Professional Documents
Culture Documents
com
خطب فضيلة
الشيخ
www.yaqob.com
وبعد؛ حبيبي في ال
هل أنت مدرك – حقيقةً – حجم الخطر الذي يداهمك إن استمر بك الحال على ما أنت عليه ؟
إن بقيَتْ -في باطنك وأفكارك وأحوالك -كل تلك الرواسب الجاهلية المقيتة فستُفسد دينك،
ولن تستقيم حياتك!
إخوتاه
لبد أن تفيقوا !
إلى متى هذا الرّقاد وهذا الموات ؟!
انتبهوا ! تيقظوا ! تحركوا ! تخلّصوا !
..إذا أردت أن تخرج من دائرة الجاهلية إلى السلم واللتزام ،فل بد أن يكون عندك حافز
واستعداد داخلي ،يدفعك للعمل والبذل والتضحية ..لبد من إثارة الحافز وتكوين الستعداد
سل :كيف؟ وأقول لك:
أولً :بالخوف
اعلم أن الخوف من أكبر محفزات الهمم ،كما قال بعض السلف" :الخوف أفضل سائق إلى
ال تعالى".
فإذا وجدت في نفسك تكاسل ،وعدم رغبة في الصلح ،وإلفاً للمعاصي ووَحلها ،وعدم
أنف ةٍ منها ،واستمراء لحياة الباطل ،إذا وجدت همتك دانية ،والفتور يدخل عليك من كل
باب حين تهُم بالصلح ،وأل َف ْي َتهَا ل تبغي أن تضحي بهذه المعيشة الضنك..
ووجدتها تقول لك:
لماذا نكنل نهذا نالعننت؟! ومنا نالذي نأجرَمتَن نحتنى نتَبذُلَن نمهجتك نوتبخنع ننفسنك ..؟! رواسب
جاهلية !!..معاصٍ وذنوب!!..
تقول نلنك ننفسنك" :ل نُتضَخّمن نالمور ،نأما نترى نفلناً نوفلناً ..يعيشون نويمرَحون نويُغدَق
عليهم بالنعم ،مع أنهم ربما اجترحوا من السيئات ما هو أكثر منك ،فلماذا كل هذا الظلم
لنفسك؟! "
إذا وجدت في نفسك ذلك – وإنك وال واجده ل محالة – فقل لها:
"تال نإن سِرتُ وراءك فسترديني؛ فإنك تهنئين براحة ساعة وتنسين عذاب الخلد ،فما
عساك حينها تفعلين؟ لماذا ل تنظرين لعيبك؟! أما تعلمين أن نفساً بهذه الحال ل تصلح أن
تنعم بمنَن ذي الجلل؟!..
ومالك مغرورة بلطف ال عليك؟! أما تعلمين أن بطشه شديد؟!
{إِنّ بَطْشَ َربّكَ لَشَدِيدٌ (*) ِإنّهُ ُهوَ ُيبْدِئُ وَيُعِيدُ}
[البروج، ]13 ،12 :
وبطشه ل يُرَد:
{وَلَ يُرَدّ َبأْسُهُ عَنِ الْ َق ْومِ الْمُجْرِمِينَ}
[النعام،]147 :
ل أحد عزيزٌ إن عصاه ولو كان نبياً مرسل؛ قال تعالى:
ط ْعنَا ِمنْهُ ا ْل َوتِينَ (*)
{ َو َلوْ تَ َق ّولَ عَ َليْنَا َبعْضَ الَْقَاوِيلِ (*) لَخَ ْذنَا ِمنْهُ بِا ْليَمِينِ (*) ُثمّ لَقَ َ
عنْهُ حَاجِزِينَ} فَمَا ِم ْن ُكمْ مِنْ أَحَدٍ َ
[الحاقة« ]47 -44 :
إخوتاه..
ال هو القاهر جل جلله:
خبِيرُ}
عبَادِهِ وَ ُهوَ الْحَكِيمُ الْ َ
{وَ ُهوَ الْقَاهِرُ َفوْقَ ِ
[النعام،]18 :
وهو الغني عنا وعن أعمالنا الصالحة ،لكنه يحب الطاعة وأهلها:
عنْ ُكمْ}
غنِيّ َ
{إِنْ تَكْفُرُوا َفإِنّ الَّ َ
[الزمر،]7 :
فالذي نيعاملنه نفقنط نعلنى نصنفات نالجمال نمنن نرحمنة نوعطنف نوجود نولطنف نوإنعام ،نقد
عطل صفات جلله من عظمة وكبرياء وقهر وجبروت..
