You are on page 1of 135

‫خليل‬

‫مكتبة بني‪2010‬‬ ‫سييوييريياييبييايييييا‬

‫ألف ليل و ليلة‬


‫ذات الحوادث العجيبة والقصص المطربة الغريبة لياليها‬
‫غرام فى غرام و تفاصيل فى حب و عشق و هيام و‬
‫حكايات نوادر فكاهية‪ .‬و لطائف وظرائف أدبية بالصور‬
‫المدهشة البديعة من أبدع ما كان و مناظر أعجوبة من‬
‫عجائب الزمان‬
‫الجزء الول‬

‫‪Page | 1‬‬
‫حكايات الملك شهريار وأخيه الملك شاه‬
‫زمان‬
‫حكي والله أعلم أنه كييان فيمييا مضييى ميين قييديم‬
‫الزمان وسييالف العصيير والوان ملييك ميين ملييوك‬
‫ساسان بجزائر الهند والصين صاحب جند وأعوان‬
‫وخدم وحشم له ولدان أحدهما كبير والخر صغير‬
‫وكانا بطلين وكان الكبير أفرس من الصييغير وقييد‬
‫ملك البلد وحكم بالعييدل بييين العبيياد وأحبييه أهييل‬
‫بلده ومملكته وكان اسمه الملييك شييهريار وكييان‬
‫أخوه الصغير اسمه الملك شاه زمان وكييان ملييك‬
‫ما فييي‬‫سييمرقند العجييم ولييم يييزل الميير مسييتقي ً‬
‫بلدهما وكل واحد منهما في مملكته حيياكم عييادل‬
‫فييي رعيتييه مييدة عشييرين سيينة وهييم فييي غاييية‬
‫البسط والنشراح‪ .‬لم يزال على هذه الحاليية إلييى‬
‫أن اشتاق الكبير إلى أخيه الصغير فأمر وزيره أن‬
‫يسافر إليه ويحضيير بييه فأجييابه بالسييمع والطاعيية‬
‫وسيافر حيتى وصيل بالسيلمة ودخيل عليى أخييه‬
‫وبلغه السلم وأعلمه أن أخاه مشتاق إليه وقصده‬
‫أن يزوره فأجابه بالسمع والطاعة وتجهييز وأخييرج‬
‫مييا‬
‫خيامه وبغاله وخدمه وأعوانه وأقام وزيييره حاك ً‬
‫في بلده وخييرج طالب ًييا بلد أخيييه‪ .‬فلمييا كييان فييي‬
‫نصف الليل تذكر حاجة نسيييها فييي قصييره فرجييع‬
‫ودخييل قصييره فوجييد زوجتييه راقييدة فييي فراشييه‬
‫دا أسييود ميين العبيييد فلمييا رأى هييذا‬ ‫معانقيية عبيي ً‬
‫اسودت الدنيا في وجهه وقال في نفسه‪ :‬إذا كييان‬
‫هذا المر قد وقع وأنا مييا فييارقت المدينيية فكيييف‬
‫حال هذه العاهرة إذا غبت عند أخي مييدة ثييم أنييه‬
‫سل سيفه وضرب الثنييين فقتلهمييا فييي الفييراش‬
‫ورجع من وقته وساعته وسار إلى أن وصييل إلييى‬
‫مدينيية أخيييه ففييرح أخيييه بقييدومه ثييم خييرج إليييه‬
‫ولقاه وسلم عليه ففرح به غاية الفييرح وزييين لييه‬
‫المدينة وجلس معه يتحدث بانشراح فتذكر الملك‬
‫شاه زمان ما كان من أميير زوجتييه فحصييل عنييده‬
‫غييم زائد واصييفر لييونه وضييعف جسييمه فلمييا رآه‬
‫أخوه على هييذه الحاليية ظيين فييي نفسييه أن ذلييك‬
‫بسييبب مفييارقته بلده وملكييه فييترك سييبيله ولييم‬
‫يسأل عن ذلك‪ .‬ثم أنه قال له في بعض اليام‪ :‬يييا‬
‫أخي أنا في باطني جرح ولم يخبره بمييا رأى ميين‬
‫زوجته فقال‪ :‬إني أريد أن تسافر معي إلى الصيييد‬
‫والقنص لعله ينشييرح صييدرك فييأبى ذلييك فسييافر‬
‫أخوه وحده إلييى الصيييد‪ .‬وكييان فييي قصيير الملييك‬
‫شبابيك تطل على بستان أخيه فنظروا وإذا ببيياب‬
‫القصيير قييد فتييح وخييرج منييه عشييرون جارييية‬
‫دا وامييرأة أخيييه تمشييي بينهييم وهييي‬‫وعشرون عب ً‬
‫غاييية فييي الحسيين والجمييال حييتى وصييلوا إلييى‬
‫فسقية وخلعييوا ثيييابهم وجلسييوا مييع بعضييهم وإذا‬
‫بامرأة الملك قالت‪ :‬يا مسعود فجاءها عبد أسييود‬
‫فعانقها وعانقته وواقعها وكذلك باقي العبيد فعلوا‬
‫بالجواري ولم يزالوا في بوس وعنيياق ونحييو ذلييك‬
‫حتى ولى النهار‪ .‬فلما رأى أخو الملك فقال‪ :‬والله‬
‫إن بليتي أخف من هذه البلية وقد هييان مييا عنييده‬
‫من القهر والغم وقال‪ :‬هذا أعظم ممييا جييرى لييي‬
‫ولم يزل في أكل وشرب‪ .‬وبعد هذا جاء أخوه من‬
‫السفر فسلما على بعضهما ونظر الملك شييهريار‬
‫إلى أخيه الملك شاه زمييان وقييد رد لييونه واحميير‬
‫وجهه وصار يأكل بشهية بعييدما كييان قليييل الكييل‬
‫فتعجب من ذلك وقال‪ :‬يا أخي كنييت أراك مصييفر‬
‫الييوجه والن قييد رد إليييك لونييك فييأخبرني بحالييك‬
‫فقال له‪ :‬أما تغير لوني فييأذكره لييك واعييف عنييي‬
‫إخبييارك بييرد لييوني فقييال لييه‪ :‬أخييبرني أوًل بتغييير‬
‫لونك وضعفك حتى أسمعه‪ .‬فقال له‪ :‬يا أخي إنييك‬
‫لما أرسلت وزيرك إلي يطلبني للحضور بين يديك‬
‫جهييزت حييالي وقييد بييررت ميين مييدينتي ثييم أنييي‬
‫تييذكرت الخييرزة الييتي أعطيتهييا لييك فييي قصييري‬
‫فرجعت فوجدت زوجتي معها عبد أسود وهو نائم‬
‫في فراشي فقتلتهما وجئت عليك وأنا متفكر فييي‬
‫هذا المر فهذا سبب تغير لوني وضييعفي وأمييا رد‬
‫لوني فاعف عني من أن أذكييره لييك‪ .‬فلمييا سييمع‬
‫أخييوه كلمييه قييال لييه‪ :‬أقسييمت عليييك بييالله أن‬
‫تخبرني بسبب رد لونك فأعاد عليييه جميييع مييا رآه‬
‫فقال شهريار لخيه شاه زمان‪ :‬اجعل أنك مسافر‬
‫للصيد والقنص واختف عنييدي وأنييت تشيياهد ذلييك‬
‫وتحققه عيناك فنادى الملك ميين سيياعته بالسييفر‬
‫فخرجييت العسيياكر والخيييام إلييى ظيياهر المدينيية‬
‫وخييرج الملييك ثييم أنييه جلييس فييي الخيييام وقييال‬
‫لغلمييانه ل يييدخل علييي أحييد ثييم أنييه تنكيير وخييرج‬
‫مختفًيا إلى القصيير الييذي فيييه أخييوه وجلييس فييي‬
‫الشباك المطل على البستان سيياعة ميين الزمييان‬
‫وإذا بالجواري وسيدتهم دخلوا مييع العبيييد وفعلييوا‬
‫كما قال أخوه واستمروا كذلك إلى العصيير‪ .‬فلمييا‬
‫رأى الملييك شييهريار ذلييك الميير طييار عقلييه ميين‬
‫رأسه وقال لخيه شاه زمان‪ :‬قم بنييا نسييافر إلييى‬
‫حال سبيلنا وليس لنا حاجة بالملك حتى ننظر هل‬
‫جرى لحد مثلنا أو ل فيكون موتنا خير ميين حياتنييا‬
‫فأجابه لذلك‪ .‬ثم أنهما خرجا من بيياب سييري فييي‬
‫مييا وليييالي إلييى أن‬‫القصر ولم يزال مسييافرين أيا ً‬
‫وصيل إليى شيجرة فيي وسيط ميرج عنيدها عيين‬
‫بجانب البحر المالح فشربا من تلك العين وجلسييا‬
‫يستريحان‪ .‬فلما كان بعد ساعة مضت مين النهيار‬
‫وإذا هم بالبحر قييد هيياج وطلييع منييه عمييود أسييود‬
‫صاعد إلى السماء وهو قاصد تلييك المرجيية‪ .‬فلمييا‬
‫رأيا ذلك خافا وطلعا إلييى أعلييى الشييجرة وكييانت‬
‫عالية وصارا ينظران ماذا يكون الخييبر وإذا بجنييي‬
‫طويل القامة عريييض الهاميية واسييع الصييدر علييى‬
‫رأسه صندوق فطلع إلى البر وأتى الشييجرة الييتي‬
‫هما فوقها وجلس تحتهييا وفتييح الصييندوق وأخييرج‬
‫منه علبة ثم فتحها فخرجت منها صبية بهييية كأنهييا‬
‫الشمس المضيئة كما قال الشاعر‪:‬‬
‫واستنارت‬ ‫أشرقت في الدجى فلح النهار‬
‫بنورها السحار‬
‫حين تبدو وتهتك‬ ‫تسجد الكائنات بين يديها‬
‫الستار‬
‫هطلت بالمدامع‬ ‫وإذا أومضت بروق حماها‬
‫المطار‬
‫قال‪ :‬فلما نظر إليها الجني قال‪ :‬يا سيدة الحييرائر‬
‫التي قد اختطفتك ليلة عرسك أريييد أن أنييام قليًل‬
‫ثييم أن الجنييي وضييع رأسييه علييى ركبتيهييا ونييام‬
‫فرفعت رأسها إلى أعلى الشجرة فرأت الملكييين‬
‫وهما فوق تلك الشجرة فرفعت رأس الجني ميين‬
‫فوق ركبتيها ووضعته علييى الرض ووقفييت تحييت‬
‫الشجرة وقالت لهما بالشارة انزل ول تخافييا ميين‬
‫هذا العفريت فقال لها‪ :‬بييالله عليييك أن تسييامحينا‬
‫من هذا المر فقالت لهمييا بييالله عليكمييا أن تنييزل‬
‫وإل نبهييت عليكمييا العفريييت فيقتلكمييا شيير قتليية‬
‫فخافا ونزل إليها فقامت لهما وقالت ارصعا رصًعا‬
‫عنيًفا وإل أنبه عليكما العفريت فمن خوفهما قييال‬
‫الملك شهريار لخيه الملييك شيياه زمييان‪ :‬يييا أخييي‬
‫افعل ما أمرتك به فقال‪ :‬ل أفعل حتى تفعل أنييت‬
‫قبلي وأخذا يتغامزان على نكاحها فقالت لهما مييا‬
‫أراكما تتغامزان فإن لييم تتقييدما وتفعل وإل نبهييت‬
‫عليكما العفريت فمن خوفهما من الجنييي فعل مييا‬
‫أمرتهما به فلما فرغا قييالت لهمييا أقفييا وأخرجييت‬
‫دا فيييه‬
‫سا وأخرجت لهما منه عق ً‬ ‫لهما من جيبها كي ً‬
‫ما فقالت لهما‪ :‬أتدرون مييا‬ ‫خمسمائة وسبعون خات ً‬
‫هذه فقال لها‪ :‬ل ندري فقالت لهما أصييحاب هييذه‬
‫الخواتم كلهم كانوا يفعلون بييي علييى غفليية قييرن‬
‫هيذا العفرييت فأعطيياني خاتميكميا أنتميا الثنيان‬
‫الخران فأعطاها من يديهما خاتمين فقييالت لهمييا‬
‫أن هذا العفريت قد اختطفني ليلة عرسي ثم أنييه‬
‫وضعني في علبيية وجعييل العلبيية داخييل الصييندوق‬
‫ورمى على الصندوق سييبعة أقفييال وجعلنييي فييي‬
‫قياع البحير العجياج المتلطيم بييالمواج ويعلييم أن‬
‫المرأة منا إذا أرادت أمر لم يغلبها شيء كما قال‬
‫بعضهم‪:‬‬
‫ول تثق بعهودهن‬ ‫ل تأمنن إلى النساء‬
‫معلق بفروجهن‬ ‫فرضاؤهن وسخطهن‬
‫والغدر حشو ثيابهن‬ ‫يبدين وًدا كاذبا ً‬
‫متحذًرا من كيدهن‬ ‫بحديث يوسف فاعتبر‬
‫ما من أجلهن‬ ‫أخرج آد ً‬ ‫أو ما ترى إبليس‬
‫فلما سييمعا منهييا هييذا الكلم تعجبييا غاييية العجييب‬
‫وقييال لبعضييهما‪ :‬إذا كييان هييذا عفريت ًييا وجييرى لييه‬
‫أعظم مما جرى لنا فهذا شيء يسييلينا‪ .‬ثييم أنهمييا‬
‫انصيرفا مين سياعتهما ورجعيا إليى مدينية المليك‬
‫شهريار ودخل قصره‪ .‬ثييم أنييه رمييى عنييق زوجتييه‬
‫وكييذلك أعنيياق الجييواري والعبيييد وصييار الملييك‬
‫شهريار كلما يأخذ بنًتا بكًرا يزيييل بكارتهييا ويقتلهييا‬
‫من ليلتها ولم يزل علييى ذلييك مييدة ثلث سيينوات‬
‫فضجت الناس وهربت ببناتها ولييم يبييق فييي تلييك‬
‫المدينيية بنييت تتحمييل الييوطء‪ .‬ثييم أن الملييك أميير‬
‫الييوزير أن يييأتيه بنييت علييى جييري عييادته فخييرج‬
‫الوزير وفتش فلم يجد بنًتا فتوجه إلى منزله وهييو‬
‫غضبان مقهور خايف على نفسه من الملك‪.‬‬
‫وكان الوزير له بنتان ذاتا حسن وجمال وبهاء وقد‬
‫واعتدال الكبيرة اسمها شهرزاد والصغيرة اسييمها‬
‫دنيازاد وكانت الكبيرة قد قرأت الكتييب والتواريييخ‬
‫وسير الملوك المتقدمين وأخبار المم الماضيييين‪.‬‬
‫قيل أنهييا جمعييت ألييف كتيياب ميين كتييب التواريييخ‬
‫المتعلقييية بيييالمم السيييالفة والمليييوك الخاليييية‬
‫والشعراء فقالت لبيها‪ :‬مالي أراك متغي يًرا حامييل‬
‫الهييم والحييزان وقييد قييال بعضييهم فييي المعنييى‬
‫شعرا ً‪:‬‬
‫ما ل يدوم مثل ما‬ ‫إن ه ً‬ ‫قل لمن يحمل هما ً‬
‫هكذا تفنى الهموم‬ ‫يفنى السرور‬
‫فلما سمع الوزير من ابنته هذا الكلم حكى لها ما‬
‫جرى له من الول إلى الخر مع الملك فقالت له‪:‬‬
‫بالله يا أبييت زوجنييي هييذا الملييك فإمييا أن أعيييش‬
‫وإمييا أن أكييون فييداء لبنييات المسييلمين وسييبًبا‬
‫لخلصهن من بين ييديه فقيال لهيا‪ :‬بيالله علييك ل‬
‫دا فقييالت لييه‪ :‬ل بييد ميين ذلييك‬ ‫تخاطري بنفسك أب ً‬
‫فقييال‪ :‬أخشييى عليييك أن يحصييل لكيين مييا حصييل‬
‫الحمار والثور مع صاحب الييزرع فقييالت لييه‪ :‬ومييا‬
‫الذي جرى لهما يا أبت؟‬
‫]عدل[ حكايصصة الحمصصار والثصصور مصصع صصصاحب‬
‫الزرع‬
‫قال‪ :‬اعلمي يا ابنيتي انيه كيان لحيد التجياراموال‬
‫ومواش وكان لييه زوجيية وأولد وكييان اللييه تعييالى‬
‫أعطيياه معرفيية ألسيين الحيوانييات والطييير وكييان‬
‫مسكن ذلك التاجر الرياف وكان عنييده فييي داره‬
‫مييا الثييور إلييى مكييان الحمييار‬
‫حمار وثييور فييأتى يو ً‬
‫شييا وفييي معلفييه شييعير‬ ‫سييا مرشو ً‬ ‫فوجييده منكو ً‬
‫مغربل وتبن مغربل وهو راقد مستريح وفي بعض‬
‫الوقات ركبه صاحبه لحاجة تعرض له ويرجع على‬
‫حاله فلما كان في بعض اليام سمع التيياجر الثييور‬
‫وهو يقول للحمار‪ :‬هنيًئا لك ذلك أنييا تعبييان وأنييت‬
‫مسييتريح تأكييل الشييعير مغييربًل ويخييدمونك وفييي‬
‫مييا‬
‫بعض الوقات يركبييك صيياحبك ويرجييع وأنييا دائ ً‬
‫للحرث‪ .‬فقال له الحمار‪ :‬إذا خرجييت إلييى الغيييط‬
‫ووضعوا علييى رقبتييك النيياف فارقييد ول تقييم ولييو‬
‫ضربوك فييإن قمييت فارقييد ثاني ًييا فييإذا رجعييوا بييك‬
‫ووضعوا لك الفول فل تأكله كأنييك ضييعيف وامتنييع‬
‫ما أو يييومين أو ثلثيية فإنييك‬ ‫عن الكل والشرب يو ً‬
‫تستريح ميين التعييب والجهييد وكييان التيياجر يسييمع‬
‫كلمهما فلما جاء السواق إلييى الثييور بعلفييه أكييل‬
‫منه شيًئا يسيًرا فأصبح السييواق يأخييذ الثييور إلييى‬
‫الحرث فوجده ضعيًفا فقال له التاجر‪ :‬خذ الحمييار‬
‫وحرثييه مكييانه اليييوم كلييه فلمييا رجييع آخيير النهييار‬
‫شكره الثور على تفضلته حين أراحه ميين التعييب‬
‫في ذلك اليوم فلم يرد عليييه الحمييار جواب ًييا ونييدم‬
‫أشد الندامة فلما رجع كان ثاني يوم جاء المييزارع‬
‫وأخذ الحمار وحرثه إلى آخر النهييار فلييم يرجييع إل‬
‫مسييلوخ الرقبيية شييديد الضييعف فتييأمله الثييور‬
‫وشكره ومجده فقال لييه الحمييار‪ :‬أعلييم أنييي لييك‬
‫ناصح وقد سمعت صاحبنا يقول‪ :‬إن لم يقم الثييور‬
‫من موضعه فأعطوه للجزار ليذبحه ويعمل جلييده‬
‫قطًعا وأنا خائف عليييك ونصييحتك والسييلم‪ .‬فلمييا‬
‫سييمع الثييور كلم الحمييار شييكره وقييال فييي غييد‬
‫أسرح معهم ثم أن الثور أكل علفييه بتمييامه حييتى‬
‫لحس المذود بلسانه كييل ذلييك وصيياحبهما يسييمع‬
‫كلمهما فلما طلع النهار وخرج التاجر وزوجه إلييى‬
‫دار البقر وجلسا فجاء السواق وأخذ الثييور وخييرج‬
‫فلما رأى الثور صاحبه حرك ذنبه وظييرط وبرطييع‬
‫فضحك التاجر حتى استلقى على قفاه‪ .‬فقالت له‬
‫زوجته‪ :‬ميين أي شيييء تضييحك فقييال لهييا‪ :‬شيييء‬
‫رأيته وسمعته ول أقدر أن أبيح به فأموت فقييالت‬
‫له‪ :‬ل بد أن تخبرني بذلك وما سبب ضييحكك ولييو‬
‫كنت تموت فقال لها‪ :‬ما أقييدر أن أبييوح بييه خوفًييا‬
‫من الموت فقالت له‪ :‬أنت لم تضحك إل علي‪ .‬ثم‬
‫أنها لييم تييزل تلييح عليييه وتلييح فييي الكلم إلييى أن‬
‫غلبييت عليييه فتحييير أحضيير أولده وأرسييل أحضيير‬
‫القاضييي والشييهود وأراد أن يوصييي ثييم يبييوح لهييا‬
‫بالسر ويموت لنه كان يحبها محبيية عظيميية لنهييا‬
‫بنت عمه وأم أولده وكان ثم أنييه أرسييل وأحضيير‬
‫جميع أهلها وأهل جييارته وقييال لهييم حكييايته وأنييه‬
‫متى قال لحد على سييره مييات فقييال لهييا جميييع‬
‫الناس ممن حضر‪ :‬بالله عليييك اتركييي هييذا الميير‬
‫لئل يموت زوجك أبو أولدك فقالت لهييم‪ :‬ل أرجييع‬
‫عنه حتى يقول لي ولو يموت‪ .‬فسييكتوا عنهييا‪ .‬ثييم‬
‫أن التاجر قام من عندهم وتوجه إلييى دار الييدواب‬
‫ليتوضأ ثم يرجع يقول لهييم ويمييوت‪ .‬وكييان عنييده‬
‫ديك تحته خمسون دجاجة وكان عنده كلب فسمع‬
‫التاجر الكلب وهو ينادي الديك ويسبه ويقييول لييه‪:‬‬
‫أنييت فرحييان وصيياحبنا رايييح يمييوت فقييال الييديك‬
‫للكلييب‪ :‬وكيييف ذلييك الميير فأعيياد الكلييب عليييه‬
‫القصيية فقييال لييه الييديك‪ :‬واللييه إن صياحبنا قليييل‬
‫العقل‪ .‬أنا لي خمسون زوجة أرضي هذه وأغضب‬
‫هذه وهو ما له إل زوجية واحيدة ول يعيرف صيلح‬
‫ضييا ميين عيييدان‬‫أمره معها فما لييه ل يأخييذ لهييا بع ً‬
‫التوت ثم يدخل إلى حجرتها ويضربها حتى تمييوت‬
‫أو تتوب ول تعييود تسييأله عيين شيييء‪ .‬قييال‪ :‬فلمييا‬
‫سمع التاجر كلم الديك وهو يخاطب الكلييب رجييع‬
‫إلى عقله وعزم على ضربها ثم قال الوزير لبنتييه‬
‫شهرزاد ربما فعل بك مثل ما فعل التاجر بزوجتييه‬
‫فقالت له‪ :‬ما فعل قال‪ :‬دخل عليها الحجرة بعدما‬
‫قطع لها عيدان التوت وخبأها داخل الحجرة وقال‬
‫لهييا‪ :‬تعييالي داخييل الحجييرة حييتى أقييول لييك ول‬
‫ينظرني أحد ثم أموت فدخلت معييه ثييم أنييه قفييل‬
‫باب الحجرة عليهما ونزل عليها بالضييرب إلييى أن‬
‫أغمي عليها فقالت له‪ :‬تبييت ثييم أنهييا قبلييت يييديه‬
‫ورجليييه وتييابت وخرجييت وإييياه وفييرح الجماعيية‬
‫وأهلها وقعييدوا فييي أسيير الحييوال إلييى الممييات‪.‬‬
‫فلما سمعت ابنة الوزير مقالة أبيها قالت له‪ :‬ل بد‬
‫من ذلك فجهزها وطلع إلى الملك شهريار وكانت‬
‫قد أوصت أختها الصغيرة وقالت لهييا‪ :‬إذا تييوجهت‬
‫إلى الملك أرسلت أطلبك فإذا جئت عندي ورأيت‬
‫الملك قضى حيياجته منييي قييولي يييا أخييتي حييدثينا‬
‫حديًثا غريب ًييا نقطييع بييه السييهر وأنييا أحييدثك حييديًثا‬
‫يكييون فيييه الخلص إن شيياء اللييه‪ .‬ثييم أن أباهييا‬
‫الوزير طلع بها إلى الملييك فلمييا رآه فييرح وقييال‪:‬‬
‫أتيت بحاجتي فقال‪ :‬نعم فلما أراد أن يدخل عليها‬
‫بكت فقال لها‪ :‬ما بك فقالت‪ :‬أيهييا الملييك إن لييي‬
‫أخًتا صغيرة أريد أن أودعها فأرسييلها الملييك إليهييا‬
‫فجاءت إلى أختها وعانقتها وجلست تحت السرير‬
‫فقييام الملييك وأخييذ بكارتهييا ثييم جلسييوا يتحييدثون‬
‫فقالت لها أختهييا الصييغيرة‪ :‬بييالله عليييك يييا أخييتي‬
‫حيدثينا حيديًثا نقطيع بيه سيهر ليلتنيا فقيالت‪ :‬حًبيا‬
‫وكرامة إن أذن الملييك المهييذب فلمييا سييمع ذلييك‬
‫الكلم وكان به قلق ففرح بسماع الحديث‪.‬‬
‫]عدل[ حكاية التاجر مع العفريت‬
‫ففي الليلة الولى قييالت‪ :‬بلغنييي أيهييا الملييك‬
‫السييعيد أنييه كييان تيياجر ميين التجييار كييثير المييال‬
‫ما وخرج يطالب‬ ‫والمعاملت في البلد قد ركب يو ً‬
‫في بعض البلد فاشييتد عليييه الحيير فجلييس تحييت‬
‫شجرة وحط يده في خرجييه وأكييل كسييرة كييانت‬
‫معه وتمرة فلما فرغ من أكل التمرة رمى النييواة‬
‫وإذا هو بعفريت طويل القاميية وبيييده سيييف فييدنا‬
‫من ذلك التاجر وقال له‪ :‬قم حتى أقتلك مثييل مييا‬
‫قتلت ولدي فقال لييه التيياجر‪ :‬كيييف قتلييت ولييدك‬
‫قال له‪ :‬لميا أكليت التمييرة ورميييت نواتهييا جيياءت‬
‫النواة في صييدر ولييدي فقضييي عليييه ومييات ميين‬
‫ساعته فقال التاجر للعفريت‪ :‬أعلم أيها العفريييت‬
‫أني على دين ولي مال كثير وأولد وزوجة وعندي‬
‫رهون فدعني أذهييب إلييى بيييتي وأعطييي كييل ذي‬
‫حق حقه ثم أعود إليك ولك علي عهد وميثاق أني‬
‫أعود إليك فتفعل بي ما تريد والله على مييا أقييول‬
‫وكيل‪ .‬فاستوثق منييه الجنييي وأطلقييه فرجييع إلييى‬
‫بلده وقضى جميع تعلقيياته وأوصييل الحقييوق إلييى‬
‫أهلها وأعلييم زوجتييه وأولده بمييا جييرى لييه فبكييوا‬
‫وكذلك جميع أهله ونساءه وأولده وأوصييى وقعييد‬
‫عندهم إلى تمام السنة ثم توجه وأخذ كفنه تحييت‬
‫مييا‬
‫إبطه وودع أهله وجيرانه وجميع أهله وخرج رغ ً‬
‫عن أنفه وأقيم عليه العياط والصراخ فمشى إلييى‬
‫أن وصل إلى ذلك البستان وكان ذلييك اليييوم أول‬
‫السنة الجديدة فبينما هييو جييالس يبكييي علييى مييا‬
‫يحصل له وإذا بشيييخ كييبير قييد أقبييل عليييه ومعييه‬
‫غزالة مسلسييلة فسييلم علييى هييذا التيياجر وحييياه‬
‫وقال له‪ :‬ما سبب جلوسك في هذا المكان وأنييت‬
‫منفرد وهو مأوى الجن فأخبره التاجر بما جرى له‬
‫مع ذلك العفريت وبسبب قعوده في هييذا المكييان‬
‫فتعجب الشيخ صاحب الغزالة وقال‪ :‬والله يا أخي‬
‫ما دينك إل دين عظيم وحكايتك حكاية عجيبيية لييو‬
‫كتبت بالبر على آفيياق البصيير لكييانت عييبرة لميين‬
‫اعتبر ثم أنه جلس بجانبه وقييال واللييه يييا أخييي ل‬
‫أبرح من عندك حتى أنظر ما يجري لييك مييع ذلييك‬
‫العفريت ثم أنه جلس عنده يتحييدث معييه فغشييي‬
‫على ذلك التاجر وحصل له الخوف والفزع والغييم‬
‫الشييديد والفكيير المزيييد وصيياحب الغزاليية بجييانبه‬
‫فييإذا بشيييخ ثييان قييد أقبييل عليهمييا ومعييه كلبتييان‬
‫سلقيتان من الكلب السود‪ .‬فسألهما بعد السلم‬
‫عليهما عن سبب جلوسهما في هذا المكييان وهييو‬
‫مأوى الجان فأخبراه بالقصة من أولها إلى آخرهييا‬
‫فلم يستقر به الجلييوس حييتى أقبييل عليهييم شيييخ‬
‫ثالث ومعه بغلة زرزورييية فسييلم عليهييم وسييألهم‬
‫عيين سييبب جلوسييهم فييي هييذا المكييان فييأخبروه‬
‫بالقصيية ميين أولهييا إلييى آخرهييا وبينمييا كييذلك إذا‬
‫بغبرة هاجت وزوبعة عظيمة قد أقبلت من وسييط‬
‫تلييك البرييية فانكشييفت الغييبرة وإذا بييذلك الجنييي‬
‫وبيده سيف مسلول وعيونه ترمي بالشرر فأتاهم‬
‫وجذب ذلك التاجر من بينهم وقال له‪ :‬قييم أقتلييك‬
‫مثل ما قتلت ولدي وحشاشة كبدي فانتحب ذلييك‬
‫التاجر وبكى وأعلن الثلثة شيوخ بالبكيياء والعويييل‬
‫والنحيب فييانتبه منهييم الشيييخ الول وهييو صيياحب‬
‫الغزالة وقبل يد ذلك العفريييت وقييال لييه‪ :‬يييا أيهييا‬
‫الجني وتاج ملوك الجان إذا حكيت لك حكايتي مع‬
‫هذه الغزالة ورأيتها عجيبة أتهب لي ثلييث دم هييذا‬
‫التاجر قال‪ :‬نعم‪ .‬يا أيها الشيخ إذا أنت حكيت لييي‬
‫الحكاية ورأيتها عجيبة وهبت لك ثلييث دمييه فقييال‬
‫ذلك الشيخ الول‪ :‬اعلم يا أيهييا العفريييت أن هييذه‬
‫الغزالة هي بنت عمي ومن لحمييي ودمييي وكنييت‬
‫تزوجت بها وهي صغيرة السن وأقمت معهييا نحييو‬
‫ثلثين سنة فلم أرزق منها بولد فأخذت لي سييرية‬
‫فرزقت منها بولد ذكيير كيأنه البييدر إذا بييدا بعينييين‬
‫مليحتين وحاجبين مزججين وأعضيياء كامليية فكييبر‬
‫شيًئا فشيًئا إلى أن صار ابن خمييس عشييرة سيينة‬
‫فطرأت لي سفرة إلى بعييض المييدائن فسييافرت‬
‫بمتجيير عظيييم وكييانت بنييت عمييي هييذه الغزاليية‬
‫تعلمت السحر والكهانة من صغرها فسحرت ذلك‬
‫الولد عجًل وسحرت الجارييية أمييه بقييرة وسييلمتها‬
‫إلييى الراعييي ثييم جئت أنييا بعييد مييدة طويليية ميين‬
‫السفر فسألت عن ولييدي وعيين أمييه فقييالت لييي‬
‫جاريتييك ميياتت وابنييك هييرب ولييم أعلييم أييين راح‬
‫فجلست مدة سنة وأنا حزين القلييب بيياكي العييين‬
‫إلى أن جاء عيد الضحية فأرسلت إلى الراعييي أن‬
‫يخصني ببقرة سمينة وهي سريتي الييتي سييحرتها‬
‫تلك الغزالة فشمرت ثيابي وأخذت السكين بيييدي‬
‫دا فقمييت‬ ‫وتهيأت لذبحها فصاحت وبكت بكاء شدي ً‬
‫عنها وأمرت ذلييك الراعييي فييذبحها وسييلخها فلييم‬
‫ما غير جلد وعظييم فنييدمت‬ ‫ما ول لح ً‬‫يجد فيها شح ً‬
‫علييى ذبحهييا حيييث ل ينفعنييي النييدم وأعطيتهييا‬
‫للراعييي وقلييت لييه‪ :‬ائتنييي بعجييل سييمين فأتيياني‬
‫بولدي المسحور عجًل فلما رآني ذلك العجل قطع‬
‫حبله وجاءني وتمرغ علي وولول وبكييى فأخييذتني‬
‫الرأفة عليه وقلت للراعي ائتني ببقييرة ودع هييذا‪.‬‬
‫وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم‬
‫المباح‪ .‬فقالت لها أختها‪ :‬ما أطيب حديثك وألطفه‬
‫وألذه وأعذبه فقالت‪ :‬وأييين هيذا مميا أحييدثكم بييه‬
‫الليليية القابليية إن عشييت وأبقيياني الملييك فقييال‬
‫الملك في نفسه‪ :‬والله ما أقتلها حتى أسمع بقييية‬
‫حييديثها ثييم أنهييم بيياتوا تلييك الليليية إلييى الصييباح‬
‫متعانقين فخييرج الملييك إلييى محييل حكمييه وطلييع‬
‫الوزير بالكفن تحت إبطه ثييم حكييم الملييك وولييي‬
‫وعزل إلى آخر النهار ولم يخبر الوزير بشيء ميين‬
‫ذلك فتعجب الوزير غاية العجب ثم انفض الديوان‬
‫ودخل الملك شهريار قصره‪.‬‬
‫و فصصي الليلصصة الثانيصصة قييالت دنيييازاد لختهييا‬
‫شييهرزاد‪ :‬يييا أخييتي أتممييي لنييا حييديثك الييذي هييو‬
‫حديث التاجر والجني‪ .‬قييالت حب ًييا وكراميية إن أذن‬
‫لييي الملييك فييي ذلييك فقييال لهييا الملييك‪ :‬احكييي‬
‫فقييالت‪ :‬بلغنييي أيهييا الملييك السييعيد ذو الييرأي‬
‫الرشيد أنه لمييا رأى بكيياء العجييل حيين قلبييه إليييه‬
‫وقال للراعي‪ :‬ابق هييذا العجييل بييين البهييائم‪ .‬كييل‬
‫ذلييك والجنييي يتعجييب ميين حكاييية ذلييك الكلم‬
‫العجيب ثم قيال صياحب الغزالية‪ :‬ييا سييد مليوك‬
‫الجان كييل ذلييك جييرى وابنيية عمييي هييذه الغزاليية‬
‫تنظر وترى وتقول اذبح هييذا العجييل فييإنه سييمين‬
‫فلم يهن علي أن أذبحه وأمرت الراعي أن يأخييذه‬
‫وتوجه به ففي ثاني يوم وأنا جالس وإذا بييالراعي‬
‫أقبل علي وقال‪ :‬يا سيدي إني أقول شيًئا تسر به‬
‫ولي البشارة‪ .‬فقلت‪ :‬نعييم فقييال‪ :‬أيهييا التيياجر إن‬
‫لييي بنت ًييا كييانت تعلمييت السييحر فييي صييغرها ميين‬
‫امييرأة عجييوز كييانت عنييدنا فلمييا كنييا بييالمس‬
‫وأعطيتني العجل دخلييت بييه عليهييا فنظييرت إليييه‬
‫ابنييتي وغطييت وجههييا وبكييت ثييم إنهييا ضييحكت‬
‫وقالت‪ :‬يا أبي قد خس قدري عنييدك حييتى تييدخل‬
‫علي الرجال الجييانب‪ .‬فقلييت لهييا‪ :‬وأييين الرجييال‬
‫الجانب ولماذا بكيت وضحكت فقالت لي أن هييذا‬
‫العجييل الييذي معييك ابيين سيييدي التيياجر ولكنييه‬
‫مسحور وسحرته زوجة أبيه هو وأمه فهييذا سييبب‬
‫ضحكي وأما سييبب بكييائي فميين أجييل أمييه حيييث‬
‫ذبحها أبوه فتعجبييت ميين ذلييك غاييية العجييب ومييا‬
‫صدقت بطلوع الصييباح حييتى جئت إليييك لعلمييك‬
‫فلما سمعت أيها الجني كلم هذا الراعيي خرجيت‬
‫معه وأنا سكران من غير مييدام ميين كييثرة الفييرح‬
‫والسرور والذي حصل لي إلى أن أتيت إلييى داره‬
‫فرحبت بي ابنة الراعي وقبلت يدي ثم إن العجيل‬
‫جاء إلي وتمرغ علي فقلت لبنة الراعي‪ :‬أحق مييا‬
‫تقولينه عن ذلك العجل فقالت‪ :‬نعم يا سيدي إيييه‬
‫ابنك وحشاشة كبدك فقلييت لهييا‪ :‬أيهييا الصييبية إن‬
‫أنت خلصتيه فلييك عنييدي مييا تحييت يييد أبيييك ميين‬
‫المواشي والمييوال فتبسييمت وقييالت‪ :‬يييا سيييدي‬
‫ليس لي رغبة في المييال إل بشييرطين‪ :‬الول‪ :‬أن‬
‫تزوجني به والثاني‪ :‬أن أسر من سحرته وأحبسييها‬
‫وإل فلست آمن مكرها فلما سييمعت أيهييا الجنييي‬
‫كلم بنت الراعي قلت ‪ :‬ولك فوق جميع ما تحييت‬
‫يد أبيك من الموال زيادة وأما بنييت عمييي فييدمها‬
‫لييك مبيياح‪ .‬فلمييا سييمعت كلمييي أخييذت طاسيية‬
‫وملتهييا ميياء ثييم أنهييا عزمييت عليهييا ورشييت بهييا‬
‫العجل وقالت‪ :‬إن كان الله خلقك عجًل فدم علييى‬
‫هذه الصفة ول تتغير وإن كنت مسحوًرا فعييد إلييى‬
‫خلقتك الولى بإذن الله تعالى وإذا به انتفييض ثييم‬
‫صار إنساًنا فوقعت عليييه وقلييت لييه‪ :‬بييالله عليييك‬
‫احك لي جميع ما صيينعت بييك وبأمييك بنييت عمييي‬
‫فحكى لي جميع ما جرى لهما فقلت‪ :‬يا ولدي قييد‬
‫قيض الله لك من خلصييك وخلييص حقييك ثييم إنييي‬
‫أيها الجني زوجته ابنة الراعي ثم أنها سحرت ابنة‬
‫عمي هذه الغزاليية وجئت إلييى هنييا فرأيييت هييؤلء‬
