You are on page 1of 21

www.yaqob.

com

‫خطب فضيلة‬
‫الشيخ‬

www.yaqob.com
‫لشك أن تأسيس العقيدة السليمة منذ الصغر أمر بالغ الهمية في منهج التربية السلمية‪،‬‬
‫وأمر بالغ السهولة كذلك‪.‬‬
‫ولذلك اهتم السلم بتربية الطفال على عقيدة التوحيد منذ نعومة أظفارهم‪ ،‬ومن هنا جاء‬
‫استحباب التأذين في أذن الـمـولود‪ ،‬وسر التأذين ‪ -‬وال أعلم‪ -‬أن يكون أول ما يقرع سمع‬
‫النسان كلماته المتضمنة لكبريـاء الـرب وعـظـمـتـه‪ ،‬والـشهادة التي أول ما يدخل بها في‬
‫السلم‪ ،‬فكان ذلك كتلقينه شعار السلم عند مـجـيـئـه إلـى الدنيا‪ ،‬كما يلقن كلمة التوحيد‬
‫عند خروجه منها‪.‬‬
‫ومن ثم يتولى المربي رعاية هذه النبتة الغضة‪ ،‬لئل يفسد فطرتها خبـيـث الـمؤثرات‪ ،‬ول‬
‫يهـمـل تعليمه العقيدة الصحيحة بالحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬لن العقيدة غـــذاء ضـروري‬
‫للــروح ـكضرورة ـالطعام ـللجسـام‪ ،‬ـوالقلـب ـوعاء ـتنسـاب ـإليـه ـالعقائـد ـمـن ـغير ـشعور‬
‫صاحبه‪ ،‬ـفإذا ـترك ـالطفـل ـوشأنـه ـكان ـعرضـة ـلعتناق ـالعقائـد ـالباطلة ـوالوهام ـالضارة‪،‬‬
‫وهذا يقتضينا أن نخـتـار له من العقائد الصحيحة ما يلئم عقله ويسهل عليه إدراكه وتقبله‪،‬‬
‫وكلما نما عقله وقــوي إدراكـــه غذيناه بما يلئمه بالدلة السهلة المناسبة‪ ،‬وبذلك يشب‬
‫على العقائد الصحيحة‪ ،‬ويكون لـه مـنهـا عـنــد بلوغه ذخر يحول بينه وبين جموح الفكر‬
‫والتردي في مهاوي الضلل‪.‬‬
‫أما إن أخطأ المربون في تعرف اهـتـمـامـــات الطفل الدينية فقدموا له تفسيرات دينية غير‬
‫ملئمة‪ ،‬فحينئذ "إما أن ينبذها كما يـنـبـذ أية فكرة ل تتسق مع تكوينه النفسي المتكامل‪،‬‬
‫وإما أن يتقبلها على مضض مجاملة للهل‪ ،‬وضماناً لستمرار عطفهم‪ ،‬ولكنه تقبل مؤقت‬
‫يخفي معارضة مكبوتة‪.‬‬
‫فالجابة السليمة الواعية على تساؤلت الطفال الدينية‪ ،‬بما يتناسب مع سنهم ومستوى‬
‫إدراكهم وفهمهم أمر ضروري‪ ،‬مع العتدال في التربية الدينية لهم‪ ،‬وعدم تحميلهم مال‬
‫طاقة لهم به‪ ...‬وكذا عدم اهمالهم بحجة أنهم صغار ل يفهمون ‪-‬كما يظن البعض‪ ...-‬فهذا‬
‫رسولنا الكريم قد تعهد أصحابه ‪ -‬حتى الطفال منهم‪ -‬فغرس في نفوسهم أسس العقيدة‪ ،‬قال‬
‫معلماً لبن عباس ‪-‬رضي ال عنه‪:-‬‬
‫«يا غلم إني أعلمك كلمات؛ احفظ ال يحفظك‪ ،‬احفظ ال تجده تجاهك‪ ،‬وإذا سألت‬
‫فاسأل ال‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن بال»‪.‬‬
‫بمثل هذه التوجيهات الحكيمة نستطيع أن نحصن عقائد أبـنـائـنـا‪ ،‬وفي كل تصرف من‬
‫تصرفات المربي وكل كلمة من كلماته يراقـب ربـه‪ ،‬ويحـاسـب نفسه لئل تفوته الحكمة‬
‫والموعظة الحسنة‪ ،‬وحتى لتوقع أخطاء التربية أبناءنا في متاهات المبادئ‪ ،‬يتخبطون بين‬
‫اللهو والتفاهة‪ ،‬إلى الشطط والغلو‪ ،‬كل ذلك عند البعد عند التربية الحكيمة المتوازنة التي‬
‫تسير على هدي تعاليم السلم الحنيف‪.‬‬
‫أ‪-‬اليمان بال ‪-‬جل وعل‪:-‬‬

