Professional Documents
Culture Documents
.وذكر أبو عبيدة أنه من الطبقة الثالثة ،وقرنه بالحطيئة نابغة بني جعدة
في الشعر :فأخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا عمر بن شبة قال قال أبو عبيدة حدثنا يونس عن أبي عمرو
.قال :كان أوس شاعر مضر حتى أسقطه النابغة وزهير ،فهو شاعر تميم في الجاهلية غير مدافع
أخبرنا أحمد قال حدثنا عمر قال حدثنا الصمعي قال سمعت أبا عمرو يقول :كان أوس بن حجر فحل الشعراء؛ فلما نشأ
النابغة طأطأ منه .وأما الكلبي فإنه زعم أن من هذه الطبقة لبيد ابن ربيعة والشماخ بن ضرار .قال :وتميم إلى الن مقيمة على
:تقديم أوس .قال :ومنهم من يقول بتقديم عدي؛ وأنشد لحارثة بن بدر الغداني
عند العبادي الذي ل يجهل وقال يعقوب بن سليمان قال حماد :أدركت رجال من والشعراء كان مبيته ومظله
.بني تميم ل يفضلون على عدي في الشعر أحدا
أخبرني اليزيدي عن الرياشي عن الصمعي قال :تميم تروى هذه القصيدة الحائية لعبيد ،وذلك غلط؛ ومن الناس من يخلطها
.بقصيدته التي على وزنها ورويها لتشابهما
غنت فتاة أعرابية له في السحاب :أخبرني علي بن سليمان الخفش قال أخبرنا أبو سعيد السكري قال حدثنا علي بن الصباح
قال حدثني عبيد الله بن الحسين بن المسود بن وردان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :خرج أعرابي مكفوف
ومعه ابنة عم له لرعي غنم لهما .فقال الشيخ :أجد ريح النسيم قد دنا ،فارفعي رأسك فانظري .فقالت :أراها كأنها ربرب
معزى هزلي .قال :ارعي واحذري .ثم قال لها بعد ساعة :إني أجد ريح النسيم قد دنا ،فارفعي رأسك فانظري .فقالت :أراها
كأنها بغال دهم تجر جللها .قال :ارعي واحذري .ثم مكث ساعة ثم قال :إني لجد ريح النسيم قد دنا ،فانظري .قالت :أراها
كأنها بطن حمار أصحر .فقال :ارعي واحذري .ثم مكث ساعة فقال :إني لجد ريح النسيم ،فما ترين? قالت :أراها كما قال
:الشاعر
يكاد يدفعه من قال بـالـراح دان مسف فوق الرض هيدبه
ريط متشرة أو ضوء مصباح كأنما بين أعـله وأسـفـلـه
والمستكن كمن يمشي بقرواح فقال :انجي ل أبا لك فما انقضى كلمه حتى فمن بمحفله كمن بنـجـوتـه
.هطلت السماء عليهما
.البيت الثاني من هذه البيات ليس من رواية ابن حبيب ول الصمعي
معنى قول الجارية :كأنها بطن حمار أصحر ،تعني أنه أبيض فيه حمرة .والصحرة لون كذلك .وقوله :فمن بمحفله كمن بنجوته،
يعني من هو بحيث احتفل السيل واحتفال كل شيء معظمه كمن في نجوته .وقد روي :بمحفشه ،وهما واحد ،ومعناهما مجرى
معظم السيل .يقول :فمن هو في هذا الموضع منه كمن بنجوته أي ناحية عنه سواء لكثرة المطر .والقراح :الفضاء؛ يقال قرواح
.وقرياح .ويقال في معنى المحفش :حفشت الودية إذا سالت ،وتحشفت المرأة على ولدها إذا قامت عليه
كان يسير ليل فصرعته ناقته ،فأكرمه فضالة بن كلدة ،فمدحه :أخبرني علي بن سليمان الخفش قال حدثني علي بن أبي
عامر السهمي المصري قال حدثني أبو يوسف الصبهاني قال حدثني أبو محمد الباهلي عن الصمعي ،وذكر هذا الخبر أيضا
التوزي عن أبي عبيدة ،فجمعت روايتيهما ،قال :كان أوس بن حجر عزل مغرما بالنساء؛ فخرج في سفر ،حتى إذا كان بأرض بني
أسد بين شرج وناظرة ،فبينا هو يسير ظلما إذ جالت به ناقته فصرعته فاندقت فخذاه فبات مكانه؛ حتى إذا أصبح غدا جواري
الحي يجتنين الكمأة وغيرها من نبات الرض والناس في ربيع .فبينا هن كذلك إذ بصرن بناقته تجول وقد علق زمامها في شجرة
وأبصرنه ملقى ،ففزعن فهربن .فدعا بجارية منهن فقال لها :من أنت? قالت :أنا حليمة بنت فضالة بن كلدة ،وكانت أصغرهن؛
فأعطاها حجرا وقال لها :اذهبي إلى أبيك فقولي له :ابن هذا يقرئك السلم .فأخبرته فقال :يا بنية ،لقد أتيت أباك بمدح طويل
أو هجاء طويل .ثم احتمل هو وأهله حتى بنى عليه بيته حيث صرع وقال :والله ل أتحول أبدا حتى تبرأ؛ وكانت حليمة تقوم عليه
:حتى استقل .فقال أوس بن حجر في ذلك
بصحراء شرج إلى ناظره جدلت على ليلة سـاهـره
فليست بطلق ول ساكـره تزاد ليالي في طـولـهـا
وأعيت بها أختها الغابـرة وقال في حليمة :أنوء برجل بها ذهـنـهـا
أن شأس بن زهير بن جذيمة أقبل من عند ملك قال أبو عبيدة :أراه النعمان وكان بينه وبين زهير صهر قال أبو عبيدة :ثم
حدثني مرة أخرى قال :كانت ابنة زهير عنده فأقبل شأس بن وهير من عنده وقد حباه أفضل الحبوة مسكا وكسا وقطفا
وطنافس ،فأناخ ناقته في يوم شمال وقرعلى ردهة في جبل ورياح بن السك أحد بني رباع بن عبيد بن سعد بن عوف بن
رجلن على الردهة ليس غير بيته بالجبل؛ فأنشأ شأس يغتسل بين الناقة والبيت؛ فاستدبره رياح فأوى بسهم فبتر به صلبه .قال
أبو عبيدة وحدثني رجل يخيل إلي أنه أبو يحيى الغنوي قال :ورد شأس وقد حباه الملك بحبوة فيها قطيفة حمراء ذات هدب
وطيب ،فورد منعجا وعليه خباء ملقى لرياح بن السك فيه أهله في الظهيرة؛ فألقى ثيابه بفنائه ثم قعد يهرقي عليه الماء،
والمرأة قريبة منه يعني امرأة رياح فإذا هو مثل الثور البيض .فقال رياح لمرأته :أنطيني قوسي؛ فمدت إليه قوسه وسهما،
وانتزعت المرأة نصله لئل يقتله؛ فأهوى عجلن إليه فوضع السهم في مستدق الصلب بين فقارتين ففصلهما ،وخر ساقطا؛
وحفر له حفرا فهدمه عليه ،ونحر جمله وأكله .قال :وقال عبد الحميد :أكل ركوبته وأولج متاعه بيته .وقال عبد الحميد :وفقد
شأس وقص أثره ونشد ،وركبوا إلى الملك فسألوه عن حاله .فقال لهم الملك :حبوته وسرحته .فقالوا :وما متعته به? قال:
مسك وكسا ونطوع وقطف .فأقبلوا يقصون أثره فلم تتضح لهم سبيله .فمكثوا كذلك ما شاء الله ،ل أدري كم ،حتى رأوا امرأة
رياح باعت بعكاظ قطيفة حمراء أو بعض ما كان من حباء الملك .فعرفت وتيقنوا أن رياحا ثأرهم .قال أبو عبيدة :وزعم الخر
قال :نشد زهير بن جذيمة الناس ،فانقطع ذكره على منعج وسط غني ،ثم أصابت الناس جاءحة وجوع ،فنحر زهير ناقة ،
فأعطى امرأة شطيها فقال :اشترى لي الهدب والطيب .فخرجت بذلك الشحم والسنام تبيعه حتى دفعت إلى امرأة رياح،
فقالت :إن معي شحما أبيعه في الهدب والطيب؛ فاشترت المرأة منها .فأتت المرأة زهيرا بذلك ،فعرف الهدب ،فأتى زهير
غنيا ،فقالوا :نعم قتله رياح بن السك ،ونحن برءاء منه .وقد لحق بخاله من بني الطماح وبني أسد بن خزيمة ،فكان يكون الليل
عنده ويظهر في أبان يريم الروى ؛ إلى أن أصبح ذات يوم وهو عنده وعبس تريغه .فركب خاله جمل وجعله على كفل وراءه.
فبينا هو كذلك إذ دنت ،فقالوا :هذه خيل عبس تطلبك .فطمر في قاع شجر فحفر في أصل سوقه .ولقيت الخيل خاله فقالوا:
هل كان معك أحد? قال :ل .فقالوا :ما هذا المركب زراءك? لتخبرنا أو لنقتلنك قال :ل كذب ،هو رياح في ذلك القاع .فلما دنوا
منه قال الحصينان :يا بني عبس دعونا وثأرنا ،فخنسوا عنهما .فأخذ رياح نعلين من سبت فصيرهما على صدره حيال كبده،
ونادى :هذا غزالكما الذي تبغيان .فحمل عليه أحدهما فطعنه ،فأزالت النعل الرمح إلى حيث شاكلته ،ورماه رياح موليا فجذم
صلبه .قال :ثم جاء الخر فطعنه فلم يغن شيئا ،ورماه موليا فصرعه .فقالت عبس :أين تذهبون إلى هذا والله ليقتلن منكم عدد
مراميه ،وقد جرحاه فسيموت .قال :وأخذ رياح رمحيهما وسلبيهما وخرج حتى سند إلى أبان .فأتته عجوز وهو يستدمي على
الحوض ليشرب منه وقالت :استأسر تحي ،فقال :جنبيني حتى أشرب .قال فأبت ولم تنته .فلما غلبته أخذ مشقصا وكنع به
كرسوعي يديها .قال فقال عبد الحميد :فلما استبان لزهير بن جذيمة أن رياحا ثأره قال يرثي شأسا :رثاء زهير بن جذيمة لبنه
:شأس
بماء غني آخر الـلـيل يسـلـب بكيت لشأس حـين خـبـرت أنـه
وما كان لول غرة اللـيل يغـلـب لقد كان مأتاه الـرداه لـحـتـفـه
كذاك لعمري الحين للمرء يجلـب فتيل غني ليس شكل كـشـكـلـه
وحق لشأس عبرة حين تسـكـب سأبكي عليه إن بكـيت بـعـبـرة
على مثل ضوء البدر أو هو أعجب وحزن علـيه مـا حـييت وعـولة
وكان لدي الهيجاء يخشى ويرهـب إذا سيم ضيما كان للضيم منـكـرا
أجاب لما يدعو له حـين يكـرب وإن صوت الداعي إلى الخير مـرة
فقلبي عليه لو بدا القلب ملـهـب ففـرج عـنـه ثـم كـان ولـيه
وقال زهير بن جذيمة حين قتل شأس :شأس وما شأس والبأس وما البأس لول مقتل شأس ،لم يكن بيننا بأس .قال :ثم
.انصرف إلى قومه ،فكان ل يقدر على غنوي إل قتله
قال عبد الحميد :فغزت بنوعبس غنيا قبل أن يطلبوا قودا أو دية مع أخي شأس الحصين بن زهير بن جذيمة والحصين بن أسيد
بن جذيمة ابن أخي زهير .فقيل ذلك لغني؛ فقالت لرياح :انج ،لعلنا نصالح على شيء أو نرضيهم بدية أو فداء .فخرج رياح رديفا
لرجل من بني كلب وزعم أبو حية النميري أنه من بني جعد وكان معهما صفيحة فيها آراب لحم ،ل يريان إل أنهما قد خالفا
وجهة القوم ،فأرجفا أيديهما في الصحيفة فأخذ كل واخذ منهما وذرة ليأكلها ،مترادفين ل يقدران على النزول .قال :فمر فوق
رؤوسهما صرد فصرصر ،فألقيا اللحم وأمسكا بأيديهما وقال :ما هذا ثم عادا إلى مثل ذلك فأخذ كل واحد منهما عظما ،ومر
الصرد فوق رؤوسهما فصرصر؛ فألقيا العظمين وأمسكا بأيديهما وقال :ما هذا ثم عادا الثالثة فأخذ كل واحد منهما قطعة ،فمر
الصرد فوق رؤوسهما فصرصر ،فألقيا القطعتين ؛ حتى فعل ذلك ثلث مرات ،فإذا هما بالقوم أدنى ظلم وأدنى ظلم أي أدنى
شيء ،وقد كانا يظنان أنهما قد خالفا وجهة القوم .فقال صاحبه لرياح :اذهب فإني آتي القوم أشاغلهم عنك وأحدثهم حتى
تعجزهم ثم ماض إن تركوني .فانحدر رياح عن عجز الجمل فأخذ أدراجه وعدا أثر الراحلة حتى أتى ضفة فاحتفر تحتها مثل
مكان الرنب فولج فيه ،ثم أخذ نعليه فجعل إحداهما على سرته والخرى على صفنه ثم شد عليهما العمامة ،ومضى صاحبه
حتى لقي القوم ،فسألوه فحدثهم وقال :هذه غني كاملة وقد دنوت منهم ،فصدقوه وخلوا سربه .فلما ولى رأوا مركب الرجل
خلفه ،فقالوا :من الذي كان خلفك? فقال :ل مكذبة ذلك رياح في الوائل من السمرات .فقال الحصينان لمن معهما :قفوا علينا
حتى نعلم علمه فقد أمكننا الله من ثأرنا ،ولم يريدا أن يشركهما فيه أحد ،فمضيا ووقف القوم عنهما .قالوا قال رياح :فإذا هما
ينقلن فرسيهما ،فما زال يريغاني ،فابتدراني فرميت الول فبترت صلبه ،وطعنني الخر قبل أن أرميه وأراد السرة فأصاب
الربلة ،ومر الفرس يهوي به ،فاستدبرته بسهم فرشقت به صلبه فانفقر منحنى الوصال ،وقد بترت صلبيهما .قال أبو عبيدة
قال أبو حية :بل قال رياح :استدبرته بسهم وقد خرجت قدمه فقطعتها ،فكأنما نشرت بمنشار .قال عبد الحميد :وند فرساهما
فلحقا بالقوم .قال رياح :فأخذت رمحيهما فخرجت بهما حتى أتيت رملة فسندت فغرزت الرمحين فيها ثم انحدرت .قال :وطلبه
القوم ،حتى إذا رفع لهم الرمحان لم يقربوهما علم الله حتى وجدوا أثر رياح خارجا قد فات .وانطلق رياح خارجا حتى ورد ردهة
عليها بيت أنمار بن بغيض وفيه امرأة ولها ابنان قريبان منها وجمل راتع في الجبل ،وقد مات رياح عطشا .فلما رأته يستدمي
طمعت فيه ورجت أن يأتيها ابناها ،فقالت له :استأسر .فقال لها :دعيني ويحك أشرب ،فأبت .فأخذ حديدة إما سكينا وإما
:مشقصا فجذم به رواهشها فماتت ،وعب في الماء حتى نهل ثم توجه إلى قومه .فقال رياح فيها وفي الحصينين
حينا ويعلو قولها قـولـي قالت لي استأسر لتكتفـنـي
مني غداة وقفت للـخـيل ولنت أجرأ من أسـامة أو
عدل الرجازة جانب المـيل قال الثرم :الرجازة شيء يكون مع المرأة في إذ الحصين لدى الحصين كما
هودجها ،فإذا هو مال أحد الجانبين وضعته في الناحية الخرى ليعتدل .قال أبو عبيدة :يعني حصين بن زهير بن جذيمة ،وحصين
.بن أسيد بن جذيمة وهو ابن عمه
قال أبو عبيدة قال عبد الحميد :والله لقد سمعت هذا الحديث على ما حدثتك به منذ ستين سنة قال عبد الحميد :وما سمعت
أن بني عبس أدركوا بواحد منهم ول اقتادوا ول أنذروا ،ول سمعت فيه من الشعر لنا ول لغيرنا في الجاهلية بأكثر مما أنشدتك.
وإلى هذا انتهى حديثنا وحديثه ،ول والله ما قتل خالد بن جعفر زهير بن جذيمة في حربنا ،غير أن الكميت بن زيد السدي،
وكانت له أمان من غني ،ذكر من مقتل أخواله من غني في بني عبس ومن قتلوا من بني نمير بن عامر في كلمة له واحدة؛
:فلعله لهذا الحديث قالها وذكر إدراكاتهم وذكر قتل شبيب بن سالم النميري ،فقال في ذلك
لمين فيهم في الفروع وفي الصل أنا ابن غني والـداي كـلهـمـا
وهم عدلوا بين الحصينين بالنـبـل هم استودعوا هوى شبيب بن سالـم
أباه زهيرا بالـمـذلة والـثـكـل وهم قتلوا شأس الملوك ورغـمـوا
بما قود يوما لـديهـا ول عـقـل قال أبو عبيدة :فذكر عبد الحميد أنه أتى فما أدركت فيهم جـذيمة وتـرهـا
عليهم هنيئة من الدهر ل أدري كم وقت ذلك بعد انصرام أمر شأس .قال :فما زادوا على هذا فهو باطل .قال الثرم :هبيئة من
.الدهر وهنيهة وبرهة وحقبة بمعنى الدهر
قال أبو عبيدة وحدثني أبو سرار الغنوي قال :كان زهير رجل عدوسا ،فانتقل من قومه ببنيه وبني أخويه زنباع وأسيد بركبة
يريغ الغيث في عشروات له وشول .قال :وبنو عامر قريب منهم ول يشعر بهم .قال عبد الحميد وأبو حية :بل بنو عامر بدمخ
وزهير بالنفرات وبينهم ليلتان أو ثلث .قال فقال أبو سرار :فأتى الحارث بني عامر ،والله ما تغير طعم اللبن الذي زوده
الحارث بن عمرو بن الشريد السلمي حتى أتى بني عامر فأخبرهم .قال أبو عبيدة أخبرني سليمان بن المزاحم المازني عن
أبيه قال :بل كانت بنو عامر بالجريئة وزهير بالنفرات ،وكانت تماضر بنت عمرو بن الشريد بن رياح بن يقظة بن عصية بن
خفاف السلمي امرأة زهير بن جذيمة وهي أم ولده .فمر بها أخوها الحارث بن عمرو .فقال زهير لبنيه :إن هذا الحمار لطليعة
عليكم فأوثقوه .فقالت أخته لبنيها :أيزوركم خالكم فتوثقوه وتحرموه فخلوه .فقالت تماضر لخيها الحارث :إنه ليريبني اكبئنانك
وقروبك ،فل يأخذن فيك ما قال زهير؛ فإنه رجل بيذارة غيذارة شنوءة .قال :ثم حلبوا له وطبا وأخذوا منه يمينا أل يخبر عنهم
ول ينذر به أحدا .قال أبو عبيدة :وزعم أبو حية النميري أنه لما أتوه بقراهم أراهم أنه يشربه في الظلمة وجعل يهوي به إلى
جيبه فيصبه بين سرباله وصدره أسفا وغيظا .قال :وكان الذي حلب له الوطب وقراه الحارث بن زهير ،وبه سمي .قال :فخرج
يطير حتى أتى عامرا عند ناديهم ،فأتى حاذة أو شجرة غيرها فألقى الوطب تحتها والقوم ينظرون ،ثم قال :أيتها الشجرة
الذليلة اشربي من هذا اللبن فانظري ما طعمه .فقال أهل المجلس :هذا رجل مأخوذ عليه عهد وهو يخبركم خبرا .فأتوه فإذا
هو الحارث بن عمرو ،وذاقوا اللبن فإذا هو حلو لم يقرص بعد ،فقالوا :إنه ليخبرنا أن طلبنا قريب .فركب معه ستة فوارس
لينظروا ما الخبر ،وهم خالد بن جعفر بن كلب على حذفة ،وحندج بن البكاء ،ومعاوية بن عبادة بن عقيل فارس الهرار وهو
الخيل جد ليلى الخيلية قال :والخيل هو معاوية ،قال :وهو يومئذ غلم له ذؤابتان ،وكان أصغر من ركب ثلثة فوارس من سائر
بني عامر؛ فاقتصوا أثر السير ،حتى إذا رأوا إبل بني جذيمة نزلوا عن الخيل .فقالت النساء :إنا لنرى حرجة من عضاه أو غابة
رماح بمكان لم نكن نرى به شيئا ،ثم راحت الرعاء فأخبروا بمثل ما للنساء .قال :وأخبرت راعية أسيد بن جذيمة أسيدا بمثل
ذلك؛ فأتى أسيد أخاه زهيرا فأخبره بما أخبرته به الراعية وقال :إنما رأت الخيل بني عامر ورماحها .فقال زهير :كل أزب نفور
فذهبت مثل؛ وكان أسيد كثير الشعر خناسيا وأين بنو عامر أما بنو كلب فكالحية إن تركتها تركتك ،وإن وطئتها عضتك .وأما بنو
كعب فإنهم يصيدون اللي يريد الثور الوحشي .وأما بنو نمير فإنهم يرعون إبلهم في رؤوس الجبال .وأما بنو هلل فيبيعون
.العطر .قال :فتحمل عامة بني رواحة ،وآلي زهير ل يبرح مكانه حتى يصبح .وتحمل من كان معه غير ابنيه ورقاء والحارث
قال :وكان لزهير ربيئة من الجن فحدثه ببعض أمرهم حتى أصبح ،وكانت له مظلة حتى أصبح ،وكانت له مظلة دوج يربط فيها
أفراسه ل تريمه حذرا من الحوادث .قال :فلما أصبح صهلت فرس منها حين أحست بالخيل وهي القعساء .فقال زهير :ما لها?
فقال ربيئته :أحست الخيل فصهلت إليهن .فلم تؤذنهم بهم إل والخيل دوائس محاضير بالقوم غدية .فقال أنهم أهل اليمن :يا
أسيد ما هؤلء الذين تعمي حديثهم منذ الليلة .قال :وركب أسيد فمضى ناجيا .قال :ووثب زهير وكان شيخا نبيل فتدثر القعساء
فرسه ،وهو يومئذ شيخ قد بدن وهو يومئذ عقوق متهم ،واعرورى ورقاء والحارث ابناه فرسيهما ،ثم خالفوا جهة مالهم ليعموا
على بني عامر مكان مالهم فل يأخذوه .فهتف هاتف من بني عامر :يا ليحامر يريد يحامر وهو شعار لهل اليمن لن يعمي على
الجذميين من القوم .فقال زهير :هذه اليمن ،قد علمت أنها أهل اليمن وقال لبنه ورقاء :انظر يا ورقاء ما ترى? قال ورقاء:
أرى فارسا على شقراء يجهدها ويكدها بالسوط قد ألح عليها يعني خالدا .فقال زهير :شيئا ما يريد السوط إلى الشقراء،
فذهبت مثل ،وقال في المرة الثانية :شيئا ما يطلب السوط على الشقراء ،وهي حذفة فرس خالد بن جعفر ،والفارس خالد بن
جعفر .قال :وكانت الشقراء من خيل غني .قال :وتمردت القعساء بزهير؛ وجعل خالد يقول :ل نجوت إن نجا مجدع يعني
زهيرا .فلما تمعطت القعساء بزهير ولم تتلعق بها حذفة ،قال خالد لمعاوية الخيل بن عبادة وكان على الهرار حصان أعوج :
أدرك معاوي ،فأدرك معاوية زهيرا ،وجعل ابناه ورقاء والحارث يوطشان عنه أي عن أبيهما .قال فقال خالد :اطعن يا معاوية
في نساها ،فطعن إحدى رجليها فانخذلت القعساء بعض النخذال وهي في ذلك تمعط .فقال زهير :اطعن الخرى ،يكيده بذلك
لكي تستوي رجلها فتحامل .فناداه خالد :يا معاوية أفد طعنتك أي اطعن مكانا واحدا فشعشع الرمح في رجلها فانخذلت .قال:
ولحقه خالد على حذقة فجعل يده وراء عنق زهير ،فاستخف به عن الفرس حتى قلبه ،وخر خالد فوقع فوقه ،ورفع المغفر عن
رأس زهير وقال :يا لعامر اقتلونا معا فعرفوا أنهم بنو عامر .فقال ورقاء :وا انقطاع ظهراه إنها لبنو عامر سائر اليوم .وقال
غيره :فقال بعض بني جذيمة :وا انقطاع ظهري .قال :ولحق حندج بن البكاء وقد حسر خالد المغفر عن رأس زهير فقال :نح
رأسك يا أبا جزء ،لم يحن يومك فنحى خالد رأسه وضرب حندج رأس زهير ،وضرب ورقاء بن زهير رأس خالد بالسيف وعليه
درعان ،وكان أسجر العينين ،ازب أقمر ،مثل الفالج ،فلم يغن شيئا .قال :وأجهض ابنا زهير القوم عن زهير فانتزعاه مرتثا.
فقال خالد حين استنقذ زهيرا ابناه .والهفتاه قد كنت أظن أن هذا المخرج سيسعكم ولم حندجا .فقال حندج وكان لجللته
غصة إذا تكلم .السيف حديد ،والساعة شديد ،وقد ضربته ورجلي متمكنتان في الركابين وسمعت السيف قال قب حين وقع
برأسه ،ورأيت على ظبته مثل ثمر المرار ،وذقته فكان حلوا .فقال خالد :قتلته بأبي أنت .ونظر بنو زهير فإذا الضربة قد بلغت
الدماغ .ونهي بنو زهير أن يسقوا أباهم الماء ،فاستسقاهم فمنعوه حتى نهك عطشا .قال :وذلك أن المأموم يخاف عليه الماء،
حتى بلغ منه العطش ،فجعل يهتف :أميت أنا عطشا .وينادي :يا ورقاء قال أبو حية :فجعل ينادي يا شأس فلما رأوا ذلك سقوه
:فمات لثالثة .فقال ورقاء بن زهير
فأقبلت أسعى كالعجـول أبـادر رأيت زهيرا تحت كلكل خـالـد
يريغان نصل السيف والسيف نادر إلى بطلين ينهضـان كـلهـمـا
وأحرزه مني الحديد المظـاهـر قال أبو عبيدة :وسمعت أبا عمرو بن العلء فشلت يميني إذ ضربت ابن جعفر
:ينشد هذا البيت فيها
وشل بناناها وشل الخناصـر قال أبو عبيدة :وأنشدني أبو سرار أيضا فيها :وشلت يميني يوم أضرب خالدا
ويوم زهير لم تلدني تماضر تماضر بنت عمرو بن الشريد بن رياح بن يقظة بن فيا ليتني من قبل أيام خالـد
:عصية بن خفاف السلمي امرأة زهير بن جذيمة .قال أبو عبيدة :أنشدني أبو سرار فيها
فماذا الذي ردت عليك البشائر شعر لخالد بن جعفر يمن على هوازن بقتله لعمري لقد بشرت بي إذ ولدتني
:زهير
وقال خالد بن جعفر يمن على هوازن بقتله زهيرا ويصدق الحديث قال أبو عبيدة أنشدنيه مالك بن عامر بن عبد الله بن بشر
:بن عامر ملعب السنة
أعتقتهم فتـوالـدوا أحـرارا بل كيف تكفرني هوازن بعدما
جدع النوف وأكثر الوتـارا وقتلت ربهم زهيرا بعـدمـا
أرضا فضاء سهلة وعشـارا وجعلت حزن بلدهم وجبالهم
عقل الملوك هجائنا أبكـارا قال أبو عبيدة :أل ترى أنه ذكر في شعره أن زهيرا وجعلت مهر بناتهم ودمائهـم
.كان ربهم وقد كان جدعهم ،وأنه قتله من أجلهم ل من أجل غني ،وأن غنيا ليسوا من ذلك في ذكر ول لهم فيه معنى
:شعر لورقاء بن زهير :قال :وقال ورقاء بن زهير
حتى يسالم ذئب الثلة الراعي أما كلب فإنا نسـالـمـهـا
إل أسيدا نجا إذ ثوب الداعي شعر للفرزدق ينعي فيه على بني عبس ضربة بنو جذيمة حاموا حول سيدهم
:ورقاء خالدا :قال :ثم نعى الفرزدق على بني عبس ضربة ورقاء خالدا ،واعتذر بها إلى سليمان بن عبد الملك فقال
لتأخير نفس حتفها غير شاهـد إن يك سيف خان أو قدر أبـى
نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد فسيف بني عبس وقد ضربوا به
وتقطع أحيانا منـاط الـقـلئد كذاك سيوف الهند تنبو ظباتهـا
إلى علق تحت الشراسيف جامد قال :وكان ضلع بني عبس مع جرير ،فقال ولو شئت قد السيف ما بين عنقه
.الفرزدق فيهم هذه البيات .هذه رواية أبي عبيدة
وأما الصمعي فإنه ذكر ،فيما رواه الثرم عنه ،قال حدثني غير واحد من العراب أن سبب مقتل زهير العبسي أن ابنه شأس
بن زهير وفد إلى بعض الملوك فرجع ومعه حباء قد حبي به ،فمر بأبيات من بني عامر بن صعصعة وأبيات من بني غني على
ماء لبني عامر أو غيرهم الشك من الصمعي .قال :فاغتسل ،فناداه الغنوي :استتر فلم يحفل بما قال .فقال :استتر ويحك
البيوت بين يديك؛ فلم يحفل .فرماه الغنوي رياح بن السك بسهم أو فقتله والحي خلوف ،فاتبعه أصحاب شأس وهم في عدة،
فركب الفلة واتبعوه فرهقوه ،فقتل حصينا وأخاه حصينا ،ثم نجا على وجهه حتى أدركه العطش ،فلجأ إلى منزل عجوز من بني
إنسان وبنو إنسان حي من بني جشم .فقالت له العجوز :ل تبرح حتى يأتي بني فيأسروك .قال الصمعي :فأخبرني مخبران
:اختلفا؛ فقال أحدهما :إنه أخذ سكينا فقطع عصبتي يديها ،وقال الخر :أخذ حجرا فشدخ به رأسها ،ثم أنشأ يقول
مني غداة وقفـت لـلـخـيل ولنت أشجع مـن أسـامة أو
عدل الرجازة جانب الـمـيل إذ الحصين لدى الحصين كمـا
جاشت ليغلب قولها على قولي قال :فضرب للزمان ضربانه ،فالتقى خالد بن جعفر وإذا أنهنهـهـا لفـتـلـهـا
بن كلب وزهير بن جذيمة العبسي .فقال خالد لزهير :أما آن لك أن تشتفي وتكف? قال الصمعي :يعني مما قتل بشأس قال:
فأغلظ له زهير وحقره .قال الصمعي :وأخبرني طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب أن ذلك الكلم بينهما كان بعكاظ عند
قريش .فلما حقره زهير وسبه قال خالد :عسى إن كان يتهدده ثم قال :اللهم أمكن يدي هذه الشقراء القصيرة من عنق زهير
بن جذيمة ثم أعني عليه .فقال زهير :اللهم أمكن يدي هذه البيضاء الطويلة من عنق خالد ثم خل بيننا .فقال قريش :هلكت
.والله يا زهير .فقال :إنكم والله الذين ل علم لكم
قال الصمعي :ثم نرجع إلى حديث العبسيين والعامريين ،وبعضه من حديث أبي عمرو بن العلء .قال :فجاء أخو امرأته
فاطمة بنت الشريد السلمية ،وهي أم قيس بن زهير ،وكان زهير قد أساء إليهم في شيء فجاء أخوها إلى بني عامر فقال :هل
لكم في زهير بن جذيمة ينتج إبله ليس معه أحد غير أخيه أسيد بن جذيمة وعبد راع لبله وجئتكم من عنده ،وهذا لبن حلبوه لي.
فذاقوه فإذا هو ليس بحازر ،فعلموا أنه قريب .فخرج حندج بن البكاء وخالد ابن جعفر ومعاوية بن عبادة بن عقيل ، ،ليس على
أحدهم درع غير خالد كانت عليه درع أعاره إياها عمرو بن يربوع الغنوي ،وكانت درع ابن الجلح المرادي كان قتله فأخذها منه،
وكان يقال لها ذات الزمة .وإنما سميت بذلك لنها كانت لها عرى تعلق فضولها بها إذا أراد أن يشمرها .قال :فطلعوا .فقال
أسيد بن جذيمة قال الصمعي :وكان أسيد شيخا كبيرا ،وكان كثير شعر الوجه والجسد أتيت ورب الكعبة .فقال زهير :كل أزب
نفور ،فذهبت مثل .فلم يشعر بهم زهير إل في سواد الليل ،فركب فرسه ثم وجهها فلحقه قوم أحدهم حندج أو العقيلي
واختلفوا فيهما فطعن فخذ الفرس طعنة خفيفة ،ثم أراد أن يطعن الرجل الصحيحة ،فناداه خالد :يا فلن ل تفعل فيستويا ،أقبل
على السقيمة .قال :فطعنها فانخذلت الفرس فأدركوه .فلما أدركوه رمى بنفسه ،وعانقه خالد فقال :اقتلوني ومجدعا فجاء
حندج وكان أعجم اللسان فقال لخالد وهو فوق زهير :نح رأسك يا أبا جزء ،فنحى رأسه فضرب حندج زهيرا ضربة على دهش،
ثم ركبوا وتركوه .قال فقال خالد :ويحك يا حندج ما صنعت? فقال ساعدي شديد ،وسيفي حديد ،وضربته ضربة فقال السيف
قب ،وخرج عليه مثل ثمرة المرار ،فطعمته فوجدته حلوا يعني دماغه .قال :إن كنت صدقت فقد قتلته .قال :فجاء قوم زهير
فاحتملوه ومنعوه الماء كراهة أن يبتل دماغه فيموت .فقال :يا آل غطفان أأموت عطشا فسقي فمات ،وذلك بعد أيام .ففي
:ذلك يقول ورقاء بن زهير وكان قد ضرب خالدا ضربة فلم يصنع شيئا ،فقال
فأقبلت أسعى كالعجـول أبـادر رأيت زهيرا تحت كلكل خـالـد
يريدان نصل السيف والسيف نادر قال الصمعي :فضرب الدهر من ضربانه إلى إلى بطلين ينهضان كـلهـمـا
.أن التقى خالد بن جعفر والحارث بن ظالم
قال أبو عبيدة :فمكث خالد بن جعفر برهة من دهره ،حتى كان من أمره وأمر زهير بن جذيمة ما كان ،وخالد يومئذ رأس
هوازن .فلما استحق عداوة عبس وذبيان أتى النعمان بن المنذر ملك الحيرة لينظر ما قدره عنده ،وأتاه بفرس؛ فألفى عنده
الحارث بن ظالم قد أهدى له فرسا فقال :أبيت اللعن ،نعم صباحك ،وأهلي فداؤك هذا فرس من خيل بني مرة ،فلن تؤتى
بفرس يشق غباره ،إن لم تنسبه انتسب ،كنت ارتبطته لغزو بني عامر بن صعصعة؛ فلما أكرمت خالدا أهديته إليك .وقام الربيع
بن زياد العبسي فقال :أبيت اللعن نعم صباحك ،وأهلي فداؤك هذا فرس من خيل بني عامر ارتبطت أباه عشرين سنة لم
يخفق في غزوة ولم يعتلك في سفر ،وفضله على هذين الفرسين كفضل بني عامر على غيرهم .قال :فغضب النعمان عند ذلك
وقال :يا معشر قيس ،أرى خيلكم أشباها أين اللواتي كأن أذنابها شقاق أعلم وكأن مناخرها وجار الضباع ،وكأن عيونها بغايا
النساء ،رقاق المستطعم تعالك اللجم في أشداقها ،تدور على مذاودها كأنما يقضمن حصى .قال خالد :زعم الحارث أبيت اللعن
أن تلك الخيل خيله وخيل آبائه .فغضب النعمان عند ذلك على الحارث بن ظالم .فلما أمسوا اجتمعوا عند قينة من أهل الحيرة
:يقال لها بنت عفزر يشربون .فقال خالد :تغني
ولميس قبل حوادث اليام وهن خالت الحارث بن ظالم ،فغضب الحارث بن ظالم دار لهند والرباب وفرتني
حتى امتل غيظا وغضبا ،وقال :ما تزال تتبع أولى بآخره .قال أبو عبيدة :ثم إن النعمان بن المنذر دعاهم بعد ذلك وقدم لهم
تمرا؛ فطفق خالد بن جعفر يأكل ويلقي نوى ما يأكل من التمر بين يدي الحارث .فلما فرغ القوم قال خالد بن جعفر :أبيت
اللعن انظر إلى ما بين يدي الحارث بن ظالم من النوى ما ترك لنا تمرا إل أكله .فقال الحارث :أما أنا فأكلت التمر وألقيت
النوى ،وأما أنت فأكلته بنواه .فغضب خالد وكان ل ينازع ،فقال :أتنازعني يا حارث وقد قتلت حاضرتك وتركتك يتيما في حجور
النساء فقال الحارث :ذلك يوم لم أشهده ،وأنا مغن اليوم بمكاني .قال خالد :فهل تشكر لي إذ قتلت زهير بن جذيمة وجعلتك
:سيد غطفان .قال :بلى أشكرك على ذلك .فخرج الحارث بن ظالم إلى بنت عفرز ،فشرب عندها وقال لها تغني
من اليوم أو من بعده بابن جعفر تعلم أبيت اللعـن أنـي فـاتـك
فل تأمنن فتكي يد الدهر واحذر أخالد قد نبهتـنـي غـير نـائم
غداة حراض مثل جنان عبقـر أعيرتني أن نلت منا فـوارسـا
ومن ل يق الله الحوادث يعثـر أصابهم الدهر الختور بخـتـره
بكف فتى من قومه غير جيدر فعلك يوما أن تنـوء بـضـربة
لقاء أبي جزء بأبيض مبـتـر قال :فبلغ خالد بن جعفر قوله فلم يحفل به .فقال يغص بها عليا هوازن ،والمنـى
عبد الله بن جعدة وهو ابن أخت خالد ،وكان رجل قيس رأيا لبنه :يا بني ائت أبا جزء فأخبره أن الحارث بن ظالم سفيه موتور،
فأخف مبيتك الليلة؛ فإنه قد غلبه الشراب .فإن أبيت فاجعل بينك وبينه رجل ليحرسك .فوضعوا رجل بإزائه ،ونام ابن جعدة دون
الرجل ،وخالد من خلف الرجل .وعرف أن ابن عتبة وابن جعدة يحرسان خالدا .فأقبل الحارث فانتهى إلى ابن جعدة فتعداه،
ومضى إلى الرجل وهو يحسبه خالدا فعجنه بكلكله حتى كسره وجعل يكدمه ل يعقل ،فخلى عنه والرجل تحته ،ومضى إلى خالد
:وهو نائم ،فضربه بالسيف حتى قتله .فقال لعروة :أخبر الناس أني قتلت خالدا .وقال في ذلك
وحي كلب هل فتكت بخـالـد أل سائل النعمان إن كنت سـائل
وعروة يكل عمه غـير راقـد عشوت عليه وابن جعـدة دونـه
بكلكل مخشي الـعـداوة حـارد وقد نصبا رجل فباشرت جـوزه
فصمم حتى نال نوط الـقـلئد فأضربه بالسيف يأفـوخ رأسـه
وعروة من بعد ابن جعدة شاهدي فلما أبت غطفان أن تجيره غضبت لذلك بنو وأفلت عبد الله مـنـي بـذعـره
:عبس .وبعث إليه قيس بن زهير بن جذيمة بهذه البيات :شعر قيس بن زهير للحارث حين قتل خالدا وإجابته له
قال :فتنحى الحارث بن ظالم عن بني زرارة فلحق بعروض اليمامة .ودعا معبدا ولقيطا ابني زرارة فقال :سيرا في الظعن،
فموعدكما رحرحان؛ فإنا مقيمون في حامية الخيل حتى تأتينا بنو عامر .وخرج عامر بن مالك إلى قومه بالخبر .فقالوا :ما ترى?
قال :أن ندعهم بمكانهم ونسبقهم إلى الظعن .قال :فلقوها برحرحان ،فاقتتلوا قتال شديدا فأصابوها ،وأسر معبد وجرح لقيط.
فبعثوا بمعبد إلى رجل بالطائف كان يعذب السرى .فقطعه إربا إربا حتى قتله .وقال عامر بن مالك يرد على حاجب :شعر
:لعامر بن مالك يرد به على حاجب
رئيس تميم في الخطوب الوائل ألكني إلى المرء الزراري حاجب
وخير تميم بين حاف ونـاعـل وفارسها فـي كـل يوم كـريهة
شآبيب من حرب تلقـح حـائل لعمري لقد دافعت عن حي مالك
وأجدر خوار العنان مـنـاقـل على كل جرداء السراة طمـرة
بقوم فل تعـدل بـأبـنـاء وائل نصحت له إن كـنـت لحـقـا
لسرنا إليهم بالقنا والـقـنـابـل ولو ألجأته عصـبة تـغـلـبـية
هناك أمورا غيها غـير طـائل ولو رمتم أن تمـنـعـوه رأيتـم
وعضت تميم كلها بـالنـامـل لشاب وليد الحي قبل مـشـيبـه
ينادون جهرا ليتنا لم نـقـاتـل قتل الحارث لبن النعمان :قال :فخرج الحارث بن وقامت رجال منكم خـنـدقـية
ظالم من فوره ذلك حتى اتى سلمى بنت ظالم وفي حجرها ابن النعمان ،فقال لها :إنه لن يجيرني من النعمان إل تحرمي
.بابنه ،فادفعيه إلي .وقد كان النعمان بعث إلى جارات للحارث بن ظالم فسباهن؛ فدعاه ذلك إلى قتل الغلم فقتله
أخذ النعمان عم الحارث فاعتذر إليه فخلى عنه ،وقال شعرا :فوثب النعمان على عم الحارث بن ظالم فقال له :لقتلنك أو
:لتأتيني بابن أخيك .فاعتذر إليه فخلى عنه .فأقبل ينطلق فقال
وانت أجرأ من ذي لبدة ضـاري يا حار إني أحيا مـن مـخـبـأة
أحللت بيتي بين السـيل والـنـار قد كان بيتي فيكم بالعـلء فـقـد
فلم أخفك على أمثالـهـا حـار مهما أخفك على شيء تجيء بـه
عبل الذراعين للقران هـصـار ولم أخفك على ليث لن تخاتـلـه
مما فعلت سوى القرار بالعـار وقد علمت بأني لـن ينـجـينـي
في قتل طفل كمثل البدر ومعطار فقد عدوت على النعمان ظـالـمة
وقد عدوت على ضرغامة شاري شعر للحارث في قتله ابن النعمان :وقال فاعلم بأنك منه غير مـنـفـلـت
:الحارث بن ظالم في ذلك
محارب موله ،وثكـلن نـادم قفا فاسمعا أخبركما إذ سألتـمـا
ولما تذق فتكي وأنفـك راغـم حسبت أبا قابوس أنك سابـقـي
أتؤكل جاراتي وجارك سـالـم أخصي حمار بات يكدم نـحـمة
أحاديث طسم ،إنما أنت حـالـم تمنيته جهرا علـى غـير ريبة
فهذا ابن سلمى أمره متفـاقـم فإن تك أذوادا أصبت ونـسـوة
وكان سلحي تجتويه الجماجـم علوت بذي الحيات مفرق رأسه
وهل يركب المكروه إل الكارم فتكت به فتكا كفتكي بـخـالـد
وثالثة تبيض منها الـمـقـادم بدأت بهذي ثم أثني بمـثـلـهـا
كذلك يأبى المغضبون القماقـم فقال النعمان بن المنذر :ما يعني بالثالثة شفيت غليل الصدر منه بضربة
غيري .قال سنان بن أبي حارثة المري وهو يومئذ رأس غطفان :أبيت اللعن والله ما ذمة الحارث لنا بذمة ،ول جاره لنا بجار،
:ولو أمنته ما أمناه .فبلغ ابن ظالم قول سنان بن أبي حارثة ،فقال في ذلك :شعر للحارث يخاطب به النعمان
فكيف بخطاب الحطوب العاظم أل أبلغ النعمان عـنـي رسـالة
فزوع إذا ما خيف إحدى العظائم وأنت طويل البغي أبلخ مـعـور
بأروع ماضي الهم من آل ظالم فما غره والمـرء يدرك وتـره
كميش التوالي عند صدق العزائم أخي ثقة ماضي الجنان مـشـيع
قال أبو عبيدة وحدثني أبو حية أن السود حين قتل الحارث خالدا سأل عن أمر يبلغ منه .فقال له عروة بن عتبة :إن له
جارات من بلي بن عمرو ،ول أراك تنال منه شيئا أغيظ له من أخذهن وأخذ أموالهن ،فبعث السود فأخذهن واستاق أموالهن.
فبلغ ذلك الحارث ،فخرج من الحين فأنساب في غمار الناس حتى عرف موضع جاراته ومرعى إبلهن ،فأتى البل فوجد حالبين
يحلبان ناقة يقال لها اللفاع ،وكانت لبونا كأغزر البل ،إذا حلبت اجترت ،ودمعت عيناها ،وأصغت برأسها ،وتفاجت تفاج البائل،
وهجمت في المخلب هجما حتى تسنمه ،وتجاوبت أحاليلها بالشخب هثا وهثيما حتى تصف بين ثلثة محالب .فصاح الحارث
:بهما ورجز فقال
فادعابا ليلى ول تراعـي إذا سمعت حنة اللـفـاع
يجبك رحب الباع والذراع ذلك راعيك فنعم الراعـي
منطقا بصارم قـطـاع خليا عنها فعرفاه فضرط البائن .فقال الحارث :است الضارط أعلم ،فذهبت مثل قال الثرم :البائن
الحالب اليمن ،والمستعلي الحالب اليسر ثم عمد إلى أموال جاراته وإلى جاراته فجمعهن ورد أموالهن وسار معهن حتى
.اشتلهن أي أنقذهم
رواية أخرى في قتله ابن الملك :قال أبو عبيدة ولحق الحارث ببلد قومه مختفيا .وكانت أخته سلمى بنت ظالم عند سنان بن
أبي حارثة المري .قال أبو عبيدة :وكان السود بن المنذر قد تبنى سنان بن أبي حارثة المري ابنه شرحبيل ،فكانت سلمى بنت
كثير بن ربيعة من بني غنم بن دودان امرأة سنان ابن أبي حارثة المري ترضعه وهي أم هرم ،وكان هرم غنيا يقدر على ما
يعطي سائليه .فجاء الحارث ،وقد كان اندس في بلد غطفان ،فاستعار سرج سنان ،ول يعلم سنان ،وهم نزول بالشربة ،فأتى
به سلمى ابنة ظالم فقال :يقول لك بعلك :ابعثي بابن الملك مع الحارث حتى أستأمن له ويتخفر به ،وهذا سرجه آية إليك.
:فزينته ثم دفعته إلى الحارث ،فأتى بالغلم ،ناحية من الشربة فقتله ،ثم أنشأ يقول
محارب موله ،وثكلن نادم ثكلن نادم :يعني السود لنه قتل ابنه شرحبيل. قفا فاسمعا أخبركما إذ سألتما
محارب موله :يعني الحارث نفسه .موله :سنان
أتؤكل جاراتي وجارك سالـم أخصيي حمار بات يكدم نجـمة
ولما تذق ثكل وأنفـك راغـم حسبت أبيت اللعن أنـك فـائت
فهذا ابن سلمى رأسه متفاقـم فإن تك أذوادا أصبت ونـسـوة
وكان سلحي تجتويه الجماجم علوت بذي الحيات مفرق رأسه
ول يركب المكروه إل الكارم فتكت به كما فتكت بـخـالـد
وثالثة تبيض منها الـمـقـادم قال :ففي ذلك يقول عقيل بن علفة في السلم وهو بدأت بتلك وانثـنـيت بـهـذه
من بني يربوع بن غيظ بن مرة لما هاجى شبيب بن البرصاء ،وأبوه يزيد ،وهو من بني نشبة بن غيظ بن مرة ابن عم سنان بن
أبي حارثة ،فعيره بقتل الحارث بن ظالم شرحبيل لنه ربيب بني حارثة بن مرة بن نشبة بن غيظ رهط شبيب ،ففي ذلك يقول
:عقيل
بناصية المعلوب ضاحية غصبا قتلنا شرحبيل ربـيب لبـيكـم
بإحدى الدواهي ثم لم تطلعوا نقبا قال أبو عبيدة :وهرب الحارث ،فغزا فلم تنكروا أن يغمز القوم جاركم
السود بني ذبيان إذ نقضوا العهد وبني أسد بشط أريك .قال أبو عبيدة :وسألته عنه فقال :هما أريكان السود والبيض ،ول أدري
بأيهما كانت الوقعة .قال أبو عبيدة وقال آخرون :إن سلمى امرأة سنان التي أخذ الحارث شرحبيل من عندها من بني أسد.
قال :فإنما غزا السود بني أسد لدفع السدية سلمى ابنه إلى الحارث ،فقتل فيهم قتل ذريعا وسبى واستاق أموالهم .وفي ذلك
:يقول العشى ميمون
ونساء كأنهـن الـسـعـالـي وشيوخ صرعى بشطـي أريك
د وذبيان والهجان الـغـوالـي من نواصي دودان إذ نقضوا العه
م وأسرى من معشـر أقـتـال رب رفد هرقـتـه ذلـك الـيو
ت نعال مـحـذوة بـمـثـال هؤلء هـم كــل احـــذي
ل وكعب الذي يطيعك عـالـي ورأى من عصاك أصبح مخـذو
وجود نعل شرحبيل بن السود في بني محارب وتعذيب السود لهم :قال :ووجد نعل شرحبيل عند أضاخ .وهو من الشربة في
بني محارب بن خصفة بن قيس عيلن .قال :فاحمي لهم السود الصفا التي بصحراء أضاخ وقال لهم :إني أحذيكم نعال،
فأمشاهم على الصفا المحمى فتساقط لحم أقدامهم .فلما كان السلم قتل جوشن الكندي رجل من بني محارب فأقيد به
:جوشن بالمدينة .وكان الكندي من رهط عباس بن يزيد الكندي فهجا بني محارب فعيرهم بتحريق السود أقدامهم فقال
صفا من أضاخ حاميا يتلهب قال أبو عبيدة :وصار ذلك مثل يتوعد به الشعراء على عهد كسرى نعلتكم ملوكنا
من هجوه ويحذرونهم مثل ذلك .ومن ذلك أن ابن عتاب الكلبي ورد على بني النوس من جديلة طيئ ،فسرقوا سهاما له؛ فقال
:يحذرهم
كنعل شرحبيل التي في محـارب وقال في الجاهلية ابن أم كهف الطائي بني النوس ردوا أسهمي إن أسهمي
:في مدحه لمالك بن حمار الشمخي ،فذكر نعل شرحبيل فقال
علنية شرحبيل ابن نعـل لنه لول النعل لم يعرف ،وإنما عرف بما صنع أبو ببني ومولك الذي قتل ابن سلمى
.محارب من أجل نعله التي وجدت في بني محارب
أخذ السود لسنان بن أبي حارثة الذي قتل ابنه عنده واعتذار الحارث بن سفيان عنه :قال أبو عبيدة :وأخذ السود سنان بن
أبي حارثة؛ فأتاه الحارث بن سفيان أحد بني الصارد ،وهو الحارث بن سفيان بن مرة بن عوف بن الحارث بن سفيان أخو سيار
بن عمرو بن جابر الفزاري لمه ،فاعتذر إلى السود أن يكون سنان بن أبي حارثة أو اطلع ،ولقد كان أطرد الحارث من بلد
غطفان ،وقال :علي دية ابنك ألف بعير دية الملوك ،فحملها إياه وخلى عن سنان ،فأدى إلى السود منها ثمانمائة بعير ثم مات.
فقال سيار بن عمرو أخوه لمه :أنا أقوم فيما بقي مقام الحارث بن سفيان .فلم يرض به السود .فرهنه سيار قوسه ،فأدى
:البقية .فلما مدح قراد بن حنش الصاردي بني فزارة جعل الحمالة كلها لسيار بن عمرو فقال
بألف على ظهر الفزاري أقرعا ونحن رهنا القوس تمت فـوديت
ليوفي سيار بن عمرو فأسرعـا بعشر مئين للملوك سعى بـهـا
ثناياه للساعين في المجد مهيعـا قال ويقال :بل قالها ربيع بن قعنب ،فرد عليه رمينا صفاه بالمئين فأصبـحـت
:قراد فقال
ول الفزاري جوفان بن جوفان ما كان ثعلب ذي عاج ليحملها
على تكاليفها حار بن سفـيان وقال عويف القوافي بن عيينة بن حصن بن حذيفة ولكن تضمنها ألفا فأخرجـهـا
:بن بدر في السلم يفخر على أبي منظور الوبري حين هاجاه أحد بني وبر بن كلب
إذ رهن القوس بألف كامل فهل وجدتم حامل كحاملـي
فافتكها من قبل عام قابـل بدية ابن الملك الحـلحـل
سيار الموفي بها ذو السائل لحوق الحارث ببني دارم :قال أبو عبيدة :فلما قتل الحارث شرحبيل لحق ببني دارم فلجأ إلى بني
ضمرة .قال :وبنو عبد الله بن دارم يقولون :بل جاور معبد بن زرارة فأجاره ،فجر جواره يوم رحرحان ،وجر يوم رحران يوم
.جبلة .وطلبه السود بن المنذر بخفرته
فلما بلغه نزوله ببني دارم أرسل فيه إليهم أن يسلموه فأبوا .فقال يمن على بني قطن بن نهشل بن دارم بما كان النعمان بن
المنذر في أمر بني رشية وهي رميلة حين طلبهم من لقيط ابن زرارة حتى استنقذهم .ورشية أمة كانت لزرارة بن عدس بن
زيد المجاشعي ،فوطئها رجل من بني نهشل فأولدها؛ وكان زرارة يأتي بني نهشل يطلب الغلمة التي ولدت ،وولدت الشهب
بن رميلة والرباب بن رميلة وغيرهما ،وكانوا يسمعونه ما يكره ،فيرجع إلى ولده فيقول :أسمعني بنو عمي خيرا وقالوا :سنبعث
بهم إليك عاجل ،حتى مات زرارة .فقام لقيط ابنه بأمرهم؛ فلما أتاهم أسمعوه ما كره ،ووقع بينهم شر .فذهب النهشلي إلى
الملك فقال :أبيت اللعن ل تصلني وتصل قومي بأفضل من طلبتك إلى لقيط الغلمة ليكف عني .فدعاه فشرب معه ،ثم
:استوهبهم منه فوهبهم له .فقال السود بن المنذر في ذلك
بني قطن فضل عليكم وأنعما كأين لنا من نعمة في رقابكم
وأخذ ابن الخمس سيف الحارث بن ظالم المعلوب ،فأتى به سوق عكاظ في الحرم ،فجعل يعرضه على البيع ويقول :هذا
سيف الحارث بن ظالم .فاسترآه إياه قيس بن زهير بن جذيمة فأراه إياه ،فعله به حتى قتله في الحرم .فقال قيس بن زهير
:يرثي الحارث بن ظالم
أبر وأوفى منك حار بن ظالـم ما قصرت من حاضن ستر بيتها
وأضرب في كاب من النقع قاتم هذه رواية أبي عبيدة والبصريين .وأما الكوفيين أعز وأحمى عنـد جـار وذمة
فإنهم يذكرون أن النعمان بن المنذر هو الذي قتله .أخبرني بذلك علي بن سليمان الخفش قال حدثنا أبو سعيد عن محمد بن
حبيب عن ابن العرابي عن المفضل قال :لما هرب الحارث إلى مكة أسف النعمان بن المنذر على فوته إياه ،فلطف له
وراسله وأعطاه المان ،وأشهد على نفسه وجوه العرب من ربيعة ومضر واليمن أنه ل يطلبه بذحل ول يسوءه في حال ،وأرسل
به مع جماعة ليسكن الحارث إليهم ،وأمرهم أن يتكلفوا له بالوفاء ويضمنوا له عنه أنه ل يهجيه ،ففعلوا ذلك .وسكن إليه
الحارث ،فأتى النعمان وهو في قصر بني مقاتل ،فقال للحاجب :استأذن لي ،والناس يومئذ عند النعمان متوافرون ،فاستأذن
له ،فقال النعمان :ائذن له وخذ سيفه .فقال له :ضع سيفك وادخل .فقال الحارث :ولم أضعه? قال :ضعه ،فل بأس عليك .فلما
ألح عليه وضعه ودخل ومعه المان .فلما دخل قال :أنعم صباحا أبيت اللعن .قال :ل أنعم الله صباحك .فقال الحارث :هذا
كتابك .قال النعمان :كتابي والله ما أنكره ،أنا كتبته لك ،وقد غدرت وفتكت مرارا ،فل ضير أن غدرت بك مرة .ثم نادى :من
يقتل هذا? فقام ابن الخمس التغلبي وكان الحارث فتك بأبيه فقال :أنا أقتله .وذكر باقي الخبر في قصته مع ابن الخمس مثل
.ما ذكر أبو عبيدة
قال :فلما بلغ الحارث شعره هذا ازداد حنقا وغيظا ،فسار حتى أتى ديار بني الخزرج ،ثم دنا من قبة عمرو بن الطنابة ،ثم
نادى أيها الملك أغثني فإني جار مكثور وخذ سلحك ،فأجابه وخرج معه .حتى برز له عطف عليه الحارث وقال :أنا أبو ليلى
فاعتركا مليا من الليل .وخشي عمرو أن يقتله الحارث فقال له :يا حار ،إني شيخ كبير وإني تعتريني سنة ،فهل لك في تأخير
هذا المر إلى غد? فقال :هيهات ومن لي به في غد فتجاول ساعة ،ثم ألقى عمرو الرمح من يده وقال :يا حار ألم أخبرك أن
النعاس قد يغلبني قد سقط رمحي فاكفف ،فكف .قال :أنظرني إلى غد .قال :ل أفعل .قال :فدعني آخذ رمحي .قال :خذه
قال :أخشى أن تعجلني عنه أو تفتك بي إذا أردت أخذه .قال :وذمة ظالم ل أعجلتك ول قاتلتك ول فتكت بك حتى تأخذه .قال:
:وذمة الطنابة ل آخذه ول أقاتلك .فانصرف الحارث إل قومه وقال مجيبا له
قبل أن يبكر المنون عـلـيا اعزفا لي بـلـذة قـينـتـيا
كنت قدما لمرهن عصـيا قبل أن يبكر العـواذل إنـي
حسبتني عواذلـي أم غـويا ما أبالي أراشد فاصبحـانـي
في حياتي ول أخون صفـيا بعد أل أصـر لـلـه إثـمـا
في زجاج تخالـه رازقـيا من سلف كأنها دم ظـبـي
فأنفـنـا وكـان ذاك بـديا قد بلغتنا مقالة المرء عمـرو
ولقينـاه ذا سـلح كـمـيا قد هممنا بقتلـه إذ بـرزنـا
م معدا بكفـه مـشـرفـيا غير ما نائم تعلل بـالـحـل
بوفاء وكنت قـدمـا وفـيا فمننا علـيه بـعـد عـلـو
من منا عليه بـعـد تـلـيا نسبة ما في هذا الخبر من الغاني :منها في شعر عمرو ورجعنا بالصفح عنه وكان ال
:بن الطنابة :صوت :الغناء في شعر عمرو والحارث
واسـقـيانـي مـن الـــمـــروق ريا علـلنـي وعـلـل صـــاحـــبـــيا
إن فينا القيان يعزفن بالدف لفتياننا وعيشا رخيا غنته عزة الميلء من رواية حماد عن أبيه خفيف رمل بالوسطى .قال حماد
:أخبرني أبي قال بلغني أن معبدا قال :دخلت على جميلة وعندها عزة الميلء تغنيها في شعر عمرو بن الطنابة الخزرجي
عللني وعلل صاحبيا على معزفة لها وقد أسنت ،فما سمعت قط مثلها وذهبت بعقلي وفتنتني ،فقلت :هذا وهي كبيرة مسنة
.فكيف لو أدركتها وهي شابة وجعلت أعجب منها
:ومنها في شعر الحارث بن ظالم :صوت
أرشيدا حسبتيني أم غـويا ما أبالي إذا اصطحبت ثلثا
في زجاج تخاله رازقـيا غناه فليح بن أبي العوراء رمل بالبنصر عن عمرو بن بانة. من سلف كأنها دم ظبـي
.وغناه ابن محرز خفيف ثقيل أول بالخنصر من رواية حبش
:ومنها :صوت
فأنفنا وكـان ذاك بـديا بلغتنا مقالة المرء عمرو
ولقيناه ذا سلح كمـيا غناه مالك خفيف رمل بالبنصر من رواية حبش ،وذكر إسحاق قد هممنا بقتله إذ برزنا
.في مجرده أن الغناء في هذين البيتين ليونس الكاتب ،ولم ينسب الطريقة ول جنسها
ونذكر ها هنا خبر رحرحان ويوم قتله إذ كان مقتل الحارث وخبره خبرهما :يوم رحرحان الثاني والسبب فيه :أخبرني علي بن
سليمان ومحمد بن العباس اليزيدي في كتاب النقائض قال قال أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري عن محمد بن حبيب عن
أبي عبيدة قال :كان من خبر رحرحان الثاني أن الحارث بن ظالم المري لما قتل خالد بن جعفر بن كلب غدرا عند النعمان بن
المنذر بالحيرة هرب فأتى زرارة بن عدس فكان عنده ،وكان قوم الحارث قد تشاءموا به فلموه ،وكره أن يكون لقومه زعم
عليه و الزعم المنة فلم يزل في بني تميم عند زرارة حتى لحق بقريش .وكان يقال :إن مرة بن عوف من لؤي بن غالب ،وهو
:قول الحارث بن ظالم ينتمي إلى قريش
وبينت الشمائل والقـبـابـا رفعت السيف إذ قالوا قريش
ول بفزارة الشعر الرقابـا فما قومي بثعلبة بن سـعـد
وأتاهم لذلك النسب ،فكان عند عبد الله بن جدعان .فخرجت بنو عامر إلى الحارث بن ظالم حيث لجأ إلى زرارة وعليهم
الحوص بن جعفر ،فأصابوا امرأة من بني تميم وجدوها تحتطب ،وكان في رأس الخيل التي خرجت في طلب الحارث بن ظالم
شريج بن الحوص ،وأصابوا غلمانا يجتنون الكمأة .وكان الذي أصاب تلك المرأة رجل من غني ،فأرادت بنو عامر أخذها منه،
فقال الحوص :ل تأخذوا أخيذة خالي .وكانت أم جعفر يعني أبا الحوص خبية بنت رياح الغنوي وهي إحدى المنجبات .ويقال:
أتى شريج بن الحوص بتلك المرأة إليه ،فسألها عن بني تميم ،فأخبرتهم أنهم لحقوا بقومهم حين بلغهم مجيئكم ففعها
الحوص إلى الغنوي فقال :اعفجها الليلةواحذر أن تنفلت .فوطئها الغنوي ثم نام ،فذهبت على وجهها .فلما أصبح دعوا بها
فوجدوها قد ذهبت .فسألوه عنها فقال هذا حري رطبا من زبها .وكانت المرأة يقال لها حنظلة ،وهي بنت أخي زرارة بن
عدس .فأتت قومها ،فسألها عمها زرارة عما رأت ،فلم تستطع أن تنطق .فقال بعضهم :اسقوها ماء حارا فإن قلبها قد برد من
الفرق ،ففعلوا وتركوها حتى اطمأنت .فقالت :يا عم أخذني القوم أمس وهم فيما أرى يريدونكم ،فاحذر أنت وقومك .فقال :ل
بأس عليك يا بنت أخي ،فل تذعري قومك ول تروعيهم ،وأخبريني ما هيئة القوم وما نعتهم .قالت :أخذني قوم يقبلون بوجوه
الظباء ،ويدبرون بأعجاز النساء .قال زرارة :أولئك بنو عامر ،فمن رأيت فيهم? قالت :رأيت رجل قد سقط حاجباه على عينيه
فهو يرفع حاجبيه ،صغير العينين ،عن أمره يصدرون .قال :ذاك الحوص بن جعفر .قلت :ورأيت رجل قليل المنطق ،إذا تكلم
اجتمع القوم لمنطقه كما تجتمع البل لفحلها ،وهو من أحسن الناس وجها ،ومعه ابنان له ل يدبر أبدا إل وهما يتبعانه ،ول يقبل
إل وهما بين يديه .قال :ذلك مالك بن جعفر ،وابناه عامر وطفيل .قالت :ورأيت رجل أبيض هلقامة جسيما والهلقامة الفوه
وقال :ذلك ربيعة ابن عبد الله بن أبي بكر بن كلب .قالت :ورأيت رجل أسود أخنس قصيرا ،إذا تكلم عذم القوم عذم
المنخوس .قال :ذلك رببيعة بن قرط بن عبد بن أبي بكر بن كلب .قالت :ورأيت رجل صغير العينين ،أقرن الحاجبين ،كثير
شعر السبلة ،يسيل لعابه على لحيته إذا تكلم .قال :ذلك حندج بن البكاء .قالت :ورأيت رجل صغير العينين ،ضيق الجبهة طويل
يقود فرسا له ،معه جفير ل يجاوز يده .قال :ذلك ربيعة بن عقيل .قالت :ورأيت رجل آدم ،معه ابنان له حسنا الوجه أصهبان ،إذا
أقبل نظر القوم إليهما حتى ينتهيا ،وإذا أدبرا نظروا إليهما .قال :ذلك عمرو بن خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلب ،وابناه يزيد
وزرعة .ويقال قالت :ورأيت فيهم رجلين أحمرين جسيمين ذوي غدائر ل يفترقان في ممشى ول مجلس ،فإذا أدبرا اتبعهما
القوم بأبصارهم ،وإذا أقبل لم يزالوا ينظرون إليهما حتى يجلسا .قال :ذانك خويلد وخالد ابنا نفيل .قالت :ورأيت رجل آدم
جسيما كأن رأسه مجز غضورة والغضورة :حشيش دقاق خشن قائم يكون بمكة .تريد أن شعره قائم خشن كأنه حشيش قد
جز .قال :ذلك عوف بن الحوص .قالت :ورأيت رجل كأن شعر فخذيه حلق الدروع .قال :ذلك شريح بن الحوص .قالت :ورأيت
رجل أسمر طويل يجول في القوم كأنه غريب .قال :ذلك عبد الله بن جعدة ،ويقال قالت :ورأيت رجل كثير شعر الرأس ،صخابا
.ل يدع طائفة من القوم إل أصخبها .قال :ذلك عبد الله بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة
:أسر معبد بن زرارة ومقتله
فسارت بنو عامر نحوهم ،والتقوا برحرحان ،وأسر يومئذ معبد بن زرارة ،أسره عامر بن مالك ،واشترك في أسره طفيل بن
مالك ورجل من غني يقال له أبو عميلة وهو عصمة بن وهب وكان أخا طفيل بن مالك من الرضاعة .وكان معبد بن زرارة رجل
كثير المال .فوفد لقيط بن زرارة على عامر بن مالك في الشهر الحرام وهو رجب ،وكانت مضر تدعوه الصم؛ لنهم كانوا ل
يتنادون فيه يا لفلن ويا لفلن ،ول يتغازون ول يتنادون فيه بالشعارات ،وهو أيضا منصل الل .والل :السنة؛ وكانوا إذا دخل
رجب أنصلوا ،السنة من الرماح حتى يخرج الشهر .وسأل لقيط عامرا أن يطلق أخاه .فقال :أما حصتي فقد وهبتها لك ،ولكن
أرض أخي وحليفي اللذين اشتركا فيه .فجعل لقيط لكل واحد مائة من البل ،فرضيا وأتيا عامرأ فأخبراه .فقال عامر للقيط:
دونك أخاك ،فأطلق عنه .فلما أطلق فكر لقيط في نفسه فقال :أعطيهم مائتي بعير ثم تكون لهم النعمة علي بعد ذلك ل والله
ل أفعل ذلك ورجع إلى عامر فقال :إن أبي زرارة نهاني أن أزيد على مائة دية مضر ،فإن أنتم رضيتم أعطيتكم مائة من البل.
فقالوا :ل حاجة لنا في ذلك؛ فانصرف لقيط .فقال له معبد :مالي يخرجني من أيديهم .فأبى ذلك عليه فقال :إذا يقتسم العرب
بني زرارة .فقال معبد لعامر بن مالك :يا عامر أنشدك الله لما خليت سبيلي ،فإنما يريد ابن الحمراء أن يأكل كل مالي ولم
تكن أمه أم لقيط .فقال له عامر :أبعدك الله إن لم يشفق عليك أخوك فأنا أحق أل أشفق عليك .فعمدوا إلى معبد فشدوا
:عليه القد وبعثوا به إلى الطائف ،فلم يزل به حتى مات .فذلك قول شريح بن الحوص
ولكن حلمك ل يهـتـدي لقيط وأنت امرؤ مـاجـد
ب واحتل بيتك في ثهمـد ولما أمنت وساغ الـشـرا
ش تهدي القصائد في معبد رفعت برجليك فوق الفرا
وتبخل بالمال أن تفـتـدي شعر لعوف بن عطية يعير لقيطا :وقال في ذلك عوف بن وأسلمته عند جد القـتـال
:عطية بن الخرع التيمي يعير لقيط بن زرارة
عشرا تناوح في سـرارة واد هل فوارس رحرحان هجوتهم
ما إن يقوم عماده بـعـمـاد ل تأكل البل الغراث نبـاتـه
والعامري يقوده بـصـفـاد هل كررت على أخيك معبـد
والخيل تعدو بالصفـاح بـداد بداد :متفرقة .والصفاح :موضع .والمحلق: وذكرت من لبن المحلق شربة
موسومة بحلق على وجوهها ،يقول ذكرت لبنها ،يعني إبله
بهجان أدم طـارف وتـلد لو كنت إذ ل تستطيع فديتـه
جزرا لخامعة وطير عـواد لكن تركته في عميق قعرها
قاتلت أو لفـديت بـالذواد وفيها يقول نابغة بني جعدة :لو كنت مستحيا لعرضك مرة
ظنت هوازن أن العز قد زال مما قاله الشعراء في وقعة رحرحان :وفيها يقول هل سألت بيومي رحرحان وقد
:مقدام أخو بني عدس بن زيد في السلم ،وقتلت بنو طهية ابنا للقعقاع بن معبد ،فتوادوا فأخذت بنو طهية منهم الفضل
ومات أبوكم يا بني معبد هزل وقال المخبل السعدي يذكر معبدا :وأنتم بنو ماء السماء زعمتـم
فيومك فيهم بالمصيفة أبرد فإت تك نالتنا كليب بقـرة
وشاط بأيديهم لقيط ومعبد وفيها يقول عياض بن مرثد بن أسيد بن قريط بن هم قتلوا يوم المصيفة مالكا
:لبيد في السلم
فما افتك حتى مات من شدة السر نحن أسرنا معبـدا يوم مـعـبـد
أخاه بأطراف الردينية السـمـر وهذا يوم شعب جبلة :السبب في يوم جبلة :ونحن قتلنابالصفا بعـد مـعـبـد
قال أبو عبيدة :وأما يوم جبلة ،وكان من عظام أيام العرب؛ وكان عظام أيام العرب ثلثة :يوم كلب ربيعة ،ويوم جبلة ،ويوم
ذي قار .وكان الذي هاج ويوم جبلة أن بني عبس بن بغيض حين خرجوا هاربين من بني ذبيان بن بغيض وحاربوا قومهم خرجوا
متلددين .فقال الربيع بن زياد العبسي :أما والله لرمين العرب بحجرها ،اقصدوا لبني عامر؛ فخرج حتى نزل مضيقا من وادي
بني عامر ثم قال :امكثوا .فخرج ربيع وعامر ابنا زياد والحارث بن خليف حتى نزلوا على ربيعة بن شكل بن كعب بن الحريش ،
وكان العقد من بني عامر إلى بني كعب بن ربيعة وكانت الرياسة في بني كلب بن ربيعة .فقال ربيعة بن شكل :يا بني عبس،
شأنكم جليل ،وذحلكم الذي يطلب منكم عظيم ،وأنا أعلم والله أن هذه الحرب أعز حرب حاربتها العرب قط .ول والله ما بد
من بني كلب ،فأمهلوني حتى أستطلع طلع قومي .فخرج في قوم من بني كعب حتى جاؤوا بني كلب ،فلقيهم عوف بن
الحوص فقال :يا قوم ،أطيعوني في هذا الطرف من غطفان ،فاقتلوهم ،واغنموهم ل تفلح غطفان بعده أبدا .والله إن تزيدون
على أن تسمنوهم وتمنعوهم ثم يصيروا لقومكم أعداء .فأبوا عليه ،وانقلبوا حتى نزلوا على الحوص بن جعفر فذكروا له من
أمرهم .فقال لربيعة بن شكل :أظللتهم ظلك وأطعمتهم طعامك? قال نعم ،قال :قد والله أجرت القوم فأنزلوا القوم وسطهم
.بحبوحة دارهم
وذكر بشر بن عبد الله بن حيان الكلبي أن عبسا لما حاربت قومها أتوا بني عامر وأرادوا عبد الله بن جعدة وابن الحريش
ليصيروا حلفاءهم دون كلب؛ فأتى قيس بن زهير وأقبل نحو بني جعفر هو والربيع بن زياد حتى انتهيا إلى الحوص جالسا قدام
بيته .فقال قيس للربيع :إنه ل حلف ول ثقة دون أن أنتهي إلى هذا الشيخ .فتقدم إليه قيس فأخذ بمجامع ثوبه من وراء فقال:
هذا مقام العائذ بك قتلتم أبي فما أخذت له عقل ول قتلت به أحدا ،وقد أتيتك لتجيرنا .نعم أنا لك جار مما أجير منه نفسي،
وعوف بن الحوص عن ذلك غائب .فلما سمع عوف بذلك أتى الحوص وعنده بنو جعفر فقال :يا معشر بني جعفر ،أطيعوني
اليوم واعصوني أبدا ،وإن كنت والله فيكم معصيا .إنهم والله لو لقوا بني ذبيان لولوكم أطراف السنة إذا نكهوا في أفواههم
بكلم فابدأوا بهم فاقتلوهم واجعلوهم مثل البرغوث دماغه في دمه .فأبوا عليه وحالفوهم .فقال :والله ل أدخل في هذا الحلف
قال :وسمعت بهم حيث قر قرارهم بنو ذبيان ،فحشدوا واستعدوا وخرجوا وعليهم حصن بن حذيفة بن بدر ومعه الحليفان أسد
وذبيان يطلبون بدم حذيفة ،وأقبل معهم شرحبيل بن أخضر بن الجون والجون هو معاوية؛ سمي بذلك لشدة سواده ابن آكل
المرار الكندي في جمع من كندة ،وأقبلت بنو حنظلة بن مالك والرباب عليهم لقيط بن زرارة يطلبون بدم معبد بن زرارة
ويثربي بن عدس ،وأقبل معهم حسان بن عمرو بن الجون في جمع عظيم من كندة وغيرهم ،فأقبلوا إليهم بوضائع كانت تكون
بالحيرة مع الملوك وهم الرابطة .وكان في الرباب رجل من أشرافهم يقال له النعمان بن قهوس التيمي ،وكان معه لواء من
سار إلى جبلة ،وكان من فرسان العرب .وله تقول دختنوس بنت لقيط بن زرارة يومئذ :شعر لدختنوس بنت لقيط تعير ابن
:قهوس
ع بكفـه رمـح مـتـل قر ابن قهوس الـشـجـا
ع كـأنـه سـمـع أزل يعدو به حاظي البـضـي
غطفان إن ساروا ورحلوا متل :مستقيم ،يتل به كل شيء .الخاظي :الشيء المكتنز. إنـك مـن تـمـيم فـدع
.والسمع :ولد الضبع من الذئب والعسبار :ولد الذئب من الكلبة
قال :وكان معهم رؤساء بني تميم :حاجب بن زرارة ولقيط بن زرارة وعمرو بن عمرو وعتيبة بن الحارث بن شهاب ،وتبعهم
غثاء من غثاء الناس يريدون الغنيمة ،فجمعوا جمعا لم يكن الجاهلية قط مثله أكثر كثرة ،فلم تشك العرب في هلك بني عامر.
فجاؤوا حتى مروا ببني سعد بن زيد مناة ،فقالوا لهم :سيروا معنا إلى بني عامر .فقالت لهم بنو سعد :ما كنا لنسير معكم ونحن
نزعم أن عامر بن صعصعة ابن سعد بن زيد مناة .فقالوا :أما إذا أبيتم أن تسيروا معنا فاكتموا علينا .فقالوا :أما هذا فنعم .فلما
سمعت بنو عامر بمسيرهم اجتمعوا إلى الحوص بن جعفر ،وهو يومئذ شيخ كبير قد وقع حاجباه على عينيه وقد ترك الغزو غير
أنه يدبر أمر الناس ،وكان مجربا حازما ميمون النقيبة ،فأخبروه الخبر ،فقال لهم الحوص :قد كبرت ،فما أستطيع أن أجيء
بالحزم وقد ذهب الرأي مني .ولكني إذا سمعت عرفت ،فأجمعوا آراءكم ثم بيتوا ليلتكم هذه ثم اغدوا علي فاعرضوا علي
آراءكم ،ففعلوا .فلما أصبح غدوا عليه ،فوضعت له عباءة بفتنائه فجلس عليها .ورفع حاجبيه عن عينيه بعصابة ثم قال :هاتوا ما
عندكم .فقال قبس بن زهير العبسي :بات في كنانتي الليلة مائة رأي .فقال له الحوص يكفينا منها رأي واحد حازم صليب
مصيب ،هات فانثر كنانتك .فجعل يعرض كل رأي رآه حتى أنفد .فقال له الحوص :ما أرى بات في كنانتك الليلة رأي واحد
وعرض الناس آرائهم حتى أنفدوا .فقال :ما أسمع شيئا وقد صرتم إلي ،احملوا أثقالكم وضعفاءكم ففعلوا ،ثم قال :احملوا
ظعنكم فحملوها ،ثم قال :اركبوا فركبوا ،وجعلوه في محفة وقال :انطلقوا حتى تعلوا في اليمين ،فإن أدرككم أحد كررتم
عليه ،وإن أعجزتموهم مضيتم .فسار الناس حتى أتوا وادي بحار ضحوة ،فإذا الناس يرجع بعضهم على بعض .فقال الحوص :ما
.هذا? قيل هذا عمرو بن عبد الله بن جعدة في فتيان من بني عامر يعقرون بمن أجاز بهم ويقطعون بالنساء حواياهن
فقال الحوص قدموني ،فقدموه حتى وقف عليهم فقال :ما هذا الذي تصنعون ? قال عمرو :أردت أن تفضحنا وتخرجنا هاربين
من بلدنا ونحن أعز العرب ،وأكثرهم عددا وجلدا وأحدهم شوكة تريد أن تجعلنا موالي في العرب إذ خرجت بنا هاربا .قال:
فكيف أفعل وقد جاءنا ما ل طاقة لنا به فما الرأي? قال :نرجع إلى شعب جبلة فنحرز النساء والضعفة والذراري والموال في
رأسه ونكون في وسطه ففيه ثمل أي خصب وماء .فإن أقام من جاءك أسفل أقاموا على غير ماء ول مقام لهم ،وإن صعدوا
عليك قاتلتهم من فوق رؤوسهم بالحجارة ،فكنت في حرز وكانوا في غير حرز ،وكنت على قتالهم أقوى منهم على قتالك .قال:
هذا والله الرأي ،فأين كان هذا عنك حين استشرت الناس? قال :إنما جائني الن .قال الحوص للناس :ارجعوا فرجعوا .ففي
:ذلك يقول نابغة لبني جعدة
لحسان وابن الجون إذ قيل أقـبـل ونحن حبسنا الحي عبسا وعـامـرا
كإصعاد نسر ل يرومون مـنـزل وقد صعدت وادي بحار نـسـاؤهـم
من الهضبة الحمراء عزا ومعقـل الضروس :الناقة العضوض فدخلوا عطفنا لهم عطف الضروس فصادفوا
شعب جبلة .وجبلة :هضبة حمراء بين الشريف والشرف .والشريف :ماء لبني نمير .والشرف ماء لبني كلب .وجبلة :جبل
عظيم له شعب عظيم واسع ،ل يؤتى الجبل إل من قبل الشعب ،والشعب متقارب المدخل وداخله متسع ،وبه اليوم عرينة من
.بجيلة
دخولهم شعب جبلة :فدخلت بنوعامر شعبا منه يقال له مسلح ،فحصنوا النساء والذراري والموال في رأس الجبل ،وحلوا
البل عن الماء ،واقتسموا الشعب بالقداح فأقرع بين القبائل في شظاياه ،فخرجت بنو تميم ومعهم بارق حي من الزد حلفاء
يومئذ لبني نمير .وبارق هو سعد بن عدي بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء .وسمي مزيقياء لنه كان يمزق عليه
كل يوم حلة فولجوا الخليف والخليف :الطريق بين الشعبين شبه الزقاق لن سهمهم تخلف .وفيه يقول معقر بن أوس بن حمار
:البارقي
يسيل بنا أمامهم الخليف ونحن اليمنون بنو نمير
قال :وكان معقر يومئذ شيخا كبيرا ومعه هؤلء ابنة له تقود به جمله .فجعل يقول لها :من أسهل من الناس? فتخبره وتقول
هؤلء بنو فلن ،وهؤلء بنو فلن ،حتى إذ تناهى الناس قال :اهبطي ،ل يزال الشعب منيعا سائر هذا اليوم ،وهبط .وكانت كبشة
بنت عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلب يومئذ حامل بعامر بن الطفيل .فقالت :ويلكم يا بني عامر ارفعوني فوالله إن في
بطني لعز بني عامر .فصفوا القسي على عواتقهم ثم حملوها حتى أثووها بالقنة يقال قنة وقنان .فزعموا أنها ولدت عامرا يوم
.فرغ الناس من القتال
من شهد الوقعة من القبائل :فشهدت بنو عامر كلها جبلة إل هلل بن عامر وعامر بن ربيعة بن عامر ،وشهدها مع بني عامر
من العرب بنو عبس بن رفاعة بن الحارث بن بهثة بن سليم وكان لهم بأس وحزم وعليهم مرداس بن أبي عامر ،وهو أبو
.العباس بن مرداس .وكانت بنو عبس بن رفاعة حلفاء بني عمرو بن كلب
تفرق بجيلة في بطون بني عامر :وزعم بعض بني عامر أن مرداسا كان مع أخواله غني ،وكانت أمه فاطمة بنت جلهمة
الغنوية .وشهدتها غني وباهلة وناس من بني سعد بن بكر وقبائل بجيلة كلها إل قسرا لحرب كانت بين قسر وقومها ،فارتحلت
بجيلة فتفرقت في بطون بني عامر ،فكانت عادية بن عامر ابن قداد من بجيلة في بني عامر بن ربيعة ،وكانت سحمة من بجيلة
في بني جعفر بن كلب ويقال :عمرو بن كلب وكانت عرينة من نجيلة في عمرو بن كلب وكانت بنو قيس كبة لفرس يقال لها
كبة من بجيلة في بني عامر بن ربيعة وكانت فتيان في بني عامر بن ربيعة ،وبنو قطيعة من بجيلة في بني أبي بكر بن كلب،
ونصيب بن عبد الله من بجيلة في بني نمير ،وكانت ثعلبة والخطام من بجيلة ،في بني عامر بن ربيعة ،وبنو عامر بن معاوية بن
زيد من بجيلة في بني أبي بكر بن كلب معهم يومئذ نفير من عكل ،فبلغ جمعهم ثلثين ألفا .وعمي على بني عامر الخبر.
.فجعلوا ل يدرون ما قرب القوم من بعدهم
ما فعله كرب بن صفوان لتميم وأسد :وأقبلت تميم وأسد ولفهم نحو جبلة ،فلقوا كرب بن صفوان بن شجنة بن عطارد بن
عوف بن كعب بن سعيد بن زيد مناة ،فقالوا له :أين تذهب? أتريد أن تنذر بنار بني عامر? قال ل .قالوا :فأعطنا عهدا وموثقا أل
تفعل؛ فأعطاهم فخلوا سبيله .فمضى مسرعا على فرس له عري ،حتى إذا نظر إلى مجلس بني عامر وفيهم الحوص نزل
تحت شجرة حيث يرونه؛ فأرسلوا إليه يدعونه ،قال :لست فاعل ،ولكن إذا رحلت فأتوا منزلي فإن الخبر فيه .فلما جاؤوا منزله
إذا فيه تراب في صرة وشوك قد كسر رؤوسه وفرق جهته ،وإذا حنظلة موضوعة ،وإذا وطب معلق فيه لبن .فقال الحوص:
هذا رجل قد أخذ عليه المواثيق أل يتكلم ،وهو يخبركم أن القوم مثل التراب كثرة ،وان شوكتهم كليلة وهم متفرقون ،وجاءتكم
بنو حنظلة .أنظروا ما في الوطب ،فاصطبوه فإذا فيه لبن حزر قرص .فقال القوم منكم على قدر حلب اللبن إلى أن يحزر.
فقال رجل من بني يربوع ويقال قالته دختنوس بنت لقيط بن زرارة
من دارم أحدا ول من نهـشـل كرب بن صفوان بن شجنة لم يدع
ولتحلفن بالله أن لـم تـفـعـل وذلك قول عامر بن الطفيل بعد جبلة بحين :أجعلت يربوعـا كـقـورة دائر
فبيتوا لن نهيجكم نـيامـا أل أبلغ لديك جموع سعـد
علينا إنكم كنتـم كـرامـا نصحتم بالمغيب ولم تعينـوا
كمن أودى وأصبح قد ألما صعود بني عامر الشعب وتشاور أعدائهم في الصعود ولو كنتم مع ابن الجون كنتم
إليهم :فلما استيقنت بنو عامر بإقبالهم صعدوا الشعب ،وأمر الحوص بالبل التي ظمئت قبل ذلك فقال :اعقلوها كل بعير
بعقالين في يديه جميعا .وأصبح لقيط والناس نزول به ،وكانت مشورتهم إلى لقيط؛ فاستقبلهم جمل عود أجرب أخذ أعصل
كاشر عن أنيابه؛ فقال الحزاة من بني أسد والحازي العائف اعقروه .فقال لقيط :والله ل يعقر حتى يكون فحل إبلي غدا .وكان
البعير من عصافير المنذر التي أخذها قرة بن هبيرة بن عامر بن سلمة بن قشير .والعصافير :إبل كانت للملوك نجائب ثم
:استقبلهم معاوية بن عبادة بن عقيل وكان أعسر فقال
الخير في والشر أنا الغلم العسر
والشر في أكثر
فتشاءمت بنو أسد وقالوا :ارجعوا عنهم وأطيعونا .فرجعت بنو أسد فلم تشهد جبلة مع لقيط إل نفيرا يسيرا ،منهم شأس بن
أبي بلي أبو عمرو بن شأس الشاعر ،ومعقل بن عامر بن موءلة المالكي .وقال الناس للقيط :ما ترى? فقال :أرى أن تصعدوا
إليهم .فقال شأس :ل تدخلوا على بني عامر؛ فإني أعلم الناس بهم ،قد قاتلتهم وقاتلوني وهزمتم وهزموني ،فما رأيت قوما
قط أقلق بمنزل من بني عامر والله ما وجدت لهم مثل إل الشجاع؛ فإنه ل يقر في حجره قلقا ،وسيخرجون إليكم .والله لئن
بتم هذه الليلة ل تشعرون بهم إل وهم منحدرون عليكم .فقال لقيط :والله لندخلن عليهم .فأتوهم وقد أخذوا حذرهم .وجعل
الحوص ابنه شريحا على تعبئة الناس .فأقبل لقيط وأصحابه مدلين فأسندوا إلى الجبل حتى ذرت الشمس .فصعد لقيط في
الناس وأخذ بحافتي الشجن .فقالت بنو عامر للحوص :قد أتوك .فقال :دعوهم .حتى إذا نصفوا الجبل وانتشروا فيه ،قال
الحوص :حلة عقل البل ثم احدروها واتبعوا آثارها ،وليتبع كل رجل منكم بعيره حجرين أو ثلثة ،ففعلوا ثم صاحوا بها ،فلم
يفجأ الناس إل البل تريد الماء والمرعى ،وجعلوا يرمونهم بالحجارة والنبل؛ وأقبلت البل تحطم كل شيء مرت به ،وجعل
:البعير يدهدي بيديه كذا وكذا حجرا .وقد كان لقيط واصحابه سخروا منهم حين صنعوا بالبل ما صنعوا .فقال رجل من بني أسد
بلى إذا تقعقع الرحـائل زعمت أن العير ل تقاتل
وقالت البطال من ينازل واختلف الهندي والذوابل
بلى وفيها حسب ونائل شعر لبعض بني عامر في الوقعة :فانحط الناس منهزمين من الجبل حتى السهل .فلما بلغ الناس
السهل لم يكن لحد منهم همة إل أن يذهب على وجهه ،فجعلت بنو عامر يقتلونهم ويصرعونهم بالسيوف في آثارهم ،فانهزموا
:شر هزيمة .فجعل رجل من بني عامر يومئذ يرتجز ويقول
يوم أتتنا أسد وحـنـظـلـه لم أر يوما مثل يوم جبـلـه
نضربهم بقضب منتخـلـه وغطفان والملوك أزفـلـه
حتى حدوناهم حداء الزومله وجعل معقل بن عامر يرتجز ويقول :لم تعد أن أفرش عنها الصقله
بكل عضب صارم ومعبله يوم حماة الشعب يوم جبله
.وهيكل نهد معا وهيكلـه المعبلة :السهم إذا كان نصله عريضا فهو معبلة ،والرقيق :القطبة
قتال بني تميم ضد بني عامر :وخرجت بنو تميم من الخليف على الخيل فكركروا الناس يعني ردوهم وانقطع شريح بن
الحوص في فرسان حتى أخذ الجرف فقاتل الناس قتال شديدا هناك ،وجعل لقيط يومئذ وهو على برذون له مجفف بديباج
:أعطاه إياه كسرى وكان أول عربي جفف يقول
لفارس أتلفتموه ما خـلـف عرفتكم والدمع م العين يكـف
والقينة الحسناء والكأس النف إن النشيل والشواء والرغـف
للطاعنين الخيل والخيل قطف وجعل ل يمر به أحد من الجيش إل قال له : وصفوة القدر وتعجيل اللقـف
:أنت والله قتلتنا وشتمتنا .فجعل يقول
ولم أقاتل عامرا قبـل الـيوم يا قوم قد أحرقتموني بالـلـؤم
تقدموا وقدمونـي لـلـقـوم فاليوم إذ قاتلتـهـم فـل لـوم
والمضجع البارد في ظل الدوم وقال شأس بن أبي بلي يجيبه :شتان هذا والعنـاق والـنـوم
إذا كنت ل تعصي أموري في القوم وجعل لقيط يقول :من كر فله خمسون لكن أنا قاتلـتـهـا قـبـل الـيوم
:ناقة ،وجعل يقول
ولن تروه الدهر إل مقبل أكلكم يزجركم أرحب هل
وسائل في أهله ما فعل وجعل يقول أيضا :يحمل زغفا ورئيسا حجفل
وإن تأخر عن هياج تعقر ثم عاد يقول :أشقر إن لم تتقدم تنـحـر
:إن الشواء والنشيل والرغف فأجابه شريح بن الحوص
وقرب الشقر حتى تعـتـرف إن كنت ذا صدق فأقحمه الجرف
:وجوهنا إنا بنو البيض العطف سقوط لقيط في الموقعة
وبينه وبينه جرف منكر ،فضرب لقيط فرسه وأقحمه عليه الجرف؛ فطعنه شريح فسقط .وقد اختلفوا في ذلك ،فذكروا أن
:الذي طعنه جزء بن خالد بن جعفر ،وبنو عقيل تزعم أن عوف بن المنتفق العقيلي قتله يومئذ وأنشأ يقول
جهل وأنـت حـلـيمة أمـس ظلت تلوم لما بـهـا عـرسـي
فلقد شفيت بسـيفـه نـفـسـي إن تقتلوا بكـري وصـاحـبـه
في الشرق قبل أن ترحل الشمس فزعموا أن عوفا هذا قتل يومئذ ستة نفر، فقتلته في الشعـب أول فـارس
وقتل ابن له وابن أخ له .وأم العلماء فل يشكون أن شريحا قتله ،وارتث وبه طعنات والرتثاث أن يحمل وهو مجروح ،فإن حمل
:ميتا فليس بمرتث فبقي يوما ثم مات .فجعل لقيط يقول عند موته
إذا اتاك الخبر المرسـوس يا ليت شعري عنك دختنوس
ل بل تميس إنها عـروس دختنوس بنت لقيط بن زرارة ،وكانت تحت عمرو بن أتحلق القرون أم تـمـيس
:عمرو بن عدس .وجعلت بنو عبس يضربونه وهو ميت ،فقالت دختنوس :شعر لدختنوس في أبيها
لضرب بني عبس لقيطا وقد قضى أل يا لها الويلت ويلت من بـكـى
وما تحفل الصم الجنادل مـن ردى لقد ضربوا وجها عـلـيه مـهـابة
لقيطا صبرتم لـلسـنة والـقـنـا فلو أنكم كـنـتـم غـداة لـقـيتـم
أصاب لها القناص من جانب الشرى غدرتم ولكن كنتم مـثـل خـضـب
شريح وأردتـه السـنة إذ هـوى فما ثـأره فـيكـم ولـكـن ثـأره
عليهم حـريقـا ل يرام إذا سـمـا فإن تعقب اليام من عـامـر يكـن
وما في دماء الحمس يا مال من بوا ليجزيهم بالقتل قتـل مـضـعـفـا
علينا من العار المجـدع لـلـعـل ولو قتلتنا غالـب كـان قـتـلـهـا
كلب وما أنتم هنـاك لـمـن رأى وقالت دختنوس أيضا :لقد صبرت كـعـب وحـافـظـت
عناء لقد آبت حميدا ضرابـهـا لعمري لئن لقت من الشـر دارم
ربيعة يدعى كعبها وكـلبـهـا فما جيئوا بالشعب إذ صبرت لهـم
براكاء موت ل يطير غرابـهـا براكاء :مباركة القتال وهو الجد في القتال. عصوا بسيوف الهند واعتكرت لهم
:يقال للرجل إذا وقع خطب ل يطير غرابه .وقالت دختنوس
دف كهلها وشبابها بكر النعي بخير خن
عدت إلى أنسابهـا وبخيرها نسـبـا إذا
د الطير عن أربابها فرت بنو أسد خرو
يلووا لفيء عقابها من قتل في الموقعة ومن نجا وأخبارهم :وقتل يومئذ قريظ بن معبد لم يحفلوا نسبا ولـم
بن زرارة ،وزيد بن عمرو بن عدس قتله الحارث بن البرص بن ربيعة بن عامر بن عقيل ،وقتل الفلتان بن المنذر بن سلمى بن
:جندل بن نهشل ،وقتل أبو إياس بن حرملة بن جعدة بن العجلن بن حشورة بن عجب بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان وهو يقول
المعشر الحلة في القوم الحمس الحلة :لم يكونوا يتشددون في دينهم .قال: أقدم قطين إنهم بنـو عـبـس
واستلحم عمرو بن حسحاس بن وهب بن أعياء ابن طريف السدي ،فاستنقذه معقل بن عامر بن موءلة فداواه وكساه .فقال
:معقل في ذلك
بأسفل ذي الجـذاة يد الـكـريم يديت على ابن حسحاس بن وهب
شهدت وغاب من له من حمـيم قصرت له من الدهمـاء لـمـا
مكان الفرقدين من الـنـجـوم ولو أني أشاء لكـنـت مـنـه
وأنك فوق عجـلـزة جـمـوم يقول :إن الجرح الذي بك شوى لم يصب منك مقتل أخبره بـأن الـجـرح يشـوي
وإلحاق الملمة بالمليم ذكرت تعلة الفتيان يوما
قال :وحمل معاوية بن يزيد الفزاري فأخذ كبشة بنت الحجاج بن معاوية بن قشير ،وكانت عند مالك بن خفاجة بن عمرو بن
عقيل ،فحمل معاوية بن خفاجة أخو مالك على معاوية بن يزيد فقتله واستنقذ كبشة ،وقال :يا بني عامر ،إنهم يموتون ،وقد كان
قيل لهم إنهم ل يموتون .ونزل حسان بن عامر بن الجون وصاح :يا آل كندة فحمل عليه شريح بن الحوص؛ فاعترض دون ابن
الجون رجل من كندة يقال له حوشب ،فضربه شريح بن الحوص في رأسه فانكسر السيف فيه ،فخرج يعدو بنصف السيف
وكان مما رعب الناس مكانه .وشد طفيل بن مالك بن جعفر فأسر حسان بن الجون ،وشد عوف بن الحوص على معاوية بن
الجون فأسره وجز ناصيته وأعتقه على الثواب .فلقيته بنو عبس ،فأخذه قيس بن زهير فقتله .فأتاهم عوف فقال :قتلتم طليقي
فأحيوه أو ائتوني بملك مثله .فتخوفت بنو عبس شره وكان مهيبا ،فقالوا :أمهلنا .فانطلقوا حتى أتوا أبا براء عامر بن مالك بن
جعفر يستغيثونه على عوف ،فقال :دونكم سلمى بن مالك فإنه نديمه وصديقه وكانا مشتبهين أحمرين أشقرين ضخمة أنوفهما،
وكان في سلمى حياء فأتوه فقال :سأكلم لكم طفيل حتى يأخذ أخاه فإنه ل ينجيكم من عوف إل ذلك ،وايم الله ليأتين شحيحا.
فانطلقوا إليه ،فقال طفيل :قد أتوني بك ،ما أعرفني بما جئتم له أتيتموني تريدون مني ابن الجون تقيدون به من عوف ،خذوه
فأعطاهم إياه؛ فأتوا به عوفا فجز ناصيته وأعتقه؛ فسمي الجزاز .فذلك قول نافع بن الخنجر بن الحكم بن عقيل بن طفيل بن
:مالك في السلم
منية معبـد فـينـا هـزال قال :وشهدها لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر وهو ابن قضينا الجون عن عبس وكانت
تسع سنين ،ويقال :كان ابن بضع عشرة سنة ،وعامر بن مالك يقول له :اليوم يتمت من أبيك إن قتل أعمامك .وقتل يومئذ
زهير بن عمرو بن معاوية ،وجد مقتول بين ظهراني صفوف بني عامر حيث لم يبلغ القتال؛ وهو معاوية الضباب بن كلب .فقال
:أخوه حصين للذي قتله
تلتقم الهبر من السقب الـرذي يا ضبعا عثواء ل تستأنـسـي
وما على العزى تعزه غنـي أقسم بالله وما حجـت بـلـي
أعطيكم غير صدور المشرفي وقد حلفت عند منحر الـهـدي
هو الشجاع والخطيب اللوذعي فليس مثلي عن زهير بغـنـى
والحامل الثقل إذا ينـزل بـي وذكروا أن طفيل بن مالك لما رأى القتال يوم والفارس الحازم والشهم البي
جبلة قال :ويلكم وأين نعم هؤلء فأغار على نعم عمرو وإخوته وهم من بني عبد الله بن غطفان ثم من بني الثرماء ،فاستاق
ألف بعير .فلقيه عبيدة بن مالك فاستجداه ،فأعطاه مائة بعير ،وقال :كأني بك قد لقيت ظبيان بن مرة بن خالد فقال لك:
أعطاك من ألفه مائة فجئت مغضبا .فلقي عبيدة ظبيان ،فقال له :كم أعطاك? قال :مائة .فقال :أمائة من ألف فغضب عبيدة.