‫الجماعة فسألتهم عن حالهم فأخبروني بما جييرى‬
‫لهذا التاجر فجلست لنظر ما يكون وهييذا حييديثي‬
‫فقال الجني‪ :‬هذا حييديث عجيييب وقييد وهبييت لييك‬
‫ثلث دمه فعند ذلك تقدم الشيخ صيياحب الكلبييتين‬
‫السلقيتين وقال له‪ :‬اعلم يا سيد ملوك الجان أن‬
‫هاتين الكلبتين أخييوتي وأنييا ثييالثهم ومييات والييدي‬
‫وخلف لنا ثلثة آلف دينار ففتحت دكان ًييا أبيييع فيييه‬
‫وأشتري وسافر أخي بتجارته وغاب عنا مدة سيينة‬
‫مع القوافل ثم أتى وما معه شيييء فقلييت لييه‪ :‬يييا‬
‫أخي أما أشرت عليك بعدم السفر فبكى وقال‪ :‬يا‬
‫أخي قدر الله عز وجل علي بهييذا ولييم يبييق لهييذا‬
‫الكلم فائدة ولست أملك شيييًئا فأخييذته وطلعييت‬
‫به إلى الدكان ثم ذهبت به إلييى الحمييام وألبسييته‬
‫حلة من الملبس الفاخرة وأكلت أنا وإييياه وقلييت‬
‫له‪ :‬يا أخي إني أحسب ربح دكاني من السنة إلييى‬
‫السنة ثم أقسمه دون رأس المال بيني وبينك ثييم‬
‫إني عملت حساب الدكان من بربح مالي فوجدته‬
‫ألفي دينار فحمدت الله عييز وجييل وفرحييت غاييية‬
‫الفرح وقسمت الربح بيني وبينه شييطرين وأقمنييا‬
‫ضييا‬
‫ما ثم إن أخييوتي طلبييوا السييفر أي ً‬ ‫مع بعضنا أيا ً‬
‫وأرادوا أن أسافر معهم فلم أرض وقلت لهم‪ :‬أي‬
‫شيء كسبتم من سفركم حتى أكسب أنييا فييألحوا‬
‫علييي ولييم أطعهييم بييل أقمنييا فييي دكاكيننييا نييبيع‬
‫ونشتري سنة كاملة وهييم يعرضييون علييي السييفر‬
‫وأنا لم أرض حتى مضت ست سنوات كوامل‪.‬‬
‫ثم وافقتهم على السفر وقلت لهم‪ :‬يا أخوتي إننييا‬
‫نحسب ما عندنا من المال فحسبناه فإذا هو سييتة‬
‫آلف دينار فقلت‪ :‬ندفن نصفها تحت الرض لينفعا‬
‫إذا أصييابنا أميير ويأخييذ كييل واحييد منييا ألييف دينييار‬
‫ونتسييبب فيهييا قييالوا‪ :‬نعييم الييرأي فأخييذت المييال‬
‫وقسييمته نصييفين ودفنييت ثلثيية آلف دينييار‪ .‬وأمييا‬
‫الثلثة آلف الخرى فأعطيت كل واحد منهم أليف‬
‫دينييار وجهزنييا بضييائع واكترينييا مركب ًييا ونقلنييا فيهييا‬
‫حوائجنا وسافرنا مدة شييهر كامييل إلييى أن دخلنييا‬
‫مدينة وبعنييا بضييائعنا فربحنييا فييي الييدينار عشييرة‬
‫دنانير ثم أردنا السفر فوجدنا على شيياطئ البحيير‬
‫جارية عليها خلق مقطع فقبلييت يييدي وقييالت‪ :‬يييا‬
‫سيدي هل عندك إحسان ومعروف أجازيك عليهما‬
‫قلت‪ :‬نعم إن عندي الحسان والمعروف ولييو لييم‬
‫تجازيني فقالت‪ :‬يييا سيييدي تزوجنييي وخييذني إلييى‬
‫بلدك فإني قد وهبتك نفسي فافعل معي معروًفا‬
‫لني ممن يصنع معه المعروف والحسان ويجازي‬
‫عليهما ول يغرنك حالي‪ .‬فلما سمعت كلمهييا حيين‬
‫قلييبي إليهييا لميير يريييده اللييه عييز وجييل فأخييذتها‬
‫شييا حسيًنا‬ ‫وكسوتها وفرشت لها فييي المركييب فر ً‬
‫وأقبلت عليها وأكرمتها ثم سافرنا وقد أحبها قلبي‬
‫محبة عظيميية وصييرت ل أفارقهييا ليًل ول نهيياًرا أو‬
‫اشتغلت بها عن إخييوتي فغيياروا منييي وحسييدوني‬
‫على مالي وكثرت بضاعتي وطمحت عيونهم فييي‬
‫المال جميعه وتحدثوا بقتلييي وأخييذ مييالي وقييالوا‪:‬‬
‫نقتل أخانييا ويصييير المييال جميعييه لنييا وزييين لهييم‬
‫الشيييطان أعمييالهم فجيياؤوني وأنييا نييائم بجييانب‬
‫زوجتي ورموني في البحر فلما استيقظت زوجتي‬
‫انتفضت فصارت عفريتة وحملتني وأطلعتني على‬
‫جزيرة وغابت عني قليًل وعادت إلي عنييد الصييباح‬
‫وقالت لي‪ :‬أنا زوجتك الييتي حملتييك ونجيتييك ميين‬
‫القتل بييإذن اللييه تعييالى واعلييم أنييي جنييية رأيتييك‬
‫فحبييك قلييبي وأنييا مؤمنيية بييالله ورسييوله فجئتييك‬
‫بالحال الذي رأيتني فيه فتزوجت بييي وهييا أنييا قييد‬
‫نجيتك من الغرق وقد غضبت على إخوتييك ول بييد‬
‫أن أقتلهم‪ .‬فلما سمعت حكايتها تعجبت وشييكرتها‬
‫على فعلها وقلت لها أمييا هلك إخييوتي فل ينبغييي‬
‫ثم حكيت لها ما جرى لي معهم ميين أول الزمييان‬
‫إلى آخره‪ .‬فلما سمعت كلمي قالت‪ :‬أنا في هذه‬
‫الليلة أطير إليهم وأغرق مراكبهم وأهلكهم فقلييت‬
‫لها‪ :‬بالله ل تفعلي فييإن صيياحب المثييل يقييول‪ :‬يييا‬
‫محسًنا لمن أساء كفي المسيء فعله وهم إخوتي‬
‫على كل حال قالت ل بد من قتلهييم فاسييتعطفتها‬
‫ثم أنها حملتنييي وطييارت فوضييعتني علييى سييطح‬
‫داري ففتحت البواب وأخرجت الذي خبييأته تحييت‬
‫الرض وفتحت دكاني بعد ما سلمت علييى النيياس‬
‫واشييتريت بضييائع فلمييا كييان الليييل دخلييت داري‬
‫فوجييدت هيياتين الكلبييتين مربوطييتين فيهييا فلمييا‬
‫رأياني قاما إلييي وبكيييا وتعلقييا بييي فلييم أشييعر إل‬
‫وزوجتي قالت هؤلء إخوتك فقلت من فعييل بهييم‬
‫هذا الفعل قالت أنا أرسلت إلى أختي ففعلت بهم‬
‫ذلك وما يتخلصييون إل بعييد عشيير سيينوات فجئت‬
‫وأنا سائر إليها تخلصهم بعد إقامتهم عشر سنوات‬
‫في هذا الحال فرأيت هذا الفتى قال الجنييي‪ :‬إنهييا‬
‫حكاية عجيبة وقد وهبت لك ثلث دمه فييي جنييايته‬
‫فعند ذلك تقدم الشيخ الثالث صاحب البغلة وقال‬
‫للجنييي أنييا أحكييي لييك حكاييية أعجييب ميين حكاييية‬
‫الثنين وتهب لي باقي دمه وجنييايته فقييال الجنييي‬
‫نعم فقال الشيخ أيها السلطان ورئيس الجييان إن‬
‫هذه البغلة كانت زوجتي سافرت وغبت عنها سنة‬
‫كاملة ثم قضيييت سييفري وجئت إليهييا فييي الليييل‬
‫فرأيت عبد أسود راقييد معهييا فييي الفييراش وهمييا‬
‫في كلم وغنج وضحك وتقبيل وهراش فلما رأتني‬
‫عجلت وقامت إلي بكوز فيييه ميياء فتكلمييت عليييه‬
‫ورشييتني وقييالت اخييرج ميين هييذه الصييورة إلييى‬
‫صورة كلب فصرت في الحال كلًبا فطردتني ميين‬
‫البيت فخرجت ميين البيياب ولييم أزل سييائًرا حييتى‬
‫وصييلت دكييان جييزار فتقييدمت وصييرت آكييل ميين‬
‫العظام‪ .‬فلما رآني صاحب الييدكان أخييذني ودخييل‬
‫بي بيته فلما رأتني بنت الجزار غطت وجهها منييي‬
‫فقالت أتجيء لنييا برجييل وتييدخل علينييا بييه فقييال‬
‫أبوها أييين الرجييل قييالت إن هييذا الكلييب سييحرته‬
‫امرأة وأنا أقييدر علييى تخليصييه فلمييا سييمع أبوهييا‬
‫كلمها قال‪ :‬بالله عليييك يييا بنييتي خلصيييه فأخييذت‬
‫كوًزا فيه ماء وتكلمت عليه ورشت علي منه قليًل‬
‫وقييالت‪ :‬اخييرج ميين هييذه الصييورة إلييى صييورتك‬
‫الولى فصرت إلى صييورتي الولييى فقبلييت يييدها‬
‫وقلت لها‪ :‬أريد أن تسحري زوجتي كما سييحرتني‬
‫فأعطتني قليًل من الميياء وقييالت إذا رأيتهييا نائميية‬
‫فرش هذا الماء عليها فإنها تصير كما أنت طييالب‬
‫فوجييدتها نائميية فرششييت عليهييا الميياء وقلييت‬
‫اخرجي من هذه الصورة إلى صورة بغلة فصارت‬
‫في الحال بغلة وهي هذه التي تنظرها بعينك أيهييا‬
‫السلطان ورئيييس ملييوك الجييان ثييم التفييت إليهييا‬
‫وقال‪ :‬أصحيح هذا فهزت رأسها وقييالت بالشييارة‬
‫نعم هذا صحيح فلما فرغ من حييديثه اهييتز الجنييي‬
‫من الطرب ووهب له بيياقي دمييه وأدرك شييهرزاد‬
‫الصييباح فسييكتت عيين الكلم المبيياح‪ .‬فقييالت لهييا‬
‫أختها‪ :‬يييا أخييتي مييا أحلييى حييديثك وأطيبييه وألييذه‬
‫وأعذبه فقالت‪ :‬أييين هييذا ممييا أحييدثكم بييه الليليية‬
‫القابليية إن عشييت وأبقيياني الملييك فقييال الملييك‪:‬‬
‫والله ل أقتلها حتى أسمع بقية حديثها لنه عجيييب‬
‫ثم باتوا تلك الليلة متعييانقين إلييى الصييباح فخييرج‬
‫الملييك إلييى محييل حكمييه ودخييل عليييه الييوزير‬
‫والعسييكر واحتبييك الييديوان فحكييم الملييك وولييى‬
‫وعزل ونهى وأمر آخيير النهييار ثييم انفييض الييديوان‬
‫ودخل الملك شهريار إلى قصره‪.‬‬
‫'ةةة ةةةةة ة ةةةةةة ة قالت لهييا أختهييا دنيييا‬
‫زاد ‪ :‬يا أختي أتمي لنا حديثك فقالت حًبا وكراميية‬
‫بلغني أيهييا الملييك السييعيد أن التيياجر أقبييل علييى‬
‫الشيوخ وشكرهم هنوه بالسلمة ورجع كييل واحييد‬
‫إلى بلده وما هذه بأعجب من حكاية الصياد فقال‬
‫لها الملك‪ :‬وما حكاية الصياد؟‬
‫]عدل[ حكاية الصياد مع العفريت‬
‫قالت‪ :‬بلغني أيهييا الملييك السييعيد أنييه كييان رجييل‬
‫صياد وكان طاعًنا في السن وله زوجة وثلثة أولد‬
‫وهو فقير الحال وكان من عادته أنه يرمي شبكته‬
‫مييا ميين‬ ‫كل يوم أربع مرات ل غير ثم أنييه خييرج يو ً‬
‫اليام في وقت الظهر إلييى شيياطئ البحيير وحييط‬
‫معطفه وطرح شبكته وصبر إلى أن استقرت في‬
‫الماء ثم جمع خيطانها فوجدها ثقيلة فجييذبها فلييم‬
‫دا‬
‫يقدر على ذلك فذهب بالطرف إلى البر ودق وت ً‬
‫وربطها فيييه ثييم عييرى وغطييس فييي الميياء حييول‬
‫الشبكة وما زال يعالج حييتى أطلعهييا ولبييس ثيييابه‬
‫وأتى إلى الشبكة فوجد فيها حماًرا ميًتا فلمييا رأى‬
‫ذلك حزن وقييال ل حييول ول قييوة إل بييالله العلييي‬
‫العظيييم ثييم قييال أن هييذا الييرزق عجيييب وأنشييد‬
‫يقول‪:‬‬
‫ضا في ظلم الله والهلكة‪.......‬أقصر عنك‬ ‫يا خائ ً‬
‫فليس الرزق بالحركة‬
‫ثم أن الصييياد لمييا رأى الحمييار ميييت خلصييه ميين‬
‫الشبكة وعصرها‪ ،‬فلما فييرغ ميين عصييرها نشييرها‬
‫وبعد ذلك نزل البحر‪ ،‬وقال بسم الله وطرحها فيه‬
‫وصييبر عليهييا حييتى اسييتقرت ثييم جييذبها فثقلييت‬
‫ورسخت أكثر من الول فظيين أنييه سييمك فربييط‬
‫الشبكة وتعرى ونزل وغطييس‪ ،‬ثييم عالييج إلييى أن‬
‫خلصها وأطلعها إلى البر فوجييد فيهييا زي يًرا كييبيرًا‪،‬‬
‫وهييو ملن برمييل وطييين فلمييا رأى ذلييك تأسييف‬
‫وأنشد قول الشاعر‪:‬‬
‫فل‬ ‫إن لم تكفي فعفي‬ ‫ياحرقة الدهر كفي‬
‫يحظى أعطي‬
‫خرجت أطلب‬ ‫ول يصنعه كفي‬
‫وجدت رزقي توفي‬ ‫رزقي‬
‫كم جاهل في ظهور وعالم متخفي‬
‫ثم إنه رمى الزير وعصر شبكته ونظفها واسييتغفر‬
‫الله وعاد إلييى البحيير ثييالث مييرة ورمييى الشييبكة‬
‫وصييبر عليهييا حييتى أسييتقرت وجييذبها فوجييد فيهييا‬
‫شفافة وقوارير فأنشد قول الشاعر‪ :‬هو الرزق ل‬
‫حل لديك ول ربط ول قلم يجدي عليك ول خط‪.‬‬
‫ثم أنه رفع رأسييه إلييى السييماء وقييال اللهييم أنييك‬
‫تعلم أنييي لييم أرم شييبكتي غييير أربييع مييرات وقييد‬
‫رميت ثلثا‪ ،‬ثم أنه سمى الله ورمى الشييبكة فييي‬
‫البحر وصبر إلى أن أسييتقرت وجييذبها فلييم يطييق‬
‫جذبها وإذا بها أشتبكت في الرض فقال‪ :‬ل حييول‬
‫ول قوة إل بالله فتعرى وغطس عليها وصار يعالج‬
‫فيها إلى أن طلعت على البحر وفتحها فوجد فيهييا‬
‫قمقمييا ميين نحيياس أصييفر ملن وفمييه مختييوم‬
‫برصاص عليه طبع خاتم سيدنا سليمان‪.‬‬
‫فلما رآه الصياد فرح وقال هييذا أبيعييه فييي سييوق‬
‫النحاس فإنه يساوي عشييرة دنييانير ذهبييا ثييم أنييه‬
‫حركه فوجده ثقيًل فقال‪ :‬ل بد أني أفتحييه وأنظيير‬
‫ما فيه وأدخييره فييي الخييرج ثييم أبيعييه فييي سييوق‬
‫النخاس ثم أنه أخرج سكينا‪ ،‬وعالج في الرصيياص‬
‫إلى أن فكه من القمقم وحطه على الرض وهزه‬
‫لينكت ما فيه فلم ينزل منه شيء ولكن خرج من‬
‫ذلك القمقم دخان صعد إلى السماء ومشى علييى‬
‫وجه الرض فتعجب غاية العجب وبعد ذلك تكامل‬
‫الدخان‪ ،‬واجتمع ثييم انتفييض فصييار عفريت ًييا رأسييه‬
‫في السييحاب ورجله فييي الييتراب بييرأس كالقبيية‬
‫وأييييدي كالميييداري ورجليييين كالصيييواري‪ ،‬وفيييم‬
‫كالمغارة‪ ،‬وأسنان كالحجييارة‪ ،‬ومنيياخير كييالبريق‪،‬‬
‫وعينين كالسراجين‪ ،‬أشعث أغبر‪.‬‬
‫فلما رأى الصياد ذلك العفريييت ارتعييدت فرائصييه‬
‫وتشبكت أسنانه‪ ،‬ونشف ريقه وعمي عن طريقييه‬
‫فلما رآه العفريت قال ل إلييه إل اللييه سييليما نييبي‬
‫الله‪ ،‬ثم قال العفريت‪ :‬يا نبي الله ل تقتلني فييإني‬
‫ل عدت أخالف لك قوًل وأعصي لييك أمييرًا‪ ،‬فقييال‬
‫له الصياد‪ :‬أيها المييارد أتقييول سييليمان نييبي اللييه‪،‬‬
‫وسييليمان مييات ميين مييدة ألييف وثمانمييائة سيينة‪،‬‬
‫ونحن في آخر الزمان فما قصتك‪ ،‬وما حديثك وما‬
‫سبب دخولك إلى هذا القمقم‪.‬‬
‫فلما سمع المارد كلم الصياد قال‪ :‬ل إلييه إل اللييه‬
‫أبشر يا صياد‪ ،‬فقال الصياد‪ :‬بماذا تبشييرني فقييال‬
‫بقتلك في هذه الساعة أشر القتلت قال الصييياد‪:‬‬
‫تستحق على هذه البشارة يا قيم العفيياريت زوال‬
‫الستر عنك‪ ،‬يا بعيد لي شيء تقتلنييي وأي شيييء‬
‫يوجب قتلي وقد خلصتك من القمقم ونجيتك ميين‬
‫قرار البحر‪ ،‬وأطلعتييك إلييى الييبر فقييال العفريييت‪:‬‬
‫تمن علي أي موتة تموتها‪ ،‬وأي قتلة تقتلهييا فقييال‬
‫الصياد ما ذنبي حتى يكون هذا جزائي منك‪.‬‬
‫فقييال العفريييت اسييمع حكييايتي يييا صييياد‪ ،‬قييال‬
‫الصياد‪ :‬قل وأوجز في الكلم فإن روحييي وصييلت‬
‫إلى قدمي‪ .‬قال اعلييم أنييي ميين الجيين المييارقين‪،‬‬
‫وقد عصيت سييليمان بيين داود وأنييا صييخر الجنييي‬
‫فأرسييل لييي وزيييره آصييف ابيين برخيييا فييأتى بييي‬
‫ها وقييادني إليييه وأنييا ذليييل علييى رغييم أنفييي‬
‫مكر ً‬
‫وأوقفني بين يديه فلما رآني سليمان استعاذ مني‬
‫وعرض علي اليمان والدخول تحت طاعته فأبيت‬
‫فطلييب هييذا القمقييم وحبسييني فيييه وختييم علييي‬
‫بالرصيياص وطبعييه بالسييم العظييم‪ ،‬وأميير الجيين‬
‫فاحتملوني وألقوني في وسط البحر فأقمت مائة‬
‫عام وقلت في قلبي كل من خلصييني أغنيتييه إلييى‬
‫البد فمرت المائة عام ولم يخلصني أحد‪ ،‬ودخلت‬
‫مائة أخرى فقلت كل من خلصني فتحت له كنييوز‬
‫الرض‪ ،‬فلم يخلصني أحييد فمييرت علييي أربعمييائة‬
‫عام أخرى فقلت كل من خلصني أقضي لييه ثلث‬
‫دا‬
‫حاجات فلم يخلصني أحييد فغضييبت غض يًبا شييدي ً‬
‫وقلييت فييي نفسييي كييل ميين خلصييني فييي هييذه‬
‫الساعة قتلتييه ومنيتييه كيييف يمييوت وهييا أنييك قييد‬
‫خلصتني ومنيتك كيف تموت‪.‬‬
‫فلمييا سييمع الصييياد كلم العفريييت قييال‪ :‬يييا اللييه‬
‫العجب أنا ما جئت أخلصك إل في هذه اليام‪ ،‬ثييم‬
‫قال الصياد للعفريت‪ ،‬اعف عيين قتلييي يعييف اللييه‬
‫عنك‪ ،‬ول تهلكني‪ ،‬يسلط الله عليييك‪ ،‬ميين يهلكييك‪.‬‬
‫فقال ل بد من قتلك‪ ،‬فتمن علي أي موتيية تموتهييا‬
‫فلما تحقق ذلك منه الصياد راجع العفريييت وقييال‬
‫مييا لمييا أعتقتييك‪ ،‬فقييال العفريييت‪:‬‬ ‫اعف عني إكرا ً‬
‫وأنا ما أقتلك إل لجل ما خلصتني‪ ،‬فقييال الصييياد‪:‬‬
‫يا شيخ العفاريت هل أصنع معييك مليييح‪ ،‬فتقييابلني‬
‫بالقبيح ولكن لم يكييذب المثييل حيييث قييال‪ :‬فعلنييا‬
‫جميًل قابلونييا بضييده وهييذا لعمييري ميين فعييال‬
‫الفواجر‬
‫ومن يفعل المعييروف مييع غييير أهلييه يجييازى كمييا‬
‫جوزي مجير أم عامر‬
‫فلما سمع العفريت كلمه قال ل تطمع فل بد من‬
‫موتك‪ ،‬فقال الصييياد هييذا جنييي‪ ،‬وأنييا إنسييي وقييد‬
‫أعطاني اللييه عقًل كييامًل وهييا أنييا أدبيير أم يًرا فييي‬
‫هلكه‪ ،‬بحيلتي وعقلي وهو يدبر بمكره وخبثه‪ ،‬ثييم‬
‫قال للعفريت‪ :‬هل صممت على قتلييي قييال نعييم‪،‬‬
‫فقال لييه بالسييم العظييم المنقييوش علييى خيياتم‬
‫سليمان أسألك عيين شيييء وتصييدقني فيييه‪ ،‬قييال‬
‫نعم‪ ،‬ثم إن العفريت لما سمع ذكر السم العظم‬
‫اضطرب واهييتز وقييال‪ :‬اسييأل وأوجييز‪ ،‬فقييال لييه‪:‬‬
‫كيف كنت في هذا القمقم‪ ،‬والقمقم ل يسع يييدك‬
‫ول رجلك فكيف يسعك كلك‪ ،‬فقال لييه العفريييت‪:‬‬
‫وهل أنت ل تصدق أنني كنت فيه فقييال الصييياد ل‬
‫دا حييتى أنظييرك فيييه بعينييي‪ ،‬وأدرك‬ ‫أصييدق أبيي ً‬
‫شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلم المباح‪.‬‬
‫وفي الليلة الرابعة قييالت‪ :‬بلغنييي أيهييا الملييك‬
‫السعيد أن الصييياد لمييا قييال للعفريييت ل أصييدقك‬
‫دا حييتى أنظييرك بعينييي فييي القمقييم فييانتفض‬ ‫أب ي ً‬
‫دا إلى الجو‪ ،‬ثييم اجتمييع‬‫العفريت وصار دخاًنا صاع ً‬
‫ل‪ ،‬حييتى اسييتكمل الييدخان‬ ‫ودخل فييي القمقييم قلي ً‬
‫داخييل القمقييم وإذا بالصييياد أسييرع وأخييذ سييدادة‬
‫الرصاص المختومة وسد بهييا فييم القمقييم ونييادى‬
‫العفريت‪ ،‬وقييال لييه‪ :‬تميين علييي أي موتيية تموتهييا‬
‫لرميك في هذا البحر وأبني لي هنا بيًتا وكييل ميين‬
‫أتى هنا أمنعه أن يصطاد وأقييول لييه هنييا عفريييت‬
‫وكل من أطلعه يبين له أنواع الموت يخبره بينها‪.‬‬
‫فلما سمع العفريت كلم الصياد أراد الخروج فلييم‬
‫سا ورأى عليه طييابع خيياتم‬ ‫يقدر ورأى نفسه محبو ً‬
‫سييليمان وعلييم أن الصييياد سييجنه وسييجن أحقيير‬
‫العفاريت وأقذرها وأصغرها‪ ،‬ثيم أن الصييياد ذهيب‬
‫بالقمقم إلى جهة البحر‪ ،‬فقيال ليه العفرييت ل‪ ،‬ل‬
‫فقييال الصييياد‪ :‬ل بييد ل بييد فلطييف المييارد كلمييه‬
‫وخضع وقال ما تريد أن تصنع بي يييا صييياد‪ ،‬قييال‪:‬‬
‫ألقيك في البحر إن كنت أقمت فيه ألًفا وثمانمائة‬
‫عام فأنا أجعلك تمكث إلى أن تقوم السيياعة‪ ،‬أمييا‬
‫قلت لك أبقيني يبقيك الله ول تقتلني يقتلييك اللييه‬
‫فأبيت قولي وما أردت إل غدري فألقاك الله فييي‬
‫يدي فغدرت بك‪ ،‬فقييال العفريييت افتييح لييي حييتى‬
‫أحسن إليك فقال له الصياد تكذب يا ملعييون‪ ،‬أنييا‬
‫مثلييي ومثلييك مثييل وزييير الملييك يونييان والحكيييم‬
‫رويييان‪ ،‬فقييال العفريييت‪ :‬ومييا شييأن وزييير الملييك‬
‫يونان والحكيم رويان وما قصتهما‪.‬‬
‫]عدل[ حكاية الملك يونان والحكيم رويان‬
‫قال الصياد‪ :‬اعلم أيها العفريت‪ ،‬أنه كان في قديم‬
‫الزمان وسالف العصر والوان في مدينة الفييرس‬
‫وأرض رومان ملك يقال له الملك يونييان وكييان ذا‬
‫مال وجنييود وبييأس وأعييوان ميين سييائر الجنيياس‪،‬‬
‫وكان في جسييده بييرص قييد عجييزت فيييه الطبيياء‬
‫والحكماء ولم ينفعه منه شرب أدوييية ول سييفوف‬
‫ول دهان ولم يقدر أحد من الطباء أن يداويه‪.‬‬
‫وكان قييد دخييل مدينيية الملييك يونييان حكيييم كييبير‬
‫طاعن في السيين يقييال لييه الحكيييم رويييان وكييان‬
‫عارًفييا بييالكتب اليونانيييية والفارسييية والرومييية‬
‫مييا‬
‫والعربية والسريانية وعلم الطب والنجوم وعال ً‬
‫بأصييول حكمتهييا وقواعييد أمورهييا ميين منفعتهييا‬
‫مييا بخييواص النباتييات والحشييائش‬ ‫ومضييرتها‪ .‬عال ً‬
‫والعشيياب المضييرة والنافعيية فقييد عييرف علييم‬
‫الفلسفة وجاز جميع العلييوم الطبييية وغيرهييا‪ ،‬ثييم‬
‫إن الحكيم لما دخل المدينة وأقام بهييا أيييام قلئل‬
‫سمع خبر الملك وما جرى له في بدنه من البرص‬
‫الييذي ابتله اللييه بييه وقييد عجييزت عيين مييداواته‬
‫الطباء وأهل العلوم‪.‬‬
‫ل‪ ،‬فلمييا أصييبح‬‫فلما بلغ ذلك الحكيييم بييات مشييغو ً‬
‫الصباح لبس أفخر ثيابه ودخل على الملييك يونييان‬
‫وقبل الرض ودعا له بدوام العييز والنعييم وأحسيين‬
‫ميا بيه تكليم وأعلميه بنفسيه فقيال‪ :‬أيهيا المليك‪:‬‬
‫بلغني ما اعتراك من هذا الييذي فييي جسييدك وأن‬
‫كثيًرا من الطباء لم يعرفوا الحيلة في زواله وهييا‬
‫أنا أداويك أيها الملييك ول أسييقيك دواء ول أدهنييك‬
‫بدهن‪.‬‬
‫فلما سمع الملك يونييان كلمييه تعجييب وقييال لييه‪:‬‬
‫كيف تفعل‪ ،‬فو الله لو برأتنييي أغنيييك لولييد الولييد‬
‫وأنعم عليييك‪ ،‬مييا تتمنيياه فهييو لييك وتكييون نييديمي‬
‫وحبيبي‪ .‬ثم أنه خلع عليه وأحسيين إليييه وقييال لييه‬
‫أبرئني من هييذا المييرض بل دواء ول دهييان؟ قييال‬
‫نعم أبرئك بل مشقة في جسدك‪ .‬فتعجييب الملييك‬
‫غاية العجب ثم قال له‪ :‬أيها الحكيييم الييذي ذكرتييه‬
‫لي يكون في أي الوقات وفي أي اليام‪ ،‬فأسييرع‬
‫يا ولدي؛ قال له سمًعا وطاعة‪ ،‬ثم نييزل ميين عنييد‬
‫الملييك واكييترى لييه بيت ًييا حييط فيييه كتبييه وأدويتييه‬
‫وعقاقيره ثييم اسييتخرج الدوييية والعقيياقير وجعييل‬
‫منها صولجاًنا وجوفه وعمييل لييه قصييبة وصيينع لييه‬
‫كرة بمعرفته‪.‬‬
‫فلما صنع الجميع وفرغ منها طلع إلى الملييك فييي‬
‫اليوم الثاني ودخييل عليييه وقبييل الرض بييين يييديه‬
‫وأمره أن يركب إلييى الميييدان وأن يلعييب بييالكرة‬
‫والصولجان وكان معه المراء والحجاب والييوزراء‬
‫وأربيياب الدوليية‪ ،‬فمييا اسييتقر بييين الجلييوس فييي‬
‫الميدان حييتى دخييل عليييه الحكيييم رويييان ونيياوله‬
‫الصولجان وقال ليه‪ :‬خييذ هييذا الصيولجان واقبيض‬
‫عليييه مثييل هييذه القبضيية وامييش فييي الميييدان‬
‫واضييرب بييه الكييرة بقوتييك حييتى يعييرق كفييك‬
‫وجسدك فينفذ الدواء من كفك فيسري في سائر‬
‫جسدك فإذا عرقت وأثر الدواء فيييك فييارجع إلييى‬
‫قصرك وادخل الحمييام واغتسييل ونييم فقييد بييرئت‬
‫والسلم‪.‬‬
‫فعند ذلك أخذ الملك يونييان ذلييك الصييولجان ميين‬
‫الحكيم ومسكه بيده وركب الجييواد وركييب الكييرة‬
‫بين يديه وساق خلفها حيتى لحقهيا وضيربها بقيوة‬
‫وهو قابض بكفه على قصبة الصييولجان‪ ،‬ومييا زال‬
‫يضييرب بييه الكييرة حييتى عييرق كفييه وسييائر بييدنه‬
‫وسرى له الدواء من القبضة‪.‬‬
‫وعرف الحكيم رويان أن الدواء سرى في جسييده‬
‫فأمره بالرجوع إلى قصره وأن يدخل الحمام ميين‬
‫ساعته‪ ،‬فرجييع الملييك يونييان ميين وقتييه وأميير أن‬
‫يخلو له الحمام فأخلوه له‪ ،‬وتسارعت الفراشييون‬
‫وتسابقت المماليك وأعدوا للملك قماشييه ودخييل‬
‫الحمام واغتسل غسيييًل جي ي ً‬
‫دا ولبييس ثيييابه داخييل‬
‫الحمام ثم خرج منه وركب إلى قصره ونام فيه‪.‬‬
‫هذا ما كان من أمر الملك يونان‪ ،‬وأما ما كان من‬
‫أمر الحكيم رويان فإنه رجع إلى داره وبات‪ ،‬فلمييا‬
‫أصبح الصباح طلع إلى الملك واستأذن عليه فأذن‬
‫لييه فييي الييدخول فييدخل وقبييل الرض بييين يييديه‬
‫وأشار إلى الملك بهذه البيات‪:‬‬
‫وإذا دعت‬ ‫زهت الفصاحة إذا ادعيت لها أًبا‬
‫ما سواك لها أبى‬ ‫يو ً‬
‫تمحوا من‬ ‫يا صاحب الوجه الذي أنواره‬
‫الخطب الكريه غياهبا‬
‫فل ترى وجه‬ ‫ما زال وجهك مشرًقا متهلًل‬
‫الزمان مقطبا‬
‫فعلت بنا فعل‬ ‫أوليتني من فضلك المنن التي‬
‫السحاب مع الربا‬
‫حتى بلغت‬ ‫وصرفت جل المل في طلب العل‬
‫من الزمان مآربا‬
‫مييا علييى‬ ‫فلمييا فييرغ ميين شييعره نهييض الملييك قائ ً‬
‫قدميه وعانقه وأجلسييه بجييانبه وخلييع لعيييه الخلييع‬
‫السنية‪.‬‬
‫ولما خرج الملك من الحمام نظر إلى جسده فلم‬
‫يجد فيه شيًئا من البرص وصار جسييده نقي ًييا مثييل‬
‫الفضة البيضيياء ففييرح بييذلك غاييية الفييرح واتسييع‬
‫صدره وانشرح‪ ،‬فلما أصبح الصباح دخييل الييديوان‬
‫وجلس على سرير ملكييه ودخلييت عليييه الحجيياب‬
‫وأكابر الدولة ودخل عليه الحكيم رويان‪ ،‬فلما رآه‬
‫عا وأجلسييه بجييانبه وإذا بمييوائد‬ ‫قييام إليييه مسيير ً‬
‫الطعييام قييد مييدت فأكييل صييحبته ومييا زال عنييده‬
‫ينادمه طول نهاره‪.‬‬
‫فلما أقبل الليل أعطييى الحكيييم ألفييي دينييار غييير‬
‫الخلع والهدايا وأركبييه جييواده وانصييرف إلييى داره‬
‫والملييك يونييان يتعجييب ميين صيينعه ويقييول‪ :‬هييذا‬
‫داواني من ظاهر جسدي ولم يدهنني بييدهان‪ ،‬فييو‬
‫الله مييا هييذه إل حكميية بالغيية‪ ،‬فيجييب علييي لهييذا‬
‫سييا‬‫سييا وأني ً‬
‫الرجل النعام والكرام وأن أتخذه جلي ً‬
‫حييا‬
‫مدى الزمان‪ .‬وبات الملييك يونييان مسييروًرا فر ً‬
‫بصحة جسمه وخلصه من مرضه‪.‬‬
‫فلما أصبح الملييك وجلييس علييى كرسيييه ووقفييت‬
‫أرباب دولته وجلست المراء والوزراء على يمينييه‬
‫ويساره ثم طلب الحكيم رويان فدخل عليه وقبل‬
‫الرض بين يديه فقام الملك وأجلسه بجانبه وأكل‬
‫معه وحياه وخلع عليه وأعطاه‪ ،‬ولييم يييزل يتحييدث‬
‫معه إلى أن أقبيل اللييل فرسيم ليه بخميس خليع‬
‫وألف دينييار‪ ،‬ثييم انصييرف الحكيييم إلييى داره وهييو‬
‫شاكر للملك‪.‬‬
‫فلما أصبح الصباح خرج الملك إلييى الييديوان وقييد‬
‫أحدقت به المراء والييوزراء والحجيياب‪ ،‬وكييان لييه‬
‫وزير من وزرائه بشع المنظر نحييس الطييالع لئيييم‬
‫بخيل حسود مجبول على الحسييد والمقييت‪ .‬فلمييا‬
‫رأى ذلك الييوزير أن الملييك قييرب الحكيييم رويييان‬
‫وأعطاه هذه النعام حسده عليه وأضمر له الشيير‬
‫كما قيييل فييي المعنييى‪ :‬مييا خل جسييد ميين حسييد‪.‬‬
‫وقيل في المعنى‪ :‬الظلم كمين في النفس القييوة‬
‫تظهره والعجييز يخفيييه‪ .‬ثييم أن الييوزير تقييدم إلييى‬
‫الملك يونان وقبل الرض بين يييديه وقييال لييه‪ :‬يييا‬
‫ملييك العصيير والوان‪ :‬أنييت الييذي شييمل النيياس‬
‫إحسانك ولك عندي نصيحة عظيميية فييإن أخفيتهييا‬
‫عنك أكون ولد زنا‪ ،‬فإن أمرتني أن أبييديها أبييديتها‬
‫لك‪.‬‬
‫فقيييال المليييك وقيييد أزعجيييه كلم اليييوزير‪ :‬وميييا‬
‫نصيحتك؟ فقييال‪ :‬أيهييا الملييك الجليييل‪ :‬قييد قييالت‬
‫القدماء من لم ينظر في العواقب فمييا الييدهر لييه‬
‫بصاحب‪ ،‬وقد رأيت الملك على غير صييواب حيييث‬
‫أنعم على عدوه وعلى من يطلب زوال ملكه وقد‬
‫أحسيين إليييه وأكرمييه غاييية الكييرام وقربييه غاييية‬
‫القرب‪ ،‬وأنا أخشى على الملك من ذلك‪.‬‬
‫فانزعج الملييك وتغييير لييونه وقييال لييه‪ :‬ميين الييذي‬
‫تزعم أنه عييدوي وأحسيينت إليييه؟ فقييال لييه‪ :‬أيهييا‬
‫مييا فاسييتيقظ فأنييا أشييير إلييى‬
‫الملييك إن كنييت نائ ً‬
‫الحكيم رويان‪ .‬فقال لييه الملييك‪ :‬إن هييذا صييديقي‬
‫وهو أعز الناس عندي لنه داوانييي بشيييء قبضييته‬
‫بيدي وأبراني من مرضي الذي عجز فيييه الطبيياء‬
‫وهو ل يوجد مثله في هذا الزمان في الييدنيا غرًبييا‬
‫وشرقًا‪ ،‬فكيف أنت تقول عليييه هييذا المقييال وأنييا‬
‫ميين هييذا اليييوم أرتييب لييه الجوامييك والجرايييات‬
‫وأعمل له في كل شيهر أليف دينيار وليو قاسيمته‬
‫فييي ملكييي وإن كييان قليًل عليييه‪ .‬ومييا أظيين أنييك‬
‫دا كما بلغني عيين الملييك يونييان‬ ‫تقول ذلك إل حس ً‬
‫ذكر والله أعلم‪.‬‬
‫وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم‬
‫المباح‪ ،‬فقالت لها أختها‪ :‬يا أختي ما أحلى حييديثك‬
‫وأطيبه وألذه وأعذبه فقالت لهييا‪ :‬وأييين هييذا ممييا‬
‫أحييدثكم بييه الليليية المقبليية إن عشييت وأبقيياني‬
‫الملك‪ .‬فقييال الملييك فييي نفسييه‪ :‬واللييه ل أقتلهييا‬
‫حتى أسمع بقييية حييديثها لنييه حييديث عجيييب‪ .‬ثييم‬
