت لهذا الموضوع عشرة فصول‪:‬‬

‫الفصل الول‪ :‬في معنى النكاح لغة وشرعا‬

‫الفصل الثاني‪ :‬في حكم النكاح‬

‫الفصل الثالث‪ :‬في شروط النكاح‬

‫الفصل الرابع‪ :‬في أوصاف المرأة التي ينبغي نكاحها‬

‫الفصل الخامس‪ :‬في المحرمات في النكاح‬

‫الفصل السادس‪ :‬في العدد المباح في النكاح‬

‫الفصل السابع‪ :‬في الحكمة من النكاح‬

‫الفصل الثامن‪ :‬في الثار المترتبة على النكاح ومنها‪:‬‬

‫‪ -1‬المهر‪ -2 .‬النفقة‪ -3 .‬الصلة بين الصهار‪ -4 .‬المحرمية‪-5 .‬الميراث‬

‫الفصل التاسع‪ :‬في حكم الطلق وما يراعى فيه‪.‬‬

‫الفصل العاشر‪ :‬فيما يترتب على الطلق‬

‫الفصل الول‪ :‬في معنى النكاح لغة وشرعا‬

‫النكاح في اللغة‪ :‬يكون بمعنى عقد التزويج ويكون بمعنى وطء الزوجة قال أبو علي القالي‪" :‬فرقت‬
‫العرب فرقا لطيفا يعرف به موضع العقد من الوطء‪ ،‬فإذا قالوا‪ :‬نكح فلنة أو بنت فلن أرادوا عقد‬
‫التزويج‪ ،‬وإذا قالوا‪ :‬نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إل الجماع والوطء"‪.‬‬
‫ومعنى النكاح في الشرع‪" :‬تعاقد بين رجل وامرأة يقصد به استمتاع كل منهما بالخر وتكوين أسرة‬
‫صالحة ومجتمع سليم"‪.‬‬

‫ومن هنا نأخذ أنه ل يقصد بعقد النكاح مجرد الستمتاع بل يقصد به مع ذلك معنى آخر هو تكوين‬
‫السرة الصالحة والمجتمعات السليمة لكن قد يغلب أحد القصدين على الخر لعتبارات معينة‬
‫بحسب أحوال الشخص‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬في حكم النكاح‬

‫النكاح باعتبار ذاته مشروع مؤكد في حق كل ذي شهوة قادر عليه‪ .‬وهو من سنن المرسلين‪ ،‬قال ال‬
‫ك َوَجَعْلَنا َلُهْم َأْزَواًجا َوُذّرّيًة{ ]الرعد‪[38-‬‬
‫ل ّمن َقْبِل َ‬
‫سً‬ ‫تعالى‪َ} :‬وَلَقْد َأْر َ‬
‫سْلَنا ُر ُ‬

‫وقد تزوج النبي صلى ال عليه وسلم وقال‪) :‬إني أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني( )‪.(2‬‬

‫ولذلك قال العلماء‪) :‬إن التزويج مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة( لما يترتب عليه من المصالح‬
‫الكثيرة والثار الحميدة التي سنبين بعضها فيما بعد إن شاء ال‪.‬‬

‫وقد يكون النكاح واجبا في بعض الحيان كما إذا كان الرجل قوي الشهوة ويخاف على نفسه إن لم‬
‫يتزوج فهنا يجب عليه أن يتزوج لعفاف نفسه وكفها عن الحرام ويقول النبي صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫)يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع‬
‫فعليه بالصوم فإنه له وجاء( )‪(3‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬في شروط النكاح‬

‫من حسن التنظيم السلمي ودقته في شرع الحكام أن جعل للعقود شروطا بها وتتحدد فيها‬
‫صلحيتها للنفوذ والستمرار فكل عقد من العقود له شروط ل يتم إل بها وهذا دليل واضح على‬
‫أحكام الشريعة وإتقانها وأنها جاءت من لدن حكيم خبير يعلم ما يصلح للخلق ويشرع لهم ما يصلح به‬
‫دينهم ودنياهم حتى ل تكون المور فوضى ل حدود لها ومن بين تلك العقود عقد النكاح فعقد النكاح‬
‫له شروط نذكر منها ما يأتي وهو أهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬رضا الزوجين‪:‬‬

‫فل يصح إجبار الرجل على نكاح من ل يريد ول إجبار المرأة على نكاح من ل تريد‪ .‬قال ال تعالى‪:‬‬
‫}َيا َأّيَها اّلِذيَن آَمُنوْا َل َيِحّل َلُكْم َأن َتِرُثوْا الّنَساء َكْرًها{ ]النساء‪ [19:‬وقال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬ل‬
‫تنكح اليم حتى تستأمر ول تنكح البكر حتى تستأذن‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول ال وكيف إذنها ؟ قال‪ :‬أن‬
‫تسكت( )‪ (4‬فنهى النبي صلى ال عليه وسلم عن تزويج المرأة بدون رضاها سواء أكانت بكرا أم ثيبا‬
‫إل أن الثيب ل بد من نطقها بالرضا وأما البكر فيكفي في ذلك سكوتها لنها تستحي من التصريح‬
‫بالرضا‪.‬‬

‫وإذا امتنعت عن الزواج فل يجوز أن يجبرها عليه أحد ولو كان أباها‪ ،‬لقول النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم‪) :‬والبكر يستأذنها أبوها( )‪ (5‬ول إثم على الب إذا لم يزوجها في هذه الحال لنها هي التي‬
‫امتنعت ولكن عليه أن يحافظ عليها ويصونها وإذا خطبها شخصان‪ ،‬وقالت‪ :‬أريد هذا وقال وليها‪:‬‬
‫تزوجي الخر‪ ،‬زوجت بمن تريد هي إذا كان كفئا لها أما إذا كان غير كفء فلوليها أن يمنعها من‬
‫زواجها به ول إثم عليه في هذه الحال ‪.‬‬

