Professional Documents
Culture Documents
الزواج لابن عثيمين
الزواج لابن عثيمين
مقدمة
إن الحمد ل نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له وأشهد أن ل اله إل ال وحده ل شريك له وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله صلى ال على آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد :فإنني مسرور بما تيسر لي من المشاركة في الموسم الثقافي للمحاضرات في كليتي الشريعة
واللغة العربية بالقصيم لما أرجوه من الفائدة التي تحصل لي ولمن سمع محاضراتي أو قرأها إن شاء
ال تعالى وأسأل ال تعالى أن يجعل عملنا جميعا خالصا لوجهه موافقا لمرضاته.
ولكنني أحب أن أقدم كلمة قبل الدخول في صميم المحاضرة تكون مناسبة – إن شاء ال – وهي أنكم
تعرفون أيها الخوة ..وأيها المشايخ أن السلم في عصرنا هذا محارب من جهات متعددة.
وإنه كلما شنت الغارات وقويت فإنه يجب أن يكون لها مضاد يقابلها بل يكون أعلى منها فإذا لم يكن
ذلك فإن معناه القضاء على السلم.
وهذا أمر في أعناق أهل العلم وأهل الدين ،يجب عليهم أن يبذلوا الجهد ما استطاعوا بأن يمنعوا هذه
التيارات التي جاءتنا من كل جانب والتي أصبح النسان فيها بل الحليم حيران ل يدري كيف
يتصرف ؟
ولقد كنا نسمع كثيرا أن أعداء المسلمين يقولون :إنه يجب التركيز على – المملكة العربية السعودية
– لكونها مهد السلم وقبلة المسلمين وقدوتهم ،ولهذا تجدهم يشنون الغارات الشرسة والمكايد
المحكمة ويكرسون جهودهم لحرب هذه المملكة وإذا لم يقم أهل هذه المملكة من علماء ومن مخلصين
بإيصاد الباب أمام هؤلء وسوف يجوسون خلل الديار وسوف تجدون أمورا تنكرونها غاية النكار.
-1توحيد الدعوة
-2توحيد الجهد
ولكني أقول بالحقيقة إننا نعمل على ذلك كل منا كأنما يعمل وحده ل نجد اثنين إل ما شاء ال على
هدف واحد أو بعبارة أصح على طريق واحد وإن كان الهدف متحدا.
لذلك أرى أن من واجب علماء هذه المملكة سواء في الرياض أو في الحجاز أو في القصيم أو في
غيرها من مناطق المملكة أن يجتمعوا على كلمة واحدة وأن يدرسوا الموضوع بجد لنه خطير فيما
أرى ،يدرسوه دراسة وافية ل فيما يتصل بوسائل العلم ول فيما يتصل بوسائل الثقافة ومناهج
المدارس ومقرراتها ول فيما يكون بين عامة الناس من النحراف والنصراف عن أصول دينهم
وفروعه.
ونحن نجد كثيرا من طلب العلم مشغولون بغير ما هم مكلفون به بطلب الدنيا والقبال عليها
واللتفاف حولها وهذا في الحقيقة يضعف دعوتهم إلى الخير ،يضعف قبولها أمام العامة أيضا فإن
لسلوك العالم خطرا بالغا في تأثيره على من حوله فإذا كان العامة ل يجدون من أهل العلم إل التكالب
على الدنيا كما يتكالب عليها السوقة من عامة الناس فإنهم لن يثقوا أبدا بما عندهم من الرشادات
والعلوم.
كذلك أيها الخوة بالنسبة لولة المور يجب علينا مناصحتهم .النبي صلى ال عليه وسلم قال) :الدين
النصيحة( ثلث مرات قالوا :لمن يا رسول ال ؟ قال) :ل ولكتابه ولرسوله ولئمة المسلمين
وعامتهم( ).(1
فالواجب علينا مناصحة ولة المور وأل نعتمد على رجل أو رجلين أو ثلثة أو أربعة ،يناصحون
ولة المور ،فولة المور إذا كثر ناصحوهم وعرفوا الحق من كل جانب وجاءتهم النصيحة من كل
وجه فإنهم ل بد أن يلتفتوا إلى ذلك وأن يسلكوا المنهج الذي نسأل ال تعالى أن يوفقهم له ،وهو منهج
النبي صلى ال عليه وسلم ظاهرا وباطنا.
كذلك بالنسبة للعامة نجد أكثر المساجد – مع السف – غالب أئمتها جهال ول يرشدون ول ينصحون
ول يتكلمون وكان الناس قبل وقتنا الحاضر وقبل أن تفتح عليهم الدنيا ،يأخذ إمامهم وإن لم يكن من
طلبة العلم بعض الكتب المعتمدة ،فيقرؤها على المصلين وينتفعون بها ،أما اليوم فغالب المساجد ل
يقرأ فيها شيء ول يوجه المام جماعته إلى ما ينفعهم ولهذا تجد عزوف العامة عن المسائل الدينية
كثيرا جدا وهذا كله بتقصير من أهل العلم وبتقصير ممن يهمهم هذا المر ،فعلينا أيها الخوة أن
نجتمع وأن نوحد جهودنا وأن نناصح ولة أمورنا وأن نبذل الجهد في نصح عامة المسلمين في
المساجد والطرقات وغيرها ما استطعنا إلى ذلك سبيل.
