You are on page 1of 34

‫ضببمن سلسببلة المنقبباش لشبببه الوببباش "‬

‫المنقاش الول "‬

‫النوافح‬
‫المسكية‬
‫في‬
‫نقش شبهة‬
‫المرحلة المكية‬

‫إعداد ‪ :‬أبو همام بكر بن عبد العزيز الثري‬


‫]لن أطال الله في العيش ‪ ,‬لنقشن شبه‬
‫الرجاء والرجاف بالمناقيش[‬

‫تقديم‬
‫الشيخ هاني السباعي‬
‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫مقدمة شيخنا الدكتور هاني السببباعي حفظببه‬
‫الله‪:‬‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫لقييد ابتليييت أميية السييلم علييى مييدار حقييب تاريخييية‬
‫متفاوتة بفرق وجماعات وتيارات تنتسييب للسييلم‪ ،‬كييانت‬
‫ول تزال تنادي بتعطيييل ذروة سيينام السييلم؛ الجهيياد فييي‬
‫سبيل اللييه! رغييم أن الميية كييانت ول تييزال تييواجه أعييتى‬
‫عدوان صليبي سافر على العالم السلمي!‪.‬‬
‫ول تزال المة منذ كسوف شمس الخلفيية عيين سييماء‬
‫التاريخ في حالة جهاد دفع وليس جهاد طلييب! ورغييم جلء‬
‫المر لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد! إل أنييه‬
‫في لحظات انسحاق عقدي وانهيار شييرعي خرجييت هييذه‬
‫الشبهات المسمومة! تنادي بتعطيل الجهاد ! خرجت هييذه‬
‫الشبهات من رحم فرق ضييالة؛ كالقاديانييية ربيبيية الحتلل‬
‫البريطيياني! وغلة الصييوفية الييذين خرجييوا ميين رحييم‬
‫الرافضة وأباطيل العقائد الفاسدة! فرأينيا التيجانيية ربيبية‬
‫الحتلل الفرنسيييي فيييي المغيييرب السيييلمي وأفريقييييا!‬
‫بالضافة إلى القادرية وغيرها من أصحاب البيارق الخضيير‬
‫والحميير والصييفر والشييعوذة الييذين تعتنييي بهييم النظميية‬
‫وتحميهم في مشارق الرض ومغاربها!‬
‫ومن عجائب المقدور أن هناك فرق يا ً وجماعييات علييى‬
‫اختلف مشيياربها متفقيية أجمييع أبصييع! علييى الستمسيياك‬
‫بشييبهة العهييد المكييي! ونسييتطيع تقسيييمهم علييى سييبيل‬
‫المثال على النحو التالي‪:‬‬
‫الول‪ :‬التيار التكفيري‪:‬‬

‫)‪(2‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫ويتزعم هذا التيار جماعة المسلمين التي أطلييق عليهييا‬


‫جماعة التكفير والهجرة بقيادة شكري مصطفى وكان قييد‬
‫تخييرج فييي كلييية الزراعيية بجامعيية الزهيير‪ ،‬وحكييم عليييه‬
‫وجماعته فييي القضييية رقييم ‪ 6‬لسيينة ‪1977‬م‪ ،‬ونفييذ فيييه‬
‫حكم العدام سنة ‪1978‬م‪ .‬كانت هذه الجماعة ترى أنهم‬
‫في الفترة المكية أي في مرحلة الستضعاف ومن ثييم فل‬
‫جهاد حتى تتكون لهم الشوكة والقوة والدولة التي تحمييي‬
‫بيضتهم لذلك فقد اعتصييموا ببعييض الجبييال وأميياكن نائييية‬
‫عن المدن في عزلة شبه تامة! لكن ميين بقييي منهييم بعييد‬
‫تشييرذمهم وانشييطارهم إلييى جماعييات صييغيرة يكفييرون‬
‫بعضهم البعض! يعيش من بقي منهم في سرية تامة ومن‬
‫ثييم يعطلييون الجهيياد بسييبب شييبهة العهييد المكييي‪ ،‬وحاليية‬
‫الستضعاف التي دخلوا في سييراديبها ولييم يخرجييوا منهييا‬
‫إلى أن يشاء الله!‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬القطبية‪:‬‬
‫وهم فريييق يييرى تطييبيق مبييدأ استفاضيية البيييان علييى‬
‫عموم المة أي يجب تعليم المة كلميية التوحيييد )ل إلييه إل‬
‫الله محمد رسول الله( ثم بعيد أن يفهيم النياس ويتعلميوا‬
‫بيييان التوحيييد وتتكييون الجماعيية المسييلمة تقييوم الميية‬
‫بفريضة الجهاد؛ والمحصلة هي تعطيل الجهاد!‬
‫والقطبية نسبة إلى الستاذ العلمة محمد قطب وأخية‬
‫شهيد السلم سيد قطييب نحسييبه كييذلك ول نزكيييه علييى‬
‫خالقه‪.‬‬
‫وإحقاقا ً للحق فإن شبابا ً وشيوخا ً كيانوا ينتميون فكرييا ً‬
‫وتنظيمييييا ً للقطيييبيين أحسيييبهم قيييد صيياروا مييين خييييرة‬
‫المجاهدين وقادتهم خاصة بعد أن زالت عنهم شبهة العهد‬
‫المكي‪.‬‬
‫الثببالث‪ :‬أفببراخ الجاميببة والمداخلببة والحلبيببة‬
‫ومن سار على دربهم‪:‬‬
‫ثم هناك سلخ مشبوه ولد فباض وفرخ في أقبييية أميين‬
‫الحكومات حيث رعوه وألبسوه ثييوب السييلف زورًا! وهييم‬
‫المرجئة الجدد!؛ أبواق الحكام المرتدين وأحذيتهم!‬

‫)‪(3‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫فقييد اتخييذت هييذه الكائنييات الرجائييية شييبهة الفييترة‬


‫المكية تكييأة لتعطيييل الجهيياد! ولمييا كييانت هييذه الكائنييات‬
‫الرجائية مدعومة من أنظمة تزعم انتسابها للسلم؛ فإنها‬
‫شر فرقة انتسبت لهل القبلة في وقتنا المعاصر‪.‬‬
‫وقد أحسن صنعا ً الخ المفضال الهمام أبو همييام بكيير‬
‫بن عبد العزيييز الثييري فييي نييوافحه المسييكية فييي نقييش‬
‫شبهة في المرحلة المكييية؛ موضييوع هييذه الرسييالة حيييث‬
‫اسييتعرض صييورا ً ميين شييبه المرجفييين المرجئييين وأجيياب‬
‫فأجاد وإن كنا نيود ليو أنيه توسيع قليل ً بغيية عميوم الخيير‬
‫والفائدة لكن حسبه أنييه سيياهم بوضييع لبنيية ومييا أحسيينها‬
‫لبنة! للذود عن فريضة غائبة حاضيرة! مين استمسيك بهيا‬
‫فاز وعز ومن تركها خسر وذل!‬
‫ويا حبذا نشر هذه الرسائل على طلبيية العلييم وعمييوم‬
‫المسلمين‪ .‬نسأل الله أن ينفع بهذه النوافح المسييكية وأن‬
‫يجعلها خالصة لوجهه الكريم‪.‬‬
‫د‪ .‬هاني السباعي‬
‫لندن في يوم الربعاء ‪ 21‬شعبان ‪1430‬هب‬

‫)‪(4‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫مقدمة المؤلف‪:‬‬
‫الحمد لله الذي أميير نييبيه بالقتييال ‪ ,‬والصييلة والسييلم‬
‫قتييال ‪ ,‬وعلييى آلييه وصييحبه رهبييان الليييل‬
‫ك ال ّ‬
‫على الضحو ِ‬
‫فرسان النزال ‪ ,‬أما بعد ‪:‬‬
‫فإن المسلم يردد في كل ركعة من صلواته قييول اللييه‬
‫تعالى ‪ ) :‬اهدنا الصراط المستقيم ( ] الفاتحة ‪ [ 6 :‬ولقييد‬
‫بييين اللييه تعييالى أن إبليييس سيييقعد لنييا دون الصييراط‬
‫المستقيم حاكيا ً عن إبليس ‪ ) :‬قال فبما أغييويتني لقعييدن‬
‫لهييم صييراطك المسييتقيم ( ] العييراف ‪ [ 16 :‬ولقييد بييين‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصييراط المسييتقيم‬
‫الييذي سيييقعد دونييه إبليييس هييو " السببلم والهجببرة‬
‫والجهاد " فعن سبرة بن الفاكه رضييي اللييه عنييه قييال ‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم يقييول ‪ ) :‬إن‬
‫الشيطان قعد لبن آدم بطريق السلم فقال تسييلم وتييذر‬
‫دينك ودين آبائك فعصاه فأسلم فغفر له فقعد له بطريييق‬
‫الهجييرة فقييال لييه تهيياجر وتييذر دارك وأرضييك وسييماءك‬
‫فعصاه فهاجر فقعد بطريق الجهاد فقييال تجاهييد وهييو‬
‫جهد النفس والمال فتقاتل فتقتييل فتنكييح المييرأة ويقسييم‬
‫المال فعصاه فجاهد فقييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم ‪ :‬فميين فعييل ذلييك فمييات كييان حقييا علييى اللييه أن‬
‫يدخله الجنة وإن غرق كان حقا على الله أن ييدخله الجنية‬
‫وإن وقصته دابيية كييان حقييا علييى اللييه أن يييدخله الجنيية (‬
‫] أخرجييه النسييائي وابيين حبييان فييي صييحيحه والييبيهقي‬
‫وحسنه الحافظ وصححه اللباني [ والصراط في اللغة هو‬
‫الطريق ‪ ,‬ولقد جاء عن الحسن أنه قال ‪ :‬إن لكييل طريييق‬
‫مختصييرا ً ‪ ,‬ومختصيير طريييق الجنيية الجهيياد‪ .‬أهييي ] حلييية‬
‫الولياء ‪[6/157‬‬
‫فإبليس وجنوده ميين الجيين والنييس قطيياع للطريييق ؛‬
‫قعدوا لبن آدم دون الجهاد فييي سييبيل اللييه ‪ ,‬يضييعون لييه‬
‫الشوك ‪ ,‬قال الله تعالى ‪ ) :‬شياطين النس والجن يييوحي‬
‫بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولييو شيياء ربييك مييا‬
‫فعلوه فذرهم وما يفترون ( ] النعام ‪ [ 112 :‬قال المييام‬
‫ن‬
‫س بيييالنس شيييياطي َ‬ ‫مقاتيييل رحميييه الليييه ‪ :‬وَك ّييي َ‬
‫ل إبليييي ُ‬
‫ضّلوَنهم ‪ ,‬فإذا التقى شيطان النس بشيطان الجن ‪ ,‬قال‬ ‫يُ ِ‬
‫أحدهما لصاحبه‪ :‬إني أضللت صاحبي بكذا وكييذا ‪ ,‬فأضييلل‬
‫أنت صاحبك بكذا وكذا ‪ ,‬فذلك وحي بعضييهم إلييى بعييض ‪.‬‬
‫أهي ] زاد المسير في علم التفسير ‪[ 3/83‬‬
‫ق‬ ‫ّ‬
‫ج الطري ِ‬
‫أعمى على عو ِ‬ ‫كبهيمةٍ عمياَء قاد َ‬

‫)‪(5‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫الجائرِ !‬ ‫ِزمامها‬

‫ة شييوكة ‪,‬‬ ‫وهاهو الثري أبو همام ينقش شوكهم شييوك ً‬


‫بقلمييه المنقيياش ‪ ,‬ينصيير الرشيياش ‪ ,‬وُيشييرد كييل تيياجر‬
‫بالدين غشاش ‪ ,‬وُيفند شبه الوباش ‪ ,‬في سلسييلة مهذبيية‬
‫مذهبة بعنوان ‪ " :‬سلسلة المنقاش لشبه الوباش "‬
‫‪ ..‬مرددا ً بأعلى صوته ‪:‬‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫نك ّ‬ ‫ُ‬
‫حيرة َ سائ ٍ‬‫وأزيل َ‬ ‫مبهم‬‫ق ُ‬‫لح ٍ‬ ‫دعني أبي ّ ُ‬
‫مستفهم‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫ق دو َ‬‫ن الح ِ‬
‫مّني بيا َ‬ ‫ِ‬ ‫وأقول للدنيا وللكون‬
‫تلعثم‬ ‫اسمعوا‬
‫س‬
‫ل يسقينا كؤو َ‬ ‫مازا َ‬ ‫فلقد مضى عهد ُ الخنوع‬
‫قم‬‫العَل ْ َ‬ ‫ر‬
‫ِلكاف ٍ‬
‫ل أرتجي مال ً وعي َ‬
‫ش‬ ‫دعني أيا زمن الخداِع‬
‫تنعم‬ ‫أقولها‬
‫ة‬
‫ه أخشى‪ ،‬ل عصاب َ‬ ‫فالل َ‬ ‫بل أرتجي عفوَ الله‬
‫مجرم‬ ‫وفضَله‬

‫فييارعني سييمعك أيهييا القييارئ الكريييم ‪ ,‬واتييرك عنييك‬


‫التعصب الذميم ‪ ,‬وليقرأ ما كتبتييه وأكتبييه أهييل النصيياف ‪,‬‬
‫وليتوب ويؤوب بعدها أهل الرجاف ‪..‬‬
‫ت‬
‫فدعني من ُبنيا ِ‬ ‫فهذا الحقّ ليس به‬
‫ق!‬
‫الطري ِ‬ ‫خفاُء‬

‫)‪(6‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫الشوكة الرجافية الولى ‪:‬‬