‫أنهم باتوا تليك الليلية متعيانقين إليى الصيباح‪ .‬ثيم‬
‫خييرج الملييك إلييى محييل حكمييه واحتبييك الييديوان‬
‫فحجم وولى وأمر ونهى إلى آخر النهار‪ ،‬ثم انفض‬
‫الديوان فدخل الملك عصره وأقبل الليييل وقضييى‬
‫حاجته من بنت الوزير شهرزاد‪.‬‬
‫وفي الليلة الخامسة قالت‪ :‬بلغني أيها الملييك‬
‫السعيد أن الملك يونان قال لييوزيره أنييت داخلييك‬
‫الحسد من أجل هذا الحكيم فتريد أن أقتلييه وبعييد‬
‫ذلك أندم كمييا نييدم السييندباد علييى قتييل البييازي‪.‬‬
‫فقال الوزير‪ :‬وكيف كان ذلك؟ فقال الملييك‪ :‬ذكيير‬
‫أنه كان ملك ملوك الفرس يحب الفرجيية والتنييزه‬
‫والصيد والقنص وكان له بازي رباه ول يفارقه ليًل‬
‫ول نهاًرا ويبيت طوال الليل حامله علييى يييده وإذا‬
‫طلع إلى الصيد يأخذه معه وهو عامييل لييه طاسيية‬
‫من الذهب معلقة في رقبته يسقيه منها‪.‬‬
‫فبينما الملك جالس وإذا بالوكيل على طير الصيد‬
‫يقييول‪ :‬يييا ملييك الزمييان هييذا أوان الخييروج إلييى‬
‫الصيد‪ ،‬فاستعد الملك للخروج وأخذ البييازي علييى‬
‫يده وساروا إلى أن وصلوا إلى واد ونصبوا شييبكة‬
‫الصيد إذا بغزالة وقعييت فييي تلييك الشييبكة فقييال‬
‫الملك‪ :‬كل ميين فيياتت الغزاليية ميين جهتييه قتلتييه‪،‬‬
‫فضيقوا عليهييا حلقيية الصيييد وإذا بالغزاليية أقبلييت‬
‫علييى الملييك وشييبت علييى رجليهييا وحطييت يييديها‬
‫علييى صييدرها كأنهييا تقبييل الرض للملييك فطأطييأ‬
‫الملك للغزالة ففرت من فوق دماغه وراحت إلى‬
‫البر‪.‬‬
‫فالتفت الملييك إلييى المعسييكر فرآهييم يتغييامزون‬
‫عليه‪ ،‬فقال‪ :‬يا وزيري ماذا يقول العسيياكر فقييال‪:‬‬
‫يقولون إنك قلت كل من فاتت الغزالة ميين جهتيه‬
‫يقتييل فقييال الملييك‪ :‬وحييياة رأسييي لتبعنهييا حييتى‬
‫أجيء بها‪ ،‬ثم طلع الملك في أثر الغزالة ولم يزل‬
‫وراءها وصار البازي يلطشها علييى عينهييا إلييى أن‬
‫سييا وضييربها‬ ‫أعماهييا ودوخهييا فسييحب الملييك دبو ً‬
‫فقلبها ونزل فذبحها وسلخها وعلقها في قربييوس‬
‫السرج‪ .‬وكانت ساعة حر وكان المكييان قف يًرا لييم‬
‫يوجد فيه ماء فعطش الملك وعطش الحصان‪.‬‬
‫فالتفت الملك فرأى شجرة ينييزل منهييا ميياء مثييل‬
‫دا فأخييذ‬ ‫سا فييي كفييه جل ي ً‬
‫السمن‪ ،‬وكان الملك لب ً‬
‫الطاسة فيي قبية البيازي وملهيا مين ذليك المياء‬
‫ووضع الماء قييدامه وإذا بالبييازي لطييش الطاسيية‬
‫فقلبها‪ ،‬فأخذ الملك الطاسة ثانيًا‪ ،‬وملها وظن أن‬
‫البييازي عطشييان فوضييعها قييدامه فلطشييها ثاني ًييا‬
‫وقلبها فغضب الملييك ميين البييازي وأخييذ الطاسيية‬
‫ثالًثا وقدمها للحصان فقلبها البازي بجنيياحه فقييال‬
‫الملك الله يخيبك يا أشأم الطيور وأحرمتنييي ميين‬
‫الشرب وأحرمييت نفسييك وأحرمييت الحصييان ثييم‬
‫ضرب البازي بالسيف فرمى أجنحته‪.‬‬
‫فصار البازي يقيييم رأسييه ويقييول بالشييارة انظيير‬
‫الذي فوق الشجرة فرفع الملك عينه فييرأى فييوق‬
‫الشجرة حية والذي يسيل سمها فندم الملك على‬
‫قص أجنحة البازي ثيم قيام وركيب حصيانه وسيار‬
‫ومعه الغزالة حييتى وصييل الملييك علييى الكرسييي‬
‫والبييازي علييى يييده فشييهق البييازي ومييات فصيياح‬
‫الملك حزًنا وأسًفا على قتل البازي‪ ،‬حيييث خلصييه‬
‫ميين الهلك‪ ،‬هييذا مييا كييان ميين حييديث الملييك‬
‫السندباد‪.‬‬
‫فلما سمع الوزير كلم اللمك يونان قييال لييه‪ :‬أيهييا‬
‫الملييك العظيييم الشييأن ومييا الييذي فعلتييه ميين‬
‫الضرورة ورأيت منييه سييوء إنمييا فعييل معييك هييذا‬
‫شفقة عليك وستعلم صحة ذلك فييإن قبلييت منييي‬
‫نجوت وإل هلكت كما هلك وزير كان احتييال علييى‬
‫ابن ملك من الملوك‪ ،‬وكان لذلك الملك ولد مولع‬
‫بالصيد والقنص وكان له وزيرًا‪ ،‬فأمر الملييك ذلييك‬
‫مييا‬
‫الوزير أن يكون مع ابنييه أينمييا تييوجه فخييرج يو ً‬
‫من اليام‪ ،‬إلى الصيد والقنييص وخييرج معييه وزييير‬
‫أبيه فسارا جميعًييا فنظيير إلييى وحيش كييبير فقيال‬
‫الييوزير لبيين الملييك دونييك هييذا الييوحش فيياطلبه‬
‫فقصده ابن الملك‪ ،‬حتى غيياب عيين العييين وغيياب‬
‫عنه الوحش فييي البرييية‪ ،‬وتحييير ابيين الملييك فلييم‬
‫يعرف أين يذهب وإذا بجارية علييى رأس الطريييق‬
‫وهي تبكي فقال لها ابن الملك من أنت‪ :‬قال بنت‬
‫ملك من ملوك الهند وكنييت فييي البرييية فييأدركني‬
‫النعيياس‪ ،‬فييوقعت ميين فييوق الدابيية ولييم أعلييم‬
‫بنفسي فصرت حائرة‪.‬‬
‫فلما سمع ابن الملييك كلمهييا رق لحالهييا وحملهييا‬
‫على ظهر جابته وأردفها وسار حييتى ميير بجزيييرة‬
‫فقالت له الجارية‪ :‬يا سيد أريييد أن أزيييل ضييرورة‬
‫فأنزلها إلى الجزيرة ثم تعوقت فاستبطأها فييدخل‬
‫خلفها وهي ل تعلم به‪ ،‬فإذا هي غولة وهييي تقييول‬
‫لولدها يييا أولدي قييد أتيتكييم اليييوم بغلم سييمين‬
‫فقالوا لها أتينا به يا أمنا نأكله في بطوننا‪.‬‬
‫فلما سمع ابن الملك كلمهم أيقن بالهلك وارتعييد‬
‫فرائضه وخشي على نفسه ورجع فخرجت الغولة‬
‫فرأته كالخائف الوجل وهو يرتعييد فقييالت لييه‪ :‬مييا‬
‫بالك خائفًا‪ ،‬فقال لها أن لي عدوًا‪ ،‬وأنا خائف منييه‬
‫فقالت الغولة إنك تقول أنييا ابيين الملييك قييال لهييا‬
‫نعم‪ ،‬قيالت لييه مالييك ل تعطيي عييدوك شييًئا مين‬
‫المال‪ ،‬فترضيه به‪ ،‬فقال لهييا أنييه ل يرضييى بمييال‬
‫ول يرضى إل بالروح وأنييا خييائف منييه‪ ،‬وأنييا رجييل‬
‫مييا كمييا تزعييم‬
‫مظلوم فقالت لييه‪ :‬إن كنييت مظلو ً‬
‫فاستعن بالله عليه بأنه يكفيك شييره وشيير جميييع‬
‫ما تخافه‪.‬‬
‫فرفع ابن الملك رأسه إلى السماء وقيال‪ :‬ييا مين‬
‫يجيب دعوة المضييطر‪ ،‬إذا دعيياه ويكشييف السييوء‬
‫انصرني على عدوي واصرفه عني‪ ،‬إنييك علييى مييا‬
‫تشاء قدير فلما سمعت الغوليية دعيياءه‪ ،‬انصييرفت‬
‫عنه وانصرف ابن الملك إلى أبيه‪ ،‬وحييدثه بحييديث‬
‫الوزير وأنت أيها الملك مييتى آمنييت لهييذا الحكيييم‬
‫قتلك أقبح القتلت‪ ،‬وإن كنت أحسنت إليه وقربته‬
‫منك فإنه يدبر في هلكك‪ ،‬أما ترى أنه أبراك ميين‬
‫المرض من ظاهر الجسد بشيييء أمسييكته بيييدك‪،‬‬
‫فل تأمن أن يهلكك بشيء تمسكه أيضا ً‪.‬‬
‫فقال الملك يونان‪ :‬صدقت فقد يكون كما ذكييرت‬
‫أيهييا الييوزير الناصييح‪ ،‬فلعييل هييذا الحكيييم أتييى‬
‫سييا فييي طلييب هلكييي‪ ،‬وإذا كييان أبرأنييي‬ ‫جاسو ً‬
‫بشيء أمسكته بيدي فإنه يقدر أن يهلكني بشيييء‬
‫أشييمه‪ ،‬ثييم إن الملييك يونييان قييال لييوزيره‪ :‬أيهييا‬
‫الوزير كيف العمل فيه‪ ،‬فقييال لييه الييوزير‪ :‬أرسييل‬
‫إليه في هذا الوقت واطلبه‪ ،‬فييإن حضيير فاضييرب‬
‫عنقه فتكفي شره وتستريح منه واغدر به قبل أن‬
‫يغدر بك‪ ،‬فقال الملك يونييان صييدقت أيهييا الييوزير‬
‫ثييم إن الملييك أرسييل إلييى الحكيييم‪ ،‬فحضيير وهييو‬
‫فرحان ول يعلم ما قدره الرحمن كما قال بعضهم‬
‫في المعنى‪:‬‬
‫وكييل المييور إلييى‬ ‫يا خائًفا من دهره كيين آمن يا ً‬
‫الييييذي بسييييط الييييثرى إن المقييييدر كييييان ل‬
‫ولك المان من الذي ما قدرا‬ ‫يمحى‬
‫وأنشد الحكيم مخاطًبا قول الشاعر‪:‬‬
‫فقل لي إن‬ ‫ما لحقك بالشكر‬ ‫إذا لم أقم يو ً‬
‫أعددت نظمي معا لنثر‬
‫أتتني بل‬ ‫لقد جددت لي قبل السؤال بأنعم‬
‫مطل لديك ول عذر‬
‫وأثني على علياك‬ ‫فمالي ل أعطي ثناءك حقه‬
‫السر والجهر‬
‫يخف لها فمي‬ ‫سأشكر ما أوليتني من صنائع‬
‫وإن أثقلت ظهري‬
‫فلما حضر الحكيم رويييان قييال لييه الملييك‪ :‬أتعلييم‬
‫لماذا أحضرتك‪ ،‬فقييال الحكيييم‪ :‬ل يعلييم الغيييب إل‬
‫اللييه تعييالى‪ ،‬فقييال لييه الملييك‪ :‬أحضييرتك لقتلييك‬
‫وأعدمك روحك‪ ،‬فتعجب الحكيم رويييان ميين تلييك‬
‫المقاليية غاييية العجييب‪ ،‬وقييال أيهييا الملييك لميياذا‬
‫تقتلني؟ وأي ذنب بدا منييي فقييال لييه الملييك‪ :‬قييد‬
‫قيل لي إنك جاسوس وقد أتيييت لتقتلنييي وهييا أنييا‬
‫أقتلك قبييل أن تقتلنييي ثييم إن الملييك صيياح علييى‬
‫السياف‪ ،‬وقال له اضرب رقبة هذا الغدار‪ ،‬وأرحنييا‬
‫ميين شييره‪ ،‬فقييال الحكيييم أبقنييي يبقيييك اللييه ول‬
‫تقتلني يقتلك الله‪ ،‬ثم أنه كرر علييه القيول مثلميا‬
‫قلت لك أيهييا العفريييت وأنييت ل تييدعي بييل تريييد‬
‫قتلي فقال الملييك يونييان للحكيييم رويييان‪ ،‬إنييي ل‬
‫آميين إل أن أقتلييك فإنييك برأتنييي بشيييء أمسييكته‬
‫بيدي فل آمن أن تقتلني بشيء أشمه أو غير ذلييك‬
‫فقال الحكيم أيها الملك أهذا جزائي منييك‪ ،‬تقابييل‬
‫المليح بالقبيح فقال المليك‪ :‬ل بييد ميين قتلييك ميين‬
‫غير مهلة فلما تحقييق الحكيييم أن الملييك قيياتله ل‬
‫محالة بكى وتأسف على ما صنع من الجميييل مييع‬
‫غير أهله‪ ،‬كما قيل في المعنى‪:‬‬
‫لكن أبوها من‬ ‫ميمونة من سمات العقل عارية‬
‫مييا ول‬ ‫اللبيياب قييد خلقييا لييم يمييش ميين يييابس يو ً‬
‫إل بنور هداه تقى الزلقا‬ ‫وحل‬
‫بعد ذلك تقدم السياف وغمي عينيه وشهر سيييفه‬
‫وقال ائذن والحكيم يبكييي ويقييول للملييك‪ :‬أبقنييي‬
‫يبقيك اللييه ول تقتلنييي يقتلييك اللييه‪ ،‬وأنشييد قييول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫فيأوقعني‬ ‫نصيحت فلييم أفلييح وغشيوا فييأفلحوا‬
‫نصحي بدار هوان فإن عشت فلم أنصح وإن مييت‬
‫ذوي النصح من بعدي بك لسان‬ ‫فانع لي‬
‫ثم إن الحكيم قال للملك أيكون هذا جزائي منييك‪،‬‬
‫فتجازيني مجازاة التمساح قال الملك‪ :‬وما حكاييية‬
‫التمساح‪ ،‬فقال الحكيم ل يمكنني أن أقولهييا‪ ،‬وأنييا‬
‫في هذا الحال فبالله عليك أبقني يبقيك اللييه‪ ،‬ثييم‬
‫دا فقييام بعييض خيواص‬ ‫إن الحكيم بكى بكيياء شييدي ً‬
‫الملك وقال أيها الملك هييب لنييا دم هييذا الحكيييم‪،‬‬
‫لننا ما رأيناه فعل معييك ذنب ًييا إل أبييراك إلييى ميين‬
‫مرضك الذي أعيا الطباء والحكماء‪.‬‬
‫فقييال لهييم الملييك لييم تعرفييوا سييبب قتلييي لهييذا‬
‫الحكيم وذلك لني إن أبقيتييه فأنييا هالييك ل محاليية‬
‫ومن أبرأني ميين المييرض الييذي كييان بييي بشيييء‬
‫أمسكته بييدي فيمكنييه أن يقتلنييي بشييء أشيمه‪،‬‬
‫فأنا أخاف أن يقتلني ويأخذ علي جعالة لنييه ربمييا‬
‫سا وما جاء إل ليقتلني فل بد ميين قتلييه‬ ‫كان جاسو ً‬
‫وبعد ذلك آمن على نفسييي فقييال الحكيييم أبقنييي‬
‫يبقيك الله ول تقتلني يقتلك الله‪.‬‬
‫فلما تحقق الحكيم أيها العفريت أن الملييك قيياتله‬
‫ل محالة قال لييه أيهييا الملييك إن كييان ول بييد ميين‬
‫قتلييي فييأمهلني حييتى أنييزل إلييى داري فييأخلص‬
‫نفسي وأوصي أهلي وجيراني أن يدفنوني وأهييب‬
‫كتب الطب وعندي كتاب خاص الخيياص أهبييه لييك‬
‫هدية تدخره في خزانتك‪ ،‬فقال الملك للحكيم وما‬
‫هذا الكتاب قال‪ :‬فيه شيء ل يحصى وأقل ما فيه‬
‫من السييرار إذا قطعييت رأسييي وفتحتييه وعييددت‬
‫ثلث ورقات ثم تقييرأ ثلث أسييطر ميين الصييحيفة‬
‫التي على يسييارك فييإن الييرأس تكلمييك وتجاوبييك‬
‫عن جميع ما سألتها عنه‪.‬‬
‫فتعجب الملييك غاييية العجييب واهييتز ميين الطييرب‬
‫وقييال لييه أيهييا الحكيييم‪ :‬وهييل إذا قطعييت رأسييك‬
‫تكلمت فقال نعم أيها الملك وهذا أمر عجيب‪ ،‬ثييم‬
‫أن الملييك أرسييله مييع المحافظيية عليييه‪ ،‬فنييزل‬
‫الحكيم إلى داره وقضى أشييغاله فييي ذلييك اليييوم‬
‫وفييي اليييوم الثيياني طلييع الحكيييم إلييى الييديوان‬
‫وطلعييت المييراء والييوزراء والحجيياب والنييواب‬
‫وأرباب الدولة جميًعا وصار الديوان كزهر البستان‬
‫وإذا بالحكيم دخيل الييديوان‪ ،‬ووقييف قييدام الملييك‬
‫ومعييه كتيياب عييتيق ومكحليية فيهييا ذرور‪ ،‬وجلييس‬
‫وقييال ائتييوني بطبييق‪ ،‬فييأتوه بطبييق وكتييب فيييه‬
‫الذرور وفرشه وقال‪ :‬أيها الملك خييذ هييذا الكتيياب‬
‫ول تعمييل بييه‪ ،‬حييتى تقطييع رأسييي فييإذا قطعتهييا‬
‫فاجعلها في ذلك الطبق وأمر بكبسييها علييى ذلييك‬
‫الذرور فإذا فعلت ذلك فإن دمها ينقطع‪ ،‬ثم افتييح‬
‫الكتاب ففتحه الملك فوجده ملصوًقا فحط إصبعه‬
‫فييي فمييه وبلييه بريقييه وفتييح أول ورقيية والثانييية‬
‫والثالثة والورق مييا ينفتييح إل بجهييد‪ ،‬ففتييح الملييك‬
‫سييت ورقييات ونظيير فيهييا فلييم يجييد كتابيية فقييال‬
‫الملك‪ :‬أيها الحكيم مييا فيييه شيييء مكتييوب فقييال‬
‫الحكيم قلب زيادة على ذلك فقلب فيه زيادة فلم‬
‫يكن إل قليًل من الزمييان حييتى سييرى فيييه السييم‬
‫ما فعنييد‬
‫لوقته وساعته فييإن الكتيياب كييان مسييمو ً‬
‫ذلك تزحزح الملييك وصيياح وقييد قييال‪ :‬سييرى فييي‬
‫السم‪ ،‬فأنشد الحكيم رويان يقول‪:‬‬
‫وعن قليل‬ ‫تحكموا فاستطالوا في حكومتهم‬
‫كان الحكم لم يكن‬
‫عليهم الدهر‬ ‫لو أنصفوا أنصفوا لكن بغوا فبغى‬
‫بالفات والمحن‬
‫هذا بذاك ول‬ ‫وأصبحوا ولسان الحال يشدهم‬
‫عتب على الزمن‬
‫فلما فرغ رويان الحكيم من كلمييه سييقط الملييك‬
‫ميًتا لوقته‪ ،‬فاعلم أيها العفريييت أن الملييك يونييان‬
‫لو أبقييى الحكيييم رويييان لبقيياه اللييه‪ ،‬ولكيين أبييى‬
‫وطلب قتلييه فقتلييه اللييه وأنييت أيهييا العفريييت لييو‬
‫أبقيتنييي لبقيياك اللييه‪ .‬وأدرك شييهرزاد الصييباح‬
‫فسييكتت عيين الكلم المبيياح‪ ،‬فقييالت لهييا أختهييا‬
‫دنيازاد‪ :‬ما أحلى حييديثك فقييالت‪ :‬وأييين هييذا ممييا‬
‫أحدثكم به الليلة القابلة إن عشت وأبقاني الملك‪،‬‬
‫وباتوا الليلة فييي نعيييم وسييرور إلييى الصييباح‪ ،‬ثييم‬
‫أطلع الملك إلى الديوان ولما انفض الديوان دخل‬
‫قصره واجتمع بأهله‪.‬‬
‫ففي الليلة السادسة قالت‪ :‬بلغني أيها الملييك‬
‫السعيد أن الصياد لما قييال للعفريييت لييو أبقيتنييي‬
‫كنت أبقيتك‪ ،‬لكيين مييا أردت إل قتلييي فأنييا أقتلييك‬
‫سا في هذا القمقم‪ ،‬وألقيك فييي هييذا البحيير‬ ‫محبو ً‬
‫ثم صرخ المارد وقييال بييالله عليييك أيهييا الصييياد ل‬
‫ما ول تؤاخذني بعملي‪ ،‬فإذا كنييت‬ ‫تفعل وأبقني كر ً‬
‫أنا مسيًئا كن أنت محسنًا‪ ،‬وفي المثييال السييائرة‬
‫يا محسًنا لمن أساء كفي المسيء فعله ول تعمل‬
‫عمل أمامة مع عاتكة‪.‬‬
‫قال الصياد وما شييأنهما‪ ،‬فقييال العفريييت مييا هييذا‬
‫وقت حديث وأنا في السييجن حييتى تطلعنييي منييه‬
‫وأنا أحدثك بشأنهما فقال الصياد ل بد من إلقييائك‬
‫في البحر ول سبيل إلى إخراجك منيه فييإني كنييت‬
‫أستعطفك وأتضييرع إليييك وأنييت ل تريييد إل قتلييي‬
‫ميين غييير ذنييب اسييتوجبته منييك‪ ،‬ول فعلييت معييك‬
‫سييوًءا قييط ولييم أفعييل معييك إل خيييرًا‪ ،‬لكييوني‬
‫أخرجتييك ميين السييجن‪ ،‬فلمييا فعلييت معييي ذلييك‪،‬‬
‫علمت أنك رديء الصل‪ ،‬واعلييم أننييي مييا رميتييك‬
‫في هذا البحر‪ ،‬إل لجل أن كل من أطلعك أخييبره‬
‫بخبرك‪ ،‬وأحذره منك فيرميك فيه‪ ،‬ثانًيا فنقيم في‬
‫هييذا البحيير إلييى آخيير الزمييان حييتى تييرى أنييواع‬
‫العذاب‪.‬‬
‫فقال العفريت‪ :‬أطلقني فهذا وقت المروءات وأنا‬
‫دا بييل أنفعيك بشيييء‬ ‫أعاهيدك أنييي لييم أسييؤك أبي ً‬
‫يغنيييك دائم يًا‪ ،‬فأخييذ الصييياد عليييه العهييد أنييه إذا‬
‫دا بييل يعمييل معييه الجميييل فلمييا‬ ‫أطلقه ل يؤذيه أب ً‬
‫استوثق منه باليمان والعهييود وحلفييه باسييم اللييه‬
‫العظم فتح له الصياد فتصاعد الدخان حتى خييرج‬
‫وتكامييل فصييار عفريًتييا مشييوه الخلقيية ورفييس‬
‫القمقم في البحر‪.‬‬
‫فلما رأى الصياد أنه رمى القمقم في البحر أيقيين‬
‫بالهلك وبال في ثيابه‪ ،‬وقييال هييذه ليسييت علميية‬
‫خير‪ ،‬ثم أنه قوى قلبه وقييال‪ :‬أيهييا العفريييت قييال‬
‫الله تعالى‪ :‬وأوفوا العهد‪ ،‬إن العهييد كييان مسييؤوًل‬
‫وأنت قد عاهدتني وحلفييت أنييك ل تغييدر بييي فييإن‬
‫غدرت بي يجرك الله فإنه غييور يمهيل ول يهميل‪،‬‬
‫وأنا قلت لك مثل ما قيياله الحكيييم رويييان للملييك‬
‫يونان أبقني يبقيك الله‪.‬‬
‫فضحك العفريت ومشى قدامه‪ ،‬وقال أيها الصييياد‬
‫اتبعنييي فمشييى الصييياد وراءه وهييو لييم يصييدق‬
‫بالنجاة إلى أن خرجييا ميين ظيياهر المدينيية وطلعييا‬
‫على جبل ونزل إلى برية متسعة وإذا في وسييطها‬
‫بركة ماء‪ ،‬فوقف العفريت عليها وأميير الصييياد أن‬
‫يطرح الشبكة ويصطاد‪ ،‬فنظر الصياد إلى البركة‪،‬‬
‫وإذا بهذا السمك ألوانًا‪ ،‬البيييض والحميير والزرق‬
‫والصفر‪ ،‬فتعجب الصياد ميين ذلييك ثييم أنييه طييرح‬
‫شييبكته وجييذبها فوجييد فيهييا أربييع سييمكات‪ ،‬كييل‬
‫سمكة بلون‪ ،‬فلما رآها الصياد فرح‪.‬‬
‫فقال له العفريت ادخل بها إلى السلطان وقدمها‬
‫إليه‪ ،‬فإنه يعطيييك مييا يغنيييك وبييالله أقبييل عييذري‬
‫فإنني في هذا الوقت لم أعييرف طريًقييا وأنييا فييي‬
‫هذا البحر مدة ألف وثمانمائة عام‪ ،‬ما رأيت ظاهر‬
‫الدنيا إل في هذه الساعة ول تصطد منها كل يييوم‬
‫إل مييرة واحييدة واسييتودعتك اللييه‪ ،‬ثييم دق الرض‬
‫بقييدميه فانشييقت وابتلعتييه ومضييى الصييياد إلييى‬
‫المدينة متعجب مما جرى له مع هذا العفريت ثييم‬
‫أخذ السمك ودخل به منزله وأتى بمأجور ثم مله‬
‫ماء وحط فيه السمك فاختبط السمك ميين داخييل‬
‫المأجور في الماء ثم حمييل المييأجور فييوق رأسييه‬
‫وقصد به قصر الملك كما أمره العفريت‪.‬‬
‫فلما طلع الصييياد إلييى الملييك وقييدم لييه السييمك‬
‫تعجب الملك غاية العجب من ذلك السييمك الييذي‬
‫قدمه إليه الصياد لنه لم ير في عمره مثله صييفة‬
‫ل‪ ،‬فقييال‪ :‬ألقييوا هييذا السييمك للجارييية‬ ‫ول شييك ً‬
‫الطباخة‪ ،‬وكانت هذه الجارية قد أهييداها لييه ملييك‬
‫الروم منذ ثلثة أيييام وهييو لييم يجربهييا فييي طبيييخ‬
‫فأمرها الييوزير أن تقليييه‪ ،‬وقييال لهييا يييا جارييية إن‬
‫الملك يقييول لييك مييا ادخييرت دمعييتي إل لشييدتي‬
‫ففرجينا اليوم على طهيييك وحسيين طبيخييك فييإن‬
‫السلطان جاء إليييه واحييد بهدييية ثييم رجييع الييوزير‬
‫بعييدما أوصيياها فييأمره الملييك أن يعطييي الصييياد‬
‫أربعمييائة دينييار فأعطيياه الييوزير إياهييا فأعطاهييا‬
‫فأخييذها الييوزير فييي حجييره وتييوجه إلييى منزلييه‬
‫لزوجته‪ ،‬وهو فرحان مسرور ثم اشترى لعياله مييا‬
‫يحتاجون إليه هذا ما كان من أمر الصياد‪.‬‬
‫وأما ما كان من أمر الجارية فإنها أخييذت السييمك‬
‫ونظفتييه ورصييته‪ ،‬فييي الطيياجن ثييم إنهييا تركييت‬
‫السمك حييتى اسييتوى وجهييه وقلبتييه علييى الييوجه‬
‫الثاني‪ ،‬وإذا بحائط المطبخ قييد انشييقت وخرجييت‬
‫منها صبية رشيقة القد أسيلة الخد كاملة الوصييف‬
‫كحيلة الطرف بوجه مليح وقد رجيح لبسة كوفييية‬
‫من خييز أزرق وفييي أذنيهييا حلييق وفييي معاصييمها‬
‫أساور وفي أصييابعها خييواتيم بالفصييوص المثمنيية‬
‫وفي يدها قضيب من الخيزران فغييرزت القضيييب‬
‫في الطاجن وقالت‪ :‬يا سمك يييا سييمك هييل أنييت‬
‫على العهد القديم مقيييم‪ ،‬فلمييا رأت الجارييية هييذا‬
‫غشي عليها وقد أعادت الصبية القول ثانًيييا وثالًثييا‬
‫فرفع السمك رأسه في الطاجن وقال‪ :‬نعم‪ ،‬نعييم‬
‫ثم قال جميعه هذا البيت‪:‬‬
‫وإن هجرت‬ ‫إن عدت عدنا وإن وافيت وافينا‬
‫فإنا قد تكافينا‬
‫فعنييد ذلييك قلبييت الصييبية الطيياجن وخرجييت ميين‬
‫الموضع الذي دخلت منه والتحمت حائط المطبييخ‬
‫ثم أقامت الجارية فرأت الربع سييمكات محروقيية‬
‫مثل الفحم السود‪ ،‬فقالت تلك الجارييية ميين أول‬
‫غزوتييه حصييل كسيير عصييبته فبينمييا هييي تعيياتب‬
‫نفسها‪ ،‬وإذا بالوزير واقف على رأسها‪ ،‬وقييال لهييا‬
‫هاتي السمك للسلطان فبكييت الجارييية وأعلمييت‬
‫الوزير بالحال أنه أرسل إلى الصياد فأتوا به إليييه‪،‬‬
‫فقييال لييه أيهييا الصييياد ل بييد أن تجيييب لنييا بييأربع‬
‫سمكات مثل التي جئت بها أول ً‪.‬‬
‫فخرج الصياد إلى البركة وطرح شبكته ثييم جييذبها‬
‫وإذا بأربع سمكات‪ ،‬فأخذها وجاء بها إلييى الييوزير‪،‬‬
‫فدخل بها الييوزير إلييى الجارييية وقييال لهييا قييومي‬
‫اقليهييا قييدامي‪ ،‬حييتى أرى هييذه القضييية فقييامت‬
‫الجارية أصلحت السييمك‪ ،‬ووضييعته فييي الطيياجن‬
‫علييى النييار فمييا اسييتقر إل قليًل وإذا بالحييائط قييد‬
‫انشقت‪ ،‬والصبية قد ظهرت وهي لبسيية ملبسييها‬
‫وفي يدها القضيب فغرزته في الطاجن وقالت‪ :‬يا‬
‫سمك هل أنت على العهد القديم مقيييم‪ ،‬فرفعييت‬
‫السمكات رؤوسها وأنشدت هذا البيت‪:‬‬
‫وإن هجييرت‬ ‫إن عدت عدنا وإن وافيييت وافينييا‬
‫فإنا قد تكافينا‬
‫وفي الليلة السابعة قالت‪ :‬بلغنييي أيهييا الملييك‬
‫السييعيد أنييه لمييا تكلييم السييمك قلبييت الصييبية‬
‫الطيياجن بالقضيييب وخرجييت ميين الموضييع الييذي‬
‫جاءت منه والتحم الحائط‪ ،‬فعند ذلك قييام الييوزير‬
‫وقال‪ :‬هذا أمر ل يمكن إخفاؤه عن الملك‪ ،‬ثم أنييه‬
‫تقدم إلى الملك وأخبره بما جرى قدامه فقييال‪ :‬ل‬
‫بد أن أنظر بعين‪ ،‬فأرسل إلييى الصييياد وأمييره أن‬
‫يأتي بأربع سمكات مثل الول وأمهلييه ثلثيية أيييام‪.‬‬
‫فييذهب الصييياد إلييى البركيية وأتيياه بالسييمك فييي‬
‫الحال‪ .‬فأمر الملك أن يعطوه أربعمائة دينييار‪ .‬ثييم‬
‫التفييت الملييك إلييى الييوزير وقييال لييه‪ :‬سييو أنييت‬
‫السمك ههنا قدامي فقال الييوزير سييمًعا وطاعيية‪،‬‬
‫فأحضر الطاجن ورمى فيه السمك بعيد أن نظفيه‬
‫ثم قلبه وإذا بالحائط قييد انشييق وخييرج منييه عبييد‬
‫أسود كأنه ثور من الثيران أو من قييوم عيياد وفييي‬
‫يده قرع ميين شييجرة خضييراء وقييال بكلم فصيييح‬
‫مزعج‪ :‬يا سييمك يييا سييمك هييل أنييت علييى العهييد‬
‫القديم مقيم؟ فرفع السييمك رأسييه ميين الطيياجن‬
‫وقال‪ :‬نعم وأنشد هذا البيت‪:‬‬
‫وإن هجرت‬ ‫إن عدت عدنا وإن وافيت وافينا‬
‫فإنا قد تكافينا‬
‫ثم أقبل العبد على الطاجن وقلبه بالفرع إلييى أن‬
‫ما أسود‪ ،‬ثم ذهب العبييد ميين حيييث أتييى‪،‬‬ ‫صار فح ً‬
‫فلما غاب العبد عن أعينهم قال الملك‪ :‬هذا أمر ل‬
‫يمكن السييكوت عنييه‪ ،‬ول بييد أن هييذا السييمك لييه‬
‫شأن غريب‪ ،‬فأمر بإحضار الصياد‪ ،‬فلما حضر قال‬
‫له‪ :‬من أين هذا السمك فقييال لييه ميين بركيية بييين‬
‫أربع جبال وراء هذا الجبل الييذي بظيياهر مييدينتك‪،‬‬
‫فالتفت الملك إلى الصياد وقييال لييه‪ :‬مسيييرة كييم‬
‫يوم‪ ،‬قال له يييا مولننييا السييلطان مسيييرة نصييف‬
‫ساعة‪.‬‬
‫فتعجب السلطان وأمر بخروج العسكر ميين وقتييه‬
‫مع الصياد فصييار الصييياد يلعيين العفريييت وسيياروا‬
‫إلى أن طلعوا الجبل ونزلوا منه إلى برية متسييعة‬
‫لييم يروهييا مييدة أعمييارهم والسييلطان وجميييع‬
‫العسكر يتعجبون من تلك البرية التي نظروها بين‬
‫أربع جبال والسمك فيها على أربعيية ألييوان أبيييض‬
‫وأحمر وأصفر وأزرق‪.‬‬
‫فوقف الملك متعجًبا وقال للعسكر ولميين حضيير‪:‬‬
‫هل أحد منكم رأى هذه البركة فييي هييذا المكييان‪،‬‬
‫فقييالوا كلهييم ل‪ ،‬فقييال الملييك‪ :‬واللييه ل أدخييل‬
‫مدينتي ول أجلس على تخت ملكييي حييتى أعييرف‬
‫حقيقة هذه البركة وسمكها‪.‬‬
‫ثم أمر الناس بالنزول حول هييذه الجبييال فنزلييوا‪،‬‬
‫ثم دعا بالوزير وكان وزي يًرا عيياقًل عال ً‬
‫مييا بييالمور‪،‬‬
‫فلما حضر بين يديه قال له‪ :‬إنييي أردت أن أعمييل‬
‫شيًئا فأخبرك به وذلك أنييه خطيير ببييالي أن أنفييرد‬
‫بنفسييي فييي هييذه الليليية وأبحييث عيين خييبر هييذه‬
‫البركة وسمكها‪ ،‬فاجلس على بيياب خيمييتي وقييل‬
‫للمراء والوزراء والحجاب أن السلطان متشييوش‬
‫وأمرنييي أن ل أؤذن لحييد فييي الييدخول عليييه ول‬
‫تعلم أحد بقصدي‪ ،‬فلم يقدر الوزير على مخالفته‪.‬‬
‫ثم أن الملك غير حالته وتقلد سيييفه وانسييل ميين‬
‫بينهم ومشييى بقييية ليلييه إلييى الصييباح‪ ،‬فلييم يييزل‬
‫سائًرا حتى اشتد عليه الحيير فاسييتراح ثييم مشييى‬
‫بقية يومه وليلته الثانية إلى الصباح فلح له سييواد‬
‫من بعد ففرح وقال‪ :‬لعلي أجد من يخبرني بقضية‬
‫البركة وسييمكها‪ ،‬فلمييا قييرب ميين السييواد وجييده‬
‫حا بالحديد وأحييد‬ ‫قصًرا مبنًيا بالحجارة السود مصف ً‬
‫شقي بابه مفتوح والخر مغلق‪.‬‬
‫ففرح الملك ووقف علييى البيياب ودق دقًييا لطيًفييا‬
‫فلييم يسييمع جوابيًا‪ ،‬فييدق ثاني ًييا وثالث ًييا فلييم يسييمع‬
‫جا فلم يجبه أحد‪ ،‬فقييال‬ ‫جوابًا‪ ،‬فدق رابًعا دًقا مزع ً‬
‫ل بد أنه خال‪ ،‬فشجع نفسه ودخل من باب القصر‬
‫إلى دهليز ثم صرخ وقال‪ :‬يا أهل القصر إني رجل‬
‫غريب وعابر سبيل‪ ،‬هل عندكم شيء ميين الييزاد؟‬
‫وأعاد القول ثانًيا وثالًثا فلييم يسييمع جوابيًا‪ ،‬فقييوي‬
‫قلبه وثبت نفسه ودخيل مين اليدهليز إليى وسيط‬
‫القصر فلم يجد فيه أحد‪ ،‬غير أنييه مفييروش وفييي‬
‫وسطه فسقية عليها أربع سباع من الييذهب تلقييي‬
‫الميياء ميين أفواههييا كالييدر والجييواهر وفييي دائره‬
‫طيييور وعلييى ذلييك القصيير شييبكة تمنعهييا ميين‬
‫الطلوع‪ ،‬فتعجب من ذاك وتأسف حيث لم ير فيييه‬
‫أحد يستخبر منه عن تلك البركة والسمك والجبال‬
‫والقصيير‪ ،‬ثييم جلييس بييين البييواب يتفكيير وإذا هييو‬
‫بألين من كبد حزين فسمعه يترنم بهذا الشعر‪:‬‬
‫والنوم من‬ ‫لما خفيت ضنى ووجدي قد ظهر‬
‫دا قد تزايد بي‬ ‫عيني تبدل بالسهر ناديت وج ً‬
‫يا وجد ل تبقى علي ول تذر‬ ‫الفكر‬
‫ها مهجتي بين المشقة والخطر‬
‫ما وقصد‬ ‫فلما سمع السلطان ذلك النين نهض قائ ً‬
‫جهته فوجد ستًرا مسبوًل على باب مجلس فرفعه‬
‫سا على سرير مرتفييع‬ ‫فرأى خلف الستر شاًبا جال ً‬
‫عن الرض مقدار ذراع‪ ،‬وهو شاب مليح بقد رجيح‬
‫دا أحميير وشييامة‬ ‫ولسان فصيييح وجييبين أزهيير وخي ً‬
‫علييى كرسييي خييده كييترس ميين عنييبر كمييا قييال‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫مشت الورى في‬ ‫ومهفهف من شعره وجبينه‬
‫ظلمة وضياء‬
‫فيما يرى من‬ ‫ما أبصرت عيناك أحسن منظر‬
‫سائر الشياء‬
‫الحمراء تحت‬ ‫كالشامة الخضراء فوق الوجنة‬
‫المقلة السوداء‬
‫ففرح به الملك وسلم عليه والصبي جالس وعليه‬