‫‪ -2‬الولي‪:‬‬
‫فل يصح النكاح بدون ولي لقول النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬ل نكاح إل بولي( )‪ (6‬فلو زوجت‬
‫المرأة نفسها فنكاحها باطل ‪ ،‬سواء باشرت العقد بنفسها أم وكلت فيه‪.‬‬

‫والولي‪ :‬هو البالغ العاقل الرشيد من عصباتها‪ ،‬مثل الب‪ ،‬والجد من قبل الب‪ ،‬والبن وابن البن‬
‫وإن نزل والخ الشقيق والخ من الب والعم الشقيق والعم من الب وأبنائهم القرب فالقرب‪ .‬ول‬
‫ولية للخوة من الم ول لبنائهم ول أبي الم والخوال لنهم غير عصبة وإذا كان ل بد في النكاح‬
‫من الولي فإنه يجب على الولي اختيار الكفأ المثل إذا تعدد الخطاب فإن خطبها واحد فقط وهو‬
‫كفء ورضيت فإنه يجب عليه أن يزوجها به وهنا نقف قليل لنعرف مدى المسئولية الكبيرة التي‬
‫يتحملها الولي بالنسبة إلى من وله ال عليها فهي أمانة عنده يجب عليه رعايتها ووضعها في محلها‬
‫ول يحل له احتكارها لغراضه الشخصية أو تزويجها بغير كفئها من أجل طمع فيما يدفع إليه‪ ،‬فإن‬
‫خوُنوْا َأَماَناِتُكْم َوَأنُتْم‬
‫ل َوَت ُ‬
‫سو َ‬
‫ل َوالّر ُ‬
‫خوُنوْا ا َّ‬
‫ل َت ُ‬
‫ن آَمُنوْا َ‬‫هذا من الخيانة وقد قال ال تعالى‪َ} :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ب ُكّل َخّواٍن كَُفوٍر{ ]الحج‪ [38 :‬وقال النبي صلى ال‬ ‫ح ّ‬ ‫ل ل ُي ِ‬ ‫ن ا َّ‬‫ن{ ]النفال‪ .[27 :‬وقال تعالى‪ِ} :‬إ ّ‬ ‫َتْعَلُمو َ‬
‫عليه وسلم‪) :‬كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته( )‪ .(7‬وترى بعض الناس تخطب منه ابنته يخطبها‬
‫كفء ثم يرده ويرد آخر وآخر ومن كان كذلك فإن وليته تسقط ويزوجها غيره من الولياء القرب‬
‫فالقرب‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬في صفة المرأة التي ينبغي نكاحها‬

‫النكاح يراد للستمتاع وتكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم كما قلنا فيما سبق‪ .‬وعلى هذا فالمرأة التي‬
‫ينبغي نكاحها هي التي يتحقق فيها استكمال هذين الغرضين وهي التي اتصفت بالجمال الحسي‬
‫والمعنوي‪.‬‬

‫فالجمال الحسي‪ :‬كمال الخلقة لن المرأة كلما كانت جميلة المنظر عذبة المنطق قرت العين بالنظر‬
‫إليها وأصغت الذن إلى منطقها فينفتح إليها القلب وينشرح إليها الصدر وتسكن إليها النفس ويتحقق‬
‫ق َلُكم ّمْن َأنُفِسُكْم َأْزَواًجا ّلَتْسُكُنوا ِإَلْيَها َوَجَعَل َبْيَنُكم ّمَوّدةً َوَرْحَمًة{ ]الروم‪:‬‬
‫خَل َ‬
‫ن َ‬ ‫فيها قوله تعالى‪َ} :‬وِم ْ‬
‫ن آَياِتِه َأ ْ‬
‫‪.[21‬‬

‫الجمال المعنوي‪ :‬كمال الدين والخلق فكلما كانت المرأة أدين وأكمل خلقا كانت أحب إلى النفس وأسلم‬
‫عاقبة فالمرأة ذات الدين قائمة بأمر ال حافظة لحقوق زوجها وفراشه وأولده وماله‪ ،‬معينه له على‬
‫طاعة ال تعالى‪ ،‬إن نسي ذكرته وإن تثاقل نشطته وإن غضب أرضته والمرأة الدبية تتودد إلى‬
‫زوجها وتحترمه ول تتأخر عن شيء يجب أن تتقدم فيه ول تتقدم في شيء يجب أن تتأخر فيه ولقد‬
‫)سئل النبي صلى ال عليه وسلم أي النساء خير؟ قال‪ :‬التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ول تخالفه‬
‫في نفسها ول ماله بما يكره( )‪ (8‬وقال صلى ال عليه وسلم‪) :‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم‬
‫النبياء‪ ،‬أو قال‪ :‬المم( )‪ (9‬فإن أمكن تحصيل امرأة يتحقق فيها جمال المنظر وجمال الباطن فهذا هو‬
‫الكمال والسعادة بتوفيق ال‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬في المحرمات بالنكاح‬

‫قال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬إن ال فرض فرائض فل تضيعوها‪ ،‬وحد حدودا فل تتعدوها( )‪.(10‬‬

‫ومن جملة الحدود الشرعية التي حد ال تعالى حدودها النكاح حل وحرمة‪ ،‬حيث حرم على الرجل‬
‫نكاح نساء معينة لقرابة أو رضاعة أو مصاهرة أو غير ذلك – والمحرمات من النساء على قسمين‪:‬‬