قال :وذكر أن عبيدة تسرع يومئذ إلى القتال ،فنهاه أخواه عامر وطفيل أن يفعل حتى يرى مقاتل ،فعصاهما وتقدم ،فطعنه
رجل في كتفه حتى خرج السنان من فوق ثديه فاستمسك فيه السنان ،فأتى طفيل فقال له :دونك السنان فانزعه ،فأبى أن
يفعل ذلك غضبا ،فأتى عامرا فلم ينزعه منه غضبا ،فأتى سلمى بن مالك فانتزعه منه ،وألقي جريحا مع النساء حتى فرغ القوم
من القتال .وقتلت بنو عامر يومئذ من تميم ثلثين غلما أغرل .وخرج حاجب بن زرارة منهزما ،وتبعه الزهدمان زهدم وقيس
ابنا حزن بن وهب بن عويمر بن رواحة العبسيان ،فجعل يطردان حاجبا ويقولن له :استأسر وقد قدرا عليه ،فيقول :من أنتما?
فيقولن :الزهدمان ،فيقول :ل أستأسر اليوم لموليين .فبينما هم كذلك إذ أدركهم مالك ذو الرقيبة بن سلمة بن قشير ،فقال
لحاجب :استأسر .قال :ومن أنت? قال :أنا مالك ذو الرقيبة .فقال :أفعل ،فلعمري ما أدركتني حتى كدت أن أكون عبدا .فألقى
إليه رمحه؛ واعتنقه زهدم فألقاه عن فرسه .فصاح حاجب :يا غوثاه .وندر السيف ،وجعل زهدم يريغ قائم السيف .فنزل مالك
فاقتلع زهدما عن حاجب .فمضى زهدم وأخوه فمضى زهدم وأخوه حتى أتيا قيس ابن زهير ابن جذيمة فقال :أخذ مالك أسيرنا
من أيدينا .قال :ومن أسيركما? قال :حاجب بن زرارة .فخرج قيس يتمثل قول حنظلة بن الشرقي القيني أبي الطمحان رافعا
:صوته يقول
متى أستجر جارا وإن عز يغدر أجد بني الشرقي أولـع أنـنـي
فيا موزع الجيران بالغي أقصر حتى وقف على بني عامر فقال :إن صاحبكم إذا قلت أوفى أدركـتـه دروكة
أخذ أسيرنا .قالوا :من صاحبنا? قال :مالك ذو الرقيبة أخذ حاجبا من الزهدمين .فجاءهم مالك فقال :لم آخذه منهما ،ولكنه
استأسر لي وتركهما .فلم يبرحوا حتى حكموا حاجبا في ذلك وهو في بيت ذي الرقيبة ،فقالوا :من أسرك يا حاجب? فقال :أما
من ردني عن قصدي ومنعني أن أنجو ورأى مني عورة فتركها فالزهدمان .وأما الذي أستأسرت له فمالك؛ فحكموني في
نفسي .قال له القوم :قد جعلنا إليك الحكم في نفسك .فقال :أما مالك فله ألف ناقة ،وللزهدمين مائة .فكان بين قيس بن
:زهير وبين الزهدمين مغاضبة بعد ذلك؛ فقال قيس
وكنت المرء يجزى بالكرامه جزاني الزهدمان جزاء سوء
بني قرط وعمهم قـدامـه وقد دافعت قد علمت مـعـد
أثبتهم بها مـائة ظـلمـه وقال جرير في ذلك :ركبت بهم طريق الحق حتى
كأن عليه حـلة أرجـوان ويوم الشعب قد تركوا لقيطا
فحكم ذا الرقيبة وهو عاني وأما عمرو بن عمرو بن عدس فأفلت يومئذ .فزعمت وكبل حاجب بشمام حـول
بنو سليم أن الخيل عرضت على مرداس بن أبي عامر يوم جبلة ،وكان أبصر الناس بالخيل ،فعرضت عليه فرس لغلم من بني
كلب ،فقال :والله ل أعجزها ول أدركها ذكر ول أنثى؛ فهذا ردائي بها خمس وعشرون ناقة .فلما انهزم الناس يوم جبلة خرج
الكلبي على فرسه تلك يطلب عمرو بن عمرو .قال الكلبي :فراكضته نهارا على السواء ،والله ما علمت أنه سبقني بمقدار
أعرفه ،ثم زاد مكانه ونقصت .فقلت :قمر والله مرداس .وهوى عمرو إلى فرسه فضربها بالسوط فانكشفت ،فإذا هي خنثى،
:ل ذكر ول أنثى ،فأخبرتهم أني سبقت ،فقال :قمر السلمي .فقلت ل ،ثم أخبرتهم الخبر .فقال مرداس
لعمرو بن عمرو بعدما مس باليد تمطت كميت كالهراوة ضامـر
لقاظ ضعيف النهض حق مقـيد فلول مدى الخنثى وبعد جرائهـا
وقد خفق السياف فوق المقلـد وزعم علماء بني عامر أنه لما انهزم الناس تذكر ربطا بـالـعـراق وراحة
خرجت بنو عامر وحلفاؤهم في آثارهم يقتلون ويأسرون ويسلبون ،فلحق قيس بن النتفق بن عامر بن طفيل بن عقيل عمرو
بن عمرو فأسره .فأقبل الحارث بن البرص بن ربيعة بن عقيل في سرعان الخيل ،فرآه عمرو مقبل فقال لقيس :إن أدركني
الحارث قتلني وفاتك ما تلتمس عندي ،فهل أنت محسن إلي وإلى نفسك تجز ناصيتي فتجعلها في كنانتك ،ولك العهد لفين لك،
ففعل .وأدركهما الحارث وهو ينادي قيسا ويقول :اقتل اقتل .فلحق عمرو بقومه .فلما كان الشهر الحرام خرج قيس إلى عمرو
ويستثيبه ،وتبعه الحارث بن البرص حتى قدما على عمرو بن عمرو؛ فأمر عمرو بن عمرو ابنة أخيه آمنة بنت زيد بن عمرو
فقال :اضربي على قيس الذي أنعم على عمك هذه القبة .وكان الحارث قتل أباها زيدا يوم جبلة .فجاءت بالقبة فرأت الحارث
أهيأهما وأجملهما ،فظنته قيسا فضربت القبة على رأسه وهي تقول :هذا والله رجل لم يطلع الدهر عليه بما اطلع به علي .فلما
رجعت إلى عمها عمرو قال :يابنة أخي ،على من ضربت القبة? فنعتت له نعت الحارث .فقال :ضربتها والله على رجل قتل
:أباك وأمر بقتل عمك .فجزعت مما قال لها عمها .فقال الحارث بن البرص
أمين بما أجن اليوم صـدري أمـا تـدرين يابــنة آل زيد
فتى الفتيان في عيص وقصر فكم من فارس لـم تـرزئيه
فأعيا أمره وشـددت أزري رأيت مكانه فصددت عـنـه
بأم عزيمة في جنب عمـرو لقد أمرته فعصـى إمـاري
فضيع أمره قـيس وأمـري أمرت به لتخمش حـنـتـاه
الحنة الزوجة .يقال حنته ،وطلته .ثم إن عمرا قال :يا حار ،ما الذي جاء بك فوالله ما لك عندي نعمة ،ولقد كنت سيء الرأي
في ،قتلت أخي وأمرت بقتلي .فقال :بل كففت عنك ،ولو شئت إذا أدركتك لقتلتك .قال :ما لك عندي من يد ،ثم تذمم منه
فأعطاه مائة من البل ،ثم انطلق فذهب الحارث فلما جاء عمرا قيس أعطاه إبل كثيرة ،فخرج قيس بها ،حتى إذا دنا من أهله
سمع به الحارث بن البرص فخرج في فوارس من بني أبيه عرض لقيس فأخذ ما كان معه .فلما أتى قيس بني أبيه بني
المنتفق اجتمعوا إليه وأرادوا الخروج .فقال :مهل ل تقاتلوا إخوتكم؛ فإنه يوشك أن يرجع وأن يؤول إلى الحق فإنه رجل حسود.
.فلما رأى الحارث أن قيسا قد كف عنه رد إليه ما أخذ منه
وأما عتيبة بن الحارث بن شهاب فإنه أسر يومئذ فقيد في القد ،وكان يبول على قده حتى عفن .فلما دخل الشهر الحرام هرب
.فأفلت منهم بغير فداء
وغنم مرداس بن أبي عامر عنائم وأخذ رجل فأخذ منه مائة ناقة ،فانتزعها منه بنو أبي بكر ابن كلب؛ فخرج مرداس إلى يزيد
:بن الصعق ،وكان له خليل ،فانتهى إليه مرداس وهو يقول
رجائي يزيدا بل رجائي أكثـر لعمرك ما ترجو معد ربيعهـا
بأقتادها إذا الرياح تصرصـر يزيد بن عمرو خير من شد ناقة
تداعت علي بالحزة بـربـر تداعت بنو بكر علي كـأنـمـا
وأنتم بأحدان الفوارس أبصـر ويروى بوحدان .فركب يزيد حتى أخذ البل من تداعوا علي أن رأوني بخلـوة
بني أبي بكر فردها إليه .فطرقه البكريون فسقوه الخمر حتى سكر ،ثم سألوه البل فأعطاهم إياها .فلما أصبح ندم ،فخرج إلى
:يزيد فوجد الخبر قد جاءه .فقال له يزيد :أصاح أنت أم سكران ? فانصرف فاطرد إبل من إبل بني جعفر فذهب بها وأنشأ يقول
منازل منها حول قرى ومحضرا أجن بليلى قلـبـه أن تـذكـرا
ويرسون حسا بالعقال مؤطـرا الحس :الفرس الخفيفة .والمؤطر :العطوف تخر الهدال فوق خيمات أهلهـا
وأصرف عنك العسر لست بأفقرا سآبى وأستغني كما قد أمرتـنـي
متى اتهم أجد لبـيي مـهـجـرا المهجر :الموضع الصالح؛ يقال :هذا أهجر من هذا وإن سليما والحجاز مـكـانـهـا
إذا كان أجود منه وأصلح
وأسرج لبدي خارجيا مصدرا يفرج عني حدهم وعديدهـم
إذا ما عدا بل الحزام وأمطرا الحالبين :الراعيين .يقول احتبستهما قصرت عليه الحالبين فجوده
على خذم ثم ارم للنـصـر جـعـفـرا فخذ إبل إن الـعـتـاب كـمـا تـرى
وذي النخل مصحى إن صحوت ومسكرا فإن بأكناف الـبـحـار إلـى الـمـل
وترعى من الطواء أثـل وعـرعـرا وانصرف يومئذ سنان بن أبي حارثة وأرعى من الظلف أثـل وحـمـضة
المري في بني ذبيان على حاميته ،فلحق بهم معاوية بن الصموت بن الكامل الكلبي ،وكان يسمى السد المجدع ،ومعه حرملة
العكلي ونفر من الناس ،فلحق بسنان بن أبي حارثة ومالك بن حمار الفزاري في سبعين فارسا من بني ذبيان .فقال سنان :يا
:مالك كر واحمنا ولك خولة بنت سنان ابنتي أزوجكها .فكر مالك فقتل معاوية ،ثم اتبعه حرملة العكلي وهو يقول
مودع ول ترى فيه الدعه فكر عليه مالك فقتله ،ثم اتبعه رجل من بني كلب ،فكر لي يوم يخبأ المرء السعه
:عليه مالك فقتله ،ثم اتبعه رجلن من قيس كبة من بجيلة ،فكر عليهما فقتلهما ،ومضى مالك وأصحابه .فقال مالك في ذلك
ولقيته لددا وخيلـي تـطـرد ولقد صددت عن الغنيمة حرمل
ذكرا فخر على اليدين البعـد أقبلته صدر الغر وصـارمـا
في صدر مارنة يقوم ويقعـد وابن الصموت تركت حين لقيته
وابنا غني عـامـر والسـود وابنا ربيعة في الغبار كلهمـا
أذهبت عنه والفرائص ترعـد النكظ الجهد .قال :حتى تنفس بعد نكظ مجـحـرا
نهد المراكل ذو تليل أقود فخطب إليه مالك خولة فأبى أن يزوجه .يعدو ببزي سابح ذو ميعة
وأما بنو جعفر فيزعمون أن عروة الرحال بن عتبة بن جعفر وجد سنان بن أبي حارثة وابنيه هرما ويزيد على غدير قد كاد
.العطش أن يهلكهم ،فجز نواصيهم وأعتقهم .ثم إن عروة أتى سنانا بعد ذلك يستثيبه ثوابا يرضاه فلم يثبه شيئا
:فقال عروة في ذلك
ألوكا ل أريد بها عـتـابـا أل من مبلغ عني سـنـانـا
وعروة لم يثب إل الترابـا أفي الخضراء تقسم هجمتيكم
غداة الشعب لم تذق الشرابا فلو كان الجعافر طاوعوني
ول تجزي بنعمتها كـلبـا وأما بنو عامر فيزعمون أن سنانا انصرف ذات يوم هو أتجزي القين نعمتها عليكـم
:وناس من طيئ وغيرهم قبل الوقعة ،فبلغه أن بني عامر يقولون :مننا عليه ،فأنشأ يقول
منت وحادرة المناكب صلدم والله ما منوا ولكن شكـتـي
ل عاجز ورع ول مستسلم وأما بارق فتدعي أسر سنان يومئذ على الثواب ،ثم بخرير شول يوم يدعى عامر
:أتوه فلم يصنع بهم خيرا .فقال معقر بن أوس بن حمار البارقي
فل تحمدنها الدهر بعد سنـان متى تك في ذبيان منك صنـيعة
لكم مائة يحدو بهـا فـرسـان يظل يمنينا بحـسـن ثـوابـه
وأكرم مثوى منكم من أتانـي مخاض أؤديها وجـل لـقـائح
رغوث ووطبا حازر مذقـان فجئناه للنعمى فكـان ثـوابـه
يؤامرهم فـينـا لـه أمـلن وظل ثلثا يسأل الحي مـا يرى
فل تثقن بالشكر في غطفـان تاريخ يوم جبلة :قال :وكان جبلة قبل السلم فإن كنت هذا الدهر ل بد شاكرا
بتسع وخمسين سنة قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بتسع عشرة سنة .وولد النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل ،ثم
أوحى إليه بعد أربعين سنة ،وقبض وهو ابن ثلث وستين سنة ،وقدم عليه عامر بن الطفيل في السنة التي قبض فيها صلى الله
.عليه وسلم ،قال :وهو ابن ثمانين سنة
:ما قيل في هذا اليوم من شعر :وقال المعقر بن اوس بن حمار البارقي حليف بني نمير بن عامر
مع الليل أم زالت قبيل الباعـر أمن آل شعثاء الحمول البـواكـر
فليس علـيهـا يوم ذلـك قـادر وحلت سليمى في هضـاب وأيكة
كما قر عينا بالياب المسـافـر وألقت عصاها واستقرت بها النوى
عليها إذا أمست من الله نـاظـر وصبحها أملكـهـا بـكـتـيبة
وحسان في جمع الرباب مكاثـر معاوية بن الجون ذبـيان حـولـه
رجال بأطراف الرماح مساعـر فمروا بأطناب البـيوت فـردهـم
جراد هوى في هبوة متـطـاير وقد جمعوا جمعـا كـأن زهـاءه
لنا مسمعات بالدفوف وسـامـر فباتوا لنا ضيفا وبتنـا بـنـعـمة
صبوح لدينا مطلع الشمس حازر ولم نقرهم شيئا ولكن قصـدهـم
كأركان سلمى شبرها متـواتـر صبحناهم عند الشروق كـتـائبـا
وأعينهم تحت الحبيك جـواحـر الحبيك في البيض إحكام عملها وطرائقها كان نعام الدو بـاض عـلـيهـم
إذا غص بالريق القليل الحناجـر من الضاربين الكبش يمشون قدما
إذا دعيت بالسفح عبس وعامـر وظن سراة القـوم أل يقـتـلـوا
فلم يبق في الناجين منهم مفاخـر ضربنا حبيك البيض في غمر لجة
يوائل أو نهد مـلـح مـثـابـر ولم ينج إل من يكـون طـمـره
كما انقض أفنى ذو جناحين ماهر هوى زهدم تحت الغبار لحاجـب
أراد رئاس السيف والسيف نادر هما بطلن يعثران كـلهـمـا
وذبيان تسمو والرؤوس حواسـر ول فضل إل أن يكـون جـراءة
وقد علقت ما بينهن الظـافـر ينوء وكـفـا زهـدم مـن ورئه
مسح كسرحان القصيمة ضامـر القصيمة من الرمل :ما أنبتت الغضى والرمث يفرج عنا كل ثـغـر نـخـافـه
إذا اغتمست في الماء فتخاء كاسر وكل طموح في العنان كـأنـهـا
كما مهدت للبعل حسناء عاقـر وبهذا البيت سمي معقرا واسمه سفيان بن لها ناهض في المهد قد مهدت له
أوس .وإنما خص العاقر لنها أقل دل على الزوج من الولود فهي تصنع له وتداريه
محردة قد خردتها الضراء وقال عامر بن الطفيل بعد ذلك بدهر :تخاف نساء يبتدرن حليلهـا
كسونا رأسه عضبا حساما ويوم الجمع لقينا لقيطـا
ولم نترك لنسوته سوامـا أسرنا حاجبا فثوى بـقـد
صبحنا جمعهم جيشا لهاما وقال لبيد بن ربيعة في ذلك :وجمع الجون إذ دلفوا إلينا
أسد وذبيان الصفا وتـمـيم وهم حماة الشعب يوم تواكلت
حي بمنعرج المسيل مقـيم تم اليوم والحمد لله .فارتث كلماهم عشية هزمهم
:صوت
وأنتم رجال فيكم عدد النمل أيجمل ما يؤتى إلى فتيانكـم
نساء حجال لم نقر بذا الفعل الشعير لعفيرة بنت عفار الجديسية التي يقال لها فلو أننا كنا رجال وكنـتـم
.الشموس .والغناء لعريب خفيف ثقيل أول مطلق في مجرى البنصر ،وفيه لحن من الثقيل الول قديم
عمليق ملك طسم وجديس وسبب قتله :أخبرني بهذا الشعر والسبب الذي من أجله قيل علي بن سليمان الخفش عن
السكري عن محمد بن حبيب عن ابن العرابي عن المفضل أن عمليقا ملك طسم بن لوذ بن إرم بن سام ابن نوح عليه
السلم ،وجديس بن لوذ بن إرم بن سام بن نوح عليه السلم ،وكانت منازلهم في موضع اليمامة ،كان في أول مملكته قد
تمادى في الظلم والغشم والسيرة بغير الحق ،وأن امرأة من جديس كان يقال لها هزيلة ،وكان لها زوج يقال له قرقس ،
فطلقها وأراد أخذ ولدها منها ،فخاصمته إلى عمليق ،فقال :أيها الملك إني حملته تسعا ،ووضعته دفعا ،وأرضعته شفعا ،حتى إذا
تمت أوصاله ،ودنا فصاله ،أراد أن يأخذه مني كرها ،ويتركني من بعده ورها .فقال لزوجها :ما حجتك? قال :حجتي أني قد
أعطيتها المهر كامل ،ولم أصب منها طائل ،إل وليدا خامل ،فافعل ما كنت فاعل .فأمر بالغلم أن ينزع منهما جميعا ويجعل في
غلمانه ،وقال لهزيلة :ابغيه ولدا ،ول تنكحي أحدا ،وأجزيه صفدا .فقالت هزيلة :أما النكاح فإنما يكون بالمهر ،وأما السفاح فإنما
يكون بالقهر ،ومالي فيهما من أمر .فلما سمع ذلك عمليق أمر بأن تباع هي وزوجها ،فيعطى زوجها خمس ثمنها ،وتعطى هزيلة
:عشر ثمن زوجها .فأنشات تقول
فأنفذ حكما في هزيلة ظالمـا أتينا أخا طسم ليحكـم بـينـنـا
ول كنت فيما تبرم الحكم عالما لعمري لقد حكمت ل متورعـا
وأصبح بعلي في الحكومة نادما أمر أل تزوج بكر من جديس حتى يفترعها: ندمت ولم أندم وأنى بعثـرتـي
فلما سمع عمليق قولها أمر أل تزوج بكر من جديس وتهدى إلى زوجها حتى يفترعها هو قبل زوجها فلقوا من ذلك بلء وجهدا
وذل .فلم يزل يفعل هذا حتى زوجت الشموس وهي عفيرة بنت عباد أخت السود الذي وقع إلى جبل طيئ فقتلته طيئ وسكنوا
:الجبل من بعده .فلما أرادوا حملها إلى زوجها انطلقوا بها إلى عمليق لينالها قبله ،ومعها القيان يتغنين
وبادري الصبح لمر معجب ابدي بعمليق وقومي فاركبي
وما لبكر عنده من مهـرب تحريض عفيرة بنت عباد قومها عليه :فلما أن دخلت فسوف تلقين الذي لم تطلبي
عليه افترعها وخلى سبيلها .فخرجت إلى قومها في دمائها شاقة درعها من قبل ومن دبر والدم يسيل وهي في أقبح منظر،
:وهي تقول
أهكذا يفعـل بـالـعـروس ل أحـد أذل مـن جـــديس
أهدى وقد أعطى وسيق المهر يرضى بهذا يا لقومـي حـر
خير من أن يفعل ذا بعرسـه وقالت تحرض قومها فيما أتي إليها :لخذة الموت كذا لـنـفـسـه
وأنتم رجال فيكم عدد الـنـمـل أيجمل ما يؤتى إلى فـتـيانـكـم
جهارا وزفت في النساء إلى بعل وتصبح تمشي في الدماء عفـيرة
نساء لكنا ل نقر بذا الـفـعـل ولو أننا كنـا رجـال وكـنـتـم
حديث عمرو بن أبي ربيعة عن صاحبه الجعد بن مهجع العذري :نسخت هذا الخبر من كتاب محمد بن موسى بن حماد قال
ذكر الرياشي قال قال حماد الراوية :أتيت مكة فجلست في حلقة فيها عمرو بن أبي ربيعة ،فتذاكروا من العذريين ،فقال عمر
بن أبي ربيعة :كان لي صديق من عذرة يقال له الجعد بن مهجع ،وكان أحد سلمان ،وكان يلقى مثل الذي ألقى من الصبابة
بالنساء والوجد بهن ،على أنه كان ل عاهر الخلوة ول سريع السلوة ،وكان يوافي الموسم في كل سنة؛ فإذا راث عن وقته
ترجمت عنه الخبار ،وتوكفت له السفار حتى يقدم .فغمني ذات سنة إبطاؤه حتى قدم حجاج عذرة ،فأتيت القوم أنشد
صاحبي ،وإذا غلم قد تنفس الصعداء ثم قال :أعن أبي المسهر تسأل? قلت :عنه أسأل وإياه أردت .قال :هيهات هيهات أصبح
:والله أبو المسهر ل مؤيسا فيهمل ول مرجوا فيعلل ،أصبح والله كما قال القائل
أعيش ول أقضي به فأموت قال قلت :وما الذي به? قال :مثل الذي بك من لعمرك ما حبي لسماء تاركي
تهوركما في الضلل ،وجركما أذيال الخسار ،فكأنكما لم تسمعا بجنة ول نار .قلت :من أنت منه يابن أخي? قال :أخوه .قلت:
والله يابن أخي ما يمنعك أن تسلك مسلك أخيك من الدب وأن تركب إل انك وأخاك كالبرد والبجاد ل ترقعه ول يرقعك ،ثم
:صرفت وجه ناقتي وأنا أقول
ولما يرح في القوم جعد بن مهجع أرائحة حـجـاج عـذرة وجـهة
متى ما يقل أسمع وإن قلت يسمع خليلن نشكو ما نلقي من الهـوى
فلى زفرات هجن ما بين أضلعي أل ليت شعري أي شيء أصـابـه
سألقى كما لقيت في كل مصرع ثم انطلقت حتى وقفت موقفي من عرفات. فل يبعدنك اللـه خـل فـإنـنـي
فبينا أنا كذلك إذ أنا بإنسان قد تغير لونه وساءت هيئته ،فأدنى ناقته من ناقتي حتى خالف بين أعناقهما ،ثم عانقني وبكى حتى
:اشتد بكاؤه .فقلت :ما وراءك? فقال :برح العذل ،وطول المطل ،ثم أنشأ يقول
لقد علمت بأن الحـب داء لئن كانت عـدية ذات لـب
وإني ل يفارقني البـكـاء ألم تنظر إلى تغيير جسمي
لقف الكلم وانكشف الغطاء ولو أني تفرقت الذي بـي
حتوفهم الصبابة واللـقـاء فإن معاشري ورجال قومي
فذاك العبد يبكيه الرشـاء فقلت :يا أبا المسهر إنها ساعة تضرب إليها أكباد البل إذا العذري مات خلي ذرع
من شرق الرض وغربها ،فلو دعوت الله كنت قمنا أن تظفر بحاجتك وأن تنصر على عدوك .قال :فتركني وأقبل على الدعاء.
:فلما نزلت الشمس للغروب وهم الناس أن يفيضوا سمعته يتكلم بشيء ،فأصغيت إليه ،فإذا هو يقول
من محرم يشكو الضحى ولوحه يا رب كـل غـدوة وروحــه
أنت حسيب الخلق يوم الدوحه الجعد بن مهجع يذكر لعمر سبب عشقه ومسعى عمر في زواجه من عشقها :فقلت له :وما
يوم الدوحة? قال :والله لخبرنك ولو لم تسألني .فيممنا نحو مزدلفة ،فأقبل علي وقال :إني رجل ذو مال كثير من نعم وشاء،
وذو المال ل يصدره ول يرويه الثماد .وقطر الغيث أرض كلب ،فانتجعت أخوالي منهم ،فأوسعوا لي عن صدر المجلس
وسقوني جمة الماء ،وكنت فيهم في خير أخوال .ثم إني عزمت على موافقة إبلي لهم يقال له الحوذان ،فركبت فرسي
وسمطت خلفي شرابا كان أهداه إلي بعضهم ثم مضيت ،حتى إذا كنت بين الحي ومرعى النعم رفعت لي دوحة عظيمة ،فنزلت
عن فرسي وشددته بغصن من أغصانها وجلست في ظلها .فبينا أنا كذلك إذ سطع غبار من ناحية الحي ورفعت لي شخوص
ثلثة ،ثم تبينت فإذا فارس يطرد مسحل وأتانا ،فتأملته فإذا عليه درع أصفر وعمامة خز سوداء ،وإذا فروع شعره تضرب
خصريه ،فقلت :غلم حديث عهد بعرس أعجلته لذة الصيد فترك ثوبه ولبس ثوب امرأته .فما جاز علي إل يسيرا حتى طعن
:المسحل وثنى طعنة للتان فصرعهما ،وأقبل راجعا نحوي وهو يقول
كرك لمين على نابل فقلت :إنك قد تعبت وأتعبت ،فلو نزلت فثنى رجله فنزل نطعنهم سلكى ومخلوجة
:فشد فرسه بغصن من أغصان الشجرة وألقى رمحه وأقبل حتى جلس ،فجعل يحدثني حديثا ذكرت به قول أبي ذؤيب
جنى النحل في ألبان عوذ مطافل فقمت إلى فرسي فأصلحت من أمره ثم وإن حديثا منك لو تـبـذلـينـه
رجعت ،وقد حسر العمامة عن رأسه ،فإذا غلم كأن وجهه الدينار المنقوش .فقلت :سبحانك اللهم ما أعظم قدرتك وأحسن
صنعتك .فقال :مم ذاك? قلت :مما راعني من جمالك وبهرني من نورك .قال :وما الذي يروعك من حبيس التراب ،وأكيل
الدواب ،ثم ل يدري أينعم بعد ذلك أم يبأس .قلت :ل يصنع الله بك إل خيرا .ثم تحدثنا ساعة ،فأقبل علي وقال :ما هذا الذي
أرى قد سمطت في سرجك? قلت :شراب أهداه إلي بعض أهلك ،فهل لك فيه من أرب? قال :أنت وذاك .فأتيته به ،فشرب
منه وجعل ينكت أحيانا بالسوط على ثناياه ،فجعل والله يتبين لي ظل السوط فيهن .فقلت :مهل فإني خائف أن تكسرهن،
:فقال :ولم? قلت :لنهن رقاق وهن عذاب .قال :رفع عقيرته يتغنى
ثناياه لم يأثم وكـان لـه أجـرا إذا قبل النسان آخر يشتـهـي
مثاقيل يمحو الله عنه بها الوزرا ثم قام إلى فرسه فأصلح من أمره ثم رجع. فإن زاد زاد الله في حسنـاتـه
قال :فبرقت لي بارقة تحت الدرع .فإذا ثدي كأنه حق عاج .فقلت :نشدتك الله أمرأة? قالت :إي والله إل أني أكره العشير
وأحب الغزل .ثم جلست فجعلت تشرب معي ما أفقد من أنسها شيئا حتى نظرت إلى عينيها كأنهما عينا مهاة مذعورة .فوالله
ما راعني إل ميلها على الدوحة سكرى .فزين لي والله الغدر وحسن في عيني ،ثم إن الله عصمني منه ،فجلست حجرة منها.
فما لبثت إل يسيرا حتى انتبهت فزعة ،فلثت عمامتها برأسها ،وجالت في متن فرسها ،وقالت :جزاك الله عن الصحبة خيرا.
:قلت :أو ما تزودينني منك زادا? فناولتني يدها ،فقبلتها فشممت والله منها ريح المسك المفتوت ،فذكرت قول الشاعر
سحابة مالها عين ول أثـر قلت :وأين الموعد? قالت :إن لي أخوة شرسا وأبا كأنها إذ تقضى النوم وانتبهت
غيورا .ووالله لن أسرك أحب إلي من أضرك ،ثم انصرفت .فجعلت أتبعها بصري حتى غابت ،فهي والله يابن ربيعة أحلتني هذا
المحل وأبلغتني .فقلت له :يا أبا المسهر إن الغدر بك مع ما تذكر لمليح .فبكى واشتد بكاؤه .فقلت :ل تبك؛ فما قلت إل مازحا،
ولو لم أبلغ في حاجتك بمالي لسعيت في ذلك حتى أقدر عليه ،فقال لي :خيرا .فلما انقضى الموسم شددت على ناقتي وشد
على ناقته ،ودعوت غلمي فشد على بعير له ،وحملت عليه قبة حمراء من أدم كانت لبي ربيعة المخزومي ،وحملت معي ألف
دينار ومطرف خز ،وانطلقنا حتى أتينا بلد كلب ،فنشدنا عن أبي الجارية فوجدناه في نادي قومه ،وإذا هو سيد الحي وإذا الناس
حوله .،فوقفت على القوم فسلمت ،فرد الشيخ السلم ،ثم قال :من الرجل? قلت :عمرو بن أبي ربيعة بن المغيرة .فقال:
المعروف غير المنكر ،فما الذي جاء بك? قلت :خاطبا .قال :الكف ،والرغبة .قلت :إني لم آت ذلك لنفسي عن غير زهادة فيك
ول جهالة بشرفك ،ولكني أتيت في حاجة ابن أختكم العذري ،وها هو ذاك .فقال :والله إنه لكفيء الحسب رفيع البيت ،غير أن
بناتي لم يقعن إل في هذا الحي من قريش .فوجمت لذلك ،وعرف التغير في وجهي فقال :أما إني صانع بك ما لم أصنعه
بغيرك .قلت :وما ذاك فمثلي من شكر? قال :أخيرها فهي وما اختارت .قلت :ما أنصفتني إذ تختار لغيري وتولي الخيار غيرك.
فأشار إلي العذري أن دعه يخيرها .فأرسل إليها :إن في المر كذا وكذا .فأرسلت إليه :ما كنت لستبد برأي دون القرشي،
فالخيار في قوله ،حكمه .فقال لي :إنها قد ولتك أمرها فاقض ما أنت قاض .فحمدت الله عز وجل وأثنيت عليه وقلت :اشهدوا
أني قد زوجتها من الجعد ابن مهجع وأصدقتها هذا اللف الدينار ،وجعلت تكرمتها العبد والبعير والقبة ،وكسوت الشيخ المطرف،
وسألته أن يبني بها عليه في ليلته .فأرسل إلى أمها ،فقالت :أتخرج ابنتي كما تخرج المة .فقال الشيخ :هجري في جهازها،
فما برحت حتى ضربت القبة في وسط الحريم ،ثم أهديت إليه ليل ،وبت أنا عند الشيخ .فلما أصبحت أتيت القبة فصحت
بصاحبي ،فخرج إلي وقد أثر السرور فيه ،فقلت :كيف كنت بعدي وكيف هي بعدك? فقال لي :أبدت لي والله كثيرا مما كانت
:أخفته عني يوم لقيتها .فسألتها عن ذلك فأنشأت تقول :صوت
وقلت فتى بعض الصـديق يريد كتمت الهوى لما رأيتك جـازعـا
يضر بها برح الهوى فـتـعـود وأن تطرحني أو تـقـول فـيتة
من الوجد برح فاعلمـن شـديد فقلت :أقم على أهلك ،بارك الله لك فوريت عما بي وفي داخل الحشى
:فيهم ،وانطلقت وأنا أقول
وإني لعباء النـوائب حـمـال كفيت أخي العذري ما كان نابـه
إذا طرحت إني لمالـي بـذال وقال العذري :أما استحسنت مني المكارم والعل
فأف لدنيا ليس من أهلها عـمـر إذا ما الخطاب خـلـى مـكـانـه
ول سقيت أرض الحجازين بالمطر صوت :فل حي فتيان الحجـازين بـعـده
فوقفت في عرصاتهم أبكي إن الخليط قد أزمعوا تركي
مطلية الصداغ بالمسـك جنية برزت لتقـتـلـنـي
خرج العراق ومنبر الملك الشعر لبن قيس الرقيات يقوله في عائشة بنت طلحة. عجبا لمثلك ل يكـون لـه
والغناء لمعبد ،ثقيل أول السبابة في مجرى البنصر .والسبب في قول ابن قيس هذا الشعر فيها يذكر في أخبارها إن شاء الله
.تعالى
قالت :يا جارية هاتي منقلي تعني خفيها فلبستهما وخرجت ومعها خادم لها ،فإذا هي بجماعة يزحم بعضهم بعضا ،فقالت :يا
جارية انظري ما هذا .فنظرت ثم رجعت فقالت :امرأة أخذت مع رجل .فقالت :داء قديم ،امض ويلك .فبدأت بعائشة بنت
طلحة فقالت :فديتك كنا في مأدبة أو مأتم لقريش ،فتذاكروا جمال النساء وخلقهن فذكروك ،فلم أدر كيف أصفك فديتك.
فألقي ثيابك ففعلت فأقبلت وأدبرت فارتج كل شيء منها .فقالت لها عزة :خذي ثوبك فديتك .فقال عائشة :قد قضيت حاجتك
:وبقيت حاجتي .قالت عزة :وما هي بنفسي أنت? قالت :تغنيني صوتا .فاندفعت تغني لحنها :صوت
وأترابها بين الصيفر والخبـل خليلي عوجا بالمحلة من جمـل
تعاقبها اليام بالريح والـوبـل نقف بمغان قد محا رسمها البلى
لندب أعلى جلدها مدرج النمل فلو درج النمل الصغار بجلدهـا
تشبه في النسوان بالشادن الطفل الشعر لجميل بن عبد الله بن معمر وأحسن خلق الله جيدا ومـقـلة
العذري .والغناء لعزة الميلء ثقيل أول بالوسطى فقامت عائشة فقبلت ما بين عينيها ودعت لها بعشرة أثواب وبطرائف من
أنواع الفضة وغير ذلك ،فدفعته إلى مولتها فحملته .وأتت النسوة على مثل ذلك تقول لهن ،حتى أتت القوم في السقيفة.
فقالوا :ما صنعت? فقالت :يابن أبي عبد الله ،أما عائشة فل والله إن رأيت مثلها مقبلة ومدبرة ،محطوطة المتنين ،عظيمة
العجيزة ،ممتلئة الترائب ،نقية الثغر وصفحة الوجه ،فرعاء الشعر ،لفاء الفخذين ،ممتلئة الصدر ،خميصة البطن ،ذات عكن،
ضخمة السرة ،مسرولة الساق .يرتج ما بين أعلها إلى قدميها .وفيها عيبان ،أما أحدهما فيواريه الخمار ،وأما الخر فيواريه
الخف :عظم القدم والذن .وكانت عائشة كذلك .ثم قالت عزة :وأما أنت يابن أبي أحيحة فإني والله ما رأيت مثل خلق عائشة
بنت عثمان لمرأة قط ،ليس فيها عيب .والله لكأنما أفرغت إفراغا ،ولكن في الوجه ردة ،وإن استشرتني أشرت عليك بوجه
تستأنس به .وأما أنت يابن الصديق فوالله ما رأيت مثل أم القاسم ،كأنها خوط بانة تنثني ،وكأنها جدل عنان ،أو كأنها جان يتثنى
على رمل ،لو شئت أن تعقد أطرافها لفعلت .ولكنها شختة الصدر وأنت عريض الصدر؛ فإذا كا ذلك كان قبيحا ،ل والله حتى يمل
.كل شيء مثله .قال :فوصلها الرجال والنساء وتزوجوهن
أمها وخالتها ،وزواجها من ابن خالها وأولدها منه :أخبرني الطوسي وحرمي عن الزبير عن عمه ،وأخبرني الحسين بن يحيى
عن حماد عن أبيه عن الزبيري والمدائني ،ونسخت بعض هذه الخبار من كتاب أحمد بن الحارث عن المدائني وجمعت ذلك،
قالوا جميعا :إن أم عائشة بنت طلحة أم كلثوم بنت أبو بكر الصديق ،وأمها حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير من بني
الخزرج بن الحارث .قالوا :وكانت عائشة بنت طلحة تشبه بعائشة أم المؤمنين خالتها .فزوجتها عائشة عبد الله بن عبد الرحمن
بن أبي بكر وهو ابن أخيها وابن خال عائشة بنت طلحة ،وهو أبو عذرها ،فلم تلد من أحد من أزواجها سواه؛ ولدت له عمران
وبه كانت تكنى ،وعبد الرحمن ،وأبا بكر ،وطلحة ،ونفيسة وتزوجها الوليد بن عبد الملك ،ولكل هؤلء عقب .وكان ابنها طلحة من
:أجواد قريش ،وله يقول الحزين الديلي
عذافرة تستخف الـضـفـارا فإن تك يا طلح أعـطـيتـنـي
ول مرتـين ولـكـن مـرارا فما كان نـفـعـك لـي مـرة
وسار مع المصطفى حيث سارا أبوك الذي صدق المصطـفـى
إذا نسب الناس كانوا نـضـارا مصارمتها لزوجها وإيلؤه منها :قال :فصارمت عائشة وأمـك بـيضـاء تـمـيمـية
بنت طلحة زوجها ،وخرجت من دارها غضبى ،فمرت في المسجد وعليها ملحفة تريد عائشة أم المؤمنين ،فرآها أبو هريرة
فقال :سبحان الله كأنها من الحور العين .فمكثت عند عائشة أربعة أشهر .وكان زوجها قد آلى منها ،فأرسلت عائشة :إني
:أخاف عليك اليلء ،فضمها إليه وكان موليا منها فقيل له :طلقها ،فقال
مقيما علي الهم ،أحـلم نـائم يقولون طلقها لصبح ثـاوبـا
لهم زلفة عندي لحدى العظائم زواجها من مصعب بن الزبير :وإن فراقي أهل بيت أحبـهـم
فتوفي عبد الله بعد ذلك وهي عنده ،فما فتحت فاها عليه ،وكانت عائشة أم المؤمنين تعدد عليها هذا في ذنوبها التي تعددها.
ثم تزوجها بعده مصعب بن الزبير ،فأمهرها خمسمائة ألف درهم وأهدى لها مثل ذلك .فبلغ ذلك أخاه فقال :إن مصعبا قدم
أيره ،وأخر خيره .فبلغ ذلك من قوله عبد الملك بن مروان فقال :لكنه أخر أيره وخيره ،وكتب ابن الزبير إلى مصعب يؤنبه على
ذلك ويقسم عليه أل يلحق به بمكة ول ينزل المدينة ول ينزل إل بالبيداء ،وقال له :إني لرجو أن تكون الذي يخسف به البيداء،
.فما أمرتك بنزولها إل لهذا .وصار إليه وأرضاه عن نفسه ،فأمسك عنه
كانت تعاسر مصعبا فاحتال له كاتبه ابن أبي فروة حتى ياسرته :قال وحدثني المدائني عن سحيم بن حفص قال :كان مصعب
بن الزبير ل يقدر عليها إل بتلح ينالها منه وبضربها .فشكا ذلك إلى ابن أبي فروة كاتبه .فقال له :أنا أكفيك هذا إن أذنت لي.
قال :نعم افعل ما شئت فإنها أفضل شيء نلته من الدنيا .فأتاها ليل ومعه أسودان فاستأذن عليها .فقالت له :أفي مثل هذه
الساعة قال نعم .فأدهلته .فقال للسودين :احفرا ها هنا بئرا .فقالت له جاريتها :وما تصنع بالبئر? قال :شؤم ملتك ،أمرني هذا
الفاجر أن أدفنها حية وهو أسفك خلق الله لدم حرام .فقالت عائشة :فانظرني أذهب إليه .قال :هيهات ل سبيل إلى ذلك ،وقال
للسودين :احفرا .فلما رأت الجد منه بكت ثم قالت :يابن فروة إنك لقاتلي ما منه بد? قال :نعم ،وإني لعلم أن الله سيجزيه
بعدك ،ولكنه قد غضب وهو كافر الغضب .قالت :وفي أي شيء غضبه .قال :في امتناعك عنه ،وقد ظن أنك تبغضينه وتتطلعين
إلى غيره فقد جن .فقالت :أنشدك الله إل عاودته .قال :إني أخاف أن يقتلني .فبكت وبكى جواريها .فقال :قد رققت لك،
وحلف أنه يغرر بنفسه ،ثم قال لها :فما أقول? قالت :تضمن عني أل أعود أبدا .قال :فما لي عندك? قالت :قيام بحقك ما
عشت .قال :فأعطيني المواثيق ،فأعطته .فقال للسودين :مكانكما ،وأتى مصعبا فأخبره .فقال له :استوثق منها باليمان،
.ففعلت وصلحت بعد ذلك لمصعب
أخبار لها مع مصعب :قال :ودخل عليها مصعب يوما وهي نائمة متصبحة ومعه ثماني لؤلؤات قيمتها عشرون ألف دينار ،فأنبهها
.ونثر اللؤلؤ في حجرها .فقالت له :نومتي كانت أحب إلي من هذ اللؤلؤ
قال :وصارمت مصعبا مرة ،فطالت له وشق ذلك عليها وعليه ،وكانت لمصعب حرب فخرج إليها ثم عاد وقد ظفر ،فشكت
عائشة مصارمته إلى مولة لها .فقالت :الن يصلح أن تخرجي إليه .فخرجت فهنأته بالفتح وجعلت تمسح التراب عن وجهه.
.فقال لها مصعب :إني أشفق عليك من رائحة الحديد .فقالت :لهو والله عندي أطيب من ريح المسك الذفر
أخبرني ابن يحيى عن حماد عن أبيه عن المسعر قال :كان مصعب من أشد الناس إعجابا بعائشة بنت طلحة ،ولم يكن لها شبه
في زمانها حسنا ودمائة وجمال وهيئة ومتانة وعفة ،وإنها دعت يوما نسوة من قريش فلما جئنها أجلستهن في مجلس قد نضد
فيه الريحان والفواكه والطيب و المجمر ،وخلعت على كل امرأة منهن ،خلعة تامة من الوشي والخز ونحوهما ،ودعت عزة
:الميلء ففعلت بها مثل ذلك وأضعفت ،ثم قال لعزة :هاتي يا عزة فغنينا ،فغنتهن في شعر امرئ القيس
لذيذ المقبل والمبـتـسـم وثغر أغر شتيت البـنـات
وبالظن يقضي عليك الحكم وكان مصعب قريبا منهن ومعه إخوان له ،فقام فانتقل وما ذقته غـير ظـن بـه
حتى دنن منهن والستور مسبلة ،فصاح :يا هذه إنا قد ذقناه فوجدناه على ما وصفت ،فبارك الله فيك يا عزة ثم أرسل إلى
عائشة :أما أنت فل سبيل لنا إليك مع من عندك ،وأما عزة فتأذنين لها أن تغنينا هذا الصوت ثم تعود إليك ،ففعلت .وخرجت
عزة إليه فغنته هذا الصوت مرارا وكاد مصعب أن يذهب عقله فرحا .ثم قال لها :يا عزة إنك لتحسنين القول والوصف ،وأمرها
.بالعود إلى مجلسها ،وتحدث ساعة مع القوم ثم تفرقوا
:خطبها بشر بن مروان فتزوجت عمر بن عبيد الله
وقال المدائني ،وذكر القحذمي أيضا في خبره :فلما قتل مصعب عن عائشة خطبها بشر بن مروان ،وقدم عمر بن عبيد الله
بن معمر التيمي من الشام فنزل الكوفة ،فبلغه أن بشر بن مروان خطبها ،فأرسل إليها جارية لها وقال :قولي لبنة عمي
يقرؤك السلم ابن عمك ويقول لك أنا خير من هذا المبسور المطحول ،وأنا ابن عمك وأحق بك ،وإن تزوجت بك ملت بيتك
خيرا ،وحرك أيرا .فتزجته فبنى لها بالحيرة ومهدت له سبعة أفرشة عرضها أربع أذرع ،فأصبح ليلة بنى بها عن تسع .قال:
.فلقيته مولة لها فقالت :أبا حفص فديتك قد كملت في كل شيء حتى في هذا
وقال مصعب في خبره إن بشرا بعث إليها عمر بن عبيد الله بن معمر يخطبها عليه ،فقالت له :يا مصارع قلة أما وجد بشر
رسول إلى ابنة عمك غيرك فأين بك عن نفسك ? قال :أو تفعلين? قالت نعم ،فتزوجها .وقال مصعب الزبيري في خبره :لما
:بنى بها عمر قال لها :لقتلنك الليلة ،فلم يصنع إل واحدة .فقالت له لما أصبح :قم يا قتال .قال :وقالت له حينئذ
وبلوناك فلم نرض الخبر وهذه الحكاية تحامل من مصعب الزبيري وعصبية .والخبر قد رأيناك فلم تحل لـنـا
.في رضاها عنه والحكاية في هذا غير ما حكاه وهو ما سبق
ما كان في يوم زواجها من عمر بن عبد الله :أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا ابن مهرويه عن ابن أبي سعد عن القحذمي
أن عمر بن عبيد الله لما قدم الكوفة وتزوج عائشة بنت طلحة ،فحمل إليها ألف ألف درهم :خمسمائة ألف درهم مهرا
وخمسمائة ألف هدية ،وقال لمولتها :لك علي ألف دينار إن دخلت بها الليلة .وأمر بالمال فحمل فألقي في الدار وغطي
بالثياب .وخرجت عائشة فقالت لمولتها :أهذا فرش أم ثياب? قالت :انظري إليه ،فنظرت فإذا مال ،فتبسمت .فقالت :أجزاء
من حمل هذا أن يبيت عزبا قالت :ل والله ،ولكن ل يجوز دخوله إل بعد أن أتزين له وأستعد .قالت :فيم ذا فوجهك والله أحسن
من كل زينة ،وما تمدين يدك إلى طيب أو ثوب أو مال أو فرش إل وهو عندك .وقد عزمت عليك أن تأذني له .قالت :افعلي.
فذهبت إليه فقالت له :بت بنا الليلة .فجاءهم عند العشاء الخرة ،فأدني إليه طعام فأكل الطعام كله حتى أعرى الخوان،
وغسل يده ،وسأل عن المتوضأ فأخبرته فتوضأ ،وقام يصلي حتى ضاق صدري ونمت ،ثم قال :أعليكم إذن? قلت :نعم ،فادخل،
فأدخلته وأسبلت الستر عليهما .فعددت له في بقية الليل على قلتها سبع عشرة مرة دخل المتوضأ فيها .فلما أصبحنا وقفت
على رأسه فقال :أتقولين شيئا? قلت :نعم والله ما رأيت ،أكلت أكل سبعة ،وصليت صلة سبعة ،ونكت نيك سبعة .فضحك
:وضرب بيده على منكب عائشة ،فضحكت وغطت وجهها وقالت
وبلوناك فلم نرض الخبر ويدل أيضا على على بطلن خبره أنه لما مات ندبته قائمة، قد رأيناك فلم تحل لـنـا
ولم تندب أحدا من أزواجها إل جالسة فقيل لها في ذلك ،فقالت :إنه كان أكرمهم علي وأمسهم رحما بي ،وأردت أل أتزوج بعده
وكانت ندبة المرأة زوجها قائمة مما تفعله من ل تريد أن تتزوج بعد زوجها أخبرني بذلك الحسن بن علي عن أحمد بن زهير بن
.حرب عن محمد بن سلم .وهذا دليل على خلف ما ذكره مصعب
ثم رجع الخبر إلى سياقة خبرها :حديث امرأة عنها وقد اختلى بها عمر :قال المدائني في خبره :قالت امرأة :كنت عند عائشة
بنت طلحة ،فقيل لها :قد جاء المير ،فتنحيت ،ودخل عمر بن عبد الله ،وكنت بحيث أسمع كلمهما ،فوقع عليها فجاءت
بالعجائب ثم خرج ،فقلت لها :أنت في نفسك وموضعك وشرفك تفعلين هذا فقالت :إنا نتشهى لهذه الفحول بكل ما حركها
.وكل ما قدرنا عليه
طلبت ضرتها من مولة لها أن تراها متجردة ثم ندمت أن رأتها :قال المدائني :وحدثني مسلمة بن محارب قال :قالت رملة
بنت عبد الله بن خلف وكانت تحت عمر بن عبيد الله بن معمر ،وقد ولدت منه ابنه طلحة الجود لمولة عائشة بنت طلحة:
أريني عائشة متجردة ولك ألفا درهم .فأخبرت عائشة بذلك .قالت :فإني أتجرد ،فأعليمها ول تعرفيها أني أعلم .فقامت عائشة
كأنها تغتسل ،وأعلمتها فأشرفت عليها مقبلة ومدبرة ،فأعطت رملة مولتها ألفي درهم ،وقالت :لوددت أني أعطيتك أربعة آلف
:درهم ولم أرها .قال :وكانت رملة قد أسنت ،وكانت حسنة الجسم قبيحة الوجه عظيمة النف .وفيها وفي عائشة يقول الشاعر
وانبذ برملة نبذ الجورب الخلق ويقال :إن رملة قد أسنت عند عمر بن عبيد انعم بعائش عيشا غير ذي رنق
:الله ،فكانت تجتنبه أيام أقرائها ثم تغتسل ،تريه أنها تحيض ،وذلك بعد انقطاع حيضها .فقال في ذلك بعض الشعراء
قطرت منك في حماليق عين أخبرنا بذلك الجوهري عن عمر بن شبة .جعل الله كل قطـرة حـيض
أخبار لها مع عمر بن عبيد الله :وذكر هارون بن الزيات عن أبي بكر بن عياش قال :قال عمر بن عبيد الله لعائشة بنت طلحة
وقد أصاب منها طيب نفس :ما مر بي مثل يوم أبي فديك .فقالت له :اعدد أيامك واذكر أفضلها ،فعد يوم سجستان ويوم
قطري بفارس ونحو ذلك .فقالت عائشة :قد تركت يوما لم تكن في أيامك أشجع منك فيه .قال :وأي يوم? قالت :يوم أرخت
.عليها وعليك رملة الستر ،تريد قبح وجهها
قال :فمكثت عائشة عند عمر بن عبيد الله بن معمر ثماني سنين ،ثم مات عنها في سنة اثنتين وثمانين ،فتأيمت بعده ،فخطبها
.جماعة فردتهم ،ولم تتزوج بعده أحدا
قال المدائني :كان عمر بن عبيد الله من أشد الناس غيرة ،فدخل يوما على عائشة وقد ناله حر شديد وغبار ،فقال لها :انفضي
التراب عني .فأخذت منديل تنفض به عنه التراب ،ثم قالت له :ما رأيت الغبار على وجه أحد قط كان أحسن منه على وجه
.مصعب ،قال :فكاد عمر يموت غيظا
وقال أحمد بن حماد بن جميل حدثني القحذمي قال :كانت عائشة بنت طلحة من أشد الناس مغايظة لزواجها ،وكانت تكون
لمن يجيء يحدثها في رقيق الثياب ،فإذا قالوا :قد جاء المير ضمت عليها مطرفها وقطبت .وكانت كثيرا ما تصف لعمر بن عبيد
.الله مصعبا وجماله ،تغيظه بذلك فيكاد يموت
طلبت من الوليد بن عبد الملك أعوانا حين حجت :وقال المدائني حدثني مسلمة بن محارب وعبيد الله بن فائد ،وأخبرنا به
حرمي عن الزبير عن عمه ومحمد بن الضحاك ،قالوا :دخلت عائشة بنت طلحة على الوليد بن عبد الملك وهو بمكة ،فقالت :يا
أمير المؤمنين ،مر لي بأعوان فضم إليها قوما يكونون معها ،فحجت ومعها ستون بغل عليها الهوادج والرحائل .فعرض لها عروة
:بن الزبير فقال
أكل عام هكذا تحـجـين فأرسلت إليه :نعم يا عرية ،فتقدم إن شئت ،فكف عنها. عائش يا ذات البغال الستين
.ولم تتزوج حتى ماتت
حجت مع سكينة بنت الحسين وكانت أحسن آلة وثقل :وقال غير المدائني :إن عائشة بنت طلحة حجت وسكينة بنت الحسين
:عليهما السلم معا ،وكانت عائشة أحسن آلة وثقل .فقال حاديها
أكل عام هكذا تحـجـين فشق ذلك على سكينة ،ونزل حاديها فقال :عائش يا ذات البغال الستين
لول أبوها ما اهتدى أبوك فأمرت عائشة حاديها أن يكف فكف .عائش هذي ضرة تشكوك
بهر موكب عاتكة بنت يزيد في الحج :وقال :إسحاق بن إبراهيم في خبره حدثني محمد بن سلم عن يزيد بن عياض قال:
استأذنت عاتكة بنت يزيد بن معاوية عبد الملك في الحج ،فأذن لها وقال :ارفعي حوائجك واستظهري؛ فإن عائشة بنت طلحة
تحج ،ففعلت فجاءت بهيئته جهدت فيها .فلما كانت بين مكة والمدينة إذا موكب قد جاء فضغطها وفرق جماعتها .فقالت :أرى
عائشة بنت طلحة ،فسألت عنها فقالوا :هذه خازنتها .ثم جاء موكب آخر أعظم من ذلك فقالوا :عائشة عائشة ،فضغطهم،
فسألت عنه ،فقالوا :هذه ماشطتها .ثم جاءت مواكب على هذا إلى سننها .ثم أقبلت كوكبة فيها ثلثمائة راحلة عليها القباب
.والهوادج .فقالت عاتكة :ما عند الله خير وأبقى
وقال هارون بن الزيات حدثني قبيصة عن ابن عائشة عن أمه عن سلمة مولة جدته أثيلة بنت المغيرة بن عبد الله بن معمر
قالت :كان كبر عجيزتها مثار العجب :زرت مع مولتي خالتها عائشة بنت طلحة وأنا يومئذ وصيفة ،فرأيت عجيزتها من خلفها
وهي جالسة كأنها غيرها ،فوضعت أصبعي عليها لعلم ما هي ،فلما وجدت مس أصبعي قالت :ما هذا? قلت :جعلت فداءك لم
.أدر ما هو ،فجئت لنظر .فضحكت وقالت :ما أكثر من يعجب مما عجبت منه
إعجاب أبي هريرة بجمالها :وزعم بكر بن عبد الله بن عاصم مولى عرينة عن أبيه عن جده :أن عائشة نازعت زوجها إلى أبي
.هريرة ،فوقع خمارها عن وجهها ،فقال أبو هريرة :سبحان الله ما أحسن ما غذاك أهلك لكأنما خرجت من الجنة
وفدت على هشام فأعجب سامروه بعلمها :قال ابن عائشة وحدثني أبي أن عائشة بنت طلحة وفدت على هشام ،فقال لها:
ما أوفدك? قالت :حبست السماء المطر ،ومنع السلطان الحق .قال :فإني أبل رحمك وأعرف حقك ،ثم بعث إلى مشايخ بني
أمية فقال :إن عائشة عندي ،فاسمروا عندي الليلة فحضروا ،فما تذاكروا شيئا من أخبار العرب وأشعارها وأيامها إل أفاضت
معهم فيه ،وما طلع نجم ول غار إل سمته .فقال لها هشام :أما الول فل أنكره ،وأما النجوم فمن أين لك? قالت :أخذتها عن
.خالتي عائشة .فأمر لها بمائة ألف درهم وردها إلى المدينة
مر بها النميري الشاعر فاستنشدته وخبره معها :أخبرني عمي عن الكراني عن المغيرة بن محمد المهلبي عن محمد بن عبد
الوهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله قال حدثني ابن عمران البزازي قال :لما تأيمت عائشة بنت طلحة كانت تقيم بمكة سنة،
وبالمدينة سنة ،تخرج إلى مال لها بالطائف عظيم وقصر لها فتنزه وتجلس فيه بالعشيات ،فتناضل بين الرماة .فمر بها النميري
الشاعر ،فسألت عنه فنسب لها ،فقالت :ائتوني به .فقالت له لما أتوها به :أنشدني مما قلت في زينب .فامتنع وقال :ابنة
:عمي وقد صارت عظاما بالية .قالت :أقسمت لما فعلت .فأندشها قوله
يلبين للرحمـن مـعـتـمـرات نزلن بفـخ ثـم رحـن عـشـية
ويخرجن شطر الليل معتجـرات يخبئن أطراف الكف من التقـى
وكن من أن يلقـينـه حـذرات ولما رأت ركب النميري أعرضت
به زينب في نسـوة خـفـرات فقالت :والله ما قلت إل جميل ،ول وصفت تضوع مسكا بطن نعمان أن مشت
إل كرما وطيبا وتقى ودينا ،أعطوه ألف درهم .فلما كانت الجمعة الخرى تعرض لها ،فقالت :علي به فجاء .فقالت :أنشدني من
شعرك في زينب .فقال :أو أنشدك من قول الحارث فيك? فوثب مواليها ،فقالت :دعوه؛ فإنه أراد أن يستقيد لبنة عمه ،هات.
:فأنشدها
وغدوا بلبك مطلع الشـوق ظعن المير بأحسن الخلـق
نهض الضعيف ينوء بالوسق وتنوء تثقلها عـجـيزتـهـا
إل غدا بكواكب الـطـلـق ما صبحت زوجا بطلعتـهـا
عبق الدهان بجانب الحـق قرشية عبق العبـير بـهـا
هذا الجنون وليس بالعشـق قالت :والله ما ذكر إل جميل ،ذكر أني إذا أصبحت بيضاء من تيم كلفـت بـهـا
زوجا بوجهي غدا بكواكب الطلق ،وأني غدوت مع أمير تزوجني إلى الشرق .أعطوه ألف درهم واكسوه حلتين ،ول تعد لتياننا يا
.نميري
أخر الحارث بن خالد الصلة لتتم طوافها :أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا أحمد بن أبي خيثمة عن محمد بن سلم :أن عبد
الملك ولى الحارث بن خالد على مكة .فأذن المؤذن ،وخرج للصلة ،فأرسلت إليه عائشة بنت طلحة :قد بقي من طوافي شيء
لم آته ،وكان يتعشقها ،فأمر المؤذن فكف عن القامة ،ففرغت من طوافها .وبلغ ذلك عبد الملك فعزله .فقال :ما أهون والله
.غضبه وعزله إياي علي عند رضاها عني
كانت معناة بعجيزتها :أخبرني أحمد بن عبد العزيز حدثني عمر بن شبة قال :قال سلم بن قتيبة :رأيت عائشة بنت طلحة بمنى
أو مسجد الخيف ،فسألتني من أنت? قلت :سلم بن قتيبة .فقالت :رحم الله مصعبا ثم ذهبت تقوم ومعها امرأتان تنهضانها،
:فأعجزتها أليتاها من عظمهما ،فقالت :إني بكما لمعناة .فذكرت قول الحارث
نهض الضعيف ينوء بالوسق وروى هذا الخبر بن الزيات عن جعفر بن محمد عن أحمد وتنوء تثقلها عـجـيزتـهـا
بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني أبو عمرو بن خلد عن المدائني قال :قال أبو هريرة لعائشة بنت
طلحة :ما رأيت شيئا أحسن منك إل معاوية أول يوم خطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .فقالت :والله لنا
.أحسن من النار في الليلة القرة في عين المقرور
خطبها أبان بن سعيد على يد أخيه فأبت :أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال حدثنا سليمان بن أبي شيخ عن محمد بن
الحكم عن عوانة قال :كتب أبان بن سعيد إلى أخيه يحيى يخطب عليه عائشة بنت طلحة ،ففعل .فقالت ليحيى :ما أنزل أخاك
:أيلة? قال :أراد العزلة .قالت :اكتب إلى أخيك
عدوا ول مستنقع بـك نـافـع حللت محل الضب ل أنت ضائر
:صوت
صنيعة تقوى أو صديق توامقه إذا المال لم يوجب عليك عطاءه
فلم يفتلتك المال إل حقـائقـه عروضه من الطويل .توامقه :تفاعله من منعت وبعض المنع حزم وقوة
الموامقة ،أي توده ويودك؛ يقال :ومقته أمقه أي أحببته .ويفتلتك أي يخرجه من يدك وقبضتك .الشعر لكثير .والغناء لمالك بن
.أبي السمح ،إنه للهذلي ،خفيف ثقيل أول بالبنصر
سئل ابن عمران الطلحي أن يعاون صيرفيا أفلس فتمثل ببيتين لكثير :أخبرنا محمد بن خلف وكيع قال حدثنا طلحة بن عبد الله
قال حدثني أبو معمر عافية بن شيبة قال حدثني العتبي قال :أفلس صيرفي بالمدينة ،فخرج قوم يسألون له ،فمروا بابن
:عمران الطلحي وقد فتح بابه واجتمع له أصحابه ،فسألوه فقرع بمخصرته ثم رفع رأسه إليهم فقال
صنيعة تقوى أو صديق توامقه إذا المال لم يوجب عليك عطاءه
فلم يفتلتك المال إل حقـائقـه إنا والله ما نحيد عن الحق ،ول نتدفق في بخلت وبعض البخل حزم وقوة
الباطل ،وإن لنا لحقوقا تشغل فضول أموالنا ،وما كل من أفلس من صيارفة المدينة قدرنا ان نجبره ،فوموا .قال :فقمنا نستبق
.الباب
أن يفرض له فأبى فتمثل البرش ببيتين لكثير :أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا أبو مسلمة
المديني قال أخبرني أبي قال :كان رجل من النصار من بني حارثة مملقا ليس في ديوان ول عطاء ،وكان صديقا لبراهيم ابن
هشام بن إسماعيل .فقال له يوما :إن أمير المؤمنين مسابق عدا بين الخيل ،وقد أمرت الحرس أل يعرضوا لك حتى تكلمه.
قال :فسبق هشاما يومئذ ابن له ،وكان السبق يشتد عليه .فعرض له النصاري فقال :يا أمير المؤمنين ،أنا امرؤ من النصار،
وقد بلغت هذه السن ولست في ديوان ،فإن رأى أمير المؤمنين أن يفرض لي فعل .قال :فأقبل عليه هشام فقال :والله ل
أفرض لك حتى مثل هذه الليلة من السنة المقبلة ،ثم أقبل على البرش فقال :يا أبرش أخطأ أخو النصار المسألة .فقال :يا
:أمير المؤمنين ،ابن أبي جمعة يقول
صنيعة تقوى أو خليل توامقـه إذا المال لم يوجب عليك عطاءه
فلم يفتلتك المال إل حقـائقـه من شعر عمرو بن شأس :صوت :منعت وبعض المنع حزم وقوة
ندمـت وبـان الــيوم مـــنـــي بـــغـــير ذم فوانـدمـي عـلــى الـــشـــبـــاب و وانـــدم
وإذ ل أجـيب الـعـاذلت مــن الـــصـــمـــم وإذ إخـوتـي حــولـــي وإذ أنـــا شـــامـــخ
عرارا لـعـمـري بـالـهـوان فـقــد ظـــلـــم أرادت عـــرارا بـــالـــهـــوان ومـــن يرد
فكـونـي لـه كـالـسـمـــن ربـــت لـــه الدم فإن كـنـت مـنـي أو تـريدين صـحـــبـــتـــي
تيمـم خـمــســـا لـــيس فـــي ورده يتـــم وإل فـبـينـي مــثـــل مـــا بـــان راكـــب
تعـافـيتـهـا مـنـه فـمـا أمـلــك الـــشـــيم فإن عـــرارا إن يكـــن ذا شــــكـــــــيمة
فإنـي أحـب الـجـون ذا الـمـكـنـب الـعــمـــم وإن عـــرارا إن يكـــن غـــير واضــــــح
وأسـري إذا مـا الـلـيل ذو الـظـلــم ادلـــهـــم وإنـي لـعـطـي غـثـهـا وســمـــينـــهـــا
حذارا على ما كان قدم والديإذا روحتهمحرجف تطرد الصرم عروضه من الطويل .الشعر لعمرو بن شأس السدي .والغناء في
الول والثاني من البيات لمعبد .ثاني ثقيل بالسبابة في مجرى الوسطى ،عن إسحاق .وذكر عمرو أن فيهما لمالك خفيف رمل
بالبنصر .وفي الثامن والتاسع لبن جامع هزج بالوسطى عن الهشامي وعلي بن يحيى ،وفيهما لبراهيم ماخوري بالبنصر من
نسخة عمرو الثانية ،ولبن سريج ثاني ثقيل بالبنصر عن حبش ،وفيهما رمل مجهول وقيل :إنه لسليم .الشامخ :الذي يشمخ
بأنفه زهوا وكبرا .وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه .و الشيمة :الطبيعة .ربت له :يعني للسمن فل تفسده .والدم
جمع واحدها أديم وجمعها أدم ،كما يقال أفيق وأفق .واليتم :الغفلة والضيعة؛ واليتيم مأخوذ من هذا .واليتيم من البهائم :ما
اختلج عن أمه .والعرب تقول :ل تخلج الفصيل عن أمه ،فإن الذئب عالم بمكان الفصيل اليتيم .ويقال :فلن شديد الشكيمة أي
:شديد اللسان كثير البيان؛ ومنه شكيمة اللجام ،وجمعها شكائم .قال عويف القوافي
على الجرد في أفواهن الشكائم والواضح :البيض .والجون :السود والبيض أقول لفتيان كـرام تـروحـوا
أيضا ،وهو من الضداد .والعمم :الطويل؛ يقال رجل عمم ،وامرأة عمم ،ورجل عميم ،وامرأة عميمة ،ونخل عميم ،ونبت عميم.
والسرى :السير ليل .وادلهم :اشتد سواده .والحرجف :الريح الشديدة الباردة .والصرم :جمع صرمة وهي القطعة من البل.
.يعني أن هذه الريح إذا هبت طرد الرعاء البل مراحها وأعطانها فتسكنها فيها
إذا قرعت صفرا من الماء صلت خبر ابنه عرار مع عبد الملك حين جاءه رسول رجعت إلى صدر كجرة حنـتـم
من قبل الحجاج :أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدثنا عمر بن شبة عن إسحاق بن محمد بن سلم ،وأخبرني إبراهيم بن أيوب
عن ابن قتيبة قال قال ابن سلم :لما قتل الحجاج عبد الرحمن بن محمد بن الشعث بعث برأسه مع عرار بن عمرو بن شأس
:السدي ،فلما ورد به وأوصل كتاب الحجاج ،جعل عبد الملك يعجب من بيانه وفصاحته مع سواده ،فقال متمثل
فإني أحب الجون ذا المنكب العمم فضحك عرار من قوله ضحكا غاظ عبد وإن عمرارا إن يكن غير واضـح
الملك؛ فقال له :مم ضحكت ويحك قال :أتعرف عرارا يا أمير المؤمنين الذي قيل فيه هذا الشعر ? قال ل .قال :أنا والله هو.
.فضحك عبد الملك ثم قال :حظ وافق كلمة ،وأحسن جائزته وسرحه
قال شعرا في قتل ملك من غسان يقال له عدي :وقال الطوسي :أغار ملك من ملوك غسان يقال له عدي وهو ابن أخت
الحارث بن أبي شمر الغساني علي بني أسد ،فلقيته بنو سعد بن ثعلبة بن دودان بالفرات ورئيسهم ربيعة بن حذار ،فاقتتلوا
قتال شديدا ،فقتلت بنو سعد عديا ،اشترك في قتله عمرو وعمير ابنا حذار أخوا ربيعة ،وأمهما امرأة من كنانة يقال لها تماضر
:إحدى بني فراس بن غنم وهي التي يقال لها مقيدة الحمار .فقالت فاختة بنت عدي
رماح بني مقيدة الحمـار لعمرك ما خشيت على عدي
رماح الجن أو إياك حـار تغنى الحارث بن أبي شمر خاله ولكني خشيت علـى عـدي
بعيد الهم طلع النجار ويروى :جواب الصحارى .فقال عمرو بن شأس في ذلك: قتيل ما قتيل ابني حذار
:صوت
لليلى بأعلى ذي معارك تـدمـعـا متى تعرف العينان أطـلل دمـنة
سجوم ولم تجزع على الدار مجزعا على النحر والسربال حتى تـبـلـه
وإل تعوجا اليوم ل ننطلق مـعـا خليلي عوجا اليوم نقـض لـبـانة
قياد الجـنـيب أو أذل وأطـوعـا وهي قصيدة .غنى في هذه البيات إبراهيم وإن تنظراني اليوم أتبعكـمـا غـدا
ثقيل أول بالوسطى عن الهشامي .والدمنة في هذا الموضع :آثار الناس وما سودوا ،وهي في غير هذا الموضع الحقد؛ يقال :في
.صدره علي إحنة ،وترة ،وضب ،وحسيكة ،ودمنة
وعوجا :احبسا وتلبثا ،عاج يعوج عياجا .وما أعيج بكلمك أي ما ألتفت إليه .واللبانة :الحاجة؛ يقال :لي في كذا لبانة ولبونة
ولماسة ،ووطر ،وحوجاء ممدودة .وقوله :ل ننطلق معا ،يقول إن لم تقفا تأخرت عنكما فتفرقنا .وتنظراني تنظراني؛ يقال
نظرته أنظره ،وأنظرته أنظره إنظارا ونظرة أيضا إذا أخرته؛ قال الله عز وجل :فنظرة إلى ميسرة .والجنيب :المجنوب من
.فرس وغيره ،والجنيب أيضا الذي يشتكي رئته من شدة العطش
خطب بنت رجل كان مجاورا له فلما أحس منه امتناعا أراد أن يصيبها سبية ثم تذمم وقال شعرا :وقال الطوسي قال
الصمعي :جاور رجل من بني عامر بن صعصعة عمرو بن شأس ومعه بنت له من أجمل الناس وأظرفهم ،فخطبها عمرو إلى
أبيها .فقال أبوها :أما دمت جارا لكم فل ،لني أكره أن يقول الناس غصبه أمره ،ولكن إذا أتيت قومي فاخطبها إلي أزوجكها.
فوجد عمرو من ذلك في نفسه واعتقد أل يتزوجها أبدا إل أن يصيبها مسبية .فلما ارتحل أبوها هم عمرو بغزو قومها ،فسار في
أثر أبيها .فلما وقعت عينيه عليه وظفر به استحيا من جواره وما كان بينهما من العهد والميثاق ،فنظر إلى الجارية أمامهم وقد
أخرجت رأسها من الهودج تنظر إليه .فلما رأها رجع مستحييا متذمما منها .وكان عمرو مع شجاعته ونجدته من أهل الخير؛
:فقال في ذلك :صوت
كفى لمطايانا بوجـهـك هـاديا إذا نحن أدلجنا وأنت أمـامـنـا
وإن كن حسرى أن تكوني أماميا أليس يزيد العـيس خـفة أذرع
منيته منـي أبـوك الـلـيالـيا ولول اتقاء الله والعهد قـد رأى
وأحربـه إذا تـنـفـس عـاديا ونحن بنو خير السـبـاع أكـيلة
عظام الرجال ل يجيب الرواقيا بنو أسـد وزد يشـق بـنـابـه
إذا ما دعوا أسمعت ثم الدواعيا متى تدع قيسا أدع خندف إنهـم
وباد إذا عدوا علينا الـبـواديا الغناء لسحاق الموصلي ثاني ثقيل في الول لنا حاضر لم يحضر الناس مثله
.والثاني من البيات ،وفيه لحن قديم
سئل ابن سيرين فأنشد بيتين في شعره دللة على جوازه :أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا ابن مهرويه قال حدثنا عبد الله
بن أبي سعد قال حدثنا الحزامي قال حدثنا معن بن عيسى عن رجل عن سويد بن أبي رهم قال :قلت لبن سيرين :ما تقول
:في الشعر? قال :هو كلم ،حسنه حسن ،وقبيحه قبيح .،قلت :فما تقول في النسيب? قال :لعلك تريد مثل قول الشاعر
كفى لمطايانا بوجـهـك هـاديا إذا نحن أدلجنا وأنت أمـامـنـا
وإن كن حسرى أن تكوني أماميا قال :وأراد بإنشاده إياهما أنك قد رأيتني أليس يزيد العـيس خـفة أذرع
.أحفظ هذا الجنس وأرويه وأنشدتك إياه ،فلو كان به بأس ما أنشدته
:صوت
فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر فإن تكن القتلى بواء فـإنـكـم
وأشجع من ليث بخفان خـادر عروضه من الطويل .البواء بالباء :التكافؤ؛ يقال فتى كان أحيا من فتـاة حـيية
ما فلن لفلن ببواء ،أي ما هو له بكفء أن يقتل به .وما في قولها فتى ما قتلتم صلة .وآل عوف نداء .وخفان :موضع مشهور.
.وخادر :مقيم في مكمنة وغيله ،وهو مأخوذ من الخدر
الشعر لليلى الخيلية ترثي توبة بن الخمير .والغناء لسحاق بن إبراهيم الموصلي ،رمل بإطلق الوتر في مجرى البنصر .وفيه
لبراهيم ثقيل بالوسطى عن حبش .وفي هذه القصيدة عدة أغان تذكر مع سائر ما قاله توبة في ليلى وقالت فيه من الشعر
.عند انقضاء الخبر في مقتله إن شاء الله تعالى
:وخبر مقتله
نسب ليلى الخيلية :هي ليلى بنت عبد الله بن الرحال وقيل ابن الرحالة بن شداد بن كعب بن معاوية ،وهو الخيل وهو فارسها
الهرار ،ابن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة .وهي من النساء المتقدمات في الشعر من شعراء السلم
.
كان توبة بن الحمير يهواها ونسبه :وكان توبة بن الحمير يهواها .وهو توبة بن الحمير بن حزم بن كعب بن خفاجة بن عمرو ابن
.عقيل
جاءها توبة يوما فسفرت له لتحذره :أخبرني ببعض أخبارهما أحمد بن عبد العزيز الجوهري ومحمد بن حبيب بن نصر المهلبي
قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد الوراق قال حدثنا محمد بن علي أبو المغيرة قال حدثنا أبي عن أبي عبيدة قال حدثني أنيس بن
عمرو العامري قال :كان توبة بن الحمير أحد بني السدية ،وهي عامرة بنت والبة بن الحارث ،وكان يتعشق ليلى بنت عبد الله
بن الرحالة ويقول فيها الشعر ،فخطبها إلى أبيها فأبى أن يزوجه إياها وزوجها في بني الدلع .فجاء يوما كما كان يجيء لزيارتها،
فإذا هي سافرة ولم ير منها إليه إل بشاشة ،فعلم أن ذلك لمر ما كان ،فرجع إلى راحلته فركبها ومضى ،وبلغ بني الدلع أنه
:أتاها فتبعوه ففاتهم .فقال توبة في ذلك
وشطت نواها واستمر مريرها وهي طويلة ،يقول فيها :نأتك بليلى دارها ول تزورهـا
فقد رابني منها الغداة سفورها أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
بن شبة قال :كان توبة بن الحمير إذا أتى ليلى الخيلية خرجت إليه في برقع .فلما شهر أمره شكوه إلى السلطان ،فأباحهم
دمه إن أتاهم .فمكثوا له في الموضع الذي كان يلقاها فيه .فلما علمت به خرجت سافرة حتى جلست في طريقه فلما رآها
:سافرة فطن لما أرادت وعلم أنه قد رصد ،وأنها أسفرت لذلك تحذره ،فركض فرسه فنجا .وذلك قوله
فقد رابني منها الغداة سفورها وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
قال أبو عبيدة وحدثني غير أنيس أنه كان يكثر زيارتها ،فعاتبه أخوها وقومها فلم يعتب ،وشكوه إلى قومه فلم يقلع ،فتظلموا
منه إلى السلطان فأهدر دمه إلى أن أتاهم .وعلمت ليلى بذلك ،وجاءها زوجها وكان غيورا فحلف لئن لم تعلمه بمجيئه ليقتلنها،
ولئن أنذرته بذلك ليقتلنها .قالت ليلى :وكنت أعرف الوجه الذي يجيئني منه ،فرصدوه بموضع ورصدته بآخر ،فلما أقبل لم أقدر
.على كلمه لليمين ،فسفرت وألقيت البرقع عن رأسي .فلما رأى ذلك أنكره فركب راحلته ومضى ففاتهم
عرفها رجل من بني كلب وخبره معها ومع زوجها :أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثني أحمد
بن معاوية بن بكر قال حدثني أبو زياد الكلبي قال :خرج رجل من بني كلب ثم من بني الصحمة يبتغي إبل له حتى أوحش
وأرمل ،ثم أمسى بأرض فنظر إلى بيت بواد ،فأقبل حيث ينزل الضيف ،فأبصر امرأة وصبيانا يدورون بالخباء فلم يكلمه أحد.
فلما كان بعد هدأة من الليل سمع جرجرة إبل رائحة ،وسمع فيها صوت رجل حتى جاء بها فأناخها على البيت ،ثم تقدم فسمع
الرجل يناجي المرأة ويقول :ما هذا السواد حذاءك? قالت :راكب أناخ بنا حين غابت الشمس ولم أكلمه .قفال لها :كذبت ،ما
هو إل بعض خلنك ،ونهض فضربها وهي تناشده ،قال الرجل :فسمعته يقول :والله ل أترك ضربك حتى ياتي ضيفك هذا فيغيثك.
فلما عيل صبرها قالت :يا صاحب البعير يا رجل وأخذ الصحمي هرواته ثم أقبل يحضر حتى أتاها وهو يضربها ،فضربه ثلث
ضربات أو أربعا ،ثم أدركته المرأة فقالت :يا عبد الله ،ما لك ولنا نح عنا نفسك ،فانصرف فجلس على راحلته وأدلج ليلته كلها
وقد ظن أنه قتل الرجل وهو ل يدري من الحي بعد ،حتى أصبح في أخبية من الناس ،ورأى غنما فيها أمة مولدة ،فسألها عن
أشياء حتى بلغ به الذكر ،فقال :أخبريني عن أناس وجدتهم بشعب كذا .فضحكت وقالت :إنك لتسألني عن شيء وأنت به
عالم .فقال :وما ذاك لله بلدك? فوالله ما أنا به عالم .قالت :ذاك خباء ليلى الخيلية ،وهي أحسن الناس وجها ،وزوجها رجل
غيور فهو يعزب بها عن الناس فل يحل بها معهم ،والله ما يقربها أحد ول يضيفها ،فكيف نزلت أنت بها? قال :إنما مررت
فنظرت إلى الخباء ولم أقربه ،وكتمها المر .وتحدث الناس عن رجل نزل بها فضربها زوجها فضربه الرجل ولم يدر من هو.
:فلما أخبر باسم المرأة وأقر على نفسه تغنى بشعر دل فيه على نفسه وقال
أنا الصحمي إن لم تعرفيني أل يا ليل أخت بني عـقـيل
بصكات رفعت بها يمينـي دعتني دعوة فحجزت عنهـا
وإن تك قد جننت فذا جنوني سألها الحجاج هل كان بينها وبين توبة ريبة وجوابها فإن تك غيرة أبرئك منـهـا
له :أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا رشد بن خنتم الهللي قال حدثني أيوب بن عمرو عن رجل يقال له ورقاء قال :سمعت
الحجاج يقول لليلى الخيلية :إن شبابك قد ذهب ،واضمحل أمرك وأمر توبة؛ فأقسم عليك إل صدقتني ،هل كانت بينكما ريبة
قط أو خاطبك في ذلك قط? فقالت :ل والله أيها المير إل أنه قال لي ليلة وقد خلونا كلمة ظننت أنه قد خضع فيها لبعض
:المر ،فقلت له
فليس إليها ما حييت سبـيل وذي حاجة قلنا له ل تبح بها
وأنت لخرى فارغ وحلـيل فل والله ما سمعت منه ريبة بعدها حتى فرق بيننا لنا صاحب ل ينبغي أن نخونه
الموت .قال لها الحجاج :فما كان منه بعد ذلك? قالت :وجه صاحبا له إلى حاضرنا فقال :إذا أتيت الحاضر من بني عبادة بن
:عقيل فاعل شرفا ثم اهتف بهذا البيت
من الدهر ل يسري إلي خيالها فلما فعل الرجل ذلك عرفت المعنى فقلت له :عفا الله عنها هل أبيتـن لـيلة
عزيز علينا حاجة ل ينالهـا نسبة ما في هذا الخبر من الغناء ،وهو أجمع في وعنه عفا ربي وأحسن حفظه
.قصيدة توبة
فقد رابني منها الغداة سـفـورهـا وكنت إذا ما جئت ليلى تبـرقـعـت
يرى لي ذنبا غـير أنـي أزورهـا علي دماء البدن إن كان بـعـلـهـا
وما كان في قولي اسلمي ما يضيرها وأني إذا ما زرتها قلت يا اسلـمـي
هواجر تكتـنـينـهـا وأسـيرهـا وغيرني إن كنـت لـمـا تـغـيري
مهاة صوار غير ما مس كـورهـا وأدماء من سر المهـاري كـأنـهـا
مخوف رداها كلما استن مـورهـا قطعت بهـا أجـواز كـل تـنـوفة
دعاميص ماء نش عنهـا غـديرهـا غنى في الربعة البيات فليح بن أبي ترى ضعفاء القوم فيهـا كـأنـهـم
العوراء ثاني ثقيل بالبنصر عن عمرو .وغنى في الثالث والرابع ابن سريح رمل بالوسطى عن الهشامي وعلي بن يحيى المنجم،
وذكر غيرهما أنه لمحمد بن إسحاق بن عمرو بن بزيع .وغنى فيها الهذلي ثقيل أول بالبنصر عن حبش .وغنى ابن محرز في،
:علي دماء البدن ،والذي بعده خفيف رمل بالبنصر عن عمرو .وعن ابن مسجح في
وغيرني إن كنت لما تغيري وما بعده لحن ذكر أن عبد الله بن جعفر رواه البيات وأمره أن يغني بها ،أخبرني بذلك إسماعيل
بن يونس الشيعي عن عمرو بن شبة عن إسحاق الموصلي عن ابن الكلبي في خبر قد ذكرته في أخبار ابن مسجح ،وذكر
.الهشامي أن اللحن ثقيل أول بالوسطى
رأي الصمعي فيما تضمنه شعر لتوبة :حدثنا أحمد بن عبيد الله بن عمار قال حدثني محمد بن يعقوب بالنبار قال حدثنا من
:أنشد الصمعي
يرى لي ذنبـا غـير أنـي أزورهـا علي دماء البـدن إن كـان زوجـهـا
فهل كان من قولي اسلمي ما يضيرها فقال الصمعي :شكوى مظلوم، وأني إذا ما زرتها قلت يا اسـلـمـى
.وفعل ظالم
مقتل توبة وسببه وكيف كان :أخبرني بالسبب في مقتل توبة محمد بن الحسن بن دريد إجازة عن أبي حاتم السجستاني عن
أبي عبيدة ،والحسن بن علي الخفاف قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثنا محمد بن علي ابن المغيرة عن أبيه عن أبي
عبيدة ،وأخبرني علي بن سليمان الخفش قال أخبرنا أبو سعيد السكري عن محمد بن حبيب عن ابن العرابي ،ورواية أبي
:عبيدة أتم واللفظ له .قال أبو عبيدة
كان الذي هاج مقتل توبة بن الحمير بن حزم بن كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل بن كعب ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة
أنه كان بينه وبين بني عامر بن عوف بن عقيل لحاء ،ثم إن توبة شهد بني خفاجة وبني عوف وهم يختصمون عند همام بن
مطرف العقيلي في بعض أمورهم .قال :وكان مروان بن الحكم يومئذ أميرا على المدينة في خلفة معاوية بن أبي سفيان،
فاستعمله على صدقات بني عامر .قال :فوثب ثور بن أبي سمعان بن كعب بن عامر بن عوف بن عقيل على توبة بن الحمير
فضربه بجرز وعلى توبة الدرع والبيضة ،فجرح أنف البيضة وجه توبة .فأمر همام بثور بن أبي سمعان فأقعد بين يدي توبة،
فقال :خذ بحقك يا توبة .فقال له توبة :ما كان هذا إل عن أمرك ،وما كان ليجترئ علي عند غيرك .وأم همام صوبانة بنت جون
بن عامر بن عوف بن عقيل فاتهمه توبة لذلك ،فانصرف ولم يقتص منه .فمكثوا غير كثير ،وإن توبة بلغه أن ثور بن أبي سمعان
خرج في نفر من رهطه إلى ماء من مياه قومه يقال له قوباء يريدون مالهم بموضع يقال له جرير بتثليث قال :وبينهما فلة
فاتبعه توبة في ناس من أصحابه ،فسأل عنه وبحث حتى ذكر له أنه عند رجل من بني عامر بن عقيل يقال له سارية بن عمير
بن أبي عدي وكان صديقا لتوبة .فقال توبة :والله ل نطرقهم عند سارية الليلة حتى يخرجوا عنه .فأرادوا أن يخرجوا حين
يصبحون .فقال لهم سارية .ادرعوا الليل؛ فإني ل آمن توبة عليكم الليلة فإنه ل ينام عن طلبكم .قال :فلما تعشوا ادرعوا الليل
في الفلة .وأقعد له توبة رجلين فغفل صاحبا توبة .فلما ذهب الليل فزع توبة وقال :لقد اغتررت إلى رجلين ما صنعا شيئا ،وإني
لعلم أنهم لم يصبحوا بهذه البلد ،فاقتص آثارهم ،فإذا بأثر القوم قد خرجوا ،فبعث إلى صاحبيه فأتياه ،فقال :دونكما هذا الجمل
فأوقراه من الماء في مزادتيه ثم اتبعا أثري ،فإن خفي عليكما أن تدركاني فإني سأنور لكما إن أمسيتما دوني .وخرج توبة في
أثر القوم مسرعا ،حتى إذ انتصف النهار جاوز علما يقال له أفيح في الغائط .فقال لصحابه :هل ترون سمرات إلى جنب قرون
بقر? وقرون بقر مكان هنالك فإن ذلك مقيل القوم لم يتجاوزوه فليس وراءه ظل .فنظروا فقال قائل :أرى رجل يقود بعيرا
كأنه يقوده لصيد .قال توبة :ذلك ابن الحبترية ،وذلك من أرمى من رمى .فمن له يختلجه دون القوم فل ينذرون بنا? قال :فقال
عبد الله أخو توبة :أنا له .قال :فاحذر ل يضربنك ،وإن استطعت أن تحول بينه وبين أصحابه فافعل .فخلي طريق فرسه في
غمض من الرض ،ثم دنا منه فحمل عليه ،فرماه لبن الحبترية قال :وبنو الحبتر ناس من مذحج في بني عقيل فعقر فرس عبد
الله أخي توبة واختل السهم ساق عبد الله ،فانحاز الرجل حتى أتى أصحابه فأنذرهم ،فجمعوا ركابهم وكانت متفرقة .قال:
وغشيهم توبة ومن معه ،فلما رأوا ذلك صفوا رحالهم وجعلوا السمرات في نحورهم وأخذوا سلحهم ودرقهم ،وزحف إليهم توبة،
فارتمى القوم ل يغني أحدا منهم شيئا في أحد .ثم إن توبة وكان يترس له أخوه عبد الله ،قال :يا أخي ل تترس لي؛ فإني رأيت
ثورا كثيرا ما يرفع الترس ،عسى أن أوافق منه عند رفعه مرمى فأرميه .قال :ففعل ،فرماه توبة على حلمة ثديه فصرعه.
وجال القوم فغشيهم توبة وأصحابه فوضعوا فيهم السلح حتى تركوهم صرعى وهم سبعة نفر .ثم إن ثورا قال انتزعوا هذا
السهم عني .قال توبة :ما وضعناه لننتزعه .فقال أصحاب توبة :انج بنا نأخذ آثارنا ونلحق راويتنا ،فقد أخذنا ثأرنا من هؤلء وقد
متنا عطشا .قال توبة :كيف بهؤلء القوم الذي ل يمنعون ول يمتنعون .فقالوا :أبعدهم الله .قال توبة :ما أنا بفاعل وما هم إل
عشيرتكم ،ولكن تجيء الراوية فأضع لهم ماء وأغسل عنهم دماءهم وأخيل عليهم من السباع والطير ل تأكلهم حتى أوذن
قومهم بهم بعمق .فأقام توبة حتى أتته الراوية قبل الليل ،فسقاهم من الماء وغسل عنهم الدماء ،وجعل في أساقيهم ماء ،ثم
خيل لهم بالثياب على الشجر ،ثم مضى حتى طرق من الليل سارية بن عويمر بن أبي عدي العقيلي فقال :إنا قد تركنا رهطا
من قومكم بسمرات من قرون بقر ،فأدركوهم ،فمن كان حيا فداووه ،ومن كان ميتا فادفنوه ،ثم انصرف فلحق بقومه .وصبح
سارية القوم فاحتملهم وقد مات ثور بن أبي سمعان ولم يمت غيره .فلم يزل توبة خائفا .وكان السليل بن ثور
المقتول راميا كثير البغي والشر ،فأخبر بغرة من توبة وهو بقنة من قنان الشرف يقال لها قنة بني الحمير ،فركب في نحو
ثلثين فارسا حتى طرقه؛ فترقى توبة ورجل من إخوته في الجبل ،فأحاطوا بالبيوت ،فناداهم وهو في الجبل :هأنذا من تبغون
فاجتنبوا البيوت .فقالوا :إنكم لن تستطيعوه وهو في الجبل ،ولكن خذوا ما استدف لكم من ماله ،فأخذوا أفراسا له ولخوته
وانصرفوا .ثم إن توبة غزاهم ،فمر على أفلت بن حزن بن معاوية بن خفاجة ببطن بيشة .فقال :يا توبة أين تريد? قال :أريد
الصبيان من بني عوف بن عقيل .قال :ل تفعل فإن القوم قاتلوك ،فمهل .قال :ل أقلع عنهم ما عشت ،ثم ضرب بطن فرسه
فاستمر به يحضر وهو يرتجز ويقول:قتول راميا كثير البغي والشر ،فأخبر بغرة من توبة وهو بقنة من قنان الشرف يقال لها قنة
بني الحمير ،فركب في نحو ثلثين فارسا حتى طرقه؛ فترقى توبة ورجل من إخوته في الجبل ،فأحاطوا بالبيوت ،فناداهم وهو
في الجبل :هأنذا من تبغون فاجتنبوا البيوت .فقالوا :إنكم لن تستطيعوه وهو في الجبل ،ولكن خذوا ما استدف لكم من ماله،
فأخذوا أفراسا له ولخوته وانصرفوا .ثم إن توبة غزاهم ،فمر على أفلت بن حزن بن معاوية بن خفاجة ببطن بيشة .فقال :يا
توبة أين تريد? قال :أريد الصبيان من بني عوف بن عقيل .قال :ل تفعل فإن القوم قاتلوك ،فمهل .قال :ل أقلع عنهم ما عشت،
:ثم ضرب بطن فرسه فاستمر به يحضر وهو يرتجز ويقول
تنجو بهم من خلل المشاط تنجو إذا قيل لـهـا يعـاط
حتى انتهى إلى مكان ،يقال له حجر الراشدة ،ظليل ،أسفله كالعمود ،وأعله منتشر ،فاستظل فيه هو وأصحابه .حتى إذا كان
بالهاجرة مرت عليه إبل هبيرة بن السمين أخي بني عوف بن عقيل واردة ماء لهم يقال له طلوب ،فأخذها وخلى طريق راعيها،
وقال له :إذا أتيت صدغ البقرة مولك فأخبره أن توبة أخذ البل ،ثم انصرف توبة يطرد البل .قال :فلما ورد العبد على موله
فأخبره نادى في بني عوف وقال :حتام هذا فتعاقدوا بينهم نحوا من ثلثين فارسا ثم اتبعوه .ونهضت امرأة من بني خثعم من
بني الهرة كانت في بني عوف وكانت تؤخذ لهم ،فقالت :أروني أثره ،فخرجوا بها فأروها أثره ،فأخذت من ترابه فسافته
فقالت :اطلبوه فإنه سيحبس عليكم .فطلبوه فسبقهم ،فتلوموا بينهم وقالوا :ما نرى له أثرا ،وما نراه إل وقد سبقكم .قال:
وخرج توبة حتى إذا كان بالمضجع من أرض بني كلب جعل نذارته وحبس أصحابه .حتىإذا كان بشعب من هضبة يقال لها هند
من كبد المضجع جعل ابن عم له يقال له قابض بن عبد الله ربيئة له على رأس الهضبة فقال :انظر فإن شخص لك شيء
فأعلمنا .فقال عبد الله بن الحمير :يا توبة إنك حائن ،أذكرك الله ،فوالله ما رأيت يوما أشبه بسمرات بني عوف يوم أدركناهم
في ساعتهم التي أتيناهم فيها منه ،فانج إن كان بك نجاة .قال :دعني ،فقد جعلت ربيئة ينظر لنا .قال :ويرجع بنو عوف بن
عقيل حين لم يجدوا أثر توبة فيلقون رجل من غني ،فقالوا له :هل أحسست في مجيئك أثر خيل أو أثر إبل? قال :ل والله.