أوليس هو المخبر عن نفسه بذلك ،فأمرنا أن نحذر سوطه وعقابه،
فقال عز من قائل سبحانه:
{ َويُحَذّرُ ُكمُ الُّ نَفْسَهُ وَِإلَى الِّ الْ َمصِيرُ}
[آل عمران،]28 :
وأمرنا بخشيته وتقواه ،فقال سبحانه:
{وَاتّقُوا الَّ إِنّ الَّ شَدِيدُ ا ْلعِقَابِ}
[المائدة،]2 :
وأمرنا أن نعلم عنه هذا ،فقال سبحانه:
علَمُوا أَنّ الَّ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنّ الَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
{ا ْ
[المائدة،]98 :
وقال سبحانه:
عبَادِي َأنّي َأنَا ا ْلغَفُورُ الرّحِيمُ (*) وَأَنّ عَذَابِي ُهوَ الْ َعذَابُ الَْلِيمُ}
{نَبّئْ ِ
[الحجر،]50 ،49 :
ثم أنت بعد ذلك ل يتحرك فيك ساكن ،ول تعلو لديك همة..
أمنا نتخشنى ننزول نالنقنم؟ ! أمنا نتخاف نمنن نالفوتفجأة الموت وحسرة ؟ ! ..أمنا نترتعد
فرائصك؟! فلعلك تكون ممن يعاملهم ال بالستدراج!
فيا ليتنا نعرف عظمة ربنا ،ونعرف شدة عذابه ،وعزته وقهره..
يا ليتنا نعرف أنه غيور على أن تنتهك محارمه،
ممنا يثينر نالهمم نويحفزهنا نأيضنا ،نويسناعد نفني نتوليد نالسنتعداد نوالقابلية نأن نتعلنم نحقيقة
المصير..
إما جنة وإما نار
فتعرف ما النار ،وتشهد هولها وشدتها وعظمتها وبُعدَ قعرها ..وحينئذٍ كيف بال يهدأ
لك جفن خاصة وأنت تعصاه؟! ..كيف بمن يسمع عنها وعن عذابها ثم ل يعمل اتقاءً
لها؟!
عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم:
"يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها"
[مسلم].
أشد ما شعرت به من حر الصيف ،أو زمهرير الشتاء فقط مجرد نفس من أنفاسها؛
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي ال عنه أن النبي صلى ال عليه وسلم قال:
"اشتكت النار إلى ربها؛ فقالت :يا رب أكل بعضي بعضا ،فأذن لها بنفسين؛ نفس في
الشتاء ونفس في الصيف ،فهو أشد ما تجدون من الحر ،وأشد ما تجدون من
الزمهرير«
[متفق عليه]،و الزمهرير :البرد الشديد.
ونار الدنيا جزء من سبعين جزءًا منها؛
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي ال عنه أن النبي صلى ال عليه وسلم قال:
"ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم" ،قيل :يا رسول ال
إن كانت لكافية ! ،قال " :فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا كلهن مثل حرها"
[متفق عليه]
وأشد ما تجد من شقاء وبلء ل يُقدّر بغمسة فيها ! فعن أنس رضي ال نعنه أن النبي
صلى ال عليه وسلم قال:
" يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة ،فيصبغ في جهنم صبغة ،ثم يقال له:
يا ابن آدم ،هل رأيت خيرا قط ؟هل مر بك نعيم قط ؟فيقول :ل وال يا رب ،ويؤتى بأشد
الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة ،فيصبغ في الجنة صبغة ،فيقال له :يا ابن آدم ،هل
رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول :ل وال يا رب ما مر بي بؤس قط ،ول رأيت
شدة قط«
[مسلم].
وانظر إلى أدنى عذابها :عن أبي سعيد الخدري أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال:
"إن أدنى أهل النار عذاب ًا ينتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه"
[مسلم]
إخوتاه..
النار بالغة العمق :عن عتبة بن غزوان أن النبي صلى ال عليه وسلم قال:
"إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي بها سبعين عاماً ما تفضي إلى قرارها"
[الترمذي وصححه اللباني]
سلم يا رب سلم!
