Professional Documents
Culture Documents
1001 Malam-1
1001 Malam-1
Page | 1
حكايات الملك شهريار وأخيه الملك شاه
زمان
حكي والله أعلم أنه كييان فيمييا مضييى ميين قييديم
الزمان وسييالف العصيير والوان ملييك ميين ملييوك
ساسان بجزائر الهند والصين صاحب جند وأعوان
وخدم وحشم له ولدان أحدهما كبير والخر صغير
وكانا بطلين وكان الكبير أفرس من الصييغير وقييد
ملك البلد وحكم بالعييدل بييين العبيياد وأحبييه أهييل
بلده ومملكته وكان اسمه الملييك شييهريار وكييان
أخوه الصغير اسمه الملك شاه زمان وكييان ملييك
ما فيييسييمرقند العجييم ولييم يييزل الميير مسييتقي ً
بلدهما وكل واحد منهما في مملكته حيياكم عييادل
فييي رعيتييه مييدة عشييرين سيينة وهييم فييي غاييية
البسط والنشراح .لم يزال على هذه الحاليية إلييى
أن اشتاق الكبير إلى أخيه الصغير فأمر وزيره أن
يسافر إليه ويحضيير بييه فأجييابه بالسييمع والطاعيية
وسيافر حيتى وصيل بالسيلمة ودخيل عليى أخييه
وبلغه السلم وأعلمه أن أخاه مشتاق إليه وقصده
أن يزوره فأجابه بالسمع والطاعة وتجهييز وأخييرج
مييا
خيامه وبغاله وخدمه وأعوانه وأقام وزيييره حاك ً
في بلده وخييرج طالب ًييا بلد أخيييه .فلمييا كييان فييي
نصف الليل تذكر حاجة نسيييها فييي قصييره فرجييع
ودخييل قصييره فوجييد زوجتييه راقييدة فييي فراشييه
دا أسييود ميين العبيييد فلمييا رأى هييذا معانقيية عبيي ً
اسودت الدنيا في وجهه وقال في نفسه :إذا كييان
هذا المر قد وقع وأنا مييا فييارقت المدينيية فكيييف
حال هذه العاهرة إذا غبت عند أخي مييدة ثييم أنييه
سل سيفه وضرب الثنييين فقتلهمييا فييي الفييراش
ورجع من وقته وساعته وسار إلى أن وصييل إلييى
مدينيية أخيييه ففييرح أخيييه بقييدومه ثييم خييرج إليييه
ولقاه وسلم عليه ففرح به غاية الفييرح وزييين لييه
المدينة وجلس معه يتحدث بانشراح فتذكر الملك
شاه زمان ما كان من أميير زوجتييه فحصييل عنييده
غييم زائد واصييفر لييونه وضييعف جسييمه فلمييا رآه
أخوه على هييذه الحاليية ظيين فييي نفسييه أن ذلييك
بسييبب مفييارقته بلده وملكييه فييترك سييبيله ولييم
يسأل عن ذلك .ثم أنه قال له في بعض اليام :يييا
أخي أنا في باطني جرح ولم يخبره بمييا رأى ميين
زوجته فقال :إني أريد أن تسافر معي إلى الصيييد
والقنص لعله ينشييرح صييدرك فييأبى ذلييك فسييافر
أخوه وحده إلييى الصيييد .وكييان فييي قصيير الملييك
شبابيك تطل على بستان أخيه فنظروا وإذا ببيياب
القصيير قييد فتييح وخييرج منييه عشييرون جارييية
دا وامييرأة أخيييه تمشييي بينهييم وهيييوعشرون عب ً
غاييية فييي الحسيين والجمييال حييتى وصييلوا إلييى
فسقية وخلعييوا ثيييابهم وجلسييوا مييع بعضييهم وإذا
بامرأة الملك قالت :يا مسعود فجاءها عبد أسييود
فعانقها وعانقته وواقعها وكذلك باقي العبيد فعلوا
بالجواري ولم يزالوا في بوس وعنيياق ونحييو ذلييك
حتى ولى النهار .فلما رأى أخو الملك فقال :والله
إن بليتي أخف من هذه البلية وقد هييان مييا عنييده
من القهر والغم وقال :هذا أعظم ممييا جييرى لييي
ولم يزل في أكل وشرب .وبعد هذا جاء أخوه من
السفر فسلما على بعضهما ونظر الملك شييهريار
إلى أخيه الملك شاه زمييان وقييد رد لييونه واحميير
وجهه وصار يأكل بشهية بعييدما كييان قليييل الكييل
فتعجب من ذلك وقال :يا أخي كنييت أراك مصييفر
الييوجه والن قييد رد إليييك لونييك فييأخبرني بحالييك
فقال له :أما تغير لوني فييأذكره لييك واعييف عنييي
إخبييارك بييرد لييوني فقييال لييه :أخييبرني أوًل بتغييير
لونك وضعفك حتى أسمعه .فقال له :يا أخي إنييك
لما أرسلت وزيرك إلي يطلبني للحضور بين يديك
جهييزت حييالي وقييد بييررت ميين مييدينتي ثييم أنييي
تييذكرت الخييرزة الييتي أعطيتهييا لييك فييي قصييري
فرجعت فوجدت زوجتي معها عبد أسود وهو نائم
في فراشي فقتلتهما وجئت عليك وأنا متفكر فييي
هذا المر فهذا سبب تغير لوني وضييعفي وأمييا رد
لوني فاعف عني من أن أذكييره لييك .فلمييا سييمع
أخييوه كلمييه قييال لييه :أقسييمت عليييك بييالله أن
تخبرني بسبب رد لونك فأعاد عليييه جميييع مييا رآه
فقال شهريار لخيه شاه زمان :اجعل أنك مسافر
للصيد والقنص واختف عنييدي وأنييت تشيياهد ذلييك
وتحققه عيناك فنادى الملك ميين سيياعته بالسييفر
فخرجييت العسيياكر والخيييام إلييى ظيياهر المدينيية
وخييرج الملييك ثييم أنييه جلييس فييي الخيييام وقييال
لغلمييانه ل يييدخل علييي أحييد ثييم أنييه تنكيير وخييرج
مختفًيا إلى القصيير الييذي فيييه أخييوه وجلييس فييي
الشباك المطل على البستان سيياعة ميين الزمييان
وإذا بالجواري وسيدتهم دخلوا مييع العبيييد وفعلييوا
كما قال أخوه واستمروا كذلك إلى العصيير .فلمييا
رأى الملييك شييهريار ذلييك الميير طييار عقلييه ميين
رأسه وقال لخيه شاه زمان :قم بنييا نسييافر إلييى
حال سبيلنا وليس لنا حاجة بالملك حتى ننظر هل
جرى لحد مثلنا أو ل فيكون موتنا خير ميين حياتنييا
فأجابه لذلك .ثم أنهما خرجا من بيياب سييري فييي
مييا وليييالي إلييى أنالقصر ولم يزال مسييافرين أيا ً
وصيل إليى شيجرة فيي وسيط ميرج عنيدها عيين
بجانب البحر المالح فشربا من تلك العين وجلسييا
يستريحان .فلما كان بعد ساعة مضت مين النهيار
وإذا هم بالبحر قييد هيياج وطلييع منييه عمييود أسييود
صاعد إلى السماء وهو قاصد تلييك المرجيية .فلمييا
رأيا ذلك خافا وطلعا إلييى أعلييى الشييجرة وكييانت
عالية وصارا ينظران ماذا يكون الخييبر وإذا بجنييي
طويل القامة عريييض الهاميية واسييع الصييدر علييى
رأسه صندوق فطلع إلى البر وأتى الشييجرة الييتي
هما فوقها وجلس تحتهييا وفتييح الصييندوق وأخييرج
منه علبة ثم فتحها فخرجت منها صبية بهييية كأنهييا
الشمس المضيئة كما قال الشاعر:
واستنارت أشرقت في الدجى فلح النهار
بنورها السحار
حين تبدو وتهتك تسجد الكائنات بين يديها
الستار
هطلت بالمدامع وإذا أومضت بروق حماها
المطار
قال :فلما نظر إليها الجني قال :يا سيدة الحييرائر
التي قد اختطفتك ليلة عرسك أريييد أن أنييام قليًل
ثييم أن الجنييي وضييع رأسييه علييى ركبتيهييا ونييام
فرفعت رأسها إلى أعلى الشجرة فرأت الملكييين
وهما فوق تلك الشجرة فرفعت رأس الجني ميين
فوق ركبتيها ووضعته علييى الرض ووقفييت تحييت
الشجرة وقالت لهما بالشارة انزل ول تخافييا ميين
هذا العفريت فقال لها :بييالله عليييك أن تسييامحينا
من هذا المر فقالت لهمييا بييالله عليكمييا أن تنييزل
وإل نبهييت عليكمييا العفريييت فيقتلكمييا شيير قتليية
فخافا ونزل إليها فقامت لهما وقالت ارصعا رصًعا
عنيًفا وإل أنبه عليكما العفريت فمن خوفهما قييال
الملك شهريار لخيه الملييك شيياه زمييان :يييا أخييي
افعل ما أمرتك به فقال :ل أفعل حتى تفعل أنييت
قبلي وأخذا يتغامزان على نكاحها فقالت لهما مييا
أراكما تتغامزان فإن لييم تتقييدما وتفعل وإل نبهييت
عليكما العفريت فمن خوفهما من الجنييي فعل مييا
أمرتهما به فلما فرغا قييالت لهمييا أقفييا وأخرجييت
دا فيييه
سا وأخرجت لهما منه عق ً لهما من جيبها كي ً
ما فقالت لهما :أتدرون مييا خمسمائة وسبعون خات ً
هذه فقال لها :ل ندري فقالت لهما أصييحاب هييذه
الخواتم كلهم كانوا يفعلون بييي علييى غفليية قييرن
هيذا العفرييت فأعطيياني خاتميكميا أنتميا الثنيان
الخران فأعطاها من يديهما خاتمين فقييالت لهمييا
أن هذا العفريت قد اختطفني ليلة عرسي ثم أنييه
وضعني في علبيية وجعييل العلبيية داخييل الصييندوق
ورمى على الصندوق سييبعة أقفييال وجعلنييي فييي
قياع البحير العجياج المتلطيم بييالمواج ويعلييم أن
المرأة منا إذا أرادت أمر لم يغلبها شيء كما قال
بعضهم:
ول تثق بعهودهن ل تأمنن إلى النساء
معلق بفروجهن فرضاؤهن وسخطهن
والغدر حشو ثيابهن يبدين وًدا كاذبا ً
متحذًرا من كيدهن بحديث يوسف فاعتبر
ما من أجلهن أخرج آد ً أو ما ترى إبليس
فلما سييمعا منهييا هييذا الكلم تعجبييا غاييية العجييب
وقييال لبعضييهما :إذا كييان هييذا عفريت ًييا وجييرى لييه
أعظم مما جرى لنا فهذا شيء يسييلينا .ثييم أنهمييا
انصيرفا مين سياعتهما ورجعيا إليى مدينية المليك
شهريار ودخل قصره .ثييم أنييه رمييى عنييق زوجتييه
وكييذلك أعنيياق الجييواري والعبيييد وصييار الملييك
شهريار كلما يأخذ بنًتا بكًرا يزيييل بكارتهييا ويقتلهييا
من ليلتها ولم يزل علييى ذلييك مييدة ثلث سيينوات
فضجت الناس وهربت ببناتها ولييم يبييق فييي تلييك
المدينيية بنييت تتحمييل الييوطء .ثييم أن الملييك أميير
الييوزير أن يييأتيه بنييت علييى جييري عييادته فخييرج
الوزير وفتش فلم يجد بنًتا فتوجه إلى منزله وهييو
غضبان مقهور خايف على نفسه من الملك.
وكان الوزير له بنتان ذاتا حسن وجمال وبهاء وقد
واعتدال الكبيرة اسمها شهرزاد والصغيرة اسييمها
دنيازاد وكانت الكبيرة قد قرأت الكتييب والتواريييخ
وسير الملوك المتقدمين وأخبار المم الماضيييين.
قيل أنهييا جمعييت ألييف كتيياب ميين كتييب التواريييخ
المتعلقييية بيييالمم السيييالفة والمليييوك الخاليييية
والشعراء فقالت لبيها :مالي أراك متغي يًرا حامييل
الهييم والحييزان وقييد قييال بعضييهم فييي المعنييى
شعرا ً:
ما ل يدوم مثل ما إن ه ً قل لمن يحمل هما ً
هكذا تفنى الهموم يفنى السرور
فلما سمع الوزير من ابنته هذا الكلم حكى لها ما
جرى له من الول إلى الخر مع الملك فقالت له:
بالله يا أبييت زوجنييي هييذا الملييك فإمييا أن أعيييش
وإمييا أن أكييون فييداء لبنييات المسييلمين وسييبًبا
لخلصهن من بين ييديه فقيال لهيا :بيالله علييك ل
دا فقييالت لييه :ل بييد ميين ذلييك تخاطري بنفسك أب ً
فقييال :أخشييى عليييك أن يحصييل لكيين مييا حصييل
الحمار والثور مع صاحب الييزرع فقييالت لييه :ومييا
الذي جرى لهما يا أبت؟
]عدل[ حكايصصة الحمصصار والثصصور مصصع صصصاحب
الزرع
قال :اعلمي يا ابنيتي انيه كيان لحيد التجياراموال
ومواش وكان لييه زوجيية وأولد وكييان اللييه تعييالى
أعطيياه معرفيية ألسيين الحيوانييات والطييير وكييان
مسكن ذلك التاجر الرياف وكان عنييده فييي داره
مييا الثييور إلييى مكييان الحمييار
حمار وثييور فييأتى يو ً
شييا وفييي معلفييه شييعير سييا مرشو ً فوجييده منكو ً
مغربل وتبن مغربل وهو راقد مستريح وفي بعض
الوقات ركبه صاحبه لحاجة تعرض له ويرجع على
حاله فلما كان في بعض اليام سمع التيياجر الثييور
وهو يقول للحمار :هنيًئا لك ذلك أنييا تعبييان وأنييت
مسييتريح تأكييل الشييعير مغييربًل ويخييدمونك وفييي
مييا
بعض الوقات يركبييك صيياحبك ويرجييع وأنييا دائ ً
للحرث .فقال له الحمار :إذا خرجييت إلييى الغيييط
ووضعوا علييى رقبتييك النيياف فارقييد ول تقييم ولييو
ضربوك فييإن قمييت فارقييد ثاني ًييا فييإذا رجعييوا بييك
ووضعوا لك الفول فل تأكله كأنييك ضييعيف وامتنييع
ما أو يييومين أو ثلثيية فإنييك عن الكل والشرب يو ً
تستريح ميين التعييب والجهييد وكييان التيياجر يسييمع
كلمهما فلما جاء السواق إلييى الثييور بعلفييه أكييل
منه شيًئا يسيًرا فأصبح السييواق يأخييذ الثييور إلييى
الحرث فوجده ضعيًفا فقال له التاجر :خذ الحمييار
وحرثييه مكييانه اليييوم كلييه فلمييا رجييع آخيير النهييار
شكره الثور على تفضلته حين أراحه ميين التعييب
في ذلك اليوم فلم يرد عليييه الحمييار جواب ًييا ونييدم
أشد الندامة فلما رجع كان ثاني يوم جاء المييزارع
وأخذ الحمار وحرثه إلى آخر النهييار فلييم يرجييع إل
مسييلوخ الرقبيية شييديد الضييعف فتييأمله الثييور
وشكره ومجده فقال لييه الحمييار :أعلييم أنييي لييك
ناصح وقد سمعت صاحبنا يقول :إن لم يقم الثييور
من موضعه فأعطوه للجزار ليذبحه ويعمل جلييده
قطًعا وأنا خائف عليييك ونصييحتك والسييلم .فلمييا
سييمع الثييور كلم الحمييار شييكره وقييال فييي غييد
أسرح معهم ثم أن الثور أكل علفييه بتمييامه حييتى
لحس المذود بلسانه كييل ذلييك وصيياحبهما يسييمع
كلمهما فلما طلع النهار وخرج التاجر وزوجه إلييى
دار البقر وجلسا فجاء السواق وأخذ الثييور وخييرج
فلما رأى الثور صاحبه حرك ذنبه وظييرط وبرطييع
فضحك التاجر حتى استلقى على قفاه .فقالت له
زوجته :ميين أي شيييء تضييحك فقييال لهييا :شيييء
رأيته وسمعته ول أقدر أن أبيح به فأموت فقييالت
له :ل بد أن تخبرني بذلك وما سبب ضييحكك ولييو
كنت تموت فقال لها :ما أقييدر أن أبييوح بييه خوفًييا
من الموت فقالت له :أنت لم تضحك إل علي .ثم
أنها لييم تييزل تلييح عليييه وتلييح فييي الكلم إلييى أن
غلبييت عليييه فتحييير أحضيير أولده وأرسييل أحضيير
القاضييي والشييهود وأراد أن يوصييي ثييم يبييوح لهييا
بالسر ويموت لنه كان يحبها محبيية عظيميية لنهييا
بنت عمه وأم أولده وكان ثم أنييه أرسييل وأحضيير
جميع أهلها وأهل جييارته وقييال لهييم حكييايته وأنييه
متى قال لحد على سييره مييات فقييال لهييا جميييع
الناس ممن حضر :بالله عليييك اتركييي هييذا الميير
لئل يموت زوجك أبو أولدك فقالت لهييم :ل أرجييع
عنه حتى يقول لي ولو يموت .فسييكتوا عنهييا .ثييم
أن التاجر قام من عندهم وتوجه إلييى دار الييدواب
ليتوضأ ثم يرجع يقول لهييم ويمييوت .وكييان عنييده
ديك تحته خمسون دجاجة وكان عنده كلب فسمع
التاجر الكلب وهو ينادي الديك ويسبه ويقييول لييه:
أنييت فرحييان وصيياحبنا رايييح يمييوت فقييال الييديك
للكلييب :وكيييف ذلييك الميير فأعيياد الكلييب عليييه
القصيية فقييال لييه الييديك :واللييه إن صياحبنا قليييل
العقل .أنا لي خمسون زوجة أرضي هذه وأغضب
هذه وهو ما له إل زوجية واحيدة ول يعيرف صيلح
ضييا ميين عيييدانأمره معها فما لييه ل يأخييذ لهييا بع ً
التوت ثم يدخل إلى حجرتها ويضربها حتى تمييوت
أو تتوب ول تعييود تسييأله عيين شيييء .قييال :فلمييا
سمع التاجر كلم الديك وهو يخاطب الكلييب رجييع
إلى عقله وعزم على ضربها ثم قال الوزير لبنتييه
شهرزاد ربما فعل بك مثل ما فعل التاجر بزوجتييه
فقالت له :ما فعل قال :دخل عليها الحجرة بعدما
قطع لها عيدان التوت وخبأها داخل الحجرة وقال
لهييا :تعييالي داخييل الحجييرة حييتى أقييول لييك ول
ينظرني أحد ثم أموت فدخلت معييه ثييم أنييه قفييل
باب الحجرة عليهما ونزل عليها بالضييرب إلييى أن
أغمي عليها فقالت له :تبييت ثييم أنهييا قبلييت يييديه
ورجليييه وتييابت وخرجييت وإييياه وفييرح الجماعيية
وأهلها وقعييدوا فييي أسيير الحييوال إلييى الممييات.
فلما سمعت ابنة الوزير مقالة أبيها قالت له :ل بد
من ذلك فجهزها وطلع إلى الملك شهريار وكانت
قد أوصت أختها الصغيرة وقالت لهييا :إذا تييوجهت
إلى الملك أرسلت أطلبك فإذا جئت عندي ورأيت
الملك قضى حيياجته منييي قييولي يييا أخييتي حييدثينا
حديًثا غريب ًييا نقطييع بييه السييهر وأنييا أحييدثك حييديًثا
يكييون فيييه الخلص إن شيياء اللييه .ثييم أن أباهييا
الوزير طلع بها إلى الملييك فلمييا رآه فييرح وقييال:
أتيت بحاجتي فقال :نعم فلما أراد أن يدخل عليها
بكت فقال لها :ما بك فقالت :أيهييا الملييك إن لييي
أخًتا صغيرة أريد أن أودعها فأرسييلها الملييك إليهييا
فجاءت إلى أختها وعانقتها وجلست تحت السرير
فقييام الملييك وأخييذ بكارتهييا ثييم جلسييوا يتحييدثون
فقالت لها أختهييا الصييغيرة :بييالله عليييك يييا أخييتي
حيدثينا حيديًثا نقطيع بيه سيهر ليلتنيا فقيالت :حًبيا
وكرامة إن أذن الملييك المهييذب فلمييا سييمع ذلييك
الكلم وكان به قلق ففرح بسماع الحديث.
]عدل[ حكاية التاجر مع العفريت
ففي الليلة الولى قييالت :بلغنييي أيهييا الملييك
السييعيد أنييه كييان تيياجر ميين التجييار كييثير المييال
ما وخرج يطالب والمعاملت في البلد قد ركب يو ً
في بعض البلد فاشييتد عليييه الحيير فجلييس تحييت
شجرة وحط يده في خرجييه وأكييل كسييرة كييانت
معه وتمرة فلما فرغ من أكل التمرة رمى النييواة
وإذا هو بعفريت طويل القاميية وبيييده سيييف فييدنا
من ذلك التاجر وقال له :قم حتى أقتلك مثييل مييا
قتلت ولدي فقال لييه التيياجر :كيييف قتلييت ولييدك
قال له :لميا أكليت التمييرة ورميييت نواتهييا جيياءت
النواة في صييدر ولييدي فقضييي عليييه ومييات ميين
ساعته فقال التاجر للعفريت :أعلم أيها العفريييت
أني على دين ولي مال كثير وأولد وزوجة وعندي
رهون فدعني أذهييب إلييى بيييتي وأعطييي كييل ذي
حق حقه ثم أعود إليك ولك علي عهد وميثاق أني
أعود إليك فتفعل بي ما تريد والله على مييا أقييول
وكيل .فاستوثق منييه الجنييي وأطلقييه فرجييع إلييى
بلده وقضى جميع تعلقيياته وأوصييل الحقييوق إلييى
أهلها وأعلييم زوجتييه وأولده بمييا جييرى لييه فبكييوا
وكذلك جميع أهله ونساءه وأولده وأوصييى وقعييد
عندهم إلى تمام السنة ثم توجه وأخذ كفنه تحييت
مييا
إبطه وودع أهله وجيرانه وجميع أهله وخرج رغ ً
عن أنفه وأقيم عليه العياط والصراخ فمشى إلييى
أن وصل إلى ذلك البستان وكان ذلييك اليييوم أول
السنة الجديدة فبينما هييو جييالس يبكييي علييى مييا
يحصل له وإذا بشيييخ كييبير قييد أقبييل عليييه ومعييه
غزالة مسلسييلة فسييلم علييى هييذا التيياجر وحييياه
وقال له :ما سبب جلوسك في هذا المكان وأنييت
منفرد وهو مأوى الجن فأخبره التاجر بما جرى له
مع ذلك العفريت وبسبب قعوده في هييذا المكييان
فتعجب الشيخ صاحب الغزالة وقال :والله يا أخي
ما دينك إل دين عظيم وحكايتك حكاية عجيبيية لييو
كتبت بالبر على آفيياق البصيير لكييانت عييبرة لميين
اعتبر ثم أنه جلس بجانبه وقييال واللييه يييا أخييي ل
أبرح من عندك حتى أنظر ما يجري لييك مييع ذلييك
العفريت ثم أنه جلس عنده يتحييدث معييه فغشييي
على ذلك التاجر وحصل له الخوف والفزع والغييم
الشييديد والفكيير المزيييد وصيياحب الغزاليية بجييانبه
فييإذا بشيييخ ثييان قييد أقبييل عليهمييا ومعييه كلبتييان
سلقيتان من الكلب السود .فسألهما بعد السلم
عليهما عن سبب جلوسهما في هذا المكييان وهييو
مأوى الجان فأخبراه بالقصة من أولها إلى آخرهييا
فلم يستقر به الجلييوس حييتى أقبييل عليهييم شيييخ
ثالث ومعه بغلة زرزورييية فسييلم عليهييم وسييألهم
عيين سييبب جلوسييهم فييي هييذا المكييان فييأخبروه
بالقصيية ميين أولهييا إلييى آخرهييا وبينمييا كييذلك إذا
بغبرة هاجت وزوبعة عظيمة قد أقبلت من وسييط
تلييك البرييية فانكشييفت الغييبرة وإذا بييذلك الجنييي
وبيده سيف مسلول وعيونه ترمي بالشرر فأتاهم
وجذب ذلك التاجر من بينهم وقال له :قييم أقتلييك
مثل ما قتلت ولدي وحشاشة كبدي فانتحب ذلييك
التاجر وبكى وأعلن الثلثة شيوخ بالبكيياء والعويييل
والنحيب فييانتبه منهييم الشيييخ الول وهييو صيياحب
الغزالة وقبل يد ذلك العفريييت وقييال لييه :يييا أيهييا
الجني وتاج ملوك الجان إذا حكيت لك حكايتي مع
هذه الغزالة ورأيتها عجيبة أتهب لي ثلييث دم هييذا
التاجر قال :نعم .يا أيها الشيخ إذا أنت حكيت لييي
الحكاية ورأيتها عجيبة وهبت لك ثلييث دمييه فقييال
ذلك الشيخ الول :اعلم يا أيهييا العفريييت أن هييذه
الغزالة هي بنت عمي ومن لحمييي ودمييي وكنييت
تزوجت بها وهي صغيرة السن وأقمت معهييا نحييو
ثلثين سنة فلم أرزق منها بولد فأخذت لي سييرية
فرزقت منها بولد ذكيير كيأنه البييدر إذا بييدا بعينييين
مليحتين وحاجبين مزججين وأعضيياء كامليية فكييبر
شيًئا فشيًئا إلى أن صار ابن خمييس عشييرة سيينة
فطرأت لي سفرة إلى بعييض المييدائن فسييافرت
بمتجيير عظيييم وكييانت بنييت عمييي هييذه الغزاليية
تعلمت السحر والكهانة من صغرها فسحرت ذلك
الولد عجًل وسحرت الجارييية أمييه بقييرة وسييلمتها
إلييى الراعييي ثييم جئت أنييا بعييد مييدة طويليية ميين
السفر فسألت عن ولييدي وعيين أمييه فقييالت لييي
جاريتييك ميياتت وابنييك هييرب ولييم أعلييم أييين راح
فجلست مدة سنة وأنا حزين القلييب بيياكي العييين
إلى أن جاء عيد الضحية فأرسلت إلى الراعييي أن
يخصني ببقرة سمينة وهي سريتي الييتي سييحرتها
تلك الغزالة فشمرت ثيابي وأخذت السكين بيييدي
دا فقمييت وتهيأت لذبحها فصاحت وبكت بكاء شدي ً
عنها وأمرت ذلييك الراعييي فييذبحها وسييلخها فلييم
ما غير جلد وعظييم فنييدمت ما ول لح ًيجد فيها شح ً
علييى ذبحهييا حيييث ل ينفعنييي النييدم وأعطيتهييا
للراعييي وقلييت لييه :ائتنييي بعجييل سييمين فأتيياني
بولدي المسحور عجًل فلما رآني ذلك العجل قطع
حبله وجاءني وتمرغ علي وولول وبكييى فأخييذتني
الرأفة عليه وقلت للراعي ائتني ببقييرة ودع هييذا.
وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم
المباح .فقالت لها أختها :ما أطيب حديثك وألطفه
وألذه وأعذبه فقالت :وأييين هيذا مميا أحييدثكم بييه
الليليية القابليية إن عشييت وأبقيياني الملييك فقييال
الملك في نفسه :والله ما أقتلها حتى أسمع بقييية
حييديثها ثييم أنهييم بيياتوا تلييك الليليية إلييى الصييباح
متعانقين فخييرج الملييك إلييى محييل حكمييه وطلييع
الوزير بالكفن تحت إبطه ثييم حكييم الملييك وولييي
وعزل إلى آخر النهار ولم يخبر الوزير بشيء ميين
ذلك فتعجب الوزير غاية العجب ثم انفض الديوان
ودخل الملك شهريار قصره.
و فصصي الليلصصة الثانيصصة قييالت دنيييازاد لختهييا
شييهرزاد :يييا أخييتي أتممييي لنييا حييديثك الييذي هييو
حديث التاجر والجني .قييالت حب ًييا وكراميية إن أذن
لييي الملييك فييي ذلييك فقييال لهييا الملييك :احكييي
فقييالت :بلغنييي أيهييا الملييك السييعيد ذو الييرأي
الرشيد أنه لمييا رأى بكيياء العجييل حيين قلبييه إليييه
وقال للراعي :ابق هييذا العجييل بييين البهييائم .كييل
ذلييك والجنييي يتعجييب ميين حكاييية ذلييك الكلم
العجيب ثم قيال صياحب الغزالية :ييا سييد مليوك
الجان كييل ذلييك جييرى وابنيية عمييي هييذه الغزاليية
تنظر وترى وتقول اذبح هييذا العجييل فييإنه سييمين
فلم يهن علي أن أذبحه وأمرت الراعي أن يأخييذه
وتوجه به ففي ثاني يوم وأنا جالس وإذا بييالراعي
أقبل علي وقال :يا سيدي إني أقول شيًئا تسر به
ولي البشارة .فقلت :نعييم فقييال :أيهييا التيياجر إن
لييي بنت ًييا كييانت تعلمييت السييحر فييي صييغرها ميين
امييرأة عجييوز كييانت عنييدنا فلمييا كنييا بييالمس
وأعطيتني العجل دخلييت بييه عليهييا فنظييرت إليييه
ابنييتي وغطييت وجههييا وبكييت ثييم إنهييا ضييحكت
وقالت :يا أبي قد خس قدري عنييدك حييتى تييدخل
علي الرجال الجييانب .فقلييت لهييا :وأييين الرجييال
الجانب ولماذا بكيت وضحكت فقالت لي أن هييذا
العجييل الييذي معييك ابيين سيييدي التيياجر ولكنييه
مسحور وسحرته زوجة أبيه هو وأمه فهييذا سييبب
ضحكي وأما سييبب بكييائي فميين أجييل أمييه حيييث
ذبحها أبوه فتعجبييت ميين ذلييك غاييية العجييب ومييا
صدقت بطلوع الصييباح حييتى جئت إليييك لعلمييك
فلما سمعت أيها الجني كلم هذا الراعيي خرجيت
معه وأنا سكران من غير مييدام ميين كييثرة الفييرح
والسرور والذي حصل لي إلى أن أتيت إلييى داره
فرحبت بي ابنة الراعي وقبلت يدي ثم إن العجيل
جاء إلي وتمرغ علي فقلت لبنة الراعي :أحق مييا
تقولينه عن ذلك العجل فقالت :نعم يا سيدي إيييه
ابنك وحشاشة كبدك فقلييت لهييا :أيهييا الصييبية إن
أنت خلصتيه فلييك عنييدي مييا تحييت يييد أبيييك ميين
المواشي والمييوال فتبسييمت وقييالت :يييا سيييدي
ليس لي رغبة في المييال إل بشييرطين :الول :أن
تزوجني به والثاني :أن أسر من سحرته وأحبسييها
وإل فلست آمن مكرها فلما سييمعت أيهييا الجنييي
كلم بنت الراعي قلت :ولك فوق جميع ما تحييت
يد أبيك من الموال زيادة وأما بنييت عمييي فييدمها
لييك مبيياح .فلمييا سييمعت كلمييي أخييذت طاسيية
وملتهييا ميياء ثييم أنهييا عزمييت عليهييا ورشييت بهييا
العجل وقالت :إن كان الله خلقك عجًل فدم علييى
هذه الصفة ول تتغير وإن كنت مسحوًرا فعييد إلييى
خلقتك الولى بإذن الله تعالى وإذا به انتفييض ثييم
صار إنساًنا فوقعت عليييه وقلييت لييه :بييالله عليييك
احك لي جميع ما صيينعت بييك وبأمييك بنييت عمييي
فحكى لي جميع ما جرى لهما فقلت :يا ولدي قييد
قيض الله لك من خلصييك وخلييص حقييك ثييم إنييي
أيها الجني زوجته ابنة الراعي ثم أنها سحرت ابنة
عمي هذه الغزاليية وجئت إلييى هنييا فرأيييت هييؤلء
الجماعة فسألتهم عن حالهم فأخبروني بما جييرى
لهذا التاجر فجلست لنظر ما يكون وهييذا حييديثي
فقال الجني :هذا حييديث عجيييب وقييد وهبييت لييك
ثلث دمه فعند ذلك تقدم الشيخ صيياحب الكلبييتين
السلقيتين وقال له :اعلم يا سيد ملوك الجان أن
هاتين الكلبتين أخييوتي وأنييا ثييالثهم ومييات والييدي
وخلف لنا ثلثة آلف دينار ففتحت دكان ًييا أبيييع فيييه
وأشتري وسافر أخي بتجارته وغاب عنا مدة سيينة
مع القوافل ثم أتى وما معه شيييء فقلييت لييه :يييا
أخي أما أشرت عليك بعدم السفر فبكى وقال :يا
أخي قدر الله عز وجل علي بهييذا ولييم يبييق لهييذا
الكلم فائدة ولست أملك شيييًئا فأخييذته وطلعييت
به إلى الدكان ثم ذهبت به إلييى الحمييام وألبسييته
حلة من الملبس الفاخرة وأكلت أنا وإييياه وقلييت
له :يا أخي إني أحسب ربح دكاني من السنة إلييى
السنة ثم أقسمه دون رأس المال بيني وبينك ثييم
إني عملت حساب الدكان من بربح مالي فوجدته
ألفي دينار فحمدت الله عييز وجييل وفرحييت غاييية
الفرح وقسمت الربح بيني وبينه شييطرين وأقمنييا
ضييا
ما ثم إن أخييوتي طلبييوا السييفر أي ً مع بعضنا أيا ً
وأرادوا أن أسافر معهم فلم أرض وقلت لهم :أي
شيء كسبتم من سفركم حتى أكسب أنييا فييألحوا
علييي ولييم أطعهييم بييل أقمنييا فييي دكاكيننييا نييبيع
ونشتري سنة كاملة وهييم يعرضييون علييي السييفر
وأنا لم أرض حتى مضت ست سنوات كوامل.