‫قباء حرير بطراز من ذهب لكن عليه أثيير الحييزن‪،‬‬
‫فييرد السييلم علييى الملييك وقييال لييه‪ :‬يييا سيييدي‬
‫اعذرني عن عدم القيام‪ ،‬فقال الملك‪ :‬أيها الشاب‬
‫أخبرني عن هذه البركة وعن سمكها الملون وعن‬
‫هذا القصر وسبب وحدتك فيه وما سييبب بكييائك؟‬
‫فلما سمع الشاب هذا الكلم نزلييت دمييوعه علييى‬
‫خده وبكى بكاء شديدًا‪ ،‬فتعجب الملييك وقييال‪ :‬مييا‬
‫يبكيييك أيهييا الشيياب؟ فقييال كيييف ل أبكييي وهييذه‬
‫حالتي‪ ،‬ومد يده إلى أذييياله فييإذا نصييفه التحتيياني‬
‫إلى قدميه حجر ومن صرته إلى شعر رأسه بشر‪.‬‬
‫ثم قال الشيياب‪ :‬اعلييم أيهييا الملييك أن لهييذا أميًرا‬
‫عجيًبا لو كتب بالبر على آفاق البصر لكييان عييبرة‬
‫لمن اعتبر‪ ،‬وذلك يا سيدي أنييه كييان والييدي ملييك‬
‫هذه المدينة وكان اسمع محمييود الجييزائر السييود‬
‫وصيياحب هييذه الجبييال الربعيية أقييام فييي الملييك‬
‫ميا ثيم تيوفي واليدي وتسيلطنت بعيده‬ ‫سيبعين عا ً‬
‫وتزوجت بابنة عمي وكانت تحبنييي محبيية عظيميية‬
‫بحيييث إذا غبييت عنهييا ل تأكييل ول تشييرب حييتى‬
‫تراني‪ ،‬فمكثت في عصمتي خمس سنين إلييى أن‬
‫ما إلى الحمام فييأمرت الطبيياخ أن يجهييز‬ ‫ذهبت يو ً‬
‫ما لجييل العشيياء‪ ،‬ثييم دخلييت هييذا القصيير‬ ‫لنا طعا ً‬
‫ونمت في الموضع الذي أنا فييه وأميرت جياريتين‬
‫أن يروحا على وجهي فجلست واحدة عند رأسييي‬
‫والخييرى عنييد رجلييي وقييد قلقييت لغيابهييا ولييم‬
‫يأخييذني نييوم غييير أن عينييي مغمضيية ونفسييي‬
‫يقظانة‪.‬‬
‫فسمعت التي عند رأسي تقول للتي عند رجلي يا‬
‫مسعودة إن سيدنا مسكين شبابه ويا خسارته مع‬
‫سيدتنا الخبيثة الخاطئة‪ .‬فقالت الخرى‪ :‬لعن اللييه‬
‫النساء الزانيات ولكن مثل سيدنا وأخلقه ل يصلح‬
‫لهذه الزانية التي كل ليلة تبيت في غير فراشه‪.‬‬
‫فقالت التي عند رأسي‪ :‬إن سيدنا مغفل حيث لم‬
‫يسأل عنها‪ .‬فقالت الخرى ويلك وهل عند سيييدنا‬
‫علم بحالها أو هييي تخليييه باختييياره بييل تعمييل لييه‬
‫عمًل في قدح الشراب الذي يشربه كل ليلة قبييل‬
‫المنام فتضع فيه البنج فينام ولم يشعر بما يجييري‬
‫ولييم يعلييم أييين تييذهب ول بمييا تصيينع لنهييا بعييدما‬
‫تسييقيه الشييراب تلبييس ثيابهييا وتخييرج ميين عنييده‬
‫فتغيب إلى الفجيير وتييأتي إليييه وتبخييره عنييد أنفييه‬
‫بشيء فيستيقظ من منامه‪.‬‬
‫فلما سمعت كلم الجواري صار الضيا في وجهييي‬
‫ما ومييا صييدقت أن الليييل اقبييل وجيياءت بنييت‬ ‫ظل ً‬
‫عمي من الحمييام فمييدا السييماط وأكلنييا وجلسيينا‬
‫ساعة زمنية نتنادم كالعييادة ثييم دعييوت بالشييراب‬
‫الذي أشربه عند المنام فناولتني الكأس فراوغييت‬
‫عنه وجعلت أشربه مثل عادتي ودلقتييه فييي عييبي‬
‫ورقدت في الوقت والسيياعة وإذا بهييا قييالت‪ :‬نييم‬
‫ليتك لم تقم‪ ،‬والله كرهتك وكرهت صورتك وملت‬
‫نفسي من عشرتك‪ .‬ثم قامت ولبست أخفر ثيابها‬
‫وتبخييرت وتقلييدت سيييًفا وفتحييت بيياب القصيير‬
‫وخرجت‪.‬‬
‫فقمت وتبعتها حتى خرجييت وشييقت فييي أسييواق‬
‫المدينة إلى أن انتهت إلى أبواب المدينة فتكلمت‬
‫بكلم ل أفهميييه فتسييياقطت القفيييال وانفتحيييت‬
‫البواب وخرجت وأنا خلفهييا وهييي ل تشييعر حييتى‬
‫انتهت إلى ما بين الكيميان وأتيت حصيًنا فييه قبية‬
‫مبنية بطين لها باب فدخلته هي وصعدت أنا علييى‬
‫سطح القبة وأشرفت عليها اذا بها قد دخلت على‬
‫عبد أسود إحدى شفتيه غطاء وشفته الثانية وطاء‬
‫وشفاهه تلقط الرمييل ميين الحصييى وهييي مبتلييي‬
‫وراقد على قليل من قش القصب فقبلييت الرض‬
‫بين يديه‪.‬‬
‫فرفع ذلك العبد رأسه إليهييا وقييال لهييا‪ :‬ويلييك مييا‬
‫سييبب قعييودك إلييى هييذه السيياعة كييان عنييدنا‬
‫السييودان وشييربوا الشييراب وصييار كييل واحييد‬
‫بعشيقته وأنييا مييا رضيييت أن أشييرب ميين شييأنك‪،‬‬
‫فقييالت‪ :‬يييا سيييدي وحييبيب قلييبي أمييا تعلييم أنييي‬
‫متزوجة بابن عمي وأنا أكييره النظيير فييي صييورته‬
‫وأبغض نفسي في صحبته‪ ،‬ولول أني أخشى علييى‬
‫خاطرك لكنت جعلييت المدينيية خراب ًييا يصييبح فيهييا‬
‫البوم والغراب وأنقل حجارتها إلى جبل قاف‪.‬‬
‫فقال العبد‪ :‬تكييذبين يييا عيياهرة وأنييا أحلييف وحييق‬
‫فتوة السودان وإل تكون مروءتنا مروءة البيضان‪.‬‬
‫إن بقيت تقعدي إلى هذا الوقت من هييذا اليييوم ل‬
‫أصاحبك ول أضع جسدي علييى جسييدك‪ ،‬يييا خائنيية‬
‫تغيبين علي ميين أجيل شييهوتك ييا منتنيية ييا أخييت‬
‫البيضان‪.‬‬
‫قال الملك‪ :‬فلما سمعت كلمها وأنيا أنظير بعينيي‬
‫ما ولم‬ ‫ما جرى بينهما صارت الدنيا في وجهي ظل ً‬
‫أعرف روحي في أي موضع وصييارت بنييت عمييي‬
‫واقفة تبكي إليه وتتدلل بييين يييديه وتقييول لييه‪ :‬يييا‬
‫حبيبي وثمرة فؤادي ما أحد غيرك بقييي لييي فييإن‬
‫طردتني يا ويلي يا حبيبي يا نور عيني‪ .‬ومييا زالييت‬
‫تبكي وتضرع له حتى رضي عليها ففرحت قييامت‬
‫وقلعت ثياب ولباسييها وقييالت لييه‪ :‬يييا سيييدي هييل‬
‫عندك ما تأكله جاريتك‪ ،‬فقال لها اكشييفي اللقييان‬
‫فيييإن تحتهيييا عظيييام فييييران مطبوخييية فكليهيييا‬
‫ومرمشيها وقومي لهذه القوارة تجدين فيها بوظة‬
‫فاشربيها‪.‬‬
‫فقامت وأكلت وشييربت وغسييلت يييديها‪ ،‬وجيياءت‬
‫فرقييدت مييع العبييد علييى قييش القصييب وتعييرت‬
‫ودخلت معه تحت الهدمة والشرايط فلما نظييرت‬
‫هذه الفعال الييتي فعلتهييا بنييت عمييي وهممييت أن‬
‫أقتل الثنين فضربت العبد أوًل على رقبته فظننت‬
‫أنه قضي عليه‪.‬‬
‫وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم‬
‫المباح‪ ،‬فلما أصبح الصباح دخل الملك إلييى محييل‬
‫الحكم واحتبك الديوان إلى آخيير النهييار‪ ،‬ثييم طلييع‬
‫الملك قصره فقالت لها أختها دنيييازاد‪ :‬تممييي لنييا‬
‫حديثك‪ ،‬قالت‪ :‬حًبا وكرامة‪.‬‬
‫وفي الليلة الثامنة قييالت‪ :‬بلغنييي أيهييا الملييك‬
‫السييعيد‪ ،‬أن الشيياب المسييحور قييال للملييك‪ :‬لمييا‬
‫ضربت العبد لقطع رأسه قطعت الحلقوم والجلد‬
‫واللحم فظننييت أنييي قتلتييه فشييخر شييخيًرا عالي ًييا‬
‫فتحركت بنت عميي وقيامت بعيد ذهيابي فأخيذت‬
‫السيف وردته إلى موضعه وأتت المدينيية ودخلييت‬
‫القصر ورقدت في فراشي إلييى الصييباح‪ ،‬ورأيييت‬
‫بنييت عمييي فييي ذلييك اليييوم قييد قطعييت شييعرها‬
‫ولبست ثياب الحزن وقالت‪ :‬يا ابن عمي ل تلمني‬
‫فيمييا أفعلييه‪ ،‬فييإنه بلغنييي أن والييدتي تييوفيت وأن‬
‫والدي قتل في الجهيياد‪ ،‬وأن أخييوي أحييدهما مييات‬
‫ما فيحق لي أن أبكي وأحييزن‪،‬‬ ‫عا والخر ردي ً‬‫ملسو ً‬
‫فلما سمعت كلمها سكت عنها وقلت لها‪ :‬افعلييي‬
‫ميا بيدا ليك فيإني ل أخالفيك‪ ،‬فمكثيت فيي حيزن‬
‫وبكاء وعددي سنة كاملة من الحول إلييى الحييول‪،‬‬
‫وبعد السنة قالت لييي أريييد أن أبنييي فييي قصييرك‬
‫مدفًنا مثل القبة وأنفرد فيه بالحزان أسميه بيييت‬
‫الحزان‪.‬‬
‫فقلت لهاك افعلي ما بدا لك فبنت لها بيًتا للحزن‬
‫في وسطه قبيية ومييدفًنا مثييل الضييريح ثييم نقلييت‬
‫دا ل ينفعها بنافعيية‬
‫العبد وأنزلته فيه وهو ضعيف ج ً‬
‫لكنه يشرب الشييراب‪ ،‬وميين اليييوم الييذي جرحتييه‬
‫فيه ما تكلم إل أنه حي لن أجله لم يفرغ فصارت‬
‫كل يوم تييدخل عليييه القبيية بكييرة وعش يًيا وتبكييي‬
‫عنده‪ ،‬وتعدد عليييه وتسييقيه الشييراب والمسيياليق‬
‫حا ومساء إلى ثاني‬ ‫ولم تزل على هذه الحالة صبا ً‬
‫سنة وأنا أطول بالي عليهييا إلييى أن دخلييت عليهييا‬
‫ما من اليام‪ ،‬على غفلة فوجدتها تبكييي وتلطييم‬ ‫يو ً‬
‫وجهها وتقول هذه البيات‪:‬‬
‫فإن‬ ‫عدمت وجودي في الورى بعد بعدكم‬
‫فؤادي ل يحب سواكم‬
‫وأين حللتم‬ ‫ما جسمي إلى أين ترتموا‬ ‫خذوا كر ً‬
‫فادفنوني حداكم‬
‫أنين‬ ‫وإن تذكروا اسمي عند قبري يجيبكم‬
‫عظامي عند صوت نداكم‬
‫فلما فرغت من شعرها قلت لها وسيفي مسييلول‬
‫فييي يييدي‪ :‬هييذا كلم الخائنييات اللتييي يسييكرن‬
‫المعشره‪ ،‬ول يحفظن الصييحة وأردت أن أضييربها‬
‫فرفعت يدي في الهواء فقامت وقييد علمييت أنييي‬
‫أنييا الييذي جييرح العبييد ثييم وقعييت علييى قييدميها‬
‫وتكلميييت بكلم ل أفهميييه‪ ،‬وقيييالت جعيييل الليييه‬
‫بسييحري نصييفك حجييًرا ونصييفك الخيير بشييرًا‪،‬‬
‫فصرت كما ترى وبقيييت ل أقييوم ول أقعييد ول أنييا‬
‫ميت ول أنا حي‪.‬‬
‫فلما صرت هكذا سييحرت المدينيية ومييا فيهييا ميين‬
‫السواق والغبطان وكييانت مييدينتنا أربعيية أصييناف‬
‫مسييلمين ونصييارى ويهييود ومجييوس فسييحرتهم‬
‫سيييمكًا‪ ،‬فيييالبيض مسيييلمون والحمييير مجيييوس‬
‫والزرق نصارى والصفر يهييود وسييحرت الجييزائر‬
‫الربعة جبال وأحاطتها بالبركة‪ ،‬ثييم إنهييا كييل يييوم‬
‫تعذبني‪ ،‬وتضربني بسوط ميين الجلييد مييائة ضييربة‬
‫حتى يسيل الدم ثم تلبسني من تحت هذه الثييياب‬
‫ثوب ًييا ميين الشييعر علييى نصييفي الفوقيياني ثييم أن‬
‫الشاب بكى وأنشد‪:‬‬
‫أنا صابر إن كان فيه‬ ‫صبًرا لحكمك يا إله القضا‬
‫لك الرضا قد ضقت بالسر الذي قد‬
‫فوسيلني آل النبي المرتضى‬ ‫نابني‬
‫فعند ذلك التفت الملك إلى الشاب وقال له‪ :‬أيهييا‬
‫ما على همي‪ ،‬ثييم قييال لييه‪ :‬وأييين‬ ‫الشاب زدتني ه ً‬
‫تلك المرأة قال في المدفن الذي فيه العبيد راقيد‬
‫فييي القبيية وهييي تجيييء لييه كييل يييوم مييرة وعنييد‬
‫مجيئها تجيء إلى وتجردنييي ميين ثيييابي وتضييربني‬
‫بالسوط مئة ضربة وأنا أبكي وأصيح ولم يكن في‬
‫حركة حتى أدفعها عن نفسي ثم بعييد أن تعيياقبني‬
‫تييذهب إلييى العبييد بالشييراب والمسييلوقة بكييرة‬
‫النهار‪ .‬قييال الملييك‪ :‬واللييه يييا فييتى لفعليين معييك‬
‫معروًفا أذكر به وجميًل يؤرخونه سيًرا ميين بعييدي‪،‬‬
‫ثم جلس الملك يتحدث معييه إلييى أن أقبييل الليييل‬
‫ثم قام الملييك وصييبر إلييى أن جيياء وقييت السييحر‬
‫فتجرد من ثيابه وتقلد سيييفه ونهييض إلييى المحييل‬
‫الذي فيه العبد فنظر إلى الشمع والقناديييل ورأى‬
‫البخور والدهان ثم قصد العبد وضييربه فقتلييه ثييم‬
‫حمله على ظهره ورماه في بئر كانت في القصر‪،‬‬
‫ثييم نييزل ولبييس ثييياب العبييد وهييو داخييل القبيية‬
‫والسيف معه مسلول في طوله‪ ،‬فبعد ساعة أتت‬
‫العاهرة الساحرة وعند دخولها جييردت ابيين عمهييا‬
‫من ثيابه وأخذت سوطًا‪ ،‬وضربته فقال آه يكفيني‬
‫مييا أنييا فيييه فييارحميني فقييالت‪ :‬هييل كنييت أنييت‬
‫رحمتني وأبقيت لي معشوق‪ ،‬ثييم ألبسييته اللبياس‬
‫الشعر والقماش من فييوقه ثييم نزلييت إلييى العبييد‬
‫ومعها قدح الشييراب وطاسيية المسييلوقة ودخلييت‬
‫عليييه القبيية وبكييت وولييولت وقييالت‪ :‬يييا سيييدي‬
‫كلمني يا سيدي حدثني وأنشدت تقول‪:‬‬
‫إن الذي فعل‬ ‫فإلى متى هذا التجنب والجفا‬
‫الغرام لقد كفى كم قد تطيل الهجر لي‬
‫إن كان قصدك حاسدي فقد اشتفى‬ ‫دا‬
‫معتم ً‬
‫ثم إنها بكييت وقييالت‪ :‬يييا سيييدي كلمنييي وحييدثني‬
‫فخفض صوته‪ ،‬وعوج لسانه وتكلم بكلم السودان‬
‫وقال‪ :‬آه ل حييول ول قييوة إل بييالله فلمييا سييمعت‬
‫كلمه صرخت مين الفيرح وغشيي عليهيا ثيم إنهيا‬
‫اسييتفاقت وقييالت لعييل سيييدي صييحيح‪ ،‬فخفييض‬
‫صوته بضعف وقال‪ :‬يا عاهرة أنت ل تسييتحقي أن‬
‫أكلمك‪ ،‬قالت ما سبب ذلك‪ ،‬قال سببه أنك طييول‬
‫النهار تعاقبين زوجك وهو يصييرخ ويسييتغيث حييتى‬
‫أحرمتيني النوم من العشاء إلى الصباح‪ ،‬ولم يزل‬
‫زوجك يتضرع ويييدعو عليييك حييتى أقلقنييي صييوته‬
‫ولول هذا لكنييت تعييافيت فهييذا الييذي منعنييي عيين‬
‫جوابك‪ ،‬فقييالت عيين إذنييك أخلصييه ممييا هييو فيييه‪،‬‬
‫فقال لها‪ :‬خلصيه وأريحينا فقالت‪ :‬سمًعا وطاعة‪.‬‬
‫ثم قامت وخرجت من القبة إلييى القصيير وأخييذت‬
‫طاسة ملتها ميياء ثييم تكلمييت عليهييا فصييار الميياء‬
‫يغلي بالقدر ثم رشته منها وقالت‪ :‬بحق مييا تلييوته‬
‫أن تخرج من هذه الصييورة إلييى صييورتك الولييى‪:‬‬
‫فانتفض الشاب وقام على قدميه‪ ،‬وفرح بخلصييه‬
‫دا رسييول‬ ‫وقال‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله وأن محميي ً‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ثم قالت له‪ :‬اخرج ول‬
‫ترجع إلى هنا وإل قتلتك وصرخت في وجهه‪.‬‬
‫فخرج من بييين يييديها وعييادت إلييى القبيية ونزلييت‬
‫وقالت‪ :‬يا سيدي اخرج إلييي حييتى أنظييرك‪ ،‬فقييال‬
‫لها بكلم ضعيف أي شيييء فعلييتيه‪ ،‬أرحييتيني ميين‬
‫الفرع ولم تريحيني من الصل‪ ،‬فقييالت يييا حبيييبي‬
‫وما هييو الصييل قييال‪ :‬أهييل هييذه المدينيية والربييع‬
‫جزائر كل ليليية‪ ،‬إذا انتصييف الليييل يرفييع السييمك‬
‫رأسه ويدعو علي وعليك فهو سييبب منييع العافييية‬
‫عيين جسييمي‪ ،‬فخلصيييهم وتعييالي خييذي بيييدي‪،‬‬
‫وأقيميني‪ ،‬فقد توجهت إلى العافيية فلميا سيمعت‬
‫كلم الملك وهي تظنه العبد‪ ،‬قالت له وهي فرحة‬
‫يا سيدي على رأسي وعيني بسم الله‪ ،‬ثم نهضت‬
‫وقامت وهي مسرورة تجري وخرجت إلى البركيية‬
‫ل‪ ،‬وأدرك شييهريار الصييباح‬ ‫وأخييذت ميين مائهييا قلي ً‬
‫فسكتت عن الكلم المباح‪.‬‬
‫ففي الليلة التاسعة قالت‪ :‬بلغني أيهييا الملييك‬
‫السعيد أن الصبية الساحرة‪ ،‬لما أخذت شيييًئا ميين‬
‫هذه البركيية وتكلمييت عليييه بكلم ل يفهييم تحييرك‬
‫السمك‪ ،‬ورفييع رأسييه وصييار آدميييين فييي الحييال‪،‬‬
‫وانفك السحر عن أهل المدينيية وأصييبحت عييامرة‬
‫والسواق منصوبة‪ ،‬وصار كييل واحييد فييي صييناعته‬
‫وانقلبت الجبال جزائر‪ ،‬كمييا كييانت ثييم أن الصييبية‬
‫الساحرة رجعت إلى الملك في الحال وهي تظيين‬
‫أنه العبد‪ ،‬وقالت ييا حبييبي نياولني ييدك الكريمية‬
‫أقبلها‪.‬‬
‫فقال الملك بكلم خفي‪ :‬تقربي مني‪ ،‬فييدنت منييه‬
‫وقد أخذ صارمه وطعنها به في صدرها حتى خييرج‬
‫من ظهرها ثم ضربها فشقها نصفين وخرج فوجييد‬
‫الشيياب المسييحور واقًفييا فييي انتظيياره فهنييأه‬
‫بالسييلمة وقبييل الشيياب يييده وشييكره فقييال لييه‬
‫الملك‪ :‬تقعد مدينتك أن تجيء معي إلى مييدينتي؟‬
‫فقال الشاب‪ :‬يا ملك الزمان أتدري ما بينك وبييين‬
‫مدينتك؟ فقال يومان ونصف فعنييد ذلييك قييال لييه‬
‫مييا فاسييتيقظ إن بينييك وبييين‬ ‫الشاب‪ :‬إن كنييت نائ ً‬
‫مدينتك سنة للمجد وما أتيت فييي يييومين ونصييف‬
‫إل لن المدينة كانت مسحورة وأنييا أيهييا الملييك ل‬
‫أفارقك لحظة عين‪.‬‬
‫ففرح الملك بقوله ثم قال الحمييد للييه الييذي ميين‬
‫علي بك فأنت ولدي لني طييول عمييري لييم أرزق‬
‫حا شديدًا‪ ،‬ثم مشيا حتى‬ ‫ولدًا‪ .‬ثم تعانقا وفرحا فر ً‬
‫وصل إلى القصر وأخبر الملك الذي كان مسييحوًرا‬
‫أرباب دولته أنه مسافر إلى الحج الشييريف فهيئوا‬
‫له جميع ما يحتياج إليييه ثيم تيوجه هيو والسييلطان‬
‫وقلب السلطان ملتهب علييى مييدينته حيييث غيياب‬
‫كا ومعييه‬ ‫عنها سنة‪ .‬ثم سافر ومعه خمسون مملو ً‬
‫الهدايا‪ ،‬ولم يزال مسافرين ليًل ونهاًرا سنة كامليية‬
‫حتى أقبل على مدينة السلطان‪.‬‬
‫فخرج الوزير والعساكر بعدما قطعوا الرجيياء منييه‬
‫وأقبلت العساكر وقبلييت الرض بييين يييديه وهنييؤه‬
‫بالسلمة فدخل وجلس علييى الكرسييي ثييم أقبييل‬
‫على الوزير وأعلمه بكل مييا جييرى علييى الشيياب‪،‬‬
‫فلمييا سييمع الييوزير مييا جييرى علييى الشيياب هنييأه‬
‫بالسلمة‪.‬‬
‫ولمييا اسييتقر الحييال أنعييم السييلطان علييى أنيياس‬
‫كثيرون‪ ،‬ثم قال للييوزير علييي بالصييياد الييذي أتييى‬
‫بالسمك فأرسل إلى ذلك الصياد الذي كييان سييبًبا‬
‫لخلص أهل المدينة فأحضره وخلييع عليييه وسييأله‬
‫عن حاله وهل له أولد فأخبره أن لييه ابن ًييا وبنييتين‬
‫فيييتزوج المليييك بإحيييدى بنيييتيه وتيييزوج الشييياب‬
‫بيييالخرى‪ .،‬وأخيييذ المليييك البييين عنيييده وجعليييه‬
‫خازندارا‪ ،‬ثم أرسل الوزير إلى مدينة الشاب التي‬
‫هي الجزائر السود وقلده سييلطنتها وأرسييل معييه‬
‫الخمسين مملوكا الييذين جيياؤوا معييه وكييثيرا ميين‬
‫الخلع لسييائر المييراء‪ .‬فقبييل الييوزير يييديه وخييرج‬
‫مسافرا واستقر السلطان والشاب‪ .‬وأمييا الصييياد‬
‫فييإنه قييد صييار أغنييى أهييل زمييانه وبنيياته زوجييات‬
‫الملوك إلى أن أتاهم الممييات‪ ،‬ومييا هييذا بييأعجب‬
‫مما جرى للحمال‪.‬‬
‫]عدل[ حكاية الحمال مع البنات‬
‫فإنه كان إنسييان ميين مدينيية بغييداد وكييان حمييا ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ما ميين اليييام متكًئا علييى‬ ‫فبينما هو في السوق يو ً‬
‫قفصه إذ وقفت عليه امرأة ملتفية بيإزار موصيلي‬
‫من حرير مزركش بالذهب وحاشيييتاه ميين قصييب‬
‫فرفعييت قناعهييا فبييان ميين تحتييه عيييون سييوجاء‬
‫بأهييداب وأجفييان وهييي ناعميية الطييراف كامليية‬
‫الوصاف‪ ،‬وبعييد ذلييك قييالت بحلوة لفظهييا‪ :‬هييات‬
‫قفصك واتبعنييي‪ .‬فحمييل الحمييال القفييص وتبعهييا‬
‫إلى أن وقفت على باب دار فطرقت الباب فنزل‬
‫لييه رجييل نصييراني‪ ،‬فييأعطته دينيياًرا وأخييذت منييه‬
‫مقداًرا من وضعته في القفص وقالت لييه‪ :‬احملييه‬
‫واتبعني‪ ،‬فقال الحمال‪ :‬هذا والله نهار مبارك‪ .‬ثييم‬
‫حمل القفص وتبعها فييوقفت عنييد دكييان فاكهيياني‬
‫حييا شييامًيا وسييفرجًل عثمانًيييا‬ ‫واشييترت منييه تفا ً‬
‫خا عماني ًييا وياسييميًنا حلبي ًييا وبنييو فييراده شييقًيا‬
‫وخو ً‬
‫وخييياًرا نيلي ًييا وليمون ًييا مصييرًيا وتميير حنييا وشييقائق‬
‫جا ووضييعت الجميييع فييي قفييص‬ ‫النعمييان وبنفس ي ً‬
‫الحمييال وقييالت لييه‪ :‬احمييل‪ ،‬فحمييل وتبعهييا حييتى‬
‫وقفت على جزار وقالت له‪ :‬اقطع عشرة أرطييال‬
‫لحميية فقطييع لهييا‪ ،‬ولفييت اللحييم فييي ورق مييوز‬
‫ووضعته في القفص وقالت لييه‪ :‬احمييل يييا حمييال‬
‫فحمل وتبعها‪ ،‬ثم وقفت على النقلي وأخذت ميين‬
‫سائر النقل وقالت للحمال‪ :‬احمل واتبعني فحمل‬
‫القفص وتبعها إلى أن وقفت على دكان الحلواني‬
‫واشترت طبًقا وملته جميع ما عنييده ميين مشييبك‬
‫وقطييايف وميمونيية وأمشيياط وأصييابع ولقيمييات‬
‫القاضي ووضعت جميع أنواع الحلوة فييي الطبييق‬
‫ووضعته في القفص‪ .‬فقال الحمييال‪ :‬لييو أعلمتنييي‬
‫لجئت معييي ببغييل تحمييل عليييه هييذه الشييياء‪،‬‬
‫فتبسمت‪ .‬ثم وقفت علييى العطييار واشييترت منييه‬
‫عشرة مياه ميياء ورد وميياء زهيير وخلفييه وأخييذت‬
‫قدًرا من السكر وأخذت ماء ورد ممسييك وحصييى‬
‫كا وأخييذت شييمًعا‬ ‫لبييان ذكيير وعييودا عنييبر ومسيي ً‬
‫اسكندرانًيا ووضعت الجميييع فييي القفييص وقييالت‬
‫للحمال‪ :‬احمل قفصييك واتبعنييي‪ ،‬فحمييل القفييص‬
‫وتبعهييا إلييى أن أتييت داًرا مليحيية وقييدامها رحبيية‬
‫فسيحة وهي عالية البنيييان مشيييدة الركييان بابهييا‬
‫صنع من البنوس مصفح بصفائح الييذهب الحميير‪،‬‬
‫فوقفت الصبية على الباب ودقت دقًييا لطيًفييا وإذا‬
‫بالباب انفتح بشقتيه‪.‬‬
‫فنظر الحمييال إلييى ميين فتييح لهييا البيياب فوجييدها‬
‫صبية رشيقة القد قاعدة النهد ذات حسن وجمال‬
‫وقد واعتدال وجبين كثغرة الهلل وعيييون كعيييون‬
‫الغييزلن وحييواجب كهلل رمضييان وخييدود مثييل‬
‫شقائق النعمان وفم كخاتم سليمان ووجه كالبييدر‬
‫فييي الشييراق ونهييدين كرمييانتين وبطيين مطييوي‬
‫تحيت الثيياب كطيي السيجل للكتياب‪ .‬فلميا نظير‬
‫الحمال إليها سلبت عقله وكاد القفص أن يقع من‬
‫فوق رأسه‪ ،‬ثم قال‪ :‬مييا رأيييت عمييري أبييرك ميين‬
‫هذا النهار‪ ،‬فقالت الصبية البوابة للدللة والحمييال‬
‫مرحبا وهي من داخل البيياب ومشييوا حييتى انتهييوا‬
‫إلى قاعة فسيييحة مزركشيية مليحيية ذات تراكيييب‬
‫وشاذر وأثاث ومصاطب وسييدلت وخييزائن عليهييا‬
‫الستور مرخيات‪ ،‬وفي وسييط القاعيية سييرير ميين‬
‫المرميير مرصييع بالييدر والجييوهر منصييوب عليييه‬
‫ناموسية من الطلس الحميير وميين داخلييه صييبية‬
‫بعيون بابلية وقامة ألفييية ووجييه يخجييل الشييمس‬
‫المضيئة‪ ،‬فكأنها بعض الكييواكب الدرييية أو عقيليية‬
‫عربية كما قال فيها الشاعر‪:‬‬
‫أضحى‬ ‫من قاس قدك بالغصن الرطيب فقد‬
‫القياس به زوًرا وبهتانا الغصن أحسن ما تلقاه‬
‫وأنت أحسن ما تلقاه عريانا‬ ‫مكتسًبا‬
‫فنهضت الصبية الثالثة من فوق السرير وخطييرت‬
‫قليًل إلى أن صارت في وسط القاعة عنييد أختيهييا‬
‫وقالت‪ :‬ما وقوفهم‪ ،‬حطوا عن رأس هييذا الحمييال‬
‫المسكين‪ ،‬فجاءت الدللة من قدامه والبوابة ميين‬
‫خلفه‪ ،‬وساعدتهما الثالثيية وحططيين عيين الحمييال‬
‫وأفرغن مييا فييي القفييص وصييفوا كييل شيييء فييي‬
‫محله وأعطين الحمال دينارين وقلن له‪ :‬تييوجه يييا‬
‫حمال‪ ،‬فنظر إلى البنات وما هن فيه من الحسيين‬
‫والطبائع الحسان فلم ير أحسن منهن ولكن ليس‬
‫عنييدهن رجييال‪ .‬ونظيير مييا عنييدهن ميين الشييراب‬
‫والفواكه والمشمومات وغييير ذلييك فتعجييب غاييية‬
‫العجب ووقف عن الخروج‪ ،‬فقالت له الصبية‪ :‬مييا‬
‫بالك ل تروح؟ هل أنت استقللت الجرة‪ ،‬والتفتت‬
‫إلى أختهيا وقيالت لهيا‪ :‬أعطييه دينياًرا آخير فقيال‬
‫الحمال‪ :‬والله يا سيداتي إن أجرتي نصييفان‪ ،‬ومييا‬
‫استقللت الجرة وإنما اشتغل قلييبي وسييري بكيين‬
‫وكيف حالكن وأنتن وحدكن وما عندكن رجييال ول‬
‫أحد يؤانسكن وأنتن تعرفن أن المنارة ل تثبييت إل‬
‫علييى أربعيية وليييس لكيين رابييع‪ ،‬ومييا يكمييل حييظ‬
‫النساء إل بالرجال كما قال الشاعر‪:‬‬
‫جنك وعود‬ ‫انظر إلى أربع عندي قد اجتمعت‬
‫وقانون ومزمار‬
‫أنتن ثلثة فتفتقرن إلى رابع يكون رجًل عاقًل لبيًبا‬
‫ما فقلن له‪ :‬نحن بنات ونخيياف‬ ‫حاذًقا وللسرار كات ً‬
‫أن نودع السر عند من ل يحفظه‪ ،‬وقيد قرأنيا فيي‬
‫الخبار شعرا ً‪:‬‬
‫من أودع السر‬ ‫صن عن سواك السر ل تودعنه‬
‫فقد ضيعه‬
‫فلما سييمع الحمييال كلمهيين قييال‪ :‬وحييياتكن أنييي‬
‫رجل عاقل أمين قرأت الكتب وطالعت التواريييخ‪،‬‬
‫أظهيير الجميييل وأخفييي القبيييح وأعمييل بقييول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫والسر عند خيار‬ ‫ل يكتم السر إل كل ذي ثقة‬
‫الناس مكتوم السر عندي في بيت له‬
‫ضاعت الفاتحة والباب مختوم‬ ‫غلق‬
‫فلما سمعت البنات الشعر والنظام وما أبداه ميين‬
‫الكلم قلن لييه‪ :‬أنييت تعلييم أننييا غرمنييا علييى هييذا‬
‫المقام جملة من المال فهل معييك شيييء تجازينييا‬
‫به‪ ،‬فنحن ل ندعك تجلس عندنا حتى تغرم مبلغنييا‬
‫من المييال لن خيياطرك أن تجلييس عنييدنا وتصييير‬
‫نديمنا وتطلع على وجوهنا الصباح الملح‪ .‬فقييالت‬
‫صيياحبة الييدار‪ :‬وإذا كييانت بغييير المييال محبيية فل‬
‫تساوي وزن حبيية‪ ،‬وقييالت البوابيية إن يكيين معييك‬
‫شيء رح بل شيء فقالت الدلليية يييا أخييتي نكييف‬
‫عنه فوالله ما قصر اليوم معنا ولو كييان غيييره مييا‬
‫طول روحه علينييا ومهمييا جيياء عليييه أغرمييه عنييه‪.‬‬
‫ففرح الحمال وقال والله ما اسييتفتحت بالييدراهم‬
‫إل منكن‪ ،‬فقلن لييه اجلييس علييى الييرأس والعييين‬
‫وقامت الدلليية وشييدت وسييطها وصييبت القنيياني‬
‫وروقت المدام وعملت الخضرة على جانب البحر‬
‫وأحضرت ما يحتيياجون إليييه ثييم قييدمت وجلسييت‬
‫هي وأختها وجلس الحمييال بينهيين وهييو يظيين أنييه‬
‫في المنييام‪ .‬ولييم يييزل الحمييال معهيين فييي عنيياق‬
‫وتقبيل وهذه تكلمه وهذه تجذبه وهذه بالمشييموم‬
‫تضربه وهو معهن حييتى لعبييت الخمييرة بعقييولهم‪.‬‬
‫فلما تحكم الشراب معهم قامت البوابة وتجييردت‬
‫من ثيابها وصارت عريانة ثم رمت نفسها في تلك‬
‫البحيرة ولعبت في الماء وأخذت الماء فييي فمهييا‬
‫وبخييت الحمييال ثييم غسييلت أعضيياءها ومييا بييين‬
‫فخذيها ثم طلعييت ميين الميياء ورمييت نفسييها فييي‬
‫حجر الحمال وقييالت لييه يييا حبيييبي مييا اسييم هييذا‬
‫وأشارت إلى فرجها‪.‬‬
‫فقييال الحمييال رحمييك‪ ،‬فقييالت يييوه أمييا تسييتحي‬
‫ومسكته من رقبته وصارت تصييكه فقييال فرجييك‪،‬‬
‫فقالت غيييره فقييال‪ :‬كسييك‪ ،‬فقييالت غيييره فقييال‬
‫زنبورك‪ ،‬فلم تزل تصيكه حييتى ذاب قفيياه ورقبتييه‬
‫من الصك‪ ،‬ثم قال لها وما اسمه فقالت له‪ :‬حبييق‬
‫الجسور‪ ،‬فقال الحمد لله علييى السييلمة يييا حبييق‬
‫الجسور‪ .‬ثم أنهم أداروا الكأس والطاس‪ .‬فقامت‬
‫الثانييية وخلعييت ثيابهييا ورمييت نفسييها فييي تلييك‬
‫البحيييرة وعملييت مثييل الولييى وطلعييت ورمييت‬
‫نفسها فييي حجيير الحمييال‪ ،‬وأشييارت إلييى فرجهييا‬
‫وقالت له نييور عينييي مييا اسييم هييذا قييال فرجييك‪،‬‬
‫فقالت له‪ :‬ما يقبح عليك هييذا الكلم وصييكته كفييا‬
‫طن له سائر ما في القاعة فقييال حبييق الجسييور‪،‬‬
‫فقالت له‪ :‬ل‪ ،‬والضرب والصك من قفاه فقال لها‬
‫ومييا اسييمه فقييالت لييه السمسييم المقشييور‪ .‬ثييم‬
‫قامت الثالثة وخلعت ثيابهييا ونزلييت تلييك البحيييرة‬
‫وفعلت مثيل مين قبلهيا ثيم لبسيت ثيابهيا وألقيت‬
‫ضييا مييا اسييم‬
‫نفسها في حجر الحمال وقالت له أي ً‬
‫هذا وأشارت إلى فرجها‪ ،‬فصار يقول لها كذا وكذا‬
‫إلى أن قال لها وهييي تضييربه ومييا اسييمه فقييالت‬
‫خان أبي منصور‪ .‬ثم بعد ساعة قام الحمال ونييزع‬
‫ثيابه ونزل البحيرة وذكره يسبح في الماء وغسييل‬
‫مثل ما غسلن‪ .‬ثم طلييع ورمييى نفسييه فييي حجيير‬
‫سيدتهن ورمى ذراعيييه فييي حجيير البوابيية ورمييى‬
‫رجليه في حجر الدللة ثم أشار إلى أيييره‪ ،‬وقييال‪:‬‬
‫يا سيدتي ما اسم هذا فضييحك الكييل علييى كلمييه‬
‫حييتى انقلبيين علييى ظهييورهن وقليين زبييك قييال ل‬
‫وأخذ من كل واحدة عضة قلن أيرك قال ل‪ ،‬وأخذ‬
‫ميين كييل واحييدة حضيينًا‪ .‬وأدرك شييهرزاد الصييباح‬
‫فسكتت عن الكلم المباح‪.‬‬
‫و في الليلة العاشرة قالت لها أختهييا دنيييازاد‪:‬‬
‫يا أختي أتمي لنا حييديثك قييالت حب ًييا وكراميية‪ :‬قييد‬