قالوا :كذبت وضربوه .فقال :يا قوم ل تضربوني؛ فإني لم أجد أثرا ،ولقد رأيت زهاء كذا وكذا إبل شخوصا في هاتيك الهضبة،
وما أدري ما هو .فبعثوا رجل منهم يقال له يزيد بن رويبة لينظر حتى ما في الهضبة .فأشرف على القوم ،فلما رآهم ألوى بثوبه
لصحابه حتى جاءوا ،فحمل أولهم على القوم حتى غشي توبة ،وفزع توبة وأخوه إلى خيلهما ،فقام توبة إلى فرسه فغلبته ل
يقدر على أن يلجمها ول وقفت له ،فخلى طريقها ،وغشيه الرجل فاعتنقه ،فصرعه توبة وهو مدهوش وقد لبس الدرع على
السيف فانتزعه ثم أهوى به ليزيد بن رويبة فاتقاه بيده فقطع منها ،وجعل يزيد يناشده رحم صفية ،وصفية أم له من بني
خفاجة .وغشي القوم توبة من ورائه فضربوه فقتلوه ،وعلقهم عبد الله بن الحمير يطعنهم بالرمح حتى انكسر .قال :فلما فرغوا
من توبة لووا على عبد الله بن الحمير فضربوا رجله فقطعوها .فلما وقع بالرض أشرع سيفه وحده ثم جثا على ركبتيه وجعل
يقول :هلموا ،ولم يشعر القوم بما أصابه .وانصرف بنو عوف بن عقيل ،وولى قابض منهزما حتى لحق بعبد العزيز بن زرارة
الكلبي فأخبره الخبر .قال :فركب عبد العزيز حتى أتى توبة فدفنه وضم أخاه .ثم ترافع القوم إلى مروان ابن الحكم ،فكافأ
.بين الدمين وحملت الجراحات .ونزل بنو عوف بن عقيل البادية ولحقوا بالجزيرة والشام
:رواية لبي عبيدة في مقتله وسببه
قال أبو عبيدة :وقد كان توبة أيضا يغير زمن معاوية بن أبي سفيان على قضاعة وخثعم ومهرة وبني الحارث بن كعب .وكانت
بينهم وبين بني عقيل مغاورات ،فكان توبة إذا أراد الغارة عليهم حمل الماء معه في الروايا ثم دفنه في بعض المفازة على
مسيرة يوم منها ،فيصيب ما قدر عليه من إبلهم فيدخلها المفازة فيطلبه القوم ،فإن دخل المفازة أعجزهم فلم يقدروا عليه
فانصرفوا عنه .قال :فمكث كذلك حينا .ثم إنه أغار في المرة الولى التي قتل فيها هو وأخوه عبد الله بن الحمير ورجل يقال له
قابض بن أبي عقيل ،فوجد القوم قد حذروا فانصرف توبة مخفقا لم يصب شيئا .فمر برجل من بني عوف بن عامر بن عقيل
متنحيا عن قومه ،فقتله توبة وقتل رجل كان معه من رهطه واطرد إبلهما ،ثم خرج عامدا يريد عبد العزيز بن زرارة بن جزء بن
سفيان بن عوف بن كلب ،وخرج ابن عم لثور بن أبي سمعان المقتول ،فقال له خزيمة :صر إلى بني عوف بن عامر بن عقيل
فأخبرهم الخبر .فركبوا في طلب توبة فأدركوه في أرض بني خفاجة ،وقد أمن في نفسه فنزل ،وقد كان أسرى يومه وليلته،
فاستظل ببرديه وألقى عنه درعه وخلى عن فرسه الخوصاء تتردد قريبا منه ،وجعل قابضا ربيئة له ونام ،فأقبلت بنو عوف بن
عامر متقاطرين لئل يفطن لهم أحد ،فنظر قابض فأبصر رجل منهم إلى توبة فأنبهه .فقال توبة :ما رأيت? قال :رأيت شخص
رجل واحد ،فنام ولم يكترث له ،وعاد قابض إلى مكانه فغلبته عيناه فنام .قال :فأقبل القوم على تلك الحال فلم يشعر بهم
قابض حتى غشوه ،فلما رآهم طار على فرسه .وأقبل القوم إلى توبة ،وكان أول من تقدم غلم أمرد على فرس عري يقال له
يزيد بن رويبة ابن سالم بن كعب بن عوف بن عامر بن عقيل؛ ثم تله ابن عمه عبد الله بن سالم ثم تتابعوا .فلما سمع توبة
وقع الخيل نهض وهو وسنان فلبس درعه على سيفه ثم صوت بفرسه الخوصاء فأتته ،فلما أراد أن يركبها أهوت ترمحه ،ثلث
مرات ،فلما رأى ذلك لطم وجهها فأدبرت ،وحال القوم بينه وبينها .فأخذ رمحه وشد على يزيد بن رويبة فطعنه فأنفذ فخذيه
جميعا .وشد على توبة ابن عم الغلم عبد الله بن سالم فطعنه فقتله ،وقطعوا رجل عبد الله .فلما رجع عبد الله بعد ذلك إلى
قومه لموه وقالوا له :فررت عن اخيك ،فقال عبد الله بن الحمير في ذلك .قال أبو عبيدة وحدثني أيضا مزرع بن عبد الله بن
همام بن مطرف بن العلم قال :كان أهل دار من بني جشم بن بكر بن هوازن يقال لهم بنو الشريد حلفاء لبني عداد بن خفاجة
في السلم ،فكان بينهم وبين خميس بن ربيعة رهط قومه قتال على ماءة تدعى الحليفة وعامتها لجد بن همام .قال وشهد عبد
الله بن الحمير ذلك وهو أعرج ،عرج يوم قتل توبة فلم يغن كثير غناء .فقالت بنو عقيل :لو توبة تلقاهم لبلوا منه بغير أفوق
:ناصل .فقال عبد الله بن الحمير يعتذر إليهم :قصيدة لعبد الله بن الحمير يعتذر فيها إلى قومه بعد قتل أخيه
كما يعتاد ذا الـدين الـغـريم تأوبني بعـارمة الـهـمـوم
ولو أمسى لـه نـبـط وروم كأن الهم لـيس يريد غـيري
تؤرقني وما إنجاب الصـريم علم تقوم عاذلـتـي تـلـوم
غواشي النوم والليل البـهـيم فقلت لها رويدا كي تجـلـى
إذا ما شئت أعصي من يلـوم ألما تعلـمـي أنـي قـديمـا
يهم علم تحمله الـهـمـوم وأن المـرء ل يدري إذا مـا
كركن الرعن ذعلبة عـقـيم وقد تعدي على الحاجات حرف
على الحزان مقحمة غشـوم مداخلة الفـقـار وذات لـوث
بذات الحاذ معقله الـصـريم كأن الرحل منها فـوق جـأب
فبات الليل منتصـبـا يشـيم طباه برجلة الـبـقـار بـرق
دلوح المزن واهـية هـزيم فبينا ذاك إذ هبطـت عـلـيه
ويعقبها بـنـافـحة نـسـيم تهب لها الشمال فتمـتـريهـا
كما يصغي إلى السي الميم يكب إذا الرذاذ جرى عـلـيه
نشت من كل ناحـية غـيوم إذا ما قال أقشـع جـانـبـاه
يسهره كما أرق الـسـلـيم فاشعـر لـيلة أرقـا وقـرا
قال أبو عبيدة وحدثنا مزرع بن عمرو بن همام قال أبو عبيدة :وكان معي أبو الخطاب وغيره قال :توبة بن حمير بن ربيعة بن
كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل ،وأمه زبيدة .فهاج بينه وبين السليل بن ثور بن أبي سمعان بن عامر بن عوف بن عقيل
كلم ،وكان شريرا ونظير توبة في القوة والبأس ،فبلغ الحور وهو الكلم إلى أن أوعد كل واحد منهما صاحبه ،فالتقى بعد ذلك
توبة والسليل على غدير من ماء السماء ،فرمى توبة السليل فقتله .ثم إن توبة أغار ثانية على إبل بني السمين بن كعب بن
عوف بن عقيل واردة ماءهم فاطردها .واتبعوه وهم سبعة نفر :يزيد بن رويبة ،وعبد الله بن سالم ،ومعاوية بن عبد الله قال أبو
عبيدة :ولم يذكر غير هؤلء فانصرفوا يجنبون الخيل يحملون المزاد ،فقصوا أثر توبة وأصحابه فوجدوهم وقد أخذوا في المضجع
من أرض بني كلب في أرض دمثة تربة ،فضلت فرس توبة الخوصاء من الليل ،فأقام واضطجع حتى أصبح ،وساق أصحابه
البل ،وهم ثلثة نفر سوى توبة :المحرز أحد بني عمرو بن كلب ،وقابض بن أبي عقيل أحد بني خفاجة ،وعبد الله بن حمير أخو
توبة لمه وأبيه .فلما أصبح توبة إذا فرسه الخوصاء راتعة أدنى ظلم قريبة منه ليس دونها وجاح فأشلها حتى أتته ،ثم خرج يعدو
حتى لحق بأصحابه ،فانتهوا إلى هضبة بكبد المضجع ،فارتقى توبة فوقها ينظر الطلب ،فرآه القوم ولم يرهم عند طلوع
الشمس ،وبالت الخوصاء حين انتهت إلى الهضبة ،فقال القوم :إنه لطائر أو إنسان .فركب يزيد بن رويبة وكان أحدث القوم
سنا ،وأمه بنت عم توبة ،فأغار ركضا حتى انتهى إلى الهضبة فإذا بول الفرس وعليه بقية من رغوته ،وإذا أثر توبة يعرفونه،
فرجع فخبر أصحابه .واندفع توبة وأصحابه حتى نزلوا إلى طرف هضبة يقال لها الشجر من أرض بني كلب ،فقالوا بالظهيرة،
فلم يشعر شعره إل والبل قد نفرت ،وكانت بركا بالهاجرة ،من وثيد الخيل .فوثب توبة ،وكان ل يضع السيف ،فصب الدرع على
السيف متقلده وهل ،وداجت القوم ،فطلب قائم السيف فلم يقدر عليه تحت الدرع فلم يستطع سله ،فطار إلى الرمح فأخذه،
فأهوى به طعنا إلى يزيد بن رويبة ،وقد كان يزيد عاهد الله ليقتلنه أو ليأخذنه ،فأنفذ فخذ يزيد ،واعتنقه يزيد فعض بوجنتيه،
واستدبره عبد الله بالسيف ففلق رأس توبة ،وهيت توبة حين اعتوره الرجلن بقابض :يا قابض فلم يلو عليه ،وفر قابض
والكلبي ،وذب عبد الله بن حمير عن أخيه ،فأهوى له معاوية بن عبد الله بالسيف فأصاب ركبته فاختلعت أي سقطت .فأتى
قابض من فوره ذلك عبد العزيز بن زرارة أحد بني أبي بكر بن كلب فقال :قتل توبة .فنادى في قومه ،فجاءه أبوه زرارة فقال:
أين تريد? فقال :قتل توبة .فقل أبوه طوط سحقا لك أتطلب بدم توبة أن قتلته بنو عقيل ظالما لها باغيا عاديا عليها قال :لكني
أجنه إذا .قال أبوه :أما هذه فنعم .فألقى السلح وانطلق حتى أجنه ،وحمل أخاه عبد الله بن حمير .قال :فأهل البادية يزعمون
أن محرزا سحر فأخذ عن سيفه .فقالت ليلى الخيلية بنت عبد الله بن الرحالة بن شداد بن كعب ابن معاوية فارس الهرار ابن
:عبادة بن عقيل :رثت ليلى توبة بعدة قصائد
مفاوز حوضي أي نظـرة نـاظـر نظرت وركن مـن ذقـانـين دونـه
فلم تقصر الخبار والطرف قاصري لونس إن لم يقصر الطرف عنـهـم
لعاقرها فيهـا عـقـيرة عـاقـر شأوها :سرعتها وهو الطلق وجريها ،وقال فوارس أجلي شأوها عـن عـقـيرة
غيره :غايتها .عقيرة :تعني توبة .لعاقرها :تعني لعاقر توبة ،تريد يزيد بن رويبة .ووجه آخر :في عقيرة عاقر معنى مدح أي
عقيرة كريمة لعاقرها .ووجه آخر :عقيرة لعاقرها :فيها الهلك بعقرها
سوابقها مثل القطا المـتـواتـر فآنست خيل بالرقـي مـغـيرة
قتيل بني عوف قتـيل يحـابـر قتيل بني عوف وأيصـر دونـه
تصادرن عن أقطاع أبيض باتـر توارده أسيافـهـم فـكـأنـمـا
دم زل عن أثر من السيف ظاهر من الهندوانيات في كل قـطـعة
وأسمر خطي وخوصاء ضامـر أتته المنايا دون زغف حـصـينة
درأن بشباك الـحـديد زوافـر على كل حرداء السراة وسـابـح
بنجد ولم يطلع مع الـمـتـغـور كأن فتى الفتـيان تـوبة لـم يسـر
سنا الصبح في بادي الحواشي منور ولم يرد الـمـاء الـسـدام إذا بـدا
جفان سديفا يوم نكباء صـرصـر ولم يغلب الخصم الضجاج ويمل ال
بسرة بين الشمسـات فـايصـر ولم يعل بالجرد الجـياد يقـودهـا
قطعت على هول الجنان بمنسـر وصحراء موماة يحـار الـقـطـا
سراهم وسير الراكب المتهـجـر يقودون قبا كالسـراحـين لحـهـا
مجاج بقيات المـزاد الـمـقـير فلما بدت أرض العدو سقـيتـهـا
بخاظي البضيع كره غير أعسـر ولما أهابوا بالنـهـاب حـويتـهـا
إذا ما ونين مهلب الشد محـضـر ممر كـكـر النـدري مـثـابـر
صلصل بيض سابـغ وسـنـور فألوت بأعنـاق طـوال وراعـهـا
فيظهر جد العبد من غير مظهـر ألم تر أن الـعـبـد يقـتـل ربـه
إذا الخيل جالت في قنا متكـسـر قتلتم فتى ل يسقط الروع رمـحـه
ويا توب للمستنبـح الـمـتـنـور فيا توب للهيجا ويا توب لـلـنـدى
بذلت ومعروف لديك ومـنـكـر وقالت ترثيه :أل رب مكروب أجـبـت ونـائل
وأحفل من دارت عـلـيه الـدوائر أقسمت أرثي بعـد تـوبة هـالـكـا
إذا لم تصبه في الحياة الـمـعـاير لعمرك ما بالموت عار على الفتـى
بأخلد ممن غيبـتـه الـمـقـابـر وما أحد حي وإن عـاش سـالـمـا
فل بد يوما أن يرى وهو صـابـر ومن كان مما يحدث الدهر جـازعـا
وليس على اليام والدهـر غـابـر وليس لذي عيش عن الموت مقصـر
ول الميت إن لم يصبر الحي ناشـر ول الحي مما يحدث الدهر معـتـب
وكل امرئ يوما إلى الله تعالى صائر وكل شبـاب أو جـديد إلـى بـلـى
شتاتا وإن ضنا وطال الـتـعـاشـر وكـل قـرينـي ألـفة لـتـفـرق
أخا الحرب إن دارت عليك الـدوائر ويروى :فل يبعـدنـك الـلـه حـيا ومـيتـا
أخا الحرب إن دارت عليك الدوائر فل يبعدنك الله يا تـوب هـالـكـا
على فنن ورقاء أو طـار طـائر فآليت ل أنفك أبكـيك مـا دعـت
وما كنت أياهـم عـلـيه أحـاذر قتيل بني عوف فيا لهـفـتـا لـه
لها بدروب الروم باد وحـاضـر وقالت ترثيه :ولكنما أخـشـى عـلـيه قـبـيلة
يا توب للضيف إذ تدعى وللجـار كم هاتف بك مـن بـاك وبـاكـية
وبدلوا المر نقضا بـعـد إمـرار وتوب للخصم إن جاوروا وإن عدلوا
أو يوردوا المر تحللـه يإصـدار وقالت ترثيه :إن يصدروا المر تطلعـه مـوارده
له نـبـأ نـجـديه سـيغـور هراقت بنو عوف دما غير واحد
له يوم هضب الردهتين نصير وقالت ترثيه :تداعت له أفناء عوف ولم يكـن
وابكي لتوبة عند الروع والبـهـم يا عين بكي بدمع دائم الـسـجـم
ماذا أجن به في الحفرة الرجـم على فتى من بني سعد فجعت بـه
مثل السنان وأمر غير مقتـسـم من كل صافية صرف وقـافـية
وجفنة عند نحس الكوكب الشبـم وقالت تعير قابضا :ومصدر حين يعيي القوم مصدرهم
وكل امرئ يجزى بما كان ساعيا جزى الله شرا قابضا بصنـيعـه
فقبحت مدعوا ولـبـيك داعـيا وقالت لقابض وتعذر عبد الله أخا توبة :دعا قابضا والمرهقـات يردنـه
وما قابض إذ لم يجب بنجـيب دعى قابضا والموت يخفق ظله
ولو شاء نجى يوم ذاك حبيبي خرج توبة إلى الشام فلقيه زنجي وخبره معه :وآسى عبيد الله ثـم ابـن أمـه
أخبرني الحسن بن علي عن عبد الله بن أبي سعد عن أحمد بن معاوية بن بكر قال حدثني أبو الجراح العقيلي عن أمه دينار
بنت خيبري بن الحمير عن توبة بن الحمير قال :خرجت إلى الشام ،فبينا أنا أسير ليلة في بلد ل أنيس بها ذات شجر نزلت
لريح ،وأخذت ترسي فألقيته فوقي ،وألقيت نفسي بين المضطجع والبارك .فلما وجدت طعم النوم إذا شيء قد تجللني عظيم
ثقيل قد تجللني عظيم ثقيل قد برك علي ،ونشزت عنه ثم قمصت منه قماصا فرميت به على وجهه ،وجلست إلى راحلتي
فانتضيت السيف ،ونهض نحوي فضربته ضربة انخزل منها ،وعدت إلى موضعي وأنا ل أدري ما هو أإنسان أم سبع ،فلما أصبحت
إذا هو أسود زنجي يضرب برجليه وقد قطعت وسطه حتى كدت أبريه ،وانتهيت إلى ناقة مناخة موقرة ثيابا من سلبه ،وإذا
جارية شابة ناهد وقد أوثقها وقرنها بناقته .فسألتها عن خبرها ،فأخبرتني أنه قتل مولها وأخذها منه .فأخذت الجميع وعدت إلى
.أهلي .قال أبو الجراح قالت أمي :وأنا أدركتها في الحي تخدم أهلنا
حديث معاوية مع ليلى في توبة :أخبرنا اليزيدي عن ثعلب عن ابن العرابي قال أخبرنا عطاء بن مصعب القرشي عن عاصم
الليثي عن يونس بن حبيب الضبي عن أبي عمرو بن العلء قال :سأل معاوية بن أبي سفيان ليلى الخيلية عن توبة بن الحمير
فقال :ويحك يا ليلى أكما يقول الناس كان توبة? قالت :يا أمير المؤمنين ليس كل ما يقول الناس حقا ،والناس شجرة بغي
يحسدون أهل النعم حيث كانوا وعلى من كانت .ولقد كان يا أمير المؤمنين سبط البنان ،حديد اللسان ،شجا للقران ،كريم
المخبر ،عفيف المئزر ،جميل المنظر .وهو يا أمير المؤمنين كما قلت له .قال :وما قلت له? قالت قلت ولم أتعد الحق وعلمي
:فيه
ألد ملد يغلب الحـق بـاطـلـه بعيد الثرى ل يبلغ القوم قـعـره
ليمنعهم مما تخـاف نـوازلـه إذا حل ركب في ذراه وظـلـه
يخافونه حتى تموت خصـائلـه فقال لها معاوية :ويحك يزعم الناس أنه حماهم بنصل السيف من كل فادح
:كان عاهرا خاربا .فقالت من ساعتها
جوادا على العلت جما نوافلـه معاذ إلهي كـان والـلـه سـيدا
تحلب كفاه النـدى وأنـامـلـه أغر خفاجيا يرى البخـل سـبة
جميل محياه قلـيل غـوائلـه عفيفا بعيد الهم صلبـا قـنـاتـه
على الضيف والجيران أنك قاتله وقد علم الجوع الذي بات سـاريا
إذا ما لئيم القوم ضاقت منازلـه وأنك رحب الباع يا توب بالقرى
ويضحي بخير ضيفه ومنازلـه فقال لها معاوية :ويحك يا ليلى لقد جزت بتوبة يبيت قرير العين من بات جـاره
قدره .فقالت :والله يا أمير المؤمنين لو رأيته وخبرته لعرفت أني مقصرة في نعته وأني ل أبلغ كنه ما هو أهله .فقال لها
:معاوية :من أي الرجال كان? قالت
وأقصر عنه كل قرن يطاوله أتته المنايا حين تم تـمـامـه
وترضى به أشباله وحلئلـه وكان كليث الغاب يحمي عرينه
وسم زعاف ل تصاب مقاتلـه قال :فأمر لها بجائزة عظيمة وقال لها :خبريني غصوب حليم حين يطلب حلمه
بأجود ما قلت فيه من الشعر .قالت :يا أمير المؤمنين ،ما قلت فيه شيئا إل والذي فيه من خصال الخير أكثر منه .ولقد أجدت
:حين قلت
فتى من عقيل سـاد غـير مـكـلـف جزى الله خـيرا والـجـزاء بـكـفـه
عليه ول ينـفـك جـم الـتـصـرف فتى كانت الدنـيا تـهـون بـأسـرهـا
إذا هي أعيت كـل خـرق مـشـرف ينـال عـلـيات المـور بـهـــونة
بدرياقة من خمـر بـيسـان قـرقـف هو الذوب بل أري الخـليا شـبـيهـه
يعد وقد أمست فـي تـرب نـفـنـف فيا توب ما في العـيش خـير ول نـدى
منايا بسهم صـائب الـوقـع أعـجـف وما نلت منك النصف حتى ارتميت بك ال
للقاك مثل القسـور الـمـتـطـرف فيا ألف ألف كنـت حـيا مـسـلـمـا
إذا الخيل جالت بالقنا المتقصـف كما كنت إذ كنت المنحى من الردى
بأبيض قطاع الضريبة مـرهـف وكم من لهيف محجر قد أجبـتـه
عليه ولم يطعن ولـم يتـنـسـف ما كان بين توبة وجميل أمام بثينة :أخبرني فأنقذته والمـوت يحـرق نـابـه
الحسن بن علي عن ابن مهرويه عن ابن سعد عن القحذمي عن محارب بن غصين العقيلي قال :كان توبة قد خرج إلى الشام،
فمر ببني عذرة ،فرأته بثينة فجعلت تنظر إليه ،فشق ذلك على جميل ،وذلك قبل أن يظهر حبه لها .فقال له جميل :من أنت?
قال :أنا توبة بن الحمير .قال :هل لك في الصراع? قال :ذلك إليك ،فشدت عليه بثينة ملحفة مورسة فأتزر بها ،ثم صارعه
فصرعه جميل .ثم قال :هل لك في النضال ? قال :نعم ،فناضله فنضله جميل .ثم قال له :هل لك في السباق? فقال :نعم،
.فسابقه فسبقه جميل .فقال له توبة :يا هذا إنما تفعل بريح هذه الجالسة ،ولكن اهبط بنا الوادي ،فصرعه توبة ونضله وسبقه
سأل عبد الملك بن مروان ليلى عما رآه توبة فيها فأجابته :أخبرنا إبراهيم بن أيوب عن ابن قتيبة قال :بلغني أن ليلى الخيلية
دخلت على عبد الملك بن مروان وقد أسنت وعجزت ،فقال لها :ما رأى توبة فيك حين هويك? قالت :ما رآه الناس فيك حين
.ولوك .فضحك عبد الملك حتى بدت له سن سوداء كان يخفيها
وفود ليلى على الحجاج وحديثه معها :وأخبرني الحسن بن علي عن ابن أبي سعد عن أحمد بن رشيد بن حكيم الهللي عن
أيوب بن عمرو عن رجل من بني عامر يقال له ورقاء قال :كنت عند الحجاج بن يوسف ،فدخل عليه الذن فقال :أصلح الله
المير ،بالباب امرأة تهدر كما يهدر البعير الناد .قال :أدخلها .فلما دخلت نسبها فانتسبت له .فقال :ما أتى بك يا ليلى? قالت:
إخلف النجوم ،وقلة الغيوم ،وكلب البرد ،وشدة الجهد ،وكنت لنا بعد الله الرد .قال :فأخبريني عن الرض .قالت :الرض
مقشعرة ،والفجاج مغبرة ،وذو الغنى مختل ،وذو الحد منفل .قال :وما سبب ذلك? قالت :أصابتنا سنون مجحفة مظلمة ،لم
تدع لنا فصيل ول ربعا ،ولم تبق عافطة ول ناقطة؛ فقد أهلكت الرجال ،ومزقت العيال ،وأفسدت الموال ،ثم أنشدته البيات
:التي ذكرناه متقدما .وقال في الخبر :قال الحجاج :هذه التي تقول
حتى يدب على العصا مشهورا نحن الخايل ل يزال غلمـنـا
جزعا وتعرفنا الرفاق بحـورا ثم قال لها :يا ليلى ،أنشدينا بعض شعرك في توبة، تبكي الرماح إذا فقدن أكفـنـا
:فأنشدته قولها
إذا لم تصبه في الحياة المـعـاير لعمرك ما بالموت عار على الفتى
بأخلد ممن غيبتـه الـمـقـابـر وما أحد حي وإن عاش سـالـمـا
ول الميت إن لم يصبر الحي ناشر فل الحي مما أحدث الدهر معتـب
وكل امرئ يوما إلى الموت صائر وكل جديد أو شباب إلـى بـلـى
وما كنت إياهـم عـلـيه أحـاذر قتيل بني عوف فيا لهـفـتـا لـه
لها بدروب الشأم باد وحـاضـر فقال الحجاج لحاجبه :اذهب فاقطع لسانها .فدعا ولكنني أخشـى عـلـيه قـبـيلة
لها بالحجام ليقطع لسانها ،فقالت :ويلك إنما قال لك المير اقطع لسانها بالصلة والعطاء ،فارجع إليه واستأذنه .فرجع إليه
:فاستأمره ،فاستشاط عليه وهم بقطع لسانه ،ثم أمر بها فأدخلت عليه ،فقالت :كاد وعهد الله يقطع مقولي ،وأنشدته
إل الخليفة والمستغفر الصـمـد حجاج أنت الذي ل فـوقـه أحـد
وأنت للناس في الدواجي لنا تقـد أخبرنا الحسن قال حدثنا عبد الله بن حجاج أنت سنان الحرب إن نهجت
أبي سعد قال حدثني أبو الحسن ميمون الموصلي عن سلمة بن أيوب بن مسلمة الهمداني قال :كان جدي عند الحجاج،
فدخلت عليه امرأة برزة ،فانتسبت له فإذا هي ليلى الخيلية .وأخبرني بهذا الخبر محمد بن العباس اليزيدي ،وأخبرنا أحمد بن
عبد العزيز الجوهري قال :كنت عند الحجاج .وأخبرني وكيع عن عن إسماعيل بن محمد عن المدائني عن جويرية عن بشر بن
:عبد الله بن أبي بكر :أن ليلى دخلت على الحجاج ،ثم ذكر مثل الخبر الول ،وزاد فيه :فلما قالت
غلم إذا هز القناة سقاها
قال لها :ل تقولي غلم ،قولي همام .وقال فيه :فأمر لها بمائتين .فقالت :زدني ،فقال :اجعلوها ثلثمائة .فقال بعض جلسائه:
إنها غنم .فقالت :المير أكرم من ذلك وأعظم قدرا من أن يأمر لي إل بالبل .قال :فاستحيا وأمر لها بثلثمائة بعير ،وإنما كان
.أمر لها بغنم ل إبل
وأخبرنا به وكيع عن إبراهيم بن إسحاق الصالحي عن عمر بن شبة عن عمرو بن أبي عمرو الشيباني عن أبيه ،وقال فيه :أل
:قلت مكان غلم همام وذكر باقي الخبر الذي ذكره من تقدم ،وقال فيه :فقال لها :أنشدينا ما قلت في توبة ،فأنشدتها قولها
فتى ما قلتم آل عوف بن عامـر فإن تكن القتلى بـواء فـإنـكـم
وأشجع من ليث بخفـان خـادر فتى كان أحيا من فـتـاة حـيية
وأسمر خطي وجرداء ضامـر أتته المنـايا دون درع حـصـينة
وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر فنعم الفتى إن كان توبة فـاجـرا
قلئص يفحصن الحصا بالكراكر فقال لها أسماء بن خارجة :أيتها المرأة إنك كأن فتى الفتيان تـوبة لـم ينـخ
لتصفين هذا الرجل بشيء ما تعرفه العرب فيه .فقالت :أيها الرجل هل رأيت توبة قط? قال :ل .فقالت :أما والله ولو رأيته
.لوددت أن كل عاتق في بيتك حامل منه؛ فكأنما فقيء في وجه أسماء حب الرمان .فقال له الحجاج :وما كان لك ولها
وفاتها وكيف كانت :أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا ابن أبي سعد عن محمد بن علي بن المغيرة قال سمعت أبي يقول
سمعت الصمعي يذكر أن الحجاج أمر لها بعشرة آلف درهم ،وقال لها :هل لك من حاجة? قالت :نعم أصلح الله المير،
تحملني إلى ابن عمي قتيبة بن مسلم ،وهو على خراسان يومئذ فحملها إليه ،فأجازها وأقبلت راجعة تريد البادية ،فلما كانت
بالري ماتت ،فقبرها هناك .هكذا ذكر الصمعي في وفاتها وهو غلط .وقد أخبرني عمي عن الحزنبل الصبهاني عمن أخبره عن
المدائني ،وأخبرني الحسن بن علي عن ابن مهدي عن ابن أبي سعد عن محمد بن الحسن النخعي عن ابن الخصيب الكاتب،
واللفظ في الخبر للحزنبل ،وروايته أتم :أن ليلى الخيلية أقبلت من سفر ،فمرت بقبر توبة ومعها زوجها وهي في هودج لها.
فقالت :والله ل أبرح حتى أسلم على توبة ،فجعل زوجها يمنعها من ذلك وتأبى إل أن تلم به .فلما كثر ذلك منها تركها ،فصعدت
أكمة عليها قبر توبة ،فقالت :السلم عليك يا توبة ،ثم حولت وجهها إلى القوم فقالت :ما عرفت له كذبة قط قبل هذا .قالوا:
:وكيف? قالت :أليس القائل :صوت
علي ودوني تـربة وصـفـائح ولو أن ليلى الخيلية سـلـمـت
إليها صدى من جانب القبر صائح لسلمت تسليم البـشـاشة أو زقـا
أل كل ما قرت به العين صالـح فما باله لم يسلم علي كما قال .وكانت إلى وأغبط من ليلى بمـا ل أنـالـه
جانب القبر بومة كامنة ،فلما رأت الهودج واضطرابه فزعت وطارت في وجه الجمل ،فنفر فرمى بليلى على رأسها ،فماتت من
.وقتها ،فدفنت إلى جنبه .وهذا هو الصحيح من خبر وفاتها
غنى في البيات المذكورة آنفا حكم الوادي لحنين ،أحدهما رمل بالوسطى عن عمرو ،والخر خفيف ثقيل أول بالوسطى عن
.حبش ،وقال حبش :وفيها لحنان لجميلة والميلء رملن بالبنصر ،وذكر أبو العبيس بن حمدون أن الرمل لعمر الوادي
كان توبة شريرا كثير الغارات :قال أبو عبيدة :كان توبة شريرا كثير الغارة على بني الحارث بن كعب وخثعم وهمدان ،فكان
:يزور نساء منهم يتحدث إليهن ،وقال
غرائر من همدان بيضا نحورها قال أبو عبيدة :وكان توبة ربما ارتفع إلى بلد أيذهب ريعان الشباب ولـم أزر
مهرة فيغير عليهم ،وبين بلد مهرة وبلد عقيل مفازة منكرة ل يقطعها الطير ،وكان يحمل مزاد الماء فيدفن منه على يوم
.مزادة ثم يغير عليهم فيطلبونه فيركب بهم المفازة ،وإنما كان يتعمد حمارة القيظ وشدة الحر ،فإذا ركب المفازة رجعوا عنه
خبر ليلى مع عبد الملك بن مروان حين رآها عند زوجته عاتكة :أخبرني حرمي عن الزبير عن يحيى بن المقدام الربعي عن
:عمه موسى بن يعقوب قال
دخل عبد الملك بن مروان على زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية ،فرأى عندها امرأة بدوية أنكرها ،فقال لها :من أنت? قالت:
:أنا الوالهة الحرى ليلى الخيلية .قال :أنت التي تقولين
حياض الندى زالت بهن الـمـراتـب أريقت جفان ابن الخليع فأصـبـحـت
كما أنقض عرش البئر والورد عاصب قالت :أنا التي أقول ذلك .قال :فما فعافته لهـفـى يطـوفـون حـولـه
أبقيت لنا? قالت :الذي أبقاه الله لك .قال :وما ذاك? قالت :نسبا قرشيا ،وعيشا رخيا ،وامرأة مطاعة .قال :أفردته بالكرم
قالت :أفردته بما أفرده الله به .فقالت عاتكة :إنها قد جاءت تستعين بنا عليك في عين تسقيها وتحميها لها .ولست ليزيد إن
:شفعتها في شيء من حاجاتها ،لتقديمها أعرابيا جلفا على أمير المؤمنين .قال :فوثبت ليلى فقامت على رجلها واندفعت تقول
عليهـا بـنـت آبـاء كـرم ستحملني ورحلـي ذات وخـد
وغلق دونهـا بـاب الـلـئام إذا جعلت سواد الشأم جـنـبـا
ذوو الحاجات في غلس الظلم فليس بـعـائد أبـدا إلـيهـم
عزاء النفس عنكم واعتزامي أعاتك لـو رأيت غـداة بـنـا
مشيعة ولم ترعي ذمـامـي إذا لعلمت واستيقـنـت أنـي
أبا الذبان فوه الدهـر دامـي أأجعل مثل تـوبة فـي نـداه
تغذ السير للبلد الـتـهـامـي معاذ الله ما عسفت برحـلـي
بإمرته وأولـى بـالـلـثـام أقلت خليفة فسـواه أحـجـى
ذوو الخطار والخطط الجسام فقيل لها :أي الكعبين عنيت? قالت :ما أخال كعبا لثام الملك حين تعـد كـعـب
.ككعبي
رواية أخرى في وفودها على الحجاج :أخبرنا اليزيدي عن الخليل بن أسد عن العمري عن الهيثم بن عدي عن أبي يعقوب
الثقفي عن عبد الملك بن عمير عن محمد بن الحجاج بن يوسف قال :بينا المير جالس إذ استؤذن لليلى .فقال الحجاج :ومن
ليلى? قيل :الخيلية صاحبة توبة .قال :أدخلوها .فدخلت امرأة طويلة دعجاء العينين حسنة المشية إلى الفوه ما هي ،حسنة
الثغر ،فسلمت فرد الحجاج عليها ورحب بها فدنت ،فقال الحجاج :دراك ضع لها وسادة يا غلم ،فجلست .فقال :ما أعملك إلينا?
قالت :السلم على المير ،والقضاء لحقه ،والتعرض لمعروفه .قال :وكيف خلفت قومك? قالت :تركتهم في حال خصب وأمن
ودعة .أما الخصب ففي الموال والكل .وأما المن فقد أمنهم الله عز وجل بك .وأما الدعة فقد خامرهم من خوفك ما أصلح
:بينهم .ثم قالت :أل أنشدك? فقال :إذا شئت .فقالت
يقصر عنها من أراد مـداهـا أحجاج إن الله أعطـاك غـاية
منايا بكف الله حـيث تـراهـا أحجاج ل يفلل سلحك إنمـا ال
تتبع أقصى دائها فشـفـاهـا إذا هبط الحجاج أرضا مريضة
غلم إذا هز القناة سـقـاهـا شفاها من الداء العضال الذي بها
إذا حجمت يوما وخيف أذاهـا سقاها دماء المارقين وعلـهـا
أعد لها قبل النـزول قـراهـا إذا سمع الحجـاج رز كـتـيبة
بأيدي رجال يحلبون صـراهـا أعد لها مصـقـولة فـارسـية
ول الله يعطي للعصاة منـاهـا أحجاج ل تعط العصاة منـاهـم
فأعظم عهد الله ثـم شـراهـا ول كل حلف تـقـلـد بـيعة
فقال الحجاج ليحيى بن منقذ :لله بلدها ما أشعرها فقال :ما لي بشعرها علم .فقال :علي بعبيدة بن موهب وكان حاجبه،
فقال :أنشديه فأنشدته ،فقال عبيدة :هذه الشاعرة الكريمة ،قد وجب حقها .قال :ما أغناها عن شفاعتك يا غلم مر لها
بخمسمائة درهم؛ وأكسها خمسة أثواب أحدها كساء حر ،وأدخلها على ابنة عمها هند بنت أسماء فقل لها :حليها .فقالت :أصلح
الله المير .أضر بنا العريف في الصدقة ،وقد خربت بلدنا ،وانكسرت قلوبنا ،فأخذ خيار المال .قال اكتبوا لها إلى الحكم بن
أيوب فليبتع لها خمسة أجمال وليجعل أحدها نجيبا ،واكتبوا إلى صاحب اليمامة بعزل العريف الذي شكته .فقال ابن موهب:
.أصلح الله المير ،أأصلها? قال نعم ،فوصلها بأربعمائة درهم ،ووصلتها هند بثلثمائة درهم ،ووصلها محمد بن الحجاج بوصيفتين
قال الهيثم :فذكرت هذا الحديث لسحاق بن الجصاص فكتبه عني ،ثم حدثني عن حماد الراوية قال :لما فرغت ليلى من
شعرها أقبل الحجاج على جلسائه فقال لهم :أتدرون من هذه? قالوا :ل والله ما رأينا امرأة أفصح ول أبلغ منها ول أحسن
إنشادا .قال :هذه ليلى صاحبة توبة .ثم أقبل عليها فقال لها :بالله يا ليلى أرأيت من توبة أمرا تكرهينه أو سألك شيئا أو سألك
.شيئا يعاب? قالت :ل والله الذي أسأله المغفرة ما كان ذلك منه قط .فقال :إذا لم يكن فيرحمنا الله وإياه
أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن ابن شبة عن عبد الله بن محمد بن حكيم الطائي عن خالد بن سعيد عن أبيه قال:
:كنت عند الحجاج فدخلت عليه ليلى الخيلية ،ثم ذكر مثل الخبر الول ،وزاد فيه :فلما قالت
.غلم إذا هز القناة سقاها قال :ل تقولي غلم ،قولي همام
:صوت
قلت آتي في الدار قرما سريا سألني الناس أين يعمـد هـذا
مت إل إياك يا زكــــريا ما قطعت البلد أسري ول يم
كان لي منكم هـنـيا مـريا عروضه من الخفيف ،الشعر للقيشرالسدي .والغناء كم عطـاء ونـائل وجـزيل
لدحمان ،وله فيه لحنان ،أحدهما خفيف ثقيل من أصوات قليلة الشباه عن إسحاق ،والخر ثقيل أول بالبنصر في الثالث والثاني
عن عمرو ،وذكر يونس أنه للبجر ولم يجنسه ،وذكر الهشامي أن لحن البجر خفيف ثقيل ،وأن لحن ابن بلوع في الثالث ثاني
.ثقيل .وليحيى بن واصل ثقيل أول بالوسطى
إلى جنب قبر فيه شلو المضلـل أبا معرض كن أنت إن مت دافني
تضرم للعبد اللئيم الـمـبـخـل فعلي أن أنجو من النـار إنـهـا
تحش بأوصال وترب وجـنـدل بذلك أوصاها اللـه ولـم تـزل
بحزمك فاحزم يا أقيشر واعجل فقال له :ممن أنت? قال :من بني تميم ثم وأنت بحمد الله إن شئت مفلـتـي
:أحد بني الهجيم بن عمرو بن تميم ،فقال القشير
بذل فإني لست بالـمـتـذلـل تميم بن مر كفكفوا عن تعمـدي
ومثلي رمي ذا التدرأ المتضلل أيهزأ بي العبد الهجيمي ضـلة
شماريخ من أركان سلمى ويدبل بداهية دهياء ل يستطـيعـهـا
تركت تميما ضحكة كل محفل وبالله لول أن حلمـي زاجـري
تصبحكم في كل مجمع ومنزل فكفوا رماكم ذو الجلل بخـزية
وألمكم طرا حريث بن جنـدل فصار إليه شيوخ من بني الهجيم واعتذروا إليه فأنتم لئام الناس ل تنـكـرونـه
.واستكفوه فكف
شرب مع مقعد وأعمى وغناهم مغن فطربوا فقال هو شعرا :أخبرني الخفش قال حدثني أبو الفياض بن أبي شراعة عن أبيه
قال :شرب القيشر بالحيرة في بيت فيه خياط مقعد ورجل أعمى ،وعندهم مغن مطرب ،فطرب القيشر ،فسقاهم من شربه،
:فلما انتشوا وثب العمى يسعى في حوائجهم ،وقفز الخياط المقعد يرقص على ظلعة ويجهد في ذلك كل جهد .فقال القيشر
وأعمى سقيناه ثلثا فـأبـصـرا ومقعد قوم قد مشى من شرابنـا
ومسحوق هندي من المسك أذفرا شرابا كريح العنبر الورد ريحـه
إذا شفها الحاني من الدن كبـرا من الفتيات الغر من أرض بابـل
تأنق فيهـا صـانـع وتـخـيرا لها من زجاج الشام عنق غـريبة
وكل يسمى بالعتيق مـشـهـرا ذخائر فرعون التي جبـيت لـه
تدور علينا صائم القوم أفـطـرا كان صاحب سراب وندامى تفرق أصحابه فقال إذا ما رآها بعد إنقاء غسـلـهـا
شعرا :أخبرنا علي بن سليمان قال حدثني أبي قال :كان القيشر صاحب شراب وندامى ،فأشخص الحجاج بعض ندمائه إلى
:بعض النواحي ،ومات بعضهم ،ونسك بعضهم ،وهرب بعضهم؛ فقال في ذلك
لفراق الثقات من إخوانـي غلب الصبر فاعترتني هموم
دائب في تلوة الـقـرآن مات هذا وغاب هذا وهـذا
ك قديما من أظرف الفتيان شعر له في بغل أبي المضاء وكان يكتريه فيركبه ولقد كان قبل إظهاره النس
إلى الحيرة :وأخبرني أبو الحسن السدي قال قال ابن الكلبي حدثني سلمة بن عبد سواع عن أبيه قال :كان القيشر ل يسأل
أحدا أكثر من خمسة دراهم ،يجعل درهمين في كراء بغل إلى الحيرة ،ودرهمين للشراب ،ودرهما للطعام .وكان له جار يكنى أبا
المضاء له بغل يكريه ،وكان يعطيه درهمين ويأخذ بغله فيركبه إلى الحيرة ،حتى يأتي بيت الخمار فينزل عنده ويربطه بلجامه
:وسرجه فيقال إنه أعطى ثمنه في الكراء ثم يجلس فيشرب حتى يمسي ،ثم يركبه وينصرف .فقال في ذلك
أني حلفت ولـلـيمـين نـذور يا بغل بغل أبي المضاء تعلمـن
فيما أحـب وكـل ذاك يسـير لتعسفن وإن كرهت مهـامـهـا
عمدا وأنت مذلل مـصـبـور بالرغم يا ولد الحمار قطعتـهـا
وترى المدامة بالكـف تـدور حتى تزور مسمـعـا فـي داره
وإذا سخطت فخطب ذاك صغير خدعته امرأة بأنها أم حنين الخمار وأخذت منه ل يرفعون بما يسوءك نـعـرة
:درهمين ،فأخذ يهجو أم حنين حتى استرضاه حنين
سمعت عمة القيشر تقول له يوما :اتق الله وقم فصل ،فقال :ل أصلي .فأكثرت عليه ،فقال :قد أبرمتني ،فاختاري خصلة من
.خصلتين :إما أن أصلي ول أتطهر ،وإما أن أتطهر ول أصلي .قالت :قبحك الله فإن لم يكن غير هذا فصل بل وضوء
جاءه شرطي وهو يشرب فخافه وسقاه بأنبوب من ثقب الباب :قال أبو أيوب :وحدثت أنه شرب يوما في بيت خمار بالحيرة،
فجاء شرطي من شرط المير ليدخل عليه ،فغلق الباب دونه .فناداه الشرطي اسقني نبيذا وأنت آمن .فقال :والله ما آمنك،
ولكن هذا ثقب في الباب فاجلس عنده وأنا أسقيك منه ،ثم وضع له أنبوبا من قصب في الثقب وصب فيه نبيذا من داخل
:والشرطي يشرب من خارج الباب حتى سكر .فقال القيشر
فسقيناه بأنبـوب الـقـصـب سأل الشرطـي أن نـسـقـيه
فسلوا الشرطي ما هذا الغضب أعطاه قيس بن محمد مال ونجمه له فكرر ذلك إنما نشـرب مـن أمـوالـنـا
مرارا فرده فهجاه :أخبرني عمي عن الكراني عن قعنب بن المحرز ،وحدثنا محمد بن خلف عن أبي أيوب المديني عن قعنب
بن الهيثم بن عدي قال :كان قيس بن محمد بن الشعث ضرير البصر ،فأتاه القيشر فسأله ،فأمر قهرمانه فأعطاه ثلثمائة
درهم ،فقال :ل أريدها جملة ،ولكن مر القهرمان أن يعطيني في كل يوم ثلثة دراهم حتى تنفد .فكان يأخذها منه ،فيجعل درهما
لطعامه ،ودرهما لشرابه ،ودرهما لدابة تحمله إلى بيوت الخمارين .فلما نفدت الدراهم أتاه الثانية فسأله فأعطاه وفعل مثل
ذلك ،وأتاه الثالثة فأعطاه وفعل مثل ذلك ،وأتاه الرابعة فسأله .فقال له قيس :ل أبا لك كأنك قد جعلت هذا خراجا علينا.
:فانصرف وهو يقول
يقول ول تلقاه للـخـير يفـعـل ألم تر قيس الكمه ابن مـحـمـد
وما خير أعمى العين والقلب يبخل رأيتك أعمى العين والقلب ممسكـا
عليه وما فيه من الشر أفـضـل فقال قيس :لو نجا أحد من القيشر لنجوت فلو صم تمت لعنة اللـه كـلـهـا
.منه
كان سكران فحكموه في الصحابة فقال شعرا :أخبرني أبو الحسن السدي عن العنزي عن محمد بن معاوية قال :اختصم قوم
بالكوفة في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ،فقالوا :نجعل بيننا أول من يطلع علينا .فطلع القيشر عليهم وهو سكران .فقال
:بعضهم لبعض :انظروا من حكمنا .فقالوا :يا أبا معرض قد حكمناك .قال :فيماذا? فأخبروه .فمكث ساعة ثم أنشأ يقول
فإن الله يغفر لي فسوقي إذا صليت خمسا كـل يوم
فقد أمسكت بالحبل الوثيق ولم أشرك برب الناس شيئا
ودعني من بنيات الطريق أعطاه ابن رأس البغل مهر ابنة عم له فمدحه فاعترض وهذا الحق ليس به خفـاء
عليه فأجابه :قال محمد بن معاوية :وتزوج القيشر ابنة عم له يقال لها الرباب ،على أربعة آلف درهم ،ويقال على عشرة آلف
درهم ،فأتى قومه فسألهم فلم يعطوه شيئا؛ فأتى ابن رأس البغل وهو دهقان الصين وكان مجوسيا ،فسأله فأعطاه الصداق.
:فقال القيشر
فدى للمجوسي خالي وعـم كفاني المجوسي مهر الرباب
وأن أباك الجواد الخـصـم شهدت بأنك رطب المشـاش
إذا ما ترديت فيمن ظـلـم وأنك سيد أهل الـجـحـيم
وفرعون والمكتنى بالحكـم ذهب إلى عكرمة بن ربعي فلم يعطه فهجاه :فقال له تجاور قارون في قعـرهـا
المجوسي :ويحك سألت قومك فلم يعطوك وجئتني فأعطيتك ،فجزيتني هذا القول ولم أفلت من شعرك وشرك قال :أو ما
:ترضى أن جعلتك مع الملوك وفوق أبي جهل ثم جاء إلى عكرمة بن ربعي التميمي فلم يعطه ،فقال فيه
أبا ثم أما فـقـالـوا لـمـه سألت ربيعة مـن شـرهـا
وأجعل بالسب فـيه سـمـه فقلت لعلـم مـن شـركـم
وماذا يرى الناس في عكرمه فقالوا لعكرمة المـخـزيات
فما غيرذا فيه من مكرمـه شرب بما معه وبثيابه ثم جلس في تبن وحديث الخمار فإن يك عبـدا زكـا مـالـه
:معه
قال ابن الكلبي :وشرب القيشر في حانة خمار حتى أنفد ما معه ،ثم شرب بثيابه حتى غلقت فلم يبق عليه شيء ،وجلس
في تبن إلى جانب البيت وإلى حلقه مستدفئا به .فمر رجل به ينشد ضالة ،فقال :اللهم اردد عليه واحفظ علينا .فقال له
الخمار :نخنت عينك أي شيء يحفظ عليك ربك? قال :هذا التبن ل تأخذه فأموت من البرد .فضحك الخمار ورد عليه ثيابه وقال:
.اذهب فاطلب ما تشرب به ،ول تجئني بثيابك فإني ل أشتريها بعد ذلك
لقيه هشام الشرطي وهو سكران فحاوره في سكره :قال ابن الكلبي :واجتاز القيشر برجل يقال له هشام وكان على شرطة
:عمرو بن حريث وهو سكران ،فدعا به فقال له :أنت سكران? قال ل .قال :فما هذه الرائحة? قال :أكلت سفرجل ،ثم قال
فقلت كذبتم بل أكلت سفرجل فضحك منه ثم قال :فإن لم تكن سكران يقولون لي انكه شربت مدامة
:أخبرني كم تصلي في كل يوم .فقال
صلة المسلمين فقلت خمس يسائلني هشام عن صلتـي
مواترة فما فيهـن لـبـس صلة العصر والولى ثمان
وشفع بعدها فيهن حـبـس وعند مغيب قرن الشمس وتر
ولما تبد للـرائين شـمـس وغدوة اثنتان معا جـمـيعـا
لنسك بالضحاء إذا نـبـس وبعدها لوقتـهـمـا صـلة
فذاك الـخـلق جـبـس أأحصيت الصلة أيا هشامـا
بحامده من القـوام إنـس قال :فضحك هشام وقال :بلى أخبرتنا يا أبا معرض، تعود أن يلم فـلـيس يومـا
.فانصرف راشدا
استنشد قتيبة بن مسلم مرداس بن جذام شعره في قدامة بن جعدة :أخبرني محمد بن الحسن بن دريد عن أبي عبيدة قال:
قدم رجل من بني سلول على قتيبة بن مسلم بكتاب عامله على الري وهو المعلى بن عمرو المحاربي ،فرآه على الباب قدامة
بن جعدة بن هبيرة المخزومي وكان صديقا لقتيبة ،فدخل عليه فقال له :ببابك ألم العرب ،سلولي رسول محاربي إلى باهلي.
فتبسم قتيبة تبسما فيه غيظ .وكان قدامة بن جعدة يتهم بشرب الخمر ،وكان القيشر ينادمه .فقال قتيبة :ادعوا لي مرداس بن
:جذام السدي فدعي .فقال له :أنشدني ما قال القيشر في قدامة بن جعدة وهو بالحيرة .فأنشده قوله
سيد الجدين من فرعي مضر رب ندمـان كـريم مـاجـد
لم يخالط صفوها منه كـدر قد سقيت الكأس حتى هرهـا
تتغشاه سمادير الـسـكـر قلت قم صل فصلى قـاعـدا
تقرن الحقة بالحق الـذكـر قرن الظهر مع العصر كما
وقرأ الكوثر من بين السور قال :فتغير لون القرشي وخجل .فقال له قتيبة :هذه ترك الفجر فمـا يقـرؤهـا
.بتلك ،والبادئ أظلم
استنشده عبد الملك أبياته في الخمر وحاوره فيها :أخبرني الخفش عن محمد بن الحسن بن الحرون قال حدثنا الكسروي عن
:الصمعي قال :قال عبد الملك للقيشر :أنشدني أبياتك في الخمر ،فأنشده قوله
لوجه أخيها في الناء قـطـوب تريك القذى من دونها وهي دونه
لها في عظام الشاربـين دبـيب فقال له :أحسنت يا أبا معرض ولقد أجدت كميت إذا فضت وفي الكأس وردة
.وصفها ،وأظنك قد شربتها .فقال :والله يا أمير المؤمنين إنه ليريبني منك معرفتك بهذا
قصة له مع بعض ندمائه في حانة :أخبرني الحسن بن يحيى عن حماد بن إسحاق عن ابن الكلبي عن رجل من الزد قال :كان
القيشر يأتي إخوانا له يسألهم فيعطونه ،فأتى رجل منهم فأمر له بخمسمائة درهم ،فأخذها وتوجه إلى الحانة ودفعها إلى
صاحبها وقال له :أقم لي ما أحتاج إليه ففعل ذلك ،وانضم إليه رفقاء له ،فلم يزل معهم حتى نفدت الدراهم ،فأتاهم بعد إنفاقها
بيوم ثم أتاهم من غد فاحتملوه ،فلما أتاهم في اليوم الثالث نظر إليه أصحابه من بعيد فقالوا لصاحب الحانة :أصعدنا إلى
غرفتك هذه وأعلم القيشر أنا لم نأت اليوم .فلما جاء القيشر أعلمه ما قالوه له .فعلم القيشر أنه ل فرج له عند صاحب
:الحانة إل برهن ،فطرح إليه ثيابه وقال له :أقم لي ما أحتاج إليه ففعل .فلما أخذ فيه الشراب أنشأ يقول
ثم كأسا حتى أخر نعاسا يا خليلي اسقياني كأسـا
ففي النفس منها زفرة وشهيق سمع الرشيد من يتغنى بشعر له في توبته سأشربها ما دمت حيا وإن أمت
:من الخمر فأعجب به :أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال حدثنا عمر بن شبة قال :بلغني أن الرشيد سمع ليلة رجل يغني
وحال من دونها السلم والحـرج إن كانت الخمر قد عزت وقد منعت
أشفي بها غلتي صرفا وأمـتـزج فقد أباكرها صرفـا وأشـربـهـا
لها إذا رجعت في صوتها غـنـج وقد تقوم على رأسـي مـغـنـية
كما يطن ذباب الروضة الـهـزج قال :فوجه في أثر الصوت من جاءه بالرجل وترفع الصوت أحيانا وتخفـضـه
وهو يرعد ،فقال :ل ترع فإنما أعجبني حسن صوتك .فقال :والله يا أمير المؤمنين ما تغنيت بهذا الشعر إل وأنا قد تبت من
شرب النبيذ ،وهذا شعر يقوله القيشر في توبته من النبيذ .فقال له الرشيد :وما حملك على تركه? قال :خشية الله .وإني فيه
:يا أمير المؤمنين كما قال زيد بن ظبيان
هل بين ذي كبرة والخمر من نسب جاءوا بقاقزة صـفـراء مـتـرعة
يوهي العظام وطورا مفتر العصب بئس الشراب شرابا حين تشـربـه
وفي العشيرة أن يزري على حسبي فقال له الرشيد :أنت وما اخترت أعلم، إني أخاف مليكـي أن يعـذبـنـي
فأعد الصوت ،فأعاده .وأمر بإحضار المغنين واستعاده ،وأمرهم بأخذه عنه فأخذوه ،ووصله وانصرف ،وكان صوت الرشيد أياما.
هكذا ذكر إسماعيل بن يونس عن عمر بن شبة في هذا الخبر أن البيات للقيشر ،ووجدتها في شعر أبي محجن الثففي له لما
.تاب من الشراب
خرج لغزو الشام فباع حماره وأنفق ثمنه في الفجور ثم رجع مع الغازين :أخبرني علي بن سليمان قال حدثنا أبو سعيد عن
محمد بن حبيب قال :كان القباع ،وهو الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة ،قد أخرج القيشر مع قومه لقتال أهل الشام ،ولم
يكن عند القيشر فرس فخرج على حمار ،فلما عبر جسر سورا فوصل لقرية يقال لها قنين توارى عند خمار نبطي يبرز زوجته
:للفجور ،فباع حماره وجعل ينفقه هناك ويشرب بثمنه ويفجر إلى أن قفل الجيش ،وقال في ذلك
بل ندبة فيها احتساب ول جـعـل خرجت من المصر الحواري أهلـه
سفاها بل سيف حـديد ول نـبـل إلى جيش أهل الشام أغزيت كارهـا
ورمح ضعيف الزج متصدع النصل ولكن بترس لـيس فـيه حـمـالة
سوى أمره والسير شيئا من الفعـل حباني به ظلم القـبـاع ولـم أجـد
وسلمت تسليم الغزاة على أهـلـي فأزمعت أمري ثم أصبحـت غـازيا
على فرس أو ذا متاع على بـغـل وقلت لعلـي أن أرى ثـم راكـبـا
إكاف وإشناق المزادة والـحـبـل جوادي حمار كان حينا لـظـهـره
قوائم سوء حين يزجر في الوحـل وقد خان عينـيه بـياض وخـانـه
قوائمه حتى يؤخـر بـالـحـمـل إذا ما انتحى في الماء والوحل لم ترم
رويدكم حتى أجوز إلى الـسـهـل أنادي الرفاق بارك الـلـه فـيكـم
كأنا بغايا ما يسـرن إلـى بـعـل فسرنا إلـى قـنـين يومـا ولـيلة
سوى يابس النهار أو سعف النخل إذا ما نزلنا لم نـجـد ظـل سـاحة
يئط نقيضا عن سفائنه الـفـضـل مررنا على سوراء نسمع جسرهـا
لنا سوق فراغ الحديث إلى شـغـل فلما بدا جسر السراة وأعـرضـت
حلل برغم القلطمان ومـا نـفـل نزلنا إلـى ظـل ظـلـيل وبـاءة
عروسا بما بين السبيئة والـنـسـل يشارطه من شـاء كـان بـدرهـم
وبعت حماري واسترحت من الثقل فأتبعت رمح السوء سمية نصـلـه
فقلت لها إصوي فإني على رسـل تقول ظبـايا قـل قـلـيل أل لـيا
بمرها كطرف العين شائلة الرجـل مما يغنى فيه من شعره :مهرت لها جرديقة فـتـركـتـهـا
قال أبو عمرو الشيباني :اسمه ربيعة .وقال ابن حبيب :اسمه النعمان بن يحيى بن معاوية ،أحد بني معاوية بن جشم بن بكر
بن حبيب بن عمرو بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار ،شاعر من
شعراء الدولة الموية ،وساكني الشام إذا حضر ،وإذا بدا نزل في بلد قومه بنواحي الموصل وديار ربيعة .وكان نصرانيا ،وعلى
.ذلك مات
قصته مع الحر بن يوسف :أخبرني علي بن سليمان الخفش عن أبي سعيد السكري قال حدثنا محمد بن حبيب عن أبي عمرو
الشيباني قال :كان أعشى بني تغلب ينادم الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم .فشربا يوما في بستان له بالموصل ،فسكر
العشى فنام في البستان .ودعا الحر بجواريه فدخلن عليه قبته .واستيقظ العشى فأقبل ليدخل القبة ،فمانعه الخدم ،ودافعهم
حتى كاد أن يهجم على الحر مع جواريه ،فلطمه خصي منهم؛ فخرج إلى قومه فقال لهم :لطمني الحر .فوثب معه رجل من
بني تغلب يقال له ابن أدعج وهو شهاب بن همام بن ثعلبة بن أبي سعد ،فاقتحما الحائط وهجما على الحر حتى لطمه العشى
:ثم رجعا .فقال العشى
على قرشيك الورع الجبان كأني وابن أدعج إذ دخلـنـا
فظل حوله يتنـاهـشـان هزبرا غابة وقصا حمـارا
عشية رعت طرفك بالبنان أي لطمتك .وقوله أنا الجشمي أي مثلي يفعل ذلك أنا الجشمي من جشم بن بكر
بمثلك
إذا اجترمت يدي وجنى لساني فما يستطيع ذو ملك عقـابـي
وعثمان استها وبـنـو أبـان عشية غاب عنك بنو هـشـام
وأنت مخـيم بـالـزرقـان والزرقان :قرية كانت للحر بسنجار .تروح إلى منازلهـا قـريش
مدح مدركا الكناني فأساء ثوابه فهجاه :قال ابن حبيب :مدح أعشى بني تغلب مدرك بن عبد الله الكناني أحد بني أقيشر بن
:جذيمة ابن كعب فأساء ثوابه؛ فقال العشى
لكالمبتني حوضا على غير منهل لعمرك إني يوم أمدح مـدركـا
ولو لكريم قلتهـا لـم تـفـيل شعره في شمعلة بن عامر حين قطع الخليفة أمر الهوى دوني وفيل مدحتـي
بضعة من فخذه :قال ابن حبيب :كان شمعلة بن عامر بن عمرو بن بكر أخو بني فائد وهم رهط الفرس نصرانيا وكان ظريفا،
فدخل على بعض خلفاء بني أمية ،فقال :أسلم يا شمعلة .قال :ل والله أسلم كارها أبدا ،ول أسلم إل طائعا إذا شئت .فغضب
:فأمر به فقطعت بضعة من فخذه وشويت بالنار وأطعمها .فقال أعشى بني تغلب في ذلك
عداك فل عار عليك ول وزر أمن حذة بالفخذ منك تباشـرت
لكالدهر ل عار بما فعل الدهر وفد على عمر بن عبد العزيز فلم يعطه فقال وإن أمير المؤمنين وجـرحـه
شعرا :وقال ابن حبيب قال أبو عمرو :كان الوليد عبد الملك محسنا إلى أعشى بني تغلب ،فلما ولي عمر بن عبد العزيز
الخلفة وفد إليه ومدحه فلم يعطه شيئا ،وقال :ما أرى للشعراء في بيت المال حقا ،ولو كان لهم فيه حق لما كان لك؛ لنك
:امرؤ نصراني .فانصرف العشى وهو يقول
إمام هدى ل مستزاد ول نزر لعمري لقد عاش الوليد حياتـه
جلميد ل تندى وإن بلها القطر شعره حين قعد مالك بن مسمع عن معاونة بني كأن بني مروان بعـد وفـاتـه
شيبان :وقال ابن حبيب عن أبي عمرو :كانت بين بني شيبان وبين تغلب حروب ،فعاون مالك بن مسمع بن شيبان في بعضها
:ثم قعد عنهم .فقال أعشى بني تغلب في ذلك
تميت عليكم عتبهـا ومـصـالـهـا بني أمنا مهـل فـإن نـفـوسـنـا
وبينكم لما قطـعـتـم وصـالـهـا وترعى بل جهـل قـرابة بـينـنـا
جزاء المسيء سعيها وفـعـالـهـا جزى الله شيبـانـا وتـيمـا مـلمة
وتعجز عن المعروف يعرف ضللها أبا مسمع من تنكر الحـق نـفـسـه
لنفسك ما تجني الحروب فهـالـهـا أأوقدت نار الحرب حـتـى إذا بـدا
قبيح مهين حيث ألقـت حـللـهـا نزعت وقد جردتهـا ذات مـنـظـر
وكان صفيح المشرقي صـللـهـا ألسنا إذا ما الحرب شب سـعـيرهـا
محارمها وأن تمـيزوا خـللـهـا أجارتنا حـل لـكـم إن تـنـاولـوا
العبلي عبد الله بن عمر بن عبد الله بن علي بن عدي بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس ،ويكنى أبا عدي ،وله أخبار
:كثيرة مع بني هاشم وبني أمية .وقسم هشام بن عبد الملك أموال وأجاز بجوائز ،فلم يعطه شيئا .فقال
ليتني كنت من بنـي مـخـزوم خس حظي أن كنت من عبد شمس
وأبيع الب الـشـريف بـلـوم استقدمه المنصور واستنشده فغضب عليه فذهب فأفوز الغداة منـهـم بـسـهـم
إلى المدينة :فلما استخلف المنصور كتب إلى السري بن عبد الله أن يوجه به إليه ففعل .فلما قدم عليه قال له :أنشدني ما
:قلت في قومك ،فاستعفاه .فقال :ل أعفيك .فقال :أعطني المان فأعطاه ،فأنشده
شرقت بعبرتها فطال بكاؤها حتى انتهى إلى قوله :ما بال عينك جائل أقذاؤهـا
شرفا وأفضل ساسة أمـراؤهـا فقال له :اخرج عني ل قرب الله دارك فبنو أمية خير من وطيء الحصى
.فخرج حتى قدم المدينة ،فألفى محمد بن عبد الله ابن حسن قد خرج فبايعه
أخذت حرمه وأمواله فمدح السفاح فأكرمه ورد إليه ما أخذ منه :أخبرني عمي عن الكراني عن العمري عن العتبي عن أبيه
قال :كان أبو عدي الذي يقال له العبلي مجفوا في أيام بني مروان وكان منقطعا إلى بني هاشم ،فلما أفضت الدولة إليهم لم
يبقوا على أحد من بني أمية ،وكان المر في قتلهم جدا إل من هرب وطار على وجهه .فخاف أبو عدي أن يقع به مكروه في
تلك الفورة فتوارى؛ وأخذ داود بن علي حرمه وماله؛ فهرب حتى أتى أبا العباس السفاح ،فدخل عليه في غمار الناس متنكرا
:وجلس حجرة حتى تقوض القوم وتفرقوا ،وبقي أبو العباس مع خاصته .فوثب إليه أبو عدي فوقف بين يديه وقال
سقيت الغيث من دمن قفـار أل قل للمنازل بـالـسـتـار
وأتراب لها شبه الـصـوار فهل لك بعدنا علم بسـلـمـى
عن الخلق الجميل ول عواري أوانس ل عوابـس جـافـيات
كهم النفس مفـعـمة الزار وفيهن ابنة القصوي سلـمـى
تضل الفاليات به الـمـداري تلوث خمارها بأحـم جـعـد
أبوتها إلى الحسب النـضـار برهرهة منعمة نـمـتـهـا
فما لك منهما غـير ادكـار فدع ذكر الشباب وعهد سلمى
تنخلها بـعـلـم واخـتـيار وأهد لهاشم غرر القـوافـي
ول ألقى حباء بني الـخـيار لعمرك إنني ولـزوم نـجـد
بحوباء كبطن الـعـير عـار لكالبادي لبرد مـسـتـهـل
وجد في رواح وابـتـكـار سأرحل رحلة فيها اعـتـزام
عذافرة ترامى بالصـحـاري إلى أهل الرسول غدت برحلي
فكاكا للنسـاء مـن السـار تؤم المعشر البرار تـبـغـي
وخير الواقفين على الجمـار أيا أهل الرسول وصيد فهـر
وقد جاهرت لو أغنى جهاري أتؤخذ نسوتي ويحاز مـالـي
وقد أمسكت بالحرم الصواري واذعر أن دعيت لعبد شمـس
بداري للعدا وبـغـير داري بنصرة هاشم شهرت نفـسـي
لحمد لفه طيب الـنـجـار بقربى هاشم وبحق صـهـر
مكان الجيد من عليا الفـقـار فقال له السفاح :من أنت? فانتسب له? فقال ومنزل هاشم من عبد شمـس
له :حق لعمري أعرفه قديما ومودة ل أجحدها ،وكتب له إلى داود بن علي بإطلق من حبسه من أهله ورد أمواله عليه وإكرامه،
.وأمر له بنفقة تبلغه المدينة
وفد على عبد الله بن حسن وأجازه هو وابناه وزوجه :أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال حدثنا يحيى بن الحسن
العلوي عن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن قال حدثني أبي قال :قال سعيد بن عقبة الجهني :إني لعند
عبد الله بن الحسن إذ أتاه آت فقال له :هذا رجل يدعوك ،فخرجت فإذا أنا بأبي عدي الموي الشاعر ،فقال :أعلم أبا محمد.
فخرج إليه عبد الله بن حسن وابناه وقد ظهرت المسودة وهم خائفون ،فأمر له عبد الله بن حسن بأربعمائة دينار ،فخرج من
.عندهم بألف دينار
:استنشده عبد الله بن حسن مما رثى به قومه ثم أكرمه هو وأهله
وأخبرني حرمي عن الزبير ،وأخبرني الخفش عن المبرد عن المغيرة بن محمد المهلبي عن الزبير عن سليمان بن عياش
السعدي قال :جاء عبد الله بن عمر بن عبد الله العبلي إلى سويقة وهو طريد بني العباس ،وذلك بعقب أيام بني أمية وابتداء
خروج ملكهم إلى بني العباس ،فقصده عبد الله والحسن ابنا الحسن بسويقة ،فاستنشده عبد الله شيئا من شعره فأنشده.
:فقال له :أريد أن تنشدني شيئا مما رثيت به قومك ،فأنشده
نشوزي عن المضجع النفس تقـول أمـامة لـمـا رأت
لدى هجعة العين النـعـس وقلة نومي على مضجعـي
عرون أباك فل تبـلـسـي أبي ما عراك? فقلت الهموم
من الذل في شر ما محبـس عرون أباك فـحـبـسـنـه
سهام من الحدث المـبـئس لفقد العشـيرة إذ نـالـهـا
ول طائشـات ول نـكـس رمتها المنون بـل نـصـل
متى ما اقتضت مهجة تخلس بأسهمهما الخالسات النفـوس
د تلقى بأرض ولم ترمـس فصرعاهم في نواحي البـل
من العار والذام لم تـدنـس كريم أصـيب وأثـوابـــه
وكان الهمام فلم يحـسـس وآخر قد طار خوف الـردى
ن مرضى ومن صبية بؤس فكم غادروا من بواكي العيو
لحر الهموم ولم تـجـلـس إذا ما ذكرنـهـم لـم تـنـم
م في مأتم قلق المجـلـس يرجعن مثل بكاء الـحـمـا
ول تسأليني فتستنـحـسـي فذاك الذي غالني فاعلـمـي
ولست لهن بمستـحـلـس وأشياء قد ضفنني بالـبـلد
وقتلى بكثوة لـم تـرمـس أفاض المدامع قتلـى كـدى
ن من يثرب خير ما أنفـس وقتلى بوج وبـالـلبـتـي
وقتلى بنهر أبي فـطـرس وبالزابـيين نـفـوس ثـوت
نوائب من زمن مـتـعـس أؤلئك قوم تـداعـت بـهـم
وألزقت الرغم بالمعـطـس أذلت قيادي لمـن رامـنـي
ول عاش بعدهم من نسـي قال :فلما أتى عليها بكى محمد بن عبد الله بن حسن. فما أنس ل أنس قـتـلهـم
فقال له عمه الحسن بن حسن بن علي عليهم السلم :أتبكي على بني أمية وأنت تريد ببني العباس ما تريد فقال :والله يا عم
لقد كنا نقمنا على بني أمية ما نقمنا ،فما بنو العباس إل أفل خوفا لله منهم ،وإن الحجة على بني العباس لوجب منها عليهم.
ولقد كانت للقوم أخلق ومكارم وفواضل ليست لبي جعفر .فوثب حنس وقال :أعوذ بالله من شرك ،وبعث إلى أبي عدي
بخمسين دينارا ،وأمر له عبد الله بن حسن بمثلها ،وأمر له كل واحد من محمد وإبراهيم ابنيه بخمسين خمسين ،وبعثت إليه
:أمهما هند بخمسين دينارا ،وكانت منفعته بها كثيرة .فقال أبو عدي في ذلك
بخير منازل الجيران جـارا أقام ثوي بـيت أبـي عـدي
فصادف خير دور الناس دارا تقوض بيتـه وجـل طـريدا
ذكرتهم ولـم أذمـم جـوارا فقالت هند لعبد الله وابنيها منه :أقسمت عليكم إل وإني إن نزلـت بـدار قـوم
.أعطيتموه خمسين دينارا أخرى فقد أشركني معكم في المدح ،فأعطوه خمسين دينارا أخرى عن هند
ولى الطائف لمحمد بن عبد الله بن حسن ثم فر إلى اليمن وشعره في ذلك :أخبرني عيسى بن الحسين الوراق عن أبي أيوب
المديني قال ذكر محمد بن موسى مولى أبي عقيل قال :قدم أبو عدي العبلي الطائف واليا من قبل محمد بن عبد الله بن
حسن أيام خروجه على أبي جعفر ومعه أعراب من مزينة وجهينة وأسلم فأخذ الطائف وأتى محمد بن أبي بكر العمري حتى
بايع ،وكان مع أبي عدي أحد عشر رجل من ولد أبي بكر الصديق ،فقدمها بين أذان الصبح والقامة ،فأقام بها ثلثا ،ثم بلغه
خروج الحسن بن معاوية من مكة ،فاستخلف على الطائف عبد الملك بن أبي زهير وخرج ليتلقى الحسن بالعرج ،فركب
:الحسن البحر ،ومضى أبو عدي هاربا على وجهه إلى اليمن .فذلك حين يقول
قال :فلما أنشدهم هذه البيات أنفوا وثاروا فشدوا شدة تضعضع لهم عسكر الحجاج ،وثبت لهم الحجاج وصاح بأهل الشام
فتراجعوا وثبتوا ،فكانت الدائرة له ،فجعل يقتل الناس بقية يومه ،حتى صاح به رجل :والله يا حجاج لئن كنا قد أسأنا في الذنب
لما أحسنت في العفو ،ولقد خالفت الله فينا وما أطعته .فقال له :وكيف ويلك? قال :لن الله تعالى يقول فإذا لقيتم الذين
كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها وقد قتلت فأثخنت
حتى تجاوزت الحد ،فأسر ول تقتل ،ثم قال :أو امنن .فقال أولى لك أل كان هذا الكلم منك قبل هذا الوقت ثم نادى برفع
السيف وأمن الناس جميعا ،قال ابن حبيب قال ابن العرابي :فبلغني أن الحجاج قال يوما لجلسائه ما حرض على أحد أبو
جلدة؛ فإنه نزل على سرحة في وسط عسكر لبن الشعث ثم نزع سراويله فوضعه وسلح فوقه والناس ينظرون إليه .فقالوا
له :ما لك ويلك أجننت ما هذا الفعل قال :كلكم قد فعلتم هذا إل أنكم سترتموه وأظهرته .فشتموه وحملوا علي ،فما أنساهم
:وهو يقدمهم ويرتجز
ما لك يا حجاج منا منجى نحن جلبنا الخيل من زرنجا
أو لتفرن فذاك أحـجـى فوالله لقد كاد أهل الشام يومئذ يتضعضعون لول أن الله لتبعجن بالسيوف بعـجـا
.تعالى أيد بنصره
:قال وقال أبو جلدة يومئذ
ويا غم الفؤاد لما لقينـا أيا لهفي ويا حزني جميعا
وخلينا الحلئل والبنينـا تركنا الدين والدنيا جميعا
فنصبر للبلء إذا بلينـا فما كنا أناسـا أهـل دين
فنمنعها وإن لم نرج دينا ول كنا اناسا أهـل دنـيا
وأنباط القرى والشعرينا ذم القعقاع بن سويد بعض ما عامله به فقال فيه شعرا :قال تركنا دورنا لطغام عـك
:ابن حبيب :وكان أبو جلدة مع القعقاع بن سويد المنقري بسجستان ،فذم منه بعض ما عامله به ،فقال فيه
إذا ظل المارة عنـك زال ستعلم أن رأيك رأي سـوء
بذي ذكر يزيدهم جـمـال وراح بنو أبيك ولست فيهـم
إذا الليل القصير عليك طال فقال له القعقاع :ومتى يطول علي الليل القصير? هناك تذكر السلف منهـم
قال :إذا نظرت إلى السماء مربعة .فلما عزل وحبس أخرج رأسه ليلة فنظر ،فإذا هو ل يرى السماء إل بقدر تربيع السجن،
.فقال :هذا والله الذي حذرنيه أبو جلدة
مدح مسمع بن مالك حين ولي سجستان ورثاه حين توفي :قال :وولي مسمع بن مالك سجستان ،وكان مكث أبي جلدة بها،
:فخرج إليه فتلقاه ومدحه بقصيدته التي أولها
وليت وصل لها من حبلها رجعـا بانت سعاد وأمسى حبلها انقطـعـا
فطارت النفس من وجد بها قطعا شطت بها غـربة زوراء نـازحة
طعم الرقاد إذا ما هاجع هجـعـا ما قرت العين إذ زالت فينفعـهـا
وقد أكون صحيح الصدر فانصدعا منعت نفسي من روح تعـيش بـه
وقبل لومك ما أغنيت من منـعـا غدت تلوم على ما فات عاذلـتـي
وقد أرى في بلد الله متـسـعـا مهل ذريني فإني غالني خلـقـي
سيب الله وخير المال ما نفـعـا فخري تليد وما أنفقت أخـلـفـه
ول استكنت له إن خان أو خدعـا ما عضني الدهر إل زادني كرمـا
في النائبات إذا ما مسني طبـعـا ول تلين على العلت معجمـتـي
إذا المغمز منها لن أو خضـعـا ول تلين مـن عـودي غـمـائزه
ول أقول لشيء فات ما صنـعـا ول أخائل رب البيت غـفـلـتـه
لم يجعل الله في أقوالهم قـذعـا إني لمدح أقوامـا ذوي حـسـب
لو يعصر المسك من أطرافهم نبعا الطيبين على العلت مـعـجـمة
لكرم الناس أخلقا ومصطنـعـا قال :فوصله مسمع بن مالك وحمله وكساه بني شهاب بها أعـنـي وإنـهـم
:ووله ناشيتكين وكان مكتبه .قال :ثم توفي مسمع بن مالك سجستان ،فقال أبو جلدة يرثيه
يثور دخان ساطـع وطـنـين قال :ولعمرو بن صوحان يقول أبو جلدة فما هو إل السيف أو ضرطة لها
:اليشكري وطالت صحبته إياه فلم يظفر منه بشيء
الحق بقومك يا عمرو بن صوحانا صاحبت عمرا زمانا ثم قلت لـه
وإن جزعت فقد كان الذي كانـا هجا زيادا العجم لهجوه بني يشكر :قال ابن فإن صبرت فإن الصبر مكـرمة
:سعيد وحدثني أبو صالح قال :بلغ أبا جلدة أن زيادا العجم هجا بني يشكر ،فقال فيه
غرضا وأنت عن الذى في معزل ل تهج يشكـر يا زياد ول تـكـن
خير وأكرم مـن أبـيك العـزل واعلم بأنهـم إذا مـا حـصـلـوا
حتى نصبحكم بجيش جـحـفـل لول زعيم بني المعلى لـم نـبـت
أسد العرين بكل عضب منصـل تمشي الضراء رجالهم وكأنـهـم
عند الرجال ونهزة لـلـخـتـل مدح سليمان بن عمرو بن مرثد كان صديقا له :وقال فاحـذر زياد ول تـكـن تــدرأ
ابن حبيب :كان سليمان بن عمرو بن مرثد البكري صديقا لبي جلدة ،وكان فارسا شجاعا ،وقتله ابن خازم لشيء بلغه فأنكره؛
:وفيه يقول أبو جلدة
نمـاه سـراة مـن ســراة بـــنـــي بـــكـــر إذا كـنـت مـرتـــادا نـــديمـــا مـــكـــررا
تجـد مـاجـدا بـالـجـود مـنـشـرح الـــصـــدر فل تـعـد ذا الـعـلـيا سـلــيمـــان عـــامـــدا
ويشـربـهـا صـهـبـاء طــيبة الـــنـــشـــر كريمـا عـلـى عــلتـــه يبـــذل الـــنـــدى
معتقة كالمسك يذهب ريحها الزكام وتدعو المرء للجود بالوفر
يمـيد كـمـا مـاد الثـيم مـــن الـــســـكـــر وتترك حاسي الكأس منها مرنحا
إذا مـزجـت بـالـمـاء مـثـل لـظـى الـجـمـــر تلـوح كـعـين الـديك ينـزو حـــبـــابـــهـــا
علـيهـا نـديمـا ظـل يهـرف بـالـــشـــعـــر فتـلــك إذا نـــادمـــت مـــن آل مـــرثـــد
علـــيك بـــحــــياك اللـــــــه ول يدري يغـــنـــيك تـــارات وطـــورا يكـــرهـــا
وأن يبـذل الـمـعـروف فـي الـعـسـر والـيســـر تعـود أل يجـهـل الـــدهـــر عـــنـــدهـــا
تألـــى يمـــينــــا أن يريش ول يبـــــــري وإن سـلـيمـان بـن عـمــرو بـــن مـــرثـــد
وضرب طـلـى البـطـال فـي الـحـرب بـالـبـتـر فهـمـتـه بـذل الـنـدى وابـتــنـــا الـــعـــل
إذا مـا دجـا لـيل إلـى وضــح الـــفـــجـــر قال :فلما بلغت وفـي المـن ل ينــفـــك يحـــســـو مـــدامة
سليمان هذه البيات قال :هجاني أخي وما تعمد ،لكنه يرى أن الناس جميعا يؤثرون الصهباء كما يؤثرها هو ،ويشربونها كما
يشربها .وبلغ قوله أبا جلدة فأتاه فاعتذر إليه ،وحلف أنه لم يتعمد بذلك ما يكرهه وينكره .قال :قد علمت بذلك وشهدت لك به
.قبل أن تعتذر ،وقبل عذره
سأل الحضين بن المنذر شيئا فلم يعطه إياه فهجاه :وقال ابن حبيب :سأل أبو جلدة الحضين بن المنذر الرقاشي فلم يعطه
:إياه ،وقال :ل أعطيه ما يشرب به الخمر .فقال أبو جلدة يهجوه
بالنحس ل فارقت رأس الحضين يا يوم بؤس طلعـت شـمـسـه
مذ كان بالمعروف كز الـيدين فبلغ الحضين قول أبي جلدة ،فقال يهجوه :إن حضـينـا لـم يزل بـاخـل
معترضا ما جاوز السكتين عض أبو جلدة مـن أمـه
أعقف كالمنجل ذا شعبتين وقال أبو جلدة في حضين أيضا :بظرا طويل غاشيا رأسـه
إليك أبا ساسـان غـير مـسـدد لعمرك إني يوم أسند حـاجـتـي
ول خائف بث الحاديث في غـد فل عالم بالغيب مـن أين ضـره
فلم أطلب المعروف عند المصرد فليت المنايا حلقت بي صروفهـا
لقمت بحاجاتي ولـم تـتـبـلـد فلو كنت حرا يا حضين بن منـذر
وكنت قصير الباع غير المقـلـد تجهمتني خوف القرى واطرحتني
من اللؤم يابن المستذل المعـبـد تهدده بنو رقاش لهجائه الحضين فقال ولم تعد ما قد كنت أهل لمثـلـه
:شعرا :قال :فبلغ أبا جلدة أن بني رقاش تهددوه بالقتل لهجائه الحضين بن منذر ،فقال
وكل رقاشي على الرض في الحبل تهددني جهـل رقـاش ولـيتـنـي
فبئس محل الضيف في الزمن المحل فباست حضين واست أم رمـت بـه
أذل على وطء الهوان من النـعـل وإن أنا لم أترك رقاش وجمـعـهـم
سبيل وقفت للـخـير والـفـضـل فشلت يداي واتبعت سـوى الـهـدى
مباخيل بالزواد في الخصب والزل عظام الخصى ثط اللحى معدن الخنـا
عظال الكلب في الدجنة والـوبـل إذا أمنوا ضراء دهر تـعـاظـلـوا
فأخور عيدانا من الـمـرخ والثـل وإن عضهم دهر بـنـكـبة حـادث
إذا خطرت حرب مراجلها تغـلـي شعره في دهقانة كان يختلف إليها: أسود شرى وسط النـدي ثـعـالـب
أخبرني محمد بن يحيى الصولي قال حدثني محمد بن عبد الله الصبهاني المعروف بالحزنبل عن عمرو بن أبي عمرو الشيباني
:عن أبيه قال :عشق أبو جلدة دهقانة ببست وكان إليها ويكون عندها دائما ،وقال فيها
ونازعيها صاحب لي مـلـوم وكأس كأن المسك فيها حسوتها
له كفل واف وفرع ومبـسـم أغر كأن البدر سـنة وجـهـه
وينجاب عنه الليل والليل مظلم يضيء دجى الظلماء رونق خده
وجيد عليه نسق در مـنـظـم وثديان كالحقين والمتن مدمـج
رخيم وردف نيط بالحقو مفـأم وبطن طواه الله طيا ومنـطـق
لظى في فؤادي نارها تتضرم به تبلتني واستبتنـي وغـادرت
وأصبح مبهوتا فما أتـكـلـم أبيت بها أهذي إذا الليل جننـي
تبين ،لئن بانـت أل تـتـلـوم فمن مبلغ قومي الدنا أن مهجتي
تجود على من يشتهيها وتنعـم وعهدي بها والله يصلح بالـهـا
وقلبي لها يا قوم عان مـتـيم قال :فلما بلغها الشعر سألت عن تفسيره ففسر فما بالها ضنت علي بـودهـا
لها .فلما انتهى المفسر إلى هذين البيتين الخيرين غضبت فقالت :أنا زانية كما زعم إن كلمته كلمة أبدا .أو كلما اشتهاني
إنسان بذلت له نفسي وأنعمت من روحي إذا أي أنا إذا زانية .فصرمته ،فلم يقدر عليها وعذب بها وعذب بها زمانا ،ثم قال فيها
:لما يئس منها
طويل كان فيه من الغـوانـي صحا قلبي وأقصر بعـد غـي
برشد وارتجى عقبى الزمـان بأن قصد السبيل فبـاع جـهـل
من الحب المبرح بالـجـنـان وخاف الموت واعتصم ابن حجر
إلى لذاته سـلـس الـعـنـان وقدما كان معترما جـمـوحـا
طويل الليل يهرف بالـقـران وأقلع بعد صبوتـه وأضـحـى
ينال افوز من غرف الجـنـان قال شعرا في يزيد بن المهلب ثم تنصل منه :قال ويدعو الله مجتهـدا لـكـيمـا
:ابن حبيب قال أبو عبيدة :كان يزيد بن المهلب يتهم بالنساء .فقال فيه أبو جلدة
عيون رجال واستلذوا المضاجعا إذا اعتكرت ظلماء ليل ونومـت
يزيد دبيبا للمعانـاة قـابـعـا سما نحو جار البيت يستام عرسه
إليه أتاها بعـد ذلـك طـائعـا فشاعت البيات ورواها الناس لقتادة بن معرب . وإن أمكنته جارة البيت أو رنت
:فقال أبو جلدة
لقد غالني العداء عمدا لتغضـبـا أبا خالد ركني ومـن أنـا عـبـده
فشلت يدي اليمنى وأصبحت أعضبا فإن كنت قلت اللذ أتاك به الـعـدا
وأمسيت شلوا للسبـاع مـتـربـا ول زلت محمول عـلـي بـلـية
أبا خالد عذرا وإن كنت مغضـبـا سئل عنه البعيث فذكر شعرا لقتادة بن فل تسمعن قول العـدا وتـبـينـن
:معرب يهجوه به :وقال ابن حبيب :قال رجل للبعيث :أي رجل هو أبو جلدة? فقال :قتادة بن معرب أعرف به حيث يقول
ل يعرف الحق من الباطل إن أبا جلدة مـن سـكـره
يسمع قول الناصح العاذل يزداد غيا وانهمـاكـا ول
وكان في الذروة من وائل أعيا أبوه وبـنـو عـمـه
فبئس خدن الرجل العاقل فليته لم يك مـن يشـكـر
أخبرني محمد بن مزيد قال حدثنا حماد بن إسحاق قال :قلت لبي :أيما أفضل عندك مخارق أو علويه? فقال :يا بني علويه
أعرفهما فهما بما يخرج من رأسه وأعلمهما بما يغنيه ويؤديه ،ولو خيرت بينهما من يطارح جواري أو شاورني من يستنصحني
لما أشرت إل بعلويه؛ لنه كان يؤدي الغناء ،وصنع صنعة محكمة .ومخارق بتمكنه من حلقه وكثرة نعمه ل يقنع بالخذ منه؛ لنه ل
يؤدي صوتا واحدا كما أخذه ول يغنيه مرتين غناء واحدا لكثرة زوائده فيه .ولكنهما إذا اجتمعا عند خليفة أو سوقة غلب مخارق
.على المجلس لطيب صوته وكثرة نغمه
حدثني جحظة قال حدثني أبو عبد الله بن حمدون قال حدثني أبي قال :اجتمعت مع إسحاق يوما في بعض دور بني هاشم،
:وحضر علويه فغنى أصواتا ثم غنى من صنعته :صوت
إلي فهل نفس ليلى شفيعها ولحنه ثاني ثقيل فقال له إسحاق :أحسنت والله يا ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة
أبا الحسن أحسنت ما شئت .فقام علوية من مجلسه فقبل رأس إسحاق وعينيه وجلس بين يديه وسر بقوله سرورا شديدا ،ثم
قال :أنت سيدي وابن سيدي ،وأستاذي وابن أستاذي ،ولي إليك حاجة .قال :قل ،فوالله إني أبلغ فيها ما تحب .قال :أيما أفضل
عندك أنا أو مخارق? فإني أحب أن أسمع منك في هذا المعنى قول يؤثر ويحكيه عنك من حضر ،فتشرفني به .فقال إسحاق :ما
منكم إل محسن مجمل ،فل ترد أن ترى في هذا شيئا .قال :سألتك بحقي عليك وبتربية أبيك وبكل حق تعظمه إل حكمت.
فقال :ويحك والله لو كنت أستجيز أن أقول غير الحق لقلته فيما تحب ،فأما إذ أبيت إل ما ذكرت فهاك ما عندي :فلو خيرت أنا
من يطارح جواري أو يغنيني لما اخترت غيرك ،ولكنما إذا غنيتما بين يدي خليفة أو أمير غلبك على إطرابه واستبد عليك بجائزته.
.فغضب علويه وقام وقال :أف من رضاك وغضبك
شاع له صوت كان الناس يظنونه لسحاق :حدثني جعفر بن قدامة قال علي بن يحيى المنجم قال :قدمت من سر من رأى
قدمة إلى بغداد ،فلقيت أبا محمد إسحاق بن إبراهيم الموصلي ،فجعل يسألني عن أخبار الخليفة وأخبار الناس حتى انتهى إلى
ذكر الغناء ،فقال :أي شيء رأيت الناس يستحسونه في هذه اليام من الغاني ،فإن الناس ربما لهجوا بالصوت بعد الصوت?
:فقلت :صوتا من صنعتك .فقال :أي شيء هو? فقلت :صوت
بقلبي الهوى لما تغنيتـمـا لـيا أل يا حمامي قصر دوران هجتما
أبالي دموع العين لو كنت خاليا فضحك وقال :ليس هذا لي ،هذا لعلويه، وأبكيتماني وسط صحبتي ولم أكن
.ولقد لعمري أحسن فيه وجود ما شاء
.لحن علويه في هذين البيتين ثاني ثقيل بالوسطى
أتاه بعض أصحابه فأطعمهم وغناهم ألحانا لهم :حدثني عمي قال حدثنا عبد الله بن عمرو قال حدثني أحمد بن محمد بن عبد
الله البزاري قال :أتيت علويه يوما بالعشي ،فوجدت عنده خاقان بن حامد وعبد الله بن صالح صاحب المصلى ،وكنت حملت
معي قفص فراريج كسكرية مسمنة وجرابي دقيق سميذ ،فسلمته إلى غلمه ،وبعث إلى بشر بن حارثة :أطعمنا ما عندك ،فلم
يزل يطعمنا فضلت حتى أدرك طعامه ،ثم بعث إلى عبد الوهاب بن الخصيب بن عمرو فحضر ،وقدم الطعام فأكل وأكلنا أكل
:معذرين ،ثم قال :إني صنعت البارحة لحنا أعجبني ن فأسمعوه وقولوا فيه ما عندكم ،وغنانا فقال :صوت
وذؤابتي علت بـمـاء خـضـاب هزئت عميرة أن رأت ظهري انحنى
محض كريم شيبتـي وشـبـابـي لحن علويه في هذين البيتين من الثقيل الثاني ل تهزئي مني عـمـير فـإنـنـي
بالوسطى فقلنا له :حسن والله جميل يا أبا الحسن ،وشربنا عليه أقداحا .ثم استؤذن لعثعث غلم أحمد بن يحيى بن معاذ ،فأذن
له ،ومع عثعث كتاب من موله أحمد بن يحيى :سمعت يا سيدي منك صوتا عند أمير المؤمنين يعني المعتصم ،فأحب أن
:تتفضل وتطرحه على عبدك عثعث .وهو :صوت
ولم أتمتع بالجوار وبالـقـرب فوا حسرتا لم أقض منك لبـانة
فقلت وهذا آخر العهد من قلبي لحن علويه في هذا الشعر ثقيل أول ،وهو من يقولون هذا آخر العهد منـهـم
:مقدم أغانيه وصدورها .وأول هذا الصوت
سقتك الغوادي من حمام ومن شعب أل يا حمام الشعب شعـب مـورق
:قال :وإذا مع حسين رقعة من موله :سمعتك يا سيدي تغني عند المير أبي إسحاق إبراهيم ابن المهدي
بقلبي الهوى لما تغنـيتـمـا لـيا أحب أن تطرحه على عبدك حسين .قال: أل يا حمامي قصر دوران هجمتما
فدعا بغلم له يسمى عبد آل فطحه عليه حتى أحكماه ثم عرضاه عليه حتى صح لهما .فلما أعلم أنه مر لنا يوم يقارب طيب
.ذلك اليوم وحسنه
وصف الواثق له :حدثني جعفر بن قدامة قال حدثني عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قال :سمعت أبي يقول سمعت الواثق
يقول :علويه أصح الناس صنعة بعد إسحاق ،وأطيب الناس صوتا بعد مخارق ،وأضرب الناس بعد ربرب وملحظ ،فهو مصلي
كل سابق قادر ،وثاني كل أول واصل متقدم .قال :وكان الواثق يقول :غناء علويه مثل نقر الطست يبقى ساعة في السمع بعد
.سكوته
خطأ إسحاق لحنا غناه المعتصم فرد هو عليه :نسخت من كتاب أبي العباس بن ثوابة بخطة :حدثني أحمد بن إسماعيل أبو
:حاتم قال حدثني عبد الله بن العباس الربيعي قال :اجتمعت يوما بين يدي المعتصم وحضر إسحاق الموصلي ،فغنى علويه
تلوح مغانيها كما لح أسطار فقال إسحاق :أخطأت فيه ،ليس هو كذلك .فغضب لعبدة دار ما تكلمـنـا الـدار
علويه وقال :أم من أخذنا عنه هكذا زانية .فقال إسحاق :وشتمنا قبحه الله ، ،وسكت وبان ذلك فيه .قال :وكان علويه أخذه من
.أبيه
كان أعسر وعوده مقلوب الوتار :حدثني عمي قال حدثنا هارون بن مخارق قال :كان علويه أعسر وكان عوده مقلوب الوتار:
البم أسفل الوتار كلها ،ثم المثلث فوقه ،ثم المثنى ،ثم الزير ،وكان عوده إذا كان في يد غيره على هذه الصفة ،وإذا كان معه
.أخذه باليمنى وضرب باليسرى ،فيكون مستويا في يده ومقلوبا في يد غيره
كان بينه وبين ابن أخته الخلنجي القاضي منازعة فغنى بشعره للمأمون فعزله عن القضاء :أخبرنا محمد بن خلف وكيع قال
كان الخلنجي القاضي ،واسمه عبد الله بن محمد ،ابن أخت علويه المغني ،وكان تياها صلفا ،فتقلد في خلفة المين قضاء
الشرقية ،فكان يجلس إلى أسطوانة من أساطين المسجد فيستند إليها بجميع جسده ول يتحرك ،فإذا تقدم إليه الخصمان أقبل
عليهما بجميع جسده وترك الستناد حتى يفصل بينهما ثم يعود لحاله .فعمد بعض المجان إلى رقعة من الرقاع التي يكتب فيها
الدعاوى فألصقها في موضع ذنبته بالدبق ومكن منها الدبق .فلما تقدم إليه الخصوم وأقبل عليهم بجميع جسده كما كان يفعل
انكشفت رأسه وبقيت الذنبة موضعها مصلوبة ملتصقة ،فقام الخلنجي مغضبا وعلم أنها حيلة وقعت عليه ،فغطى رأسه
:بطيلسانه وقام وانصرف وتركها مكانها ،حتى جاء بعض أعوانه فأخذها .وقال بعض شعراء ذلك العصر فيه هذه البيات
أثقل باد لنا بطـلـعـتـه إن الخلنجي من تـتـايهـه
بين أخاوينه وقصـعـتـه ما إن لذي نخوة منـاسـبة
خوفا من الجور في قضيته يصالح الخصم من يخاصمه
لطار تيها على رعـيتـه قال وشهرت البيات والقصة ببغداد ،وعمل له علويه حكاية لو لم تدبقه كف قانـصـه
أعطاها للزفانين والمخنثين فأحرجوه فيها ،وكان علويه يعاديه لمنازعة كانت بينهما ففضحه ،واستعفى الخلنجي من القضاء
ببغداد وسأل أن يولى بعض الكور البعيدة ،فولي جند دمشق أو حمص .فلما ولي المأمون الخلفة غناه علويه بشعر الخلنجي
:فقال
أتاك به الواشون عني كمـا قـالـوا برئت من السلم إن كـان ذا الـذي
بهجري تواصوا بالنميمة واحتـالـوا ولـكـنـهـم لـمـا رأوك غـرية
ينالون من عرضي وإن شئت ما نالوا فقال له المأمون :من يقول هذا فقد صرت أذنا للـوشـاة سـمـيعة
الشعر? فقال :قاضي دمشق .فأمر المأمون بإحضاره ،فكتب إلى صاحب دمشق بإشخاصه فأشخص ،وجلس المأمون للشرب
:وأحضر علويه ،ودعا بالقاضي فقال له :أنشدني قولك
أتاك به الواشون عني كما قالوا برئت من السلم إن كان ذا الذي
فقال له :يا أمير المؤمنين هذه أبيات قلتها منذ أربعين سنة وأنا صبي ،والذي أكرمك بالخلفة وورثك ميراث النبوة ما قلت
شعرا منذ أكثر من عشرين سنة إل في زهد أو عتاب صديق .فقال له :اجلس فجلس ،فناوله قدح نبيذ التمر أو الزبيب .فقال :ل
والله يا أمير المؤمنين ما أعرف شيئا منها .فأخذ القدح من يده وقال :أما والله لو شربت شيئا من هذا لضربت عنقك ،وقد
ظننت أنك صادق في قولك كله ،ولكن ل يتولى لي القضاء رجل بدأ في قوله بالبراءة من السلم ،انصرف إلى منزلك .وأمر
.علويه فغير الكلمة وجعل مكانها :حرمت مناي منك
ضربه المين بوشاية ابن الربيع ثم تقرب بذلك إلى المأمون فلم ير منه ما يحب :حدثني جعفر بن قدامة قال حدثني محمد بن
:عبد الله بن مالك قال :كان علويه بين يدي المين ،فغنى في بعض غنائه
وشفت أنفسنا مما تجد وكان الفضل بن الربيع يطعن عليه ،فقال للمين :إنما يعرض ليت هندا أنجزتنا ما تعد
بك ويستبطئ المأمون في محاربته ،فأمر به فضرب خمسين سوطا وجر برجله ،وجفاه مدة ،حتى ألقى نفسه على كوثر
فترضاه له ورد إلى خدمته ،وأمر له بخمسة آلف دينار .فلما قدم المأمون تقرب إليه بذلك ،فلم يقع له بحيث يحب ،وقال له:
إن الملك بمنزلة السد أو النار ،فل تتعرض لما يغضبه ،فإنه ربما جرى منه ما يتلفك ثم ل تقدر بعد ذلك على تلفي ما فرط منه
، .ولم يعطه شيئا
غضب المين على إبراهيم الموصلي بعد موته لتقديم اسم المأمون عليه في شعره وترضاه ابنه إسحاق :ومثل هذا من فعل
المين ،ما حدثني به محمد بن مزيد بن أبي الزهر قال حدثنا حماد بن إسحاق قال حدثني أبي قال :دخلت على المين فرأيته
مغضبا كالحا ،فقلت له :ما لمير المؤمنين تمم الله سروره ول نغصه أراه كالحائر? قال :غاظني أبوك الساعة ل رحمه الله
والله لو كان حيا لضربته خمسمائة سوط ،ولولك لنبشت الساعة قبره وأحرقت عظامه .فقمت على رجلي وقلت :أعوذ بالله
من سخطك يا أمير المؤمنين ومن أبي وما مقداره حتى تغتاظ منه وما الذي غاظك فلعل له فيه عذرا? فقال :شدة محبته
للمأمون وتقديمه إياه حتى قال في الرشيد شعرا يقدمه فيه علي وغناه فيه ،وغنيته الساعة فأورثني هذا الغيظ .فقلت :والله
:ما سمعت بهذا قط ول لبي غناء إل وأنا أرويه ،ما هو? فقال قوله
له كنفان من كرم ولين فقلت له :يا أمير المؤمنين لم يقدم المأمون في الشعر أبو المأمون فينا والمين
لتقديمه إياه في الموالة ،ولكن الشعر لم يصح وزنه إل هكذا .فقال :كان ينبغي له إذا لم يصح الشعر إل هكذا أن يدعه إلى لعنة
.الله .فلم أزل أداريه وأرفق به حتى سكن .فلما قدم المأمون سألني عن هذا الحديث فحدثته به ،فجعل يضحك ويعجب منه
مدحه عبد الله بن طاهر :حدثني جعفر بن قدامة قال حدثني عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قال :سمعت أبي يقول :لو خيرت
لونا من الطعام ل أزيد عليه غيره لخترت الدراجة ؛ لني إن زدت في خلها صارت سكباجة ،وإن زدت في مائها صارت إسفيد
باجة ،وإن زدت في تصبيرها بل في تشييطها صارت مطجنة ،ولو اقتصرت على رجل واحد لما اخترت سوى علويه؛ لنه إن
.حدثني ألهاني ،وإن غناني أشجاني ،وإن رجعت إلى رأيه كفاني
حضر عند سعيد بن عجيف فأكرمه ثم طلبه عجيف :حدثني عمي قال حدثني عبد الله بن أبي سعد قال حدثني محمد بن محمد
البزاري قال :كنت عند سعيد بن عجيف أنا وعبد الوهاب بن الخصيب وعبد الله بن صالح صاحب المصلى ،إذ دخل عليه حاجبه
فقال له :علويه بالباب ،فأذن له فدخل .فقال له :ل تحمدني فإني لم يجئني رسول رجل اليوم ،فعرضت إخواني جميعا على
قلبي فلم يقع عليه غيرك .فدعا له ببرذون أدهم بسرجه ولجامه فأهداه إليه ،وجلسنا نشرب وعلويه يغني .فلما توسطنا أمرنا
جاء رسول عجيف يطلبه في منزله ،فقالوا له :هو عند ابنه سعيد .فأتاه الرسول فقال له :أجب المير .فقلنا :هذا شيء ليس
:فيه حيلة .وقد جاء الرسول وهو يغني :صوت
بكيت فنادتني هنيدة مـا لـيا ألم تر أني يوم جـو سـويقة
به يشتفي من ظن أن ل تلقيا فقلت لها إن البكـاء لـراحة
لحن علويه في هذا رمل .والشعر للفرزدق قال :فقام علويه ثم قال :هو ذا ،أمضي إلى المير فأحدثه بحديثنا وأستأذنه في
النصراف بوقت يكون فيه فضل لكم .فانصرف بعد المغرب ومعه جام ،فيه مسك وعشرة آلف درهم ومنيان فيهما رماطون ،
فقال :جئت أشرب عندكم ،وآخذه وأنصرف إلى إنسان له عندي أياد يعني علي بن معاذ أخا يحيى ابن معاذ فلم يزل عندنا حتى
هم بالنصراف .فلما رأيت ذلك فيه قمت قبله فأتيت منزل علي ابن معاذ ،فقيل له :ابن البزاري بالباب .فبعث إلي :إن أردت
مضاء فخذه يعني غلما كان يغني ،فقلت له :لست أريده ،إنمكا أريدك أنت ،فأذن لي فدخلت .فقال :ألك حاجة في هذا
الوقت? فقلت :الساعة يجيئك علويه .فقال :وما يدريك? فحدثته بالحديث .ودخل علويه ،فقال لي :ما جاء بك إلى ها هنا
.فقلت :ما كنت لدع بقية ليلتي هذه تضيع ،فما زال يغنينا ونشرب حتى نام الناس ثم انصرفنا
فضله عمرو بن بانة على نفسه :حدثني جعفر بن قدامة قال حدثنا هارون بن مخارق قال حدثني أبي قال :قلت لعمرو بن بانة:
أيما أجود صنعتك أم صنعة علويه? فقال :صنعة علويه ،لنه ضارب وأنا مرتجل .ثم أطرق ساعة وقال :ل أكذبك يا أبا المهنأ
:والله ما أحسن أن أصنع مثل صنعة علويه
ولم أتمتع بالجوار وبالقرب ول مثل صنعته :فوا حسرتا لم أقض منك لبانة
وذؤابتي علت بـمـاء خـضـاب ول مثل صنعته :هزئت أميمة أن رأت ظهري انحنى
لقلبي الهوى لما تغنيتـمـا لـيا وقد مضت نسبة هذه الصوات .أل يا حمامي قصر دوران هجتما
غنى في شعر هجى به علي بن الهيثم فأغرى الفضل بن الربيع به المين حتى ضربه ثم رضي عنه :حدثني جحظة قال حدثني
أحمد بن الحسين بن هشام أبو عبد الله قال حدثني أحمد بن الخليل ابن هشام قال :كان بين علويه وبين علي بن الهيثم جونقا
شر في عربدة وقعت بينهما بحضرة الفضل بن الربيع وتمادى الشر بينهما ،فغنى علويه في شعر هجاه به أبو يعقوب في حاجة،
:فهجاه وذكر أنه دعي .وكان جونقا يدعي أنه من بني تغلب ،فقال فيه أبو يعقوب
أنت عندي من الراقم حقا يا علي بن هيثم يا جونـقـا
فدبنقا لذا الحديث دبـنـقـا عربي وجـده نـبـطـي
فاستنارت لشهبها الفلك برقا قد أصابتك في التقرب عين
فانتهزه وقل له أنت شفقـا وللخريمي فيه أهاج كثيرة نبطية فغنى علويه لحنا صنعه وإذا قال إنـنـي عـربـي
في هذه البيات بحضرة المين وكان الفضل بن الربيع حاضرا فقال :يا أمير المؤمنين علي بن الهيثم كابني ،وإذا استخف به
فإنما استخف بي .فقال المين :خذوه ،فأخذوه وضرب ثلثين درة ،وأمر بإخراجه .فطرح علويه نفسه على كوثر فاستصلح له
.الفضل بن الربيع ،وترضى له المين حتى رضي عنه ووهب له خمسة آلف دينار
ادعى أنه لو شاء جعل الغناء كالجوز فرد عليه إسحاق بما أخجله :حدثني جعفر بن قدامة قال حدثني محمد بن عبد الله بن
:مالك قال حدثني مخارق قال :غنى علويه يوما بحضرة الواثق هذا الصوت :صوت
عنا وللدهـر إحـلء وإمـرار ولحنه ثقيل أول فاستحسنه الواثق وطرب من صاحب الدهر لم يحمد تصرفه
عليه .فقال علويه :والله لو شئت لجعلت الغناء في أيدي الناس أكثر من الجوز ،وإسحاق حاضر بين يدي الواثق ،فتضاحك ثم
قال :يا أبا الحسن ،إذا تكون قيمته مثل قيمة الجوز ،ليتك إذ قللته صنعت شيئا ،فكيف إذا كثرته فخجل علويه حتى كأنما ألقمه
.إسحاق حجرا ،ما انتفع بنفسه يومئذ
ترك موعد المأمون ليذهب إلى عريب ثم غناه بما صنعاه فاستظرفه :حدثني محمد بن يحيى الصولي قال حدثني عبد الله بن
:المعتز قال حدثني عبد الله الهشامي قال
قال لي علويه :أمرنا المأمون أن نباكره لنصطبح ،فلقيني عبد الله بن إسماعيل المراكبي مولى عريب ،فقال :أيها الظالم
المعتدي أما ترحم ول ترق ،عريب هائمة من الشوق إليك تدعو الله وتستحكمه عليك وتحلم بك في نومها كل ليلة ثلث مرات.