ثم وافقتهم على السفر وقلت لهم :يا أخوتي إننييا
نحسب ما عندنا من المال فحسبناه فإذا هو سييتة
آلف دينار فقلت :ندفن نصفها تحت الرض لينفعا
إذا أصييابنا أميير ويأخييذ كييل واحييد منييا ألييف دينييار
ونتسييبب فيهييا قييالوا :نعييم الييرأي فأخييذت المييال
وقسييمته نصييفين ودفنييت ثلثيية آلف دينييار .وأمييا
الثلثة آلف الخرى فأعطيت كل واحد منهم أليف
دينييار وجهزنييا بضييائع واكترينييا مركب ًييا ونقلنييا فيهييا
حوائجنا وسافرنا مدة شييهر كامييل إلييى أن دخلنييا
مدينة وبعنييا بضييائعنا فربحنييا فييي الييدينار عشييرة
دنانير ثم أردنا السفر فوجدنا على شيياطئ البحيير
جارية عليها خلق مقطع فقبلييت يييدي وقييالت :يييا
سيدي هل عندك إحسان ومعروف أجازيك عليهما
قلت :نعم إن عندي الحسان والمعروف ولييو لييم
تجازيني فقالت :يييا سيييدي تزوجنييي وخييذني إلييى
بلدك فإني قد وهبتك نفسي فافعل معي معروًفا
لني ممن يصنع معه المعروف والحسان ويجازي
عليهما ول يغرنك حالي .فلما سمعت كلمهييا حيين
قلييبي إليهييا لميير يريييده اللييه عييز وجييل فأخييذتها
شييا حسيًنا وكسوتها وفرشت لها فييي المركييب فر ً
وأقبلت عليها وأكرمتها ثم سافرنا وقد أحبها قلبي
محبة عظيميية وصييرت ل أفارقهييا ليًل ول نهيياًرا أو
اشتغلت بها عن إخييوتي فغيياروا منييي وحسييدوني
على مالي وكثرت بضاعتي وطمحت عيونهم فييي
المال جميعه وتحدثوا بقتلييي وأخييذ مييالي وقييالوا:
نقتل أخانييا ويصييير المييال جميعييه لنييا وزييين لهييم
الشيييطان أعمييالهم فجيياؤوني وأنييا نييائم بجييانب
زوجتي ورموني في البحر فلما استيقظت زوجتي
انتفضت فصارت عفريتة وحملتني وأطلعتني على
جزيرة وغابت عني قليًل وعادت إلي عنييد الصييباح
وقالت لي :أنا زوجتك الييتي حملتييك ونجيتييك ميين
القتل بييإذن اللييه تعييالى واعلييم أنييي جنييية رأيتييك
فحبييك قلييبي وأنييا مؤمنيية بييالله ورسييوله فجئتييك
بالحال الذي رأيتني فيه فتزوجت بييي وهييا أنييا قييد
نجيتك من الغرق وقد غضبت على إخوتييك ول بييد
أن أقتلهم .فلما سمعت حكايتها تعجبت وشييكرتها
على فعلها وقلت لها أمييا هلك إخييوتي فل ينبغييي
ثم حكيت لها ما جرى لي معهم ميين أول الزمييان
إلى آخره .فلما سمعت كلمي قالت :أنا في هذه
الليلة أطير إليهم وأغرق مراكبهم وأهلكهم فقلييت
لها :بالله ل تفعلي فييإن صيياحب المثييل يقييول :يييا
محسًنا لمن أساء كفي المسيء فعله وهم إخوتي
على كل حال قالت ل بد من قتلهييم فاسييتعطفتها
ثم أنها حملتنييي وطييارت فوضييعتني علييى سييطح
داري ففتحت البواب وأخرجت الذي خبييأته تحييت
الرض وفتحت دكاني بعد ما سلمت علييى النيياس
واشييتريت بضييائع فلمييا كييان الليييل دخلييت داري
فوجييدت هيياتين الكلبييتين مربوطييتين فيهييا فلمييا
رأياني قاما إلييي وبكيييا وتعلقييا بييي فلييم أشييعر إل
وزوجتي قالت هؤلء إخوتك فقلت من فعييل بهييم
هذا الفعل قالت أنا أرسلت إلى أختي ففعلت بهم
ذلك وما يتخلصييون إل بعييد عشيير سيينوات فجئت
وأنا سائر إليها تخلصهم بعد إقامتهم عشر سنوات
في هذا الحال فرأيت هذا الفتى قال الجنييي :إنهييا
حكاية عجيبة وقد وهبت لك ثلث دمه فييي جنييايته
فعند ذلك تقدم الشيخ الثالث صاحب البغلة وقال
للجنييي أنييا أحكييي لييك حكاييية أعجييب ميين حكاييية
الثنين وتهب لي باقي دمه وجنييايته فقييال الجنييي
نعم فقال الشيخ أيها السلطان ورئيس الجييان إن
هذه البغلة كانت زوجتي سافرت وغبت عنها سنة
كاملة ثم قضيييت سييفري وجئت إليهييا فييي الليييل
فرأيت عبد أسود راقييد معهييا فييي الفييراش وهمييا
في كلم وغنج وضحك وتقبيل وهراش فلما رأتني
عجلت وقامت إلي بكوز فيييه ميياء فتكلمييت عليييه
ورشييتني وقييالت اخييرج ميين هييذه الصييورة إلييى
صورة كلب فصرت في الحال كلًبا فطردتني ميين
البيت فخرجت ميين البيياب ولييم أزل سييائًرا حييتى
وصييلت دكييان جييزار فتقييدمت وصييرت آكييل ميين
العظام .فلما رآني صاحب الييدكان أخييذني ودخييل
بي بيته فلما رأتني بنت الجزار غطت وجهها منييي
فقالت أتجيء لنييا برجييل وتييدخل علينييا بييه فقييال
أبوها أييين الرجييل قييالت إن هييذا الكلييب سييحرته
امرأة وأنا أقييدر علييى تخليصييه فلمييا سييمع أبوهييا
كلمها قال :بالله عليييك يييا بنييتي خلصيييه فأخييذت
كوًزا فيه ماء وتكلمت عليه ورشت علي منه قليًل
وقييالت :اخييرج ميين هييذه الصييورة إلييى صييورتك
الولى فصرت إلى صييورتي الولييى فقبلييت يييدها
وقلت لها :أريد أن تسحري زوجتي كما سييحرتني
فأعطتني قليًل من الميياء وقييالت إذا رأيتهييا نائميية
فرش هذا الماء عليها فإنها تصير كما أنت طييالب
فوجييدتها نائميية فرششييت عليهييا الميياء وقلييت
اخرجي من هذه الصورة إلى صورة بغلة فصارت
في الحال بغلة وهي هذه التي تنظرها بعينك أيهييا
السلطان ورئيييس ملييوك الجييان ثييم التفييت إليهييا
وقال :أصحيح هذا فهزت رأسها وقييالت بالشييارة
نعم هذا صحيح فلما فرغ من حييديثه اهييتز الجنييي
من الطرب ووهب له بيياقي دمييه وأدرك شييهرزاد
الصييباح فسييكتت عيين الكلم المبيياح .فقييالت لهييا
أختها :يييا أخييتي مييا أحلييى حييديثك وأطيبييه وألييذه
وأعذبه فقالت :أييين هييذا ممييا أحييدثكم بييه الليليية
القابليية إن عشييت وأبقيياني الملييك فقييال الملييك:
والله ل أقتلها حتى أسمع بقية حديثها لنه عجيييب
ثم باتوا تلك الليلة متعييانقين إلييى الصييباح فخييرج
الملييك إلييى محييل حكمييه ودخييل عليييه الييوزير
والعسييكر واحتبييك الييديوان فحكييم الملييك وولييى
وعزل ونهى وأمر آخيير النهييار ثييم انفييض الييديوان
ودخل الملك شهريار إلى قصره.
'ةةة ةةةةة ة ةةةةةة ة قالت لهييا أختهييا دنيييا
زاد :يا أختي أتمي لنا حديثك فقالت حًبا وكراميية
بلغني أيهييا الملييك السييعيد أن التيياجر أقبييل علييى
الشيوخ وشكرهم هنوه بالسلمة ورجع كييل واحييد
إلى بلده وما هذه بأعجب من حكاية الصياد فقال
لها الملك :وما حكاية الصياد؟
]عدل[ حكاية الصياد مع العفريت
قالت :بلغني أيهييا الملييك السييعيد أنييه كييان رجييل
صياد وكان طاعًنا في السن وله زوجة وثلثة أولد
وهو فقير الحال وكان من عادته أنه يرمي شبكته
مييا ميين كل يوم أربع مرات ل غير ثم أنييه خييرج يو ً
اليام في وقت الظهر إلييى شيياطئ البحيير وحييط
معطفه وطرح شبكته وصبر إلى أن استقرت في
الماء ثم جمع خيطانها فوجدها ثقيلة فجييذبها فلييم
دا
يقدر على ذلك فذهب بالطرف إلى البر ودق وت ً
وربطها فيييه ثييم عييرى وغطييس فييي الميياء حييول
الشبكة وما زال يعالج حييتى أطلعهييا ولبييس ثيييابه
وأتى إلى الشبكة فوجد فيها حماًرا ميًتا فلمييا رأى
ذلك حزن وقييال ل حييول ول قييوة إل بييالله العلييي
العظيييم ثييم قييال أن هييذا الييرزق عجيييب وأنشييد
يقول:
ضا في ظلم الله والهلكة.......أقصر عنك يا خائ ً
فليس الرزق بالحركة
ثم أن الصييياد لمييا رأى الحمييار ميييت خلصييه ميين
الشبكة وعصرها ،فلما فييرغ ميين عصييرها نشييرها
وبعد ذلك نزل البحر ،وقال بسم الله وطرحها فيه
وصييبر عليهييا حييتى اسييتقرت ثييم جييذبها فثقلييت
ورسخت أكثر من الول فظيين أنييه سييمك فربييط
الشبكة وتعرى ونزل وغطييس ،ثييم عالييج إلييى أن
خلصها وأطلعها إلى البر فوجييد فيهييا زي يًرا كييبيرًا،
وهييو ملن برمييل وطييين فلمييا رأى ذلييك تأسييف
وأنشد قول الشاعر:
فل إن لم تكفي فعفي ياحرقة الدهر كفي
يحظى أعطي
خرجت أطلب ول يصنعه كفي
وجدت رزقي توفي رزقي
كم جاهل في ظهور وعالم متخفي
ثم إنه رمى الزير وعصر شبكته ونظفها واسييتغفر
الله وعاد إلييى البحيير ثييالث مييرة ورمييى الشييبكة
وصييبر عليهييا حييتى أسييتقرت وجييذبها فوجييد فيهييا
شفافة وقوارير فأنشد قول الشاعر :هو الرزق ل
حل لديك ول ربط ول قلم يجدي عليك ول خط.
ثم أنه رفع رأسييه إلييى السييماء وقييال اللهييم أنييك
تعلم أنييي لييم أرم شييبكتي غييير أربييع مييرات وقييد
رميت ثلثا ،ثم أنه سمى الله ورمى الشييبكة فييي
البحر وصبر إلى أن أسييتقرت وجييذبها فلييم يطييق
جذبها وإذا بها أشتبكت في الرض فقال :ل حييول
ول قوة إل بالله فتعرى وغطس عليها وصار يعالج
فيها إلى أن طلعت على البحر وفتحها فوجد فيهييا
قمقمييا ميين نحيياس أصييفر ملن وفمييه مختييوم
برصاص عليه طبع خاتم سيدنا سليمان.
فلما رآه الصياد فرح وقال هييذا أبيعييه فييي سييوق
النحاس فإنه يساوي عشييرة دنييانير ذهبييا ثييم أنييه
حركه فوجده ثقيًل فقال :ل بد أني أفتحييه وأنظيير
ما فيه وأدخييره فييي الخييرج ثييم أبيعييه فييي سييوق
النخاس ثم أنه أخرج سكينا ،وعالج في الرصيياص
إلى أن فكه من القمقم وحطه على الرض وهزه
لينكت ما فيه فلم ينزل منه شيء ولكن خرج من
ذلك القمقم دخان صعد إلى السماء ومشى علييى
وجه الرض فتعجب غاية العجب وبعد ذلك تكامل
الدخان ،واجتمع ثييم انتفييض فصييار عفريت ًييا رأسييه
في السييحاب ورجله فييي الييتراب بييرأس كالقبيية
وأييييدي كالميييداري ورجليييين كالصيييواري ،وفيييم
كالمغارة ،وأسنان كالحجييارة ،ومنيياخير كييالبريق،
وعينين كالسراجين ،أشعث أغبر.
فلما رأى الصياد ذلك العفريييت ارتعييدت فرائصييه
وتشبكت أسنانه ،ونشف ريقه وعمي عن طريقييه
فلما رآه العفريت قال ل إلييه إل اللييه سييليما نييبي
الله ،ثم قال العفريت :يا نبي الله ل تقتلني فييإني
ل عدت أخالف لك قوًل وأعصي لييك أمييرًا ،فقييال
له الصياد :أيها المييارد أتقييول سييليمان نييبي اللييه،
وسييليمان مييات ميين مييدة ألييف وثمانمييائة سيينة،
ونحن في آخر الزمان فما قصتك ،وما حديثك وما
سبب دخولك إلى هذا القمقم.
فلما سمع المارد كلم الصياد قال :ل إلييه إل اللييه
أبشر يا صياد ،فقال الصياد :بماذا تبشييرني فقييال
بقتلك في هذه الساعة أشر القتلت قال الصييياد:
تستحق على هذه البشارة يا قيم العفيياريت زوال
الستر عنك ،يا بعيد لي شيء تقتلنييي وأي شيييء
يوجب قتلي وقد خلصتك من القمقم ونجيتك ميين
قرار البحر ،وأطلعتييك إلييى الييبر فقييال العفريييت:
تمن علي أي موتة تموتها ،وأي قتلة تقتلهييا فقييال
الصياد ما ذنبي حتى يكون هذا جزائي منك.
فقييال العفريييت اسييمع حكييايتي يييا صييياد ،قييال
الصياد :قل وأوجز في الكلم فإن روحييي وصييلت
إلى قدمي .قال اعلييم أنييي ميين الجيين المييارقين،
وقد عصيت سييليمان بيين داود وأنييا صييخر الجنييي
فأرسييل لييي وزيييره آصييف ابيين برخيييا فييأتى بييي
ها وقييادني إليييه وأنييا ذليييل علييى رغييم أنفييي
مكر ً
وأوقفني بين يديه فلما رآني سليمان استعاذ مني
وعرض علي اليمان والدخول تحت طاعته فأبيت
فطلييب هييذا القمقييم وحبسييني فيييه وختييم علييي
بالرصيياص وطبعييه بالسييم العظييم ،وأميير الجيين
فاحتملوني وألقوني في وسط البحر فأقمت مائة
عام وقلت في قلبي كل من خلصييني أغنيتييه إلييى
البد فمرت المائة عام ولم يخلصني أحد ،ودخلت
مائة أخرى فقلت كل من خلصني فتحت له كنييوز
الرض ،فلم يخلصني أحييد فمييرت علييي أربعمييائة
عام أخرى فقلت كل من خلصني أقضي لييه ثلث
دا
حاجات فلم يخلصني أحييد فغضييبت غض يًبا شييدي ً
وقلييت فييي نفسييي كييل ميين خلصييني فييي هييذه
الساعة قتلتييه ومنيتييه كيييف يمييوت وهييا أنييك قييد
خلصتني ومنيتك كيف تموت.
فلمييا سييمع الصييياد كلم العفريييت قييال :يييا اللييه
العجب أنا ما جئت أخلصك إل في هذه اليام ،ثييم
قال الصياد للعفريت ،اعف عيين قتلييي يعييف اللييه
عنك ،ول تهلكني ،يسلط الله عليييك ،ميين يهلكييك.
فقال ل بد من قتلك ،فتمن علي أي موتيية تموتهييا
فلما تحقق ذلك منه الصياد راجع العفريييت وقييال
مييا لمييا أعتقتييك ،فقييال العفريييت: اعف عني إكرا ً
وأنا ما أقتلك إل لجل ما خلصتني ،فقييال الصييياد:
يا شيخ العفاريت هل أصنع معييك مليييح ،فتقييابلني
بالقبيح ولكن لم يكييذب المثييل حيييث قييال :فعلنييا
جميًل قابلونييا بضييده وهييذا لعمييري ميين فعييال
الفواجر
ومن يفعل المعييروف مييع غييير أهلييه يجييازى كمييا
جوزي مجير أم عامر
فلما سمع العفريت كلمه قال ل تطمع فل بد من
موتك ،فقال الصييياد هييذا جنييي ،وأنييا إنسييي وقييد
أعطاني اللييه عقًل كييامًل وهييا أنييا أدبيير أم يًرا فييي
هلكه ،بحيلتي وعقلي وهو يدبر بمكره وخبثه ،ثييم
قال للعفريت :هل صممت على قتلييي قييال نعييم،
فقال لييه بالسييم العظييم المنقييوش علييى خيياتم
سليمان أسألك عيين شيييء وتصييدقني فيييه ،قييال
نعم ،ثم إن العفريت لما سمع ذكر السم العظم
اضطرب واهييتز وقييال :اسييأل وأوجييز ،فقييال لييه:
كيف كنت في هذا القمقم ،والقمقم ل يسع يييدك
ول رجلك فكيف يسعك كلك ،فقال لييه العفريييت:
وهل أنت ل تصدق أنني كنت فيه فقييال الصييياد ل
دا حييتى أنظييرك فيييه بعينييي ،وأدرك أصييدق أبيي ً
شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلم المباح.
وفي الليلة الرابعة قييالت :بلغنييي أيهييا الملييك
السعيد أن الصييياد لمييا قييال للعفريييت ل أصييدقك
دا حييتى أنظييرك بعينييي فييي القمقييم فييانتفض أب ي ً
دا إلى الجو ،ثييم اجتمييعالعفريت وصار دخاًنا صاع ً
ل ،حييتى اسييتكمل الييدخان ودخل فييي القمقييم قلي ً
داخييل القمقييم وإذا بالصييياد أسييرع وأخييذ سييدادة
الرصاص المختومة وسد بهييا فييم القمقييم ونييادى
العفريت ،وقييال لييه :تميين علييي أي موتيية تموتهييا
لرميك في هذا البحر وأبني لي هنا بيًتا وكييل ميين
أتى هنا أمنعه أن يصطاد وأقييول لييه هنييا عفريييت
وكل من أطلعه يبين له أنواع الموت يخبره بينها.
فلما سمع العفريت كلم الصياد أراد الخروج فلييم
سا ورأى عليه طييابع خيياتم يقدر ورأى نفسه محبو ً
سييليمان وعلييم أن الصييياد سييجنه وسييجن أحقيير
العفاريت وأقذرها وأصغرها ،ثيم أن الصييياد ذهيب
بالقمقم إلى جهة البحر ،فقيال ليه العفرييت ل ،ل
فقييال الصييياد :ل بييد ل بييد فلطييف المييارد كلمييه
وخضع وقال ما تريد أن تصنع بي يييا صييياد ،قييال:
ألقيك في البحر إن كنت أقمت فيه ألًفا وثمانمائة
عام فأنا أجعلك تمكث إلى أن تقوم السيياعة ،أمييا
قلت لك أبقيني يبقيك الله ول تقتلني يقتلييك اللييه
فأبيت قولي وما أردت إل غدري فألقاك الله فييي
يدي فغدرت بك ،فقييال العفريييت افتييح لييي حييتى
أحسن إليك فقال له الصياد تكذب يا ملعييون ،أنييا
مثلييي ومثلييك مثييل وزييير الملييك يونييان والحكيييم
رويييان ،فقييال العفريييت :ومييا شييأن وزييير الملييك
يونان والحكيم رويان وما قصتهما.
]عدل[ حكاية الملك يونان والحكيم رويان
قال الصياد :اعلم أيها العفريت ،أنه كان في قديم
الزمان وسالف العصر والوان في مدينة الفييرس
وأرض رومان ملك يقال له الملك يونييان وكييان ذا
مال وجنييود وبييأس وأعييوان ميين سييائر الجنيياس،
وكان في جسييده بييرص قييد عجييزت فيييه الطبيياء
والحكماء ولم ينفعه منه شرب أدوييية ول سييفوف
ول دهان ولم يقدر أحد من الطباء أن يداويه.
وكان قييد دخييل مدينيية الملييك يونييان حكيييم كييبير
طاعن في السيين يقييال لييه الحكيييم رويييان وكييان
عارًفييا بييالكتب اليونانيييية والفارسييية والرومييية
مييا
والعربية والسريانية وعلم الطب والنجوم وعال ً
بأصييول حكمتهييا وقواعييد أمورهييا ميين منفعتهييا
مييا بخييواص النباتييات والحشييائش ومضييرتها .عال ً
والعشيياب المضييرة والنافعيية فقييد عييرف علييم
الفلسفة وجاز جميع العلييوم الطبييية وغيرهييا ،ثييم
إن الحكيم لما دخل المدينة وأقام بهييا أيييام قلئل
سمع خبر الملك وما جرى له في بدنه من البرص
الييذي ابتله اللييه بييه وقييد عجييزت عيين مييداواته
الطباء وأهل العلوم.
ل ،فلمييا أصييبحفلما بلغ ذلك الحكيييم بييات مشييغو ً
الصباح لبس أفخر ثيابه ودخل على الملييك يونييان
وقبل الرض ودعا له بدوام العييز والنعييم وأحسيين
ميا بيه تكليم وأعلميه بنفسيه فقيال :أيهيا المليك:
بلغني ما اعتراك من هذا الييذي فييي جسييدك وأن
كثيًرا من الطباء لم يعرفوا الحيلة في زواله وهييا
أنا أداويك أيها الملييك ول أسييقيك دواء ول أدهنييك
بدهن.
فلما سمع الملك يونييان كلمييه تعجييب وقييال لييه:
كيف تفعل ،فو الله لو برأتنييي أغنيييك لولييد الولييد
وأنعم عليييك ،مييا تتمنيياه فهييو لييك وتكييون نييديمي
وحبيبي .ثم أنه خلع عليه وأحسيين إليييه وقييال لييه
أبرئني من هييذا المييرض بل دواء ول دهييان؟ قييال
نعم أبرئك بل مشقة في جسدك .فتعجييب الملييك
غاية العجب ثم قال له :أيها الحكيييم الييذي ذكرتييه
لي يكون في أي الوقات وفي أي اليام ،فأسييرع
يا ولدي؛ قال له سمًعا وطاعة ،ثم نييزل ميين عنييد
الملييك واكييترى لييه بيت ًييا حييط فيييه كتبييه وأدويتييه
وعقاقيره ثييم اسييتخرج الدوييية والعقيياقير وجعييل
منها صولجاًنا وجوفه وعمييل لييه قصييبة وصيينع لييه
كرة بمعرفته.
فلما صنع الجميع وفرغ منها طلع إلى الملييك فييي
اليوم الثاني ودخييل عليييه وقبييل الرض بييين يييديه
وأمره أن يركب إلييى الميييدان وأن يلعييب بييالكرة
والصولجان وكان معه المراء والحجاب والييوزراء
وأربيياب الدوليية ،فمييا اسييتقر بييين الجلييوس فييي
الميدان حييتى دخييل عليييه الحكيييم رويييان ونيياوله
الصولجان وقال ليه :خييذ هييذا الصيولجان واقبيض
عليييه مثييل هييذه القبضيية وامييش فييي الميييدان
واضييرب بييه الكييرة بقوتييك حييتى يعييرق كفييك
وجسدك فينفذ الدواء من كفك فيسري في سائر
جسدك فإذا عرقت وأثر الدواء فيييك فييارجع إلييى
قصرك وادخل الحمييام واغتسييل ونييم فقييد بييرئت
والسلم.
فعند ذلك أخذ الملك يونييان ذلييك الصييولجان ميين
الحكيم ومسكه بيده وركب الجييواد وركييب الكييرة
بين يديه وساق خلفها حيتى لحقهيا وضيربها بقيوة
وهو قابض بكفه على قصبة الصييولجان ،ومييا زال
يضييرب بييه الكييرة حييتى عييرق كفييه وسييائر بييدنه
وسرى له الدواء من القبضة.
وعرف الحكيم رويان أن الدواء سرى في جسييده
فأمره بالرجوع إلى قصره وأن يدخل الحمام ميين
ساعته ،فرجييع الملييك يونييان ميين وقتييه وأميير أن
يخلو له الحمام فأخلوه له ،وتسارعت الفراشييون
وتسابقت المماليك وأعدوا للملك قماشييه ودخييل
الحمام واغتسل غسيييًل جي ي ً
دا ولبييس ثيييابه داخييل
الحمام ثم خرج منه وركب إلى قصره ونام فيه.
هذا ما كان من أمر الملك يونان ،وأما ما كان من
أمر الحكيم رويان فإنه رجع إلى داره وبات ،فلمييا
أصبح الصباح طلع إلى الملك واستأذن عليه فأذن
لييه فييي الييدخول فييدخل وقبييل الرض بييين يييديه
وأشار إلى الملك بهذه البيات:
وإذا دعت زهت الفصاحة إذا ادعيت لها أًبا
ما سواك لها أبى يو ً
تمحوا من يا صاحب الوجه الذي أنواره
الخطب الكريه غياهبا
فل ترى وجه ما زال وجهك مشرًقا متهلًل
الزمان مقطبا
فعلت بنا فعل أوليتني من فضلك المنن التي
السحاب مع الربا
حتى بلغت وصرفت جل المل في طلب العل
من الزمان مآربا
مييا علييى فلمييا فييرغ ميين شييعره نهييض الملييك قائ ً
قدميه وعانقه وأجلسييه بجييانبه وخلييع لعيييه الخلييع
السنية.
ولما خرج الملك من الحمام نظر إلى جسده فلم
يجد فيه شيًئا من البرص وصار جسييده نقي ًييا مثييل
الفضة البيضيياء ففييرح بييذلك غاييية الفييرح واتسييع
صدره وانشرح ،فلما أصبح الصباح دخييل الييديوان
وجلس على سرير ملكييه ودخلييت عليييه الحجيياب
وأكابر الدولة ودخل عليه الحكيم رويان ،فلما رآه
عا وأجلسييه بجييانبه وإذا بمييوائد قييام إليييه مسيير ً
الطعييام قييد مييدت فأكييل صييحبته ومييا زال عنييده
ينادمه طول نهاره.
فلما أقبل الليل أعطييى الحكيييم ألفييي دينييار غييير
الخلع والهدايا وأركبييه جييواده وانصييرف إلييى داره
والملييك يونييان يتعجييب ميين صيينعه ويقييول :هييذا
داواني من ظاهر جسدي ولم يدهنني بييدهان ،فييو
الله مييا هييذه إل حكميية بالغيية ،فيجييب علييي لهييذا
سيياسييا وأني ً
الرجل النعام والكرام وأن أتخذه جلي ً
حييا
مدى الزمان .وبات الملييك يونييان مسييروًرا فر ً
بصحة جسمه وخلصه من مرضه.
فلما أصبح الملييك وجلييس علييى كرسيييه ووقفييت
أرباب دولته وجلست المراء والوزراء على يمينييه
ويساره ثم طلب الحكيم رويان فدخل عليه وقبل
الرض بين يديه فقام الملك وأجلسه بجانبه وأكل
معه وحياه وخلع عليه وأعطاه ،ولييم يييزل يتحييدث
معه إلى أن أقبيل اللييل فرسيم ليه بخميس خليع
وألف دينييار ،ثييم انصييرف الحكيييم إلييى داره وهييو
شاكر للملك.
فلما أصبح الصباح خرج الملك إلييى الييديوان وقييد
أحدقت به المراء والييوزراء والحجيياب ،وكييان لييه
وزير من وزرائه بشع المنظر نحييس الطييالع لئيييم
بخيل حسود مجبول على الحسييد والمقييت .فلمييا
رأى ذلك الييوزير أن الملييك قييرب الحكيييم رويييان
وأعطاه هذه النعام حسده عليه وأضمر له الشيير
كما قيييل فييي المعنييى :مييا خل جسييد ميين حسييد.
وقيل في المعنى :الظلم كمين في النفس القييوة
تظهره والعجييز يخفيييه .ثييم أن الييوزير تقييدم إلييى
الملك يونان وقبل الرض بين يييديه وقييال لييه :يييا
ملييك العصيير والوان :أنييت الييذي شييمل النيياس
إحسانك ولك عندي نصيحة عظيميية فييإن أخفيتهييا
عنك أكون ولد زنا ،فإن أمرتني أن أبييديها أبييديتها
لك.
فقيييال المليييك وقيييد أزعجيييه كلم اليييوزير :وميييا
نصيحتك؟ فقييال :أيهييا الملييك الجليييل :قييد قييالت
القدماء من لم ينظر في العواقب فمييا الييدهر لييه
بصاحب ،وقد رأيت الملك على غير صييواب حيييث
أنعم على عدوه وعلى من يطلب زوال ملكه وقد
أحسيين إليييه وأكرمييه غاييية الكييرام وقربييه غاييية
القرب ،وأنا أخشى على الملك من ذلك.
فانزعج الملييك وتغييير لييونه وقييال لييه :ميين الييذي
تزعم أنه عييدوي وأحسيينت إليييه؟ فقييال لييه :أيهييا
مييا فاسييتيقظ فأنييا أشييير إلييى
الملييك إن كنييت نائ ً
الحكيم رويان .فقال لييه الملييك :إن هييذا صييديقي
وهو أعز الناس عندي لنه داوانييي بشيييء قبضييته
بيدي وأبراني من مرضي الذي عجز فيييه الطبيياء
وهو ل يوجد مثله في هذا الزمان في الييدنيا غرًبييا
وشرقًا ،فكيف أنت تقول عليييه هييذا المقييال وأنييا
ميين هييذا اليييوم أرتييب لييه الجوامييك والجرايييات
وأعمل له في كل شيهر أليف دينيار وليو قاسيمته
فييي ملكييي وإن كييان قليًل عليييه .ومييا أظيين أنييك
دا كما بلغني عيين الملييك يونييان تقول ذلك إل حس ً
ذكر والله أعلم.
وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم
المباح ،فقالت لها أختها :يا أختي ما أحلى حييديثك
وأطيبه وألذه وأعذبه فقالت لهييا :وأييين هييذا ممييا
أحييدثكم بييه الليليية المقبليية إن عشييت وأبقيياني
الملك .فقييال الملييك فييي نفسييه :واللييه ل أقتلهييا
حتى أسمع بقييية حييديثها لنييه حييديث عجيييب .ثييم
أنهم باتوا تليك الليلية متعيانقين إليى الصيباح .ثيم
خييرج الملييك إلييى محييل حكمييه واحتبييك الييديوان
فحجم وولى وأمر ونهى إلى آخر النهار ،ثم انفض
الديوان فدخل الملك عصره وأقبل الليييل وقضييى
حاجته من بنت الوزير شهرزاد.
وفي الليلة الخامسة قالت :بلغني أيها الملييك
السعيد أن الملك يونان قال لييوزيره أنييت داخلييك
الحسد من أجل هذا الحكيم فتريد أن أقتلييه وبعييد
ذلك أندم كمييا نييدم السييندباد علييى قتييل البييازي.