‫إن أهم واجبات المربي حماية الفطرة من النحراف‪ ،‬وصيانة العقيدة من الشرك‪ ،‬لذا‬
‫نهى رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬عن تعليق التمائم تعويداً للصغير العتماد على‬
‫ال وحده‪:‬‬
‫«من علق تميمة فل أتم ال له»‪.‬‬

‫وإذا عرفنا أن وضع التميمة والعتقاد فيها شرك‪ ،‬جنبنا أطفالنا هذا الشرك‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫يوجـه ـالمربـي ـجهده ـنحـو ـغرس ـعقيدة ـاليمان ـبال ــفـي ـنفـس ـالصـغير؛ ـفهذه ـأـم ـسليم‬
‫الرميصاء أم أنس بن مالك خادم الرسول ‪ -‬صلى ال ـعليه وسلم ‪ -‬ورضي ال ـعنهم‬
‫أجمعين أسلمت وكان أنس صغيراً لم يفطم بعد‪ ،‬فجعلت تلقن أنساً؛قل‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬قل‪:‬‬
‫أشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬ففعل‪ ،‬فيقول لها أبوه‪ :‬ل تفسدي على ابني فتقول‪ :‬إني ل أفسده‪.‬‬
‫كان أبوه مـا يزال ـمشركاً يعتبر أن التلفـظ بعقيدة ـالتوحيـد ـوالنطـق ـبالـشـهـادتين ـإفسادًا‬
‫لطفله‪ ،‬تماماً كما يرى كثير من المل حدة ‪ -‬أصحاب المذاهب الهدامة والطــواغـيـت في‬
‫الرض في هذا العصر ‪ -‬أن غرس اليمان وعقيدة التوحيد إفساد للناشئة وإبعاد لهم عن‬
‫التقدمية كما يزعمون‪.‬‬

‫يتعرف الطفل أنه مسلم‪ ،‬وأن دينه السلم وهو الدين الذي ارتضاه ال له ول يقبل من‬
‫عباده سواه‪ ،‬والتركيز في التربية على ما وصفها ابن تيمية ‪ -‬رحمه ال‪( -‬محبة العامة‬
‫وهي محبة ال تعالى لجل إحسانه لعباده‪ ،‬وهذه المحبة على هذا الصل ل ينكرها أحد‪،‬‬
‫فإن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها)‪.‬‬
‫فال ـتعالى أعطانا العينين والطعام اللذيذ وكل ما يحبه هذا الصغير‪ ،‬فل يملك صغيرنا‬
‫إل أن ينشأ على محبة خالقه ‪-‬جل وعل‪.-‬‬