‫قسم محرمات دائما وقسم محرمات إلى أجل‪.‬‬


‫‪ -1‬محرمات دائما وهن ثلثة أصناف‪:‬‬

‫أول‪ :‬المحرمات بالنسب‪:‬‬

‫عّماُتُكْم‬
‫خَواُتُكْم َو َ‬
‫عَلْيُكْم ُأّمَهاُتُكْم َوَبَناُتُكْم َوَأ َ‬
‫ت َ‬ ‫وهن سبع ذكرهن ال تعالى بقوله في سورة النساء‪ُ } :‬‬
‫حّرَم ْ‬
‫ت{ ]النساء‪[23 :‬‬
‫خ ِ‬
‫لْ‬‫تا ُ‬
‫خ َوَبَنا ُ‬
‫لِ‬‫تا َ‬
‫لُتُكْم َوَبَنا ُ‬
‫خا َ‬
‫َو َ‬

‫‪ -1‬فالمهات‪ :‬يدخل فيهم‪ :‬الم‪ ،‬والجدات سواء كن من جهة الب أم من جهة الم‪.‬‬

‫‪ -2‬والبنات‪ :‬يدخل فيهن‪ :‬بنات الصلب وبنات البناء وبنات البنات )وإن نزلن(‪.‬‬

‫‪ -3‬والخوات‪ :‬يدخل فيهن الخوات الشقيقات والخوات من الب والخوات من الم‪.‬‬

‫‪ -4‬والعمات‪ :‬يدخل فيهن‪ :‬عمات الرجل وعمات أبيه وعمات أجداده وعمات أمه وعمات جداته‪.‬‬

‫‪ -5‬والخالت‪ :‬يدخل فيهن‪ :‬خالت الرجل وخالت أبيه وخالت أجداده وخالت أمه وخالت جداته‪.‬‬

‫‪ -6‬وبنات الخ‪ :‬يدخل فيهن بنات الخ الشقيق وبنات الخ من الب وبنات الخ من الم وبنات‬
‫أبنائهم وبنات بناتهم )وإن نزلن(‪.‬‬

‫‪ -7‬وبنات الخت‪ :‬يدخل فيهن‪ :‬بنات الخت الشقيقة وبنات الخت من الب وبنات الخت من الم‬
‫وبنات أبنائهن وبنات بناتهن )وإن نزلن(‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المحرمات بالرضاع‪:‬‬

‫وهن نظير المحرمات بالنسب‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬يحرم من الرضاع ما يحرم من‬
‫النسب( )‪ (11‬ولكن الرضاع المحرم ل بد له من شروط منها‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون خمس رضعات فأكثر‪ ،‬فلو رضع الطفل من المرأة أربع رضعات لم تكن أما له؛ لما‬
‫روى مسلم عن عائشة رضي ال عنها قالت‪) :‬كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات‬
‫يحرمن‪ ،‬ثم نسخن بخمس معلومات‪ ،‬فتوفي رسول ال صلى ال عليه وسلم وهي فيما يقرأ من‬
‫القرآن( )‪.(12‬‬

‫‪ -2‬يكون الرضاع قبل الفطام أي يشترط أن تكون الرضعات الخمس كلها قبل الفطام فإن كانت بعد‬
‫الفطام أو بعضها قبل الفطام وبعضها بعد الفطام لم تكن المرأة أما له وإذا تمت شروط الرضاع صار‬
‫الطفل ولدا للمرأة وأولدها أخوة له سواء كانوا قبله أو بعده وصار أولد صاحب اللبن أخوة له أيضا‬
‫سواء كانوا من المرأة التي أرضعت الطفل أم من غيرها‪ .‬وهنا يجب أن نعرف بأن أقارب الطفل‬
‫المرضع سوى ذريته ل علقة لهم بالرضاع ول يؤثر فيهم الرضاع شيئا فيجوز لخيه من النسب أن‬
‫يتزوج أمه من الرضاع أو أخته من الرضاع أما ذرية الطفل فإنهم يكونون أولدا للمرضعة وصاحب‬
‫اللبن كما كان أبوهم من الرضاع كذلك‪.‬‬

‫‪ -3‬ثالثا‪ :‬المحرمات بالصهر‪:‬‬

‫حوْا َما‬ ‫‪ -1‬زوجات الباء والجداد وإن علوا سواء من قبل الب أم من قبل الم‪ ،‬لقوله تعالى‪َ} :‬و َ‬
‫ل َتنِك ُ‬
‫َنَكَح آَباُؤُكم ّمَن الّنَساء{ ]النساء‪ [22 :‬فمتى عقد الرجل على امرأة صارت حراما على أبنائه وأبناء‬
‫أبنائه وأبناء بناته وإن نزلوا سواء دخل بها أم لم يدخل بها‪.‬‬
‫لِبُكْم{ ]النساء‪ [23 :‬فمتى عقد‬
‫صَ‬‫ن َأ ْ‬
‫ن ِم ْ‬
‫ل َأْبَناِئُكُم اّلِذي َ‬
‫لِئ ُ‬
‫حَ‬‫‪ -2‬زوجات البناء وإن نزلوا‪ ،‬لقوله تعالى‪َ} :‬و َ‬
‫الرجل على امرأة صارت حراما على أبيه وأجداده وإن علوا سواء من قبل الب أم من قبل الم‬
‫بمجرد العقد عليها وإن لم يدخل بها‪.‬‬

‫ت ِنَسآِئكُْم{ ]النساء‪ [23 :‬فمتى عقد الرجل على‬


‫‪ -3‬أم الزوجة وجدتها وإن علون‪ ،‬لقوله تعالى‪َ} :‬وُأّمَها ُ‬
‫امرأة صارت أمها وجدتها حراما عليه بمجرد العقد وإن لم يدخل بها سواء كن جدتها من قبل الب أم‬
‫من قبل الم‪.‬‬

