Professional Documents
Culture Documents
الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أم خاصة (back up)
الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أم خاصة (back up)
كمللا، وما أرسل الله تعالى الرسل وأنزل الشرائع إل لقامة نظام البشللر
: قلللللال تعلللللالى
(25 : )الحديد
179 ص، مقاصد الشريعة السلمية،الشيخ محمد الطاهر بن عاشور 1
1
جاءت الشريعة السلمية رحمة للعالمين ،وموعظة وشفاء لما فللي
الصدور ،فاتجهت في أحكامها ومناهجها إلى تحقيق اغراض سامية رفيعة
.فهي أرادت من النسان أن يكون مصدر خيللر لبنللى نللوعه ل يكللون منلله
الشر ناشئًا ،وذلك بتهذيب نفسه وتربيتها على الخلق الفاضلللة والعللادات
الحسنة ،وتوثيق عرى المللودة والمحبللة فللي العلئق الجتماعيللة ،ونشللر
العدالة والحق بين الجماعات في السرة السلمية .
كما أن الشريعة بأحكامها ارشدته على ما يكون خيللرا للله فللي دينلله
ودنيللاه ،وإلللى مللا تكللون فيلله الضللرار والمفاسللد ،فيكللون فللي امتثللاله
لرشادات الشريعة وتوجيهاتها خير له ورحمة ،لن الشريعة – كما عرفنللا
في باب القياس والمصلحة – جاءت لجلب الخير والمنافع للنللاس ،ودفللع
الضرار والمفاسد عنهم. 2
فالمصلحة الحقيقية التي تحققها الشرية بأحكامها ترجللع إلللى ثلثللة أنللواع
من المقاصد:
الستاذ الدكتور فاضل عبد الواحد عبد الرحمن ،أصول الفقه ،ص 291 2
الدكتور يوسف أحمد محمد البدوي ،مقاصد الشريعة عند ابن التيمية ،ص 47-46 3
الستاذ الدكتور محمد مصطفى الزحيلي ،مقاصد الشريعة السلمية ،ص 1 4
2
النوع الول :الضروريات
ويقصللد بهللا :المصللالح الللتي تتوقللف عليهللا حيللاة النللاس وقيللام المجتمللع
واستقراره ،بحيث إذا فاتت اختل نظام الحياة وساد الناس هرج ومللرج ،
وعمت أمورهم الفوضى والضطراب ولحقهم الشقاء في الللدنيا والعللذاب
في الخرة .
وهي المور التي يحتاج إليها الناس لرفللع الحللرج والمشللقة عنهللم ،
وإذا فللاتت ل يختللل نظللام الحيللاة ولكللن يلحللق النللاس المشللقة والعنللت
والضيق .والحاجيات كلها ترجع إلى رفع الحللرج عللن النللاس ،قللد جللاءت
الشريعة بالحكام المختلفة لتحقيق هذا الغرض. 7
الدكتور عبد الكريم زيدان ،الوجيز في أصول الفقه ،ص 300 5
3
مثالها :الرخص في المرض والسفر ،إذ يمكن للمريض أو المسافرأن يؤد
العبادات بدون الرخص ،لكن يلحقه مشقة وحرج ،وهذه المشقة والحرج
في هذه الحالة ل تلحق كل المكلفيللن ،وإنمللا تلحللق المريللض والمسللافر
فقط .