‫إن من أعظم شييبه القييوم الييتي يخييدعون بهييا العييوام‬
‫والدهماء ‪ ,‬والرعاع والسفهاء ‪ ,‬هي قولهم أننيا فييي العهييد‬
‫المكي من ناحية الستضييعاف ‪ ..‬ولييم ُيشييرع القتييال فييي‬
‫العهد المكي لن المسلمين حينها كانوا فييي استضييعاف !‬
‫ونحيين اليييوم فييي استضييعاف؛ فل جهاد اليببوم ‪ ,‬وأي‬
‫قتال يحصل اليوم فهو غيببر شببرعي فنحببن فببي‬
‫العهد المكي ! – هكذا زعموا ‪. -‬‬
‫قال صالح بن فوزان الفوزان إجابة على من سأله عن‬
‫شروط الجهاد وهل هي متوفرة اليوم ‪ ,‬بعييد أن بييين أن ل‬
‫قييدرة اليييوم للمسييلمين ‪ ,‬قييال ‪ :‬ل جهبباد عليهببم ‪,‬‬
‫والرسول صلى الله عليه وسببلم وأصببحابه كببانوا‬
‫في مكة قبل الهجببرة ‪ ,‬مببا شببرع عليهببم الجهبباد‬
‫لنهببم ل يسببتطيعون ‪ ..‬أهييي ] الجابييات المهميية فييي‬
‫المشاكل الملمة ص ‪[ 77‬‬
‫وقال عبد العزيز بن ريس الريس بعييد أن قييرر ضييعف‬
‫المسلمين اليييوم ‪ :‬ل يصببح لهبم أن يسببلكوا مسبلك‬
‫جهاد العدو وقتاله لكونهم ضعفاء ‪ ,‬ويوضببح ذلببك‬
‫أن الله لم يأمر رسببول صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫والصحابة بقتال الكفار لما كانوا فببي مكببة ‪ ..‬أهييي‬
‫] مهمات في الجهاد ص ‪[ 13‬‬
‫وبمثل هذا القول قال أغلب أهل التخذيل ‪ ,‬ملئوا الدنيا‬
‫به طنين وعويل ‪ ,‬حتى التبس على الكثير الصحيح بالعليل‬
‫‪ ,‬فحسبي الله ونعم الوكيل ‪.‬‬
‫نقش الشوكة الرجافية الولى ‪:‬‬
‫‪:‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫أول ً ‪ :‬صور من الجهاد في المرحلة المكية‬
‫عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص‪،‬‬
‫قال‪ :‬قلت له‪ :‬ما أكثر ما رأيت قريشا ً أصابت ميين رسييول‬
‫‪ ()1‬قال الشيخ الفقيه عيسى العوشن الخالدي رحمه الله ‪:‬‬
‫قالوا ‪ :‬فهل لك قدوة تمشي على‬
‫آثارها من عالم أو قاري‬
‫قلت ‪ :‬النبي محمد وصحابه‬
‫بجهادهم سادوا على المصار‬

‫)‪(7‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهر ميين عييداوته؟‬
‫قييال‪ :‬حضييرتهم وقييد اجتمييع أشييرافهم يوميا ً فييي الحجيير‪،‬‬
‫فذكروا رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم ‪ ،‬فقييالوا‪ :‬مييا‬
‫فه‬ ‫رأينييا مثييل مييا صييبرنا عليييه ميين هييذا الرجييل قييط س ّ‬
‫أحلمنبببا‪ .‬وشبببتم آبائنبببا‪ ،‬وعببباب ديننبببا‪ ،‬وفبببرق‬
‫جماعتنببا‪ ،‬وسببب آلهتنببا‪ ،‬لقييد صييبرنا منييه علييى أميير‬
‫عظيم‪ ،‬أو كما قالوا‪ ،‬قال‪ :‬فبينما هم كذلك‪ ،‬إذ طلع عليهم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم ‪ ،‬فأقبييل يمشييي‪ ،‬حييتى‬
‫استلم الركن‪ ،‬ثم مر بهم طائفا ً بالبيت‪ ،‬فلما أن ميير بهييم‪،‬‬
‫غمزوه ببعض ما يقول‪ ،‬قال‪ :‬فعرفت ذلك فييي وجهييه‪ ،‬ثييم‬
‫مضى‪ ،‬فمر بهم الثانية‪ ،‬فغمزوه بمثلها‪ ،‬فعرفت ذلييك فييي‬
‫وجهه‪ ،‬ثم مضى‪ ،‬ثم مر بهم الثالثة‪ ،‬فغمزوه بمثلها‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"تسببمعون يببا معشببر قريببش‪ ،‬أمببا والببذي نفببس‬
‫محمد بيده‪ ،‬لقد جئتكم بالذبح" فأخذت القوم كلمته‪،‬‬
‫حتى ما منهم رجل إل كأنما على رأسه طييائر واقييع‪ ،‬حييتى‬
‫إن أشدهم فيه وصاه قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من‬
‫القول حتى إنه ليقييول‪ :‬انصييرف يييا أبييا القاسييم‪ ،‬انصييرف‬
‫راشدًا‪ ،‬فوالله ما كنت جهول ً … الحديث ] وهو تحت رقييم‬
‫‪ 7036‬ميين المسييند تحقيييق أحمييد شيياكر وقييال‪ :‬إسييناده‬
‫صحيح [ ‪.‬‬
‫ففرق شاسع ‪ ,‬وبون واسع ‪ :‬بين حال النبي صلى اللييه‬
‫عليييه وسييلم فييي المرحليية المكييية حيييث كييان ُيسييفه‬
‫أحلمهم ‪ ,‬ويشتم آباءهم ‪ ,‬ويعيب دينهم ‪ ,‬ويفرق جماعتهم‬
‫‪ ,‬ويسب آلهتهم – كما وصفه العداء بذلك ‪ .. -‬ويقول لهم‬
‫في وضح النهار ‪) :‬تسمعون يا معشر قريييش‪ ،‬أمييا والييذي‬
‫نفس محمد بيده‪ ،‬لقد جئتكييم بالذبييح ( ‪ ..‬وبييين حييال ميين‬
‫يزعم أننا الن فييي المرحليية المكييية ميين أفييراخ المييرجئة‬
‫ومخنثيهم ‪ ,‬الذين ألفوا الذل والخضييوع ‪ ,‬والنبطيياح أمييام‬
‫الجموع ‪:‬‬
‫وأرضهم ما‬ ‫ودارهم ما دمت في دارهم‬
‫دمت في أرضهم !‬
‫وأخرج المام أحمد وغيره عيين علييي رضييي اللييه عنييه‬
‫قال‪" :‬انطلقت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم حتى أتينييا‬
‫الكعبة‪ ،‬فقييال لييي رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫"اجلس‪ .‬وصعد على منكبي فذهبت لنهض به‪ ،‬فرأى منييي‬
‫ضعفًا‪ ،‬فنزل وجلس لي نبي الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫وقال‪ :‬اصعد على منكبي‪ ،‬قال‪ :‬فصعدت على منكبيه قييال‬
‫ي أنييي لييو شييئت لنلييت أفييق‬
‫فنهض بي قال‪ :‬فإنه يخيل إل ّ‬
‫السماء حتى صييعدت علييى الييبيت وعليييه تمثييال صييفر أو‬
‫نحيياس‪ ،‬فجعلببت أزاولببه عببن يمينببه وعببن شببماله‬
‫وبين يديه ومببن خلفببه‪ ،‬حببتى إذا اسببتمكنت منببه‬

‫)‪(8‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫قببال لببي رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬


‫سببر‬‫سببر كمببا تتك ّ‬
‫"اقببذف بببه"‪ ،‬فقببذفت بببه‪ ،‬فتك ّ‬
‫القوارير‪ ،‬ثم نزلت‪ ،‬فببانطلقت أنببا ورسببول اللببه‬
‫توارينببا‬
‫)‪(2‬‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم نسببتبق حببتى‬
‫بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس"‪.‬‬
‫قال العلمة أحمد شاكر رحمه الله في هامش تحقيقيه‬
‫للمسند )‪" :(2/58‬إسييناده صييحيح‪ ...‬ومببن الواضببح أن‬
‫هذه القصة كانت قبل الهجرة" اهي‪.‬‬
‫والسؤال الذي يطرح نفسيه هاهنيا ‪ :‬هييل يؤييد مييرجئة‬
‫العصر ممن يزعمون أننا في المرحليية المكييية مثييل هييذه‬
‫العمييال أم يعييدونها – والعييياذ بييالله – أعمييال ً سيياذجة ‪,‬‬
‫وأفعال ً عاطفية هائجة ؟!‬
‫وقال المام ابن إسحاق رحمه الله ‪ :‬ثم إن لطف اللييه‬
‫ورحمته غمرت المؤمنين المستضعفين وذلك بإسلم عمر‬
‫بن الخطاب رضي الله عنه ‪ ,‬حيث أعز اللييه بييه السييلم ‪,‬‬
‫ولذلك قال عبد اللييه بيين مسييعود رضييي اللييه عنييه ‪ " :‬إن‬
‫إسييلم عميير كييان فتح يا ً ‪ ,‬وإن هجرتييه كييانت نصييرا ً ‪ ,‬وإن‬
‫إمارته كانت رحمة ‪ ,‬ولقد كنا ما نصلي عنييد الكعبيية حييتى‬
‫أسلم عمر ‪ ,‬فلما أسلم قاتببل قريش با ً حببتى ص بّلى‬
‫عند الكعبة وصلينا معه " ‪ .‬أهي ] السيييرة لبيين هشييام‬
‫‪ [ 1/367‬فهل ثبت عند مرجئة العصر أن النبي صلى اللييه‬
‫عليه وسلم أنكر على عمر قتاله لقريش ؟! فضل ً عيين أن‬
‫يصف عمر وينعته بالرهابي أو الخييارجي ‪ -‬ومييا إلييى ذلييك‬
‫‪ -‬؟!‬
‫وأخرج أبو نعيم وغيره ‪ ) :‬أن الزبير بيين العييوام رضييي‬
‫الله عنه حمل سيفه وأخذ يببدور فببي شببوارع مكببة‬
‫حتى وصل إلى أعلى مكة وهناك لقي الرسول صييلى‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ما شأنك‬ ‫سمعتلهأنك ُ‬
‫الله عليه وسلم فقال‬
‫ت ‪ .‬فقال صلى الله عليييه‬ ‫َ‬ ‫أخذ‬ ‫؟ قال الزبير ‪:‬‬
‫وسلم ‪ :‬وما كنت تصنع ؟ قال ‪ :‬أضرب بسيفي )ه‪(3‬ببذا‬
‫‪.‬‬ ‫من أخذك‪ .‬فدعا له ولسيفه بالخير والبركة (‬

‫‪ ()2‬وأورد الهيثمي الحديث في مجمع الزوائد )‪ (6/23‬وبوب له‬


‫بقوله ‪) :‬باب تكسيره صلى الله عليه وسلم الصنام(‪.‬‬
‫‪ " ()3‬الحلية " ‪ , 1/89‬وهو في " المستدرك " ‪ , 3/360‬قال‬
‫الشيخ شعيب الرنؤوط ‪ :‬ورجاله ثقات ‪ .‬أهي وأنظر " سير أعلم‬
‫النبلء " ‪ , 1/42‬و " الستيعاب " ‪ , 3/311‬و " أسد الغابة "‬
‫‪ , 2/250‬و " الصابة " ‪. 4/8‬‬

‫)‪(9‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫فلم ينكر النبي صلى الليه علييه وسيلم صينيع الزبيير ‪,‬‬
‫ولم ُيعنفه أو ُيفسقه أو ُيبدعه ‪ -‬كما هو حال مرجئة العصر‬
‫مع من صينع صيينيع الزبييير – بيل دعيا ليه ولسيييفه بيالخير‬
‫والبركة ‪ ..‬قال المام ابن النحاس رحمييه اللييه ‪ :‬ذكيير غييير‬
‫ل في سبيل الله تعالى سيف الزبير‬ ‫س ّ‬
‫واحد أن أول سيف ُ‬
‫بن العوام رضي الله عنييه ‪ ,‬لدعوة النبببي صببلى اللببه‬
‫يم( ذكيير القصيية النفيية الييذكر‬
‫)‪4‬‬
‫عليببه وسببلم لببه ‪ ..‬أهي ي ثي‬
‫] مشارع الشواق ‪[ 1/500‬‬
‫] يا ليييت بعييض هييؤلء الييذين يييرددون أننييا فييي العهييد‬
‫المكييي‪ ،‬يلبتزمون حقبا مبا كبان فيبه مبن تصبميم‬
‫العقيدة وثبات المواقف‪ ،‬لقد كان شعار العهد المكي‬
‫هو الثبات على البراءة من الجاهلية‪ ،‬وإظهار ذلك‪ ،‬والصبر‬
‫علييى الذى‪ ،‬حييتى قتييل ميين قتييل ميين الصييحابة تحييت‬
‫التعذيب‪ ،‬لنهييم صييدعوا بكفيير الجاهلييية‪ ،‬والييبراءة التاميية‬
‫منها‪ ،‬لييم يقييل النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم فييي العهييد‬
‫المكي‪ ،‬إن التحالف مع أبييي جهييل وحزبييه‪ ،‬ومييد الجسييور‬
‫معه‪ ،‬مشاركة حضارية‪ ،‬وتعايش راق بين الثقافات!!‬
‫مع أنه بأبي هو وأمييي‪ ،‬قييد عييرض عليييه ذلييك‪ ،‬عييرض‬
‫عليه أن يعطوه من دنياهم مييا أراد‪ ،‬علييى أن يتنييازل عيين‬
‫عقيييدته‪ ،‬أو يرضييى بييأن يتعييايش دون أن يعليين الييبراءة‪،‬‬
‫فأنزل الله تعالى عليه }ودوا لو تدهن فيدهنون{‪ ،‬وأنزل ‪:‬‬
‫}ولييول أن ثبتنيياك لقييد كييدت تركيين إليهييم شيييئا قليل إذا ً‬
‫لذقناك ضعف الحياة وضعف الممات‪ ..‬اليات{‪ ،‬لقد كييان‬
‫العهد المكي عهد }قل يا أيها الكافرون ل اعبد ما تعبدون‬
‫{ و }تبييت يييدا أبييي لهييب{‪ ،‬و }مهييل الكييافرين أمهلهييم‬
‫رويييدا{ و }فقييد أنييذرتكم صيياعقة مثييل صيياعقة عيياد‬
‫فه أحلمنا‪ ،‬وشتم آبائنا‪ ،‬وعاب‬ ‫وثمود {‪ ،‬لقد كان عهد " س ّ‬
‫وفرق‪(5‬جماعتنا‪ ،‬وسب آلهتنا‪ ..‬فقال لهم ‪ :‬لقييد جئتييم‬ ‫)‬
‫ديننا‪،‬‬
‫بالذبح "‪[.‬‬