‫بلغني أيها الملك السعيد أنهن لم يزلن يقلن زبك‪،‬‬
‫أيرك وهو يقبييل ويعييانق وهيين يتضيياحكن إلييى أن‬
‫قلن لييه ومييا اسييمه قييال‪ :‬اسييمه البغييل الجسييور‬
‫الييذي رعييى حبييق الجسييور ويلعييق السمسييم‬
‫المقشور ويبيت فييي خييان أبييي منصييور فضييحكن‬
‫حييتى اسييتلقين علييى ظهييورهن ثييم عييادوا إلييى‬
‫منادمتهم ولييم يزالييوا كييذلك إلييى أن أقبييل الليييل‬
‫عليهم فقلن للحمال توجه وأرنا عرض أكتافك‪.‬‬
‫فقييال الحمييال واللييه خييروج الييروح أهييون ميين‬
‫الخروج من عندكن‪ ،‬دعونا نصل الليل بالنهار وكل‬
‫منا يروح في حال سييبيله فقييالت الدلليية بحييياتي‬
‫عندكن تدعنه ينام عندنا نضييحك عليييه فييإنه خليييع‬
‫ظريف فقليين لييه‪ :‬تييبيت عنييدنا بشييرط أن تييدخل‬
‫تحت الحكييم ومهمييا رأيتييه ل تسييأل عنييه ول عيين‬
‫سببه‪ ،‬فقالت نعم‪ ،‬فقلن قم واقرأ ما على البيياب‬
‫مكتوبًا‪ ،‬فقام إلى الباب فوجييد مكتوب ًييا عليييه بميياء‬
‫الييذهب‪ :‬ل تتكلييم فيمييا ل يعنيييك تسييمع مييا ل‬
‫يرضيك‪.‬‬
‫فقال الحمال اشهدوا أني ل أتكلم فيما ل يعنينييي‪،‬‬
‫ثم قامت الدللة وجهزت لهييم مييأكوًل ثييم أوقييدوا‬
‫الشمع والعود وقعدوا فييي أكييل وشييرب وإذا هييم‬
‫سييمعوا دق البيياب فلييم يختييل نظييامهم فقييامت‬
‫واحدة منهن إلييى البيياب ثييم عييادت وقييالت كمييل‬
‫صفاؤنا في هذه الليلة لنييي وجييدت بالبيياب ثلثيية‬
‫أعجام ذقونهم محلوقة وهم عور بييالعين الشييمال‬
‫وهذا ميين أعجييب التفيياق‪ ،‬وهييم نيياس غربيياء قييد‬
‫حضروا من أرض الروم ولكل واحييد منهييم شييكل‬
‫وصورة مضحكة‪ ،‬فإن دخلوا نضييحك عليهييم‪ .‬ولييم‬
‫تييزل تتلطييف بصيياحبتيها حييتى قالتييا لهييا دعيهييم‬
‫يدخلون واشترطي عليهم أن ل يتكلموا في مييا ل‬
‫يعنيهم فيسمعوا ما ل يرضيييهم‪ .‬ففرحييت وزاحييت‬
‫ثيم عيادت ومعهيا الثلثية العيور ذقيونهم محلوقية‬
‫وشيييواربهم مبرومييية ممشيييوقة وهيييم صيييعاليك‬
‫فسلموا فقام لهم البنات وأقعدوهم فنظر الرجال‬
‫الثلثة إلى الحمال فوجدوه سييكران فلمييا عيياينوه‬
‫ظنوا أنه منهم وقالوا‪ :‬هو صعلوك مثلنا يؤانسنا‪.‬‬
‫فلما سمع الحمييال هييذا الكلم قييام وقلييب عينيييه‬
‫وقال لهم‪ :‬اقعدوا بل فضول أمييا قرأتييم مييا علييى‬
‫الباب فضحك البنات وقليين لبعضييهن إننييا نضييحك‬
‫علييى الصييعاليك والحمييال‪ ،‬ثييم وضييعن الكييل‬
‫للصييعاليك فييأكلوا ثييم جلسييوا يتنييادمون والبوابيية‬
‫تسقيهم‪.‬‬
‫ولما دار الكأس بينهم قييال الحمييال للصييعاليك يييا‬
‫إخواننييا هييل معكييم حكاييية أو نييادرة تسييلوننا بهييا‬
‫فديت فيهم الحرارة وطلبوا آلت اللهو فأحضييرت‬
‫لهم البوابة فلموصليا وعوًدا عراقًيا وجنك ًييا عجمي ًييا‬
‫فقام الصعاليك واقفين وأخذ واحييد منهييم الييدف‪،‬‬
‫وأخذ واحد العود‪ ،‬وأخذ واحد الجنييك وضييربوا بهييا‬
‫وغنت البنات وصار لهييم صييوت عييال‪ .‬فبينمييا هييم‬
‫كذلك وإذا بطارق يطييرق البيياب‪ ،‬فقييامت البوابيية‬
‫لتنظر من بالباب وكان السبب فييي دق البيياب أن‬
‫في تلك الليلة نزل هارون الرشيد لينظيير ويسييمع‬
‫ما يتجدد من الخبييار هييو وجعفيير وزيييره وسييياف‬
‫نقمته‪ ،‬وكان من عادته أن يتنكر في صفة التجييار‪،‬‬
‫فلما نزل تلك الليليية ومشييى فييي المدينيية جيياءت‬
‫طريقهم على تلييك الييدار فسييمعوا آلت الملهييي‬
‫فقال الخليفة جعفر هؤلء قييوم قييد دخييل السييكر‬
‫فيهم ونخشى أن يصيبنا منهم شر‪ ،‬فقال ل بد من‬
‫دخولنا وأريد أن نتحيل حييتى نييدخل عليهييم فقييال‬
‫جعفر‪ :‬سمًعا وطاعة‪.‬‬
‫ثييم تقييدم جعفيير وطييرق البيياب فخرجييت البوابيية‬
‫وفتحت الباب‪ ،‬فقال لها‪ :‬يا سيدتي نحن تجار ميين‬
‫طبرية ولنا فييي بغييداد عشييرة أيييام ومعنييا تجييارة‬
‫ونحن نازلون في خييان التجييار وعييزم علينييا تيياجر‬
‫ما فأكلنا‬ ‫في هذه الليلة فدخلنا عنده وقدم لنا طعا ً‬
‫ثم تنادمنييا عنييده سيياعة‪ ،‬ثييم أذن لنييا بالنصييراف‬
‫فخرجنا بالليل ونحن غرباء فتهنا عن الخييان الييذي‬
‫نحن فيه فنرجييو ميين مكييارمكم أن تييدخلونا هييذه‬
‫الليلة نبيت عندكم ولكم الثييواب فنظييرت البوابيية‬
‫إليهيييم فوجيييدتهم بهيئة التجيييار وعليهيييم الوقيييار‬
‫فدخلت لصاحبتيها وشاورتهما فقالتا لها أدخليهم‪.‬‬
‫فرجعت وفتحت لهم البيياب فقييالوا نييدخل بإذنييك‪،‬‬
‫قالت ادخلوا فدخل الخليفة وجعفر ومسرور فلما‬
‫أتتهييم البنييات قميين لهييم وخييدمنهم وقليين مرحب ًييا‬
‫وأهًل وسييهًل بضيييوفنا‪ ،‬ولنييا عليكييم شييرط أن ل‬
‫تتكلموا فيمييا ل يعنيكييم فتسييمعوا مييا ل يرضيييكم‬
‫قالوا نعم‪ .‬وبعد ذلك جلسييوا للشييراب والمنادميية‬
‫فنظر الخليفة إلى الصعاليك الثلثة فوجدهم عييور‬
‫العين الشمال فتعجب منهم ونظر إلى البنات وما‬
‫هييم فيييه ميين الحسيين والجمييال فتحييير وتعجييب‪،‬‬
‫واسييتمر فييي المنادميية والحييديث وأتييين الخليفيية‬
‫بشراب فقال أنا حاج وانعزل عنهم‪.‬‬
‫فقييامت البوابيية وقييدمت لييه سييفرة مزركشيية‬
‫ووضعت عليها بمطية من الصيييني وسييكبت فيهييا‬
‫ماء الخلف وأرخت فيه قطعة من الثلييج ومزجتييه‬
‫بسكر فشكرها الخليفة وقال في نفسييه ل بييد أن‬
‫أجازيها في غد على فعلهييا ميين صيينيع الخييير‪ ،‬ثييم‬
‫اشتغلوا بمنييادمتهم‪ ،‬فلمييا تحكييم الشييراب قييامت‬
‫صيياحبة الييبيت وخييدمتهم‪ ،‬ثييم أخييذت بيييد الدلليية‬
‫وقالت‪ :‬يا أختي قومي بمقتضى ديننييا فقييالت لهييا‬
‫نعم‪ ،‬فعند ذلك قامت البوابة وأطلعييت الصييعاليك‬
‫خلف البواب قدامهن وذلك بعد أن أخلييت وسييط‬
‫القاعة ونادين الحمال وقلن له‪ :‬ما أقل مودتك ما‬
‫أنت غريب بل أنت من أهل الدار‪.‬‬
‫فقام الحمال وشد أوسطه وقييال‪ :‬ميا تييردن فليين‬
‫تقف مكانييك‪ ،‬ثييم قييامت الدلليية وقييالت للحمييال‬
‫سيياعدني‪ ،‬فييرأى كلبييتين ميين الكلب السييود فييي‬
‫رقبتيهما جنازير فأخذهما الحمال ودخل بهما إلييى‬
‫وسط القاعة فقامت صاحبة المنزل وشمرت عن‬
‫طا وقالت للحمال قوم كلبة‬ ‫معصميها وأخذت سو ً‬
‫منهما فجرها في الجنزييير وقييدمها والكلبيية تبكييي‬
‫وتحرك رأسها إلى الصييبية فنزلييت عليهييا الصييبية‬
‫بالضرب علييى رأسييها والكلبيية تصييرخ ومييا زالييت‬
‫تضربها حتى كلت سواعدها فرمييت السييوط ميين‬
‫يييدها ثييم ضييمت الكلبيية إلييى صييدرها ومسييحت‬
‫دموعهييا وقبلييت رأسييها ثييم قييالت للحمييال ردهييا‬
‫وهات التالية‪ ،‬فجاء بها وفعلت بها مثل مييا فعلييت‬
‫بالولى‪.‬‬
‫فعنييد ذلييك اشييتعل قلييب الخليفيية وضيياق صييدره‬
‫وغمز جعفر أن يسألها‪ ،‬فقال له بالشارة اسكت‪،‬‬
‫ثم التفتت صاحبة البيت للبوابة وقالت لها‪ :‬قومي‬
‫لقضاء ما عليك قالت نعييم‪ .‬ثييم إن صيياحبة الييبيت‬
‫صعدت على سرير ميين المرميير مصييفح بالييذهب‬
‫والفضة وقالت البوابة والدللة ائتيييا بمييا عنييدكما‪،‬‬
‫فأما البوابة فإنها صعدت على سرير بجانبها وأمييا‬
‫سييا‬
‫عا وأخرجييت منييه كي ً‬ ‫الدللة فإنها دخلييت مخييد ً‬
‫من الطلس بأهداب خضر ووقفييت قييدام الصييبية‬
‫صيياحبة المنييزل ونفضييت الكيييس وأخرجييت منييه‬
‫دا وأصلحت أوتاره وأنشدت هذه البيات‪:‬‬ ‫عو ً‬
‫وخبروني‬ ‫ردوا على جفني النوم الذي سلبا‬
‫بعقلي آية ذهبا‬
‫إن المنام على‬ ‫علمت لما رضيت الحب منزلة‬
‫جفني قد غصبا‬
‫أغواك قلت‬ ‫قالوا عهدناك من أهل الرشاد فما‬
‫اطلبوا من لحظة السببا‬
‫أقول حملته‬ ‫إني له عن دمي المسفوك معتذر‬
‫في سفكه تعبا‬
‫فعكسها‬ ‫ألقى بمرآة فكري شمس صورته‬
‫شب في أحشائي اللهبا‬
‫أجرى بقيته‬ ‫من صاغه الله من ماء الحياة وقد‬
‫في ثغره شنبا‬
‫إل شكى أو‬ ‫ماذا ترى في محب ما ذكرت له‬
‫بكى أو حن أو أطربا‬
‫رام الشراب‬ ‫يرى خيالك في الماء الذلل إذا‬
‫فيروى وهو ما شربا‬
‫وأنشدت أيضا ً‪:‬‬
‫ومال بالنوم‬ ‫سكرت من لحظه ل من مدامته‬
‫عن عيني تمايله‬
‫وما الشمل‬ ‫فما السلف سلتني بل سوالفه‬
‫شلتني بل شمائله‬
‫و غال عقلي بما‬ ‫لوي بعزمي أصداع لوين له‬
‫نحوى غلئله‬
‫فلما سمعت الصبية ذلك‪ ،‬قييالت طيبييك اللييه‪ ،‬ثييم‬
‫شقت ثيابهييا ووقعييت علييى الرض مغشيًيا عليهييا‪،‬‬
‫فلمييا نكشييف جسييدها رأى الخليفيية أثيير ضييرب‬
‫المقارع والسياط فتعجب من ذلييك غاييية العجييب‬
‫فقامت البوابة ورشييت الميياء علييى وجههييا وأتييت‬
‫إليها بحلة وألبستها إياها‪ ،‬فقال الخليفة لجعفر أما‬
‫تنظر إلى هذه المرأة وما عليها من أثيير الضييرب‪،‬‬
‫فأنا ل أقدر أن أسكت علييى هييذا ومييا أسييتريح إل‬
‫إن وقفت على حقيقة خييبر هييذه الصييبية وحقيقيية‬
‫خبر هيياتين الكلبييتين‪ ،‬فقييال جعفيير‪ :‬يييا مولنييا قييد‬
‫طا وهو أن ل نتكلم فيما ل يعنينا‬ ‫شرطوا علينا شر ً‬
‫فنسمع ما ل يرضييينا‪ ،‬ثييم قييامت الدلليية فأخييذت‬
‫العييود وأسييندته إلييى نهييدها‪ ،‬وغمزتييه بأناملهييا‬
‫وأنشدت تقول‪:‬‬
‫أو تلفنا شوًقا‬ ‫إن شكونا الهوى فماذا تقول‬
‫فماذا السبيل‬
‫ما يؤدي شكوى‬ ‫أو بعثنا رسًل نترجم عنا‬
‫المحب رسول‬
‫بعد فقد الحباب إل‬ ‫أو صبرنا فما لنا من بقاء‬
‫قليل‬
‫عا على الخدود‬ ‫ودمو ً‬ ‫ليس إل تأسًفا ثم حزًنا‬
‫تسيل‬
‫وعم في الفؤاد‬ ‫أيها الغائبون عن لمح عيني‬
‫مني حلول‬
‫ليس عنه‬ ‫هل حفظتم لدى الهوى عهد صب‬
‫مدى الزمان يحول‬
‫شفه فبكم الضنى‬ ‫أم نسيتم على التباعد صبا‬
‫والنحول‬
‫من لدن وبنا حساًبا‬ ‫وإذا الحشر ضمنا أتمنى‬
‫يطول‬
‫فلما سمعت المييرأة الثانييية شييعر الدلليية شييقت‬
‫ثيابها كما فعلت الولى وصرخت ثم ألقت نفسييها‬
‫على الرض مغشًيا عليها‪ ،‬فقامت الدللة وألبستها‬
‫حليية ثانييية بعييد أن رشييت الميياء علييى وجههييا ثييم‬
‫قامت المرأة الثالثة وجلست على سييرير وقييالت‬
‫للدللة غني ليي ل فيي دينيي فميا بقيي غيير هيذا‬
‫الصييوت فأصييلحت الدلليية العييود وأنشييدت هييذه‬
‫البيات‪:‬‬
‫فلقد جوى‬ ‫فإلى متى هذا الصدود وذا الجفا‬
‫من أدمعي ما قد كفى‬
‫إن كان قصدك‬ ‫دا‬
‫كم قد أطلت الهجر لي معتم ً‬
‫حاسدي فقد اشتفى‬
‫ما كان يوم‬ ‫لو أنصف الدهر الخؤون لعاشق‬
‫العواذل منصفا‬
‫يا خيبة الشاكي‬ ‫فلمن أبوح بصبوتي يا قاتلي‬
‫إذا فقد الوفا‬
‫فمتى وعدت ول‬ ‫ويزيد وجدي في هواك تلهًفا‬
‫رأيتك مخلفا‬
‫ألف الشهادة لديه‬ ‫يا مسلمون خذوا بنار متيم‬
‫طرف ما غفا‬
‫ويكون غيري‬ ‫أيحل في شرع الغرام تذللي‬
‫بالوصال مشرفا‬
‫وغدا عذولي في‬ ‫ولقد كلفت بحبكم متلذًذا‬
‫الهوى متكلفا‬
‫فلمييا سييمعت المييرأة الثالثيية قصيييدتها صييرخت‬
‫وشقت ثيابها وألقييت نفسييها علييى الرض مغشيًيا‬
‫عليهييا فلمييا انكشييف جسييدها ظهيير فيييه ضييرب‬
‫المقارع‪ ،‬مثل من قبلها فقييال الصييعاليك ليتنييا مييا‬
‫دخلنا هذه الدار وكنا بتنا على الكيمان‪ ،‬فقد تكييدر‬
‫مبيتنا هنا بشييء يقطيع الصيلب فيالتفت الخليفية‬
‫إليهم وقال لهم لم ذلييك قييالوا قييد اشييتغل سييرنا‬
‫بهذا المر فقال الخليفة أما أنتم ميين هييذا الييبيت‪،‬‬
‫قييالوا ل ول ظننييا هييذا الموضييع إل للرجييل الييذي‬
‫عندكم‪ .‬فقال الحمال والله ما رأيت هذا الموضييع‬
‫إل هذه الليلة وليتني بت على الكيمييان ولييم أبييت‬
‫فيه‪.‬‬
‫فقال الجميع نحن سبعة رجييال وهيين ثلث نسييوة‬
‫وليس لهن رابعة فنسييألهن عيين حييالهن فييإن لييم‬
‫ها واتفق الجميع على ذلييك‪،‬‬ ‫عا أجبننا كر ً‬
‫يجبننا طو ً‬
‫فقييال جعفيير مييا هييذا رأي سييديد دعييوهن فنحيين‬
‫طا فنييوفي‬ ‫ضيوف عندهن وقد شرطن علينا‪ ،‬شيير ً‬
‫به ولم يبق من الليل إل القليل وكييل منييا يمضييي‬
‫إلى حال سبيله‪ ،‬ثم إنه غمز الخليفة وقال ما بقي‬
‫غييير سيياعة‪ ،‬وفييي غييد تحضييرهن بييين يييديك‪،‬‬
‫فتسألهن عن قصتهن فأبى الخليفة وقال لم يبييق‬
‫لي صبر عن خبرهن وقد كثر بينهن القيل والقال‪،‬‬
‫ثم قالوا ومن يسألهن فقييال بعضييهم الحمييال ثييم‬
‫قال لهم النساء يا جماعة في أي شيء تتكلمون‪.‬‬
‫فقال الحمال لصاحبة البيت وقال لهييا يييا سيييدتي‬
‫سألتك بالله وأقسم عليك به أن تخبرينا عن حييال‬
‫الكلبتين‪ ،‬وأي سبب تعاقبيهما ثييم تعييودين تبكييين‪،‬‬
‫وتقبليهمييا وأن تخبرينييا عيين سييبب ضييرب أختييك‬
‫بالمقييارع وهييذا سييؤالنا والسييلم فقييالت صيياحبة‬
‫المكان للجماعيية مييا يقييوله عنكييم فقييال الجميييع‬
‫نعم‪ ،‬إل جعفر فإنه سكت‪.‬‬
‫فلمييا سييمعت الصييبية كلمهييم قييالت واللييه لقييد‬
‫آذيتمونا يا ضيوفنا‪ ،‬الذية البالغيية‪ ،‬وتقييدم لنييا أننييا‬
‫شرطنا عليكم أن من تكلم فيما ل يعنيه‪ ،‬سمع ما‬
‫ل يرضيه أما كفا أننا أدخلناكم منزلنييا وأطعمنيياكم‬
‫زادنا ولكن ل ذنب لكم وإنما الذنب لمن أوصييلكم‬
‫إلينا ثم شمرت عن معصمها وضربت الرض ثلث‬
‫ضربات وقالت عجلوا‪.‬‬
‫وإذا بباب خزانة قد فتح وخييرج منهييا سييبعة عبيييد‬
‫بأيديهم سيوف مسلولة وقالت كتفوا هؤلء الييذين‬
‫كثر كلمهم واربطوا بعضهم ببعض ففعلييوا وقييالوا‬
‫أيتها المخدرة ائذني لنا في ضرب رقابهم‪ ،‬فقالت‬
‫أمهلييوهم سيياعة حييتى أسييألهم عيين حييالهم قبييل‬
‫ضرب رقابهم‪ ،‬فقييال الحمييال بييالله يييا سيييدتي ل‬
‫تقتليني بذنب الغير فإن الجميييع أخطييأوا‪ ،‬ودخلييوا‬
‫في الذنب‪ ،‬إل أنا والله لقد كييانت ليلتنييا طيبيية لييو‬
‫سلمنا من هؤلء الصعاليك الذين لو دخلييوا مدينيية‬
‫عامرة لخربوها‪ ،‬ثم أنشد يقول‪:‬‬
‫ل سيما عن غير‬ ‫ما أحسن الغفران من قادر‬
‫ل تقتلي الول‬ ‫ذي ناصر بحرمة الود الذي بيننا‬
‫بالخر‬
‫فلمييا فييرغ الحمييال ميين كلمييه ضييحكت الصييبية‪،‬‬
‫وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم‬
‫المباح‪.‬‬
‫والليلة الحادية عشرة قالت‪ :‬بلغني أيها الملك‬
‫السعيد أن الصبية لما ضحكت بعد غيظها‪ ،‬أقبلييت‬
‫على الجماعة وقالت أخبروني بخييبركم فمييا بقييي‬
‫ميين عمركييم إل سيياعة ولييول أنتييم أعييزاء فقييال‬
‫الخليفة ويلك يا جعفر عرفها بنييا وإل تقتلنييا فقييال‬
‫جعفر من بعض ما نسييتحق‪ ،‬فقييال لييه الخليفيية ل‬
‫ينبغي الهزل في وقت الجد كل منهم له وقت ثييم‬
‫أن الصبية أقبلت على الصعاليك‪ ،‬وقالت لهم هييل‬
‫أنتييم أخييوة فقييالوا ل واللييه مييا نحيين إل فقييراء‬
‫الحجام‪.‬‬
‫فقالت لواحد منهم هل أنت ولدت أعييور فقييال ل‬
‫والله وإنما جرى لي أمر غريب حيت تلفت عينييي‬
‫ولهذا المر حكاية لو كتبت بالبر على أماق البصر‬
‫لكانت عبرة لمن اعتييبر‪ ،‬فسييألت الثيياني والثيالث‬
‫فقال لها مثل الول ثم قالوا أن كييل منييا ميين بلييد‬
‫وأن حديثنا عجيب وأمرنا غريب‪ ،‬فيالتفتت الصيبية‬
‫لهم‪ ،‬وقالت كيل واحيد منكيم يحكيي حكيايته وميا‬
‫سيبب مجيئه إليى مكاننيا ثيم يمليس عليى رأسيه‬
‫ويروح إلى حال سبيله فييأول ميين تقييدم الحمييال‪،‬‬
‫فقييال يييا سيييدتي أنييا رجييل حمييال حملتنييي هييذه‬
‫الدللة وأتت بي إلى هنا وجرى لي معكم ما جرى‬
‫وهييذا حييديثي والسييلم‪ ،‬فقييالت لييه ملييس علييى‬
‫رأسييك وروح فقييال واللييه مييا أروح حييتى أسييمع‬
‫حديث رفقائي‪.‬‬
‫فتقدم الصييعلوك الول وقييال لهييا يييا سيييدتي‪ ،‬إن‬
‫سبب حلق ذقني وتلف عيني أن والدي كان مل ً‬
‫كييا‬
‫كا على مدينة أخييرى واتفييق‬ ‫وله أخ وكان أخوه مل ً‬
‫أن أمييي ولييدتني فييي اليييوم الييذي ولييد فيييه ابيين‬
‫عمي‪ ،‬ثم مضت سنون وأعوام‪ ،‬وأيام حييتى كبرنييا‬
‫وكنت أزور عمي في بعيض السينين وأقعيد عنيده‬
‫أشهر عديدة فزرته مييرة فييأكرمني غاييية الكييرام‬
‫وذبييح لييي الغنييام وروق لييي المييدام وجلسيينا‬
‫للشراب فلما تحكم الشراب فينا قال ابن عمييي‪:‬‬
‫يا ابن عمي إن لي عندك حاجيية مهميية فاسييتوثق‬
‫مني باليمان العظييام ونهييض ميين وقتييه وسيياعته‬
‫ل‪ ،‬ثم عيياد وخلفييه امييرأة مزينيية مطيبيية‬ ‫وغاب قلي ً‬
‫وعليها من الحلل ما يساوي مبلًغا عظيما ً‪.‬‬
‫فالتفت إلي والمرأة خلفه‪ ،‬وقال خذ هييذه المييرأة‬
‫واسييبقني علييى الجبانيية الفلنييية ووصييفها لييي‬
‫فعرفتها وقال ادخييل بهييا التربيية وانتظرنييي هنيياك‬
‫فلم يمكني المخالفيية ولييم أقييدر علييى رد سييؤاله‬
‫لجل الذي خلفته فأخذت المرأة وسييرت إلييى أن‬
‫دخلت التربة أنا وإياهيا فلميا اسيتقر بنيا الجليوس‬
‫جاء ابن عمي ومعه طاسة فيهييا ميياء وكيييس فيييه‬
‫جبس وقدوم ثم إنه أخييذ القييدوم وجيياء إلييى قييبر‬
‫في وسط التربة ففكه ونقض أحجاره إلييى ناحييية‬
‫التربة‪ ،‬ثم حفر بالقدوم فييي الرض‪ ،‬حييتى كشييف‬
‫عيين طييابق قييدر البيياب الصييغير فبييان ميين تحييت‬
‫الطابق سلم معقود‪.‬‬
‫لم ألتفت إلى المرأة بالشارة وقال لها دونك وما‬
‫تختارين به فنزلت المرأة علييى ذلييك السييلم‪ ،‬ثييم‬
‫التفت إلي وقال يا ابيين عمييي تمييم المعييروف إذا‬
‫نزلت أنا في ذلك الموضع فرد الطييابق ورد عليييه‬
‫التراب كما كان وهذا تمام المعروف وهذا الجبس‬
‫الذي في الكيس وهييذا الميياء الييذي فييي الطاسيية‬
‫أعجن منه الجبس وجبس القبر فييي دائر الحجييار‬
‫كما كان أول حتى ل يعرفه أحد ول يقول هذا فتح‬
‫جديد وتطيينه عتق لن لي سنة كاملة‪ ،‬وأنا أعمل‬
‫فيه‪ ،‬وما يعلم به إل الله وهذه حاجتي عنييدك‪ ،‬ثييم‬
‫قال لي ل أوحش الله منك‪ ،‬يا ابن عمي‪ ،‬ثم نييزل‬
‫على السلم‪.‬‬
‫فلما غاب عني قمت ورددت الطييابق وفعلييت مييا‬
‫أمرني به حتى صار القبر كما كان ثم رجعت إلييى‬
‫قصر عمي‪ ،‬وكان عمي في الصيد والقنص فنمت‬
‫تلييك الليليية فلمييا أصييبح الصييباح تييذكرت الليليية‬
‫الماضييية ومييا جييرى فيهييا بينييي وبييين ابيين عمييي‬
‫وندمت على ما فعلييت معييه حيييث ل ينفييع النييدم‪،‬‬
‫وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم‬
‫المباح‪.‬‬
‫و في الليلة الثانية عشرة قالت‪ :‬بلغنييي أيهييا‬
‫الملييك السييعيد أن الصييعلوك قييال للصييبية ثييم‬
‫خرجييت إلييى المقييابر وفتشييت علييى التربيية فلييم‬
‫أعرفها ولم أزل أفتش حتى أقبل الليل ولييم أهتيد‬
‫إليها فرجعت إلى القصر لم آكل ولم أشرب وقييد‬
‫اشتغل خاطري بابن عمي ميين حيييث ل أعلييم لييه‬
‫دا وبييت ليلييتي مغموميًا‪،‬‬ ‫مييا شييدي ً‬ ‫حاًل فاغتممت غ ً‬
‫إلى الصييباح فجئت ثاني ًييا إلييى الجبانيية وأنييا أتفكيير‬
‫فيما فعله ابن عمي‪ ،‬ونييدمت علييى سييماعي منييه‬
‫وقد فتشت فييي الييترب جميعًييا فلييم أعييرف تلييك‬
‫التربة‪ ،‬ول رمت التفتيش سبعة أيييام فلييم أعييرف‬
‫له طريقا ً‪.‬‬
‫فزاد بي الوسواس حتى كدت أن أجيين فلييم أجييد‬
‫جييا دون أن سييافرت‪ ،‬ورجعييت غليييه‪ ،‬فسيياعة‬ ‫فر ً‬
‫وصولي إلى مدينة أبي نهض إلى جماعة من بيياب‬
‫المدينة وكتفييوني فتعجبييت كيل العجيب إنييي ابيين‬
‫سلطان المدينة وهم خدم أبي وغلماني‪ ،‬ولحقنييي‬
‫منهم خوف زائد‪ ،‬فقلت في نفسي يا تييرى أجييرى‬
‫علييى والييدي وصييرت أسييأل الييذين كنفييوني عيين‬
‫سبب ذلك فلم يردوا علي جوابا ً‪.‬‬
‫مييا عنييدي‪،‬‬ ‫ثم بعد حين قال لي بعضهم وكييان خاد ً‬
‫إن أباك قد غدر به الزمان وخانته العساكر وقتلييه‬
‫الوزير ونحن نترقب وقوعك‪ ،‬فأخذوني وأنا غييائب‬
‫عن الدنيا بسبب هييذه الخبييار الييتي سييمعتها عيين‬
‫أبي فلما تمثلت بين يدي الييوزير الييذي قتييل أبييي‬
‫وكان بيني وبينه عداوة قديمة وسبب تلك العداوة‬
‫أني كنت مولعًييا بضيير البندقييية فيياتفق أنييي كنييت‬
‫ما من اليام على سطح قصر وإذا بطييائر‬ ‫واقًفا يو ً‬
‫نزل على سطح قصر الييوزير وكييان واقًفييا هنيياك‪،‬‬
‫فأردت أن أضرب الطير وغييذا بالبندقييية أخطييأت‬
‫عين الييوزير‪ ،‬فأتلفتهييا بالقضيياء والقييدر كمييا قييال‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫سا بما فعييل‬ ‫وطب نف ً‬ ‫دع القدار تفعل ما تشاء‬
‫فإن الشيييء‬ ‫القضاء ول تفرح ول تحزن بشيء‬
‫ليس له بقاء‬
‫وكما قال الخر‪:‬‬
‫وميين كتييب علييه خ ً‬
‫طيا‬ ‫مشينا خطا كتبت علينا‬
‫فليييس يميوت‬ ‫مشاها ومن كانت منيتييه بيأرض‬
‫في أرض سواها‬
‫ثم قال ذلك الصعلوك‪ :‬فلما أتلفت عين الوزير لم‬
‫يقدر أن يتكلم لن والدي كان ملك المدينيية فهييذا‬
‫سبب العداوة التي بيني وبينه فلما وقفت قييدامه‪،‬‬
‫وأنا مكتف أمر فضرب عنقي فقلت أتقتلني بغييير‬
‫ذنب فقال أي ذنب أعظييم ميين هييذا‪ ،‬وأشييار إلييى‬
‫عينه المتلفة فقلت له‪ :‬فعلت ذلك خطأ‪ ،‬فقال إن‬
‫دا ثييم قييال‬‫كنت فعلتييه خطييأ فأنييا أفعلييه بييك عمي ً‬
‫قدموه بين يدي فقدموني بين يييديه‪ ،‬فمييد إصييبعه‬
‫في عيني الشمال فأتلفها فصرت من ذلك الوقت‬
‫أعور كما تروني‪ ،‬ثم كتفني ووضعني في صييندوق‬
‫وقال للسياف‪ :‬تسلم هذا وأشهر حسامك‪ ،‬وخييذه‬
‫واذهييب بييه إلييى خييارج المدينيية واقتلييه ودعييه‬
‫للوحوش‪ ،‬تأكله فذهب بييي السييياف وصييار حييتى‬
‫خرج من المدينيية‪ ،‬وأخرجنييي ميين الصييندوق وأنييا‬
‫مكتييوف اليييدين مقيييد الرجلييين وأراد أن يغمييي‬
‫عيني ويقتلني فبكيت وأنشدت هذه البيات‪:‬‬
‫سهام العدا عني‬ ‫عا حصيًنا لتمنعوا‬‫جعلتكمو در ً‬
‫فكنتم نصالها‬
‫تخص يميني أن‬ ‫وكنت أرجي عند كل ملمة‬
‫تكون شمالها‬
‫وخلوا العدا‬ ‫دعوا قصة العذال عني بمعزل‬
‫ترمي إلي نبالها‬
‫فكونوا سكوًتا‬ ‫إذا لم تقوا نفسي مكايدة العدا‬
‫ل عليها ول لها‬
‫ضا هذه البيات‪:‬‬ ‫وأنشدت أي ً‬
‫فكانوها ولكن للعادي‬ ‫عا‬
‫وإخوان اتخذتهم درو ً‬
‫فكانوا ولكن في‬ ‫ما صائبات‬ ‫رحلتهم سها ً‬
‫فؤادي‬
‫لقد صدقوا و لكن‬ ‫و قالوا قد صفت منا قلوب‬
‫عن ردادي‬
‫لقد صدقوا ولكن‬ ‫وقالوا قد سعينا كل سعي‬
‫في فسادي‬
‫فلما سمع السياف شعري وكان سياف أبي ولييي‬
‫عليه إحسان‪ ،‬قال يا سيدي كيف أفعييل وأنييا عبييد‬
‫مأمور ثم قال لييي فيير بعمييرك ول تعييد إلييى هييذه‬
‫المدينة فتهلك وتهلكني معك كما قال الشاعر‪:‬‬
‫وخل الدار تنعي‬ ‫ما‬
‫ونفسك فر بها إن خفت ضي ً‬
‫من بناها‬
‫سا‬ ‫ونفسك لم تجد نف ً‬ ‫ضا بأرض‬
‫فإنك واحد أر ً‬
‫سواها‬
‫وأرض الله واسعة‬ ‫عجبت لمن يعيش بدار ذل‬
‫فلها‬
‫فليس يموت في‬ ‫و من كانت منيته بأرض‬
‫أرض سواها‬
‫بأنفسها تولت ما‬ ‫وما غلظت رقاب السد حتى‬
‫عناها‬
‫فلما قال ذلك قبلت يديه وما صدقت حتى فررت‬
‫وهييان علييي تلييف عينييي بنجيياتي ميين القتييل‪،‬‬
‫وسافرت حتى وصلت إلييى مدينيية عمييي فييدخلت‬
‫عليه وأعلمته بما جرى لوالدي‪ ،‬وبما جرى لي من‬
‫ما‬‫دا وقال لقد زدتني ه ً‬ ‫تلف عيني فبكى بكاء شدي ً‬
‫ما على غمي‪ ،‬فإن ابن عمكقد فقييد‬ ‫على همي وغ ً‬
‫منذ أيام ولم أعلم بما جرى له ولييم يخييبرني أحييد‬
‫بخبره وبكى حتى أغمي عليه فلما استفاق قال يا‬
‫دا وأنييت‬ ‫ولدي قد حزنت على ابن عمك حزًنا شدي ً‬
‫مييا عليى غميي‪،‬‬ ‫زدتنيي بمييا حصيل لييك ولبيييك‪ ،‬غ ً‬
‫ولكن يا ولدي بعينك ول بروحك ثم إنه لم يمكنييي‬
‫السكوت عن ابن عمي الييذي هييو ولييده فييأعلمته‬
‫حييا‬ ‫بالذي جرى له كله ففرح عمي بما قلته لييه فر ً‬
‫دا عند سييماع خييبر ابنييه‪ ،‬وقييال أرنييي التربيية‬
‫شدي ً‬
‫فقلت والله يا عمي لم أعرف مكانها لني رجعت‬
‫بعد ذلك مرات لفتش عليها فلييم أعييرف مكانهييا‪،‬‬
‫ثم ذهبت أنا وعمييي إلييى الجبانيية‪ ،‬ونظييرت يمين ًييا‬
‫دا‬
‫حييا شييدي ً‬ ‫وشماًل فعرفتها ففرحت أنا وعمييي فر ً‬
‫ودخلييت أنييا وإييياه التربيية وأزحنييا الييتراب ورفعنييا‬
‫الطابق ونزلت أنا وعمي مقييدار خمسييين درجيية‪،‬‬
‫فلما وصلنا إلى آخر السلم وإذا بدخان طلع علينييا‬
‫فغشي أبصارنا‪ ،‬فقال عمي الكلمة التي ل يخيياف‬
‫قائلها وهي ل حول ول قوة إل بالله العلي العظيم‬
‫ثم مشييينا وإذا نحيين بقاعيية ممتلئة دقيًقييا وحبوب ًييا‬
‫ومييأكولت وغييير ذلييك ورأينييا فييي وسييط القاعيية‬
‫سييتارة مسييبولة علييى سييرير فنظيير عمييي إلييى‬
‫السرير فوجد ابنه هو والمرأة التي قد نزلت معييه‬
‫ما أسود وهما متعانقان كأنهمييا ألقيييا فييي‬ ‫صار فح ً‬
‫جب نار‪ ،‬فلما نظر عمي بصييق فييي وجهييه وقييال‬
‫تستحق يا خبيث فهذا عييذاب الييدنيا وبقييي عييذاب‬
‫الخرة وهو أشييد وأبقييى وأدرك شييهرزاد الصييباح‬
‫فسكتت عن الكلم المباح‪.‬‬
‫و في الليلة الثالثة عشرة قالت‪ :‬بلغنييي أيهييا‬
‫الملك السعيد أن الصعلوك قال للصبية والجماعة‬
‫والخليفة وجعفيير يسييتمعون الكلم‪ ،‬ثييم أن عمييي‬
‫ضييرب ولييده بالنعييال وهيو راقييد كييالفحم السييود‬
‫فتعجبت من ضربه وحزنت على ابن عمييي حيييث‬
‫مييا أسييود ثييم قلييت بييالله يييا‬
‫صار هو والصييبية فح ً‬
‫عمي خفف الهم عيين قلبييك‪ ،‬فقييد اشييتغل سييري‬
‫وخيياطري بمييا قييد جييرى لولييدك وكيييف صيار هيو‬
‫ما أسود ما يكفيييك مييا هييو فيييه حييتى‬ ‫والصبية فح ً‬
‫تضربه بالنعال‪.‬‬
‫فقال يا ابن أخي إن ولييدي هييذا كييان ميين صييغره‬
‫مولًعا بحييب أختييه وكنييت أنهيياه عنهييا وأقييول فييي‬
‫نفسي إنهما صغيران فلما كبر أوقع بينهما القبيييح‬
‫وسمعت بذلك ولم أصدق ولكن زجرته زجًرا بليًغا‬
‫وقلت له أحذر من هذه الفعال القبيحيية الييتي لييم‬
‫يفعلها أحد قبلك ول يفعلهييا أحييد بعييدك وإل نبقييى‬
‫بين الملوك بالعار والنقصان إلى الممييات وتشيييع‬
‫أخبارنييا مييع الركبييان وإييياك أن تصييدر منييك هييذه‬
‫الفعال فإني أسخط عليك وأقتلك ثم حجبته عنهييا‬
‫وحجبتها عنه وكانت الخبيثيية تحبييه محبيية عظيميية‬
‫وقد تمكن الشيطان منها‪.‬‬
‫فلما رآني حجبتييه فعييل هييذا المكييان الييذي تحييت‬
‫الرض الخفييية‪ .‬ونقييل فيييه المييأكول كمييا تييراه‬
‫واستغفلني لما خرجت إلى الصيد وأتى إلييى هييذا‬
‫المكان فغار عليه وعليهييا الحييق سييبحانه وتعييالى‬
‫وأحرقهما ولعذاب الخييرة أشييد وأبقييى‪ ،‬ثييم بكييى‬