وهي التي تجعل أحوال الناس تجري على مقتضى الداب العالية والخلللق
القللويم ،وإذا فللاتت ل يختللل نظللام الحيللاة ،ول يلحللق النللاس المشللقة
والحرج ،ولكن تصللير حيللاتهم علللى خلف مللا تقتضلليه المللروءة ومكللارم
الخلق والفطر السليمة .وقد راعت الشللريعة هللذه المصللالح التحسللينية
في العبادات والمعاملت والعادات والعقوبات. 9
8الدكتور محمد بكر إسماعيل حبيب ،مقاصد الشريعة تأصيل وتفعيل ،ص .271-270
9الوجيز في أصول الفقه ،ص 301
10مقاصد الشريعة تأصيل وتفعيل ،ص .273
4
الوسائل الشريعة لتحقيق المقاصد :
تشريع الحكام التي تؤمن تكوين هذه المصالح وتوفر وجودها . .i
تشريع الحكام التي تحفظ هذه المصالح وترعاها وتصونها ،وتمنللع العتللداء عليهللا أو الخلل بهللا ، .ii
13
. وتؤمن الضمان والتعويض عنها عند إتلفها أو العتداء عليها
فقد جاءت نصوص كثيرة لبيان الدين الحق ,وبيان أحكللام العقيللدة
كاملة ومفصلللة ,فجللاء المللر باليمللان بللالله تعللالى ,وملئكتلله ,وكتبلله ,
ورسله ,واليوم الخر ,والقدر خيره وشره ,وجللاء المللر بأركللان السلللم
الخمسة من الشهادتين ,وإقام الصلة ,وإيتاء الزكللاة ,وصللوم رمضللان ,
مجموع من الباحثين ،حقوق النسان محور مقاصد الشريعة ،ص 83 11
المصدر نفسه ،وأنظر إلى حقوق النسان محور مقاصد الشريعة ،ص 84-83 13
5
وحج البيت لمن استطاع إليه سلبيًل ,وجلاء الرشللاد إللى أنلواع العبللادات
المختلفة وكيفيتها ,وجزائها .
وجللاء المللر بالعمللل بهللذا الللدين وتطللبيقه ليرسللخ فللي النفللوس ,
ويستقرفي حياة الناس ومجتمعاتهم .كما جاء المر بالدعوة إليه بالحكمة
والموعظة الحسنة ,لخراج الناس بهذا الدين من الظلمات إلى النور.14
الدين الحق مصلحة ضرورية للنللاس ،لنلله ينظللم علقللة النسللان بربلله ،
وعلقة النسان بنفسه ،وعلقة النسان بأخيه ومجتمعلله ،والللدين الحللق
يعطي التصور الرشيد عن الخالق ،والكللون ،والحيللاة ،والنسللان ،وهللو
مصدر الحق والعللدل ،ولسللتقامة ،والرشللد .والللدين الللذي نقصللده هللو
السلم بمعناه الكامللل ،الللذي يعنللي الستسلللم للل سللبحانه وتعللالى ،بقللوله
.
) الحلللج ، (78 :وقلللال تعلللالى :
6
ولم يقتصر السلللم علللى أحكللام إيجللاد الللدين وحفظلله ،بللل شللرع
الحكام الحاجيللة لصلليانة الللدين ،وبقللائه علللى أحسللن صللورة وأجملهللا ،
فشرع الرخص في العبادات والعقيدة لرفع الحرج والمشللقة عنللد النللاس
للتخفيف عنهم ،فأجللاز النطللق بللالكفر عنللد الكللراه ،وأبللاح الفطللر فللي
رمضان للعذار ،وشرع قصر الصلللة وجمعهللا للمسللافر والحللاج ،وأجللاز
للعاجز صلة الفرض قاعدا أو مستلقيا على جنب ،وأباح الللتيمم والمسللح
على الجبيرة ،والمسح على الخفين.
ثم شرع السلم الحكللام التحسلينية للنلاس للحفلاظ علللى الللدين ،
فشرع الله في العبادات أحكاما متنوعة ،لتكون العبادة على أقوم السبل
7
،كالطهارة وستر العورة ،وأخذ الزينة عند كل مسجد ،والتطللوع بنوافللل
العبادات ،وإقامة المساجد ،والنداء للصلة بالذان ،وهللو شللعار السلللم
لعلن التوحيللد الخللالص .وشللرع صلللة الجماعللة ،وترتيللب الصللفوف
للصلة ،وخطبة الجمعة ،والعيدين ،لتعليم الناس دينهم ودنيللاهم .وفللي
الجهاد حرم قتل النساء والصبيان والرهبللان ،ومنللع قطللع الشللجر وإتلف
المزروعات ،ونهي عن الغللدر والتمثيللل بللالقتلى ،وطلللب الحسللان فللي
معاملة السرى ،وفرض التبليغ قبل الحرب ،ومنع الكراه في الدين .
