You are on page 1of 5

‫النسخ‬

‫هذا وبعد ذكر املذاهب ىف النسخ يتضح لنا جليا ما يلى‪:‬‬


‫أوال‪ :‬م !!ذهب اجلمه !!ور ال !!ذى ي !!رى أن النس !!خ ج !!ائز عقال وواق !!ع ش !!رعا ه !!و ال !!راجح لق !!وة األدل !!ة وس !!المتها مما‬
‫يعارضها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اخلالف بني أىب مسلم األصفهاىن واجلمهور خالف لفظى فقط‪ ،‬ألنه يرى م!ا ي!راه اجلمه!ور من أن النس!خ‬
‫ج !!ائز عقال‪ ،‬وأن ش !!ريعة س !!يدنا حمم !!د ص !!لى اهلل علي !!ه وس !!لم ناس !!خة جلمي !!ع الش !!رائع‪ ،‬ولكن م !!ا يس !!ميه العلم !!اء‬
‫نسخا ىف الشريعة الواحدة يسميه هو ختصيصا‪.‬‬
‫ثالث!!ا‪ :‬أفك!!ار النس!!خ عن!!د ف!!رق اليه!!ود الثالث ليس!!ت غاي!!ة‪ ،‬وإمنا هى وس!!يلة ألن الغاي!!ة هى إنك!!ار رس!!الة س!!يدنا‬
‫حممد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫ف!!إن أعج!!زهم إدراك ه!!ذه الغاي!!ة فال أق!!ل من إنك!!ار أهنم مط!!البون بتص!!ديقه واتباع!!ه فيم!!ا ج!!اء ب!!ه ص!!لى اهلل علي!!ه‬
‫وسلم‪ .‬وأم!ا النص!ارى فق!د أنك!روا ج!واز النس!خ عقال ووقوع!ه ش!رعا ليص!لوا من ه!ذا اإلنك!ار إىل غاي!ة حرص!وا‬
‫على حتقيقها‪ .‬هى بقاء دينهم إىل جانب اإلسالم حبجة أن ش!ريعة م!!ا ال تنس!خ بش!ريعة وأن حكم!ا ىف ش!ريعة ال‬
‫ينسخ حبكم ىف شريعة أخرى بعدها‪.‬‬

‫وقد تناول ىف تفسريه الذى ألفه دعاوى النسخ ىف القرآن‪ ،‬فأوهلا ووفق بينها على وجه ال ميكن معه‪ -‬على ح!!د‬
‫قوله‪ -‬أن يكون هن!اك تع!ارض بينه!ا ف!أّو ل م!ا رآه اجلمه!ور نس!خا على أن!ه من ب!اب انته!اء احلكم النته!اء زمان!ه‬
‫ومثل هذا ال يعترب نسخا‪.‬‬
‫واحلق أن الب!احثني ق!د اض!طربت أق!واهلم ىف ت!بني حقيق!ة م!ا ذهب إلي!ه أب!و مس!لم نتيج!ة الض!طرابات النق!ل عن!ه‪،‬‬
‫والص!!حيح ىف النق!!ل عن!!ه وه!!و م!!ا يلي!!ق ب!!ه كع!!امل مس!!لم أن النس!!خ واق!!ع بني الش!!رائع بعض!!ها م!!ع بعض واإلس!!الم‬
‫ناسخ للشرائع كلها‪ ،‬ولكنه ينكر وق!وع النس!خ ىف الش!ريعة الواح!دة واس!تدل على ه!ذا اإلنك!ار بقول!ه تع!اىل‪ :‬ال‬
‫َيْأِتيِه اْلباِط ُل ِم ْن َبِنْي َيَد ْيِه َو ال ِم ْن َخ ْلِفِه َتْنِز يٌل ِم ْن َح ِكيٍم ِمَح يٍد (‪.)١‬‬
‫وسأقوم بعون اهلل تعاىل بذكر وجه استدالله هبذه اآلية عقب ذكر أدلة اجلمهور‪.‬‬
‫وبعد هذا البيان عن املثبتني للنسخ واملنكرين له يظهر لنا أن املذاهب ىف النسخ مخسة هى‪:‬‬
‫‪ - ١‬جائز عقال وواقع ش!رعا ىف الش!ريعة الواح!دة وبني الش!رائع املختلف!ة وه!ذا ه!و م!ذهب مجه!ور املس!لمني م!ا‬
‫عدا أبا مسلم األصفهاىن‪.‬‬
‫‪ - ٢‬جائز عقال وواقع مسعا بني الشرائع املختلفة وغري واقع ىف شريعة سيدنا حممد صلى اهلل علي!!ه وس!!لم‪ .‬وه!!ذا‬
‫هو رأى أىب مسلم‪.‬‬
‫‪ - ٣‬جائز عقال وواقع مسعا وشريعة سيدنا حممد صلى اهلل عليه وس!لم غ!ري ناس!خة لش!ريعة س!يدنا موس!ى علي!ه‬
‫السالم‪ ،‬وه!ذا م!ذهب العيس!وية (‪( )١‬إح!دى ف!رق اليه!ود الثالث!ة) ال!ذين يع!رتفون برس!الته ص!لى اهلل علي!ه وس!لم‬
‫ولكنهم يقولون هى للعرب خاصة‪.‬‬
‫‪ - ٤‬جائز عقال وغري واقع مسعا وهذا مذهب العنانية (‪ )٢‬من اليهود‪.‬‬
‫‪ - ٥‬حمال عقال وشرعا وهذا مذهب الشمعونية (‪ )٣‬من اليهود‪.‬‬
‫ومما هو جدير بالذكر التنبيه على أن املقصود من مثبىت النسخ ومنكريه هم علماء املس!لمني‪ ،‬لكن ه!!ذا ال مينع!!ىن‬
‫من التعرض ولو بطريق اإلمجال تتميما للفائدة ملوقف فرق اليهود الثالث من قضية النسخ (‪.)٤‬‬