وشيء آخر مهم جدا وهو العزلة بين الشباب والشيوخ هذه العزلة التي أصبح الشباب فيها حيران ل
يهتدون سبيل كل هذا في الحقيقة من تقصير كبار السن وعدم التفات بعضهم إلى الشباب مطلقا حتى
إنهم ل يصغون لهم وإن قالوا رشدا ،وهذا من الخطأ فالواجب علينا أن نكون مع هؤلء الشباب وأن
ننظر ما هم عليه وأن نلحظ ما حولهم مما يؤثر عليهم وما السبب الذي أوجب لهم هذا العزوف
والنصراف عن القبال على دينهم ؟ حتى إذا عرفنا الداء أمكننا أن نقوم بإعطاء الدواء.
وأما كوننا إذا سمعنا ما ل ينبغي عن بعضهم أعرضنا عن الجميع ثم نبذناهم وجعلنا نسبهم في كل
مكان ول نبالي بشأنهم وننظر إليهم بعين الحتقار فهذا مما يوجب الشر العظيم من بعد الشباب عن
الشيوخ وعن أهل العلم والدين حتى تقودهم الشياطين إلى ما تريد.
فعلينا أيها الخوة أن نراعي هذه المسألة الخطيرة وأن نلقي لها بال ونحسب لها حسابا.
وعلى المدرسين خصوصا :أن يجتهدوا في تثقيف الطلبة تثقيفا دينيا وأن يرغبوهم فيما جاء به النبي
صلى ال عليه وسلم من كتاب ال تعالى وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم وأن يبصروهم بالدين
على حقيقته وأن يكشفوا لهم الحكام الشرعية كشفا واضحا مع بيان أسرار الشريعة وحكمتها لني
أرى أن التعليم ول سيما الجامعي فيه بعض النقص وذلك أن بعض المدرسين يلقي الدرس جافا أي
أنهم ل يبينون للطلبة دليل حكم المسألة ول حكمته وواقع المؤمن أن ينقاد إلى أمر ال ورسوله سواء
خَيَرُة ِم ْ
ن ن َلُهُم اْل ِ
سوُلُه َأْمًرا َأن َيُكو َ
ل َوَر ُ
ضى ا ُّ
ن َول ُمْؤِمَنٍة ِإَذا َق َ علم الحكمة أم ل .قال تعالى }َوَما َكا َ
ن ِلُمْؤِم ٍ
َأْمِرِهْم{ ] الحزاب [36 -ولكنه إذا عرف الحكمة ازداد اطمئنانا وتطبيقا ورغبة في الشريعة ولهذا
أحث إخواني المدرسين على أن يلقوا العلم إلى الطلبة دسما حيا محركا للقلوب مهذبا للنفوس ينشرح
به الصدر وتطمئن إليه النفس.
لقد كان موضوع محاضرتي هذه "عقد النكاح وآثاره وما يترتب عليه وغير ذلك من بعض ما يتعلق
به".
واخترت هذا الموضوع لهميته وجهل كثير من الناس بكثير من أحكامه ،ولما يتصل به من
المشكلت الجتماعية التي يتمنى كل مخلص وناصح لدينه وأمته أن ييسر حلها ،فإن المشكلت كلما
طرقت وألقيت الضواء عليها تيسر حلها وإذا تناساها الناس وأغمضوا عيونهم بقيت كما هي أو
زادت غموضا وإشكال.
النكاح في اللغة :يكون بمعنى عقد التزويج ويكون بمعنى وطء الزوجة قال أبو علي القالي" :فرقت
العرب فرقا لطيفا يعرف به موضع العقد من الوطء ،فإذا قالوا :نكح فلنة أو بنت فلن أرادوا عقد
التزويج ،وإذا قالوا :نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إل الجماع والوطء".
ومعنى النكاح في الشرع" :تعاقد بين رجل وامرأة يقصد به استمتاع كل منهما بالخر وتكوين أسرة
صالحة ومجتمع سليم".
ومن هنا نأخذ أنه ل يقصد بعقد النكاح مجرد الستمتاع بل يقصد به مع ذلك معنى آخر هو تكوين
السرة الصالحة والمجتمعات السليمة لكن قد يغلب أحد القصدين على الخر لعتبارات معينة
بحسب أحوال الشخص.
النكاح باعتبار ذاته مشروع مؤكد في حق كل ذي شهوة قادر عليه .وهو من سنن المرسلين ،قال ال
ك َوَجَعْلَنا َلُهْم َأْزَواًجا َوُذّرّيًة{ ]الرعد[38-
ل ّمن َقْبِل َ
سً تعالىَ} :وَلَقْد َأْر َ
سْلَنا ُر ُ
وقد تزوج النبي صلى ال عليه وسلم وقال) :إني أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني( ).(2
ولذلك قال العلماء) :إن التزويج مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة( لما يترتب عليه من المصالح
الكثيرة والثار الحميدة التي سنبين بعضها فيما بعد إن شاء ال.