قال علويه :فقلت أم الخلفة زانية ،ومضيت معه .فحين دخلت قلت :استوثق من الباب ،فأنا أعرف الناس بفضول الحجاب،
فإذا عريب جالسة على كرسي تطبخ ثلث قدور من دجاج .فلما رأتني قامت فعانقتني وقبلتني وقالت :أي شيء تشتهي?
فقلت :قدرا من هذه القدور ،فأفرغت قدرا بيني وبينها فأكلنا ،ودعت بالنبيذ فصبت رطل فشربت نصفه وسقتني نصفه ،فما
زلت أشرب حتى كدت أن أسكر .ثم قالت :يا أبا الحسن ،غنيت البارحة في شعر لبي العتاهية أعجبني ،أفتسمعه مني
:وتصلحه? فغنت :صوت
صفا لي ول إن صرت طوع يديه عذيري من النسان ل إن جفوتـه
يروق ويصفو إن كدرت عـلـيه فصيرناه مجلسا .وقالت :قد بقي فيه شيء، وإني لمشتاق إلى ظل صـاحـب
فلم أزل أنا وهي حتى أصلحناه .ثم قالت :وأحب تغني أنت فيه أيضا لحنا ،ففعلت .وجعلنا نشرب على اللحنين مليا .ثم جاء
الحجاب فكسروا الباب واستخرجوني ،فدخلت إلى المأمون فأقبلت أرقص من أقصى اليوان وأصفق وأغني بالصوت ،فسمع
المأمون والمغنون ما لم يعرفوه فاستظرفوه ،وقال المأمون :ادن يا علويه ورده ،فرددته عليه سبع مرات .فقال لي في آخرها
:عند قولي
.يروق ويصفو إن كدرت عليه يا علويه خذ الخلفة وأعطني هذا الصاحب
.لحن عريب في هذا الشعر رمل .وفيه لعلويه لحنان :ثاني ثقيل ،وماخوري
سمع منه إبراهيم بن المهدي صوتين فحسده :وقال العتابي حدثني أحمد بن حمدون قال :غاب عنا علويه مدة ثم صار إلينا.
فقال له إبراهيم بن المهدي :ما الذي أحدثت بعدي من الصنعة يا أبا الحسن? قال :صنعت صوتين .قال :فهاتهما إذا؛ فغناه:
:صوت
تمتع بليلى ما بدا لك لـينـهـا أل إن لي نفسين نفسا تقول لـي
ونفسك ل تطرح على من يهينها لحن علويه في هذين البيتين خفيف ثقيل ونفسا تقول استبـق ودك واتـئد
قال :فرأيت إبراهيم بن المهدي قد كاد يموت من حسده وتغير لونه ولم يدر ما يقول له؛ لنه لم يجد في الصوت مطعنا ،فعدل
عن الكلم في هذا المعنى وقال :هذا يدل على أن ليلى هذه كانت من لينها مثل الموم بالبنفسج ،فسكت علويه .ثم سأله عن
.الصوت الخر فغناه
:صوت
فإن لجاري منهما ما تخـيرا إذا كان لي شيئان يا أم مالـك
أراه له أهل إذا كان مقتـرا والشعر لحاتم الطائي .لحن علويه في هذين وفي واحد إن لم يكن غير واحد
البيتين أيضا خفيف ثقيل .وقد روي أن إبراهيم الموصلي صنعه ونحله إياه ،وأنا أذكر خبره بعقب هذا الخبر قال أحمد بن
حمدون :فأتى والله بما برز على الول وأوفى عليه؛ وكاد إبراهيم يموت غيظا وحسدا لمنافسته في الصنعة وعجزه عنها .فقال
.له :وإن كانت لك امرأتان يا أبا الحسن حبوت جارك منهما واحدة? فخجل علويه وما نطق بصوت بقية يومه
نحله إبراهيم الموصلي صوتا فلم يظهره إل أمام المأمون :وحدثني عمي عن علي بن محمد عن جده حمدون هذا الخبر،
.ولفظه أقل من هذا
فأما الخبر الذي ذكرته عن علويه أن إبراهيم الموصلي نحله هذا الصوت .فحدثني جحظة قال حدثني ابن المكي المرتجل وهو
محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثني علويه قال :قال إبراهيم الموصلي يوما :إني قد صنعت صوتا وما سمعه مني أحد بعد ،وقد
أحببت أن أنفعك وأرفع منك بأن ألقيه عليك وأهبه لك ،ووالله ما فعلت هذا بإسحاق قط وقد خصصتك به ،فانتحله وادعه،
:فلست أنسبه إلى نفسي وستكسب به مال .فألقى علي قوله
فإن لجاري منهما ما تخيرا إذا كان لي شيئان يا أم مالك
فأخذته وادعيته وسترته طول أيام الرشيد خوفا من أتهم فيه وطول أيام المين حتى حدث عليه ما حدث .وقدم المأمون من
خراسان وكان يخرج إلى الشماسية دائما يتنزه ،فركبت في زلل وجئت أتبعه ،فرأيت حراقة علي بن هشام ،فقلت للملح:
اطرح زللي على الحراقة ففعل ،واستؤذن لي فدخلت وهو يشرب مع الجواري وما كانوا يحجبون جواريهم في ذلك الوقت ما
لم يلدن فإذا بين يديه متيم وبذل من جواريه ،فغنيته الصوت فاستحسنه جدا وطرب عليه وقال :لمن هذا? فقلت :هذا صوت
صنعته وأهديته لك ،ولم يسمعه أحد قبلك ،فازداد به عجبا وطربا وقال لها :خذيه عنه ،فألقيته عليها حتى أخذته ،فسر بذلك
وطرب ،وقال لي :ما أجد لك مكافأة على هذه الهدية إل إن أتحول عن هذه الحراقة بما فيها وأسلمه إليك أجمع .فتحول إلى
أخرى ،وسلمت الحراقة بخزانتها وجميع آلتها إلي وكل شيء فيها ،فبعث ذلك بمائة وخمسين ألف درهم واشتريت بها ضيعتي
.الصالحية
غنى المأمون لحنا في بيت لم يعرفه أحد ثم عرف بعد :حدثني جحظة قال ابن المكي المرتجل عن أبيه قال قال إسحاق بن
حميد كاتب أبي الرازي ،وحدثني به عمي قال حدثني عبد الله بن أبي سعد قال حدثني حسان بن محمد الحارثي عن إسحاق
:بن حميد كاتب أبي الرازي قال :غنى علويه العسر يوما بين يدي المأمون
لهند فمن هذا يبلغه هـنـدا فقال المأمون :اطلبوا لهذا البيت ثانيا فلم يعرف، تخيرت من نعمان عود أراكة
وسأل كل من بحضرته من أهل الدب والرواة والجلساء عن قائل هذا الشعر فلم يعرفه أحد .فقال إسحاق بن حميد :لما رأيت
ذلك عنيت بهذا الشعر وجهدت في المسألة وطلبته ببغداد عند كل متأدب وذي معرفة فلم يعرفه .وقلد المأمون أبا الرازي كور
دجلة وأنا أكتب له ،ثم نقله إلى اليمامة والبحرين .قال إسحاق ابن حميد :فلما خرجنا ركبت مع أبي الرازي في بعض الليالي
على حمارة ،فابتدأ الحادي يحدو بقصيدة طويلة ،وإذا البيت الذي كنت أطلبه ،فسألته عنها فذكر أنها للمرقش الكبر ،فحفظت
:منها هذه البيات
وإن لم تكن هند لرضكما قصدا خليلي عوجا بارك الله فيكـمـا
ولكننا جزنا لنلقـاكـم عـمـدا وقول لها ليس الضلل أجازنـا
لهند فمن هذا يبلـغـه هـنـدا تخيرت من نعمان عـود أراكة
فل أودا فيه استنبت ول خضدا وأنطيته سيفي لكيمـا أقـيمـه
مهاري يقطعن الفلة بنا وخـدا ستبلغ هندا إن سلمنـا قـلئص
إليهم وجدناهم لنا بالقرى حشـدا فلما أنحنا العيس قد طار سيرها
وقلت لها يا هند أهلكتنا وجـدا فناولتها المسواك والقلب خـائف
إليه وقالت ما أرى مثل ذا يهدى فمدت يدا في حسن دل تـنـاول
وقامت تجر الميساني والبـردا وأقبلت كالمجتـاز أدى رسـالة
وما التمست إل لتقتلني عـمـدا تعرض للحـي الـذين أريدهـم
من الوحش مرتاع طل فـردا قال :فكتب بها إلى المأمون فاستحسنت فما شبه هند غير أدمـاء خـاذل
:ورويت ،وأمر علويه فصنع في البيتين الولين منها غناء يشبه .أغاني علويه في هذه البيات :اللحن الول في قوله
تخيرت من نعمان عود أراكة غناه علويه وليس اللحن له ،اللحن لبراهيم خفيف ثقيل بالبنصر .ولحنه الثاني الذي أمره أن
:يصنعه في
.خليلي عوجا بارك الله فيكما رمل
دفع إلى المعتصم رقعة في أمر رزقه ثم غناه بشعر لبن هرمة :حدثني جعفر بن قدامة قال حدثني محمد بن عبد الله بن
مالك قال :عرض علويه على المعتصم رقعة في أمر رقعة في أمر رزقه وإقطاعه وهو يشرب دفعها إليه من يده ،فلما أخذها
:اندفع علويه يغني :صوت
فإذا قرأت صحيفتي فتفهـم إني أستحيتك أن أفوه بحاجتي
أحدا ول أظهرته بتـكـلـم فقرأ المعتصم الرقعة وهو يضحك ،ثم وقع له فيها بما وعليك عهد الله إن خبرتـه
.أراد
الشعر لبن هرمة كتب به إلى بعض آل أبي طالب وهو إبراهيم بن الحسن يطلب منه نبيذا وقد خرج هو وأصحابه إلى السيالة
،:فكتب إليه البيت الول على ما رويناه ،والثاني غيره المغنون ،وهو
أهل السيالة إن فعلت وإن لم فلما قرأ الرقعة قال :علي عهد الله إن لم أعلم به وعليك عهد الله إن أعلمتـه
عامل السيالة .وكتب إلى عامل السيالة :إن ابن هرمة وأصحابا له سفهاء يشربون بالسيالة ،فاركب إليهم ونذروا به ،فهرب،
:وقال يهجو إبراهيم
وأدلي بالمودة والحقـوق كتبت إليك أستهدي نـبـيذا
وكنت أخا مفاضحة وموق حدثني بذلك الحرمي بن أبي العلء قال حدثنا الزبير .وقد فخيرت المير بذاك جهل
.ذكرته في أخبار ابن هرمة .والغناء لعبادل
غنى هو ومخارق معترضين بفرس كميت للمعتصم فأعطاهما غيره :حدثني جعفر بن قدامة قال حدثني موسى بن هارون
الهاشمي قال حدثني أبي قال :كنت واقفا بين يدي المعتصم وهو جالس على حير الوحش والخيل تعرض عليه وهو يشرب وبين
:يديه علويه ومخارق يغنيان ،فعرض عليه فرس كميت أحمر ما رأيت مثله قط ،فتغامز علويه ومخارق ،وغناه علويه
وهبوا كل جواد وطمر فتغافل عنه .وغناه مخارق :وإذا ما شربوها وانتشوا
تحت أجللها وعيس الركاب فضحك ثم قال :اسكتا يا ابني الزانيتين ،فليس يملكه يهب البيض كالظباء وجـردا
:والله واحد منكما .قال :ثم دار الدور ،فغنى علويه
وهبوا كل بغال وحمر فضحك وقال :أما هذا فنعم ،وأمر لحدهما ببغل وللخر بحمار .وإذا ما شربوها وانتشوا
اجتمع مع أصحاب له عند زلبهزة ومعه هاشمي حصلوا منه بحيلة على مال :حدثني عمي قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال
حدثني محمد بن محمد البزاري قال :كنا عند زلبهزة النخاس ،وكانت عنده جارية يقال لها خشف ابتاعها من علويه ،وذلك في
شهر رمضان ،ومعنا رجل هاشمي من ولد عبد الصمد بن علي يقال له عبد الصمد ،وإبراهيم بن عمرو بن نهبون وكان يحبها،
:فأعطى بها زلبهزة أربعة آلف دينار فلم يبعها منه ،وبقيت معه حتى توفيت ،فغنتنا أصواتا كان فيها
إشارة محـزون ولـم تـتـكـلـم أشارت بطرف العين خيفة أهلـهـا
وأهل وسهل بالحبيب الـمـسـلـم فأيقنت أن الطرف قد قال مرحـبـا
وقلت لها قول امرئ غير معـجـم وأبرزت طرفي نحوها لجـيبـهـا
وقد سيط في لحمي هواك وفي دمي الغناء لبن عائشة ثقيل أول عن هنيئا لكم قتلي وصـفـو مـودتـي
الهشامي قال :فلما وثبنا للنصراف قال لنا وقد اشتد الحر :أقيموا عندي .فوجهت غلما معي وأعطيته دينارا وقلت له ابتع
فراريج بعشرة دراهم وثلجا بخمسة دراهم وعجل ،فجاء بذلك فدفعه إلى زلبهزة وأمره بإصلح الفراريج ألوانا ،وكتب إلى علويه
فعرفته خبرنا ،فجاءنا وأقام ،وأمطرنا عند زلبهزة ،وشرب منا من كان يستجيز الشراب ،وغنى علويه لحنا ذكر أنه لبن سريج
:ثقيل أول ،فاستغربه الجماعة ،وهو :صوت
ودك حتى عزني المطلب يا هند إن الناس قد أفسـدوا
عاش مهانا في أذى يتعب يا ليت من يسعى بنا كاذبـا
قد يغفر الله لمـن يذنـب هبيه ذنبا كنـت أذنـبـتـه
أن أرسلت هند وهي تعتب وقد شجاني وجرت دمعتي
ما أنت إل ساحر تخلـب ما هكذا عاهدتنا في منـى
غيرك ما عشت ول نطلب حلفت لي بالله ل تبتـغـي
قال :وقام عبد الصمد الهاشمي ليبول .فقال علويه :كل شيء قد عرفت معناه :أما أنت فصديق الجماعة ،وهذا يتعشق هذه،
وهذا مولها ،وأنا ربيتها وعلمتها ،وهذا الهاشمي أيش معناه فقلت لهم :دعوني أحكه وآخذ لزلبهزة منه شيئا .فقال :ل والله ما
أريد .فقلت له :أنت أحمق ،أنا آخذ منه شيئا ل يستحي القاضي من أخذه .فقال :إن كان هكذا فنعم .فقلت له إذا جاء عبد
الصمد فقل لي :ما فعل الجر الذي وعدتني به ،فإن حائطي قد مال وأخاف أن يقع ،ودعني والقصة .فلما جاء الهاشمي قال
لي زلبهزة ما أمرته به ،فقلت :ليس عندي آجر ،ولكن اصبر حتى أطلب لك من بعض أصدقائي ،وجعلت أنظر إلى الهاشمي
نظر متعرض به .قال الهاشمي :يا غلم دواة ورقعة ،فأحضر ذلك .فكتب له بعشرة آلف آجرة إلى عامل له ،وشربنا حتى
السحر وانصرفنا .فجئت برقعته إلى الجري ثم قلت :بكم تبيعه الجر? فقال :بسبعة وعشرين درهما اللف .قلت فبكم تشتريه
مني? قال :بنقصان ثلثة دراهم في اللف .فقلت :فهات ،فأخذت منه مائتين وأربعين درهما ،واشتريت منها نبيذا وفاكهة وثلجا
ودجاجا بأربعين درهما ،وأعطيت زلبهزة مائتي درهم وعرفته الخبر ،ودعونا علويه والهاشمي وأقمنا عند زلبهزة ليلتنا الثانية.
.فقال علويه :نعم الن صار للهاشمي عندكم موضع ومعنى
هو مصلي كل سابق في الصنعة والضرب وطيب الصوت :أخبرني جحظة قال حدثني أحمد بن حمدون قال حدثني أبي قال:
قال لنا الواثق يوما :من أحذق الناس بالصنعة? قلنا إسحاق? قال :ثم من? قلنا :علويه .قال :فمن أضرب الناس? قلنا :ثقيف .
قال :ثم من? قلنا :علويه? قال :فمن أطيب الناس صوتا? قلنا :مخارق .قال :ثم من? قلنا :علويه .قال :اعترفتم بأنه مصلي كل
.سابق ،وقد جمع الفضائل كلها وهي متفرقة فيهم ،فما ثم ثان لهذا الثالث
غنى المأمون في دمشق بما أسره فغضب عليه وشتمه :وحدثني جحظة قال حدثني محمد بن أحمد المكي المرتجل قال
حدثني أبي قال :دخلت إلى علويه أعود من علة اعتلها ثم عوفي منها ،فجرى حديث المأمون ،فقال لي :كدت علم الله أذهب
دفعة ذات يوم وأنا معه لول أن الله تعالى سلمني ووهب لي حلمه .فقلت :كيف كان السبب في ذلك? فقال :كنت معه لما
خرج إلى الشام ،فدخلنا دمشق فطفنا فيها ،وجعل يطوف على قصور بني أمية ويتبع آثارهم ،فدخل صحنا من صحونهم ،فإذا
هو مفروش بالرخام الخضر كله وفيه بركة ماء يدخلها ويخرج منها من عين تصب إليها ،وفي البركة سمك ،وبين يديها بستان
على أربع زواياه أربع سروات كأنها قصت بمقراض من التفافها أحسن ما رأيت من السرو قط قدا وقدرا .فاستحسن ذلك،
وعزم على الصبوح ،وقال :هاتوا لي الساعة طعاما خفيفا ،فأتي ببزماورد فأكل ،ودعا بشراب ،وأقبل علي وقال :غني
:ونشطني ،فكأن الله عز وجل أنساني الغناء كله إل هذا الصوت
تنطق رجال أراهم نطقوا فنظر إلي مغضبا وقال :عليك وعلى بني أمية لعنه الله لو كان حولي بنو أمية لم
ويلك أقلت لك سؤني أو سرني ألم يكن لك وقت تذكر فيه بني أمية إل هذا الوقت تعرض بي .فتحيلت عليه وعلمت أني قد
أخطأت ،فقلت :أتلومني على أن أذكر بني أمية هذا مولكم زرياب عندهم يركب في مائتي غلم مملوك له ،ويملك ثلثمائة
ألف دينار وهبوها له سوى الخيل والضياع والرقيق ،وأنا عندكم أموت جوعا .فقال أو لم يكن لك شيء تذكرني به نفسك غير
:هذا فقلت :هكذا حضرني حين ذكرتهم فقال :اعدل عن هذا وتنبه على إرادتي .فأنساني الله كل شيء أحسنه إل هذا الصوت
أرضى دمشق لهلنا بـلـدا فرماني بالقدح فأخطأني فانكسر القدح ،وقال: الحين ساق إلى دمشق ولم أكن
قم عني إلى لعنة الله وحر سقر ،وقام فركب .فكانت والله تلك الحال آخر عهدي به ،حتى مرض ومات .قال :ثم قال لي :يا
أبا جعفر كم تراني أحسن أغني ثلثة آلف صوت ،أربعة آلف صوت ،خمسة آلف صوت ،أنا والله أغني أكثر من ذلك ،ذهب
علم الله كله حتى كأني لم أعرف غير ما غنيت .ولقد ظننت أنه لو كانت لي ألف روح ما نجت منه واحدة منها ،ولكنه كان رجل
.حليما ،وكان في العمر بقية
نسبة هذين الصوتين المذكورين
:في الخبر
:صوت
تنطق رجال أراهم نطقوا لو كان حولي بنو أمية لم
عن منكبيه القميص ينخرق الشعر لعبد الله بن قيس الرقيات .والغناء لمعبد، من كل قرم محض ضرائبه
ثقيل أول بالوسطى عن عمرو ،وذكر الهاشمي أنه لبن سريج .وذكر ابن خرداذبه أن فيه لدكين بن عبد الله بن عنبسة بن
.سعيد بن العاصي لحنا من الثقيل الول ،وأن دكينا مدني كان منقطعا إلى جعفر بن سليمان
:صوت
كانت دمشق لهلنا بلـدا الحين ساق إلى دمشق وما
وأريت أمر غواية رشدا لعمر الوادي في هذا الشعر ثقيل أول بالوسطى عن ابن قادتك نفسك فاستقدت لها
.المكي .قال :وفيه ليعقوب الوادي رمل بالبنصر
اعترض علي خضابه فأجاب :حدثني عمي قال حدثنا هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات قال سمعت الحسن بن وهب
الكاتب يحدث :أن علويه كان يصطبح في يوم خضابه مع جواريه وحرمه ،ويقول :أجعل صبوحي في أحسن ما يكون عند
جواري .فقيل له :إن ابن سيرين كان يقول :لبأس بالخضاب ما لم تغرر به امرأة مسلمة .فقال :إنما كره لئل يتصنع به لمن ل
.يعرفه من الحرائر فيتزوجها على أنه شاب وهو شيخ ،فأما الماء فهن ملكي ،وما أريد أن أغرهن
:قال الحسن :فتعالل علويه على المعتصم ثلثة أيام متوالية واصطبح فيها ،فدعاني ،وكان صوته على جواريه في شعر الخطل
حتى تسربل مثل الورس وانتعل فقال لي :كيف رويته? فقلت له :قرأت شعر كأن عطارة باتت تـطـيف بـه
الخطل وكان أعلم الناس به ،كان يختار ،تسرول ،ويقول :إنما وصف ثورا دخل روضة فيها نوار أصفر فأثر في قوائمه وبطنه
.فكان كالسراويل ،ل أنه صار له سربل .ولو قال :تسربل أيضا لم يكن فاسدا ،ولكن الوجه تسرول
مدح إسحاق لحنا له :خبرني جعفر بن قدامة قال حدثني علي بن يحيى المنجم قال :قدمت من سر من رأى قدمة بعد طول
غيبة ،فدخلت إلى إسحاق الموصلي ،فسلم علي وسألني خبري وخبر الناس حتى انتهيا إلى ذكر الغناء ،فسألني عما يتشاغل
:الناس من الصوات المستجادة .فقلت له :تركت الناس كلهم مغرمين بصوت لك .قال :وما هو? فقلت
.أل يا حمامي قصر دوران هجتما فقال :ليس ذلك لي ،ذاك لعلويه .وقد لعمري أحسن فيه وجود ما شاء
قال المأمون أبياتا فغناه فيها فوصله :أخبرني جعفر بن قدامة قال حدثني محمد بن عبد الله بن مالك الخزاعي قال حدثني
:علويه قال :خرج المأمون يوما ومعه أبيات قد قالها وكتبها في رقعة بخطه ،وهي :صوت
هناك غزال أدعج العـين أخـور خرجنا إلى صيد الظباء فصادنـي
وفي خده الشعرى المنيرة تزهـر غزال كأن البدر حـل جـبـينـه
وسهم غزال النس طرف ومحجر فصاد فؤادي إذا رماني بسهـمـه
أخا قنص يصطاد قهرا ويقـسـر قال :فغنيته فيها ،فأمر لي بعشرة آلف فيا من رأى ظبيا يصيد ومـن رأى
.درهم
.قال أبو القاسم جعفر بن قدامة :لحن في هذا الشعر ثقيل أول ابتداؤه نشيد
:غنى في مجلس الرشيد بما أغضبه عليه :أخبرني محمد بن مزيد قال حدثني حماد عن أبيه قال :غنيت الرشيد يوما
وبالشباب على شيبتي يدلن فطرب وأمر لي بألف دينار .فقال له ابن مجامع هما فتاتان لما يعرفا خلقي
وكان أحسد الناس :اسمع غناء العقلء ودع غناء المجانين وكنت أخذت هذا الصوت من مجنون بالمدينة كان يجيده ثم غنى
:قوله
كالمها يلعبن في حجرتها ولقد قالت لتراب لـهـا
وغدت تسعى إلى قبتهـا فطرب وأمر له بألف وخمسمائة دينار .ثم تغنى وجه خذن عني الظل ل يتبعني
:القرعة
أحكم فيها القتير والحلق فاستحسنه وشرب عليه وأمر له بخمسمائة دينار .ثم تغنى يمشون فيها بكل سابـغة
:علويه
فقد الشباب وقد يصلن المردا فدعاه الرشيد وقال له :يا عاض بظر أمه تغني وأرى الغواني ل يواصلن أمرأ
في مدح المرد وذم الشيب وستارتي منصوبة وقد شبت كأنك إنما عرضت بي ثم دعا بمسرور فأمره أن يأخذ بيده فيضربه
ثلثين درة ول يرده إلى مجلسه ففعل ذلك ،ولم ينتفع الرشيد يومئذ بنفسه ول انتفعنا به بقية يومنا ،وجفا علويه شهرا فلم يأذن
.له حتى سألناه فأذن له
:نسبة هذه الصوات التي تقدمت :صوت
.وإسماعيل بن عمار شاعر ،مقل ،مخضرم من شعراء الدولتين الموية والهاشمية .وكان ينزل الكوفة
كان ممن يختلف إلى ابن رامين وجواريه :قال ابن حبيب :كان في الكوفة صاحب قيان يقال له ابن رامين ،قدمها من الحجاز؛
فكان من يسمع الغناء ويشرب النبيذ يأتونه ويقيمون عنده :مثل يحيى بن زياد الحارثي ،وشراعة ابن الزندبوذ ،ومطيع بن إياس،
وعبد الله بن العباس المفتون ،وعون العبادي الحيري ،ومحمد بن الشعث الزهري المغني .وكان نازل في بني أسد في جيران
إسماعيل بن عمار ،فكان إسماعيل يغشاه ويشرب عنده .ثم انتقل من جواره إلى بني عائذ الله ،فكان إسماعيل يزوره هناك
على مشقة لبعد ما بينهما .وكان لبن رامين جوار يقال لهن سلمة الزرقاء ،وسعدة ،وربيحة وكن من أحسن الناس غناء،
:واشترى بعد ذلك محمد بن سليمان سلمة الزرقاء التي يقول فيها محمد بن الشعث
صدع مقيم طوال الدهر والبـد أمسى لسلمة الزرقاء في كبـدي
وكيف يشعب صدع الحب في كبد قصيدة له في جواري ابن رامين :وفي ل يستطيع صناع القوم يشعـبـه
:جواريه يقول إسماعيل بن عمار
صبا وصب إلى رئم ابن رامـين هل من شفاء لقلب لج مـحـزون
بحسنهـا وسـمـاع دي أفـانـين إلى ربيحة إن اللـه فـضـلـهـا
ولثغة بعد في زاي وفـي سـين وهاج قلبي منها مضحك حـسـن
وأنت تأبين لؤما أن تطـيعـينـي نفسي تأبى لـكـم إل طـواعـية
وأنت تتلينها مـا ذاك فـي الـدين وتلك قسمة ضيزى قد سمعت بهـا
وإن ضننت به عني فـزنـينـي إن تسعفيني بذاك الشيء أرض به
من الجوى فانفثي في في وارقيني أنت الطبيب لداء قد تلـبـس بـي
أضنيتني يوم دير اللج فاشفـينـي نعم شفاؤك منها أن تقـول لـهـا
عين وليس لنا غـير الـبـراذين يا رب إن ابن رامين لـه بـقـر
يرضى به منك غير الربرب العين لو شئت اعطيته مال علـى قـدر
باللج شرقيه فـوق الـدكـاكـين ل أنس سعدة الزرقاء يوم هـمـا
بالمسجحي وتشبيب المـحـبـين يغنين ابن رامين عـلـى طـرب
فراشي الورد في بستان شـورين أذاك أنعـم أم يوم ظـلـلـت بـه
بالجردناج وسحاج الـشـقـابـين يشوي لنا الشيخ شورين دواجـنـه
يمشي الصحاء ممنه كالمجانـين نسقى طلء لعمـران يعـتـقـه
كأنها ثقل يقلـعـن مـن طـين يزل أقدامنا من بعد صـحـتـهـا
مشي الوز التي تأتي من الصـين نمشي وأرجلنا مـطـوية شـلـل
سوى العصي إلى يوم السعـانـين أو مشي عميان دير ل دليل لـهـم
تيم بـن مـرة ل تـيم الـعـديين وفي فتية من بني تميم لهوت بهـم
حسناء شمطاء وافت من فلسطين خمر الوجوه كأنا من تحشـمـنـا
ول ابن رامين لول ما يمـنـينـي ما عائذ الله لول أنت من شجـنـي
إل وجئت على قلبي بـسـكـين في عائذ الله بيت ما مـررت بـه
أنس لنك فـي دار ابـن رامـين يا سعدة القينة الخضراء أنت لـنـا
حتى رأيت إليك القلب يدعـونـي ما كنت أحسب أن السد تؤنسنـي
نفسي إليك ولو مثلت مـن طـين باع ابن رامين سلمة في حجه فقال هو لول ربيحة ما استأنست ما عمـدت
شعرا :قال :وحج ابن رامين وحج بجواريه معه ،وكان محمد بن سليمان إذ ذاك على الحجاز ،فاشترى منه سلمة الزرقاء بمائة
:ألف درهم .فقال إسماعيل بن عمار
حال الـمـحـبـين الـمــســـاكـــين أية حـــال يا ابــــن رامـــــــين
قد جـرعــوا مـــنـــك المـــرين تركـتـهـم مـوتـى ومــا مـــوتـــوا
ركـــب تـــهـــام ويمـــانـــين وسـرت فـي ركـب عــلـــى طـــية
حججت بيت الله تبغي به البر ولم ترث لمحرون
جارا وأبعد منه صالح الـنـاس فقرب الله منـه مـثـلـه أبـدا
عليه من داخل حراس أحـراس جار له باب ساج مغـلـق أبـدا
يدعون مثلهم ما ليس مـن نـاس عبد وعبد وبـنـتـاه وخـادمـه
وما بهم غير جهد الجوع من باس صفر الوجوه كأن السل خامرهـم
في بطن خنزيرة في دار كنـاس له بنون كـأطـبـاء مـعـلـقة
تظنهم خرجوا من قعر أرمـاس إن يفتح الباب عنهم بعد عاشـرة
بالنجم بين سـللـيم وأمـراس فليت دار ابن درباس مـعـلـقة
وابتعت دارا بغلماني وأفراسـي وقال :قال فيه أيضا :فكان آخر عهدي مـنـهـم أبـدا
وجــوادي وحـــمـــاري ليت بـرذونـي وبـغــلـــي
ت غـدا جـارا بـــجـــار كن فـي الـنــاس وأبـــدل
س وإل بـــعــــت داري جار صـدق بـابــن دربـــا
يمـــن أو مـــن نـــزار فتـبـدلـــت بـــه مـــن
ه ومـا حـق الـــجـــوار بدل يعــرف مـــا الـــل
طاب لـيلـي ونــهـــاري لو تـبـــدلـــت ســـواه
ه صـغـار أو كـــبـــار واسـتـرحـنـا مـن بـــليا
لو جزيناه بها كنا جميعا في فجار
داخـل تـحـت الـشـعــار كتب إلى ابن أخيه شعرا من الحبس فأجابه :قال :فلما قال فيه أو سكتنا كان ذل
الشعر استعدى عليه السلطان ،وذكر أنه من الشراة ،وأنهم مجتمعون عنده ،وأنه من دعاة عبد الله بن يحيى وأبي حمزة
:المختار .فكتب من السجن إلى ابن أخ له يقال له معان
قول وما عالم كمن جهـل أبلغ معانا عنـي وأخـوتـه
يعدون طورا وتارة رمـل بأنني والمصبحـات مـنـى
إياي بعد الصفا قـد أفـل لخـائف أن يكـون ودكـم
أصبح منها الفؤاد مشتعـل أئن عراني دهري بـنـائبة
ظننتم ما أصابنـي جـلـل حاولتم الصرم أو لعـلـكـم
أصبحت ل أبتغي بكم بـدل ل تغفلونا بني أخي فلـقـد
فإن خير الخوان من وصل قال :فكتب إليه ابن أخيه :تمسكوا بالذي امتسكـت بـه
كر وفارقت سجنهم عجـل يا عم عوفيت من عذابهم الن
أرسل من كان قبلنا مـثـل كتبت تشكو بني أخيك وقـد
فأنت يا عم تبتغي العـلـل أبدأهم بالصراخ ينهـزمـوا
دار بلء مكـبـل جـلـل زعمت أنا نرى بلءك فـي
أما وفي رجلك الكبول فـل يا عم بئس الفتيان نـحـن إذا
للبيت عامين حافـيا رجـل علي إن كنت صادقا حجـج
له خلصا وأحسن المـل أطلقه الحكم بن الصلت من السجن وشعره فيه حين بعد عنك الهموم فارج من ال
عزل :قال :ثم ولي الحكم بن الصلت فأطلقه وأحسن إليه ،فلم يزل يشكره ويمدحه .ثم عزل الحكم بعد ذلك ،فقال إسماعيل
:فيه
كوفة أن لم يكن بها الحـكـم تبـارك كـيف أوحـشـت ال
كامل فيه العفاف والـفـهـم الحكم العذل فـي رعـيتـه ال
منبر كالـكـل مـن أب يتـم فأصبح القصر والسريران وال
والمبتر المشـرفـي يلـتـدم يذري عليه السرير عـبـرتـه
ن الصلت يبكون كلما ظلمـوا والناس من حسن سيرة الحكم ب
إل عـدوا عـلـيه يتـهــم مثل السكارى في فرط وجدهم
ينزع منه القرطاس والقـلـم يوم جرى طائر النحوس لـهـم
أرغم هود القرود إذ رغمـوا فأرغم اللـه حـاسـديه كـمـا
والله ممن عـصـاه ينـتـقـم في سبتهم يوم كاب خطـبـهـم
للناس عهـد يوفـى ول ذمـم إنا إلى اللـه راجـعـون أمـا
من لذة العيش ،بئسما حكمـوا حول علينا ،ولـيلـتـان لـنـا
يقضي لضيزائها التي قسمـوا ل حكـم إل الـلـه يظـهـره
إن كان من شأنها الذي زعموا ذم ولية خالد القسري :ماذا ترجي من عيشها مـضـر
صفحة 1299 :
وقال ابن حبيب :سمع إسماعيل بن عمار رجل ينشد أبياتا للفرزدق يهجو بها عمر بن هبيرة الفزاري لما ولي العراق ويعجب
من وليته إياها ،وكان خالد القسري في تلك اليام العراق ،فقال إسماعيل :أعجب والله مما عجب منه الفرزدق من ولية ابن
:هبيرة ،وهو ما لست أراه يعجب منه ،ولية خالد القسري وهو مخنث دعي ابن دعي ،ثم قال
عنها أمية بالمـشـارق تـنـزع عجب الفرزدق من فزارة أن رأى
أمر تطير له القلـوب وتـفـزع فلقد رأى عجبا وأحـدث بـعـده
فالن من قسر تضج وتـجـزع بكت المنابر من فزارة شجـوهـا
لله در ملوكنـا مـا تـصـنـع فملوك خندف أضرعونا لـلـعـدا
سفها وغيرهم ترب وتـرضـع شعر له في عينه وقلبه :أخبرني حبيب بن نصر كانوا كقاذفة بـينـهـمـا ضـلة
المهلبي قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثنا عبد الله بن سعيد ابن أسيد العامري قال حدثني محمد بن أنس السدي
قال :شعر له في عينه وقلبه :جلست إلى إسماعيل بن عمار ،وإذا هو يفتل أصابعه متأسفا ،فقلت :علم هذا التأسف والتلهف?
:فقال
والقلب حران مبتلى بهما عيناي مشؤمتان ويحهمـا
يا ليتني قبل ذا عدمتهمـا عرفتاه الهوى لظلمهـمـا
ذل على من أحب دمعهما هما إلى الحين دلتا وهمـا
سبب كل البلء غيرهمـا شعر للعشى وشرحه :صوت :سأعذر القلب في هواه وما
ك حتى تناخي بأبوابها فكعبة نجران حتم علي
وقيسا هم خير أربابها نزور يزيد وعبد المسيح
ن والمسمعات بقصابها وشاهدنا الجل والياسمي
فأي الثلثة أزرى بها وبربطنا دائم معـمـل
وجرو أسافل هدابهـا إذا الحبرات فلوت بهم
ومدت إلي بأسبابـهـا عروضه من المتقارب .الشعر للعشى يمدح بني عبد المدان فلما التقينا عـلـى آية
الحارثيين من بني الحارث بن كعب .والغناء لحنين ،خفيف ثقيل بالوسطى في مجراها عن إسحاق .وذكر يونس أن فيه لحنا
:لمالك ،وزعم عمرو بن بانة أنه خفيف ثقيل .وزعم أبو عبد الله الهشامي أن فيه لبن المكي خفيف رمل بالوسطى أوله
تنازعني إذ خلت بردها ومعه باقي البيات مخلطة مقدمة ومؤخرة .والكعبة التي عناها العشى ها هنا يقال إنها بيعة بناها بنو
عبد المدان على بناء الكعبة ،وعظموها مضاهاة للكعبة ،وسموها كعبة نجران ،وكان فيها أساقفة يقيمون ،وهم الذين جاءوا إلى
النبي صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى المباهلة ،وقيل :بل هي قبة من أدم سموها الكعبة .وكان إذا نزل بها مستجير أو أجير،
أو خائف أمن ،أو طالب حاجة قضيت ،أو مسترفد أعطي ما يريده .والمسمعات :القيان .والقصاب :أوتار العيدان .وقال
الصمعي :قلت لبعض العراب :أنشدني شيئا من شعرك .قال :كنت أقول الشعر وتركته .فقلت :ولم ذاك? قال :لنني قلت
شعرا وغنى فيه حكم الوادي وسمعته فكاد يذهل عقلي ،فآليت أل أقول شعرا ،وما حرك حكم قصابه إل توهمت أن الله عز
.وجل مخلدي بها في النار
:وأخبارهم مع غيره
كان العشى قدريا ولبيد مجبرا :أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثنا أحمد بن الهيثم بن فراس قال حدثنا العمري
:عن الهيثم بن عدي عن حماد الراوية عن سماك بن حرب عن يونس بن متى راويةالعشى قال :كان لبيد مجبرا حيث يقول
ناعم البال ومن شاء أضل وكان العشى قدريا حيث يقول :من هداه سبل الخير اهتدى
عدل وولى الملمة الرجل فقلت له :من أين أخذ هذا? فقال :أخذه من أساقفة استأثر الله بالوفـاء وبـال
نجران .وكان يعود في كل سنة إلى بني عبد المدان ،فيمدحهم ويقيم عندهم يشرب الخمر معهم وينادمهم ،ويسمع من أساقفة
.نجران قولهم؛ فكل شيء في شعره من هذا فمنهم أخذه
فأما خبر مباهلتهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرني به علي بن العباس بن الوليد البجلي المعروف بالمقانعي الكوفي قال
أنبأنا بكار بن أحمد بن اليسع الهمداني قال حدثنا عبد الله بن موسى عن أبي حمزة عن شهر بن حوشب .قال بكار وحدثنا
إسماعيل بن أبان العامري عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليه السلم ،وحديثه
أتم الحاديث .وحدثني به جماعة آخرون بأسانيد مختلفة وألفاظ تزيد وتنقص :فمن حدثني به علي بن أحمد بن حامد التميمي
قال حدثنا الحسن بن عبد الواحد قال حدثنا حسن بن حسين عن حيان بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ،وعن
الحسن بن الحسين عن محمد بن بكر عن محمد بن عبد الله بن علي بن أبي رافع عن أبيه عن جده عن أبي رافع .وأخبرني
علي بن موسى الحميري في كتابه قال حدثنا جندل بن والق قال حدثنا محمد ابن عمر عن عباد الكليبي عن كامل أبي العلء
عن أبي صالح عن ابن عباس .وأخبرني أحمد بن الحسين بن سعد بن عثمان إجازة قال حدثنا أبي قال حدثنا حصين بن مخارق
عن عبد الصمد بن علي عن أبيه عن ابن عباس .قال الحصين وحدثني أبو الجارود وأبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر ،قال
وحدثني حمد بن سالم وخليفة بن حسان عن زيد بن علي عليه السلم .قال حصين وحدثني سعيد بن طريف عن عكرمة عن
ابن عباس .وممن حدثني أيضا بهذا الحديث علي بن العباس عن بكار عن إسماعيل بن أبان عن أبي أويس المدني عن جعفر
بن محمد وعبد الله والحسن ابني الحسن .وممن حدثني به أيضا محمد بن الحسين الشناني قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق
الراشدي قال حدثني يحيى بن سالم عن جابر عن أبي جعفر عليه السلم .وممن أخبرني به أيضا الحسين بن حمدان بن أيوب
الكوفي عن محمد بن عمرو الخشاب عن حسين الشقر عن شريك عن جابر عن أبي جعفر ،وعن شريك عن المغيرة عن
:الشعبي ،واللفظ للحديث الول .قالوا
قدم وفد نصارى نجران وفيهم السقف ،والعاقب وأبو حبش ،والسيد ،وقيس ،وعبد المسيح ،وابن عبد المسيح الحارث وهو
غلم ،وقال شهر بن حوشب في حديثه :وهم أربعون حبرا حتى وقفوا على اليهود في بيت المدارس ،فصاحوا بهم :يا بن صوريا
يا كعب بن الشراف ،انزلوا يا إخوة القرود والخنازير .فنزلوا إليهم ،فقالوا لهم :هذا الرجل عندكم منذ كذا وكذا سنة قد غلبكم
أحضروا الممتحنة لنمتحنه غدا .فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح ،قاموا فكبروا بين يديه ،ثم تقدمهم السقف فقال:
يا أبا القاسم ،موسى من أبوه? قال :عمران .قال :فيوسف من أبوه? قال :يعقوب .قال :فأنت من أبوك? قال :إني عبد الله بن
عبد المطلب .قال :فعيسى من أبوه? فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله؛ فانقض عليه جبريل عليه السلم فقال :
إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب فتلها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنزا السقف ثم دير به مغشيا
عليه ،ثم رفع رأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له :أتزعم أن الله جل وعل أوحي إليك أن عيسى خلق من تراب ما
نجد هذا فيما أوحي إليك ،ول نجده فيما أوحي إلينا؛ ول تجده اليهود فيما أوحي إليهم .فأوحى الله تبارك وتعالى إليه :فمن
حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع آبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة
الله على الكاذبين .فقال :أنصفتنا يا أبا القاسم ،فمتى نباهلك? فقال :بالغداة إن شاء الله تعالى .وانصرف النصارى،
وانصرفت اليهود وهي تقول :والله ما نبالي أيهما أهلك الله الحنيفية أو النصرانية .فلما صارت النصارى إلى بيوتها قالوا؛ والله
إنكم لتعلمون أنه نبي ،ولئن باهلناه إنا لنخشى أن نهلك ،ولكن استقيلوه لعله يقيلنا .وغدا النبي صلى الله عليه وسلم من الصبح
وغدا معه بعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم .فلما صلى الصبح ،انصرف فاستقبل الناس بوجهه ،ثم برك
باركا ،وجاء بعلي فأقامه بين يديه ،وجاء بفاطمة فأقامها بين كتفيه ،وجاء بحسن فأقامه عن يمينه ،وجاء بحسين فأقام عن
يساره .فأقبلوا يستترون بالخشب والمسجد فرقا أن يبدأهم بالمباهلة إذا رآهم ،حتى بركوا بين يديه ،ثم صاحوا :يا أبا القاسم،
أقلنا أقالك الله عثرتك .فقال النبي صلى الله عليه وسلم :نعم قال :ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا قط إل أعطاه
فقال :قد أقلتكم فولوا .فلما ولوا قال النبي صلى الله عليه وسلم :أما والذي بعثني بالحق لو باهلتهم ما بقي على وجه
الرض نصراني ول نصرانية إل أهلكهم الله تعالى .وفي حديث شهر بن حوشب أن العاقب وثب فقال :أذكركم الله أن نلعن
.هذا الرجل فوالله لئن كان كاذبا ما لكم في ملعنته خير ،ولئن كان صادقا ل يحول الحول ومنكم نافخ ضرمة فصالحوه ورجعوا
خبر قبة نجران :وأما خبر القبة التي ذكرها العشى فأخبرني بخبرها عمي وحبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عبد الله بن أبي
سعد قال حدثني علي بن عمرو النصاري عن هشام بن محمد عن أبيه قال :كان عبد المسيح بن دارس بن عربي بن معيقر
من أهل نجران ،وكانت له قبة من ثلثمائة جلد أديم ،وكان على نهر بنجران يقال النحيردان .قال :ولم يأت القبة خائف إل أمن،
ول جائع إل شبع؛ وكان يستغل من ذلك النهر عشرة آلف دينار ،وكانت القبة تستغرق ذلك كله .وكان أول من نزل نجران من
بني الحارث بن كعب يزيد بن عبد المدان بن الديان .وذلك أن عبد المسيح بن دارس زوج يزيد بن عبد المدان ابنته رهيمة،
فولدت له عبد الله بن يزيد ،فهم بالكوفة .ومات عبد المسيح ،فانتقل ماله إلى يزيد؛ فكان أول حارثي حل في نجران .وفي
:ذلك يقول أعشى قيس بن ثعلبة
ك حتى تناحي بأبوابها فكعبة نجران حتم علي
وقيسا هم خير أربابها خطب يزيد بن عبد المدان وعامر بن المصطلق بنت أمية بن نزور يزيد وعبد المسيح
السكر فزوجها ليزيد :أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدثني عمي عن العباس بن هشام عن أبيه قال حدثني بعض بني
:الحارث بن كعب ،وأخبرني عمي قال حدثني عبد الله بن أبي سعد قال حدثني عبد الله بن الصباح عن ابن الكلبي عن أبيه قال
اجتمع يزيد بن عبد المدان وعامر بن الطفيل بموسم عكاظ ،وقدم أمية بن السكر الكناني ومعه ابنة له من أجمل أهل
زمانها ،فخطبها يزيد وعامر .فقالت أم كلب امرأة أمية بن السكر :من هذان الرجلن .فقال :هذا يزيد بن عبد المدان بن
الديان ،وهذا عامر بن الطفيل .فقالت :أعرف بني الديان ول أعرف عامرا .فقال :هل سمعت بملعب السنة ? فقالت :نعم.
قال :فهذا ابن أخيه .وأقبل يزيد فقال :يا أمية ،أنا ابن الديان صاحب الكثيب ،ورئيس مذحج ،ومكلم العقاب ومن كان يصوب
أصابعه فتنظف دما ،ويدلك راحتيه فتخرجان ذهبا .فقال أمية :بخ بخ .فقال عامر :جدي الخرم ،وعمي ملعب السنة ،وأبي
فارس قرزل .فقال أمية :بخ بخ مرعى ول كالسعدان .فأرسلها مثل .فقال يزيد :يا عامر .هل تعلم شاعرا من قومي رحل
بمدحة إلى رجل من قومك? قال :اللهم ل .قال :فهل تعلم أن شعراء قومك يرحلون بمدائحهم إلى قومي? قال :اللهم نعم.
قال :فهل لكم نجم يمان أو برد يمان أو سيف يمان أو ركن يمان? قال ل .قال :هل ملكناكم ولم تملكونا? قال نعم .فنهض يزيد
:وأنشأ يقول
ل تجعلن هوازنا كـمـذحـج أمي يابن السكر بـن مـدلـج
ما النبع في مغرسه كالعوسـج إنك إن تلهج بـأمـرتـلـجـج
:ول الصريح المحض كالممزج قال :فقال مرة بن دودان النفيلي وكان عدوا لعامر
ماذا الذي من عامر تريد يا ليت شعري عنك يا يزيد
أمطلقون نحن أم عـبـيد لكل قوم فخركم عـتـيد
:ل بل عبيد زادنا الهبـيد قال :فزوج أمية يزيد بن عبد المدان ابنته .فقال يزيد في ذلك
ولعامر بن طفيل الوسـنـان يا للرجال لطـارق الحـزان
زمنا وصارت بعد للنعـمـان كانت إتاوة قومه لـمـحـرق
فخرا علي وجـئت بـالـديان عد الفوارس هوازن كـلـهـا
صخم الدسيعة زانني ونمانـي فإذا لي الشرف المبين بـوالـد
غض الشباب أخو ندى وقـيان يا عام إنك فـارس ذو مـيعة
دون الذي تسعى له وتـدانـي واعلم بأنك بابن فارس قـرزل
لك بالفضيلة في بني عـيلن ليست فوارس عامر بمـقـرة
وبني الضباب وحي آل قنـان فإذا لقيت بني الحماس ومالـك
والدافع العداء عن نـجـران فاسأل عن الرجل المنوه باسمه
كرما لعمرك والكريم يمانـي فقال عامر بن الطفيل :يعطى المقادة في فوارس قومه
ولما يجيء بـه بـنـو الـديان عجبا لواصف طـارق الحـزان
وإتاوة سيقت إلى الـنـعـمـان فخروا علي بحبوة لـمـحـرق
وإتاوة اللخـمـي فـي عـيلن ما أنت وابن محرق وقـبـيلـه
ودع القبائل من بني قحـطـان فاقصد بفخرك قصد قومك قصرة
أو ل ففخرك فخر كل يمـانـي إن كان سالـفة التـاوة فـيكـم
وبني الضباب وزعبل وقـنـان وافخر برهط بني الحماس ومالك
وأبو براء زاننـي ونـمـانـي فأنا المعظم وابن فارس قـرزل
منعا الدمار صباح كل طـعـان وأبو جزيء ذو الفعال ومـالـك
كنت المنوه باسمه والـبـانـي طلب بنو عامر إلى مرة بن دودان أن يهجو بني وإذا تعاظمت المـور هـوازن
الديان فأبى :فلما رجع القوم إلى بني عامر ،وثبوا على مرة بن دودان وقالوا له :أنت من بني عامر ،وأنت شاعر ،ولم تهج بني
:الديان فقال مرة
يقولون :النام لنـا عـبـيد تكلفني هوازن فخـر قـوم
إذا ما عـدت البـاء هـود أبونا مذحـج وبـنـو أبـيه
مقال والنام لهـم شـهـود وهل لي إن فخرت بغير حق
عن العلياء أم مـن ذا يكـيد فأنى تضرب العلم صفحا
لهم قنا ،فما عنها مـحـيد محاورة ابن جفنة ليزيد بن عبد المدان والقيسيين :فقولوا يا بني عـيلن كـنـا
وقال ابن الكلبي في هذه الرواية :قدم يزيد بن عبد المدان وعمر بن معد يكرب ومكشوح المرادي على ابن جفنة زوارا،
وعنده وجوه قيس :ملعب السنة عامر بن مالك ،ويزيد بن عمرو بن الصعق ،ودريد بن الصمة .فقال ابن جفنة ليزيد بن عبد
المدان :ماذا كان يقول الديان إذا أصبح فإنه كان ديانا .فقال :كان يقول :آمنت بالذي رفع هذه يعني السماء ،ووضع هذه يعني
الرض ،وشق هذه يعني أصابعه ،ثم يخر ساجدا ويقول :سجد وجهي للذي خلقه وهو عاشم ،وما جشمني من شيء فإني
:جاشم .فإذا رفع رأسه قال
وأي عبد لك ما ألمـا فقال ابن جفنة :إن هذا لذو دين .ثم مال على القيسيين وقال: إن تغفر اللهم تغفر جما
أل تحدثوني عن هذه الرياح :الجنوب والشمال والدبور والصبا والنكباء ،لم سميت بهذه السماء؛ فإنه أعياني علمها? فقال
القوم :هذه أسماء وجدنا العرب عليها ل نعلم غير هذا فيها .فضحك يزيد بن عبد المدان ثم قال :يا خير الفتيان ،ما كنت أحسب
أن هذا يسقط علمه على هؤلء وهم أهل الوبر .إن العرب تضرب أبياتها في القبلة مطلع الشمس ،لتدفئهم في الشتاء وتزول
عنهم في الصيف .فما هب من الرياح عن يمين البيت فهي الجنوب ،وما هب عن شماله فهي الشمال ،وما هب من أمامه فهي
الصبا ،وما هب من خلفه فهي الدبور ،وما استدار من الرياح بين هذه الجهات فهي النكباء .فقال ابن جفنة :إن هذه للعلم يابن
.عبد المدان
سأل ابن جفنة القيسيين عن النعمان بن المنذر فعابوه فرد عليهم يزيد :وأقبل على القيسيين يسألهم عن النعمان بن المنذر.
فعابوه وصغروه .فنظر ابن جفنة إلى يزيد فقال له :ما تقول يابن عبد المدان? فقال يزيد :يا خير الفتيان .ليس صغيرا من
منعك العراق ،وشركك في الشام ،وقيل له :أبيت اللعن .وقيل لك :يا خير الفتيان ،وألفى أباه ملكا كما ألفيت أباك ملكا ،فل
يسرك من يغرك؛ فإن هؤلء لو سألهم عنك النعمان لقالوا فيك مثل ما قالوا فيه .وايم الله ما فيهم رجل إل ونعمة النعمان
عنده عظيمة فغضب عامر بن مالك وقال له :يابن الديان أما والله لتحتلبن بها دما فقال له :ولم? أزيد في هوازن من ل
أعرفه? فقال :ل بل هم الذين تعرف .فضحك يزيد ثم قال :ما لهم جرأة بني الحارث ،ول فتك مراد ،ول بأس زبيد ،ول كيد
جعفي ،ول مغار طيء .وما هم ونحن الفتيان بسواء ،وما قتلنا أسيرا قط ول اشتهينا حرة قط ،ول بكينا قتيل حتى نبئ به .وإن
هؤلء ليعجزون عن ثأرهم ،حتى يقتل السمي بالسمي .والكني بالكني ،والجار بالجار .وقال يزيد بن عبد المدان فيما كان بينه
:وبين القيسيين شعرا غدا به على ابن جفنة
موارده في ملكه ومـصـادره تمال على النعمان قـوم إلـيهـم
سوى أنه جادت عليهم مواطره على غير ذنب كان منه إلـيهـم
وقربهم من كل خـير يبـادره فباعدهم من كل شـر يخـافـه
بأن الذي قالوا من المر ضائره فظنوا وأعراض الظنون كثيرة
ول فللت أنـيابـه وأظـافـره فلم ينقصوا بالذي قيل شـعـرة
ينوء به النعمان إن خف طائره وللحارث الجفني أعلم بـالـذي
من الفضل والمن الذي أنا ذاكره فيا حار كم فيهم لنعمان نـعـمة
وعظما كسيرا قومته جوابـره ذنوبا عفا عنـهـا ومـال أفـاده
لقالوا له القول الذي ل يحـاوره قال :فلما سمع ابن جفنة هذا القول عظم ولو سأل عنك العائبين ابن منـذر
.يزيد في عينه ،وأجلسه معه على سريره ،وسقاه بيده ،وأعطاه عطية لم يعطها أحدا ممن وفد عليه قط
:استشفع جذامي إلى يزيد عند ابن جفنة فوهبه له :فلما قرب يزيد ركائبه ليرتحل سمع صوتا إلى جانبه ،وإذا هو رجل يقول
يحب الثنـا زنـده ثـاقـب أما من شفيع مـن الـزائرين
وقد يمسح الضرة الحـالـب يريد ابن جـفـنة إكـرامـه
وإل فـإنـي غـدا ذاهـب فينقـذنـي مـن أظـافـيره
وفي الشرب في يثرب غالب فقد قلت يوما علـى كـربة
كلخم ،وقد يخطئ الشـارب أل ليت غسان في ملـكـهـا
فيما سئلت وعقبه بـإنـجـاز قال :وبعث بالبيات رسول إلى قيس بن عاصم؛ فافكك أخا منقر عنه وقل حسنا
فأنشده إياها ،ثم قال له :يا أبا علي ،إن يزيد بن عبد المدان يقرأ عليك السلم ويقول لك :إن المعروف قروض ،ومع اليوم غد.
فأطلق لي هذا الجشمي؛ فإن أخاه قد استغاث بأشراف بني مرة وبعمرو بن معد يكرب وبمكشوح مراد فلم يصب عندهم
حاجته فاستجار بي .ولو أرسلت إلي في جميع أسارى مضر بنجران لقضيت حقك .فقال قيس بن عاصم لمن حضره من بني
تميم :هذا رسول يزيد بن عبد المدان سيد مذحج وابن سيدها ومن ل يزال له فيكم يد ،وهذه فرصة لكم ،فما ترون? قالوا :نرى
أن نغليه عليه ونحكم فيه شططا ؛ فإنه لن يخذله أبدا ولو أتى ثمنه على ماله .فقال قيس :بئس ما رأيتم أما تخافون سجال
الحروب ودول اليام ومجازاة القروض فلما أبوا عليه قال :بيعونيه ،فأغلوه عليه ،فتركه في أيديهم ،وكان أسيرا في يد رجل من
بني سعد ،وبعث إلى يزيد فأعلمه بما جرى ،وأعلمه أن السير لو كان في يده أو في بني مقر لخذه وبعث به ،ولكنه في يد
رجل من بني سعد .فأرسل يزيد إلى السعدي أن سر إلي بأسيرك ولك فيه حكمك .فأتى به السعدي يزيد بن عبد المدان؛ فقال
له :احتكم .فقال :مائة ناقة ورعاؤها فقال له يزيد إنك لقصير الهمة قريب الغنى جاهل بأخطار بني الحارث .أما والله لقد غبنتك
يا أخا بني سعد ،ولقد كنت أخاف أن يأتي ثمنه على جل أموالنا ،ولكنكم يا بني تميم قوم قصار الهمم .وأعطاه ما احتكم.
.فجاوره السير وأخوه حتى ماتا عنده بنجران
أغار عبد المدان على هوازن في جماعة من بني الحارث فهزموا بني عامر :وقال ابن الكلبي :أغار عبد المدان على هوازن
يوم السلف في جماعة من بني الحارث بن كعب ،وكانت حمته على بني عامر خاصة .فلما التقى القوم حمل على وبر بن
معاوية النميري فصرعه ،وثنى بطفيل بن مالك فأجره الرمح ،وطار به فرسه قرزل فنجا ،واستحر القتل في بني عامر ،وتبعت
خيل بني الحارث من انهزم من بني عامر ،وفي هذه الخيل عمير ومعقل وكانا من فرسان بني الحارث بن كعب ،فلم يزالوا
:بقية يومهم ل يبقون على شيء أصابوه ،فقال في ذلك عبد المدان
فغمرة فيف الريح فالمـتـنـخـل عفا من سليمى بطن غول فـيذبـل
وأغرت بها يوم النوى حين ترحـل ديار التي صـاد الـفـؤاد دللـهـا
نوازل أحداث وشـيب مـجـلـل فإن تك صدت عن هواي وراعهـا
يعارضها عبل الجـزارة هـيكـل فيا رب خيل قد هديت بـشـطـبة
إذا انجاب عنه النقع في الخيل أجدل سبوح إذا جـال الـحـزام كـأنـه
عليها قنان والحـمـاس وزعـبـل يواغل جردا كالـقـنـا حـارثـية
صدور العوالي والصفيح المصقـل معاقلـهـم فـي كـل يوم كـريهة
نهاء مرتها بالعـشـيات شـمـأل وزغف من الماذي بيض كـأنـهـا
فوارس يهديها عمـير ومـعـقـل فما ذر قرن الشمس حتى تلحقـت
فباكرهم ورد من الموت معـجـل فجالت على الحي الكلبـي جـولة
ونجى طفيل العـجـاجة قـرزل فغادرن وبرا تحجل الطير حـولـه
يخفف ركضا خشية الموت أعـزل وليزيد بن عبد المدان أخبار مع دريد بن فلم ينج إل فارس مـن رجـالـهـم
.الصمة قد ذكرت مع أخبار دريد في صنعة المعتضد مع أغاني الخلفاء ،فاستغني عن إعادتها في هذا الموضع
أنعم يزيد بن عبد المدان على ملعب السنة وأخيه فلما مات رثته أختهما :أخبرني علي بن سليمان قال أخبرني أبو سعيد
السكري قال حدثني محمد بن حبيب عن ابن العرابي وأبي عبيدة وابن الكلبي ،قالوا :أغار يزيد بن عبد المدان ومعه بنو
الحارث بن كعب على بني عامر ،فأسر عامر بن مالك ملعب السنة أبا براء وأخاه عبيدة بن مالك ثم أنعم عليهما .فلما مات
يزيد بن عبد المدان واسم عبد المدان عمرو ،وكنيته أبو يزيد ،وهو ابن الديان بن قطن بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة
:بن كعب بن الحارث بن كعب بن عمرو قالت زينب بنت مالك بن جعفر بن كلب أخت ملعب السنة ترثي يزيد بن عبد المدان
قال فقالت له امرأته :والله ما وفقك الله لحظك أنهبت مالك وبذرته وأعطيته هيان بن بيان ومن ل تدري من أي هافية هو
قال :فغضب فطلقها ،وكان لها محبا وبها معجبا .فعنفه فيها ابن عم لها يقال له حنظلة بن الشهب بن رميلة ،وقال له :نصحتك
فكافأتها بالطلق فوالله ما وفقت لرشدك ،ول نلت حظك ،ولقد خاب سعيك بعدها عند ذوي اللباب .فهل مضيت لطيتك ،
وجريت على ميدانك ،ولم تلتفت إلى امرأة من أهل الجهالة والطيش لم تخلق للمشورة ول مثل رأيها يفتدى به فقال ابن
:الحشرج لحنظلة
ليحمده القوام في كـل مـحـفـل أحنظل دع عنك الذي نـال مـالـه
ومن عائل أغنيت بعـد الـتـعـيل فكم من فقير بائس قـد جـبـرتـه
علوت بعضب ذي غرارين مقصـل ومن مترف عن منهج الحـق جـائر
فقلت له دعني وكن غير مفـضـل وزار علي الجود والجود شيمـتـي
لسمع أقوال اللـئيم الـمـبـخـل فمثلك قد عاصيت دهرا ولـم أكـن
صغيرا ومن يبخل يلـم ويضـلـل أبى لي جدي البخل مذ كنت يافـعـا
كرام ودع ما أنت عنه بـمـعـزل ويستغن عنه الناس ،فاركب محجة ال
لئيما وخير النـاس كـل مـعـذل فإني امرؤ ل أصحب الدهر باخـل
فلج ولم يعرف معـرة مـقـولـي ومستحمق غـاو أتـتـه نـذيرتـي
له خبر كـأنـه حـبـر مـغـول نفحت ببـيت يمـل الـفـم شـارد
وصار كدرياق الذعاف المـثـمـل فكف ولو لم أرمـه شـاع قـولـه
بناجية كالبـرج وجـنـاء عـيهـل وليل دجوجـي سـريت ظـلمـه
كريم المحـيا سـيد مـتـفـضـل إلى ملك مـن آل مـروان مـاجـد
ويسبقها فـي كـل يوم تـفـضـل يجود إذا أضنت قريش بـرفـدهـا
مراها بمسنون الغرارين مـنـجـل أبوه أبو العاصي إذا الحرب شمـرت
صبور عليها غير نكس مـهـلـل وقور إذا هاجت به الحرب مـرجـم
وقد أدبروا وارتاب كل مـضـلـل أقام لهـل الرض دين مـحـمـد
وعز بحزم كـل قـرم مـحـجـل فما زال حتى قـوم الـدين سـيفـه
قتيل وناج فـوق أجـرد هـيكـل وغادر أهل الشك شتى ،فمـنـهـم
تباشيره في العارض المـتـهـلـل قال عاصم :يعني بهذا المدح محمد بن نجا من رماح القوم قدما وقـد بـدا
.مروان لما قتل مصعب بن الزبير بدير الجاثليق .وكان محمد بن مروان يقوم بأمره ،ويوليه العمال ،ويشفع له إلى أخيه
حواره مع ابن عم له لمه في تبذيره :أخبرني محمد بن خلف قال حدثنا أحمد بن الهيثم قال حدثنا العمري عن عطاء بن
مصعب عن عاصم بن الحدثان قال :قال عبد الله بن الحشرج لبن عم له لمه في إنهاب ماله وتبذيره إياه ،وقال له فيما يقول:
امرأتك كانت أعلم بك ،نصحتك فكافأتها بالطلق ،فقال له :يابن عم ،إن المرأة لم تخلق للمشورة ،وإنما خلقت وثارا للباءة .
ووالله إن الرشد واليمن لفي خلف المرأة .يابن عم إياك واستماع كلم النساء والخذ به؛ فإنك إن أخذت به ندمت .فقال له
:ابن عمه :والله ليوشكن أن تحتاج يوما إلى بعض ما أتلفت فل تقدر عليه ول يخلفه عليك هن وهن .فقال ابن الحشرج
وتعذلني فيمـا أفـيد وأتـلـف وعاذلة هبت بليل تـلـومـنـي
أتيت الذي كانت لدي تـوكـف تلومتها حتى إذا هـي أكـثـرت
ومثلي تحاماه اللد المغطـرف وقلت عليك الفج أكثرت في الندى
أب وجدود مجدها ليس يوصـف أبى لي ما قد سمتني غير واحـد
إذا ذكروا فالعين منـي تـذرف كهول وشبان مضوا لسبـيلـهـم
وعندهم يرجو الحيا متـلـهـف هم الغيث إن ضنت سماء بقطرها
تظل بأنواع المنـية تـصـرف وحرب يخاف الناس شدة عرهـا
إذا فنيت أضحت لهم وهي تعصـف حموها وقاموا بالسيوف لحـمـيهـا
بأسيافهم والقوم فيهـم تـعـجـرف فلما أبت إل طمـاحـا تـنـمـروا
إذا ما اشتهى قومي وذو الذل ينصف فذلت وأعطت بالـقـياد وأذعـنـت
من الشر تارات وطورا تقفـقـف وكانت طموح الرأس يصرف نابهـا
تأبت علـينـا والسـنة تـرعـف فلما امترينا بالسيوف خـلـوفـهـا
وكنا رمامـا لـلـذي يتـصـلـف قال لبن زوي شعرا لنه لمه في تبذيره: فدرت طباقا وأرعوت بعد جهلـهـا
:قال :وقال عبد الله بن الحشرج لرفاعة بن زوي النهدي فيما كان يلومه فيه من التبذير والجود
ببذلي وجودي جرت عن منهج القصد ألم على جودي وما خلـت أنـنـي
سأبذل مالي في الرخاء وفي الجهـد فيا لئمي في الجود أقصر فـإنـنـي
ول شيء خير في الحديث من الحمد وجدت الفتى يفنى وتبقـى فـعـالـه
أصير جاري بين أحشاي والـكـبـد وإني بالله احـتـيالـي وحـرفـتـي
علي وآتي ما أتيت عـلـى عـمـد أرى حقه في الناس ما عشت واجبـا
وصيرني دهري إلـى مـائق وغـد وصاحب صدق كان لي ففـقـدتـه
ويعدو على الجيران كالسـد الـورد يلـوم فـعـالـي كـل يوم ولــيلة
ويأنف أن يمشي على منهج الرشـد يخالفني فـي كـل حـق وبـاطـل
له :النهج فاركب يا عسيف بني نهـد مدحه زيد العجم فوصله :أخبرني فلما تمادى قلـت غـير مـسـامـح
هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا عيسى بن إسماعيل العتكي قال حدثنا ابن عائشة قال :وفد زياد العجم على عبد الله بن
:الحشرج الجعدي وهو بسابور أمير عليها ،فأمر بإنزاله وألطفه وبعث إليه ما يحتاج إليه .ثم غدا عليه زياد فأنشده
في قبة ضربت على ابن الحشرج إن السماحة والمـروءة والـنـدى
للمعتفين يمـينـه لـم تـشـنـج ملـك أغـر مـتـوج ذو نـائل
بعد النبي المصطفى المتـحـرج يا خير من صعد المنابر بالتـقـى
ألفيت باب نوالـكـم لـم يرتـج قال :فأمر له بعشر آلف درهم .لما أتيتـك راجـيا لـنـوالـكـم
وقد قيل :إن البيات التي ذكرتها وفيها الغناء ونسبتها إلى عبد الله بن الحشرج لغيره .والقول الصح هو الول .أخبرني بذلك
محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا الخليل بن أسد قال حدثنا العمري عن هشام بن الكلبي :أنه سمع أبا باسل الطائي ينشد
هذا الشعر ،فقلت :لمن هو? فقال :لعمي عنترة بن الخرس .قال :وكان جدي أخرس ،فولد له سبعة أو ثمانية كلهم شاعر أو
.خطيب .ولعل هذا من أكاذيب ابن الكلبي ،أو حكاه عن رجل أدعى فيه ما ل يعلم
:صوت
وريح الخزامى غضة من ثرى جعد أصاح هل من سـبـيل إلـى نـجـد
فنشفي جوى الحزان من لعج الوجد عروضه من الطويل .الشعر وهل لليالينا بذي الـرمـث مـرجـع
.للطرماح بن حكيم .والغناء ليحيى المكي ،ثقيل أول بالبنصر من كتابه
أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدثنا عمر بن شبة عن المدائني عن أبي بكر الهذلي قال :قدم الطرماح بن حكيم الكوفة،
فنزل في تيم اللت بن ثعلبة ،وكان فيهم شيخ من الشراة له سمت وهيئة ،وكان الطرماح يجالسه ويسمه منه ،فرسخ كلمه
.في قلبه ،ودعاه الشيخ إلى مذهبه ،فقبله واعتقده أشد اعتقاد وأصحه ،حتى مات عليه
أخبرني ابن دريد قال حدثنا عبد الرحمن بن أخي الصمعي عن عمه قال قال رؤبة :كان الطرماح والكميت يصيران إلي
.فيسألني عن الغريب فأخبرهما به ،فأراه بعد في أشعارهما
أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال سمعت محمد بن حبيب يقول :سألت ابن العرابي عن ثماني عشرة مسألة كلها من
.غريب شعر الطرماح ،فلم يعرف منها واحدة ،يقول في جميعها :ل أدري ،ل أدري
أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا عمر بن شبة ،وأخبرنا إبراهيم بن أيوب قال حدثنا ابن قتيبة ،قال :كان الكميت
بن زيد صديقا للطرماح ،ل يكادان يفترقان في حال من أحوالهما .فقيل للكميت :ل شيء أعجب من صفاء ما بينك وبين
الطرماح على تباعد ما يجمعكما من النسب والمذهب والبلد :هو شآمي قحطاني شاري ،وأنت كوفي نزاري شيعي ،فكيف
:اتفقتما مع تباين المذهب وشدة العصبية? فقال :اتفقنا على بغض العامة .قال :وأنشد الكميت قول الطرماح
عرى المجد واسترخى عنان القصائد فقال :إي والله وعنان الخطابة إذا قبضت نفس الطرماح أخلـقـت
.والرواية والفصاحة والشجاعة .وقال عمر بن شبة :والسماحة مكان الشجاعة
وفد على مخلد بن زياد ومعه الكميت وقصتهما في ذلك :نسخت من كتب جدي لمي يحيى بن محمد بن ثوابة رحمه الله تعالى
بخطه قال حدثني الحسن بن سعيد عن محمد بن حبيب عن ابن العرابي قال :وفد الطرماح بن حكيم والكميت بن زيد على
مخلد بن يزيد المهلبي ،فجلس لهما ودعاهما .فتقدم الطرماح لينشد؛ فقال له :أنشدنا قائما .فقال :كل والله ما قدر الشعر أن
أقوم له فيحط مني بقيامي وأحط منه بضراعتي ،وهو عمود الفخر وبيت الذكر لمآثر العرب .قيل له :فتنح .ودعي بالكميت
فأنشد قائما ،فأمر له بخمسين ألف درهم .فلما خرج الكميت شاطرها الطرماح ،وقال له :أنت أبا ضبينة أبعد همة وأنا ألطف
.حيلة .وكان الطرماح يكنى أبا نفر وأبا ضبينة
كان هو والكميت في مسجد الكوفة فقصدهما ذو الرمة فاستنشدهما وأنشدهما :ونسخت من كتابه رضي الله عنه :أخبرني
الحسن بن سعيد قال أخبرني ابن علق قال أخبرني شيخ لنا أن خالد بن كلثوم أخبره قال :بينا أنا في مسجد الكوفة أريد
الطرماح والكميت وهما جالسان بقرب باب الفيل ،إذ رأيت أعرابيا قد جاء يسحب أهداما له ،حتى إذا توسط المسجد خر
ساجدا ،ثم رمى ببصره فرأى الكميت والطرماح فقصدهما .فقلت :من هذا الحائن الذي وقع بين هذين السدين وعجبت من
سجدته في غير موضع سجود وغير وقت صلة فقصدته ،ثم سلمت عليهم ثم جلست أمامهم .فالتفت إلي الكميت فقال:
:أسمعني شيئا يا أبا المستهل؛ فأنشده قوله
أبت هذه النفس إل ادكارا حتى أتى على آخرها .فقال له :أحسنت والله يا أبا المستهل في ترقيص هذه القوافي ونظم عقدها
:ثم التفت إلى الطرماح فقال :أسمعني شيئا يا أبا ضبينة؛ فأنشده كلمته التي يقول فيها
نعم والنوى قطاعة للقـرائن فقال :لله در هذا الكلم ما أحسن إجابته لرويتك أساءك تقويض الخليط المباين
إن كدت لطيل لك حسدا .ثم قال العرابي :والله لقد قلت بعدكما ثلثة أشعار ،أما أحدها فكدت أطير به إلى السماء فرحا.
وأما الثاني فكدت أدعي به الخلفة .وأما الثالث فرأيت رقصانا استفزني به الجذل حتى أتيت عليه .قالوا :فهات؛ فأنشدهم قوله
:
ماء الصبابة من عينيك مسجوم حتى إذا بلغ قوله :أأن توهمت من خرقاء منـزلة
وابتل بالزبد الجعد الخراطيم قال :أعلمتم أني في هذا البيت منذ سنة ،فما تنجو إذ جعلت تدمى أخشتها
:ظفرت به إل آنفا ،وأحسبكم قد رأيتم السجدة له .ثم أسمعهم قوله
:ما بال عينك منها الماء ينسكب ثم أنشدهم كلمته الخرى التي يقول فيها
بأمثال أبصار النساء الفوارك إذا الليل عن نشز تجلى رمينه
قال :فضرب الكميت بيده على صدر الطرماح ،ثم قال :هذه والله الديباج ل نسجي ونسجك الكرابيس .فقال الطرماح :لن
:أقول ذلك وإن أقررت بجودته .فقطب ذو الرمة وقال :يا طرماح أأنت تحسن أن تقول
إليك ومن أحواض ماء مسدم وكائن تخطت ناقتي من مفازة
نوادر صيصاء الهبيد المحطم فأصغى الطرماح إلى الكميت وقال له :فانظر ما بأعقاره القردان هزلى كأنها
أخذ من ثواب هذا الشعر قال :وهذه قصيدة مدح بها ذو الرمة عبد الملك ،فلم يمدحه فيها ول ذكره إل بهذين البيتين ،وسائرها
في ناقته .فلما قدم على عبد الملك بها أنشده إياها .فقال له :ما مدحت بهذه القصيدة إل ناقتك ،فخذ منها الثواب .وكان ذو
الرمة غير محظوظ من المديح فلم يفهم ذو الرمة قول الطرماح للكميت .فقال له الكميت :إنه ذو الرمة وله فضله ،فأعتبه
.فقال له الطرماح :معذرة إليك إن عنان الشعر لفي كفك ،فارجع معتبا ،وأقول فيك كما قال أبو المستهل
مر يخطر بمسجد البصرة فسأل عنه رجل فأنشد هو شعرا :أخبرني الحسن بن علي ومحمد بن يحيى الصولي قال حدثنا
الحسن بن عليل العنزي قال حدثني محمد بن إبراهيم بن عباد قال حدثني أبو تمام الطائي قال :مر الطرماح بن حكيم في
:مسجد البصرة وهو يخطر في مشيته .فقال رجل :من هذا الخطار? فسمعه فقال :أنا الذي يقول :صوت
بغيض إلى كل امرئ غير طائل لقد زادني حبا لنـفـس أنـنـي
شقيا بهم إل كريم الـشـمـائل وأني شقي بالـلـئام ول تـرى
وبيني فعل العارف المتجاهـل إذا ما رآني قطع اللحظ بـينـه
من الضيق في عينيه كفة حابل في هذه البيات لبي العبيس بن حمدون خفيف ملت عليه الرض حتى كأنهـا
.ثقيل أول بالبنصر
قصته مع خالد القسري حين وفد عليه بمدح :أخبرني محمد بن خلف وكيع قال أخبرنا إسماعيل بن مجمع قال حدثنا هشام بن
محمد قال أخبرنا ابن أبي العمرطة الكندي قال :مدح الطرماح خالد بن عبد الله القسري ،فأقبل على العريان بن الهيثم فقال:
إني قد مدحت المير فأحب أن تدخلني عليه .قال :فدخل إليه فقال له :إن الطرماح قد مدحك وقال فيك قول حسنا .فقال :ما
لي في الشعر من حاجة .فقال العريان للطرماح :تراء له .فخرج معه ،فلما جاوز دار زياد وصعد المسناة إذا شيء قد ارتفع
له ،فقال :يا عريان انظر ،ما هذا? فنظر ثم رجع فقال :أصلح الله المير هذا شيء بعث به إليك عبد الله بن أبي موسى من
سجستان؛ فإذا حمر وبغال ورجال وصبيان ونساء .فقال :يا عريان ،أين طرماحك هذا? قال :ها هنا .قال :أعطه كل ما قدم به.
.فرجع إلى الكوفة بما شاء ولم ينشده .قال هشام :والطرماح :الطويل
سمع بيتا لكثير في عبد الملك فقال لم يمدحه بل موه :أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أبو حاتم قال حدثني
:الحجاجي قال :بلغني أن الطرماح جلس في حلقة فيها رجل من بني عبس ،فأنشد العبسي قول كثير في عبد الملك
وجال المنيح وسطها يتقلقـل فقال الطرماح :أما إنه ما أراد به أنه أعلهم فكنت المعلى إذ أجيلت قداحهم
كعبا ،ولكنه موه عليه في الظاهر وعنى في الباطن أنه السابع من الخلفاء الذين كان كثير ل يقول بإمامتهم؛ لنه أخرج عليا
عليه السلم منهم ،فإذا أخرجه كان عبد الملك السابع ،وكذلك المعلى السابع من القداح؛ فذلك قال ما قاله .وقد ذكر ذلك في
:موضع آخر فقال
ل لله كـلـهـم تـابـعـا وكان الخلئف بعد الرسـو
وكان ابن حرب لهم رابعـا شيدان من بعد صـديقـهـم
مطيعا لمن قبله سـامـعـا وكان ابنه بعده خـامـسـا
وكان ابنه بعده سـابـعـا قال :فعجبنا من تنبه الطرماح لمعنى قول كثير ،وقد ومروان سادس من قد مضى
.ذهب على عبد الملك فظنه مدحا
فضله أبو عبيدة والصمعي ببيتين له :أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا أبو غسان دماذ قال :كان أبو عبيدة
:والصمعي يفضلن الطرماح في هذين البيتين ،ويزعمان أنه فيهما أشعر الخلق
قددا وأخلف ما سواه البرجد مجتاب حلة برجد لسـراتـه
سيف على شرف يسل ويغمد يبدو وتضمره البلد كـأنـه
أثنى أبو نواس على بيت له :أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا دماذ قال قال أبو نواس :أشعر بيت قيل بيت
:الطرماح
عرى المجد واسترخى عنان القصائد إذا قبضت نفس الطرماح أخلـقـت
مناقضة بينه وبين حميد اليشكري :أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن أبي عبيدة قال :فضل الطرماح بني شمخ
:في شعره على بني يشكر؛ فقال حميد اليشكري
ونبهان فأف لذا زمـانـا أتجعلنا إلى شمخ بن جرم
ولم تخضب بها طي سنانا فقال الطرماح يجيبه :ويوم الطالقان حماك قومي
برمثة يوم رمثة إذ دعانا لقد علم المعذل يوم يدعو
بكى جزعا ولولهم لحانا فقال رجل من بني يشكر :فوراس طييء منعوه لما
بالحق بين حميد والطـرمـاح لقضين قضاء غير ذي جـنـف
وغودر العبد مقرونا بـوضـاح يعني رجل من بني تميم كان يهاجي اليشكري جرى الطرماح حتى دقق مسحله
.
شعر له في الشراة :أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدثنا الرياشي قال قال الصمعي قال خلف :كان الطرماح يرى رأي
:الشراة ،ثم أنشد له
إذا الكرى مال بالطلى أرقوا للـه در الـشـراة إنـهـم
وإن عل ساعة بهم شهقـوا يرجعـون الـحـنـين آونة
تكاد عنها الصدور تنفـلـق خوفا تبيت القلـوب واجـفة
وقد مضى مؤنسي فانطلقوا كيف أرجي الحياة بعـدهـم
بالفوز مما يخاف قد وثقـوا أنشد خالدا القسري شعرا في الشكوى فأجازه: قوم شحاح على اعتقـادهـم
أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة عن يونس قال :دخل الطرماح على خالد بن
:عبد الله القسري فأنشده قوله
بغير غنى أسمو بـه وأبـوع وشيبني ما ل أزال مناهـضـا
لهم عند أبواب الملوك شفـيع وان رجال المال أضحوا ومالهم
من المال ما أعصى به وأطيع فأمر له بعشرين ألف درهم وقال :امض الن أمخترمي ريب المنون ولم أنل
.فاعص بها وأطع
قال المفضل :كأنه يوحى إليه ،في الهجاء .ثم أنشد من هجائه :أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن
:مهروية قال حدثنا حذيفة بن محمد الكوفي قال قال المفضل :إذا ركب الطرماح الهجاء فكأنما يوحى إليه ،ثم أنشد له قوله
حوض الرسول عليه الزد لم ترد لو حان ورد تميم ثـم قـيل لـهـا
إن لم تعد لقتال الزد لـم تـعـد أو أنزل الله وحـيا أن يعـذبـهـا
على تميم يريد النصر مـن أحـد ل عز نصر امرئ أضحى له فرس
من خلقه خفيت عنه بـنـو أسـد افتقده بعض أصحابه فلم يرعهم إل نعشه: لو كان يخفى على الرحمن خافـية
أخبرني إسماعيل بن يونس قال أخبرنا عمر بن شبة قال حدثني المدائني قال حدثني ابن دأب عن ابن شبرمة ،وأخبرني محمد
بن القاسم النباري قال أخبرني أبي قال حدثني الحسن بن عبد الرحمن الربعي قال حدثني محمد بن عمران قال حدثني
إبراهيم بن سوار الضبي قال حدثني محمد بن زياد القرشي عن ابن شبرمة قال :كان الطرماح لنا جليسا ففقدناه أياما كثيرة،
فقمنا بأجمعنا لننظر ما فعل وما دهاه .فلما كنا قريبا من منزله إذا نحن بنعش عليه مطرف أخضر ،فقلنا :لمن هذا النعش?
:فقيل :هذا نعش الطرماح .فقلنا :والله ما استجاب الله له حيث يقول
به وبنفسي العام إحدى الـمـقـاذف وإني لمـقـتـاد جـوادي وقـاذف
من الله يكفيني عـدات الـخـلئف لكـسـب مـال أو أؤول غـنــى
على شرجع يعلى بخضر المطارف فيا رب إن حانت وفاتي فل تـكـن
بجو من السماء في نسور عواكـف ولكن قبري بطن نـسـر مـقـيلـه
يصابون في فج من الرض خـائف وأمسي شهيدا ثاويا فـي عـصـابة
تقى الله تزالون عنـد الـتـزاحـف فوارس من شيبـان ألـف بـينـهـم
وصاروا إلى ميعاد ما في المصاحف صوت :إذا فارقوا دنـياهـم فـارقـوا الذى
باق فيسمع صوت المدلج الساري هل بالديار التي بالقاع مـن أحـد
حي يجيب ول أصوات سـمـار الشعر لبيهس الجرمي .والغناء لبن محرز تلك المنازل من صفراء ليس بها
ثاني ثقيل بالبنصر ،عن عمرو وقال ذكر ذلك يحيى المكي ،وأظنه من المنحول .وفيه لطياب بن إبراهيم الموصلي خفيف ثقيل،
:وهو مأخوذ من لحن ابن صاحب الوضوء
ارفع ضعيفك ول يحر بك ضعفه
أخبار بيهس ونسبه
نسبه :هو بيهس بن صهيب بن عامر بن عبد الله بن ناتل بن مالك بن عبيد بن علقمة بن سعد بن كثير بن غالب بن عدي بن
سميس بن طرود بن قدامة بن جرم بن ربان بن حلوان بن عمران ابن إلحاف بن قضاعة ،شاعر فارس من شعراء الدولة
.الموية .وكان يبدو بنواحي الشام مع قبائل جرم وكلب وعذرة ،ويحضر إذا حضروا فيكون بأجناد الشام
اتهم بقتل غلم بن قيس فاستجار بمحمد بن مروان :قال أبو عمرو الشيباني :لما هدأت الفتنة بعد وقعة مرج راهط وسكن
الناس ،مر غلم من قيس بطوائف من جرم وعذرة وكلب ،وكانوا متجاورين على ماء هناك لهم .فيقال :إن بعض أحداثهم نخس
به ناقته فألقته ،فاندقت عنقه فمات .واستعدى قومه عبد الملك بن مروان ،فبعث إلى تلك البطون من جاءه بوجوههم وذوي
الخطار منهم ،فهرب بيهس بن صهيب الجرمي وكان قد اتهم بأنه هو الذي نخس به فنزل بمحمد بن مروان واستجار به،
.فأجاره إل من حد توجبه عليه شهادة ،فرضي بذلك
:صوت
فإني إلى أصواتكـن حـرين أل يا حمامات اللوى عدن عودة
وكدت باسراري لهـن أبـين فعدن فلما عدن يمـتـنـنـي
شربن حميا أو بهن جـنـون دعون بأصوات الهديل كأنمـا
بكين ولم تدمع لهـن عـيون الشعر لعرابي ،هكذا أنشدناه جعفر بن قدامة عن فلم تر عيني مثلهن حمـائمـا
أحمد بن حمدون عن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل .والغناء لمحمد بن الحارث بن بسخنر خفيف رمل بالوسطى عن الهشامي.
.وقد قيل :إن الشعر لبن الدمينة
الشعر والغناء لسحاق ،ولحنه فيه رمل بالوسطى فأمره الواثق بأن يغنيه ،فغناه إياه وأحسن ما شاء وأجاد .واستحسنه الواثق
وأمر بأن يردده ،فردده مرارا كثيرة ،حتى أخذه الواثق وأخذه جواريه والمغنون .قال جحظة قال الهشامي فحدثت بهذا الحديث
عمرو بن بانة فقال :ما خلق الله تعالى أحدا يغني هذا الصوت كما يغنيه هبة الله بن إبراهيم بن المهدي .فقلت له :قد سمعت
ابن إبراهيم يغنيه ،فاسمعه من محمد ثم احكم .فلقيني بعد ذلك فقال :المر كما قلت ،قد سمعته من محمد فسمعت منه
.الحسان كله
ردد صوتا آخر من جارية أخرى :أخبرني جعفر بن قدامة قال حدثني علي بن يحيى المنجم قال :كنت يوما في منزلي ،فجاءني
محمد بن الحارث بن بسخنر مسلما وعائدا من علة كنت وجدتها؛ فسألته أن يقيم عندي ففعل ،ودعوت بما حضر فأكلنا وشربنا،
:وغنى محمد بن الحارث هذا الصوت :صوت
وقلبك مشغول بخودك مـولـع أمن ذكر خود عينك اليوم تدمـع
أهذا فراق الحب أم كيف تصنع وقائلة لي يوم وليت معـرصـا
يفرق بين الناس طرا ويجمـع أصل هذا الصوت يمان هزج بالوسطى .قال فقلت كذاك الدهر يا خود فاعلمي
الهشامي :وفيه لفليح ثاني ثقيل ،ولسحاق خفيف رمل قال علي بن يحي :فقلت له وقد ردد هذا الصوت مرارا وغناه أشجى
غناء :إن لك في هذا الصوت معنى ،وقد كررته من غير أن يقترحه عليك أحد .فقال :نعم هذا صوتي على جارية من القيان كنت
:أحبها وأخذته منها .فقلت له :فلم ل تواصلها? فقال
لكنني نكت فل نكـت فأجبته فقلت :لو لم أنكها دام لي حبها
فارفق بنيكك إن الرفق محمود أخذ جواري الواثق منه غناء أخذه من أكثرت من نيكها والنيك مقطعة
:إسحاق :وأخبرني جعفر بن قدامة بن علي بن يحيى أن إسحاق غنى بحضرة الواثق لحنه
أمام المطايا تشرئب وتسـنـح ذكرتك إذ مرت بنـا أم شـادن
شعاع الضحى في متنها يتوضح والشعر لذي الرمة ،ولحن إسحاق فيه ثقيل من المؤلفات الرمل أدماء حرة
أول فأمره الواثق أن يعيده على الجواري ،وأحلفه بحياته أن ينصح فيه .فقال :ل يستطيع الجواري أن يأخذنه مني ،ولكن يحضر
.محمد بن الحارث فيأخذه مني وتأخذه الجواري منه :فأحضر وألقاه عليه ،فأخذه منه ،وأخذته الجواري منه
أخبرني أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل المعروف بوسواسة الموصلي قال حدثني حماد بن إسحاق قال :قال لي محمد بن
:الحارث بن بسخنر :أخذت جارية الواثق مني صوتا أخذته من أبيك ،وهو :صوت
واكتسى الرأس من مشيب قناعا أصبح الشيب في المفارق شاعا
ثم يأبى الـقـلـيل إل وداعـا الشعر والغناء لسحاق ثقيل أول قال :فسمعه الواثق وتوالى الشـبـاب إل قـلـيل
منها ،فاستحسنه وقال لعلويه ومخارق :أتعرفانه? فقال مخارق :أظنه لمحمد بن الحارث .فقال علويه :هيهات ليس هذا مما
يدخل في صنعة محمد ،هو يشبه صنعة ذلك الشيطان إسحاق .فقال له الواثق :ما أبعدت .ثم بعث إلي فأخبرني بالقصة ؛
.فقلت :صدق علويه يا أمير المؤمنين ،هذا لسحاق ومنه أخذته
غنت جارية صوتا أخذته عنه فأكرمها :حدثني جعفر بن قدامة قال حدثني عبد الله بن المعتز قال قال لي أحمد بن الحسين بن
:هشام
جاءني محمد بن الحارث بن بسخنر يوما فقال لي :قم حتى أطفل بك على صديق لي حر ،وله جارية أحسن خلق الله تعالى
وجها وغناء .فقلت له :أنت طفيلي وتطفل بي هذه والله أخس حال .فقال لي :دع المجون وقم بنا؛ فهو مكان ل يستحي حر أن
يتطفل عليه .فقمت معه ،فقصد بي دار رجل من فتيان أهل سر من رأى ،كان لي صديقا يكنى أبا صالح ،وقد غيرت كنيته على
سبيل اللقب فكنى أبا الصالحات ،وكان ظريفا حسن المروءة ،يضرب بالعود على مذهب الفرس ضربا حسنا ،وله رزق سني
في الموالي ،وكان من أولدهم ،ولم يكن منزله يخلو من طعام كثير نظيف لكثرة قصد إخوانه منزله .فلما طرق بابه قلت له:
فرجت عني ،هذا صديقي وأنا طفيلي بنفسي ل أحتاج أن أكون في شفاعة طفيلي .فدخلنا ،وقدم إلينا طعام عتيد طيب نظيف
فأكلنا ،وأحضرنا النبيذ ،وخرجت جاريته إلينا من غير ستارة فغنت غناء حسنا شكل ظريفا ،ثم غنت من صنعة محمد بن الحارث
:هذا الصوت وكانت قد أخذته عنه وفيه أيضا لحن لبراهيم ،والشعر لبن أبي عيينة :صوت
في حفظه عجب وفي تضييعك ضيعت عهد فتى لعهدك حافـظ
فبحسن وجهك ل بحسن صنيعك فطرب محمد بن الحارث ونقطها بدنانير مسيفة إن تقتليه وتذهـبـي بـفـؤاده
كانت معه في خريطته ،ووجه غلمه فجاءه ببرنية غالية كبيرة فغلفها منها ووهب لها الباقي .وكان لمحمد بن الحارث أخ طيب
ظريف يكنى أبا هارون فطرب ونعر ونخر ،وقال لخيه :أريد أن أقول شيئا في السر .قال :قله علنية ،قال :ل يصلح ،قال :والله
ما بيني وبينك شيء أبالي أن تقوله جهرا ،فقله .فقال :أشتهي علم الله أن تسأل أبا الصالحات أن ينيكني ،فعسى صوتي أن
.ينفتح ويطيب غنائي .فضحك أبو الصالحات وخجلت الجارية وغطت وجهها وقالت :سخنت عينك فإن حديثك يشبه وجهك
:صوت
إذا لج خصم أو نبـا بـك مـنـزل وأي أخ تبلـو فـتـحـمـد أمـره
على طرف الهجران إن كان يعقل إذا أنت لم تنصف أخـاك وجـدتـه
يمينك فانـظـر أي كـف تـبـدل ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتـنـي
إليه بوجه آخر الـدهـر تـقـبـل الشعر لمعن بن أوس المزني .والغناء إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد
.لعريب خفيف رمل بالوسطى
دخلت خضراء روح ؛ فإذا أنا برجل من ولده على فاحشة يوما ،فقلت :قبحك الله هذا موضع كان أبوك يضرب فيه العناق
:ويعطي اللهى وأنت تفعل فيه ما أرى فالتفت إلي من غير أن يزول عنها وقال
أسأنا في ديارهم الصنيعـا ورثنا المجد عن آباء صدق
بناة السوء أوشك أن يضيعا قال :والشعر لمعن بن أوس المزني .إذا الحسب الرفيع تواكلتـه
سافر إلى الشام وخلف ابنته في جوار ابن أبي سلمة وابن عمر بن الخطاب وقال شعرا :أخبرني محمد بن جعفر النحوي صهر
المبرد قال حدثنا أحمد بن عبيد أبو عصيدة عن الحرمازي قال :سافر معن بن أوس إلى الشام وخلف ابنته ليلى في جوار عمر
بن أبي سلمة وأمه أم سلمة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وفي جوار عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
:فقال له بعض عشيرته :على من خلفت ابنتك ليلى بالحجاز وهي صبية ليس لها من يكفلها? فقال معن رحمه الله تعالى
وما شيخها أن غاب عنها بخائف لعمرك مال ليلى بدار مضـيعة
ربيب النبي وابن خير الخلئف قال عبد الملك بن مروان عنه إنه أشعر الناس: وإن لها جارين لن يغدرا بـهـا
أخبرني محمد بن عمران الصيرفي قال حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثني مسعود بن بشر عن عبد الملك بن هشام
قال :قال عبد الملك بن مروان يوما وعنده عدة من أهل بيت وولده :ليقل كل واحد منكم أحسن شعر سمع به؛ فذكروا لمرئ
:القيس والعشى وطرفة فأكثروا حتى أتوا على محاسن ما قالوا فقال عبد الملك :أشعرهم والله الذي يقول
بحلمي عنه وهو ليس له حـلـم وذي رحم قلمت أظفار ضغـنـه
قطيعتها ،تلك السفاهة والظـلـم إذا سمته وصل القرابة سامـنـي
وليس الذي يبني كمن شأنه الهدم فاسعى لكي أبني ويهدم صالحـي
وكالموت عندي أن ينال له رغم يحاول رغمي ل يحـاول غـيره
عليه كما تحنو على الـولـد الم فما زلت في لين له وتعـطـف
وإن كان ذا ضغن يضيق به الحلم قالوا :ومن قائلها يا أمير المؤمنين? قال: لستل منه الضغن حتى سللـتـه
.معن بن أوس المزني
خروجه إلى البصرة وزواجه من ليلى وطلقها وقصة ذلك :أخبرني عيسى بن حسين الوراق قال حدثنا الزبير بن بكار قال
:حدثني سليمان بن عياش السعدي عن أبيه قال
خرج معن بن أوس المزني إلى البصرة ليمتار منها ويبيع إبل له؛ فلما قدمها نزل بقوم من عشيرته ،فتولت ضيافته امرأة منهم
يقال لها ليلى ،وكانت ذات جمال ويسار ،فخطبها فأجابته فتزوجها ،وأقام عندها حول في أنعم عيش ،فقال لها بعد حول :يابنة
عم ،إني قد تركت ضيعة لي ضائعة ،فلو أذنت لي فاطلعت طلع أهلي ورممت من مالي فقالت :كم تقيم? قال :سنة ،فأذنت
له .فأتى أهله فأقام فيهم وأزمن عنها أي طال مقامه فلما أبطأ عليها رحلت إلى المدينة فسألت عنه ،فقيل لها :إنه بعمق وهو
ماء لمزينة فخرجت ،حتى إذا كانت قريبة من عمق نزلت منزل كريما .وأقبل معن في طلب ذود له قد أضلها وعليه مدرعة من
صوف وبت من صوف أخضر قال :والبت :الطيلسان وعمامة غليظة .فلما رفع له القوم مال إليهم ليستسقي ،ومع ليلى ابن أخ
لها ومولى من مواليها جالس أمام خباء له .فقال له معن :هل من ماء? قال :نعم ،وإن شئت سويقا ،وإن شئت لبنا؛ فأناخ.