‫ويـبـتـعـد المربي عن تلقين الطفال اسم ال من خلل الحداث الليمة‪ ،‬لن للـخـبـرات‬
‫الليمة أثرها في تشكيك المؤمن في عقائده وانحيازه إلى النزعة اللدينية"‪.‬‬
‫ومـن ـالحداث ـالليمـة ـعنـد ـالطفـل ـمثلً أـن ـنقرن ـلـه ـولدة ـالطفـل ـبشـق ـبطـن ـأمه ـمثلً‪..‬‬
‫"فيتصور أن فـعـل الميلد أمر بشع‪ ،‬وحيث إن مولد طفل جديد يثير قلقه‪ ..‬فمن المحتمل‬
‫أن تكون أولى خبرات الطفل بال خبرات أليمة"‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬ينبغي أن نذكر اسم ال ـأمام الطفل من خلل مواقف محببة سارة‪ ،‬فالطفل مثلً قد‬
‫يستوعب حركة الـسـبـابـــة عند ذكر كلمة الشهادتين‪ ،‬يتلفظ بها الكبير أمامه‪ ،‬الم أو الب‬
‫أو أحد الخوة الكبار‪ ،‬وذلك منذ الشهر الرابع من عمره‪ ،‬فإذا به يرفع أصبعه مقلداً الكبار‪.‬‬
‫كـم ـهـي ـحركـة ـلطيفـة ـومحببـة ـعنـد ـالهـل ـالذيـن ـل ـيملكون ـإزاءهـا ـإل ـضـم ـصغيرهم‬
‫وتشجيعه وهو يشير بأصبعه عند ذكر اسم ال‪ ...‬فيرسخ اسم ال ـفي نفسه بمحبة عارمة‬
‫من والديه‪ ،‬ويغرس حب ال في قلبه‪..‬‬
‫وإذا نما صغيرنا وترعرع نلفت نظره إلى مظاهر قدرة ال ـونعمه التي ل تحصى‪ :‬إذا‬
‫خلُقي"‪.‬‬
‫خلْقي فحسن ُ‬ ‫نظر في المرآة نقول له معلمين قل‪" :‬اللهم كما حسنت َ‬
‫وإن لبس الجديد حمد ال على نعمه‪ ،‬وكذا إن أكل أو شرب قال‪" :‬الحمد ل الذي أطعمنا‬
‫وسقانا وجعلنا مسلمين"‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فيعرف نعمة ال ويعتاد شكره‪ ،‬مع لفت النظر إلى مظاهر قدرة ال ونعمه التي ل‬
‫تحصى‪ ..‬كل ذلك بأسلوب رفيق ولهجة رقيقة من غير إسراف في عرض الفكرة ول غلو‬
‫فيها‪ ،‬وإنما بطريقة محببة تناسب الطفولة فتتمشى معها‪.‬‬
‫"ول يجوز للمربي أن يتكـئ على خـــط الخوف حتى يـرعـب الطفل بغير موجب بكثرة‬
‫الحديـث ـعـن ـغضـب ـال ـوعذابه‪ .‬والــنـــار ـوبشاعتها‪ ..‬إنمـا ـينبغـي ـأن ـنبدأ ـبالترغيب ـل‬
‫بالترهيب حتى يتعلق قلب الطفل بال من خيط الرجاء أولً فـهـــو أحـــوج في صغره إلى‬
‫الحب"‪.‬‬