‫‪ ()4‬بل إنه صلى الله عليه وسلم شارك في قتال دفع الصائل‬
‫حتى قبل مبعثه بالنبوة ‪ ,‬حيث شارك قريش في حرب الفجار ‪,‬‬
‫قال ابن هشام رحمه الله ‪ :‬وشهد رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم بعض أيامهم – أي في هذه الحرب ‪ , -‬أخرجه أعمامه معهم‬
‫ل على‬‫؛ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬كنت أ ُن َب ّ ُ‬
‫أعمامي ‪ :‬أي أرد عليهم نبل عدوهم إذا رموهم بها ( قال ابن‬
‫إسحاق ‪ :‬هاجت حرب الفجار ورسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ابن عشرين سنة ‪ .‬أهي ] السيرة لبن هشام ‪[ 1/138‬‬
‫‪ ()5‬ما بين المعكوفين ] ‪ [ ...‬من كلم الشيخ حامد العلي ‪ -‬غفر‬
‫الله له – في " شبهة ؛ نحن في العهد المكي " ‪.‬‬

‫)‪(10‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫ثانيا ً ‪ :‬علم الناسخ والمنسوخ ‪:‬‬


‫‪-1‬فاقد الشيء ل ُيعطيه ‪:‬‬
‫إن من الشروط الواجب توفرها في المجتهييد معرفتييه‬
‫بالناسخ والمنسوخ ‪ ,‬قال الجيزاني في شييروط المجتهييد ‪:‬‬
‫وأن تكون لديه معرفة بمقاصييد الشييريعة ‪ ,‬والمعتييبر فييي‬
‫ذلك أن يعرف مين الكتياب والسينة ميا يتعليق بالحكيام ‪,‬‬
‫ومعرفببة الناسببخ والمنسببوخ ‪ ,‬وأسييباب النييزول ‪,‬‬
‫ومواقع الجماع والخلف ‪ ,‬وصحيح الحديث وضعيفه ‪ .‬أهييي‬
‫)‪ ] (6‬معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعيية ص ‪47‬‬
‫‪[9‬‬
‫قال المام القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى‬
‫‪ ) :‬ما ننسخ من آيية أو ننسيها نيأت بخيير منهييا أو مثلهيا (‬
‫] البقرة ‪ [ 106 :‬عن علييم الناسييخ والمنسييوخ ‪ :‬معرفة‬
‫هذا الباب أكيدة وفائدته عظيمة ل يسببتغني عببن‬
‫معرفته العلماء ول ينكره إل الجهلة الغبيبباء لمببا‬
‫يترتب عليه مببن النببوازل فببي الحكببام ومعرفببة‬
‫الحلل من الحرام ‪ .‬روى أبو البختري قال ‪ :‬دخل علي‬
‫رضي الله عنه المسجد فإذا رجل يخوف الناس فقال ‪ :‬ما‬
‫هذا ؟ قالوا ‪ :‬رجل يذكر الناس فقال ‪ :‬ليييس برجييل يييذكر‬
‫الناس ! لكنه يقول أنيا فلن بين فلن فياعرفوني فأرسيل‬
‫إليه فقال ‪ :‬أتعرف الناسخ من المنسوخ ؟! فقال ‪ :‬ل‬
‫‪ .‬قال ‪ :‬فاخرج مببن مسببجدنا ول تببذكر فيببه ‪ .‬وفييي‬
‫رواييية أخييرى ‪ :‬أعلمييت الناسييخ والمنسييوخ ؟ قييال ‪ :‬ل ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬هلكت وأهلكت ! ومثله عن ابن عباس رضي الله‬
‫عنهما ‪ .‬أهي‬
‫وعن ابن عباس رضي الله عنهمييا أنييه قييال فييي قييوله‬
‫ة فقييد‬
‫ت الحكمي َ‬ ‫ة من يشاُء ومن ي ُييؤ َ‬
‫ُتعالى ‪ُ ) :‬يؤتي الحكم َ‬
‫ي خيييرا ً كييثيرا ً ( ] البقييرة ‪ , [ 269 :‬قييال ‪ :‬ناسببخه‬
‫أوتيي َ‬
‫ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومييؤخره وحللييه‬
‫وحرامه ‪ .‬أهي ] أخرجه ابن جرييير وابيين المنييذر وابيين أبييي‬
‫حاتم [‬
‫‪-2‬تعريف النسخ ‪:‬‬

‫‪ ()6‬وانظر ‪ :‬الرسالة ‪ 511-509‬وجامع بيان العلم وفضله ‪, 2/61‬‬


‫وروضة الناظر ‪ , 406-2/401‬ومجموع الفتاوى ‪ , 20/583‬وإعلم‬
‫الموقعين ‪ , 1/46‬وشرح الكوكب المنير ‪ , 467-4/459‬ومذكرة‬
‫الشنقيطي ‪. 312-311‬‬

‫)‪(11‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫النسييخ فييي اللغيية ‪ :‬الرفييع والزاليية ‪ ,‬ومنييه نسييخت‬


‫الشمس الظل ‪ ,‬ونحوه ‪ .‬قال الله تعييالى ‪ ) :‬فَينس ي ُ‬
‫خ اللييه‬
‫ن ( ] الحج ‪. [ 52 :‬‬
‫ما ُيلقي الشيطا ُ‬
‫النسخ في الصطلح ‪ :‬رفع حكم شرعي بخطاب جديد‬
‫‪ .‬قال الله تعالى ‪ ) :‬ما ننس ْ‬
‫خ من آيةٍ أو ننسها ( ] البقرة ‪:‬‬
‫‪. [ 106‬‬
‫قال في المراقي ‪:‬‬
‫بمحكم القرآن أو‬ ‫رفع لحكم أو بيان‬
‫بالسنن‬ ‫الزمن‬

‫وقال العلمة الشنقيطي رحمه الله ‪ :‬وحده رفع الحكم‬


‫الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخ عنه ‪ ..‬وقال قوم إن‬
‫النسخ كشف مدة العبادة بخطاب ثان إلى آخره ‪ ,‬حاصييل‬
‫هييذا القييول الخييير أن النسببخ بيببان لنقضبباء زمببن‬
‫الحكم الول لن ظاهر الخطاب الول أن الحكببم‬
‫مؤبببد والناسببخ قببد دل علببى انتهبباء زمنببه ‪ .‬أهييي‬
‫] المذكرة ‪[ 80-79‬‬
‫‪-3‬مرحلببة العفببو المكيببة منسببوخة بمرحلببة‬
‫القتال المدنية ‪ ,‬بإجماع المة المحمدية ‪:‬‬
‫نعني أن المر بالقتييال والجهيياد الييذي حصييل بالمدينيية‬
‫ناسخ للمر بالصفح والعفو الذي كان في مكة ‪.‬‬
‫قييال شيييخ المفسييرين المييام ابيين جرييير الطييبري ‪:‬‬
‫فنسخ الله جل ثناؤه العفو عنهم والصفح بفرض‬
‫قتالهم ‪ .‬أهي ثم نقل رحمه الله القول بالنسخ عن‬
‫ابن عباس وقتادة والربيببع بببن أنببس ‪ .‬أهي ي ] أنظيير‬
‫تفسير الطبري ‪[ 2/503‬‬
‫وكذلك نقل الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعييالى ‪:‬‬
‫) فاعفوا واصييفحوا حييتى يييأتي اللييه بييأمره ( نقييل القييول‬
‫بالنسخ عن ابن عباس ثم قال ‪ :‬وكذا قال أببو العاليبة‬
‫والربيع بن أنس وقتادة والسدي ‪ :‬إنها منسببوخة‬
‫بآية السيف ‪ .‬أهي ] تفسير القرآن العظيم ‪[ 1/154‬‬
‫وقال المييام ابيين عطييية فييي تفسيييره لييية السيييف ‪:‬‬
‫وهذه الية نسخت كل موادعة في القببرآن أو مببا‬
‫جرى مجرى ذلك ‪ .‬أهي ي ] تفسييير ابيين عطييية ‪[ 6/412‬‬

‫)‪(12‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫فآية السيف نسخت كل موادعة بييين المسييلمين والكفييار‬


‫وكل ما جرى مجرى ذلك كعدم الخروج عليهم ‪.‬‬
‫وقييال المييام القرطييبي فييي تفسييير قييوله تعييالى ‪:‬‬
‫) فاعفوا واصفحوا حتى يأتي اللييه بييأمره ( ‪ :‬هببذه اليببة‬
‫منسوخة بقوله ‪ ) :‬قاتلوا الذين ل يؤمنون ( إلببى‬
‫قوله )صاغرون( عن ابن عباس وقيببل ‪ :‬الناسببخ‬
‫لها ‪ ) :‬فاقتلوا المشركين ( ] الجامع لحكام القييرآن‬
‫‪[ 2/71‬‬
‫وقال فييي تفسييير قييوله تعييالى‪) :‬يييا أيهييا النييبي جاهييد‬
‫الكفار والمنييافقين واغلييظ عليهييم( ]التوبيية‪ :[73 :‬وهذه‬
‫الية نسخت كل شيء من العفببو والصببفح ‪ .‬أهي ي ]‬
‫المصدر السابق‪[ 8/205 :‬‬
‫وقال المام ابن حييزم‪ :‬وُنسبخ المنبع مبن القتبال‬
‫بإيجابه ‪.‬أهي ]الحكام في أصول الحكام ‪[4/82‬‬
‫وقييال شيييخ السييلم ابيين تيمييية‪ ...:‬فببأمره لهببم‬
‫بالقتال ناسخ لمره لهم بكف أيديهم عنهببم ‪ .‬أهي ي‬
‫] الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح‪[ 1/66 :‬‬
‫وقييال المييام السيييوطي‪ :‬قييوله تعييالى‪ ) :‬فبباقتلوا‬
‫المشركين حيث وجببدتموهم (‪ :‬هببذه آيببة السببيف‬
‫الناسبببخة ليبببات العفبببو والصبببفح والعبببراض‬
‫والمسالمة ‪ .‬أهييي ]الكليييل فييي اسييتنباط التنزيييل‪ :‬ص‪:‬‬
‫‪[138‬‬
‫وقال أيضًا‪ :‬كل ما في القرآن مببن الصببفح عببن‬
‫الكفببار والتببولي والعببراض والكببف عنهببم فهببو‬
‫منسوخ بآية السيف ‪ .‬أهي ]التحبير فييي علييم التفسييير‪:‬‬
‫ص‪[ 432 :‬‬
‫وهييذه المسييألة مسييألة إجماعييية ‪ ,‬ل تبطلهييا مزاعييم‬
‫إدعائييية ‪ :‬فقييد قييال المييام ابيين جرييير فييي تفسييير قييوله‬
‫تعالى‪ ) :‬قل للذين آمنوا يغفروا للببذين ل يرجببون‬
‫أيام الله( ] الجاثييية‪ : [14 :‬وهببذه اليببة منسببوخة‬
‫بببأمر اللببه بقتببال المشببركين‪ ،‬وإنمببا قلنببا هببي‬
‫منسببوخة لجمبباع أهببل التأويببل علببى أن ذلببك‬
‫كذلك ‪ .‬أهي ] تفسير الطبري‪[25/144:‬‬
‫وقييال المييام الجصيياص فييي قييوله تعييالى‪ ) :‬فببإن‬
‫اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما‬

‫)‪(13‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫جعلنا لكم عليهببم سببيل ً ( ] النسيياء‪ : [90 :‬ول نعلييم‬


‫أحييدا ً ميين الفقهيياء يحظيير قتييال ميين اعييتزل قتالنييا ميين‬
‫المشركين‪ ،‬وإنمييا الخلف فييي جييواز تييرك قتييالهم ل فييي‬
‫حظره فقد حصل التفاق من الجميببع علببى نسببخ‬
‫حظر القتال‪ ..‬أهي ] أحكام القرآن ‪[ 2/222‬‬
‫وقال المام الشوكاني ‪ :‬أما غزو الكفار ومنياجزة أهيل‬
‫الكفر وحملهم علييى السييلم أو تسييليم الجزييية أو القتييل‬
‫فهييو معلييوم ميين الضييرورة الدينييية‪ ...‬ومببا ورد فببي‬
‫موادعتهم أو في تركهم إذا تركوا المقاتلة فذلك‬
‫منسببوخ باتفبباق المسببلمين بمببا ورد مببن إيجبباب‬
‫المقاتلة لهم على كببل حببال‪ ..‬أهي ي ] السيييل الجييرار‬
‫‪[ 4/518‬‬
‫ونقل الجماع أيضا ً صديق حسن خببان بنفببس‬
‫ألفاظ الشببوكاني دون أن)‪(7‬ينسببب القببول إليببه ‪] .‬‬
‫انظر الروضة الندية ‪[ 2/333‬‬
‫بل حتى الشيخ اللباني غفر الله لييه – الييذي يستشييهد‬
‫بأقواله من قال بشبهة المرحلة المكية ‪ -‬أقر بهذا فقييال ‪:‬‬
‫في شريط بعنوان ) حركة حماس وأهل السيينة فييي خييان‬
‫يييونس ( وقييد سييجل بتاريييخ ‪ 8/1/1414‬هييي وهييو برقييم‬
‫‪ 747/1‬ميين سلسييلة الهييدى والنييور كمييا ذكيير مقييدم‬
‫م ميين خييان‬ ‫خ قاد ٌ‬‫الشريط ‪ ،‬ففي ذلك الشريط سأل الشي َ‬
‫يونس قائل ً ‪ ":‬يقول إخواننييا هنيياك ‪ :‬نحن نعتقببد فيمببا‬
‫يسمى بالمجتمع المكي ‪ ،‬من الصبر والييدعوة‪ ...‬لكيين‬
‫يقول ‪:‬خان يونس كل أهلها مسلمون‪،‬وأحيانا ً نضييطر إلييى‬
‫إزالة المنكر باليد فهل يجوز لنا أن نزيل منكرا ً باليييد ‪....‬؟‬
‫" ‪ ،‬فأجاب الشيخ ‪" :‬أول ً خرج منك كلمببة أظببن أنهببا‬
‫لم تكن مقصودة‪..‬أو بعبببارة أخببرى سبببق لسببان‬
‫عنهم ‪ ،‬ول أظن أنهم يقصدون معنى ذلك اللفظ‬
‫‪ ،‬ذكببرت فيمببا علببق فببي ذهنببي أنهببم يعتبببرون‬
‫أنفسهم في العهد المكي " ‪.. ..‬لننا نسمع نحن ميين‬
‫بعض النيياس أنهييم فعل ً يعتييبرون أنفسييهم بسسييب بعييض‬
‫الظييروف والضييغوط الييتي يعيشييونها أنهم فبي العهببد‬
‫المكببي ‪ ،‬وهببذا فيببه ضببلل مبببين ‪ ،‬لن اعتبببار‬
‫المسببلم نفسببه فببي العهببد المكببي معنبباه أنببه‬
‫يتخلص من أحكام مقطوع بين علماء المسببلمين‬
‫بوجوب إتيانها أو بوجوب البتعاد عنهببا ‪ ،‬وهببذا ل‬
‫يقوله مسلم أبدا ً ‪ ،‬وفي ظني أن الذي يحملهييم علييى‬
‫‪ ()7‬ولمن أراد زيادة فائدة في هذا الباب فليراجع " مراحل تشريع‬
‫الجهاد نسخ اللحق منها للسابق " للشيخ عبد الخر حماد الغنيمي‬
‫‪.‬‬