وقد يكون النكاح واجبا في بعض الحيان كما إذا كان الرجل قوي الشهوة ويخاف على نفسه إن لم
يتزوج فهنا يجب عليه أن يتزوج لعفاف نفسه وكفها عن الحرام ويقول النبي صلى ال عليه وسلم:
)يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع
فعليه بالصوم فإنه له وجاء( )(3
من حسن التنظيم السلمي ودقته في شرع الحكام أن جعل للعقود شروطا بها وتتحدد فيها
صلحيتها للنفوذ والستمرار فكل عقد من العقود له شروط ل يتم إل بها وهذا دليل واضح على
أحكام الشريعة وإتقانها وأنها جاءت من لدن حكيم خبير يعلم ما يصلح للخلق ويشرع لهم ما يصلح به
دينهم ودنياهم حتى ل تكون المور فوضى ل حدود لها ومن بين تلك العقود عقد النكاح فعقد النكاح
له شروط نذكر منها ما يأتي وهو أهمها:
-1رضا الزوجين:
فل يصح إجبار الرجل على نكاح من ل يريد ول إجبار المرأة على نكاح من ل تريد .قال ال تعالى:
}َيا َأّيَها اّلِذيَن آَمُنوْا َل َيِحّل َلُكْم َأن َتِرُثوْا الّنَساء َكْرًها{ ]النساء [19:وقال النبي صلى ال عليه وسلم) :ل
تنكح اليم حتى تستأمر ول تنكح البكر حتى تستأذن ،قالوا :يا رسول ال وكيف إذنها ؟ قال :أن
تسكت( ) (4فنهى النبي صلى ال عليه وسلم عن تزويج المرأة بدون رضاها سواء أكانت بكرا أم ثيبا
إل أن الثيب ل بد من نطقها بالرضا وأما البكر فيكفي في ذلك سكوتها لنها تستحي من التصريح
بالرضا.
وإذا امتنعت عن الزواج فل يجوز أن يجبرها عليه أحد ولو كان أباها ،لقول النبي صلى ال عليه
وسلم) :والبكر يستأذنها أبوها( ) (5ول إثم على الب إذا لم يزوجها في هذه الحال لنها هي التي
امتنعت ولكن عليه أن يحافظ عليها ويصونها وإذا خطبها شخصان ،وقالت :أريد هذا وقال وليها:
تزوجي الخر ،زوجت بمن تريد هي إذا كان كفئا لها أما إذا كان غير كفء فلوليها أن يمنعها من
زواجها به ول إثم عليه في هذه الحال .
-2الولي:
فل يصح النكاح بدون ولي لقول النبي صلى ال عليه وسلم) :ل نكاح إل بولي( ) (6فلو زوجت
المرأة نفسها فنكاحها باطل ،سواء باشرت العقد بنفسها أم وكلت فيه.
والولي :هو البالغ العاقل الرشيد من عصباتها ،مثل الب ،والجد من قبل الب ،والبن وابن البن
وإن نزل والخ الشقيق والخ من الب والعم الشقيق والعم من الب وأبنائهم القرب فالقرب .ول
ولية للخوة من الم ول لبنائهم ول أبي الم والخوال لنهم غير عصبة وإذا كان ل بد في النكاح
من الولي فإنه يجب على الولي اختيار الكفأ المثل إذا تعدد الخطاب فإن خطبها واحد فقط وهو
كفء ورضيت فإنه يجب عليه أن يزوجها به وهنا نقف قليل لنعرف مدى المسئولية الكبيرة التي
يتحملها الولي بالنسبة إلى من وله ال عليها فهي أمانة عنده يجب عليه رعايتها ووضعها في محلها
ول يحل له احتكارها لغراضه الشخصية أو تزويجها بغير كفئها من أجل طمع فيما يدفع إليه ،فإن
خوُنوْا َأَماَناِتُكْم َوَأنُتْم
ل َوَت ُ
سو َ
ل َوالّر ُ
خوُنوْا ا َّ
ل َت ُ
ن آَمُنوْا َهذا من الخيانة وقد قال ال تعالىَ} :يا َأّيَها اّلِذي َ
ب ُكّل َخّواٍن كَُفوٍر{ ]الحج [38 :وقال النبي صلى ال ح ّ ل ل ُي ِ ن ا َّن{ ]النفال .[27 :وقال تعالىِ} :إ ّ َتْعَلُمو َ
عليه وسلم) :كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته( ) .(7وترى بعض الناس تخطب منه ابنته يخطبها
كفء ثم يرده ويرد آخر وآخر ومن كان كذلك فإن وليته تسقط ويزوجها غيره من الولياء القرب
فالقرب.
النكاح يراد للستمتاع وتكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم كما قلنا فيما سبق .وعلى هذا فالمرأة التي
ينبغي نكاحها هي التي يتحقق فيها استكمال هذين الغرضين وهي التي اتصفت بالجمال الحسي
والمعنوي.
فالجمال الحسي :كمال الخلقة لن المرأة كلما كانت جميلة المنظر عذبة المنطق قرت العين بالنظر
إليها وأصغت الذن إلى منطقها فينفتح إليها القلب وينشرح إليها الصدر وتسكن إليها النفس ويتحقق
ق َلُكم ّمْن َأنُفِسُكْم َأْزَواًجا ّلَتْسُكُنوا ِإَلْيَها َوَجَعَل َبْيَنُكم ّمَوّدةً َوَرْحَمًة{ ]الروم:
خَل َ
ن َ فيها قوله تعالىَ} :وِم ْ
ن آَياِتِه َأ ْ
.[21
الجمال المعنوي :كمال الدين والخلق فكلما كانت المرأة أدين وأكمل خلقا كانت أحب إلى النفس وأسلم
عاقبة فالمرأة ذات الدين قائمة بأمر ال حافظة لحقوق زوجها وفراشه وأولده وماله ،معينه له على
طاعة ال تعالى ،إن نسي ذكرته وإن تثاقل نشطته وإن غضب أرضته والمرأة الدبية تتودد إلى
زوجها وتحترمه ول تتأخر عن شيء يجب أن تتقدم فيه ول تتقدم في شيء يجب أن تتأخر فيه ولقد
)سئل النبي صلى ال عليه وسلم أي النساء خير؟ قال :التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ول تخالفه
في نفسها ول ماله بما يكره( ) (8وقال صلى ال عليه وسلم) :تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم
النبياء ،أو قال :المم( ) (9فإن أمكن تحصيل امرأة يتحقق فيها جمال المنظر وجمال الباطن فهذا هو
الكمال والسعادة بتوفيق ال.