وصاح مولى ليلى :يا منهلة وكانت منهلة الوصيفة التي تقوم على معن عندهم بالبصرة فلما أتته بالقدح وعرفها وحسر عن
وجهه ليشرب عرفته وأثبتته ،فتركت القدح في يده وأقبلت مسرعة إلى مولتها فقالت :يا مولتي ،هذا والله معن إل أنه في
جبة صصوف وبت صوف .فقالت :هو والله عيشهم ،الحقي مولي فقولي له :هذا معن ،فاحبسه .فخرجت الوصيفة مسرعة
فأخبرت .فوضع معن القدح وقال له :دعني حتى ألقاها في غير هذا الزي .فقال :لست بارحا حتى تدخل عليها .فلما رأته قالت:
أهذا العيش الذي نزعت إليه يا معن ? قال :إي والله يا بنة عم أما إنك لو أقمت إلى أيام الربيع حتى ينبت البلد الخزامى
والرخامى والسخبر والكمأة ،لصبت عيشا طيبا .فغسلت رأسه وجسده ،وألبسته ثيابا لينة ،وطيبته ،وأقام معها ليلته أجمع
يهرجها ،ثم غدا إلى عمق حتى أعد لها طعاما ونحر ناقة وغنما .وقدمت على الحي ،فلم تبق فيهم امرأة إل أتتها وسلمت
عليها ،فلم تدع منهن امرأة حتى وصلتها .وكانت لمعن امرأة بعمق يقال لها أم حقة .فقالت لمعن :هذه والله خير لك مني،
فطلقني ،وكانت قد حملت فدخله من ذلك وقام .ثم إن ليلى رحلت إلى مكة حاجة ومعن معها .فلما فرغا من حجهما انصرفا،
فلما حاذيا منعرج الطريق إلى عمق قال معن :يا ليلى ،كأن فؤادي ينعرج إلى ما ها هنا .فلو أقمت سنتنا هذه حتى نحج من
قابل ثم نرحل إلى البصرة فقالت :ما أنا ببارحة مكاني حتى ترحل معي إلى البصرة أو تطلقني .فقال :أما إذ ذكرت الطلق
:فأنت طالق .فمضت إلى البصرة ،ومضى إلى عمق ،فلما فارقته وتبعتها نفسه ،فقال في ذلك
أبت قرتاه اليوم إل تـراوحـا توهمت ربعا بالمعبر واضحـا
ومرتجز كأن فيه المصابحـا أربت عليه رادة حضـرمـية
فجوز العذيب دونها فالنوابحـا إذا هي حلت كربلء فلعلـعـا
مع الشانئين الشامتات الكواشحا وبانت نواها من نواك وطاوعت
له رجعة قال الطلق ممازحا فقول لليلى هل تعوض نادمـا
أل تتقين الجاريات الذوابـحـا وهي قصيدة طويلة .فلما انصرف وليست ليلى فإن هي قالت ل فقول لها بلى
معه قالت له امرأته أم حقة :ما فعلت ليلى? قال :طلقتها .قالت والله لو كان فيك خير ما فعلت ذلك ،فطلقني أنا أيضا .فقال
:لها معن
فإنك ذات لومات حـمـات أعاذل أقصري ودعي بياتي
وإنك بالملمة لن تفـاتـي فإن الصبح منتظـر قـريب
وضنت بالمودة والبـتـات نأت ليلى فليلى ل تـواتـي
فذا قار فنخرق الـفـرات وحلت دارها سفوان بعـدي
ظلل ألف مختلط النبـات تراعى الريف دائبة عليهـا
من العيدي في قلص شخات وهي قصيدة طويلة .قال :وقال لم حقة في مطالبتها فدعها أو تناولها بـعـنـس
:إياه بالطلق
بميطان مصطاف لنـا ومـرابـع كأن لم يكـن يا أم حـقة قـبـل ذا
بنـا الن أن يعـوض جـــازع وإذ نحن في غصن الشباب وقد عسا
وأنكرها ما شـئت والـود خـادع فقد أنـكـرتـه أم حـقة حـادثـا
بطينا وأمسى ضيفه غير نائم إذا جئته تبغي القرى بات نائما
إذا حصل القوام أهل المكارم فدع عاصما أف لفعال عاصم
ويحسب أن البخل ضربة لزم فتى من قريش ل يجود بنـائل
مطوقة يحدى بها في المواسم ولول يد الفاروق قلدت عاصما
فقم أو النوكى أبان بـن دارم فليتك من جزم بن زبان أو بني
غدا جائعا عيمان ليس بغانـم قال :فلما بلغت أبياته عاصما استعدى عليه أناس إذا ما الضيف حل بيوتهم
عمرو بن سعيد بن العاص وهو يومئذ بالمدينة أمير ،فهرب فضالة بن شريك فلحق بالشام ،وعاذ بيزيد بن معاوية وعرفه ذنبه
وما تخوف من عاصم؛ فأعاذه ،وكتب إلى عاصم يخبره أن فضالة أتاه مستجيرا به ،وأنه يحب أن يهبه له .ول يذكر لمعاوية شيئا
:من أمره ،ويضمن له أل يعود لهجائه ،فقبل ذلك عاصم وشفع يزيد بن معاوية .فقال فضالة يمدح يزيد بن معاوية
فخرت بمـجـد يا يزيد تـلـيد إذا ما قريش فاخرت بقديمـهـا
أبوك أمين الـلـه غـير بـلـيد بمجد أمير المؤمنـين ولـم يزل
وأدرك تبل من معاشـر صـيد به عصم الله النام مـن الـردى
وحرب وما حرب العل بزهـيد ومجد أبي سفيان ذي الباع والندى
يجيء بمجد مثـل مـجـد يزيد وقال فيه القصيدة المذكور فيها الغناء في فمن ذا الذي إن عدد الناس مجدهم
.هذه القصيدة بعينها
هجا ابن مطيع حين طرده المختار عن ولية الكوفة :أخبرني علي بن سليمان الخفش قال حدثني السكري عن ابن حبيب
قال :كان عبد الله بن الزبير قد ولى عبد الله بن السود بن نضلة بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب ،الكوفة ،فطرده عنها
:المختار بن أبي عبيدة حين ظهر؛ فقال فضالة بن شريك يهجو ابن مطيع
إلى بيعة قلبي بها غـير عـارف دعا ابن مطيع للبـياع فـجـئتـه
بكفي لم تشبه أكـف الـخـلئف فقرب لي خشناء لما لمسـتـهـا
فرورا إذا ما كان يوم التـسـايف معودة حمل الهراوي لقـومـهـا
وليست من البيض السياط اللطائف من الشثنات الكرم أنكرت لمسهـا
ولم يشترط إل اشتراط المجازف ولم يسم إذ بايعته من خلـيفـتـي
على مقرب ل يزدهى بالمجاذف متى تلق أهل الشام في الخيل تلفني
من الضاريات بالدماء الخواطـف هجا عمر بن مسعود لنه تسول في جمع ممر كبنيان العبادي مـخـطـف
صداق زوجه :وقال ابن حبيب في هذا السناد :تزوج عامر بن مسعود بن أمية بن خلف الجمحي امرأة من بني نصر بن معاوية،
:وسأل في صداقها بالكوفة ،فكان يأخذ من كل رجل سأله درهمين درهمين .فقال له فضالة بن شريك يهجوه بقوله
وجها يشين وجوه الربرب العين أنكحتم يا بني نصر فـتـاتـكـم
ول شجاعا إذا انشقت عصا الدين أنكحتم ل فتى دنـيا يعـاش بـه
حتى نكحت بأرزاق المساكـين هجا رجل من بني سليم خان المانة :وقال ابن قد كنت أرجو أبا حفص وسنتـه
حبيب في هذا السناد :أودع فضالة بن شريك رجل من بني سليم يقال له قيس ناقة ،فخرج في سفر ،فلما عاد طلبها منه،
:فذكر أنها سرقت .فقال فيه
ذكـرت وذو الـلـب ينـسـى كــثـــيرا ولـو أنـنـي يوم بـطـن الــعـــقـــيق
مصاب سليم لقاح النبي لم أودع الدهر فيهم بعيرا
إذا الـظـل كـان مـــداه قـــصـــيرا وقد فات قيس بعيرانة
إذا أقـلـق الـسـير فـيه الـضــفـــورا من الـلعـبـات بـفـضـل الـــزمـــام
ولـم يرهـم يبـك شـجــوا كـــبـــيرا ومـن يبـك مـنـكـم بـنـي مـــوقـــد
إذا الـحـيل كـانـت مـن الـطـعـن زورا هم الـعـاسـفـون صـلب الـقـــنـــا
وعـز لـمـن جـاءهـم مـسـتــجـــيرا وأيسـار لـقـمــان إذ أمـــحـــلـــوا
فرأت الـسـلم عـلـيهــم كـــثـــيرا فإن أنـا لـم يقـض لـي ألـــقـــهـــم
عود إلى شعر في ذم ابن الزبير قيل إنه لفضالة :وذكر ابن حبيب في هذه الرواية أن القصيدة التي ذكرتها عن المدائني في
:خبر عبد الله بن فضالة بن شريك مع ابن الزبير كانت مع فضالة وابن الزبير ل مع ابنه ،وذكر البيات وزاد فيها
فرد جواب مشدود الـصـفـاد شكوت إليه أن نقبت قلـوصـي
محال ذلـكـم غـير الـسـداد يضن بـنـاقة ويروم مـلـكـا
وليتهم بمـلـك مـسـتـقـاد وليت إمارة فبـخـلـت لـمـا
بكل سـمـيدع واري الـزنـاد فإن ولـيت أمـية أبـدلـوكـم
أغر كغرة الفـرس الـجـواد من العياص أو من آل حـرب
ببـيت ل يهـش لـه فـؤادي إذا لم ألقهم بـمـنـى فـإنـي
وتعـلـيق الداوي والـمـزاد سيدنيني لهم نـص الـمـطـايا
مناسمهـن طـلع الـنـجـاد وظهر معبد قـد أعـمـلـتـه
وما بالعرق من سبل الغـوادي وعين الحمض حمض خناصرات
كأن رؤوسهـن قـبـور عـاد فهن خـواضـع البـدان قـود
منارات بنين عـلـى عـمـاد طلب عبد الملك فضالة فلما وجده قد مات أكرم أهله: كأن مواقع الغربـان مـنـهـا
قال فلما ولي عبد الملك بعث إلى فضالة يطلبه ،فوجده قد مات ،فأمر لورثته بمائة ناقة تحمل وقرها برا وتمرا .قال :
.والكاهلية التي ذكرها زهرة بنت خنثر امرأة من بني كاهل ابن أسد ،وهي أم خويلد بن أسد بن عبد العزى
:صوت
وما كنت أخشى أن يطول به عهدي لقد طال عهدي بالمـام مـحـمـد
فواعجبا من قرب داري ومن بعدي فأصبحت ذا بـعـد وداري قـريبة
فإني رأيت العيد وجهك لي يبـدي فيا ليت أن العيد لـي عـاد يومـه
كبدر الدجى بين العمامة والـبـرد الشعر لبي السمط مروان الصفر بن أبي رأيتك في برد النـبـي مـحـمـد
.الجنوب بن مروان الكبر بن أبي حفصة
.والغناء لبنان خفيف رمل مطلق ابتداؤه نشيد .وذكر الصولي أن هذا الشعر ليحيى بن مروان .وهذا غلط قبيح
وحدثني عمر بهذا الخبر قال حدثني أحمد بن أبي طاهر قال حدثني حماد بن أحمد بن يحي قال حدثني مروان بن أبي
الجنوب ،فذكر مثل هذا الخبر سواء ،وقال بعد قوله :ل والله ل أمسك حتى أغرقك ،سلني حاجتك .فقلت :يا أمير المؤمنين،
الضيعة التي أمرت أن أقطعها باليمامة ذكر ابن المدبر أنها وقف المعتصم على ولده فقال :قد قبلتك إياها مائة سنة بمائة
درهم .فقلت :ل يحسن أن تضمن ضيعة بدرهم في السنة .فقال ابن المدبر فبألف درهم كل سنة .فقلت نعم .فأمر ابن المدبر
أن ينفد ذلك لي ،وقال :ليست هذه حاجة ،هذه قبالة ،فسلني حاجتك .فقلت :ضيعة يقال لها السيوح أمر الواثق بإقطاعي إياها،
.فمنعنيها ابن الزيات؛ فأمر بامضاء القطاع لي
كان علي بن الجهم يطعن عليه حسدا له على موضعه من المتوكل ،فهجاه هو في حضرة المتوكل وغلبه :حدثني جعفر بن
قدامة قال حدثني علي بن يحي المنجم قال :كان علي بن الجهم يطعن على مروان بن أبي الجنوب ويثلبه حسدا له على
موضعه من المتوكل .فقال له المتوكل يوما :يا علي ،أيما أشعر أنت أو مروان? فقال :أنا يا أمير المؤمنين .فأقبل على مروان
فقال له :قد سمعت فما عندك? قال :كل أحد أشعر مني يا أمير المؤمنين ،وما أصف نفسي ول أزكيها .وإذا رضيني أمير
المؤمنين فما أبالي من زيفني .فقال له :قد صدقتك ،علي يزعم سرا وجهرا أنه أشعر منك .فالتفت إليه مروان فقال له :يا
علي أأنت أشعر مني? فقال :أوتشك في ذاك? قال :نعم أشك وأشك وهذا أمير المؤمنين بيننا .فقال له علي :إن أمير
المؤمنين يحابيك .فقال المتوكل :هذا عي منك يا علي؛ ثم قال لبن حمدون :احكم بينهما .فقال :طرحتني والله يا أمير
المؤمنين بين أنياب ومخالب أسدين .قال :والله لتحكمن بينهما .فقال له :أما إذ حلفت يا أمير المؤمنين فأشعرهما عندي
أعرفهما في الشعر .قفال له المتوكل :قد سمعت يا علي .قال :قد عرف ميلك إليه فمال معه .فقال :دعنا منك ،هذا كله عي،
فإن كنت صادقا فاهج مروان .قال :قد سكرت ول فضل في .فقال المتوكل لمروان :اهجه أنت ،وبحياتي ل تبق غاية .فقال
:مروان
ويقول لي حسنا إذا لقانـي إن ابن جهم في المغيب يعيبني
فكأنما في بطـنـه ولـدان صغرت مهابته وعظم بطنـه
لو كان يرحمها لما عادانـي ويح ابن جهم ليس يرحم أمـه
ونزا على شيطانه شيطانـي قال :فضحك المتوكل والجلساء منه ،وانخزل ابن فإذا التقينا ناك شعري شعـره
الجهم ،فلم يكن عنده أكثر من أن قال :جمع حيلة الرجال وحيلة النساء .فقال له المتوكل :هذا أيضا من عيك وبردك ،إن كان
:عندك شيء فهاته؛ فلم يأت بشيء .فقال لمروان :بحياتي إن حضرك شيء فهاته ،ول تقصر في شتمك .فقال مروان
وهذا علي بعده يدعي الشعـرا لعمرك ما الجهم بن بدر بشاعر
فلم ادعى الشعار أوهمني أمرا قال :فضحك المتوكل وقال :زده بحياتي .فقال ولكن أبي قد كان جـارا لمـه
:فيه
قلت إني قرشيه يابن بدر يا علـيه
فاسكتي يا نبطيه قلت ما ليس بحق
اسكتي يا حلقـيه فاخذ عبادة هذه البيات فغناها على الطبل وجاوبه من كان يغني، اسكتي يا بنت جهم
:والمتوكل يضحك ويضرب بيديه ورجليه ،وعلي مطرق كأنه ميت ،ثم قال :علي بالدواة فأتي بها ،فكتب
عداوة غير ذي حـسـب ودين بلء لـيس يشـبـهـه بـلء
ويرتع منك في عرض مصون قال علي بن الجهم شعرا في حبسه ،فعارضه فلم يبيحك منه عرضا لم يصـنـه
يطلقوه :أخبرني علي بن العباس بن أبي طلحة قال حدثني جعفر بن هارون بن زياد قال حدثني محمد ابن السري قال :لما
:مدح علي بن الجهم وهو محبوس المتوكل بقوله
وسلمنا لسباب القضاء وذكر فيها جميع الندماء وسبعهم وهجاهم ،انتدب له مروان توكلنا على رب السماء
بن أبي الجنوب فعارضه فيها ،وقد كان المتوكل رق له ،فلما أنشده مروان هذه القصيدة اعتورته ألسنة الجلساء فثلبوه
:واغتابوه وضربوا عليه ،فتركه في محبسه .والقصيدة
دعي في أناس أدعياء ألم تعلم بأنك يابن جهم
قال :ثم حم المتوكل حمى الربع ،فدخل عليه مروان بن أبي الجنوب بن مروان بن أبي حفصة ،فأنشده قصيدة له على هذا
الروي ،وأدخل البيتين فيها ،فسر بها المتوكل .فقال له علي بن الجهم :يا أمير المؤمنين ،هذا شعر مقول ،والتفت إلي وقال:
هذا يعلم .فالتفت إلي المتوكل وقال :أتعرفه? فقلت :ما سمعته قبل اليوم ،فشتم علي بن الجهم وقال له :هذا من حسدك
وشرك وكذبك .فلما خرجنا قال علي بن الجهم :ويحك مالك قد جننت أما تعرف هذا الشعر? قلت :بلى وأنشدته إياه .فلما
عدت إلى المتوكل من غد قال له :يا أمير المؤمنين ،قد اعترف لي بالشعر وأنشدنيه .فقال لي :أكذاك هو? فقلت :كذب يا أمير
المؤمنين ما سمعت به قط فازداد عليه غيظا وله شتما .فلما خرجنا قال لي :ما في الرض شر منك .فقلت له :أنت أحمق،
تريد مني أن أجيء إلى شعر قد قاله فيه شاعر يحبه ويعجبه شعره فأقول له :إني أعرفه فأوقع نفسي وعرضي في لسان
.الشاعر لترتفع أنت عنده ،ويسقط ذاك ويبغضني أنا
:صوت
م بهذا الشأن ثـان ما لبراهيم في العل
حاق زين للزمـان إنما عمر أبـي إس
ق أجابته المثانـي فإذا غنى أبو إسحـا
و وريحان الجنـان منه يجنى ثمر اللـه
حاق في كل مكان عروضه من الرمل .الشعر لبن سيابة .والغناء لبراهيم الموصلي جنة الدنيا أبـو إس
.خفيف ثقيل بإطلق الوتر في مجرى البنصر عن إسحاق ابنه
:ولع يوما أبو الحارث جميز بابن سيابة حتى أخجله .فقال عند ذلك ابن سيابة يهجوه
من ظهره وقريبا من ذراعـين بنى أبو الحارث الجميز في وسط
ألقى على باب دير القس خرجين ديرا لقس إذا ما جـاء يدخـلـه
ل ذو يدين ول يمشي برجـلـين جوابه لمن اقترض منه فاعتذر :أخبرني يعدو على بطنه شدا على عجـل
هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا عيسى بن إبراهيم تينة قال :كتب ابن سيابة إلى صديق له يقترض منه شيئا؛ فكتب إليه
.يعتذر له ويحلف أنه ليس عنده ما سأله .فكتب إليه :إن كنت كاذبا فجعلك الله صادقا .وإن كنت ملوما فجعلك الله معذورا
ضرط في جماعة فكلم استه :أخبرني محمد بن أبي الزهر قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال :كان ابن سيابة الشاعر
عندنا يوما مع جماعة نتحدث ونتناشد وهو ينشدنا شيئا من شعره ،فتحرك فضرط ،فضرب بيده على استه غير مكترث ،ثم قال:
.إما أن تسكتي حتى أتكلم ،وإما أن تتكلمي حتى أسكت
غمز غلما أمرد فأجابه :أخبرني علي بن صالح بن الهيثم النباري الكاتب قال حدثني أبو هفان قال :غمز ابن سيابة غلما أمرد
ذات يوم فأجابه ،ومضى به إلى منزله ،فأكل وجلسا يشربان .فقال له الغلم :أنت ابن سيابة الزنديق? قال نعم .قال :أحب أن
تعلمني الزندقة .قال :أفعل وكرامة .ثم بطحه على وجهه ،فلما تمكن منه أدخل عليه؛ فصاح الغلم أوه أيش هذا ويحك? قال
.سألتني أن أعلمك الزندقة ،وهذا أول باب من شرائعها
يرى فقدان الدقيق أكبر مصيبة :أخبرني الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثني محرز بن جعفر الكاتب قال :قال لي إبراهيم
بن سيابة الشاعر :إذا كانت في جيرانك جنازة وليس في بيتك دقيق فل تحضر الجنازة ،فإن المصيبة عندك أكبر منها عند
.القوم ،وبيتك أولى بالمأتم من بيتهم
سخط عليه الفضل بن الربيع فاستعطفه بشعر فرضي عنه ووصله :أخبرني جعفر بن قدامة ومحمد بن مزيد قال حدثنا حماد
بن إسحاق عن أبيه قال :سخط الفضل بن الربيع على ابن سيابة ،فسألته أن يرضى عنه فامتنع .فكتب إليه ابن سيابة بهذه
:البيات وسألني إيصالها
فأحط بجرمي عفوك المأمـول إن كان جرمي قد أحاط بحرمتي
في مثلها أحد فنلـت الـسـول فكم ارتجيتك في التي ل يرتجى
ووجدت حلمك لي عليك دلـيل وضللت عنك فلم أجد لي مذهبا
يزداد عفوك بعد طولك طـول هبني أسـأت ومـا أقـر كـي
لم يعدم الراجون منه جـمـيل فلما قرأها الفضل دمعت عيناه ورضي عن ابن فالعفو أجمل والتفضل بامـرئ
.سيابة ،وأوصله إليه وأمر إليه بعشرة آلف درهم
حواره المقذع مع بشار :أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثنا الحسن بن الفضل قال
سمعت ابن عائشة يقول :جاء إبراهيم بن سيابة إلى بشار فقال له :ما رأيت أعمى قط إل وقد عوض من بصره إما الحفظ
والذكاء وإما حسن الصوت ،فأي شيء عوضت أنت ? قال :أل أرى ثقيل مثلك ،ثم قال له :من أنت ويحك? قال :إبراهيم بن
:سيابة .فتضاحك ثم قال :لو نكح السد في استه لذل .وكان إبراهيم يرمى بذلك .ثم تمثل بشار
ومات جوعا ولم ينل شبعـا لو نكح االليث في استه خضعا
لو بصق الناس فيه ما قطعا نزل على سليمان بن يحيى بن معاذ بنيسابور :أخبرني كذلك السيف عنـد هـزتـه
حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثني عبد الله بن أبي نصر المروزي قال حدثني محمد بن عبد
الله الطلحي قال حدثني سليمان بن يحيى بن معاذ قال :قدم إبراهيم بن سيابة نيسابور فأنزلته علي؛ فجاءني ليلة من الليالي
:وهو مهرب ،فجعل يصيح بي :يا أبا أيوب .فخشيت أن يكون قد غشيه شيء يؤذيه ،فقلت :ما تشاء? فقال
:أعياني الشادن الربيب فقلت بماذا? فقال
:أكتب أشكو ل يجيب قال فقلت له :داره وداوه؛ فقال
وإنما دائي الـطـبـيب فقلت :ل دواء إذا إل أن يفرج الله تعالى .فقال :من أين أبغي شفاء ما بي
فإنك السامع المجيب ثم انصرف .يا رب فرج إذا وعجل
.في هذا الشعر رمل طنبوري لجحظة
فلما انصرف يزيد بالظفر حجب برأي البرامكة ،وأظهر الرشيد السخط عليه .فقال :وحق أمير المؤمنين لصيفن وأشتون
على فرسي أو أدخل .فارتفع الخبر بذلك فأذن له فدخل .فلما رآه أمير المؤمنين ضحك وسر وأقبل يصيح :مرحبا بالعرابي
.حتى دخل وأجلس وأكرم وعرف بلؤه ونقاء صدره
من قصيد مسلم بن الوليد في يزيد بن مزيد :ومدحه الشعراء بذلك .فكان أحسنهم مدحا مسلم بن الوليد؛ فقال فيه قصيدته
:التي أولها
وشمرت همم العذال في عـذلـي أجررت حبل خليع في الصبا غـزل
مفرق بين تـوديع ومـحـتـمـل هاج البكاء على العين الطموح هوى
يهذي بصاحب قلب غير مختـبـل وفيها يقول :كيف السلو لقلب بات مـخـتـبـل
إذا تغير وجه الفارس الـبـطـل يفتر عند افترار الحرب مبتسـمـا
كأنه أجـل يسـعـى إلـى أمـل موف على مهج في يوم ذي رهـج
كالموت مستعجل يأتي على مهـل ينال بالرفق ما يعيا الـرجـال بـه
كالبيت يفضي إليه ملتقى السـبـل ل يرحل الناس إل نحو حجـرتـه
يقري الضيوف شحوم الكوم والبزل يقري المنية أرواح العـداة كـمـا
ويجعل الهام تيجان القنـا الـذبـل يكسو السيوف رؤوس الناكثين بـه
مسالك الموت في البدان والقلـل إذا انتضى سيفه كانت مسـالـكـه
وراثة في بني شيبـان لـم تـزل ل تكذبن فإن المـجـد مـعـدنـه
تكلم الفخر عنه غير مـنـتـحـل إذا الشريكي لم يفخر عـلـى أحـد
خوف المخيف وأمن الخائف الوجل الزائديون قـوم فـي رمـاحـهـم
حلما وطفلهم في هدي مكتـهـل كبيرهم ل تقـوم الـراسـيات لـه
إذا سلمت ول في الدين من خلـل اسلم يزيد فما في الملـك مـن أود
عن بيضة الدين لم تأمن من الثكـل لول دفاعك بأس الروم إذ مكـرت
بعارض للمنايا مسـبـل هـطـل والمارق ابن طريف قد دلفـت لـه
فاز الوليد بقدح الناضل الخـصـل لو أن غير شريكـي أطـاف بـه
إل كمثل جراد ريع مـنـجـفـل ما كان جمعهم لما دلـفـت لـهـم
أخرجته من حصون الملك والخول كم آمن لك نائي الدار مـمـتـنـع
ل يأمن الدهر أن يدعى على عجل تراه في المن في درع مضاعـفة
ول يمسح عينيه مـن الـكـحـل ل يعبق الطيب خديه ومـفـرقـه
عضب حسام وعرض غير مبتـذل يأبى لك الذم في يومـيك إن ذكـرا
كذاك ما لبني شيبان مـن مـثـل وقال محمد بن يزيد :يعني بقوله :فافخر فما لك في شيبان من مثـل
:تراه في المن في درع مضاعفة كان معن يقدمه على بنيه فعاتبته امرأته فأراها حالهم وحاله
خبر يزيد بن مزيد .وذاك أن امرأة معن بن زائدة عاتبت معنا في يزيد وقالت :إنك لتقدمه وتؤخر بنيك ،وتشيد بذكره وتحمل
ذكرهم ،ولو نبهتهم لنتبهوا ،ولو رفعتهم لرتفعوا .فقال معن :إن يزيد قريب لم تبعد رحمه ،وله علي حكم الولد إذ كنت عمه.
وبعد فإنهم ألوط بقلبي وأدنى من نفسي على ما توجبه واجبة الولدة للبوة في تقديمهم ،ولكني ل أجد عندهم ما أجده عنده.
ولو كان ما يضطلع به يزيد في بعيد لصار قريبا ،وفي عدو لصار حبيبا .وسأريك في ليلتي هذه ما ينفسح به اللوم عني ويتبين به
عذري .يا غلم اذهب فادع جساسا وزائدة وعبد الله فلنا وفلنا ،حتى أتى على أسماء ولده؛ فلم يلبث أن جاؤوا في الغلئل
المطيبة والنعال السندية ،وذلك بعد هدأة من الليل ،فسلموا وجلسوا .ثم قال :يا غلم ادع لي يزيد وقد أسبل سترا بينه وبين
المرأة ،وإذا به قد دخل عجل وعليه السلح كله ،فوضع رمحه بباب المجلس ثم أتى يحضر .فلما رآه معن قال :ما هذه الهيئة
أبا الزبير? وكان يزيد يكنى أبا الزبير وأبا خالد فقال :جاءني رسول المير فسبق إلى نفسي أنه يريدني لوجه ،فقلت :إن كان
مضيت ولم أعرج ،وإن يكن المر على خلف ذلك فنزع هذه اللة أيسر الخطب .فقال لهم :انصرفوا في حفظ الله .فقالت
:المرأة :قد تبين عذرك .فأنشد معن متمثل
وعودته الكر والقدامـا نفس عصام سودت عصاما
وصيرته ملكا همـامـا من شعر أخته في رثائه :وأخبرني محمد بن الحسن الكندي قال حدثنا الرياشي قال :أنشدني الصمعي
:لخت الوليد بن طريف ترثيه
إذ الرض من شخصه بلقع ذكـرت الـولـيد وأيامـه
كما يبتغي أنفـه الجـدع فأقبلت أطلبه في السـمـاء
إفادة مثل الذي ضـيعـوا أضاعك قومك فليطلـبـوا
يصيبك تعلم ما تـصـنـع لو أن السيوف التي حدهـا
وخوفا لصولك ل تقـطـع بعض أخلق عبد الله بن طاهر :فأما خبر عبد الله بن طاهر نبت عنك أو جعلـت هـيبة
في صنعته هذا الصوت ،فإن عبد الله كان بمحل من علو المنزلة وعظم القدر ولطف مكان من الخلفاء ،يستغني به عن
التقريظ له والدللة عليه .وأمره في ذلك مشهور عند الخاصة والعامة ،وله في الدب مع ذلك المحل الذي ل يدفع ،وفي
.السماحة والشجاعة ما ل يقاربه فيه كبير أحد
فرق خراج مصر وقال أبياته أرضى بها المأمون :أخبرني علي بن سليمان الخفش عن محمد بن يزيد المبرد أن المأمون
أعطى عبد الله بن طاهر مال مصر لسنة خراجها وضياعها ،فوهبه كله وفرقه في الناس ،ورجع صفرا من ذلك ،فغاظ المأمون
:فعله .فدخل إليه يوم مقدمه فأنشده أبياتا قالها في هذا المعنى ،وهي
للنائبات أبيا غير مـتـهـضـم نفسي فداؤك والعناق خاضـعة
حولين بعدك في شوق وفي ألـم إليك أقبلت من أرض أقمت بهـا
حذو الشراك على مثل من الدم أقفو مساعيك اللتي خصصت بها
لما سننت من النعام والـنـعـم فكان فضلي فيها أنـنـي تـبـع
لكن بدأت فلم أعجـز ولـم ألـم فضحك المأمون وقال :والله ما نفست عليك ولو وكلت إلى نفسي غنيت بهـا
مكرمة نلتها ول أحدوثة حسن عنك ذكرها ،ولكن هذا شيء إذا عودته نفسك افترقت ولم تقدر على لم شعثك وإصلح حالك.
.وزال ما كان في نفسه
أتاه معلى الطائي ومدحه فأجازه :أخبرني وكيع قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثني عبد الله بن فرقد قال أخبرني
محمد ابن الفضل محمد بن منصور قال :لما افتتح عبد الله بن طاهر مصر ونحن معه ،سوغه المأمون خراجها .فصعد المنبر
فلم يزل حتى أجاز بها كلها ثلثة آلف دينار أو نحوها .فأتاه معلى الطائي وقد أعلموه ما قد صنع عبد الله بن طاهر بالناس في
الجوائز ،وكان عليه واحدا ،فوقف بين يديه تحت المنبر فقال :أصلح الله المير أنا معلى الطائي ،وقد بلغ مني ما كان منك إلي
:من جفاء وغلظ .فل يغلظن علي قبلك ،ول يستخفنك الذي بلغك ،أنا الذي أقول
وأظلم الناس عند الجود للمال يا أعظم الناس عفوا عند مقدرة
لما أشرت إلى خزن بمثقـال لو أصبح النيل يجري ماؤه ذهبا
وليس شيء أعاض الحمد بالغالـي تغلى بما فيه رق الحمد تمـلـكـه
إذا استطال على قـوم بـإقـلل تفك باليسر كف العسر من زمـن
أ ومرهف قاتل في رأس قـتـال لم تخل كفك من جود لمخـتـبـط
إل عصـفـن بـأرزاق وآجـال وما بثثت رعيل الخيل فـي بـلـد
فإن شكرك من قلبي علـى بـال إن كنت على بـال مـنـنـت بـه
من ألسن خضن في صدري بأقوال قال فضحك عبد الله وسر بما كان منه، ما زلت منقضبا لول مـجـاهـرة
.وقال :يا أبا السمراء أقرضني عشرة آلف دينار ،فما أمسيت أملكها؛ فأقرضه فدفعها إليه
أحسن إلى موسى بن خاقان ثم جفاه ،فمدح موسى المأمون وعرض به :أخبرني علي بن عبد العزيز عن ابن خرداذبه قال:
كان موسى بن خاقان مع عبد الله بن طاهر بمصر ،وكان نديمه وجليسه ،وكان له مؤثرا مقدما؛ فأصاب منه معروفا كثيرا
وأجازه بجوائز سنية هناك وقبل ذلك .ثم إنه وجد عليه في بعض المر ،فجفاه وظهر له منه بعض ما لم يحبه ،فرجع حينئذ إلى
:بغداد وقال :صوت
ل مبدئا عرفا وإحسانا إن كان عبد الله خلنا
ثم بعبد الله مـولنـا يعني بعبد الله الثاني المأمون ،وغنت فيه جاريته ضعف لحنا من فحسبنا الله رضينا بـه
الثقيل الول ،وسمعه المأمون فاستحسنه ووصله وإياها .فبلغ ذلك عبد الله بن طاهر ،فغاظه ذلك وقال :أجل صنعنا المعروف
.إلى غير أهله فضاع
:وكانت ضعف إحدى المحسنات .ومن أوائل صنعتها وصدور أغانيها وما برزت فيه وقدمت فاختيرت ،صنعتها في شعر جميل
هدوءا فهاج القلب شوقا وأنصـبـا أمنك سرى يا بثـن طـيف تـأوبـا
ولو زارني مستيقظا كان أعجـبـا الشعر لجميل ،والغناء لضعف ثقيل أول عجبت له أن زار في النوم مضجعي
.بالبنصر
قصته مع محمد بن يزيد الموي :أخبرني عمي قال حدثني أبو جعفر بن الدهقانة النديم قال حدثنا العباس بن الفضل
الخراساني ،وكان من وجوه قواد طاهر وابنه عبد الله ،وكان أديبا عاقل فاضل ،قال :لما قال عبد الله بن طاهر قصيدته التي
يفخر فيها بمآثر أبيه وأهله ويفخر بقتلهم المخلوع ،عارضه محمد بن يزيد الموي الحصني ،وكان رجل من ولد مسلمة بن عبد
الملك ،فأفرط في السب وتجاوز الحد في قبح الرد ،وتوسط بين القوم وبين بني هاشم فأربى في التوسط والتعصب .فكان
:مما قال فيه
ما لـحـاذيه سـراويل يا بن بيت النار موقدهـا
مصعب غالتكم غـول من حسين من أبوك ومن
وأبــــوات أراذيل نسب في الفخر مؤتشب
ودم المقتول مطـلـول قاتل المخلوع مقـتـول
وهي قصيدة طويلة .فلما ولي عبد الله مصر ورد إليه تدبير أمر الشام ،علم الحصني أنه ل يفلت منه إن هرب ول ينجو من
يده حيث حل ،وأحرز حرمه ،وترك أمواله ودوابه وكل ما كان يملكه في موضعه ،وفتح باب حصنه وجلس عليه ،ونحن نتوقع من
عبد الله بن طاهر أن يوقع به .فلما شارفنا بلده وكنا على أن نصبحه ،دعاني عبد الله في الليل فقال لي :بت عندي الليلة،
وليكن فرسك معدا عندك ل يرد ،ففعلت .فلما كان في السحر أمر غلمانه وأصحابه ال يرحلوا حتى تطلع الشمس ،وركب في
السحر وأنا وخمسة من خواص غلمانه معه ،فسار حتى صبح الحصني ،فرأى بابه مفتوحا ورآه جالسا مفتوحا مسترسل،
فقصده وسلم عليه ونزل عنده وقال له :ما أجلسك ها هنا وحملك على أن فتحت بابك ولم تتحصن من هذا الجيش المقبل ولم
تتنح عن عبد الله بن طاهر مع ما في نفسه عليك وما بلغه عنك? فقال :إن ما قلت لم يذهب علي ،ولكني تأملت أمري،
وعلمت أني أخطأت خطيئة حملني عليها نزق الشباب وغرة الحداثة ،وأني هربت منه لم أفته ،فباعدت البنات والحرم،
واستسلمت بنفسي وكل ما أملك؛ فأنا أهل بيت قد أسرع القتل فينا ،ولي بمن مضى أسوة؛ فإني أثق بأن الرجل إذا قتلني
وأخذ مالي شفى غيظه ولم يتجاوز ذلك إلى الحرم ول له فيهن أرب ،ول يوجب جرمي إليه أكثر مما بذلته .قال :فوالله ما اتقاه
عبد الله إل بدموعه تجري على لحيته .ثم قال له :أتعرفني? قال :ل والله قال :أنا عبد الله بن طاهر ،وقد أمن الله تعالى
روعتك ،وحقن دمك ،وصان حرمك ،وحرس نعمتك ،وعفا عن ذنبك .وما تعجلت إليك وحدي إل لتأمن من قبل هجوم الجيش،
ولئل يخالط عفوي عنك روعة تلحقك .فبكى الحصني وقام فقبل رأسه؛ وضمه إليه عبد الله وأدناه ،ثم قال له :إما ل فل بد من
عتاب .يا أخي جعلني الله فداك قلت شعرا في قومي أفخر بهم لم أطعن فيه على حسبك ول ادعيت فضل عليك .وفخرت بقتل
رجل هو وإن كان من قومك ،فهم القوم الذين ثأرك عندهم؛ فكان يسعك السكوت ،أو إن لم تسكت ل تغرق ول تسرف .فقال:
أيها المير ،قد عفوت ،فاجعله العفو الذي ل يخلطه تثريب ،ول يكدر صفوه تأنيب .قال :قد فعلت ،فقم بنا ندخل إلى منزلك
حتى نوجب عليك حقا بالضيافة .فقام مسرورا فأدخلنا ،فأتى بطعام كان قد أعده ،فأكلنا وجلسنا نشرب في مستشرف له.
وأقبل الجيش ،فأمرني عبد الله أن أتلقاهم فأرحلهم ،ول ينزل أحد منهم إل في المنزل ،وهو على ثلثة فراسخ؛ فنزلت
فرحلتهم .وأقام عنده إلى العصر .ثم دعا بدواة فكتب له بتسويغه خراجه ثلث سنين ،وقال له :إن نشطت لنا فالحق بنا ،وإل
فأقم بمكانك .فقال :فأنا أتجهز بالمير .ففعل فلحق بنا بمصر ولم يزل مع عبد الله ل يفارقه حتى رحل إلى العراق ،فودعه
.وأقام ببلده
بعض الشعار التي غنى فيها وذكر بعض أخبار استدعاها بيانها :فأما الصوات التي غنى فيها عبد الله بن طاهر فكثيرة .وكان
عبيد الله بن عبد الله إذا ذكر شيئا منها قال :الغناء للدار الكبيرة ،وإذا ذكر شيئا من صنعته قال :الغناء للدار الصغيرة فمنها
ومن مختارها وصدورها ومقدمها لحنه من شعر أخت عمرو بن عاصية وقيل :إنه لخت مسعود بن شداد فإنه صوت نادر جيد.
قال أبو العبيس بن حمدون وقد ذكره ففضله :جاء به عبد الله بن طاهر صحيح العمل مزدوج النغم بين لين وشدة على رسم
:الحذاق من القدماء ،وهو :صوت
نفسي فداؤك من ذي غلة صادي هل سقيتم بني سهـم أسـيركـم
مضرج بعد ما جادت بـإزبـاد الشعر لخت عمرو بن عاصية السلمي ترثيه . الطاعن الطعنة النجلء يتبعـهـا
وكان بنو سهم ،وهم بطن من هذيل ،أسروه في حرب كانت بينهم ولم يعرفوه ،فلما عرفوه قتلوه .وكان قد عطش
فاستسقاهم ،فمنعوه وقتلوه على عطشه .وقيل :إن هذا الشعر للفارغة أخت مسعود بن شداد .ولحن عبد الله بن طاهر خفيف
.ثقيل أول بالوسطى ابتداؤه استهلل
أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عمر بن شبة قال :قتلت بنو سهم ،وهم بطن من
هذيل ،عمرو بن عاصية السلمي ،وكان رجلن منهم أخذاه أخذا ،فاستسقاهما ماء فمنعاه ذلك ،ثم قتله .فقالت أخته ترثيه،
:وتذكر ما صنعوا به
فل تبوخ ول يرتد صاليها شبت هذيل وبهز بينها إرة
.ويروى :شبت هذيل وسهم ،وهو الصحيح ،ولكن كذا قال عمر بن شبة
خلى علي فجاجا كان يحميها وقالت أيضا ترثيه :إن ابن عاصية المقتول بينكما
على ابن عاصية المقتول بالوادي يا لهف نفسي لهفـا دائمـا أبـدا
نفسي فداؤك من ذي غلة صادي قال :فغزا عرعرة بن عاصية هذيل يطلبهم هل سقيتم بنس سهـم أسـيركـم
:بدم أخيه ،فقتل منهم نفرا وسبى امرأة فجردها ،ثم ساقها معه عارية إلى بلد بني سليم؛ فقالت عند ذلك
وأفرط في السوق العنيف إسارها ألمت سليم في السياق وأفحـشـت
فوارس منها وهي باد شـوارهـا لعل فتاة مـنـهـم أن يسـوقـهـا
هذيل فقد باءت فكيف اعتذارهـا فإن سبقت عليا سليم بـذحـلـهـا
تثير عجاجا مستطيرا غـبـارهـا أل ليت شعري هل أرى الخيل شزبا
ويغسل ما قد كان بالمس عارهـا هذه رواية عمر بن شبة .فأما رواية أبو فترقا عيون بعد طـول بـكـائهـا
عبيدة فإنه خالفه في ذلك ،وذكر في مقتله ،فيما أخبرني به محمد بن الحسن بن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال :خرج
عمرو بن عاصية السلمي ثم البهزي في جماعة من قومه ،فأغاروا على هذيل بن مدركة ،فصادفوا حيا من هذيل يقال لهم بنو
سهم بن معاوية .وكانت امرأة من هذيل تحت رجل من بني بهز ،فقالت لبن لها معه :أي بني انطلق إلى أخوالك فأنذرهم بأن
ابن عاصية قد أمسى يريدهم ،وذلك حين عزم ابن عاصية على غزوهم وأراد المسير إليهم .فانطلق الغلم من تحت ليلته حتى
أتى أخواله فأنذرهم ،فقال :ابن عاصية السلمي يريدكم ،فخذوا حذركم؛ فبدر القوم واستعدوا .وأصبح عمرو بن عاصية قريبا
من الحي ،فنزل فربأ لصحابه على جبل مشرف على القوم ،فإذا هم حذرون .فقال لصحابه :أرى القوم حذرين إن لهم لشأنا،
ولقد أنذروا علينا .فكمن في الجبل يطلب غفلتهم ،فأصابه وأصحابه عطش شديد ،فقال ابن عاصية لصحابه :هل فيكم من
يرتوي لصحابه? فقال أصحابه :نخاف القوم ،وأبى أحد منهم أن يجيبه إلى ذلك .قال :فخرج على فرس له ومعه قربته .وقد
وضعت هذيل على الماء منهم رصدا ،وعلموا أنهم ل بد لهم من أن يردوا الماء .فمر بهم عمرو بن عاصية وقد كمن له شيخ
وفتيان من هذيل ،فلما نظروا إليه هم الفتيان أن يثاوراه .فقال الشيخ مهل فإنه لم يركما .فكفا .فانتهى ابن عاصية إلى البئر،
فنظر يمينا وشمال فلم ير أحدا والخرون يرمقونه من حيث ل يراهم .فوثب نحو قربته فأخذها ثم دخل البئر فطفق يمل القربة
ويشرب .وأقبل الفتيان والشيخ معهم حتى أشرفوا عليه وهو في البئر ،فرفع رأسه فأبصر القوم؛ فقالوا :قد أخزاك الله يا بن
عاصية وأمكن منك قال :ورمى الشيخ بسهم فأصاب أخمصه فأنفذه فصرعه ،وشغل الفتيان بنزع السهم من قدم الشيخ ،ووثب
ابن عاصية من البئر شدا نحو أصحابه ،وأدركه الفتيان قبل وصوله فأسراه .فقال لهما حين أخذاه :أروياني من الماء ثم اصنعا
:ما بدا لكما .فلم يسقياه وتعاوراه بأسيافهما حتى قتله .فقالت أخت عمرو بن عاصية ترثي أخاها
على ابن عاصية المقتول بالوادي يا لهف نفسي يوما ضلة جزعـا
مشي السبنتي أمام اليكة العادي إذ جاء ينفض عن أصحابه طفل
نفسي فداؤك من مستورد صادي قال أبو عبيدة :وآب غزي بني سليم بعد هل سقيتم بني سهـم أسـيركـم
مقتل ابن عاصم .قال :فبلغ أخاه عرعرة بن عاصية قتل هذيل أخاه وكيف صنع به ،فجمع لهم جمعا من قومه فيهم فوارس من
بني سليم منهم عبيدة بن حكيم الشريدي وعمر بن الحارث الشريدي وأبو مالك البهزي وقيس بن عمرو أحد بني مطرود من
بني سليم وفوارس من بني رعل .قال :فسرى إليهم عرعرة ،فالتقوا بموضع يقال له الجرف فاقتتلوا قتال شديدا ،فظفرت بهم
بنو سليم فأوجعوا فيهم وقتلوا منهم قتلى عظيمة ،وأسروا أسرى ،وأصابوا امرأة من هذيل فعروها من ثيابها واستاقوها مجردة
:فأفحشوا في ذلك .وقال عرعرة بن عاصية في ذلك يذكر من قتل
مغلغلة تخب مع الشفـيق أل أبلغ هذيل حيث حلـت
تواقفت الفوارس بالمضيق مقامكم غداة الجرف لمـا
صفحة 1333 :
أخبرني بخبر عمر بن أبي ربيعة في هذا الشعر وقوله إياه الحرمي بن أبي العلء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا سليمان
بن عياش السعدي قال أخبرني السائب بن ذكوان راوية كثير قال :قدم عمر بن أبي ربيعة المدينة ،وأخبرني الحسين بن يحيى
عن حماد عن أبيه عن عثمان بن حفص قال ،وأخبرني علي بن صالح عن أبي هفان عن إسحاق عن عثمان بن حفص والزبيري
والمسيبي ،وأخبرني به أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا عمر بن شبة موقوفا عليه .وجمعت رواياتهم ،وأكثر اللفظ
للزبير بن بكار وخبره أتم :أن عمر بن أبي ربيعة قدم المدينة ،فزعموا أنه قدمها من أجل امرأة من أهلها ،فأقام بها شهرا؛
:فذلك قوله
بالمصلى وقد شنئت البقيعا خرج هو والحوص إلى مكة فمرا بنصيب وكثير يا خليلي قد مللت ثـوائي
.وتحاوروا :قال :ثم خرج إلى مكة ،فخرج معه الحوص واعتمرا
قال الزبير في خبره عن سائب راوية كثير إنه قال :لما مرا بالروحاء استتلياني فخرجت أتلوهما ،حتى لحقتهما بالعرج عند
رواحهما .فخرجنا جميعا حتى وردنا ودان ،فحبسهما النصيب وذبح لهما وأكرمهما ،وخرجنا وخرج معنا النصيب .فلما جئنا كلية
عدلنا جميعا إلى منزل كثير ،فقيل لنا :هبط قديدا ،فذكر لنا أنه في خيمة من خيامها .فقال لي ابن أبي ربيعة :اذهب فادعه لي.
فقال النصيب :هو أحمق وأشد كبرا من أن يأتيك .فقال لي عمر :اذهب كما أقول لك فادعه لي .فجئته ،فهش لي وقال :اذكر
غائبا تره ،لقد جئت وأنا أذكرك .فأبلغه رسالة عمر؛ فحدد إلي نظرة وقال :أما كان عندك من المعرفة ما يردعك عن إتياني
بمثل هذه الرسالة قلت :بلى والله ولكني سترت عليك فأبى الله إل أن يهتك سترك .فقال لي :إنك والله يا بن ذكوان ما أنت
من شكلي؛ فقل لبن أبي ربيعة :إن كنت قرشيا فأنا قرشي .فقلت له :ل تترك هذا التلصق وأنت تقرف عنهم كما تقرف
الصمغة فقال :والله لنا أثبت فيهم منك في سدوس .ثم قال :وقل له :إن كنت شاعرا فأنا أشعر منك .فقلت له :هذا إذا كان
الحكم إليك .فقال :وإلى من هو ومن أولى بالحكم مني وبعد هذا يا بن ذكوان فاحمد الله على لومك ؛ فقد منعك مني اليوم?
فرجعت إلى عمر ،فقال :ما وراءك? فقلت :ما قال لك نصيب .فقال :وإن .فأخبرته فضحك وضحك صاحباه ظهرا لبطن ،ثم
نهضوا معي إليه .فدخلنا عليه في خيمة ،فوجدناه جالسا على جلد كبش ،فوالله ما أوسع للقرشي .فلما تحدثوا مليا فأفاضوا
:في ذكر الشعر ،أقبل على عمر فقال له :أنت تنعت المرأة فتنسب بها ثم تدعها وتنسب بنفسك .أخبرني يا هذا عن قولك
ثم اغمزيه يا أخت في خفر قالت تصدى له ليعرفـنـا
ثم اسبطرت تشتد في أثري قالت لها وقد غمزته فأبـى
لنفسدن الطواف في عمـر أتراك لو وصفت بهذا هرة أهلك ألم تكن قد قبحت وقولها والدموع تسبـقـهـا
:وأسأت وقلت الهجر .إنما توصف الحرة بالحياء والباء واللتواء والبخل والمتناع ،كما يقال هذا وأشار إلى الحوص
بأبياتكم ما درت حـيث أدور أدور ولول أن أرى أم جعفـر
إذا لم يزر ل بد أن سـيزور وما كنت زوارا ولكن ذا الهوى
وإني إلى معروفها لفـقـير قال :فدخلت الحوص أبهة وعرفت الخيلء فيه .فلما لقد منعت معروفها أم جعفـر
:استبان كثير ذلك فيه قال :أبطل آخرك أولك .أخبرني عن قولك
بصرمك بعد وصلك ل أبالي فإن تصلي أصلك وإن تبينـي
تعرض كي يرد إلى الوصال أما والله لو كنت فحل لباليت ولو كسرت أنفك .أل ول ألفى كمن إن سيم صرما
:قلت كما قال هذا السود وأشار إلى نصيب
وقل إن تملينا فما ملك القلـب قال :فانكسر الحوص ،ودخلت النصيب بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب
:أبهة .فلما نظر أن الكبرياء قد دخلته ،قال له :يا ابن السوداء ،فأخبرني عن قولك
فواكبدي من ذا يهيم بها بعدي أهيم بدعد ما حييت فإن أمت
أهمك من ينيكها بعدك فقال نصيب :استوت القوق ،قال :وهي لعبة مثل المنقلة .ومن هذا الموضع ينفرد الزبير بروايته دون
الباقين .قال سائب :فلما أمسك كثير أقبل عليه عمر فقال له :قد أنصتنا لك فاسمع يا مذبوب إلي أخبرني عن تخيرك لنفسك
:لمن تحب حيث تقول
بعيرين نرعى في الخلء ونعزب أل ليتنا يا عز كنا لـذي غـنـى
على حسنها جرباء تعدي وأجرب كلنا به عر فـمـن يرنـا يقـل
علينا فما ننفك نرمى ونضـرب إذا ما وردنا منهل صاح أهـلـه
خجان وأني مصعب ثم نهـرب وددت وبيت اللـه أنـك بـكـرة
فل هو يرعانا ول نحن نطلـب وقال :تمنيت لها ولنفسك الرق والطرد نكون بعيري ذي غنى فيضيعـنـا
والمسخ ،فأي مكروه لم تمن لها ولنفسك لقد أصابها منك قول القائل :معاداة عاقل خير من مودة أحمق .قال؛ فجعل يختلج
جسده كله .ثم أقبل عليه الحوص فقال :إلي يا بن استها أخبرك بخبرك وتعرضك للشر وعجزك عنه وإهدافك لمن رماك.
:أخبرني عن قولك
وشؤم إذا ما لم تطع صاح ناعقه وقلن وقد يكذبن فـيك تـعـيف
ول تاركا شكوى الذي أنت صادقه وأعييتـنـا ل راضـيا بـكـرامة
وليس لنا ذنب فنحـن مـواذقـه فأدركت صفو الود منا فلمـتـنـا
كما صدعت بين الديم خوالـقـه والله لو احتفل عليك هاجيك ما زاد على ما وألفيتنا سلما فصدعـت بـينـنـا
بؤت به على نفسك .قال :فخفق كما يخفق الطائر .ثم أقبل عليه النصيب فقال :أقبل علي يا زب الذباب فقد تمنيت معرفة
:غائب عندي علمه فيك حيث تقول
بما في ضمير الحاجبية عالم وددت وما تغني الودادة أنني
وإن كان شرا لم تلمني اللوائم انظر في مرآتك واطلع في جيبك واعرف صورة فإن كان خيرا سرني وعلمته
وجهك ،تعرف ما عندها لك .فاضطرب اضطراب العصفور ،وقال القوم يضحكون .وجلست عنده؛ فلما هدأ شأوه قال لي:
:أرضيتك فيهم? فقلت له :أما في نفسك فنعم فقد نحس يومك معهم ،وقد بقيت أنا عليك .فما عذرك ول عذر لك في قولك
بحقل لكم يا عز قد رابنا حقل سقى دمنتين لم نجد لهما أهل
يجودهما جودا ويتبعه وبـل ثم قلت في آخرها :نجاء الثريا كـل آخـر لـيلة
سوى التيس ذي القرنين أن لها بعل أهكذا يقول الناس ويحك ثم تظن أن ذلك وما حسبـت ضـمـرية حـدرية
قد خفي ولم يعلم به أحد ،فتسب الرجال وتعيبهم فقال :وما أنت وهذا? وما علمك بمعنى ما أردت? فقلت :هذا عجب من ذاك.
أتذكر امرأة تنسب بها في شعرك وتستغزر لها الغيث في أول شعرك ،وتحمل عليها التيس في آخره قال :فأطرق وذل وسكن.
فعدت إلى أصحابي فأعلمتهم ما كان من خبره بعدهم .فقالوا :ما أنت بأهون حجارته التي رمي بها اليوم منا .قال فقلت لهم:
إنه لم يترني فأطلبه بذحل ،ولكني نصحته لئل يخل هذا الخلل الشديد ،ويركب هذه العروض التي ركب في الطعن على
.الحرار والعيب لهم
شدد والي مكة في الغناء ،فخرج فتية إلى وادي محسر وبعثوا لبن سريج فغناهم :أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري
وإسماعيل بن يونس قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني إسحاق الموصلي قال حدثني ابن جامع عن السعيدي عن سهل بن
:بركة وكان يحمل عود ابن سريج قال
كان على مكة نافع بن علقمة الكناني ،فشدد في الغناء والمغنين والنبيذ ،ونادى في المخنثين .فخرج فتية من قريش إلى
بطن محسر وبعثوا برسول لهم فأتاهم برواية من الشراب الطائفي .فلما شربوا وطربوا قالوا :لو كان معنا ابن سريج تم
سرورنا .فقلت :هو علي لكم .فقال لي بعضهم :دونك تلك البغلة فاركبها وامض إليه .فأتيته فأخبرته بمكان القوم وطلبهم إياه.
فقال لي :ويحك وكيف لي بذاك مع شدة السلطان في الغناء وندائه فيه? فقلت له :أفتردهم? قال :ل والله فكيف لي بالعود?
فقلت له :أنا أخبؤه لك فشأنك .فركب وسترت العود وأردفني فلما كنا ببعض الطريق إذا أنا بنافع بن علقمة قد أقبل ،فقال
لي :يابن بركة هذا المير فقلت :ل بأس عليك ،أرسل عنان البغلة وامض ول تخف ،ففعل .فلما حاذيناه عرفني ولم يعرف ابن
:سريج ،فقال لي يابن بركة :من هذا أمامك? فقلت :ومن ينبغي أن يكون هذا ابن سريج .فتبسم ابن علقمة ثم تمثل
فقد أفلت الحجاج خيل شبيب ثم مضى ومضينا .فلما كنا قريبا من القوم نزلنا فإن تنج منها يا أبان مسلمـا
:إلى شجرة نستريح ،فقلت له :غن مرتجل؛ فرفع صوته فخيل إلي أن الشجرة تنطق معه ،فغنى :صوت
هم الذين تحب بـالنـجـاد كيف الثواء ببطن مكة بعد ما
سقما خلفهم وكربك بـادي أم كيف قلبك إذ ثويت مخمرا
أم قبل ذلك مدلـج بـسـواد الشعر للعرجي .وذكر إسحاق في مجردة أن الغناء هل أنت إن ظعن الحبة غادي
فيه لبن عائشة ثاني ثقيل مطلق في مجرى الوسطى .وحكى حماد ابنه أن اللحن لبن سريج قال سهل :فقلت :أحسنت والذي
فلق الحبة وبرأ النسمة ،ولو أن كنانة كلها سمعتك لستحسنتك فكيف بنافع بن علقمة المغرور من غره نافع .ثم قلت :زدني
وإن كان القوم متعلقة قلوبهم بك .فغنى وتناول عودا من الشجرة فأوقع به على الشجرة؛ فكان صوت الشجرة أحسن من
:خفق بطون الضأن على العيدان إذا أخذتها قضبان الدفلى .قال :والصوت الذي غنى :صوت
فالهجر في تلف الغريب سريع ل تجمعي هجرا علي وغـربة
دفعا إذا اشتملت عليه ضلـوع فقلت :بنفسي أنت والله من ل يمل ول يكد ،والله من ذا فديتك يستطيع لحـبـه
ما جهل من فهمك اركب فدتك نفسي بنا .فقال :أمهلني كما أمهلتك اقض بعض شأني .فقلت :وهل عما تريد مدفع فقام فصلى
ركعتين ،ثم ضرب بيده على الشجرة وقال :أشهد أن ل إله إل الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،ثم قال :يا حبيبتي إذا
شهدت بذاك الشيء فاشهدي بهذا .ثم مضينا والقوم متشوقون .فلما دنونا أحست الدواب بالبغلة فصهلت ،وشحجت البغلة،
:وإذا الغريض يغنيهم لحنه
سمعت على شرف صهيل حصان فبكى ابن سريج حتى ظننت أن نفسه قد من خيل حي ما تـزال مـغـيرة
خرجت ،فقلت :ما يبكيك يا أبا يحيى? جعلت فداك ل يسوءك الله ول يريك سوءا قال :أبكاني هذا المخنث بحسن غنائه وشجا
:صوته؛ والله ما ينبغي لحد أن يغني وهذا الصبي حي .ثم نزل فاستراح وركب .فلما سار هنيهة اندفع الغريض فغناهم لحنه
بالمصلى وقد شنئت البقيعا قال :ولصوته دوي في تلك الجبال .فقال ابن سريج: يا خليلي قد مللت ثـوائي
ويلك يابن بركة أسمعت أحسن من هذا الغناء والشعر قط? قال :ونظروا إلينا فأقبلوا نشاوى يحبون أعطافهم ،وجعلوا يقبلون
وجه ابن سريج .فنزل فأقام عندهم ثلثا والغريض ل ينطق بحرف واحد ،وأخذوا في شرابهم وقالوا :يا حبيب النفس وشقيقها
أعطها بعض مناها؛ فضرب بيده إلى جيبه فأخرج منه مضرابا ،ثم أخذه بيده ووضع العود في حجره ،فما رأيت يدا أحسن من
يده ،ول خشبة تخيلت إلي أنها جوهرة إل هي ،ثم ضرب فلقد سبح القوم جميعا ثم غنى فكل قال :لبيك لبيك فكان مما غنى
:فيه واللحن له هزج :صوت
لبـيك ألـفـا عـددا لبـيك يا سـيدتــي
أحببتها مجـتـهـدا لبيك مـن ظـالـمة
نحك الجواري الخردا قوموا إلى ملعـبـنـا
ترفـعـهــا يدا يدا فكل قال :نفعل ذاك .فلقد رأيتنا نستبق أينا تقع يده على يده .ثم غنى: وضـع يد فــوق يد
:صوت
لدي فما يضحكن إل تبسمـا فقال كثير :يحاذرن مني غيرة قد عرفنها
وأني مصعـب ثـم نـهـرب وددت وبيت اللـه أنـك بـكـرة
على حسنها جرباء تعدي وأجري كلنا به عر فمـن يرنـا يقـل
فل هو يرعانا ول نحن نطلـب فقالت لي :ويحك لقد أردت بي الشقاء الطويل، تكون لذي مال كثير مـغـفـل
.ومن المنى ما هو أعفى من هذا وأطيب
:أبيات من شعر أبي زبيد وبيان ألحانه :صوت
عن نصر بهراء غير ذي فرس قد كنت في منظر ومستـمـع
ول هم نهزة لـمـخـتـلـس ل ترة عندهم فتـطـلـبـهـا
طلب وتر في الموت منغمس بكـف حـران ثـائر بـــدم
أبكيك إل للـدلـو والـمـرس إما تقارش بك الـرمـاح فـل
طيرا عكوفا كزور الـعـرس تذب عنه كـف بـهـا رمـق
فهن من والغ ومـنـتـهـس الشعر لبي زبيد الطائي .والغناء لبن محرز في الول عما قليل يصبحن مـهـجـتـه
والثاني خفيف ثقيل الول بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق .وذكر عمر بن بانة أن في الربعة الول خفيفي ثقيل كلهما
بالبنصر لمعبد وابن محرز ،ووافقه الهشامي في لحن معبد في الول والثاني وذكر أنه بالوسطى .وفي كتاب ابن مسجح عن
حماد له ،فيه لحن يقال إنه لبن محرز .ولبن سريج في الول والخامس والسادس والسابع رمل بالوسطى عن عمرو .وذكر لنا
:حبش أن الرمل لمعبد وذكر إسحاق أنه لبن سريج أيضا ،وأوله
تذب عنه كف بها رمق وفيه لمالك في السادس والسابع خفيف صقيل آخر .وفيه لبن عائشة رمل .وفيه لحنين ثاني ثقيل.
هذه الحكايات الثلث عن يونس ،وطرائقها عن الهشامي .ولمخارق في الرابع والول خفيف رمل .ولمتيم في الول والثاني
.خفيف رمل آخر .وذكر حبش أن لبراهيم في الول والثاني ثاني ثقيل بالوسطى ،ولبن مسجح خفيف ثقيل بالوسطى
ووصف فيها السد .فقال عثمان رضي الله تعالى عنه :تالله تفتأ تذكر السد ما حييت .والله إني لحسبك جبانا هدانا .قال :كل
يا أمير المؤمنين ،ولكني رأيت منه منظرا وشهدت منه مشهدا ل يبرح ذكره يتجدد ويتردد في قلبي ،ومعذور أنا يا أمير المؤمنين
غير ملوم .فقال له عثمان رضي الله عنه :وأنى كان ذلك? قال :خرجت في صيابة أشراف من أفناء قبائل العرب ذوي هيئة
وشارة حسنة ،ترتمي بنا المهارى بأكسائها ،ونحن نريد الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشأم؛ فاخروط بنا السير في
حمارة القيظ ،حتى إذا عصبت الفواه ،وذبلت الشفاه ،وشالت المياه ،وأذكت الجوزاء المعزاء ،وذاب الصيهد ،وصر الجندب ،
وضاف العصفور الضب وجاوره في حجره ،قال قائل :أيها الركب غوروا بنا في ضوج هذا الوادي ،وإذا واد قد بدا لنا كثير الدغل
،دائم الغلل ؛ شجراؤه مغنة ،وأطياره مرنة .فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلت فأصبنا من فضلت الزاد وأتبعناها الماء
البارد .لغنا لنصف يومنا ومماطلته ،إذ صر أقصى الخيل أذنيه ،وفحص الرض بيديه .فوالله ما لبث أن جال ،ثم حمحم فبال،
ثم فعل فعله الفرس الذي يليه واحدا فواحدا ،فتضعضعت الخيل ،وتكعكعت البل ،وتقهقرت البغال ،فمن نافر بشكاله ،وناهض
بعقاله؛ فعلمنا أن قد أتينا وأنه السبع ،ففزع كل رجل منا إلى سيفه فاستله من جربانه ،ثم وقفنا له رزدقا أي صفا وأقبل أبو
الحارث من أجمته يتظالع في مشيته من نعته كأنه مجنوب ،أو في هجار معصوب ؛ لصدره نحيط ،ولبلعمه غطيط ،ولطرفه
وميض ،ولرساغه نقيض ؛ كأنما يخبط هشيما ،أو يطأ صريما ،وإذا هامة كالمجن ،وخد كالمسن ،وعينان سجراوان كأنهما
سراجان يقدان وقصرة ربلة ،ولهزمة رهلة وكتد مغبط ،وزور مفرط ؛ وساعد مجدول ،وعضد مفتول؛ وكف شئنة البراثن ،
إلى مخالب كالمحاجن .فضرب بيده فأرهج ،وكشر فأفرج ،عن أنياب كالمعاول مصقولة ،غير مفلولة ،وفم أشدق كالغار
الخرق؛ ثم تمطى فأسرع بيديه ،وحفز وركيه برجليه ،حتى صار ظله مثليه؛ ثم أقعى فاقشعر ،ثم مثل فاكفهر ،ثم تجهم فازبأر
.فل وذو بيته في السماء ما اتقيناه إل بأول أخ لنا من فزارة ،كان ضخم الجزارة ،فوقصه ثم نفضه نفضة فقضقض متنيه ،
فجعل يلغ في دمه .فتذمرت أصحابي ،فبعد لي ما استقدموا .فهجهجنا به ،فكر مقشعرا بزبرته ،كأن به شيهما حوليا ،فاختلج
رجل أعجر ذا حوايا ،فنفضه نفضة تزايلت منها مفاصله ،ثم نهم ففرفر ،ثم زفر فبربر ،ثم زأر فجرجر ،ثم لحظ ،فوالله
لخلت البرق يتطاير من تحت جفونه ،من عن شماله ويمينه ،فأرعشت اليدي ،واصطكت الرجل ،وأطت الضلع ،وارتجت
السماع ،وشخصت العيون ،وتحققت الظنون ،وانخزلت المتون .فقال له عثمان :اسكت قطع الله لسانك فقد أرعبت قلوب
.المسلمين
خوفه من السد :أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا الخليل بن أسد قال حدثني العمري قال حدثني شعبة قال :قلت
للطرماح بن حكيم :ما شأن أبي زبيد وشأن السد? فقال :إنه لقيه بالنجف ،فلما رآه سلح من فرقه وقال مرة أخرى :فسلحه
.فكان بعد ذلك يصفه كما رأيت
شعره في ضربة المكاء :أخبرني أبو خليفة عن محمد بن سلم قال حدثني أبي عمن يثق به أن رجل من طيئ من بني حية
نزل به رجل من بني الحارث بن ذهل بن شيبان يقال له المكاء ،فذبح له شاة وسقاه الخمر ،فلما سكر الطائي قال :هلم
أفاخرك :أبنو حية أكرم أم بنو شيبان? فقال له الشيباني :حديث حسن ،ومنادمة كريمة أحب إلينا من المفاخرة ،فقال الطائي:
والله ما مد رجل قط يدا أطول من يدي .فقال الشيباني :والله لئن أعدتها لخضبنها من كوعها .فرفع الطائي يده ،فضربها
:الشيباني بسيفه فقطعها .فقال أبو زبيد في ذلك
وفرحتم بضربة المـكـاء خبرتنا الركبان أن قد فخرتم
لكم من تقى وحق وفـاء ولعمري لعارها كان أدنى
في صبوح ونعمة وشواء ظل ضيفا أخوكم لخـينـا
ر وأن ل يريبه باتـقـاء ثم لما رآه رانت به الخـم
يا لقوم للسوءة الـسـوءاء ما قاله في كلبه أكدر حين لقيه السد فقتله :لم يهب حرمة النديم وحقت
أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا عمي عبيد الله بن محمد بن حبيب عن ابن العرابي قال :كان لبي زبيد كلب
يقال له أكدر ،وكان له سلح يلبسه أياه ،فكان ل يقوم له السد ،فخرج ليلة قبل أن يلبسه سلحه ،فلقيه السد فقتله ،ويقال:
:أخذه فأفلت منه ،فقال عند ذلك أبو زبيد
حتى إذا كان بين البئر والعـطـن أحال أكدر مخـتـال كـعـادتـه
أسرت وأكدر تحت الليل في قرن لقى لد ثـلـل الطـواء داهـية
حتى تناهى إلى الحولت في السنن حطت به شيمة ورهـاء تـطـرده
فوق السراة كذفرى الفالج القمـن إلى مقابل خطو السـاعـدين لـه
كالبغل يحتطم العلجين في شطـن لمه قومه على كثرة وصفه السد مخافة رئبال غاب فل قحـم ول ضـرع
أن تسبهم العرب فأجابهم :وهي قصيدة طويلة .فلمه العرب على كثرة وصفه للسد ،وقالوا له :قد خفنا أن تسبنا العرب
بوصفك له .قال :لو رأيتم منه ما رأيت أو لقيكم ما لقي أكدر لما لمتموني .ثم أمسك عن وصفه فلم يصفه بعد ذلك في شعره
.حتى مات
وصف النعمان بن المنذر وذكر ما حدث في مجلس له :أخبرني علي بن سليمان الخفش قال حدثني أبو سعيد السكري قال
حدثني هارون بن مسلم ابن سعدان أبو القاسم قال حدثنا هشام ابن الكلبي قال :كان الجلح الكندي يحدث عن عمارة ابن
قابوس قال :لقيت أبا زبيد الطائي فقلت له :يا أبا زبيد هل أتيت النعمان بن المنذر? قال :إي والله لقد أتيت وجالسته .قال
قلت :صفه لي .فقال :كان أحمر أزرق أبرش قصيرا .فقلت له :بالله أخبرني أيسرك أنه سمع مقالتك هذه وأن لك حمر النعم?
قال :ل والله ول سودها؛ فقد رأيت ملوك حمير في ملكها ،ورأيت ملوك غسان في ملكها ،فما رأيت أحدا قط كان أشد عزا
.منه .وكان ظهر الكوفة ينبت الشقائق ،فحمى ذلك المكان ،فنسب إليه فقيل شقائق النعمان
فجلس ذات يوم هناك وجلسنا بين يديه كأن على رؤوسنا الطير ،وكأنه باز .فقام رجل من الناس فقال له :أبيت اللعن أعطني
فإني محتاج .فتأمله طويل ثم أمر به فأدني حتى قعد بين يديه ،ثم دعا بكنانة فاستخرج منها مشاقص فجعل يجأبها في وجهه
.حتى سمعنا قرع العظم ،وخضبت لحيته وصدره بالدم ،ثم أمر به فنحي .ومكثنا مليا
.ثم نهض آخر فقال له :أبيت اللعن أعطني .فتأمله ساعة ثم قال :أعطوه ألف درهم ،فأخذها وانطلق
ثم التفت عن يمينه ويساره وخلفه ،فقال :ما قولكم في رجل أزرق أحمر يذبح على هذه الكمة ،أترون دمه سائل حتى يجري
.في هذا الوادي? فقلنا له :أنت أبيت اللعن أعلى برأيك عينا .فدعا برجل على هذه الصفة فأمر به فذبح
ثم قال :أل تسألوني عما صنعت? فقلنا :ومن يسألك أبيت اللعن عن أمرك وما تصنع? فقال :أما الول فإني خرجت مع أبي
نتصيد ،فمررت به وهو بفناء بابه وبين يديه عس من شراب أو لبن ،فتناولته لشرب منه ،فثار إلي فهراق الناء فمل وجهي
.وصدري ،فأعطيت الله عهدا لئن أمكنني منه لخضبن لحيته وصدره من دم وجهه
.وأما الخر فكانت له عندي يد كافأته بها ،ولم أكن أثبته ،فتأملته حتى عرفته
وأما الذي ذبحته فإن لي عينا لي بالشام كتب إلي :إن جبلة بن اليهم قد بعث إليك برجل صفته كذا وكذا ليغتالك .فطلبته أياما
.فلم أقدر عليه ،حتى كان اليوم
مات نديم له في غيبته فرثاه وصب الخمر على قبره :أخبرني الحسن بن يحيى عن حماد عن أبيه قال :كان لبي زبيد نديم
:يشرب معه بالكوفة ،فغاب أبو زبيد غيبة ،ثم رجع فأخبر بوفاته ،فعدل إلى قبره قبل دخوله منزله ،فوقف عليه ثم قال
ما كان من عاداتك الهجر يا هاجري إذ جـئت زائره
من حال دون لقائه القبـر ثم انصرف .وكان بعد ذلك يجيء إلى قبره فيشرب يا صاحب القبر السلم على
.عنده ويصب الشراب على قبره
والبيات التي فيها الغناء المذكور يقولها في غلم له قتلته تغلب ،وكان مجاورا فيهم ،فدل بهراء على عورتهم وقاتلهم معهم
.فقتل
شعره في غلبة تغلب على بهراء وقتل غلمه :أخبرني بخبره أبو خليفة قال حدثني محمد بن سلم .وأخبرني محمد بن العباس
:اليزيدي عن عمه عبيد الله عن محمد بن حبيب عن ابن العرابي قال
كان أخوال أبي زبيد بني تغلب ،وكان يقيم فيهم أكثر أيامه ،وكان له غلم يرعى إبله ،فغزت بهراء بني تغلب ،فمروا بغلمه،
فدفع إليهم إبل أبي زبيد وقال :انطلقوا أدلكم على عورة القوم وأقاتل معكم .ففعلوا ،والتقوا ،فهزمت بهراء وقتل الغلم ،فقال
:أبو زبيد هذه القصيدة وهي
عن نصر بهراء غير ذي فرس هل كنت في منظر ومستـمـع
ستعجلت قبل الجمان والقبـس تسعى إلى فتـية الراقـم واس
أولى مرين الحروب عن درس في عارض من جبال بهرائها ال
احلى وأشهى من بارد الدبـس فبهرة من لقوا حـسـبـتـهـم
ول هم نهزة لـمـخـتـلـس ل ترة عندهم فتـطـلـبـهـا
غير لئام ضجـر ول كـسـس جود كـرام إذا هـم نـدبــوا
عن غير عي بهم ول خـرس صمت عظام الحلوم إن قعـدوا
يزجون أجمالهم مع الغـلـس تقود أفراسـهـم نـسـاؤهـم
جهم المحيا كبـاسـل شـرس صادفت لما خرجت منطلـقـا
تلمع فيها كشعـلة الـقـبـس تخال فـي كـفـه مـثـقـفة
طلب وتر في الموت منغمس بكـف حـران ثـائر بـــدم
أبكيك إل للـدلـو والـمـرس إما تقارن بك الـرمـاح فـل
أمسك جلز السنان بالـنـفـس حمدت أمري ولمت أمـرك إذ
كما تصلى المقرور من قرس وقد تصـلـيت حـر نـارهـم
طيرا عكوفا كزور الـعـرس تذب عنه كـف بـهـا رمـق
فهن من والغ ومـنـتـهـس أخذ دية غلمه ثمن إبله من تغلب وقال شعرا :فلما فرغ عما قـلـيل عـلـون جـئتـه
:أبو زبيد من قصيدته بعثت إليه بنو تغلب بدية غلمه وما ذهب من إبله ،فقال في ذلك
فإني في مودتكم نفـيس هكذا ذكر ابن سلم في خبره ،والقصيدة ل تدل على أنها أل أبلغ بني عمرو رسول
:قيلت فيمن أحسن إليه وودى غلمه ورد عليه ماله .وفي رواية ابن حبيب
:أل أبلغ بني نصر بن عمرو وقوله أيضا فيها
ول جافي اللقاء ول خسيس فما أنا بالضعيف فتظلموني
بمالي ثم يظلمني السريس السريس :الضعيف الذي ل ولد له وهذا ليس من ذلك أفي حق مواساتي أخـاكـم
.الجنس .ولعل ابن سلم وهم
.من المعمرين :وأبو زبيد أحد المعمرين ،ذكر ابن الكلبي أنه عمر مائة وخمسين سنة
.أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال :كان طول أبي زبيد ثلثة عشر شبرا
كان يدخل مكة متنكرا لجماله :أخبرني أحمد بن عبد العزيز وأحمد بن عبيد الله بن عمار قال حدثنا محمد بن عبد الله العبدي
.أبو بكرة قال حدثني أبو مسعر الجشمي عن ابن الكلبي قال :كان أبو زبيد الطائي ممن إذا دخل مكة دخلها متنكرا لجماله
منادمته الوليد بن عقبة بعد اعتزال الوليد عليا ومعاوية :وأخبرني إبراهيم بن محمد بن أيوب قال حدثنا محمد بن عبد الله بن
مسلم قال :لما صار الوليد بن عقبة إلى الرقة واعتزل عليا عليه السلم ومعاوية ،صار أبو زبيد إليه ،فكان ينادمه ،وكان يحمل
في كل أحد إلى البيعة مع النصارى .فبينا هو يوم أحد يشرب والنصارى حوله رفع بصره إلى السماء فنظر ثم رمى بالكأس من
:يده وقال
يحل به حل الحوار ويحـمـل إذا جعل المرء الذي كان حازما
وتكفينه كيتا أعف وأجـمـل دفن مع الوليد بن عقبة بوصية منه :ومات فدفن فليس له في العيش خير يريده
هناك على البليخ .فلما حضرت الوليد بن عقبة الوفاة أوصى أن يدفن إلى جنب أبي زبيد .وقد قيل :إن أبا زبيد مات بعد الوليد؛
.فأوصى أن يدفن إلى جنب الوليد
قال ابن الكلبي في خبره الذي ذكره إسحاق عنه :هرب أبو زبيد من السلم فجاور بهراء فاستأجر منهم أجيرا لبله فكان يقبله
حلب الجمان والقيس ،وهما ناقتان كانتا له .فلما كان يوم حابس ،وهو اليوم الذي التقت فيه بهراء وتغلب خرج أبي زبيد مع
.بهراء ،فقتل وانهزمت بهراء ،فمر أبو زبيد به وهو يجود بنفسه ،فقال فيه هذه القصيدة
أخبرني محمد بن يحيى ويحيى بن علي اليوبي المدائني قال حدثنا عقبة المطرفي قال :كنا في الحمام ومعي ابن السعدي
:وأنا أقرأ القرآن ،فدخل سعد الرواسي فغنى
عن نصر بهراء غير ذي فرس فقال ابن السعدي :اسكت اسكت فقد جاء حديث قد كنت في منظر ومستـمـع
.يأكل الحاديث
أوصى له الوليد بن عقبة حين احتضر بالخمر ولحوم الخنازير :أخبرني عمي والحسن بن علي قال حدثني العمري قال حدثني
أحمد بن حاتم قال حدثني محمد بن عمرو الجماز قال حدثني أبو عبيدة عن يونس وأبي الخطاب النحوي :أن الوليد بن عقبة بن
أبي معيط أوصى لما احتضر لبي زبيد بما يصلحه في فصحه وأعياده ،من الخمر ولحوم الخنازير وما أشبه ذلك .فقال أهله
وبنوه لبي زبيد :قد علمت أنه ل يحل لنا هذا في ديننا ،وإنما فعله إكراما لك وتعظيما لحقك ،فقدره لنفسك ما شئت أن تعيش،
وقوم ما أوصى به لك حتى نعطيك قيمته ول تفضحنا وتفضح آباءنا بهذا ،واحفظه واحفظنا فيه ،ففعل أبو زبيد ذلك ،وقبله منهم
.
:صوت
دار لهند بجزع الحرج فـالـدام هل تعرف الدار من عامين أو عام
سفع الخدود بعيدات من الرامـي الحرج والدام :موضعان ،ويروي مذ عامين. تحنو لطلئها عـين مـلـمـعة
.وهذا الجود ،وكلهما روي .وعين :بقر .وأطلؤها :أولدها ،واحدها طل .ويروى :بعيدات من الذام ،هو الذي يذم
الحطيئة يمدح أبا موسى الشعري حين توليته العراق :الشعر للحطيئة يمدح به أبا موسى الشعري لما وله عمر بن الخطاب
رضي الله عنه العراق .والغناء لمالك ،خفيف رمل مطلق في مجرى الوسطى عن إسحاق .وذكر أن فيه لبن مجامع أيضا
.صنعة
قال محمد بن حبيب :أتى الحطيئة أبا موسى يسأله أن يكتبه معه ،فأخبره أن العدة قد تمت ،فمدحه الحطيئة بهذه القصيدة
:التي ذكرتها ،وأولها
دار الهند بجزع الحرج فـالـدام وفيها يقول :هل تعرف الدار من عامين أو عام
أرض العدو ببؤس بعد إنعـام وجحفل كسواد الليل منتـجـع
ومن تميم ومن جاء ومن حام حاء من مذحج ،وحام من خثعم جمعت من عامر فيه ومن أسد
من وائل رهط بسطام بأصرام وما رضيت لهم حتى رفدتهـم
جدلء محكمة من نسج سلم يعني سليمان النبي وفيه الرماح وفيه كل سابـغة
مسح الكف وسقى بعد إطعام وكل أجرد كالسرحان أضمره
يسمو بها أشعري طرفه سام الروايا :البل التي تحمل أثقالهم وأزوادهم ،وتجنب مستحقبات رواياها جحافلهـا
الخيل إليها فتضع حجافلها على أعجاز البل
ول يفيض على قـدح بـأزلم وقال المدائني :لما مدح الحطيئة أبا موسى ل يزجر الطير إن مرت به سنحا
رضي الله عنه بهذه القصيدة وصله أبو موسى وقد كان كتب من أراد وكملت العدة فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه
فكتب يلومه ،فكتب إليه :إني اشتريت منه عرضي ،فكتب إليه :أحسنت .قال :وزاد فيه حماد الراوية أنه يعني نفسه أنشدها
.بلل بن أبي بردة ولم يكن عرفها فوصله
أخبرني القاضي أبو خليفة إجازة قال حدثنا محمد بن سلم قال أخبرني أبو عبيدة عن يونس قال :قدم حماد الراوية البصرة
على بلل بن أبي بردة وهو عليها فقال له :ما أطرفتني شيئا يا حماد فعاد إليه فأنشده قول الحطيئة في أبي موسى ،فقال له:
.ويحك يمدح الحطيئة أبا موسى وأنا أروي شعره كله ول أعلم بهذه? أذعها تذهب في الناس
.وكانت ولية أبي موسى الكوفة بعد أن أخرج أهلها سعيد بن العاص عنها ،وتحالفوا أل يولوا عليها إل من يريدون
وجوه أهل الكوفة من القراء يختلفون إلى سعيد بن العاص واختلفهم في تفضيل السهل على الجبل وما ترتب على ذلك:
أخبرني بالسبب في ذلك أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثني عمر بن شبة قال حدثنا المدائني عن أبي مخنف عن عبد
:الملك بن نوفل بن مساحق قال
كان قوم من وجوه أهل الكوفة من القراء يختلفون إلى سعيد بن العاص ويسألونه ،فتذاكروا يوما السهل والجبل ،فقال
حسان بن محدوج :سهلنا خير من جبلنا :أكثر برا وشعيرا ،فيه أنهار مطردة ،ونخل باسقات ،وقلت فاكهة ينبتها الجبل إل
والسهل ينبت مثلها .فقال له عبد الرحمن بن حبيش :صدقتم ،وددت أنه للمير وأن لكم أفضل منه .فقال الشتر للمير :تمن
للمير أفضل ول تتقرب إليه بأموالنا ،فقال :ما ضرك ذلك .والله لويشاء أن يكون له لكان .قال كذبت والله لو أراد ذلك ما قدر
عليه .فقال سعيد :والله ما السواد إل بستان لقريش ،ما شئنا أخذنا منه ،وما شئنا تركنا .فقال له الشتر :أنت تقول هذا أصلحك
.الله وهذا من مركز رماحنا وفيئنا ثم ضربوا عبد الرحمن بن حبيش حتى سقط
قال المدائني فحدثني علي بن مجاهد عن محمد بن إسحاق عن الشعبي ومجالد بن حمزة بن بيض عن الشعبي قال :بيننا
القراء عند سعيد بن العاص وهم يأكلون تمرا وزبدا إذ قال سعيد :السواد بستان قريش ،فما شئنا أخذنا منه وما شئنا تركنا.
فقال له عبد الرحمن بن حبيش وكان على شرطة سعيد :صدق المير .فوثب عليه القراء فضربوه ،وقالوا له :يا عدو الله ،يقول
الباطل وتصدقه فقال سعيد :اخرجوا من داري .فخرجوا ،فلما أصبحوا أتو المسجد فداروا على الحلق فقالوا :إن أميركم زعم
أن السواد بستان له ولقومه وهو فيئنا ومركز رماحنا ،فوالله ما على هذا بايعنا ول عليه أسلمنا .فكتب سعيد إلى عثمان رضي
الله عنه :إن قبلي قوما يدعون القراء وهم السفهاء ،وثبوا على صاحب شرطتي فضربوه واستخفوا بي .منهم عمرو بن زرارة،
وكميل بن زياد ،والشتر وحرفوص بن هبيرة ،وشريح بن أوفى ،ويزيد بن المكفف ،وزيد وصعصعة ابنا صوحان وجندب بن عبد
الله .فكتب إليهم عثمان رضي الله عنه يأمرهم أن يخرجوا إلى الشام ويغروا مغازيهم .وكتب إلى سعيد :قد كفيتك الذي أردت
فأقرئهم كتابي فإني أراهم ل يخالفون إن شاء الله ،واتق الله جل وعز وأحسن السيرة .فأقرأهم الكتاب .فخرجوا إلى دمشق
فأكرمهم معاوية وقال :إنكم قدمتم بلدا ل يعرف أهله إل الطاعة فل تجادلوهم فتدخلوا الشك قلوبهم .فقال له الشتر :إن الله
جل وعز قد أخذ على العلماء في علمهم ميثاقا أن يبينوه للناس ول يكتموه .فإن سألنا سائل عن شيء نعلمه لم نكتمه .فقال:
قد خفت أن تكونوا مرصدين للفتنة ،فاتقوا الله ول تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات فقال عمر بن
زرارة :نحن الذين هدى الله .فأمر معاوية بحبسهم .فقال له زيد بن صوحان :إن الذين أشخصونا إليك لم يعجزوا عن حبسنا لو
أرادوا .فأحسنوا جوارنا ،وإن كنا ظالمين فنستغفر الله ،وإن كنا مظلومين فنسأل الله العافية .فقال له معاوية :إني لرى
حبسك أمرا صالحا ،فإن أحببت أن آذن لك فترجع إلى مصرك وأكتب إلى أمير المؤمنين بإذنك فعلت .قال حسبي أن تأذن لي
وتكتب إلى سعيد .فكتب إليه ،فأذن له ،فلما أراد زيد الشخوص كلمه في الشتر وعمرو بن زرارة فأخرجهما .وأقام القوم
بدمشق ل يرون أمرا يكرهونه؛ ثم أشخصهم معاوية إلى حمص ،فكانوا بها ،حتى أجمع أهل الكوفة على إخراج سعيد فكتبوا
.إليهم فقدموا
قال أبو زيد قال المدائني حدثني الوقاصي عن الزهري :أن أهل الكوفة لما تقدموا على عثمان يشكون سعيدا قال لهم :أكتب
إليه فأجمع بينكم وبينه .ففعل ،فلم يحققوا عليه شيئا إل قوله :السواد بستان قريش ،وأثنى عليه الخرون عليه .فقال عثمان:
أرى أصحابكم يسألون إقراره ،ولم يثبتوا عليه إل كلمة واحدة ،لم ينتهك بها لحد حرمة .ول أرى عزله إل أن تثبتوا عليه ما ل
يحل لحد تركه معه .فانصرفوا إلى مصركم .فرجع سعيد والفريقان معه ،وتقدمهم علي بن الهيثم السدوسي حتى دخل رحبة
المسجد فقال :يا أهل الكوفة إنا أتينا خليفتنا فشكونا إليه عاملنا ،ونحن نرى أنه سيصرفه عنا ،فرده إلينا وهو يزعم أن السواد
.بستان له .وأنا امرؤ منكم أرضى إذا رضيتم .فقالوا ل نرضى
:الشتر يخطب محرضا على عثمان
وجاء الشتر فصعد المنبر فخطب خطبة ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما ،وذكر عثمان
رضي الله عنه فحرض عليه ثم قال :من كان يرى أن لله جل وعز حقا فليصبح بالجرعة ،ثم قال لكميل بن زياد :انطلق فأخرج
.ثابت بن قيس بن الخطيم ،فأخرجه .واستعمل أهل الكوفة .أبا موسى الشعري
عثمان يخضع لقوة الرأي فيعزل سعيدا ويولي أبا موسى :أخبرني أحمد قال حدثنا عمر قال حدثنا عفان قال حدثنا أبو محصن
قال حدثنا حصين بن عبد الرحمن قال حدثني جهيم قال :أنا شاهد للمر ،قالوا لعثمان :إنك استعملت أقاربك .قال :فليقم أهل
.كل مصر فليسلموا صاحبهم .فقام أهل الكوفة فقالوا :اعزل عنا سعيدا واستعمل علينا أبا موسى الشعري .ففعل
ثناء امرأة على سعد بن أبي وقاص :قال أبو زيد :وكان سعيد قد أبغضه أهل الكوفة لمور :منها أن عطاء النساء بالكوفة كان
:مائتين مائتين فحطه سعيد إلى مائة مائة .فقالت امرأة من أهل الكوفة تذم سعيدا وتثني على سعد بن أبي وقاص
وليت سعيدا كان أول هالك فليت أبا إسحاق كان أميرنا
بأبائهن مرهفات النـيازك هدية سعيد بن العاص إلى علي بن أبي طالب :حدثني يخطط أشراف النساء ويتقي
العباس بن علي بن العباس ومحمد بن جرير الطبري قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا أبو داود وأخبرني أحمد بن عبد العزيز
قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا شعبة بن عمرو بن مرة قال سمعت أبا وائل يحدث عن الحارث بن حبيش قال :بعثني سعيد
بن العاص بهدايا إلى المدينة وبعثني إلى علي عليه السلم وكتب إليه :إني لم أبعث إلى أحد بأكثر مما بعثت به إليك إل شيئا
في خزائن أمير المؤمنين .قال :فأتيت عليا فأخبرته ،فقال :لشد ما تحظر بنو أمية تراث محمد صلى الله عليه وسلم .أما والله
.لئن وليتها لنفضنها نفض القصاب لتراب الوذمة
.قال أبو جعفر :هذ غلط إنما هو لوذام التربة
قال أبو زيد وحدثني عبد الله بن محمد بن حكيم الطائي عن السعدي عن أبيه قال :بعث سعيد ابن العاص مع ابن أبي عائشة
موله بصلة إلى علي بن أبي طالب عليه السلم .فقال :والله ل يزال غلم من غلمان بني أمية يبعث إلينا مما أفاء الله على
.رسول بمثل قوت الرملة ،والله لئن بقيت لنفضها نفض القصاب لوذام التربة .هكذا في هذه الرواية
كنت جالسا بين يدي إبراهيم بن المهدي ،فدخل إليه أبو العتاهية وقد تنسك ولبس الصوف وترك قول الشعر إل في الزهد،
فرفعه إبراهيم وسر به ،وأقبل له أبو العتاهية :أيها المير بلغني خبر فتى في ناحيتك ومن مواليك يعرف بابن أمية يقول الشعر،
وأنشدت له شعرا أعجبني ،فما فعل? فضحك إبراهيم ثم قال :لعله أقرب الحاضرين مجلسا منك .فالتفت إلي فقال لي :أنت
هو فديتك? فتشورت وخجلت وقلت له :أنا محمد بن أمية جعلت فداءك وأما الشعر فإنما أنا شاب أعبث بالبيت والبيتين والثلثة
كما يعبث الشاب؛ فقال لي :فديتك ،ذلك والله زمان الشعر وغبانه ،وما قيل فيه فهو غرره وعيونه ،وما قصر من الشعر وقيل
في المعنى الذي تومئ إليه أبلغ وأملح .ومازال ينشطني ويؤنسني حتى أرى أني قد أنست به ،ثم قال لبراهيم بن المهدي :إن
:رأى المير أكرمه الله أن يأمره بإنشادي ما حضر من الشعر .فقال لي إبراهيم :بحياتي يا محمد أنشده .فأنشدته
أوجب الشكر وإن لم تفعلي وذكر البيات الربعة .قال :فبكى أبو العتاهية حتى رب وعد منك ل أنساه لـي
.جرت دموعه على لحيته وجعل يردد البيت الخير منها وينتحب ،وقام فخرج وهو يردده ويبكي حتى خرج إلى الباب
هو وخداع جارية خال المعتصم وأشعاره فيها :أخبرني عمي قال حدثني يعقوب بن إسرائيل قرقارة قال حدثني محمد بن علي
بن أمية قال :كان عمي محمد بن أمية يهوى جارية مغنية يقال لها خداع كانت لبعض جواري خال المعتصم ،فكان يدعوها،
ويعاشره إخوانه إذا دعوه بها أتباعا لمسرته .وأراد المعتصم الخروج والتأهب للغزو ،وأمر الناس جميعا بالخروج والتأهب ،فدعاه
بعض أخوانه قبل خروجهم بيوم ،فلما أضحى النهار جاء من المطر أمر عظيم لم يقدر معه أحد أن يطلع رأسه من داره ،فكاد
:محمد أن يموت غما ،فكتب إلى صديقه الذي دعاه وقد كان ركب إليه ثم رجع لشدة المطر ،ولم يقدر على لقائه
من اللفين إذ جرت السيول تمادى القطر وانقطع السبيل
ووجه الرض أودية تجول على أني ركبت إليك شوقـا
وللمشتاق معتزمـا دلـيل وكان الشوق يقدمني دلـيل
أودعه وقد أفد الـرحـيل فلم أجد للسبيل إلى حـبـيب
فيالله ما فعل الـرسـول وقال في ذلك أيضا :وأرسلت الرسول فغاب عني
عاق عنه الغيم والمطر مجلس يشفى به الوطـر
رحمة عمت ولي ضرر رب خذ لي منهما فهمـا
عذره باد ومسـتـتـر ما على مولي معـتـبة
واستمالت قلبي الفكـر قال :ثم بيعت خداع هذه فاشتراها بعض ولد المهدي وكان شغلت عيني بعبرتـهـا
.ينزل شارع الميدان ،فحجبت عنه وانقطع ما بينهما إل مكاتبة ومراسلة
:قال محمد بن علي فأنشدني يوما عمي محمد لنفسه فيها
هجن شوقي ل دارسات الطلول خطرت الهوى بـذكـر خـداع
وأرى أهلها بـكـل سـبـيل حجبت أن ترى فلسـت أراهـا
ليت عيني مكان عين الرسـول وإذا جاءها الـرسـول رآهـا
فاسمعي منه ما يقول وقولـي وقال فيها أيضا :قد أتاك الرسول ينعت مـا بـي
أسميه لم أرشد وإن كان مفـسـدي بناحية الـمـيدان درب لـو أنـنـي
يشير إليهم بالـجـفـون وبـالـيد أخاف على سكانـه قـول حـاسـد
بألسنة تشفي جوى الهائم الـصـدي وصائف أبكـار وعـون نـواطـق
وما النجم من معروفهن بـأبـعـد يقاربن أهل الود بالقول في الهـوى
ويشغفن قلب الناسك المـتـعـبـد يزدن أخا الدنيا مـجـونـا وفـتـنة
إلي الهوى منهـن بـعـد تـجـرد وليلة وافى النوم طيف سـرى بـه
وأوردته من لوعة الحب مـوردي فقاسمته الشجان نصفـين بـينـنـا
وعاهدته عهد امـرئ مـتـوكـد ونلت الذي أملت بـعـد تـمـنـع
وأعرض إعراض العروس من الغد فلما افترقنا خاس بالعهـد بـينـنـا
لخبره في حفظ عهـد ومـوعـد إعجاب أبي العتاهية بشعره :فواندمـا أل أكـون ارتـهـنـتـه
كنت عند إبراهيم بن المهدي بالرقة وقد عزمنا على الشراب ومعنا محمد بن أمية في يوم من حزيران ،فلما هممنا بذلك هبت
الجنوب ،وتلطخت السماء بغيم ،وتكدر ذلك اليوم ،فترك إبراهيم بن المهدي الشرب ولحقه صداع ،وكان يناله ذلك مع هبوب
الجنوب ،فافترقنا؛ فقال لي محمد بن أمية :ما أحب إلي ما كرهتموه من الجنوب فإن أنشدتك بيتين مليحين في معناهما
:تساعدني على الشرب اليوم? قلت :نعم .فأنشدني
طيبا يذكرني الفردوس إن نفحا إن الجنوب إذا هبت وجدت لها
شوقا تنفست واستقبلتها فرحـا فانصرفت معه إلى منزله ،وغنيت في هذين لما أتت بنسيم منـك أعـرفـه
.البيتين وشربنا عليهما بقية يومنا
ما قاله في تفاحة أهدتها إليه خداع :وجدت في بعض الكتب بغير إسناد :أهدت جارية يقال لها خداع إلى محمد بن أمية ،وكان
:يهواها تفاحة مفلجة منقوشة مطيبة حسنة ،فكتب إليها محمد
تفـاحة طـيبة الـنـشــر خداع أهـديت لـنـا خـدعة
معتصما باللـه والـصـبـر ما زلت أرجوك وأخشى الهوى
زحزحت الحزان عن صدري حتى أتتني منـك فـي سـاعة
ونقش كفيك مـن الـنـحـر حشوتها مسكا ونـقـشـتـهـا
لو لم تكن من خدع الـدهـر التقى بجارية يهواها وشعره في ذلك :أخبرني الحسن سقيا لـهـا تـفـاحة أهـديت
بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدثني عبد الله بن جعفر اليقطيني قال :حدثني أبي جعفر بن علي بن
يقطين قال :كنت أسيرا أنا ومحمد بن أمية في شارع الميدان ،فاستقبلتنا جارية كان محمد يهواها ثم بيعت وهي راكبة ،فكلمها،
:فأجابته بجواب أخفته فلم يفهمه ،فأقبل علي وقد تغير لونه فقال
أليس دون الذي لقيت يكفـينـي يا جعفر بن علي وابن يقـطـين
منها فأين الذي كانت تمنـينـي هذا الذي لم تزل نفسي تخوفنـي
تفديك نفسي فداء غير ممـنـون خاطرت إذ أقبلت نحوي وقلت لها
نفسي بظنين مخشي ومـأمـون تمثل المنتصر ببيت له :حدثني محمد بن فخاطبتني بما اخفته فانصرفـت
يحيى الصولي قال حدثني أحمد بن يزيد المهلبي قال حدثني أبي قال :كنت بين يدي المنتصر جالسا فجاءته رقعة ل أعلم ممن
:هي ،فقرأها وتبسم ثم إنه أقبل علي وأنشد
وفطنة شاعر عند الجواب ثم أقبل علي فقال :من يقول هذا يا يزيد? فقلت: لطافة كاتب وخشوع ضب
.محمد بن أمية يا أمير المؤمنين .فضحك وقال :كأنه والله يصف ما في هذه الرقعة
عاتبه أخوه وابن قنبر لما لحقه من وله كالجنون لبيع جارية يحبها :أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن
مهرويه قال حدثني حذيفة بن محمد قال :كنت أنا وابن قنبر عند محمد بن أمية بعقب بيع جارية كان يحبها وقد لحقه عليها وله
:كالجنون ،فجعل ابن قنبر وأخوه علي بن أمية يعاتبانه على ما يظهر منه ،فأقبل بوجهه عليهما ثم قال
كوصفك إياه للهاك عـن عـذلـي لو كنت جربت الهوى يا بن قـنـبـر
وإن لم تكونا في مودتهـا مـثـلـي أنا وأخي الدنى وأنت لـهـا الـفـدا
بودي وهل يغري المحب سوى البخل أأن حجبت عني أجـود لـغـيرهـا
عليك ومن ذا سر بالبخل من قـبـل قال :فضحك ابن قنبر ،وقال :إذا كان المر أسر بأن قـالـوا تـضـن بـودهـا
.هكذا فكن أنت الفداء لها ،وإن ساعدك أخوك فاتفقا على ذلك ،وأما أنا فلست أنشط لن أساعدك على هذا .وافترقنا
قطع الصوم بينه وبين خداع فقال شعرا :أخبرني علي بن سليمان الخفش قال أنشدني محمد بن الحسن بن الحزور لمحمد
:بن أمية في جارية كان يهواها وقطع الصوم بينهما؛ فقال يخاطب محمد بن عثمان بن خريم المري
كوجدي وإن لم تبكيا فـدعـانـي قفا فابكيا إن كنـتـمـا تـجـدان
إذا لم أطق إظهاره بلـسـانـي ففي الدمع مما تضمر النفس راحة
فأبهت مشدوها أعض بـنـانـي أغص بأسراري إذا ما لقـيتـهـا
ومن هو لي مثلي بكل مـكـان فيابن خريم يا أخي دون إخـوتـي
ابن أبي عتيق يعجب بغناء عزة الميلء :أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه قال حدثت عن صالح بن حسان قال :كان
:ابن أبي عتيق معجبا بغناء عزة الميلء كثير الزيارة لها ،وكان يختار عليها قوله
لمن الديار عرفتها بالشربب فسألها يوما زيارته فأجابته إلى ذلك ومضت نحوه ،فقال لها بعد أن استقر بها المجلس :يا عزة،
.أحب أن تغنيني صوتي الذي أنا له عاشق .فغنته هذا الصوت ،فطرب كل الطرب وسر غاية السرور
جارية ابن أبي عتيق ومعابثة فتى لها :وكانت له جارية ،وكان فتى من أهل المدينة كثيرا ما يعبث بها؛ فأعلمت ابن أبي عتيق
بذلك؛ فقال لها :قولي له :وأنا أحبك؛ فإذا قال لك :وكيف لي بك? فقولي له :مولي يخرج غدا إلى مال له ،فإذا خرج أدخلتك
المنزل .وجمع ابن أبي عتيق ناسا من أصحابه فأجلسهم في بيته ومعهم عزة الميلء ،وأدخلت الجارية الرجل .وقال لعزة :غني
فأعادت الصوت .وخرجت الجارية فمكثت ساعة ثم دخلت البيت كأنها تطلب حاجة ،فقال لها :تعالي .فقالت :الن آتيك .ثم
عادت فدعاها ،فوثب فضرب بها الحجلة ،فوثب ابن أبي عتيق عليه هو وأصحابه ،فقال لهم وهو غير مكترث :يا فساق ما
يجلسكم ها هنا مع هذه المغنية فضحك ابن أبي عتيق من قوله وقال له :استر علينا ستر الله تعالى عليك .فقالت له عزة :يابن
الصديق ،ما أظرف هذا لول فسقه فاستحيا الرجل فخرج ،وبلغه أن ابن أبي عتيق قد آلى إن هو وقع في يده أن يصير به إلى
السلطان .فأقبل يعبث بها كلما خرجت ،فشكت ذلك إلى مولها ،فقال لها :أو لم يرتدع من العبث بك قالت :ل .قال :فهيئي
الرحى وهيئي من الطعام طحين ليلة إلى الغداة .فقالت :أفعل يا مولي .فهيأت ذلك على ما أمرها به ثم قال لها :عديه الليلة
فإذا جاء فقولي له :إن وظيفتي الليلة طحن هذا البر كله ثم اخرجي من البيت واتركيه .ففعلت ،فلما دخل طحنت الجارية قليل،
ثم قالت له :إن كفت الرحى فإن مولي جاء إلي أو بعض من وكله بي ،فاطحن حتى نأمن أن يجيئنا أحد ،ثم أصير إلى قضاء
حاجتك .ففعل الفتى ومضت الجارية إلى مولها وتركته .وقد أمر ابن أبي عتيق عدة من مولياته أن يتراوحن على سهر ليلتهن
ويتفقدن أمر الطحين ويحثثن الفتى عليه كما أمسك؛ ففعلن ،وجعلن ينادينه كلما كف :يا فلنة إن مولك مستيقظ؛ والساعة
يعلم أنك كففت عن الطحن ،فيقوم إليك بالعصا كعادته مع من كانت نوبتها قبلك إذا هي نامت وكفت عن الطحن .فلم يزل
الفتى كلما سمع ذلك الكلم يجتهد في العمل والجارية تتعهد وتقول :قد استيقظ مولي .والساعة ينام فأصير إلى ما تحب .فلم
يزل الرجل يطحن حتى أصبح وفرغ من جميع القمح .فلما فرغ وعلمت الجارية أتته فقالت :قد أصبحت فانج بنفسك .فقال:
أوقد فعلتها يا عدوة الله فخرج تعبا نصبا فأعقبه ذلك مرضا شديدا أشرف منه على الموت ،وعاهد الله تعالى أل يعود إلى
.كلمها ،فلم تر منه بعد ذلك شيئا ينكر
:صوت
وحث حداتهم بهم عـجـال أجد اليوم اليوم جيرتك احتمال
ترى قتلى بغـير دم حـلل عروضه من الوافر .الشعر للمتوكل الليثي ،والغناء لبن وفي الظعان آنسة لـعـوب
محرز ثاني ثقيل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق .وفيه لبن مسجح ثاني ثقيل آخر بالخنصر في مجرى البنصر عنه.