والنفس هي ذات النسان ،وهي مقصودة بللذاتها فللي اليجللاد والتكللوين ،
وفي الحفظ والرعاية .
8
وشرع السلم لحفظ النفللس وحمايتهللا ،وعللدم العتللداء عليهللا ،وجللوب
تناول الطعام والشللراب واللبللاس والمسللكن ،وأوجللب القصللاص والديللة
16 15
. ،وخرم الجهاض والوأد والكفارة
عَلْيُك لُم اْلَمْيَت لَة حالة الضرورة إنقاذ ً ا للنفس من الهلك ,قال تعالى ِ :إّنَما َ
ح لّرَم َ
حيلٌم )
غُفلوٌر َر ِ
لل َ
ن ا َّ
عَلْيلِه ِإ ّ
علاٍد َفل ِإْثلَم َ
غ َول َ
غْيلَر َبلا ٍ
طّر َ
ضل ُ
نا ْ
ل َفَم ِ
ل ِبِه ِلَغْيِر ا ِّ
خْنِزيِر َوَما ُأِه ّ
حَم اْل ِ
َوالّدَم وََل ْ
ثللم شللرع السلللم الحكللام الحاجيللة فللي إيجللاد النفللس وحمايتهللا ،
فطلب رعاية الحمل والجنين ،ومنللح الحامللل والمرضللع رخصللا للتخفيللف
عنهما ورعاية وضللعهما ،ثللم وضللع الحكللام للولد بللدءا مللن الللولدة فللي
التسللمية والحضللانة والتربيللة والتللأديب ،والغللذاء الحلل ،والتعليللم حللتى
18
. البلوغ
كل هذا وغيره يدل على اهتمام السلم بالنفس والمحافظة عليها لتعيش
تعبد الله تعالى وتذكره .
مقاصد الشريعة السلمية أ.د محمد مصطفى ،ص 11 15
9
الثالث :حفظ العقل .
ومن أجل الحتياط التحسيني علللى حفللظ العقللل وصلليانته حلّرم السلللم
دا للللذرائع ،ودرًءا للمفاسللد ،فكللل
القليل من الخمر ،وإن لم يسكر ،س ً
ما أدى إلى الحرام فهو حرام ،وقال رسول الللله )) : مللا أسللكر كللثيره
المصدر نفسه ص 106 20
10
فقليله حرام (( ،وقال عليه الصللة السللم أيضلا )) :كلل مسلكر خملر ،
وكل خمر حرام(( ،كما تحللرم المخللدرات والمفللترات ،وسللائر مللا يزيللل
العقل ويؤثر عليه .23
وإن وجود النسل والنسب فللرع عللن وجللود النفللس النسللانية الللتي
شرع الله لوجودها الزواج ويتأكد وجود النسل والنسللب بأحكللام السللرة ،
وإن الحفاظ على العرض مقصللود بللذاته مللن جهللة ،وهللو وسلليلة لحفللظ
النسل والذرية من جهة أخرى ،حتي ل تختلط النساب ،وتضلليع الذريللة ،
ويتشرد الطفال .
وقد شرع السلم للحفاظ على النسل والعللرض أحكامللا كللثيرة تبللدأ مللن
غض البصر ،ومنع القذف ،والساءة للعرض .وأقام الشرع حد القللذف ،
وهو انفرد به السلم في العالم القديم والحديث ،بأن جعل مجرد الشللتم
في العرض والنسب من حدود الله تعللالى ،كمللا هللو ثللابت بنللص القللرآن
الكريم ،في سورة النور ،ثم يأتي حد الزنا عللى المعتلدي عللى العلرض
والنسل مادًيا وعملًيا .