‫[أدلة املذاهب]‬
‫[أوال أدلة مجهور املسلمني‪]:‬‬
‫استدل اجلمهور على اجلواز العقلى بدليلني مها‪:‬‬
‫ال !!دليل األول‪ :‬أن النس !!خ ال ي !!رتتب على ف !!رض وقوع !!ه حمال‪ .‬حيث إن أحك !!ام اهلل تع !!اىل إم !!ا أن تش !!رع ملص !!احل‬
‫العباد‪ -‬كما تقول املعتزلة‪ -‬أو ال تشرع ملصاحلهم‪.‬‬
‫(‪ )١‬تنتسب هذه الغرفة إىل أىب عيسى إس!حاق بن يعق!وب األص!فهاىن ك!ان ىف زمن املنص!ور‪ ،‬وق!د زعم أن!ه ن!ىب‬
‫وأن !!ه رس !!ول املس !!يح املنتظ !!ر وزعم اهلل كلم !!ه وأن املس !!يح أفض !!ل ول !!د آدم (املل!!ل والنح !!ل للشهرس !!تاىن ‪،٢٠ /٢‬‬
‫‪.)٢١‬‬
‫(‪ )٢‬وتنتس!!ب ه!!ذه الطائف!!ة إىل عن!!ان بن داود رأس اجلالوت ومن ه!!ؤالء من ي!!زعم أن عيس!!ى علي!!ه الس!!الم ليس‬
‫نبّيا مرسال وإمنا هو من أولياء اهلل املخلصني (املرجع السابق ‪.)٢٠ /٢‬‬
‫(‪ )٣‬وتنتسب هذه الطائفة إىل مشعون بن يعقوب‪ ،‬ولعله صاحب فرقة من فرق اليهود الىت مل تشتهر‪.‬‬
‫(‪ )٤‬ق!!ال العط!!ار ىف حاش!!يته على مجع اجلوام!!ع (‪ )١٢١ /٢‬نّب ه البلقي!!ىن على أن حكاي!!ة خالف اليه!!ود ىف كتب‬
‫أصول الفقه حماال يليق‪ .‬ألن الكالم ىف أصول الفق!ه فيم!ا ه!و مق!رر ىف اإلس!الم‪ ،‬وىف اختالف الف!رق اإلس!المية‪.‬‬
‫أما حكاية خالف الكفار فاملناسب ذكرها ىف أصول الدين اه‪.‬‬
‫وإذا تبني أن املسألة هبذا الوضوح ‪ ،‬من حيث انعقاد امجاع العلماء عليها إال من شذ ‪ ،‬ومن حيث داللة‬
‫الكتاب والسنة عليها ‪ ،‬فإنه ال جيوز ملسلم أن خيالف يف هذا ‪ ،‬وأن يذهب إىل إنكار النسخ وعدم وقوعه ‪،‬‬
‫‪ :‬فإن هذا اتباع لغري سبيل املؤمنني ‪ ،‬فيشمله الوعيد الوارد يف قوله تعاىل‬

‫‪:‬قال اهلل تعاىل‬

‫ِلِه‬ ‫ِه‬ ‫ِمِن‬ ‫ِم ِد‬ ‫ِق‬


‫(‬ ‫َو َمْن ُيَش ا ِق الَّر ُس وَل ْن َبْع َم ا َتَبَنَّي َلُه اُهْلَد ى َو َيَّتِبْع َغْيَر َس ِبيِل اْلُم ْؤ َني ُنَو ِّل َم ا َتَو ىَّل َو ُنْص َجَه َّنَم َو َس اَءْت‬
‫‪.‬النساء (‪َ ) )115‬م ِص ًريا‬
‫فعًال"‬ ‫ال خالف بين المسلمين في جواز النسخ عقًال وشرعًا ‪ ،‬وال في وقوعه‬
‫ث وقيل ‪ :‬إن خالف أبي مسلم األصفهاني هو خالف لفظي ‪ ،‬وليس حقيقيا ‪.‬‬
‫‪ :‬وقال الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" (‪)1/432‬‬