قال النبي صلى ال عليه وسلم) :إن ال فرض فرائض فل تضيعوها ،وحد حدودا فل تتعدوها( ).(10
ومن جملة الحدود الشرعية التي حد ال تعالى حدودها النكاح حل وحرمة ،حيث حرم على الرجل
نكاح نساء معينة لقرابة أو رضاعة أو مصاهرة أو غير ذلك – والمحرمات من النساء على قسمين:
عّماُتُكْم
خَواُتُكْم َو َ
عَلْيُكْم ُأّمَهاُتُكْم َوَبَناُتُكْم َوَأ َ
ت َ وهن سبع ذكرهن ال تعالى بقوله في سورة النساءُ } :
حّرَم ْ
ت{ ]النساء[23 :
خ ِ
لْتا ُ
خ َوَبَنا ُ
لِتا َ
لُتُكْم َوَبَنا ُ
خا َ
َو َ
-1فالمهات :يدخل فيهم :الم ،والجدات سواء كن من جهة الب أم من جهة الم.
-2والبنات :يدخل فيهن :بنات الصلب وبنات البناء وبنات البنات )وإن نزلن(.
-4والعمات :يدخل فيهن :عمات الرجل وعمات أبيه وعمات أجداده وعمات أمه وعمات جداته.
-5والخالت :يدخل فيهن :خالت الرجل وخالت أبيه وخالت أجداده وخالت أمه وخالت جداته.
-6وبنات الخ :يدخل فيهن بنات الخ الشقيق وبنات الخ من الب وبنات الخ من الم وبنات
أبنائهم وبنات بناتهم )وإن نزلن(.
-7وبنات الخت :يدخل فيهن :بنات الخت الشقيقة وبنات الخت من الب وبنات الخت من الم
وبنات أبنائهن وبنات بناتهن )وإن نزلن(.
وهن نظير المحرمات بالنسب ،قال النبي صلى ال عليه وسلم) :يحرم من الرضاع ما يحرم من
النسب( ) (11ولكن الرضاع المحرم ل بد له من شروط منها:
-1أن يكون خمس رضعات فأكثر ،فلو رضع الطفل من المرأة أربع رضعات لم تكن أما له؛ لما
روى مسلم عن عائشة رضي ال عنها قالت) :كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات
يحرمن ،ثم نسخن بخمس معلومات ،فتوفي رسول ال صلى ال عليه وسلم وهي فيما يقرأ من
القرآن( ).(12
-2يكون الرضاع قبل الفطام أي يشترط أن تكون الرضعات الخمس كلها قبل الفطام فإن كانت بعد
الفطام أو بعضها قبل الفطام وبعضها بعد الفطام لم تكن المرأة أما له وإذا تمت شروط الرضاع صار
الطفل ولدا للمرأة وأولدها أخوة له سواء كانوا قبله أو بعده وصار أولد صاحب اللبن أخوة له أيضا
سواء كانوا من المرأة التي أرضعت الطفل أم من غيرها .وهنا يجب أن نعرف بأن أقارب الطفل
المرضع سوى ذريته ل علقة لهم بالرضاع ول يؤثر فيهم الرضاع شيئا فيجوز لخيه من النسب أن
يتزوج أمه من الرضاع أو أخته من الرضاع أما ذرية الطفل فإنهم يكونون أولدا للمرضعة وصاحب
اللبن كما كان أبوهم من الرضاع كذلك.
حوْا َما -1زوجات الباء والجداد وإن علوا سواء من قبل الب أم من قبل الم ،لقوله تعالىَ} :و َ
ل َتنِك ُ
َنَكَح آَباُؤُكم ّمَن الّنَساء{ ]النساء [22 :فمتى عقد الرجل على امرأة صارت حراما على أبنائه وأبناء
أبنائه وأبناء بناته وإن نزلوا سواء دخل بها أم لم يدخل بها.
لِبُكْم{ ]النساء [23 :فمتى عقد
صَن َأ ْ
ن ِم ْ
ل َأْبَناِئُكُم اّلِذي َ
لِئ ُ
حَ -2زوجات البناء وإن نزلوا ،لقوله تعالىَ} :و َ
الرجل على امرأة صارت حراما على أبيه وأجداده وإن علوا سواء من قبل الب أم من قبل الم
بمجرد العقد عليها وإن لم يدخل بها.