وهي ل تشبع؛ قال تعالى:
ج َه ّنمَ َهلِ امْتَلَْتِ َوتَقُولُ َهلْ مِنْ مَزِيدٍ}
{ َي ْومَ نَقُولُ لِ َ
[ق،]30 :
وعن أنس رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال:
"ل تزال جهنم يلقى فيها ،وتقول :هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه ،فينزوي
بعضها إلى بعض ،فتقول :قط قط بعزتك وكرمك ،ول يزال في الجنة فضل حتى ينشئ ال لها
خلقا فيسكنهم فضل الجنة«
[متفق عليه]
طعام أهلها الزقوم ،وما أدراك ما الزقوم ! :عن ابن عباس رضي ال نعنهما أن النبي صلى
ال عليه وسلم قال:
" لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن
تكون طعامه«
[أحمد وصححه اللباني]
..إخوتاه
..طاعة ال أهون علينا من النار
فاعرفوا مصيركم ،وحاسبوا أنفسكم قبل أن يفوت الوان ..ابكوا على خطاياكم قبل
..أن تبكوا غداً دماً
:قال رسول ال صلى ال عليه وسلم
إن أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت وإنهم ليبكون"
« الدم
]الحاكم وصححه اللباني]
كان مالك بن دينار يقول " :لو وجدت أعواناً لفرّقتهم يُنادون في سائر الدنيا كلها:
".أيها الناس ! النار ..النار
:وكان عطاء السلمي يقول
سعُني طعام ول شراب" ".إذا ذُكرَت جهنم ،ما يَ َ
وكان طاوس يُفرَش له الفُرُش ،فيضطجع ويتقلى كما تتقلى الحبة في المقلى ،ثم
يَثِب فيدرجه ويستقبل القبلة حتى الصباح ،ويقول " :طيّر ذِكر جهنم نوم
"الخائفين
أنصح إخوتي الشباب بقراءة كتاب (التخويف من النار) لبن رجب الحنبلي رحمه]
[ .ال
أما الجنة:
فسَلوا عنها رسول ال صلى ال عليه وسلم ..واقرؤا عنها سورة (النسان)؛ ففي هذه
السورة جاءت أطول صورة حسية لنعيم الجنة في القرآن كله ،وتليها مباشرة سورة
(الواقعة)..
أما النعيم المعنوي فأمثال قول ال تعالى:
{وُجُوهٌ َيوْ َمئِذٍ نَاضِرَةٌ (*) إِلَى َر ّبهَا نَاظِرَةٌ}
[القيامة.]23 ،22 :
سنلوا نعنن نالجننة سورة (الرحمنن ) وسنورة ن(الزخرف ) وسنورة ن(محمند ) وسورة
(المطففين ) ..سلوا عنها القرآن ..سلوا عنها الصحابة ..سلوا عنها ال ُعبّاد والزهاد..
الذين طاروا شوقاً إليها.
الجننة نإخوتاه نسنلعة نالرحمن ..أجمنل نمنا نفيهنا نأنن نترى نال ..وأنن نيتكلم نمعك ..الجنة..
الكلم عنها ل ينتهي ..والشوق إليها ل ينقضي ..فاجعلها على بالك دائماً ..اقرأ كل ما
ورد نعنهنا نوداوم نعلنى نذلك ..فتخيلهنا نوتصنور ننعيمهنا ،نومدى نسنعادة نأهلهنا ،نوالراحة
التامة من كل اللم والهموم والمشاكل والحزان ..ثم الخلود ..وما أدراك ما الخلود !
كل ذلك يستثير عزيمتك ويُحرك سواكنك؛ للستعداد لكل خير وبر وإصلح.
إخوتاه..
إن استثارة الهمم الفينة بعد الفينة أمر لبد منه ،وعلج ناجع
للفتور؛ فالتحفيز المستمر بالخوف والرجاء -بالجنة والنار-
يُجبر النفس على البذل وعدم السكون ..ثم تقديرك للموقف
على النحو الصحيح ،من شأنه أن يُحفزك للقيام بأي تضحية
مهما كانت ،للتخلص من أَسرِ تلك الرواسب الجاهلية التي تأكل
دينك ،وتُضعف إيمانك ،وتؤدي بك إلى الهلك.
لست مجبرا ً على إرسالها ولن تأثم على إهمالها بإذن
الله
فإن شئت أرسلها فتؤجر أو أمسكها فتحرم
ل تبخل على نفسك
وانــشـــرها