‫)‪(14‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫مثل هذه الكلمة فضل ً عن أن يعتقدوا معناها هو شعورهم‬


‫بأنهم ل يستطيعون أن يقوموا هم بأنفسهم بكثير أو قليييل‬
‫علييى القييل ميين الحكييام الشييرعية ‪ ،‬فالذي يحملهببم‬
‫علببى هببذا هببو فببي الواقببع جهلهببم بالسببلم‬
‫وبالقواعببد العلميببة السببلمية الببتي بهببا يتمكببن‬
‫المسلم من أن يتجباوب مبع كبل الظبروف البتي‬
‫يعيشببها دون أن يزعببم بببأنه يعيببش فببي العهببد‬
‫المكي أو في مثل العهد المكي "‪.‬أهي‬
‫‪-4‬ما بني على باطببل فهببو باطببل ‪ ,‬ومببا بنببي‬
‫على فاسد فهو فاسد ‪:‬‬
‫يقييول علميياء السييوء الدجليية ‪ :‬إن المجاهييدين أهييل‬
‫عجلة ! لنهم يتعجلون الجهاد ونحيين ل زلنييا فييي المرحليية‬
‫المكية ‪ ,‬ويستدلون لذلك بما أخرجه البخاري في صييحيحه‬
‫عن خباب بن الرت قال ‪ :‬شكونا إلييى رسييول الليه صيلى‬
‫الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبيية قلنييا‬
‫له أل تستنصر لنا أل تييدعو اللييه لنيا ؟ قييال ) كييان الرجييل‬
‫فيميين قبلكييم يحفيير لييه فييي الرض فيجعييل فيييه فيجيياء‬
‫بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك‬
‫عن دينه ‪ .‬ويمشييط بأمشيياط الحديييد مييا دون لحمييه ميين‬
‫عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه واللييه ليتميين هييذا‬
‫المر حييتى يسييير الراكييب ميين صيينعاء إلييى حضييرموت ل‬
‫يخيييياف إل اللييييه أو الييييذئب علييييى غنمييييه ولكنكبببم‬
‫تستعجلون(‪.‬‬
‫وهذا الحديث قبل أن ُيشرع الجهاد ‪ ,‬فكيف ُيستدل بييه‬
‫على تبطيء العباد ؟! قال اللييه تعييالى ‪) :‬وإن منكييم لميين‬
‫ليبطئن ( ] النسيياء ‪ [ 72 :‬قييال العميياد ابيين كييثير رحمييه‬
‫اللييه ‪ :‬وقييوله تعييالى ‪ ) :‬وإن منكييم لميين ليبطئن ( قييال‬
‫مجاهد وغير واحد ‪ :‬نزلت في المنافقين وقال مقاتييل بيين‬
‫حيييان ‪ ) :‬ليبطئن ( أي ليتخلفيين عيين الجهيياد ويحتمييل أن‬
‫يكون المراد أنه يتباطأ هو في نفسييه ويبطىييء غيييره عيين‬
‫الجهاد كما كان عبد الله بن أبي بن سلول ي قبحييه اللييه ي ي‬
‫يفعل يتأخر عن الجهاد ويثبط الناس عن الخروج فيه وهذا‬
‫قول ابن جريج وابن جرير ‪ .‬أهي ] تفسييير القييرآن العظيييم‬
‫‪[ 1/697‬‬
‫فاستدللهم باطل ‪ ,‬لنه بني على باطل ‪ ,‬فالجهاد قبييل‬
‫أن ُيشرع ليم يكين مين المعيروف ‪ ,‬أميا الييوم فهيو ذروة‬
‫سنام المعروف ‪ ,‬وكما قيل ‪ :‬تعجيل المعروف ‪ ,‬ملك‬
‫المعروف ‪ .‬وقد تضافرت الدلة علييى مشييروعية تعجيييل‬
‫المعروف – ومنه جهاد الدفع ‪. -‬‬

‫)‪(15‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫ففي الحديث الييذي يرويييه البخيياري ومسييلم عيين أبييي‬


‫هريرة رضي الله عنه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صيلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ ) :‬اختتن إبراهيم النبي عليه السلم وهييو ابيين‬
‫ثمييانين سيينة بالقييدوم ( وفييي رواييية عنييد الييبيهقي ‪ ) :‬إن‬
‫إبراهيم الخليل أمر أن يختن وهو ابن ثمانين سنة فعجببل‬
‫فاختتن بقدوم؛ فاشببتد عليببه الوجببع فببدعا ربببه؛‬
‫فأوحى الله إليه إنك عجلت قبل أن نأمرك باللة‬
‫قال ‪ :‬يا رب كرهت أن أؤخر أمرك (‪.‬‬
‫وقال الله تعالى ‪ ) :‬وما أعجلك عن قومك يا موسى )‬
‫‪ (83‬قال هم أولء على أثري وعجلييت إليييك رب لترضييى‬
‫)‪ ] ( (84‬طه [ قال ابن عاشييور رحمييه اللييه‪ :‬والعجييال ‪:‬‬
‫جعل الشيء عيياجل ً ‪ ..‬والييذي يؤخييذ ميين كلم المفسييرين‬
‫جببل مفارقببة قببومه‬ ‫وتشير إليه الية ‪ :‬أن موسى تع ّ‬
‫ليحضر إلى المناجاة قبل الّبان الببذي عّينببه اللببه‬
‫ة في تلقي الشييريعة حسييبما وعييده‬ ‫له ‪ ,‬اجتهادا ً منه ورغب ً‬
‫الله قبل أن يحيط بنو إسرائيل بجبل الطور ‪ ,‬ولببم يببراع‬
‫فببي ذلببك إل السبببق إلببى مببا فيببه خيببر لنفسببه‬
‫ولقببومه ‪ .‬أهي ي ] التحرييير والتنييوير ‪ [ 161-16/160‬وأي‬
‫والقوم أوجب بعييد التوحيييد ميين دفييع الصييائل‬
‫)‪(8‬‬
‫خير للنفس‬
‫عليهم عنهم ؟!‬
‫وعن أنس بن مالك قال ‪ .. :‬فانطلق رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بييدر‬
‫وجاء المشركون فقال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‬
‫) ل يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه ( فدنا‬
‫المشركون فقييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم ‪:‬‬
‫) قوموا إلى جنة عرضها السماوات والرض ( قال ‪ :‬يقول‬
‫عمير بن الحمام النصاري ‪ :‬يييا رسييول اللييه جنيية عرضييها‬
‫السماوات والرض ؟ قال ) نعم ( قال بخ بخ فقال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ) ما يحملك على قولك بخ بخ (‬
‫قال ل والله يا رسول الله إل رجيياءة أن أكييون ميين أهلهييا‬
‫قال ) فإنك من أهلها ( فييأخرج تمييرات ميين قرنييه فجعييل‬
‫يأكل منهن ثم قال ‪ :‬لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي‬
‫هذه إنها لحياة طويلة قال فرمى بمببا كببان معببه‬
‫من التمر ثم قاتل حتى قتل ( ] أخرجه مسلم [‬
‫وعن أبي هريرة قال ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ :‬يقول الله عز وجل ‪ :‬أنا عند ظين عبييدي بيي وأنيا‬
‫‪ ()8‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ‪ :‬فالعدو الصائل الذي‬
‫ُيفسد الدين والدنيا ل شيء أوجب بعد اليمان من دفعه ‪,‬‬
‫فل ُيشترط له شرط ‪ .‬أهي ] الختيارات العلمية لبن تيمية‬
‫‪[ 4/608‬‬

‫)‪(16‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫معه حين يذكرني إن ذكرني في نفسه ذكرته فييي نفسييي‬


‫وإن ذكرنييي فييي مل ذكرتييه فييي مل هييم خييير منهييم وإن‬
‫تقرب مني شبرا تقربت إليه ذرعا وإن تقييرب إلييي ذراعييا‬
‫تقربت منه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ( ‪.‬‬
‫م المعييروف إل بثلث يةٍ ‪:‬‬‫وعيين ابيين عبيياس قييال ‪ :‬ل ي َت ِي ّ‬
‫ره عنييده ‪ ,‬وسييتره ؛ فببإنه إذا عجلببه‬ ‫تعجيلببه ‪ ,‬وتصييغي ِ‬
‫ممه ‪ .‬أهي ] عيييون‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ستره‬ ‫وإذا‬ ‫‪,‬‬ ‫ظمه‬‫ّ‬ ‫ع‬ ‫هنأه ‪ ,‬وإذا صغره‬
‫الخبييار ‪ , 3/198‬المجالسيية برقييم ‪ , 685‬وذكييره ابيين‬
‫حمدون في تذكرته ‪[ 8/153‬‬
‫لم الجمحييي ‪ :‬قييال الحنييف بيين‬ ‫وقييال محمييد بيين س ي ّ‬
‫ث ‪ .‬قييالوا ‪ :‬ميا‬
‫ٍ‬ ‫ثل‬ ‫يي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫إل‬ ‫؛‬ ‫ٌ‬ ‫د‬‫محميو‬ ‫قيس ‪ :‬الرفقُ والنيياة ُ‬
‫جيي ُ‬
‫ل‬ ‫ل الصببالح ‪ ,‬وُتع ِ‬‫هن يا أبا بحر ؟ قال ‪ُ :‬تبادر بالعم ب ِ‬
‫ح الكفيَء أّيمييك ‪ .‬أهي ي ] أخرجييه ابيين‬ ‫ج مّيتييك ‪ ,‬وُتنكي ُ‬
‫إخييرا َ‬
‫عساكر في " تاريخ دمشيق " ‪ , 24/344‬وابين قتيبيية فييي‬
‫المجالسة برقم ‪[ 2675‬‬
‫وكما قال الول ‪:‬‬
‫إل التقى وعمل المعادِ‬ ‫ركضا ً إلى الله بغير زادِ‬
‫وكل زاد عرضة النفادِ‬ ‫والصبر في الله على‬
‫الجهادِ‬
‫غير التقى والبر والرشادِ‬

‫ثالثا ً ‪ :‬مناقشة منقاشية ‪:‬‬


‫الحكم يدور مع علته وجودا ً وعدما ً ‪:‬‬
‫يقول المخذلون المخدرون عن الجهاد في سبيل الله ‪:‬‬
‫إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ُيقاتل الكفار فييي مكيية‬
‫لنه كان مستضعفا ً هو ومن معه من الصحابة ‪ ,‬والن نحن‬
‫الجهاد ‪ ,‬وقال بعضهم – بييل‬ ‫في استضعاف فل يجب علينا‬
‫أكثرهم ‪ : -‬فل يجوز لنييا الجهيياد )‪ ..(9‬لن الحكييم يييدور مييع‬
‫علته وجودا ً وعدما ً ‪ ,‬وعلة الحكم هنا تدور حيييول " القوة‬
‫أو الستضعاف " ‪.‬‬
‫‪-1‬لماذا لم ُيقاتل النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫الكفار في مكة ؟‬
‫‪ ()9‬هذا إن لم يضللوا من قام بالجهاد أو ُيفسقوه أو ُيبدعوه أو‬
‫ُيكفروه !‬

‫)‪(17‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫إننييا لييو رجعنييا إلييى السيينة لوجييدنا فيهييا الجابيية هييذا‬


‫التساؤل‪:‬‬
‫قال العباس بن عبادة بن نضلة في بيعة العقبة الثانييية‬
‫للرسول صلى الله عليه وسييلم‪ :‬والييذي بعثييك بييالحق لئن‬
‫شئت لنميلن على أهل منى غدا ً بأسيييافنا ‪ .‬فقييال رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬لم أومر بذلك ( ] أخرجييه‬
‫أحمد [‬
‫فلم يقل رسول الله صلى الله عليه وسييلم ‪ :‬إننييا فييي‬
‫استضعاف ‪ ..‬ولم يقل ُ ‪ :‬ليس لدينا قدرة ‪ ..‬بل قال ‪ ) :‬لم‬
‫أومر بذلك ( ‪ ,‬فلما أميير بييذلك – أي بالقتييال ‪ -‬اسييتجاب‬
‫للمر وقاتل الكفار ‪ ,‬وهذا المر بيياق غييير منسييوخ ‪ ,‬وميين‬
‫قرأ القرآن والسنة علم ذلك علم اليقين ‪..‬‬
‫فلتبشروا بالخزي ثم‬ ‫ت فتوى الله ) إل‬‫وقرأ ُ‬
‫العاِر‬ ‫تنفروا (‬
‫يوم النفير( كما رواه‬ ‫ت قول محمد‬ ‫ووعي ُ‬
‫بخاري‬ ‫)فلتنفروا‬

‫قال المام ابن قيم الجوزييية رحمييه اللييه عيين مراحييل‬


‫تشييريع القتييال ‪ :‬وكببان محرم با ً ثببم مأذون با ً بببه ثببم‬
‫مببأمورا ً بببه لمببن بببدأهم بالقتببال ثببم مببأمورا ً بببه‬
‫لجميع المشركين‪ ...‬أهي ] زاد المعاد‪[ 2/58 :‬‬
‫‪-2‬ما هي علببة الحكببم فببي عببدم المببر بقتببال‬
‫الكفار في المرحلة المكية ‪:‬‬
‫إن أشهر المسالك – الطييرق ‪ -‬الييتي يتوصييل بهييا إلييى‬
‫معرفة العلة هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬النص ‪.‬‬
‫‪ -2‬الجماع ‪.‬‬
‫)‪(10‬‬
‫‪ -3‬السبر والتقسيم ‪.‬‬

‫‪ ()10‬انظر المدي ‪ , 3/364‬وفواتح الرحموت ‪ , 2/239‬والتلويح‬


‫والتوضيح ‪ , 2/68‬والوجيز ‪ , 212‬وغيرها ‪.‬‬

‫)‪(18‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫وإن أقوى المسالك في معرفة علة الحكييم هييو النييص‬