-4بنات الزوجة ،وبنات أبنائها وبنات بناتها وإن نزلن وهن الربائب وفروعهن لكن بشرط أن يطأ
الزوجة فلو حصل الفراق قبل الوطء لم تحرم الربائب وفروعهن ،لقوله تعالىَ} :وَرَباِئُبُكُم ال ّ
لِتي ِفي
ل ُجَناَح َعَلْيُكْم{ ]النساء [23 :فمتى تزوج ن َف َ
خْلُتم ِبِه ّ
ن َفِإن ّلْم َتُكوُنوْا َد َ
خْلُتم ِبِه ّ
لِتي َد َ
سآِئُكُم ال ّ
جوِرُكم ّمن ّن َ
حُُ
الرجل امرأة ووطئها صارت بناتها وبنات أبنائها وبنات بناتها وإن نزلن حراما عليه سواء كن من
زوج قبله أم من زوج بعده أما إن حصل الفراق بينهما قبل الوطء فإن الربائب وفروعهن ل يحرمن
عليه.
-1أخت الزوجة وعمتها وخالتها حتى يفارق الزوجة فرقة موت أو فرقة حياة وتنقضي عدتها لقوله
تعالىَ} :وَأن َتْجَمُعوْا َبْيَن اُلْخَتْيِن{ ]النساء [23 :وقول النبي صلى ال عليه وسلم) :ل يجمع بين المرأة
وعمتها ول بين المرأة وخالتها( )(13
-2معتدة الغير :أي إذا كانت المرأة في عدة لغيره فإنه ل يجوز له نكاحها حتى تنتهي عدتها وكذلك
ل يجوز له أن يخطبها إذا كانت في العدة حتى تنتهي عدتها.
-3المحرمة بحج أو عمرة :ل يجوز عقد النكاح عليها حتى تحل من إحرامها .وهناك محرمات
أخرى تركنا الكلم فيهن خوفا من التطويل.
وأما الحيض :فل يوجب تحريم العقد على المرأة فيعقد عليها وان كانت حائضا لكن ل توطأ حتى
تطهر وتغتسل.
لما كان إطلق العنان للشخص في تزويج ما شاء من العدد أمرا يؤدي إلى الفوضى والظلم وعدم
القدرة على القيام بحقوق الزوجات وكان حصر الرجل على زوجة واحدة قد يفضي إلى الشر وقضاء
الشهوة بطريقة أخرى محرمة أباح الشارع للناس التعدد إلى أربعة فقط لنه العدد الذي يتمكن به
الرجل من تحقيق العدل والقيام بحق الزوجة ويسد حاجته إن احتاج إلى أكثر من واحدة .قال ال
ث َوُرَباَع َفِإْن ِخْفُتْم َأّل َتْعِدُلوْا َفَواِحَدًة{ ]النساء [3 :وفي
ل َ
ساء َمْثَنى َوُث َ
ن الّن َ
ب َلُكم ّم َ
طا َ تعالىَ} :فانِك ُ
حوْا َما َ
عهد النبي صلى ال عليه وسلم أسلم غيلن الثقفي وعنده عشرة نساء فأمره النبي صلى ال عليه
وسلم أن يختار منهن أربعا ويفارق البواقي ،وقال قيس بن الحارث :أسلمت وعندي ثمانية نسوة
فأتيت النبي صلى ال عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال) :اختر منهن أربعا( ).(14
-2أن النكاح سبب للصلة والرتباط بين الناس وقد جعله ال تعالى قسيما للنسب فقال تعالىَ} :وُهَو
صْهًرا{ ]الفرقان [54 :فتعدد الزوجات يربط بين أسر كثيرة
سًبا َو ِ
جَعَلُه َن َ
شًرا َف َ
ن اْلَماء َب َ
ق ِم َ
خَل َ
اّلِذي َ
ويصل بعضهم ببعض وهذا أحد السباب التي حملت النبي صلى ال عليه وسلم أن يتزوج بعدد من
النساء
-3يترتب عليه صون عدد كبير من النساء والقيام بحاجتهن من النفقة والمسكن وكثرة الولد
والنسل وهذا أمر مطلوب للشارع.
-4من الرجال من يكون حاد الشهوة ل تكفيه الواحدة وهو تقي نزيه ويخاف الزنا ولكن يريد أن
يقضي وطرا في التمتع الحلل فكان من رحمة ال تعالى بالخلق أن أباح لهم التعدد على وجه سليم.
قبل أن نبدأ الكلم في خصوص تلك المسألة يجب علينا أن نعلم علما يقينا بأن الحكام الشرعية كلها
حكم وكلها في موضعها وليس فيها شيء من العبث والسفه ذلك لنها من لدن حكيم خبير ولكم هل
الحكم كلها للخلق؟ إن الدمي محدود في علمه وتفكيره وعقله فل يمكن أن يعلم كل شيء ول أن يلهم
ل{ ]السراء [85 -إذن :فالحكام الشرعية معرفة كل شيء قال ال تعالىَ} :وَما ُأوِتيُتم ّمن اْلِعْلِم ِإ ّ
ل َقِلي ً
التي شرعها ال لعباده يجب علينا الرضا بها سواء علمنا حكمتها أم لم نعلم لننا إذا لم نعلم حكمتها
فليس معناه أنه ل حكمة فيها في الواقع إنما معناه قصور عقولنا وإفهامنا عن إدراك الحكمة.
-1حفظ كل من الزوجين وصيانته ،قال النبي صلى ال عليه وسلم) :يا معشر الشباب من استطاع
منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج( )(15
-2حفظ المجتمع من الشر وتحلل الخلق فلول النكاح لنتشرت الرذائل بين الرجال والنساء.