فقال الوزير :وكيف كان ذلك؟ فقال الملييك :ذكيير
أنه كان ملك ملوك الفرس يحب الفرجيية والتنييزه
والصيد والقنص وكان له بازي رباه ول يفارقه ليًل
ول نهاًرا ويبيت طوال الليل حامله علييى يييده وإذا
طلع إلى الصيد يأخذه معه وهو عامييل لييه طاسيية
من الذهب معلقة في رقبته يسقيه منها.
فبينما الملك جالس وإذا بالوكيل على طير الصيد
يقييول :يييا ملييك الزمييان هييذا أوان الخييروج إلييى
الصيد ،فاستعد الملك للخروج وأخذ البييازي علييى
يده وساروا إلى أن وصلوا إلى واد ونصبوا شييبكة
الصيد إذا بغزالة وقعييت فييي تلييك الشييبكة فقييال
الملك :كل ميين فيياتت الغزاليية ميين جهتييه قتلتييه،
فضيقوا عليهييا حلقيية الصيييد وإذا بالغزاليية أقبلييت
علييى الملييك وشييبت علييى رجليهييا وحطييت يييديها
علييى صييدرها كأنهييا تقبييل الرض للملييك فطأطييأ
الملك للغزالة ففرت من فوق دماغه وراحت إلى
البر.
فالتفت الملييك إلييى المعسييكر فرآهييم يتغييامزون
عليه ،فقال :يا وزيري ماذا يقول العسيياكر فقييال:
يقولون إنك قلت كل من فاتت الغزالة ميين جهتيه
يقتييل فقييال الملييك :وحييياة رأسييي لتبعنهييا حييتى
أجيء بها ،ثم طلع الملك في أثر الغزالة ولم يزل
وراءها وصار البازي يلطشها علييى عينهييا إلييى أن
سييا وضييربها أعماهييا ودوخهييا فسييحب الملييك دبو ً
فقلبها ونزل فذبحها وسلخها وعلقها في قربييوس
السرج .وكانت ساعة حر وكان المكييان قف يًرا لييم
يوجد فيه ماء فعطش الملك وعطش الحصان.
فالتفت الملك فرأى شجرة ينييزل منهييا ميياء مثييل
دا فأخييذ سا فييي كفييه جل ي ً
السمن ،وكان الملك لب ً
الطاسة فيي قبية البيازي وملهيا مين ذليك المياء
ووضع الماء قييدامه وإذا بالبييازي لطييش الطاسيية
فقلبها ،فأخذ الملك الطاسة ثانيًا ،وملها وظن أن
البييازي عطشييان فوضييعها قييدامه فلطشييها ثاني ًييا
وقلبها فغضب الملييك ميين البييازي وأخييذ الطاسيية
ثالًثا وقدمها للحصان فقلبها البازي بجنيياحه فقييال
الملك الله يخيبك يا أشأم الطيور وأحرمتنييي ميين
الشرب وأحرمييت نفسييك وأحرمييت الحصييان ثييم
ضرب البازي بالسيف فرمى أجنحته.
فصار البازي يقيييم رأسييه ويقييول بالشييارة انظيير
الذي فوق الشجرة فرفع الملك عينه فييرأى فييوق
الشجرة حية والذي يسيل سمها فندم الملك على
قص أجنحة البازي ثيم قيام وركيب حصيانه وسيار
ومعه الغزالة حييتى وصييل الملييك علييى الكرسييي
والبييازي علييى يييده فشييهق البييازي ومييات فصيياح
الملك حزًنا وأسًفا على قتل البازي ،حيييث خلصييه
ميين الهلك ،هييذا مييا كييان ميين حييديث الملييك
السندباد.
فلما سمع الوزير كلم اللمك يونان قييال لييه :أيهييا
الملييك العظيييم الشييأن ومييا الييذي فعلتييه ميين
الضرورة ورأيت منييه سييوء إنمييا فعييل معييك هييذا
شفقة عليك وستعلم صحة ذلك فييإن قبلييت منييي
نجوت وإل هلكت كما هلك وزير كان احتييال علييى
ابن ملك من الملوك ،وكان لذلك الملك ولد مولع
بالصيد والقنص وكان له وزيرًا ،فأمر الملييك ذلييك
مييا
الوزير أن يكون مع ابنييه أينمييا تييوجه فخييرج يو ً
من اليام ،إلى الصيد والقنييص وخييرج معييه وزييير
أبيه فسارا جميعًييا فنظيير إلييى وحيش كييبير فقيال
الييوزير لبيين الملييك دونييك هييذا الييوحش فيياطلبه
فقصده ابن الملك ،حتى غيياب عيين العييين وغيياب
عنه الوحش فييي البرييية ،وتحييير ابيين الملييك فلييم
يعرف أين يذهب وإذا بجارية علييى رأس الطريييق
وهي تبكي فقال لها ابن الملك من أنت :قال بنت
ملك من ملوك الهند وكنييت فييي البرييية فييأدركني
النعيياس ،فييوقعت ميين فييوق الدابيية ولييم أعلييم
بنفسي فصرت حائرة.
فلما سمع ابن الملييك كلمهييا رق لحالهييا وحملهييا
على ظهر جابته وأردفها وسار حييتى ميير بجزيييرة
فقالت له الجارية :يا سيد أريييد أن أزيييل ضييرورة
فأنزلها إلى الجزيرة ثم تعوقت فاستبطأها فييدخل
خلفها وهي ل تعلم به ،فإذا هي غولة وهييي تقييول
لولدها يييا أولدي قييد أتيتكييم اليييوم بغلم سييمين
فقالوا لها أتينا به يا أمنا نأكله في بطوننا.
فلما سمع ابن الملك كلمهم أيقن بالهلك وارتعييد
فرائضه وخشي على نفسه ورجع فخرجت الغولة
فرأته كالخائف الوجل وهو يرتعييد فقييالت لييه :مييا
بالك خائفًا ،فقال لها أن لي عدوًا ،وأنا خائف منييه
فقالت الغولة إنك تقول أنييا ابيين الملييك قييال لهييا
نعم ،قيالت لييه مالييك ل تعطيي عييدوك شييًئا مين
المال ،فترضيه به ،فقال لهييا أنييه ل يرضييى بمييال
ول يرضى إل بالروح وأنييا خييائف منييه ،وأنييا رجييل
مييا كمييا تزعييم
مظلوم فقالت لييه :إن كنييت مظلو ً
فاستعن بالله عليه بأنه يكفيك شييره وشيير جميييع
ما تخافه.
فرفع ابن الملك رأسه إلى السماء وقيال :ييا مين
يجيب دعوة المضييطر ،إذا دعيياه ويكشييف السييوء
انصرني على عدوي واصرفه عني ،إنييك علييى مييا
تشاء قدير فلما سمعت الغوليية دعيياءه ،انصييرفت
عنه وانصرف ابن الملك إلى أبيه ،وحييدثه بحييديث
الوزير وأنت أيها الملك مييتى آمنييت لهييذا الحكيييم
قتلك أقبح القتلت ،وإن كنت أحسنت إليه وقربته
منك فإنه يدبر في هلكك ،أما ترى أنه أبراك ميين
المرض من ظاهر الجسد بشيييء أمسييكته بيييدك،
فل تأمن أن يهلكك بشيء تمسكه أيضا ً.
فقال الملك يونان :صدقت فقد يكون كما ذكييرت
أيهييا الييوزير الناصييح ،فلعييل هييذا الحكيييم أتييى
سييا فييي طلييب هلكييي ،وإذا كييان أبرأنييي جاسو ً
بشيء أمسكته بيدي فإنه يقدر أن يهلكني بشيييء
أشييمه ،ثييم إن الملييك يونييان قييال لييوزيره :أيهييا
الوزير كيف العمل فيه ،فقييال لييه الييوزير :أرسييل
إليه في هذا الوقت واطلبه ،فييإن حضيير فاضييرب
عنقه فتكفي شره وتستريح منه واغدر به قبل أن
يغدر بك ،فقال الملك يونييان صييدقت أيهييا الييوزير
ثييم إن الملييك أرسييل إلييى الحكيييم ،فحضيير وهييو
فرحان ول يعلم ما قدره الرحمن كما قال بعضهم
في المعنى:
وكييل المييور إلييى يا خائًفا من دهره كيين آمن يا ً
الييييذي بسييييط الييييثرى إن المقييييدر كييييان ل
ولك المان من الذي ما قدرا يمحى
وأنشد الحكيم مخاطًبا قول الشاعر:
فقل لي إن ما لحقك بالشكر إذا لم أقم يو ً
أعددت نظمي معا لنثر
أتتني بل لقد جددت لي قبل السؤال بأنعم
مطل لديك ول عذر
وأثني على علياك فمالي ل أعطي ثناءك حقه
السر والجهر
يخف لها فمي سأشكر ما أوليتني من صنائع
وإن أثقلت ظهري
فلما حضر الحكيم رويييان قييال لييه الملييك :أتعلييم
لماذا أحضرتك ،فقييال الحكيييم :ل يعلييم الغيييب إل
اللييه تعييالى ،فقييال لييه الملييك :أحضييرتك لقتلييك
وأعدمك روحك ،فتعجب الحكيم رويييان ميين تلييك
المقاليية غاييية العجييب ،وقييال أيهييا الملييك لميياذا
تقتلني؟ وأي ذنب بدا منييي فقييال لييه الملييك :قييد
قيل لي إنك جاسوس وقد أتيييت لتقتلنييي وهييا أنييا
أقتلك قبييل أن تقتلنييي ثييم إن الملييك صيياح علييى
السياف ،وقال له اضرب رقبة هذا الغدار ،وأرحنييا
ميين شييره ،فقييال الحكيييم أبقنييي يبقيييك اللييه ول
تقتلني يقتلك الله ،ثم أنه كرر علييه القيول مثلميا
قلت لك أيهييا العفريييت وأنييت ل تييدعي بييل تريييد
قتلي فقال الملييك يونييان للحكيييم رويييان ،إنييي ل
آميين إل أن أقتلييك فإنييك برأتنييي بشيييء أمسييكته
بيدي فل آمن أن تقتلني بشيء أشمه أو غير ذلييك
فقال الحكيم أيها الملك أهذا جزائي منييك ،تقابييل
المليح بالقبيح فقال المليك :ل بييد ميين قتلييك ميين
غير مهلة فلما تحقييق الحكيييم أن الملييك قيياتله ل
محالة بكى وتأسف على ما صنع من الجميييل مييع
غير أهله ،كما قيل في المعنى:
لكن أبوها من ميمونة من سمات العقل عارية
مييا ول اللبيياب قييد خلقييا لييم يمييش ميين يييابس يو ً
إل بنور هداه تقى الزلقا وحل
بعد ذلك تقدم السياف وغمي عينيه وشهر سيييفه
وقال ائذن والحكيم يبكييي ويقييول للملييك :أبقنييي
يبقيك اللييه ول تقتلنييي يقتلييك اللييه ،وأنشييد قييول
الشاعر:
فيأوقعني نصيحت فلييم أفلييح وغشيوا فييأفلحوا
نصحي بدار هوان فإن عشت فلم أنصح وإن مييت
ذوي النصح من بعدي بك لسان فانع لي
ثم إن الحكيم قال للملك أيكون هذا جزائي منييك،
فتجازيني مجازاة التمساح قال الملك :وما حكاييية
التمساح ،فقال الحكيم ل يمكنني أن أقولهييا ،وأنييا
في هذا الحال فبالله عليك أبقني يبقيك اللييه ،ثييم
دا فقييام بعييض خيواص إن الحكيم بكى بكيياء شييدي ً
الملك وقال أيها الملك هييب لنييا دم هييذا الحكيييم،
لننا ما رأيناه فعل معييك ذنب ًييا إل أبييراك إلييى ميين
مرضك الذي أعيا الطباء والحكماء.
فقييال لهييم الملييك لييم تعرفييوا سييبب قتلييي لهييذا
الحكيم وذلك لني إن أبقيتييه فأنييا هالييك ل محاليية
ومن أبرأني ميين المييرض الييذي كييان بييي بشيييء
أمسكته بييدي فيمكنييه أن يقتلنييي بشييء أشيمه،
فأنا أخاف أن يقتلني ويأخذ علي جعالة لنييه ربمييا
سا وما جاء إل ليقتلني فل بد ميين قتلييه كان جاسو ً
وبعد ذلك آمن على نفسييي فقييال الحكيييم أبقنييي
يبقيك الله ول تقتلني يقتلك الله.
فلما تحقق الحكيم أيها العفريت أن الملييك قيياتله
ل محالة قال لييه أيهييا الملييك إن كييان ول بييد ميين
قتلييي فييأمهلني حييتى أنييزل إلييى داري فييأخلص
نفسي وأوصي أهلي وجيراني أن يدفنوني وأهييب
كتب الطب وعندي كتاب خاص الخيياص أهبييه لييك
هدية تدخره في خزانتك ،فقال الملك للحكيم وما
هذا الكتاب قال :فيه شيء ل يحصى وأقل ما فيه
من السييرار إذا قطعييت رأسييي وفتحتييه وعييددت
ثلث ورقات ثم تقييرأ ثلث أسييطر ميين الصييحيفة
التي على يسييارك فييإن الييرأس تكلمييك وتجاوبييك
عن جميع ما سألتها عنه.
فتعجب الملييك غاييية العجييب واهييتز ميين الطييرب
وقييال لييه أيهييا الحكيييم :وهييل إذا قطعييت رأسييك
تكلمت فقال نعم أيها الملك وهذا أمر عجيب ،ثييم
أن الملييك أرسييله مييع المحافظيية عليييه ،فنييزل
الحكيم إلى داره وقضى أشييغاله فييي ذلييك اليييوم
وفييي اليييوم الثيياني طلييع الحكيييم إلييى الييديوان
وطلعييت المييراء والييوزراء والحجيياب والنييواب
وأرباب الدولة جميًعا وصار الديوان كزهر البستان
وإذا بالحكيم دخيل الييديوان ،ووقييف قييدام الملييك
ومعييه كتيياب عييتيق ومكحليية فيهييا ذرور ،وجلييس
وقييال ائتييوني بطبييق ،فييأتوه بطبييق وكتييب فيييه
الذرور وفرشه وقال :أيها الملك خييذ هييذا الكتيياب
ول تعمييل بييه ،حييتى تقطييع رأسييي فييإذا قطعتهييا
فاجعلها في ذلك الطبق وأمر بكبسييها علييى ذلييك
الذرور فإذا فعلت ذلك فإن دمها ينقطع ،ثم افتييح
الكتاب ففتحه الملك فوجده ملصوًقا فحط إصبعه
فييي فمييه وبلييه بريقييه وفتييح أول ورقيية والثانييية
والثالثة والورق مييا ينفتييح إل بجهييد ،ففتييح الملييك
سييت ورقييات ونظيير فيهييا فلييم يجييد كتابيية فقييال
الملك :أيها الحكيم مييا فيييه شيييء مكتييوب فقييال
الحكيم قلب زيادة على ذلك فقلب فيه زيادة فلم
يكن إل قليًل من الزمييان حييتى سييرى فيييه السييم
ما فعنييد
لوقته وساعته فييإن الكتيياب كييان مسييمو ً
ذلك تزحزح الملييك وصيياح وقييد قييال :سييرى فييي
السم ،فأنشد الحكيم رويان يقول:
وعن قليل تحكموا فاستطالوا في حكومتهم
كان الحكم لم يكن
عليهم الدهر لو أنصفوا أنصفوا لكن بغوا فبغى
بالفات والمحن
هذا بذاك ول وأصبحوا ولسان الحال يشدهم
عتب على الزمن
فلما فرغ رويان الحكيم من كلمييه سييقط الملييك
ميًتا لوقته ،فاعلم أيها العفريييت أن الملييك يونييان
لو أبقييى الحكيييم رويييان لبقيياه اللييه ،ولكيين أبييى
وطلب قتلييه فقتلييه اللييه وأنييت أيهييا العفريييت لييو
أبقيتنييي لبقيياك اللييه .وأدرك شييهرزاد الصييباح
فسييكتت عيين الكلم المبيياح ،فقييالت لهييا أختهييا
دنيازاد :ما أحلى حييديثك فقييالت :وأييين هييذا ممييا
أحدثكم به الليلة القابلة إن عشت وأبقاني الملك،
وباتوا الليلة فييي نعيييم وسييرور إلييى الصييباح ،ثييم
أطلع الملك إلى الديوان ولما انفض الديوان دخل
قصره واجتمع بأهله.
ففي الليلة السادسة قالت :بلغني أيها الملييك
السعيد أن الصياد لما قييال للعفريييت لييو أبقيتنييي
كنت أبقيتك ،لكيين مييا أردت إل قتلييي فأنييا أقتلييك
سا في هذا القمقم ،وألقيك فييي هييذا البحيير محبو ً
ثم صرخ المارد وقييال بييالله عليييك أيهييا الصييياد ل
ما ول تؤاخذني بعملي ،فإذا كنييت تفعل وأبقني كر ً
أنا مسيًئا كن أنت محسنًا ،وفي المثييال السييائرة
يا محسًنا لمن أساء كفي المسيء فعله ول تعمل
عمل أمامة مع عاتكة.
قال الصياد وما شييأنهما ،فقييال العفريييت مييا هييذا
وقت حديث وأنا في السييجن حييتى تطلعنييي منييه
وأنا أحدثك بشأنهما فقال الصياد ل بد من إلقييائك
في البحر ول سبيل إلى إخراجك منيه فييإني كنييت
أستعطفك وأتضييرع إليييك وأنييت ل تريييد إل قتلييي
ميين غييير ذنييب اسييتوجبته منييك ،ول فعلييت معييك
سييوًءا قييط ولييم أفعييل معييك إل خيييرًا ،لكييوني
أخرجتييك ميين السييجن ،فلمييا فعلييت معييي ذلييك،
علمت أنك رديء الصل ،واعلييم أننييي مييا رميتييك
في هذا البحر ،إل لجل أن كل من أطلعك أخييبره
بخبرك ،وأحذره منك فيرميك فيه ،ثانًيا فنقيم في
هييذا البحيير إلييى آخيير الزمييان حييتى تييرى أنييواع
العذاب.
فقال العفريت :أطلقني فهذا وقت المروءات وأنا
دا بييل أنفعيك بشيييء أعاهيدك أنييي لييم أسييؤك أبي ً
يغنيييك دائم يًا ،فأخييذ الصييياد عليييه العهييد أنييه إذا
دا بييل يعمييل معييه الجميييل فلمييا أطلقه ل يؤذيه أب ً
استوثق منه باليمان والعهييود وحلفييه باسييم اللييه
العظم فتح له الصياد فتصاعد الدخان حتى خييرج
وتكامييل فصييار عفريًتييا مشييوه الخلقيية ورفييس
القمقم في البحر.
فلما رأى الصياد أنه رمى القمقم في البحر أيقيين
بالهلك وبال في ثيابه ،وقييال هييذه ليسييت علميية
خير ،ثم أنه قوى قلبه وقييال :أيهييا العفريييت قييال
الله تعالى :وأوفوا العهد ،إن العهييد كييان مسييؤوًل
وأنت قد عاهدتني وحلفييت أنييك ل تغييدر بييي فييإن
غدرت بي يجرك الله فإنه غييور يمهيل ول يهميل،
وأنا قلت لك مثل ما قيياله الحكيييم رويييان للملييك
يونان أبقني يبقيك الله.
فضحك العفريت ومشى قدامه ،وقال أيها الصييياد
اتبعنييي فمشييى الصييياد وراءه وهييو لييم يصييدق
بالنجاة إلى أن خرجييا ميين ظيياهر المدينيية وطلعييا
على جبل ونزل إلى برية متسعة وإذا في وسييطها
بركة ماء ،فوقف العفريت عليها وأميير الصييياد أن
يطرح الشبكة ويصطاد ،فنظر الصياد إلى البركة،
وإذا بهذا السمك ألوانًا ،البيييض والحميير والزرق
والصفر ،فتعجب الصياد ميين ذلييك ثييم أنييه طييرح
شييبكته وجييذبها فوجييد فيهييا أربييع سييمكات ،كييل
سمكة بلون ،فلما رآها الصياد فرح.
فقال له العفريت ادخل بها إلى السلطان وقدمها
إليه ،فإنه يعطيييك مييا يغنيييك وبييالله أقبييل عييذري
فإنني في هذا الوقت لم أعييرف طريًقييا وأنييا فييي
هذا البحر مدة ألف وثمانمائة عام ،ما رأيت ظاهر
الدنيا إل في هذه الساعة ول تصطد منها كل يييوم
إل مييرة واحييدة واسييتودعتك اللييه ،ثييم دق الرض
بقييدميه فانشييقت وابتلعتييه ومضييى الصييياد إلييى
المدينة متعجب مما جرى له مع هذا العفريت ثييم
أخذ السمك ودخل به منزله وأتى بمأجور ثم مله
ماء وحط فيه السمك فاختبط السمك ميين داخييل
المأجور في الماء ثم حمييل المييأجور فييوق رأسييه
وقصد به قصر الملك كما أمره العفريت.
فلما طلع الصييياد إلييى الملييك وقييدم لييه السييمك
تعجب الملك غاية العجب من ذلك السييمك الييذي
قدمه إليه الصياد لنه لم ير في عمره مثله صييفة
ل ،فقييال :ألقييوا هييذا السييمك للجارييية ول شييك ً
الطباخة ،وكانت هذه الجارية قد أهييداها لييه ملييك
الروم منذ ثلثة أيييام وهييو لييم يجربهييا فييي طبيييخ
فأمرها الييوزير أن تقليييه ،وقييال لهييا يييا جارييية إن
الملك يقييول لييك مييا ادخييرت دمعييتي إل لشييدتي
ففرجينا اليوم على طهيييك وحسيين طبيخييك فييإن
السلطان جاء إليييه واحييد بهدييية ثييم رجييع الييوزير
بعييدما أوصيياها فييأمره الملييك أن يعطييي الصييياد
أربعمييائة دينييار فأعطيياه الييوزير إياهييا فأعطاهييا
فأخييذها الييوزير فييي حجييره وتييوجه إلييى منزلييه
لزوجته ،وهو فرحان مسرور ثم اشترى لعياله مييا
يحتاجون إليه هذا ما كان من أمر الصياد.
وأما ما كان من أمر الجارية فإنها أخييذت السييمك
ونظفتييه ورصييته ،فييي الطيياجن ثييم إنهييا تركييت
السمك حييتى اسييتوى وجهييه وقلبتييه علييى الييوجه
الثاني ،وإذا بحائط المطبخ قييد انشييقت وخرجييت
منها صبية رشيقة القد أسيلة الخد كاملة الوصييف
كحيلة الطرف بوجه مليح وقد رجيح لبسة كوفييية
من خييز أزرق وفييي أذنيهييا حلييق وفييي معاصييمها
أساور وفي أصييابعها خييواتيم بالفصييوص المثمنيية
وفي يدها قضيب من الخيزران فغييرزت القضيييب
في الطاجن وقالت :يا سمك يييا سييمك هييل أنييت
على العهد القديم مقيييم ،فلمييا رأت الجارييية هييذا
غشي عليها وقد أعادت الصبية القول ثانًيييا وثالًثييا
فرفع السمك رأسه في الطاجن وقال :نعم ،نعييم
ثم قال جميعه هذا البيت:
وإن هجرت إن عدت عدنا وإن وافيت وافينا
فإنا قد تكافينا
فعنييد ذلييك قلبييت الصييبية الطيياجن وخرجييت ميين
الموضع الذي دخلت منه والتحمت حائط المطبييخ
ثم أقامت الجارية فرأت الربع سييمكات محروقيية
مثل الفحم السود ،فقالت تلك الجارييية ميين أول
غزوتييه حصييل كسيير عصييبته فبينمييا هييي تعيياتب
نفسها ،وإذا بالوزير واقف على رأسها ،وقييال لهييا
هاتي السمك للسلطان فبكييت الجارييية وأعلمييت
الوزير بالحال أنه أرسل إلى الصياد فأتوا به إليييه،
فقييال لييه أيهييا الصييياد ل بييد أن تجيييب لنييا بييأربع
سمكات مثل التي جئت بها أول ً.
فخرج الصياد إلى البركة وطرح شبكته ثييم جييذبها
وإذا بأربع سمكات ،فأخذها وجاء بها إلييى الييوزير،
فدخل بها الييوزير إلييى الجارييية وقييال لهييا قييومي
اقليهييا قييدامي ،حييتى أرى هييذه القضييية فقييامت
الجارية أصلحت السييمك ،ووضييعته فييي الطيياجن
علييى النييار فمييا اسييتقر إل قليًل وإذا بالحييائط قييد
انشقت ،والصبية قد ظهرت وهي لبسيية ملبسييها
وفي يدها القضيب فغرزته في الطاجن وقالت :يا
سمك هل أنت على العهد القديم مقيييم ،فرفعييت
السمكات رؤوسها وأنشدت هذا البيت:
وإن هجييرت إن عدت عدنا وإن وافيييت وافينييا
فإنا قد تكافينا
وفي الليلة السابعة قالت :بلغنييي أيهييا الملييك
السييعيد أنييه لمييا تكلييم السييمك قلبييت الصييبية
الطيياجن بالقضيييب وخرجييت ميين الموضييع الييذي
جاءت منه والتحم الحائط ،فعند ذلك قييام الييوزير
وقال :هذا أمر ل يمكن إخفاؤه عن الملك ،ثم أنييه
تقدم إلى الملك وأخبره بما جرى قدامه فقييال :ل
بد أن أنظر بعين ،فأرسل إلييى الصييياد وأمييره أن
يأتي بأربع سمكات مثل الول وأمهلييه ثلثيية أيييام.
فييذهب الصييياد إلييى البركيية وأتيياه بالسييمك فييي
الحال .فأمر الملك أن يعطوه أربعمائة دينييار .ثييم
التفييت الملييك إلييى الييوزير وقييال لييه :سييو أنييت
السمك ههنا قدامي فقال الييوزير سييمًعا وطاعيية،
فأحضر الطاجن ورمى فيه السمك بعيد أن نظفيه
ثم قلبه وإذا بالحائط قييد انشييق وخييرج منييه عبييد
أسود كأنه ثور من الثيران أو من قييوم عيياد وفييي
يده قرع ميين شييجرة خضييراء وقييال بكلم فصيييح
مزعج :يا سييمك يييا سييمك هييل أنييت علييى العهييد
القديم مقيم؟ فرفع السييمك رأسييه ميين الطيياجن
وقال :نعم وأنشد هذا البيت:
وإن هجرت إن عدت عدنا وإن وافيت وافينا
فإنا قد تكافينا
ثم أقبل العبد على الطاجن وقلبه بالفرع إلييى أن
ما أسود ،ثم ذهب العبييد ميين حيييث أتييى، صار فح ً
فلما غاب العبد عن أعينهم قال الملك :هذا أمر ل
يمكن السييكوت عنييه ،ول بييد أن هييذا السييمك لييه
شأن غريب ،فأمر بإحضار الصياد ،فلما حضر قال
له :من أين هذا السمك فقييال لييه ميين بركيية بييين
أربع جبال وراء هذا الجبل الييذي بظيياهر مييدينتك،
فالتفت الملك إلى الصياد وقييال لييه :مسيييرة كييم
يوم ،قال له يييا مولننييا السييلطان مسيييرة نصييف
ساعة.
فتعجب السلطان وأمر بخروج العسكر ميين وقتييه
مع الصياد فصييار الصييياد يلعيين العفريييت وسيياروا
إلى أن طلعوا الجبل ونزلوا منه إلى برية متسييعة
لييم يروهييا مييدة أعمييارهم والسييلطان وجميييع
العسكر يتعجبون من تلك البرية التي نظروها بين
أربع جبال والسمك فيها على أربعيية ألييوان أبيييض
وأحمر وأصفر وأزرق.
فوقف الملك متعجًبا وقال للعسكر ولميين حضيير:
هل أحد منكم رأى هذه البركة فييي هييذا المكييان،
فقييالوا كلهييم ل ،فقييال الملييك :واللييه ل أدخييل
مدينتي ول أجلس على تخت ملكييي حييتى أعييرف
حقيقة هذه البركة وسمكها.
ثم أمر الناس بالنزول حول هييذه الجبييال فنزلييوا،
ثم دعا بالوزير وكان وزي يًرا عيياقًل عال ً
مييا بييالمور،
فلما حضر بين يديه قال له :إنييي أردت أن أعمييل
شيًئا فأخبرك به وذلك أنييه خطيير ببييالي أن أنفييرد
بنفسييي فييي هييذه الليليية وأبحييث عيين خييبر هييذه
البركة وسمكها ،فاجلس على بيياب خيمييتي وقييل
للمراء والوزراء والحجاب أن السلطان متشييوش
وأمرنييي أن ل أؤذن لحييد فييي الييدخول عليييه ول
تعلم أحد بقصدي ،فلم يقدر الوزير على مخالفته.
ثم أن الملك غير حالته وتقلد سيييفه وانسييل ميين
بينهم ومشييى بقييية ليلييه إلييى الصييباح ،فلييم يييزل
سائًرا حتى اشتد عليه الحيير فاسييتراح ثييم مشييى
بقية يومه وليلته الثانية إلى الصباح فلح له سييواد
من بعد ففرح وقال :لعلي أجد من يخبرني بقضية
البركة وسييمكها ،فلمييا قييرب ميين السييواد وجييده
حا بالحديد وأحييد قصًرا مبنًيا بالحجارة السود مصف ً
شقي بابه مفتوح والخر مغلق.
ففرح الملك ووقف علييى البيياب ودق دقًييا لطيًفييا
فلييم يسييمع جوابيًا ،فييدق ثاني ًييا وثالث ًييا فلييم يسييمع
جا فلم يجبه أحد ،فقييال جوابًا ،فدق رابًعا دًقا مزع ً
ل بد أنه خال ،فشجع نفسه ودخل من باب القصر
إلى دهليز ثم صرخ وقال :يا أهل القصر إني رجل
غريب وعابر سبيل ،هل عندكم شيء ميين الييزاد؟
وأعاد القول ثانًيا وثالًثا فلييم يسييمع جوابيًا ،فقييوي
قلبه وثبت نفسه ودخيل مين اليدهليز إليى وسيط
القصر فلم يجد فيه أحد ،غير أنييه مفييروش وفييي
وسطه فسقية عليها أربع سباع من الييذهب تلقييي
الميياء ميين أفواههييا كالييدر والجييواهر وفييي دائره
طيييور وعلييى ذلييك القصيير شييبكة تمنعهييا ميين
الطلوع ،فتعجب من ذاك وتأسف حيث لم ير فيييه
أحد يستخبر منه عن تلك البركة والسمك والجبال
والقصيير ،ثييم جلييس بييين البييواب يتفكيير وإذا هييو
بألين من كبد حزين فسمعه يترنم بهذا الشعر:
والنوم من لما خفيت ضنى ووجدي قد ظهر
دا قد تزايد بي عيني تبدل بالسهر ناديت وج ً
يا وجد ل تبقى علي ول تذر الفكر
ها مهجتي بين المشقة والخطر
ما وقصد فلما سمع السلطان ذلك النين نهض قائ ً
جهته فوجد ستًرا مسبوًل على باب مجلس فرفعه
سا على سرير مرتفييع فرأى خلف الستر شاًبا جال ً
عن الرض مقدار ذراع ،وهو شاب مليح بقد رجيح
دا أحميير وشييامة ولسان فصيييح وجييبين أزهيير وخي ً
علييى كرسييي خييده كييترس ميين عنييبر كمييا قييال
الشاعر:
مشت الورى في ومهفهف من شعره وجبينه
ظلمة وضياء
فيما يرى من ما أبصرت عيناك أحسن منظر
سائر الشياء
الحمراء تحت كالشامة الخضراء فوق الوجنة
المقلة السوداء
ففرح به الملك وسلم عليه والصبي جالس وعليه
قباء حرير بطراز من ذهب لكن عليه أثيير الحييزن،
فييرد السييلم علييى الملييك وقييال لييه :يييا سيييدي
اعذرني عن عدم القيام ،فقال الملك :أيها الشاب
أخبرني عن هذه البركة وعن سمكها الملون وعن
هذا القصر وسبب وحدتك فيه وما سييبب بكييائك؟
فلما سمع الشاب هذا الكلم نزلييت دمييوعه علييى
خده وبكى بكاء شديدًا ،فتعجب الملييك وقييال :مييا
يبكيييك أيهييا الشيياب؟ فقييال كيييف ل أبكييي وهييذه
حالتي ،ومد يده إلى أذييياله فييإذا نصييفه التحتيياني
إلى قدميه حجر ومن صرته إلى شعر رأسه بشر.