.وذكر حبش أن هذا اللحن لبن سريج ،وفيه لسحاق هزج
وأخبرني الحسن بن علي عن أحمد بن سعيد الدمشقي قال حدثني هارون بن محمد بن عبد الملك قال :أخبرني هارون بن
مسلم قال حدثني حفص بن عمر العمري عن لقيط بن بكير المحاربي قال :قدم الخطل الكوفة فنزل على قبيصة بن والق،
فقال المتوكل بن عبد الله الليثي لرجل من قومه :انطلق بنا إلى الخطل نستنشده ونسمع من شعره .فأتياه فقال :أنشدنا يا
أبا مالك .فقال :إني لخائر يومي هذا .فقال له المتوكل :أنشدنا أيها الرجل ،فوالله ل تنشدني قصيدة إل أنشدتك مثلها أو أشعر
:منها من شعري .قال :ومن أنت? قال :أنا المتوكل .قال :أنشدني ويحك من شعرك فأنشده
فببطن مكة عهدهن قـديم للغانيات بذي المجاز رسوم
حلل تلوح كأنهن نـجـوم فبمنحر البدن المقلد من منى
عار عليك إذا فعلت عظيم ل تنه عن خلق وتأتي مثله
داء تضمنه الضلوع مقـيم غنى في هذه البيات سائب خائر من رواية حماد عن والهم إن لم تمضه لسبيلـه
.أبيه ولم يجنسه
:قال وأنشده أيضا
والقول مثل مواقع النبل الشعر لب المرء يعرضه
ونزافذ يذهبن بالخصـل قال وأنشده أيضا :منها المقصر عن رميته
من يسوي الصدور بالذناب قال له الخطل :ويحك يا متوكل لو نبحت الخمر في إننا معشر خلقنـا صـدورا
.جوفك كنت أشعر الناس
ما قاله في زوجته رهيمة حين طلبت الطلق :قال الطوسي قال الصمعي :كانت للمتوكل بن عبد الله الكناني امرأة يقال لها
رهيمة ويقال أميمة وتكنى أم بكر ،فأقعدت ،فسألته الطلق ،فقال :ليس هذا حين طلق .فأبت عليه ،فطلقها ،ثم إنها برئت بعد
:الطلق ،فقال في ذلك
دعاء حمامة تدعو حـمـامـا طربت وشاقنـي يا ام بـكـر
أعزى عنك قلبا مستـهـامـا فبت وبات همي لـي نـجـيا
يبيت كأنما اغتبق الـمـدامـا إذا ذكرت لقلـبـك أم بـكـر
وتكسو المتن ذا خصل سخاما خدلجة ترف غـروب فـيهـا
وإن كانت مودتهـا غـرامـا أبى قلبي فما يهوى سـواهـا
وتأبى العين مني أن تـنـامـا ينام اللـيل كـل خـلـي هـم
ودمع العين منحدر سجـامـا أراعي التاليات مـن الـثـريا
كأن على مفارقـه ثـغـامـا على حين ارعويت وكان رأسي
ورث الحبل فانجذم انجـذامـا سعى الواشون حتى أزعجوهـا
مسرا من تذكرهـا هـيامـا فلست بزائل مـا دمـت حـيا
ومنتك المنى عاما فـعـامـا ترجيها وقد شحطـت نـواهـا
ينوء بها إذا قـامـت قـيامـا خدلجة لـهـا كـفـل وثـير
على تثقيل أسفلها انهضـامـا مخصرة ترى في الكشح منهـا
تهلل في الـدجـنة ثـم دامـا إذا ابتسمت تلل ضـوء بـرق
غمامة صيف ولجت غمامـا وإن قامـت تـأمـل رائياهـا
تعرج ساعة ثم اسـتـقـامـا إذا تمشـي تـقـول دبـيب أيم
تصان ول ترى إل لـمـامـا وإن جلست فدمية بـيت عـيد
إلى حجر لراجعني الكـلمـا فلو أشكو الذي أكشـو إلـيهـا
وتعتام التنائي لي اعـتـيامـا أحب دنوهـا وتـحـب نـأيي
جريح أسنة يشكـو كـلمـا كأني مـن تـذكـر أم بـكـر
إذا شحطت وتغتم اغتمـامـا تساقط أنفسا نفسي عـلـيهـا
عفت إل بالياصر والثمـامـا غشيت لها منازل مقـفـرات
ومبناها بذي سـلـم خـيامـا ونؤيا قـد تـهـدم جـانـبـاه
وأن حلوتي خلطت عرامـا صليني واعلمـي أنـي كـريم
خلقت لمن يماكسني لجـامـا وأني ذو مجامـحة صـلـيب
تجاوب هامتي في القبر هاما شعر آخر له في امرأته يمدح فيه حوشبا الشيباني: فل وأبيك ل أنسـاك حـتـى
:والقصيدة التي فيها الغناء المذكور في أول خبر المتوكل يقولها أيضا في امرأته هذه ويمدح فيها حوشبا الشيباني ،ويقول فيها
الفوه لقب ،واسمه صلءة بن عمرو بن مالك بن عوف بن الحارث بن عوف بن منبه بن أود بن الصعب بن سعد العشيرة.
:وكان يقال لبيه عمر بن مالك فارس الشوهاء؛ وفي ذلك يقول الفوه
غداة الوغى إذ مال بالجد عـاثـر كان سيد قومه وقائدهم وشاعرهم: أبي فارس الشوهاء عمرو بن مالك
أخبرني الحسن بن علي قال حدثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدثنا ابن أبي سعد عن علي بن الصباح عن هشام بن
محمد الكلبي عن أبيه قال :كان الفوه من كبار الشعراء القدماء في الجاهلية ،وكان سيد قومه وقائدهم في حروبهم ،وكانوا
:يصدرون عن رأيه .والعرب تعده من حكمائها .وتعد داليته
وإن بنى غيرهم ما أفسدوا عادوا أبياته التي أخذ منها كثير بيتا :من حكمة معاشر ما بنوا مجدا لقـومـهـم
العرب وآدابها .فأما البيت الذي أخذه كثير من شعر الفوه وأضافه إلى أبياته التي ذكرناها وفيها الغناء آنفا فإنه من قصيدة
:يقول فيها
ولم ير ذو عز لنسوتنا حجـل نقاتل أقواما فنسبي نسـاءهـم
لقوم علينا في مكارمة فضل نقود ونأبى أن نقـاد ول نـرى
كما قيدت بالصيف نجدية بزل وإنا بطاء المشي عند نسـائنـا
نقلب جيدا واضحا وشوى عبل نظل غيارى عند كل سـتـيرة
ونأبى غما نستام دون دم عقل سبب هذه البيات :قال أبو عمرو الشيباني :قال وإنا لنعطي المال دون دمائنـا
الفوه الودي هذه البيات يفخر بها على قوم من بني عامر ،كانت بينه وبينهم دماء ،فأدرك بثأره وزاد ،وأعطاهم ديات من قتل
.فضل على قتلى قومه ،فقبلوا وصالحوه
بنو أود وبنو عامر :وقال أبو عمرو :أغارت بنو أود وقد جمعها الفوه على بني عامر ،فمرض الفوه مرضا شديدا ،فخرج بدله
زيد بن الحارث الودي وأقام الفوه حتى أفاق من وجعه ،ومضى زيد بن الحارث حتى لقي بني عامر بتضارع ،وعليهم عوف بن
الحوص بن جعفر بن كلب .فلما التقوا عرف بعضهم بعضا ،فقال لهم بنو عامر :ساندونا فما أصبنا كان بيننا وبينكم .فقالت بنو
أود وقد أصابوا منهم رجلين :ل والله حتى نأخذ بطائلتنا .فقام أخو المقتول ،وهو رجل من بني كعب بن أود فقال :يا بني أود،
والله لتأخذن بطائلتي أو لنتحين على سيفي .فاقتتلت أود وبنو عامر .فظفرت أود وأصابت مغنما كثيرا .فقال الفوه في ذلك:
:صوت
قبائل عامر يوم الصـبـيب أل يا لهف لو شهدت قناتـي
حلئب بين أفناء الحـروب غداة تجمعت كعـب إلـينـا
كآساد الغريفة والحـجـيب فلما أن رأونا في وغـاهـا
كفعل الخامعات من الوجيب تداعوا ثم مالوا عن ذراهـا
مواءلة على حذر الرقـيب صوت :وطاروا كالنعام ببطـن قـو
ول رجل يرمى به الرجوان كان لم تري قبلي أسيرا مكبل
جرى سابقا في حلبة ورهان الشعر لرجل من لصوص بني تميم يعرف بأبي كأني جواد ضمه القيد بعدمـا
.النشناش ،والغناء لبن جامع ثاني ثقيل بالبنصر من روايتي علي بن يحيى والهشامي
النشناش واعتراضه القوافل وهربه بعد الظفر به ،وما كان بينه وبين اللهبي :أخبرني علي بن سليمان الخفش قال حدثنا أبو
سعيد السكري عن محمد بن حبيب قال :كان أبو النشناش من ملص بني تميم ،وكان يعترض القوافل في شذاذ من العرب
بين طريق الحجاز والشام فيجتاحها .فظفر به بعض عمال مروان فحبسه وقيد مدة ،ثم أمكنه الهرب في وقت غرة فهرب،
فمر بغراب على بانة ينتف ريشه وينعب ،فجزع من ذلك .ثم مر بحي من لهب فقال لهم :رجل كان في بلء وشر وحبس
وضيق فنجا من ذلك ،ثم نظر عن يمينه فلم ير شيئا ونظر عن يساره فرأى غرابا على شجرة بان ينتف ريشه وينعب .فقال له
اللهبي :إن صدقت الطير يعاد إلى حبسه وقيده ،ويطول ذلك به ،ويقتل ويصلب .فقال له :بفيك الحجر .قال :ل بل بفيك .وأنشأ
:يقول
ومن يسأل الصعلوك أين مذاهبه وسائلة أين ارتـحـالـي وسـائل
إذا ضن عنه بالنـوال أقـاربـه مذاهبه أن الـفـجـاج عـريضة
سواما ولم يبسط له الوجه صاحبـه إذا المرء لم يسرح سواما ولـم يرح
عديما ومن مولى تعاف مشـاربـه فللموت خير للفتـى مـن قـعـوده
سرت بأبي النشناش فيها ركـائبـه ودوية قفر يحار بـهـا الـقـطـا
أل إن هذا الدهر تترى عجـائبـه ليدرك ثأرا أو ليكسب مـغـنـمـا
ول كسواد الليل أخفـق طـالـبـه فلم أر مثل الفقر ضاجعه الفـتـى
أرى الموت ل يبقى على من يطالبه فعش معـذرا أو مـت فـإنـنـي
على كل فتلء الذراعين محـنـق أصادرة حجاج كـعـب ومـالـك
وفارقني عن شـيمة لـم تـرنـق عروضه من الطويل .الصادر :المنصرف ،وهو أقام القنـاة الـود بـينـي وبـينـه
ضد الوارد ،وأصله من ورود الماء والصدر عنه ،ثم يقال لكل مقبل إلى موضع ومنصرف عنه .وكعب :من خزاعة .ومالك :مالك
بن النضر بن كنانة :وكان كثير ينتمي وينمي خزاعة إليهم .ومحنق :ضامرة .والشيمة :الخلق والطبيعة .وترنق :تكدر .والرنق:
.الكدر
الشعر لكثير عزة يرثي خندقا السدي ،والغناء للهذلي ثاني ثقيل بالخنصر في مجرى البنصر من رواية إسحاق .وفي الثاني من
البيتين ثم الول لسياط رمل بالبنصر عنه وعن الهشامي وعمرو .وفيهما لمعبد لحن ذكره يونس ولم سجنسه .وفي رواية حماد
عن أبيه أن لحن الهذلي من الثقيل الول ،فإن كان ذلك كذلك فالثقيل الثاني لمعبد .وذكر أحمد بن عبيد أن الذي صح فيه ثقيل
.أول أو ثاني ثقيل
إن كثيرا لما انتمى إلى قريش وجرى بينه وبين الحزين الديلي من المواثبة والهجاء ما جرى بلغ ذلك الطفيل بن عامر بن
واثلة وهو بالكوفة ،فأنكر كثير وانتسابه إلى كنانة وتصييره خزاعة منهم ،وما فعله الحزين .فحلف لئن رأى مثيرا ليضربنه
بالسيف أو ليطعننه بالرمح ،فكلمه فيه خندق السدي وكان صديقا له ولكثير فوهبه له ،واجتمع بمكة فجلسا مع ابن الحنفية.
:فقال طفيل :لول خندق لوفيت لك بيميني .فقال يرثيه ،وعنه كان أخذ مقالته
بعيد كعيوق الثريا المعلق وذكر باقي البيات .ونال رجال نفعه وهو منهم
نسيبه بعزة :أخبرني الحرمي بن أبي العلء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن إسماعيل قال حدثني حميد بن عبد
الرحمن أحد بني عتوارة بن جدي قال :كان كثير قد سلطه الله ينسب بعزة بنت عبد الله ،أحد بني حاجب بن عبد الله بن غفار،
قال :وكان نسوانهم قد لقينها وهي سائرة في الجلء ،في عام أصابت أهل تهامة فيه حطمة شديدة ،وكانت عزة من أجمل
النساء وآدبهن وأعقلهن ،ول والله ما رأى لها وجها قط ،إل أنه استهيم بها قلبه لما ذكر له عنها .فلقيه رجال من الحي لما
بلغهم ذلك عنه ،فقالوا له :إنك قد شهرت نفسك وشهرتنا وشهرت صاحبتنا فاكفف نفسك .قال :فإني ل أذكرها بما تكرهون.
فخرجوا جالين إلى مصر في أعوام الجلء .فتبعهم على راحلته فزجروه ،فأبى إل أن يلحقهم بنفسه ،فجلس له فتية من جدي،
قال :وكان بنو ضمرة كلهم يهون عليهم نسيبه لما يعرفون من براءتها ،إل ما كان من بني جدي فإنهم كانوا صمعا غيرا .فقعد
له عون ،أحد بني جدي في تسعة نفر على محالج ،فلما جاز بهم تحت الليل أخذوه ،ثم عدلوا به عن الطريق إلى جيفة حمار
كانوا يعرفونها من النهار ،فأدخلوه فيها وربطوا يديه ورجليه ،ثم أوثقوا بطن الحمار ،فجعل يضطرب فيه ويستغيث ،ومضوا عنه،
فاجتاز به خندق السدي فسمع استغاثته وهو خندق بن بدر فعدل إلى الصوت حين سمعه ،فوجد في الجيفة إنسانا ،فسأله من
هو وما خبره? فأخبره .فأطلقه وحمله وألحقه ببلده .فقال كثير في ذلك قال الزبير أنشدنيها عمر بن أبي بكر المؤملي عن عبد
الله بن أبي عبيدة معمر بن المثنى
على كل فتلء الذراعين محنق وذكر القصيدة كلها على ما مضت .أصادرة حجاج كعب ومـالـك
أخبرني الحرمي بن أبي العلء قال حدثنا الزبير قال حدثنا عمر بن أبي بكر المؤملي عن أبي عبيدة قال :خندق السدي هو
.الذي أدخل كثيرا في مذهب الخشبية
كثير يرثي خندقا حين قتل بعرفة :أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا محمد بن حبيب قال :لما قتل خندق السدي
:بعرفة رثاه كثير فقال
بغير مشورة عرضا فؤادي شجا أظعان غاضرة الغوادي
حنو العائدات على وسـادي أغاضر لو شهدت غداة بنتم
نوافذه تـلـذع بـالـزنـاد أويت لعاشق لم تشكـمـيه
رداء العصب رتـل بـراد الرتل :الثغر المستوي النبت ويوم الخيل قد سفرت وكفت
إذا دمعت وتنظر في سـواد وعن نجلء تدمع في بـياض
أثيت النبت ذي عذر جـعـاد وعن متكاوس في العقص جثل
وأصبح دونها قطر الـبـلد وغاضرة الغداة وإن نـأتـنـا
إليها لو بللن بـهـا صـوادي أحب ظعينة وبنات نـفـسـي
ولو طالبتها خرط الـقـتـاد ومن دون الـذي أمـلـت ودا
بذل قبل شيمتهـا الـجـمـاد تحل أصب .يقال :ما حليت من فلن بشيء ول تحليت وقال الناصحون تحل منـهـا
منه بشيء ،ومنه حلوان الكاهن والراقي وما أشبه ذلك
فلج بك التدلل فـي تـعـاد فقد وعدتك لو أقبـلـت ودا
برد جمال غاضرة المنـادي فأسررت الندامة يوم نـادى
دموع العين لج بها التمـادي تمادى البعد دونهم فأمـسـت
تجافيني الهموم عن الوسـاد لقد منع الرقاد فبت لـيلـي
مقامك بين مصفحة شـداد عداني أن أزورك غير بغض
سقت ديم السواري والغوادي وإنـي قـائل إن لـم أزره
فما والى إلى برك الغمـاد محل أخي بني أسد قنـونـى
غنى في هذه البيات مالك بن أبي السمح لحنا من الثقيل الول بالبنصر ،عن عمرو ويونس .وفيها لبن مسجح ويقال لبن
محرز ،وهو مما يشبه غناءهما جميعا وينسب إليهما خفيف ثقيل أول بالبنصر .والصحيح أنه لبن مسجح .وفيها ثاني ثقيل لبن
محرز عن ابن المكي .وذكر حبش أن لسياط فيها لحنا ماخوريا بالوسطى .وفي هذه البيات زيادة يغنى فيها ولم يذكرها الزبير
:في خبره ،وهي
قصع في حضن زوجه الحمق إني لخلي لهـا الـفـراش إذا
كن تلك مني سجـية خـلـق قال الزبير :أراد بقوله في هذه البيات :عن غير بغض لهـا لـدي ول
إن ختمت جاز طين خاتمها أنها كانت عند سلطان جائز المر .والعبدية هي الدنانير ،نسبها إلى عبد الملك .ثم وصل ابن قيس
:الرقيات هذه البيات يعني الهائية بأبيات يمدح بها عبد الملك فقال :صوت
ن لمدحتي وثنـائهـا اسمع أمير المؤمنـي
فضلت أروم نسائهـا أنت ابن عائشة التـي
ل سريرها وفنائهـا متعطف العياص حو
كالبدر وسط سمائها غناه ابن عائشة من رواية يونس ولم يجنسه .وهذا الشعر يقوله ابن ولدت أغر مبـاركـا
.قيس الرقيات في عبد الملك ل الوليد
إصرار ابن قيس الرقيات على كلمة في شعره وما كان بينه وبين عبد الملك في ذلك :أخبرني الحسين وابن أبي الزهر عن
حماد عن أبيه عن المدائني :أن عبد الملك لما وهب لبن جعفر جرم عبيد الله بن قيس وأمنه ،ثم تواثب أهل الشام ليقتلوه،
:قال :يا أمير المؤمنين ،أتفعل هذا بي وأنا الذي أقول
ن لمدحتي وثنائهـا اسمع أمير المؤمني
ح كديها وكدائهـا أنت ابن معتلج البطا
فضلت أروم نسائها فلما أنشد هذا البيت قال له عبد الملك :قل ولنسل عائشة .قال ل ولبطن عائشة التي
بل ولبطن عائشة .حتى رد ذلك عليه ثلث مرات وهو يأبى إل ولبطن عائشة .فقال له عبد الملك :اسحنفر الن .قال :وعائشة
.أم عبد الملك بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس .هذه رواية الزبير بن بكار
وقد حدثنا به في خبر كثير مع غاضرة هذه بغير هذا محمد بن العباس اليزيدي قال :حدثنا محمد بن حبيب عن هشام بن الكلبي
.
محاورة السائب بن حكيم لغاضرة ولم يكن قد عرفها :وأخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبي
عبد الرحمن النصاري عن السائب بن حكيم السدوسي راوية كثير قال :والله إني لسير يوما مع كثير ،حتى إذا كنا ببطن جدار
جبل من المدينة على أميال إذ أنا بامرأة في رحالة متنقبة ،معها عبيد لها يسعون معها ،فمرت جنابي فسلمت ثم قالت :ممن
الرجل ? قلت :من أهل الحجاز .قالت :فهل تروي لكثير شيئا? قلت :نعم .قالت :أما والله ما كان بالمدينة من شيء هو أحب
:إلي من أن أرى كثيرا وأسمع شعره ،فهل تروي قصيدته
:أهاجك برق آخر الليل واصب قلت :نعم .فأنشدتها إياها إلى آخرها .قالت :فهل تروي قوله
تفرق ألف لهن حنـين قلت :نعم وأنشدتها .قالت :فهل تروي قوله أيضا :كأنك لم تسمع ولم تر قبلها
:لعزة من أيام ذي الغصن شاقني قلت :نعم وأنشدتها إلى آخرها .قالت :فهل تروي قوله أيضا
:أأطلل سعدى باللوى تتعهد قلت :نعم وأنشدتها حتى أتيت على قوله
علي ول مثلي على الدمع يحسد قالت :قاتله الله فهل قال مثل قول كثير أحد فلم أر مثل العين ضنت بمائهـا
على الرض .والله لن أكون رأيت كثيرا ،أو سمعت منه شعره أحب إلي من مائة ألف درهم .قال :فقلت :هو ذاك الراكب
أمامك ،وأنا السائب راويته .قالت :حياك الله تعالى .ثم ركضت بغلتها حتى أدركته فقالت :أنت كثير? قال مالك ويلك فقالت:
:أنت الذي تقول
جميل المحيا أغفلته الدواهـن والله ما رأيت عربيا قط أقبح ول أحقر ول ألم إذا حسرت عنه العمامة راعها
:منك .قال :أنت والله أقبح مني وألم .قالت له :أولست القائل
بمؤخر عين أو يقلبن معصما تراهن إل أن يؤدين نـظـرة
رجيعة قول بعد أن يتفهمـا كواظم ما ينطقن إل محـورة
قديما فما يضحكن إل تبسما لعن الله من يفرق منك .قال :بل لعنك الله .قالت: يحاذرن مني غيرة قد عرفنها
:أولست الذي تقول
فإن عطاسها طرف الوداق قال :من أنت? قالت :ل يضرك أن لم تعرفني ول من إذا ضمرية عطست فنكهـا
أنا .قال :والله إني لراك لئيمة الصل والعشيرة .قالت :حياك الله يا أبا صخر ما كان بالمدينة رجل أحب إلي وجها ول لقاء
منك .قال :ول حياك الله ،والله وما كان على الرض أحد أبغض إلي وجها منك .قالت :أتعرفني? قال :أعرف أنك لئيمة من
اللئام .فتعرفت إليه فإذا هي غاضرة أم ولد لبشر بن مروان .قال :وسايرها حتى سندنا في الجبل من قبل زرود .فقالت له :يا
أبا صخر أضمن لك مائة ألف درهم عند بشر بن مروان إن قدمت عليه .قال :أفي سبك إياي أو سبي إياك تضمنين لي هذا?
والله ل أخرج إلى العراق على هذه الحال فلما قامت تودعه سفرت ،فإذا هي أحسن من رأيت من أهل الدنيا وجها .فأمرت له
بعشرة آلف درهم ،فبعد شد ما قبلها ،وأمرت لي بخمسة آلف درهم .فلما ولوا قال :يا سائب أين نعني أنفسنا إلى عكرمة،
:انطلق بنا نأكل هذه حتى يأتينا الموت .قال :وذلك قوله لما فارقتنا
بغير مشيئة عرضا فـؤادي وقد روى الزبير أيضا في خبر هذه المرأة غير هذا، شجا أظعان غاضرة الغوادي
.وخالف المعاني
كثير وامرأة لقيها بقديد :أخبرني الحرمي بن أبي العلء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني سليمان بن عياش السعدي قال:
كان كثير يلقى حاج المدينة من قريش بقديد في كل سنة ،فغفل عاما من العوام عن يومهم الذي نزلوا فيه قديدا حتى ارتفع
النهار ،ثم ركب جمل ثقال واستقبل الشمس في يوم صائف ،فجاء قديدا وقد كل وتعب ،فوجدهم قد راحوا .وتخلف فتى من
قريش معه راحلته حتى يبرد .قال الفتى القرشي :فجلس كثير إلى جنبي ولم يسلم علي ،فجاءت امرأة وسيمة جميلة،
فجلست إلى خيمة من خيام قديد واستقبلت كثيرا فقالت :أأنت كثير? قال :نعم .قالت :ابن أبي جمعة? قال :نعم .قالت :الذي
:يقول
:لعزة أطلل أبت أن تكلما قال :نعم .قالت :وأنت الذي تقول فيها
وظهرن مني هيبة ل تجهمـا فقال :نعم .قالت :أعلى هذا الوجه هيبة? إن وكنت إذا ما جئت أجللن مجلسي
كنت كاذبا فعليك لعنة الله والملئكة والناس أجمعين .فضجر وقال :من أنت? فلم تجبه بشيء ،فسأل الموليات اللواتي في
:الخباء بقديد عنها ،فلم يخبرنه شيئا ،فضجر واختلط .فلما سكن من شأوه قالت :أأنت الذي تقول
جميل المحيا أغفلتـه الـدواهـن أهذا الوجه جميل المحيا? إن كنت كاذبا متى تحسروا عني العمامة تبصروا
فعليك لعنة الله والملئكة والناس أجمعين .فاختلط وقال :والله ما عرفتك ،ولو عرفتك لفعلت وفعلت .فسكتت ،فلما سكن من
:شأوه قالت :أأنت الذي تقول
هرقلي وزن أحمر التبر راجح أهذا الوجه يروق العيون الناظرات? إن كنت كاذبا يروق العيون الناظرات كأنـه
فعليك لعنة الله ولعنة اللعنين والملئكة والناس أجمعين .فازداد ضجرا وغيظا واختلطا وقال لها :قد عرفتك والله لقطعنك
وقومك بالهجاء .ثم قال فالتفت في أثره ،ثم رجعت طرفي نحو المرأة فإذا هي قد ذهبت ،فقلت لمولة من مولياتها بقديد :لك
الله علي إن أخبرتني من هذه المرأة لطوين لك ثوبي هذين إذا قضيت حجي ثم أعطيكهما .فقالت :والله لو أعطيتني زنتهما
.ذهبا ما أخبرتك من هي؛ هذا كثير وهو مولي قد سألني عنها فلم أخبره .قال الفتى القرشي :فرحت والله وبي أشد مما بكثير
.قال سليمان :وكان كثير دميما قليل أحمر أقيشر عظيم الهامة قبيحا
:نسبة ما في هذه الخبار من الشعر الذي يغنى به :صوت :منها
تضمنه الجبا فالـمـسـارب أشاقك برق آخر الليل واصب
خريع بدا منها جبين وحاجب كما أومضت بالعين ثم تبسمت
كما كل ذي ود لمن ود واهب عروضه من الطويل .الواصب :الدائم ،يقال وصب وهبت لليلى ماءه ونـبـاتـه
:يصب وصوبا أي دام .قال الله سبحانه :وله الدين واصبا أي دائما .ومنها :صوت
بضاحي قرار الروضتين رسوم لعزة من أيام ذي الغصن شاقني
ويغني بها شخص علي كـريم هي الدار وحشا غير أن قد يحلها
ول بالتلع المـقـويات أهـيم فما برسوم الدار لو كنت عالمـا
فخبرني ما ل أحـب حـكـيم سألت حكيما أين شطت بها النوى
فبانوا وأما واسـط فـمـقـيم أجدوا فـأمـا آل عـزة غـدوة
بغى سقما إنـي إذا لـسـقـيم حكيم هذا هو أبو السائب بن حكيم راوية كثير. لعمري لئن كان الفؤاد من الهوى
.ذكر لنا اليزيدي عن ابن حبيب
في هذه البيات لمعبد لحنان ،أحدهما في الثلثة الول خفيف ثقيل بالوسطى عن الهشامي وابن المكي وحبش ،وفي الثلثة
:الخر التي أولها
سألت حكيما أين شطت بها النوى له أيضا ثقيل أول بالبنصر عن يونس وحبش .وذكر حبش خاصة أن فيها لكردم خفيف ثقيل
.آخر ،وفي الثالث والثاني لبن جامع رمل عن الهشامي .وقال أحمد بن عبيد :فيه ثلثة ألحان :ثقيل أول وخفيفه ،وخفيف رمل
:أخبرني الحرمي بن أبي العلء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا المؤملي أن ابن أبي عبيدة كان إذا أنشد قصيدة كثير
بضاحي قرار الروضتين رسوم يتحازن حتى تقول :إنه يبكي .لعزة من أيام ذي الغصن شاقني
تمثل الحزين الكناني بشعر لكثير :أخبرني الحرمي قال حدثنل الزبير بن بكار قال حدثني عمي عن الضحاك بن عثمان قال:
قال عروة بن أذينة :كان الحزين الكناني الشاعر صديقا لبي ،وكان عشيرا له على النبيذ ،فكان كثيرا ما يأتيه ،وكانت بالمدينة
قينة يهواها الحزين ويكثر غشيانها ،فبيعت وأخرجت عن المدينة ،فأتى الحزين أبي ،وهو كثيب حزين كاسمه ،فقال له أبي :يا أبا
:حكيم مالك? قال :أنا والله يا أبا عامر كما قال كثير
بغى سقما إنـي إذا لـسـقـيم لعمري لئن كان الفؤاد من الهوى
فخبرني ما ل أحـب حـكـيم فقال له أبي :أنت مجنون إن أقمت على هذا .سألت حكيما أين شطت بها النوى
:قصيدة كثير في عزة لما أخرجت إلى مصر :وهذه القصيدة يقولها كثير في عزة لما أخرجت إلى مصر ،وذلك قوله فيها
وإن بعدت إل قـعـدت أشـيم ولست براء نحو مصر سحـابة
عزوفا ويصبو المرء وهو كريم فقد بوجد النكس الدني عن الهوى
غداة الشبا فيها علـيك وجـوم وقال خليلي مالها إذ لقـيتـهـا
على غير فحش والصفاء قـديم فقلت له إن الـمـودة بـينـنـا
على العهد فيما بيننا لـمـقـيم وإني وإن أعرضت عنها تجلـدا
وبينكم في صرفه لـمـشـوم وإن زمانا فرق الدهر بـينـنـا
صحيح وقلبي في هواك سقـيم أفي الحق هذا أن قلبك سـالـم
وجسمك موفور عليك سـلـيم وأن بجسمي منك داء مخامـرا
ولكنني يا عز عـنـك حـلـيم لعمرك ما أنصفتني في مودتـي
فإني لعمري تحت ذاك كـلـيم فإما تريني اليوم أبـدي جـلدة
ذنوب العدا إني إذا لـظـلـوم ولست ابنة الضمري منك بناقـم
وإني على ربـي إذا لـكـريم ومنها :صوت :وإني لذو وجد إذا عاد وصلـهـا
تهيج مغانيها الفؤاد المـتـيمـا لعزة أطلل أبت أن تكـلـمـا
وأظهرن مني هيبة ل تجهمـا وكنت إذا ما جئت أجللن مجلسي
قديما فما يضحكن إل تبسـمـا عروضه من الطويل .غنى فيه مالك بن أبي يحاذرن مني غيرة قد عرفنهـا
السمح لحنين عن يونس .أحدهما ثقيل أول بالخنصر في مجرى البنصر عن إسحاق ،وغيره ينسبه إلى معبد .والخر ثاني ثقيل
بالوسطى عن حبش وفيه لبن محرز خفيف ثقيل أول بالبنصر عن عمرو والهشامي .وغيره يقول :إنه لحن مالك .وفيه لبن
.سريج خفيف رمل بالبنصر عن عمرو والهشامي وعلي بن يحيى
الرشيد ومسرور الخادم وما دار بينه وبين جعفر بن يحيى حين أمره بقتله :وأخبرني أحمد بن جعفر جحظة قال حدثني ميمون
:بن هارون قال حدثني من أثق به عن مسرور الخادم
أن الرشيد لما أراد قتل جعفر بن يحيى لم يطلع عليه أحدا بتة .ودخل عليه جعفر في اليوم الذي قتله في ليلته فقال له:
اذهب فتشاغل اليوم بمن تأنس به واصطبح فإني مصطبح مع الحرم .فمضى جعفر ،وفعل الرشيد ذلك .ولم يزل بر الرشيد
وزألطافه وتحفه وتحياته تتابع إليه لئل يستوحش .فلما كان الليل دعاني فقال لي :اذهب فجئني الساعة برأس جعفر ابن
:يحيى ،وضم إلي جماعة من الغلمان ،فمضيت حتى هجمت عليه منزله .وإذا أبو زكار العمى يغنيه بقوله
عليه الموت يطرق أو يغادي فقلت له :في هذا المعنى ومثله والله جئتك فأجب. فل تبعد فكل فتى سـيأتـي
فوثب وقال :ما الخبر يا أبا هشام جعلني الله فداءك قلت :قد أمرت بأخذ رأسك .فاكب على رجلي فقبلها وقال :الله الله،
راجع أمير المؤمنين في .فقلت :ما لي إلى ذلك سبيل .قال :فأعهد? قلت :ذاك لك .فذهب يدخل إلى النساء فمنعته ،وقلت:
اعهد في موضعك .فدعا بدواة وكتب أحرفا على دهش ثم قال لي :يا أبا هشام بقيت واحدة .قلت :هاتها .قال :خذني معك إلى
أمير المؤمنين حتى أخاطبه .قلت :ما لي إلى ذلك سبيل .قال :ويحك ل تقتلني بأمره على النبيذ .فقلت :هيهات ما شرب اليوم
شيئا .قال :فخذني واحبسني عندك في الدار ،وعاوده في أمري .قلت :أفعل .فأخذته ،فقال لي أبو زكار العمى :نشدتك الله
إن قتلته إل ألحقتني به .قلت له :يا هذا لقد اخترت غير مختار .قال :وكيف أعيش بعده وحياتي كانت معه وبه ،وأغناني عمن
سواه ،فما أحب الحياة بعده ،فمضيت بجعفر وجعلته في بيت وأقفلت عليه ووكلت به ،ودخلت إلى الرشيد ،فلما رآني قال :أين
رأسه ويلك? فأخبرته بالخبر .فقال :يابن الفاعلة ،والله لئن لم يجيئني برأسه الساعة لخذن رأسك فمضيت إليه فأخذت رأسه
ووضعته بين يديه .ثم أخبرته خبره ،وذكرت له خبر أبي زكار العمى ،فلما كان بعد مدة أمرني بإحضاره ،فأحضرته ،فوصله
.وبره وأمر بالجراية عليه
:صوت :شعر في خولة غنى فيه
تقادم عهدها وهجرتمـاهـا قفا في دار خولة فاسألهـا
إذا هبت بأبطحه صبـاهـا بمحلل يفوح المسك مـنـه
وتمنعنا فل ترعى حماهـا عروضه من الوافر .الشعر لرجل من فزارة .والغناء أترعى حيث شاءت من حمانا
.ذكر حماد عن أبيه أنه لمعبد ،وذكر عنه في موضع آخر أنه لبن مسجح .وطريقته من الثقيل الول في مجرى الوسطى
نسب منظور بن زبان :وهذا الشعر يقول الفزاري في خولة بنت منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلل
بن سمي بن مازن بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان .وكان منظور بن زبان سيد قومه غير مدافع ،أمه قهطم
.بنت هاشم بن حرملة وقد ولدت أيضا زهير بن جذيمة فكان آخذا بأطراف الشرف في قومه .وهو أحد من طال حمل أمه به
سبب تسميته منظورا وشعر أبيه في ذلك :قال الزبير بن بكار فيما أجاز لنا الحرمي بن أبي العلء والطوسي روايته عنهما مما
حدثا به عنه حدثتني مغيرة بنت أبي عدي .قال الزبير وقد حدثني هذا الحديث أيضا إبراهيم بن زياد عن محمد بن طلحة،
وحدثنيه أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة عن يحيى بن الحسن العلوي عن الزبير قال جميعا :حملت قهطم بنت هاشم
بمنظور بن زبان أربع سنين ،فولدته وقد جمع فاه فسماه منظورا لذلك يعني لطول ما انتظره وقال فيه على ما رواه محمد بن
:طلحة
فسميت منظورا وجئت على قدر ما جئت حتى قيل لـيس بـوارد
وإني لرجو أن تسود بني بـدر تزوج مليكة زوج أبيه ففرقع بينهما عمر فتبعتها وإني لرجو أن تكون كهـاشـم
نفسه وقال شعرا :ذكر الهيثم بن عدي عن ابن الكلبي وابن عياش ،وذكر بعضه الزبير بن بكار عن عمه عن مجالد :أن منظور
بن زبان تزوج امرأة أبيه وهي مليكة بنت سنان بن أبي حارثة المري فولدت له هاشما وعبد الجبار وخولة ،ولم تزل معه إلى
خلفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .وكان يشرب الخمر أيضا ،فرفع أمره إلى عمر ،فأحضره وسأله عما قيل ،فاعترف به
وقال :ما علمت أنها حرام .فحبسه إلى وقت صلة العصر ،ثم أحلفه أنه لم يعلم أن الله عز وجل حرم ما فعله .فحلف فيما
.ذكر أربعين يمينا .فخلى سبيله ،وفرق بينه وبين امرأة أبيه وقال :لول أنك حلفت لضربت عنقك
قال ابن الكلبي في خبره :إن عمر قال له :أتنكح امرأة أبيك وهي أمك? أو ما علمت أن هذا نكاح المقت وفرق بينهما فتزجها
.محمد بن طلحة
:قال ابن الكلبي في خبره :فلما طلقها أسف عليها وقال فيها
إذا منعت مني مليكة والخمـر أل ل أبالي اليوم ما صنع الدهر
فحي ابنة المري ما طلع الفجر فإن تك قد أمست بعيدا مزارهـا
ول ضم في بيت على مثلها ستر وقال أيضا :لعمري ما كانت ملـيكة سـوءة
وبينك قسرا إنه لعظـيم وقال حجر بن معاوية بن عيينة بن حصن بن حذيفة لعمر أبي ،دين يفرق بيننا
:لمنظور
في المهات عجان الكلب منظور لبئس ما خلف البـاء بـعـدهـم
فالن أنت بطول الغمز معـذور تزوجت ابنته خولة الحسن بن علي بعد موت قد كنت تغمزها والشيخ حاضرها
زوجها :قال أبو الفرج الصبهاني :أخطأ ابن الكلبي في هذا .وإنما طلحة بن عبيد الله الذي تزوجها؛ فأما محمد فإنه تزوج خولة
بنت منظور فولدت له إبراهيم بن محمد وكان أعرج ،ثم قتل عنها يوم الجمل ،فتزوجها الحسن بن علي عليهما السلم ،فولدت
له الحسن بن الحسن عليهما السلم .وكان إبراهيم بن محمد بن طلحة نازع بعض ولد الحسين بن علي بعض ما كان بينهم
وبين بني الحسن من مال علي عليه السلم ،فقال الحسيني لمير المدينة :هذا الظالم الضالع الظالع يعني إبراهيم فقال له
إبراهيم :والله إني لبغضك .فقال له الحسيني :صادق ،والله يحب الصادقين ،وما يمنعك من ذلك وقد قتل أبي أباك ،وناك عمي
.أمك? ل يكني فأمر بهما فأقيما من بين يدي المير
لقي مليكة بعد فراقها فتعرض لها ولزوجها :رجع الخبر إلى رواية ابن الكلبي قال :فلما فرق عمر رضي الله عنه بينهما
وتزوجت رآها منظور يوما وهي تمشي في الطريق وكانت جميلة رائعة الحسن فقال :يا مليكة ،لعن الله دينا فرق بيني وبينك
فلم تكلمه وجازت ،وجاز بعدها زوجها؛ فقال له منظور :كيف رأيت أثر أيري في حر مليكة? قال :كما رأيت أثر أير أبيك فيه،
.فأفحمه .وبلغ عمر رضي الله عنه الخبر فطلبه ليعاقبه ،فهرب منه
رجع إلى زواج ابنته خولة بالحسن :وقال الزبير في حديثه :فتزوج محمد بن طلحة بن عبيد الله خولة بنت منظور فولدت له
إبراهيم وداود وأم القاسم بني محمد بن طلحة ،ثم قتل عنها يوم الجمل ،فخلف عليها الحسن ابن علي بن أبي طالب عليهما
.السلم ،فولدت له الحسن بن الحسن رضي الله عنهما
قال الزبير :وقال محمد بن الضحاك الحزامي عن أبيه :تزوج الحسن عليه السلم خولة بنت منظور ،زوجه إياها عبد الله بن
.الزبير وكانت أختها تحته
وأخبرني أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثني يحيى بن الحسن قال حدثني موسى بن عبيد الله بن الحسن قال :جعلت خولة
أمرها إلى الحسن عليه السلم فتزوجها ،فبلغ ذلك منظور بن زبان فقال :أمثلي يفتات عليه في ابنته فقدم المدينة ،فركز راية
سوداء في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ،فلم يبق قيسي بالمدينة إل دخل تحتها ،فقيل لمنظور بن زبان :أين يذهب بك
تزوجها الحسن بن علي عليه السلم وليس مثله أحد .فلم يقبل .وبلغ الحسن عليه السلم ما فعل ،فقال له :ها ،شأنك بها.
فأخذها وخرج بها .فلما كان بقباء جعلت خولة تندمه وتقول :الحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة .فقال :تلبثي ها هنا؛ فإن
كانت للرجل فيك حاجة فسيلحقنا ها هنا .قال :فلحقه الحسن والحسين عليهما السلم وابن جعفر وابن عباس ،فتزوجها
:الحسن ،ورجع بها .قال الزبير :ففي ذلك يقول جفير العبسي
والجود في آل منظور بن سيار إن الندى من بني ذبيان قد علموا
وكل غيث من الوسمي مـدرار الماطرين بـأيديهـم نـدى ديمـا
وما فتاهم لهـا سـرا بـزوار تزور جاراتهم وهنا فواضلـهـم
وهم رضا لبني أخت وأصهـار لما أسنت خولة بنته برزت للرجال وغناها ترضى قريش بهم صهرا لنفسهم
معبد بشعر قيل فيها فطربت :أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني ابن أبي أيوب عن ابن
:عائشة المغني عن معبد
أن خولة بنت المنظور كانت عند الحسن بن علي عليهما السلم ،فلما أسنت مات عنها أو طلقها ،فكشفت قناعها وبرزت
للرجال .قال معبد :فأتيتها ذات يوم أطالبها بحاجة ،فغنيتها لحني في شعر قاله فيها بعض بني فزارة ،وكان خطبها فلم ينكحها
:أبوها
تقادم عهدها وهجرتمـاهـا قفا في دار خولة فاسـألهـا
إذا فاحت بأبطحه صبـاهـا بمحلل كأن المـسـك فـيه
لحران يضيء له سنـاهـا كأنك مزنة بـرقـت بـلـيل
وقد أشفى عليها أورجـاهـا فلم تمطر عليه وجـاوزتـه
سلو النفس عنك ول غناهـا وما يمل فؤادي فاعـلـمـيه
وتمنعنا فل نرعى حمـاهـا قال :فطربت العجوز لذلك ،وقالت :يا عبد ابن وترعى حيث شاءت من حمانا
.قطن ،أنا والله يومئذ أحسن من النار الموقدة في الليلة القرة
:صوت
يوم الرصافة مثلهم لم يوجـد لله در عصابة صاحبـتـهـم
يتركن من ضربوا كأن لم يولد متقلدين صفـائحـا هـنـدية
أبصارهم قطع الحديد الموقد عروضه من الكامل .الشعر للجحاف السلمي ببني وغدا الرجال الثائرون كأنمـا
.تغلب في يوم البشر .والغناء للبجر ثقيل أول بالبنصر في مجراها عن إسحاق
أن عمير بن الحباب لما قتلته بنو تغلب بالحشاك وهو إلى جانب الثرثار ،وهو قريب من تكريت أتى تميم بن الحباب أخوه زفر
بن الحارث فأخبره بمقتل عمير ،وسأله الطلب له بثأره ،فكره ذلك زفر ،فسار تميم بن الحباب بمن تبعه من قيس ،وتابعه على
ذلك مسلم بن أبي ربيعة العقيلي .فلما توجهوا نحو بني تغلب لقيهم الهذيل في زراعة لهم؛ فقال :أين تريدون? فأخبروه بما
كان من زفر ،فقال :أمهلوني ألق الشيخ .فأقاموا ومضى الهزيل فأتى زفر؛ فقال :ما صنعت والله لئن ظفر بهذه العصابة إنه
لعار عليك ،ولئن ظفروا إنه لشد؛ قال زفر :فاحبس علي القوم؛ وقام زفر في أصحابه ،فحرضهم ،ثم شخص واستخلف عليهم
أخاه أوسا ،وسار حتى انتهى إلى الثرثار فدفنوا أصحابهم ،ثم وجه زفر بن الحرث يزيد بن حمران في خيل ،فأساء إلى بني
فدوكس من تغلب ،فقتل رجالهم واستباح أموالهم ،فلم يبق في ذلك الجو غير امرأة واحدة يقال لها حميدة بنت امرئ القيس
عاذت بابن حمران فأعاذها .وبعث الهذيل إلى بني كعب بن زهير فقتل فيهم قتل ذريعا .وبعث مسلم بن ربيعة إلى ناحية أخرى
فأسرع في القتل .وبلغ ذلك بني تغلب واليمن ،فارتحلوا يريدون عبور دجلة ،فلحقهم زفر بالكحيل وهو نهر أسفل الموصل مع
المغرب فاقتتلوا قتال شديدا ،وترجل أصحاب زفر أجمعون ،وبقي زفر على بغل له ،فقتلوهم من ليلتهم ،وبقروا ما وجدوا من
النساء .وذكر أن من غرق في دجلة أكثر ممن قتل بالسيف ،وأن الدم كان في دجلة قريبا من رمية سهم .فلم يزالوا يقتلون
من وجدوا حتى أصبحوا؛ فذكر أن زفر دخل معهم دجلة وكانت فيه بحة ،فجعل ينادي ول يسمعه أصحابه ،ففقدوا صوته وحبسوا
أن يكون قتل ،فتذامروا وقالوا :لئن قتل شيخنا لما صنعنا شيئا ،فاتبعوه فإذا هو في دجلة يصيح بالناس وتغلب قد رمت بأنفسها
تعبر في الماء فخرج من الماء وأقام في موضعه .فهذه الوقعة الحرجية لنهم أحرجوا فألقوا أنفسهم في الماء .ثم وجه يزيد بن
حمران وتميم بن الحباب ومسلم بن ربيعة والهذيل بن زفر في أصحابه ،وأمرهم أل يلقوا أحدا إل قتلوه ،فانصرفوا من ليلتهم،
وكل قد أصاب حاجته من القتل والمال ،ثم مضى يستقبل الشمال في جماعة من أصحابه ،حتى أتى رأس الثيل ،ولم يخل
بالكحيل أحدا والكحيل على عشرة فراسخ من الموصل فيما بينها وبين الجنوب فصعد قبل رأس الثيل ،فوجد به عسكرا من
اليمن وتغلب ،فقاتلهم بقية ليلتهم ،فهربت تغلب وصبرت اليمن .وهذه الليلة تسميها تغلب ليلة الهرير .ففي ذلك يقول زفر بن
:الحارث ،وقد ذكر أنها لغيره
حسبت سماءهم دهيت بليل دهيت بليل ،أي أظلمت نهارا كأن ليل دهاها .ولما أن نعى الناعي عميرا
فوثب الجحاف يجر مطرفه وما يعلم من الغضب ،فقال عبد الملك للخطل :ما أحسبك إل وقد كسبت قومك شرا .فافتعل
الجحاف عهدا من عبد الملك على صدقات بكر وتغلب ،وصحبه من قومه نحو من ألف فارس ،فثار بهم حتى بلغ الرصافة قال:
وبينها وبين شط الفرات ليلة ،وهي في قبلة الفرات ثم كشف لهم أمره ،وأنشدهم شعر الخطل ،وقال لهم :إنما هي النار أو
العار ،فمن صبر فليقدم ومن كره فليرجع ،قالوا :ما بأنفسنا عن نفسك رغبة ،فأخبرهم بما يريد ،فقالوا :نحن معك فيما كنت
فيه من خير وشر ،فارتحلوا فطرقوا صهين بعد رؤبة من الليل وهي في قبلة الرصافة وبينهما ميل ثم صبحوا عاجنة الرحوب
في قبلة صهين والبشر وهو واد لبني تغلب فأغاروا على بني تغلب ليل فقتلوهم ،وبقروا من النساء من كانت حامل ،ومن كانت
غير حامل قتلوها .فقال عمر بن شبة في خبره :سمعت أبي يقول :صعد الجحاف الجبل فهو يوم البشر ،ويقال له أيضا يوم
عاجنة الرحوب ،يوم مخاشن ،وهو جبل إلى جنب البشر ،وهو مرج السلوطح لنه بالرحوب وقتل في تلك الليلة ابنا للخطل
:يقال له أبو غياث ،ففي ذلك يقول جرير له
فل نعمت لك السوءات بال قال عمر بن شبة في خبره خاصة :ووقع الخطل في شربت الخمر بعد أبي غياث
:أيديهم ،وعليه عباءة دنسة ،فسألوه فذكر أنه عبد من عبيدهم ،فأطلقوه ،فقال ابن صفار في ذلك
لما تيقن أنـهـم قـوم عـدا لم تنج إل بالتعبـد نـفـسـه
فنجا ولو عرفوا عباءته هوى وجعل ينادي :من كانت حامل فإلي ،فصعدن إليه، وتشابهت برق العباء عليهـم
فجعل يبقر بطونهن .ثم إن الجحاف هرب بعد فعله ،وفرق عنه أصحابه ولحق بالروم ،فلحق الجحاف عبيدة بن همام التغلبي
:دون الدرب ،فكر عليه الجحاف فهزمه ،وهزم أصحابه وقتلهم ،ومكث زمنا في الروم ،وقال في ذلك
من الورد يوم في دمـاء الراقـم فإن تطردوني تطردوني وقد مضى
ظلما بركض المقربات الصلدم رجع بعد عفو عبد الملك عنه وتمثل لدن ذر قرن الشمس حتى تلبسـت
بشعر الخطل :حتى سكن غضب عبد الملك ،وكلمته القيسية في أن يؤمنه ،فلن وتلكأ ،فقيل له :إنا والله ل نأمنه على
:المسلمين إن طال مقامه بالروم؛ فأمنه ،فأقبل فلما قدم على عبد الملك لقيه الخطل فقال له الجحاف
على القتل أم هل لمني لك لئمي أبا مالك هل لمتني إذ حضضتنـي
حضضت عليها فعل حران حازم أبا مالك إني أطعتك فـي الـتـي
وإني لطب بالوغى جـد عـالـم قال ابن حبيب :فزعموا أن الخطل قال له: فإن تدعني أخرى أجبك بمثلـهـا
:أراك والله شيخ سوء .وقال فيه جرير
أردت بذاك المكث والورد أعجل فإنك والجحاف يوم تـحـضـه
أل إنما يبكي مـن الـذل دوبـا بكى دوبل ل يرقئ اللـه دمـعة
بدجلة حتى ماء دجلة أشـكـل فقال الخطل :ما لجرير لعنه الله والله ما وما زالت القتلى تمور دماؤهـم
:سمتني أمي دوبل إل وأنا صبي صغير ثم ذهب ذلك عني لما كبرت .وقال الخطل
إلى الله منها المشتكى والمعول لقد أوقع الجحاف بالبشر وقـعة
وحبل ضعيف ل يزال يوصـل فسائل بني مروان ما بـال ذمة
يكن عن قريش مستراد ومزحل حمله الوليد دية قتلى البشر فاستطاع أن يأخذها فإل تغيرها قريش بملـكـهـا
:من الحجاج
فقال عبد الملك حين أنشده هذا :فإلى أين يابن النصرانية? قال :إلى النار قال :أولى لك لو قلت غيرها قال :ورأى عبد الملك
أنه إن تركهم على حالهم لم يحكم المر ،فأمر الوليد بن عبد الملك ،فحمل الدماء التي كانت قبل ذلك بين قيس وتغلب،
وضمن الجحاف قتلى البشر ،وألزمه إياها عقوبة له ،فأدى الوليد الحمالت ،ولم يكن عند الجحاف ما حمل ،فلحق بالحجاج
بالعراق يسأله ما حمل لنه من هوازن ،فسأل الذن على الحجاج ،فمنعه .فلقي أسماء بن خارجة؛ فعصب حاجته به فقال :إني
ل أقدر لك على منفعة ،قد علم المير بمكانك وأبى أن يأذن لك؛ فقال :ل والله ل ألزمها غيرك أنجحت أو أكدت ،فلما بلغ ذلك
الحجاج قال :ما له عندي شيء ،فأبلغه ذلك؛ قال :وما عليك أن تكون أنت الذي توئسه فإنه قد أبى ،فأذن له فلما رآه قال:
أعهدتني خائنا ل أبا لك قال :أنت سيد هوازن ،وقد بدأنا بك ،وأنت أمير العراقين ،وابن عظيم القريتين ،وعمالتك في كل سنة
خمسمائة ألف درهم ،وما بك بعدها حاجة إلى خيانة ؛ فقال :أشهد أن الله تعالى وفقك ،وأنك نظرت بنور الله ،فإذا صدقت
.فلك نصفها العام ،فأعطاه وأدوا البقية
تنسك وخرج إلى الحج في زي عجيب :قال ثم تأله الجحاف بعد ذلك ،واستأذن في الحج ،فأذن له ،فخرج في المشيخة الذين
شهدوا معه ،قد لبسوا الصوف وأحرموا ،وأبروا أنوفهم أي خزموها وجعلوا فيها البرى ،ومشوا إلى مكة فلما قدموا المدينة
ومكة جعل الناس يخرجون فينظرون إليهم ،ويعجبون منهم ،قال :وسمع ابن عمر الجحاف وقد تعلق بأستار الكعبة وهو يقول:
اللهم اغفر لي وما أراك تفعل فقال له ابن عمر :يا هذا ،لو كنت الجحاف ما زدت على هذا القول ،قال :فأنا الجحاف ،فسكت.
وسمعت محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلم ،وهو يقول ذلك؛ فقال :يا عبد الله ،قنوطك من عفو الله أعظم من ذنبك
.قال عمر بن شبة في خبره :كان مولد الجحاف بالبصرة
دخل على عبد الملك بعد أن أمنه فأنشده شعرا :قال عبد الله بن إسحاق النحوي :كان الجحاف معي في الكتاب ،قال أبو زيد
في خبره أيضا :ولما أمنه عبد الملك دخل عليه في جبة صوف ،فلبث قائما ،فقال له عبد الملك :أنشدني بعض ما قلت في
:غزوتك هذه وفجرتك ،فأنشده قوله
وإذا جزعنا لم نجد من يصبر فقال له عبد الملك بن مروان :كذبت ،ما أكثر من صبرت سليم للطعان وعامر
:يصبر ثم أنشده
يوم اللقا وإذا علوا لم يضجروا فقال عبد الملك :صدقت ،حدثني أبي عن أبي نحن الذين إذا علوا لم يفخـروا
.سفيان بن حرب أنكم كنتم كما وصفت يوم فتح مكة
عود إلى قصة يوم البشر :حدثت عن الدمشقي عن الزبير بن بكار ،وأخبرني وكيع عن عبد الله بن شبيب عن الزبير ابن بكار
عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عمرو بن عبد العزيز بن مروان :أنه حضر الجحاف عند عبد الملك بن مروان يوما
:والخطل حاضر في مجلسه ينشد
بقتلى أصيبت من سليم وعامر قال :فتقبض وجهه في وجه الخطل .ثم إن أل سائل الجحاف هل هو ثائر
:الخطل لما قال له ذلك قال له
ونبكي عميرا بالرماح الخواطر ثم قال :ظننت أنك يابن النصرانية لم تكن نعم سوف نبكيهم بكل مـهـنـد
تجترئ علي ولو رأيتني لك مأسورا .وأوعده ،فما برح الخطل حتى حم ،فقال له عبد الملك :أنا جارك منه؛ قال :هذا أجرتني
:منه يقظان ،فمن يجيرني منه نائما? قال :فجعل عبد الملك يضحك .قال :فأما قول الخطل
بقتلى أصيبت من سليم وعامر فإنه يعني اليوم الذي قتلت فيه بنو تغلب عمير أل سائل الجحاف هل هو ثائر
.بن الحباب السلمي
وكان السبب في ذلك فيما أخبرني به علي بن سليمان الخفش قال حدثني أبو سعيد السكري عن محمد بن حبيب عن أبي
:عبيدة عن العرابي عن المفضل
أن قيسا وتغلب تحاشدوا لما كان بينهم من الوقائع منذ ابتداء الحرب بمرج راهط ،فكانوا يتغاورون .وكانت بنو مالك بن بكر
جامعة بالتوباذ وما حوله ،وجلبت إليها طوائف تغلب وجميع بطونها ،إل أن بكر بن جشم لم تجتمع أحلفهم من النمر بن قاسط.
وحشدت بكر فلم يأت الجمع منهم على قدر عددهم .وكانت تغلب بدوا بالجزيرة ل حاضرة لها إل قليل بالكوفة ،وكانت حاضرة
الجزيرة لقيس وقضاعة وأخلط مضر ،ففارقتهم قضاعة قبل حرب تغلب ،وأرسلت تغلب إلى مهاجريها وهم بأذربيجان ،فأتاهم
:شعيب بن مليل في ألفي فارس .واستنصر عمير تميما وأسدا فلم يأته منهم أحد؛ فقال
ومن أسد هل تسمعان المنـاديا أيا أخوينا من تمـيم هـديتـمـا
وتغلب ألفافا تهز الـعـوالـيا ألم تعلما مذ جاء بكر بـن وائل
وهم قرب أدنى حاضرين وباديا وكان من حضر ذلك من وجوه بكر بن وائل إلى قومكم قد تعلمون مكانهـم
المجشر بن الحارث بن عامر بن مرة بن عبد الله بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان ،وكان من سادات شيبان بالجزيرة فأتاهم
:في جمع كثير من بني أبي ربيعة .وفي ذلك يقول تميم بن الحباب بعد يوم الحشاك
بنيعمنا فالـدهـر ذو مـتـغـير فإن تحتجز بالماء بكـر بـن وائل
فنقتص من أبناء عم المـجـشـر وأتاهم زمام بن مالك بن الحصين من فسوف نخيض الماء أو سوف نلتقي
.بني عمرو بن هاشم بن مرة في جمع كبير فشهدوا يوم الثرثار ،فقتل
وكان فيمن أتاهم من العراق من بكر بن وائل عبيد الله بن زياد بن ظبيان ،ورهصة بن النعمان بن سويد بن خالد من بني
أسعد بن همام ،فلذلك تحامل المصعب بن الزبير على أبان ابن زياد أخي عبيد الله بن زياد فقتله .وفي هذا السبب كانت فرقة
:عبيد الله لمصعب ،وجمعت تغلب فأكثرت فلما أتى عميرا كثرة من أتى من بني تغلب وأبطأ عنه أصحابه قال يستبطئهم
وحولي من ربيعة كالجبـال أناديهم وقد خذلـت كـلب
ويعصر كالمصاعيب النهال أقاتلهم بحي بـنـي سـلـيم
وما جمعت من أهلي ومالي فدى لفوارس الثرثار قومي
فقد فارقت أعصر غير قال فإما أمس قد حانت وفاتـي
ثراء المال أو عدد الرجال ثم زحف العسكران ،فأتت قيس وتغلب الثرثار ،بين أبعد فوارس الثرثار أرجـو
رأس الثيل والكحيل ،فشاهدوا القتال يوم الخميس .وكان شعيب بن مليل وثعلبه بن نياط التغلبيان قدما في ألفي فارس في
الحديد ،فعبروا على قرية يقال لها لبى على شاطئ دجلة بين تكريت وبين الموصل ،ثم توجهوا إلى الثرثار ،فنظر شعيب إلى
دواخن قيس ،فقال لثعلبة بن نياط :سر بنا إليهم ،فقال له :الرأي أن نسير إلى جماعة قومنا فيكون مقاتلنا واحدا ،فقال
شعيب :والله ل تحدث تغلب أني نظرت إلى دواخنهم ثم انصرفت عنهم ،فأرسل ناسا من أصحابه قدامه وعمير يقاتل بني
تغلب .وذلك يوم الخميس ،وعلى تغلب حنظلة بن هوبر ،أحد بني كنانة بن تميم ،فجاء رجل من أصحاب عمير إليه فأخبره أن
طلئع شعيب قد أتته ،وأنه قد عدل إليه ،فقال عمير لصحابه :أكفوني قتال ابن هوبر ،ومضى هو في جماعة من أصحابه ،فأخذ
الذين قدمهم شعيب ،فقتلهم كلهم غير رجل من بني كعب بن زهير يقال له :قتب بن عبيد ،فقال عمير :يا قتب ،أخبرني ما
وراءك? قال :قد أتاك شعيب بن مليل في أصحابه .وفارق ثعلبة بن نياط شعيبا ،فمضى إلى حنظلة بن هوبر ،فقاتل معه
القيسية ،فقتل ،فالتقى عمير وشعيب فاقتتلوا قتال شديدا ،فما صليت العصر حتى قتل شعيب وأصحابه أجمعون ،وقطعت رجل
:شعيب يومئذ ،فجعل يقاتل القوم وهو يقول
أن الفتى يفتك وهو أجذم فلما قتل نزل أصحابه ،فعقروا دوابهم ،ثم قاتلوا حتى قد علمت قيس ونحن نعلم
:قتلوا ،فلما رآه عمير قتيل قال :من سره أن ينظر إلى السد عقيرا فها هو ذا .وجعلت تغلب يومئذ ترتجز وتقاتل وهي تقول
كلهما كان كريما فاجعا انعوا إياسا واندبوا مجاشعا
ويه تغلب ضربا ناقعـا
وانصرف عمير إلى عسكره ،وأبلغ بني تغلب مقتل شعيب ،فحميت على القتال ،وتذامرت على الصبر ،فقال محصن بن
حصين بن جنجور أحد البناء :مضيت أنا ومن أفلت من أصحاب شعيب بعد العصر ،فأتينا راهبا في صومعته ،فسألنا عن حالنا،
فأخبرناه ،فأمر تلميذا له ،فجاء بخرق فداوى جراحنا ،وذلك غداة يوم الجمعة .فلما كان آخر ذلك اليوم أتانا خبر مقتل عمير
.وأصحابه ،وهرب من أفلت منهم
:صوت
كتجافي السر فوق الظراب إن جنبي على الفراش لنـاب
عم غمضا ول أسيغ شرابي من حديث نمى إلي فمـا أط
ماح في حال شدة وشبـاب لشرحبيل إذ تـعـاوره الر
تحته قارح كلون الغـراب عروضه من الخفيف .السر :البعير الذي يكون به فارس يطعن الكماة جـريء
السرر ،وهي قرحة تخرج في كركرته ،ل يقدر أن يبرك إل على موضع مستو من الرض ،والظراب :النشوز والجبال الصغار،
واحدها ظرب .والشعر لغلفاء ،وهو معد يكرب بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندي يرثي أخاه شرحبيل قتيل يوم
.الكلب الول ،والغناء للغريض ثقيل أول بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق ويونس وعمرو
وكان السبب في مقتله وقصة يوم الكلب فيما أخبرنا به محمد بن العباس اليزيدي وعلي بن سليمان الخفش قال حدثنا أبو
سعيد قال أخبرنا محمد بن حبيب عن أبي عبيدة قال أخبرني إبراهيم بن سعدان عن أبيه عن أبي عبيدة قال أخبرني دماذ عن
أبي عبيدة قال :كان من حديث الكلب الول أن قباذ ملك فارس لما ملك كان ضعيف الملك ،فوثبت ربيعة على المنذر الكبر
بن ماء السماء وهو ذو القرنين بن النعمان بن الشقيقة فأخرجوه؛ وإنما سمي ذا القرنين لنه كانت له ذؤابتان ،فخرج هاربا
منهم حتى مات في إياد ،وترك ابنه المنذر الصغر فيهم وكان أذكى ولده فانطلقت ربيعة إلى كندة ،فجاؤوا بالحارث بن عمرو
بن حجر آكل المرار ،فملكوه على بكر بن وائل ،واحتشدوا له؛ فقاتلوا معه ،فظهر على ما كانت العرب تسكن من أرض
العراق ،وأبى قباذ أن يمد المنذر بجيش ،فلما رأى ذلك المنذر كتب إلى الحارث بن عمرو :إني في غير قومي ،وأنت أحق من
ضمني ،وأنا متحول إليك ،فحوله إليه وزوجه ابنته هندا .ففرق الحارث بنيه في قبائل العرب ،فصار شرحبيل بن الحارث في بني
بكر بن وائل وحنظلة بن مالك وبني أسيد ،وطوائف من بني عمرو بن تميم والرباب ،وصار معد يكرب بن الحارث وهو غلفاء
في قيس ،وصار سلمة بن الحارث في بني تغلب والنمر بن قاسط وسعد بن زيد مناة .فلما هلك الحارث تشتت أمر بنيه،
وتفرقت كلمتهم ومشت الرجال بينهم ،وكانت المغاورة بين الحياء الذين معهم ،وتفاقم المر حتى جمع كل واحد منهم لصاحبه
الجموع؛ فسار شرحبيل ومن معه من بني تميم والقبائل ،فنزلوا الكلب وهو فيما بين الكوفة والبصرة على سبع ليال من
اليمامة وأقبل سلمة بن الحارث في تغلب والنمر ومن معه ،وفي الصنائع وهم الذين يقال لهم بنو رقية ،وهي أم لهم ينتسبون
إليها .وكانوا يكونون مع الملوك يريدون الكلب .وكان نصحاء شرحبيل وسلمة قد نهوهما عن الحرب والفساد والتحاسد،
وحذروهما عثرات الحرب وسوء مغبتها ،فلم يقبل ولم يبرحا ،وأبيا إل التتايع واللجاجة في أمرهم ،فقال امرؤ القيس بن حجر
:في ذلك
ولم تلوما عمرا ول عصما أنى علي استتب لومكـمـا
شيء وأخوالنا بني جشمـا كل يمين الله يجمـعـنـا
كأنها من ثمـود أو إرمـا وكان أول من ورد كلب من جمع سلمة سفيان بن مجاشع حتى تزور السباع ملحـمة
بن دارم ،وكان نازل في بني تغلب مع إخوته لمه ،فقتلت بكر بن وائل بنين له ،فيهم مرة بن سفيان ،قتله سالم بن كعب بن
:عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان؛ فقال سفيان وهو يرتجز
والجوف جوف حران الشيخ شيخ ثـكـلن
أنعى مرة بن سفـيان وفي ذلك يقول الفرزدق :والورد ورد عجـلن
وسفيان الذي ورد الكلبا شيوخ منهم عدس بن زيد
قال :ولما قتل شرحبيل قامت بنو سعد بن زياد مناة بن تميم دون عياله ،فمنعوهم وحالوا بين الناس وبينهم ،ودفعوا عنهم
حتى ألحقوهم بقومهم ومأمنهم .ولي ذلك منهم عوف بن شجنة بن الحارث بن عطارد بن عوف بن سعد بن كعب ،وحشد له
:فيه رهطه ونهضوا معه ،فأثنى عليهم في ذلك امرؤ القيس بن حجر ،ومدحهم به في شعره فقال
عن استنقذوا جاراتكم آل غدران أل إن قوما كنتم أمس دونـهـم
وأسعد في يوم الهزاهز صفوان وهي قصيدة معروفة طويلة :صوت :عوير ومن مثل العوير ورهطه
ولكن عين السخط تبدي المساويا وعين الرضا عن كل عيب كليلة
فإن عرضت أيقنت أن ل أخا ليا الشعر لعبد الله بن معاوية بن عبد الله وأنت أخي ما لم تكن لي حـاجة
الجعفري ،يقوله للحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس؛ هكذا ذكر مصعب الزبيري .وذكر مؤرج فيما أخبرنا به اليزيدي
عن عمه أبي جعفر عن مؤرج وهو الصحيح أن عبد الله بن معاوية قال هذا الشعر في صديق له يقال له قصي بن ذكوان ،وكان
:قد عتب عليه .وأول الشعر
فكشفه التمحيص حتى بدا ليا رأيات قصيا كان شيئا ملففـا
بلوتك في الحاجات إل تنائيا والغناء لبنان بن عمرون رمل بالوسطى .وفيه الثقيل فل زاد ما بيني وبينك بعدما
.الول لعريب من رواية أبي العنبس وغيره
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا يحيى بن الحسن قال حدثنا سلمة بن شبيب قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرني ابن
يحيى وعثمان بن أبي سليمان قال :مر النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن جعفر وهو يصنع شيئا من طين من لعب
الصبيان فقال :ما تصنع بهذا ? قال :أبيعه ،قال :ما تصنع بثمنه ? قال :أشتري به رطبا فآكله؛ فقال النبي صلى الله عليه
.وسلم اللهم بارك له في صفقة يمينه .فكان يقال :ما اشترى شيئا إل ربح فيه
تعرض له الحزين بالعقيق وطلب منه ثيابا :أخبرني الحرمي بن أبي العلء والطوسي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني عمي
مصعب عن جدي عبد الله بن مصعب :أن الحزين قمر في العقيق في غداة باردة ثيابه ،فمر به عبد الله بن جعفر وعليه
:مقطعات خز ،فاستعار الحزين من رجل ثوبا ،ثم قام إليه فقال
عليك السلم أبا جعفر فقال :وعليك السلم؛ فقال :أقول له حين واجهتـه
وفي البيت منها الذي تذكر فقال :كذبت يا عدو الله؛ ذاك رسول الله صلى الله فأنت المهذب من غـالـب
:عليه وسلم ،فقال
وقد عضني زمن منكر قال :هاك ثيابي ،فأعطاه ثيابه .فهذي ثيابي قد أخلقـت
.قال الزبير قال عمي :أما البيت الثاني فحدثنيه عمي عن الفضل بن الربيع عن أبي ،وما بقي فأنا سمعته من أبي
تعرض له أعرابي هو على سفر عطاه راحلة بما عليها :حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال أخبرنا يحيى بن الحسن قال :بلغني
أن أعرابيا وقف على مروان بن عبد الحكم أيام الموسم بالمدينة فسأله ،فقال :يا أعرابي ،ما عندنا ما نصلك؛ ولكن عليك بابن
جعفر .فأتى العرابي باب عبد الله بن جعفر فإذا ثقله قد سار نحو مكة ،وراحلته بالباب عليها متاعها وسيف معلق ،فخرج عبد
:الله من داره وأنشأ العرابي يقول
صلتهم للمسلـيمـن طـهـور أبو جعفر من أهل بـيت نـبـوة
وليس لرحلي فاعلمـن بـعـير أبا جعفر إن الحجيج تـرحـلـوا
وأنت على ما فـي يديك أمـير أبا جعفر ضن المير بـمـالـه
إليك يصير المجد حيث تصـير فقال :يا أعرابي ،سار الثقل فدونك الراحلة وأنت امرؤ من هاشم في صميمها
:بما عليها ،وإياك أن تخدع عن السيف فإني أخذته بألف دينار .فأنشأ العرابي يقول
بأعيس موار سباط مـشـافـزه حباني عبد الله ،نفـسـي فـداؤه
شهاب بدا والليل داج عساكـره وأبيض من ماء الحـديد كـأنـه
سيجري له باليمن والبشر طائره وكل امرئ يرجو نوال ابن جعفر
وأكرمه للجار حـين يجـاوره فيا خير خلق الله نفسـا ووالـدا
وما شاكره عرفا كمن هو كافره ذكر له شاعر أنه كساه في المنام ،فكساه سأثني بما أوليتني يابن جعـفـر
جبة وشى :وحدثني أحمد بن يحيى عن رجل قال حدثني شيخ من بني تميم بخراسان قال :جاء شاعر إلى عبد الله بن جعفر
:فأنشده
كساني من الخـز دراعة رأيت أبا جعفر في المنام
فقال ستؤتى بها الساعـه شكوت إلى صاحبي أمرها
ومن كفه الدهر نفاعـه سيكسوها الماجد الجعفري
فقال لك السمع والطاعه فقال عبد الله لغلمه :ادفع إليه دراعتي الخز ثم قال له: ومن قال للجود ل تعدنـي
كيف لو ترى جبتي المنسوجة بالذهب التي اشتريتها بثلثمائة دينار فقال له الشاعر :بأبي دعني اغفى إغفاءة أخرى فلعلي أرى
.هذه الجبة في المنام ،فضحك منه وقال :يا غلم ادفع إليه جبتي الوشى
اعترض ابن دأب على شعر الشماخ في مدحه بأنه دون شعره في عرابة :حدثنا أحمد قال قال يحيى قال ابن دأب :وسمع قول
:الشماخ بن ضرار الثعلبي في عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب رحمه الله
ونعم مأوى طـارق إذا أتـى إنك يابن جعفر نعم الـفـتـى
صادف زادا وحديثا يشتـهـى وجار ضيف طرق الحي سرى
:إن الحديث طرف من القرى فقال ابن دأب :العجب للشماخ يقول مثل هذا القول لبن جعفر ويقول لعرابة الوسي
تلقاها عرابة باليمـين إذا ما راية رفعت لمجد
فوثب ابن المغيرة بن نوفل ولم يثبت الصمعي اسمه فقال :يا عمرو ،بمن تعرض بمزج الود وشوب الحديث? أفبابني
فاطمة? فهما والله خير منك ومنه ،فقال :على رسلك يا لكع أردت أن أدخلك معهم? هيهات لست هناك ،والله لو مت أنت
ومات أبوك ما مدحت ول ذممت ،فتكلم بما شئت فلن تجد لك مجيبا؛ فما هو إل أن سمعهما الناس يتكلمان حتى حجزوا بينهما
.وانصرفوا
شعر ابن قيس الرقيات في علته التي مات فيها :قال يحيى وقال عبد الله بن قيس الرقيات في علة عبد الله بن جعفر التي
:مات فيها
من هموم تجنها الضـلع بات قلبي تشفـه الوجـاع
م فقلبي مما سمعـت يراع من حديث سمعته منع النـو
لس ،كانت بنفسه الوجاع إذ أتانا بما كرهنا أبو اللـس
أدركت نفسه المنايا السراع قال ما قال ثم راح سريعـا
بك ل بالذي عنيت الصداع قال يشكو الصداع وهو ثقيل
أنه غير هـالـك نـفـاع ابن أسماء ل أبا لك تنعـى
مجد سجل يهون فيه القباع هاشميا بكفه من سجـال ال
شيمة المجد ليس فيه خداع نشر الناس كل ذلك مـنـه
كثماد به قـذى أو نـقـاع لم أجد بعـدك الخـلء إل
مد أطنابه المكان الـيفـاع بيته من بيوت عبد مـنـاف
د إذا قصر اللئام الوضـاع منتهى الحمد والنبوة والمج
ناله من ندى سجالك بـاع من هذا الشعر الذي قاله ابن قيس في عبد الله بن فستأتيك مدحة مـن كـريم
:جعفر بيتان يغنى فيهما ،وهما :صوت
لس كانت بنفسه الوجاع قد أتانا بما كرهنا أبو اللس
بك ل بالذي ذكرت الصداع غناه عمرو بن بانة خفيف ثقيل ،الول بالوسطى على قال يشكو الصداع وهو ثقيل
مذهب إسحاق .ويقال إن عمرو بن بانة صاغ هذا اللحن في هذا الشعر وغنى به الواثق يعقب علة نالته وصداع تشكاه؛ قال:
فاستحسنه وأمر له بعشرة آلف درهم .وأم معاوية بن عبد الله بن جعفر أم ولد .وكان من رجالت قريش ،ولم يكن في ولد
.عبد الله مثله
بشروه وهو عند معاوية بولد فسماه باسمه :حدثنا محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا أحمد بن الحارث الخراز عن المدائني
عن أبي عبد الرحمن القرشي :أن معاوية بن عبد الله بن جعفر ولد وأبوه عبد الله عند معاوية ،فأتاه البشير بذلك وعرف
معاوية الخبر فقال :سمه معاوية ولك مائة ألف درهم ،ففعل ،فأعطاه المال ،وأعطاه عبد الله للذي بشره به .قال المدائني:
.وكان عبد الله بن جعفر ل يؤدب ولده ،ويقول إن يرد الله جل وعز بهم يتأدبوا ،فلم ينجب فيهم غير معاوية
خبر ابن هرمة مع معاوية بن عبد الله بن جعفر :أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدثنا هرون بن محمد بن عبد الملك الزيات
قال حدثنا حماد ابن إسحاق عن أبيه ،قال هارون وحدثني محمد بن عبد الله بن موسى بن خالد بن الزبير بن العوام قال حدثني
عمرو بن الحكم السعيدي وإبراهيم بن محمد ومحمد بن معن بن عنبسة قالوا :كان معاوية بن عبد الله بن جعفر قد عود ابن
هرمة البر ،فجاءه يوما وقد ضاقت يده وأخذ خمسين دينارا بدين ،فرفع إليه مع جاريته رقعة فيها مديح له يسأله فيه أيضا برا،
:فقال للجارية :قولي له :أيدينا ضيقة ،وما عندنا شيء إل شيء أخذناه بكلفة ،فرجعت جاريته بذلك ،فأخذ الرقعة فكتب فيها
ب كالكلب ينبح ضوء القمر فإني ومدحك غير المصـي
فكنت كعاصر جنب الحجر وبعث بالرقعة مع الجارية ،فدفعتها إلى معاوية ،فقال مدحتك أرجو لديك الثـواب
لها :ويحك قد علم بها أحد قالت :ل والله إنما دفعها من يده إلى يدي؛ قال :فخذي هذه الدنانير فادفعيها إليه ،فخرجت بها إليه،
فقال :كل ،أليس زعم أنه ل يدفع إلي شيئا ? كان ابنه معاوية صديقا ليزيد بن معاوية فسمى ابنه باسمه :أخبرني الحرمي بن
:أبي العلء والطوسي قال حدثنا الزبير قال حدثني عمي مصعب قال
سمي عبد الله بن جعفر ابنه معاوية بن أبي سفيان .قال :وكان معاوية بن عبد الله بن جعفر صديقا ليزيد بن معاوية خاصة،
.فسمى ابنه بيزيد بن معاوية
وصيته لبنه معاوية عند وفاته :قال الزبير :وحدثني محمد بن إسحاق بن جعفر عن عمه محمد :أن عبد الله بن جعفر لما
حضرته الوفاة دعا ابنه فنزع شنفا كان في أذنه وأوصى إليه وفي ولده من هو أسن منه وقال له :إني لم أزل أؤملك لها فلما
.توفى احتال بدين أبيه وخرج فطلب فيه حتى قضاه ،وقسم أموال أبيه بين ولده ،فلم يستأثر عليهم بدينار ول درهم ول غيرهما
وأم عبد الله بن معاوية أم عون بنت عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب .ويقال :بنت عياش بن ربيعة .وقد روى
.عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان معه يوم حنين ،وهو أحد من ثبت معه يومئذ
بعض صفات عبد الله بن معاوية :وكان عبد الله من فتيان بني هاشم وجودائهم وشعرائهم ،ولم يكن محمود المذهب في دينه،
وكان يرمى بالزندقة ويستولي عليه من يعرف ويشهر أمره فيها ،وكان قد خرج بالكوفة في آخر أيام مروان بن محمد ،ثم
.انتقل عنها إلى نواحي الجبل ثم إلى خراسان ،فأخذه أبو مسلم فقتله هناك
:مدح ابن هرمة لعبد الله بن جعفر :ويكنى عبد الله بن جعفر أبا معاوية ،وله يقول ابن هرمة
جد ل تلقه حصورا عيبا أحب مدحا أبا معاوية الما
ما إذا هزه السؤال حـيا بل كريما يرتاح للمجد بسا
داء حظا من نفسه وقفيا قفيا :أثره ،يقول :إن لي عنده لثرة على غيري ،وقال إن لي عنده وإن رغم الع
قوم آخرون :القفي :الكرامة
وثنائي من الـحـياة مـلـيا إن أمت تبق مدحتي وإخـائي
ي إذا ما الندى انتحاه علـيا يأخذ السبق بالتقدم في الجـر
ه أبـوه أل يزال وفـــيا ذو وفتاء عند العدات وأوصا
بهما موصيا وهـذا وصـيا فرعى عقدة الوصاة فأكـرم
ردتها منـهـل يثـج رويا يعني أمه أسماء ،وهي أم عون بنت العباس بن ربيعة يابن أسماء فاسق دلوى فقد أو
:بن الحارث بن عبد المطلب .وأول هذه القصيدة
في طلب الصبا فلست صبيا قال يحيى بن علي فيما أجازه لنا :أخبرني أبو عاتب النفس والفؤاد الـغـويا
أيوب المديني وأخبرناه وكيع عن هارون بن محمد بن عبد الملك عن حماد بن إسحاق عن أبيه قال :مدح ابن هرمة عبد الله بن
جعفر بن أبي طالب فأتاه ،فوجد الناس بعضهم على بعض على بابه .قال ابن هرمة :ورآني بعض خدمه فعرفني ،فسألته عن
الذين رأيتهم ببابه فقال :عامتهم غرماء له ،فقلت :ذاك شر .واستؤذن لي عليه فقلت :لم أعلم والله بهؤلء الغرماء ببابك ،قال:
:ل عليك أنشدني .قلت :أعيذك بالله .واستحييت أن أنشد ،فأبى إل أن أنشده قصيدتي التي أقول فيها
فعشك مأوى بيضها المتفلـق حللت محل القلب من آل هاشم
لصاقا ول ذا المركب المتعلق ولم تك بالمعزى إليها نصابـه
ومثل أبيك الريحي المرهق فقال :من ها هنا من الغرماء? فقيل :فلن فمن مثل عبد الله أو مثل جعفر
:وفلن ،فدعا باثنين منهم فسارهما وخرجا ،وقال لي :اتبعهما .قال :فأعطياني مال كثيرا .قال يحيى :ومن مختار فيه منها قوله
شربنا بحوض اللهو غير المرنـق فإل توات اليوم سلمـى فـربـمـا
وأجريت فيها شأو غرب ومشرق فدعها فقد أعذرت في ذكر وصلها
تجيرك من عسر الزمان المطبـق ولكن لعبد الله فانطـق بـمـدحـه
هلموا وساري الليل م الن فاطرق أخ قلت للذنين لمـا مـدحـتـه
متى يعر أمر القوم يفر ويخـلـق شديد التأني في المور مـجـرب
كما للت في السيف جرية رونق ترى الخبر يجري في أسرة وجهه
له نسب فوق السماك المحـلـق كريم إذا مـا شـاء عـد لـه أبـا
متى ما تسابق بابنها القوم تسبـق ومما يغنى فيه من قصيدة ابن هرمة اليائية وأما لها فضل علـى كـل حـرة
:التي مدح بها ابن معاوية قوله :صوت
فلم يزل مقيما في هذه النواحي التي غلب عليها حت ولي مروان بن محمد الذي يقال له مروان الحمار ،فوجه إليه عامر بن
ضبارة في عسكر كثيف ،فسار إليه حتى إذا قرب من أصبهان ندب له ابن معاوية أصحابه وحضهم على الخروج إليه ،فلم يفعلوا
ول أجابوه ،فخرج على دهش هو وإخوته قاصدين لخراسان وقد ظهر أبو مسلم بها ونفى عنها نصر ابن سيار فلما صار في
بعض الطريق نزل على رجل من التناء ذي مروءة ونعمة وجاه ،فسأله معونته ،فقال له :من أنت من ولد رسول الله صلى الله
.عليه وسلم? أأنت إبراهيم المام الذي يدعى له بخراسان? قال :ل ،قال فل حاجة لي في نصرتك
التجأ إلى أبي مسلم فحبسه :فخرج إلى أبي مسلم وطمع في نصرته ،فأخذه أبو مسلم وحبسه عنده ،وجعل عليه عينا يرفع
إليه أخباره ،فرفع إليه أنه يقول :ليس في الرض أحمق منكم يا أهل خراسان في طاعتكم هذا الرجل وتسليمكم إليه مقاليد
أموركم من غير أن تراجعوه في شيء أو تسألوه عنه ،والله ما رضيت الملئكة الحرام من الله تعالى بهذا حتى راجعته في أمر
.آدم عليه السلم ،فقالت :أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء حتى قال لهم :إني أعلم ما ل تعلمون
كتابه إلى أبي مسلم وهو في حبسه :ثم كتب إليه عبد الله بن معاوية رسالته المشهورة التي يقول فيها :إلى أبي مسلم ،من
السير في يديه ،بل ذنب إليه ول خلف عليه .أما بعد فإنك مستودع ودائع ،ومولى صنائع؛ وإن الودائع مرعية ،وإن الصنائع
عارية؛ فاذكر القصاص ،واطلب الخلص؛ ونبه للفكر قلبك ،واتق الله ربك ،وآثر ما يلقاك غدا على ما ل يلقاك أبدا ،فإنك لق أما
.سلفت ،وغير لق ما خلفت ،وفقك الله لما ينجيك ،وآتاك شكر ما يبليك
قتله أبو مسلم ووجه برأسه إلى ابن ضبارة :قال :فلما قرأ كتابه رمى به .ثم قال :قد أفسد علينا أصحابنا وأهل طاعتنا وهو
محبوس في أيدينا ،فلو خرج وملك أمرنا لهلكنا ،ثم أمضى تدبيره في قتله .وقال آخرون :بل دس إليه سما فمات منه ،ووجه
برأسه إلى ابن ضبارة فحمله إلى مروان ،فأخبرني عمر بن عبد الله العتكي قال :حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا محمد بن يحيى
أن عبد العزيز بن عمران حدثه عن عبد الله بن الربيع عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة أنه حضر مروان يوم الزاب وهو
يقاتل عبد الله بن علي ،فسأل عنه فقيل له :هو الشاب المصفر الذي كان يسب عبد الله ابن معاوية يوم جيء برأسه إليك
.فقال :والله لقد هممت بقتله مرارا ،كل ذلك يحال بيني وبينه ،وكان أمر الله قدرا مقدورا
كانت الزنادقة من خاصته :حدثني أحمد بن عبد الله بن عمار قال حدثني النوفلي عن أبيه عن عمه قال :كان عمارة بن حمزة
يرمى بالزندقة ،فاستكتبه ابن معاوية ،وكان له نديم يعرف بمطيع بن إياس ،وكان زنديقا مأبونا ،وكان له نديم آخر يعرف
بالبقلي وإنما سمي بذلك لنه كان يقول :النسان كالبقلة فإذا مات لم يرجع ،فقتله المنصور لما أفضت الخلفة إليه .فكان
هؤلء الثلثة خاصته ،وكان له صاحب شرطة يقال له قيس ،وكان دهريا ل يؤمن بالله معروفا بذلك ،فكان يعس بالليل قل يلقاه
:أحد إل قتله ،فدخل يوما على ابن معاوية فلما رآه قال
لخبيث الهوى على شمطة إن قيسا وإن تقنع شـيبـا
وابن عشر يعد في سقطه وأقبل على مطيع فقال :أجز أنت ،فقال :ابن تسعين منظرا ومشيبـا
ل فعوذوا بالله من شرطه قسوته :قال ابن عمار :أخبرني أحمد بن الحارث الخراز وله شرطة إذا جنه اللـي
عن المدائني عن أبي يقظان وشباب بن عبد الله وغيرهما ،قال ابن عمار وحدثني به سليمان بن أبي شيخ عمن ذكره :أن ابن
معاوية كان يغضب على الرجل فيأمر بضربه بالسياط وهو يتحدث ويتغافل عنه حتى يموت تحت السياط ،وأنه فعل ذلك برجل،
.فجعل يستغيث فل يلتفت إليه ،فناداه :يا زنديق ،أنت الذي تزعم أنه يوحى إليك فلم يلتفت إليه وضربه حتى مات
:حدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال حدثني النوفلي عن أبيه عن عمه عيسى قال
كان ابن معاوية أقسى خلق الله قلبا ،فغضب على غلم له وأنا جالس عنده في غرفة بأصبهان ،فأمر بأن يرمى به منها إلى
أسفل ،ففعل ذلك به فتعلق بدرابزين كان على الغرفة ،فأمر بقطع يده التي أمسكه بها ،فقطعت ومر الغلم يهوي حتى بلغ إلى
.الرض فمات
:بعض شعره :وكان مع هذه الحوال من ظرفاء بني هاشم وشعرائهم ،وهو الذي يقول
وعما تؤنب من أجـلـه أل تزع القلب عن جهـلـه
وأقصر ذو العذل عن عذله فأبدل بعد الصبا حـلـمـه
تلوم أخاك على مـثـلـه فل تركبن الصنـيع الـذي
يخالف ما قال في فعـلـه ول يعجبنك قـول امـرئ
ولكن سل الله من فضلـه ول تتبع الطرف ما ل تنال
ويحمد في رزقـه كـلـه أنشدنا هذا الشعر له ابن عمار عن أحمد بن خيثمة عن فكم من مقل ينال الغـنـى
:يحيى بن معين .وذكر محمد بن علي العلوي عن أحمد بن أبي خيثمة أن يحيى بن معين أنشده أيضا لعبد الله بن معاوية
عليها فلم يظهر لها أبـدا فـقـري إذا افتقرت نفسي قصرت افتقارهـا
يكن لخلئي التوسع في الـيسـر وإن تلقني في الدهر مندوحة الغنـى
ول اليسر يوما إن ظفرت به فخري وهذا الشعر الذي عنى به أعني قوله :فل العسر يزري بي إذا هو نالنـي
وعين الرضا عن كل عيب كليلة يقوله ابن معاوية للحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ،وكان
.الحسين أيضا سيء المذهب مطعونا في دينه
شعره في الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس :أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثني علي بن محمد بن
سليمان النوفلي قال حدثني إبراهيم بن يزيد الخشاب قال :كان ابن معاوية صديقا للحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن
العباس بن عبد المطلب ،وكان حسين هذا وعبد الله بن معاوية يرميان بالزندقة .فقال الناس :إنما تصافيا على ذلك ،ثم دخل
:بينهما شيء من الشياء فتهاجرا من أجله ،فقال عبد الله بن معاوية
فمحصه التكشيف حتى بدا لـيا وإن حسينا كان شيئا مـلـفـفـا
ولكن عين السخط تبدي المساويا وعين الرضا عن كل عيب كليلة
فإن عرضت أيقنت أن ل أخا ليا وله في الحسين أشعار كلها معاتبات ،فمنها وأنت أخي ما لم تكن لي حـاجة
ما أخبرني به أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة .قال :أنشدني يحيى بن الحسن لعبد الله بن معاوية ،يقوله في الحسين بن
:عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب
أقدر الود بـينـنـا قـدره قل لذي الود والصفاء حسين
من عتاب الديم ذي البشره قال وقال له أيضا :ليس للدابغ المـقـرظ بـد
إن ابن عمك وابن أمك معلم شاكي السلح
ضى حـين يبـطـش بـالـجـنـــاح يقص العدو وليس ير
لتحسبن أذى ابن عمك شرب ألبان اللقاح
ة إذا يســـوغ بـــالـــقـــراح بل كالشجا تحت اللها
ك تـحـت أطـراف الـــرمـــاح فانـظـر لـنـفـسـك مــن يجـــي
بالـغـيب أن يلــحـــاك لحـــي خبره مع جده عبد الحميد بن عبيد الله :أخبرني من ل يزال يســـــــــــــوءه
الحرمي والطوسي قال حدثنا الزبير وحدثني أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا يحيى ابن الحسن قال حدثنا الزبير قال حدثني
محمد بن يحيى :أن عبد الله بن معاوية مر بجده عبد الحميد في مزرعته بصرام وقد عطش فاستسقاه ،فخاض له سويق لوز
:فسقاه إياه ،فقال عبد الله بن معاوية
كذوب الثلج خالطه الرضاب قال يحيى قال الزبير :الرضاب ماء المسك ،ورضاب شربت طبرزذا بغريض مزن
:كل شيء :ماؤه .فقال عبد الحميد ابن عبيد الله يجيب عبد الله بن معاوية على قوله
ولكن الملح بكـم عـذاب ما إن ماؤنا بغريض مـزن
بمسك ل به طاب الشـراب وما إن بالطبرزذ طاب لكن
يطيب إذا مشيت بها التراب وأنت إذا وطئت تراب أرض
وتحييها أياديك الـرطـاب تغنى إبراهيم الموصلي في شعره :لن نداك يطفى المحل عنها
قال هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات حدثني حماد بن إسحاق عن أبيه عن جده إبراهيم الموصلي قال :بينا نحن عن
الرشيد أنا وابن مجامع وعمرو والغزال إذ قال صاحب الستارة لبن جامع :تغن في شعر عبد الله بن معاوية بن عبد الله جعفر،
قال :ولم يكن ابن مجامع يغني في شيء منه ،وفطنت لما أراد من شعره ،وكنت قد تقدمت فيه ،فأرتج على ابن جامع ،فلما
:رأيت ما حل به اندفعت فغنيت :صوت
له من سبيل إلى جمـلـه يهيم بجمـل ومـا إن يرى
وقد عشق الناس من قبله كأن لم يكن عاشق قبـلـه
ومنهم من أشفى على قتله فإذا يد قد رفعت الستارة ،فنظر إلي وقال :أحسنت فمنهم من الحب أودى بـه
والله أعد ،فأعدته فقال :أحسنت حتى فعل ذلك ثلث مرات ،ثم قال لصاحب الستارة كلما لم أفهمه ،فدعا صاحب الستارة
غلما فكلمه ،فمر الغلم يسعى فإذا بدرة دنانير قد جاءت يحملها فراش ،فوضعت تحت فخذي اليسرى وقيل لي :اجعلها
تكأتك ،قال :فلما انصرفنا قال لي ابن جامع :هل كنت وضعت لهذا الشعر غناء قبل هذا الوقت? فقلت :ما شعر قيل في
الجاهلية ول السلم يدخل فيه الغناء إل وقد وضعت له لحنا خوفا من أن ينزل بي ما نزل بك .فلما كان المجلس الثاني وحضرنا
قال صاحب الستارة :يابن جامع ،تغن في شعر عبد الله بن معاوية ،فوقع في مثل الذي وقع فيه بالمس ،قال إبراهيم :فلما
:رأيت ما حل به اندفعت فغنيت :صوت
ش لـيس تـؤمـن فـاجـعـاتــه يا قـوم كــيف ســـواغ عـــي
تغـدو عـلـيك مـنـغـصـاتــه ليســت تـــزال مـــطـــلة
يومـا عـلـى كـره أنـــاتـــه الــمـــوت هـــول داخـــل
ر مـن أن تـقـنـصـه رمـاتــه لبـد لـلـحـذر الــنـــفـــو
ل بـغـير مـا شــيء رزاتـــه قد أمـنـح الـود الــخـــلـــي
وله أقيم قناة ودي ما استقامت لي قناته قال :فأومأ إلي صاحب الستارة أن أمسك ،ووضع يده على عينه كأنه يومئ إلي أنه
يبكي ،قال :فأمسكت ثم انصرفنا ،فقال لي ابن جامع :ما صب أمير المؤمنين على ابن جعفر? قلت :صبه الله عليه لبدرة
الدنانير التي أخذتها .قال ثم حضر بعد ذلك ،فلما اطمأن بنا مجلسنا قال ابن جامع بكلم خفي :اللهم أنسه ذكر ابن جعفر ،قال
فقلت :اللهم ل تستجب ،فقال صاحب الستارة :يابن جامع تغن في شعر عبد الله بن معاوية ،قال :فقال ابن جامع :لو كان
عندهم في عبد الله بن معاوية خير لطار مع أبيه ولم يقبل على الشعر ،قال إبراهيم :فسمعنا ضحكة من وراء الستارة .قال
:إبراهيم فاندفعت أغني في شعره :صوت
ومن أيما شأننا تعـجـب ? سل ربة الخدر ما شأنـهـا
على إربه بعض ما يطلـب فلست بـأول مـن فـاتـه
فزوج غير التي يخـطـب وكائن تعرض من خاطـب
وكانت له قبلة تـحـجـب وأنكحـهـا بـعـده غـيره
نخاف الوشاة وما سبـبـوا وكنا جـديثـا صـفـيين ل
فبانت وفي الناس مستعتـب فإن شطت الدار عنا بـهـا
كصدع الزجاجة ما يشعـب وأصبح صدع الذي بـينـنـا
إلى الضرع من بعدما يحلب غنى في البيتين الولين إبراهيم الموصلي خفيف ثقيل وكالدر ليسـت لـه رجـعة
الول بالوسطى من رواية أحمد بن يحيى المكي ووجدتهما في بعض الكتب خفيف رمل غير منسوب .قال :فقال لي صاحب
الستارة :أعد فأعدته ،فأحسب أمير المؤمنين نظر إلى ابن جامع كاسف البال ،فأمر له بمثل الذي أمر لي بالمس ،وجاؤوني
ببدرة فوضعت تحت فخذي اليسرى أيضا ،وكان ابن جامع فيه حسد ما يستتر منه ،فلما انصرفنا قال :اللهم أرحنا من ابن جعفر
هذا ،فما أشد بغضي له ،لقد بغض إلي جده ،فقلت :ويحك تدري ما تقول قال :فمن يدري ما يقول? إذا لوددت أني لم أر إقباله
.عليك وعلى غنائك في شعر هذا البغيض ابن البغيضة ،وأني تصدقت بها يعني البدرة
.وهذا الصوت الخير يقول شعره عبد الله بن معاوية في زوجته أم زيد بنت زيد بن علي بن الحسين عليهما السلم
شمتت به امرأته حين خطب امرأة وتزوجها غيره فقال في ذلك شعرا :أخبرني الطوسي والحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار
:عن عمه قال
خطب عبد الله بن معاوية ربيحة بنت محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن جعفر ،وخطبها بكار بن عبد الملك بن مروان،
:فتزوجت بكارا ،فشمتت بعبد الله امرأته أم زيد بنت زيد بن علي بن الحسين ،فقال في ذلك
ومن أيما شأننا تعجـب فقال ابن خيثمة في خبره عن مصعب قال له :والله ما شمت سل ربة الخدر ما شأنها
:ولكني نفست عليك ،فقال لها :ل جرم والله ل سؤتك أبدا ما حييت :صوت
والقوم من سنة نشاوى بالكـرى طاف الخيال من أم شيبة فاعترى
هجعوا قليل بعدما ملوا السرى الشعر لبي وجزة السعدي ،والغناء لسحاق، طافت بخوص كالقسي وفـتـية
.ثقيل أول بالبنصر
وسعد ،وما ندري ليهما العبد ? فأجابه أبو وجزة فقال :دعتك سليم عبدها فأجـبـتـهـا
سليم وأعطتني بأيمانها سعد أعيرتموني أن دعتني أخاهم
لسعد ،وسعد ما يحل لها عقد مدح عبد الله بن الحسن وإخوته فأكرموه: فكنت وسيطا في سليم معاقدا
أخبرني أبو جعفر أحمد بن محمد بن نصر الضبعي إجازة قال حدثنا محمد بن مسعود الزرقي عن مسعود بن المفضل مولى آل
حسن بن حسن قال :قدم أبو وجزة السعدي على عبد الله بن الحسن وإخوته سويقة ،وقد أصابت قومه سنة مجدبة ،فأنشده
:قوله يمدحه
أثني به أحد يومـا عـلـى أحـد أثني علي ابني رسول الله أفضل ما
من والدين ومن صهر ومن ولـد السيدين الكريمي كل منـصـرف
في أصل مجد رفيع السمك والعمد ذرية بعضها من بعضها عمـرت
وحسن وعلي وابـتـنـوا لـغـد ماذا بنى لهم من صالـح حـسـن
تبقى وتخـلـد فـيه آخـر البـد فكرم الله ذاك الـبـيت تـكـرمة
إذا تعوجـت الـعـيدان مـن أود هم السدى والندى ،ما في قناتـهـم
إذا نسبن زلل البـارق الـبـرد مهذبون هـجـان أمـهـاتـهـم
إلى العواتك مجد غير منـتـقـد بين الفواطم مـاذا ثـم مـن كـرم
وما لهم دونه من دار ملـتـحـد قال :فأمر له عبد الله بن الحسن وحسن ما ينتهي المجد إل في بني حسـن
.وإبراهيم بمائة وخمسين دينارا وأوقروا له رواحله برا وتمرا ،وكسوه ثوبين ثوبين
فرض له عبد الملك بن يزيد السعدي عطاء في الجند وندبه لحرب أبي حمزة فقال في ذلك رجزا :أخبرني إسماعيل بن يونس
الشيعي قال حدثنا عمر بن شنة قال حدثني أبو غسان والمدائني جميعا :أن عبد الملك بن يزيد بن محمد بن عطية السعدي
كان قد ندب لقتال أبي حمزة الزدي الشاري لما جاء إلى المدينة فغلب عليها ،قال :وبعث إليه مروان بن محمد بمال ،ففرقه
:فيمن خف معه من قومه ،فكان فيمن فرض له منهم أبو وجزة وابناه ،فخرج معترضا للعسكر على فرس ،وهو يرتجز ويقول
جئناك بالعـادية الـصـنـديد قل لبي جـمـزة هـيد هـيد
فارس قيس نجدها المـعـدود بالبطل الـقـرم أبـي الـولـيد
كالسيف قد سل من الغـمـود في خيل قيس والكماة الـصـيد
في الفرع من قيس وفي العمود محض هجان ماجـد الـجـدود
مالي من الطارف والـتـلـيد فدى لعبد المـلـك الـحـمـيد
كأنـه فـي جـنـن الـحـديد يوم تنادى الخيل بـالـصـعـيد
سيد مـدل عـز كـل سـيد قال :وسار ابن عطية في قومه ،ولحقت به جيوش أهل الشام ،فلقي أبا حمزة في اثني عشر ألفا،
فقاتله يوما إلى الليل حتى أصاب صناديد عسكره ،فنادوه .يابن عطية ،إن الله جل وعز قد جعل الليل سكنا ،فاسكنوا حتى
.نسكن ،فأبى وقاتلهم حتى قتلهم جميعا
كان منقطعا لبن عطية مداحا له :قال :وكان أبو وجزة منقطعا إلى ابن عطية ،يقوم بقوت عياله وكسوته ويعطيه ويفضل
:عليه ،وكان أبو وجزة مداحا له ،وفيه يقول
فيم الكثير من التحنان والـطـرب حن الفؤاد إلى سعدى ولـم تـثـب
مهل سعاد فما في الشيب من عجب غنى في هذين البيتين إسحاق خفيف قالت سعاد أرى من شيبه عـجـبـا
:ثقيل أول بالوسطى في مجراها من كتابه
فإن ما مر منه عنك لـم يغـب إما تريني كساني الدهر شيبـتـه
وقبل ذلك حين الرأس لم يشـب سقيا لسعدى على شيب ألم بـنـا
صوب الثريا بماء الكرم من حلب وهي قصيدة طويلة يقول فيها :كأن ريقتها بعد الكرى اغتبـقـت
نص الوجيف وتقحيم من العـقـب أهدى قلصا عناجيجا أضـربـهـا
والفارس العد منها غير ذي الكذب يقصدن سيد قـيس وابـن سـيدهـا
له صنائع من مجد ومن حـسـب محمد وأبـوه وابـنـه صـنـعـوا
فضل على غيرهم من سائر العرب إني مدحتهـم لـمـا رأيت لـهـم
ومن يثب إذا ما أنت لم تثب والبيات التي ذكرت فيها الغناء المذكور معه أمر أبي إل تثبني به ل يجزني أحـد
:وجزة من قصيدة له مدح بها أيضا عبد الملك بن عطية هذا .ومما يختار منها قوله
سرا ،أل بلمامه كـان الـمـنـى حتى إذا هجـدوا ألـم خـيالـهـا
وسمية عذبت وبيتـهـا الـنـدى طرقت بريا روضة مـن عـالـج
نبهتنا ،أين المـدينة مـن بـدا ? يا أم شـيبة أي سـاعة مـطـرق
عنق العتاق الناجيات على الوجى إني متى أقض اللبـانة أجـتـهـد
وسلمت من ريب الحوادث والردى وفيها يقول :حتى أزورك إن تـيسـر طـائري
مدحا يوافي في المواسم والقرى فلمدحن بني عطـية كـلـهـم
والحلمين إذا تخولجت الحـبـا الكـرمـين أوائل وأواخــرا
والجامعين الراقعين لما وهـى والمانعين من الهضمية جارهـم
والسابقين إلى المكارم من سعى وهي قصيدة طويلة يمدح فيها بني عطية والعاطفين على الضريك بفضلهم
.جميعا ويذكر وقعتهم بأبي حمزة الخارجي ،ول معنى للطالة بذكرها
مدح عبد الله بن الحسن فغضب ابن الزبير فصالحه بشعر مدحه فيه :أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الزهر قال حدثنا حماد
بن إسحاق عن أبيه عن الهيثم بن عدي قال :كان أبو وجزة السعدي منقطعا إلى آل الزبير ،وكان عبد الله بن عروة بن الزبير
خاصة يفضل عليه ويقوم بأمره ،فبلغه أن أبا وجزة أتى عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلم،
فمدحه فوصله ،فاطرحه ابن عروة ،وأمسك يده عنه ،فسأل عن سبب غضبه فأخبره به الصم بن أرطأة ،فلم يزل أبو وجزة
:يمدح آل الزبير ،ول يرجع له عبد الله بن عروة إلى ما كان عليه ول يرضى عنه حتى قال فيه
مروا بالسيوف صدورا خنافا آل الـزبـير بـنـو حــرة
إذا امتعطوا المرهفات الخفافا امتعطوا :سلوا ،ومنه ذئب أمعط ،منسل من شعره سل الجرد عنهـم وأيامـهـا
.