-3استمتاع كل من الزوجين بالخر بما يجب له من حقوق وعشرة فالرجل يكفل المرأة ويقوم
بنفقاتها من طعام وشراب ومسكن ولباس بالمعروف قال النبي صلى ال عليه وسلم) :ولهن عليكم
رزقهن وكسوتهن بالمعروف( ) (16والمرأة تكفل الرجل أيضا بالقيام بما يلزمها في البيت من رعاية
وإصلح قال النبي صلى ال عليه وسلم ...) :والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها( )
.(17
-4أحكام الصلة بين السر والقبائل فكم من أسرتين متباعدتين ل تعرف إحداهما الخرى وبالزواج
يحصل التقارب بينهما والتصال ولهذا جعل ال الصهر قسيما للنسب كما تقدم.
-5بقاء النوع النساني على وجه سليم فإن كان النكاح سبب للنسل الذي به بقاء النسان قال ال
ساًء{
ل َكِثيًرا َوِن َ
جا ً
ث ِمْنُهَما ِر َ
جَها َوَب ّ
ق ِمْنَها َزْو َ
خَل َ
حَدٍة َو َ
س َوا ِ
خَلَقُكم ّمن ّنْف ٍ تعالىَ} :يا َأّيَها الّنا ُ
س اّتُقوْا َرّبُكُم اّلِذي َ
]النساء [1 :ولول النكاح للزم أحد أمرين إما:
-1فناء النسان
-2أو وجود إنسان ناشئ من سفاح ل يعرف له أصل ول يقوم على أخلق -ويطيب لي أن استطرد
هنا قليل لحكم تحديد النسل فأقول:
تحديد النسل بعدد معين خلف مطلوب الشارع؛ فإن النبي صلى ال عليه وسلم أمر بتزوج المرأة
الولود أي كثيرة الولدة وعلل ذلك بأنه مكاثر بنا المم أو النبياء وقال أهل الفقه :ينبغي أن يتزوج
المرأة المعروفة بكثرة الولدة إما بنفسها إن كانت تزوجت من قبل وعرفت بكثرة الولدة أو بأقاربها
كأمها وأختها إذا كانت لم تتزوج من قبل.
ثم ما الداعي لتحديد النسل؟ هل هو الخوف من ضيق الرزق أو الخوف من تعب التربية؟ إن كان
الول فهذا سوء ظن بال تعالى لن ال سبحانه وتعالى إذا خلق خلقا فل بد أن يرزقه .قال ال تعالى:
ل ِرْزَقَها ا ُّ
ل ل ِرْزُقَها{ ]هود [6 :وقال تعالىَ} :وَكَأّين ِمن َداّبٍة ل َت ْ
حِم ُ عَلى ا ِّ
ل َ
ض ِإ ّ
لْر ِ
}َوَما ِمن َدآّبٍة ِفي ا َ
َيْرُزُقَها َوِإّياُكْم َوُهَو الّسِميُع اْلَعِليُم{ ]العنكبوت [60 :وقال تعالى في الذين يقتلون أولدهم خشية الفقر:
}ّنْحُن َنْرُزُقُهْم َوِإّياُكم{ ]السراء [31 :وإن كان الداعي لتحديد النسل هو الخوف من تعب التربية فهذا
خطأ فكم من عدد قليل من الولد أتعبوا إتعابا كبيرا في التربية وكم من عدد سهلت تربيتهم بأكثر
ممن هم دونهم بكثير .فالمدار في التربية صعوبة وسهولة على تيسير ال تعالى وكلما اتقى العبد ربه
سًرا{ ن َأْمِرهِ ُي ْ
جَعل ّلُه ِم ْ
ل َي ْ وتمشى على الطرق الشرعية سهل ال أمره قال ال تعالىَ} :وَمن َيّت ِ
ق ا َّ
]الطلق.[4 :
وإذا تبين أن تحديد النسل خلف المشروع فهل تنظيم النسل على الوجه الملئم لحال الم من ذلك؟
الجواب :ل ليس تنظيم النسل على الوجه الملئم لحال الم من تحديد النسل في شيء وأعني بتنظيم
النسل أن يستعمل الزوجان أو أحدهما طريقة تمنع من الحمل في وقت دون وقت فهذا جائز إذا
رضي به من الزوج والزوجة مثل :أن تكون الزوجة ضعيفة والحمل يزيدها ضعفا أو مرضا وهي
كثيرة الحمل فتستعمل برضا الزوج هذه الحبوب التي تمنع من الحمل مدة معينة فل بأس بذلك وقد
كان الصحابة يعزلون في عهد النبي صلى ال عليه وسلم ولم ينهوا عن ذلك والعزل من أسباب
امتناع الحمل من هذا الوطء.