‫ضييا عنييه ثييم‬
‫وبكيت معه وقال لي أنييت ولييدي عو ً‬
‫أني تفكرت ساعة فيي اليدنيا وحوادثهيا مين قتيل‬
‫الوزير لوالدي وأخذ مكانه وتلف عيني‪ ،‬وما جييرى‬
‫لبن عمي من الحوادث الغريبة‪.‬‬
‫فبكيت ثييم أننييا صييعدنا ورددنييا الطييابق والييتراب‪،‬‬
‫وعملنا القبر كما كان‪ ،‬ثم رجعنا إلييى منزلنييا فلييم‬
‫يسييتقر بيننييا جلييوس حييتى سييمعنا دق طبييول‬
‫وبوقات ورمحت البطييال وامتلت الييدنيا بالعجيياج‬
‫والغبييار ميين حييوافر الخيييل فحييارت عقولنييا ولييم‬
‫نعرف الخييبر فسييأل الملييك عيين الخييبر فقيييل إن‬
‫وزييير أخيييك قتلييه وجمييع العسييكر والجنييود وجيياء‬
‫بعسكره ليهجموا على المدينة وأهييل المدينيية لييم‬
‫يكيين لهييم طاقيية بهييم فسييلموا إليييه فقلييت فييي‬
‫نفسي متى وقعت أنا في يده قتلني‪.‬‬
‫وتراكمت الحزان وتذكرت الحوادث الييتي حييدثت‬
‫لبي وأمي ولم أعرف كيييف العمييل فييإن ظهييرت‬
‫عرفني أهل المدينة‪ ،‬وعسكر أبييي فيسييعون فييي‬
‫قتلي وهلكي فلم أجد شيًئا أنجو به إل حلق ذقني‬
‫فحلقتهييا وغيييرت ثيييابي وخرجييت ميين المدينيية‬
‫دا يوصييلني‬ ‫وقصدت هذه المدينة والسلم لعل أحي ً‬
‫إلى أمير المييؤمنين حييتى أحكييي لييه قصييتي‪ ،‬ومييا‬
‫جييرى لييي فوصييلت إلييى هييذه المدينيية فييي هييذه‬
‫الليلة‪ ،‬فوقفت حائًرا ولم أدر أين أمضي وإذا بهذا‬
‫الصعلوك واقف‪.‬‬
‫فسلمت عليه وقلييت لييه أنييا غريييب أيضيًا‪ ،‬فبينمييا‬
‫نحن كذلك وإذا برفيقنا هييذا الثييالث جاءنييا وسييلم‬
‫علينا‪ ،‬وقييال أنييا غريييب‪ ،‬فقلنييا لييه ونحيين غريبييان‬
‫فمشييينا وقييد هجييم علينييا الظلم فسيياقنا القييدر‬
‫إليكم‪ ،‬وهذا سبب حلق ذقني وتلف عيني فقييالت‬
‫الصبية ملس على رأسك وروح‪ ،‬فقال لها ل أروح‬
‫حتى أسمع خبر غيري فتعجبوا من حديثه‪.‬‬
‫فقال الخليفة لجعفر والله أنا ما رأيت مثييل الييذي‬
‫جرى لهذا الصييعلوك‪ ،‬ثييم تقييدم الصييعلوك الثيياني‬
‫وقبل الرض وقال يا سيدتي أنا مييا ولييدت أعييور‪،‬‬
‫وإنما لي حكاية عجيبة لو كتبت بييالبر علييى آميياق‬
‫البصر لكانت عبرة لمن اعتبر فأنا ملك ابيين ملييك‬
‫وقرأت القرآن على سبع روايييات وقييرأت الكتييب‬
‫على أربابها من مشايخ العلم وقرأت علم النجييوم‬
‫وكلم الشعراء واجتهدت فييي سييائر العليوم حييتى‬
‫فقت أهل زماني فعظم حظي عنييد سييائر الكتبيية‬
‫وشاع ذكري فييي سييائر القيياليم والبلييدان وشيياع‬
‫خبري عند سائر الملوك‪.‬‬
‫فسمع بي ملييك الهنييد فأرسييل يطلبنييي ميين أبييي‬
‫وأرسل إليه هدايا وتحًفا تصييلح للملييوك فجهزنييي‬
‫أبي في ست مراكب وسرنا في البحر مدة شييهر‬
‫كامل حييتى وصييلنا إلييى الييبر وأخرجنييا حبًل كييانت‬
‫معنييا فييي المركييب وحملنييا عشييرة جمييال هييدايا‬
‫ومشييينا قليًل وإذا بغبييار قييد عل وثييار حييتى سييد‬
‫القطار واستمر ساعة من النهار ثم انكشف قبان‬
‫سييا وهييم ليييوث وعييوانس‬ ‫ميين تحتييه سييتون فار ً‬
‫فتأملناهم وإذا هم عرب قطاع طريق فلمييا رأونييا‬
‫ونحن نفر قليل ومعنا عشرة أجمييال هييدايا لملييك‬
‫الهند رمحييوا علينييا وشييرعوا الرميياح بييين أيييديهم‬
‫نحونا‪.‬‬
‫فأشرنا إليهم بالصابع وقلنا لهم‪ :‬نحن رسييل إلييى‬
‫ملك الهند المعظييم فل تؤذونييا فقييالوا نحيين لسيينا‬
‫في أرضه ول تحييت حكمييه ثييم إنهييم قتلييوا بعييض‬
‫الغلمان وهرب الباقون وهربت أنا بعد أن جرحت‬
‫حا بليًغا واشتغلت عنا العييرب بالمييال والهييدايا‬ ‫جر ً‬
‫التي كانت معنا فصرت ل أدري أين أذهب‪ ،‬وكنت‬
‫عزي يًزا فصييرت ذليًل وسييرت إلييى أن أتيييت رأس‬
‫الجبل فدخلت مغارة حتى طلع النهييار ثييم سييرت‬
‫منها حتى وصلت إلييى مدينيية عييامرة بييالخير وقييد‬
‫ولى عنها الشتاء ببرده وأقبل عليها الربيع بورده‪.‬‬
‫ففرحت بوصييولي إليهييا وقييد تعبييت ميين المشييي‬
‫وعلني الهم والصفرار فتغيييرت حييالتي ول أدري‬
‫أين أسلك فملت إلى خييياط فييي دكييان وسييلمت‬
‫عليه فرد علي السلم ورحب بييي وباسييطني عيين‬
‫سبب غربتي فأخبرته بما جرى لي ميين أولييه إلييى‬
‫آخييره‪ ،‬فيياغتم لجلييي وقييال يييا فييتى ل تظهيير مييا‬
‫عندك فإني أخيياف عليييك ميين ملييك المدينيية لنييه‬
‫أكبر أعداء أبيك وله عنده ثأر‪.‬‬
‫ثم أحضر لي مأكوًل ومشروًبا فأكلت وأكييل معييي‬
‫وتحييادثت معييه فييي الليييل وأخلييى لييي محًل فييي‬
‫جانب حانوته وأتياني بميا أحتياج إلييه مين فيراش‬
‫وغطاء‪ ،‬فأقمت عنده ثلثة أيام‪ ،‬ثييم قييال لييي أمييا‬
‫تعييرف صيينعة تكسييب بهييا فقلييت لييه‪ :‬إنييي فقيييه‬
‫طالب علم كاتب حاسب‪ ،‬فقييال‪ :‬إن صيينعتك فييي‬
‫مييا‬
‫بلدنا كاسدة وليس في مييدينتنا ميين يعييرف عل ً‬
‫ول كتابة غير المال‪.‬‬
‫فقلت والله ل أدري شيييًئا غييير الييذي ذكرتييه لييك‪،‬‬
‫سا وحبًل واحتطييب فييي‬ ‫فقال شد وسطك وخذ فأ ً‬
‫البرية حطًبا تتقوت به إلى أن يفرج الله عنييك ول‬
‫سا‬‫دا بنفسك فيقتلوك‪ ،‬ثم اشترى لي فأ ً‬ ‫تعرف أح ً‬
‫وحبًل وأرسييلني مييع بعييض الحطييابين وأوصيياهم‬
‫علي‪ ،‬فخرجت معهم واحتطبت فأتيت بحمل على‬
‫رأسي فبعته بنصف دينار فييأكلت ببعضييه وأبقيييت‬
‫بعضه‪ ،‬ودمت على هذا الحال مدة سنة‪.‬‬
‫ما على عادتي إلييى البرييية‬ ‫ثم بعد السنة ذهبت يو ً‬
‫لحتطب منها ودخلتها‪ ،‬فوجدت فيها خميلة أشجار‬
‫فيها حطب كثير فدخلت الخميليية‪ ،‬وأتيييت شييجرة‬
‫وحفيييرت حولهيييا وأزليييت اليييتراب عييين جيييدارها‬
‫فاصييطكت الفييأس فييي حلقيية نحيياس فنظفييت‬
‫التراب وإذا هي في طييابق ميين خشييب فكشييفته‬
‫فبان تحت سلم فنزلت إلى أسفل السلم فرأيييت‬
‫باًبا فدخلته فرأيت قصًرا محكييم البنيييان فوجييدت‬
‫فيه صبية كالدرة السنية تنفي إلى القلب كل هييم‬
‫وغم وبلية‪.‬‬
‫فلما نظرت إليها سجدت لخالقهييا لمييا أبييدع فيهييا‬
‫من الحسيين والجمييال فنظييرت غلييي وقييالت لييي‬
‫أنت أنسي أم جنيي‪ ،‬فقليت لهيا‪ :‬إنسيي‪ ،‬فقيالت‪:‬‬
‫ومن أوصلك إلى هذا المكان الذي لي فيه خمسة‬
‫دا فلمييا‬ ‫وعشييرون سيينة‪ ،‬مييا رأيييت فيييه إنسيًيا أبي ً‬
‫سييمعت كلمهييا وجييدت لييه عذوبيية وقلييت لهييا يييا‬
‫سيدتي أوصلني الله إلى منزلك ولعله يزيل همي‬
‫وغمي وحكيت لهييا مييا جييرى لييي ميين الول إلييى‬
‫الخر‪.‬‬
‫فصييعب عليهييا حييالي وبكييت وقييالت أنييا الخييرى‬
‫أعلمك بقصتي فاعلم أني بنت ملك أقصييى الهنييد‬
‫صاحب جزيييرة البنييوس وكييان قييد زوجنييي بييابن‬
‫عمييي فيياختطفني ليليية زفييافي عفريييت اسييمه‬
‫جرجريس بن رجوس بيين إبليييس فطييار بييي إلييى‬
‫هذا المكان ونقل فيه كل ما أحتاج إليه من الحلى‬
‫والحلل والقماش والمتاع والطعام والشراب‪ .‬في‬
‫كييل عشييرة أيييام يجيئنييي مييرة فيييبيت هنييا ليليية‬
‫وعاهييدني إذا عرضييت لييي حاجيية ليًل أو نهيياًرا أن‬
‫ألمييس بيييدي هييذين السييطرين المكتييوبين علييى‬
‫القبة فما ارفع يييدي حييتى أراه عنييدي ومنييذ كييان‬
‫عندي له اليوم أربعة أيام وبقي له ستة أيام حييتى‬
‫يأتي فهييل لييك أن تقيييم عنييدي خمسيية أيييام‪ ،‬ثييم‬
‫تنصرف قبل مجيئه بيوم فقلت نعم‪.‬‬
‫ففرحت ثيم نهضيت علييى أقييدامها وأخيذت بيييدي‬
‫وأدخلتني من باب مقنطر وانتهت بييي إلييى حمييام‬
‫لطيف ظريييف فلمييا رأيتييه خلعييت ثيييابي وخلعييت‬
‫ثيابها‪ ،‬ودخلييت فجلسييت علييى مرتبيية وأجلسييتني‬
‫معها وأتت بسكر ممسك وسقتني‪ ،‬ثم قدمت لييي‬
‫مأكوًل وتحادثنا ثييم قييالت لييي ثييم واسييترح فإنييك‬
‫تعبان‪ ،‬فنمت يا سيدتي وقد نسيت ما جييرى لييي‪،‬‬
‫وشكرتها فلمييا اسييتيقظت وجييدتها تكبييس رجلييي‬
‫فييدعوت لهييا وجلسيينا نتحييادث سيياعة‪ ،‬ثييم قييالت‬
‫والله إنييي كنييت ضيييقة الصييدر وأنييا تحييت الرض‬
‫وحدي ولم أجد من يحدثني خمسة وعشرين سنة‬
‫فالحمد لله الذي أرسلك إلي ثم أنشدت‪:‬‬
‫مهجة القلب أو سواد‬ ‫لو علمنا مجيئكم لفرشنا‬
‫لكون المسير‬ ‫العيون وفرشنا خدودنا والتقينا‬
‫فوق الجفون‬
‫فلما سمعت شعرها شكرتها وقد تمكنييت محبتهييا‬
‫في قلبي‪ ،‬وذهب عني همي وغمي‪ ،‬ثم جلسنا في‬
‫منادمة إلى الليل‪ ،‬فبت معها ليلة مييا رأيييت مثلهييا‬
‫فييي عمييري وأصييبحنا مسييرورين فقلييت لهييا هييل‬
‫أطلعك من تحت الرض وأريحك ميين هييذا الجنييي‬
‫فضحكت وقالت اقنع واسييكت ففييي كييل عشييرة‬
‫أيام يوم للعفريت وتسييعة لييك فقلييت وقييد غلييب‬
‫علي الغرام فأنا في هذه أكسيير هييذه القبيية الييتي‬
‫عليها النقش المكتوب لعل العفريت يجيييء حييتى‬
‫أقتله فإني موعود بقتييل العفيياريت فلمييا سييمعت‬
‫كلمي أنشدت‪:‬‬
‫بحيلة قد كفى اشتياق‬ ‫يا طالًبا للفراق مهًل‬
‫وآخر الصحبة الفراق‬ ‫اصبر فطبع الزمان غدر‬
‫فلما سمعت شعرها لم ألتفت لكلمها بل رفست‬
‫سا قوًيا وأدرك شهرزاد الصييباح فسييكتت‬ ‫القبة رف ً‬
‫عن الكلم المباح‪.‬‬
‫ففي الليلة الرابعة عشرة قالت‪ :‬بلغنييي أيهييا‬
‫الملك السعيد أن الصعلوك الثاني قال للصييبية يييا‬
‫سييا قوييًا‪ ،‬قييالت لييي‬
‫سيدتي لما رفست القبيية رف ً‬
‫المرأة أن العفريت قد وصل إلينا أما حذرتك ميين‬
‫هذا ولله لقد آذيتني ولكن انج بنفسك واطلع ميين‬
‫المكان الذي جئت منه فمن شييدة خييوفي نسيييت‬
‫نعلييي وفأسييي‪ ،‬فلمييا طلعييت درجييتين التفييت‬
‫لنظرهما فرأيت الرض قييد انشييقت وطلييع منهييا‬
‫عفريت ومنظر شنيع‪ ،‬وقال ما هذه الزعجة الييتي‬
‫أرعشتني بها فما مصيبتك‪.‬‬
‫فقالت مييا أصييابني شيييء غييير أن صييدري ضيياق‪،‬‬
‫فأردت أن أشرب شيراًبا يشيرح صيدري فنهضيت‬
‫لقضي أشييغالي فييوقعت علييى القبيية‪ ،‬فقييال لهييا‬
‫العفريت يا فاجرة ونظر في القصر يميًنا وشييماًل‬
‫فرأى النعل والفيأس فقيال لهيا ميا هيذه إل متياع‬
‫النس من جاء إليك فقالت‪ :‬مييا نظرتهمييا إل فييي‬
‫هذه الساعة ولعلهما تعلقا معك‪.‬‬
‫فقال العفريت هذا كلم محال ل ينطلييي علييي يييا‬
‫عاهرة‪ ،‬ثم أنييه أعراهييا‪ ،‬وصييلبها بييين أربعيية أوتيياد‬
‫وجعل يعاقبها ويقررها بما كان فلم يهيين علييي أن‬
‫أسمع بكاءهييا فطلعييت ميين السييلم مييذعوًرا ميين‬
‫الخييوف فلمييا وصييلت إلييى أعلييى الموضييع رددت‬
‫الطابق كما كان وسترته بالتراب وندمت على مييا‬
‫فعلت غاية الندم وتذكرت الصبية وحسيينها وكيييف‬
‫يعاقبهييا هييذا الملعييون وهييي لهييا معييه خمسيية‬
‫وعشرون سنة وما عاقبها إل بسببي وتذكرت أبي‬
‫ومملكته وكيف صرت حطابًا‪ ،‬فقلت هذا البيت‪:‬‬
‫فيوم ترى يسًرا‬ ‫ما بنكبة‬
‫إذا ما أتاك الدهر يو ً‬
‫ويوم ترى عسرا‬
‫ثم مشيت إلى أن أتيت رفيقي الخياط فلقيته من‬
‫أجلي على مقالي النار وهو لي في النتظار فقال‬
‫لي‪ :‬بت البارحة وقلبي عنييدك وخفييت عليييك ميين‬
‫وحش أو غيره فالحمد لله على سلمتك فشكرته‬
‫على شفقته علي ودخلت خلوتي‪ ،‬وجعلييت أتفكيير‬
‫فيما جرى لييي وألييوم نفسييي علييى رفسييي هييذه‬
‫القبة وإذا بصديقي الخياط دخييل علييي وقييال لييي‬
‫في الدكان شخص أعجمي يطلبييك ومعييه فأسييك‬
‫ونعلك قد جاء بهما إلى الخياطين وقال لهييم أنييي‬
‫خرجييت وقييت آذان المييؤذن‪ ،‬لجييل صييلة الفجيير‬
‫فعثرت بهما ولييم أعلييم لميين همييا فييدلوني علييى‬
‫صاحبها‪ ،‬فدله الخياطون عليك وها هييو قاعييد فييي‬
‫دكاني فاخرج إليه واشكره وخذ فأسك ونعلك‪.‬‬
‫فلما سمعت هكذا الكلم اصفر لوني وتغير حييالي‬
‫فبينمييا أنييا كييذلك وإذا بييأرض محلييي قييد انشييقت‬
‫وطلع منها العجمي وإذا هييو العفريييت وقييد كييان‬
‫عاقب الصبية غاييية العقيياب فلييم تقيير لييه بشيييء‬
‫فأخذ الفأس والنعل وقال لها إن كنييت جرجريييس‬
‫من ذرية إبليس فأنا أجيييء بصيياحب هييذا الفييأس‬
‫والنعل ثم جاء بهذه الحيلة إلييى الخييياطين ودخييل‬
‫علي ولييم يمهلنييي بييل اختطفنييي وطييار وعل بييي‬
‫ونزل بي وغاص في الرض وأنا ل أعلييم بنفسييي‪،‬‬
‫ثم طلع بي القصر الذي كنت فيه فرأيييت الصييبية‬
‫عريانة والدم يسيل مين جوانبهيا فقطيرت عينياي‬
‫بالدموع‪.‬‬
‫فأخذها العفريت وقال لها يا عاهرة هييذا عشيييقك‬
‫فنظرت إلي وقالت له ل أعرفه ول رأيتييه إل فييي‬
‫هذه السياعة‪ ،‬فقيال لهيا العفرييت أهيذه العقوبية‬
‫ولم تقري‪ ،‬فقالت ما رأيته عمري ومييا يحييل ميين‬
‫الله أن أكذب عليه‪ ،‬فقال لها العفريت إن كنت ل‬
‫تعرفينييه‪ ،‬فخييذي هييذا السيييف واضييربي عنقييه‬
‫فأخييذت السيييف وجيياءتني ووقفييت علييى رأسييي‬
‫فأشيرت لهيا بحياجبي فنهضيت وغمرتنيي وقيالت‬
‫أنت الييذي فعلييت هييذا كلييه فأشييرت لهييا أن هييذا‬
‫وقت العفو ولسان حالي يقول‪:‬‬
‫ويبدو لكم‬ ‫يترجم طرفي عن لساني لتعلموا‬
‫ما كان في صدري يكتم‬
‫خرست وطرفي‬ ‫ولما التقينا والدموع سواجم‬
‫بالهوى يتكلم‬
‫وأرمي إليها بالبنان‬ ‫تشير لنا عما تقول بطرفها‬
‫فتفهم‬
‫فنحن سكوت‬ ‫حواجبنا تقضي الحوائج بيننا‬
‫والهوى يتكلم‬
‫فلما فهمييت الصييبية إشييارتي رمييت السيييف ميين‬
‫يدها‪ ،‬فناولني العفريت السيف وقييال لييي اضيرب‬
‫عنقهييا وأنييا أطلقييك ول أنكييد عليييك‪ ،‬فقلييت نعييم‪،‬‬
‫وأخييذت السيييف وتقييدمت نشيياط ورفعييت يييدي‪،‬‬
‫فقييالت لييي بحاجبهييا أنييا مييا قصييرت فييي حقييك‬
‫فهملت عيناي بالدموع ورميت السيف ميين يييدي‪،‬‬
‫وقلت أيها العفريت الشديد والبطييل الصيينديد‪ ،‬إذا‬
‫كانت امرأة ناقصة عقل ودين لم تسييتحل ضييرب‬
‫عنقي فكيف يحل لي أن أضرب عنقهيا ولييم أرهييا‬
‫دا ولو سقيت من المييوت‬ ‫عمري‪ ،‬فل أفعل ذلك أب ً‬
‫كأس الردى‪.‬‬
‫فقييال العفريييت أنتمييا بينكمييا ميودة أخييذ السيييف‬
‫وضييرب يييد الصييبية فقطعهييا‪ ،‬ثييم ضييرب الثانييية‬
‫فقطعها ثم قطييع رجلهييا اليمنييى ثييم قطييع رجلهييا‬
‫اليسييرى حييتى قطييع أرباعهييا بييأربع ضييربات وأنييا‬
‫أنظيير بعينييي فييأيقنت بييالموت ثييم أشييارت إلييي‬
‫بعينيها فرآها العفريت فقال لها وقد زنيييت بعينييك‬
‫ثم ضييربها فقطييع رأسييها‪ ،‬والتفييت إلييي وقييال يييا‬
‫آنسي نحن في شرعنا إذا زنييت الزوجيية يحيل لنييا‬
‫قتلها‪ ،‬وهذه الصبية اختطفتها ليليية عرسييها‪ ،‬وهييي‬
‫دا غيييري‬‫بنت اثنتي عشييرة سيينة ولييم تعييرف أح ي ً‬
‫وكنت أجيئها في كل عشرة أيام ليلة واحييدة فييي‬
‫زي رجييل أعجمييي‪ .‬فلمييا تحققييت أنهييا خييانتني‬
‫فقتلتها وأما أنييت فلييم أتحقييق أنييك خنتنييي فيهييا‪،‬‬
‫ولكن ل بد أني إما اخليك في عافييية فتميين علييي‬
‫أي ضرر فرحت يا سيييدتي غاييية الفييرح وطمعييت‬
‫في العفريت وقلييت لييه‪ :‬ومييا أتمنيياه عليييك‪ ،‬قييال‬
‫تمن علي أي صورة اسحرك فيها إما صورة كلييب‬
‫وإما صورة حمار وإما صورة قرد فقلييت لييه وقييد‬
‫طمعت أنه يعفو عني والله إن عفوت عنييي يعفييو‬
‫اللييه عنييك‪ ،‬بعفييوك عيين رجييل مسيلم لييم يؤذيييك‬
‫وتضرعت إليييه غاييية التضييرع‪ ،‬وبقيييت بييين يييديه‪،‬‬
‫وقلت له أنا رجل مظلوم‪.‬‬
‫فقال لي ل تطل علي الكلم أما القتييل فل تخييف‬
‫منه وأما العفو عنك فل تطمييع فيييه وأمييا سييحرك‬
‫فل بد منه‪ ،‬ثيم شيق الرض وطيار بيي إليى الجيو‬
‫حتى نظرت إلى الدنيا حتى كأنها قصييعة مياء‪ ،‬ثييم‬
‫حطني على جبل وأخييذ قليًل ميين الييتراب وهمهييم‬
‫عليه وتكليم وقيال اخيرج مين هيذه الصيورة إليى‬
‫صورة قرد‪.‬‬
‫فمنذ ذلك الوقت صرت قرًدا ابن مائة سيينة فلمييا‬
‫رأيت نفسي في هذه الصورة القبيحة بكيت علييى‬
‫روحييي وصييبرت علييى جييور الزمييان وعلمييت أن‬
‫الزمان ليس لحد وانحدرت من أعلى الجبل إلييى‬
‫أسفله وسافرت مدة شهر‪ ،‬ثم ذهبت إلى شاطئ‬
‫البحر المالح‪ ،‬فوقفت ساعة وإذا أنييا بمركييب فييي‬
‫وسط البحر قد طيياب ريحهييا وهييي قاصييدة الييبر‪،‬‬
‫فاختفيت خلف صخرة على جييانب البحيير وسييرت‬
‫إلى أن أتيت وسط المركب‪.‬‬
‫فقييال واحييد منهييم أخرجييوا هييذا المشييؤوم ميين‬
‫المركب‪ ،‬وقال واحد منهم نقتله‪ ،‬وقال آخر اقتلييه‬
‫بهييذا السيييف فأمسييكت طييرف السيييف وبكيييت‪،‬‬
‫وسالت دموعي فحن علي الريييس وقييال لهييم يييا‬
‫تجار إن هذا القرد استجار بي وقد أجرته وهو في‬
‫جواري فل أحد يعرض له ول يشوش عليه‪ ،‬ثييم أن‬
‫الريس صار يحسيين إلييي ومهمييا تكلييم بييه أفهمييه‬
‫وأقضي حوائجه وأخدمه في المركب‪.‬‬
‫مييا فرسييينا‬
‫وقد طاب لها الريييح مييدة خمسييين يو ً‬
‫على مدينيية عظيميية‪ ،‬وفيهييا عييالم كييثير ليحصييى‬
‫عييددهم إل اللييه تعييالى فسيياعة وصييولنا أوقفنييا‬
‫مركبنا فجاءتنا ممالييك مين طيرف ملييك المدينيية‬
‫فنزلوا المركب وهنوا التجار بالسييلمة‪ ،‬وقييالوا إن‬
‫ملكنييا يهنئكييم بالسييلمة وقييد أرسييل إليكييم هييذا‬
‫الدرج الورق وقييال كييل واحييد يكتييب فيييه سييطرا‬
‫فقمت وأنا في صورة القرد وخطفيت اليدرج مين‬
‫أيييديهم‪ ،‬فخييافوا أنييي أقطعييه وأرميييه فييي الميياء‬
‫فنهرونييي وأرادوا قتلييي فأشيرت لهيم أنييي أكتييب‬
‫فقال لهم الريس دعوه يكتب فإن لخبييط الكتابيية‬
‫دا فييإني مييا‬
‫طردنيياه عنييا وإن أحسيينها اتخييذته ولي ً‬
‫دا أفهم منييه ثييم أخييذ القلييم واسييتمديت‬ ‫رأيت قر ً‬
‫الحيبر وكتبيت سيطًرا بقليم الرقياع ورقميت هيذا‬
‫الشعر‪:‬‬
‫وفضلك للن‬ ‫لقد كتب الدهر فضل الكرام‬
‫لنك للفضل‬ ‫ليحسب فل أيتم الله منك الورى‬
‫نعم الب‬
‫وكتبت بقلم الثلث هذين البيتين‪:‬‬
‫ويبقي الدهر ما كتبت‬ ‫وما من كاتب إلسيفنى‬
‫يسرك في‬ ‫يداه فل تكتب بخطك غير شيء‬
‫القيامة أن تراه‬
‫وكتبت تحته بقلم المشق هذين البيتين‪:‬‬
‫فاجعل مدادك من‬ ‫إذا فتحت دواة العز والنعم‬
‫جود ومن كرم واكتب بخير إذا ما كنت‬
‫بذاك شرفت فضًل نسبه القلم‬ ‫مقتدًرا‬
‫ثييم نيياولتهم ذلييك الييدرج الييورق فطلعييوا بييه إلييى‬
‫الملك‪ ،‬فلما تأمل الملك مييا فييي ذلييك الييدرج لييم‬
‫يعجبه خط أحد إل خطي‪ ،‬فقييال لصييحابه توجهييوا‬
‫إلييى صيياحب هييذا الخييط وألبسييوه هييذه الحليية‬
‫وأركبوه بغلة وهاتوه بالنوبيية وأحضييروه بييين يييدي‬
‫فلما سمعوا كلم الملك تبسموا فغضب منهم ثييم‬
‫قال كيف آمركم بأمر فتضحكون علي‪ ،‬فقالوا أيها‬
‫الملك ما نضحك على كلمك‪ ،‬بل الذي كتييب هييذا‬
‫الخط قرد وليس هو آدميا وهو مع ريس المركب‪.‬‬
‫فتعجب الملييك ميين كلمهييم واهييتز ميين الطييرب‪،‬‬
‫وقال أريد أن أشتري هييذا القييرد‪ ،‬ثييم بعييث رسييل‬
‫إلى المركب ومعهم البغلة والحليية وقييال لبييد أن‬
‫تلبسييوه هييذه الحليية وتركبييوه البغليية وتييأتوا بييه‪،‬‬
‫فسيياروا إلييى المركييب وأخييذوني ميين الريييس‬
‫وألبسيييوني الحلييية فانيييدهش الخلئق وصييياروا‬
‫يتفرجييون علييي‪ ،‬فلمييا طلعييوا بييي للملييك ورأيتييه‬
‫قبليييت الرض ثلث ميييرات فيييأمرني بيييالجلوس‪،‬‬
‫فجلسييت علييى ركبييتي‪ .‬فتعجييب الحاضييرون ميين‬
‫أدبي وكان الملك أكثرهم تعجبا ثم أن الملك أميير‬
‫الخلق بالنصراف فانصرفوا‪ ،‬ولييم يبييق إل الملييك‬
‫والطواشي ومملوك صييغير وأنييا‪ ،‬ثييم أميير الملييك‬
‫بطعييام فقييدموا سييفرة طعييام فيهييا مييا تشييتهي‬
‫النفيس وتليذ العيين فأشيار إليي المليك أن كيل‬
‫فقمييت وقبلييت الرض بييين يييديه سييبع مييرات‬
‫وجلست آكل معه وقد ارتفعييت السييفرة وذهبييت‬
‫فغسلت يدي وأخذت الييدواة والقلييم والقرطيياس‬
‫وكتبت هذين البيتين‪:‬‬
‫وأصحن الحلو‬ ‫أتاجر الضأن ترياق من العلل‬
‫فيها منتهى أملي يا لهف قلبي على مد السماط‬
‫ماجت كنافته بالسمن والعسل‬ ‫إذا‬
‫ثم قمت وجلست بعيدا أنتظر الملك إلى ما كتبته‬
‫وقييرأه فتعجييب وقييال هييذا يكييون عنييد قييرد هييذه‬
‫الفصاحة وهييذا الخييط واللييه إن هييذا ميين أعجييب‬
‫العجب ثم قدم للملك شطرنج‪ ،‬فقيال ليي الملييك‬
‫أتلعييب قلييت برأسييي نعييم‪ ،‬فتقييدمت وصييففت‬
‫الشطرنج ولعبت معه مرتييين فغلبتييه فحييار عقييل‬
‫الملك وقال لو كان هذا آدميا لفاق أهل زمانه‪ ،‬ثم‬
‫قال لخادمه إذهب إلى سيييدتك وقييل لهييا‪ :‬كلمييي‬
‫الملييك حييتى تجيييء فتتفييرج علييى هييذا القييرد‬
‫العجيب‪ .‬فذهب الطواشي وعاد معه سيييدته بنييت‬
‫الملك‪ ،‬فلما نظرت إلي غطت وجههييا‪ ،‬وقييالت يييا‬
‫أبييي كيييف طيياب علييى خيياطرك أن ترسييل إلييي‬
‫فيراني الرجييال الجييانب فقييال يييابنتي مييا عنييدك‬
‫سوى المملييوك الصييغير والطواشييي الييذي ربيياك‬
‫وهييذا القييرد وأنييا أبييوك فمميين تغطييين وجهييك‪.‬‬
‫فقالت إن هذا القرد ابن ملييك وإسييم أبيييه إيمييار‪،‬‬
‫صيياحب جييزائر البنييوس الداخليية وهييو مسييحور‬
‫وسحره العفريت جرجريييس الييذي هييو ميين ذرييية‬
‫إبليس‪ ،‬وقد قتل زوجته بنت ملك أقناموس وهييذا‬
‫الذي تزعم أنه قردا إنمييا هييو رجييل عييالم عاقييل‪.‬‬
‫فتعجب الملك من إبنته ونظر إلي وقال‪ :‬أحق مييا‬
‫تقول عنك فقلت برأسي نعم وبكيت فقال الملك‬
‫لبنته من أين عرفت أنه مسحور فقييالت‪ :‬يييا أبييت‬
‫كييان عنييدي وأنييا صييغيرة عجييوز ميياكرة سيياحرة‬
‫علمتني السحر‪ ،‬وقد حفظته وأتقنته وعرفت مائة‬
‫وسبعين بابا من أبييوابه‪ ،‬أقيل بيياب منهييا أنقييل بيه‬
‫حجارة مدينتك خلف جبل قاف وأجعلها لجيية بحيير‬
‫وأجعل أهلها سمكا في وسطه‪ .‬فقال أبوها‪ :‬بحييق‬
‫اسم الله عليك أن تخلصي لنا هذا الشيياب‪ ،‬حييتى‬
‫أجعله وزيري وهل فيك هييذه الفضيييلة ولييم أعلييم‬
‫فخلصيه حييتى أجعلييه وزيييري لنييه شيياب ظريييف‬
‫لبيب‪ ،‬فقييالت لييه حبييا وكراميية‪ ،‬ثييم أخييذت بيييدها‬
‫سييكينا‪ ،‬وعملييت دائرة‪ ،‬وأدرك شييهرزاد الصييباح‬
‫فسكتت عن الكلم المباح‪.‬‬
‫وفي الليلة الخامسة عشرة قالت بلغني أيها‬
‫الملييك السييعيد أن الصييعلوك قييال للصييبية يييا‬
‫سيدتي‪ ،‬ثييم أن بنييت الملييك أخييذت بيييدها سييكينا‬
‫مكتوبا عليها أسماء عبرانية‪ ،‬وخطت بها دائرة في‬
‫وسط وكتبت فيها أسماء وطلسم وعزمييت بكلم‬
‫وقرأت كلما‪ ،‬ل يفهم‪ ،‬فبعد ساعة أظلمييت علينييا‬
‫جهات القصر‪ ،‬حييتى ظننييا أن الييدنيا قييد إنطبقييت‬
‫علينا وإذا بالعفريت قد تدلى علينا في أقبح صييفة‬
‫بأييييد كالميييداري ورجليييين كالصيييواري وعينيييين‬
‫كمشعلين يوقدان نارا‪ ،‬ففزعنا منييه‪ .‬فقييالت بنييت‬
‫الملك ل أهل بييك ول سييهل‪ ،‬فقييال العفريييت وهييو‬
‫في صورة أسد يييا خائنيية كيييف خنييت اليمييين أمييا‬
‫تحالفنا على أن ل يعترض أحدنا للخر فقييالت لييه‬
‫يا لعين ومن أين لك يمين فقال العفريت خذي ما‬
‫جيياءك ثييم انقلييب أسييدا وفتييح فيياه وهجييم علييى‬
‫الصييبية‪ .‬فأسييرعت وأخييذت شييعرة ميين شييعرها‬
‫بيدها‪ ،‬وهمهمت بشفتيها فصييارت الشييعرة سيييفا‬
‫ماضيييا وضييربت ذلييك السييد فقطعتييه نصييفين‪،‬‬
‫فصييارت رأسييه عقربييا‪ ،‬وانقلبييت الصييبية حييية‬
‫عظيمة وهمهمت على هذا اللعين وهو فييي صييفة‬
‫عقرب‪ ،‬فتقاتل قتييال شييديدا‪ ،‬ثييم انقلييب العقييرب‬
‫عقابا فانقلبت الحية نسييرا وصييارت وراء العقيياب‬
‫واستمرا سيياعة زمانييية ثييم انقلييب العقيياب قطييا‬
‫أسود‪ ،‬فانقلبت الصبية ذئبييا فتشيياحنا فييي القصيير‬
‫سيياعة زمانييية وتقيياتل قتييال شييديدا فييرأى القييط‬
‫نفسه مغلوبا فانقلب وصييار رمانيية حمييراء كييبيرة‬
‫ووقعت تلك الرمانة فييي بركيية وانتييثر الحييب كييل‬
‫حبة وحدها وامتلت أرض القصر حبا فانقلب ذلك‬
‫الذئب ديكيا لجيل أن يلتقيط ذليك الحيب حيتى ل‬
‫يترك منييه حبيية فبييالمر المقييدر‪ ،‬دارت حبيية فييي‬
‫جييانب الفسييقية فصييار الييديك يصيييح ويرفييرف‬
‫بأجنحته ويشييير إلينييا بمنقيياره ونحيين ل نفهييم مييا‬
‫يقول‪ ،‬ثم صييرخ علينييا صييرخة تخيييل لنييا منهييا أن‬
‫القصر قد انقلب علينا ودار في أرض القصر كلهييا‬
‫حتى رأى الحبة التي تدارت فييي جييانب الفسييقية‬
‫فانقض عليها ليلتقطهييا وإذا بالحبيية سييقطت فييي‬
‫الميياء فييانقلب الييديك حمييارا كييبيرا ونييزل خلفهييا‬
‫وغيياب سيياعة وإذا بنييا قييد سييمعنا صييراخا عاليييا‬
‫فارتجفنا‪ .‬وبعد ذلك طلع العفريت وهو شييعلة نييار‬
‫فألقى ميين فمييه نييارا وميين عينيييه ومنخريييه نييارا‬
‫ودخانا وانقلبت الصبية لجة نار فاردنا أن نغطييس‬
‫في ذلك الماء خوفا على أنفسنا من الحريق فمييا‬
‫شعرنا إل العفريييت قييد صييرخ ميين تحييت النيييران‬
‫وصار عندنا في الليوان ونفييخ فييي وجوهنييا بالنييار‬
‫فلحقتييه الصييبية ونفخييت فييي وجهييه بالنييار أيضييا‬
‫فأصابنا الشر منها ومنه‪ ،‬فأما شييررها فلييم يؤذينييا‬
‫وأما شرره فلحقني منه شرارة في عيني فأتلفتها‬
‫وأنا في صورة القرد ولحق الملك شرارة منه في‬
‫وجهييه فييأحرقت نصييفه التحتيياني بييذقنه وحنكييه‬
‫ووقفت أسنانه التحتانية ووقعت شرارة في صييدر‬
‫الطواشي فاحترق ومات من وقته وساعته فأيقنييا‬
‫بالهلك وقطعنييا رجائنييا ميين الحييياة‪ .‬فبينمييا نحيين‬
‫كذلك وإذا بقائل يقول‪ :‬الله أكبر الله أكبر قد فتح‬
‫ربي ونصر وخذل من كفر بدين محمد سيد البشر‬
‫وإذا بالقييائل بنييت الملييك قييد أحضييرت العفريييت‬
‫فنظرنا إليه فرأيناه قد صار كوم رماد‪ ،‬ثييم جيياءت‬
‫الصبية وقالت إلحقييوني بطاسيية ميياء فجيياؤوا بهييا‬
‫فتكلمت عليها بكلم ل نفهمييه ثييم رشييتني بالميياء‬
‫وقالت أخلص بحق الحق وبحق اسم الله العظم‬
‫إلى صورتك الولى فصييرت بشييرا كمييا كنييت أول‬
‫ولكن تلفت عيني‪ .‬فقالت الصبية النييار يييا والييدي‬
‫ثم أنها لم تزل تستغيث من النار وإذا بشرر أسود‬
‫قد طلع إلى صدرها وطلع إلى وجهها فلمييا وصييل‬
‫إلى وجهها بكييت وقييالت أشييهد أن ل إلييه إل اللييه‬
‫وأشييهد أن محمييدا رسييول اللييه‪ .‬ثييم نظرنييا إليهييا‬