المصدر نفسه ،ص 109-108 23
11
وإكمللال ً لهللذه الحكللام وضللع الشللارع الحكيللم مللا يراعللي المصللالح
الحاجية والتحسينية لحفظ النسل والعرض ،فوضع شرو ً
طا لعقوبة الزنا ،
والقذف ،لن الحد عقوبة كاملة ،فيشترط كون الجريملة كاملللة ،ونللدب
الشرع إلى الستر في ذلك ،وأمر بدرء الحدود بالشللبهات ،فعللن عائشللة
رضللي الللله عنهللا ،قللالت :قللال رسللول الللله )) : ادرأوا الحللدود عللن
المسلمين ما استطعتم ،فإن كان له مخرج فخلوا سبيله ،فإن المام أن
يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة((.
والمال شقيق الروح كما يقولون ،وهو ما يقع عليلله الملللك ويسللتبد
به المالك عن غيره ،وهو الوسلليلة الساسللية الللتي تسللاعد النللاس علللى
تأمين العيش وتبادل المنافع ولستفادة من جلوانب الحيلاة الكلثيرة ،وملا
سخره الله تعالى للنسان في هللذا الكللون ،ولللذلك كللان المللال مصلللحة
24
. ضرورية للناس ،وإل صارت حياتهم فوضى وبدائية وهمجية
12
المحافظة على المال وعدم العتداء عليه ،وحرم الشلرع العللدوان علللى
مللال الغيللر ،وشللرع عقوبللة السللارقين والغاصللبين مللن قطللاع الطللرق
26
. وأمثالهم بالحد وغيره
وفوق ذلك فقللد لعللن رسللول الللله السللارق فقللال )) :لعللن الللله
27
.ول السارق يسرق البيضة فتقطع يده ,ويسرق الحبللل فتقطللع يللده ((
يجوز الشفاعة في هذا الحد بعد أن يرفع للحاكم .
وأخيًر ا فقد شرع الله الدفاع عن المللال ولللو ببللذل النفللس فيكللون
المدافع شهيد ً ا " من قتل دون ماله فهو شهيد " .وفى الحديث " أرأيللت
إن جاء رجل يريد أخذ مالي ? قال :فل تعطه ,قللال :أرأيللت إن قللاتلني ?
قال :فاقتله ,قال :أرأيت إن قتلني ? قال :فأنت شهيد ,قللال :أرأيللت
إن قتلته ? قال :هو في النار.28
هذا وقد سبق بيان تفعيل مقاصد الشريعة ,في باب بيان أهميتها وفللوائد
معرفتها وغيره ,ومن هذه الفوائد لمعرفتها إجمال ً وتأكيدا على ما سبق :
13
.٢زيادة اليمان ورسوخه .
.١١التقريب بين المذاهب الفقهية ومحاولة إزالة الخلف ,وهو راجع إلللى
الترجيح بناء على مقاصد الشريعة .
14
الخاتمة
فتلك بعض الوسائل مختصرة لحفظ المقاصد الضرورية ,كمللا شللرع
الله تعالى المقاصللد الحاجيللة والتحسللينية تتميمللا لتحقيللق هللذه المقاصللد
الضرورية وحفاظا عليها .فمن أرادها مفصلة جميعا ,فعليه بكتللب الفقلله
بكل أبوابها ,وتفاسير القرآن الكريم وشروح سنة سيد الولين والخرين .
هذا والله أعلم ,وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين ,ومن تبعهم بإحسللان إلللى يللوم الللدين .سللبحانك اللهللم
وبحمدك ,أشهد أن ل إله إل أنت ,أستغفرك وأتوب إليك.
15