وعقيل شاعر مجيد مقل ،من شعراء الدولة الموية .وكان أعرج جافيا شديد الهوج والعجرفية والبذخ بنسبه في بني مرة ،ل
يرى أن له كفئا .وهو في بيت شرف في قومه من كل طرفيه .وكانت قريش ترغب في مصاهرته .تزوج إليه خلفاؤها وأشرافها،
منهم يزيد ابن عبد الملك ،تزوج ابنته الجرباء ،وكانت قبله عند ابن عم لعقيل يقال له مطيع بن قطعة ابن الحارث بن معاوية.
وولدت ليزيد بنيا درج .وتزوج بنته عمرة سلمة بن عبد الله بن المغيرة ،فولدت له يعقوب بن سلمة ،وكان من أشراف قريش
.وجودائها .وتزوج أم عمرو بنته ثلثة نفر من بني الحكم بن أبي العاص :يحيى والحارث وخالد
خطب إليه والي المدينة إحدى بناته فأنكر عليه فضربه فقال شعرا :أخبرني محمد بن جعفر النحوي قال حدثنا أحمد بن يحيى
ثعلب عن ابن العرابي عن المفضل قال :دخل عليه عقيل بن علفة على عثمان بن حيان وهو يومئذ على المدينة ،فقال له
عثمان :زوجني ابنتك ،فقال :أبكرة من إبلي تعني? فقال له عثمان :ويلك أمجنون أنت قال :أي شيء قلت لي? قال :قلت لك:
:زوجني ابنتك ،فقال :أفعل إن كنت عنيت بكرة من إبلي .فأمر به فوجئت عنقه .فخرج وهو يقول
بنو مالك غيظا وصرنا كمالك كنا بني غيظ الرجال فأصبحت
وسود أشباه الماء العـوارك خطب إليه رجل من بني سلمان فكتفه وألقاه لحى الله دهرا ذعذع المال كله
في قرية النمل :أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا أبو غسان دماذ عن أبي عبيدة قال :كان لعقيل ابن علفة جار من
بني سلمان بن سعد ،فخطب إليه ابنته ،فغضب عقيل ،وأخذ السلماني فكتفه ،ودهن استه بشحم ،وألقاه في قرية النمل،
.فأكلن خصييه حتى ورم جسده ،ثم حله وقال :يخطب إلي عبد الملك فأرده ،وتجترئ أنت علي
قال :ثم أجدبت مراعي بني مرة ،فانتجع عقيل أرض جذام وقربهم عذرة .قال عقيل :فجاءني هني مثل البعرة ،فخطب إلي
ابنتي أم جعفر .فخرجت إلى أكمة قريبة من الحي ،فجعلت أنبح كما ينبح الكلب ،ثم تحملت وخرجت ،فاتبعني جمع من حن
بطن من عذرة فقالوا :اختر ،إن شئت حبسناك ،وإن شئت حدرناك وبعيرة من رأس الجبل ،فإن سبقتها خلينا عنك .فأرسلوا
:بعيرة فسبقتها ،فخلوا سبيلي ،فقلت لهم :ما طمعتم بهذا من أحد قالوا :أردنا أن نضع منك حيث رغبت عنا .فقلت فيهم
وما لعبت حن بذي حسب قبلي لقد هزئت حن بنا وتلعـبـت
وتنتشر النعام في بلد سهـل والله لموتن قبل أن أضع كرائمي إل في الكفاء رويدا بني حن تسيحوا وتأمنـوا
.
خرج إلى الشام مع أولده ثم عادوا منها فقال شعرا أجازه ابنه وابنته فرمى ابنه بسهم فعقره :أخبرني الحرمي بن أبي العلء
قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا محمد بن الضحاك عن أبيه قال :وجدت في كتاب بخط الضحاك قال :خرج عقيل بن علفة
وابناه :علفة وجثامة ،وابنته الجرباء حتى أتوا بنتا له ناكحا في بني مروان بالشام فآمت .ثم إنهم قفلوا بها حتى كانوا ببعض
:الطريق ،فقال عقيل بن علفة
على عرض ناطحنه بالجماجـم قضت وطرا من دير سعد وطالما
بها عطشا أعطينهم بالـخـزائم ثم قال :أنفذ يا علفة ،فقال علفة :إذا هبطت أرضا يموت غرابهـا
نشاوى عن الدلج ميل العمائم فأصبحن بالموماة يحملن فتـية
تذارعن باليدي لخر طاسـم ثم قال أنفذي يا جرباء ،فقالت :وأنا آمنة? قال :نعم. إذا علم غـادرنـه بـتـنـوفة
:فقالت
عقارا تمشي في المطا والقوائم كأن الكرى سقاهم صـرخـدية
صفحة 1384 :
فقال عقيل :شربتها ورب الكعبة لول المان لضربت بالسيف تحت قرطك ،أما وجدت من الكلم غير هذا فقال جثامة :وهل
أساءت إنما أجازت .وليس غيري وغيرك .فرماه عقيل بسهم فأصاب ساقه وأنفذ السهم ساقه والرحل ،ثم شد على الجرباء
فعقر ناقتها ثم حملها على ناقة جثامه وتركه عقيرا مع ناقة الجرباء .ثم قال :لول أن تسبني بنو مرة ما ذقت الحياة .ثم خرج
متوجها إلى أهله وقال :لئن أخبرت أهلك بشأن جثامة ،أو قلت لهم إنه أصابه غير الطاعون لقتلنك .فلما قدموا على أهل أبير
وهم بنو القين ندم عقيل على فعله بجثامة ،فقال لهم :هل لكم في جزور انكسرت? قالوا :نعم .قال :فالزموا أثر هذه الراحلة
حتى تجدوا الجزور ،فخرج القوم حتى انتهوا إلى جثامة فوجدوه قد أنزفه الدم ،فاحتملوه وتقسموا الجزور ،وأنزلوه عليهم،
.وعالجوه حتى برأ ،وألحقوه بقومه
ونسخت هذا الخبر من كتاب أبي عبد الله اليزيدي بخطه ولم أجده ذكر سماعه إياه من أحد قال :قرئ على علي بن محمد
المدائني عن الطرماح بن خليل بن أبرد ،فذكر مثل ما ذكره الزبير منه وزاد فيه :أن القوم احتملوا جثامة ليلحقوه بقومه؛ حتى
:إذا كانوا قريبا منهم تغنى جثامة
وما هن والفتيان إل شقـائق فقال له القوم :إنما أفلت من الجراحة التي جرحك أيعذر لهينا ويلحين في الصبا
أبوك آنفا ،وقد عاودت ما يكرهه ،فأمسك عن هذا ونحوه إذا لقيته ل يلحقك منه شر وعر .فقال :إنما هي خطرة خطرت،
.والراكب إذا سار تغنى
أصابه القولنج فنعتت له الحقنة فأبى فقال ابنه شعرا في ذلك :أخبرني الحسن بن علي قال حدثني أحمد بن سعيد الدمشقي
قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني عبد الله بن إبراهيم الجمحي قال :قدم عقيل بن علفة المدينة فنزل على ابن بنته يعقوب
:بن سلمة المخزومي ،فمرض وأصابه القولنج ،فنعتت له الحقنة فأبى .وقدم ابنه عليه فبلغه ذلك ،فقال
نجاؤك منها حين جـاء يقـودهـا لقد سرني واللـه وقـاك شـرهـا
على شكوة توكى وفي استك عودها شد على ابنه علفة بالسيف فحاد عنه فقال كفى خـزية أل تـزال مـجـبـيا
في ذلك شعرا :أخبرني عبيد الله بن محمد الرازي قال حدثنا أحمد بن الحارث الخراز قال حدثنا علي بن محمد عن زيد بن
عياش التغلبي والربيع بن ثميل قال :غدا عقيل بن علفة على أفراس له عند بيوته فأطلقها ثم رجع ،فإذا بنوه مع بناته وأمهم
:مجتمعون ،فشد على عملس فحاد عنه ،وتغنى علفة فقال
تريدين فيما كنت منيتـنـا قـبـل قفي يابنة المري أسألك مـا الـذي
ذوا خلة لم يبق بينهـمـا وصـل نخبرك إن لم تنجزي الوعـد أنـنـا
وإن شئت ل يفنى التكارم والبـذل فقال عقيل :يابن اللخناء ،متى منتك فإن شئت كان الصرم ما هبت الصبا
نفسك هذا وشد عليه بالسيف وكان عملس أخاه لمه فحال بينه وبينه ،فشد على عملس بالسيف وترك علفة ل يلتفت إليه ،
:فرماه بسهم ،فأصاب ركبته؛ فسقط عقلي وجعل يتمعك في دمه ويقول
من يلق أبطال الرجال يكلم إن بني سربلونـي بـالـدم
شنشنة أعرفها من أخـزم قال المدائني :شنشنة أعرفها من أخزم ،مثل ضربه. ومـن يكـن ذا أود يقـوم
وأخزم :فحل كان لرجل من العرب ،وكان منجبا ،فضرب في إبل رجل آخر ولم يعلم صاحبه فرأى بعد ذلك من نسله جمل
.فقال :شنشنة أعرفها من أخزم
عاتبه عمر بن عبد العزيز في شأن بناته فأجابه :أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدثني سليمان المدائني قال حدثني مصعب
بن عبد الله قال :قال عمر بن عبد العزيز لعقيل بن علفة :إنك تخرج إلى أقاصي البلد وتدع بناتك في الصحراء ل كالئ لهن،
والناس ينسبونك إلى الغيرة ،وتأبى أن تزوجهن إل الكفاء .قال :إني أستعين عليهن بخلتين تكلنهن ،وأستغني عن سواهما.
.قال :وما هما? قال :العري والجوع
رماه ابنه عملس فأصاب ركبته ،فغضب وخرج إلى الشام ،وقال في ذلك شعرا :نسخت من كتاب محمد بن العباس اليزيدي:
قال خالد بن كلثوم :لما رمى عملس بن عقيل أباه فأصاب ركبته غضب وأقسم أل يساكن بنيه ،فاحتمل وخرج إلى الشام ،فلما
:استوى على ناقته المسماة بأطلل بكت ابنته جرباء وحنت ناقته ،فقال
تفرقنا يوم الحبيب علـى ظـهـر ألم تريا أطلل حنـت وشـاقـهـا
جمان أضاع السلك أجرته في سطر وأسبل من جـربـاء دمـع كـأنـه
لكالمتربي حتـفـه وهـو ل يدري لعمرك إني يوم أغذو عـمـلـسـا
لغرثان منهوك الذراعين والنـحـر خرج ابنه علفة إلى الشام أيضا وكتب إلى وإني لسقيه غـبـوقـي وإنـنـي
:أبيه شعرا :قال :ومضى علفة أيضا ،فافتؤض بالشام وكتب إلى أبيه
فإنك من حرب عـلـي كـريم أل أبلغا عني عـقـيل رسـالة
وإذ كل ذي قربى إلـيك ذمـيم أما تذكـر اليام إذ أنـت واحـد
بأنفسـهـم إل الـذين تـضـيم وإذ ل يقيك الناس شيئا تخـافـه
لشـأوك بـين القـربـين أديم تناول شأو البعـدين ولـم يقـم
فإنك معطوف عـلـيك رحـيم فأما إذا عضت بك الحرب عضة
فإنك للقـربـى ألـد ظـلـوم فلما سمع عقيل هذه البيات رضي عنه ،وبعث إليه وأما إذا آنست أمـنـا ورخـوة
.فقدم عليه
سب عمر بن عبد العزيز ابن أخته فعاتبه في ذلك :أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا الرياشي عن محمد بن سلم
قال حدثني ابن جعدبة قال :عاتب عمر بن عبد العزيز رجل من قريش ،أمه أخت عقيل بن علفة فقال له :قبحك الله أشبهت
خالك في الجفاء .فبلغت عقيل فجاء حتى دخل على عمر فقال له :ما وجدت لبن عمك شيئا تعيره به إل خؤولتي فقبح الله
.شركما خال .فقال له صخير بن أبي جهم العدوي وأمه قرشية :آمين يا أمير المؤمنين .فقبح الله شركما خال وأنا معكما أيضا
قرأ شيئا من القرآن فأخطأ فاعترض عليه عمر فأجابه :فقال له عمر :إنك لعرابي جلف جاف ،أما لو كنت تقدمت إليك
لدبتك .والله ل أراك تقرأ من كتاب الله شيئا ،قال :بلى ،إني لقرأ ،قال :فاقرأ .فقرأ :إذا زلزلت الرض زلزالها حتى بلغ إلى
آخرها فقرأ فمن يعمل مثقال ذرة شرا يره ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ،فقال له عمر :ألم أقل لك إنك ل تحسن أن تقرأ?
:قال :أولم أقرأ? قال :ل ،لن الله جل وعز قدم الخير وأنك قدمت الشر .فقال عقيل
كل جانبي هرشى لهن طريق فجعل القوم يضحكون من عجرفيته .خذا بطن هرشى أو قفاها فإنه
وروى هذا الخبر علي بن محمد المدائني ،فذكر أنه كان بين عمر بن عبد العزيز وبين يعقوب بن سلمة وأخيه عبد الله كلم،
فأغلظ يعقوب لعمر في الكلم فقال له عمر :اسكت فإنك ابن أعرابية جافية .فقال عقيل لعمر :لعن الله شر الثلثة ،مني
ومنك ومنه فغضب عمر ،فقال له صخير بن أبي الجهم :آمين .فهو والله أيها المير شر الثلثة .فقال عمر :والله إني لراك لو
سألته عن آية من كتاب الله ما قرأها .فقال :بلى والله إني لقارئ لية وآيات فقال ،فقال :فاقرأ ،فقرأ :إنا بعثنا نوحا إلى قومه،
فقال له عمر :قد أعلمتك أنك ل تحسن .ليس هكذا قال الله ،قال :فكيف قال? قال :إنا أرسلنا نوحا فقال :وما الفرق بين
أرسلنا وبعثنا
كل جانبي هرشى لهن طريق دخل المسجد بخفين غليظين وجعل يضرب بهما خذا أنف هرشى أو قفاها فإنه
فضحك الناس منه :أخبرني عبيد الله بن أحمد الرازي قال حدثنا أحمد بن الحارث الخراز قال حدثني علي بن محمد المدائني
عن عبد الله بن أسلم القرشي قال :قدم عقيل بن علفة المدينة ،فدخل المسجد وعليه خفان غليظان ،فجعل يضرب برجليه،
فضحكوا منه فقال :ما يضحككم? فقال له يحيى بن الحكم وكانت ابنة عقيل تحته :يضحكون من خفيك وضربك برجليك وشدة
.جفائك ،قال :ل ،ولكن يضحكون من إمارتك؛ فإنها أعجب من خفي .فجعل يحيى يضحك
خبره مع يحيى بن الحكم أمير المدينة وزواج ابنته :أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا عبد الرحمن ابن أخي
:الصمعي قال حدثني عمي عن عبد الله بن مصعب قاضي المدينة قال
دخل عقيل بن علفة على يحيى بن الحكم ،وهو يومئذ أمير المدينة .فقال له يحيى :أنكح ابن خالي يعني ابن أوفى فلنة ابنتك?
فقال :إن ابن خالك ليرضى مني بدون ذلك ،قال :وما هو? قال :أن أكف عنه سنن الخيل إذا غشيت سوامه .فقال يحيى
لحرسيين بين يديه :أخرجاه ،فأخرجاه ،فلما ولى قال :أعيداه إلي ،فأعاداه ،فقال عقيل له :ما لك تكرني إكرار الناضح ? قال:
:أما والله إني لكرك أعرج جافيا .فقال عقيل :كذلك قلت
من الروائع شيب ليس من كبر تعجبت إذ رأت رأسي تجلـلـه
والجفن يخلق فيه الصارم الذكر فقال له يحيى :أنشدني قصيدتك هذه كلها .قال: ومن أديم تولى بـعـد جـدتـه
ما انتهيت إل إلى ما سمعت .فقال :أما والله إنك لتقول فتقصر ،فقال :إنما يكفي من القلدة ما أحاط بالرقبة .فقال :فأنكحني
أنا إحدى بناتك .قال :أما أنت فنعم .قال :أما والله لملنك مال وشرفا .قال :أما الشرف فقد حملت ركائبي منه ما أطاقت،
وكلفتها تجشم ما لم تطق ،ولكن عليك بهذا المال فإن فيه صلح اليم ورضا البي .فزوجه ثم خرج فهداها إليه ،فلما قدمت
عليه بعث إليها يحيى مولة له لتنظر إليها ،فجاءتها فجعلت تغمز عضدها .فرفعت يدها ،فدقت أنفها .فرجعت إلى يحيى وقالت:
بعثتني إلى أعرابية مجنونة صنعت بي ما ترى فنهض إليها يحيى ،فقال لها :ما لك? قالت :ما أردت أن بعثت إلي أمة تنظر إلي
ما أردت بما فعلت إل أن يكون نظرك إلي قبل كل ناظر ،فإن رأيت حسنا كنت قد سبقت إلى بهجته ،وإن رأيت قبيحا كنت
.أحق من ستره .فسر بقولها وحظيت عنده
.وذكر المدائني هذا الخبر مثله ،إل أنه قال فيه :فإن كان ما تراه حسنا كنت أول من رآه ،وإن كان قبيحا كنت أول من واراه
زواج يزيد بن عبد الملك من ابنته الجرباء :أخبرني ابن دريد قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال :خطب يزيد بن عبد الملك
.إلى عقيل بن علفة ابنته الجرباء ،فقال له عقيل :قد زوجتكها ،على أن ل يزفها إليك إعلجك ؛ أكون أنا الذي أجيء بها إليك
قال :ذلك لك .فتزوجها ،ومكثوا ما شاء الله .ثم دخل الحاجب على يزيد فقال له :بالباب أعرابي على بعير ،معه امرأة في
هودج قال :أراه والله عقيل .قال :فجاء بها حتى أناخ بعيرها على بابه ،ثم أخذ بيدها فأذعنت ،فدخل بها على الخليفة فقال له:
إن أنتما ودن بينكما ،فبارك الله لكما ،وإن كرهت شيئا فضع يدها في يدي كما وضعت يدها في يدك ثم برئت ذمتك .فحملت
.الجرباء بغلم ففرح به يزيد ونحله وأعطاه
موت ابنته وامتناعه عن أخذ ميراثها :ثم مات الصبي ،فورثت أمه منه الثلث ،ثم ماتت فورثها زوجها وأبوها فكتب إليه :إن ابنك
وابنتك هلكا ،وقد حسبت ميراثك منهما فوجدته عشرة آلف دينار ،فهلم فاقبضه .فقال :إن مصيبتي بابني وابنتي تشغلني عن
المال وطلبه ،فل حاجة لي في ميراثهما ،وقد رأيت عندك فرسا سبقت عليه الناس ،فأعطينه أجعله فحل لخيلي .وأبى أن يأخذ
.المال ،فبعث إليه يزيد بالفرس
قال لرجل من قريش بالرفاء والبنين فأنكر عليه ذلك :أخبرنا عبيد الله بن محمد قال حدثنا الخراز عن المدائني عن إسحاق بن
يحيى قال :رأيت رجل من قريش يقول له عقيل بن علفة :بالرفاء والبنين والطائر المحمود .فقلت له :يابن علفة؛ إنه يكره أن
يقال هذا .فقال :يابن أخي ،ما تريد إلى ما أحدث إن هذا قول أخوالك في الجاهلية إلى اليوم ل يعرفون غيره .قال :فحدثت به
الزهري فقال :إن عقيل كان من أجهل الناس .قال :وإنما قال لسحاق بن يحيى بن طلحة :هذا قول أخوالك ،لن أم يحيى بن
.طلحة مرية
خطب إليه رجل كثير المال مغموز في نسبه فقال فيه شعرا :قال المدائني وحدثني علي بن بشر الجشمي قال قال الرميح:
:خطب إلى عقيل رجل من بني مرة كثير المال ،يغمز في نسبه ،فقال
هجينا لقد حبت إلي الـدراهـم لعمري لئن زوجت من أجل ماله
أولئك أكفاني الرجال الكـارم أأنكح عبدا بعد يحـيى وخـالـد
أمد عنانا لم تخنـه الـشـكـائم خطب إليه رجل من بني مرة فطعن ناقته أبى لي أن أرضى الدنية أننـي
:بالرمح فصرعته :نسخت من كتاب محمد بن العباس اليزيدي بخطه يأثره عن خالد بن كلثوم بغير إسناد متصل بينهما
أن رجل من بني مرة يقال له داود أقبل على ناقة له ،فخطب إلى عقيل بن علفة بعض بناته ،فنظر إليه عقيل وإن السيف ل
:يناله فطعن ناقته بالرمح فسقطت وصرعته ،وشد عليه عقيل فهرب ،وثار عقيل إلى ناقته فنحرها ،وأطعمها قومه وقال
داود الساج وذا الـقـمـيص ألم تقل يا صاحب القـلـوص
حتى يلف عيصه بـعـيصـي كانت عليه الرض حيص بيص
:وكنت بالشبان ذا تقـمـيص فقال داود فيه من أبيات
حراما ويقري الضيف عضبا مهندا فرت منه زوجته النمارية فردها إليه عامل أراه فتى جعل الحـلل بـبـيتـه
فدك :وقال المدائني حدثني جوشن بن يزيد قال :لما تزوج عقيل بن علفة زوجته النمارية وقد كبر فرت منه ،فلقيها جحاف.
أحد بني قتال بن يربوع ،فحملها إلى عامل فدك ،وأصبح عقيل معها ،فقال المير لعقيل :ما لهذه تستعدي عليك يا أبا الجرباء?
.فقال عقيل :كل ذكري ،وذهب ذفري ،وتغايب نفري ،فقال :خذ بيدها ،فأخذها وانصرف ،فولدت له بعد ذلك علفة الصغر
شعره يحرض بني سهم على بني جوشن :أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا دماذ عن أبي عبيدة قال :لما نشبت
الحرب بين بني جوشن وبين بني سهم بن مرة رهط عقيل بن علفة المري ،وهو من بني غيظ بن مرة بن سهم بن مرة إخوتهم
فاقتتلوا في أمر يهودي خمار كان جارا لهم ،فقتلته بنو جوشن من غطفان ،وكانوا متقاربي المنازل وكان عقيل بن علفة بالشام
.غائبا عنها ،فكتب إلى بني سهم يحرضهم
كالسيف بين خضارم أنجاد ثم تحقق الخبر بعد ذلك ،فقال يرثيه :تنعى امرأ لم يعل أمك مثله
بأمر من الدنيا عـلـي ثـقـيل لعمري لقد جاءت قوافل خبـرت
نعته جنود الشام غـير ضـئيل وقالوا أل تبكي لمصرع فـارس
أصاب سبيل الله خـير سـبـيل فأقسمت أل أبكي على هلك هالك
لها نسبا أو تـهـتـدي بـدلـيل كأن المنايا تبتغي فـي خـيارنـا
محللة بعد الفتى ابـن عـقـيل تحل المنايا حيث شاءت فإنـهـا
محل الموالي بعده بـمـسـيل حطم رجل من بني صرمة بيوته فأقبل ابنه عملس فتى كان موله يحـل بـربـوة
من الشام فانتقم له :أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال :كان عقيل بن علفة قد أطرد
بنيه ،فتفرقوا في البلد وبقي وحده .ثم إن رجل من بني صرمة ،يقال له بجيل وكان كثير المال والماشية حطم بيوت عقيل
بماشيته ،ولم يكن قبل ذلك أحد يقرب من بيوت عقيل إل لقي شرا .فطردت صافنة أمة له الماشية ،فضربها بجيل بعصا كانت
معه فشجها .فخرج إليه عقيل وحده وقد هرم يومئذ وكبرت سنه فزجره فضربه بجيل بعصاه ،واحتقره ،فجعل عقيل يصيح :يا
:علفة ،يا عملس ،يا فلن ،يا فلن ،بأسماء أولده مستغيثا بهم ،وهو يحسبهم لهرمه أنهم معه .فقال له أرطأة بن سهية
وجدت مرارة الكل الوبيل أكلت بنيك الضب حـتـى
منعت فناء بيتك من بجيل وبلغ خبر عقيل ابنه العملس وهو بالشام ،فأقبل إلى ولو كان اللى غابوا شهودا
أبيه حتى نزل إليه ،ثم عمد إلى بجيل فضربه ضربا مبرحا ،وعقر عدة من إبله وأوثقه بحبل ،وجاء به يقوده حتى ألقاه بين يدي
.أبيه ،ثم ركب راحلته ،وعاد من وقته إلى الشام ،لم يطعم لبيه طعاما ،ولم يشرب شرابا
خبر ابنه المقشعر مع أعرابي نزل :أخبرني عمي قال حدثنا الكراني قال حدثنا ابن عائشة قال :نزل أعرابي على المقشعر بن
عقيل بن علفة المري فشربا حتى سكرا وناما ،فانتبه العرابي مروعا في الليل وهو يهذي ،فقال له المقتشعر :ما لك? قال:
هذا ملك الموت يقبض روحي .فوثب ابن عقيل فقال :ل والله ول كرامة ول نعمة عين له أيقبض روحك وأنت ضيفي وجاري
.فقال :بأبي أنتم وأمي طال والله ما منعتم الضيم ،وتلفف ونام
.تمت أخبار عقيل ولله الحمد والمنة
قد مضت أخبار عقيل فيما تقدم من الكتاب ،ونذكرها هنا أخبار شبيب بن البرصاء ونسبه ،لن المغنين خلطوا بعض شعر ببعض
:شعر عقيل في الغناء الماضي ذكره ،ونعيد ها هنا من الغناء ما شعره لشبيب خاصة وهو :صوت من المائة المختارة
تفادى السارى حوله وهو موثق سل أم عمرو فيم أضحى أسيرها
ول منعم يوما عليه فمطـلـق ويروي :فل هو مقتول ففي القتـل راحة
ول هو ممنون عليه فمطلق الشعر لشبيب بن البرصاء ،والغناء لدقاق جارية يحيى بن الربيع .رمل بالوسطى عن عمرو .وذكر
.حبش أن فيه رمل آخر لطويس
برأسك عادي الـنـجـاد ركـوب فقال له عبد الملك :صدقت .وكان أرطأة وما زلت خيرا منك مذ عض كارها
.أفضل من شبيب نفسا ،وكان شبيب أفضل من أرطأة بيتا
فاخره عقيل بن علفة فقال شعرا يهجوه :أخبرني محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا الحزنبل عن عمرو بن أبي عمرو عن أبيه
قال :فاخر عقيل بن علفة شبيب بن البرصاء فقال شبيب يهجوه ،ويعير برجل من طيء كان يأتي أمه عمرة بنت الحارث يقال
:له حيان ،ويهجو غيظ بن مرة
ورابية تنشق عنها سـيولـهـا ألسنا بفرع قد علمـتـم دعـامة
رحاها الذي تأوي إليها وجولها وقد علمت سعد بن ذبيان أنـنـا
لحرب عوان لقح من يئولهـا إذا لم نسسكم في المور ولم نكن
تردد حيرى حين غاب دليلـهـا فلستم بأهدى في البلد من التـي
من المر فاستخفى وأعيا عقيلها دعت جل يربوع عقيل لحـادث
لطارق ليل حين جاء رسولها فقلت له :هل أجبت عـشـيرة
مراقيك أو جرثومة ل تطولهـا وكائن لنا من ربوة ل تنـالـهـا
وغرتها معروفة وحجـولـهـا فخرت بأيام لغيرك فـخـرهـا
بنو جابر شبانها وكـهـولـهـا إذا الناس هابوا سوءة عمدت لها
مسومة قد طار عنها نسيلهـا فهل بني سعد صبحت بـغـارة
وتدرك قتلى لم تتمم عقولـهـا افتخر عليه عقيل بمصاهرته للملوك فهجاه :وقال فتدرك وترا عـنـد الم واتـر
أبو عمرو :اجتمع عقيل بن علفة وشبيب بن البرصاء عند يحيى بن الحكم فتكلما في بعض المر ،فاستطال عقيل على شبيب
:بالصهر الذي بينه وبين بني مروان وكان زوج ثلثا من بناته فيهم ،فقال شبيب يهجوه
بآيات التباغض والتـقـالـي أل أبلغ أبا الجربـاء عـنـي
بأم لست مكرمـهـا وخـال فل تذكر أباك العبد وافـخـر
فكان جنينها شر الـبـغـال وهبها مهرة لقحت بـبـغـل
حمين المحصنات لدى الحجال إذا طارت نفوسهم شعـاعـا
وصرب حيث تقتنص العوالي بطعن تعثر البطـال مـنـه
بنوا لي فوق أشراف طـوال أبـى لـي أن آبـائي كـرام
إلى علياء مشرقة الـقـذال بيوت المجد ثم نموت منـهـا
وتقصر دونها نبل النـضـال تزل حجارة الرامين عنـهـا
وأعناق اليور بنـي قـتـال أبالحفاث شر الـنـاس حـيا
فقد أصبحت منهم في سفـال قال أبو عمرو :بنو قتال إخوة بني يربوع رهط رفعت مساميا لتنـال مـجـدا
عقيل بن علفة وهم قوم فيهم جفاء ،قال أبو عمرو :مات رجل منهم فلفه أخوه في عباءة له ،وقال أحدهما للخر :كيف تحمله?
قال :كما تحمل القربة .فعمد إلى حبل فشد طرفه في عنقه وطرفه في ركبتيه وحمله على ظهره كما تحمل القربة ،فلما صار
به إلى الموضع الذي يريد دفنه فيه حفر له حفيرة ،وألقاه فيها ،وهال عليه التراب حتى واراه .فلما انصرفا قال له :يا هناه ،
.أنسيت الحبل في عنق أخي ورجليه ،وسيبقى مكتوفا إلى يوم القيامة .قال :دعه يا هناه ،فإن يرد الله به خيره يحلله
خطب بنت يزيد بن هاشم فرده ثم قبله فأبى :وقال أبو عمرو :خطب شبيب بن البرصاء إلى يزيد بن هاشم بن حرملة المري
ثم الصرمي ابنته ،فقال :هي صغيرة ،فقال شبيب :ل؛ ولكنك تبغي أن تردني ،فقال له يزيد :ما أردت ذاك ،ولكن أنظرني هذا
العام ،فإذا انصرم فعلي أن أزوجك .فرحل شبيب من عنده مغضبا ،فلما مضى قال ليزيد بعض أهله :والله ما أفلحت خطب
إليك شبيب سيد قومك فرددته قال :هي صغيرة ،قال :إن كانت صغيرة فستكبر عنده .فبعث إليه يزيد :ارجع فقد زوجتك ،فإني
:أكره أن ترجع إلى أهلك وقد رددتك ،فأبى شبيب أن يرجع وقال
على رغبة لو شد نفسي مريرها لعمري لقد أشرفت يوم عنـيزة
ول خير في ذي مرة ل يغيرها ولكن ضعف المر أل تـمـره
وتقبل أشباها عليك صـدورهـا تبين أدبار المور إذا مـضـت
وقال ابن عمرو :استعدى رهط أرطاة بن سهية على شبيب بن البرصاء إلى عثمان بن حيان المري وقالوا له :يعمنا بالهجاء
ويشتم أعراضنا ،فأمر بإشخاصه إليه فأشخص ،ودخل إلى عثمان وقد أتى بثلثة نفر لصوص قد أفسدوا في الرض يقال لهم
بهدل ومثغور وهيصم ،فقتل بهدل وصلبه ،وقطع مثغورا والهيصم ،ثم أقبل على شبيب فقال :كم تسب أعراض قومك وتستطيل
:عليهم اقسم قسما حقا لئن عاودت هجاءهم لقطعن لسانك ،فقال شبيب
تولى شبابي ،إن عقدك محكم سجنت لساني يابن حيان بعدمـا
هيوبا ،وصمتا بعد ل يتكـلـم وعيدك أبقى من لساني قـذاذة
ومرا مرارا فيه صاب وعلقم رأيتك تحلو لي إذا شئت لمرئ
كما هلك الحيران والليل مظلم وكل طريد هالك مـتـحـير
كما كان مثغور عليك وهيصم أصبت رجال بالذنوب فأصبحوا
فأوفى به الشراف جذع مقوم خطاطيفك اللتي تخطفن بهدل
تضر وللخرى نوال وأنعـم ذهب دعيج بن سيف بإبله فخرج في طلبها فرماه دعج يداك يدا خير وشر فمنهـمـا
فأصاب عينه :وقال أبو عمرو :استاق دعيج بن سيف بن جذيمة بن وهب الطائي ثم الجرمي إبل شبيب بن البرصاء فذهب بها،
وخرج بنو البرصاء في الطلب ،فلما واجهوا بني جرم قال شبيب :اغتنموا بني جرم ،فقال أصحابه :لسنا طالبين إل أهل
القرحة ،فمضوا حتى أتوا دعيجا وهو برأس الجبل ،فناداه شبيب :يا دعيج ،إن كانت الطراف حية فلك سائر البل ،فقال :يا
شبيب تبصر رأسها بين سائر البل ،فنظر فأبصرها ،فقال شبيب :شدوا عليه واصعدوا وراءه ،فأبوا عليه ،فحمل شبيب وحده،
ورماه دعيج فأصاب عينه ،فذهب بها وكان شبيب أعور ثم عمي بعد ما أسن ،فانصرف وانصرف معه بنو عمه ،وفاز دعيج
:بالبل ،فقال شبيب
بأمر جميع لم تشتت مـصـادره أمرت بني الرصـاء يوم حـزابة
جرى لي يمن قد بدا لي طـائره بشول ابن معروف وحسان بعدمـا
طعان ول ضرب يذعذع عاسره ?أيرجع حر دون جرم ولـم يكـن
دعيج بن سيف ،أعوزته معـاذره فأذهب عيني يوم سفح سـفـيرة
من الهضب مغبر عنيف عمائره ولما رأيت الشول قد حال دونهـا
بشم الذرا ل يعبد اللـه عـامـره وأعرض ركن من سفيرة يتقـى
بما جرى مولهم وجرت جرائره أخذت بني سيف ومالك مـوقـع
علقن ابن ظبي أعوزته مغـاوره هجاه أرطاة بن سهية ونفاه عن بني ولو أن رجلي يوم فر ابن جوشـن
عوف :أخبرني عمي قال حدثني الكراني قال حدثنا العمري عن عاصم بن الحدثان قال :هجا أرطاة بن سهية بن البرصاء ونفاه
:عن بني عوف فقال
كداك ولكن المريب مـريب قال :فعمي شبيب بن البرصاء بعد موت أرطاة فلو كنت عوفيا عميت وأسهلت
بن سهية ،فكان يقول :ليت ابن سهية حيا حتى يعلم أني عوفي ،قال :والعمى شائع في بني عوف ،إذا أسن الرجل منهم عمي،
.وقل من يفلت من ذلك منهم
امتدح شعره عبد الملك بن مروان وفضله على الخطل :وحدثني عمي قال حدثني عبد الله بن أبي سعد قال حدثني علي بن
:الصباح عن ابن الكلبي قال :أنشد الخطل عبد الملك بن مروان قوله
والعاذلون فكلهم يلـحـانـي بكر العواذل أذا يبتدرن ملمتي
صرف مشعشعة بماء شنـان فقال له عبد الملك :شبيب بن البرصاء أكرم منك في أن سبقت بشربة مـقـدية
:وصفا لنفسه حيث يقول
إذا أحزن القاذورة المتـعـبـس وإني لسهل الوجه مـجـلـسـي
وليل بخيل القوم ظلماء حـنـدس يضيء سنا جودي لمن يبتغي القرى
بأعناقي أعدائي حبـال تـمـرس كان عبد الملك يتمثل بشعره في بذل ألين لذي القربى مرارا وتلـتـوي
:النفس عند اللقاء ويعجب به :قال :وكان عبد الملك يتمثل بقول شبيب في بذل النفس عند اللقاء ويعجب به
مواطن أن يثنى علي فأشتـمـا دعاني حصن للفرار فسـاءنـي
يذود الفتى عن حوضه أن يهدما فقلت لحصن نح نفسـك إنـمـا
أخبار دقاق
تزوجت يحيى بن الربيع ثم بعده من القواد والكتاب فماتوا وورثتهم :كانت دقاق مغنية محسنة جميلة الوجه قد أخذت عن أكابر
مغني الدولة العباسية ،وكانت ليحيى بن الربيع ،فولدت له أحمد ابنه ،وعمر عمرا طويل وحدثنا عنه جحظة ونظراؤه من
أصحابنا ،وكان عالما بأمر الغناء والمغنين ،وكان يغني غناء ليس بمستطاب ولكنه صحيح .ومات يحيى بن الربيع فتزوجت بعده
.من القواد والكتاب بعدة ،فماتوا وورثتهم
هجاها عيسى بن زينب :فحدثني عمي قال حدثني أحمد بن الطيب السرخسي قال :كانت دقاق أم ولد يحيى بن الربيع أحمد
المعروف بابن دقاق مغنية محسنة متقنة الداء والصنعة ،وكانت قد انقطعت إلى حمدونة بنت الرشيد ثم إلى غضيض ،وكانت
مشهورة بالظرف والمجون والفتوة .قال أحمد بن الطيب :وعتقت دقاق فتزوجها بعد مولها ثلثة من القواد من وجوههم،
:فماتوا جميعا ،فقال عيسى بن زينب يهجوها
حسنها قد أضر بالـعـشـاق قلت لـمـا رأيت دار دقـاق
ل يكونن نجمه في مـحـاق حذروا الرابع الشقي دقـاقـا
شؤم حرها قد سار في الفاق أله عن بضعها فـإن دقـاقـا
بل جريحا وجرحه غير راقي كتبت إلى حمدون تصف هنها فرد عليها :أخبرني لم تضاجع بعل فهب سلـيمـا
الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثني الهدادي الشاعر قال حدثني أبو عبد الله بن حمدون وأخبرني جحظة عن ابن حمدون
ورواية الكوكبي أتم قال :كتبت دقاق إلى أبي تصف هنها صفة أعجزه الجواب عنها ،فقال له صديق له :ابعث إلى بعض
المخنثين حتى يصف متاعك ،فيكون جوابها ،فأحضر بعضهم وأخبره الخبر ،فقال :اكتب إليها :عندي القوق بوق ،الصلع
المزبوق ،القرع المفروق ،المنتفخ العروق ،يسد البثوق ،ويفتق الفتوق ،ويرم الخروق ،ويقضي الحقوق ،أسد بين جملين ،بغل
بين حملين ،منارة بين صخرتين ،رأسه رأس كلب ،وأصله مترس درب ،إذا دخل حفر ،وإذا خرج قشر ،لو نطح الفيل كوره ،ولو
دخل البحر كدره ،إذا رق الكلم ،وتقاربت الجسام ،والتفت الساق بالساق ،ولطخ باطنها بالبصاق ،وقرع البيض بالذكور ،
.وجعلت الرماح تمور ،بطعن الفقاح ،وشق الحراح ،صبرنا فلم نجزع ،وسلمنا طائعين فلم نخدع .قال :فقطعها
مجلس بين ابنها وبين أبي الجاموس اليعقوبي :حدثني عمي قال حدثني أحمد بن الطيب قال حدثني أحمد بن علي بن جعفر
قال :حضرت مرة مجلسا وفيه ابن دقاق وفيه النصراني المعروف بأبي الجاموس اليعقوبي البزاز قرابة بلل قال :فعبث ابن
دقاق بأبي الجاموس ،فلما أكثر عليه قال :اسمعوا مني .ثم حلف بالحنيفية أنه ليكذب ،وحدثنا قال :مضيت وأنا غلم مع
أستاذي إلى باب حمدونة بنت الرشيد ،ومعنا بز نعرضه للبيع ،فخرجت إلينا دقاق أم هذا تقاولنا في ثمن المتاع ،وفي يدها
مروحة على أحد وجهيها منقوش :الحر إلى أيرين أحوج من الير إلى حرين ،وعلى الوجه الخر :كما أن الرحا إلى بغلين أحوج
.من البغل إلى رحوين ،قال :فأسكته والله سكوتا علمنا معه أنه لو خرس لكان الخرس أصون لعرضه مما جرى
:كان لها غلمان خلسيان فرماها الناس بهما
قال أحمد :وفي دقاق يقول عيسى بن زينب وكان لها غلمان خلسيان يروحانها في الخيش ،فتحدث الناس أنها قالت لواحد
:منهما أن ينيكها ،فعجز فقالت له :نكني وأنت حر ،فقال لها نيكيني أنت وبيعيني في العراب ،فقال فيها عيسى بن زينب
دقاق في خفض من العيش أحسن من غنى لنا أو شـدا
بعلة الترويح في الخـيش قال فيها إبراهيم بن المهدي شعرا :حدثني جحظة قال حدثني لها غلمان ينـيكـانـهـا
هبة الله بن إبراهيم بن المهدي قال :كانت دقاق جارية يحيى بن الربيع تواصل جمعة كانوا يميلون إليها وتري كل واحد منهم أنها
:تهواه ،وكانت أحسن أهل عصرها وجها ،وأشأمهم على من رابطها وتزوجها ،فقال فيها أبو إسحاق يعني أباه :صوت
أكل الناس ويحك تعشقينا ? عدمتك يا صديقة كل خلـق
بلحم سمينهم ل تبشـمـينـا فيه خفيف رمل ينسب إلى إبراهيم بن المهدي وإلى فكيف إذا خالطت الغث منهم
.ريق وإلى شارية
قال فيها أبو موسى العمى شعرا :أخبرني عمي قال حدثني أحمد بن أبي طاهر قال حدثنا أبو هفان قال :خرج يحيى بن الربيع
مولى دقاق وكانت قد ولدت منه ابنه أحمد بن يحيى إلى بعض النواحي ،وترك جاريته دقاق في داره فعملت بعده الوابد ،
:وكانت من أحسن الناس وجها وغناء ،وأشأمه على أزواجها ومواليها وربطائها ،فقال أبو موسى العمى فيه
ت ولم تخش سهم ريب الـمـنـون قل ليحيى نعم صبرت علـى الـمـو
يى على الضعف منك حمل القرون كيف قل لي أطلـقـت ويحـك يا يح
بعد ما غاب من سـياط الـبـطـون صوت من المائة المختارة :ويح يحيى مـا مـر بـاسـت دقـاق
وعينك تبدي أن صدرك لي دوي تكاشرني كرها كأنـك نـاصـح
وشرك مبسوط وخيرك ملتـوي الشعر ليزيد بن الحكم الثقفي والغناء لبراهيم لسانك لي حلو وعينك عـلـقـم
.ثقيل أول مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق ،وفيه لجهم العطار خفيف ثقيل عن الهاشمي
دعا الحجاج بن يوسف بيزيد بن الحكم الثقفي ،فوله كورة فارس ،ودفع إليه عهده بها ،فلما دخل عليه ليودعه قال له
:الحجاج :أنشدني بعض شعرك ،وإنما أراد أن ينشده مديحا له؛ فأنشده قصيدة يفخر فيها ويقول
بيضاء تخفق كالعقاب الطـائر فلما سمع الحجاج فخره نهض مغضبا ،فخرج وأبي الذي سلب ابن كسرى راية
يزيد من غير أن يودعه ،فقال الحجاج لحاجبه :ارتجع منه العهد ،فإذا رده فقل له :أيهما خير لك :ما ورثك أبوك أم هذا? فرد
:على الحاجب العهد وقال :قل له
وورثت جدك أعنزا بالطائف خرج عن الحجاج مغضبا ولحق بسليمان بن عبد ورثت جدي مجده وفعـالـه
:الملك ومدحه :وخرج عنه مغضبا ،فلحق بسليمان بن عبد الملك ومدحه بقصيدته التي أولها
إذا أقول صحا يعتـاده عـيدا يقول فيها :أمسى بأسماء هذا القلب معمودا
عدل وفضل سلـيمـان بـن داودا سميت باسم امرئ أشبهت شيمـتـه
وأنت أصبحت في الباقين محمـودا أحمد به في الورى الماضين من ملك
أولهم في المور الحلم والـجـودا فقال له سليمان :وكم كان أجرى لك ل يبرأ الناس من أن يحمدوا ملـكـا
:لعمالة فارس? قال :عشرين ألفا .قال :فهي لك علي ما دمت حيا .وفي أول هذه القصيدة غناء نسبته :صوت
إذا أقول صحا يعتـاده عـيدا أمسى بأسماء هذا القلب معمودا
أهدى لها شبه العينين والجـيدا كأن أحور من غزلن ذي بقر
فل أمل ول نومني المواعـيدا أجري على موعد منها فتخلفني
ذو بغية يبتغي ما ليس موجودا ومن الناس من ينسب هذه البيات إلى عمر بن كأنني يوم أمسي ل تكلمـنـي
.أبي ربيعة وذلك خطأ
عروضه من البسيط ،والغناء للغريض ،ثقيل أول بالبنصر في مجراها عن إسحاق .وذكر عمر بن بانة أنه لمعبد ثقيل أول
.بالوسطى
حديثه مع الحجاج وقد سمع شعره في رثاء ابنه عنبس :أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا الخليل بن أسد قال حدثني
العمري عن الهيثم بن عدي قال أخبرنا ابن عياش عن أبيه قال :سمعت الحجاج واستوى جالسا ثم قال :صدق والله زهير بن
:أبي سلمى حيث يقول
متى يعف عن ذنب امرئ السوء يلجج فقال له يزيد بن الحكم :أصلح الله وما العفو إل لمـرئ ذي حـفـيظة
:المير ،إني قد رثيت ابني عنبسا ببيت ،إنه لشبيه بهذا .قال :وما هو? قال :قلت
عليه ويخشى جهله جهلؤها قال :فما منعك أن تقول مثل هذا لمحمد ابني ترثيه ويأمن ذو حلم العشيرة جهله
.به? فقال :إن ابني والله كان أحب إلي من ابنك
وهذه البيات من قصيدة أخبرني بها عمي عن الكراني عن الهيثم بن عدي .قال :كان ليزيد ابن الحكم ابن يقال له عنبس،
:فمات عليه جزعا شديدا وقال يرثيه
إذا كانت الولد سيئا جـزاؤهـا جزى الله عني عنبسا كل صالـح
على نفسـه رب إلـيه ولؤهـا هو ابني وأمسى أجره لي وعزني
حليم ويرضى حلمه حلمـاؤهـا وبعد هذا البيت المذكور في الخبر الول .جهول إذا جهل العشيرة يبتـغـى
فضله عبد الملك بن مروان على شاعر ثقيف في الجاهلية :أخبرني عمي قال حدثني الكراني قال حدثنا العمري عن لقيط قال
قال عبد الملك بن مروان :كان شاعرا ثقيف في الجاهلية خيرا من شاعرهم في السلم فقيل له :من يعني أمير المؤمنين?
:فقال لهم :أما شاعرهم في السلم فيزيد بن الحكم حيث يقول
إذا سألتك لحيتك الخضابا فما منك الشباب ولست منه
ومكة لم يعقلن الركـابـا عقائل من عقائل أهل نجد
ول كلبا طردن ول غرابا وقال شاعرهم في الجاهلية :ولم يطردن أبقع يوم ظعن
عمرا يكون خلله متنفـس والشيب إن يظهر فإن وراءه
ولما بقي مني ألب وأكـيس شعره ليزيد بن المهلب حين خلع يزيد بن عبد لم ينتقص مني المشيب قلمة
الملك :أخبرني عمي قال حدثنا الكراني قال حدثنا العمري عن لقيط قال قال يزيد بن الحكم الثقفي ليزيد بن المهلب حين خلع
:يزيد بن عبد الملك
وقد شمرت حرب عوان فشمر فقال يزيد بن المهلب :بالله أستعين ،ثم أبا خالد قد هجت حربا مـريرة
:أنشده ،فلما بلغ قوله
فإن كنت لم تشعر بذلك فاشعر فقال يزيد بن المهلب :ما شعرت بذلك ،ثم فإن بني مروان قد زال ملكهم
:أنشده فلما بلغ قوله
وسيفك مشهور بكـفـك تـعـذر فقال :هذا ل بد منه .فمت ماجدا أو عش كريما فإن تمت
قال العمري :وحدثني الهيثم بن عدي عن ابن عياش أن يزيد بن المهلب إنما كتب إليه يزيد ابن الحكم بهذه البيات ،فوقع إليه
.تحت البيت الول :أستعين بالله .وتحت البيت الثاني :ما شعرت .وتحت البيت الثالث :أما هذه فنعم
مدح يزيد بن المهلب وهو في سجن الحجاج فأعطاه نجما حل عليه :أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدثني الغلبي قال
حدثني ابن عائشة قال :دخل يزيد بن الحكم على يزيد بن المهلب في سجن الحجاج وهو يعذب ،وقد حل عليه نجم كان قد نجم
:عليه ،وكانت نجومه في كل أسبوع ستة عشر ألف درهم فقال له
د وفضل الصلح والحسـب أصبح في قيدك السماحة والجو
وصابر في البلء محتـسـب ل بطر إن تتابـعـت نـعـم
وقصرت دون سعيك العرب قال :فالتفت يزيد بن المهلب إلى مولى له ،وقال بززت سبق الجياد في مهـل
.له :أعطه نجم هذا السبوع ،ونصبر على العذاب إلى السبت الخر
.وقد رويت هذه البيات والقصة لحمزة بن بيض مع يزيد
روى ابنه العباس بعض شعره لجرير فأكرمه :أخبرني عمي قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال :حدثني هارون بن مسلم قال
حدثني عثمان ابن حفص قال حدثني عبد الواحد عريف ثقيف بالبصرة :أن العباس بن يزيد بن الحكم الثقفي هرب من يوسف
بن عمر إلى اليمامة ،قال :فجلست في مسجدها وغشيني قوم من أهلها ،قال :فوالله إني لكذلك إذا إنا بشيخ قد دخل يترجح
في مشيته ،فلما رآني أقبل إلي ،فقال القوم :هذا جرير ،فأتاني حتى جلس إلى جنبي ،ثم قال لي :السلم عليك ،ممن أنت?
قلت :رجل من ثقيف ،قال :أعرضت الديم ،ثم ممن? قلت :رجل من بني مالك ،فقال :ل إله إل الله أمثلك يعرف بأهل بيته
:فقلت :أنا رجل من ولد أبي العاصي ،قال :ابن بشر? قلت :نعم .قال :أيهم أبوك? قلت :يزيد بن الحكم .قال :فمن الذي يقول
وعل لداتي شيبهم وعلني قلت :أبي ،قال :فمن الذي يقول :فني الشباب وكل شيء فان
ول بالشيب إذ طرد الشبابا أل ل مرحبا بفراق ليلـى
ذميم لم نجد لهما اصطحابا شباب بان محمودا وشـيب
إذا سألتك لحيتك الخضابا قلت :أبي ،قال :فمن الذي يقول :فما منك الشباب ولست منه
لصاحبه في أول الدهر تـابـع تعالوا فعدوا يعلـم الـنـاس أينـا
كما زيد في عرض الديم الكارع قال :قلت :غفر الله لك ،كان أبي أصون تزيد يربوع بكم فـي عـدادهـا
لنفسه وعرضه من أن يدخل بينك وبيني ابن عمك ،فقال :رحم الله أباك ،فقد مضى لسبيله ،ثم انصرف ،فنزلني بكبشين ،فقال
.لي أهل اليمامة :ما نزل أحدا قبلك قط
شعره في جارية مغنية كان يهواها وقد ارتحلت عنه :أخبرني محمد بن يزيد بن أبي الزهر قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه
عن إبراهيم الموصلي عن يزيد حوراء المغني قال :كان يزيد بن الحكم الثقفي يهوى جارية مغنية ،وكانت غير مطاوعة له ،فكان
يهيم بها ،ثم قدم رجل من أهل الكوفة فاشتراها ،فمرت بيزيد بن الحكم مع غلمة لمولها وهي راحلة ،فلما علم بذلك رفع
:صوته فقال
ودائع القلب ل تضـيع يأيها النازح الشـسـوع
قلبي على نأيه نـزوع أستودع الله مـن إلـيه
شوقا إلى وجهه الدموع كتاب الجارية إليه :ومضت الجارية وغاب عنه خبرها مدة ،فبينا إذا تذكرته استـهـلـت
هو جالس ذات يوم إذ وقف عليه كهل فقال له :أأنت يزيد بن الحكم? قال :نعم ،فدفع إليه كتابا مختوما ،ففضه فإذا كتابها إليه
:وفيه
فالقلب مني به صدوع لئن كوى قلبك الشسوع
إليك يا سيدي نـزوع وبي ورب السماء فاعلم
فينا وإن شفنا الولـوع أعزز علينا بما تلقـي
ورقعته ما شئت في العين واليد الشعر لبي السود الدؤلي والغناء لعلويه، كثوب يمان قد تقـادم عـهـده
.ثقيل أول بالبنصر عن عمرو بن بانة
أول من وضع العربية أبو السود الدؤلي ،جاء إلى زياد بالبصرة فقال له :أصلح الله المير ،إني أرى العرب قد خالطت هذه
العاجم ،وتغيرت ألسنتهم ،أفتأذن لي أن أضع لهم علما يقيمون به كلمهم? قال :ل .قال :ثم جاء زيادا رجل فقال :مات أبانا
وخلف بنون ،فقال زياد مات أبانا وخلف بنون ردوا علي أبا السود الدؤلي ،فرد إليه ،فقال :ضع للناس ما نهيتك عنه .فوضع لهم
النحو .وقد روى هذا الحديث عن أبي بكر بن عياش يزيد بن مهران ،فذكر أن هذه القصة كانت بين أبي السود وبين عبيد الله
.بن زياد
أول باب وضعه في النحو باب التعجب :أخبرني أحمد بن العباس قال حدثنا العنزي عن أبي عثمان المازني عن الخفش عن
الخيل بن أحمد عن عيسى بن عمر عن عبد الله بن أبي إسحاق عن أبي حرب بن أبي السود قال :أول باب وضعه أبي من
.النحو باب التعجب
كان معدودا في طبقات من الناس وهو في كلها مقدم :وقال الجاحظ :أبو السود الدؤلي معدود في طبقات من الناس ،وهو
في كلها مقدم ،مأثور عنه الفضل في جميعها؛ كان معدودا في التابعين والفقهاء والشعراء والمحدثين والشراف والفرسان
.والمراء والدهاة والنحويين والحاضري الجواب والشيعة والبخلء والصلع الشراف والبخر الشراف
حديثه عن عمر بن الخطاب :فما رواه من الحديث عن عمر مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم ،حدثنا حامد بن محمد ابن
شعيب البلخي قال حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا داود بن أبي الفرات عن عبد الله بن
أبي بريدة عن أبي السود الدؤلي قال :أتيت المدينة فوافقتها وقد وقع فيها مرض فهم يموتون موتا ذريعا ،فجلست إلى عمر
بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ،فمرت به جنازة فأثني على صاحبها خير ،فقال عمر رضي الله عنه :وجبت ،ثم مر بأخرى
فأثني على صاحبها بشر ،فقال عمر :وجبت ،فقال أبو السود :ما وجبت يا أمير المؤمنين? فقال :قلت كما قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة فقلنا :وثلثة? قال وثلثة ،فقلنا :واثنان? قال واثنان
، .ثم لم نسأله عن الواحد
حدثني حماد بن سعيد قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي قتادة عن أبي السود الدؤلي قال :خطب
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الناس يوم الجمعة فقال :إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال :ل تزال طائفة من
.أمتي على الحق منصورة حتى يأتي أمر الله جل وعز
حديثه عن علي بن أبي طالب :ومما رواه عن علي بن أبي طالب عليه السلم أخبرنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي
قال حدثنا هناد بن السري قال حدثنا عبده بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي حرب بن أبي السود الدؤلي
عن أبيه أبي السود الدؤلي عن علي كرم الله وجهه أنه قال في بول الجارية :يغسل ،وفي بول الغلم :ينضح ما لم يأكل الطعام
.
تبع ابن عباس حين خرج من البصرة إلى المدينة ليرده فأبى :أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا البغوي قال حدثنا
علي بن الجعد قال حدثنا معلى ابن هلل عن الشعبي وأخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا
المدائني جميعا قالوا :لما خرج ابن عباس رضي الله عنهما إلى المدينة من البصرة تبعه أبو السود في قومه ليرده ،فاعتصم
عبد الله بأخواله من بني هلل فمنعوه ،وكادت تكون بينهم حرب ،فقال لهم بنو هلل :ننشدكم الله أل تسفكوا بيننا دماء تبقى
معها العداوة إلى آخر البد ،وأمير المؤمنين أولى بابن عمه ،فل تدخلوا أنفسكم بينهما ،فرجعت كنانة عنه ،وكتب أبو السود إلى
.علي عليه السلم فأخبره بما جرى ،فوله البصرة
كان كاتبا لبن عباس على البصرة :أخبرني حبيب بن نصر المهلبي ووكيع وعمي قالوا جميعا حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال
حدثني محمد بن عمران الضبي قال حدثني خالد بن عبد الله قال حدثني أبو عبيدة معمر بن المثنى قال :كان أبو السود
:الدؤلي كاتبا لبن عباس على البصرة ،وهو الذي يقول
فادع الله وأحسن العمال وإذا طلبت من الحوائج حاجة
فهو اللطيف لما أراد فعال فليعطينك ما أراد بـقـدرة
بيد الله يقـلـب الحـوال إن العباد وشأنهم وأمورهـم
لهجا تضعضع للعباد سؤال كان يكثر الخروج والركوب في كبره وتعليله ذلك: فدع العباد ول تكن بطلبهم
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا الرياشي عن محمد بن سلم قال :كان أبو السود الدؤلي قد أسن وكبر ،وكان مع
ذلك يركب إلى المسجد والسوق ويزور أصدقاءه ،فقال له رجل :يا أبا السود ،أراك تكثر الركوب وقد ضعفت عن الحركة
وكبرت ،ولو لزمت منزلك كان أودع لك .فقال له أبو السود :صدقت ولكن الركوب يشد أعضائي ،وأسمع من أخبار الناس ما ل
أسمعه في بيتي ،وأستنشى الريح ،وألقى إخواني ،ولو جلست في بيتي لغتم بي أهلي ،وأنس بي الصبي ،واجترأ علي الخادم،
.وكلمني من أهلي من يهاب كلمي ،للفهم إياي ،وجلوسهم عندي؛ حتى لعل العنز وأن تبول علي فل يقول لها أحد :هس
سأله بنو الديل المعاونة في دية رجل فأبى وعلل امتناعه :أخبرني محمد بن القاسم النباري قال حدثني أبي قال حدثنا أبو
عكرمة قال :كان بين بني الدليل وبين بني ليث منازعة ،فقتلت بنو الديل منهم رجل ،ثم اصطلحوا بعد ذلك على أن يؤدوا ديته،
فاجتمعوا إلى أبي السود يسألونه المعاونة على أدائها ،وألح عليه غلم منهم ذو بيان وعارضة ،فقال له :يا أبا السود ،أنت شيخ
العشيرة وسيدهم ،وما يمنعك من معاونتهم قلة ذات يد ول سؤدد ول جود ،فلما أكثر أقبل عليه أبو السود ،ثم قال له :قد
أكثرت يابن أخي فاسمع مني :إن الرجل والله ما يعطي إل لحدى خلل :إما رجل أعطى ماله رجاء مكافأة ممن يعطيه ،أو
رجل خاف على نفسه فوقاها بماله ،أو رجل أراد وجه الله وما عنده في الدار الخرة ،أو رجل أحمق خدع عن ماله ،ووالله ما
أنتم إحدى هذه الطبقات ،ول جئتم في شيء من هذا ،ول عمك الرجل العاجز فينخدع لهؤلء ،ولما أفدتك إياه في عقلك خير لك
.من مال أبي السود لو وصل إلى بني الديل ،قوموا إذا شئتم .فقاموا يبادرون الباب
استهزأ به رجل فرد عليه فأفحمه وقال في ذلك شعرا :أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة
قال :كان طريق أبي السود الدؤلي إلى المسجد والسوق في بني تيم الله بن ثعلبة وكان فيهم رجل متفحش يكثر الستهزاء
بمن يمر به ،فمر به أبو السود الدؤلي يوما فقال لقومه :كأن وجه أبو السود وجه عجوز راحت إلى أهلها بطلق ،فضحك
القوم ،وأعرض عنهم أبو السود .ثم مر به مرة أخرى ،فقال لهم :كأن غضون قفا أبي السود غضون الفقاح .فأقبل عليه أبو
السود فقال له :هل تعرف فقحة أمك فيهن? فأفحمه ،وضحك القوم منه ،وقاموا إلى أبي السود ،فاعتذروا إليه مما كان ،ولم
:يعاوده الرجل بعد ذلك ،وقال أبو السود بعد ذلك حين رجع إلى أهله
أن أسمعه وما بسمعي مـن بـاس وأهوج ملجاج تصاممت قـبـلـه
على أنفه حدباء تعضل بـالسـي ولو شئت قد أعرضت حتى أصيبه
وأصغر آثارا من النحت بالفـاس فإن لسانـي لـيس أهـون وقـعة
كذي الخبل تأبى نفسه غير وسواس وذي إحنة لم يبـدهـا غـير أنـه
وعيني وما يدري عليه وأحراسي صفحت له صفحا جميل كصفحـه
فما جبلي ل يعـاوده الـحـاسـي وعندي له إن فار فـوار صـدره
كثير الخنا صعب المحالة همـاس وخب لحوم الـنـاس أكـثـر زاده
لمن نابه من حاضر الجن والنـاس تركت له لحمي وأبقيت لـحـمـه
يعض بصم من صفا جبل راسـي خبره مع أعرابي جاء يسأله :أخبرنا محمد بن فكر قلـيل ثـم صـد كـأنـمـا
العباس اليزيدي قال حدثنا أحمد بن الحارث الخراز قال حدثنا المدائني قال :خرج أبو السود الدؤلي ومعه جماعة أصحاب له
إلى الصيد ،فجاءه أعرابي فقال له :السلم عليك .فقال له أبو السود :كلمة مقولة .قال :أدخل? قال :وراؤك أوسع لك .قال:
إن الرمضاء قد أحرقت رجلي ،قال :بل عليها أو ائت الجبل يفئ عليك .قال :هل عند شيء تطعمنيه? قال نأكل ونطعم العيال،
فإن فضل شيء فأنت أحق به من الكلب ،فقال العرابي :ما رأيت قط ألم منك .قال أبو السود :بلى قد رأيت؛ ولكنك قد
.أنسيت
:خبره مع ابن أبي حمامة
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا عيسى بن إسماعيل عن المدائني بهذا الخبر فقال فيه :كان أبو السود جالسا
في دهليزه وبين يديه رطب ،فجاز به رجل من العراب يقال له ابن أبي الحمامة ،فسلم ثم ذكر باقي الخبر ،مثل الذي تقدمه،
وزاد عليه فقال :أنا ابن أبي الحمامة .قال :كن ابن أبي طاووسة ،وانصرف .قال :أسألك بالله إل أطعمتني مما تأكل ،قال:
فألقى إليه أبو السود ثلث رطبات ،فوقعت إحداهن في التراب ،فأخذها يمسحها بثوبه ،فقال له أبو السود :دعها فإن الذي
.تمسحها منه أنظف من الذي تمسحها به ،فقال :إنما كرهت أن أدعها للشيطان ،فقال له :ل والله ول لجبريل وميكائيل تدعها
خطب امرأة من عبد القيس فمنعها أهلها وزوجوها ابن عمها فقال أبو السود شعرا في ذلك :أخبرني محمد بن عمران الضبي
الصيرفي قال حدثني الحسن بن عليل قال حدثنا محمد بن معاوية السدي قال ذكر الهيثم بن عدي عن ابن عياش قال :خطب
أبو السود الدؤلي امرأة من عبد القيس يقال لها أسماء بنت زياد بن غنيم ،فأسر أمرها إلى صديق له من الزد يقال له الهيثم
بن زياد ،فحدث به ابن عم لها كان يخطبها وكان لها مال عند أهلها فمشى ابن عمها الخاطب لها إلى أهلها الذين مالها عندهم،
فأخبرهم خبر أبي السود ،وسألهم أن يمنعوها من نكاحه ،ومن مالها الذي في أيديهم ،ففعلوا ذلك ،وضاروها حتى تزوجت بابن
:عمها ،فقال أبو السود الدؤلي في ذلك
إلى بعض من لم أخش سرا ممنعا لعمري لقد أفشيت يوما فخانـنـي
ونادى بما أخفيت منه فأسمـعـا فمزقه مزق العمى وهو غـافـل
وقد يعثر الساعي إذا كان مسرعا فقلت ولم أفحش لعالـك عـاثـرا
أرى العفو أدنى للرشاد وأوسعـا ولست بجازيك المـلمة إنـنـي
فبن غير مذموم ولكن مـودعـا ولكن تعلم أنـه عـهـد بـينـنـا
وأنت نجيا آخر الدهر أجـمـعـا حديثا أضعناه كـلنـا فـل أرى
سواك لـه إل أشـت وأضـيعـا قال :وقال فيه :وكنت إذا ضيعت سرك لم تـجـد
ولكنه في النصح غير مـريب أمنت امرأ في السر لم يك حازما
بعلياء نار أوقـدت بـثـقـوب أذاع به في الناس حتى كـأنـه
قوارعه من مخطئ ومصـيب وكنت متى لم ترع سرك تلتبـس
وما كل مؤت نصحه بلـبـيب فما كل ذي نصح بمؤتيك نصحه
فحق له من طاعة بـنـصـيب اشترى جارية حولء فعابها أهله فمدحها في ولكن إذا ما استجمعا عند واحـد
شعره :أخبرني عمي قال حدثني الكراني قال حدثنا العمري عن الهيثم بن عدي عن ابن عياش قال :اشترى أبو السود جارية،
:فأعجبته وكانت حولء فعابها أهله عنده بالحول ،فقال في ذلك
سوى أن في العينين بعض التأخر يعيبونها عندي ول عيب عنـدهـا
مهفهفة العلى رداح المؤخـر تحاكم إليه ابنا عم وأحدهما صديق له فحكم فإن يك في العينين سوء فإنـهـا
على صديقه فقال في ذلك شعرا :أخبرني محمد بن الحسن بن دريد الزدي قال حدثنا عبد الرحمن بن أخي الصمعي عن عمه
قال :كان لبي السود الدؤلي صديق من بني تميم ثم من بني سعد يقال له مالك بن أصرم ،وكانت بينه وبين ابن عم له
خصومة في دار له ،وأنهما اجتمعا عند أبي السود فحكماه بينهما ،فقال له خصم صديقه :إني بالذي بينك وبينه عارف ،فل
يحملنك ها ذاك على أن تحيف علي في الحكم وكان صديق أبي السود ظالما فقضى أبو السود على صديقه لخصمه بالحق،
:فقال له صديقه :والله ما بارك الله لي في صداقتك ،ول نفعني بعلمك وفقهك ،ولقد قضيت علي بغير الحق ،فقال أبو السود
عن القوم حتى تأخذ النصف واغضب إذا كنت مظلوما فل تـلـف راضـيا
مقالتهم واشغب بهم كل مـشـغـب وإن كنت أنت الظالم القوم فـاطـرح
جلوب عليك الحق من كل مجـلـب وقارب بذي جهل وباعـد بـعـالـم
ليستمكنوا مـمـا وراءك فـاحـدب فإن حدبوا فاقعس وإن هم تقاعـسـوا
بها كنت أقضي للبعيد على أبـي ول تدعني للجور واصبر على التي
معادي وقد جربت ما لم تجـرب كتب مستجديا إلى نعيم بن مسعود فأجابه، فإني امرؤ أخشى إلهي وأتـقـي
وإلى الحصين فأبى الحر فرمى كتابه فقال في ذلك شعرا :كتب إلي أبو خليفة يذكر أن محمد بن سلم حدثه ،وأخبرني محمد
بن يحيى الصولي عن أبي ذكوان عن محمد بن سلم قال :وجه أبو السود الدؤلي إلى الحصين بن أبي الحر العنبري جد عبيد
الله بن الحسن القاضي ،وهو يلي بعض أعمال الخراج لزياد ،وإلى نعيم بن مسعود النهشلي ،وكان يلي مثل ذلك برسول،
وكتب معه إليهما وأراد أن يبراه ،ففعل ذلك نعيم بن مسعود ،ورمى الحصين بن أبي الحر بكتاب أبي السود وراء ظهره ،فعاد
:الرجل فأخبره ،فقال أبو السود للحصين
لسيبك ،لم يذهب رجائي هنالـكـا حسبت كتابي إذ أتاك تـعـرضـا
أخذت كتابي معرضا بشمـالـكـا وخبرني من كنت أرسلـت أنـمـا
كنبذك نعل أخلقت من نعـالـكـا نظرت إلى عنوانـه فـنـبـذتـه
وأنت بما تأتي حقـيق بـذلـكـا نعيم بن مسعود أحق بـمـا أتـى
وكيف يكون النوك إل كـذلـكـا قال محمد بن سلم :فتقدم رجل إلى عبيد يصيب وما يدري ويخطي وما درى
:الله بن الحسن بن الحصين بن أبي الحر وهو قاضي البصرة مع خصم له فخلط في قوله ،فتمثل عبيد الله بقول أبي السود
وكيف يكون النوك إل كـذلـكـا فقال الرجل :إن رأى القاضي أن يدنيني يصيب وما يدري ويخطي وما درى
منه لقول شيئا فعل .فقال له :ادن ،فقال له :إن أحق الناس بستر هذا الشعر أنت ،وقد علمت فيمن قيل ،فتبسم عبيد الله
.وقال له :إني أرى فيك مصطنعا فقم إلى منزلك ،وقال لخصمه :رح إلي ،فغرم له ما كان يطالب به
أراد السفر إلى فارس في الشتاء فأبت عليه ابنته فقال في ذلك شعرا :أخبرني عمي قال حدثنا الكراني عن ابن عائشة قال:
أراد أبو السود الدؤلي الخروج إلى فارس ،فقالت له ابنته :يا أبت إنك قد كبرت ،وهذا صميم الشتاء ،فانتظر حتى ينصرم
:وتسلك الطريق آمنا ،فإني أخشى عليك ،فقال أبو السود
فما للمضاء والتوكل مـن مـثـل إذا كنت معـنـيا بـأمـر تـريده
تراد به آتيك فاقنع بذي الفـضـل توكل وحمل أمرك الـلـه إن مـا
من الخفض في دار المقامة والثمل ول تحسبن السير أقـرب لـلـردى
بظنك ،إن الظن يكذب ذا العـقـل ولتحسبيني يابنتي عز مـذهـبـي
ول تجعلي العلم المحقق كالجهـل وإني ملق ما قضى الله فاصبـري
أبعدي يأتي في رحيلي أو قبلـي ? وإنك ل تدرين :هل مـا أخـافـه
أصيب وألفته المنية فـي الهـل خبره مع صديقه نسيب بن حميد وشعره في وكم قد رأيت حاذرا متـحـفـظـا
ذلك :أخبرني هاشم بن محمد قال حدثنا عيسى بن إبراهيم العتكي قال حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال :كان لبي السود صديق
من بني سليم يقال له نسيب بن حميد ،وكان ينشاه في منزله ،ويتحدث إليه في المسجد ،وكان كثيرا ما يحلف له أنه ليس
بالبصرة أحد من قومه ول من غيرهم آثر عنده منه ،فرأى أبو السود يوما معه مستقة مخملة أصبهانية من صوف ،فقال له أبو
السود :ما تصنع بهذه المستقة? فقال :أريد بيعها ،فقال له أبو السود :انظر ما تبلغ فعرفنيه حتى أبعث به إليك ،فإنها من
حاجتي ،قال :ل بل أكسوكها ،فأبى أبو السود أن يقبلها إل بثمنها ،فبعث بها إلى السوق فقومت بمائتي درهم ،فبعث إليه أبو
:السود بالدراهم ،فردها وقال :لست أبيعها إل بمائتين وخمسين درهما ،فقال أبو السود
ل أستثيب ول أثيب الواهبـا بعني نسيب ول تثبني إننـي
وحسبتها حمدا وأجرا واجبا إن العطية خير ما وجهتهـا
وملمة تبقى ومنا كـاذبـا ومن العطية ما يعود غرامة
فملئت علما منهم وتجاربـا وبلوت أخبار الرجال وفعلهم
وتركت عمدا ما هنالك جانبا فأخذت منهم ما رضيت بأخذه
في كل منزلة يبلى بها الرجل قال :فلما ادعى معاوية زيادا ووله العراق كان كل امرئ صائر يوما لشيمتـه
أبو السود يأتيه فيسأله حوائجه ،فربما قضاها وربما منعها لما يعلمه من رأيه وهواه في علي بن أبي طالب عليه السلم ،وما
:كان بينهما في تلك اليام وهما عاملن ،فكان أبو السود يترضاه ويداريه ما استطاع ويقول في ذلك
ولم يك مردودا عن الخير سائلـه رأيت زيادا صد عنـي وجـهـه
كداء الجوى في جوفه ل يزايلـه ينفذ حاجات الرجال ،وحاجـتـي
ول أنا راء ما رأيت ففـاعـلـه فل أنا ناس مـا نـسـيت فـآيس
من المر ل ينسى ول للمرء نائله أكرمه عبد الرحمن بن أبي بكرة وأفضل وفي اليأس حزم للـبـيب وراحة
عليه فقال يمدحه :وقال المدائني :نظر عبد الرحمن بن أبي بكرة إلى أبي السود في حال رثة فبعث إليه بدنانير وثياب ،وسأله
:أن ينبسط إليه في حوائجه ويستمحنه إذا أضاق ،فقال أبو السود يمدحه
علينا بعد حي أبي المغـيره أبو بحر أمن الـنـاس طـرا
أخا ثقة منافـعـه كـثـيره لقد أبقى لنا الحدثـان مـنـه
وبعض الخير تمنعه الوعوره قريب الخير سهل غير وعر
ندل بـه وإخـوان وجـيره بصرت بأننا أصحـاب حـق
من الخلن فينا والعـشـيره وأهل مضيعة فوجدت خـيرا
ترى صفحاتها ولها سـريره وإنك قد علمت وكل نـفـس
وذو عين بما بلغت بصـيره لذو قلب بذي القربى رحـيم
بها جشع ول نفسا شـريره لعمرك ما حباك الله نفـسـا
ول هشم تنازعـه خـئوره ولكن أنت ل شرس غـلـيظ
بجانب روضة ريا مطـيره كان عبيد الله بن زياد يماطله في قضاء حاجاته فعاتبه في كأنـا إذا أتـينـاه نـزلـنـا
ذلك :قال المدائني :وكان أبو السود يدخل على عبيد الله بن زياد ،فيشكو إليه أن عليه دينا ل يجد إلى قضائه سبيل ،فيقول له:
إذا كان غد فارفع إلي حاجتك فإني أحب قضاءها ،فيدخل إليه من غد ،فيذكر له أمره ووعده فيتغافل عنه ،ثم يعاوده فل يصنع
:في أمره شيئا ،فقال فيه أبو السود
فقلت فما رد الجواب ول استمـع دعاني أميري كي أفوه بحاجـتـي
كلمي وخير القول ما صين أو نفع فقمت ولم أحسس بشيء ولم أصـن
ولليأس أدنى للعفاف من الطـمـع سأله رجل فمنعه فأنكر عليه فاحتج ببيت وأجمعت يأسـا ل لـبـانة بـعـده
لحاتم :أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي فال حدثنا عيسى بن إسماعيل تينة قال حدثني ابن عائشة قال :سأل رجل أبا السود
:شيئا فمنعه ،فقال له :يا أبا السود ما أصبحت حاتميا? قال :بلى قد أصبحت حاتميا من حيث ل تدري ،أليس حاتم الذي يقول
وإما عطاء ل ينهنهه الزجر شعره في جار له كان يحسده ويذمه :أخبرني حبيب بن أماوي إما مانع فـمـبـين
نصر المهلبي قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا ابن عائشة قال :كان لبي السود جار يحسده وتبلغه عنه قوارص ،فلما باع أبو
السود داره في بني الديل وانتقل إلى هذيل ،قال جار أبي السود لبعض جيرانه من هذيل :هل يسقيكم أبو السود من ألبان
:لقاحه? وكانت ل تزال عنده لقحه أو لقحتان ،وكان جاره هذا يصيب من الشراب ،فبلغ أبا السود قوله ،فقال فيه
يسائل هل أسقي من اللبن الجارا ? إن امرأ نبئتـه مـن صـديقـنـا
وأشرب ما ل إثم فـيه ول عـارا وإني لسقي الجار في قعر بـيتـه
ول يتولى يقلس الثـم والـعـارا قصد صديقه حوثرة بن سليم فأعرض عنه شرابا حلل يترك المرء صـاحـيا
فهجاه :أخبرني عبيد الله بن محمد الرازي قال حدثنا أحمد بن الحارث الخراز قال حدثنا المدائني قال :كان لبي السود صديق
من بني قيس بن ثعلبة يقال له حوثرة بن سليم ،فاستعمله عبيد الله ابن زياد على جي وأصبهان ،وكان أبو السود بفارس ،فلما
:بلغه خبره أتاه فلم يجد عنده ما يقدره ،وجفاه حوثرة؛ فقال فيه أبوالسود وفارقه
نشيط بفأس معدن البرم ناحـت جفاه ابن عامر لهواه في علي بن أبي تصيبون عرضي كل يوم كما عل
طالب فقال في ذلك شعرا :أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثني عمر بن شبة قال ذكر الهيثم بن عدي عن مجالد ابن
سعيد عن عبد الملك بن عمير قال :كان ابن عباس يكرم أبا السود الدؤلي لما كان عامل لعلي بن أبي طالب عليه السلم على
البصرة ويقضي حوائجه ،فلما ولي ابن عامر جفاه وأبعده ومنعه حوائجه لما كان يعلمه من هواه في علي بن أبي طالب عليه
:السلم ،فقال فيه أبو السود
وما مر من عيشي ذكرت وما فضل ذكرت ابن عباس بباب ابن عـامـر
فكل جزاه الله عني بـمـا أفـعـل أميرين كان صاحبـي كـلهـمـا
وإن كان خيرا كان خيرا إذا عـدل كان لبنه صديق من باهله فكره صداقته فإن كان شرا كـان شـرا جـزاؤه
له :أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثنا إبراهيم بن المنذر الخزامي قال حدثنا محمد بن فليح
بن سليمان عن موسى بن عقبة قال قال أبو السود الدؤلي لبنه أبي حرب وكان له صديق من باهله يكثر من زيارته فكان أبو
:السود يكرهه ويستريب منه
فإنك ل تدري متى أنـت نـازع أحبب إذا أحببت حبا مـقـاربـا
فإنك ل تدري متى أنت راجـع وأبغض إذا بغضت بغضا مقاربا
فإنك راء ما عملـت وسـامـع آذاه جار له فباع داره واشترى دارا في هذيل وكن معدنا للحلم واصفح عن الخنا
وقال في ذلك شعرا :وقال المدائني حدثني أبو بكر الهذلي قال :كان لبي السود جار من بني حليس بن يعمر بن نفاثة بن
عدي بن الديل ،من رهطه دنية ومنزل أبي السود يومئذ في بني الديل فأولع جاره برميه بالحجارة كلما أمسى ،فيؤذيه .فشكا
أبوالسود ذلك إلى قومه وغيرهم ،فكلموه ولموه ،فكان ما اعتذر به إليهم أن قال :لست أرميه ،وإنما يرميه الله لقطعه الرحم
وسرعته في الظلم في بخله بماله ،فقال أبو السود :والله ما أجاور رجل يقطع رحمي ويكذب على ربي .فباع داره واشترى
:دارا في هذيل ،فقيل له :يا أبا السود ،أبعت دارك قال :لم أبع داري ،ولكن بعت جاري ،فأرسلها مثل وقال في ذلك
فقلت له مهل فأنكر مـا أتـى رماني جاري ظالمـا بـرمـية
بذنبك ،والحوبات تعقب ما ترى وقال الذي يرميك ربك جـازيا
رماني لما أخطأ إلهي ما رمى فقلت له لو أن ربـي بـرمـية
وينحل فيها ربه الشـر والذى وقال فيه أيضا :جزى الله شرا كل من نال سوءة
إليه ول رام به مـن تـحـاربـه لحى الله مولى السوء ل أنت راغب
بل البعد خير من عدو تصاقـبـه وقال فيه أيضا :وما قرب مولى السوء إل كبعـده
وعن سب ذي القربى خلئق أربع وإني لتثنيني عن الشتم والـخـنـا
كريم ،ومثلي قد يضـر وينـفـع حياء وإسلم ولـطـف وأنـنـي
فإن العصا كانت لمثلي تـقـرع فإن أعف يوما عن ذنوب أتيتـهـا
على كل حال أستقيم وتـظـلـع قصته مع جار له آذاه ،وشعره في ذلك :أخبرني وشتان ما بـين وبـينـك إنـنـي
عمي قال حدثني الكراني قال حدثني الرياشي عن العتبي قال :كان لبي السود جار في ظهر داره له باب إلى قبيلة أخرى،
وكان بين دار أبي السود وبين داره باب مفتوح يخرج منه كل واحد منهما إلى قبيلة صاحبه إذا أرادها ،وكان الرجل ابن عم أبي
السود دنية ،وكان شرسا سيء الخلق ،فأراد سد ذلك الباب ،فقال له قومه :ل تفعل فتضر بأبي السود وهو شيخ ،وليس عليك
في هذا الباب ضرر ول مؤنة ،فأبى إل سده ،ثم ندم على ذلك لنه أضر به ،فكان إذا أراد سلوك الطريق التي كان يسلكها منه
:بعد عليه ،فعزم على فتحه ،وبلغ ذلك أبا السود فمنعه منه وقال فيه :صوت
يزدني في مبـاعـدة ذراعـا بليت بصاحب إن أدن شـبـرا
يزدني فوق قيس الذرع باعـا وإن أمدد له في الوصل ذرعي
وتأبى نفسه إل امـتـنـاعـا أبت نفسي لـه إل اتـبـاعـا
فذلك ما استطعت وما استطاعا الغناء في هذه البيات لبراهيم ثقيل أول بالبنصر، كلنـا جـاهـد أدنـو وينـأى
:وفيه لعريب خفيف رمل .ولعلويه لحن غير منسوب .قال :وقال أبو السود أيضا في ذلك
فإن أذكروك السد فالسد أكـيس لنا جيرة سدوا المجازة بـينـنـا
تزل به سفع الخطاطيف أملـس وقال أيضا في ذلك :ومن خير ما ألصقت بالجار حائط
والمرء يعجز ل محاله أخطأت حين صرمتني
والحر تكفيه المقالـه نزل في بني قشير فآذوه فقال فيهم شعرا :أخبرني الحسن بن والعبد يقرع بالعـصـا
علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدثني إسحاق بن محمد النخعي عن ابن عائشة عن أبيه وأخبرني به محمد
بن جعفر النحوي قال حدثنا أحمد بن القاسم البزي قال حدثني إسحاق بن محمد النخعي عن ابن عائشة ولم يقل عن أبيه قال:
كان أبو السود الدؤلي نازل في بني قشير ،وكانت بنو قشير عثمانية ،وكانت امرأته أم عوف منهم ،فكانوا يؤذونه ويسبونه
وينالون من علي عليه السلم بحضرته ليغيظوه به ،ويرمونه بالليل ،فإذا أصبح قال لهم :يا بني قشير ،أي جوار هذا فيقولون له:
:لم نرمك إنما رماك الله لسوء مذهبك وقبح دينك ،فقال في ذلك
طوال الدهر ل تنسى عليا يقول الرذلون بنو قـشـير
من العمال مفروضا عليا ? فقلت لهم :وكيف يكون تركي
وعباسا وحمزة والـوصـيا أحب محمـدا حـبـا شـديدا
أحب الناس كـلـهـم إلـيا بني عم النـبـي وأقـربـيه
ولست بمخطئ إن كان غـيا فإن يك حبهم رشدا أصـبـه
وأهل مودتي ما دمت حـيا هم أهل النصيحة غير شـك
رحى السلم لم يعدل سويا هوى أعطيت لما استـدارت
أجيء إذا بعث على هـويا أحبهم لحب الـلـه حـتـى
هداهم واجتبى منهم نـبـيا رأيت الله خالق كـل شـيء
هنيئا ما اصطفاه لهم مـريا قال :فقالت له بنو قشير :شككت يا أبا في صاحبك ولم يخصص بها أحدا سواهم
:حيث تقول
فإن يك حبهم رشدا أصبه فقال :أما سمعتم قول الله عز وجل :وإنا أو إياكم هدى أو في ضلل مبين أفترى الله عز وجل
.شك في نبيه وقد روي أن معاوية قال هذه المقالة ،فأجابه بهذا الجواب
تهكم معاوية به فأجابه بشعره :أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أبو عثمان الشنانداني عن الخفش عن أبي عمر
الجرمي قال :دخل أبو السود الدؤلي على معاوية ،فقال له :لقد أصبحت جميل يا أبا السود ،فلو علقت تميمة تنفى عنك العين
:فقال أبو السود
كر الجديدين من آت ومنطلق أفنى الشباب الذي فارقت جدته
شيئا تخاف عليه لذعة الحـدق خبره مع فتى دعاه أن يأكل معه فأتى على لم يتركا لي في طول اختلفهما
طعامه :أخبرني الحسن بن علي قال حدثني الحارث بن محمد قال قال حدثنا المدائني عن علي بن سليمان قال :كان أبو
السود على باب داره دكان يجلس عليه ،مرتفع عن الرض على قدر صدر الرجل ،فكان يوضع بين يديه خوان على قدر الدكان،
فإذا مر به مار فدعاه إلى الكل لم يجد موضعا يجلس فيه ،فمر به ذات يوم فتى فدعاه إلى الغداء ،فأقبل فتناول الخوان
فوضعه أسفل ،ثم قال له :يا أبا السود ،إن عزمت على الغداء فانزل ،وجعل يأكل وأبو السود ينطر إليه مغتاظا حتى أتى على
.الطعام ،فقال له أبو السود :ما اسمك يا فتى? قال :لقمان الحكيم ،قال :لقد أصاب أهلك حقيقة اسمك
قال المدائني :وبلغني أن رجل دعاه أبو السود الدؤلي إلى طعامه وهو على هذا الدكان ،فمد يده ليأكل ،فشب به فرسه
.فسقط عنه فوقص
كان أبو الجارود صديقا له فلما ولى ولية جفاه فقال فيه شعرا :أخبرني هاشم بن محمد قال حدثنا دماذ عن أبي عبيدة قال:
كان أبو الجارود سالم بن سلمة بن نوفل الهذلي صديقا لبي السود ،يهاديه الشعر ،ويجيب كل واحد منهما صاحبه ،ويتعاشران
:ويتزاوران ،فولي أبو الجارود ولية ،فجفا أبو السود وقطعه ،ولم يبدأه بالمكاتبة ول أجابه عنها ،فقال فيه أبو السود
يروح بها الغادي لربعك أو يغدو أبلغ أبا الجارود عنـي رسـالة
رضيت وما غيرت من خلق بعد فيخبرنا ما بال صرمك بعد مـا
تنكرت حتى قلت ذو لبدة ورد ? أأن نلت خيرا سرني أن تنـالـه
تمثله لي غير أنـك ل تـعـدو فعيناك عيناه وصوتك صـوتـه
لقد جعلت أشراط أوله تـبـدو لئن كنت قد أزمعت بالصرم بيننا
وأعرض عني قل مني له الوجد خبره مع الحارث بن خليد وشعره فيه :قال فإني إذا ما صاحب رث وصلـه
المدائني :كان لبي السود صديق يقال له الحارث بن خليد ،وكان في شرف من العطاء ،فقال لبي السود :ما يمنعك من
طلب الديوان? فإن فيه غنى وخيرا ،فقال له أبو السود :قد أغناني الله عنه بالقناعة والتجمل ،فقال :كل ،ولكنك تتركه إقامة
على محبة ابن أبي طالب وبغض هؤلء القوم .وزاد الكلم بينهما ،حأتى أغلظ له الحارث بن خليد ،فهجره أبو السود ،وندم
الحارث على ما فرط منه ،فسأل عشيرته أن تصلح بينهما ،فأتوا أبا السود في ذلك وقالوا له :قد اعتذر إليك الحارث مما فرط
:منه وهو رجل حديد ،فقال أبو السود في ذلك
فيصمت عنا ول صارم لنا صاحب ل كليل اللسان
وأصحابه الحمق العارم وقال فيه :وشر الرجال على أهلـه
حديد فخالف جهـلـه وتـرفـق إذا كان شيء بـينـنـا قـيل إنـه
أدامله دمل السقـاء الـمـخـرق كتب إلى الحصين كتابا فتهاون به فقال شنئت من الصحاب من لست بارحا
فيه شعر :وقال المدائني :ولى عبيد الله بن زياد الحصين بن أبي الحر العنبري ميسان ،فدامت وليته إياها خمس سنين ،فكتب
:إليه أبو السود كتابا يتصدى فيه لرفده ،فتهاون به ولم ينظر فيه ،فرجع إليه رسوله فأخبره بفعله فقال فيه
فإنك قد قطعت أخرى خللـكـا أل أبلغا عني حـصـينـا رسـالة
بميسان تعطي من غير مـالـكـا فلو كنت إذ 1أصبحت للخرج عامل
لقد كان حقا واجبا بعـض ذلـكـا سألتك أو عرضت بالـود بـينـنـا
أخذت كتابي معرضا بشمـالـكـا وخبرني من كنت أرسلـت أنـمـا
كنبذك نعل أخلقت من نعـالـكـا نظرت إلى عنـوانـه ونـبـذتـه
لسيبك ،لم يذهب رجائي هنالـكـا حسبت كتابي إذ أتاك تـعـرضـا
وكيف يكون النوك إل كـذلـكـا فبلغت أبيات أبي السود حصينا ،فغضب يصيب وما يدري ويخطي وما درى
:وقال :ما ظننت منزلة أبي السود بلغت ما يتعاطاه من مساءتنا وتوعدنا وتوبيخنا ،فبلغ ذلك أبا السود فقال فيه
نصيحة ذي الرأي للمجتنيهـا أبلغ حـصـينـا إذا جـئتـه
بأظلفها مدية أو بـفـيهـا فل تك مثل التي استخرجـت
ومن تدع يوما شعوب يجيها فقـام إلـيهـا بـهـا ذابـح
تحش الوليدة أو تشـتـويهـا فظلت بأوصالهـا قـدرهـا
ولم تر قولي بنصح شبـيهـا وإن تأب نصحي ول تنتهـي
ر والصاب قدما شرابا كريها خبره مع معاوية بن صعصعة وشعره في ذلك :وقال أجرعك صابا وكان الـمـرا
خالد بن كلثوم :كان معاوية بن صعصعة يلقى أبا السود كثيرا فيحادثه ويظهر له المودة ،وكانت تبلغه عنه قوارص فيذكرها له
:فيجحدها أو يحلف أنه لم يفعل ،ثم يعاود ذلك ،فقال فيه أبو السود
كذلك ما الخصمان بر وفـاجـر ولي صاحب قد رابني أو ظلمتـه
لتي ما يأتي امرؤ وهو خـابـر وإني امرؤ عندي وعمدا أقـولـه
وآخر مسموم عليه الشـراشـر لسانان معسول عـلـيه حـلوة
وللمـرء نـاه ل يلم وزاجـر فقلت ولم أبخل عليه نصيحـتـي
عواقب قول تعتريه المـعـاذر إذا أنت حاولت البراءة فاجتـنـب
له في اعتراض القول إنك شاعر فكم شاعر أرداه أن قـال قـائل
لما كان يرضى قبلها وهو حافر عطفت عليه عطفة فتـركـتـه
أتى أبا السود الدؤلي نعي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم ،وبيعة الحسن عليه السلم ،فقام على المنبر
فخطب الناس ونعى عليا عليه السلم فقال في خطبته :وإن رجل من أعداء الله المارقة عن دينه ،اغتال أمير المؤمنين عليا
كرم الله وجهه ومثواه في مسجد وهو خارج لتهجده في ليلة يرجى فيها مصادفة ليلة القدر فقتله ،فيالله هو من قتيل وأكرم به
وبمقتله وروحه من روح عرجت إلى الله تعالى بالبر والتقى واليمان والحسان لقد أطفأ منه نور الله في أرضه ل يبين بعده
أبدا ،وهدم ركنا من أركان الله تعالى ل يشاد مثله؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون ،وعند الله نحتسب مصيبتنا بأمير المؤمنين ،وعليه
.السلم ورحمة الله يوم ولد ويوم قتل ويوم يبعث حيا
ثم بكى حتى اختلفت أضلعه ،ثم قال :وقد أوصى بالمامة بعده إلى ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنه وسليله
وشبيهه في خلقه وهديه ،وإني لرجو أن يجبر الله عز وجل به ما وهى ،ويسد به ما انثلم ،ويجمع به الشمل ،ويطفئ به نيران
.الفتنة ،فبايعوه ترشدوا
كتب إليه معاوية يدعوه إلى أخذ البيعة له بالبصرة فقال شعرا يرثي فيه علي بن أبي طالب :فبايعت الشيعة كلها ،وتوقف ناس
ممن كان يرى رأي العثمانية ولم يظهروا أنفسهم بذلك ،وهربوا إلى معاوية ،فكتب إليه معاوية ودس إليه يعلمه أن الحسن عليه
:السلم قد راسله في الصلح ،ويدعوه إلى أخذ البيعة له بالبصرة ،ويعده ويمنيه؛ فقال أبو السود
فل قرت عيون الشامتينـا أل أبلغ معاوية بن حـرب
بخير الناس طرا أجمعينـا أفي شهر الصيام فجعتمونا
وخيسها ومن ركب السفينا قتلتم خير من ركب المطايا
ومن قرأ المثاني والمئينـا ومن لبس النعال ومن حذاها
رأيت الدر راق الناظرينـا إذا استقبلت وجه أبي حسين
بأنك خيرها حسبـا ودينـا لزم ابنه المنزل فحثه على العمل والسعي في طلب لقد علمت قريش حيث حلت
الرزق :أخبرني أبو الحسن السدي قال حدثنا الرياشي عن الهيثم بن عدي عن أبي عبيدة قال :كان أبو حرب بن أبي السود قد
لزم منزل أبيه بالبصرة ل ينتجع أرضا ،ول يطلب الرزق في تجارة ول غيرها ،فعاتبه أبوه على ذلك ،فقال أبو حرب :إن كان لي
:رزق فسيأتيني ،فقال له
ولكن ألق دلوك في الدلء وما طلب المعيشة بالتمني
تجئك بحمأة وقليل مـاء شعره في ابن مولته لطيفة :قال المدائني :كانت لبي تجئك بملئها يومـا ويومـا
السود مولة يقال لها لطيفة ،وكان لها عبد تاجر يقال له ملم فابتاعت له أمة وأنكحته إياها ،فجاءت بغلم فسمته زيدا ،فكانت
:تؤثره على كل أحد ،وتجد به وجد الم بولدها ،وجعلته على ضيعتها ،فقال فيه أبو السود ،وقد مرضت لطيفة
إذا هلكت لطيفة أو مـلـم وزيد هالك هلك الحبـارى
فأنى بعدها لـك زيد أم تبنته فقـال وأنـت أمـي
وصاحبها لما يحوي مضم ترم متاعـه وتـزيد فـيه
وتقصى إن قربت فل تضم ستلقى بعدها شرا وضـرا
سلكت وينتحي حالـيك ذم قال فماتت لطيفة من علتها تلك ،وورثها أبو السود، وتلقاك الملمة كـل وجـه
فطرد زيدا عما كان يتوله من ضيعتها ،وطالبه بما خانه من مالها فارتجعه ،فكان بعد ذلك ضائعا مهانا بالبصرة كما قال فيه
.وتوعده
اشترى جارية للخدمة فتعرضت له فقال في ذلك شعرا :قال المدائني أيضا :اشترى أبو السود أمة للخدمة ،فجعلت تتعرض
منه للنكاح وتتطيب وتشتمل بثوبها ،فدعاها أبو السود فقال لها :اشتريتك للعمل والخدمة ،ولم أشترك للنكاح ،فأقبلي على
:خدمتك ،وقال فيها
فدعي التشمل حولنا وتبذلـي أصلح إني ل أريدك للصبـا
ولحمل قربتنا وغلي المرجل إني أريدك للعجين وللـرحـا
فخذي لخر أهبة المسستقبل أهدى إليه المنذر بن الجارود ثيابا فقال شعرا وإذا تروح ضيف أهلك أو غدا
:يمدحه فيه
أخبرنا الحسن بن الطيب الشجاعي قال حدثنا أبو عشانة عن ابن عباس قال :كان المنذر بن الجارود العبدي صديقا لبي
السود الدؤلي تعجبه مجالسته وحديثه ،وكان كل واحد منهما يغشي صاحبه؛ وكانت لبي السود مقطعة من برود يكثر لبسها،
فقال له المنذر :لقد أدمنت لبس هذه المقطعة ،فقال له أبو السود :رب مملول ل يستطاع فراقه؛ فعلم المنذر أنه قد احتاج
:إلى كسوة فأهدى له ثيابا ،فقال أبو السود يمدحه
أخ لك يعطيك الجزيل ونـاصـر كساك ولم تستكسه فـحـمـدتـه
بحمدك من أعطاك والعرض وافر أبيات أوصى فيها ابنه :أنشدني محمد بن وإن أحق الناس إن كنت حـامـدا
:العباس اليزيدي عن عمه عبيد الله عن ابن حبيب لبي السود يوصي ابنه ،وفي هذه البيات غناء :صوت
ل تستطيع إذا مضت إدراكها ل ترسلن رسالة مـشـهـورة
واحب الكرامة من بدا فحباكها أكرم صديق أبيك حيث لقـيتـه
وتحفظن من الذي انبـاكـهـا اعتذر لزياد في شيء جرى بينهما فلم يقبل عذره فقال ل تبدين نمـيمة حـدثـتـهـا
في ذلك شعرا :أخبرني محمد بن خلف بن مرزبان قال حدثنا أبو محمد المروزي عن القحذمي عن بعض الرواة أن أبا السود
:الدؤلي اعتذر إلى زياد في شيء جرى بينهما ،فكأنه لم يقبل عذره فأنشأ يقول
اس أن تقبل الغداة اعتـذاري إنني مجرم وأنـت أحـق الـن
مرء تعفو عن الهنات الكبـار فتبسم زياد وقال :أما إذا كان هذا قولك فقد فاعف عني فقد سفهت وأنت ال
.قبلت عذرك وعفوت عن ذنبك
استشير في رجل أن يولى ولية فقال شعرا :أخبرني هاشم بن محمد قال حدثني عبد الرحمن ابن أخي الصمعي عن عمه عن
عيسى بن عمر قال :سئل أبو السود عن رجل ،واستشير في أن يولى ولية ،فقال أبو السود :هو ما علمته :أهيس أليس ،ألد
:ملحس ،إن اعطى انتهر ،وإن سئل أزر .قال الصمعي :الهيس :الحاد ،ويقال في المثل
إحدى لياليك فهيسي هيسي قال :ويقال ناقة ليساء :إذا كانت ل تبرح من المبرك .قال :وهو مما يوصف به الشجاع ،وأنشد
:في صفة ثور
أليس عن حوبائه سخي ضمن له كاتب بن عامر أن يقضي حاجة ثم نكث فقال شعرا في ذلك :أخبرني أحمد بن محمد بن
عمران الصيرفي قال حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثني أحمد بن السود بن الهيثم الحنفي قال حدثنا أبو ملحم عن
مؤرج السدوسي عن عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار قال وكان من أفصح أهل زمانه قال :أوصى أبو السود الدؤلي
:كاتبا لعبد الله بن عامر بحاجة له فضمن قضاءها ثم لم يصنع فيها شيئا ،فقال أبو السود
فتى غير ذي قصد علـي ول رؤف لعمري لقد أوصيت أمس بحاجـتـي
ومن خير ما أدلى به المرء ما عرف ول عارف ما كان بـينـي وبـينـه
بأول خير من أخـي ثـقة صـرف جفاه أبو الجارود فقال فيه شعرا :أخبرني وما كان ما أملت منـه فـفـاتـنـي
هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثني محمد بن القاسم مولى بني هاشم قال حدثني أبو زيد النصاري سعيد بن أوس قال
حدثني بكر بن حبيب السهمي عن أبيه ،وكان من جلساء أبي السود الدؤلي قال :كان أبو الجارود سالم بن سلمة بن نوفل
:الهذلي شاعرا ،وكان صديقا لبي السود الدؤلي ،فكان يهاديه الشعر ،ثم تغير ما بينهما ،فقال فيه أبو السود
يروح بها الماشي ليلقاك أو يغدو أبلغ أبا السود الجارود عني رسالة
رضيت وما غيرت من خلق بعد فيخبرنا ما بال صرمك بعـد مـا
تنكرت حتى قلت ذو لبدة ورد ? أأن نلت خيرا سرني حين نلـتـه
تمثله لي غـير أنـك ل تـعـدو فعيناك عيناه وصوتـك صـوتـه
وقد جعلت أسباب أولـه تـبـدو فإن كنت قد أزمعت بالصرم بيننـا
وأعرض عني قلت بالبعد الفقـد وفاته :فإني إذا ما صاحب رث وصـلـه
وكانت وفاة أبي السود فيما ذكره المدائني في الطاعون الجارف سنة تسع وستين وله خمس وثمانون سنة .قال المدائني:
وقد قيل إنه مات قبل ذلك ،وهو أشبه القولين بالصواب ،لنا لم نسمعه له في فتنة مسعود وأمر المختار بذكر ،وذكر مثل هذا
القول بعينه .والشك فيه هل أدرك الطاعون الجارف أو ل ،عن يحيى بن معين .أخبرني به الحسن بن علي عن أحمد بن زهير
:عن المدائني ويحيى بن معين :صوت
لي الشكل تنتـقـل لعمرك أيها الرجـل
تزورهم فتعتـدل ? أتهجر آل زينـب أم
كما قد تجمع السبل هم ركب لقوا ركبـا
ك تجري بيننا الرسل الشعر لبي نفيس بن يعلى بن منية ،والغناء لمعبد خفيف ثقيل أول فذلك دأبـنـا وبـذا
.بالسبابة في مجرى الوسطى ،وفيه لبن سريج رمل بالوسطى ،ولجميلة خفيف رمل بالبنصر
أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال حدثنا سليمان بن أبي شيخ قال حدثنا محمد بن الحكم عن أبي مخنف قال :أقرض
يعلى بن منية الزبير بن العوام حين خرج إلى البصرة في وقعة الجمل أربعين ألف دينار ،فقضاها ابن الزبير بعد ذلك لن أباه
.قتل يومئذ ولم يقضه إياها
قال :ولما صاروا إلى البصرة تنازع طلحة والزبير في الصلة ،فاتفقا على أن يصلي ابن هذا يوما وابن هذا يوما ،فقال شاعرهم
:في ذلك
وشح على الملك شيخاهما تبارى الغلمان إذ صلـيا
وهذا بذي الجزع مولهما ومالي وطلحة وابن الزبير
ويعلى بن منية دلهـمـا رثى يعلى زوجه حين توفيت بتهامة :أخبرني الحرمي بن أبي فأمهما اليوم غرتـهـمـا
العلء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن يحيى عن جده عبد الحميد قال :كان يعلى بن منية ويكنى أبا نفيس،
وسمعت غير جدي يقول اسمه يحيى وهو من بني العدوية من بني تميم من بني حنظلة تزوج امرأة من بني مالك بن كنانة
:يقال لها زينب ،ولهم حلف في بني غفار ،وهي من بنات طارق اللتي يقلن
نمشي على النمارق فتوفيت بتهامة فقال يرثيها :نحن بنـات طـارق
وحين أفضوا من منى وحصبوا يا رب رب الناس لما نحـبـوا
والمستراد ل سقاة الكـوكـب ل يسقـين مـلـح وعـلـيب
من أجل حماهن ماتت زينب قال الزبير :وأنشدنيها عمي مصعب لبي نفيس بن يعلى بن منية قال :واسمه ميمون ،وكان
:عمي يقول :اسم أبي نفيس ميمون بن يعلى ،وقال في البيات
ل يسقين عنبب وعليب أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني محمد بن يحيى عن جده غسان بن عبد الحميد قال:
:رأت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بنات طارق اللواتي يقلن
نمشي على النمارق فقالت :أخطأ من يقول :الخيل أحسن من النساء .نحن بنـات طـارق
:قال :وقالت هند بنت عتبة لمشركي قريش يوم أحد
نمشي على النمارق نحن بنـات طـارق
والمسك في المفارق الدر في المخـانـق
أو تدبروا نـفـارق إن تقبلوا نـعـانـق
فراق غير وامـق أخبرني الحرمي قال :حدثنا الزبير قال حدثني محمد بن يحيى بن عبد الملك الهديري قال :جلست ليلة وراء
:الضحاك بن عثمان الحزامي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متقنع ،فذكر الضحاك وأصحابه قول هند يوم أحد
نحن بنات طارق فقال :وما طارق? فقلت :النجم ،فالتف الضحاك فقال :أبا زكريا ،وكيف بذاك? فقلت :قال الله عز وجل:
.والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب .فقالت :إنما نحن بنات النجم ،فقال :أحسنت
:صوت
أنارا أرى من نحو يبرين أم برقا خليلي قوما في عطالة فآنظـرا
تغادر ماء ل قليل ول طـرقـا فإن يك برقا فهو في مشمخـرة
من الريح تسفيها وتصفقها صفقا ويروي :تزهاها وتعفقها عفقا وإن تك نارا فهي نار بملتـقـى
لوبة سفر أن تكون لهم وفقا العشر لسويد بن كراع ،والغناء لبن محرز خفيف لم علي أوقدتهـا طـمـاعة
.ثقيل أول بالوسطى عن يحيى المكي ،وذكر غيره أنه لبن مسحج
إلى ابن كراع ل يزال مفـزعـا تقول ابنة العوفي ليلـى أل تـرى
رقادي وغشتني بياضا تفـرعـا مخافة هذين المـيرين سـهـدت
علي فجهزت القصيد المفـرعـا على غير جرم غير أن جار ظالم
بفاقرة إن هـم أن يتـشـجـعـا وقد هابني القوام لما رمـيتـهـم
أصادي بها سربا من الوحش نزعا أبيت بأبواب القوافـي كـأنـمـا
يكون سحير أو بعيد فأهـجـعـا أكالئها حتـى أعـرس بـعـدمـا
ورعيتها صيفا جديدا أو مربـعـا فجشمني خوف ابن عثمان ردهـا
نوافذ لو تردي الصفا لتصـدعـا نهاني ابن عثمان المام وقد مضت
ول عظم لحم دون أن يتمـزعـا عوارق ما يتركن لحما بعظـمـه
فأنكر مظلوم بأن يؤخـذا مـعـا أحقا هداك الله أن جـار ظـالـم
قرونا وأعطوا نائل غير أقطعـا انتجع بقومه أرض بني تميم :أخبرني محمد بن وأنت ابن حكام أقاموا وقـومـوا
مزيد بن أبي الزهر قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن الهيثم بن عدي عن حماد الراوية قال :انتجع سويد بن كراع بقومه
أرض بني تميم ،فجاور بني قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ،فأنزله بغيض بن عامر بن شماس بن لي بن
أنف الناقة بن قريع وأرعاه ،ووصله وكساه .فلم يزل مقيما فيهم حتى أحيا ،ثم ودعهم وأتى بغيضا وهو في نادي قومه وقد
.مدحه فأنشده قوله
:قال حماد :ومن ل يعلم يروي هذه القصيدة للحطيئة لكثرة مدحه بغيضا ،وهي لسويد بن كراع
ولم يكن دانـيا مـنـا ول صـددا ارتعت للـزور إذ حـيا وأرقـنـي
حتى ترى العنس تلقي رحلها الجدا ودونه سبسب تنضى المـطـي بـه
وكاد مكتوم قلبي يصدع الـكـبـدا إذا ذكرت فاضت عبـرتـي دررا
فلبي فما ازداد من نقص ول نفـدا وذاك مني هوى قد كان أضـمـره
نحتل مربـوعة أدمـان أو بـردى وقد أرانا وحال النـاس صـالـحة
فلم نزل كالـذي كـنـا بـه أبـدا ليت الشباب وذاك العصر راجعنـا
من عرمس عاقد لم ترأم الـولـدا أيام أعلم كم أعمـلـت نـحـوكـم
سطعاء تنهض في ميتائها صعـدا تصيخ عند السرى في البيد سامـية
برمل عرنان أمسى طـاويا وحـدا كأن رحلي على حمـش قـوائمـه
وطفاء تحمل جونا مردفا نـضـدا هاجت عليه من الجـوزاء سـارية
فيحاء ينهال منها ترب ما التـبـدا فألجـأتـه إلـى أرطـأة عـانـكة
منـظـمـا بـيدي دارية فــردا تخال عطفيه من جول الـرذاذ بـه
وكشف الصبح عنه الليل فاطـردا حتى إذا ما انجلت عنـه دجـنـتـه
كأنما اجتاب في حر الضحى سنـدا وهي طويلة اختصرتها ،يقول فيها :غدا كذي التاج حـلـتـه أسـاورة
أخي بغيضا ولكن غـيره بـعـدا ل يبعد الله إذ ودعـت أرضـهـم
يحبو الخليل وما أكدى وما صلـدا ل يبعد الله من يعطي الجزيل ومن
إذا اجرهد صفا المذموم أو صلـدا ومن تلقيه بالمعروف معـتـرفـا
إن يعطيك اليوم ل يمنعك ذاك غدا لقيته مفضل تـنـدى أنـامـلـه
ول تخالط تـرنـيقـا ول زهـدا تجيء عفوا إذا جاءت عـطـيتـه
خلقا وأوسعه خيرا ومـنـتـفـدا أوله بالمفخر العلى وأعظـمـه
لقوا ولم يظلموا من دونها صعدا إذا تكـلـف أقـوام صـنـائعـه
لقـيت خـير يديه دائمـا رغـدا بحر إذا نكس القوام أو ضجـروا
ول يرى البخل منهـاة لـه أبـدا ل يحسب المدح خدعا حين تمدحـه
وحافظ غيبه إن غاب أو شـهـدا صوت :إني لرافده ودي ومـنـصـرتـي
كأني خاتل يدنو لصـيد حنتني حانيات الدهر حتى
وكتب تحت الشعر إلى أخيه أن يدفع إلى أبي طمحان مائة ناقة .ثم قال له :أقرىء هذا قومي ،فإنهم سيعطونك مائة ناقة
حمراء .فخرج تسير به ناقته ،حتى أتى حضرموت ،فتشاغل بما ورد له ونسي أمر قيسبة حتى فرغ من حوائجه .ثم سمع نسوة
من عجائز اليمن يتذاكرن قيسبة ويبكين ،فذكر أمره ،فأتى أخاه الجون بن كلثوم ،وهو أخوه لبيه وأمه ،فقال له :يا هذا ،إني
أدلك على قيسبة وقد جعل لي مائة من البل .قال له :فهي لك .فكشف عن الرحل ،فلما قرأه الجون أمر له بمائة ناقة ،ثم
أتى قيس بن معد يكرب الكندي أبا الشعث بن قيس ،فقال له :يا هذا ،إن أخي في بني عقيل أسير ،فسر معي بقومك ،فقال
له :أتسير تحت لوائي حتى أطلب ثأرك وأنجدك ،وإل فامض راشدا .فقال له الجون :مس السماء أيسر من ذلك وأهون علي
.مما خيرته .وضجت السكون ثم فاءوا ورجعوا وقالوا له :وما عليك من هذا هو ابن عمك ويطلب ذلك بثأرك فأنعم له بذلك
وسار قيس وسار الجون معه تحت لوائه ،وكندة والسكون معه ،فهو أول يوم </H6اجتماع السكون وكندة لنقاذ قيسبة <H6
اجتمعت فيه السكون وكندة لقيس ،وبه أدرك الشرف .فسار حتى أوقع بعامر بن عقيل فقتل منهم مقتلة عظيمة واسنتقذ
:قيسبة .وقال في ذلك سلمة بن صبيح الكندي
ألفي كميت كلها سلـهـبة ل تشتمونا إذ جلبنـا لـكـم
حتى ثأرنا منكم قـيسـبة نحن أبلنا الخيل في أرضكم
فصادفوا من خيلنا مشغـبة اعتراف أبي الطمحان بأدنى ذنوبه واعترضت من دونهم مذحج
حدثنا إبراهيم بن محمد بن أيوب قال حدثنا عبد الله بن مسلم قال :بلغني أن أبا الطمحان القيني قيل له ،وكان فاسقا خاربا،
ما أدنى ذنوبك? قال :ليلة الدير .قيل له :وما ليلة الدير? قال :نزلت بديرانية فأكلت عندها طفيشل بلحم خنزير ،وشربت من
.خمرها ،وزنيت بها ،وسرقت كساءها ،ثم انصرفت عنها
التجاؤه إلى بني فزارة
من جناية جناها وإقامته عندهم حتى هلك
أخبرني عمي قال حدثني محمد بن عبد الله الحزنبل عن عمرو بن أبي عمرو الشيباني عن أبيه قال :جنى أبو الطمحان القيني
جناية وطلبه السلطان ،فهرب من بلده ولجأ إلى بني فزارة فنزل على رجل منهم يقال له :مالك بن سعد أحد بني شمخ؛ فآواه
وأجاره وضرب عليه بيتا وخلطه بنفسه .فأقام مدة ،ثم تشوق يوما إلى أهله وقد شرب ثمل منه ،فقال لمالك :لول أن يدي
تقصر عن دية جنايتي لعدت إلى أهلي .فقال له :هذه إبلي فخذ دية جنايتك وأردد ما شئت .فلما أصبح ندم على ما قاله وكره
:مفارقة موضعه ولم يأمن على نفسه ،فأتى مالكا فأنشده
لقيتهـم وأتـرك كـل رذل سأمدح مالكا في كل ركـب
عظام جلة سـدس وبـزل فما أنا والبكارة أو مخـاض
كأني منكم ونسيت أهـلـي وقد عرفت كلبكم ثـيابـي
لها ما شئت من فرع وأصل قال فقال مالك :مرحبا فإنك حبيب ازداد حبا ،إنما نمت بك من بني شمخ زنـاد
اشتقت إلى أهلك وذكرت أنه يحبسك عنهم ما تطالب به من عقل أو دية ،فبذلت لك ما بذلت ،وهو لك على كل حال ،فأقم في
.الرحب والسعة .فلم يزل مقيما عندهم حتى هلك في دارهم
قال أبو عمرو في هذه الرواية :وأخبرني أيضا بمثله محمد بن جعفر النحوي صهر المبرد ،قال حدثنا ثعلب عن ابن العرابي
قال :شعره في العتذار لمرأته
من ركوبه الهوال
عاتبت أبا الطمحان القيني امرأته في غاراته ومخاطرته بنفسه ،وكان لصا خاربا خبيثا ،وأكثرت لومه على ركوب الهوال
:ومخاطرته بنفسه في مذاهبه ،فقال لها
أراجيل أحبوش وأغضف آلف لو كنت في ريمان تحرس بابه
يخب بها هاد بأمـري قـائف إذا لتتني حيث كنت منـيتـي
وأية أرض ليس فيها متالـف شعره في بجير بن أوس الطائي فمن رهبة آتي المتالف سادرا
وإطلقه من السر
:فأما البيت الذي ذكرت من شعره أن فيه لعريب صنعة وهو
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم فإنه من قصيدة له مدح بها بجير بن أوس بن حارثة بن لم الطائي ،وكان أسيرا في يده .فلما
:مدحه بهذه القصيدة أطلقه وجز ناصيته ،فمدحه بعد هذا بعدة قصائد .وأول هذه البيات
صوت
وقال ابن العرابي :قتل رجلن من بني سعد بن عجل يقال لهما وائل وسليط ابنا عبد الله ،عما لخالد بن مالك بن ربعي
النهشلي يقال له عامر بن ربعي ،وكان خالد بن مالك عند النعمان حينئذ ومعه السود بن يعفر .فالتفت النعمان يوما إلى خالد
بن مالك فقال له :أي فارسين في العرب تعرف هما أثقل على القران وأخف على متون الخيل? فقال له :أبيت اللعن أنت
أعلم .فقال :خال ابن عمك السود بن يعفر وقاتل عمك عامر بن ربعي يعني العجليين وائل وسليطا فتغير لون خالد بن مالك.