‫فرأيناها كوم رميياد بجييانب كييوم العفريييت فحزنييا‬
‫عليها وتمنيت لو كنت مكانها ول أرى ذلييك الييوجه‬
‫المليح الذي عمل في هذا المعروف يصييير رمييادا‬
‫ولكيين حكييم اللييه ل يييرد‪ .‬فلمييا رأى الملييك أبنتييه‬
‫صارت كوم رماد نتييف لحيتييه ولطييم علييى وجهييه‬
‫وشق ثيابه وفعلت كما فعل وبكينا عليهييا ثييم جيياء‬
‫الحجيياب وأربيياب الدوليية فوجييدوا السييلطان فييي‬
‫حالة العدم وعنده كوم رماد فتعجبوا وداروا حييول‬
‫الملك ساعة فلما أفاق أخييبرهم بمييا جييرى لبنتييه‬
‫مييع العفريييت فعظمييت مصيييبتهم وصييرخ النسيياء‬
‫والجواري وعملوا العزاء سبعة أيام‪ .‬ثم إن الملييك‬
‫أمر أن يبني على رماد ابنتييه قبيية عظيميية وأوقييد‬
‫فيها الشموع والقناديل وأما رماد العفريت فييإنهم‬
‫أذروه فييي الهييواء إلييى لعنيية اللييه ثييم مييرض‬
‫السلطان مرضا أشرف منه على الموت واسييتمر‬
‫مرضه شهرا وعادت إليييه العافييية فطلبنييي وقييال‬
‫لي يا فتى قد قضينا زماننا في أهنييأ عيييش آمنييين‬
‫من نوائب الزمان حتى جئنا فأقبلت علينا الكييدار‬
‫فليتنييا مييا رأينيياك ول رأينييا طلعتييك القبيحيية الييتي‬
‫لسببها صرنا في حالة العدم‪ .‬فأول عييدمت ابنييتي‬
‫التي كانت تساوي مائة رجل وثانيا جرى لييي ميين‬
‫الحريق ما جرى وعييدم أضراسييي ومييات خييادمي‬
‫ولكن ما بيييدك حيليية بييل جييرى قضيياء اللييه علينييا‬
‫وعليك والحمد لله حيييث خلصييتك إبنييتي وأهلكييت‬
‫نفسها‪ ،‬فاخرج يا ولدي من بلدي وكفى مييا جييرى‬
‫بسييببك وكييل ذلييك مقييدر علينييا وعليييك‪ ،‬فيياخرج‬
‫بسلم‪ .‬فخرجت يا سيدتي من عنده ومييا صييدقت‬
‫بالنجاة ول أدري أين أتوجه‪ ،‬وخطر على قلبي مييا‬
‫جرى لي وكيف خلوني في الطريق سييالما منهييم‬
‫ومشيييت شييهرا وتييذكرت دخييولي فييي المدينيية‬
‫واجتميياعي بالخييياط واجتميياعي بالصييبية تحييت‬
‫الرض وخلصي من العفريت بعد أن كييان عازمييا‬
‫على قتلي وتذكرت ما حصل لي ميين المبييدأ إلييى‬
‫المنتهييى فحمييدت اللييه وقلييت بعينييي ول بروحييي‬
‫ودخلت الحمام قبل أن أخرج من المدينة وحلقت‬
‫ذقني وجئت يا سيدتي وفي كل يوم أبكي وأتفكيير‬
‫المصائب التي عاقبتها تلف عيني‪ ،‬وكلما أتذكر ميا‬
‫جرى لي أبكي وأنشد هذه البيات‪:‬‬
‫وحلت بي‬ ‫تحيرت والرحمن لشك في أمري‬
‫الحزان من حيث ل أدري‬
‫صبرت على‬ ‫سأصبر حتى يعلم الناس أنني‬
‫شيء أمر من الصبر‬
‫وما قدر‬ ‫وما أحسن الصبر الجميل مع التقى‬
‫المولى على خلقه يجري‬
‫إذا مان سر‬ ‫سرائر سري ترجمان سريرتي‬
‫السر سرك في سري‬
‫وبالنار أطفأها‬ ‫ولو أن ما بي بالجبال لهدمت‬
‫والريح لم يسر‬
‫فل بد من يوم‬ ‫ومن قال أن الدهر فيه حلوة‬
‫أمر من المر‬
‫ثم سافرت القطار ووردت المصار وقصييدت دار‬
‫السلم بغييداد لعلييي أتوصييل إلييى أمييير المييؤمنين‬
‫وأخبره بما جرى‪ ،‬فوصلت إلييى بغييداد هييذه اليليية‬
‫فوجييدت أخييي هييذا الول واقفييا متحيييرا فقلييت‬
‫السلم عليك وتحدثت معه وإذا بأخينييا الثييالث قييد‬
‫أقبل علينا وقال السييلم عليكييم أنييا رجييل غريييب‬
‫فقلنييا ونحيين غريبييان وقييد وصييلنا هييذه الليليية‬
‫المباركة‪ .‬فمشينا نحن الثلثة وما فينا أحد يعييرف‬
‫حكاية أحد فساقتنا المقادير إلى هذا الباب ودخلنا‬
‫عليكم وهذا سبب حلق ذقني وتلف عيني فقييالت‬
‫له إن كانت حكايتك غريبيية فامسييح علييى رأسييك‬
‫واخرج في حال سبيلك‪ ،‬فقال ل أخرج حتى أسمع‬
‫حديث رفيقي‪ .‬فتقدم الصعلوك الثالث وقال أيتهييا‬
‫السيدة الجليلة ما قصتي مثل قصتهما بل قصييتي‬
‫أعجب وذلك أن هذين جاءهما القضاء والقدر وأما‬
‫أنا فسبب حلييق ذقنييي وتلييف عينييي أننييي جلبييت‬
‫القضاء لنفسي والهم لقلبي وذلك أني كنت ملكييا‬
‫ابن ملك‪ ،‬ومات والدي وأخييذت الملييك ميين بعييده‬
‫وحكمت وعدلت وأحسنت للرعية وكان لي محبيية‬
‫في السفر في البحر وكانت مييدينتي علييى البحيير‬
‫والبحر متسع وحولنا جزائر معدة للقتييال‪ .‬فييأردت‬
‫أن أتفرج على الجزائر فنزلت في عشرة مراكب‬
‫وأخذت معي مؤونة شهر وسافرت عشرين يوما‪.‬‬
‫ففي ليلة من الليالي هبت علينا رياح مختلفة إلى‬
‫أن لح الفجيير فهييدأ الريييح وسييكن البحيير حييتى‬
‫أشرقت الشييمس‪ ،‬ثييم أننييا أشييرفنا علييى جزيييرة‬
‫وطلعنا إلى البر وطبخنا شيئا نأكله فأكلنا ثم أقمنا‬
‫يييومين وسييافرنا عشييرين يومييا فيياختلفت علينييا‬
‫المياه وعلى الريس استغرب الريس البحر فقلنييا‬
‫للناطور‪ :‬انظر البحر بتأمل‪ ،‬فطلييع علييى الصيياري‬
‫ثم نزل الناطور وقال للريييس‪ :‬رأيييت عيين يمينييي‬
‫سمكا على وجه الماء ونظرت إلييى وسييط البحيير‬
‫فرأيت سييوادا ميين بعيييد يلييوح تييارة أسييود وتييارة‬
‫أبيييض‪ .‬فلمييا سييمع الريييس كلم النيياطور ضييرب‬
‫الرض بعمامته ونتف لحيته وقال للنيياس ابشييروا‬
‫بهلكنييا جميعييا ول يسييلم منييا أحييد‪ ،‬وشييرع يبكييي‬
‫وكذلك نحن الجميع نبكي على أنفسنا فقلييت أيهييا‬
‫الريس أخبرنا بمييا رأى النيياطور فقييال يييا سيييدي‬
‫أعلم أننا تهنا يييوم جيياءت علينييا الرييياح المختلفيية‬
‫ولم يهدأ الريييح إل بكييرة النهييار ثييم أقمنييا يييومين‬
‫فتهنا في البحر ولم نزل تييائهين أحييد عشيير يومييا‬
‫من تلك الليلة وليس لنا ريح يرجعنا إلى مييا نحيين‬
‫قاصدون آخر النهار وفي غد نصل إلييى جبييل ميين‬
‫حجر أسود يسمى حجر المغناطيس ويجرنا المياه‬
‫غصييبا إلييى جهتييه‪ .‬فيتمييزق المركييب ويييروح كييل‬
‫مسمار في المركييب إلييى الجبييل ويلتصييق بييه إن‬
‫الله وضع حجيير المغنيياطيس سييرا وهييو أن جميييع‬
‫الحديد يذهب إليه وفي ذلك الجبييل حديييد كييثير ل‬
‫يعلمه إل اللييه تعييالى حييتى أنييه تكسيير ميين قييديم‬
‫الزمان مراكييب كييثيرة بسييبب ذلييك الجبييل ويلييي‬
‫ذلك البحر قبة من النحاس الصفر معمودة علييى‬
‫عشرة أعمدة وفوق القبة فارس على فرس ميين‬
‫نحاس وفي يد ذلييك الفييارس رمييح ميين النحيياس‬
‫ومعلييق فييي صييدر الفييارس لييوح ميين رصيياص‬
‫منقوش عليه أسماء وطلسم فيها أيها الملييك مييا‬
‫دام هذا الفارس راكبا على هييذه الفييرس تنكسيير‬
‫المراكب التي تفوت من تحته ويهلك ركابها جميعا‬
‫ويلتصق جميع الحديد الذي فييي المركييب بالجبييل‬
‫وما الخلص إل إذا وقع هذا الفارس من فوق تلك‬
‫الفرس‪ ،‬ثم إن الريس يا سيدتي بكى بكاء شييديد‬
‫فتحققنييا أننييا هييالكون ل محاليية وكييل منييا ودع‬
‫صاحبه‪ .‬فلما جيياء الصييباح قربنييا ميين تلييك الجبييل‬
‫وساقتنا المياه إليه غصبا‪ ،‬فلما صارت المياه تحته‬
‫انفتحت وفرت المسامير منها وكل حديد فيها نحو‬
‫حجر المغنيياطيس ونحيين دائرون حييوله فييي آخيير‬
‫النهار وتمزقت المراكب فمنا من غرق ومنييا ميين‬
‫سلم ولكن أكثرنا غرق والذين سييلموا لييم يعلمييوا‬
‫ببعضييييهم لن تلييييك المييييواج واختلف الرييييياح‬
‫أدهشتهم‪ .‬وأما أنا يا سيييدتي فنجيياني اللييه تعييالى‬
‫لما أراده من مشقتي وعييذابي وبلييوتي‪ ،‬فطلعييت‬
‫على لوح من اللييواح فألقيياه الريييح والمييوج إلييى‬
‫جبل فأصبت طريقا متطرفا إلييى أعله علييى هيئة‬
‫السللم منقورة في الجبييل فسييميت اللييه تعييالى‬
‫وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم‬
‫المباح‪.‬‬
‫وفي الليلة السادسصصة عشصصرة قييالت‪ :‬بلغنييي‬
‫أيهييا الملييك السييعيد أن الصييعلوك الثييالث قييال‬
‫للصيييبية والجماعييية مكتفيييون والعبييييد واقفيييين‬
‫بالسيييوف علييى رؤوسييهم‪ ،‬ثييم أنييي سييميت اللييه‬
‫ودعوته وابتهلت إليه وحاولت الطلوع على الجبييل‬
‫وصرت أتمسك بالنقر التي فيه حتى أسييكن اللييه‬
‫الريييح فييي تلييك السيياعة وأعييانني علييى الطلييوع‬
‫فطلعت سالما على الجبل وفرحت بسلمتي غاية‬
‫الفرح ولم يكن لي دأب إل القبة فدخلتها وصليت‬
‫فيها ركعتين شكرا لله على سلمتي ثم إني نمييت‬
‫تحت القبة‪ .‬فسمعت قائل يقول يا ابن خصيب إذا‬
‫انتهيت من منامك‪ ،‬فاحفر تحت رجليك قوسا ميين‬
‫نحاس وثلث نشابات من رصيياص منقوشييا عليهييا‬
‫طلسييم فخييذ القييوس والنشييابات وارم للفييارس‬
‫الييذي علييى القبيية وارح النيياس ميين هييذا البلء‬
‫العظيم فإذا رميت الفارس يقييع فييي البحيير ويقييع‬
‫القييوس ميين يييدك فخييذ القييوس‪ ،‬وادفنييه فييي‬
‫موضعه‪ .‬فإذا فعلت ذلك يطفو البحر ويعلييو حييتى‬
‫يساوي الجبل‪ ،‬ويطلع عليه زورق فيه شخص غير‬
‫الييذي رميتييه فيجيييء غليييه وفييي يييده مجييذاف‪،‬‬
‫فيياركب معييه ول تسييم اللييه تعييالى فييإنه يحملييك‬
‫ويسافر بك مدة عشرة أيام إلى أن يوصييلك إلييى‬
‫بلدك وهييذا غنمييا يتييم لييك إن لييم تسييم اللييه‪ .‬ثييم‬
‫اسييتيقظت ميين نييومي‪ ،‬وقمييت بنشيياط وقصييدت‬
‫الماء‪ ،‬كما قال الهاتف وضييربت الفييارس فرميتييه‬
‫فوقع في البحر ووقييع القييوس ميين يييدي فأخييذت‬
‫القوس ودفنته فهاج البحر وعل حتى ساوى الجبل‬
‫الذي أنا عليه فلييم ألبييث غييير سيياعة حييتى رأيييت‬
‫زورقا فييي وسييط البحيير يقصييدني فحمييدت اللييه‬
‫تعالى فلما وصل إلي الزورق وجدت فيييه شخصييا‬
‫من النحاس صدره لييوح ميين الرصيياص‪ ،‬منقييوش‬
‫بأسماء وطلسم‪ .‬فنزلت في الزورق وأنا سيياكت‬
‫ل أتكلييم فحملنييي الشييخص أول يييوم والثيياني‬
‫والثالث إلى تمام عشرة أيام حتى جزائر السلمة‬
‫ففرحت فرحا عظيمييا وميين شييدة فرحييي ذكييرت‬
‫اللييه وسييميت وهللييت وكييبرت فلمييا فعلييت ذلييك‬
‫قذفني من الزورق في البحر ثم رجييع فييي البحيير‬
‫وكنت أعرف العوم فعمت ذلك اليييوم إلييى الليييل‬
‫حتى كلت سواعدي وتعبييت أكتييافي وصييرت فييي‬
‫الهلكات ثم تشهدت وأيقنت بالموت وهيياج البحيير‬
‫من كثرة الرياح فجاءت موجة كالقلعيية العظيميية‪،‬‬
‫فحملتني وقذفتني قذفة صرت بها فوق البر‪ ،‬لمل‬
‫يريد الله فطلعييت الييبر وعصييرت ثيييابي ونشييفتها‬
‫علييى الرض وبييت‪ .‬فلمييا أصييبحت لبسييت ثيييابي‬
‫وقمت أنظر أييين أمشييي فوجييدت غوطيية فجئتهييا‬
‫ودرت حولها فوجدت الموضييع الييذي فيييه جزيييرة‬
‫صغيرة‪ ،‬والبحر محيط بها‪ ،‬فقلت في نفسي كلما‬
‫أخلص من بلييية أقييع فييي أعظييم منهييا فبينمييا أنييا‬
‫متفكر في أمري أتمنييى المييوت إذ نظييرت مركبييا‬
‫فيهييا نيياس‪ .‬فقمييت وطلعييت علييى شييجرة وإذا‬
‫بالمركب التصقت بالبر وطلييع منهييا عشييرة عبيييد‬
‫معهم مسيياحي فمشييوا حييتى وصييلوا إلييى وسييط‬
‫الجزيرة وحفروا فيي الرض وكشيفوا عين طيابق‬
‫فرفعييوا الطييابق وفتحييوا بييابه‪ ،‬ثييم عييادوا إلييى‬
‫المركب ونقلوا منها خييبزا ودقيقييا وسييمًنا وعس يًل‬
‫ما وجميع ما يحتاج إليه الساكن وصار العبيييد‬ ‫وأغنا ً‬
‫مترددين بين المركب وباب الطابق وهم يحولييون‬
‫من المركب وينزلون فييي الطييابق إلييى أن نقلييوا‬
‫جميع ما في المركييب‪ .‬ثييم بعييد ذلييك طلييع العبيييد‬
‫ومعهم ثياب أحسن ما يكون وفي وسطهم‪ ،‬شيييخ‬
‫كبير هرم قييد عميير زمنييا طييويل وأضييعفه الييدهر‪،‬‬
‫حتى صار فانيا ويد ذلك الشيخ فييي يييد صييبي قييد‬
‫أفرغ في قالب الجمال وألبس حلة الكمييال حييتى‬
‫أنه يضرب بحسنه المثال وهو كالقضيب الرطييب‬
‫يسحر كل قلب بجماله ويسييلب كييل لييب بكميياله‬
‫فلييم يزالييوا يييا سيييدتي سييائرين حييتى أتييوا إلييى‬
‫الطابق ونزلوا فيه‪ ،‬وغابوا عن عيني‪ .‬فلما توجهوا‬
‫قمييت ونزلييت ميين فييوق الشييجرة ومشيييت إلييى‬
‫موضييع الييردم‪ ،‬ونبشييت الييتراب ونقلتييه وصييبرت‬
‫نفسي حتى أزلت جميع التراب فانكشف الطييابق‬
‫فإذا هو خشب مقدار حجر الطاحون فرفعته فبان‬
‫من تحته سلم معقود من حجر فتعجبت مين ذليك‬
‫ونزلت السييلم حييتى إنتهيييت إلييى آخييره فوجييدت‬
‫شيئا نظيفا ووجدت بستانا وثانيا إلى تمييام تسييعة‬
‫وثلثييين وكييل بسييتان أرى فيييه مييا يكييل عنييه‬
‫الواصييفون ميين أشييجار وأنهييار وأثمييار وذخييائر‪.‬‬
‫ورأيت بابا فقلت فييي نفسييي مييا الييذي فييي هييذا‬
‫المكان‪ ،‬فلبد أن أفتحه وأنظر ميا فييه ثيم فتحتيه‬
‫فوجدت فيه فرسا مسرجا ملحما مربوطا ففككته‬
‫وركبته فطار بي إلى حطني على سييطح وأنزلنييي‬
‫وضربني بذيله فأتلف عيني وفر مني فنزلييت ميين‬
‫فوق السييطح فوجييدت عشييرة شييبان عييور فلمييا‬
‫رأوني قالوا ل مرحبييا بييك‪ ،‬فقلييت لهييم‪ :‬أتقبلييوني‬
‫أجلييس عنييدكم‪ .‬فقييالوا واللييه ل تجلييس عنييدنا‬
‫فخرجت من عنييدهم حزييين القلييب بيياكي العييين‪،‬‬
‫وكتب الله لي السييلمة حييتى وصييلت إلييى بغييداد‬
‫فحيياقت ذقنييي وصييرت صييعلوكا فوجييدت هييذين‬
‫الثنييين العييورين فسييلمت عليهمييا وقلييت لهماأنييا‬
‫غريب‪ ،‬فقال ونحن غريبان فهذا سبب تلف عيني‪،‬‬
‫وحلق ذقني‪ ،‬فقالت له أمسح على رأسييك وروح‪،‬‬
‫فقييال‪ :‬ل أروح حييتى أسييمع قصيية هييؤلء‪ .‬ثييم أن‬
‫الصييبية التفتييت إلييى الخليفيية وجعفيير ومسييرور‬
‫وقالت لهم أخبروني بخبركم‪ ،‬فتقدم جعفر وحكى‬
‫لها الحكاية التي قالها للبوابيية عنييد دخييولهم فلمييا‬
‫سمعت كلمه قالت وهبت بعضكم لبعض فخرجوا‬
‫إليييى أن صييياروا فيييي الزقييياق فقيييال الخليفييية‬
‫للصعاليك يا جماعة إلييى أييين تييذهبون فقييالوا مييا‬
‫ندري أين نذهب فقال لهم الخليفة سيييروا وبيتييوا‬
‫عندنا وقال لجعفر خذهم واحضرهم لي غدا‪ ،‬حتى‬
‫ننظر ما يكون‪ ،‬فامتثل جعفر ما أمره به الخليفيية‪.‬‬
‫ثم أن الخليفة طلع إلى قصره ولم يجئه نوم فييي‬
‫تلك الليلة فلما اصبح جلس على كرسي المملكيية‬
‫ودخلت عليه أرباب الدولة‪ ،‬فالتفت إلى جعفر بعد‬
‫أن طلعت أرباب الدولة وقال ائتني بالثلث صييبايا‬
‫والكلبتين والصعاليك‪ ،‬فنهض جعفر وأحضرهم بين‬
‫يديه فأدخل الصييبايا تحييت السيينار‪ .‬والتفييت لهيين‬
‫جعفر وقال لهن قد عفونا عنكن لما أسلفتن ميين‬
‫الحسان إلينا ولم تعرفنا فهييا أنييا أعرفكيين وأنتيين‬
‫بييين يييدي الخييامس ميين بنييي العبيياس هييارون‬
‫الرشيد‪ ،‬فل تخبرنه إل حقا فلما سمع الصبايا كلم‬
‫جعفر‪ ،‬عن لسان أمير المؤمنين تقييدمت الكييبيرة‬
‫وقالت يا أمييير المييؤمنين أن لييي حييديثا لييو كتييب‬
‫بالبر على آميياق البصيير لكييان عييبرة لميين اعتييبر‬
‫وأدرك شيييهرزاد الصيييباح فسيييكتت عييين الكلم‬
‫المباح‪.‬‬
‫وفي الليلة السابعة عشرة قالت‪ :‬بلغني أيهييا‬
‫الملك السعيد أن كبيرة الصبايا‪ ،‬لما تقييدمت بييين‬
‫يدي أميير الميؤمنين وقييالت إن ليي حييديثا عجيبييا‬
‫وهو أن هاتين الصبيتين أختاي ميين أبييي ميين غييير‬
‫أمي فمات والدنا وخلف خمسة آلف دينار وكنييت‬
‫أنا اصغرهن سيينا فتجهييزت أختيياي وتزوجييت كييل‬
‫واحدة برجييل ومكثنييا مييدة ثييم إن كيل واحييد ميين‬
‫أزواجهما هيأ متجرا واخييذ ميين زوجتييه ألييف دينييار‬
‫وسافروا مع بعضهم‪ ،‬وتركوني فغابوا أربييع سيينين‬
‫وضيع زوجاهما المال‪ ،‬وخسرا وتركاهمييا فييي بلد‬
‫الناس فجاءاني في هيئة الشحاتين‪ .‬فلمييا رأيتهمييا‬
‫ذهلت عنهما ولم أعرفهما ثم إنييي لمييا عرفتهمييا‪،‬‬
‫قلت لهما‪ :‬ما هذا الحال‪ ،‬فقالتا يا أختاه إن الكلم‬
‫ل يفيييد الن‪ ،‬وقييد جييرى القلييم بمييا حكييم اللييه‬
‫فأرسلتهما إلى الحمام وألبسييت كيل واحييدة حلية‬
‫وقلت لهما يا أخييتي أنتمييا الكييبيرة وأنييا الصييغيرة‬
‫وأنتم عوض عن أبييي وأمييي والرث الييذي ناسييي‬
‫معكما قد جعل اللييه فيييه البركيية فكل ميين زكيياته‬
‫وأحوالي جليلة وأنا وأنتما سييواء وأحسيينت إليهمييا‬
‫غاية الحسان فمكثا عندي مدة سنة كاملة وصييار‬
‫لهما مال من مالي فقالتا لي أن الييزواج خييير لنييا‬
‫وليس لنا صبر عنه‪ .‬فقلت لهما ييا أخيتي ليم ترييا‬
‫في الزواج خيرا فإن الرجل الجيد قليييل فييي هييذا‬
‫الزمييان وقييد اخترتمييا الييزواج فلييم يقبل كلمييي‪،‬‬
‫وتزوجا بغير رضاي فزوجتهما من مالي وسترتهما‬
‫ومضييتا مييع زوجيهمييا فأقامييا مييدة يسيييرة ولعييب‬
‫عليهمييا زوجهمييا وأخييذ مييا كييان معهمييا وسييافرا‬
‫وتركاهما فجاءتا عنييدي وهمييا عريييانتين واعتييذرتا‬
‫وقالتا ل تؤاخييذينا‪ ،‬فييأنت أصييغر منييا سيينا وأكمييل‬
‫عقل‪ ،‬وما بقينييا نييذكر الييزواج أبييدا‪ .‬فقلييت مرحبييا‬
‫بكمييا يييا أخييتي مييا عنييدي أعييز منكمييا وقبلتهمييا‬
‫وزدتهما إكراما ولم تييزل علييى هييذه الحاليية سيينة‬
‫كاملة فأردت أن أجهز لي لي مركبا إلى البصييرة‪،‬‬
‫فجهييزت مركبييا كييبيرة وحملييت فيهييا البضييائع‬
‫والمتاجر وما أحتيياج إليييه فييي المركييب وقلييت يييا‬
‫أختي هل لكما أن تقعدوا في المنزل حتى أسافر‬
‫وأرجع أو تسافرا معي‪ ،‬فقالتا تسافر معك فإنييا ل‬
‫نطيق فراقك فأخذتهما وسييافرنا‪ ،‬وكنييت قسييمت‬
‫مييالي نصييفين فأخييذت النصييف وخبييأت النصييف‬
‫الثاني وقلت ربما يصيييب المركييب شيييء ويكييون‬
‫في العمر مدة فإذا رجعنا نجييد شيييئا ينفعنييا‪ .‬ولييم‬
‫نزل مسافرين أياما وليييالي‪ ،‬فتيياهت بنييا المركييب‬
‫وغفل الريس عن الطريق ودخلت المركييب بحييرا‬
‫غير البحر الذي نريده ولم نعلم بذلك مدة‪ ،‬وطاب‬
‫لنا الريح عشرة أيام فلحت لنييا مدينيية علييى بعييد‬
‫فقلنا للريس ما اسم هييذه المدينيية الييتي أشييرفنا‬
‫عليهييا فقييال واللييه ل أعلييم ول رأيتهييا قييط‪ ،‬ول‬
‫سلكت عمري هذا البحر‪ ،‬ولكن جاء المر بسلمة‬
‫فمييا بقييي إل أن تييدخلوا هييذه المدينيية وتخرجييوا‬
‫بضائعكم فإن حصل لكم بيع فبيعوا وغاب سيياعة‪.‬‬
‫ثم جاءنا وقال قومييوا إلييى المدينيية وتعجبييوا ميين‬
‫صنع الله في خلقه واستعيذوا من سخطه فطلعنا‬
‫المدينة فوجييدنا كييل ميين فيهييا مسييخوطا حجييارة‬
‫سوداء‪ ،‬فاندهشنا من ذلك ومشييينا فييي السييواق‬
‫فوجدنا البضائع باقية والذهب والفضة باقيين على‬
‫حالهمييا ففرحنييا وقلنييا لعييل هييذا يكييون لييه أميير‬
‫عجيب‪ ،‬وتفرقنا فييي شييوارع المدينيية وكييل واحييد‬
‫اشتغل عن رفيقه بما فيها ميين المييال والقميياش‪.‬‬
‫وأمييا أنييا فطلعييت إلييى القلعيية فوجييدتها محكميية‬
‫فدخلت قصر الملييك فوجييدت فيييه جميييع الوانييي‬
‫من الذهب والفضة ثم رأيت الملك جالسا وعنييده‬
‫حجابه ونوابه ووزرائه وعليه ميين الملبييس شيييء‬
‫يتحير فيه الفكيير فلمييا قربييت ميين الملييك وجييدته‬
‫جالسا على كرسي مرصع بالدر والجواهر فيه كل‬
‫درة تضيء كالنجمة وعليه حلة مزركشيية بالييذهب‬
‫وواقفا حوله خمسون مملوكا بييين أنييواع الحرييير‪،‬‬
‫وفي أيديهم السيوف مجردة‪ .‬فلمييا نظييرت لييذلك‬
‫دهش عقلييي ثييم مشيييت ودخلييت قاعيية الحريييم‪،‬‬
‫فوجدت في حيطانها ستائر ميين الحرييير ووجييدت‬
‫الملكة عليها حلة مزركشة بيالؤلؤ الرطيب وعليى‬
‫رأسها تاج مكلل بأنواع الجواهر وفي عنقهييا قلئد‬
‫وعقودا وجميع ما عليهييا ميين الملبييوس والمصيياغ‬
‫باق على حاله وهي ممسوخة حجر أسود ووجدت‬
‫بابا مفتوحا فدخلته ووجدت فيه سييلما بسييبع درج‬
‫فصعدته‪ ،‬فرأيت مكانييا مرخمييا مفروشييا بالبسييط‬
‫المذهبة ووجدت فيه سييرير ميين المرميير مرصييعا‬
‫بالييدر والجييواهر ونظييرت نييورا لمعييا فييي جهيية‬
‫فقصدتها فوجدت فيها جيوهرة مضييئة قيدر بيييض‬
‫النعامييية عليييى كرسيييي صيييغير‪ ،‬وهيييي تضييييء‬
‫كالشييمعة‪ ،‬ونورهييا سيياطع ومفييروش علييى ذلييك‬
‫السرير من أنواع الحرييير مييا يحييير النيياظر‪ .‬فلمييا‬
‫نظرت إلى ذلك تعجبت ورأيت فييي ذلييك المكييان‬
‫شموعا موقييدة فقلييت فييي نفسييي لبييد أن أحييدا‬
‫أوقد هذه الشموع‪ ،‬ثيم إنيي مشييت حيتى دخليت‬
‫موضعا غيره وصرت أفتش في تلك‬
‫الماكن ونسيت نفسي مما أدهشني من التعجييب‬
‫من تلك الحوال‪ ،‬واستغرق فكييري إلييى أن دخييل‬
‫الليل فأردت الخروج فلم أعرف الباب وتهت عنه‬
‫فعييدت إلييى الجهيية الييتي فيهييا الشييموع الموقييدة‬
‫وجلست علييى السييرير وتغطيييت بلحيياف بعييد أن‬
‫قرأت شيئا من القرآن وأوردت النوم فلم أستطع‬
‫ولحقني القلق‪ .‬فلما انتصييف الليييل سييمعت تلوة‬
‫القرآن بصوت حسيين رقيييق فييالتفت إلييى مخييدع‬
‫فرأيت بابه مفتوحا فدخلت الباب ونظرت المكان‬
‫فإذا هو معبييد وفيييه قناديييل معلقيية موقييدة وفيييه‬
‫سييجادة مفروشيية جييالس عليهييا شيياب حسيين‬
‫المنظر فتعجبت كيف هو سالم دون أهل المدينيية‬
‫فييدخلت وسييلمت عليييه فرفييع بصييره ورد علييي‬
‫السلم فقلت له أسألك بحق ما تتلييوه ميين كتيياب‬
‫الله أن تجيبني عن سؤالي‪ .‬فتبسم وقال أخييبرني‬
‫عن سبب دخولك هذا المكان وأنا أخييبرك بجييواب‬
‫ما تسألينه عنه فأخبرته بخبري فتعجب من ذلييك‪،‬‬
‫ثييم إننييي سييألته عيين خييبر هييذه المدينيية فقييال‬
‫أمهلينييي ثييم طبييق المصييحف وادخلييه كيييس ميين‬
‫الطلس وأجلسني بجنبييه فنظييرت إليييه فييإذا هييو‬
‫كالبدر حسن الوصاف لين العطاف بهي المنظر‬
‫رشيييق القييد أسيييل الخييد زهييي الجنييات كييأنه‬
‫المقصود من هذه البيات‪:‬‬
‫قد المليح يميس في‬ ‫رصد النجم ليله فبدا له‬
‫برديه‬
‫والمسك هادي الخال‬ ‫وأمد زحل سواد ذوائب‬
‫في خديه‬
‫والقوس يرمي‬ ‫وغدت من المربح حمرة خده‬
‫النبل من جفنيه‬
‫وأبى السها نظر‬ ‫وعطارد أعطاه فرط ذكائه‬
‫الوشاة إليه‬
‫والبدر باس‬ ‫فغدا المنجم حائرا مما رأى‬
‫الرض بين يديه‬
‫فنظرت له نظرة أعقبتنييي أليف حسييرة وأوقيدت‬
‫بقلبي كل جمرة فقلت له يا مييولي أخييبرني عمييا‬
‫سييألتك فقييال سييمعا وطاعيية‪ .‬أعلمييي أن هييذه‬
‫المدينيية مدينيية والييدي وجميييع أهلييه وقييومه وهييو‬
‫الملك الذي رأيته على الكرسييي ممسييوخا حجييرا‬
‫وأمييا الملكيية الييتي رأيتهييا فهييي أمييي وقييد كييانوا‬
‫مجوسييا يعبييدون النييار دون الملييك الجبييار وكييانوا‬
‫يقسمون بالنييار والنييور والظييل والخييرور والفلييك‬
‫الذي يدور وكان أبي ليس له ولد فييرزق بييي فييي‬
‫آخر عمره فرباني حييتى نشييأت وقييد سييبقت لييي‬
‫السعادة‪ ،‬وكييان عنييدنا عجييوز طاعنيية فييي السيين‬
‫مسلمة تؤمن بالله ورسوله فييي البيياطن وتوافييق‬
‫أهلي في الظاهر وكان أبي يعتقييد فيهييا لمييا يييرى‬
‫عليها من المانة والعفة وكان يكرمهييا ويزيييد فييي‬
‫إكرامها وكان يعتقد أنهييا علييى دينييه‪ .‬فلمييا كييبرت‬
‫سييلمني أبييي إليهييا وقييال‪ :‬خييذيه وربيييه وعلميييه‬
‫أحييوال ديننييا وأحسييني تربيتييه وقييومي بخييدمته‬
‫فأخييذتني العجييوز وعلمتنييي دييين السييلم ميين‬
‫الطهارة والوضوء والصلة وحفظتني القرآن فلما‬
‫أتمت ذلك قالت لي يا ولدي أكتم هييذا الميير عيين‬
‫أبيك ول تعلمه به لئل يقتلك فكتمته عنه ولييم أزل‬
‫على هذا الحال مدة أيام قلئل وقد ماتت العجييوز‬
‫وزاد أهل المدينة في كفرهييم وعتييوهم وضييللهم‪.‬‬
‫فبينما هم على ما هم فيه إذ سمعوا مناديا ينييادي‬
‫بأعلى صوته مثل الرعد القاصف سييمعه القريييب‬
‫والبعيد يقول يا أهييل المدينيية أرجعييوا عيين عبييادة‬
‫النييار واعبييدوا الملييك الجبييار فحصييل عنييد أهييل‬
‫المدينة فزع واجتمعوا عند أبي وهو ملييك المدينيية‬
‫وقالوا له‪ :‬ما هذا الصوت المزعييج الييذي سييمعناه‬
‫فاندهشنا ميين شييدة هييوله فقييال لهييم ليهييولنكم‬
‫الصوت ول يردعنكم عن دينكييم‪ .‬فمييالت قلييوبهم‬
‫إلى قول أبي ولم يزالوا مكبين علييى عبييادة النييار‬
‫واستمروا على طغيانهم مدة سنة حتى جاء ميعاد‬
‫ما سمعوا الصوت الول فظهر لهم ثانيا فسييمعوا‬
‫ثلث مرات على ثلث سنين فييي كييل سيينة مييرة‬
‫فلم يزالوا عاكفين على مييا هييم عليييه حييتى نييزل‬
‫عليهم المقت والسييخط ميين السييماء بعييد طلييوع‬
‫الفجيير‪ ،‬فمسييخوا حجييارة سييودا وكييذلك دوابهييم‬
‫وأنعامهم ولم يسلم من أهل هذه المدينيية غيييري‪،‬‬
‫ومن يوم ما جييرت هييذه الحادثيية وأنييا علييى هييذه‬
‫الحالة في صلة وصيام وتلوة قييرآن وقييد يئسييت‬
‫من الوحدة ومييا عنييدي ميين يؤنسييني‪ .‬فعنييد ذلييك‬
‫قلت له أيها الشاب هييل لييك أن تييروح معييي إلييى‬
‫مدينيية بغييداد وتنظيير إلييى العلميياء وإلييى الفقهيياء‬
‫فتزداد علمييا وفقهييا وأكييون أنييا جاريتييك مييع إنييي‬
‫سيدة قومي وحاكمة على رجال وخييدم وغلمييان‪،‬‬
‫وعنييدي مركييب مشييحون بييالمتجر وقييد رمتنييا‬
‫المقادير على هذه المدينيية حييتى كييان ذلييك سييببا‬
‫في إطلعنا على هذه المييور وكييان النصيييب فييي‬
‫إجتماعنا ولم أزل أرغبه في التييوجه حييتى أجييابني‬
‫إليه‪ .‬وأدرك شهرزاد الصباح فسييكتت عيين الكلم‬
‫المباح‪.‬‬
‫و في الليلة الثامنة عشرة قالت‪ :‬بلغني أيهييا‬
‫الملك السعيد أن الصبية ما زالت تحسن للشيياب‬
‫التوجه معها حتى غليب عليهييا النييوم فنييامت تلييك‬
‫الليلة تحت رجليه وهي ل تصدق بما هي فييه مين‬
‫الفرح‪ ،‬ثم قالت فلما أصييبح الصييباح قمنييا ودخلنييا‬
‫إلى الخزائن وأخذنا ما خف حمله وغل ثمنه ونزلنا‬
‫من القلعيية إلييى المدينيية فقابلنييا العبيييد والريييس‬
‫وهييم يفتشييون علييي فلمييا رأونييي فرحييوا بييي‬
‫وسألوني عن سييبب غيييابي فييأخبرتهم بمييا رأيييت‬
‫وحكيت لهم قصة الشاب وسبب مسخ أهييل هييذه‬
‫المدينة وما جرى لهم فتعجبوا من ذلك‪.‬‬
‫فلما رأتني أختاي ومعييي ذلييك الشيياب حسييدتاني‬
‫عليه وصارتا فييي غيييظ وأضييمرتا المكيير لييي‪ .‬ثييم‬
‫نزلنييا المركييب وأنييا بغاييية الفييرح وأكييثر فرحييي‬
‫بصييحبة هييذا الشيياب وأقمنييا ننتظيير الريييح حييتى‬
‫طابت لنا الريح فنشرنا القلييوع وسييافرنا فقعييدت‬
‫أختاي عندنا وصارت تتحدثان فقالتا لييي يييا أختيياه‬
‫مييا تصيينعين بهييذا الشيياب الحسيين فقلييت لهمييا‬
‫قصدي أن اتخذه بعل‪ ،‬ثم التفت إليه وأقبلت عليه‬