‫ثم الجماع ‪ ,‬فإذا لم تثبت العلة ل بنص ول بإجميياع تحييول‬
‫الباحث إلى استنباط العلة بالسبر والتقسيم ‪.‬‬
‫ومعنييى السييبر ‪ :‬الختبييار ‪ ,‬ومعنييى التقسيييم ‪ :‬هييو أن‬
‫يحصر الباحث الوصاف التي يراها صالحة لن تكييون عليية‬
‫للحكم ‪ ,‬ثم يكر عليها بالفحص والختبييار والتأمييل فيبطييل‬
‫منها ما يراه غير صييالح للبقيياء ‪ ,‬ويسييتبقي منهييا مييا يييراه‬
‫يذا‪(11‬اللغيياء والبقيياء‬
‫)‬
‫صالحا ً لن يكون علة حتى يصل بعييد هي‬
‫إلى أن هذا الوصف دون غيره هو العلة‪.‬‬
‫وبما أنه ل نص ول إجماع فييي مسييألتنا ‪ ,‬فنتحييول إلييى‬
‫السبر والتقسيم ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬التقسيم ‪:‬‬
‫نجد هنا ثلثة أوصاف قييد تصييلح لن تكييون عليية لعييدم‬
‫المر بالقتال في المرحلة المكية‪:‬‬
‫‪ -1‬مراعاة نفوس المسلمين ‪ ,‬والتدرج في الدعوة ‪.‬‬
‫‪ -2‬الستضعاف ‪.‬‬
‫‪ -3‬إقامة الحجة ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬السبر ‪:‬‬
‫إن الوصف " أ " ل يصلح لن يكون علة للحكم بييدليل‬
‫أن أكييثر الحكييام الشييرعية راعييت نفييوس المسييلمين ‪,‬‬
‫وتدرج الله سبحانه وتعييالى فييي تشييريعها ‪ ,‬فل ُيقييال أنهييا‬
‫علة لجميع هذه الحكام بحيث أن الحكم يدور معها وجودا ً‬
‫وعدما ً ‪.‬‬
‫وإن الوصييف " ب " ل يصييلح لن يكييون عليية للحكييم‬
‫ت‬‫بييدليل أن المسييلمين كييانوا فييي استضييعاف فييي فييترا ٍ‬
‫طويلة من المرحليية المدنييية أيضيا ً ‪ ,‬وأكييثر جيييوش النييبي‬
‫عدة ً ميين‬ ‫صلى الله عليه وسلم وسراياه كانت أقل عددا ً و ُ‬
‫العداء ‪ ,‬عن أبي العالية قييال ‪ :‬مكييث رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم بمكة عشر سنين بعدما أوحي إليه خائفييا ً‬
‫هييو وأصييحابه يييدعون إلييى اللييه سييرا ً وجهييرا ً ‪ ,‬ثم أمببر‬
‫بببالهجرة إلببى المدينببة وكببانوا فيهببا خببائفين‬

‫‪ ()11‬أنظر إرشاد الفحول ‪ , 2/892‬والوجيز في أصول الفقه ص‬


‫‪. 214‬‬

‫)‪(19‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫يصبحون ويمسون في السلح ‪ .‬أهي ] رواه القرطبي‬


‫في تفسيره ‪[12/272‬‬
‫وإن الوصييف " ت " هييو الوصييف الظيياهر المنضييبط‬
‫الذي يصلح أن يكون علة يدور معها الحكم وجودا ً وعدما ً ‪,‬‬
‫والله أعلم ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬علة الحكم في عدم المر بقتال الكفار‬
‫في المرحلة المكية ‪:‬‬
‫هي إقامة الحجيية ‪ ,‬فل ُيقاتييل قييوم حييتى ُتقييام عليهييم‬
‫الحجة ‪ ,‬ولذلك لم ُيؤمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال‬
‫الكفار في المرحلة المكية ‪ ,‬قال المام الفقيه ابن العربي‬
‫المالكي رحمه الله ‪ :‬قال علماؤنا كببان رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم قبل َبيعة العقبة لببم يببؤذن‬
‫ل لببه الببدماء ؛ إنمببا يببؤمر‬ ‫له في الحرب ولببم تحب ّ‬
‫بالدعاء إلى الله والصبر على الذى والصفح عببن‬
‫الجاهببل مببدة عشببرة أعببوام ؛ لقامببة حجببة اللببه‬
‫تعببالى عليهببم ‪ ,‬ووفبباء بوعببده الببذي امتببن بببه‬
‫ث‬‫ن حببتى َنبعبب َ‬ ‫معذبي َ‬ ‫بفضله في قوله ‪ ) :‬وما كنا ُ‬
‫رسول ً ( ] السراء ‪ [ 15 :‬فاستمّر النيياس فييي الطغيييان‬
‫وما استدلوا بواضح البرهان ‪ ,‬وكانت قريش قد اضطهدت‬
‫من اتبعه من قومه من المهاجرين حتى فتنوهم عن دينهم‬
‫ونفوهم عن بلدهم ؛ فمنهم من فييّر إلييى أرض الحبشيية ‪,‬‬
‫ومنهييم ميين خييرج إلييى المدينيية ‪ ,‬ومنهييم ميين صييبر علييى‬
‫دوا أمييره‬‫ت قريييش علييى اللييه تعييالى ور ّ‬ ‫الذى ‪ .‬فلمييا ع َت َي ْ‬
‫وكذبوا نيبيه علييه السييلم ‪ ,‬وعييذبوا مين آمين بيه ووحييده‬
‫دق نييبيه عليييه السييلم واعتصييم بييدينه ‪ ,‬أِذن‬ ‫وعبده‪ ,‬وص ي ّ‬
‫والمتنبباع والنتصببار‬ ‫بال‬ ‫ب‬ ‫القت‬ ‫بي‬
‫ب‬ ‫ف‬ ‫بوله‬
‫ظلمهببم ‪ ,‬وأنببزل ‪ُ ) :‬‬ ‫اللببه لرسب‬
‫ن للببذين ُيقبباَتلون‬ ‫َ‬ ‫أذ‬ ‫ممببن‬
‫بأنهم ظلموا ( إلى قوله ‪ ) :‬المور ( ‪ .‬أهي‬ ‫ُ‬

‫ت‬
‫أخرج مسلم في صحيحه عيين ابيين عييون قييال ‪ :‬كتبي ُ‬
‫إلى نافٍع أسأله عيين الييدعاء قبييل القتييال ؟ قييال ‪ :‬فكتييب‬
‫ي ‪ :‬إنما كان ذلك في أول السلم ‪...‬‬ ‫إل ّ‬
‫وقد بوب المام النووي رحمه الله علييى هييذا الحييديث‬
‫بقييوله ‪ ) :‬بباب جبواز الغبارة علبى الكفببار البذين‬
‫بلغتهبم دعببوة السبلم ‪ ,‬مبن غيببر تقببدم العلم‬
‫بالغارة ( ‪ .‬ثم قال في الشرح ‪ :‬وفي هذا الحديث جواز‬
‫الغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة من غير إنذار‬
‫بالغارة ‪ ,‬وفي هذه المسألة ثلثة مذاهب حكاها المييازري‬
‫والقاضي‪ ,‬أحدها ‪ :‬يجب النذار مطلقا ً ‪ ,‬قال مالك ‪ :‬وغييير‬
‫هذا ضعيف ‪ .‬والثاني ‪ :‬ل يجب مطلقا ً وهذا أضعف منييه أو‬

‫)‪(20‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫باطل ‪ ,‬والثييالث ‪ :‬يجب إن لببم تبلغهببم الببدعوة ‪ ,‬ول‬


‫يجب إن بلغتهم ‪ ,‬لكن يستحب ‪ ,‬وهذا هو الصحيح وبه‬
‫قببال نببافع مببولى ابببن عمببر والحسببن البصببري‬
‫والثوري والليث والشافعي وأبو ثور وابن المنذر‬
‫والجمهور ‪ .‬قال ابن المنذر ‪ :‬وهو قول أكثر أهل‬
‫العلم ‪ ,‬وقببد تظبباهرت الحبباديث الصببحيحة علببى‬
‫معناه ‪ .‬أهي ] شرح صحيح مسلم ‪[54-12/53‬‬
‫وأخرج المام مسلم في صييحيحه ‪ :‬عيين سييليمان ابيين‬
‫بريدة عن أبيه قييال‪ :‬كييان رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم إذا أميير أميييرا ً علييى جيييش أو سييرية أوصيياه فييي‬
‫خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ً ‪ .‬ثم قال‬
‫) اغزوا باسم الله وفي سبيل اللييه قيياتلوا ميين كفيير بييالله‬
‫اغزوا ول تغلوا ول تغدروا ول تمثلوا ول تقتلييوا وليييدا وإذا‬
‫لقيت عدوك مببن المشببركين فببادعهم إلببى ثلث‬
‫فاقبببل‬ ‫خصببال ) أو خلل ( فببأيتهن مببا أجببابوك‬
‫منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى السلم )‪ (12‬فإن‬
‫أجابوك فاقبل منهببم وكبف عنهببم ثييم ادعهييم إلييى‬
‫التحول من دارهم إلى دار المهيياجرين وأخييبرهم أنهييم إن‬
‫فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين‬
‫فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهييم يكونييون كييأعراب‬
‫المسييلمين يجييري عليهييم حكييم اللييه الييذي يجييري علييى‬
‫المؤمنين ول يكون لهم في الغنيميية والفيييء شيييء إل أن‬
‫يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبييوا فسييلهم الجزييية فييإن‬
‫هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاسييتعن‬
‫ث[‬‫بالله وقاتلهم ‪ ] ..‬الحدي َ‬
‫وعن سهل بن سعد أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال يوم خيبر ) لعطين الراية غدا رجل يحييب اللييه‬
‫ورسوله ويحبه الله ورسييوله يفتييح اللييه علييى يييديه فبييات‬
‫الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبحوا غدوا على‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهييم يرجييو أن يعطاهييا‬
‫فقال أين علي بن أبى طالب فقيل هو يشتكي عينيه قييال‬
‫فأرسلوا إليه فأتي به فبصق في عينيه ودعا له فييبرأ كييأن‬
‫لم يكن به وجع فأعطاه الراية وقال انفذ علببى رسببلك‬
‫حببتى تنببزل بسبباحتهم ثببم ادعهببم إلببى السببلم‬
‫وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه‬

‫‪ ()12‬قال النووي ‪ :‬هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم " ثم‬


‫ادعهم " ‪ ,‬قال القاضي عياض رضي الله عنه ‪ :‬صواب الرواية "‬
‫ادعهم " بإسقاط " ثم " ‪ ,‬وقد جاء بإسقاطها على الصواب في‬
‫كتاب أبي عبيد ‪ ,‬وفي سنن أبي داود وغيرهما ؛ لنه تفسير‬
‫للخصال الثلث وليست غيرها ‪ .‬أهي ] شرح صحيح مسلم ‪[ 12/56‬‬

‫)‪(21‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫فوالله لن يهدي الله بك رجل واحدا خير لك مببن‬


‫حمر النعم ( يدوكون ‪ :‬أي يخوضون ‪ ] .‬متفق عليه [‬
‫قال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهيياب رحمييه اللييه‬
‫فييي فييوائد هييذا الحييديث ‪ :‬الخامسببة والعشببرون ‪:‬‬
‫الدعوة إلى السلم قبل القتال ‪.‬‬
‫السادسة والعشرون ‪ :‬أنه مشروع لمن دعييوا قبييل‬
‫ذلييك وقوتلييوا ‪ ] .‬كتيياب التوحيييد ‪ -‬ببباب الببدعاء إلببى‬
‫شهادة أن ل إله إل الله [‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن بيين الشيييخ محمييد‬
‫بيين عبييد الوهيياب ‪ :‬وفيببه مشببروعية الببدعوة قبببل‬
‫القتال ‪ ,‬لكبن إن كبانوا قبد بلغتهبم البدعوة جباز‬
‫قتالهم ابتداءً؛ لن النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم أغييار‬
‫علييى بنييي المصييطلق وهييم غيياّرون ‪ ,‬وإن كببانوا لببم‬
‫تبلغهم الدعوة وجبببت دعببوتهم‪ .‬أهييي ] فتييج المجيييد‬
‫لشرح كتاب التوحيد ص‪[ 79‬‬
‫فالعلة التي يدور معها الحكم وجودا ً وعدما ً هي الدعوة‬
‫شييرع‬‫وإقامة الحجة ‪ ,‬فإن بلغت الدعوة قوما ً ميين الكفييار ُ‬
‫قتالهم ‪ ,‬وإن لم تبلغهييم لييم ُيشييرع قتييالهم ‪ .‬قييال الشيييخ‬
‫العلمة علي بن خضير الخضير فك الله أسييره فييي كتييابه‬
‫العظيم الجمع والتجريد شرح كتاب التوحيد ص‪: 130‬‬
‫المسألة الخامسيية والعشييرون ‪:‬الييدعوة إلييى السييلم‬
‫قبل القتال والشاهد ) ثم ادعهييم إلييى السييلم ( ‪ :‬وهذه‬
‫قاعببدة مببن قواعببد الببدعوة أنببه ل بببد مببن قيببام‬
‫الحجة قبل القتل والقتال والتعذيب إذا لببم يكببن‬
‫قد دعوا من قبل ‪ ،‬أما إذا دعوا من قبببل فتكببرار‬
‫سّنة )التيسير ص ‪، 110‬والفتييح ص‬ ‫الدعوة مرة أخرى ُ‬
‫‪.( 92‬‬
‫المسألة السادسة والعشرون ‪ :‬أنه مشروع لمن دعييوا‬
‫قبل ذلك وقوتلييوا ‪ ،‬والشيياهد )ثييم ادعهييم إلييى السييلم (‬
‫ووجه كونه سنة لنه دعوة ليهود خيبر ‪،‬وقد دعوا قبل ذلك‬
‫‪ ،‬وعرفوا ماذا ُيراد منهم ‪ ،‬ومعنى مشييروع أي مسييتحب ‪.‬‬
‫)التيسير ص ‪، 110‬والفتح ص ‪(92‬‬
‫وفيها قضية معاصرة ‪:‬‬
‫وهي هل ُيدعى اليوم في باب القتال والجهاد‬
‫العببام ؟ الجببواب ‪ :‬ل ؛ فقببد عببرف العببداء هببذا‬

‫)‪(22‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫الدين وماذا ُيراد منهم ‪ .‬سببئل المببام أحمببد هببل‬