ثم قال الشيياب :اعلييم أيهييا الملييك أن لهييذا أميًرا
عجيًبا لو كتب بالبر على آفاق البصر لكييان عييبرة
لمن اعتبر ،وذلك يا سيدي أنييه كييان والييدي ملييك
هذه المدينة وكان اسمع محمييود الجييزائر السييود
وصيياحب هييذه الجبييال الربعيية أقييام فييي الملييك
ميا ثيم تيوفي واليدي وتسيلطنت بعيده سيبعين عا ً
وتزوجت بابنة عمي وكانت تحبنييي محبيية عظيميية
بحيييث إذا غبييت عنهييا ل تأكييل ول تشييرب حييتى
تراني ،فمكثت في عصمتي خمس سنين إلييى أن
ما إلى الحمام فييأمرت الطبيياخ أن يجهييز ذهبت يو ً
ما لجييل العشيياء ،ثييم دخلييت هييذا القصيير لنا طعا ً
ونمت في الموضع الذي أنا فييه وأميرت جياريتين
أن يروحا على وجهي فجلست واحدة عند رأسييي
والخييرى عنييد رجلييي وقييد قلقييت لغيابهييا ولييم
يأخييذني نييوم غييير أن عينييي مغمضيية ونفسييي
يقظانة.
فسمعت التي عند رأسي تقول للتي عند رجلي يا
مسعودة إن سيدنا مسكين شبابه ويا خسارته مع
سيدتنا الخبيثة الخاطئة .فقالت الخرى :لعن اللييه
النساء الزانيات ولكن مثل سيدنا وأخلقه ل يصلح
لهذه الزانية التي كل ليلة تبيت في غير فراشه.
فقالت التي عند رأسي :إن سيدنا مغفل حيث لم
يسأل عنها .فقالت الخرى ويلك وهل عند سيييدنا
علم بحالها أو هييي تخليييه باختييياره بييل تعمييل لييه
عمًل في قدح الشراب الذي يشربه كل ليلة قبييل
المنام فتضع فيه البنج فينام ولم يشعر بما يجييري
ولييم يعلييم أييين تييذهب ول بمييا تصيينع لنهييا بعييدما
تسييقيه الشييراب تلبييس ثيابهييا وتخييرج ميين عنييده
فتغيب إلى الفجيير وتييأتي إليييه وتبخييره عنييد أنفييه
بشيء فيستيقظ من منامه.
فلما سمعت كلم الجواري صار الضيا في وجهييي
ما ومييا صييدقت أن الليييل اقبييل وجيياءت بنييت ظل ً
عمي من الحمييام فمييدا السييماط وأكلنييا وجلسيينا
ساعة زمنية نتنادم كالعييادة ثييم دعييوت بالشييراب
الذي أشربه عند المنام فناولتني الكأس فراوغييت
عنه وجعلت أشربه مثل عادتي ودلقتييه فييي عييبي
ورقدت في الوقت والسيياعة وإذا بهييا قييالت :نييم
ليتك لم تقم ،والله كرهتك وكرهت صورتك وملت
نفسي من عشرتك .ثم قامت ولبست أخفر ثيابها
وتبخييرت وتقلييدت سيييًفا وفتحييت بيياب القصيير
وخرجت.
فقمت وتبعتها حتى خرجييت وشييقت فييي أسييواق
المدينة إلى أن انتهت إلى أبواب المدينة فتكلمت
بكلم ل أفهميييه فتسييياقطت القفيييال وانفتحيييت
البواب وخرجت وأنا خلفهييا وهييي ل تشييعر حييتى
انتهت إلى ما بين الكيميان وأتيت حصيًنا فييه قبية
مبنية بطين لها باب فدخلته هي وصعدت أنا علييى
سطح القبة وأشرفت عليها اذا بها قد دخلت على
عبد أسود إحدى شفتيه غطاء وشفته الثانية وطاء
وشفاهه تلقط الرمييل ميين الحصييى وهييي مبتلييي
وراقد على قليل من قش القصب فقبلييت الرض
بين يديه.
فرفع ذلك العبد رأسه إليهييا وقييال لهييا :ويلييك مييا
سييبب قعييودك إلييى هييذه السيياعة كييان عنييدنا
السييودان وشييربوا الشييراب وصييار كييل واحييد
بعشيقته وأنييا مييا رضيييت أن أشييرب ميين شييأنك،
فقييالت :يييا سيييدي وحييبيب قلييبي أمييا تعلييم أنييي
متزوجة بابن عمي وأنا أكييره النظيير فييي صييورته
وأبغض نفسي في صحبته ،ولول أني أخشى علييى
خاطرك لكنت جعلييت المدينيية خراب ًييا يصييبح فيهييا
البوم والغراب وأنقل حجارتها إلى جبل قاف.
فقال العبد :تكييذبين يييا عيياهرة وأنييا أحلييف وحييق
فتوة السودان وإل تكون مروءتنا مروءة البيضان.
إن بقيت تقعدي إلى هذا الوقت من هييذا اليييوم ل
أصاحبك ول أضع جسدي علييى جسييدك ،يييا خائنيية
تغيبين علي ميين أجيل شييهوتك ييا منتنيية ييا أخييت
البيضان.
قال الملك :فلما سمعت كلمها وأنيا أنظير بعينيي
ما ولم ما جرى بينهما صارت الدنيا في وجهي ظل ً
أعرف روحي في أي موضع وصييارت بنييت عمييي
واقفة تبكي إليه وتتدلل بييين يييديه وتقييول لييه :يييا
حبيبي وثمرة فؤادي ما أحد غيرك بقييي لييي فييإن
طردتني يا ويلي يا حبيبي يا نور عيني .ومييا زالييت
تبكي وتضرع له حتى رضي عليها ففرحت قييامت
وقلعت ثياب ولباسييها وقييالت لييه :يييا سيييدي هييل
عندك ما تأكله جاريتك ،فقال لها اكشييفي اللقييان
فيييإن تحتهيييا عظيييام فييييران مطبوخييية فكليهيييا
ومرمشيها وقومي لهذه القوارة تجدين فيها بوظة
فاشربيها.
فقامت وأكلت وشييربت وغسييلت يييديها ،وجيياءت
فرقييدت مييع العبييد علييى قييش القصييب وتعييرت
ودخلت معه تحت الهدمة والشرايط فلما نظييرت
هذه الفعال الييتي فعلتهييا بنييت عمييي وهممييت أن
أقتل الثنين فضربت العبد أوًل على رقبته فظننت
أنه قضي عليه.
وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم
المباح ،فلما أصبح الصباح دخل الملك إلييى محييل
الحكم واحتبك الديوان إلى آخيير النهييار ،ثييم طلييع
الملك قصره فقالت لها أختها دنيييازاد :تممييي لنييا
حديثك ،قالت :حًبا وكرامة.
وفي الليلة الثامنة قييالت :بلغنييي أيهييا الملييك
السييعيد ،أن الشيياب المسييحور قييال للملييك :لمييا
ضربت العبد لقطع رأسه قطعت الحلقوم والجلد
واللحم فظننييت أنييي قتلتييه فشييخر شييخيًرا عالي ًييا
فتحركت بنت عميي وقيامت بعيد ذهيابي فأخيذت
السيف وردته إلى موضعه وأتت المدينيية ودخلييت
القصر ورقدت في فراشي إلييى الصييباح ،ورأيييت
بنييت عمييي فييي ذلييك اليييوم قييد قطعييت شييعرها
ولبست ثياب الحزن وقالت :يا ابن عمي ل تلمني
فيمييا أفعلييه ،فييإنه بلغنييي أن والييدتي تييوفيت وأن
والدي قتل في الجهيياد ،وأن أخييوي أحييدهما مييات
ما فيحق لي أن أبكي وأحييزن، عا والخر ردي ًملسو ً
فلما سمعت كلمها سكت عنها وقلت لها :افعلييي
ميا بيدا ليك فيإني ل أخالفيك ،فمكثيت فيي حيزن
وبكاء وعددي سنة كاملة من الحول إلييى الحييول،
وبعد السنة قالت لييي أريييد أن أبنييي فييي قصييرك
مدفًنا مثل القبة وأنفرد فيه بالحزان أسميه بيييت
الحزان.
فقلت لهاك افعلي ما بدا لك فبنت لها بيًتا للحزن
في وسطه قبيية ومييدفًنا مثييل الضييريح ثييم نقلييت
دا ل ينفعها بنافعيية
العبد وأنزلته فيه وهو ضعيف ج ً
لكنه يشرب الشييراب ،وميين اليييوم الييذي جرحتييه
فيه ما تكلم إل أنه حي لن أجله لم يفرغ فصارت
كل يوم تييدخل عليييه القبيية بكييرة وعش يًيا وتبكييي
عنده ،وتعدد عليييه وتسييقيه الشييراب والمسيياليق
حا ومساء إلى ثاني ولم تزل على هذه الحالة صبا ً
سنة وأنا أطول بالي عليهييا إلييى أن دخلييت عليهييا
ما من اليام ،على غفلة فوجدتها تبكييي وتلطييم يو ً
وجهها وتقول هذه البيات:
فإن عدمت وجودي في الورى بعد بعدكم
فؤادي ل يحب سواكم
وأين حللتم ما جسمي إلى أين ترتموا خذوا كر ً
فادفنوني حداكم
أنين وإن تذكروا اسمي عند قبري يجيبكم
عظامي عند صوت نداكم
فلما فرغت من شعرها قلت لها وسيفي مسييلول
فييي يييدي :هييذا كلم الخائنييات اللتييي يسييكرن
المعشره ،ول يحفظن الصييحة وأردت أن أضييربها
فرفعت يدي في الهواء فقامت وقييد علمييت أنييي
أنييا الييذي جييرح العبييد ثييم وقعييت علييى قييدميها
وتكلميييت بكلم ل أفهميييه ،وقيييالت جعيييل الليييه
بسييحري نصييفك حجييًرا ونصييفك الخيير بشييرًا،
فصرت كما ترى وبقيييت ل أقييوم ول أقعييد ول أنييا
ميت ول أنا حي.
فلما صرت هكذا سييحرت المدينيية ومييا فيهييا ميين
السواق والغبطان وكييانت مييدينتنا أربعيية أصييناف
مسييلمين ونصييارى ويهييود ومجييوس فسييحرتهم
سيييمكًا ،فيييالبيض مسيييلمون والحمييير مجيييوس
والزرق نصارى والصفر يهييود وسييحرت الجييزائر
الربعة جبال وأحاطتها بالبركة ،ثييم إنهييا كييل يييوم
تعذبني ،وتضربني بسوط ميين الجلييد مييائة ضييربة
حتى يسيل الدم ثم تلبسني من تحت هذه الثييياب
ثوب ًييا ميين الشييعر علييى نصييفي الفوقيياني ثييم أن
الشاب بكى وأنشد:
أنا صابر إن كان فيه صبًرا لحكمك يا إله القضا
لك الرضا قد ضقت بالسر الذي قد
فوسيلني آل النبي المرتضى نابني
فعند ذلك التفت الملك إلى الشاب وقال له :أيهييا
ما على همي ،ثييم قييال لييه :وأييين الشاب زدتني ه ً
تلك المرأة قال في المدفن الذي فيه العبيد راقيد
فييي القبيية وهييي تجيييء لييه كييل يييوم مييرة وعنييد
مجيئها تجيء إلى وتجردنييي ميين ثيييابي وتضييربني
بالسوط مئة ضربة وأنا أبكي وأصيح ولم يكن في
حركة حتى أدفعها عن نفسي ثم بعييد أن تعيياقبني
تييذهب إلييى العبييد بالشييراب والمسييلوقة بكييرة
النهار .قييال الملييك :واللييه يييا فييتى لفعليين معييك
معروًفا أذكر به وجميًل يؤرخونه سيًرا ميين بعييدي،
ثم جلس الملك يتحدث معييه إلييى أن أقبييل الليييل
ثم قام الملييك وصييبر إلييى أن جيياء وقييت السييحر
فتجرد من ثيابه وتقلد سيييفه ونهييض إلييى المحييل
الذي فيه العبد فنظر إلى الشمع والقناديييل ورأى
البخور والدهان ثم قصد العبد وضييربه فقتلييه ثييم
حمله على ظهره ورماه في بئر كانت في القصر،
ثييم نييزل ولبييس ثييياب العبييد وهييو داخييل القبيية
والسيف معه مسلول في طوله ،فبعد ساعة أتت
العاهرة الساحرة وعند دخولها جييردت ابيين عمهييا
من ثيابه وأخذت سوطًا ،وضربته فقال آه يكفيني
مييا أنييا فيييه فييارحميني فقييالت :هييل كنييت أنييت
رحمتني وأبقيت لي معشوق ،ثييم ألبسييته اللبياس
الشعر والقماش من فييوقه ثييم نزلييت إلييى العبييد
ومعها قدح الشييراب وطاسيية المسييلوقة ودخلييت
عليييه القبيية وبكييت وولييولت وقييالت :يييا سيييدي
كلمني يا سيدي حدثني وأنشدت تقول:
إن الذي فعل فإلى متى هذا التجنب والجفا
الغرام لقد كفى كم قد تطيل الهجر لي
إن كان قصدك حاسدي فقد اشتفى دا
معتم ً
ثم إنها بكييت وقييالت :يييا سيييدي كلمنييي وحييدثني
فخفض صوته ،وعوج لسانه وتكلم بكلم السودان
وقال :آه ل حييول ول قييوة إل بييالله فلمييا سييمعت
كلمه صرخت مين الفيرح وغشيي عليهيا ثيم إنهيا
اسييتفاقت وقييالت لعييل سيييدي صييحيح ،فخفييض
صوته بضعف وقال :يا عاهرة أنت ل تسييتحقي أن
أكلمك ،قالت ما سبب ذلك ،قال سببه أنك طييول
النهار تعاقبين زوجك وهو يصييرخ ويسييتغيث حييتى
أحرمتيني النوم من العشاء إلى الصباح ،ولم يزل
زوجك يتضرع ويييدعو عليييك حييتى أقلقنييي صييوته
ولول هذا لكنييت تعييافيت فهييذا الييذي منعنييي عيين
جوابك ،فقييالت عيين إذنييك أخلصييه ممييا هييو فيييه،
فقال لها :خلصيه وأريحينا فقالت :سمًعا وطاعة.
ثم قامت وخرجت من القبة إلييى القصيير وأخييذت
طاسة ملتها ميياء ثييم تكلمييت عليهييا فصييار الميياء
يغلي بالقدر ثم رشته منها وقالت :بحق مييا تلييوته
أن تخرج من هذه الصييورة إلييى صييورتك الولييى:
فانتفض الشاب وقام على قدميه ،وفرح بخلصييه
دا رسييول وقال :أشهد أن ل إله إل الله وأن محميي ً
الله صلى الله عليه وسلم ،ثم قالت له :اخرج ول
ترجع إلى هنا وإل قتلتك وصرخت في وجهه.
فخرج من بييين يييديها وعييادت إلييى القبيية ونزلييت
وقالت :يا سيدي اخرج إلييي حييتى أنظييرك ،فقييال
لها بكلم ضعيف أي شيييء فعلييتيه ،أرحييتيني ميين
الفرع ولم تريحيني من الصل ،فقييالت يييا حبيييبي
وما هييو الصييل قييال :أهييل هييذه المدينيية والربييع
جزائر كل ليليية ،إذا انتصييف الليييل يرفييع السييمك
رأسه ويدعو علي وعليك فهو سييبب منييع العافييية
عيين جسييمي ،فخلصيييهم وتعييالي خييذي بيييدي،
وأقيميني ،فقد توجهت إلى العافيية فلميا سيمعت
كلم الملك وهي تظنه العبد ،قالت له وهي فرحة
يا سيدي على رأسي وعيني بسم الله ،ثم نهضت
وقامت وهي مسرورة تجري وخرجت إلى البركيية
ل ،وأدرك شييهريار الصييباح وأخييذت ميين مائهييا قلي ً
فسكتت عن الكلم المباح.
ففي الليلة التاسعة قالت :بلغني أيهييا الملييك
السعيد أن الصبية الساحرة ،لما أخذت شيييًئا ميين
هذه البركيية وتكلمييت عليييه بكلم ل يفهييم تحييرك
السمك ،ورفييع رأسييه وصييار آدميييين فييي الحييال،
وانفك السحر عن أهل المدينيية وأصييبحت عييامرة
والسواق منصوبة ،وصار كييل واحييد فييي صييناعته
وانقلبت الجبال جزائر ،كمييا كييانت ثييم أن الصييبية
الساحرة رجعت إلى الملك في الحال وهي تظيين
أنه العبد ،وقالت ييا حبييبي نياولني ييدك الكريمية
أقبلها.
فقال الملك بكلم خفي :تقربي مني ،فييدنت منييه
وقد أخذ صارمه وطعنها به في صدرها حتى خييرج
من ظهرها ثم ضربها فشقها نصفين وخرج فوجييد
الشيياب المسييحور واقًفييا فييي انتظيياره فهنييأه
بالسييلمة وقبييل الشيياب يييده وشييكره فقييال لييه
الملك :تقعد مدينتك أن تجيء معي إلى مييدينتي؟
فقال الشاب :يا ملك الزمان أتدري ما بينك وبييين
مدينتك؟ فقال يومان ونصف فعنييد ذلييك قييال لييه
مييا فاسييتيقظ إن بينييك وبييين الشاب :إن كنييت نائ ً
مدينتك سنة للمجد وما أتيت فييي يييومين ونصييف
إل لن المدينة كانت مسحورة وأنييا أيهييا الملييك ل
أفارقك لحظة عين.
ففرح الملك بقوله ثم قال الحمييد للييه الييذي ميين
علي بك فأنت ولدي لني طييول عمييري لييم أرزق
حا شديدًا ،ثم مشيا حتى ولدًا .ثم تعانقا وفرحا فر ً
وصل إلى القصر وأخبر الملك الذي كان مسييحوًرا
أرباب دولته أنه مسافر إلى الحج الشييريف فهيئوا
له جميع ما يحتياج إليييه ثيم تيوجه هيو والسييلطان
وقلب السلطان ملتهب علييى مييدينته حيييث غيياب
كا ومعييه عنها سنة .ثم سافر ومعه خمسون مملو ً
الهدايا ،ولم يزال مسافرين ليًل ونهاًرا سنة كامليية
حتى أقبل على مدينة السلطان.
فخرج الوزير والعساكر بعدما قطعوا الرجيياء منييه
وأقبلت العساكر وقبلييت الرض بييين يييديه وهنييؤه
بالسلمة فدخل وجلس علييى الكرسييي ثييم أقبييل
على الوزير وأعلمه بكل مييا جييرى علييى الشيياب،
فلمييا سييمع الييوزير مييا جييرى علييى الشيياب هنييأه
بالسلمة.
ولمييا اسييتقر الحييال أنعييم السييلطان علييى أنيياس
كثيرون ،ثم قال للييوزير علييي بالصييياد الييذي أتييى
بالسمك فأرسل إلى ذلك الصياد الذي كييان سييبًبا
لخلص أهل المدينة فأحضره وخلييع عليييه وسييأله
عن حاله وهل له أولد فأخبره أن لييه ابن ًييا وبنييتين
فيييتزوج المليييك بإحيييدى بنيييتيه وتيييزوج الشييياب
بيييالخرى .،وأخيييذ المليييك البييين عنيييده وجعليييه
خازندارا ،ثم أرسل الوزير إلى مدينة الشاب التي
هي الجزائر السود وقلده سييلطنتها وأرسييل معييه
الخمسين مملوكا الييذين جيياؤوا معييه وكييثيرا ميين
الخلع لسييائر المييراء .فقبييل الييوزير يييديه وخييرج
مسافرا واستقر السلطان والشاب .وأمييا الصييياد
فييإنه قييد صييار أغنييى أهييل زمييانه وبنيياته زوجييات
الملوك إلى أن أتاهم الممييات ،ومييا هييذا بييأعجب
مما جرى للحمال.
]عدل[ حكاية الحمال مع البنات
فإنه كان إنسييان ميين مدينيية بغييداد وكييان حمييا ً
ل.
ما ميين اليييام متكًئا علييى فبينما هو في السوق يو ً
قفصه إذ وقفت عليه امرأة ملتفية بيإزار موصيلي
من حرير مزركش بالذهب وحاشيييتاه ميين قصييب
فرفعييت قناعهييا فبييان ميين تحتييه عيييون سييوجاء
بأهييداب وأجفييان وهييي ناعميية الطييراف كامليية
الوصاف ،وبعييد ذلييك قييالت بحلوة لفظهييا :هييات
قفصك واتبعنييي .فحمييل الحمييال القفييص وتبعهييا
إلى أن وقفت على باب دار فطرقت الباب فنزل
لييه رجييل نصييراني ،فييأعطته دينيياًرا وأخييذت منييه
مقداًرا من وضعته في القفص وقالت لييه :احملييه
واتبعني ،فقال الحمال :هذا والله نهار مبارك .ثييم
حمل القفص وتبعها فييوقفت عنييد دكييان فاكهيياني
حييا شييامًيا وسييفرجًل عثمانًيييا واشييترت منييه تفا ً
خا عماني ًييا وياسييميًنا حلبي ًييا وبنييو فييراده شييقًيا
وخو ً
وخييياًرا نيلي ًييا وليمون ًييا مصييرًيا وتميير حنييا وشييقائق
جا ووضييعت الجميييع فييي قفييص النعمييان وبنفس ي ً
الحمييال وقييالت لييه :احمييل ،فحمييل وتبعهييا حييتى
وقفت على جزار وقالت له :اقطع عشرة أرطييال
لحميية فقطييع لهييا ،ولفييت اللحييم فييي ورق مييوز
ووضعته في القفص وقالت لييه :احمييل يييا حمييال
فحمل وتبعها ،ثم وقفت على النقلي وأخذت ميين
سائر النقل وقالت للحمال :احمل واتبعني فحمل
القفص وتبعها إلى أن وقفت على دكان الحلواني
واشترت طبًقا وملته جميع ما عنييده ميين مشييبك
وقطييايف وميمونيية وأمشيياط وأصييابع ولقيمييات
القاضي ووضعت جميع أنواع الحلوة فييي الطبييق
ووضعته في القفص .فقال الحمييال :لييو أعلمتنييي
لجئت معييي ببغييل تحمييل عليييه هييذه الشييياء،
فتبسمت .ثم وقفت علييى العطييار واشييترت منييه
عشرة مياه ميياء ورد وميياء زهيير وخلفييه وأخييذت
قدًرا من السكر وأخذت ماء ورد ممسييك وحصييى
كا وأخييذت شييمًعا لبييان ذكيير وعييودا عنييبر ومسيي ً
اسكندرانًيا ووضعت الجميييع فييي القفييص وقييالت
للحمال :احمل قفصييك واتبعنييي ،فحمييل القفييص
وتبعهييا إلييى أن أتييت داًرا مليحيية وقييدامها رحبيية
فسيحة وهي عالية البنيييان مشيييدة الركييان بابهييا
صنع من البنوس مصفح بصفائح الييذهب الحميير،
فوقفت الصبية على الباب ودقت دقًييا لطيًفييا وإذا
بالباب انفتح بشقتيه.
فنظر الحمييال إلييى ميين فتييح لهييا البيياب فوجييدها
صبية رشيقة القد قاعدة النهد ذات حسن وجمال
وقد واعتدال وجبين كثغرة الهلل وعيييون كعيييون
الغييزلن وحييواجب كهلل رمضييان وخييدود مثييل
شقائق النعمان وفم كخاتم سليمان ووجه كالبييدر
فييي الشييراق ونهييدين كرمييانتين وبطيين مطييوي
تحيت الثيياب كطيي السيجل للكتياب .فلميا نظير
الحمال إليها سلبت عقله وكاد القفص أن يقع من
فوق رأسه ،ثم قال :مييا رأيييت عمييري أبييرك ميين
هذا النهار ،فقالت الصبية البوابة للدللة والحمييال
مرحبا وهي من داخل البيياب ومشييوا حييتى انتهييوا
إلى قاعة فسيييحة مزركشيية مليحيية ذات تراكيييب
وشاذر وأثاث ومصاطب وسييدلت وخييزائن عليهييا
الستور مرخيات ،وفي وسييط القاعيية سييرير ميين
المرميير مرصييع بالييدر والجييوهر منصييوب عليييه
ناموسية من الطلس الحميير وميين داخلييه صييبية
بعيون بابلية وقامة ألفييية ووجييه يخجييل الشييمس
المضيئة ،فكأنها بعض الكييواكب الدرييية أو عقيليية
عربية كما قال فيها الشاعر:
أضحى من قاس قدك بالغصن الرطيب فقد
القياس به زوًرا وبهتانا الغصن أحسن ما تلقاه
وأنت أحسن ما تلقاه عريانا مكتسًبا
فنهضت الصبية الثالثة من فوق السرير وخطييرت
قليًل إلى أن صارت في وسط القاعة عنييد أختيهييا
وقالت :ما وقوفهم ،حطوا عن رأس هييذا الحمييال
المسكين ،فجاءت الدللة من قدامه والبوابة ميين
خلفه ،وساعدتهما الثالثيية وحططيين عيين الحمييال
وأفرغن مييا فييي القفييص وصييفوا كييل شيييء فييي
محله وأعطين الحمال دينارين وقلن له :تييوجه يييا
حمال ،فنظر إلى البنات وما هن فيه من الحسيين
والطبائع الحسان فلم ير أحسن منهن ولكن ليس
عنييدهن رجييال .ونظيير مييا عنييدهن ميين الشييراب
والفواكه والمشمومات وغييير ذلييك فتعجييب غاييية
العجب ووقف عن الخروج ،فقالت له الصبية :مييا
بالك ل تروح؟ هل أنت استقللت الجرة ،والتفتت
إلى أختهيا وقيالت لهيا :أعطييه دينياًرا آخير فقيال
الحمال :والله يا سيداتي إن أجرتي نصييفان ،ومييا
استقللت الجرة وإنما اشتغل قلييبي وسييري بكيين
وكيف حالكن وأنتن وحدكن وما عندكن رجييال ول
أحد يؤانسكن وأنتن تعرفن أن المنارة ل تثبييت إل
علييى أربعيية وليييس لكيين رابييع ،ومييا يكمييل حييظ
النساء إل بالرجال كما قال الشاعر:
جنك وعود انظر إلى أربع عندي قد اجتمعت
وقانون ومزمار
أنتن ثلثة فتفتقرن إلى رابع يكون رجًل عاقًل لبيًبا
ما فقلن له :نحن بنات ونخيياف حاذًقا وللسرار كات ً
أن نودع السر عند من ل يحفظه ،وقيد قرأنيا فيي
الخبار شعرا ً:
من أودع السر صن عن سواك السر ل تودعنه
فقد ضيعه
فلما سييمع الحمييال كلمهيين قييال :وحييياتكن أنييي
رجل عاقل أمين قرأت الكتب وطالعت التواريييخ،
أظهيير الجميييل وأخفييي القبيييح وأعمييل بقييول
الشاعر:
والسر عند خيار ل يكتم السر إل كل ذي ثقة
الناس مكتوم السر عندي في بيت له
ضاعت الفاتحة والباب مختوم غلق
فلما سمعت البنات الشعر والنظام وما أبداه ميين
الكلم قلن لييه :أنييت تعلييم أننييا غرمنييا علييى هييذا
المقام جملة من المال فهل معييك شيييء تجازينييا
به ،فنحن ل ندعك تجلس عندنا حتى تغرم مبلغنييا
من المييال لن خيياطرك أن تجلييس عنييدنا وتصييير
نديمنا وتطلع على وجوهنا الصباح الملح .فقييالت
صيياحبة الييدار :وإذا كييانت بغييير المييال محبيية فل
تساوي وزن حبيية ،وقييالت البوابيية إن يكيين معييك
شيء رح بل شيء فقالت الدلليية يييا أخييتي نكييف
عنه فوالله ما قصر اليوم معنا ولو كييان غيييره مييا
طول روحه علينييا ومهمييا جيياء عليييه أغرمييه عنييه.
ففرح الحمال وقال والله ما اسييتفتحت بالييدراهم
إل منكن ،فقلن لييه اجلييس علييى الييرأس والعييين
وقامت الدلليية وشييدت وسييطها وصييبت القنيياني
وروقت المدام وعملت الخضرة على جانب البحر
وأحضرت ما يحتيياجون إليييه ثييم قييدمت وجلسييت
هي وأختها وجلس الحمييال بينهيين وهييو يظيين أنييه
في المنييام .ولييم يييزل الحمييال معهيين فييي عنيياق
وتقبيل وهذه تكلمه وهذه تجذبه وهذه بالمشييموم
تضربه وهو معهن حييتى لعبييت الخمييرة بعقييولهم.
فلما تحكم الشراب معهم قامت البوابة وتجييردت
من ثيابها وصارت عريانة ثم رمت نفسها في تلك
البحيرة ولعبت في الماء وأخذت الماء فييي فمهييا
وبخييت الحمييال ثييم غسييلت أعضيياءها ومييا بييين
فخذيها ثم طلعييت ميين الميياء ورمييت نفسييها فييي
حجر الحمال وقييالت لييه يييا حبيييبي مييا اسييم هييذا
وأشارت إلى فرجها.
فقييال الحمييال رحمييك ،فقييالت يييوه أمييا تسييتحي
ومسكته من رقبته وصارت تصييكه فقييال فرجييك،
فقالت غيييره فقييال :كسييك ،فقييالت غيييره فقييال
زنبورك ،فلم تزل تصيكه حييتى ذاب قفيياه ورقبتييه
من الصك ،ثم قال لها وما اسمه فقالت له :حبييق
الجسور ،فقال الحمد لله علييى السييلمة يييا حبييق
الجسور .ثم أنهم أداروا الكأس والطاس .فقامت
الثانييية وخلعييت ثيابهييا ورمييت نفسييها فييي تلييك
البحيييرة وعملييت مثييل الولييى وطلعييت ورمييت
نفسها فييي حجيير الحمييال ،وأشييارت إلييى فرجهييا
وقالت له نييور عينييي مييا اسييم هييذا قييال فرجييك،
فقالت له :ما يقبح عليك هييذا الكلم وصييكته كفييا
طن له سائر ما في القاعة فقييال حبييق الجسييور،
فقالت له :ل ،والضرب والصك من قفاه فقال لها
ومييا اسييمه فقييالت لييه السمسييم المقشييور .ثييم
قامت الثالثة وخلعت ثيابهييا ونزلييت تلييك البحيييرة
وفعلت مثيل مين قبلهيا ثيم لبسيت ثيابهيا وألقيت
ضييا مييا اسييم
نفسها في حجر الحمال وقالت له أي ً
هذا وأشارت إلى فرجها ،فصار يقول لها كذا وكذا
إلى أن قال لها وهييي تضييربه ومييا اسييمه فقييالت
خان أبي منصور .ثم بعد ساعة قام الحمال ونييزع
ثيابه ونزل البحيرة وذكره يسبح في الماء وغسييل
مثل ما غسلن .ثم طلييع ورمييى نفسييه فييي حجيير
سيدتهن ورمى ذراعيييه فييي حجيير البوابيية ورمييى
رجليه في حجر الدللة ثم أشار إلى أيييره ،وقييال:
يا سيدتي ما اسم هذا فضييحك الكييل علييى كلمييه
حييتى انقلبيين علييى ظهييورهن وقليين زبييك قييال ل
وأخذ من كل واحدة عضة قلن أيرك قال ل ،وأخذ
ميين كييل واحييدة حضيينًا .وأدرك شييهرزاد الصييباح
فسكتت عن الكلم المباح.
و في الليلة العاشرة قالت لها أختهييا دنيييازاد:
يا أختي أتمي لنا حييديثك قييالت حب ًييا وكراميية :قييد
بلغني أيها الملك السعيد أنهن لم يزلن يقلن زبك،
أيرك وهو يقبييل ويعييانق وهيين يتضيياحكن إلييى أن
قلن لييه ومييا اسييمه قييال :اسييمه البغييل الجسييور
الييذي رعييى حبييق الجسييور ويلعييق السمسييم
المقشور ويبيت فييي خييان أبييي منصييور فضييحكن
حييتى اسييتلقين علييى ظهييورهن ثييم عييادوا إلييى
منادمتهم ولييم يزالييوا كييذلك إلييى أن أقبييل الليييل
عليهم فقلن للحمال توجه وأرنا عرض أكتافك.
فقييال الحمييال واللييه خييروج الييروح أهييون ميين
الخروج من عندكن ،دعونا نصل الليل بالنهار وكل
منا يروح في حال سييبيله فقييالت الدلليية بحييياتي
عندكن تدعنه ينام عندنا نضييحك عليييه فييإنه خليييع
ظريف فقليين لييه :تييبيت عنييدنا بشييرط أن تييدخل
تحت الحكييم ومهمييا رأيتييه ل تسييأل عنييه ول عيين
سببه ،فقالت نعم ،فقلن قم واقرأ ما على البيياب
مكتوبًا ،فقام إلى الباب فوجييد مكتوب ًييا عليييه بميياء
الييذهب :ل تتكلييم فيمييا ل يعنيييك تسييمع مييا ل
يرضيك.
