Professional Documents
Culture Documents
هل الانسان مسير او مخير
هل الانسان مسير او مخير
" على السائل أن يسأل نفسه هل أجبره أحد على أن يسأل هذا السؤال وهل هو يختار نوع
السيارة التي يقتنيها ؟ إلى أمثال ذلك من السئلة وسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير
ثم يسأل نفسه هل يصيبه الحادث باختياره ؟ هل يصيبه المرض باختياره ؟ هل يموت باختياره
؟ إلى أمثال ذلك من السئلة وسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير .والجواب :أن المور
شاَء
ن َ التي يفعلها النسان العاقل يفعلها باختياره بل ريب واسمع إلى قول ال تعالىَ ) :-فَم ْ
خَرَة لِن ُيِريُد ا ْن ُيِريُد الّدْنَيا َوِمْنُكْم َم ْ
خَذ ِإَلى َرّبِه َمآبًا ()النبأ -(39:وإلى قوله تعالى ) ِمْنُكْم َم ْ اّت َ
ن َفُأوَلِئ َ
ك سْعَيَها َوُهَو ُمْؤِم ٌ سَعى َلَها َ خَرةَ َو َلِ ن َأَراَد ا ْ()آل عمران (152:وإلى قوله تعالى ) َوَم ْ
ك(سٍ صَدَقٍة َأْو ُن ُ
صَياٍم َأْو َ ن ِ شُكورًا( )السراء (19:وإلى قوله تعالى ) َفِفْدَيٌة ِم ْ سْعُيُهْم َم ْن َ َكا َ
)البقرة (196:حيث خير الفادي فيما يفدي به .ولكن العبد إذا أراد شيئًا وفعله علمنا أن ال
شاَءن َي َ
ن ِإّل َأ ْشاُءو َ ن َيسَْتِقيَم )َ (28وَما َت َ شاَء ِمْنُكْم َأ ْن َ-تعالى -قد أراده -لقوله -تعالىِ ) :-لَم ْ
ن( )التكوير (29:فلكمال ربوبيته ل يقع شيء في السموات والرض إل ب اْلَعاَلِمي َ
ل َر ّا ُّ
بمشيئته تعالى ،وأما المور التي تقع على العبد أو منه بغير اختياره كالمرض والموت
والحوادث فهي بمحض القدر وليس للعبد اختيار فيها ول إرادة .وال الموفق ".ا.هـ
وقال –رحمه ال تعالى – " هل النسان مسير أو مخير ؟ وهل له إرادة أو ليس له إرادة ؟
فنقول :النسان مخير إن شاء آمن وإن شاء كفر بمعنى أن له الختيار وإن كان ليس سواًء
ل يستوي الكفر واليمان لكن له اختيار أن يختار اليمان أو أن يختار الكفر وهذا أمٌر مشاهٌد
معلوم فليس أحٌد أجبر الكافر على أن يكفر وليس أحٌد أجبر المؤمن على أن يؤمن بل الكافر
كفر باختياره والمؤمن آمن باختياره كما أن النسان يخرج من بيته باختياره ويرجع إليه
باختياره وكما أن النسان يدخل المدرسة الفلنية باختياره ويدخل الجامعة الفلنية باختياره
وكما أن النسان يسافر باختياره إلى مكة أو إلى المدينة أو ما أشبه ذلك وهذا أمٌر ل إشكال
فيه ول جدال فيه ول يمكن أن يجادل فيه إل مكابر نعم هناك أشياء ل يمكن أن تكون باختيار
ت عليه أو احتراق أو النسان كحوادث تحدث للنسان من انقلب سيارة أو صدم أو سقوط بي ٍ
ما أشبه هذا هذا ل شك أن ل اختيار للنسان فيه بل هو قضاٌء وقدر ممن له المر ولهذا
عاقب ال سبحانه وتعالى الكافرين على كفرهم لنهم كفروا باختيارهم ولو كان بغير اختياٍر
منهم ما عوقبوا أل ترى أن النسان إذا أكره على الفعل ولو كان كفرًا أو على القول ولو كان
كفرًا فإنه ل يعاقب عليه لنه بغير اختياٍر منه أل ترى أن النائم قد يتكلم وهو نائم بالكفر وقد
يرى نفسه ساجدًا لصنم وهو نائم ول يؤاخذ بهذا لن ذلك بغير اختياره فالشيء الذي ل اختيار
للنسان فيه ل يعاقب عليه فإذا عاقب ال النسان على فعله السيئ دل ذلك على أنه عوقب