‫علينا أن نذكر اسم ال ‪-‬تبارك وتعالى‪ -‬ونحن نستشعر عناية ال بالنـســان وتكريمه له‬
‫"حيث سخر له ما في سماواته وأرضه‪ ،‬وما بينهما حتى ملئكته‪ ..‬جعلهم حفـظـة له في‬
‫منامه ويقظته وأنزل إليه وعليه كتبه‪ ..‬فللنسان شأن ليس لسائر المخلوقات"‪.‬‬
‫هذا فضلً عن فائدة أخرى‪:‬‬
‫"إن العتقاد بكرامة النسان على ال‪ ،‬يرفع من اعتباره في نظر نفسه‪ ،‬ويثير في‬
‫ضميره الحياء من التدني عن المرتبة التي رفعه ال إليها‪ ..‬ونظافة المشاعر تجيء نتيجة‬
‫مباشرة للشعور بكرامة النسان على ال ثم برقابة ال على الضمائر واطلعه على‬
‫السرائر"‪.‬‬
‫وهكذا ـننمـي ـعنـد ـالطفال ـالشعور ـالدينـى ـالقائـم ـعلـى ـحـب ـال؛ـ ـحيـث ـنركـز ـعلـى ـمعاني‬
‫الحب والرجاء ومظاهر رحمة ال تعالى الواسعة بالناس‪ .‬كما نروض الطفل على محبة ال‬
‫واحترام أمر ال‪ ،‬وارتباطه بأحكام دين ال‪ ،‬فإذا به شاب نشأ في رضوان ال ل يعرف‬
‫غير السلم شرعة ومنهاجاً‪ .‬نشعره أن ال ـيحبنا فل يكلف نفساً إل وسعها‪ ،‬وإذا أمرنا‬
‫بشىء فالواجب أن نأتي منه ما نستطيع‪ ،‬أما الحرام فل نقربه مطلقاً‪ ..‬فإن ال تعالى يحب‬
‫الـمـطيعين له ول يحب الكافرين‪:‬‬
‫{ ُقلْ أَطِيعُوا الَّ والرّسُولَ فَإن َتوَّلوْا فَإنّ الَّ ل يُحِبّ الكَافِرِينَ}‬
‫[ آل عمران‪.]32 :‬‬
‫ويـردد الـمبدأ على مسمع الطفال‪ ..‬ويـغـرس في قلوبهم‪،‬فتنمو في نفوسهم مشاعر الخوة‬
‫اليمانيـة ـوالرابطـة ـالسـلمية‪ ،‬ـوالمفاصـلة ـمـع ـأعداء ـديـن ـال ـالكافريـن ـبـه‪ ،‬ـوهذا ـمطلب‬
‫تربوي هام وديني قبل كل شيء‪.‬‬
‫سوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبْرَاهِيمَ والّـذِيـنَ مَـعَهُ إذْ قَالُوا لِ َقوْ ِم ِهمْ إنّا بُرَآءُ مِنكُمْ ومِمّا‬ ‫{قَدْ كَانَتْ لَ ُكمْ أُ ْ‬
‫حتّى ُتؤْ ِمنُوا بِالِّ‬
‫َت ْعبُدُونَ مِن دُونِ الِّ كَفَ ْرنَا ِب ُكمْ وبَدَا َبيْ َننَا و َب ْي َنكُمُ العَدَاوَةُ وا ْل َب ْغضَاءُ َأبَداً َ‬
‫وحْ َدهُ}‬
‫[الممتحنة‪.]60:‬‬
‫ولن تخيب نفس ألهمت رشدها‪ ،‬فسارت على هدي رسولنا الكريم في تربية النشء‪ ،‬ليعينها‬
‫رصيد الفطرة المركوز بها‪ ،‬تستشفه من خلل إشارات طفلها إلى علو ال‪ ،‬ومن كلماته‬
‫في الرضى والغضب والتي يبين فيها أن ال تعالى منصف للمظلومين‪ ،‬وليس أفضل من‬
‫كتاب ال ـيذكرنا بوصية لقمان لبنه‪" :‬وإنها لعظة غير متهمة‪ ،‬فما يريد الوالد لولده إل‬
‫الخير‪ ،‬وما يكون الوالد لولده إل ناصحاً‬

‫ص ْينَا النسَانَ ِبوَا ِل َديْهِ حَ َم َلتْهُ أُمّ ُه‬


‫" {يَا ُبنَيّ ل تُشْرِكْ بِالِّ إنّ الشّرْكَ لَظُ ْلمٌ عَظِيمٌ * و َو ّ‬
‫شكُرْ لِي و ِلوَالِ َديْكَ إلَيّ ال َمصِيرُ * وإن‬ ‫علَى وهـْـــنٍ وفِـصَــالُهُ فِي عَا َميْنِ أَنِ ا ْ‬ ‫وهْناً َ‬
‫ح ْبهُمَا فِي ال ّد ْنيَا مَعْرُوفاً‬ ‫ع ْلمٌ فَل تُطِ ْعهُمَا وصَا ِ‬
‫علَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيـسَ لَكَ بِهِ ِ‬ ‫جَاهَدَاكَ َ‬
‫جعُ ُكمْ فَُأنَ ّبئُكُم بِمَا كُنتُمْ َتعْ َملُونَ * يَا ُبنَيّ إ ّنهَا إن تَكُ‬‫سبِيلَ مَنْ أَنَابَ إلَيّ ُثمّ إلَيّ مَرْ ِ‬
‫واتّبِعْ َ‬
‫حبّةٍ مّنْ خَرْ َدلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ َأوْ فِي السّ َموَاتِ َأوْ فِي الَرْضِ يَأْتِ ِبهَا الُّ إنّ الَّ‬ ‫ِمثْقَالَ َ‬
‫علَى مَا َأصَابَكَ‬ ‫صبِرْ َ‬ ‫خبِيرٌ * يَا ُبنَيّ أَقِمِ الصّلةَ وأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وانْهَ عَنِ المُنكَرِ وا ْ‬ ‫لَطِيفٌ َ‬
‫إنّ َذلِكَ مِنْ عَ ْزمِ الُمُورِ}‬
‫[لقمان‪.]19-13:‬‬
‫ب‪ -‬تعويد الطفال حب رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وتوقيره‬