‫‪ -4‬بنات الزوجة‪ ،‬وبنات أبنائها وبنات بناتها وإن نزلن وهن الربائب وفروعهن لكن بشرط أن يطأ‬
‫الزوجة فلو حصل الفراق قبل الوطء لم تحرم الربائب وفروعهن‪ ،‬لقوله تعالى‪َ} :‬وَرَباِئُبُكُم ال ّ‬
‫لِتي ِفي‬
‫ل ُجَناَح َعَلْيُكْم{ ]النساء‪ [23 :‬فمتى تزوج‬ ‫ن َف َ‬
‫خْلُتم ِبِه ّ‬
‫ن َفِإن ّلْم َتُكوُنوْا َد َ‬
‫خْلُتم ِبِه ّ‬
‫لِتي َد َ‬
‫سآِئُكُم ال ّ‬
‫جوِرُكم ّمن ّن َ‬
‫حُ‬‫ُ‬
‫الرجل امرأة ووطئها صارت بناتها وبنات أبنائها وبنات بناتها وإن نزلن حراما عليه سواء كن من‬
‫زوج قبله أم من زوج بعده أما إن حصل الفراق بينهما قبل الوطء فإن الربائب وفروعهن ل يحرمن‬
‫عليه‪.‬‬

‫‪ -2‬المحرمات إلى أجل‪:‬‬

‫وهن أصناف منها‪:‬‬

‫‪ -1‬أخت الزوجة وعمتها وخالتها حتى يفارق الزوجة فرقة موت أو فرقة حياة وتنقضي عدتها لقوله‬
‫تعالى‪َ} :‬وَأن َتْجَمُعوْا َبْيَن اُلْخَتْيِن{ ]النساء‪ [23 :‬وقول النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬ل يجمع بين المرأة‬
‫وعمتها ول بين المرأة وخالتها( )‪(13‬‬

‫‪ -2‬معتدة الغير‪ :‬أي إذا كانت المرأة في عدة لغيره فإنه ل يجوز له نكاحها حتى تنتهي عدتها وكذلك‬
‫ل يجوز له أن يخطبها إذا كانت في العدة حتى تنتهي عدتها‪.‬‬

‫‪ -3‬المحرمة بحج أو عمرة‪ :‬ل يجوز عقد النكاح عليها حتى تحل من إحرامها‪ .‬وهناك محرمات‬
‫أخرى تركنا الكلم فيهن خوفا من التطويل‪.‬‬

‫وأما الحيض‪ :‬فل يوجب تحريم العقد على المرأة فيعقد عليها وان كانت حائضا لكن ل توطأ حتى‬
‫تطهر وتغتسل‪.‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬في العدد المباح في النكاح‬

‫لما كان إطلق العنان للشخص في تزويج ما شاء من العدد أمرا يؤدي إلى الفوضى والظلم وعدم‬
‫القدرة على القيام بحقوق الزوجات وكان حصر الرجل على زوجة واحدة قد يفضي إلى الشر وقضاء‬
‫الشهوة بطريقة أخرى محرمة أباح الشارع للناس التعدد إلى أربعة فقط لنه العدد الذي يتمكن به‬
‫الرجل من تحقيق العدل والقيام بحق الزوجة ويسد حاجته إن احتاج إلى أكثر من واحدة‪ .‬قال ال‬
‫ث َوُرَباَع َفِإْن ِخْفُتْم َأّل َتْعِدُلوْا َفَواِحَدًة{ ]النساء‪ [3 :‬وفي‬
‫ل َ‬
‫ساء َمْثَنى َوُث َ‬
‫ن الّن َ‬
‫ب َلُكم ّم َ‬
‫طا َ‬ ‫تعالى‪َ} :‬فانِك ُ‬
‫حوْا َما َ‬
‫عهد النبي صلى ال عليه وسلم أسلم غيلن الثقفي وعنده عشرة نساء فأمره النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم أن يختار منهن أربعا ويفارق البواقي‪ ،‬وقال قيس بن الحارث‪ :‬أسلمت وعندي ثمانية نسوة‬
‫فأتيت النبي صلى ال عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال‪) :‬اختر منهن أربعا( )‪.(14‬‬

‫فوائد النساء إلى هذا الحد‪:‬‬


‫‪ -1‬أنه قد يكون ضروريا في بعض الحيان مثل‪ :‬أن تكون الزوجة كبيرة السن أو مريضة لو اقتصر‬
‫عليها لم يكن له منها عفاف وتكون ذات أولد منه فإن أمسكها خاف على نفسه المشقة بترك النكاح‬
‫أو ربما يخاف الزنا وإن طلقها فرق بينها وبين أولدها فل تزول هذه المشكلة إل بحل التعدد‪.‬‬

‫‪ -2‬أن النكاح سبب للصلة والرتباط بين الناس وقد جعله ال تعالى قسيما للنسب فقال تعالى‪َ} :‬وُهَو‬
‫صْهًرا{ ]الفرقان‪ [54 :‬فتعدد الزوجات يربط بين أسر كثيرة‬
‫سًبا َو ِ‬
‫جَعَلُه َن َ‬
‫شًرا َف َ‬
‫ن اْلَماء َب َ‬
‫ق ِم َ‬
‫خَل َ‬
‫اّلِذي َ‬
‫ويصل بعضهم ببعض وهذا أحد السباب التي حملت النبي صلى ال عليه وسلم أن يتزوج بعدد من‬
‫النساء‬

‫‪ -3‬يترتب عليه صون عدد كبير من النساء والقيام بحاجتهن من النفقة والمسكن وكثرة الولد‬
‫والنسل وهذا أمر مطلوب للشارع‪.‬‬