فقال الحمال اشهدوا أني ل أتكلم فيما ل يعنينييي،
ثم قامت الدللة وجهزت لهييم مييأكوًل ثييم أوقييدوا
الشمع والعود وقعدوا فييي أكييل وشييرب وإذا هييم
سييمعوا دق البيياب فلييم يختييل نظييامهم فقييامت
واحدة منهن إلييى البيياب ثييم عييادت وقييالت كمييل
صفاؤنا في هذه الليلة لنييي وجييدت بالبيياب ثلثيية
أعجام ذقونهم محلوقة وهم عور بييالعين الشييمال
وهذا ميين أعجييب التفيياق ،وهييم نيياس غربيياء قييد
حضروا من أرض الروم ولكل واحييد منهييم شييكل
وصورة مضحكة ،فإن دخلوا نضييحك عليهييم .ولييم
تييزل تتلطييف بصيياحبتيها حييتى قالتييا لهييا دعيهييم
يدخلون واشترطي عليهم أن ل يتكلموا في مييا ل
يعنيهم فيسمعوا ما ل يرضيييهم .ففرحييت وزاحييت
ثيم عيادت ومعهيا الثلثية العيور ذقيونهم محلوقية
وشيييواربهم مبرومييية ممشيييوقة وهيييم صيييعاليك
فسلموا فقام لهم البنات وأقعدوهم فنظر الرجال
الثلثة إلى الحمال فوجدوه سييكران فلمييا عيياينوه
ظنوا أنه منهم وقالوا :هو صعلوك مثلنا يؤانسنا.
فلما سمع الحمييال هييذا الكلم قييام وقلييب عينيييه
وقال لهم :اقعدوا بل فضول أمييا قرأتييم مييا علييى
الباب فضحك البنات وقليين لبعضييهن إننييا نضييحك
علييى الصييعاليك والحمييال ،ثييم وضييعن الكييل
للصييعاليك فييأكلوا ثييم جلسييوا يتنييادمون والبوابيية
تسقيهم.
ولما دار الكأس بينهم قييال الحمييال للصييعاليك يييا
إخواننييا هييل معكييم حكاييية أو نييادرة تسييلوننا بهييا
فديت فيهم الحرارة وطلبوا آلت اللهو فأحضييرت
لهم البوابة فلموصليا وعوًدا عراقًيا وجنك ًييا عجمي ًييا
فقام الصعاليك واقفين وأخذ واحييد منهييم الييدف،
وأخذ واحد العود ،وأخذ واحد الجنييك وضييربوا بهييا
وغنت البنات وصار لهييم صييوت عييال .فبينمييا هييم
كذلك وإذا بطارق يطييرق البيياب ،فقييامت البوابيية
لتنظر من بالباب وكان السبب فييي دق البيياب أن
في تلك الليلة نزل هارون الرشيد لينظيير ويسييمع
ما يتجدد من الخبييار هييو وجعفيير وزيييره وسييياف
نقمته ،وكان من عادته أن يتنكر في صفة التجييار،
فلما نزل تلك الليليية ومشييى فييي المدينيية جيياءت
طريقهم على تلييك الييدار فسييمعوا آلت الملهييي
فقال الخليفة جعفر هؤلء قييوم قييد دخييل السييكر
فيهم ونخشى أن يصيبنا منهم شر ،فقال ل بد من
دخولنا وأريد أن نتحيل حييتى نييدخل عليهييم فقييال
جعفر :سمًعا وطاعة.
ثييم تقييدم جعفيير وطييرق البيياب فخرجييت البوابيية
وفتحت الباب ،فقال لها :يا سيدتي نحن تجار ميين
طبرية ولنا فييي بغييداد عشييرة أيييام ومعنييا تجييارة
ونحن نازلون في خييان التجييار وعييزم علينييا تيياجر
ما فأكلنا في هذه الليلة فدخلنا عنده وقدم لنا طعا ً
ثم تنادمنييا عنييده سيياعة ،ثييم أذن لنييا بالنصييراف
فخرجنا بالليل ونحن غرباء فتهنا عن الخييان الييذي
نحن فيه فنرجييو ميين مكييارمكم أن تييدخلونا هييذه
الليلة نبيت عندكم ولكم الثييواب فنظييرت البوابيية
إليهيييم فوجيييدتهم بهيئة التجيييار وعليهيييم الوقيييار
فدخلت لصاحبتيها وشاورتهما فقالتا لها أدخليهم.
فرجعت وفتحت لهم البيياب فقييالوا نييدخل بإذنييك،
قالت ادخلوا فدخل الخليفة وجعفر ومسرور فلما
أتتهييم البنييات قميين لهييم وخييدمنهم وقليين مرحب ًييا
وأهًل وسييهًل بضيييوفنا ،ولنييا عليكييم شييرط أن ل
تتكلموا فيمييا ل يعنيكييم فتسييمعوا مييا ل يرضيييكم
قالوا نعم .وبعد ذلك جلسييوا للشييراب والمنادميية
فنظر الخليفة إلى الصعاليك الثلثة فوجدهم عييور
العين الشمال فتعجب منهم ونظر إلى البنات وما
هييم فيييه ميين الحسيين والجمييال فتحييير وتعجييب،
واسييتمر فييي المنادميية والحييديث وأتييين الخليفيية
بشراب فقال أنا حاج وانعزل عنهم.
فقييامت البوابيية وقييدمت لييه سييفرة مزركشيية
ووضعت عليها بمطية من الصيييني وسييكبت فيهييا
ماء الخلف وأرخت فيه قطعة من الثلييج ومزجتييه
بسكر فشكرها الخليفة وقال في نفسييه ل بييد أن
أجازيها في غد على فعلهييا ميين صيينيع الخييير ،ثييم
اشتغلوا بمنييادمتهم ،فلمييا تحكييم الشييراب قييامت
صيياحبة الييبيت وخييدمتهم ،ثييم أخييذت بيييد الدلليية
وقالت :يا أختي قومي بمقتضى ديننييا فقييالت لهييا
نعم ،فعند ذلك قامت البوابة وأطلعييت الصييعاليك
خلف البواب قدامهن وذلك بعد أن أخلييت وسييط
القاعة ونادين الحمال وقلن له :ما أقل مودتك ما
أنت غريب بل أنت من أهل الدار.
فقام الحمال وشد أوسطه وقييال :ميا تييردن فليين
تقف مكانييك ،ثييم قييامت الدلليية وقييالت للحمييال
سيياعدني ،فييرأى كلبييتين ميين الكلب السييود فييي
رقبتيهما جنازير فأخذهما الحمال ودخل بهما إلييى
وسط القاعة فقامت صاحبة المنزل وشمرت عن
طا وقالت للحمال قوم كلبة معصميها وأخذت سو ً
منهما فجرها في الجنزييير وقييدمها والكلبيية تبكييي
وتحرك رأسها إلى الصييبية فنزلييت عليهييا الصييبية
بالضرب علييى رأسييها والكلبيية تصييرخ ومييا زالييت
تضربها حتى كلت سواعدها فرمييت السييوط ميين
يييدها ثييم ضييمت الكلبيية إلييى صييدرها ومسييحت
دموعهييا وقبلييت رأسييها ثييم قييالت للحمييال ردهييا
وهات التالية ،فجاء بها وفعلت بها مثل مييا فعلييت
بالولى.
فعنييد ذلييك اشييتعل قلييب الخليفيية وضيياق صييدره
وغمز جعفر أن يسألها ،فقال له بالشارة اسكت،
ثم التفتت صاحبة البيت للبوابة وقالت لها :قومي
لقضاء ما عليك قالت نعييم .ثييم إن صيياحبة الييبيت
صعدت على سرير ميين المرميير مصييفح بالييذهب
والفضة وقالت البوابة والدللة ائتيييا بمييا عنييدكما،
فأما البوابة فإنها صعدت على سرير بجانبها وأمييا
سييا
عا وأخرجييت منييه كي ً الدللة فإنها دخلييت مخييد ً
من الطلس بأهداب خضر ووقفييت قييدام الصييبية
صيياحبة المنييزل ونفضييت الكيييس وأخرجييت منييه
دا وأصلحت أوتاره وأنشدت هذه البيات: عو ً
وخبروني ردوا على جفني النوم الذي سلبا
بعقلي آية ذهبا
إن المنام على علمت لما رضيت الحب منزلة
جفني قد غصبا
أغواك قلت قالوا عهدناك من أهل الرشاد فما
اطلبوا من لحظة السببا
أقول حملته إني له عن دمي المسفوك معتذر
في سفكه تعبا
فعكسها ألقى بمرآة فكري شمس صورته
شب في أحشائي اللهبا
أجرى بقيته من صاغه الله من ماء الحياة وقد
في ثغره شنبا
إل شكى أو ماذا ترى في محب ما ذكرت له
بكى أو حن أو أطربا
رام الشراب يرى خيالك في الماء الذلل إذا
فيروى وهو ما شربا
وأنشدت أيضا ً:
ومال بالنوم سكرت من لحظه ل من مدامته
عن عيني تمايله
وما الشمل فما السلف سلتني بل سوالفه
شلتني بل شمائله
و غال عقلي بما لوي بعزمي أصداع لوين له
نحوى غلئله
فلما سمعت الصبية ذلك ،قييالت طيبييك اللييه ،ثييم
شقت ثيابهييا ووقعييت علييى الرض مغشيًيا عليهييا،
فلمييا نكشييف جسييدها رأى الخليفيية أثيير ضييرب
المقارع والسياط فتعجب من ذلييك غاييية العجييب
فقامت البوابة ورشييت الميياء علييى وجههييا وأتييت
إليها بحلة وألبستها إياها ،فقال الخليفة لجعفر أما
تنظر إلى هذه المرأة وما عليها من أثيير الضييرب،
فأنا ل أقدر أن أسكت علييى هييذا ومييا أسييتريح إل
إن وقفت على حقيقة خييبر هييذه الصييبية وحقيقيية
خبر هيياتين الكلبييتين ،فقييال جعفيير :يييا مولنييا قييد
طا وهو أن ل نتكلم فيما ل يعنينا شرطوا علينا شر ً
فنسمع ما ل يرضييينا ،ثييم قييامت الدلليية فأخييذت
العييود وأسييندته إلييى نهييدها ،وغمزتييه بأناملهييا
وأنشدت تقول:
أو تلفنا شوًقا إن شكونا الهوى فماذا تقول
فماذا السبيل
ما يؤدي شكوى أو بعثنا رسًل نترجم عنا
المحب رسول
بعد فقد الحباب إل أو صبرنا فما لنا من بقاء
قليل
عا على الخدود ودمو ً ليس إل تأسًفا ثم حزًنا
تسيل
وعم في الفؤاد أيها الغائبون عن لمح عيني
مني حلول
ليس عنه هل حفظتم لدى الهوى عهد صب
مدى الزمان يحول
شفه فبكم الضنى أم نسيتم على التباعد صبا
والنحول
من لدن وبنا حساًبا وإذا الحشر ضمنا أتمنى
يطول
فلما سمعت المييرأة الثانييية شييعر الدلليية شييقت
ثيابها كما فعلت الولى وصرخت ثم ألقت نفسييها
على الرض مغشًيا عليها ،فقامت الدللة وألبستها
حليية ثانييية بعييد أن رشييت الميياء علييى وجههييا ثييم
قامت المرأة الثالثة وجلست على سييرير وقييالت
للدللة غني ليي ل فيي دينيي فميا بقيي غيير هيذا
الصييوت فأصييلحت الدلليية العييود وأنشييدت هييذه
البيات:
فلقد جوى فإلى متى هذا الصدود وذا الجفا
من أدمعي ما قد كفى
إن كان قصدك دا
كم قد أطلت الهجر لي معتم ً
حاسدي فقد اشتفى
ما كان يوم لو أنصف الدهر الخؤون لعاشق
العواذل منصفا
يا خيبة الشاكي فلمن أبوح بصبوتي يا قاتلي
إذا فقد الوفا
فمتى وعدت ول ويزيد وجدي في هواك تلهًفا
رأيتك مخلفا
ألف الشهادة لديه يا مسلمون خذوا بنار متيم
طرف ما غفا
ويكون غيري أيحل في شرع الغرام تذللي
بالوصال مشرفا
وغدا عذولي في ولقد كلفت بحبكم متلذًذا
الهوى متكلفا
فلمييا سييمعت المييرأة الثالثيية قصيييدتها صييرخت
وشقت ثيابها وألقييت نفسييها علييى الرض مغشيًيا
عليهييا فلمييا انكشييف جسييدها ظهيير فيييه ضييرب
المقارع ،مثل من قبلها فقييال الصييعاليك ليتنييا مييا
دخلنا هذه الدار وكنا بتنا على الكيمان ،فقد تكييدر
مبيتنا هنا بشييء يقطيع الصيلب فيالتفت الخليفية
إليهم وقال لهم لم ذلييك قييالوا قييد اشييتغل سييرنا
بهذا المر فقال الخليفة أما أنتم ميين هييذا الييبيت،
قييالوا ل ول ظننييا هييذا الموضييع إل للرجييل الييذي
عندكم .فقال الحمال والله ما رأيت هذا الموضييع
إل هذه الليلة وليتني بت على الكيمييان ولييم أبييت
فيه.
فقال الجميع نحن سبعة رجييال وهيين ثلث نسييوة
وليس لهن رابعة فنسييألهن عيين حييالهن فييإن لييم
ها واتفق الجميع على ذلييك، عا أجبننا كر ً
يجبننا طو ً
فقييال جعفيير مييا هييذا رأي سييديد دعييوهن فنحيين
طا فنييوفي ضيوف عندهن وقد شرطن علينا ،شيير ً
به ولم يبق من الليل إل القليل وكييل منييا يمضييي
إلى حال سبيله ،ثم إنه غمز الخليفة وقال ما بقي
غييير سيياعة ،وفييي غييد تحضييرهن بييين يييديك،
فتسألهن عن قصتهن فأبى الخليفة وقال لم يبييق
لي صبر عن خبرهن وقد كثر بينهن القيل والقال،
ثم قالوا ومن يسألهن فقييال بعضييهم الحمييال ثييم
قال لهم النساء يا جماعة في أي شيء تتكلمون.
فقال الحمال لصاحبة البيت وقال لهييا يييا سيييدتي
سألتك بالله وأقسم عليك به أن تخبرينا عن حييال
الكلبتين ،وأي سبب تعاقبيهما ثييم تعييودين تبكييين،
وتقبليهمييا وأن تخبرينييا عيين سييبب ضييرب أختييك
بالمقييارع وهييذا سييؤالنا والسييلم فقييالت صيياحبة
المكان للجماعيية مييا يقييوله عنكييم فقييال الجميييع
نعم ،إل جعفر فإنه سكت.
فلمييا سييمعت الصييبية كلمهييم قييالت واللييه لقييد
آذيتمونا يا ضيوفنا ،الذية البالغيية ،وتقييدم لنييا أننييا
شرطنا عليكم أن من تكلم فيما ل يعنيه ،سمع ما
ل يرضيه أما كفا أننا أدخلناكم منزلنييا وأطعمنيياكم
زادنا ولكن ل ذنب لكم وإنما الذنب لمن أوصييلكم
إلينا ثم شمرت عن معصمها وضربت الرض ثلث
ضربات وقالت عجلوا.
وإذا بباب خزانة قد فتح وخييرج منهييا سييبعة عبيييد
بأيديهم سيوف مسلولة وقالت كتفوا هؤلء الييذين
كثر كلمهم واربطوا بعضهم ببعض ففعلييوا وقييالوا
أيتها المخدرة ائذني لنا في ضرب رقابهم ،فقالت
أمهلييوهم سيياعة حييتى أسييألهم عيين حييالهم قبييل
ضرب رقابهم ،فقييال الحمييال بييالله يييا سيييدتي ل
تقتليني بذنب الغير فإن الجميييع أخطييأوا ،ودخلييوا
في الذنب ،إل أنا والله لقد كييانت ليلتنييا طيبيية لييو
سلمنا من هؤلء الصعاليك الذين لو دخلييوا مدينيية
عامرة لخربوها ،ثم أنشد يقول:
ل سيما عن غير ما أحسن الغفران من قادر
ل تقتلي الول ذي ناصر بحرمة الود الذي بيننا
بالخر
فلمييا فييرغ الحمييال ميين كلمييه ضييحكت الصييبية،
وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم
المباح.
والليلة الحادية عشرة قالت :بلغني أيها الملك
السعيد أن الصبية لما ضحكت بعد غيظها ،أقبلييت
على الجماعة وقالت أخبروني بخييبركم فمييا بقييي
ميين عمركييم إل سيياعة ولييول أنتييم أعييزاء فقييال
الخليفة ويلك يا جعفر عرفها بنييا وإل تقتلنييا فقييال
جعفر من بعض ما نسييتحق ،فقييال لييه الخليفيية ل
ينبغي الهزل في وقت الجد كل منهم له وقت ثييم
أن الصبية أقبلت على الصعاليك ،وقالت لهم هييل
أنتييم أخييوة فقييالوا ل واللييه مييا نحيين إل فقييراء
الحجام.
فقالت لواحد منهم هل أنت ولدت أعييور فقييال ل
والله وإنما جرى لي أمر غريب حيت تلفت عينييي
ولهذا المر حكاية لو كتبت بالبر على أماق البصر
لكانت عبرة لمن اعتييبر ،فسييألت الثيياني والثيالث
فقال لها مثل الول ثم قالوا أن كييل منييا ميين بلييد
وأن حديثنا عجيب وأمرنا غريب ،فيالتفتت الصيبية
لهم ،وقالت كيل واحيد منكيم يحكيي حكيايته وميا
سيبب مجيئه إليى مكاننيا ثيم يمليس عليى رأسيه
ويروح إلى حال سبيله فييأول ميين تقييدم الحمييال،
فقييال يييا سيييدتي أنييا رجييل حمييال حملتنييي هييذه
الدللة وأتت بي إلى هنا وجرى لي معكم ما جرى
وهييذا حييديثي والسييلم ،فقييالت لييه ملييس علييى
رأسييك وروح فقييال واللييه مييا أروح حييتى أسييمع
حديث رفقائي.
فتقدم الصييعلوك الول وقييال لهييا يييا سيييدتي ،إن
سبب حلق ذقني وتلف عيني أن والدي كان مل ً
كييا
كا على مدينة أخييرى واتفييق وله أخ وكان أخوه مل ً
أن أمييي ولييدتني فييي اليييوم الييذي ولييد فيييه ابيين
عمي ،ثم مضت سنون وأعوام ،وأيام حييتى كبرنييا
وكنت أزور عمي في بعيض السينين وأقعيد عنيده
أشهر عديدة فزرته مييرة فييأكرمني غاييية الكييرام
وذبييح لييي الغنييام وروق لييي المييدام وجلسيينا
للشراب فلما تحكم الشراب فينا قال ابن عمييي:
يا ابن عمي إن لي عندك حاجيية مهميية فاسييتوثق
مني باليمان العظييام ونهييض ميين وقتييه وسيياعته
ل ،ثم عيياد وخلفييه امييرأة مزينيية مطيبيية وغاب قلي ً
وعليها من الحلل ما يساوي مبلًغا عظيما ً.
فالتفت إلي والمرأة خلفه ،وقال خذ هييذه المييرأة
واسييبقني علييى الجبانيية الفلنييية ووصييفها لييي
فعرفتها وقال ادخييل بهييا التربيية وانتظرنييي هنيياك
فلم يمكني المخالفيية ولييم أقييدر علييى رد سييؤاله
لجل الذي خلفته فأخذت المرأة وسييرت إلييى أن
دخلت التربة أنا وإياهيا فلميا اسيتقر بنيا الجليوس
جاء ابن عمي ومعه طاسة فيهييا ميياء وكيييس فيييه
جبس وقدوم ثم إنه أخييذ القييدوم وجيياء إلييى قييبر
في وسط التربة ففكه ونقض أحجاره إلييى ناحييية
التربة ،ثم حفر بالقدوم فييي الرض ،حييتى كشييف
عيين طييابق قييدر البيياب الصييغير فبييان ميين تحييت
الطابق سلم معقود.
لم ألتفت إلى المرأة بالشارة وقال لها دونك وما
تختارين به فنزلت المرأة علييى ذلييك السييلم ،ثييم
التفت إلي وقال يا ابيين عمييي تمييم المعييروف إذا
نزلت أنا في ذلك الموضع فرد الطييابق ورد عليييه
التراب كما كان وهذا تمام المعروف وهذا الجبس
الذي في الكيس وهييذا الميياء الييذي فييي الطاسيية
أعجن منه الجبس وجبس القبر فييي دائر الحجييار
كما كان أول حتى ل يعرفه أحد ول يقول هذا فتح
جديد وتطيينه عتق لن لي سنة كاملة ،وأنا أعمل
فيه ،وما يعلم به إل الله وهذه حاجتي عنييدك ،ثييم
قال لي ل أوحش الله منك ،يا ابن عمي ،ثم نييزل
على السلم.
فلما غاب عني قمت ورددت الطييابق وفعلييت مييا
أمرني به حتى صار القبر كما كان ثم رجعت إلييى
قصر عمي ،وكان عمي في الصيد والقنص فنمت
تلييك الليليية فلمييا أصييبح الصييباح تييذكرت الليليية
الماضييية ومييا جييرى فيهييا بينييي وبييين ابيين عمييي
وندمت على ما فعلييت معييه حيييث ل ينفييع النييدم،
وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم
المباح.
و في الليلة الثانية عشرة قالت :بلغنييي أيهييا
الملييك السييعيد أن الصييعلوك قييال للصييبية ثييم
خرجييت إلييى المقييابر وفتشييت علييى التربيية فلييم
أعرفها ولم أزل أفتش حتى أقبل الليل ولييم أهتيد
إليها فرجعت إلى القصر لم آكل ولم أشرب وقييد
اشتغل خاطري بابن عمي ميين حيييث ل أعلييم لييه
دا وبييت ليلييتي مغموميًا، مييا شييدي ً حاًل فاغتممت غ ً
إلى الصييباح فجئت ثاني ًييا إلييى الجبانيية وأنييا أتفكيير
فيما فعله ابن عمي ،ونييدمت علييى سييماعي منييه
وقد فتشت فييي الييترب جميعًييا فلييم أعييرف تلييك
التربة ،ول رمت التفتيش سبعة أيييام فلييم أعييرف
له طريقا ً.
فزاد بي الوسواس حتى كدت أن أجيين فلييم أجييد
جييا دون أن سييافرت ،ورجعييت غليييه ،فسيياعة فر ً
وصولي إلى مدينة أبي نهض إلى جماعة من بيياب
المدينة وكتفييوني فتعجبييت كيل العجيب إنييي ابيين
سلطان المدينة وهم خدم أبي وغلماني ،ولحقنييي
منهم خوف زائد ،فقلت في نفسي يا تييرى أجييرى
علييى والييدي وصييرت أسييأل الييذين كنفييوني عيين
سبب ذلك فلم يردوا علي جوابا ً.
مييا عنييدي، ثم بعد حين قال لي بعضهم وكييان خاد ً
إن أباك قد غدر به الزمان وخانته العساكر وقتلييه
الوزير ونحن نترقب وقوعك ،فأخذوني وأنا غييائب
عن الدنيا بسبب هييذه الخبييار الييتي سييمعتها عيين
أبي فلما تمثلت بين يدي الييوزير الييذي قتييل أبييي
وكان بيني وبينه عداوة قديمة وسبب تلك العداوة
أني كنت مولعًييا بضيير البندقييية فيياتفق أنييي كنييت
ما من اليام على سطح قصر وإذا بطييائر واقًفا يو ً
نزل على سطح قصر الييوزير وكييان واقًفييا هنيياك،
فأردت أن أضرب الطير وغييذا بالبندقييية أخطييأت
عين الييوزير ،فأتلفتهييا بالقضيياء والقييدر كمييا قييال
الشاعر:
سا بما فعييل وطب نف ً دع القدار تفعل ما تشاء
فإن الشيييء القضاء ول تفرح ول تحزن بشيء
ليس له بقاء
وكما قال الخر:
وميين كتييب علييه خ ً
طيا مشينا خطا كتبت علينا
فليييس يميوت مشاها ومن كانت منيتييه بيأرض
في أرض سواها
ثم قال ذلك الصعلوك :فلما أتلفت عين الوزير لم
يقدر أن يتكلم لن والدي كان ملك المدينيية فهييذا
سبب العداوة التي بيني وبينه فلما وقفت قييدامه،
وأنا مكتف أمر فضرب عنقي فقلت أتقتلني بغييير
ذنب فقال أي ذنب أعظييم ميين هييذا ،وأشييار إلييى
عينه المتلفة فقلت له :فعلت ذلك خطأ ،فقال إن
دا ثييم قييالكنت فعلتييه خطييأ فأنييا أفعلييه بييك عمي ً
قدموه بين يدي فقدموني بين يييديه ،فمييد إصييبعه
في عيني الشمال فأتلفها فصرت من ذلك الوقت
أعور كما تروني ،ثم كتفني ووضعني في صييندوق
وقال للسياف :تسلم هذا وأشهر حسامك ،وخييذه
واذهييب بييه إلييى خييارج المدينيية واقتلييه ودعييه
للوحوش ،تأكله فذهب بييي السييياف وصييار حييتى
خرج من المدينيية ،وأخرجنييي ميين الصييندوق وأنييا
مكتييوف اليييدين مقيييد الرجلييين وأراد أن يغمييي
عيني ويقتلني فبكيت وأنشدت هذه البيات:
سهام العدا عني عا حصيًنا لتمنعواجعلتكمو در ً
فكنتم نصالها
تخص يميني أن وكنت أرجي عند كل ملمة
تكون شمالها
وخلوا العدا دعوا قصة العذال عني بمعزل
ترمي إلي نبالها
فكونوا سكوًتا إذا لم تقوا نفسي مكايدة العدا
ل عليها ول لها
ضا هذه البيات: وأنشدت أي ً
فكانوها ولكن للعادي عا
وإخوان اتخذتهم درو ً
فكانوا ولكن في ما صائبات رحلتهم سها ً
فؤادي
لقد صدقوا و لكن و قالوا قد صفت منا قلوب
عن ردادي
لقد صدقوا ولكن وقالوا قد سعينا كل سعي
في فسادي
فلما سمع السياف شعري وكان سياف أبي ولييي
عليه إحسان ،قال يا سيدي كيف أفعييل وأنييا عبييد
مأمور ثم قال لييي فيير بعمييرك ول تعييد إلييى هييذه
المدينة فتهلك وتهلكني معك كما قال الشاعر:
وخل الدار تنعي ما
ونفسك فر بها إن خفت ضي ً
من بناها
سا ونفسك لم تجد نف ً ضا بأرض
فإنك واحد أر ً
سواها
وأرض الله واسعة عجبت لمن يعيش بدار ذل
فلها
فليس يموت في و من كانت منيته بأرض
أرض سواها
بأنفسها تولت ما وما غلظت رقاب السد حتى
عناها
فلما قال ذلك قبلت يديه وما صدقت حتى فررت
وهييان علييي تلييف عينييي بنجيياتي ميين القتييل،
وسافرت حتى وصلت إلييى مدينيية عمييي فييدخلت
عليه وأعلمته بما جرى لوالدي ،وبما جرى لي من
مادا وقال لقد زدتني ه ً تلف عيني فبكى بكاء شدي ً
ما على غمي ،فإن ابن عمكقد فقييد على همي وغ ً
منذ أيام ولم أعلم بما جرى له ولييم يخييبرني أحييد
بخبره وبكى حتى أغمي عليه فلما استفاق قال يا
دا وأنييت ولدي قد حزنت على ابن عمك حزًنا شدي ً
مييا عليى غميي، زدتنيي بمييا حصيل لييك ولبيييك ،غ ً
ولكن يا ولدي بعينك ول بروحك ثم إنه لم يمكنييي
السكوت عن ابن عمي الييذي هييو ولييده فييأعلمته
حييا بالذي جرى له كله ففرح عمي بما قلته لييه فر ً
دا عند سييماع خييبر ابنييه ،وقييال أرنييي التربيية
شدي ً
فقلت والله يا عمي لم أعرف مكانها لني رجعت
بعد ذلك مرات لفتش عليها فلييم أعييرف مكانهييا،
ثم ذهبت أنا وعمييي إلييى الجبانيية ،ونظييرت يمين ًييا
دا
حييا شييدي ً وشماًل فعرفتها ففرحت أنا وعمييي فر ً
ودخلييت أنييا وإييياه التربيية وأزحنييا الييتراب ورفعنييا
الطابق ونزلت أنا وعمي مقييدار خمسييين درجيية،
فلما وصلنا إلى آخر السلم وإذا بدخان طلع علينييا
فغشي أبصارنا ،فقال عمي الكلمة التي ل يخيياف
قائلها وهي ل حول ول قوة إل بالله العلي العظيم
ثم مشييينا وإذا نحيين بقاعيية ممتلئة دقيًقييا وحبوب ًييا
ومييأكولت وغييير ذلييك ورأينييا فييي وسييط القاعيية
سييتارة مسييبولة علييى سييرير فنظيير عمييي إلييى
السرير فوجد ابنه هو والمرأة التي قد نزلت معييه
ما أسود وهما متعانقان كأنهمييا ألقيييا فييي صار فح ً
جب نار ،فلما نظر عمي بصييق فييي وجهييه وقييال
تستحق يا خبيث فهذا عييذاب الييدنيا وبقييي عييذاب
الخرة وهو أشييد وأبقييى وأدرك شييهرزاد الصييباح
فسكتت عن الكلم المباح.
و في الليلة الثالثة عشرة قالت :بلغنييي أيهييا
الملك السعيد أن الصعلوك قال للصبية والجماعة
والخليفة وجعفيير يسييتمعون الكلم ،ثييم أن عمييي
ضييرب ولييده بالنعييال وهيو راقييد كييالفحم السييود
فتعجبت من ضربه وحزنت على ابن عمييي حيييث
مييا أسييود ثييم قلييت بييالله يييا
صار هو والصييبية فح ً
عمي خفف الهم عيين قلبييك ،فقييد اشييتغل سييري
وخيياطري بمييا قييد جييرى لولييدك وكيييف صيار هيو
ما أسود ما يكفيييك مييا هييو فيييه حييتى والصبية فح ً
تضربه بالنعال.
فقال يا ابن أخي إن ولييدي هييذا كييان ميين صييغره
مولًعا بحييب أختييه وكنييت أنهيياه عنهييا وأقييول فييي
نفسي إنهما صغيران فلما كبر أوقع بينهما القبيييح
وسمعت بذلك ولم أصدق ولكن زجرته زجًرا بليًغا
وقلت له أحذر من هذه الفعال القبيحيية الييتي لييم
يفعلها أحد قبلك ول يفعلهييا أحييد بعييدك وإل نبقييى
بين الملوك بالعار والنقصان إلى الممييات وتشيييع
أخبارنييا مييع الركبييان وإييياك أن تصييدر منييك هييذه
الفعال فإني أسخط عليك وأقتلك ثم حجبته عنهييا
وحجبتها عنه وكانت الخبيثيية تحبييه محبيية عظيميية
وقد تمكن الشيطان منها.
فلما رآني حجبتييه فعييل هييذا المكييان الييذي تحييت
الرض الخفييية .ونقييل فيييه المييأكول كمييا تييراه
واستغفلني لما خرجت إلى الصيد وأتى إلييى هييذا
المكان فغار عليه وعليهييا الحييق سييبحانه وتعييالى
وأحرقهما ولعذاب الخييرة أشييد وأبقييى ،ثييم بكييى
ضييا عنييه ثييم
وبكيت معه وقال لي أنييت ولييدي عو ً
أني تفكرت ساعة فيي اليدنيا وحوادثهيا مين قتيل
الوزير لوالدي وأخذ مكانه وتلف عيني ،وما جييرى
لبن عمي من الحوادث الغريبة.
فبكيت ثييم أننييا صييعدنا ورددنييا الطييابق والييتراب،
وعملنا القبر كما كان ،ثم رجعنا إلييى منزلنييا فلييم
يسييتقر بيننييا جلييوس حييتى سييمعنا دق طبييول
وبوقات ورمحت البطييال وامتلت الييدنيا بالعجيياج
والغبييار ميين حييوافر الخيييل فحييارت عقولنييا ولييم
نعرف الخييبر فسييأل الملييك عيين الخييبر فقيييل إن
وزييير أخيييك قتلييه وجمييع العسييكر والجنييود وجيياء
بعسكره ليهجموا على المدينة وأهييل المدينيية لييم
يكيين لهييم طاقيية بهييم فسييلموا إليييه فقلييت فييي
نفسي متى وقعت أنا في يده قتلني.