‫عـلـى الـوالـديـن وموجهي الطفال أن يغرسوا حب رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫في ـنفوس ـالناشئـة‪ ،‬ـفـحـب ـرســول ـال ـمـن ـحـب ـال ـ‪ -‬جـل ـوعل ـ‪ -‬ول ـيكون ـالمرء‬
‫مؤمناً إل بحب ال ورسوله‪.‬‬
‫عن أنس ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال‪ ،‬قال رسول ال ‪-‬صلـى ال عـلـيـه وسـلـم‪:-‬‬
‫«ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» ‪.‬‬

‫وعلينا أن نُفهم الطفل بعض الشمائل الطيبة‪ ،‬نقتبسها من السيرة النبوية‪ ،‬مـن صـفـاته‬
‫‪-‬صلى ـال ـعليـه ـوسـلم‪ -‬مثـل‪ :‬الرحمـة ـبالصـغار‪ ،‬ـوبالحيوان ـوبالخدم‪ ...‬وأـن ـنحكـي ـله‬
‫بعض القصص المحببة في هذا الشأن من سيرته ‪ -‬عليه الصلة والسلم ‪ -‬ومن سيرة‬
‫أصحابه الـكـرام‪ ،‬وذلك حـتـى يـتـخـلق بخلق رسول ال‪ ،‬فيرحم الصغار والضعاف‪،‬‬
‫ول يؤذي الحيوان‪.‬‬
‫ونغرس في نفوس أطفالنا خلل سردنا لمواقف من سيرة الرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫أثـر ـتطـبيق ـالديـن ـفـي ـالسـلوك ـوالخلـق ـوالعبادة‪ ...‬فتتأثـر ـنفوسـهم‪ ،‬ـوتتفاعـل ـقلوبهـم ـبحب‬
‫الرسول ‪ -‬عليه الصلة والسلم ‪ -‬وحـب رسـالـتـه‪ ،‬وفي ذلك المغفرة وجنات النعيم‬
‫{ ُقلْ إن كُنتُمْ تُحِبّونَ الَّ فَاتّبِعُونِي يُحْ ِببْ ُكمُ الُّ ويَغْفِرْ لَ ُكمْ ُذنُو َبكُمْ والُّ غَفُورٌ رّحِيمٌ}‬
‫[آل عمران‪.]31:‬‬

‫وعلـى ـالمربـي ـأـن ـيعلّم ـالطفال ـالصـلوات ـالبراهيميـة ـوأـن ـيحفظوهـا ـإـن ـأطاقوا ـذلك‪،‬‬
‫فالصلة على النبي ترفع الدرجات‪ ،‬وتضمن شفاعـة الـمصطفى ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫سلِيماً}‬
‫سلّمُوا تَ ْ‬
‫صلّوا عَ َليْهِ و َ‬
‫صلّونَ عَلَى ال ّنبِيّ يَا َأ ّيهَا ا َلذِينَ آ َمنُوا َ‬
‫{إنّ الَّ ومَل ِئ َكتَهُ ُي َ‬
‫[الحزاب‪،]56:‬‬