‫‪ .‬وقد اتفق علماء اإلسالم على جواز النسخ ‪ ،‬ووقوعه"‬

‫‪ .‬ولم يخالف في ذلك إال أبو مسلم األصفهاني محمد بن بحر ‪ ،‬فقيل ‪ :‬إن خالفه لفظي" انتهى‬

‫‪ :‬وقال الشنقيطي رحمه هللا في "أضواء البيان" (‪)3/74‬‬

‫‪ .‬ال خالف بين المسلمين في جواز النسخ عقًال وشرعًا ‪ ،‬وال في وقوعه فعًال"‬

‫ومن ذكر عنه خالف في ذلك كأبي مسلم األصفهاني ‪ -‬فإنه إنما يعني أن النسخ تخصيص ل‪OO‬زمن الحكم بالخط‪OO‬اب الجدي‪OO‬د"‬
‫‪ .‬انتهى‬

‫أما المسألة الثانية‪ ،‬وهي حكم منكر وقوع النسخ‪ :‬فلم نجد أحًدا من أهل العلم كَّفر منك ره‪ ،‬ب ل‬
‫ينصون على أن أبا مسلم األصفهاني هو من أنكره من المس لمين‪ ،‬فنص وا على إس المه‪ ،‬ولم‬
‫يكفروه‪ ،‬ومن المعلوم أن التأويل ـ فضاًل عن الجهل ـ مانع من موان ع الحكم ب الكفر‪ ،‬وراج ع‬
‫‪.‬في ذلك الفتويين رقم‪ ،206329 :‬ورقم‪184489 :‬‬
‫والخالص ة أن النس خ واق ع بإجم اع من يعت د بهم من أه ل العلم‪ ،‬واإلق رار ب ذلك ه و الح ق‬
‫الواجب اعتقاده‪ ،‬ولكن ال يحكم بالكفر على منكره لمكان التأويل‪ ،‬أو الجهل‬
‫‪Kesmipulan bahwa ayat sudah jelas dan perkataan ulaam sdh jelas, harus kita imani adanya‬‬
‫‪naskh‬‬ ‫‪dan‬‬ ‫‪naskh‬‬ ‫‪itu‬‬ ‫‪terjadi‬‬
‫‪hukum bagi yang tidak memercayai naskj, adalah tidak kafir. Kita tidak boleh membnenarkan‬‬
‫‪perkataaan mereka dan mereka harus kita nasehati‬‬

‫‪Isawiyyah mengatakan kalau naskh boleh secarfaf akal dan syariat, kecuali pada‬‬
‫‪,syariat mereka yang dihapus oleh syariat Muhammad‬‬
‫األدلة السمعية على وقوع النس!!خ نوع!ان أح!دمها تق!وم ب!ه احلج!ة على منك!ري النس!!خ‬
‫هلم واآلخ!ر تق!وم‬ ‫من اليهود والنصارى من غري توقف على إثب!ات نب!وة الرس!ول‬
‫ب!!ه احلج!!ة على من آمن بنبوت!!ه ك!!أيب مس!!لم األص!!فهاين من املس!!لمني وكالعيس!!وية من‬
‫اليهود ف!إهنم يع!رتفون برس!الته علي!ه الص!الة والس!الم ولكن يقول!ون إىل الع!رب خاص!ة‬
‫وهؤالء‬
‫مقدمة‬

‫ولكن ظه !!ر الكث !!ري ممن خيالف الس !!لف يف مس !!ألة إثب !!ات النس !!خ‪ ,‬س !!واء من املبتدع !!ة‬
‫املنتس !!بني لإلس !!الم‪ ,‬أو من اليه !!ود ال !!ذين هم أص !!ل ه !!ذه املقال !!ة ‪ ,‬ول !!ذا فلعلي أذك !!ر‬
‫موقفهم يف ما يلي من الصفحات سائلة املوىل التوفيق والسداد إنه مسيع جميب ‪.‬‬

‫ه!!ذا م!!ا يس!!ر اهلل الوق!!وف علي!!ه ‪،‬فم!!ا ك!!ان في!!ه من ص!!واب فمن اهلل وم!!ا ك!!ان في!!ه من‬
‫خط!!أ فمن نفس!!ي والش!!يطان ‪ .‬وص!!لى اهلل وس!!لم على نبين!!ا حمم!!د وعلى آ ل!!ه وص!!حبه‬
‫أمجعني ‪m .‬‬

You might also like