‫‪ -4‬من الرجال من يكون حاد الشهوة ل تكفيه الواحدة وهو تقي نزيه ويخاف الزنا ولكن يريد أن‬
‫يقضي وطرا في التمتع الحلل فكان من رحمة ال تعالى بالخلق أن أباح لهم التعدد على وجه سليم‪.‬‬

‫الفصل السابع‪ :‬في حكمة النكاح‬

‫قبل أن نبدأ الكلم في خصوص تلك المسألة يجب علينا أن نعلم علما يقينا بأن الحكام الشرعية كلها‬
‫حكم وكلها في موضعها وليس فيها شيء من العبث والسفه ذلك لنها من لدن حكيم خبير ولكم هل‬
‫الحكم كلها للخلق؟ إن الدمي محدود في علمه وتفكيره وعقله فل يمكن أن يعلم كل شيء ول أن يلهم‬
‫ل{ ]السراء ‪ [85 -‬إذن‪ :‬فالحكام الشرعية‬ ‫معرفة كل شيء قال ال تعالى‪َ} :‬وَما ُأوِتيُتم ّمن اْلِعْلِم ِإ ّ‬
‫ل َقِلي ً‬
‫التي شرعها ال لعباده يجب علينا الرضا بها سواء علمنا حكمتها أم لم نعلم لننا إذا لم نعلم حكمتها‬
‫فليس معناه أنه ل حكمة فيها في الواقع إنما معناه قصور عقولنا وإفهامنا عن إدراك الحكمة‪.‬‬

‫من الحكم في النكاح‪:‬‬

‫‪ -1‬حفظ كل من الزوجين وصيانته‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬يا معشر الشباب من استطاع‬
‫منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج( )‪(15‬‬

‫‪ -2‬حفظ المجتمع من الشر وتحلل الخلق فلول النكاح لنتشرت الرذائل بين الرجال والنساء‪.‬‬

‫‪ -3‬استمتاع كل من الزوجين بالخر بما يجب له من حقوق وعشرة فالرجل يكفل المرأة ويقوم‬
‫بنفقاتها من طعام وشراب ومسكن ولباس بالمعروف قال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬ولهن عليكم‬
‫رزقهن وكسوتهن بالمعروف( )‪ (16‬والمرأة تكفل الرجل أيضا بالقيام بما يلزمها في البيت من رعاية‬
‫وإصلح قال النبي صلى ال عليه وسلم‪ ...) :‬والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها( )‬
‫‪.(17‬‬

‫‪ -4‬أحكام الصلة بين السر والقبائل فكم من أسرتين متباعدتين ل تعرف إحداهما الخرى وبالزواج‬
‫يحصل التقارب بينهما والتصال ولهذا جعل ال الصهر قسيما للنسب كما تقدم‪.‬‬

‫‪ -5‬بقاء النوع النساني على وجه سليم فإن كان النكاح سبب للنسل الذي به بقاء النسان قال ال‬
‫ساًء{‬
‫ل َكِثيًرا َوِن َ‬
‫جا ً‬
‫ث ِمْنُهَما ِر َ‬
‫جَها َوَب ّ‬
‫ق ِمْنَها َزْو َ‬
‫خَل َ‬
‫حَدٍة َو َ‬
‫س َوا ِ‬
‫خَلَقُكم ّمن ّنْف ٍ‬ ‫تعالى‪َ} :‬يا َأّيَها الّنا ُ‬
‫س اّتُقوْا َرّبُكُم اّلِذي َ‬
‫]النساء‪ [1 :‬ولول النكاح للزم أحد أمرين إما‪:‬‬

‫‪ -1‬فناء النسان‬
‫‪ -2‬أو وجود إنسان ناشئ من سفاح ل يعرف له أصل ول يقوم على أخلق ‪ -‬ويطيب لي أن استطرد‬
‫هنا قليل لحكم تحديد النسل فأقول‪:‬‬

‫حكم تحديد النسل‪:‬‬

‫تحديد النسل بعدد معين خلف مطلوب الشارع؛ فإن النبي صلى ال عليه وسلم أمر بتزوج المرأة‬
‫الولود أي كثيرة الولدة وعلل ذلك بأنه مكاثر بنا المم أو النبياء وقال أهل الفقه‪ :‬ينبغي أن يتزوج‬
‫المرأة المعروفة بكثرة الولدة إما بنفسها إن كانت تزوجت من قبل وعرفت بكثرة الولدة أو بأقاربها‬
‫كأمها وأختها إذا كانت لم تتزوج من قبل‪.‬‬

‫ثم ما الداعي لتحديد النسل؟ هل هو الخوف من ضيق الرزق أو الخوف من تعب التربية؟ إن كان‬
‫الول فهذا سوء ظن بال تعالى لن ال سبحانه وتعالى إذا خلق خلقا فل بد أن يرزقه‪ .‬قال ال تعالى‪:‬‬
‫ل ِرْزَقَها ا ُّ‬
‫ل‬ ‫ل ِرْزُقَها{ ]هود‪ [6 :‬وقال تعالى‪َ} :‬وَكَأّين ِمن َداّبٍة ل َت ْ‬
‫حِم ُ‬ ‫عَلى ا ِّ‬
‫ل َ‬
‫ض ِإ ّ‬
‫لْر ِ‬
‫}َوَما ِمن َدآّبٍة ِفي ا َ‬
‫َيْرُزُقَها َوِإّياُكْم َوُهَو الّسِميُع اْلَعِليُم{ ]العنكبوت‪ [60 :‬وقال تعالى في الذين يقتلون أولدهم خشية الفقر‪:‬‬
‫}ّنْحُن َنْرُزُقُهْم َوِإّياُكم{ ]السراء‪ [31 :‬وإن كان الداعي لتحديد النسل هو الخوف من تعب التربية فهذا‬
‫خطأ فكم من عدد قليل من الولد أتعبوا إتعابا كبيرا في التربية وكم من عدد سهلت تربيتهم بأكثر‬
‫ممن هم دونهم بكثير‪ .‬فالمدار في التربية صعوبة وسهولة على تيسير ال تعالى وكلما اتقى العبد ربه‬
‫سًرا{‬ ‫ن َأْمِرهِ ُي ْ‬
‫جَعل ّلُه ِم ْ‬
‫ل َي ْ‬ ‫وتمشى على الطرق الشرعية سهل ال أمره قال ال تعالى‪َ} :‬وَمن َيّت ِ‬
‫ق ا َّ‬
‫]الطلق‪.[4 :‬‬