‫ُيدع أحد اليوم )أي في زمنببه ( فقببال ‪ :‬ل أعببرف‬
‫اليبوم أحبدا ُيبدعى ‪ ,‬قبد بلغبت البدعوة كبل أحبد‬
‫فالروم قد بلغتهم الدعوة وعلموا ما ي ُببراد منهببم‬
‫)المغنييي والشييرح ‪ ، ( 10/380‬قييال الترمييذي فييي بيياب‬
‫الدعوة قبل القتال ‪ ) 5/267‬وقال أحمد ‪ :‬ل أعببرف‬
‫اليوم أحدا ُيدعى ( فإذا كان هذا زمن أحمببد فمببا‬
‫بالك بزماننا ؟ ا‪.‬هي‬
‫حكمببة مببن‬
‫‪-3‬هل الستضعاف علببة الحكببم أم ِ‬
‫حكم الحكم ‪:‬‬
‫ِ‬
‫حكييم عييدم‬ ‫حكميية ميين ِ‬
‫إن مسييألة الستضييعاف هييي ِ‬
‫مشروعية القتال في المرحلة المكية ل علة للحكم ‪ ,‬وهي‬
‫حكمة ضعف نفوس بعض المسلمين فييي بداييية السييلم‬ ‫ك ِ‬
‫بالنسييبة لمسييألة تييأخير تحريييم الخميير والزنييا ‪ ..‬أخييرج‬
‫البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قييالت ‪" :‬‬
‫إنما نزل أول ما نزل منه سييورة ميين المفصييل فيهييا ذكيير‬
‫الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلببى السببلم نببزل‬
‫الحلل والحببرام ولببو نببزل أول شببيء ل تشببربوا‬
‫الخمر لقالوا ل ندع الخمر أبدا ولو نببزل ل تزنببوا‬
‫لقالوا ل ندع الزنا أبببدا لقييد نييزل بمكيية علييى محمييد‬
‫صلى الله عليه وسيلم وإنيي لجاريية ألعيب ) بيل السياعة‬
‫موعدهم والساعة أدهى وأمر ( ‪ .‬وما نزلت سورة البقييرة‬
‫والنساء إل وأنا عنده " ‪ .‬أهي‬
‫فل يقييول قييائل ‪ :‬ل َييم يحييرم شييرب الخميير فييي العهييد‬
‫المكي لن نفوس بعض المسلمين ضعيفة ‪ ,‬والن نفييوس‬
‫كثير من المسلمين ضعيفة فل ُيحرم شييرب الخميير اليييوم‬
‫قياسا ً على العهد المكي ‪ ,‬والحكم يييدور مييع علتييه وجييودا ً‬
‫وعدما ً !!!‬
‫فهذا قول باطل ‪ ,‬لن مراعاة نفوس الناس إنمببا‬
‫حكم تأخير تحريم الخمر وليس هي علببة‬ ‫هي من ِ‬
‫ذلك ‪ ..‬قال صاحب الوجيز ‪ :‬يقول الصوليون ‪ :‬الحكببام‬
‫حكمها ‪ .‬بمعنببى أن الحكببم ُيوجببد‬‫تربط بعللها ل ب ِ‬
‫حكمته فبي بعببض‬ ‫ه ‪ ,‬وإن تخلفت ِ‬ ‫وجدت عّلت ُ‬‫متى ُ‬
‫الحيببان ‪ ,‬وأن الحكببم ينتفببي مببتى انتفببت علتببه‬
‫وإن وجدت حكمته في بعض الحيان ‪ ..‬أهي ] الوجيز‬
‫في أصول الفقه ص ‪[ 203‬‬
‫حكببم عببدم مشببروعية القتببال فببي‬
‫‪-4‬بعببض ِ‬
‫المرحلة المكية ‪:‬‬

‫)‪(23‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫ذكر الشيخ الستاذ سيد قطب رحمه الله في كتييابيه "‬


‫في ظلل القرآن " عند تفسييير سييورة النسيياء ] ‪-2/714‬‬
‫‪ [ 715‬وفييي " معييالم الطريييق " ] ص ‪ [ 71-67‬بعييض‬
‫حكم من عدم مشروعية القتييال فييي المرحليية المكييية ‪,‬‬ ‫ال ِ‬
‫وفيما يلي إجازوها ‪:‬‬
‫‪ -1‬إن الكف عن القتال في مكة ربمييا كييان لن الفييترة‬
‫المكييية كييانت فييترة تربييية وإعييداد ‪ ,‬في بيئة معينببة ‪,‬‬
‫لقوم معينين ‪ ,‬وسط ظروف معينبة‪ ,‬وميين أهييداف‬
‫التربية في مثييل هييذه الييبيئة ‪ :‬تربييية الفييرد العربييي علييى‬
‫الصبر على ما ل يصبر عليييه عييادة ميين الضيييم حييين يقييع‬
‫عليييه أو علييى ميين يلييوذون بييه ‪ :‬ليخلييص ميين شخصييه ‪,‬‬
‫ويتجرد ميين ذاتييه ‪ ,‬فل ينييدفع لول مييؤثر ‪ ,‬ول يهتيياج لول‬
‫مهيج ومن ثم يتم العتدال في طبيعته وحركته ‪ .‬ثم تربيته‬
‫على أن يتبع نظام المجتمع الجديد والتقيد بييأوامر القيييادة‬
‫الجديدة ‪ ,‬حيث ل يتصرف إل وفق ما تييأمره – مهمييا يكيين‬
‫مخالفا ً لمألوفه وعادته – وقد كان هذا هييو حجيير السيياس‬
‫فييي إعييداد شخصييية العربييي المسييلم لنشيياء " المجتمييع‬
‫المسلم " ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -2‬وربما كان ذلييك أيض يا لن الييدعوة السييلمية أشبد‬
‫أثرا ً وأنفببذ فببي مثببل بيئة قريببش ذات العنجهيببة‬
‫والشرف ‪ ,‬والتي قد يدفعها القتال معها – في مثل هييذه‬
‫الفيترة – إليى زييادة العنياد ونشيأة ثيارات دمويية جدييدة‬
‫كثارات العرب المعروفيية أمثييال داحييس والغييبراء وحييرب‬
‫البسوس ‪ ,‬وحينئذ يتحول السييلم ميين دعييوة إلييى ثييارات‬
‫تنسى معها فكرته الساسية ‪.‬‬
‫‪ -3‬وربما كان ذلك أيضا ً اجتنابا لنشاء معركيية ومقتليية‬
‫ً‬
‫داخل كييل بيييت ‪ ,‬فلم تكببن هنالببك سببلطة نظاميببة‬
‫عامة هي الببتي تعببذب المببؤمنين‪ ,‬وإنمييا كييان ذلييك‬
‫موكول ً إلى أولياء كل فييرد ‪ .‬ومعنييى الذن بالقتييال – فييي‬
‫مثل هذه البيئة – أن تقع معركة ومقتلة في كييل بيييت ثييم‬
‫يقال ‪ :‬هذا هو السلم ! ولقد قيلييت حييتى والسييلم يييأمر‬
‫بييالكف عيين القتييال ! فقييد كييانت دعاييية قريييش فييي‬
‫المواسم ‪ ,‬إن محمدا ً يفرق بين الوالد وولده فوق تفريقييه‬
‫لقومه وعشيرته ! فكيف لو كان كييذلك يييأمر الولييد بقتييل‬
‫الوالد ‪ ,‬والمولى بقتل الولي ؟‬
‫‪ -4‬وربما كان ذلييك أيضييا ً لما يعلمببه اللببه مببن أن‬
‫كثيرين من المعاندين الببذين يفتنببون المسببلمين‬
‫عن دينهبم ويعبذبونهم هبم بأنفسبهم سبيكونون‬
‫من جند السلم المخلص ‪ ,‬بل من قادته ‪ .‬ألم يكن‬
‫عمر بن الخطاب من بين هؤلء ؟!‬
‫‪ -5‬وربما كان ذلك أيضا ً لن النخوة العربيببة فببي‬
‫بيئة قبليببة مببن عادتهببا أن تثببور للمظلببوم الببذي‬
‫يحتمل الذى ‪ ,‬ول يتراجع وبخاصة إذا كببان الذى‬

‫)‪(24‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫واقعا ً على كرام الناس فيهم ‪ .‬وقييد وقعييت ظييواهر‬


‫كيثيرة تثبيت صييحة هييذه النظييرة فييي هييذه اليبيئة ‪ ,‬فيابن‬
‫الدغنة لييم يييرض أن يييترك أبييا بكيير – وهييو رجييل كريييم –‬
‫يهاجر ويخرج من مكة ‪ ,‬ورأى في ذلك عارا ً على العرب !‬
‫وعرض عليه جواره وحمايته ‪ ..‬وآخر هييذه الظيواهر نقيض‬
‫صحيفة الحصار لبني هاشم في شعب أبي طالب ‪.‬‬
‫‪ -6‬وربما كان ذلك أيضا ً لقلة عدد المسلمين‬
‫حينببذاك وانحصببارهم فببي مكببة حيببث لببم تبلببغ‬
‫الدعوة إلى بقيببة الجزيببرة ‪ ,‬أو بلغييت ولكيين بصييورة‬
‫متناثرة ‪ ,‬حيث كانت القبائل تقف على الحياد مين معركيية‬
‫داخلية بين قريش وبعض أبنائها ‪ ,‬لترى ماذا يكييون مصييير‬
‫الموقييف ‪ .‬ففببي مثببل هببذه الحالببة قببد تنتهببي‬
‫المعركة المحدودة إلى قتل المجموعة المسببلمة‬
‫القليلة – حتى ولو قتلوا هم أضعاف من سيقتل منهييم –‬
‫ويبقى الشرك ‪ ,‬ول يقوم للسييلم فييي الرض نظييام ‪ ,‬ول‬
‫يوجد له كيان واقعي ‪ ,‬وهييو دييين جيياء ليكييون منهييج حييياة‬
‫ونظام دنيا وآخرة ‪.‬‬
‫‪ -7‬إنه لم تكن هناك ضببرورة قبباهرة ملحببة ‪,‬‬
‫لتجاوز هذه العتبببارات كلهببا ‪ ,‬والمببر بالقتببال ‪,‬‬
‫ودفببع الذى ‪ ,‬لن المببر الساسببي فببي هببذه‬
‫الدعوة كان قائما ً ومحققا ً وهو " وجود الدعوة "‬
‫ووجودها في شببخص الداعيببة محمببد صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم ‪ ,‬وشخصببه فببي حمايببة سببيوف بنببي‬
‫هاشبببم ‪ ,‬فل تمتبببد إليبببه يبببد إل وهبببي مهبببددة‬
‫بالقطع ‪ .‬ولذلك ل يجرؤ أحد على منعه مببن إبلغ‬
‫الدعوة وإعلنها في ندوات قريش حول الكعبببة ‪,‬‬
‫ومن فوق جبل الصفا ‪ ,‬وفي الجتماعات العامببة‬
‫ول يجرؤ أحد علبى سبجنه وقتلبه ‪ ,‬أو أن يفبرض‬
‫عليه كلما ً بعينه يقوله ‪ ,‬بل إنهم حين طلبوا إليه‬
‫أن يكف عن سب آلهتهم وعيبها لم يكف ‪ ,‬وحين‬
‫طلبببوا إليببه أن يسببكت عببن سببب ديببن آبببائهم‬
‫وأجدادهم لم يسكت ‪ ,‬وحين طلبوا إليه أن يدهن‬
‫فيدهنوا ‪ ,‬أن يجاملهم فيجاملوه ‪ ,‬بأن يتبع بعببض‬
‫تقاليدهم ليتبعوا بعض عبادته لم يدهن ‪.‬‬
‫إن هذه العتبارات كلها – فيما نحسييب – كييانت بعييض‬
‫ما اقتضت حكمة الله – معيه – أن ييأمر المسييلمين بكييف‬
‫أيييديهم وإقييام الصييلة وإيتيياء الزكيياة ‪ ..‬ونحببن حيببن‬
‫نلتمس الحكمة في هذه الحالة وفببي غيرهببا مببن‬
‫التكاليف الشرعية ل نجزم بما نتوصل إليه ‪ ,‬لننا‬
‫حينئذ نتألى على الله ما لم يبّين لنا مببن حكمببة ‪.‬‬
‫ونفرض أسبابا ً وعلل ً قببد ل تكببون هببي السببباب‬
‫والعلل الحقيقية ‪ ,‬أو قد تكون ‪.‬‬

‫)‪(25‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫ذلك أن شأن المؤمن أمببام أي تكليببف ‪ ,‬أو أي‬


‫حكم من أحكببام الشببريعة هببو التسببليم المطلببق‬
‫لن الله سبحانه هو العليم الخبير ‪ ,‬وإنمببا نقببول‬
‫هذه الحكمة والسباب مببن ببباب الجتهبباد وعلببى‬
‫أنه مجرد احتمال لنه ل يعلم الحقيقببة إل اللببه ‪,‬‬
‫ولم يحددها هو لنا ويطلعنا عليهببا بنببص صببريح ‪.‬‬
‫أهب‬
‫)‪(13‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪ -5‬إلزام الخصوم‬
‫يقول الخصوم ‪ :‬أن الجهاد لم ُيشرع في العهد المكييي‬
‫بسبب الستضعاف ‪ ,‬والن نحن في استضعاف فل ُيشييرع‬
‫الجهاد اليوم !‬
‫فإليهم هذا اللببزام الببذي سبُيلجمهم إلجامبا ً ‪,‬‬
‫وهو من باب قول العرب ‪ " :‬وداوهببا بببالتي هببي‬
‫الداء " ‪:‬‬
‫أخرج الترمذي عن سهل بن سعد قال ‪ " :‬إنما رخص‬
‫النبي صلى الله عليببه وسببلم فببي المتعببة لعزبببة‬
‫كانت بالناس شديدة ثم نهى عنها بعد ذلك " ‪.‬‬
‫" فلما اشتدت العزبة بالناس رخص النييبي صييلى اللييه‬
‫نحن‪(14‬في عزبة شديدة‬ ‫)‬
‫عليه وسلم في زواج المتعة ‪ ,‬والن‬
‫بالناس فيجوز زواج المتعة اليوم !!! "‬
‫فإن أحتج أحد الخصوم برواية ‪ .. ) :‬وإن الله قييد حييرم‬
‫ذلك إلى يوم القيامة ( ‪ ,‬احتججنا عليه برواية ‪ .. ) :‬الجهاد‬
‫ميياض إلييى يييوم القياميية ( )‪ , (15‬قييال صيياحب الييوجيز ‪:‬‬
‫المحكم ‪ .. :‬هو اللفظ الييذي ظهييرت دللتييه بنفسييه علييى‬
‫مفسيير ‪ ,‬ول‬ ‫معناه ظهورا ً قويا ً على نحو أكثر ممييا عليييه ال ُ‬
‫يقبل التأويل ول النسخ ‪ ..‬ثم أخييذ يضييرب للمحكييم أمثليية‬
‫‪ ()13‬في جعبة العبد الفقير عدة إلزامات للخصوم ‪ ,‬ولكن نكتفي‬
‫بإلزام واحد اقتصارا ً واختصارًا‪.‬‬
‫‪ ()14‬هذا هو لسان حال القوم !‬
‫‪ ()15‬حديث ضعيف السناد ‪ ,‬ولكن صح في معناه أحاديث كثيرة‬
‫كالحديث المتفق عليه ‪ ) :‬الخيل معقود في نواصيها الخير إلى‬
‫يوم القيامة الجر والمغنم ( ‪ ,‬والحديث الذي أخرجه مسلم ‪) :‬ل‬
‫تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ظاهرين على من‬
‫ناوأهم إلى يوم القيامة ( وغيرها ‪.‬‬