وتراكمت الحزان وتذكرت الحوادث الييتي حييدثت
لبي وأمي ولم أعرف كيييف العمييل فييإن ظهييرت
عرفني أهل المدينة ،وعسكر أبييي فيسييعون فييي
قتلي وهلكي فلم أجد شيًئا أنجو به إل حلق ذقني
فحلقتهييا وغيييرت ثيييابي وخرجييت ميين المدينيية
دا يوصييلني وقصدت هذه المدينة والسلم لعل أحي ً
إلى أمير المييؤمنين حييتى أحكييي لييه قصييتي ،ومييا
جييرى لييي فوصييلت إلييى هييذه المدينيية فييي هييذه
الليلة ،فوقفت حائًرا ولم أدر أين أمضي وإذا بهذا
الصعلوك واقف.
فسلمت عليه وقلييت لييه أنييا غريييب أيضيًا ،فبينمييا
نحن كذلك وإذا برفيقنا هييذا الثييالث جاءنييا وسييلم
علينا ،وقييال أنييا غريييب ،فقلنييا لييه ونحيين غريبييان
فمشييينا وقييد هجييم علينييا الظلم فسيياقنا القييدر
إليكم ،وهذا سبب حلق ذقني وتلف عيني فقييالت
الصبية ملس على رأسك وروح ،فقال لها ل أروح
حتى أسمع خبر غيري فتعجبوا من حديثه.
فقال الخليفة لجعفر والله أنا ما رأيت مثييل الييذي
جرى لهذا الصييعلوك ،ثييم تقييدم الصييعلوك الثيياني
وقبل الرض وقال يا سيدتي أنا مييا ولييدت أعييور،
وإنما لي حكاية عجيبة لو كتبت بييالبر علييى آميياق
البصر لكانت عبرة لمن اعتبر فأنا ملك ابيين ملييك
وقرأت القرآن على سبع روايييات وقييرأت الكتييب
على أربابها من مشايخ العلم وقرأت علم النجييوم
وكلم الشعراء واجتهدت فييي سييائر العليوم حييتى
فقت أهل زماني فعظم حظي عنييد سييائر الكتبيية
وشاع ذكري فييي سييائر القيياليم والبلييدان وشيياع
خبري عند سائر الملوك.
فسمع بي ملييك الهنييد فأرسييل يطلبنييي ميين أبييي
وأرسل إليه هدايا وتحًفا تصييلح للملييوك فجهزنييي
أبي في ست مراكب وسرنا في البحر مدة شييهر
كامل حييتى وصييلنا إلييى الييبر وأخرجنييا حبًل كييانت
معنييا فييي المركييب وحملنييا عشييرة جمييال هييدايا
ومشييينا قليًل وإذا بغبييار قييد عل وثييار حييتى سييد
القطار واستمر ساعة من النهار ثم انكشف قبان
سييا وهييم ليييوث وعييوانس ميين تحتييه سييتون فار ً
فتأملناهم وإذا هم عرب قطاع طريق فلمييا رأونييا
ونحن نفر قليل ومعنا عشرة أجمييال هييدايا لملييك
الهند رمحييوا علينييا وشييرعوا الرميياح بييين أيييديهم
نحونا.
فأشرنا إليهم بالصابع وقلنا لهم :نحن رسييل إلييى
ملك الهند المعظييم فل تؤذونييا فقييالوا نحيين لسيينا
في أرضه ول تحييت حكمييه ثييم إنهييم قتلييوا بعييض
الغلمان وهرب الباقون وهربت أنا بعد أن جرحت
حا بليًغا واشتغلت عنا العييرب بالمييال والهييدايا جر ً
التي كانت معنا فصرت ل أدري أين أذهب ،وكنت
عزي يًزا فصييرت ذليًل وسييرت إلييى أن أتيييت رأس
الجبل فدخلت مغارة حتى طلع النهييار ثييم سييرت
منها حتى وصلت إلييى مدينيية عييامرة بييالخير وقييد
ولى عنها الشتاء ببرده وأقبل عليها الربيع بورده.
ففرحت بوصييولي إليهييا وقييد تعبييت ميين المشييي
وعلني الهم والصفرار فتغيييرت حييالتي ول أدري
أين أسلك فملت إلى خييياط فييي دكييان وسييلمت
عليه فرد علي السلم ورحب بييي وباسييطني عيين
سبب غربتي فأخبرته بما جرى لي ميين أولييه إلييى
آخييره ،فيياغتم لجلييي وقييال يييا فييتى ل تظهيير مييا
عندك فإني أخيياف عليييك ميين ملييك المدينيية لنييه
أكبر أعداء أبيك وله عنده ثأر.
ثم أحضر لي مأكوًل ومشروًبا فأكلت وأكييل معييي
وتحييادثت معييه فييي الليييل وأخلييى لييي محًل فييي
جانب حانوته وأتياني بميا أحتياج إلييه مين فيراش
وغطاء ،فأقمت عنده ثلثة أيام ،ثييم قييال لييي أمييا
تعييرف صيينعة تكسييب بهييا فقلييت لييه :إنييي فقيييه
طالب علم كاتب حاسب ،فقييال :إن صيينعتك فييي
مييا
بلدنا كاسدة وليس في مييدينتنا ميين يعييرف عل ً
ول كتابة غير المال.
فقلت والله ل أدري شيييًئا غييير الييذي ذكرتييه لييك،
سا وحبًل واحتطييب فييي فقال شد وسطك وخذ فأ ً
البرية حطًبا تتقوت به إلى أن يفرج الله عنييك ول
سادا بنفسك فيقتلوك ،ثم اشترى لي فأ ً تعرف أح ً
وحبًل وأرسييلني مييع بعييض الحطييابين وأوصيياهم
علي ،فخرجت معهم واحتطبت فأتيت بحمل على
رأسي فبعته بنصف دينار فييأكلت ببعضييه وأبقيييت
بعضه ،ودمت على هذا الحال مدة سنة.
ما على عادتي إلييى البرييية ثم بعد السنة ذهبت يو ً
لحتطب منها ودخلتها ،فوجدت فيها خميلة أشجار
فيها حطب كثير فدخلت الخميليية ،وأتيييت شييجرة
وحفيييرت حولهيييا وأزليييت اليييتراب عييين جيييدارها
فاصييطكت الفييأس فييي حلقيية نحيياس فنظفييت
التراب وإذا هي في طييابق ميين خشييب فكشييفته
فبان تحت سلم فنزلت إلى أسفل السلم فرأيييت
باًبا فدخلته فرأيت قصًرا محكييم البنيييان فوجييدت
فيه صبية كالدرة السنية تنفي إلى القلب كل هييم
وغم وبلية.
فلما نظرت إليها سجدت لخالقهييا لمييا أبييدع فيهييا
من الحسيين والجمييال فنظييرت غلييي وقييالت لييي
أنت أنسي أم جنيي ،فقليت لهيا :إنسيي ،فقيالت:
ومن أوصلك إلى هذا المكان الذي لي فيه خمسة
دا فلمييا وعشييرون سيينة ،مييا رأيييت فيييه إنسيًيا أبي ً
سييمعت كلمهييا وجييدت لييه عذوبيية وقلييت لهييا يييا
سيدتي أوصلني الله إلى منزلك ولعله يزيل همي
وغمي وحكيت لهييا مييا جييرى لييي ميين الول إلييى
الخر.
فصييعب عليهييا حييالي وبكييت وقييالت أنييا الخييرى
أعلمك بقصتي فاعلم أني بنت ملك أقصييى الهنييد
صاحب جزيييرة البنييوس وكييان قييد زوجنييي بييابن
عمييي فيياختطفني ليليية زفييافي عفريييت اسييمه
جرجريس بن رجوس بيين إبليييس فطييار بييي إلييى
هذا المكان ونقل فيه كل ما أحتاج إليه من الحلى
والحلل والقماش والمتاع والطعام والشراب .في
كييل عشييرة أيييام يجيئنييي مييرة فيييبيت هنييا ليليية
وعاهييدني إذا عرضييت لييي حاجيية ليًل أو نهيياًرا أن
ألمييس بيييدي هييذين السييطرين المكتييوبين علييى
القبة فما ارفع يييدي حييتى أراه عنييدي ومنييذ كييان
عندي له اليوم أربعة أيام وبقي له ستة أيام حييتى
يأتي فهييل لييك أن تقيييم عنييدي خمسيية أيييام ،ثييم
تنصرف قبل مجيئه بيوم فقلت نعم.
ففرحت ثيم نهضيت علييى أقييدامها وأخيذت بيييدي
وأدخلتني من باب مقنطر وانتهت بييي إلييى حمييام
لطيف ظريييف فلمييا رأيتييه خلعييت ثيييابي وخلعييت
ثيابها ،ودخلييت فجلسييت علييى مرتبيية وأجلسييتني
معها وأتت بسكر ممسك وسقتني ،ثم قدمت لييي
مأكوًل وتحادثنا ثييم قييالت لييي ثييم واسييترح فإنييك
تعبان ،فنمت يا سيدتي وقد نسيت ما جييرى لييي،
وشكرتها فلمييا اسييتيقظت وجييدتها تكبييس رجلييي
فييدعوت لهييا وجلسيينا نتحييادث سيياعة ،ثييم قييالت
والله إنييي كنييت ضيييقة الصييدر وأنييا تحييت الرض
وحدي ولم أجد من يحدثني خمسة وعشرين سنة
فالحمد لله الذي أرسلك إلي ثم أنشدت:
مهجة القلب أو سواد لو علمنا مجيئكم لفرشنا
لكون المسير العيون وفرشنا خدودنا والتقينا
فوق الجفون
فلما سمعت شعرها شكرتها وقد تمكنييت محبتهييا
في قلبي ،وذهب عني همي وغمي ،ثم جلسنا في
منادمة إلى الليل ،فبت معها ليلة مييا رأيييت مثلهييا
فييي عمييري وأصييبحنا مسييرورين فقلييت لهييا هييل
أطلعك من تحت الرض وأريحك ميين هييذا الجنييي
فضحكت وقالت اقنع واسييكت ففييي كييل عشييرة
أيام يوم للعفريت وتسييعة لييك فقلييت وقييد غلييب
علي الغرام فأنا في هذه أكسيير هييذه القبيية الييتي
عليها النقش المكتوب لعل العفريت يجيييء حييتى
أقتله فإني موعود بقتييل العفيياريت فلمييا سييمعت
كلمي أنشدت:
بحيلة قد كفى اشتياق يا طالًبا للفراق مهًل
وآخر الصحبة الفراق اصبر فطبع الزمان غدر
فلما سمعت شعرها لم ألتفت لكلمها بل رفست
سا قوًيا وأدرك شهرزاد الصييباح فسييكتت القبة رف ً
عن الكلم المباح.
ففي الليلة الرابعة عشرة قالت :بلغنييي أيهييا
الملك السعيد أن الصعلوك الثاني قال للصييبية يييا
سييا قوييًا ،قييالت لييي
سيدتي لما رفست القبيية رف ً
المرأة أن العفريت قد وصل إلينا أما حذرتك ميين
هذا ولله لقد آذيتني ولكن انج بنفسك واطلع ميين
المكان الذي جئت منه فمن شييدة خييوفي نسيييت
نعلييي وفأسييي ،فلمييا طلعييت درجييتين التفييت
لنظرهما فرأيت الرض قييد انشييقت وطلييع منهييا
عفريت ومنظر شنيع ،وقال ما هذه الزعجة الييتي
أرعشتني بها فما مصيبتك.
فقالت مييا أصييابني شيييء غييير أن صييدري ضيياق،
فأردت أن أشرب شيراًبا يشيرح صيدري فنهضيت
لقضي أشييغالي فييوقعت علييى القبيية ،فقييال لهييا
العفريت يا فاجرة ونظر في القصر يميًنا وشييماًل
فرأى النعل والفيأس فقيال لهيا ميا هيذه إل متياع
النس من جاء إليك فقالت :مييا نظرتهمييا إل فييي
هذه الساعة ولعلهما تعلقا معك.
فقال العفريت هذا كلم محال ل ينطلييي علييي يييا
عاهرة ،ثم أنييه أعراهييا ،وصييلبها بييين أربعيية أوتيياد
وجعل يعاقبها ويقررها بما كان فلم يهيين علييي أن
أسمع بكاءهييا فطلعييت ميين السييلم مييذعوًرا ميين
الخييوف فلمييا وصييلت إلييى أعلييى الموضييع رددت
الطابق كما كان وسترته بالتراب وندمت على مييا
فعلت غاية الندم وتذكرت الصبية وحسيينها وكيييف
يعاقبهييا هييذا الملعييون وهييي لهييا معييه خمسيية
وعشرون سنة وما عاقبها إل بسببي وتذكرت أبي
ومملكته وكيف صرت حطابًا ،فقلت هذا البيت:
فيوم ترى يسًرا ما بنكبة
إذا ما أتاك الدهر يو ً
ويوم ترى عسرا
ثم مشيت إلى أن أتيت رفيقي الخياط فلقيته من
أجلي على مقالي النار وهو لي في النتظار فقال
لي :بت البارحة وقلبي عنييدك وخفييت عليييك ميين
وحش أو غيره فالحمد لله على سلمتك فشكرته
على شفقته علي ودخلت خلوتي ،وجعلييت أتفكيير
فيما جرى لييي وألييوم نفسييي علييى رفسييي هييذه
القبة وإذا بصديقي الخياط دخييل علييي وقييال لييي
في الدكان شخص أعجمي يطلبييك ومعييه فأسييك
ونعلك قد جاء بهما إلى الخياطين وقال لهييم أنييي
خرجييت وقييت آذان المييؤذن ،لجييل صييلة الفجيير
فعثرت بهما ولييم أعلييم لميين همييا فييدلوني علييى
صاحبها ،فدله الخياطون عليك وها هييو قاعييد فييي
دكاني فاخرج إليه واشكره وخذ فأسك ونعلك.
فلما سمعت هكذا الكلم اصفر لوني وتغير حييالي
فبينمييا أنييا كييذلك وإذا بييأرض محلييي قييد انشييقت
وطلع منها العجمي وإذا هييو العفريييت وقييد كييان
عاقب الصبية غاييية العقيياب فلييم تقيير لييه بشيييء
فأخذ الفأس والنعل وقال لها إن كنييت جرجريييس
من ذرية إبليس فأنا أجيييء بصيياحب هييذا الفييأس
والنعل ثم جاء بهذه الحيلة إلييى الخييياطين ودخييل
علي ولييم يمهلنييي بييل اختطفنييي وطييار وعل بييي
ونزل بي وغاص في الرض وأنا ل أعلييم بنفسييي،
ثم طلع بي القصر الذي كنت فيه فرأيييت الصييبية
عريانة والدم يسيل مين جوانبهيا فقطيرت عينياي
بالدموع.
فأخذها العفريت وقال لها يا عاهرة هييذا عشيييقك
فنظرت إلي وقالت له ل أعرفه ول رأيتييه إل فييي
هذه السياعة ،فقيال لهيا العفرييت أهيذه العقوبية
ولم تقري ،فقالت ما رأيته عمري ومييا يحييل ميين
الله أن أكذب عليه ،فقال لها العفريت إن كنت ل
تعرفينييه ،فخييذي هييذا السيييف واضييربي عنقييه
فأخييذت السيييف وجيياءتني ووقفييت علييى رأسييي
فأشيرت لهيا بحياجبي فنهضيت وغمرتنيي وقيالت
أنت الييذي فعلييت هييذا كلييه فأشييرت لهييا أن هييذا
وقت العفو ولسان حالي يقول:
ويبدو لكم يترجم طرفي عن لساني لتعلموا
ما كان في صدري يكتم
خرست وطرفي ولما التقينا والدموع سواجم
بالهوى يتكلم
وأرمي إليها بالبنان تشير لنا عما تقول بطرفها
فتفهم
فنحن سكوت حواجبنا تقضي الحوائج بيننا
والهوى يتكلم
فلما فهمييت الصييبية إشييارتي رمييت السيييف ميين
يدها ،فناولني العفريت السيف وقييال لييي اضيرب
عنقهييا وأنييا أطلقييك ول أنكييد عليييك ،فقلييت نعييم،
وأخييذت السيييف وتقييدمت نشيياط ورفعييت يييدي،
فقييالت لييي بحاجبهييا أنييا مييا قصييرت فييي حقييك
فهملت عيناي بالدموع ورميت السيف ميين يييدي،
وقلت أيها العفريت الشديد والبطييل الصيينديد ،إذا
كانت امرأة ناقصة عقل ودين لم تسييتحل ضييرب
عنقي فكيف يحل لي أن أضرب عنقهيا ولييم أرهييا
دا ولو سقيت من المييوت عمري ،فل أفعل ذلك أب ً
كأس الردى.
فقييال العفريييت أنتمييا بينكمييا ميودة أخييذ السيييف
وضييرب يييد الصييبية فقطعهييا ،ثييم ضييرب الثانييية
فقطعها ثم قطييع رجلهييا اليمنييى ثييم قطييع رجلهييا
اليسييرى حييتى قطييع أرباعهييا بييأربع ضييربات وأنييا
أنظيير بعينييي فييأيقنت بييالموت ثييم أشييارت إلييي
بعينيها فرآها العفريت فقال لها وقد زنيييت بعينييك
ثم ضييربها فقطييع رأسييها ،والتفييت إلييي وقييال يييا
آنسي نحن في شرعنا إذا زنييت الزوجيية يحيل لنييا
قتلها ،وهذه الصبية اختطفتها ليليية عرسييها ،وهييي
دا غيييريبنت اثنتي عشييرة سيينة ولييم تعييرف أح ي ً
وكنت أجيئها في كل عشرة أيام ليلة واحييدة فييي
زي رجييل أعجمييي .فلمييا تحققييت أنهييا خييانتني
فقتلتها وأما أنييت فلييم أتحقييق أنييك خنتنييي فيهييا،
ولكن ل بد أني إما اخليك في عافييية فتميين علييي
أي ضرر فرحت يا سيييدتي غاييية الفييرح وطمعييت
في العفريت وقلييت لييه :ومييا أتمنيياه عليييك ،قييال
تمن علي أي صورة اسحرك فيها إما صورة كلييب
وإما صورة حمار وإما صورة قرد فقلييت لييه وقييد
طمعت أنه يعفو عني والله إن عفوت عنييي يعفييو
اللييه عنييك ،بعفييوك عيين رجييل مسيلم لييم يؤذيييك
وتضرعت إليييه غاييية التضييرع ،وبقيييت بييين يييديه،
وقلت له أنا رجل مظلوم.
فقال لي ل تطل علي الكلم أما القتييل فل تخييف
منه وأما العفو عنك فل تطمييع فيييه وأمييا سييحرك
فل بد منه ،ثيم شيق الرض وطيار بيي إليى الجيو
حتى نظرت إلى الدنيا حتى كأنها قصييعة مياء ،ثييم
حطني على جبل وأخييذ قليًل ميين الييتراب وهمهييم
عليه وتكليم وقيال اخيرج مين هيذه الصيورة إليى
صورة قرد.
فمنذ ذلك الوقت صرت قرًدا ابن مائة سيينة فلمييا
رأيت نفسي في هذه الصورة القبيحة بكيت علييى
روحييي وصييبرت علييى جييور الزمييان وعلمييت أن
الزمان ليس لحد وانحدرت من أعلى الجبل إلييى
أسفله وسافرت مدة شهر ،ثم ذهبت إلى شاطئ
البحر المالح ،فوقفت ساعة وإذا أنييا بمركييب فييي
وسط البحر قد طيياب ريحهييا وهييي قاصييدة الييبر،
فاختفيت خلف صخرة على جييانب البحيير وسييرت
إلى أن أتيت وسط المركب.
فقييال واحييد منهييم أخرجييوا هييذا المشييؤوم ميين
المركب ،وقال واحد منهم نقتله ،وقال آخر اقتلييه
بهييذا السيييف فأمسييكت طييرف السيييف وبكيييت،
وسالت دموعي فحن علي الريييس وقييال لهييم يييا
تجار إن هذا القرد استجار بي وقد أجرته وهو في
جواري فل أحد يعرض له ول يشوش عليه ،ثييم أن
الريس صار يحسيين إلييي ومهمييا تكلييم بييه أفهمييه
وأقضي حوائجه وأخدمه في المركب.
مييا فرسييينا
وقد طاب لها الريييح مييدة خمسييين يو ً
على مدينيية عظيميية ،وفيهييا عييالم كييثير ليحصييى
عييددهم إل اللييه تعييالى فسيياعة وصييولنا أوقفنييا
مركبنا فجاءتنا ممالييك مين طيرف ملييك المدينيية
فنزلوا المركب وهنوا التجار بالسييلمة ،وقييالوا إن
ملكنييا يهنئكييم بالسييلمة وقييد أرسييل إليكييم هييذا
الدرج الورق وقييال كييل واحييد يكتييب فيييه سييطرا
فقمت وأنا في صورة القرد وخطفيت اليدرج مين
أيييديهم ،فخييافوا أنييي أقطعييه وأرميييه فييي الميياء
فنهرونييي وأرادوا قتلييي فأشيرت لهيم أنييي أكتييب
فقال لهم الريس دعوه يكتب فإن لخبييط الكتابيية
دا فييإني مييا
طردنيياه عنييا وإن أحسيينها اتخييذته ولي ً
دا أفهم منييه ثييم أخييذ القلييم واسييتمديت رأيت قر ً
الحيبر وكتبيت سيطًرا بقليم الرقياع ورقميت هيذا
الشعر:
وفضلك للن لقد كتب الدهر فضل الكرام
لنك للفضل ليحسب فل أيتم الله منك الورى
نعم الب
وكتبت بقلم الثلث هذين البيتين:
ويبقي الدهر ما كتبت وما من كاتب إلسيفنى
يسرك في يداه فل تكتب بخطك غير شيء
القيامة أن تراه
وكتبت تحته بقلم المشق هذين البيتين:
فاجعل مدادك من إذا فتحت دواة العز والنعم
جود ومن كرم واكتب بخير إذا ما كنت
بذاك شرفت فضًل نسبه القلم مقتدًرا
ثييم نيياولتهم ذلييك الييدرج الييورق فطلعييوا بييه إلييى
الملك ،فلما تأمل الملك مييا فييي ذلييك الييدرج لييم
يعجبه خط أحد إل خطي ،فقييال لصييحابه توجهييوا
إلييى صيياحب هييذا الخييط وألبسييوه هييذه الحليية
وأركبوه بغلة وهاتوه بالنوبيية وأحضييروه بييين يييدي
فلما سمعوا كلم الملك تبسموا فغضب منهم ثييم
قال كيف آمركم بأمر فتضحكون علي ،فقالوا أيها
الملك ما نضحك على كلمك ،بل الذي كتييب هييذا
الخط قرد وليس هو آدميا وهو مع ريس المركب.
فتعجب الملييك ميين كلمهييم واهييتز ميين الطييرب،
وقال أريد أن أشتري هييذا القييرد ،ثييم بعييث رسييل
إلى المركب ومعهم البغلة والحليية وقييال لبييد أن
تلبسييوه هييذه الحليية وتركبييوه البغليية وتييأتوا بييه،
فسيياروا إلييى المركييب وأخييذوني ميين الريييس
وألبسيييوني الحلييية فانيييدهش الخلئق وصييياروا
يتفرجييون علييي ،فلمييا طلعييوا بييي للملييك ورأيتييه
قبليييت الرض ثلث ميييرات فيييأمرني بيييالجلوس،
فجلسييت علييى ركبييتي .فتعجييب الحاضييرون ميين
أدبي وكان الملك أكثرهم تعجبا ثم أن الملك أميير
الخلق بالنصراف فانصرفوا ،ولييم يبييق إل الملييك
والطواشي ومملوك صييغير وأنييا ،ثييم أميير الملييك
بطعييام فقييدموا سييفرة طعييام فيهييا مييا تشييتهي
النفيس وتليذ العيين فأشيار إليي المليك أن كيل
فقمييت وقبلييت الرض بييين يييديه سييبع مييرات
وجلست آكل معه وقد ارتفعييت السييفرة وذهبييت
فغسلت يدي وأخذت الييدواة والقلييم والقرطيياس
وكتبت هذين البيتين:
وأصحن الحلو أتاجر الضأن ترياق من العلل
فيها منتهى أملي يا لهف قلبي على مد السماط
ماجت كنافته بالسمن والعسل إذا
ثم قمت وجلست بعيدا أنتظر الملك إلى ما كتبته
وقييرأه فتعجييب وقييال هييذا يكييون عنييد قييرد هييذه
الفصاحة وهييذا الخييط واللييه إن هييذا ميين أعجييب
العجب ثم قدم للملك شطرنج ،فقيال ليي الملييك
أتلعييب قلييت برأسييي نعييم ،فتقييدمت وصييففت
الشطرنج ولعبت معه مرتييين فغلبتييه فحييار عقييل
الملك وقال لو كان هذا آدميا لفاق أهل زمانه ،ثم
قال لخادمه إذهب إلى سيييدتك وقييل لهييا :كلمييي
الملييك حييتى تجيييء فتتفييرج علييى هييذا القييرد
العجيب .فذهب الطواشي وعاد معه سيييدته بنييت
الملك ،فلما نظرت إلي غطت وجههييا ،وقييالت يييا
أبييي كيييف طيياب علييى خيياطرك أن ترسييل إلييي
فيراني الرجييال الجييانب فقييال يييابنتي مييا عنييدك
سوى المملييوك الصييغير والطواشييي الييذي ربيياك
وهييذا القييرد وأنييا أبييوك فمميين تغطييين وجهييك.
فقالت إن هذا القرد ابن ملييك وإسييم أبيييه إيمييار،
صيياحب جييزائر البنييوس الداخليية وهييو مسييحور
وسحره العفريت جرجريييس الييذي هييو ميين ذرييية
إبليس ،وقد قتل زوجته بنت ملك أقناموس وهييذا
الذي تزعم أنه قردا إنمييا هييو رجييل عييالم عاقييل.
فتعجب الملك من إبنته ونظر إلي وقال :أحق مييا
تقول عنك فقلت برأسي نعم وبكيت فقال الملك
لبنته من أين عرفت أنه مسحور فقييالت :يييا أبييت
كييان عنييدي وأنييا صييغيرة عجييوز ميياكرة سيياحرة
علمتني السحر ،وقد حفظته وأتقنته وعرفت مائة
وسبعين بابا من أبييوابه ،أقيل بيياب منهييا أنقييل بيه
حجارة مدينتك خلف جبل قاف وأجعلها لجيية بحيير
وأجعل أهلها سمكا في وسطه .فقال أبوها :بحييق
اسم الله عليك أن تخلصي لنا هذا الشيياب ،حييتى
أجعله وزيري وهل فيك هييذه الفضيييلة ولييم أعلييم
فخلصيه حييتى أجعلييه وزيييري لنييه شيياب ظريييف
لبيب ،فقييالت لييه حبييا وكراميية ،ثييم أخييذت بيييدها
سييكينا ،وعملييت دائرة ،وأدرك شييهرزاد الصييباح
فسكتت عن الكلم المباح.
وفي الليلة الخامسة عشرة قالت بلغني أيها
الملييك السييعيد أن الصييعلوك قييال للصييبية يييا
سيدتي ،ثييم أن بنييت الملييك أخييذت بيييدها سييكينا
مكتوبا عليها أسماء عبرانية ،وخطت بها دائرة في
وسط وكتبت فيها أسماء وطلسم وعزمييت بكلم
وقرأت كلما ،ل يفهم ،فبعد ساعة أظلمييت علينييا
جهات القصر ،حييتى ظننييا أن الييدنيا قييد إنطبقييت
علينا وإذا بالعفريت قد تدلى علينا في أقبح صييفة
بأييييد كالميييداري ورجليييين كالصيييواري وعينيييين
كمشعلين يوقدان نارا ،ففزعنا منييه .فقييالت بنييت
الملك ل أهل بييك ول سييهل ،فقييال العفريييت وهييو
في صورة أسد يييا خائنيية كيييف خنييت اليمييين أمييا
تحالفنا على أن ل يعترض أحدنا للخر فقييالت لييه
يا لعين ومن أين لك يمين فقال العفريت خذي ما
جيياءك ثييم انقلييب أسييدا وفتييح فيياه وهجييم علييى
الصييبية .فأسييرعت وأخييذت شييعرة ميين شييعرها
بيدها ،وهمهمت بشفتيها فصييارت الشييعرة سيييفا
ماضيييا وضييربت ذلييك السييد فقطعتييه نصييفين،
فصييارت رأسييه عقربييا ،وانقلبييت الصييبية حييية
عظيمة وهمهمت على هذا اللعين وهو فييي صييفة
عقرب ،فتقاتل قتييال شييديدا ،ثييم انقلييب العقييرب
عقابا فانقلبت الحية نسييرا وصييارت وراء العقيياب
واستمرا سيياعة زمانييية ثييم انقلييب العقيياب قطييا
أسود ،فانقلبت الصبية ذئبييا فتشيياحنا فييي القصيير
سيياعة زمانييية وتقيياتل قتييال شييديدا فييرأى القييط
نفسه مغلوبا فانقلب وصييار رمانيية حمييراء كييبيرة
ووقعت تلك الرمانة فييي بركيية وانتييثر الحييب كييل
حبة وحدها وامتلت أرض القصر حبا فانقلب ذلك
الذئب ديكيا لجيل أن يلتقيط ذليك الحيب حيتى ل
يترك منييه حبيية فبييالمر المقييدر ،دارت حبيية فييي
جييانب الفسييقية فصييار الييديك يصيييح ويرفييرف
بأجنحته ويشييير إلينييا بمنقيياره ونحيين ل نفهييم مييا
يقول ،ثم صييرخ علينييا صييرخة تخيييل لنييا منهييا أن
القصر قد انقلب علينا ودار في أرض القصر كلهييا
حتى رأى الحبة التي تدارت فييي جييانب الفسييقية
فانقض عليها ليلتقطهييا وإذا بالحبيية سييقطت فييي
الميياء فييانقلب الييديك حمييارا كييبيرا ونييزل خلفهييا
وغيياب سيياعة وإذا بنييا قييد سييمعنا صييراخا عاليييا
فارتجفنا .وبعد ذلك طلع العفريت وهو شييعلة نييار
فألقى ميين فمييه نييارا وميين عينيييه ومنخريييه نييارا
ودخانا وانقلبت الصبية لجة نار فاردنا أن نغطييس
في ذلك الماء خوفا على أنفسنا من الحريق فمييا
شعرنا إل العفريييت قييد صييرخ ميين تحييت النيييران
وصار عندنا في الليوان ونفييخ فييي وجوهنييا بالنييار
فلحقتييه الصييبية ونفخييت فييي وجهييه بالنييار أيضييا
فأصابنا الشر منها ومنه ،فأما شييررها فلييم يؤذينييا
وأما شرره فلحقني منه شرارة في عيني فأتلفتها
وأنا في صورة القرد ولحق الملك شرارة منه في
وجهييه فييأحرقت نصييفه التحتيياني بييذقنه وحنكييه
ووقفت أسنانه التحتانية ووقعت شرارة في صييدر
الطواشي فاحترق ومات من وقته وساعته فأيقنييا
بالهلك وقطعنييا رجائنييا ميين الحييياة .فبينمييا نحيين
كذلك وإذا بقائل يقول :الله أكبر الله أكبر قد فتح
ربي ونصر وخذل من كفر بدين محمد سيد البشر
وإذا بالقييائل بنييت الملييك قييد أحضييرت العفريييت
فنظرنا إليه فرأيناه قد صار كوم رماد ،ثييم جيياءت
الصبية وقالت إلحقييوني بطاسيية ميياء فجيياؤوا بهييا
فتكلمت عليها بكلم ل نفهمييه ثييم رشييتني بالميياء
وقالت أخلص بحق الحق وبحق اسم الله العظم
إلى صورتك الولى فصييرت بشييرا كمييا كنييت أول
ولكن تلفت عيني .فقالت الصبية النييار يييا والييدي
ثم أنها لم تزل تستغيث من النار وإذا بشرر أسود
قد طلع إلى صدرها وطلع إلى وجهها فلمييا وصييل
إلى وجهها بكييت وقييالت أشييهد أن ل إلييه إل اللييه
وأشييهد أن محمييدا رسييول اللييه .ثييم نظرنييا إليهييا
فرأيناها كوم رميياد بجييانب كييوم العفريييت فحزنييا
عليها وتمنيت لو كنت مكانها ول أرى ذلييك الييوجه
المليح الذي عمل في هذا المعروف يصييير رمييادا
ولكيين حكييم اللييه ل يييرد .فلمييا رأى الملييك أبنتييه
صارت كوم رماد نتييف لحيتييه ولطييم علييى وجهييه
وشق ثيابه وفعلت كما فعل وبكينا عليهييا ثييم جيياء
الحجيياب وأربيياب الدوليية فوجييدوا السييلطان فييي
حالة العدم وعنده كوم رماد فتعجبوا وداروا حييول
الملك ساعة فلما أفاق أخييبرهم بمييا جييرى لبنتييه
مييع العفريييت فعظمييت مصيييبتهم وصييرخ النسيياء
والجواري وعملوا العزاء سبعة أيام .ثم إن الملييك
أمر أن يبني على رماد ابنتييه قبيية عظيميية وأوقييد
فيها الشموع والقناديل وأما رماد العفريت فييإنهم
أذروه فييي الهييواء إلييى لعنيية اللييه ثييم مييرض
السلطان مرضا أشرف منه على الموت واسييتمر
مرضه شهرا وعادت إليييه العافييية فطلبنييي وقييال
لي يا فتى قد قضينا زماننا في أهنييأ عيييش آمنييين
من نوائب الزمان حتى جئنا فأقبلت علينا الكييدار
فليتنييا مييا رأينيياك ول رأينييا طلعتييك القبيحيية الييتي
لسببها صرنا في حالة العدم .فأول عييدمت ابنييتي
التي كانت تساوي مائة رجل وثانيا جرى لييي ميين
الحريق ما جرى وعييدم أضراسييي ومييات خييادمي
ولكن ما بيييدك حيليية بييل جييرى قضيياء اللييه علينييا
وعليك والحمد لله حيييث خلصييتك إبنييتي وأهلكييت
نفسها ،فاخرج يا ولدي من بلدي وكفى مييا جييرى
بسييببك وكييل ذلييك مقييدر علينييا وعليييك ،فيياخرج
بسلم .فخرجت يا سيدتي من عنده ومييا صييدقت
بالنجاة ول أدري أين أتوجه ،وخطر على قلبي مييا
جرى لي وكيف خلوني في الطريق سييالما منهييم
ومشيييت شييهرا وتييذكرت دخييولي فييي المدينيية
واجتميياعي بالخييياط واجتميياعي بالصييبية تحييت
الرض وخلصي من العفريت بعد أن كييان عازمييا
على قتلي وتذكرت ما حصل لي ميين المبييدأ إلييى
المنتهييى فحمييدت اللييه وقلييت بعينييي ول بروحييي
ودخلت الحمام قبل أن أخرج من المدينة وحلقت
ذقني وجئت يا سيدتي وفي كل يوم أبكي وأتفكيير
المصائب التي عاقبتها تلف عيني ،وكلما أتذكر ميا
جرى لي أبكي وأنشد هذه البيات:
وحلت بي تحيرت والرحمن لشك في أمري
الحزان من حيث ل أدري
صبرت على سأصبر حتى يعلم الناس أنني
شيء أمر من الصبر
وما قدر وما أحسن الصبر الجميل مع التقى
المولى على خلقه يجري
إذا مان سر سرائر سري ترجمان سريرتي
السر سرك في سري
وبالنار أطفأها ولو أن ما بي بالجبال لهدمت
والريح لم يسر
فل بد من يوم ومن قال أن الدهر فيه حلوة
أمر من المر
ثم سافرت القطار ووردت المصار وقصييدت دار
السلم بغييداد لعلييي أتوصييل إلييى أمييير المييؤمنين
وأخبره بما جرى ،فوصلت إلييى بغييداد هييذه اليليية
فوجييدت أخييي هييذا الول واقفييا متحيييرا فقلييت
السلم عليك وتحدثت معه وإذا بأخينييا الثييالث قييد
أقبل علينا وقال السييلم عليكييم أنييا رجييل غريييب
فقلنييا ونحيين غريبييان وقييد وصييلنا هييذه الليليية
المباركة .فمشينا نحن الثلثة وما فينا أحد يعييرف
حكاية أحد فساقتنا المقادير إلى هذا الباب ودخلنا
عليكم وهذا سبب حلق ذقني وتلف عيني فقييالت
له إن كانت حكايتك غريبيية فامسييح علييى رأسييك
واخرج في حال سبيلك ،فقال ل أخرج حتى أسمع
حديث رفيقي .فتقدم الصعلوك الثالث وقال أيتهييا
السيدة الجليلة ما قصتي مثل قصتهما بل قصييتي
أعجب وذلك أن هذين جاءهما القضاء والقدر وأما
أنا فسبب حلييق ذقنييي وتلييف عينييي أننييي جلبييت
القضاء لنفسي والهم لقلبي وذلك أني كنت ملكييا
ابن ملك ،ومات والدي وأخييذت الملييك ميين بعييده
وحكمت وعدلت وأحسنت للرعية وكان لي محبيية
في السفر في البحر وكانت مييدينتي علييى البحيير
والبحر متسع وحولنا جزائر معدة للقتييال .فييأردت
أن أتفرج على الجزائر فنزلت في عشرة مراكب
وأخذت معي مؤونة شهر وسافرت عشرين يوما.