‫وإذا تبين أن تحديد النسل خلف المشروع فهل تنظيم النسل على الوجه الملئم لحال الم من ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬ل ليس تنظيم النسل على الوجه الملئم لحال الم من تحديد النسل في شيء وأعني بتنظيم‬
‫النسل أن يستعمل الزوجان أو أحدهما طريقة تمنع من الحمل في وقت دون وقت فهذا جائز إذا‬
‫رضي به من الزوج والزوجة مثل‪ :‬أن تكون الزوجة ضعيفة والحمل يزيدها ضعفا أو مرضا وهي‬
‫كثيرة الحمل فتستعمل برضا الزوج هذه الحبوب التي تمنع من الحمل مدة معينة فل بأس بذلك وقد‬
‫كان الصحابة يعزلون في عهد النبي صلى ال عليه وسلم ولم ينهوا عن ذلك والعزل من أسباب‬
‫امتناع الحمل من هذا الوطء‪.‬‬

‫الفصل الثامن‪ :‬في الثار المترتبة على النكاح‬

‫يترتب على النكاح آثار كثيرة منها ما يلي‪:‬‬

‫أول‪ :‬وجوب المهر‪:‬‬

‫والمهر‪ :‬هو الصداق المسمى باللغة العامة – ) جهازا ‪ -‬فالمهر ثابت للمرأة بالنكاح سواء شرط أم‬
‫سكت عنه وهو المال المدفوع للزوجة بسبب عقد النكاح فإن كان معينا فهو ما عين سواء كان قليل‬
‫أم كثيرا وإن كان غير معين بأن عقد عليها ولم يدفع جهازا ولم يسموا شيئا فعلى الزوج أن يدفع إليها‬
‫مهر الثمن وهو ما جرت العادة أن يدفع لمثلها – وكما يكون المهر مال أي عينا يكون كذلك منفعة‬
‫فلقد زوج النبي صلى ال عليه وسلم امرأة برجل على أن يعلمها شيئا من القران )‪ (18‬والمشروع في‬
‫المهر أن يكون قليل فكلما قل وتيسر فهو أفضل اقتداء بالنبي صلى ال عليه وسلم وتحصيل للبركة‬
‫فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة وروى مسلم في صحيحه )أن رجل قال للنبي صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ :‬إني تزوجت امرأة‪ .‬قال‪ :‬كم أصدقتها؟ قال‪ :‬أربع أواق ‪-‬يعني مائة وستين درهما‪ -‬فقال النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل‪ ،‬ما عندنا ما نعطيك‬
‫ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه( )‪ (19‬وقال عمر رضي ال عنه‪) :‬ل تغلوا صدق النساء‬
‫فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الخرة كان أولكم بها النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ما‬
‫أصدق النبي صلى ال عليه وسلم امرأة من نسائه ول أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة‬
‫أوقية‪ ،‬والوقية أربعون درهما( ولقد كان تصاعد المهور في هذه السنين له أثره السيئ في منع كثير‬
‫من الناس من النكاح رجال ونساء وصار الرجل يمضي السنوات الكثيرة قبل أن يحصل المهر‪ ،‬فنتج‬
‫عن ذلك مفاسد منها‪:‬‬

‫‪ -1‬تعطل كثير من الرجال والنساء عن النكاح‪.‬‬

‫‪ -2‬أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلى المهر قلة وكثرة فالمهر عند كثير منهم هو ما يستفيدونه من‬
‫الرجل لمرأته فإذا كان كثيرا زوجوا ولم ينظروا للعواقب وإن كان قليل ردوا الزوج وإن كان‬
‫مرضيا في دينه وخلقه‪.‬‬

‫‪ -3‬أنه إذا ساءت العلقة بين الزوج والزوجة وكان المهر بهذا القدر الباهظ فإنه ل تسمح نفسه غالبا‬
‫بمفارقتها بإحسان بل يؤذيها ويتعبها لعلها ترد شيئا مما دفع إليها ولو كان المهر قليل لهان عليه‬
‫فراقها‪.‬‬

‫ولو أن الناس اقتصدوا في المهر وتعاونوا في ذلك وبدأ العيان بتنفيذ هذا المر لحصل للمجتمع خير‬
‫كثير وراحة كبيرة وتحصين كثير من الرجال والنساء ولكن مع السف إن الناس صاروا يتبارون في‬
‫السبق إلى تصاعد المهور وزيادتها فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل ول ندري إلى‬
‫أي غاية ينتهون؟ ولقد كان بعض الناس وخصوصا البادية يسلكون مسلكا فيه بعض السهولة وهو‬
‫تأجيل شيء من المهر مثل‪ :‬أن يزوجه بمهر قدره كذا نصفه حال ونصفه مؤجل إلى سنة أو أقل أو‬
‫أكثر وهذا يخفف عن الزوج بعض التخفيف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬النفقة‪:‬‬