‫)‪(26‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫من الكتاب والسنة فقال ‪ .. :‬وقوله صلى الله عليه وسلم‬


‫‪) :‬الجهاد ماض إلى يوم القياميية ( ‪ .‬ويسييمى هييذا النييوع ‪:‬‬
‫محكما ً لعينه ‪ .‬أهي ] الوجيز في أصول الفقه ص ‪[ 347‬‬
‫وقال صاحب " أصول الفقييه السييلمي " ‪ :‬المحكييم ‪ :‬هييو‬
‫لغة مأخوذ من إحكام البناء ‪ .‬وفي الصطلح ‪ :‬هييو مييا دل‬
‫على معناه المسوق لفادته بصيغته ول يحتمل التأويييل ول‬
‫التخصيص ول النسخ ل في زمن الرسالة ول بعييدها ‪ .‬فهييو‬
‫أقوى هذه النواع ‪ .‬وهو إما محكم لعينه إن انقطع احتمال‬
‫النسخ بما يدل على الدوام والتأبيد كقييوله تعييالى ‪ ) :‬ومييا‬
‫كان لكم أن تؤذوا رسول الله ول أن تنكحييوا أزواجييه ميين‬
‫بعده أبدا ً ( وقول رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم ‪) :‬‬
‫ض منذ بعثني اللببه إلببى أن يقاتببل آخببر‬ ‫الجهاد ما ٍ‬
‫أمتي الدجال ل يبطله جور جببائر ول عببدل عببادل‬
‫( ‪ ..‬أهي ] أصول الفقييه السييلمي ص ‪ [ 454‬وهكييذا تتييابع‬
‫أهل الصول على ذكر هذا المثال ‪.‬‬
‫‪-6‬سؤال للخصوم ‪:‬‬
‫بما أنكم فرقتم بيين المرحلييتين المكيية والمدنيية فييي‬
‫مسألة الجهاد في سبيل اللييه ‪ ,‬فل ِييم ل َييم تقولييوا بييالتفريق‬
‫بين المرحلتين في جميع المسائل التي لم ُتشييرع إل فييي‬
‫المرحلة المدنية ؟! وما هو دليل تخصيييص مسييألة الجهيياد‬
‫دون سواها من العبادات ؟!‬
‫فلم ُتشرع الزكاة بمقاديرها إل في السيينة الثانييية ميين‬
‫الهجرة على المشهور ‪ ,‬ولم ُيشرع صيام رمضييان إل فييي‬
‫شهر شعبان من السنة الثانييية ميين الهجييرة ‪ ,‬ولييم ُيشييرع‬
‫الحج إل فييي سيينة سييت بعييد الهجييرة وهييو المختييار لييدى‬
‫جح ابن القيييم أن افييتراض الحييج كييان‬ ‫جمهور العلماء ‪ ,‬ور ّ‬
‫سنة تسع أو عشر ‪ ..‬والقتال قد ُفرض فييي السيينة الثانييية‬
‫ميين الهجييرة وأذن بييه قبييل ذلييك ‪ ,‬فمببا الببذي جعلكببم‬
‫تفرقون بينه وبين سائر العبادات؟! هل قلتم ‪ :‬ل‬
‫زكاة ول صيام ول حج اليوم ! كما قلتم ‪ :‬ل جهاد‬
‫اليوم!‬
‫وهذا عين ما وقع فيه بعض الفئات الضالة فقالوا ‪ :‬إننا‬
‫نعيش في عصر استضعاف كالعهد المكي فيجب علينييا أن‬
‫" نأخييذ الحكييام علييى مراحييل كمييا كييان متبع يا ً فييي أول‬
‫السييلم‪ ،‬وهييو البييدء بمييا نييزل فييي مكيية بالنسييبة لعهييد‬
‫الستضعاف الذي نعيش فيه حاليًا‪ ،‬فييإذا تمكنييت الجماعيية‬
‫من الوصول إلى السييلطة وحكمييت بالسييلم أخييذت بمييا‬
‫نزل في المدينة في عهد التمكين وأما العصر الذي نعيش‬
‫فيه فهو عصر استضعاف فل تحرم المشركات ول الييذبائح‬
‫‪ -‬أي ذبائح المشركين ‪ -‬ول تجب صلة الجمعة ول العيدين‬

‫)‪(27‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫ول يجوز الجهاد بل يجببب كببف اليببدي وعببدم رد‬


‫العدوان وغير ذلك من الحكام التي لم تنزل إل بالمدينة‬
‫فييي عهييد التمكييين‪.‬أهي ي ]الحكييم وقضييية تكفييير المسييلم‬
‫للمستشار سالم البهنساوي ص‪[ 29 :‬‬
‫‪-7‬التسليم بعلة الحكم لدى الخصوم ‪:‬‬
‫حتى لو سلمنا جدل ً أن علة عدم قتال النبي صلى اللييه‬
‫عليه وسلم للكفار في المرحلة المكية هي الستضييعاف ‪,‬‬
‫فل نسلم أبدا ً أن الميية اليييوم فييي استضييعاف تييام ‪ ..‬بييل‬
‫ة فيها رجالت تنظيم القاعدة المبارك هي أمة‬ ‫نعتقد أن أم ً‬
‫قوية ‪ ,‬ومن ناقشنا في ذلك أحلناه إلى كتاب حكييم المية‬
‫الشيخ أيمن الظواهري حفظه اللييه " التبببرئة ؛ رسببالة‬
‫في تبرئة أمة القلم والسيف ‪ ,‬من منقصة تهمببة‬
‫الخور والضعف " ‪ ,‬وإن كابر فليسأل جنود المريكييان ‪,‬‬
‫وعسيياكر الصييلبان ‪ ,‬عيين قييوة جنييود الرحميين ‪ ,‬وشييدة‬
‫بطشهم في الميدان ‪ ,‬والحق ما شهدت به العداء !‬
‫ونحن ل نرض أبدا ً أن ُنتهم بتهمة الستضعاف والخور ‪,‬‬
‫قال الشييخ المجاهيد عبيد الليه عيزام رحميه الليه ‪ :‬فهيذا‬
‫الدين جاء بالسيف‪ ،‬وقام بالسيف‪ ،‬ويبقى بالسيف‪ ،‬ويضيع‬
‫إذا ضاع السيف‪ ،‬وهذا الدين دين هيبيية‪ ..‬دييين رهبيية‪ ،‬دييين‬
‫قييوة‪ ،‬دييين صييولة‪ ،‬دييين عييزة‪ ،‬والضعف فيببه جريمببة‬
‫ملئ ِك َي ُ‬
‫ة‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ن ت َوَفّيياهُ ُ‬ ‫ن ال ّي ِ‬
‫ذي ُ َ‬‫ْ‬ ‫ُ‬
‫يستحق َ صاحبها جهنببم‪ ) .‬إ ِ ّ‬
‫ن ِفييي‬
‫ْ‬ ‫في َ‬ ‫ضعَ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّقالوا كّنا ُ‬ ‫َ‬ ‫م ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫م َقاُلوا ْ ِفي َ َ‬‫س ْهِ َ َ ْ‬
‫ف ِ‬
‫ْ‬
‫مي أن ْ ُ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫َ‬
‫َ‬
‫جُروا ِفيهَييا‬ ‫ة)‪16‬فَ(ت ُهَييا ِ‬
‫سيعَ ً‬ ‫ض الليهِ َوا ِ‬ ‫ن أْر ُ‬ ‫ُ‬
‫م ت َكي ْ‬ ‫ض قَييال ْوَا ألي ْ‬
‫َ‬ ‫ل ُ ْورَليئ ِ‬ ‫َ‬
‫ا‬
‫صيًرا(‪.‬أهي‬ ‫ْ َ ِ‬‫م‬ ‫ت‬ ‫ساء‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ن‬‫ه‬‫ج‬
‫َ َ ُ ْ َ َ ّ ُ َ َ‬‫م‬ ‫ه‬ ‫وا‬ ‫أ‬‫م‬ ‫ك‬ ‫ْ ِ‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫بل ل يقول بترك العداء يصولون ويجولون فييي ديارنييا‬
‫بحجة الستضعاف إل أحمق ‪ ,‬قال الشيخ أيمن الظييواهري‬
‫حفظه الله ‪ :‬مبرر الحماقة هببو الببذي يبببرر التببولي‬
‫يوم الزحف والقعود عن قتال اليهود والصليبيين‬
‫الغببازين لببديار المسببلمين وأوليببائهم وحلفببائهم‬
‫بحجة العجز والضعف ‪ .‬أهي ] التبرئة ص ‪[ 50‬‬
‫‪-8‬من يحدد الستضعاف من عدمه ؟‬
‫لو سلمنا جدل ً أن علة عدم قتال النبي صلى الله علييه‬
‫وسلم للكفار في المرحلة المكية هي الستضعاف ‪ ,‬فميين‬
‫الذي يحدد ذلك ؟! أهم المجاهييدون أم القاعييدون ؟! قييال‬
‫الشيخ أيمن الظواهري حفظه الله ‪ :‬والعجيييب أن الكيياتب‬
‫يريد أن يفرض عجزه وضعفه على المجاهدين‪ ،‬الببذين ل‬
‫‪()16‬‬
‫ذكريات فلسطين ص‪.17 :‬‬

‫)‪(28‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫يرون أنفسهم عجزة ول ضعفاء‪ ،‬وهببذا مثببل مببن‬


‫يقول ل تصلوا قائمين‪ ،‬لني ل أسببتطيع الصببلة‬
‫قائمًا‪ ،‬ول تزكوا لني ل أملك نصبباب الزكبباة‪ ،‬ول‬
‫تحجوا لنببي ل أملببك القببدرة علببى الحببج‪ .‬الكيياتب‬
‫يقول إنه عاجز مستضعف‪ ،‬هذا رأيه وتلك مشكلته‪ .‬واللييه‬
‫أعلم بحاله ومييآله‪ .‬أما المجاهببدون فهببم أعلببم بمببا‬
‫يفعلون منك‪ ،‬وهاهو العدو يصرخ مببن ضببرباتهم‪،‬‬
‫وأمريكا تعتبرهم أكبر خطر يواجه أمنها القومي‪،‬‬
‫ومن حولك من عملء المباحث يتخوفون من يوم‬
‫الحساب‪ ،‬نسأل الله أن يكون قريبا ً بإذن الله‪ .‬أهيي‬
‫] التبرئة ص ‪[ 54‬‬
‫‪-9‬فرق بين السبب والشرط ‪:‬‬
‫هنيياك فييروق بييين السييبب وشييرط الوجييوب عييددها‬
‫الصوليون والفقهاء في كتبهييم ‪ ,‬وميين تلييك الفييروق كمييا‬
‫ذكر المام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتاب " تقرير‬
‫القواعييد وتحرييير الفييوائد " وغيييره أنييه ‪ :‬يجببوز تقببديم‬
‫الفعل قبل شرط وجوبه ول يجببوز تقببديمه قبببل‬
‫سببه ‪.‬‬
‫فسبب )‪ (17‬وجوب الزكاة – مثل ً – هو ‪ :‬ملك النصيياب ‪,‬‬
‫وشرط وجوب أداء الزكاة حولن الحول ‪ ,‬قال المام ابيين‬
‫قدامة المقدسي رحمه الله فييي حكييم تأدييية الزكيياة قبييل‬
‫وجود سببها ‪ :‬ول يجوز تعجيل الزكيياة قبييل ملييك النصيياب‬
‫بغييير خلف علمنيياه‪ .‬أهي ي ] المغنييي ‪ [ 3/411‬بينمييا نجييده‬
‫يقول في حكم تأدية الزكاة قبل وجود شرط وجوبها‪ :‬أنببه‬
‫مببتى وجببد سبببب وجببوب الزكبباة ‪ ,‬وهببو النصبباب‬
‫الكامل ‪ ,‬جاز تقديم الزكباة ‪ ...‬لنبه تعجيبل لمبال‬
‫وجد سبب وجوبه قبل وجوبه ‪ ,‬فجاز كتعجيييل قضيياء‬
‫الدين قبل حلوله أجله ‪ ,‬وأداء كفييارة اليمييين بعييد الحلييف‬
‫وقبل الحنث ‪ ,‬وكفارة القتل بعد الجييرح وقبييل الزهييوق ‪..‬‬
‫أهي ] المغني ‪[ 3/410‬‬
‫ومن المعلوم أن سبب جهاد الطلب هييو الكفيير ؛ قييال‬
‫المام القرطبي رحمه الله ‪ :‬فييدلت الييية والحييديث علييى‬
‫أن سبب القتال هو الكفر ؛ لنه قال ‪ ) :‬حتى ل تكون‬
‫فتنة ( أي كفر ‪ ,‬فجعل لغاية عدم الكفر وهذا ظيياهر ‪ .‬أهي ي‬
‫] تفسير القرطبي ‪ [ 2/354‬وسبب جهاد الدفع هو اعتييداء‬
‫الكفار ؛ قال سلطان العلماء العز بن عبييد السييلم رحمييه‬
‫الله ‪ :‬قوله تعيالى ‪ ) :‬فمين اعتيدى عليكيم فاعتيدوا علييه‬
‫‪ ()17‬السبب ‪ :‬ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته ‪.‬‬
‫] شرح الكوكب المنير ‪[ 1/445‬‬

‫)‪(29‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫بمثل ما اعتدى عليكييم ( ] البقييرة ‪ , [ 194 :‬ومعلييوم أن‬