ففي ليلة من الليالي هبت علينا رياح مختلفة إلى
أن لح الفجيير فهييدأ الريييح وسييكن البحيير حييتى
أشرقت الشييمس ،ثييم أننييا أشييرفنا علييى جزيييرة
وطلعنا إلى البر وطبخنا شيئا نأكله فأكلنا ثم أقمنا
يييومين وسييافرنا عشييرين يومييا فيياختلفت علينييا
المياه وعلى الريس استغرب الريس البحر فقلنييا
للناطور :انظر البحر بتأمل ،فطلييع علييى الصيياري
ثم نزل الناطور وقال للريييس :رأيييت عيين يمينييي
سمكا على وجه الماء ونظرت إلييى وسييط البحيير
فرأيت سييوادا ميين بعيييد يلييوح تييارة أسييود وتييارة
أبيييض .فلمييا سييمع الريييس كلم النيياطور ضييرب
الرض بعمامته ونتف لحيته وقال للنيياس ابشييروا
بهلكنييا جميعييا ول يسييلم منييا أحييد ،وشييرع يبكييي
وكذلك نحن الجميع نبكي على أنفسنا فقلييت أيهييا
الريس أخبرنا بمييا رأى النيياطور فقييال يييا سيييدي
أعلم أننا تهنا يييوم جيياءت علينييا الرييياح المختلفيية
ولم يهدأ الريييح إل بكييرة النهييار ثييم أقمنييا يييومين
فتهنا في البحر ولم نزل تييائهين أحييد عشيير يومييا
من تلك الليلة وليس لنا ريح يرجعنا إلى مييا نحيين
قاصدون آخر النهار وفي غد نصل إلييى جبييل ميين
حجر أسود يسمى حجر المغناطيس ويجرنا المياه
غصييبا إلييى جهتييه .فيتمييزق المركييب ويييروح كييل
مسمار في المركييب إلييى الجبييل ويلتصييق بييه إن
الله وضع حجيير المغنيياطيس سييرا وهييو أن جميييع
الحديد يذهب إليه وفي ذلك الجبييل حديييد كييثير ل
يعلمه إل اللييه تعييالى حييتى أنييه تكسيير ميين قييديم
الزمان مراكييب كييثيرة بسييبب ذلييك الجبييل ويلييي
ذلك البحر قبة من النحاس الصفر معمودة علييى
عشرة أعمدة وفوق القبة فارس على فرس ميين
نحاس وفي يد ذلييك الفييارس رمييح ميين النحيياس
ومعلييق فييي صييدر الفييارس لييوح ميين رصيياص
منقوش عليه أسماء وطلسم فيها أيها الملييك مييا
دام هذا الفارس راكبا على هييذه الفييرس تنكسيير
المراكب التي تفوت من تحته ويهلك ركابها جميعا
ويلتصق جميع الحديد الذي فييي المركييب بالجبييل
وما الخلص إل إذا وقع هذا الفارس من فوق تلك
الفرس ،ثم إن الريس يا سيدتي بكى بكاء شييديد
فتحققنييا أننييا هييالكون ل محاليية وكييل منييا ودع
صاحبه .فلما جيياء الصييباح قربنييا ميين تلييك الجبييل
وساقتنا المياه إليه غصبا ،فلما صارت المياه تحته
انفتحت وفرت المسامير منها وكل حديد فيها نحو
حجر المغنيياطيس ونحيين دائرون حييوله فييي آخيير
النهار وتمزقت المراكب فمنا من غرق ومنييا ميين
سلم ولكن أكثرنا غرق والذين سييلموا لييم يعلمييوا
ببعضييييهم لن تلييييك المييييواج واختلف الرييييياح
أدهشتهم .وأما أنا يا سيييدتي فنجيياني اللييه تعييالى
لما أراده من مشقتي وعييذابي وبلييوتي ،فطلعييت
على لوح من اللييواح فألقيياه الريييح والمييوج إلييى
جبل فأصبت طريقا متطرفا إلييى أعله علييى هيئة
السللم منقورة في الجبييل فسييميت اللييه تعييالى
وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم
المباح.
وفي الليلة السادسصصة عشصصرة قييالت :بلغنييي
أيهييا الملييك السييعيد أن الصييعلوك الثييالث قييال
للصيييبية والجماعييية مكتفيييون والعبييييد واقفيييين
بالسيييوف علييى رؤوسييهم ،ثييم أنييي سييميت اللييه
ودعوته وابتهلت إليه وحاولت الطلوع على الجبييل
وصرت أتمسك بالنقر التي فيه حتى أسييكن اللييه
الريييح فييي تلييك السيياعة وأعييانني علييى الطلييوع
فطلعت سالما على الجبل وفرحت بسلمتي غاية
الفرح ولم يكن لي دأب إل القبة فدخلتها وصليت
فيها ركعتين شكرا لله على سلمتي ثم إني نمييت
تحت القبة .فسمعت قائل يقول يا ابن خصيب إذا
انتهيت من منامك ،فاحفر تحت رجليك قوسا ميين
نحاس وثلث نشابات من رصيياص منقوشييا عليهييا
طلسييم فخييذ القييوس والنشييابات وارم للفييارس
الييذي علييى القبيية وارح النيياس ميين هييذا البلء
العظيم فإذا رميت الفارس يقييع فييي البحيير ويقييع
القييوس ميين يييدك فخييذ القييوس ،وادفنييه فييي
موضعه .فإذا فعلت ذلك يطفو البحر ويعلييو حييتى
يساوي الجبل ،ويطلع عليه زورق فيه شخص غير
الييذي رميتييه فيجيييء غليييه وفييي يييده مجييذاف،
فيياركب معييه ول تسييم اللييه تعييالى فييإنه يحملييك
ويسافر بك مدة عشرة أيام إلى أن يوصييلك إلييى
بلدك وهييذا غنمييا يتييم لييك إن لييم تسييم اللييه .ثييم
اسييتيقظت ميين نييومي ،وقمييت بنشيياط وقصييدت
الماء ،كما قال الهاتف وضييربت الفييارس فرميتييه
فوقع في البحر ووقييع القييوس ميين يييدي فأخييذت
القوس ودفنته فهاج البحر وعل حتى ساوى الجبل
الذي أنا عليه فلييم ألبييث غييير سيياعة حييتى رأيييت
زورقا فييي وسييط البحيير يقصييدني فحمييدت اللييه
تعالى فلما وصل إلي الزورق وجدت فيييه شخصييا
من النحاس صدره لييوح ميين الرصيياص ،منقييوش
بأسماء وطلسم .فنزلت في الزورق وأنا سيياكت
ل أتكلييم فحملنييي الشييخص أول يييوم والثيياني
والثالث إلى تمام عشرة أيام حتى جزائر السلمة
ففرحت فرحا عظيمييا وميين شييدة فرحييي ذكييرت
اللييه وسييميت وهللييت وكييبرت فلمييا فعلييت ذلييك
قذفني من الزورق في البحر ثم رجييع فييي البحيير
وكنت أعرف العوم فعمت ذلك اليييوم إلييى الليييل
حتى كلت سواعدي وتعبييت أكتييافي وصييرت فييي
الهلكات ثم تشهدت وأيقنت بالموت وهيياج البحيير
من كثرة الرياح فجاءت موجة كالقلعيية العظيميية،
فحملتني وقذفتني قذفة صرت بها فوق البر ،لمل
يريد الله فطلعييت الييبر وعصييرت ثيييابي ونشييفتها
علييى الرض وبييت .فلمييا أصييبحت لبسييت ثيييابي
وقمت أنظر أييين أمشييي فوجييدت غوطيية فجئتهييا
ودرت حولها فوجدت الموضييع الييذي فيييه جزيييرة
صغيرة ،والبحر محيط بها ،فقلت في نفسي كلما
أخلص من بلييية أقييع فييي أعظييم منهييا فبينمييا أنييا
متفكر في أمري أتمنييى المييوت إذ نظييرت مركبييا
فيهييا نيياس .فقمييت وطلعييت علييى شييجرة وإذا
بالمركب التصقت بالبر وطلييع منهييا عشييرة عبيييد
معهم مسيياحي فمشييوا حييتى وصييلوا إلييى وسييط
الجزيرة وحفروا فيي الرض وكشيفوا عين طيابق
فرفعييوا الطييابق وفتحييوا بييابه ،ثييم عييادوا إلييى
المركب ونقلوا منها خييبزا ودقيقييا وسييمًنا وعس يًل
ما وجميع ما يحتاج إليه الساكن وصار العبيييد وأغنا ً
مترددين بين المركب وباب الطابق وهم يحولييون
من المركب وينزلون فييي الطييابق إلييى أن نقلييوا
جميع ما في المركييب .ثييم بعييد ذلييك طلييع العبيييد
ومعهم ثياب أحسن ما يكون وفي وسطهم ،شيييخ
كبير هرم قييد عميير زمنييا طييويل وأضييعفه الييدهر،
حتى صار فانيا ويد ذلك الشيخ فييي يييد صييبي قييد
أفرغ في قالب الجمال وألبس حلة الكمييال حييتى
أنه يضرب بحسنه المثال وهو كالقضيب الرطييب
يسحر كل قلب بجماله ويسييلب كييل لييب بكميياله
فلييم يزالييوا يييا سيييدتي سييائرين حييتى أتييوا إلييى
الطابق ونزلوا فيه ،وغابوا عن عيني .فلما توجهوا
قمييت ونزلييت ميين فييوق الشييجرة ومشيييت إلييى
موضييع الييردم ،ونبشييت الييتراب ونقلتييه وصييبرت
نفسي حتى أزلت جميع التراب فانكشف الطييابق
فإذا هو خشب مقدار حجر الطاحون فرفعته فبان
من تحته سلم معقود من حجر فتعجبت مين ذليك
ونزلت السييلم حييتى إنتهيييت إلييى آخييره فوجييدت
شيئا نظيفا ووجدت بستانا وثانيا إلى تمييام تسييعة
وثلثييين وكييل بسييتان أرى فيييه مييا يكييل عنييه
الواصييفون ميين أشييجار وأنهييار وأثمييار وذخييائر.
ورأيت بابا فقلت فييي نفسييي مييا الييذي فييي هييذا
المكان ،فلبد أن أفتحه وأنظر ميا فييه ثيم فتحتيه
فوجدت فيه فرسا مسرجا ملحما مربوطا ففككته
وركبته فطار بي إلى حطني على سييطح وأنزلنييي
وضربني بذيله فأتلف عيني وفر مني فنزلييت ميين
فوق السييطح فوجييدت عشييرة شييبان عييور فلمييا
رأوني قالوا ل مرحبييا بييك ،فقلييت لهييم :أتقبلييوني
أجلييس عنييدكم .فقييالوا واللييه ل تجلييس عنييدنا
فخرجت من عنييدهم حزييين القلييب بيياكي العييين،
وكتب الله لي السييلمة حييتى وصييلت إلييى بغييداد
فحيياقت ذقنييي وصييرت صييعلوكا فوجييدت هييذين
الثنييين العييورين فسييلمت عليهمييا وقلييت لهماأنييا
غريب ،فقال ونحن غريبان فهذا سبب تلف عيني،
وحلق ذقني ،فقالت له أمسح على رأسييك وروح،
فقييال :ل أروح حييتى أسييمع قصيية هييؤلء .ثييم أن
الصييبية التفتييت إلييى الخليفيية وجعفيير ومسييرور
وقالت لهم أخبروني بخبركم ،فتقدم جعفر وحكى
لها الحكاية التي قالها للبوابيية عنييد دخييولهم فلمييا
سمعت كلمه قالت وهبت بعضكم لبعض فخرجوا
إليييى أن صييياروا فيييي الزقييياق فقيييال الخليفييية
للصعاليك يا جماعة إلييى أييين تييذهبون فقييالوا مييا
ندري أين نذهب فقال لهم الخليفة سيييروا وبيتييوا
عندنا وقال لجعفر خذهم واحضرهم لي غدا ،حتى
ننظر ما يكون ،فامتثل جعفر ما أمره به الخليفيية.
ثم أن الخليفة طلع إلى قصره ولم يجئه نوم فييي
تلك الليلة فلما اصبح جلس على كرسي المملكيية
ودخلت عليه أرباب الدولة ،فالتفت إلى جعفر بعد
أن طلعت أرباب الدولة وقال ائتني بالثلث صييبايا
والكلبتين والصعاليك ،فنهض جعفر وأحضرهم بين
يديه فأدخل الصييبايا تحييت السيينار .والتفييت لهيين
جعفر وقال لهن قد عفونا عنكن لما أسلفتن ميين
الحسان إلينا ولم تعرفنا فهييا أنييا أعرفكيين وأنتيين
بييين يييدي الخييامس ميين بنييي العبيياس هييارون
الرشيد ،فل تخبرنه إل حقا فلما سمع الصبايا كلم
جعفر ،عن لسان أمير المؤمنين تقييدمت الكييبيرة
وقالت يا أمييير المييؤمنين أن لييي حييديثا لييو كتييب
بالبر على آميياق البصيير لكييان عييبرة لميين اعتييبر
وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم
المباح.
وفي الليلة السابعة عشرة قالت :بلغني أيهييا
الملك السعيد أن كبيرة الصبايا ،لما تقييدمت بييين
يدي أميير الميؤمنين وقييالت إن ليي حييديثا عجيبييا
وهو أن هاتين الصبيتين أختاي ميين أبييي ميين غييير
أمي فمات والدنا وخلف خمسة آلف دينار وكنييت
أنا اصغرهن سيينا فتجهييزت أختيياي وتزوجييت كييل
واحدة برجييل ومكثنييا مييدة ثييم إن كيل واحييد ميين
أزواجهما هيأ متجرا واخييذ ميين زوجتييه ألييف دينييار
وسافروا مع بعضهم ،وتركوني فغابوا أربييع سيينين
وضيع زوجاهما المال ،وخسرا وتركاهمييا فييي بلد
الناس فجاءاني في هيئة الشحاتين .فلمييا رأيتهمييا
ذهلت عنهما ولم أعرفهما ثم إنييي لمييا عرفتهمييا،
قلت لهما :ما هذا الحال ،فقالتا يا أختاه إن الكلم
ل يفيييد الن ،وقييد جييرى القلييم بمييا حكييم اللييه
فأرسلتهما إلى الحمام وألبسييت كيل واحييدة حلية
وقلت لهما يا أخييتي أنتمييا الكييبيرة وأنييا الصييغيرة
وأنتم عوض عن أبييي وأمييي والرث الييذي ناسييي
معكما قد جعل اللييه فيييه البركيية فكل ميين زكيياته
وأحوالي جليلة وأنا وأنتما سييواء وأحسيينت إليهمييا
غاية الحسان فمكثا عندي مدة سنة كاملة وصييار
لهما مال من مالي فقالتا لي أن الييزواج خييير لنييا
وليس لنا صبر عنه .فقلت لهما ييا أخيتي ليم ترييا
في الزواج خيرا فإن الرجل الجيد قليييل فييي هييذا
الزمييان وقييد اخترتمييا الييزواج فلييم يقبل كلمييي،
وتزوجا بغير رضاي فزوجتهما من مالي وسترتهما
ومضييتا مييع زوجيهمييا فأقامييا مييدة يسيييرة ولعييب
عليهمييا زوجهمييا وأخييذ مييا كييان معهمييا وسييافرا
وتركاهما فجاءتا عنييدي وهمييا عريييانتين واعتييذرتا
وقالتا ل تؤاخييذينا ،فييأنت أصييغر منييا سيينا وأكمييل
عقل ،وما بقينييا نييذكر الييزواج أبييدا .فقلييت مرحبييا
بكمييا يييا أخييتي مييا عنييدي أعييز منكمييا وقبلتهمييا
وزدتهما إكراما ولم تييزل علييى هييذه الحاليية سيينة
كاملة فأردت أن أجهز لي لي مركبا إلى البصييرة،
فجهييزت مركبييا كييبيرة وحملييت فيهييا البضييائع
والمتاجر وما أحتيياج إليييه فييي المركييب وقلييت يييا
أختي هل لكما أن تقعدوا في المنزل حتى أسافر
وأرجع أو تسافرا معي ،فقالتا تسافر معك فإنييا ل
نطيق فراقك فأخذتهما وسييافرنا ،وكنييت قسييمت
مييالي نصييفين فأخييذت النصييف وخبييأت النصييف
الثاني وقلت ربما يصيييب المركييب شيييء ويكييون
في العمر مدة فإذا رجعنا نجييد شيييئا ينفعنييا .ولييم
نزل مسافرين أياما وليييالي ،فتيياهت بنييا المركييب
وغفل الريس عن الطريق ودخلت المركييب بحييرا
غير البحر الذي نريده ولم نعلم بذلك مدة ،وطاب
لنا الريح عشرة أيام فلحت لنييا مدينيية علييى بعييد
فقلنا للريس ما اسم هييذه المدينيية الييتي أشييرفنا
عليهييا فقييال واللييه ل أعلييم ول رأيتهييا قييط ،ول
سلكت عمري هذا البحر ،ولكن جاء المر بسلمة
فمييا بقييي إل أن تييدخلوا هييذه المدينيية وتخرجييوا
بضائعكم فإن حصل لكم بيع فبيعوا وغاب سيياعة.
ثم جاءنا وقال قومييوا إلييى المدينيية وتعجبييوا ميين
صنع الله في خلقه واستعيذوا من سخطه فطلعنا
المدينة فوجييدنا كييل ميين فيهييا مسييخوطا حجييارة
سوداء ،فاندهشنا من ذلك ومشييينا فييي السييواق
فوجدنا البضائع باقية والذهب والفضة باقيين على
حالهمييا ففرحنييا وقلنييا لعييل هييذا يكييون لييه أميير
عجيب ،وتفرقنا فييي شييوارع المدينيية وكييل واحييد
اشتغل عن رفيقه بما فيها ميين المييال والقميياش.
وأمييا أنييا فطلعييت إلييى القلعيية فوجييدتها محكميية
فدخلت قصر الملييك فوجييدت فيييه جميييع الوانييي
من الذهب والفضة ثم رأيت الملك جالسا وعنييده
حجابه ونوابه ووزرائه وعليه ميين الملبييس شيييء
يتحير فيه الفكيير فلمييا قربييت ميين الملييك وجييدته
جالسا على كرسي مرصع بالدر والجواهر فيه كل
درة تضيء كالنجمة وعليه حلة مزركشيية بالييذهب
وواقفا حوله خمسون مملوكا بييين أنييواع الحرييير،
وفي أيديهم السيوف مجردة .فلمييا نظييرت لييذلك
دهش عقلييي ثييم مشيييت ودخلييت قاعيية الحريييم،
فوجدت في حيطانها ستائر ميين الحرييير ووجييدت
الملكة عليها حلة مزركشة بيالؤلؤ الرطيب وعليى
رأسها تاج مكلل بأنواع الجواهر وفي عنقهييا قلئد
وعقودا وجميع ما عليهييا ميين الملبييوس والمصيياغ
باق على حاله وهي ممسوخة حجر أسود ووجدت
بابا مفتوحا فدخلته ووجدت فيه سييلما بسييبع درج
فصعدته ،فرأيت مكانييا مرخمييا مفروشييا بالبسييط
المذهبة ووجدت فيه سييرير ميين المرميير مرصييعا
بالييدر والجييواهر ونظييرت نييورا لمعييا فييي جهيية
فقصدتها فوجدت فيها جيوهرة مضييئة قيدر بيييض
النعامييية عليييى كرسيييي صيييغير ،وهيييي تضييييء
كالشييمعة ،ونورهييا سيياطع ومفييروش علييى ذلييك
السرير من أنواع الحرييير مييا يحييير النيياظر .فلمييا
نظرت إلى ذلك تعجبت ورأيت فييي ذلييك المكييان
شموعا موقييدة فقلييت فييي نفسييي لبييد أن أحييدا
أوقد هذه الشموع ،ثيم إنيي مشييت حيتى دخليت
موضعا غيره وصرت أفتش في تلك
الماكن ونسيت نفسي مما أدهشني من التعجييب
من تلك الحوال ،واستغرق فكييري إلييى أن دخييل
الليل فأردت الخروج فلم أعرف الباب وتهت عنه
فعييدت إلييى الجهيية الييتي فيهييا الشييموع الموقييدة
وجلست علييى السييرير وتغطيييت بلحيياف بعييد أن
قرأت شيئا من القرآن وأوردت النوم فلم أستطع
ولحقني القلق .فلما انتصييف الليييل سييمعت تلوة
القرآن بصوت حسيين رقيييق فييالتفت إلييى مخييدع
فرأيت بابه مفتوحا فدخلت الباب ونظرت المكان
فإذا هو معبييد وفيييه قناديييل معلقيية موقييدة وفيييه
سييجادة مفروشيية جييالس عليهييا شيياب حسيين
المنظر فتعجبت كيف هو سالم دون أهل المدينيية
فييدخلت وسييلمت عليييه فرفييع بصييره ورد علييي
السلم فقلت له أسألك بحق ما تتلييوه ميين كتيياب
الله أن تجيبني عن سؤالي .فتبسم وقال أخييبرني
عن سبب دخولك هذا المكان وأنا أخييبرك بجييواب
ما تسألينه عنه فأخبرته بخبري فتعجب من ذلييك،
ثييم إننييي سييألته عيين خييبر هييذه المدينيية فقييال
أمهلينييي ثييم طبييق المصييحف وادخلييه كيييس ميين
الطلس وأجلسني بجنبييه فنظييرت إليييه فييإذا هييو
كالبدر حسن الوصاف لين العطاف بهي المنظر
رشيييق القييد أسيييل الخييد زهييي الجنييات كييأنه
المقصود من هذه البيات:
قد المليح يميس في رصد النجم ليله فبدا له
برديه
والمسك هادي الخال وأمد زحل سواد ذوائب
في خديه
والقوس يرمي وغدت من المربح حمرة خده
النبل من جفنيه
وأبى السها نظر وعطارد أعطاه فرط ذكائه
الوشاة إليه
والبدر باس فغدا المنجم حائرا مما رأى
الرض بين يديه
فنظرت له نظرة أعقبتنييي أليف حسييرة وأوقيدت
بقلبي كل جمرة فقلت له يا مييولي أخييبرني عمييا
سييألتك فقييال سييمعا وطاعيية .أعلمييي أن هييذه
المدينيية مدينيية والييدي وجميييع أهلييه وقييومه وهييو
الملك الذي رأيته على الكرسييي ممسييوخا حجييرا
وأمييا الملكيية الييتي رأيتهييا فهييي أمييي وقييد كييانوا
مجوسييا يعبييدون النييار دون الملييك الجبييار وكييانوا
يقسمون بالنييار والنييور والظييل والخييرور والفلييك
الذي يدور وكان أبي ليس له ولد فييرزق بييي فييي
آخر عمره فرباني حييتى نشييأت وقييد سييبقت لييي
السعادة ،وكييان عنييدنا عجييوز طاعنيية فييي السيين
مسلمة تؤمن بالله ورسوله فييي البيياطن وتوافييق
أهلي في الظاهر وكان أبي يعتقييد فيهييا لمييا يييرى
عليها من المانة والعفة وكان يكرمهييا ويزيييد فييي
إكرامها وكان يعتقد أنهييا علييى دينييه .فلمييا كييبرت
سييلمني أبييي إليهييا وقييال :خييذيه وربيييه وعلميييه
أحييوال ديننييا وأحسييني تربيتييه وقييومي بخييدمته
فأخييذتني العجييوز وعلمتنييي دييين السييلم ميين
الطهارة والوضوء والصلة وحفظتني القرآن فلما
أتمت ذلك قالت لي يا ولدي أكتم هييذا الميير عيين
أبيك ول تعلمه به لئل يقتلك فكتمته عنه ولييم أزل
على هذا الحال مدة أيام قلئل وقد ماتت العجييوز
وزاد أهل المدينة في كفرهييم وعتييوهم وضييللهم.
فبينما هم على ما هم فيه إذ سمعوا مناديا ينييادي
بأعلى صوته مثل الرعد القاصف سييمعه القريييب
والبعيد يقول يا أهييل المدينيية أرجعييوا عيين عبييادة
النييار واعبييدوا الملييك الجبييار فحصييل عنييد أهييل
المدينة فزع واجتمعوا عند أبي وهو ملييك المدينيية
وقالوا له :ما هذا الصوت المزعييج الييذي سييمعناه
فاندهشنا ميين شييدة هييوله فقييال لهييم ليهييولنكم
الصوت ول يردعنكم عن دينكييم .فمييالت قلييوبهم
إلى قول أبي ولم يزالوا مكبين علييى عبييادة النييار
واستمروا على طغيانهم مدة سنة حتى جاء ميعاد
ما سمعوا الصوت الول فظهر لهم ثانيا فسييمعوا
ثلث مرات على ثلث سنين فييي كييل سيينة مييرة
فلم يزالوا عاكفين على مييا هييم عليييه حييتى نييزل
عليهم المقت والسييخط ميين السييماء بعييد طلييوع
الفجيير ،فمسييخوا حجييارة سييودا وكييذلك دوابهييم
وأنعامهم ولم يسلم من أهل هذه المدينيية غيييري،
ومن يوم ما جييرت هييذه الحادثيية وأنييا علييى هييذه
الحالة في صلة وصيام وتلوة قييرآن وقييد يئسييت
من الوحدة ومييا عنييدي ميين يؤنسييني .فعنييد ذلييك
قلت له أيها الشاب هييل لييك أن تييروح معييي إلييى
مدينيية بغييداد وتنظيير إلييى العلميياء وإلييى الفقهيياء
فتزداد علمييا وفقهييا وأكييون أنييا جاريتييك مييع إنييي
سيدة قومي وحاكمة على رجال وخييدم وغلمييان،
وعنييدي مركييب مشييحون بييالمتجر وقييد رمتنييا
المقادير على هذه المدينيية حييتى كييان ذلييك سييببا
في إطلعنا على هذه المييور وكييان النصيييب فييي
إجتماعنا ولم أزل أرغبه في التييوجه حييتى أجييابني
إليه .وأدرك شهرزاد الصباح فسييكتت عيين الكلم
المباح.
و في الليلة الثامنة عشرة قالت :بلغني أيهييا
الملك السعيد أن الصبية ما زالت تحسن للشيياب
التوجه معها حتى غليب عليهييا النييوم فنييامت تلييك
الليلة تحت رجليه وهي ل تصدق بما هي فييه مين
الفرح ،ثم قالت فلما أصييبح الصييباح قمنييا ودخلنييا
إلى الخزائن وأخذنا ما خف حمله وغل ثمنه ونزلنا
من القلعيية إلييى المدينيية فقابلنييا العبيييد والريييس
وهييم يفتشييون علييي فلمييا رأونييي فرحييوا بييي
وسألوني عن سييبب غيييابي فييأخبرتهم بمييا رأيييت
وحكيت لهم قصة الشاب وسبب مسخ أهييل هييذه
المدينة وما جرى لهم فتعجبوا من ذلك.