‫فعلى الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف طعاما وشرابا وكسوة وسكنى فإن بخل بشيء من‬
‫الواجب فهو آثم ولها أن تأخذ من ماله بقدر كفايتها أو تستدين عليه ويلزمه الوفاء‪.‬‬

‫ومن النفقة‪ :‬الوليمة وهي ما يصنعه الزوج من الطعام أيام الزواج ويدعو الناس إليه وهي سنة مأمور‬
‫بها لن النبي صلى ال عليه وسلم فعلها وأمر بها ولكن يجب في الوليمة أن يتجنب فيها السراف‬
‫المحرم وينبغي أن تكون بقدر حال الزوج أما ما يفعله بعض الناس من السراف فيها كمية وكيفية‬
‫فإنه ل ينبغي ويترتب عليه صرف أموال كثيرة بل فائدة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الصلة بين الزوج وزوجته وبين أهليهما‪:‬‬

‫فقد جعل ال بين الزوج وزوجته مودة ورحمة وهذا التصال يوجب الحقوق المترتبة عليه عرفا فإنه‬
‫كلما حصلت الصلة وجب من الحقوق بقدرها‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬المحرمية‪:‬‬

‫فإن الزوج يكون محرما لمهات زوجته وجداتها وإن علون ويكون محرما لبناتها وبنات أبنائها‬
‫وبنات بناتها وإن نزلن إذا كان دخل بأمهن الزوجة وكذلك الزوجة تكون من محارم أباء الزوج وإن‬
‫علوا وأبنائه وإن نزلوا‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬الرث‪:‬‬
‫ف َما‬ ‫فمتى عقد شخص على امرأة بنكاح صحيح فإنه يجري التوارث بينهما لقوله تعالى‪َ} :‬وَلُكْم ِن ْ‬
‫ص ُ‬
‫صوَن ِبَها َأْو َدْيٍن{ ]النساء‪ [12 :‬ول فرق بين أن يدخل ويخلو بها أم ل‪.‬‬
‫جُكْم{ إلى قوله‪ُ} :‬تو ُ‬
‫ك َأْزَوا ُ‬
‫َتَر َ‬

‫الفصل التاسع‪ :‬في حكم الطلق وما يراعى فيه‬

‫الطلق فراق الزوجة باللفظ أو الكتابة أو الشارة‪.‬‬

‫والصل في الطلق أنه مكروه إذ إنه يحصل به تفويت مصالح النكاح السابقة‪ ،‬وتشتيت السرة‪ ،‬وفي‬
‫الحديث‪) :‬أبغض الحلل عند ال الطلق(‪.‬‬

‫ولكن لما كان الطلق ل بد منه أحيانا إما لتأذي المرأة ببقائها مع الرجل‪ ،‬أو لتأذي الرجل منها‪ ،‬أو‬
‫لغير ذلك من المقاصد‪ ،‬كان من رحمة ال أن أباحه لعباده‪ ،‬ولم يحجر عليهم بالتضييق والمشقة‪.‬‬

‫فإذا كره الرجل زوجته ولم يتحمل الصبر فل بأس أن يطلقها‪ ،‬ولكن يجب أن يراعي ما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1‬أل يطلقها وهي حائض‪:‬‬

‫فإن طلقها وهي حائض فقد عصى ال ورسوله‪ ،‬وارتكب محرما‪ ،‬ويجب عليه حينئذ أن يراجع‬
‫ويبقيها حتى تطهر‪ ،‬ثم يطلقها إن شاء‪ ،‬والولي أن يتركها حتى تحيض المرة الثانية‪ ،‬فإذا طهرت فإن‬
‫شاء أمسكها‪ ،‬وإن شاء طلقها‪.‬‬

‫‪ -2‬أل يطلقها في طهر جامعها فيه إل أن يتبين حملها‪:‬‬

‫فإذا هم رجل بطلق امرأته‪ ،‬وقد جامعها بعد حيضتها‪ ،‬فإنه ل يطلقها حتى تحيض ثم تطهر‪ ،‬ولو‬
‫طالت المدة‪ ،‬ثم إن شاء طلقها قبل أن يمسها‪ .‬إل إذا تبين حملها‪ ،‬أو كانت حامل‪ ،‬فل بأس أن يطلقها‪.‬‬
‫طّلُقوُهّن ِلِعّدِتِهّن{ ]الطلق‪.[1:‬‬
‫ساء َف َ‬
‫طّلْقُتُم الّن َ‬ ‫قال ال تعالى‪َ} :‬يا َأّيَها الّنِب ّ‬
‫ي ِإَذا َ‬

‫قال ابن عباس رضي ال عنهما‪" :‬ل يطلقها وهي حائض‪ ،‬ول في طهر قد جامعها فيه‪ ،‬ولكن يتركها‬
‫إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة"‪.‬‬

‫‪ -3‬أل يطلقها أكثر من واحدة‪:‬‬

‫فل يقول‪ :‬أنت طالق طلقتين‪ ،‬أو أنت طالق ثلثا‪ ،‬أو أنت طالق‪ ،‬أنت طالق‪ ،‬أنت طالق‪ ،‬فطلق‬
‫الثلث محرم لما روي عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال في رجل طلق امرأته ثلث تطليقات‬
‫جميعا‪) :‬أيلعب بكتاب ال وأنا بين أظهركم؟ حتى قام رجل فقال‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬أل أقتله؟( )‪(20‬‬

‫وإن كثير من الناس يجهلون أحكام الطلق‪ ،‬فأي وقت طرأ عليهم الطلق طلقوا من غير مبالة بوقت‬
‫أو عدد‪.‬‬