‫ب للعتداء الثبباني‪ .‬أهييي ] قواعييد‬‫العتداء الول سب ٌ‬
‫الحكام في إصلح النييام ص ‪ [ 381‬بينمييا شييرط وجييوب‬
‫كل النوعين من الجهاد – الطلب والدفع ‪ -‬هو الستطاعة ‪.‬‬
‫فإذا وجد سييبب جهيياد الطلييب وهييو الكفيير جاز قتييال‬
‫الكفار ولكنه ل يجب إل إذا توفرت الستطاعة ‪.‬‬
‫وإذا وجد سبب جهيياد الييدفع وهييو اعتييداء الكفييار جاز‬
‫العتداء عليهم ولكنه ل يجب إل إذا توفرت الستطاعة ‪.‬‬
‫ومعلوم عند أهييل العلييم أن شرط الوجببوب ليببس‬
‫شرطا ً للجواز ‪ ,‬ومعرفة هذه القاعدة من أعظم ما ي ُييرد‬
‫به على من منييع ميين الجهيياد وحرمييه بحجيية الستضييعاف‬
‫وعدم الستطاعة‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬من قال بشبببهة المرحلببة المكيببة فببي‬
‫القتال فهو ليس من الفرقة الناجية ‪:‬‬
‫قييال اللييه تعييالى ‪ ) :‬ليييزدادوا إيمانييا مييع إيمييانهم (‬
‫] الفتح ‪ [ 4 :‬قال شيخ المفسييرين الطييبري رحمييه اللييه ‪:‬‬
‫يقييول ‪ :‬ليييزدادوا بتصببديقهم بمببا جببدد اللببه مببن‬
‫الفببرائض الببتي ألزمهموهببا الببتي لببم تكببن لهببم‬
‫لزمة ) إيمانا مع إيمانهم ( ‪ ..‬عن ابن عباس قيال ‪ :‬بعيث‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة أن ل إله إل الله فلمييا‬
‫صدقوه فيها زادهييم الصييلة فلمييا صييدقوه زادهييم الزكيياة‬
‫فلما صدقوه زادهم الصيام فلما صدقوه زادهييم الحييج ثييم‬
‫أكمييل لهييم دينهييم فييذلك قييوله ‪ ) :‬ليييزدادوا إيمانييا مييع‬
‫إيمانهم ( أي تصديقا بشرائع اليمان مع تصديقهم‬
‫باليمان ‪ .‬أهي‬
‫وقال الله تعالى ‪ ) :‬اليوم أكملت لكم دينكييم وأتممييت‬
‫عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم دينا ( ] المييائدة ‪[ 3 :‬‬
‫قال المام القرطبي رحمييه اللييه ‪ :‬قييوله تعييالى ‪ ) :‬اليييوم‬
‫أكملت لكم دينكم ( وذلك النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫حين كان بمكة لم تكن إل فريضة الصلة وحييدها ‪ ,‬فلمببا‬
‫دم المدينة أنببزل اللببه الحلل والحببرام إلببى أن‬ ‫َ‬
‫ق ِ‬
‫ج ؛ فلما حببج وكمببل الببدين نزلببت هببذه اليببة ‪:‬‬ ‫ح ّ‬
‫م أكملت لكم دينكم ( ‪ .‬أهي‬ ‫) اليو َ‬
‫فالدين في المرحلة المكية قبل أن ُيشرع القتييال دييين‬
‫ناقص غير كامل ‪ ,‬ليس هو الدين الذي ارتضاه الله تعييالى‬
‫لنا ‪ ,‬ول هو الدين الذي تركنا عليه رسول اللييه صييلى اللييه‬

‫)‪(30‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫عليه وسلم ‪ ,‬عن العرباض بن سارية قال ‪ :‬وعظنا رسول‬


‫الله صلى الله عليييه وسييلم موعظيية ذرفييت منهييا العيييون‬
‫ووجلت منها القلوب قلنا يا رسول الله إن هييذه لموعظيية‬
‫مودع فماذا تعهد إلينا ؟ قال ‪ ) :‬قد تركتكيم علييى البيضيياء‬
‫ليلها كنهارها ل يزيغ عنها بعدي إل هالك ومن يعييش منكييم‬
‫فسيرى اختلفا كثيرا فعليكم بما عرفتم مببن سببنتي‬
‫وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ( ] أخرجه أحمييد‬
‫وغيره وصححه الشيخ شعيب الرنؤوط [ ومما تركنا عليييه‬
‫رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم "القتال" وهييو ميين‬
‫سيينته وسيينة الخلفيياء الراشييدين المهييديين ‪ .‬قييال المييام‬
‫الوزاعي رحمه الله ‪ :‬كان ُيقال خمس كان عليها أصحاب‬
‫رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم والتييابعون بإحسييان ‪:‬‬
‫لييزوم الجماعيية واتبيياع السيينة وعمييارة المسيياجد وتلوة‬
‫القرآن والجهاد في سبيل الله ‪ .‬أهييي ] منييازل الئميية‬
‫الربعة للسلماسي ص ‪[ 35‬‬
‫أخرج المام الحاكم فييي المسييتدرك علييى الصييحيحين‬
‫عن عبد الله بن عمييرو ‪ ,‬والمييام الطييبراني فييي المعجييم‬
‫الصغير والوسط عن أنس بيين مالييك قييال ‪ :‬قييال رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬تفترق هذه المبة ثلثبة‬
‫وسبعين فرقة كلها في النببار إل واحببدة ( قييالوا ‪:‬‬
‫وما تلك الفرقة ؟ قال ‪) :‬من كان علببى مببا أنببا عليببه‬
‫اليوم وأصحابي(‪.‬‬
‫ول شك ول ريب أن النبي صلى الله عليه وسييلم قييال‬
‫هييذا الحييديث فييي المدينيية وليييس فييي مكيية ‪ ,‬وقييوله ‪) :‬‬
‫اليوم ( قيد مهييم فييي تحديييد الفرقيية الناجييية ‪ ,‬فالفرقيية‬
‫الناجية هي التي تتبع ما كان عليه النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم في المدينة لما أكتمل الييدين وتمييت النعميية ‪ ,‬وأمييا‬
‫من يقول بشييبهة المرحليية المكييية فهييو قطعيا ً ليييس ميين‬
‫الفرقة الناجية بل هو من أحد الفرق الضالة ‪..‬‬
‫صحيح أنه على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم في المرحلة المكية ‪ ,‬ولكيين ل يشييمله قييوله صييلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ) :‬اليوم وأصحابي ( فليس هو على مثييل‬
‫ما كان عليه النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم فييي المرحليية‬
‫المدنية والصحابة !‬
‫فهييو إذن ليييس ميين الفرقيية الناجييية ‪ ,‬إذ أن الفرقيية‬
‫الناجية تبدأ مما انتهى عليه النبي صلى الله عليه وسييلم ‪,‬‬
‫ل مما بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ,‬فل ُيهدم البنيياء‬
‫الراسخ الشامخ بحجة البدء مما بدأ به الباني الول !‬

‫)‪(31‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫ولئن كان القاديانية والبهائييية والبابييية قييد قييالوا برفييع‬


‫الجهيياد ونسييخه ‪ ,‬وأجمعييوا علييى ذلييك )‪ , (18‬فييإن مييرجئة‬
‫العصر قد قالوا بأن الجهاد إلى الن لم ينييزل ولييم ُيشييرع‬
‫أصل ً ‪ ,‬لكي يتعرض للنسخ أو الرفع !!! فل نزال نحن فييي‬
‫المرحلة المكية التي لم ُيشرع فيها القتال بعد !!! فسحقا ً‬
‫سحقا ً لمرجئة الزمان ‪ ,‬صبيان وعبيد المريكان ‪.‬‬
‫فوا عن التشهير والنكار‬ ‫ك ّ‬ ‫يا من عذلتم بالجهاد شبابنا‬
‫وعلى خطى الصحاب دوما ً‬ ‫أيلم من عشق الجنان‬
‫ساري‬ ‫وَروحها‬
‫ب لستنفار‬‫وبعزم ِ حّر ه ّ‬ ‫أيلم من هجر الحياة‬
‫ولهوها‬
‫يبغي بها الفردوس خير قرار‬ ‫أيلم من لله أرخص نفسه‬
‫وحذارِ من وصف النفاق حذاِر‬ ‫فدعوا الجهاد وأهله من‬
‫مكم‬ ‫لو ِ‬
‫يغزو فمات فميتة الشرار‬ ‫دث نفسه بالغزو‬ ‫من لم يح ّ‬
‫أو‬
‫وبتركه ذ ّ‬
‫ل وعيش صغار‬ ‫إن الجهاد هو الطريق‬
‫لعّزنا‬

‫‪ ()18‬قال الشيخ إحسان إلهي ظهير رحمه الله عن مؤسس‬


‫القاديانية غلم أحمد القادياني ‪ :‬أدى للستعمار خدمات جليلة‬
‫مع بقائه في صفوف المسلمين ‪ ..‬فكان من أعظم خدماته لهم ‪,‬‬
‫فتواه بأنه ل يجوز لمسلم أن يرفع السلح في وجه‬
‫النكليز لن الجهاد قد رفع ‪ ,‬وأن النكليز هم خلفاء الله‬
‫في الرض فل يجوز الخروج عليهم ‪ ,‬فسر منه‬
‫المستعمرون أيما سرور ‪ .‬أهي ]القاديانية دراسات وتحليل ص‬
‫‪ [ 30‬وقال أيضا ً ‪ :‬ومن الغرائب أن جميع هؤلء الخونة ‪,‬‬
‫المرتزقة من قبل أعداء الله ورسوله ‪ ,‬اتفقوا على أمر‬
‫واحد ‪ ,‬وأجمعوا عليه ‪ ,‬وهو إبطال الجهاد ‪ ,‬ونسخ‬
‫القتال ‪ ,‬ولو دفاعا ً عن الدين والعراض ‪ ..‬وأفتى كل‬
‫د منهم بوجوب الولء للمستعمر الغاشم ‪ ,‬والمستبد‬ ‫واح ٍ‬
‫الغاصب ‪ ,‬وبعدم التعرض له بسوء‪.‬أهي ] البابية عرض ونقد‬
‫ص‪[8‬‬

‫)‪(32‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫الخبببببباتمة‬
‫غرسييت فييي‬ ‫لقد ذكرنا في نقييش هييذه الشييوكة الييتي ُ‬
‫قلوب بعض المسلمين ‪ :‬صورا ً من الجهاد المكي ‪ ,‬ثم بينييا‬
‫إجماع العلماء على نسخ المرحلة المكييية ‪ ,‬ثييم بينييا العليية‬
‫الصييحيحة للمنييع ميين القتييال فييي المرحليية المكييية ‪ ,‬ثييم‬
‫حاورنيييا الخصيييوم وسيييألناهم وألزمنييياهم ‪ ,‬وأخييييرا ً بينيييا‬
‫ضللهم ‪.‬‬
‫ن منفييذا ً إل أغلقنيياه فييي وجهييه ‪ ,‬ول‬
‫فلم ندع لي جبييا ٍ‬
‫سلما ً إل حطمناه من تحت قييدمه ‪ ,‬حييتى بنينييا دونييه خييير‬
‫حائل ‪ ,‬ممتثلين في ذلك بقول القائل ‪:‬‬
‫ك من ازدحام‬ ‫خوفا ً علي َ‬ ‫م‬‫ك يو َ‬‫ن نها َ‬‫وإذا الجبا ُ‬
‫ل‬
‫الجحف ِ‬ ‫ة‬
‫كريه ٍ‬
‫واقدم إذا حقّ اللقا في‬ ‫ه ول تحف ْ‬
‫ل‬ ‫ص مقالت ُ‬ ‫فاع ِ‬
‫ل‬
‫الو ِ‬ ‫بها‬
‫ت كريما ً تحت ظل‬ ‫أو م ْ‬ ‫ك منزل ً تعلو‬ ‫واختر لنفس َ‬
‫ل‬‫القسط ِ‬ ‫به‬
‫ن ‪ ,‬ولو شيدته‬ ‫حص ٌ‬‫ِ‬ ‫ك من‬ ‫ت ل ُينجي َ‬ ‫فالمو ُ‬
‫‪19‬‬
‫ل) (‬ ‫بالجند ِ‬ ‫ه‬
‫آفات ِ‬

‫فليسكت وليصمت كل جبان ‪ ,‬رضييي لنفسييه النبطيياح‬


‫للمريكان ‪ ,‬وإييياه ثييم إييياه أن يييدلس ويلبييس علييى عبيياد‬
‫الرحميين ‪ ,‬منفييذا ً للجنييدة المريكييية ‪ ,‬بشييبهة المرحليية‬
‫المكية!‬
‫ُيخلي الطريق ول ُيغوي من‬ ‫ل‬
‫م بالقت ِ‬
‫من لم يكن منك ُ‬
‫اقتنعا‬ ‫مقتنعا‬

‫فعبثيا ً ينهانييا عيين سيياحات القتييال ‪ ,‬وأراضييي النييزال ‪,‬‬


‫فطاعتنا لهم محال محال!‬
‫ت‬
‫ت منك ولس َ‬ ‫فل َ ْ‬
‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫ك عني ! إلي َ‬
‫ك‬ ‫إلي َ‬
‫مني‬ ‫عني‬

‫‪()19‬‬
‫شرح ديوان عنترة للخطيب التبريزي ص ‪. 134‬‬

‫)‪(33‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫النوافح المسكية في‬
‫نقش شبهة المرحلة‬
‫المكية‬

‫وآخيير دعوانييا أن الحمييد للييه رب العييالمين ‪ ,‬والصييلة‬


‫والسلم على الصادق المين‪,‬وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫وكتب ‪ :‬أبو همام بكر بن عبد العزيز الثري‬
‫‪16/4/1430‬هي ‪12/4/2009 -‬م‬
‫فعلكم يا ابن العل فعل‬ ‫يا أبا منقاش أحسنت فزد‬
‫السد‬
‫كن عذابا ً من زوؤاما ً‬ ‫كن كمينا ً كن جحيما ً كن‬
‫ورصد‬ ‫لظى‬

‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫* * *‬
‫‪sw.dehwat.www//:ptth‬‬
‫‪ten.esedqamla.www//:ptth‬‬
‫‪ofni.hannusla.www//:ptth‬‬
‫‪moc.adataq-uba.www//:ptth‬‬
‫‪wt.jtm.www//:ptth‬‬

‫)‪(34‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬

You might also like