ق وعدل لنه فعل السيئ باختياره ,وأما توهم بعض الناس أن النسان مسير ل مخير من بح ٍ
كون ال سبحانه وتعالى قد قضى ما أراد في علمه الزلي بأن هذا النسان من أهل الشقاء
وهذا النسان من أهل السعادة فإن هذا ل حجة فيه وذلك لن النسان ليس عنده علٌم بما قدر
س ماذا تكسب غدًا وهو ال سبحانه وتعالى إذ أن هذا سٌر مكتوم ل يعلمه الخلق فل تعلم نف ٌ
حين يقدم على المخالفة بترك الواجب أو فعل المحرم يقدم على غير أساس وعلى غير علم
ل فالنسان الذي يصلي ل يعلم أن ال كتب له أن لنه ل يعلم ماذا كتب عليه إل إذا وقع منه فع ً
يصلي إل إذا صلى والنسان السارق ل يعلم أن ال كتب عليه أن يسرق إل إذا سرق وهو لم
يجبر على السرقة ولم يجبر المصلي على الصلة بل صلى باختياره والسارق سرق باختياره
ولما حدث النبي -صلى ال عليه وسلم -أصحابه بأنه ) ما من أحد إل وقد كتب مقعده من
الجنة ومقعده من النار ( قالوا :يا رسول ال أل ندع العمل ونتكل ؟ قال ) :ل اعملوا فكٌل
ميسر لما خلق له ( فأمر بالعمل والعمل اختياري وليس اضطراريًا ول إجباريًا فإذا كان يقول -
عليه الصلة والسلم ) -اعملوا فكٌل ميسر لما خلق له ( نقول للنسان اعمل يا أخي صالحا
ل صالحًا اعمل صالحًا حتى يتبين أنك ميسر لعمل أهل السعادة وكٌل بل شك إن شاء عمل عم ً
ل سيئًا ول يجوز للنسان أن يحتج بالقدر على الشرع فيعصي ال ويقول وإن شاء عمل عم ً
هذا أمٌر مكتوب علي يترك الصلة مع الجماعة ويقول هذا أمر مكتوب علي يشرب الخمر
ب علي ما ويقول هذا أمر كتب علي يطلق نظره في النساء الجنبيات ويقول هذا أمٌر مكتو ٌ
ب عليك فعملته ,أنت لم تعلم أنه كتب إل بعد أن تعمل لماذا لم تقدر أن الذي أعلمك أنه مكتو ٌ
ال كتبك من أهل السعادة فتعمل بعمل أهل السعادة ,وأما قول السائل هل للنسان إرادة ؟
ن ُيِريُدن ُيِريُد الّدْنَيا َوِمْنُكْم َم ْ
نقول :نعم له إرادة بل شك قال ال تبارك وتعالى ) ِمْنُكْم َم ْ
ن(سْعَيَها َوُهَو ُمْؤِم ٌ سَعى َلَها َ خَرَة َو َلِن َأَراَد ا ْ
خَرَة ()آل عمران (152 :وقال تعالى ) َوَم ْ لِاْ
ن ُيِريُدن َكا َحْرِثِه َوَم ْخَرةِ َنِزْد َلُه ِفي َ لِ ثا ْحْر َن ُيِريُد َ ن َكا َ
)السراء (19 :وقال تعالى ) َم ْ
ب ( )الشورى (20:واليات في هذا صي ٍ
ن َن ِ خَرِة ِم ْلِث الّدْنَيا ُنْؤِتِه ِمْنَها َوَما َلُه ِفي ا ْ
حْر َ َ
معروفة وكذلك الحاديث معروفة في أن النسان يعمل باختيار وإرادة ولهذا إذا وقع العمل
خْذَنا ِإ ْ
ن الذي فيه المخالفة من غير إرادة ول اختيار عفي عنه قال ال تعالى ) َرّبَنا ل ُتَؤا ِ
ح ِفيَماجَنا ٌعَلْيُكْم ُس َ طْأَنا ()البقرة (28:فقال ال :قد فعلت .وقال تعالى ) َوَلْي َ خَ سيَنا َأْو َأ ْ
َن ِ
طْأُتْم ِبِه ( )الحزاب (5:وهذا أمٌر ول الحمد ظاهر ول إشكال فيه إل على سبيل المنازعة خََأ ْ
ي عنهما إذا لم يكن المقصود بذلك الوصول على والمخاصمة ,والمنازعة والمخاصمة منه ٌ
الحق وقد خرج النبي -صلى ال عليه وعلى آله وسلم -ذات يوم على أصحابه وهم يتنازعون
في القدر فتأثر من ذلك عليه الصلة والسلم لن هذا النزاع ل يؤدي إلى شيء إل إلى
خصومة وتطاول كلم وغير ذلك وإل فالمر واضح ول الحمد".