فلما رأتني أختاي ومعييي ذلييك الشيياب حسييدتاني
عليه وصارتا فييي غيييظ وأضييمرتا المكيير لييي .ثييم
نزلنييا المركييب وأنييا بغاييية الفييرح وأكييثر فرحييي
بصييحبة هييذا الشيياب وأقمنييا ننتظيير الريييح حييتى
طابت لنا الريح فنشرنا القلييوع وسييافرنا فقعييدت
أختاي عندنا وصارت تتحدثان فقالتا لييي يييا أختيياه
مييا تصيينعين بهييذا الشيياب الحسيين فقلييت لهمييا
قصدي أن اتخذه بعل ،ثم التفت إليه وأقبلت عليه
وقلت يا سيدي أنييا أقصييد أن أقييول لييك شيييئا فل
تخالفني فيه .فقال سمعا وطاعة .ثم التفييت إلييى
أختاي وقلت لهما يكفيني هذا الشاب وجميع هييذه
الموال لكما فقالتا نعم ما فعلت ولكنهما أضمرتا
لي الشر ولم نزل سائرين مع اعتدال الريح حييتى
خرجنييا ميين بحيير الخييوف ودخلنييا بحيير المييان
وسييافرنا أيامييا قلئل إلييى أن قربنييا ميين مدينيية
البصرة ولحت لنييا أبنيتهييا ،فأدركنييا المسيياء فلمييا
أخييذنا النييوم قييامت أختيياي وحملتيياني أنييا والغلم
ورمتانا في البحر ،فأما الشاب فإنه كان ل يحسن
العوم فغييرق وكتبييه اللييه ميين الشييهداء .وأمييا أنييا
فكنت ميين السييالمين ،فلمييا سييقطت فييي البحيير
رزقني الله بقطعة من خشيب فركبتهيا وضيربتني
المواج إلى أن رمتنييي علييى سيياحل جزيييرة فلييم
أزل أمشي في الجزيرة بيياقي ليلييتي فلمييا أصييبح
الصباح رأيت طريقا فيه أثر مشي على قييدر ابيين
آدم وتلك الطريق متصلة ميين الجزيييرة إلييى الييبر
وقد طلعت الشمس فنشفت ثيابي فيهييا وسييرت
في الطريق ولم أزل سييائرة إلييى أن قربييت ميين
البر الذي فيه المدينة وإذا بحية تقصييدني وخلفهييا
ثعبان يريييد هلكهييا وقييد تييدلى لسييانها ميين شييدة
التعب .فأخذتني الشفقة عليها فقعدت إلييى حجيير
وألقيتييه علييى رأس الثعبييان فمييات ميين وقتييه
فنشرت الحية جناحين وصارت في الجو فتعجبييت
من ذلك وقد تعبييت فنمييت فييي موضييعي سيياعة،
فلما أفقت وجدت تحت رجلي جارية وهي تكبييس
رجلي فجلست واستحيت منها وقلت لها من أنت
وما شانك فقالت ما أسرع ما نسييتني أنييت اليتي
فعلت معي الجميييل وقتلييت عييدوي ،فييإني الحييية
التي خلصتيني من الثعبان جنييي وهييو عييدوي ومييا
نجاني منه إل أنت .فلما نجيتنييي منييه طييرت فييي
الريح وذهبت إلى المركب التي رماك منها أختيياك
ونقلت جميييع مييا فيهييا إلييى بيتييك وأحرقتهييا وأمييا
أختاك فإني سحرتهما كلبتين ميين الكلب السييود،
فييإني عرفييت جميييع مييا جييرى لييك معهمييا ،وأمييا
الشاب فإنه غرق ثم حملني أنا والكلبييتين والقتنييا
فييوق سييطح داري فرأيييت جميييع مييا كييان فييي
المركب من الموال فييي وسييط بيييتي ولييم يضييع
منه شيء ،ثم أن الحييية قييالت لييي وحييق النقييش
الذي على خاتم سليمان إذا لم تضربي كل واحدة
منها فييي كييل يييوم ثلثمييائة سييوط لتييين أجعلييك
مثلهمييا فقلييت سييمعا وطاعيية .فلييم أزل يييا أمييير
المؤمنين أضربها ذلييك الضييرب وأشييفق عليهمييا،
فتعجب الخليفة من ذلك ثم قييال للصييبية الثانييية:
وأنت ما سبب الضرب الذي على جسدك فقالت:
يا أمير المؤمنين إني كان لييي والييد مييات وخلييف
مال كييثيرا ،فييأقمت بعييده مييدة يسيييرة وتزوجييت
برجل اسعد أهل زمانه فييأقمت معييه سيينة كامليية
ومات فورثت منه ثمييانين ألييف دينييار ،فبينمييا أنييا
جالسة في يوم من اليييام إذ دخلييت علييي عجييوز
بوجه مسقوط وحاجب ممغييوط وعيونهييا مفجييرة
وأسنانها مكسييرة ومخاطهييا سييائل وعنقهييا مييائل
كما قال فيها الشاعر:
تعلمه الخديعة ميين عجوز النحس إبليس يراها
إذا سييكوت تقييود ميين السياسيية ألييف بغييل
انفردوا بخيط العنكبوت
فلما دخلت العجوز علمت علي وقييالت أن عنييدي
بنتا يتيمة والليلة عملت عرسييها وأنييا قصييدي لييك
الجر والثواب فاحضييري عرسييها فأنهييا مكسييورة
الخاطر ليس لها إل اللييه تعييالى ثييم بكييت وقبلييت
رجلييي فأخييذتني الرحميية والرأفيية فقلييت سييمعا
وطاعة فقالت جهزي نفسك فييإني وقييت العشيياء
أجي وآخذك ثم قبلت يدي وذهبت فقمت وهيييأت
نفسييي وجهييزت حييالي وإذا بييالعجوز قييد أقبلييت
وقييالت يييا سيييدتي أن سيييدات البلييد قييد حضييرن
وأخبرتهن بحضورك ففرحن وهيين فييي انتظييارك،
فقمت وتهيأت وأخذت جواري معي وسرت حييتى
أتينا إلى زقاق هب فيه النسيم وراق فرأينا بوابيية
مقنطييرة قبيية ميين الرخييام مشيييدة البنيييان وفييي
داخلها قصر قد قام من التراب وتعلييق بالسييحاب
فلما وصلنا إليى البياب طرقتيه العجيوز ففتيح لنيا
ودخلنا فوجدنا دهليزا مفروشا بالبسط معلقا فيييه
قناديييل موقييدة وشييموع مضيييئة وفيييه الجييواهر
والمعادن معلقة فمشينا في الدهليز إلى أن دخلنا
القاعة فلييم يوجييد لهييا نظييير مفروشيية بييالفراش
الحريير معلقييا فيهيا القناديييل الموقييدة والشيموع
المضيييئة وفييي صييدر القاعيية سييرير ميين المرميير
مرصع بالدر والجوهر وعليه ناموسية من الطلس
وإذا بصييبية خرجييت ميين الناموسييية مثييل القميير
فقالت لي مرحبا وأهل وسييهل يييا أخييتي آنسييتيني
وجبرت خاطري وأنشدت تقول:
واستبشرت ثم لو تعلم الدار من زارها فرحت
باست موضع القدم وأعلنت بلسان الحال
أهل وسهل بأهل الجود والكرم قائلة
ثم جلست وقالت يييا أخييتي أن لييي أخييا وقييد رآك
في الفراح وهو شاب احسن مني وقد أحبك قلبه
حبا شديدا وأعطى هذه العجوز دراهم حييتى أتتييك
وعملت الحيلة لجل اجتماعه بييك ويريييد أخييي أن
يتزوجك بسنة الله ورسييوله ومييا فييي الحلل ميين
عيييب فلمييا سييمعت كلمهييا ورأيييت نفسييي قييد
انحجزت في الدار فقلييت للصييبية سييمعا وطاعيية
ففرحت وصفقت بيدها وفتحييت بابييا ،فخييرج منييه
شاب مثل القمر كما قال الشاعر:
جل الذي صاغه قد زاد حسنا تبارك الله
وسواه
كل الورى في قد حاز كل الجمال منفردا
جماله تهواه
أشهد أن ل مليح قد كتب الحسن فوق وجنته
إل هو
فلما نظرت إليه مال قلبي له ثم جاء وجلس وإذا
بالقاضييي قييد دخييل ومعييه أربعيية شييهود فسييلموا
وجلسوا ،ثم أنهم كتبوا كتييابي علييى ذلييك الشيياب
وانصرفوا فالتفت الشاب إلي وقال ليلتنا مباركة،
ثم قال يا سيدتي أني شارط عليك شرطا فقلييت
يا سيدي وما الشييرط فقيام وأحضير ليي مصييحفا
وقال احلفييي لييي أنييك ل تختيياري أحييدا غيييري ول
تميلييي إليييه فحلفييت لييه علييى ذلييك ففييرح فرحييا
شييديدا وعييانقني فأخييذت محبتييه بمجامييح قلييبي
وقدموا لنا السييماط فأكلنييا وشييربنا حييتى اكتفينييا
فييدخل علينييا الليييل .فأخييذني ونييام معييي علييى
الفراش وبتنا فييي عنيياق إلييى الصييباح ،ولييم نييزل
علييى هييذه الحاليية مييدة شييهر ،ونحيين فييي هنيياء
وسرور وبعد الشهر اسييتأذنته فييي أن أسييير إلييى
السييوق وأشييتري بعييض قميياش فييأذن لييي فييي
الييرواح ،فلبسييت ثيييابي وأخييذت العجييوز معييي
ونزلييت فييي السييوق فجلسييت علييى دكييان تيياجر
تعرفه العجوز وقالت لي هذا ولد صغير مات أبوه
وخلف مال كثيرا ثم قالت له هات أعييز مييا عنييدك
من القماش لهذه الصبية .فقال لها سمعا وطاعة
فصارت العجييوز تثنييي عليييه فقلييت مييا لنييا حاجيية
بثنائك عليه لن مرادنا أن نأخذ حاجتنا منييه ونعييود
إلى منزلنا فأخرج لنا ما طلبناه وأعطيناه الدراهم
فأبى أن يأخييذ شيييئا وقييال هييذه ضيييافتكما اليييوم
عندي فقلت للعجوز إن لييم يأخييذ الييدراهم أعطييه
قماشه .فقال :والله ل آخييذ شيييئا والجميييع هدييية
من عندي في قبلة واحدة فإنها عندي أحسن ميين
ما في دكاني .فقالت العجوز ما الذي يفيييدك ميين
القبلة ثم قالت يا بنتي قييد سييمعت مييا قييال هييذا
الشاب وما يصيبك شيء اخذ منك قبليية وتأخييذين
مييا تطلييبينه فقلييت لهييا أمييا تعرفييين أنييي حالفيية
فقالت دعيه يقبلك وأنت سيياكتة ول عليييك شيييء
وتأخذين هذه الدراهم ولزالت تحسيين لييي الميير
حتى أدخلت رأسي في الجراب ورضيت بذلك ثييم
إنييي غطيييت عينييي وداريييت بطييرف إزاري ميين
الناس وحط فمه تحت إزاري على خييدي فمييا أن
قبلني حتى عضني عضة قوية ،حييتى قطييع اللحييم
من خدي فغشييي علييي ثييم آخييذتني العجييوز فييي
حضيينها .فلمييا أفقييت وجييدت الييدكان مقفوليية
والعجوز تظهر لي الحزن ،وتقول ما دفع الله كان
أعظم ثم قالت لي قومي بنا إلى الييبيت وأعملييي
نفسك ضعيفة وأنا أجيييء إليييك بييدواء تييداوين بييه
هذه العضة فتبرئين سريعا فبعد ساعة قمييت ميين
مكيياني وأنييا فييي غاييية الفكيير واشييتداد الخييوف،
فمشيت حتى وصلت إلييى الييبيت وأظهييرت حاليية
المرض وإذا بزوجي داخل وقال ما الذي أصابك يا
سيدتي في هيذا الخيروج فقلييت ليه ميا انييا طيبيية
فنظر إلي وقال لي مييا هييذا الجييرح الييذي بخييدك
وهييو فييي المكييان النيياعم .فقلييت لمييا اسييتأذنتك
وخرجت في هذا النهار لشتري القماش زاحمنييي
جمل حامل حطبا فشرط نقابي وجرح خييدي كمييا
ترى فإن الطريق ضيييق فييي هييذه المدينيية فقييال
غدا أروح للحاكم وأشكوا له فيشيينق كييل حطيياب
في المدينيية فقلييت بييالله عليييك ل تتحمييل خطيئة
أحييد فييإني ركبييت حمييارا نفيير بييي فييوقعت علييى
الرض فصييادفني عييود فخييدش خييدي وجرحنييي،
فقييال غييدا أطلييع لجعفيير الييبرمكي وأحكييي لييه
الحكاية فيقتل كل حمار في هييذه المدينيية فقلييت
هل أنييت تقتييل النيياس كلهييم بسييببي وهييذا الييذي
جرى لي بقضاء الله وقدره .فقال لبييد ميين ذلييك
وشدد علييي ونهييض قائمييا وصيياح صيييحة عظيميية
فانفتييح البيياب وطلييع منييه سييبعة عبيييد سييود
فسحبوني من فراشي ورموني فييي وسييط الييدار
ثييم أميير عبييدا منهييم أن يمسييكني ميين أكتييافي،
ويجلس على رأسي وأمر الثاني أن يجلييس علييى
ركبتي ويمسك رجلي وجاء الثالث وفي يده سيف
فقال يا سيدي أضربها بالسيف فأقسييمها نصييفين
وكل واحد يأخييذ قطعيية يرميهييا فييي بحيير الدجليية
فيأكلهييا السييمك وهييذا جييزاء ميين يخييون اليمييان
المودة وأنشد هذا الشعر:
منعت الهوى إذا كان لي فيمن أحب مشارك
روحي ليتلفني وجدي وقلت لها يا نفس موتي
فل خير في حب يكون مع الضد كريهة
ثم قال للعبد اضربها يا سعد فجرد السيييف وقييال
اذكري الشهادة وتذكري ما كان لييك ميين الحييوائج
واوصييي ثييم رفعييت رأسييي ونظييرت إلييى حييالي
وكيف صرت في الذل بعد العجييز فجييرت عييبرتي
وبكيت أنشدت هذه البيات:
وأسهرتم أقمتم فؤادي في الهوى وقعدتم
جفني القريح ونمتم
فل القلب ومنزلكم بين الفؤاد وناظري
يسلوكم ول الدمع يكتم
فلما تملكتم وعاهدتموني أن تقيموا على الوفا
فؤادي غدرتم
أأنتم صروف ولم ترحموا وجدي بكم وتلهفي
الحادثات أمنتم
على لوح قبري سألتكم بالله أن مت فاكتبوا
أن هذا متيم
يمر على قبر لعل شجيا عارفا لوعة الهوى
المحب فيرحم
فلما فرغت من شعري بكيت فلما سمع الشعر
ونظر إلى بكائي أزداد غيظا على غيظه وأنشد
هذين البيتين:
ولكن جنى ذنبا تركت حبيب القلب لعن مللة
يؤدي إلى الترك إذا ارى شريكا في المحبة
وإيمان قلبي ل يميل إلى الشرك بيننا
فلمييا فييرغ ميين شييعره بكيييت واسييتعطفته ،وإذا
بييالعجوز قييد دخلييت ورمييت نفسييها علييى أقييدام
الشاب وقبلتها وقالت يا ولييدي بحييق تربيييتي لييك
تعفوا عن هذه الصبية فإنها ما فعلييت ذنبييا يييوجب
ذلك وأنت شاب صغير فأخاف عليييك ميين دعائهييا
ثم بكت العجييوز ،ولييم تييزل تلييح عليييه حييتى قييال
عفوت عنها ،ولكيين لبييد لييي أن أعمييل فيهييا أثييرا
يظهر عليها بقية عمرها ،ثم أمر العبيييد فجييذبوني
من ثيابي وأحضر قضيييبا ميين سييفرجل ونييزل بييه
على جسييدي بالضييرب ،ولييم يييزل يضييربني ذلييك
الشاب على ظهري وجنبي حتى غبييت عيين الييدنيا
من شدة الضرب وقد يئست من حييياتي ثييم أميير
العبيييد أنييه إذا دخييل الليييل يحملييونني ويأخييذون
العجوز معهم ويرمونني في بيتي الذي كنييت فيييه
سابقا .ففعلوا ما أمرهم به سيدهم ورمييوني فييي
بيييتي ،فتعاهييدت نفسييي وتييداويت فلمييا شييفيت
بقيت أضلعي كأنها مضروبة بالمقارع ،كمييا تييرى
فاستمريت في مداواة نفسي أربعيية أشييهر حييتى
شفيت ،ثم جئت إلى الييدار الييتي جييرت لييي فيهييا
ذلك المر فوجدتها خربة ووجدت الزقاق مهد وما
من أوله إلى آخره ووجدت في موقييع الييدار كيمييا
ولم أعلم سبب ذلك فجئت إلى أخييتي هييذه الييتي
من أبي فوجدت عنييدها هيياتين الكلبييتين فسييلمت
عليهييا وأخبرتهييا بخييبري وبجميييع مييا جييرى لييي.
فقييالت ميين ذا الييذي ميين نكبييات الزمييان ،سييلم
الحمد لله الذي جعل الميير بسييلمة ثييم أخييبرتني
بخبرها وبجميع ما جرى لها من أختيها وقعدت أنييا
وهي ل نذكر خبر الزواج على ألسنتنا ثم صيياحبتنا
هذه الصبية الدللة في كل يوم تخرج فتشتري لنا
ما نحتيياج إليييه ميين المصييالح علييى جييري علتهييا،
فوقع لنا ما وقع ميين مجيييء الجمييال والصييعاليك
ومن مجيئكم في صفة تجار فلما صييرنا فييي هييذا
اليوم ولم نشعر إل نحن بين يديك وهييذه حكايتنييا،
فتعجب الخليفة من هذه الحكاية وجعلهييا تاريخهييا
مثبتا في خزانته وأدرك شهرزاد الصييباح فسييكتت
عن الكلم المباح.
وفي الليلة التاسعة عشرة قالت :بلغني أيهييا
الملييك السييعيد أن الخليفيية أميير أن تكتييب هييذه
القصة في الدواوين ويجعلوها فييي خزانيية الملييك
ثييم أنييه قييال للصييبية الولييى هييل عنييدك خييبر
بالعفريتيية الييتي سييحرت أختيييك ،قييالت يييا أمييير
المؤمنين إنها أعطتني سيئا ميين شييعرها ،وقييالت
إن أردت حضوري فاحرقي من هييذا الشييعر شيييئا
فأحضر إليك عيياجل ولييو كنييت خلييف جبييل قيياف.
فقييال الخليفيية أحضييري لييي الشييعر فأحضييرته
الصبية فأخييذه الخليفيية ،وأحييرق منييه شيييئا فلمييا
فيياحت منييه رائحيية إهييتز القصيير وسييمعوا دويييا
وصلصييلة وإذا بالجنييية حضييرت وكييانت مسييلمة
فقالت السييلم عليكييم يييا خليفيية فقييال :وعليكييم
السلم ورحمة الله وبركاته ،فقالت أعلم أن هييذه
الصييبية صيينعت معييي جميل ول أقييدر أن أكافئهييا
عليييه فهييي أنقييذتني ميين المييوت وقتلييت عييدوي
ورأيت مييا فعلييه معهييا أختاهييا فمييا رأيييت إل أنييي
أنتقييم منهمييا فسييحرتهما كلبييتين بعييد أن أردت
قتلهميييا فخشييييت أن يصيييعب عليهيييا ،وإن أردت
خلصهما ،يا أمير المييؤمنين أخلصييهما كراميية لييك
ولها فإني من المسلمين .فقال لها خلصيهما وبعد
ذلك نشرع في أميير الصييبية المضييروبة ،وتفحييص
عن حالها فإذا ظهر لي صدقها أخذت ثأرهييا مميين
ظلمها فقالت العفريتة يا أمير المؤمنين أنييا أدلييك
على مييا فعييل بهييذه الصييبية هييذا الفعييل وظلمهييا
وأخييذ مالهييا وهييو أقييرب النيياس إليييك ،ثييم إن
العفريتة أخذت طاسة من الميياء وعزمييت عليهييا،
ورشييت وجييه الكلبييتين ،وقييالت لهمييا عييودا إلييى
صورتكما الولى البشرية فعادتييا صييبيتين سييبحان
خالقهمييا ،ثييم قييالت يييا أمييير المييؤمنين أن الييذي
ضييرب الصييبية ،ولييدك المييين فييإنه كييان يسييمع
بحسنها وجمالهييا ،وحكييت لييه العفريتيية جميييع مييا
جييرى للصييبية فتعجييب وقييال الحمييد للييه خلص
هاتين الكلبتين على يدي.
ثم أن الخليفة أحضر ولده المين بين يديه وسأله
عن قصة الصبية الولى فأخبره علييى وجييه الحييق
فأحضييره الخليفيية القضيياة والشييهود والصييعاليك
الثلثة ،وأحضر الصبية الولى وأختيها اللييتين كانتييا
مسحورتين في صورة كلبتين ،وزوج الثلثة للثلثة
الصعاليك الذين أخبروه أنهم كانوا ملوكا وعملهييم
حجابا عنده وأعطاهم مييا يحتيياجون إليييه وأنزلهييم
فييي قصيير بغييداد ورد الصييبية المضييروبة لولييده
المين وأعطاهييا مييال كييثيرا وأميير أن تبنييى الييدار
أحسن ما كانت ثم أن الخليفة تزوج بالدللة ورقد
في تلييك الليليية معهييا .فلمييا أصييبح أفييرد لهييا بيتييا
وجواري يخدمنها ورتب لها راتبا ،وشيد لهييا قصييرا
ثم قال لجعفر ليلة من الليالي أني أريييد أن ننييزل
في هذه الليليية إلييى المدينيية ونسييأل عيين أحييوال
الحكام والمتولين وكل من شكا منه أحييد عزلنيياه
فقال جعفر ومسيرور نعيم ،وسياروا فيي المدينية
ومشوا فييي السييواق مييروا بزقيياق ،فييرأوا شيييخا
كبيرا على رأسه شبكة وقفة وفي يده عصييا وهييو
ماش على مهله.
ثم إن الخليفيية تقييدم إليييه وقييال لييه يييا شيييخ مييا
حرفتك قال يا سيدي صياد وعندي عائلة وخرجت
من بيتي من نصيف النهييار إلييى هييذا الييوقت ولييم
يقسم الله لي شيئا أقوت به عيييالي وقييد كرهييت
نفسي وتمنيت الموت .فقال له الخليفيية هييل لييك
أن ترجييع معنييا إلييى البحيير وتقييف علييى شيياطئ
الدجلة وترمي شبكتك على بخييتي وكييل مييا طلييع
اشتريته منك بمائة دينار .ففرح الرجل لمييا سييمع
هذا الكلم وقال على رأسي أرجع معكييم .ثييم أن
الصييياد ورجييع إلييى البحيير ورمييى شييبكته وصييبر
عليها ،ثم أنه جذب الخيط وجر الشبكة إليه فطلع
في الشبكة صندوق مقفول ثقيل الوزن فلما نظر
الخليفيية وجييده ثقيل فييأعطى الصييياد مييائة دينييار
وانصييرف وحمييل الصييندوق مسييرور هييو وجعفيير
وطلعا به مع الخليفة إلى القصيير وأوقييد الشييموع
والصيييندوق بيييين ييييدي الخليفييية فتقيييدم جعفييير
ومسييرور وكسييروا الصييندوق فوجييدوا فيييه قفيية
خييوص محيطيية بصييوت أحميير فقطعييوا الخياطيية
فرأوا فيها قطعة بسيياط فرفعوهييا فوجييدوا تحتهييا
أزار فرفعييوا الزار فوجييدوا تحتهييا صييبية كأنهييا
سبيكة مقتوليية ومقطوعيية .فلمييا نظرهييا الخليفيية
جرت دموعه على خده والتفت إلى جعفر وقييال:
يا كلب الوزراء أتقتل القتلى فييي زمنييي ويرمييون
في البحر ويصيرون متعلقين بذمتي والله لبييد أن
أقتص لهذه الصبية ممن قتلها وأقتله وقال لجعفر
وحق اتصال نسبي بالخلفاء ميين بنييي العبيياس إن
لم تأتيني بالذي قتل هييذه لنصييفها منييه لصييلبنك
على باب قصييري أنييت وأربعييين ميين بنييي عمييك،
واغتاظ الخليفة .فقييال جعفيير أمهلنييي ثلثيية أيييام
قال أمهلتك .ثم خرج جعفر من بين يييديه ومشييى
في المدينة وهو حزين وقال في نفسه من أعرف
من قتل هذه الصييبية حييتى أحضييره للخليفيية وإن
أحضرت له غيره يصير معلقا بييذمتي ول أدري مييا
أصنع .ثم إن جعفر جلس في بيته ثلثة أيام وفييي
اليوم الرابع أرسل له الخليفيية يطلبييه فلمييا تمثييل
بين يديه قال له أين قاتييل الصييبية قييال جعفيير يييا
أمير المؤمنين أنا أعلم الغيب حتى أعرف قاتلهييا،
فاغتاظ الخليفة وأمر بصلبه على باب قصره وأمر
مناديا ينادي فييي شييوارع بغييداد ميين أراد الفرجيية
على صلب جعفر البرمكي وزييير الخليفيية وصييلب
أولد عمه على باب قصر الخليفة ليخرج ليتفييرج.
فخرج الناس من جميييع الحييارات ليتفرجييوا علييى
صلب جعفر وصلب أولد عمه ولييم يعلمييوا سييبب
ذلك ثييم أميير بنصييب الخشييب فنصييبوه وأوقفهييم
تحته لجييل الصييلب وصيياروا ينتظييرون الذن ميين
الخليفة وصار الخلق يتبيياكون علييى جعفيير وعلييى
أولد عمييه .فبينمييا هييم كييذلك وإذا بشيياب حسيين
نقي الثواب يمشي بييين النيياس مسييرعا إلييى أن
وقف بين يدي الوزير وقال له :سلمتك ميين هييذه
الوقفة يا سيد المييراء وكهييف الفقييراء ،أنييا الييذي
قتلييت القتيليية الييتي وجييدتموها فييي الصييندوق،
فاقتلني فيها واقتص مني .فلما سييمع جعفيير كلم
الشاب وما أبداه من الخطاب فرح بخلص نفسييه
وحزن علييى الشيياب .فبينمييا هييم فييي الكلم وإذا
بشيخ كبير يفسح النيياس ويمشييي بينهييم بسييرعة
إلى أن وصل إلى جعفيير والشيياب فسييلم عليهمييا
ثم قال أيها الوزير ل تصدق كلم هذا الشاب فييإنه
ما قتل هذه الصبية إل أنا فاقتص لها منييي .فقييال
الشاب أيها الوزير ،إن هذا الشيخ كييبير خرفييان ل
يدري ما يقول وأنا الذي قتلتها فاقتص مني .فقال
الشيخ ،يا ولدي أنت صغير تشتهي الدنيا وأنا كبير
شبعت من الدنيا وأنا أفديك وأفييدي الييوزير وبنييي
عمه وما قتل الصبية إل أنا ،فبالله عليك أن تعجل
بالقتصاص مني ،فلما نظر إلى ذلك المر تعجييب
منه وأخذ الشاب والشيخ وطلع بهما عند الخليفيية
وقال يييا أمييير المييؤمنين قييد حضيير قاتييل الصييبية
فقال الخليفة أين هو ،فقال إن هذا الشاب يقييول
أنييا القاتييل وهييذا الشيييخ يكييذبه ويقييول ل بييل أنييا
القاتل .فنظر الخليفة إلى الشيييخ والشيياب وقييال
من منكما قتل هذه الصبية فقال الشاب ما قتلتها
إل أنا وقال الشيخ ما قتلها إل أنييا .فقييال الخليفيية
لجعفر خذ الثنين واصلبهما فقييال جعفيير إذا كييان
القاتل واحييد فقتييل الثيياني ظلييم ،فقييال الشيياب:
وحق من رفع السماء وبسط الرض أني أنا الييذي
قتلت الصبية وهذه أمارة قتلها ،ووصف ما وجييده
الخليفة فتحقق عند الخليفة أن الشاب هييو الييذي
قتييل الصييبية فتعجييب الخليفيية وقييال :ومييا سييبب
إقرارك بالقتل من غير ضرب وقولك اقتصييوا لهييا
مني .فقال الشيياب :أعلييم يييا أمييير المييؤمنين أن
هذه الصبية زوجتي وبنت عمي وهذا الشيخ أبوهييا
وهو عمي وتزوجت بهييا وهييي بكيير فرزقنييي اللييه
منها ثلثة أولد ذكور وكانت تحبني وتخدمني ولييم
أر عليها شيئا ،فلما كان أول هييذا الشييهر مرضييت
مرضا شديدا فأحضرت لها الطبيياء حييتى حصييلت
لها العافية فأردت أن أدخلها الحمييام فقييالت إنييي
أريد شيئا قبل دخول الحمام لنييي أشييتهيه فقلييت
لها ومييا هييو فقييالت :إنييي أشييتهي تفاحيية أشييمها
وأعييض منهييا عضيية .فطلعييت ميين سيياعتي إلييى
المدينة وفتشت على التفيياح ولييو كييانت الواحييدة
بدينار فلم أجده فبت تلك الليلة وأنا متفكيير فلمييا
أصييبح الصييباح خرجييت ميين بيييتي ودرت علييى
البساتين واحييد واحييد فلييم أجييده فيهييا فصييادفني
خولي كبير فسألته عن التفاح فقال :يا ولدي هييذا
شيء قل أن يوجد لنييه معييدوم ول يوجييد إل فييي
بستان أمير المؤمنين الذي في البصرة وهييو عنييد
خييولي يييدخره للخليفيية فجئت إلييى زوجييتي وقييد
حملتنييي محبييتي إياهييا علييى أن هيييأت نفسييي
وسييافرت يومييا ليل ونهييارا فييي الييذهاب والييياب
وجئت لهييا بثلث تفاحييات إشييتريتها ميين خييولي
البصرة بثلثة دنانير ،ثم إني دخلت وناولتهييا إياهييا
فلم تفرح بها بل تركتها فييي جانبهييا وكييان مييرض
الحمى قد اشتد بها ،ولم تزل في ضعفها إلييى أن
مضى لها عشرة أيام وبعد ذلك عييوفيت فخرجييت
من البيت وذهبت إلى دكاني وجلسييت فييي بيعييي
وشرائي .فبينما أنا جالس فييي وسييط النهييار وإذا
بعبد أسود ميير علييي وفييي يييده تفاحيية يلعييب بهييا
فقلت له :من أين هييذه التفاحيية حييتى آخييذ مثلهييا
فضحك وقال أخذتها من حبيبييتي وأنييا كنييت غائبييا
وجئت فوجيييدتها ضيييعيفة وعنيييدها ثلث تفاحيييات
فقالت إن زوجي الييديوث سييافر ميين شييأنها إلييى
البصرة فاشتراها بثلثة دنييانير فأخييذت منهييا هييذه
التفاحة ،فلما سمعت كلم العبد يا أمير المييؤمنين
اسودت الييدنيا فييي وجهييي وقفلييت دكيياني وجئت
إلى البيت وأنا فاقد العقل من شييدة الغيييظ فلييم
أجد التفاحة الثالثة فقلت لها :أين التفاحيية الثالثيية
فقييالت ل أدري ول أعييرف أييين ذهبييت .فتحققييت
قول العبييد وقمييت وأخييذت سييكينا وركبييت علييى
صيييدرها ونحرتهيييا بالسيييكين وقطعيييت رأسيييها
وأعضائها ووضييعتها فييي القفيية بسييرعة وغطيتهييا
بالزار ووضعت عليهييا شييقة بسيياط وأنزلتهييا فييي
الصندوق وقفلته وحملتها على بغلتي ورميتها فييي
الدجلة بيدي .فبييالله عليييك يييا أمييير المييؤمنين أن
تعجل بقتلي قصاصا لها فإني خائف من مطالبتهييا
يوم القيامة فإني لما رميتها في بحر الدجليية ولييم
يعلم بها أحييد رجعييت إلييى الييبيت فوجييدت ولييدي
الكبير يبكي ولم يكن له علم بما فعلت فييي أمييه.
فقلت له ما يبكيك فقييال إنييي أخييذت تفاحيية ميين
التفاح الذي عند أمي ونزلت بها إلى الزقاق ألعب
مع إخوتي وإذا بعبد طويل خطفها مني وقييال لييي
من أين جاءتييك هييذه فقلييت لييه هييذه سييافر أبييي
وجاء بها من البصرة من أجل أمييي وهييي ضييعيفة
واشترى ثلث تفاحات بثلثيية دنييانير فأخييذها منييي
وضربني وراح بهييا فخفييت ميين أمييي أن تضييربني
من شأن التفاحة .فلما سمعت كلم الولد علمييت
أن العبد هو الذي افترى الكلم الكذب علييى بنييت
عمي وتحققت أنها قتلت ظلما ثم إني بكيت بكاء
شديدا وإذا بهذا الشيخ وهو عمي والدها قد أقبييل
فأخبرته بما كان فجلس بجييانبي وبكييى ولييم نييزل
نبكي إلى نصف الليل وأقمنا العييزاء خمسيية أيييام
ولم نزل إلى هذا اليوم ونحن نتأسف على قتلهييا،
فبحرمة أجييدادك أن تعجييل بقتلييي وتقتييص منييي.
فلما سمع الخليفة كلم الشاب تعجب وقال والله
ل أقتييل إل العبييد الخييبيث أدرك شييهرزاد الصييباح
فسكتت عن الكلم المباح.