‫وأنه خاب وخسر من إذا ذكر عنده لم يصلّ عليه‪.‬‬

‫اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫ج‪ -‬اليمان بالملئكة‬
‫الملئكـة ـجنـد ـال‪،‬ـ ـيأتمرون ـبأمره ـول ـيعصـونه ‪ ..‬إن ـفـي ـالعالـم ـمخلوقات ـكـثـيـرة ـل‬
‫نعرفها‪ ،‬يعلمها خالقها ‪ -‬جل وعل ‪ -‬ومن بينها الملئكة‪ ...‬بهذه الصورة يمكن أن نتحدث‬
‫عن ـهذا ـالركـن ـاليمانـي ـالغيـبي ـأمام ـالطفال‪ ،‬ـونضيـف ـلهـم ـبأـن ـأعمال ـالملئكة ـكثيرة‬
‫نستشفها من بعض اليات الكريمة‪،‬ومن ذلك حفظ النسان‪:‬‬
‫ع َل ْيهَا حَافِظٌ}‬
‫{إن ُكلّ نَفْسٍ لّمّا َ‬
‫[الطارق‪.]4:‬‬
‫وكتابة ما يعمله في حياته‪:‬‬
‫عتِيدٌ}‬
‫{مَا َيلْفِظُ مِن َق ْولٍ إلّ لَ َديْهِ رَقِيبٌ َ‬
‫[ ق‪]18:‬‬
‫وكم يسعد الطفال عندما تجمعهم أمهم‪ ،‬لتحدثهم عن الجنة ونعـيـمـهـا‪ ،‬والملئكة فيها‪ ،‬إذ‬
‫تبشر المؤمنين كقوله ‪ -‬تعالى ‪:-‬‬
‫ع َل ْي ِهمُ المَلئِكَةُ أَلّ تَخَافُوا ول تَحْ َزنُوا‬
‫ستَقَامُـوا َتتَنَ ّزلُ َ‬
‫{إنّ الَذِينَ قَالُوا رَ ّبنَا الُّ ُثمّ ا ْ‬
‫حيَاةِ ال ّد ْنيَا وفِي الخِرَةِ و َلكُمْ‬
‫جنّةِ الَتِي كُن ُتمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ َأوْ َليَا ُؤكُمْ فِي ال َ‬ ‫وَأبْشِرُوا بِالْ َ‬
‫سكُمْ ولَ ُكمْ فِيهَا مَا تَدّعُونَ * نُزُلً مّنْ غَـفُـورٍ رّحِـيـمٍ * ومـَـنْ أَحْـسَـنُ‬ ‫ش َتهِي أَنفُ ُ‬
‫فِيهَا مَا تَ ْ‬
‫قَـوْلً مّمّن دَعَا إلَى الِّ وعَ ِملَ صَالِحاً وقَالَ إنّـنِـي مِـنَ المُسْلِمِينَ}‬
‫[ فصلت‪.]33-30:‬‬
‫فالم ـبذلك تسـتفيد ـمن صفات ـطفولة أبنائها‪ ،‬ـفي خدمة عقيدتها‪ ،‬ويجددون ـمرضاة ـال‬
‫(تعالى)‪.‬‬
‫فبدلً من إرضاء الخيال النامي عندهم بقصص خرافية وأساطير وهمية‪ ،‬قد ل تجلب لهم‬
‫إل العنف والبعد عن الواقعية‪ ..‬نكون بذلك قد تعاملنا مع طفولتهم بما يرتضيه الشرع‬
‫الحنيف‪ ..‬على أن ل يكون في هذا شطط ول غلو‪ ،‬إن الغلو في أي شيء إفراط قد يؤدي‬
‫إلى خلف ما يقصد المربي‪.‬‬
‫وينبغـى ـأل ـيثبّت ـالمربون ـصـورة ـخاطئـة ـفـي ـعقول ـالطفال ـعـن ـشكـل ـالملئكة ـمثلً‪..‬‬
‫ولسـيما ـأـن ـأكثـر ـوسـائل ـالعلم ـتصـور ـالملئكـة ـبأشكال ـمعينـة ـلهـا ـأجنحـة‪ ،‬ـوتصور‬
‫الشيطان بأن له قروناً‪ ..‬وذلك حتى لتثبت هذه الصورة الخاطئة في نفس الطفل‪.‬‬
‫‪:‬د‪ -‬عدم التركيز على الخوف الشديد من النار‬