والمهر :هو الصداق المسمى باللغة العامة – ) جهازا -فالمهر ثابت للمرأة بالنكاح سواء شرط أم
سكت عنه وهو المال المدفوع للزوجة بسبب عقد النكاح فإن كان معينا فهو ما عين سواء كان قليل
أم كثيرا وإن كان غير معين بأن عقد عليها ولم يدفع جهازا ولم يسموا شيئا فعلى الزوج أن يدفع إليها
مهر الثمن وهو ما جرت العادة أن يدفع لمثلها – وكما يكون المهر مال أي عينا يكون كذلك منفعة
فلقد زوج النبي صلى ال عليه وسلم امرأة برجل على أن يعلمها شيئا من القران ) (18والمشروع في
المهر أن يكون قليل فكلما قل وتيسر فهو أفضل اقتداء بالنبي صلى ال عليه وسلم وتحصيل للبركة
فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة وروى مسلم في صحيحه )أن رجل قال للنبي صلى ال عليه
وسلم :إني تزوجت امرأة .قال :كم أصدقتها؟ قال :أربع أواق -يعني مائة وستين درهما -فقال النبي
صلى ال عليه وسلم :على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ،ما عندنا ما نعطيك
ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه( ) (19وقال عمر رضي ال عنه) :ل تغلوا صدق النساء
فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الخرة كان أولكم بها النبي صلى ال عليه وسلم ،ما
أصدق النبي صلى ال عليه وسلم امرأة من نسائه ول أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة
أوقية ،والوقية أربعون درهما( ولقد كان تصاعد المهور في هذه السنين له أثره السيئ في منع كثير
من الناس من النكاح رجال ونساء وصار الرجل يمضي السنوات الكثيرة قبل أن يحصل المهر ،فنتج
عن ذلك مفاسد منها:
-2أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلى المهر قلة وكثرة فالمهر عند كثير منهم هو ما يستفيدونه من
الرجل لمرأته فإذا كان كثيرا زوجوا ولم ينظروا للعواقب وإن كان قليل ردوا الزوج وإن كان
مرضيا في دينه وخلقه.
-3أنه إذا ساءت العلقة بين الزوج والزوجة وكان المهر بهذا القدر الباهظ فإنه ل تسمح نفسه غالبا
بمفارقتها بإحسان بل يؤذيها ويتعبها لعلها ترد شيئا مما دفع إليها ولو كان المهر قليل لهان عليه
فراقها.
ولو أن الناس اقتصدوا في المهر وتعاونوا في ذلك وبدأ العيان بتنفيذ هذا المر لحصل للمجتمع خير
كثير وراحة كبيرة وتحصين كثير من الرجال والنساء ولكن مع السف إن الناس صاروا يتبارون في
السبق إلى تصاعد المهور وزيادتها فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل ول ندري إلى
أي غاية ينتهون؟ ولقد كان بعض الناس وخصوصا البادية يسلكون مسلكا فيه بعض السهولة وهو
تأجيل شيء من المهر مثل :أن يزوجه بمهر قدره كذا نصفه حال ونصفه مؤجل إلى سنة أو أقل أو
أكثر وهذا يخفف عن الزوج بعض التخفيف.
ثانيا :النفقة:
فعلى الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف طعاما وشرابا وكسوة وسكنى فإن بخل بشيء من
الواجب فهو آثم ولها أن تأخذ من ماله بقدر كفايتها أو تستدين عليه ويلزمه الوفاء.
ومن النفقة :الوليمة وهي ما يصنعه الزوج من الطعام أيام الزواج ويدعو الناس إليه وهي سنة مأمور
بها لن النبي صلى ال عليه وسلم فعلها وأمر بها ولكن يجب في الوليمة أن يتجنب فيها السراف
المحرم وينبغي أن تكون بقدر حال الزوج أما ما يفعله بعض الناس من السراف فيها كمية وكيفية
فإنه ل ينبغي ويترتب عليه صرف أموال كثيرة بل فائدة.
فقد جعل ال بين الزوج وزوجته مودة ورحمة وهذا التصال يوجب الحقوق المترتبة عليه عرفا فإنه
كلما حصلت الصلة وجب من الحقوق بقدرها.
رابعا :المحرمية:
فإن الزوج يكون محرما لمهات زوجته وجداتها وإن علون ويكون محرما لبناتها وبنات أبنائها
وبنات بناتها وإن نزلن إذا كان دخل بأمهن الزوجة وكذلك الزوجة تكون من محارم أباء الزوج وإن
علوا وأبنائه وإن نزلوا.
خامسا :الرث:
ف َما فمتى عقد شخص على امرأة بنكاح صحيح فإنه يجري التوارث بينهما لقوله تعالىَ} :وَلُكْم ِن ْ
ص ُ
صوَن ِبَها َأْو َدْيٍن{ ]النساء [12 :ول فرق بين أن يدخل ويخلو بها أم ل.
جُكْم{ إلى قولهُ} :تو ُ
ك َأْزَوا ُ
َتَر َ
والصل في الطلق أنه مكروه إذ إنه يحصل به تفويت مصالح النكاح السابقة ،وتشتيت السرة ،وفي
الحديث) :أبغض الحلل عند ال الطلق(.
ولكن لما كان الطلق ل بد منه أحيانا إما لتأذي المرأة ببقائها مع الرجل ،أو لتأذي الرجل منها ،أو
لغير ذلك من المقاصد ،كان من رحمة ال أن أباحه لعباده ،ولم يحجر عليهم بالتضييق والمشقة.
فإذا كره الرجل زوجته ولم يتحمل الصبر فل بأس أن يطلقها ،ولكن يجب أن يراعي ما يأتي:
فإن طلقها وهي حائض فقد عصى ال ورسوله ،وارتكب محرما ،ويجب عليه حينئذ أن يراجع
ويبقيها حتى تطهر ،ثم يطلقها إن شاء ،والولي أن يتركها حتى تحيض المرة الثانية ،فإذا طهرت فإن
شاء أمسكها ،وإن شاء طلقها.