‫ظَلَم‬
‫ل َفَقْد َ‬ ‫والواجب على العبد أن يتقيد بحدود ال‪ ،‬ول يتعداها‪ .‬فقد قال ال تعالى‪َ } :‬وَمن َيَتَعّد ُ‬
‫حُدوَد ا ِّ‬
‫ظاِلُموَن{ ] البقرة‪.[229 :‬‬ ‫ك ُهُم ال ّ‬
‫ل َفُأْوَلِئ َ‬ ‫سُه{ ] الطلق‪ [1 :‬وقال‪َ} :‬وَمن َيَتَعّد ُ‬
‫حُدوَد ا ِّ‬ ‫َنْف َ‬

‫الفصل العاشر‪ :‬فيما يترتب على الطلق‬


‫لما كان الطلق فراق الزوجة‪ ،‬فإنه يترتب على هذا الفراق أحكام كثيرة منها‪:‬‬

‫‪ -1‬وجوب العدة إذا كان الزوج قد دخل بزوجته أو خل بها‪.‬‬

‫حُتُم‬ ‫أما إن طلقها قبل أن يدخل بها ويخلو بها‪ ،‬فل عدة له عليها‪ ،‬لقوله تعالى‪َ} :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن آَمُنوا ِإَذا َنَك ْ‬
‫طّلْقُتُموُهّن ِمن َقْبِل َأن َتَمّسوُهّن َفَما َلُكْم َعَلْيِهّن ِمْن ِعّدٍة َتْعَتّدوَنَها{ ] الحزاب‪.[49 :‬‬
‫ت ُثّم َ‬
‫اْلُمْؤِمَنا ِ‬

‫والعدة ثلث حيض إن كانت من ذوات الحيض‪ ،‬وثلثة أشهر إن لم تكن من ذوات الحيض‪ ،‬ووضع‬
‫الحمل إن كانت حامل‪.‬‬

‫‪ -2‬تحريم الزوجة على الزوج إذا كان قد طلقها قبل ذلك الطلق مرتين‪:‬‬

‫يعني‪ :‬لو طلق زوجته ثم راجعها في العدة‪ ،‬أو تزوجها بعد العدة‪ ،‬ثم طلقها مرة ثانية وراجعها في‬
‫العدة‪ ،‬أو تزوج بعدها‪ ،‬ثم طلقها المرة الثالثة‪ ،‬فإنها ل تحل له بعد ذلك حتى تنكح زوجا غيره نكاحا‬
‫لُ‬
‫ق‬ ‫طَ‬‫صحيحا‪ ،‬ويجامعها فيه‪ ،‬ثم يرغب عنها ويطلقها‪ ،‬فإنها بعد ذلك تحل للول‪ ،‬لقوله تعالى‪} :‬ال ّ‬
‫طّلَقَها{ يعني المرة الثالثة‬ ‫ن{ ] البقرة‪ .[229 :‬إلى أن قال‪َ} :‬فِإن َ‬ ‫سا ٍ‬‫حَ‬‫ح ِبِإ ْ‬
‫سِري ٌ‬‫ف َأْو َت ْ‬
‫ك ِبَمْعُرو ٍ‬‫سا ٌ‬‫ن َفِإْم َ‬
‫َمّرَتا ِ‬
‫ل ُجَناَح َعَلْيِهَما{ يعني الزوج الول‬ ‫طّلَقَها{ يعني الثاني }َف َ‬ ‫غْيَرُه َفِإن َ‬ ‫جا َ‬‫ح َزْو ً‬ ‫ى َتنِك َ‬‫حّت َ‬
‫ل َلُه ِمن َبْعُد َ‬
‫حّ‬‫ل َت ِ‬‫} َف َ‬
‫ل ُيَبّيُنَها ِلَقْوٍم َيْعَلُموَن{ ]البقرة‪:‬‬
‫ك حُُدوُد ا ِّ‬
‫ل َوِتْل َ‬
‫حُدوَد ا ِّ‬
‫ظّنا َأن ُيِقيَما ُ‬
‫جَعا ِإن َ‬ ‫وزوجته التي طلقها }َأن َيَتَرا َ‬
‫‪.[230‬‬

‫وإنما حرم ال المرأة على من طلقها ثلث مرات حتى تنكح زوجا غيره‪ ،‬لن الناس كانوا في أول‬
‫السلم يطلقون ويراجعون بأي عدد كان‪ ،‬فغضب رجل على امرأته فقال لها‪ :‬وال ل أؤويك ول‬
‫أفارقك‪ .‬قالت‪ :‬وكيف ذلك؟ قال‪ :‬أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك‪ ،‬ثم أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك‪،‬‬
‫ق َمّرَتاِن{‪ .‬ووقت العدة‬
‫لُ‬ ‫فذكرت المرأة ذلك لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأنزل ال تعالى }ال ّ‬
‫طَ‬
‫ثلث رحمة بالنساء من أزواجهن‪.‬‬

‫أيها الخوة‪:‬‬

‫لعلنا أتينا بجمل كثيرة من أحكام النكاح‪ ،‬متحرين بذلك أن تكون بالقدر المناسب من غير تطويل ممل‬
‫ول تقصير مخل‪ ..‬وأسأل ال تعالى أن ينفع بها‪ ،‬وأن يجعل العمل خالصا ل موافقا لمرضاة ال‪ ،‬وأن‬
‫يجعل من هذه المة جيل عالما بأحكام ال‪ ،‬حافظا لحدود ال‪ ،‬قائما بأمر ال‪ ،‬هاديا لعباد ال‪.‬‬

‫}ربنا ل تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب{‪.‬‬

‫}ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار{ ‪ ..‬وصلي ال علي نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬

You might also like