‫إن الطفل ذو نفس مرهفة شفافة‪ ،‬فل ينبغي تـخـويـفـه ول ترويعه‪ ،‬لن نفسه تتأثر تأثرًا‬
‫عكسياً‪ ..‬يمكن للمربي أن يمر على قـضـيـة جـهـنـم مراً خفيفاً رفيقاً أمام الطفال‪ ،‬دون‬
‫التركيز المستمر على التخويف من النار‪ ،‬ظناً منه أن هذه وسيلة تربوية ناجعة‪..‬‬
‫أخـرج الحـاكـم والـبـيـهـقـي عن سهل بن سعد ‪ -‬رضي ال عنه ‪ :-‬أن فتى من النصار‬
‫دخلته خشية ال‪ ،‬فكان يبـكـي عـند ذكر النار حتى حبسه ذلك في البيت‪ ،‬فذُكر ذلك لرسول‬
‫ال ـ‪-‬صلى ال ـعليه وسلم‪ -‬فـجـاءه فـي الـبـيت‪ ،‬فلما دخل عليه اعتنقه النبي وخر ميتاً ‪،‬‬
‫فقال النبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪:-‬‬
‫«جهّزوا صاحبكم‪ ،‬فإن الفَرَق َفلَذَ كبده!»‪.‬‬

‫إن الفقه في دين ال هو أل يقنط الناس من رحمة ال وأل يستهينوا بمعاصيه‪ .‬فعن علي ‪-‬‬
‫رضى ال عنه ‪ -‬قال‪" :‬أل أنبئكم بالفقيه حق الفقه؟ من لم يقنط الناس من رحمة ال‪ ،‬ولم‬
‫يرخص لهم في معاصي ال‪ ،‬ولم يؤمنهم مكر ال‪ ،‬ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره‪،‬‬
‫ول خير في عبادة ليس فيها تفقه‪ ،‬ول خير في فقه ليس فيه تفهم"‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬اليمان بالقدر‪:‬‬

‫وعلينا أن نزرع في نفس الطفل عقيدة اليمان بالقدر منذ صغره‪ ،‬فيفهم أن عمره محدود‪،‬‬
‫وأن الرزق مقدر‪ ،‬ولذلك فل يسأل إل ال‪ ،‬ول يستعين إل به‪ ،‬وأن الناس ل يستطيعون أن‬
‫يغيروا ما قدره ال ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬ضراً ول نفعاً‪،‬‬
‫قال ‪ -‬تعالى ‪:-‬‬
‫{قُل لّن ُيصِي َبنَا إلّ مَا كَتَبَ الُّ َلنَا}‬
‫[التوبة‪.]51:‬‬

‫أما كيف يتم ذلك؟ فمن خلل انتهاز الفرص المناسبة‪ ،‬ولعل أبرز الظواهر التي تلفت‬
‫نظر الطفال في هذا المجال ظاهرة الموت؛ فهم قد يتقبلونه تقبلً معتدلً‪ ،‬وذلك في ظل‬
‫أسرة ل تبدي جزعها من الموت‪ ،‬وتُشعر الطفال ‪ -‬وببساطة ‪ -‬أن من ينتهي عمره يموت‪.‬‬
‫أما إن شعر الطفال ‪ -‬بطريقة ما ‪ -‬أن الموت عقوبة وذلك من خلل التعليق على موت‬
‫أحد الناس‪" :‬وال إنه ل يستأهل هذا الموت"! كما تقول بعضهن في لحظة انفعال‪ ،‬نسأل ال‬
‫المغفرة ـوالهدايـة‪ ،‬ـوكذا ـإـن ـهددت ـالمـ ـطفلهـا ـبالضرب ـوالتمويـت؛ ـفيزرع ـفـي ـذهنـه ـأن‬
‫الموت عقوبة وليس نهاية طبيعية ومنتظرة للجميع‪،‬مما يجعله يجزع منه مستقبلً‪ ،‬وهذا ما‬
‫يتنافى مع عقيدة اليمان بالقدر‪.‬‬
‫وكذا بالنسبة للرزق‪ :‬جميل بالمربية أن تتعمد أمام طفلها حمد ال ‪ -‬تعالى ‪ -‬على ما أعطى‬
‫من الرزق‪ ،‬فذلك يرسخ في ذهنه أن المال مال ال‪ ،‬والخير كله منه‪ ..‬وإن قال لها مستنكراً‪:‬‬
‫إل أن المال من مكان "كذا" لمكان عمل والده ‪ -‬فهي الفرصة لن تغرس في نفسه أنه لبد‬
‫من ـاتخاذ ـالسـباب ـالمؤديـة ـإلـى ـالنتائـج ـبحسـب ـالسـنة ـالجارية‪ ..‬ومـن ـثـم ـيــحـس ـبوجـوده‬
‫الـذاتـي ويـعـمـل‪ ،‬دون أن يفـتن بنفـسه ول بعمله‪ ،‬ودون أن يفـتـن بالسباب‪.‬‬