فإذا هم رجل بطلق امرأته ،وقد جامعها بعد حيضتها ،فإنه ل يطلقها حتى تحيض ثم تطهر ،ولو
طالت المدة ،ثم إن شاء طلقها قبل أن يمسها .إل إذا تبين حملها ،أو كانت حامل ،فل بأس أن يطلقها.
طّلُقوُهّن ِلِعّدِتِهّن{ ]الطلق.[1:
ساء َف َ
طّلْقُتُم الّن َ قال ال تعالىَ} :يا َأّيَها الّنِب ّ
ي ِإَذا َ
قال ابن عباس رضي ال عنهما" :ل يطلقها وهي حائض ،ول في طهر قد جامعها فيه ،ولكن يتركها
إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة".
فل يقول :أنت طالق طلقتين ،أو أنت طالق ثلثا ،أو أنت طالق ،أنت طالق ،أنت طالق ،فطلق
الثلث محرم لما روي عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال في رجل طلق امرأته ثلث تطليقات
جميعا) :أيلعب بكتاب ال وأنا بين أظهركم؟ حتى قام رجل فقال :يا رسول ال ،أل أقتله؟( )(20
وإن كثير من الناس يجهلون أحكام الطلق ،فأي وقت طرأ عليهم الطلق طلقوا من غير مبالة بوقت
أو عدد.
ظَلَم
ل َفَقْد َ والواجب على العبد أن يتقيد بحدود ال ،ول يتعداها .فقد قال ال تعالىَ } :وَمن َيَتَعّد ُ
حُدوَد ا ِّ
ظاِلُموَن{ ] البقرة.[229 : ك ُهُم ال ّ
ل َفُأْوَلِئ َ سُه{ ] الطلق [1 :وقالَ} :وَمن َيَتَعّد ُ
حُدوَد ا ِّ َنْف َ
حُتُم أما إن طلقها قبل أن يدخل بها ويخلو بها ،فل عدة له عليها ،لقوله تعالىَ} :يا َأّيَها اّلِذي َ
ن آَمُنوا ِإَذا َنَك ْ
طّلْقُتُموُهّن ِمن َقْبِل َأن َتَمّسوُهّن َفَما َلُكْم َعَلْيِهّن ِمْن ِعّدٍة َتْعَتّدوَنَها{ ] الحزاب.[49 :
ت ُثّم َ
اْلُمْؤِمَنا ِ
والعدة ثلث حيض إن كانت من ذوات الحيض ،وثلثة أشهر إن لم تكن من ذوات الحيض ،ووضع
الحمل إن كانت حامل.
-2تحريم الزوجة على الزوج إذا كان قد طلقها قبل ذلك الطلق مرتين:
يعني :لو طلق زوجته ثم راجعها في العدة ،أو تزوجها بعد العدة ،ثم طلقها مرة ثانية وراجعها في
العدة ،أو تزوج بعدها ،ثم طلقها المرة الثالثة ،فإنها ل تحل له بعد ذلك حتى تنكح زوجا غيره نكاحا
لُ
ق طَصحيحا ،ويجامعها فيه ،ثم يرغب عنها ويطلقها ،فإنها بعد ذلك تحل للول ،لقوله تعالى} :ال ّ
طّلَقَها{ يعني المرة الثالثة ن{ ] البقرة .[229 :إلى أن قالَ} :فِإن َ سا ٍحَح ِبِإ ْ
سِري ٌف َأْو َت ْ
ك ِبَمْعُرو ٍسا ٌن َفِإْم َ
َمّرَتا ِ
ل ُجَناَح َعَلْيِهَما{ يعني الزوج الول طّلَقَها{ يعني الثاني }َف َ غْيَرُه َفِإن َ جا َح َزْو ً ى َتنِك َحّت َ
ل َلُه ِمن َبْعُد َ
حّل َت ِ} َف َ
ل ُيَبّيُنَها ِلَقْوٍم َيْعَلُموَن{ ]البقرة:
ك حُُدوُد ا ِّ
ل َوِتْل َ
حُدوَد ا ِّ
ظّنا َأن ُيِقيَما ُ
جَعا ِإن َ وزوجته التي طلقها }َأن َيَتَرا َ
.[230
وإنما حرم ال المرأة على من طلقها ثلث مرات حتى تنكح زوجا غيره ،لن الناس كانوا في أول
السلم يطلقون ويراجعون بأي عدد كان ،فغضب رجل على امرأته فقال لها :وال ل أؤويك ول
أفارقك .قالت :وكيف ذلك؟ قال :أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك ،ثم أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك،
ق َمّرَتاِن{ .ووقت العدة
لُ فذكرت المرأة ذلك لرسول ال صلى ال عليه وسلم ،فأنزل ال تعالى }ال ّ
طَ
ثلث رحمة بالنساء من أزواجهن.
أيها الخوة:
لعلنا أتينا بجمل كثيرة من أحكام النكاح ،متحرين بذلك أن تكون بالقدر المناسب من غير تطويل ممل
ول تقصير مخل ..وأسأل ال تعالى أن ينفع بها ،وأن يجعل العمل خالصا ل موافقا لمرضاة ال ،وأن
يجعل من هذه المة جيل عالما بأحكام ال ،حافظا لحدود ال ،قائما بأمر ال ،هاديا لعباد ال.
}ربنا ل تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب{.
}ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار{ ..وصلي ال علي نبينا محمد وآله وصحبه
وسلم.