‫وقلت يا سيدي أنييا أقصييد أن أقييول لييك شيييئا فل‬
‫تخالفني فيه‪ .‬فقال سمعا وطاعة‪ .‬ثم التفييت إلييى‬
‫أختاي وقلت لهما يكفيني هذا الشاب وجميع هييذه‬
‫الموال لكما فقالتا نعم ما فعلت ولكنهما أضمرتا‬
‫لي الشر ولم نزل سائرين مع اعتدال الريح حييتى‬
‫خرجنييا ميين بحيير الخييوف ودخلنييا بحيير المييان‬
‫وسييافرنا أيامييا قلئل إلييى أن قربنييا ميين مدينيية‬
‫البصرة ولحت لنييا أبنيتهييا‪ ،‬فأدركنييا المسيياء فلمييا‬
‫أخييذنا النييوم قييامت أختيياي وحملتيياني أنييا والغلم‬
‫ورمتانا في البحر‪ ،‬فأما الشاب فإنه كان ل يحسن‬
‫العوم فغييرق وكتبييه اللييه ميين الشييهداء‪ .‬وأمييا أنييا‬
‫فكنت ميين السييالمين‪ ،‬فلمييا سييقطت فييي البحيير‬
‫رزقني الله بقطعة من خشيب فركبتهيا وضيربتني‬
‫المواج إلى أن رمتنييي علييى سيياحل جزيييرة فلييم‬
‫أزل أمشي في الجزيرة بيياقي ليلييتي فلمييا أصييبح‬
‫الصباح رأيت طريقا فيه أثر مشي على قييدر ابيين‬
‫آدم وتلك الطريق متصلة ميين الجزيييرة إلييى الييبر‬
‫وقد طلعت الشمس فنشفت ثيابي فيهييا وسييرت‬
‫في الطريق ولم أزل سييائرة إلييى أن قربييت ميين‬
‫البر الذي فيه المدينة وإذا بحية تقصييدني وخلفهييا‬
‫ثعبان يريييد هلكهييا وقييد تييدلى لسييانها ميين شييدة‬
‫التعب‪ .‬فأخذتني الشفقة عليها فقعدت إلييى حجيير‬
‫وألقيتييه علييى رأس الثعبييان فمييات ميين وقتييه‬
‫فنشرت الحية جناحين وصارت في الجو فتعجبييت‬
‫من ذلك وقد تعبييت فنمييت فييي موضييعي سيياعة‪،‬‬
‫فلما أفقت وجدت تحت رجلي جارية وهي تكبييس‬
‫رجلي فجلست واستحيت منها وقلت لها من أنت‬
‫وما شانك فقالت ما أسرع ما نسييتني أنييت اليتي‬
‫فعلت معي الجميييل وقتلييت عييدوي‪ ،‬فييإني الحييية‬
‫التي خلصتيني من الثعبان جنييي وهييو عييدوي ومييا‬
‫نجاني منه إل أنت‪ .‬فلما نجيتنييي منييه طييرت فييي‬
‫الريح وذهبت إلى المركب التي رماك منها أختيياك‬
‫ونقلت جميييع مييا فيهييا إلييى بيتييك وأحرقتهييا وأمييا‬
‫أختاك فإني سحرتهما كلبتين ميين الكلب السييود‪،‬‬
‫فييإني عرفييت جميييع مييا جييرى لييك معهمييا‪ ،‬وأمييا‬
‫الشاب فإنه غرق ثم حملني أنا والكلبييتين والقتنييا‬
‫فييوق سييطح داري فرأيييت جميييع مييا كييان فييي‬
‫المركب من الموال فييي وسييط بيييتي ولييم يضييع‬
‫منه شيء‪ ،‬ثم أن الحييية قييالت لييي وحييق النقييش‬
‫الذي على خاتم سليمان إذا لم تضربي كل واحدة‬
‫منها فييي كييل يييوم ثلثمييائة سييوط لتييين أجعلييك‬
‫مثلهمييا فقلييت سييمعا وطاعيية‪ .‬فلييم أزل يييا أمييير‬
‫المؤمنين أضربها ذلييك الضييرب وأشييفق عليهمييا‪،‬‬
‫فتعجب الخليفة من ذلك ثم قييال للصييبية الثانييية‪:‬‬
‫وأنت ما سبب الضرب الذي على جسدك فقالت‪:‬‬
‫يا أمير المؤمنين إني كان لييي والييد مييات وخلييف‬
‫مال كييثيرا‪ ،‬فييأقمت بعييده مييدة يسيييرة وتزوجييت‬
‫برجل اسعد أهل زمانه فييأقمت معييه سيينة كامليية‬
‫ومات فورثت منه ثمييانين ألييف دينييار‪ ،‬فبينمييا أنييا‬
‫جالسة في يوم من اليييام إذ دخلييت علييي عجييوز‬
‫بوجه مسقوط وحاجب ممغييوط وعيونهييا مفجييرة‬
‫وأسنانها مكسييرة ومخاطهييا سييائل وعنقهييا مييائل‬
‫كما قال فيها الشاعر‪:‬‬
‫تعلمه الخديعة ميين‬ ‫عجوز النحس إبليس يراها‬
‫إذا‬ ‫سييكوت تقييود ميين السياسيية ألييف بغييل‬
‫انفردوا بخيط العنكبوت‬
‫فلما دخلت العجوز علمت علي وقييالت أن عنييدي‬
‫بنتا يتيمة والليلة عملت عرسييها وأنييا قصييدي لييك‬
‫الجر والثواب فاحضييري عرسييها فأنهييا مكسييورة‬
‫الخاطر ليس لها إل اللييه تعييالى ثييم بكييت وقبلييت‬
‫رجلييي فأخييذتني الرحميية والرأفيية فقلييت سييمعا‬
‫وطاعة فقالت جهزي نفسك فييإني وقييت العشيياء‬
‫أجي وآخذك ثم قبلت يدي وذهبت فقمت وهيييأت‬
‫نفسييي وجهييزت حييالي وإذا بييالعجوز قييد أقبلييت‬
‫وقييالت يييا سيييدتي أن سيييدات البلييد قييد حضييرن‬
‫وأخبرتهن بحضورك ففرحن وهيين فييي انتظييارك‪،‬‬
‫فقمت وتهيأت وأخذت جواري معي وسرت حييتى‬
‫أتينا إلى زقاق هب فيه النسيم وراق فرأينا بوابيية‬
‫مقنطييرة قبيية ميين الرخييام مشيييدة البنيييان وفييي‬
‫داخلها قصر قد قام من التراب وتعلييق بالسييحاب‬
‫فلما وصلنا إليى البياب طرقتيه العجيوز ففتيح لنيا‬
‫ودخلنا فوجدنا دهليزا مفروشا بالبسط معلقا فيييه‬
‫قناديييل موقييدة وشييموع مضيييئة وفيييه الجييواهر‬
‫والمعادن معلقة فمشينا في الدهليز إلى أن دخلنا‬
‫القاعة فلييم يوجييد لهييا نظييير مفروشيية بييالفراش‬
‫الحريير معلقييا فيهيا القناديييل الموقييدة والشيموع‬
‫المضيييئة وفييي صييدر القاعيية سييرير ميين المرميير‬
‫مرصع بالدر والجوهر وعليه ناموسية من الطلس‬
‫وإذا بصييبية خرجييت ميين الناموسييية مثييل القميير‬
‫فقالت لي مرحبا وأهل وسييهل يييا أخييتي آنسييتيني‬
‫وجبرت خاطري وأنشدت تقول‪:‬‬
‫واستبشرت ثم‬ ‫لو تعلم الدار من زارها فرحت‬
‫باست موضع القدم وأعلنت بلسان الحال‬
‫أهل وسهل بأهل الجود والكرم‬ ‫قائلة‬
‫ثم جلست وقالت يييا أخييتي أن لييي أخييا وقييد رآك‬
‫في الفراح وهو شاب احسن مني وقد أحبك قلبه‬
‫حبا شديدا وأعطى هذه العجوز دراهم حييتى أتتييك‬
‫وعملت الحيلة لجل اجتماعه بييك ويريييد أخييي أن‬
‫يتزوجك بسنة الله ورسييوله ومييا فييي الحلل ميين‬
‫عيييب فلمييا سييمعت كلمهييا ورأيييت نفسييي قييد‬
‫انحجزت في الدار فقلييت للصييبية سييمعا وطاعيية‬
‫ففرحت وصفقت بيدها وفتحييت بابييا‪ ،‬فخييرج منييه‬
‫شاب مثل القمر كما قال الشاعر‪:‬‬
‫جل الذي صاغه‬ ‫قد زاد حسنا تبارك الله‬
‫وسواه‬
‫كل الورى في‬ ‫قد حاز كل الجمال منفردا‬
‫جماله تهواه‬
‫أشهد أن ل مليح‬ ‫قد كتب الحسن فوق وجنته‬
‫إل هو‬
‫فلما نظرت إليه مال قلبي له ثم جاء وجلس وإذا‬
‫بالقاضييي قييد دخييل ومعييه أربعيية شييهود فسييلموا‬
‫وجلسوا‪ ،‬ثم أنهم كتبوا كتييابي علييى ذلييك الشيياب‬
‫وانصرفوا فالتفت الشاب إلي وقال ليلتنا مباركة‪،‬‬
‫ثم قال يا سيدتي أني شارط عليك شرطا فقلييت‬
‫يا سيدي وما الشييرط فقيام وأحضير ليي مصييحفا‬
‫وقال احلفييي لييي أنييك ل تختيياري أحييدا غيييري ول‬
‫تميلييي إليييه فحلفييت لييه علييى ذلييك ففييرح فرحييا‬
‫شييديدا وعييانقني فأخييذت محبتييه بمجامييح قلييبي‬
‫وقدموا لنا السييماط فأكلنييا وشييربنا حييتى اكتفينييا‬
‫فييدخل علينييا الليييل‪ .‬فأخييذني ونييام معييي علييى‬
‫الفراش وبتنا فييي عنيياق إلييى الصييباح‪ ،‬ولييم نييزل‬
‫علييى هييذه الحاليية مييدة شييهر‪ ،‬ونحيين فييي هنيياء‬
‫وسرور وبعد الشهر اسييتأذنته فييي أن أسييير إلييى‬
‫السييوق وأشييتري بعييض قميياش فييأذن لييي فييي‬
‫الييرواح‪ ،‬فلبسييت ثيييابي وأخييذت العجييوز معييي‬
‫ونزلييت فييي السييوق فجلسييت علييى دكييان تيياجر‬
‫تعرفه العجوز وقالت لي هذا ولد صغير مات أبوه‬
‫وخلف مال كثيرا ثم قالت له هات أعييز مييا عنييدك‬
‫من القماش لهذه الصبية‪ .‬فقال لها سمعا وطاعة‬
‫فصارت العجييوز تثنييي عليييه فقلييت مييا لنييا حاجيية‬
‫بثنائك عليه لن مرادنا أن نأخذ حاجتنا منييه ونعييود‬
‫إلى منزلنا فأخرج لنا ما طلبناه وأعطيناه الدراهم‬
‫فأبى أن يأخييذ شيييئا وقييال هييذه ضيييافتكما اليييوم‬
‫عندي فقلت للعجوز إن لييم يأخييذ الييدراهم أعطييه‬
‫قماشه‪ .‬فقال‪ :‬والله ل آخييذ شيييئا والجميييع هدييية‬
‫من عندي في قبلة واحدة فإنها عندي أحسن ميين‬
‫ما في دكاني‪ .‬فقالت العجوز ما الذي يفيييدك ميين‬
‫القبلة ثم قالت يا بنتي قييد سييمعت مييا قييال هييذا‬
‫الشاب وما يصيبك شيء اخذ منك قبليية وتأخييذين‬
‫مييا تطلييبينه فقلييت لهييا أمييا تعرفييين أنييي حالفيية‬
‫فقالت دعيه يقبلك وأنت سيياكتة ول عليييك شيييء‬
‫وتأخذين هذه الدراهم ولزالت تحسيين لييي الميير‬
‫حتى أدخلت رأسي في الجراب ورضيت بذلك ثييم‬
‫إنييي غطيييت عينييي وداريييت بطييرف إزاري ميين‬
‫الناس وحط فمه تحت إزاري على خييدي فمييا أن‬
‫قبلني حتى عضني عضة قوية‪ ،‬حييتى قطييع اللحييم‬
‫من خدي فغشييي علييي ثييم آخييذتني العجييوز فييي‬
‫حضيينها‪ .‬فلمييا أفقييت وجييدت الييدكان مقفوليية‬
‫والعجوز تظهر لي الحزن‪ ،‬وتقول ما دفع الله كان‬
‫أعظم ثم قالت لي قومي بنا إلى الييبيت وأعملييي‬
‫نفسك ضعيفة وأنا أجيييء إليييك بييدواء تييداوين بييه‬
‫هذه العضة فتبرئين سريعا فبعد ساعة قمييت ميين‬
‫مكيياني وأنييا فييي غاييية الفكيير واشييتداد الخييوف‪،‬‬
‫فمشيت حتى وصلت إلييى الييبيت وأظهييرت حاليية‬
‫المرض وإذا بزوجي داخل وقال ما الذي أصابك يا‬
‫سيدتي في هيذا الخيروج فقلييت ليه ميا انييا طيبيية‬
‫فنظر إلي وقال لي مييا هييذا الجييرح الييذي بخييدك‬
‫وهييو فييي المكييان النيياعم‪ .‬فقلييت لمييا اسييتأذنتك‬
‫وخرجت في هذا النهار لشتري القماش زاحمنييي‬
‫جمل حامل حطبا فشرط نقابي وجرح خييدي كمييا‬
‫ترى فإن الطريق ضيييق فييي هييذه المدينيية فقييال‬
‫غدا أروح للحاكم وأشكوا له فيشيينق كييل حطيياب‬
‫في المدينيية فقلييت بييالله عليييك ل تتحمييل خطيئة‬
‫أحييد فييإني ركبييت حمييارا نفيير بييي فييوقعت علييى‬
‫الرض فصييادفني عييود فخييدش خييدي وجرحنييي‪،‬‬
‫فقييال غييدا أطلييع لجعفيير الييبرمكي وأحكييي لييه‬
‫الحكاية فيقتل كل حمار في هييذه المدينيية فقلييت‬
‫هل أنييت تقتييل النيياس كلهييم بسييببي وهييذا الييذي‬
‫جرى لي بقضاء الله وقدره‪ .‬فقال لبييد ميين ذلييك‬
‫وشدد علييي ونهييض قائمييا وصيياح صيييحة عظيميية‬
‫فانفتييح البيياب وطلييع منييه سييبعة عبيييد سييود‬
‫فسحبوني من فراشي ورموني فييي وسييط الييدار‬
‫ثييم أميير عبييدا منهييم أن يمسييكني ميين أكتييافي‪،‬‬
‫ويجلس على رأسي وأمر الثاني أن يجلييس علييى‬
‫ركبتي ويمسك رجلي وجاء الثالث وفي يده سيف‬
‫فقال يا سيدي أضربها بالسيف فأقسييمها نصييفين‬
‫وكل واحد يأخييذ قطعيية يرميهييا فييي بحيير الدجليية‬
‫فيأكلهييا السييمك وهييذا جييزاء ميين يخييون اليمييان‬
‫المودة وأنشد هذا الشعر‪:‬‬
‫منعت الهوى‬ ‫إذا كان لي فيمن أحب مشارك‬
‫روحي ليتلفني وجدي وقلت لها يا نفس موتي‬
‫فل خير في حب يكون مع الضد‬ ‫كريهة‬
‫ثم قال للعبد اضربها يا سعد فجرد السيييف وقييال‬
‫اذكري الشهادة وتذكري ما كان لييك ميين الحييوائج‬
‫واوصييي ثييم رفعييت رأسييي ونظييرت إلييى حييالي‬
‫وكيف صرت في الذل بعد العجييز فجييرت عييبرتي‬
‫وبكيت أنشدت هذه البيات‪:‬‬
‫وأسهرتم‬ ‫أقمتم فؤادي في الهوى وقعدتم‬
‫جفني القريح ونمتم‬
‫فل القلب‬ ‫ومنزلكم بين الفؤاد وناظري‬
‫يسلوكم ول الدمع يكتم‬
‫فلما تملكتم‬ ‫وعاهدتموني أن تقيموا على الوفا‬
‫فؤادي غدرتم‬
‫أأنتم صروف‬ ‫ولم ترحموا وجدي بكم وتلهفي‬
‫الحادثات أمنتم‬
‫على لوح قبري‬ ‫سألتكم بالله أن مت فاكتبوا‬
‫أن هذا متيم‬
‫يمر على قبر‬ ‫لعل شجيا عارفا لوعة الهوى‬
‫المحب فيرحم‬
‫فلما فرغت من شعري بكيت فلما سمع الشعر‬
‫ونظر إلى بكائي أزداد غيظا على غيظه وأنشد‬
‫هذين البيتين‪:‬‬
‫ولكن جنى ذنبا‬ ‫تركت حبيب القلب لعن مللة‬
‫يؤدي إلى الترك إذا ارى شريكا في المحبة‬
‫وإيمان قلبي ل يميل إلى الشرك‬ ‫بيننا‬
‫فلمييا فييرغ ميين شييعره بكيييت واسييتعطفته‪ ،‬وإذا‬
‫بييالعجوز قييد دخلييت ورمييت نفسييها علييى أقييدام‬
‫الشاب وقبلتها وقالت يا ولييدي بحييق تربيييتي لييك‬
‫تعفوا عن هذه الصبية فإنها ما فعلييت ذنبييا يييوجب‬
‫ذلك وأنت شاب صغير فأخاف عليييك ميين دعائهييا‬
‫ثم بكت العجييوز‪ ،‬ولييم تييزل تلييح عليييه حييتى قييال‬
‫عفوت عنها‪ ،‬ولكيين لبييد لييي أن أعمييل فيهييا أثييرا‬
‫يظهر عليها بقية عمرها‪ ،‬ثم أمر العبيييد فجييذبوني‬
‫من ثيابي وأحضر قضيييبا ميين سييفرجل ونييزل بييه‬
‫على جسييدي بالضييرب‪ ،‬ولييم يييزل يضييربني ذلييك‬
‫الشاب على ظهري وجنبي حتى غبييت عيين الييدنيا‬
‫من شدة الضرب وقد يئست من حييياتي ثييم أميير‬
‫العبيييد أنييه إذا دخييل الليييل يحملييونني ويأخييذون‬
‫العجوز معهم ويرمونني في بيتي الذي كنييت فيييه‬
‫سابقا‪ .‬ففعلوا ما أمرهم به سيدهم ورمييوني فييي‬
‫بيييتي‪ ،‬فتعاهييدت نفسييي وتييداويت فلمييا شييفيت‬
‫بقيت أضلعي كأنها مضروبة بالمقارع‪ ،‬كمييا تييرى‬
‫فاستمريت في مداواة نفسي أربعيية أشييهر حييتى‬
‫شفيت‪ ،‬ثم جئت إلى الييدار الييتي جييرت لييي فيهييا‬
‫ذلك المر فوجدتها خربة ووجدت الزقاق مهد وما‬
‫من أوله إلى آخره ووجدت في موقييع الييدار كيمييا‬
‫ولم أعلم سبب ذلك فجئت إلى أخييتي هييذه الييتي‬
‫من أبي فوجدت عنييدها هيياتين الكلبييتين فسييلمت‬
‫عليهييا وأخبرتهييا بخييبري وبجميييع مييا جييرى لييي‪.‬‬
‫فقييالت ميين ذا الييذي ميين نكبييات الزمييان‪ ،‬سييلم‬
‫الحمد لله الذي جعل الميير بسييلمة ثييم أخييبرتني‬
‫بخبرها وبجميع ما جرى لها من أختيها وقعدت أنييا‬
‫وهي ل نذكر خبر الزواج على ألسنتنا ثم صيياحبتنا‬
‫هذه الصبية الدللة في كل يوم تخرج فتشتري لنا‬
‫ما نحتيياج إليييه ميين المصييالح علييى جييري علتهييا‪،‬‬
‫فوقع لنا ما وقع ميين مجيييء الجمييال والصييعاليك‬
‫ومن مجيئكم في صفة تجار فلما صييرنا فييي هييذا‬
‫اليوم ولم نشعر إل نحن بين يديك وهييذه حكايتنييا‪،‬‬
‫فتعجب الخليفة من هذه الحكاية وجعلهييا تاريخهييا‬
‫مثبتا في خزانته وأدرك شهرزاد الصييباح فسييكتت‬
‫عن الكلم المباح‪.‬‬
‫وفي الليلة التاسعة عشرة قالت‪ :‬بلغني أيهييا‬
‫الملييك السييعيد أن الخليفيية أميير أن تكتييب هييذه‬
‫القصة في الدواوين ويجعلوها فييي خزانيية الملييك‬
‫ثييم أنييه قييال للصييبية الولييى هييل عنييدك خييبر‬
‫بالعفريتيية الييتي سييحرت أختيييك‪ ،‬قييالت يييا أمييير‬
‫المؤمنين إنها أعطتني سيئا ميين شييعرها‪ ،‬وقييالت‬
‫إن أردت حضوري فاحرقي من هييذا الشييعر شيييئا‬
‫فأحضر إليك عيياجل ولييو كنييت خلييف جبييل قيياف‪.‬‬
‫فقييال الخليفيية أحضييري لييي الشييعر فأحضييرته‬
‫الصبية فأخييذه الخليفيية‪ ،‬وأحييرق منييه شيييئا فلمييا‬
‫فيياحت منييه رائحيية إهييتز القصيير وسييمعوا دويييا‬
‫وصلصييلة وإذا بالجنييية حضييرت وكييانت مسييلمة‬
‫فقالت السييلم عليكييم يييا خليفيية فقييال‪ :‬وعليكييم‬
‫السلم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬فقالت أعلم أن هييذه‬
‫الصييبية صيينعت معييي جميل ول أقييدر أن أكافئهييا‬
‫عليييه فهييي أنقييذتني ميين المييوت وقتلييت عييدوي‬
‫ورأيت مييا فعلييه معهييا أختاهييا فمييا رأيييت إل أنييي‬
‫أنتقييم منهمييا فسييحرتهما كلبييتين بعييد أن أردت‬
‫قتلهميييا فخشييييت أن يصيييعب عليهيييا‪ ،‬وإن أردت‬
‫خلصهما‪ ،‬يا أمير المييؤمنين أخلصييهما كراميية لييك‬
‫ولها فإني من المسلمين‪ .‬فقال لها خلصيهما وبعد‬
‫ذلك نشرع في أميير الصييبية المضييروبة‪ ،‬وتفحييص‬
‫عن حالها فإذا ظهر لي صدقها أخذت ثأرهييا مميين‬
‫ظلمها فقالت العفريتة يا أمير المؤمنين أنييا أدلييك‬
‫على مييا فعييل بهييذه الصييبية هييذا الفعييل وظلمهييا‬
‫وأخييذ مالهييا وهييو أقييرب النيياس إليييك‪ ،‬ثييم إن‬
‫العفريتة أخذت طاسة من الميياء وعزمييت عليهييا‪،‬‬
‫ورشييت وجييه الكلبييتين‪ ،‬وقييالت لهمييا عييودا إلييى‬
‫صورتكما الولى البشرية فعادتييا صييبيتين سييبحان‬
‫خالقهمييا‪ ،‬ثييم قييالت يييا أمييير المييؤمنين أن الييذي‬
‫ضييرب الصييبية‪ ،‬ولييدك المييين فييإنه كييان يسييمع‬
‫بحسنها وجمالهييا‪ ،‬وحكييت لييه العفريتيية جميييع مييا‬
‫جييرى للصييبية فتعجييب وقييال الحمييد للييه خلص‬
‫هاتين الكلبتين على يدي‪.‬‬
‫ثم أن الخليفة أحضر ولده المين بين يديه وسأله‬
‫عن قصة الصبية الولى فأخبره علييى وجييه الحييق‬
‫فأحضييره الخليفيية القضيياة والشييهود والصييعاليك‬
‫الثلثة‪ ،‬وأحضر الصبية الولى وأختيها اللييتين كانتييا‬
‫مسحورتين في صورة كلبتين‪ ،‬وزوج الثلثة للثلثة‬
‫الصعاليك الذين أخبروه أنهم كانوا ملوكا وعملهييم‬
‫حجابا عنده وأعطاهم مييا يحتيياجون إليييه وأنزلهييم‬
‫فييي قصيير بغييداد ورد الصييبية المضييروبة لولييده‬
‫المين وأعطاهييا مييال كييثيرا وأميير أن تبنييى الييدار‬
‫أحسن ما كانت ثم أن الخليفة تزوج بالدللة ورقد‬
‫في تلييك الليليية معهييا‪ .‬فلمييا أصييبح أفييرد لهييا بيتييا‬
‫وجواري يخدمنها ورتب لها راتبا‪ ،‬وشيد لهييا قصييرا‬
‫ثم قال لجعفر ليلة من الليالي أني أريييد أن ننييزل‬
‫في هذه الليليية إلييى المدينيية ونسييأل عيين أحييوال‬
‫الحكام والمتولين وكل من شكا منه أحييد عزلنيياه‬
‫فقال جعفر ومسيرور نعيم‪ ،‬وسياروا فيي المدينية‬
‫ومشوا فييي السييواق مييروا بزقيياق‪ ،‬فييرأوا شيييخا‬
‫كبيرا على رأسه شبكة وقفة وفي يده عصييا وهييو‬
‫ماش على مهله‪.‬‬
‫ثم إن الخليفيية تقييدم إليييه وقييال لييه يييا شيييخ مييا‬
‫حرفتك قال يا سيدي صياد وعندي عائلة وخرجت‬
‫من بيتي من نصيف النهييار إلييى هييذا الييوقت ولييم‬
‫يقسم الله لي شيئا أقوت به عيييالي وقييد كرهييت‬
‫نفسي وتمنيت الموت‪ .‬فقال له الخليفيية هييل لييك‬
‫أن ترجييع معنييا إلييى البحيير وتقييف علييى شيياطئ‬
‫الدجلة وترمي شبكتك على بخييتي وكييل مييا طلييع‬
‫اشتريته منك بمائة دينار‪ .‬ففرح الرجل لمييا سييمع‬
‫هذا الكلم وقال على رأسي أرجع معكييم‪ .‬ثييم أن‬
‫الصييياد ورجييع إلييى البحيير ورمييى شييبكته وصييبر‬
‫عليها‪ ،‬ثم أنه جذب الخيط وجر الشبكة إليه فطلع‬
‫في الشبكة صندوق مقفول ثقيل الوزن فلما نظر‬
‫الخليفيية وجييده ثقيل فييأعطى الصييياد مييائة دينييار‬
‫وانصييرف وحمييل الصييندوق مسييرور هييو وجعفيير‬
‫وطلعا به مع الخليفة إلى القصيير وأوقييد الشييموع‬
‫والصيييندوق بيييين ييييدي الخليفييية فتقيييدم جعفييير‬
‫ومسييرور وكسييروا الصييندوق فوجييدوا فيييه قفيية‬
‫خييوص محيطيية بصييوت أحميير فقطعييوا الخياطيية‬
‫فرأوا فيها قطعة بسيياط فرفعوهييا فوجييدوا تحتهييا‬
‫أزار فرفعييوا الزار فوجييدوا تحتهييا صييبية كأنهييا‬
‫سبيكة مقتوليية ومقطوعيية‪ .‬فلمييا نظرهييا الخليفيية‬
‫جرت دموعه على خده والتفت إلى جعفر وقييال‪:‬‬
‫يا كلب الوزراء أتقتل القتلى فييي زمنييي ويرمييون‬
‫في البحر ويصيرون متعلقين بذمتي والله لبييد أن‬
‫أقتص لهذه الصبية ممن قتلها وأقتله وقال لجعفر‬
‫وحق اتصال نسبي بالخلفاء ميين بنييي العبيياس إن‬
‫لم تأتيني بالذي قتل هييذه لنصييفها منييه لصييلبنك‬
‫على باب قصييري أنييت وأربعييين ميين بنييي عمييك‪،‬‬
‫واغتاظ الخليفة‪ .‬فقييال جعفيير أمهلنييي ثلثيية أيييام‬
‫قال أمهلتك‪ .‬ثم خرج جعفر من بين يييديه ومشييى‬
‫في المدينة وهو حزين وقال في نفسه من أعرف‬
‫من قتل هذه الصييبية حييتى أحضييره للخليفيية وإن‬
‫أحضرت له غيره يصير معلقا بييذمتي ول أدري مييا‬
‫أصنع‪ .‬ثم إن جعفر جلس في بيته ثلثة أيام وفييي‬
‫اليوم الرابع أرسل له الخليفيية يطلبييه فلمييا تمثييل‬
‫بين يديه قال له أين قاتييل الصييبية قييال جعفيير يييا‬
‫أمير المؤمنين أنا أعلم الغيب حتى أعرف قاتلهييا‪،‬‬
‫فاغتاظ الخليفة وأمر بصلبه على باب قصره وأمر‬
‫مناديا ينادي فييي شييوارع بغييداد ميين أراد الفرجيية‬
‫على صلب جعفر البرمكي وزييير الخليفيية وصييلب‬
‫أولد عمه على باب قصر الخليفة ليخرج ليتفييرج‪.‬‬
‫فخرج الناس من جميييع الحييارات ليتفرجييوا علييى‬
‫صلب جعفر وصلب أولد عمه ولييم يعلمييوا سييبب‬
‫ذلك ثييم أميير بنصييب الخشييب فنصييبوه وأوقفهييم‬
‫تحته لجييل الصييلب وصيياروا ينتظييرون الذن ميين‬
‫الخليفة وصار الخلق يتبيياكون علييى جعفيير وعلييى‬
‫أولد عمييه‪ .‬فبينمييا هييم كييذلك وإذا بشيياب حسيين‬
‫نقي الثواب يمشي بييين النيياس مسييرعا إلييى أن‬
‫وقف بين يدي الوزير وقال له‪ :‬سلمتك ميين هييذه‬
‫الوقفة يا سيد المييراء وكهييف الفقييراء‪ ،‬أنييا الييذي‬
‫قتلييت القتيليية الييتي وجييدتموها فييي الصييندوق‪،‬‬
‫فاقتلني فيها واقتص مني‪ .‬فلما سييمع جعفيير كلم‬
‫الشاب وما أبداه من الخطاب فرح بخلص نفسييه‬
‫وحزن علييى الشيياب‪ .‬فبينمييا هييم فييي الكلم وإذا‬
‫بشيخ كبير يفسح النيياس ويمشييي بينهييم بسييرعة‬
‫إلى أن وصل إلى جعفيير والشيياب فسييلم عليهمييا‬
‫ثم قال أيها الوزير ل تصدق كلم هذا الشاب فييإنه‬
‫ما قتل هذه الصبية إل أنا فاقتص لها منييي‪ .‬فقييال‬
‫الشاب أيها الوزير‪ ،‬إن هذا الشيخ كييبير خرفييان ل‬
‫يدري ما يقول وأنا الذي قتلتها فاقتص مني‪ .‬فقال‬
‫الشيخ‪ ،‬يا ولدي أنت صغير تشتهي الدنيا وأنا كبير‬
‫شبعت من الدنيا وأنا أفديك وأفييدي الييوزير وبنييي‬
‫عمه وما قتل الصبية إل أنا‪ ،‬فبالله عليك أن تعجل‬
‫بالقتصاص مني‪ ،‬فلما نظر إلى ذلك المر تعجييب‬
‫منه وأخذ الشاب والشيخ وطلع بهما عند الخليفيية‬
‫وقال يييا أمييير المييؤمنين قييد حضيير قاتييل الصييبية‬
‫فقال الخليفة أين هو‪ ،‬فقال إن هذا الشاب يقييول‬
‫أنييا القاتييل وهييذا الشيييخ يكييذبه ويقييول ل بييل أنييا‬
‫القاتل‪ .‬فنظر الخليفة إلى الشيييخ والشيياب وقييال‬
‫من منكما قتل هذه الصبية فقال الشاب ما قتلتها‬
‫إل أنا وقال الشيخ ما قتلها إل أنييا‪ .‬فقييال الخليفيية‬
‫لجعفر خذ الثنين واصلبهما فقييال جعفيير إذا كييان‬
‫القاتل واحييد فقتييل الثيياني ظلييم‪ ،‬فقييال الشيياب‪:‬‬
‫وحق من رفع السماء وبسط الرض أني أنا الييذي‬
‫قتلت الصبية وهذه أمارة قتلها‪ ،‬ووصف ما وجييده‬
‫الخليفة فتحقق عند الخليفة أن الشاب هييو الييذي‬
‫قتييل الصييبية فتعجييب الخليفيية وقييال‪ :‬ومييا سييبب‬
‫إقرارك بالقتل من غير ضرب وقولك اقتصييوا لهييا‬
‫مني‪ .‬فقال الشيياب‪ :‬أعلييم يييا أمييير المييؤمنين أن‬
‫هذه الصبية زوجتي وبنت عمي وهذا الشيخ أبوهييا‬
‫وهو عمي وتزوجت بهييا وهييي بكيير فرزقنييي اللييه‬
‫منها ثلثة أولد ذكور وكانت تحبني وتخدمني ولييم‬
‫أر عليها شيئا‪ ،‬فلما كان أول هييذا الشييهر مرضييت‬
‫مرضا شديدا فأحضرت لها الطبيياء حييتى حصييلت‬
‫لها العافية فأردت أن أدخلها الحمييام فقييالت إنييي‬
‫أريد شيئا قبل دخول الحمام لنييي أشييتهيه فقلييت‬
‫لها ومييا هييو فقييالت‪ :‬إنييي أشييتهي تفاحيية أشييمها‬
‫وأعييض منهييا عضيية‪ .‬فطلعييت ميين سيياعتي إلييى‬
‫المدينة وفتشت على التفيياح ولييو كييانت الواحييدة‬
‫بدينار فلم أجده فبت تلك الليلة وأنا متفكيير فلمييا‬
‫أصييبح الصييباح خرجييت ميين بيييتي ودرت علييى‬
‫البساتين واحييد واحييد فلييم أجييده فيهييا فصييادفني‬
‫خولي كبير فسألته عن التفاح فقال‪ :‬يا ولدي هييذا‬
‫شيء قل أن يوجد لنييه معييدوم ول يوجييد إل فييي‬
‫بستان أمير المؤمنين الذي في البصرة وهييو عنييد‬
‫خييولي يييدخره للخليفيية فجئت إلييى زوجييتي وقييد‬
‫حملتنييي محبييتي إياهييا علييى أن هيييأت نفسييي‬
‫وسييافرت يومييا ليل ونهييارا فييي الييذهاب والييياب‬
‫وجئت لهييا بثلث تفاحييات إشييتريتها ميين خييولي‬
‫البصرة بثلثة دنانير‪ ،‬ثم إني دخلت وناولتهييا إياهييا‬
‫فلم تفرح بها بل تركتها فييي جانبهييا وكييان مييرض‬
‫الحمى قد اشتد بها‪ ،‬ولم تزل في ضعفها إلييى أن‬
‫مضى لها عشرة أيام وبعد ذلك عييوفيت فخرجييت‬
‫من البيت وذهبت إلى دكاني وجلسييت فييي بيعييي‬
‫وشرائي‪ .‬فبينما أنا جالس فييي وسييط النهييار وإذا‬
‫بعبد أسود ميير علييي وفييي يييده تفاحيية يلعييب بهييا‬
‫فقلت له‪ :‬من أين هييذه التفاحيية حييتى آخييذ مثلهييا‬
‫فضحك وقال أخذتها من حبيبييتي وأنييا كنييت غائبييا‬
‫وجئت فوجيييدتها ضيييعيفة وعنيييدها ثلث تفاحيييات‬
‫فقالت إن زوجي الييديوث سييافر ميين شييأنها إلييى‬
‫البصرة فاشتراها بثلثة دنييانير فأخييذت منهييا هييذه‬
‫التفاحة‪ ،‬فلما سمعت كلم العبد يا أمير المييؤمنين‬
‫اسودت الييدنيا فييي وجهييي وقفلييت دكيياني وجئت‬
‫إلى البيت وأنا فاقد العقل من شييدة الغيييظ فلييم‬
‫أجد التفاحة الثالثة فقلت لها‪ :‬أين التفاحيية الثالثيية‬
‫فقييالت ل أدري ول أعييرف أييين ذهبييت‪ .‬فتحققييت‬
‫قول العبييد وقمييت وأخييذت سييكينا وركبييت علييى‬
‫صيييدرها ونحرتهيييا بالسيييكين وقطعيييت رأسيييها‬
‫وأعضائها ووضييعتها فييي القفيية بسييرعة وغطيتهييا‬
‫بالزار ووضعت عليهييا شييقة بسيياط وأنزلتهييا فييي‬
‫الصندوق وقفلته وحملتها على بغلتي ورميتها فييي‬
‫الدجلة بيدي‪ .‬فبييالله عليييك يييا أمييير المييؤمنين أن‬
‫تعجل بقتلي قصاصا لها فإني خائف من مطالبتهييا‬
‫يوم القيامة فإني لما رميتها في بحر الدجليية ولييم‬
‫يعلم بها أحييد رجعييت إلييى الييبيت فوجييدت ولييدي‬
‫الكبير يبكي ولم يكن له علم بما فعلت فييي أمييه‪.‬‬
‫فقلت له ما يبكيك فقييال إنييي أخييذت تفاحيية ميين‬
‫التفاح الذي عند أمي ونزلت بها إلى الزقاق ألعب‬
‫مع إخوتي وإذا بعبد طويل خطفها مني وقييال لييي‬
‫من أين جاءتييك هييذه فقلييت لييه هييذه سييافر أبييي‬
‫وجاء بها من البصرة من أجل أمييي وهييي ضييعيفة‬
‫واشترى ثلث تفاحات بثلثيية دنييانير فأخييذها منييي‬
‫وضربني وراح بهييا فخفييت ميين أمييي أن تضييربني‬
‫من شأن التفاحة‪ .‬فلما سمعت كلم الولد علمييت‬
‫أن العبد هو الذي افترى الكلم الكذب علييى بنييت‬
‫عمي وتحققت أنها قتلت ظلما ثم إني بكيت بكاء‬
‫شديدا وإذا بهذا الشيخ وهو عمي والدها قد أقبييل‬
‫فأخبرته بما كان فجلس بجييانبي وبكييى ولييم نييزل‬
‫نبكي إلى نصف الليل وأقمنا العييزاء خمسيية أيييام‬
‫ولم نزل إلى هذا اليوم ونحن نتأسف على قتلهييا‪،‬‬
‫فبحرمة أجييدادك أن تعجييل بقتلييي وتقتييص منييي‪.‬‬
‫فلما سمع الخليفة كلم الشاب تعجب وقال والله‬
‫ل أقتييل إل العبييد الخييبيث أدرك شييهرزاد الصييباح‬
‫فسكتت عن الكلم المباح‪.‬‬

You might also like