‫وإـن ـاتخاذ ـالسـباب ـمـع ـاليمان ـبالقدر ـيجعـل ـمـن ـالمسـلم ـإنسـاناً ـمقداماً ـل ـيخشـى ـإل ـال‪،‬‬
‫كريماً ل يخاف على نفسه الفقر‪ ،‬صبوراً ل يهلع أمام كل مصيبة مادامت مقدّرة‪.‬‬
‫فهذا المعتقد يُحدث في حسن المؤمن توازناً جميلً رائعاً‪ ،‬يعينه على القيام بدور الخلفة‬
‫الراشدة في الرض‪ ،‬ويجعله يعمل في الرض وقلبه متطلع إلى ال في السماء‪.‬‬
‫إنـه ـيتخـذ ـالسـباب ـعبادة ـل‪،‬ـ ـوانطلقاً ـمـع ـسـنة ـال ـالجاريـة‪ ،‬ـويحـس ـفـي ـالوقـت ـذاتـه ـأن‬
‫النتيجة التي وصل إليها هي قدر قدّره ال وليست حصيلة أسبابه التي اتخذها‪ ،‬وأن السباب‬
‫ل تؤدي بذاتها أداءً حتمياً إلى النتيجة إنما تؤدي إلى النتيجة بقدر من ال‪.‬‬
‫فهذه المعاني تدفع الطفل إلى عدم التخاذل‪ ،‬فل يداهن ول يراوغ‪ ،‬لنه‬
‫حصّن بقوة العقيدة‪ ،‬ول يمكن أن ينحني رأسه أمام مغريات الدنيا ول‬
‫قد ُ‬
‫إرهاب المتجبرين؛ لنه اعتاد أن ينحني ويسجد ل فقط‪.‬‬

‫فمن هؤلء الطفال الذين نغرس في نفوسهم هذه المعاني ‪ -‬معاني‬


‫العقيدة ‪ -‬سيكون خط التغيير نحو منهج ال بإذن ال‪ .‬من المنازل ومن‬
‫رياض الطفال سوف تصحح المفاهيم‪ ،‬فليتقِ ال أولياء المور في هذه‬
‫المدارس وفي تلك المنازل‪ ،‬وليعلموا عظم المسؤولية وليؤذوا المانة‬
‫بصدق وإخلص‪ ،‬ليربطوا عقيدة الناشئة بعقيدة السلف‪.‬‬
‫لست مجبرا ً على إرسالها ولن تأثم على إهمالها‬
‫بإذن الله‬
‫فإن شئت أرسلها فتؤجر أو أمسكها فتحرم‬
‫ل تبخل على نفسك‬
‫وانــشـــرها‬

‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬


‫ى‪ ،‬كان له من الجر مثل أجور‬ ‫من دعا إلى هد ً‬
‫من تبعه ل ينقص ذلك من أجورهم شيئا ً‬
‫ة‪ ،‬كان عليه من الثم مثل آثام‬ ‫ومن دعا إلى ضلل ٍ‬
‫من تبعه ل ينقص من آثامهم‬
‫شيئاً !‬

‫ل تدعه يقف عند جهازك‬


‫بل إدفعه لخوانك ليكون لك صدقة جارية فى‬
‫حياتك وبعد مماتك‬

You might also like