وإنما أراد النعمان أن يحثه على الطلب بثأر عمه .فوثب السود فقال :أبيت اللعن عض بهن أمه من رأى حق أخواله فوق حق
.أعمامه .ثم التفت إلى خالد بن مالك فقال :يا بن عم ،الخمر علي حرام حتى أثأر لك بعمك ،قال وعلي مثل ذلك
ونهضا يطلبان القوم ،فجمعا جمعا من بني نهشل بن دارم فأغارا بهم على كاظمة ،وأرسل رجل من بني زيد بن نهشل بن
دارم يقال له عبيد يتجسس لهم الخبر ،فرجع إليهم فقال :جوف كاظمة ملن من حجاج وتجار ،وفيهم وائل وسليط متساندان
في جيش .فركبت بنو نهشل حتى أتوهم ،فنادوا :من كان حاجا فليمض لحجه ،ومن كان تاجرا فليمض لتجارته .فلما خلص لهم
وائل وسليط في جيشهما اقتتلوا ،فقتل وائل وسليط ،قتلهما هزان بن جندل بن نهشل ،عادى بينهما .وادعى السود بن يعفر
أنه قتل وائل .ثم عاد إلى النعمان فلما رآه تبسم وقال :وفي نذرك يا أسود? قال :نعم أبيت اللعن ثم أقام عنده مدة ينادمه
.ويؤاكله
:ثم مرض مرضا شديدا ،فبعث النعمان إليه رسول يسأله عن خبره وهول ما به؛ فقال
وحان منه لبرد المـاء تـغـريد نفع قليل إذا نادى الصدى أصـل
أودى فأودى الندى والحزم والجود وودعوني فقالوا ساعة انطلـقـوا
كل امرئ بسبيل الموت مرصود ونسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو فما أبالي إذا ما مت ما صنـعـوا
الشيباني يأثره عن أبيه ،قال :ما قاله في فرس أخذها ابنه جراح
من بني الحارث بن تيم الله واستولدها أمهارا
كان أبو جعل أخو عمر بن حنظلة من البراجم قد جمع جمعا من شذاذ أسد وتميم وغيرهم ،فغزوا بني الحارث بن تيم الله بن
ثعلبة ،فنذروا بهم وقاتلوهم قتال شديدا حتى فضوا جمعهم ،فلحق رجل من بني الحارث بن تيم الله بن ثعلبة جماعة من بني
نهشل فيهم جراح بن السود بن يعفر ،والحر بن شمر بن هزان بن زهير بن جندل ،ورافع بن صهيب بن حارثة بن جندل ،وعمرو
والحارث أبنا حرير بن سلمى بن جندل ،فقال لهم الحارثي :هلم إلي طلقاء ؛ فقد أعجبني قتالكم سائر اليوم ،وأنا خير لكم من
العطش .قالوا نعم .فنزل ليجز نواصيهم .فنظر الجراح بن السود إلى فرس من خيلهم فإذا هي أجود فرس في الرض ،فوثب
فركبها وركضها ونجا عليها .فقال الحارثي للذين بقوا معه :أتعرفون هذا? قالوا :نعم نحن لك عليه خفراء .فلما أتى جراح أباه
أمره فهرب بها في بني سعد فابتطنها ثلثة أبطن ،وكان يقال لها :العصماء .فلما رجع النفر النهشليون إلى قومهم قالوا إنا
خفراء فارس العصماء ،فوالله لنأخذنها ،فأوعدوه .وقال حرير ورافع :نحن الخفيران بها .وكان بنو جرول حلفاء بني سلمى بن
:جندل على بني حارثة بن جندل ،فأعانه على ذلك التيحان بن بلج بن جرول بن نهشل .فقال السود بن يعفر يهجوه
خفيرا بني سلمى حرير ورافـع أتاني ولم أخشى الذي ابتعثـا بـه
وأهلكتهم لـو أن ذلـك نـافـع هم خيبونـي يوم كـل غـنـيمة
ول الحق معروفا لهم أنا مـانـع فل أنا معطيهم عـلـي ظـلمة
وجار أبي التيحاني ظمآن جـائع وإني لقري الضيف وصى به أبي
أمجر فلقي الغي أم أنت نـازع فقول لتيحان ابن عاقرة استـهـا
لرشدته وللمـور مـطـالـع ولو أن تيحان بن بلج أطاعـنـي
أخو الحرب ل قحم ول متجـاذع وإن يك مدلول علـي فـإنـنـي
له ذنب مـن أمـره وتـوابـع ولكن تيحان ابن عاقرة اسـتـهـا
قال :فلما رأى السود أنهم ل يقلعون عن الفرس أو يردوها ،أحلفهم عليها فحلفوا أنهم خفراء لها ،فرد الفرس عليهم وامسك
:أمهارها ،فردوا الفرس إلى صاحبها .ثم أظهر المهار بعد ذلك ،فأوعدوه فيها أن يأخذوها .فقال السود
وعيدكم إياي وسط الـمـجـالـس أحقا بني أبناء سلمى بـن جـنـدل
على رهط قعقاع ورهط ابن حابس فهل جعلتم نحـوه مـن وعـيدكـم
وهم تركوكم بين خـاز ونـاكـس رثاؤه مسروق بن المنذر النهشلي هم أوردوكم ضفة البحـر طـامـيا
وكان كثير البر به
وقال أبو عمرو :كان مسروق بن المنذر بن سلمى بن جندل بن نهشل سيدا جوادا ،وكان مؤثرا للسود بن يعفر ،كثير الرفد له
:والبر به .فمات مسروق واقتسم أهله ماله ،وبان فقده على السود بن يعفر فقال يرثيه
ل يبعد الله رب الناس مـسـروقـا أقول لما أتـانـي هـلـك سـيدنـا
ول يبيت لديه اللـحـم مـوشـوقـا من ل يشيعـه عـجـز ول بـخـل
نضخ الدماء وقد كـانـت أفـاريقـا مردي حروب إذا ما الخيل ضرجهـا
شنا هزيما يمج المـاء مـخـروقـا والطاعن الطعنة النجلء تحسـبـهـا
ترى جوانبها باللـحـم مـفـتـوقـا وجفنة كنـضـيح الـبـئر مـتـأقة
وكنت بالبأس المتروك محـقـوقـا يسـرتـهـا لـيتـامـى أو لرمـلة
أودى ابن سلمى نقي العرض مرموقا ما أجاب بنته وقد لمته على جوده يا لهف أمـي إذ أودى وفـارقـنـي
وقال أبو عمرو :عاتبت سلمى بنت السود بن يعفر أباها على إضاعته ماله فيما ينوب قومه من حمالة وما يمنحه فقراءهم
:ويعين به مستمنحهم ،فقال لها
أتهلك ما جمعت وتستفـيد وقالت ل أراك تليق شـيئا
ومرتحل إذا رحل الوفـود فقلت بحسبها يسر وعـار
فقبلك فاتني وهو الحمـيد فلومي إذا بدا لك أو أفيقي
وقيس فاتني وأخـي يزيد أبو العوراء لم أكمد علـيه
وقد يغني رباعته الوحـيد مضوا لسبيلهم وبقيت وحدي
وإن كانت بمطلبه كـؤود ويروى :فلول الشامتون أخذت حقي
وإن كانت له عندي كؤود ما قاله ابنه جراح
وكان ضئيل وضعيفا
قال أبو عمرو :وكان الجراح بن السود في صباه ضئيل وضعيفا ،فنظر إليه السود وهو يصارع صبيا من الحي( وقد صرعه
:الصبي) والصبيان يهزءون منه ،فقال
إذا كان مخشيا من الضلع المبدي سيجرح جراح وأعقل ضـيمـه
وأخوال جراح سراة بني نـهـد قال :وكانت أم الجراح أخيذة ،أخذها السود من بني فآبــاء جـــراح ذؤابة دارم
.نهد في غارة أغارها عليهم
ما قاله لما أسن وكف بصره
:وقال أبو عمرو :لما أسن السود بن يعفر كف بصره ،فكان يقاد إذا أراد مذهبا .وقال في ذلك
حسن المقادة أني أفقد البصرا قد كنت أهدي ول أهدى فعلمني
إن الجنيبة مما تجشم الـغـدرا الجناب :الرجل الذي يقوده كما تقاد الجنيبة. أمشي وأتبع جنابا لـيهـدينـي
.الجشم :المشي ببطء .والغدر :مكان ليس مستويا
شعر لخيه حطائط
وقد لمته أمه على جوده
وذكر محمد بن حبيب ،عن ابن العرابي ،عن المفضل :أن السود كان له أخ يقال له حطائط بن يعفر شاعر ،وأن ابنه الجراح
:كان شاعرا أيضا .قال :وأخوه حطائط الذي قال لمهما رهم بنت العباب ،وعاتبته على جوده فقال
حطائط لم تترك لنفسك مقعدا تقول ابنة العباب رهم حربتني
تكون علينا كابن أمك أسـودا إذا ما جمعنا صرمة بعد هجمة
أكان هزال حتف زيد وأربدا فقلت ولم أعي الجواب :تأملي
أرى ما ترين أو بخيل مخلدا أريني جوادا مات هزل لعلني
لي المال ربا تحمدي غبه غدا ذريني أكن للمال ربا ول يكن
أسود فأكفي أو أطيع المسودا ذريني فل أعيا بما حل ساحتي
يقي المال عرضي قبل أن يتبدد ذريني يكن مالي لعرضي وقاية
علي ولم أظلم لسانك مـبـردا أجارة أهلي بالقصيمة ل يكـن
صوت
أخبرني عبد الملك بن مسلمة القرشي الهشامي بأنطاكية قال أخبرني أبي عن أهلنا أن أرطاة بن سهية دخل على مروان بن
.الحكم لما اجتمع له أمر الخلفة
وفرغ من الحروب التي كان بها متشاغل .وصمد لنفاذ الجيوش إلى ابن الزبير لمحاربته ،فهنأه وكان خاصا به وبأخيه يحيى بن
:الحكم ،ثم أنشده
تجر السرج وتبلي الخدامـا تشكى قلوصي إلي الوجـى
يد ل تعد وتهدي السـلمـا تزور كريما لـه عـنـدهـا
تجيد القوافي عاما فعـامـا وقـل ثـوابـا لـه أنـهـا
قريش وسدت قريشا غلمـا وسادت معدا على رغمـهـا
فما زال غمزك حتى استقاما جعلت على المر فيه صغـا
فجردت فيهن عضبا حساما لقيت الزحوف فقاتلـتـهـا
ل ما تحتها ثم تبري العظاما تشق القوانس حـتـى تـنـا
فما زادك النزع إل تمـامـا نزعت على مهل سـابـقـا
وزاد لك الخير منه فـدامـا فكساه مروان وأمر له بثلثين ناقة وأوقرهن له برا وزبيبا فزاد لك اللـه سـلـطـانـه
.وشعيرا
هجاؤه شبيبا وقد وقع فيه عند يحيى ابن الحكم
قال :وكان أرطاة يهاجي شبيب بن البرصاء ،ولكل واحد منهما في صاحبه هجاء كثير ،وكان كل واحد منهما ينفي صاحبه عن
عشيرته في أشعاره ،فأصلح بينهما يحيى بن الحكم ،وكانت بنو مرة تألفه وتنتجعه لصهره فيهم .فلما افترقا سبعه شبيب عند
:يحيى بن الحكم؛ فقال أرطاة له
وما كل من يرمي الفؤاد يصـيب رمتك فلم تشو الـفـؤاد جـنـوب
أحاديث منهـا صـادق وكـذوب وما زودتنا غير أن خلطـت لـنـا
هجاني ابن برصاء اليدين شـبـيب أل مبلغ فتـيان قـومـي أنـنـي
تشابه منـهـا نـاشـئون وشـيب وفي آل عوف من يهـود قـبـيلة
جنـيبـا لبـائي وأنـت جـنـيب أبي كان خيرا من أبـيك ولـم يزل
برأسك عادي الـنـجـاد رسـوب وما زلت خيرا منك مذ عض كارها
بيثرب أتـياسـا لـهـن نـبـيب فما ذنبنا إن أم حـمـزة جـاورت
لير أبيهم فـي أبـيك نـصـيب إن رجـال بـين سـلـع وواقــم
كداك ولكـن الـمـريب مـريب حرص العوفيين على العمى عند <H6فلو كنت عوفيا عميت وأسهـلـت
فأخبرني عمي قال حدثنا الكراني قال حدثنا العمري عن العتبي قال :لما قال هذا الشعر أرطاة في شبيب بن </H6الكبر
البرصاء كان كل شيخ من بني عوف يتمنى أن يعمى (وكان العمى شائعا في بني عوف كما أسن منهم رجل عمي) فعمر أرطاة
ولم يعم ،فكان شبيب يعيره بذلك .ثم مات أرطاة وعمي شبيب ،فكان يقول بعد ذلك :ليت أرطاة عاش حتى يراني أعمى
.فيعلم أنني عوفي
ونسخت من كتاب ابن العرابي في شعر أرطاة </H6وقد تمنى لقاءه في يوم قتال </H6 <H6ما كان له مع شبيب <H6
قال :كان شبيب بن البرصاء يقول :وددت أني جمعني وابن المة أرطاة بن سهية يوم قتال فأشفي منه غيظي .فبلغ ذلك
:أرطأة فقال له
تنس السلح وتعرف جهة السد إن تلقني ل ترى غيري بناظـرة
من أسد خفان جابي العين ذي لبد جابي العين وجائب العين :شديد النظر ماذا تظنك تغني في أخي رصـد
أكل الرجال متى يبدأ لهـا يعـد أبي ضراغمة غبـر يعـودهـا
إن تنأآتك أو إن تبغنـي تـجـد يا أيها المتمـنـي أن يلقـينـي
صعب المقادة تخشاه فل تـعـد نقص اللبانة من مر شـرائعـه
فيها نجاة وغن أصدرك ل تـرد متى تردني ل تصدر لمصـدرة
جان بإصبعه أو بيضة الـبـلـد ل تحسبني كفقع القاع ينـقـره
إل بما شاركت أم علـى ولـد أنا ابن عقفان معروف له نسبـي
ثم استقر بل عـقـل ولقـود لقى الملوك فأثأى في دمـائهـم
حتى تبدد كالمزءودة الـشـرد من عصبة يطعنون الخيل ضاحية
ويكشفون قتام الغارة الـعـمـد ويمنعون نساء الحي إن علمـت
فما دريت أأنثى أنت أم ذكر فقال له الربيع :لقد رأيتك عريانا ومؤتـزرا
على عريجاء لما احتلت الزر فغلبه الربيع ،ولج الهجاء بينهما ،فقال الربيع بن لكن سهية تدري إذ أتـيتـكـم
:قعنب يهجو أرطأة
بأحلم كأحـلم الـجـواري وما عاشت بنو عقـفـان إل
تلمس مظلم باللـيل سـاري وما عقفان من غطـفـان إل
دعوهم بالمراجل والشـفـار إذا نحرت بنو غيظ جـزورا
وطاهي اللحم في شغل وعار فقال أرطأة يجيبه ويعيره بأن أمه من عبد القيس :طهاة اللحم حتى ينضـجـوه
فمن شاركت في أير الحمار وهذا الفسو قد شاركت فـيه
فزاري وأخـبـث ريح دار مسرف بن عقبة يطرد قومه ومعهم أرطاة وأي الناس أخبث من من هبل
لما استرفدوه بعد التهنئة والمديح بفوزه على أهل الحرة
أخبرني عبد الله بن محمد اليزيدي ،قال :حدثنا أحمد بن الحارث الخراز ،قال :حدثنا المدائني عن أبي بكر الهذلي ،قال :قدم
مسرف بن عقبة المري المدينة ،وأوقع بأهل الحرة ،فأتاه قومه من بني مرة وفيهم أرطاة فهنئوه بالظفر واسترفدوه فطردهم
ونهرهم ،وقال أرطأة بن سهية ليمدحه فتجهمه بأقبح قول وطرده .وكان في جيش مسرف رجل من أهل الشام من عذرة،
يقال له عمارة ،قد كان رأى أرطاة عند معاوية بن أبي سفيان ،وسمع شعره ،وعرف إقبال معاوية عليه ،ورفده له ،فأومأ إلى
أرطاة فأتاه ،فقال له :ل يغررك ما بدا لك من المير ،فإنه عليل ضجر ،ولو قد صح واستقامت المور لزال عما رأيت من قوله
وفعله ،وأنا بك عارف ،وقد رأيتك عند أمير المؤمنين -يعني معاوية -ولن تعدم مني ما تحب .ووصله وكساه وحمله على ناقة،
:فقال أرطأة يمدحه ويهجو مسرفا
وآثار نعلي مسرف حيث أثـرا لحا الله فودى مسرف وابن عمه
مررت بجبارين من سرو حميرا ويروي :تضيفت جبارين مررت على ربعيهما فكأنـنـي
على البعد حسن العهد منه تغيرا على أن ذا العليا عمارة لم أجـد
بنى فوق متنيها الوليدان قهقـرا أرطأة يسب من تطاولت على أمه حباني ببرديه وعنس كـأنـمـا
ويضربها فيلومه قومه
وقال أبو عمرو الشيباني :خاصمت امرأة من مرة سهية أم أرطأة بن سهية ،وكانت من غيرهم أخيذة أخذها أبوه ،فاستطالت
عليها وسبتها ،فخرج أرطاة إليها فسبها وضربها ،فجاء قومه ،ولموه ،وقالوا له مالك تدخل نفسك في خصومات النساء فقال
:لهم
عليهم وقالوا أنت غير حـلـيم يعيرني قومي المجاهل والخنـا
تجوز سبي واستحل حريمـي هل الجهل فيكم أن أعاقب بعدما
فكانت كأخرى من النساء عقيم إذا أنا لم أمنع عجوزي منـكـم
إذا ما اجتدانا الشر كل حمـيم وقد علمت أفناء مـرة أنـنـا
إذا ذم يوم الروع كـل مـلـيم وتمام البيات التي فيها الغناء ،المذكورة قبل حماة لحساب العشيرة كلـهـا
:أخبار أرطأة بن سهية ،وذكرت في قوله في قتلى من قومه قتلوا يوم بنات قين هو
على قتلى هنالك ما بقينا فل وأبيك ل تنفك نبكـي
وأنستنا رجال آخـرينـا على قتلى هنالك أوجعتنا
على إخواننا وعلى بنينـا سنبكي بالرماح إذا التقينا
يرد البيض والبدان جونا بطعن ترعد الحشاء منه
يرين وراءهم ما يبتغينـا كأن الخيل إذ آنسن كلبـا
صوت
هو جعفر بن علبة بن ربيعة ،بن عبد يغوث الشاعر أسير يوم الكلب بن معاوية بن صلءة بن المعقل بن كعب بن الحارث بن
كعب ،ويكنى أبا عارم ،وعارم ابن له قد ذكره في شعره .وهو من مخضرمي الدولتين الموية والعباسية ،شاعر مقل غزل
فارس مذكور في قومه ،وكان أبوه علبة بن ربيعة شاعرا أيضا ،وكان جعفر قتل رجل من بني عقيل :قيل :إنه قتله في شان
أمة كانا يزورانها فتغايرا عليها .وقيل :بل في غارة عليهم .وقيل :بل كان يحدث نساءهم فنهوه فلم ينته ،فرصدوه في طريقه
.إليهن فقاتلوه فقتل منهم رجل فاستعدوا عليه السلطان فأقاد منه .وأخباره في هذه الجهات كلها تذكر وتنسب إلى من رواها
أخبرني محمد بن القاسم النباري ،قال :حدثني أبي ،قال :حدثني الحسن بن عبد الرحمن الربعي ،قال حدثنا أبو مالك اليماني،
:قال :شرب جعفر بن علبة الحارثي حتى سكر فأخذه السلطان فحسبه ،فأنشأ يقول في حبسه
يكون الفتى سكران وهو حلـيم لقد زعموا أني سكرت وربـمـا
ولـكـن عـارا أن يقـال لـئيم لعمرك ما بالسكر عار على الفتى
على دون ما لقـيتـه لـكـريم قال :ثم حبس معه رجل من قومه من بني وإن فتى دامت مواثيق عـهـده
:الحارث بن كعب في ذلك الحبس ،وكان يقال له دوران ،فقال جعفر
وشد بأغلق علـينـا وأقـفـال إذا باب دوران ترنم في الـدجـى
يدور به حتى الصباح بإعـمـال وأظلم ليل قام علج بـجـلـجـل
فكيف لمظلوم بحيله مـحـتـال وحراس سوء ما ينامون حـولـه
على الذل للمأمور والعلج والوالي جعفر بن علبة وعلي بن جعدب ويصبر فيه ذو الشجاعة والنـدى
يغيران على بني عقيل
فأما ما ذكر أن السبب في أخذ جعفر وقتله في غارة أغارها على بني عقيل ،فإنني نسخت خبره في ذلك كتاب عمرو بن
الشيباني يأثره عن أبيه ،قال :خرج جعفر بن علبة وعلي بن حعدب الحارثي القناني والنضر بن مضارب المعاوي ،فأغاروا على
بن عقيل ،وإن بني عقيل خرجوا في طلبهم وافترقوا عليهم في الطريق ووضعوا عليهم الرصاد على المضايق ،فكانوا كلما
افلتوا من عصبة لقيتهم أخرى ،حتى انتهوا إلى بلد بني نهد فرجعت عنهم بنو عقيل ،وقد كانوا قتلوا فيهم ،ففي ذلك يقول
:جعفر
إذا لم أعذب أن يجيء حمامـيا أل ل أبالي بعد يوم بسـحـبـل
مراق دم ل يبرح الدهر ثـاويا تركت بأعلى سحبل ومضـيقـه
وكان سناء آخر الدهر بـاقـيا شفيت به غيظي وجرب موطني
طريقي فمالي حاجة من ورائيا أرادوا ليثنوني فقلت تجـنـبـوا
شفوا من القرعاء عمي وخاليا فدى لبني عم أجابوا لدعـوتـي
فراخ القطا لقين صقرا يمانيا كأن بني القرعاء يوم لقيتـهـم
ضجيج دباري اليب لقت مداويا تركناهم صرعى كان ضجيجهم
ليبك العقيليين من كان بـاكـيا أقول وقد أجلت من اليوم عركة
ونضح دماء منهم ومـحـابـيا المحابي :آثارهم ،حبوا من الضعف للجراح التي بهم فإن بقرى سـحـبـل لمـارة
وددت معاذا كان فيمن أتانيا أراد :وددت أن معاذا كان أتاني معهم فأقتله .ولم اترك لي ريبة غير أنني
ومن دونه عرض الفلة يحول -في نسخة ابن العرابي :وقل لبي عون إذا ما لقـيتـه
ودونه من عرض الفلة محول بالميم ،وبشم الهاء في دونه بالرفع وتخفيفها ،وهي....... إذا مـا لـقــيتـــه
-لغتهم خاصة
ثلثة أحـراس مـعـا وكـبـول تعلم وعد الشـك أنـي يشـفـنـي
يبيت لها فوق الكعـاب صـلـيل إذا رمت مشيا أو تبوأت مضجـعـا
يعود الحفا أخفـافـهـا وتـجـول ولو بك كانت ل بتعثت مـطـيتـي
وتبـرأ مـنـكـم قـالة وعـدول ونسخت أيضا خبره من كتاب للنضر بن إلى العدل حتى يصدر المر مصدرا
حديد ،فخالف هاتين الروايتين ،وقال فيه :كان جعفر بن علبة يزور نساء من عقيل بن كعب ،وكانوا متجاورين هم وبنو الحارث
بن كعب ،فأخذته عقيل ،فكشفوا دبر قميصه ،وربطوه إلى جمته ،وضربوه بالسياط ،وكتفوه ،ثم أقبلوا به وأدبروا على النسوة
اللتي كان يتحدث إليهن على تلك الحال ليغيظوهن ،ويفضحوه عندهن ،فقال لهم :يا قوم ،ل تفعلوا فإن هذا الفعل مثلة ،وأنا
أحلف لكم بما يثلج صدوركم أل أزور بيوتكم أبدا ،ول ألجها .فلم يقبلوا منه .فقال لهم :فإن لم تفعلوا ذلك فحسبكم ما قد
مضى ،ومنوا علي بالكف عني فإني أعده نعمة لكم ويدا ل أكفرها أبدا ،أو فاقتلوني وأريحوني ،فأكون رجل آذى قوما في دارهم
فقتلوه .فلم يفعلوا ،وجعلوا يكشفون عورته بين أيدي النساء ،ويضربونه ،ويغرون به سفهاءهم حتى شفوا أنفسهم منه ،ثم خلوا
سبيله .فلم تمض إل أيام قليلة حتى عاد جعفر ومعه صاحبان له ،فدفع ،راحلته حتى أولجها البيوت ،ثم مضى .فلما كان في
نقرة من الرمل أناخ هو وصاحباه ،وكانت عقيل أقفى خلق الله لثر ،فتبعوه حتى انتهوا إليه وإلى صاحبيه ،والعقيليون مغترون
ليس مع أحد منهم عصا ول سلح ،فوثب عليهم جعفر بن علبة وصاحباه بالسيوف فقتلوا منهم رجل وجرحوا آخر وافترقوا،
فاستعدت عليهم عقيل السري ابن عبدالله الهاشمي عامل المنصور على مكة ،فأحضرهم وحبسهم ،فأقاد من الجارح ،ودافع
عن جعفر بن علبة -وكان يحب أن يدرأ عنه الحد لخؤولة أبي العباس السفاح في بني الحارث ،ولن أخت جعفر كانت تحت
السري بن عبدالله ،وكانت حظية عنده -إلى أن أقاموا علية قسامة :أنه قتل صاحبهم وتوعدوه بالخروج إلى أبي جعفر والتظلم
إليه ،فحينئذ دعا بجعفر فأقاد منه ،وأفلت علي بن جعدب من السجن فهرب .قال وهو ابن أخي جعفر بن علبة .فلما أخرج
جعفر للقود قال له غلم من قومه :أسقيك شربة من ماء بارد ? فقال له :اسكت ل أم لك ،إني إذا لمهياف .وانقطع شسع
:نعله فوقف فأصلحه ،فقال له رجل :أما يشغلك عن هذا ما أنت فيه? فقال
عدوي للحوادث مستكينا قال :وكان الذي ضرب عنق جعفر بن علبة نحبة بن كليب أشد قبال نعلي أن يراني
:أخو المجنون ،وهو أحد بني عامر بن عقيل ،فقال في ذلك
وقولي له اصبر ليس ينفعك الصبر شفى النفس ما قال ابن علبة جعفر
عقاب تدلى طالبا جانب الـوكـر هوى رأسه من حيث كان كما هوى
وبسطة أيمان سواعدهـا شـعـر أبا عـارم ،فـينـا عـرام وشـدة
ولم ينجه بر عريض ول بـحـر هم ضربوا بالسيف هامة جعـفـر
إلى القبر حتى ضم أثوابه القـبـر وقال علبة يرثي ابنه جعفرا :وقدناه قود البكر قسـرا وعـنـوة
وأصحابه للموت لمـا أقـاتـل لعمرك إني يوم أسلمت جعفـرا
يهيج المنايا كل حق وبـاطـل لمتجنب حب المـنـايا وإنـمـا
مغللة أيديهم في الـسـلسـل فراح بهم قوم ول قوم عندهـم
رآه التباليون لي غـير خـاذل وقال علبة أيضا لمرأته أم جعفر قبل أن يقتل ورب أخ لي غاب لو كان شاهدا
:جعفر
علي وإن عللتني لـطـويل لعمرك إن الليل يا أم جعفـر
ورجعة أنقاض لهـن دلـيل فأجابته فقالت :أحاذر أخبارا من القوم قد دنت
فمت كمدا أو عش وأنت ذليل أبا جعفر أسلمت للقوم جعفرا
قال أبو عمرو في روايته :وذكر شداد بن إبراهيم أن بنتا ليحيى بن زياد بن عبيد الله الحارثي حضرت الموسم في ذلك العام
:لما قتل فكفنته واستجادت له الكفن ،وبكته وجميع من كان معها من جواريها ،وجعلن يندنبه بأبياته التي قالها قبل قتله
صحاري نجد والرياح الذواريا وقدمت في صدر أخباره .وفي هذه القصيدة أحقا عباد الله أن لـسـت رائيا
:يقول جعفر
وددت معاذا كان فيمن أتانيا فقال معاذ يجيبه عنها بعد قتله ،ويخاطب أباه ،ويعرض له أنه قتل ظلما لنهم أقاموا قسامة كاذبة
:عليه حين قتل ،ولم يكونوا عرفوا القاتل من الثلثة بعينه ،إل أن غيظهم على جعفر حملهم على أن ادعوا القتل عليه
أبا عارم والمسمنات الـعـوالـيا أبا جعفر سلب بنجران واحتسـب
بغير دم في القـوم إل تـمـاريا وقود قلوصا أتلف السيف ربـهـا
جرى دمع عينيها على الخد صافيا إذا ذكرته مـعـصـر حـارثـية
ول الثائر الحران ينسى التقاضـيا فل تحسبن الدين يا علب منـسـأ
ونغلي وإن كانت دماء غـوالـيا سنقتل منكم بـالـقـتـيل ثـلثة
ستلقى معاذا والقضيب اليمـانـيا ووجدت البيات القافية التي فيها الغناء في تمنيت أن تلقى معـاذا سـفـاهة
:نسخة النضر بن حديد أتم مما ذكره أبو عمرو الشيباني .وأولها
سبيل وتهتاف الحمام المـطـوق أل هل إلى فتـيان لـهـو ولـذة
جرى تحت أظلل الراك المسوق وشربة ماء مـن خـدوراء بـارد
أبارى مطاياهم ببصهباء سـيلـق وسيرى مع الفتيان كـل عـشـية
لغاما كمح البيضة المـتـرقـرق إذا كحلت عن نابها مج شـدقـهـا
تبغم مطرود من الوحش مرهـق وأصهب جوني كـأن بـغـامـه
تيابي الفيافي سملقا بعد سمـلـق وذكر بعده البيات الماضية .وهذا وهم من برى لحم دفيه وأدمى أظـلـه أج
.النضر ،لن تلك البيات مرفوعة القافية وهذه مخفوضة ،فأتيت بكل واحدة منهما منفردة ولم أخلطهما لذلك
علبة ينحر أولد النوق لتصيح مع النسوة
بكاء على جعفر
أخبرني الحسين بن يحي المرداسي عن حماد بن إسحاق عن أبيه عن أبي عبيدة قال :لما قتل جعفر بن علبة قام نساء الحي
يبكين عليه ،وقام أبوه إلى كل ناقة وشاه فنحر أولدها ،وألقاها بين أيديها وقال :ابكين معنا على جعفر فما زالت النوق ترغو
.والشاء تثغو والنساء يصحن ويبكين وهو يبكي معهن ،فما رئى يوم كان أوجع وأحرق مأتما في العرب من يومئذ
صوت
قال :فركب رجل من خثعهم يقال أمية إلى عبد الملك حتى دخل عليه فقال :يا أمير المؤمنين ،إنما أراد العجير أن يصل إليك
وهو شويعر سآل .وحربه عليه .فكتب إلى عامله بأن يشد يدي العجير إلى عنقه ثم يبعثه في الحديد .فبلغ العجير الجبر فركب
في الليل حتى أتى عبد الملك فقال له :يا أمير المؤمنين ،أنا عندك فاحتبسني وابعث من يبصر الرضين والضياع ،فإن لم يكن
.المر على ما أخبرتك فلك دمي حل وبل ،فبعث فاتخذ ذلك الماء ،فهو اليوم من خيار ضياع بني أمية
نافع الكناني يطلبه ليقيم الحد عليه
نسخت من كتاب عبيد الله بن محمد اليزيدي عن ابن حبيب عن ابن العرابي قال :هجا العجير قوما من بني حنيفة وشتمهم،
فأقاموا عليه البينة عند نافع بن علقمة الكناني ،فأمرهم بطلبه وإحضاره ليقيم عليه الحد وقال لهم :إن وجدتموه أنتم فأقيموا
عليه الحد وليكن ذلك في مل يشهدون به لئل يدعي عليكم تجاوز الحق .فهرب العجير منهم ليل حتى أتى نافع بن علقمة،
:فوقف له متنكرا حتى خرج من المسجد ،ثم تعلق بثوبه وقال
حيال يسامين الظلل ولـقـح إليك سبقنا السوط والسجن ،تحتنا
تحوم علينا السانحات وتبـرح إلى نافع ل نرتجي ما أصابنـا
وإن أك مذبوحا فكن أنت تذبح فسأله عن المطر وكيف كان أثره ،فقال له :فإن أك مجلودا فكن أنت جالدي
والله ل أكذبك العشية يا نافع يا أكرم البـريه
ثم مطرنا مطرة روية إنا لقينا سـنة قـسـيه
فنبت البقل ول رعية -يعني أن المواشي هلكت قبل نبات البقل -فقال له :آنج بنفسك فإني سأرضي خصومك ،ثم بعث إليهم
.فسألهم الصفح عن حقهم وضمن لهم أن ل يعاود هجاءهم
أخبرني الحرمي بن أبي العلء قال :حدثنا الزبير بن بكار قال :حدثني عمر بن إبراهيم السعدي عن عباس بن عبد الصمد
السعدي قال :قال هشام بن عبد الملك للعجير السلولي :أصدقت فيما قلته لبن عمك? قال نعم يا أمير المؤمنين ،إل أني
:قلت
ول رهل لباتـه وبـآدلـه هذا البيت يروى لخت يزيد بن الطثرية ترثيه به فتى قد قد السيف ل متضائل
وإن هو ولى أشعث الرأس جافله جميل إذا استقبلته مـن أمـامـه
على الحي حتى تستقل مراجلـه طويل سطي الساعـدين عـذور
عليها عداميل الهشيم وصامـلـه ترى جـارزيه يرعـدان ونـاره
على عينه لم تعد عنها مشاغلـه يجران ثنيا خيرها عظـم جـاره
بمر ومردى كل خصم يجـادلـه تركنا أبا الضياف في كل شتـوه
وأبيض هنديا طوال إل حمائلـه فقال هشام :هلك والله الرجل .مقيما سلبناه دريسـي مـفـاضة
ونسخت من كتاب ابن حبيب قال ابن العرابي :اصطحب العجير وشاعر من خزاعة إلى المدينة فقصد الخزاعي الحسن بن
الحسن بن علي عليهم السلم ،وقصد العجير رجل من بني عامر بن صعصعة كان قد نال سلطانا ،فأعطى الحسن بن الحسن
:الخزاعي وكساه ولم يعط العامري العجير شيئا ،فقال العجير
يممتها هاشمـيا غـير مـمـذوق يا ليتني يوم حزمت القلـوص لـه
فيه النبوة يجري غير مـسـبـوق محض النجار من البيت الذي جعلت
ول يلطم عند اللحم في الـسـوق فبلغت أبياته الحسن ،فبعث إليه بصلة إلى ل يمسك الخـير إل ريث يسـألـه
.محلة قومه وقال له :قد أتاك حظك وإن لم تتصد له
العجير يشرب حتى ينتشي
فيأمر بنحر حمله ويقول شعرا
أخبرني أحمد بن أحمد بن عبيد الله بن عمار قال :حدثنا محمد بن الحسن بن دينار الحوال قال :حدثني بعض الرواة أن العجير
بن عبد الله السلولي مر بقوم يشربون فسقوه فلما انتشى قال :انحروا جملي وأطعمونا منه .فنحروا وجعلوا يطعمونه
:ويسقونه ويغنونه بشعر قال يومئذ ،وهو
واسقياني علل بعد نـهـل عللني إنما الدنـيا عـلـل
وأصبحاني أبعد الله الجمـل وانشل ما اغبر من قدريكما
وأكف اللوم عنه والـعـذل أصحب الصاحب ما صاحبني
أبدا يا صاح ما كان فـعـل وإذا أتلـف شـيئا لـم أقـل
قال :فلما صحا سأل عن جمله فقيل له :نحرته البارحة .فجعل يبكي ويصيح :واغربتاه وهم يضحكون منه .ثم وهبوا له بعيرا
.فارتحله وانصرف إلى أهله
ندمه على ذلك بعد صحوه وارتحاله على بعير وهب له أخبرني علي بن سليمان الخفش قال :حدثنا محمد بن يزيد قال :حج
:العجير السلولي فنظر إلى امرأته وكان قد حج بها معه وهي تلحظ فتى من بعد وتكلمه فقال فيها
وإن لم يعاقبها العجير فعاقـب أيا رب ل تغفر لعثمة ذنبـهـا
إلى راكب من دونه ألف راكب أشارت وعقد الله بيني وبينـهـا
إذا حان حج الملمسات التوائب العجير يكل زواجه ابنته إلى خالها حرام عليك الحج ل تقـربـنـه
ثم يطلقها من المولى بعد قدومه
وقال ابن العرابي :غاب العجير غيبة إلى الشآم ،وجعل أمر ابنته إلى خالها ،وأمره أن يزوجها بكف .فخطبها مولى لبني هلل
كان ذا مال ،فرغبت أمها فيه وأمرت خال الصبية الموصى إليه بأمرها أن يزوجها ففعل .فلذت الجارية بأخيها الفرزدق بن
العجير ،وبرجال من قومها ،وبابن عم لها يقال له قيل ،فمنعوا جميعا منها سوى ابن عمها القيل فإنه ساعد أمها على ما أردت،
:ومنع منها الفرزدق .فلما قدم العجير أخبر بما جرى ففسخ النكاح وخلع ابنته من المولى وقال
وبعجان مأدوم الطعام سـمـين أل هل لبعجان الهللي زاجـر
وبالحنو آسـاد لـهـا وعـرين أليس أمير المؤمنين ابن عمهـا
ولله قد بـتـت عـلـي يمـين وعاذت بحقوى عامر وابن عامر
دم خر عنه حاجـب وجـبـين وقال أيضا في ذلك :تنالونها أو يخضب الرض منكم
عليهن مقصور الحجال المـروق إذا ما أتيت الخاضبات أكـفـهـا
رواء ولكن الشجاع الـفـرزدق فل تدعون القيل إل لـمـشـرب
تلقت بطهر لم يجيء وهو أحمق هو ابن لبيضاء الجبين نـجـبـية
أطفن بكسري بيتها حين تطلـق تداعى إليه أكرم الحـي نـسـوة
من الطير باز ينفض الطل أزرق قول العجير في رفيق فجاءت بعـريان الـيدين كـأنـه
:وقال ابن العرابي :كان للعجير رفيق يقال له أصبح ،وكانا يصيبان الطريق ،وفيه يقول العجير
وعن ساعديه ،للخـلء وواصـل ومنخرق عن منكبـيه قـمـيصـه
وطول السرى ألفيته غـير نـاكـل إذا طال بالقوم المطـافـى تـنـوفة
وفي رأسه حتى جرى في المفاصل دعوت وقد دب الكرى في عظامـه
يميل بعطفيه ،عن الـلـب ذاهـل كما دب صافي الخمر في مخ شارب
ثقيلين من نوم غلوب الـغـياطـل فلبى ليثنينـي بـثـنـيي لـسـانـه
سوى وقفة الساري مناخ لـنـازل فقلت له قم فارتحل ليس ها هـنـا
ويحسر عن عاري الذراعيين ناحـل وقال ابن العرابي :كانت للعجير امرأة فقام اهتزاز الرمح يسرو قمـيصـه
يقال لها أم خالد ،فأسرع في ماله فأتلفه وكان جوادا ،ثم جعل يدان حتى أثقل بالدين ومد يده إلى مالها ،فمنعته منه وعاتبته
:على فعله ،فقال في ذلك
على مالها أغرقت دينا فأقـصـر تقول وقد غالبـتـهـا أم خـالـد
إلى ضوء ناري من فقير ومقتـر أبي القصر من يأوي إذا الليل جنني
تشب لمقو آخر اللـيل مـقـفـر أيا موقدي ناري ارفعاها لعلـهـا
أواريك أم من جاري المتنـظـر أمن راكب أمسى بظهر تـنـوفة
وهذا المقاسي ليلة ذات منـكـر ول قدر دون الـجـار إل ذمـيمة
على الرجل إل من قميص ومئزر تكاد الصبا تبـتـزه مـن ثـيابـه
كريم ثناه شاحب المـتـحـسـر -المتحسر :ما انكشف وتجرد من جسمه -وماذا علينا أن يخالس ضـوءهـا
له القدر لم نعجب ولم نتخبر صوت فيخبر عما قليل ولو خلـت
إذا ما أتاني بين قدري ومجزري سلي الطارق المعتريا أم مالـك
وأبذل معروفي له دون منكرى أأبسط وجهي أنه أول الـقـرى
إلى جنب رحلي كل أشعث أغبـر فل قصر حتى يفرح الغيث من أوى
أخوك إذا ما ضيع العرض يشترى أقي العرض بالمال التلد وما عسى
كريم ومالي سارحا مال مـقـتـر -القنيان :ما اقتنى من المال .إنه لبذله يؤدي إلي النـيل قـنـيان مـاجـد
-القرى كأنه موسر ،وإذا سرح ماله علم أنه مقتر
تراثك من طرف وسيف وأقدر قال ابن حبيب :من الناس من يروي هذه إذا مت يوما فاحضري أم خالد
:البيات الخيرة التي أولها
.سلي الطارق المعتر يا أم مالك لعروة بن الورد ،وهي للعجير
العجير يفد على عبد الملك
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال :حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثنا علي بن الصباح عن هشام بن محمد قال :وفد
العجير السلولي -وسلول بنو مرة بن صعصعة -على عبد الملك بن مروان ،فأقام ببابه شهرا ل يصل إليه لشغل عرض لعبد
:الملك ،ثم وصل فلما مثل بين يديه أنشد
عظامي ومنها ناحل وكـسـير أل تلك أم الهبرزي تـبـينـت
فتى قبل عام الماء فهو كبـير وقالت تضاءلت الغداة ومن يكن
به أبطن أبلـينـه وظـهـور فقلت لها إن العجير تقـلـبـت
له من عماني النجوم نـظـير فمنهن إدلجي على كل كوكـب
به القوم يرجون الذين نسـور وقرعي بكفي باب ملك كأنمـا
وللموت أرحاء بـهـن تـدور ويوم تبارى ألسن القوم فـيهـم
لعدن وقد بانت بهن فـطـور لو أن الجبال الصم يسمعن وقعها
على جريه ،ذو عـلة ويسـير عطاء عبد الملك له لطول مقامه فقال له :يا عجير فرحت جوادا والجواد مثـابـر
.ما مدحت إل نفسك ،ولكنا نعطيك لطول مقامك .وأمر له بمائة من البل يعطاها من صدقات بني عامر ،فكتب له بها
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال :حدثنا محمد بن سعد الكراني قال :حدثنا العمري عن العتبي قال :نظر أبي إلى فتى من
بني العباس يسحب مطرف خز عليه وهو سكران -وكان فتى متهتكا -فحرك رأسه مليا ثم قال :لله در العجير السلولي حيث
:يقول
جديد ول خـلـقـا يرتـدى وما لبس النـاس مـن حـلة
فدعني من المطرف المستدى كمثل المـروءة لـلبـسـين
خلوقة أثـوابـه والـبـلـى فليس بغير فضـل الـكـريم
مطارف خز رقاق السـدى وليس يغير طـبـع الـلـئيم
ويكبو اللـئيم إذا مـا جـرى قوله في ابنه الفرزدق يجود الكريم على كـل حـال
أخبرني عمي قال :حدثني محمد بن القاسم بن مهروية قال :حدثني أبو القاسم اللهبي عن أبي عبيدة قال :كان العجير
:السلولي له ابن يقال له الفرزدق ،وفيه يقول العجير
من جابر في بيتها الضخم ولقد وضعتك غير متـرك
وأبوك كل عذور شـهـم واخترت أمك من نسائهـم
فلتقبلـن بـسـائغ وخـم فلئن كذبت المنح من مائة
ونجاتنا وطريق من يحمي أخبرني عمي قال :حدثنا الكراني قال :قال الحرمازي: إن الندى والفضل غايتنـا
:وقف العجير السلولي لبعض المراء ،وقد علق به غريم له من أهله فقال له
بدين ومطلوب الديون رقيق أتيتك إن الباهلي يسوقـنـي
بأجر ،ومعطى حقه ،وعتيق فأمر بقضاء دينه .ثلثتنا إن يسر اللـه :فـائر
بنت عمه تختار العامري عليه
وقال ابن العرابي :كانت للعجير عم وكان يهواها وتهواه ،فخطبها إلى أبيها فوعده وقاربه .ثم خطبها رجل من بني عامر
:موسر ،فخيرها أبوها بينه وبين العجير ،فختارت العامري ليساره ،فقال العجير في ذلك
لها بلوى ذي المرخ صيف ومربع ألما على دار لـزينـب قـد أتـى
وراعاك بالعين الفؤاد الـمـروع وقول لها قد طالما لم تكـلـمـي
إليك ،وإرسال الخليلـين ينـفـع وقول لها قال العجير وخصـنـي
لي الخون مراح من القوم أفـرغ أأنت التي استودعتك السر فانتحـى
صفحة 1434 :
ومئن بما قد كنت أسدي وأصنع إذا مت كان الناس نصفين :شامت
بعيد الموالي نيل ما كان يمنـع ومستلحم قد صكه القـوم صـكة
وبالمس حتى اقتاله فهو أصلع رددت له ما أفرط القتل بالضحى
ولكن متى ما أملك النفع أنفـع قال ابن العرابي :كان العجير يتحدث إلى امرأة ولست بموله ول بابـن عـمـه
من بني عامر يقال لها جمل فألفها وعلقها .ثم انتجع أهلها نواحي نصيبين ،فتتبعتها نفسه ،فسار إليهم فيهم مجاورا ،ثم رأوه
منازل ملزما محادثة تلك المرأة فنهوه عنها وقالوا :قد رأينا أمرك فإما أن انقطعت عنها أو ارتحلت عنا ،أو فأذن بحرب .فقال:
ما بيني وبينها ما ينكر ،وإنما كنت أتحدث إليها كما يتحدث الرجل الكريم إلى المرأة الحرة الكريمة ،فأما الريبة فحاش لله منها.
ثم عاود محادثتها ،فانتهبوا ماله وطردوه .فأتى محمد بن مروان بن الحكم وهو يومئذ يتولى الجزيرة لخيه عبد الملك بن
مروان ،فأتاه مستعديا على بني عامر وعلى الذي أخذ ماله خصوصية ،وهو رجل من بني كلب يقال له ابن الحسام ،وأنشده
:قوله
وأقفر لو كان الـفـؤاد يثـوب عفا يافع من أهله فـطـلـوب
نصيبين والراقي الدموع طبـيب وقفت بها من بعد ما حل أهلهـا
بك اليوم من ريب الزمان ندوب وقد لح معروف القتير وقد بدت
مناسم منها تشتكي وصـلـوب وسالمت روحات المطي وأحمدت
أريكة منها مسكـن فـهـروب وما القلب أم ما ذكره أم صبـية
حليل لها شاكي السلح غضوب حصان الحميا حرة حال دونـهـا
لغي مقاريف الرجال سـبـوب شموس ،دنو الفرقدين اقترابهـا،
إلى وجهها إل عـلـي رقـيب أحقا عباد الله أن لست نـاظـرا
وما أرتجي منها إلـي قـريب عدتني العدا عنها بعيد تسـاعـف
إذا ما أرادت أن تـثـيب يثـيب لقد أحسنت جمل لو أن تبيعـهـا
وحتى تكاد النفس عنك تطـيب -هذا البيت يروي لبن الدمينة ،وهو بشعره تصدين حتى يذهب اليأس بالمنى
أشبه ،ول يشاكل أيضا هذا المعنى ول هو من طريقه ،لنه تشكى في سائر الشعر قومها دونها ،وهذا بيت يصف فيه الصد منها،
-ولكن هكذا هو في رواية ابن العرابي
بخير ولكن مـعـتـفـاك جـديب وأنت المنى لو كنت تستأنفـينـنـا
ولم يقض لي وابن الحسام قـريب أيؤكل مالي وابن مـروان شـاهـد
جبال العل طلق الـيدين وهـوب فأمر محمد بن مروان بإحضار ابن فتى محض أطراف العروق مساور
الحسام الكلبي فأحضر ،فحبسه حتى رد مال العجير ،وأمر العجير بالنصراف إلى حيه وترك النزول على المرأة أو في قومها.
:قال :وقال العجير فيها أيضا
إل هبل من العيدي معـتـقـد هاتيك جمل بأرض ل يقربـهـا
لو تخمد النار من حر لما خمدوا ودونها معشر خزر عـيونـهـم
ليحجبوها وفي أخلقهم نـكـد عدوا علينا ذنوبا في زيارتـهـا
كأنه نمر في جـلـده الـربـد وحال من دونها شكس خلئقـه
أو زفرة طالما أنت بها الكبـد فليس إل عويل كلـمـا ذكـرت
شحط من الدار لأم ول صـدد وتيمتني جمل فاستـمـر بـهـا
أمن قذى هملت أم عارها رمد قالوا غداة استقلت :ما لمقلـتـه
فليتهم مثل وجدي بكرة وجـدوا فقلت ل بل غدت سلمى لطيتهـا
وكل شيء جديد هالـك نـفـد إن كان وصلك أبلى الدهر جدته
يوما كوجد عجوز درعها قـدد فقد أراني ووجدي إذ تفارقنـي
وكان واتر أعداء به ابـتـردوا تبكي على بطل حمت منـيتـه
وصلي ليقنت أني ميت كمـد وقد خل زمن لو تصرمين لـه
جمل حياء ،وما وجد كما أجـد أزمان تعجبني جمل واكتـمـه
ينهل دمعي وتحيا غـصة تـلـد فقد برئت على أنـي إذا ذكـرت
أزمان أزمان سلمى طفـلة رؤد من عهد سلمى التي هام الفؤاد بها
قد طالما كان منك الغش والحسد قد قلت للكاشح المبدي عـدواتـه
حتام أنت إذا ما ساعفت ضمـد وصية عبد الملك لمؤدب ولده أل تبين لي ل زلت تبغـضـنـي
أن يرويهم مثل قول العجير
:وقال ابن حبيب :قال عبد الملك لمؤدب ولده :إذا رويتهم شعرا فل تروهم إل مثل قول العجير السلولي
ولم تأنس إلي كلب جاري يبين الجار حين يبين عـنـي
ولم تستر بستر من جـداري وتظعن جارتي من جنب بيتي
عليها وهي واضعة الخمار وتأمن أن أطالع حـين آتـي
توارثه النجار عن النجـار كذلك هدي أبـائي قـديمـا
كما افتلي العتيق من المهار وقال ابن حبيب أيضا :نزل العجير بقوم فأكرموه فهديي هديهم وهم افتلونـي
:وأطعموه وسقوه ،فلما سكر قام إلى جمله فعقرة ،وأخرج كبده وجب سنامه ،فجعل يشوى ويأكل ويطعم ويغني
واسسقياني علل بعد نهـل عللني إنما الدنـيا عـلـل
واصبحاني أبعد الله الجمل فلما أفاق سأل عن جمله فأخبر ما صنع به ،فجعل وانشل لي اللحم من قدريكما
.يبكي ويصيح :واغربتاه وهم يضحكون منه .ثم أعطوه جمل وزودوه ،فانصرف حتى لحق بقومه
أخبرني عمي بهذا الخبر قال :حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال :حدثنا الحكم بن موسى بن الحسين بن يزيد السلولي قال:
حدثني أبي عن عمه فقال فيه :مر العجير بفتيان من قومه يشربون نبيذا لهم فشرب معهم ،وذكر باقي القصة نحوا مما ذكر
ابن حبيب ،ولم يقل فيها - :فلما أصبح جعل يبكي ويصيح :واغربتاه -ولكنه قال :فلما أصبح ساق قومه إليه ألف بعير مكان
.بعيره
سليمان ويأمر له بثلثين ألفا أخبرني عمي وحبيب بن نصر المهلبي قال :حدثنا الله بن أبي سعد قال :حدثني الحكم بن موسى
بن الحسين السلولي قال :حدثني أبي عن عمه قال :عرض العجير لسليمان بن عبد الله في الطواف ،وعلى العجير بردان
:يساويان مائة وخمسين دينارا ،فانقطع شسع نعله فأخذها بيده ،ثم هتف بسليمان فقال
إليك فكان الماء ريان معلما فوقف سليمان ثم قال :الله دره ما أفصحه ،والله ما ودليت دلوي في دلء كثيرة
رضي أن قال ريان حتى قال معلما ،والله إنه ليخيل إلي أنه العجير ،وما رأيته قط إل عند عبد الملك .فقيل له :هو العجير.
.فأرسل إليه :أن صر إلينا إذا حللنا .فصار إليه ،فأمر له بثلثين ألفا وبصدقات قومه ،فردها العجير عليهم ووهبها لهم
رثاء العجير لبن عمه
أخبرني الحرمي بن أبي العلء قال :حدثني هرون بن موسى الفروي قال :كان ابن عم للعجير السلولي إذا سمع بأضياف عند
:العجير لم يدعهم حتى يأتي بجزور كوماء ،فيطعن في لبتها عند بيته ،فيبيتون في شواء وقدير ،ثم مات قال العجير يرثيه
بمر ومردي كل خصم يجادلـه تركنا أبا الضياف في ليلة الصبا
وفي الصدر مني لوعة ما تزايله وأرعيه سمعي كلما ذكر السـى
فأنت على من مات بعدك شاغله هكذا ذكر هرون بن موسى في هذا الخبر، وكنت أعير الدمع قبلك من بكى
.والبيت الثالث من هذه البيات للشمردل بن شريك ل يشك فيه ،من قصيدة له طويلة .فيه غناء قد ذكرته في أخباره
صوت
خزيمة يشبب بفاطمة بنت يذكر بن عنزة أخبرني بخبره محمد بن خلف وكيع قال :حدثنا عبيد الله بن سعد الزبيري قال:
حدثني عمي قال حدثني أبي -أظنه عن الزهري -قال :كان بدء تفرق بني إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلم عن تهامة
ونزوعهم عنها إلى الفاق ،وخروج من خرج منهم عن نسبه ،انه كان أول من ظعن عنها وأخرج منها قضاعة بن معد .وكان
سبب خروجهم أن خزيمة بن نهد بن زيد بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة بن معد كان مشؤوما فاسدا ،متعرضا للنساء،
:فعلق فاطمة بنت يذكر بن عنزة -واسم يذكر عامر -فشبب بها وقال فيها
طننت بآل فاطمة الظنونـا إذا الجوزاء أردفت الـثـريا
هموم تخرج الشجن الدفينـا وحالت دون ذلك من همومي
جنوب الحزن يا شحطا مبينا مقتل يذكر بن عنزة أرى ابنة يذكر ظعنت ،فحلت
وإشعاله الشربين قضاعة ونزار
قال :فمكث زمانا ،ثم إن خزيمة بن نهد قال ليذكر بن عنزة :احب أن تخرج معي حتى ناتي بقرظ .فخرجا جميعا ،فلما خل
خزيمة بن نهد بيذكر بن عنزة قتلة ،فلما رجع -وليس هو معه -سأله عنه أهله ،فقال :لست أدري ،فارقني وما أدري أين سلك.
فكان في ذلك شر بين قضاعة ونزار ابني معد ،وتكلموا فيه فأكثروا ،ولم يصح على خزيمة عندهم شيء يطالبون به ،حتى قال
:خزيمة بن نهد
بفيها يعل به الزنجبيل فتاة كأن رضاب العبير
فتبخل إن بخلت أو تنيل فلما قال هذين البيتين تثاور الحيان فاقتتلوا وصاروا أحزابا، قتلت أباها على حبهـا
فكانت نزار بن معد وهي يومئذ تنتسب فتقول كنده بن جنادة بن معد .وحاء وهم يومئذ ينتمون فيقولون حاء بن عمرو بن أد بن
أدد .وكانت قضاعة تنتسب إلى معد ،وعك يومئذ تنتمي إلى عدنان فتقول :عك عدنان بن أد والشعريون ينتمون إلى الشعر بن
أدد .وكانوا يتبدون من تهامة إلى الشأم ،وكانت منازلهم بالصفاح ،وكان مر وعسفان لربيعة بن نزار ،وكانت قضاعة بين مكة
:والطائف ،وكانت كندة تسكن من الغمر إلى ذات عرق ،فهو إلى اليوم يسمى غمر كندة .وإياه يعني عمر بن أبي ربيعة بقوله
مع الصبح قصد لها الفرقد إذا سلكت غمر ذي كنـدة
وإما على إثرهم تكـمـد وكانت منازل حاء بن عمرو بن أدد ،والشعر بن أدد ،وعك بن هنالك إما تعزى الـهـوى
.عدنان بن أدد ،فيما بين جدة إلى البحر
القارظان
:قال :فيذكر بن عنزة أحد القارظين اللذين قال فيهما الهذلي
وينشر في القتلى كليب لوائل والخر من عنزة ،يقال أبو رهم ،خرج يجمع وحتى يؤوب القارظان كلهما
.القرط فلم يرجع ولم يعرف له خبر
انهزام قضاعة وقتل خزيمة بن نهد قال :فلما ظهرت نزار على أن خزيمة بن نهد قتل يذكر بن عنزة قاتلوا قضاعة أشد قتال،
فهزمت قضاعة وقتل خزيمة بن نهد وخرجت قضاعة متفرقين ،فسارت تيم اللت بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن
عمران بن الحاف بن قضاعة ،وفرقة من بني رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة ،وفرقة من الشعريين ،نحو البحرين حتى وردوا
:هجر ،وبها يومئذ قوم من النبط ،فنزلت عليهم هذه البطون فأجلتهم ،فقال في ذلك مالك بن زهير
فلم تحفل بذاك بنو نزار نزعنا من تهامة أي حي
شرينا دار آنسة بـدار فلما نزلوا هجر قالوا للزقاء بنت زهير وكانت كاهنة ما ولم أك من أنيسكم ولكن
:تقولين يا زرقاء? قالت :سعف وإهان ،وتمر وألبان ،خير من الهوان .ثم أنشأت تقول
بذمامه لكن قلـى ومـلم ودع تهامة ل وداع مخالق
لن تعدمي من ظاعنين تهام ل تنكري هجرا مقام غريبة
فقالوا لها :فما ترين يا زرقاء? فقالت :مقام وتنوخ ،ما ولد مولود وأنقفت فروخ ،إلى أن يجيء غراب أبقع ،أصمع أنزع ،عليه
خلخال ذهب ،فطار فألهب .ونعق فنعب ،يقع على النخلة السحوق ،بين الدور والطريق ،فسيروا على وتيرة ،ثم الحيرة.
فسميت تلك القبائل تنوخ لقول الزرقاء :مقام وتنوخ .ولحق بهم قوم من الزرد فصاروا إلى الن في تنوخ ،ولحق سائر
قضاعة موت ذريع ،وخرجت فرقة من بني حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة يقال لهم :بنو تزيد ،فنزلوا عبقر من أرض
الجزيرة ،فنسج نساؤهم الصوف وعملوا منه الزرابي ،فهي التي يقال لها العبقرية ،وعملوا البرود التي يقال لها التزيدية .
:وأغارت عليهم الترك ،فأصابتهم ،وسبت منهم .فذلك قول عمرو بن مالك
على ذات الخضاب مجنبينا أل لله لـيل لـم نـنـمـه
كليلتنا بمـيا فـارقـينـا بهراء تلحق بالبرك وتهزمهم وليلتنا بآمد لم نـنـمـهـا
وأقبل الحارث بن قراد البهراني ليعيث في بني حلوان ،فعرض له أباغ بن سليح صاحب العين فاقتتل ،فقتل أباغ ،ومضت بهراء
:حتى لحقوا بالترك ،فهزموهم واستنفذوا ما في أيديهم من بني تزيد .فقال الحارث بن قراد في ذلك
ثلث بتهن بشـهـرزور كأن الدهر جمع في ليال
صفوفا بالجزيرة كالسعير سليح بن عمرو ونزولها ناحية فلسطين صففنا للعاجم من معـد
وسارت سليح بن عمرو بن الحاف بن قضاعة يقودها الحدرجان بن سلمة حتى نزلوا ناحية فلسطين على بني أذينة بن
السميدع من عاملة .وسارت أسلم بن الحاف وهي عذرة ونهد وحوتكة وجهينة والحارث بن سعد ،حتى نزلوا من الحجر إلى
وادي القرى ،ونزلت تنوخ بالبحرين سنتين .ثم أقبل غراب في رجليه حلقتا ذهب وهم في مجلسهم ،فسقط على نخلة في
.الطريق ،فينعق نعقات ثم طار ،فذكروا قول الزرقاء ،فارتحلوا حتى نزلوا الحيرة
فهم أول من اختطها :منهم مالك بن زهير .واجتمع إليهم لما ابتنوا بها المنازل ناس كثير من سقاط ،فأقاموا بها زمانا ،ثم
أغار عليهم سابور الكبر ،فقاتلوه فكان شعارهم يومئذ :يا آل عباد الله فسموا العباد ،وهزمهم سابور ،فصار معظمهم ومن فيه
نهوض إلى الحضر من الجزيرة يقودهم الضيزن بن معاوية بن معاوية التنوخي ،فمضى حتى نزل الحضر وهو بناء بناه
السطرون الجرمقاني ،فأقاموا به ،وأغارت حمير على بقية قضاعة ،فخيروهم بين أن يقيموا على خراج يدفعونه إليهم أو
يخرجوا عنهم ،فخرجوا عنهم ،فخرجوا -وهم كلب ،وجرم والعلف ،وهم بنو زبان بن تغلب بن حلوان ،وهو أول من عمل
الرحال العلفية - ،وعلف لقب زبان -فلحقوا بالشام ،فأغارت عليهم بنو كنانة بن خزيمة بعد ذلك بدهر ،فقتلوا منهم مقتلة
.عظيمة ،وانهزموا فلحقوا بالسماوة ،فهي منازلهم إلى اليوم
صوت
عن المور التي في غبها وخـم إني امرؤ كفني ربي ونزهـنـي
عاش الرجال وعاشت قبلي المم الشعر للمغيرة بن حبناء ،من قصيدة مدح بها وإنما أنا إنسـان أعـيش كـمـا
.المهلب بن أبي صفرة ،والغناء لبي العبيس بن حمدون ،ثقيل أول بالبنصر ،وهو من مشهور أغانيه وجيدها
إذا ألم به من ذكـرهـا لـمـم دار التي كاد قلبي أن يحن بـهـا
هم تضيق به الحشاء والكـظـم إذا تذكرها قلـبـي تـضـيفـه
يبدي ويظهر منهم بعض ما كتموا والبين حين يروع القلـب طـائفة
عن المور التي غبـهـا وخـم إني امرؤ كفني ربيي وأكرمنـي
عاش الرجال وعاشت قبلي المم سبب قوله قصيدة الصوت وهي قصيدة وإنما أنا إنسـان أعـيش كـمـا
طويلة ،وكان سبب قوله إياها أن المهلب كان أنفذ بعض بنيه في جيش لقتال الزارقة ،وقد شدت منهم طائفة تغير على نواحي
الهواز ،وهو مقيم يومئذ بسابور ،وكان فيهم المغيرة بن حبناء ،فلما طال مقامه واستقر الجيش لحق بأهله ،فألم بهم وأقام
عندهم شهرا ،ثم عاود وقد قفل الجبش إلى المهلب فقيل له :إن الكتاب خطوا على اسمه ،وكتب إلى المهلب أنه عصى
وفارق مكتبه بغير إذن ،فمضى إلى المهلب ،فلما لقيه أنشده هذه القصيدة واعتذر إليه فعذره ،وأمر بإطلق عطائه وإزالة
:العتب عنه ،وفيها يقول يذكر قدومه إلى أهله بغير إذن
عي بما صنعوا حولي ول صمم ما عاقني عن قفول الجند إذ قفلوا
إذن المير ول الكتاب إذ رقموا ولو أردت قفول ما تجهمـنـي
والمحدجون إذا ما ابتلت الحـزم إني ليعرفني راعي سـريرهـم
إذا جفا عنهم السلطان أو كزموا والطالبون إلى السلطان حاجتهـم
لك الشواحج والنـفـاس والدم فسوف تبلغك النباء إن سلمـت
أو امتدحه فإن الناس قد علمـوا إن المهلب إن أشتـق لـرؤيتـه
أبو سعيد وإن عـدت الـنـعـم إن الكريم من القوام قد علمـوا
أبو سعيد وإن أعداؤه رغـمـوا والقائل الفاعل الميمون طـائره
ليست بغيب ول تقوالهم زعموا كم قد شهدت كراما من مواطنه
وإذ تمنى رجال أنهم هـزمـوا أيام أيام إذ عض الزمان بـهـم
والله يعلم لو زلت بـهـم قـدم وإذ يقولون :ليت الله يهلـكـهـم
لوله ما أوطنوا دارا ول انتقموا أيام سابور إذ ضاعت رباعتهـم
إل المغافر والبدان والـلـجـم إذ ليس من الدنيا نـصـول بـه
نفضي بهن إليهـم ثـم نـدعـم سبب التهاجي بينه و بين زياد العجم وعاترات من الخطي محصـدة
هكذا ذكر عمرو بن أبي عمرو الشيباني في خبر هذه القصيدة ،ونسخت من كتابه .وذكر أيضا في هذا الكتاب أن سبب التهاجي
بين زياد العجم والمغيرة بن حبناء ،أن زيادا العجم والمغيرة بن حبناء وكعبا الشقري ،اجتمعوا عند المهلب وقد مدحوه ،فأمر
لهم بجوائز وفضل زيادا عليهم ،ووهب له غلما فصيحا ينشد شعره ،لن زيادا كان ألكن ل يفصح ،فكان راويته ينشد عنه ما
يقوله ،فيتكلف له مؤونة ويجعل له سهما في صلته ،فسأل المهلب يومئذ أن يهب له غلما كان له يعرفه زياد بالفصاحة
والدب ،فوهبه له ،فنفسوا عليه ما فضل به ،فانتدب له المغيرة من بينهم ،فقال للمهلب :أصلح الله المير ،ما السبب في
تفضيل المير زيادا علينا? فوالله ما يغني غناءنا في الحرب ،ول هو بأفضلنا شعبا ،ول أصدقنا ودا ،ول أشرفنا أبا ،و أفصحنا لسانا
فقال له المهلب :أما إني والله ما جهلت شيئا مما قلت ،وإن المر فيكم عندي لمتساو ،ولكن زيادا يكرم لسنه وشعره وموضعه
من قومه ،وكلكم كذلك عندي ،وما فضلته بما ينفس به ،وأنا أعوضكم بعد وهذا بما يزيد على ما فضلته به .فانصرف ،وبلغ زيادا
:ما كان منه ،فقال يهجوه
ولؤم بني حبناء لـيس بـنـاسـل أرى كل قوم ينسل اللؤم عنـدهـم
ويلقاه مولودا بأبـدي الـقـوابـل يشب مع المولود مثـل شـبـابـه
ويخلق من ماء امرىء غير طائل ويرضعـه مـن ثـدي أم لـئيمة
وكل أناس مـجـدهـم بـالوائل تعالوا فعدوا في الزمان الذي مضى
إذا ذكر الملء عند الفضـائل لكم بفعال يعرف الناس فضلـه
وقافلكم في الناس ألم قـافـل فغازيكم في الجيش الم من غزا
كمغرورة بالبو في ظل باطـل وما أنتم من مالك غير أنـكـم
تبين ضاحي لؤمكم في الجحافل يعني برصا كان بالمغيرة بن حبناء .بنو مالك زهر الوجوه وأنـتـم
أخبرني عبيد الله بن محمد الرازي قال :حدثنا أحمد بن الحارث الخراز قال :حدثني المدائني قال :عير زياد العجم المغيرة بن
حبناء في مجلس المهلب بالبرص ،فقال له المغيرة إن عتاق الخيل ل تشينها الوضاح ،ول تعير بالغرر والحجول ،وقد قال
صاحبنا بلعاء بن قيس لرجل عيره بالبرص :إنما أنا سيف الله جله واستله على أعدائه فهل تغني يا ابن العجماء غنائي ،أو
.تقوم مقامي? ثم نشب الهجاء بينهما
:نسخت من نسخة ابن العرابي ،قال :كان المغيرة بن حبناء يوما يأكل مع المفضل بن المهلب ،فقال له المفضل
أكيل كرام أو جليس أمير فرفع المغيرة وقام مغضبا ،ثم قال له :فلم أر مثل الحنظلي ولونه
لم العتيك ول أخوالي العوق -العوق من يشكر ،وكانوا أخوال المفضل -إني امرؤ حنظلي حين تنسبني
إن اللهاميم في ألوانها بلق وبلغ المهلب ما جرى ،فتناول المفضل بلسانه ل تحسبن بياضا في منقصة
وشتمه ،وقال :أردت أن يتمضغ هذا أعراضنا ،ما حملك على أن أسمعته ما كره بعد مواكلتك إياه? أما إن كنت تعافه فاجتنبه أو
ل ئؤذه .ثم بعث إليه بعشرة آلف درهم ،واستصفحه عن المفضل ،واعتذر إليه عنه ،فقبل رفده وعذره ،وانقطع بعد ذلك عن
مواكلة أحد منهم .رجع الخبر إلى سياقته مع زياد والمغيرة فقال المغيرة يجيب زيادا :مناقضات زياد العجم والمغيرة بن حبناء
نسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو الشيباني ،قال :كانت ربيعة تقول لزياد العجم :يا زياد ،أنت لساننا فاذبب عن أعراضنا
:بشعرك ،فإن سيوفنا معك .فقال المغيرة بن حبناء فيه ،وقد بلغه هذا القول من ربيعة له
ليوقظ في الحرب الملمة نـائمـا يقولـون ذبـب يا زياد ولـم يكـن
فيمنعهم أو ماجدا أو مـراعـمـا ولو أنهم جـاءوا بـه ذا حـفـيظة
له حجج سبعون يصبـح رازمـا ولكنهم جاءوا بأقلف قـد مـضـت
إذا نال دنا لم يبال الـمـكـارمـا لئيما ذميما أعـجـمـيا لـسـانـه
إذا ذكر الناس العل والعظـائمـا وما خلت عبد القـيس إل نـفـاية
على حذر منه إذا كان طاعـمـا إذا كنت للعبدي جـارا فـل تـزل
إذا شبعوا عند الجباة الـدراهـمـا أناسا يعدون الفسـاء لـجـارهـم
ويعطون مولهم إذا كان غارمـا من الفسو يقضون الحقوق عليهـم
سمعت زفيرا فيهم وهمـاهـيمـا لهم زجل فيه إذا مـا تـجـاوبـوا
ربيعة مـن يوم ذلـك سـالـمـا لعمرك ما نجى ابن زروان إذ عوى
أسلم عرضي أو أهاب المقـاومـا أظن الخبيث ابن الخبيثـين أنـنـي
إذا جعلوا يستنصرون العاجـمـا عبد القيس تعتذر إلى المغيرة لعمرك ل تهدي ربيعة للـحـجـا
قال :فجاءت عبد القيس إلى المغيرة ،فقالوا :يا هذا ،مالنا ولك ،تعمنا بالهجاء لن نبحك منا كلب ،فقال وقلت ،قد تبرأنا إليك
:منه ،فإن هجاك فاهجه ،وخل عنا ودعنا ،وأنت وصاحبك أعلم ،فليس منا له عليك ناصر .فقال
لمحتقر في دعـوة الـود زاهـد لعمرك إني لبن زروان إذ عوى
ومالك في الرض العريضة والد ومـالـك أصـل يا زياد تـعـده
فلقيت ما لم يلق في الناس واحد ألم تر عبد القيس منـك تـبـرأت
لكيز بن أفصى منك والجند حاشد وما طاش سهمي عنك يوم تبرأت
بنفيك سكان القرى والمسـاجـد -رفع المساجد ،لنه جعل الفعل لها، ول غاب قرن الشمس حتى تحدثت
كأنه قال :وأهل المساجد ،كما قال الله عز وجل :واسأل القرية .وتحدثت المساجد ،وإنما يريد من يصلي فيها
بنـاتـك يعـلـم أنـهــن ولئد فأصبحت علجا من يزرك ومن يزر
حواليك لم تجرح بهـن الـحـدائد وأصبحن قلفا يغتـزلـن بـأجـرة
يقر عليها المقرفات الـكـواسـد نفرن من الموسى وأقررن بالتـي
جديدا ول تلقى لـهـن الـوسـائد بإصطخر لم يلبسن من طول فـاقة
ول ولدتك المحصنات المـواجـد وما أنت بالمنسوب في آل عـامـر
بينها ول جيبت علـيك الـقـلئد ول رببتك الحنـظـلـية إذ غـذت
قفاك وخديك البظـور الـعـوارد ولكن غذاك المشركون وزاحمـت
وعرضك يستبان والسيف شـاهـد ولم أر مثلـي يا زياد بـعـرضـه
إذ مت إل مات علـج مـعـاهـد ???????????????????? المغيرة وجوائز ولو أنني غشيتك السيف لـم يقـل
المهلب
ونسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو أيضا ،قال :رجع المغيرة بن حبناء إلى أهله وقد مل كفيه بجوائز المهلب وصلته
والفوائد منه ،وكان أخوه صخر بن حبناء أصغر منه ،فكان يأخذ على يده وينهاه عن المر ينكر مثله ،ول يزال يتعتب عليه في
الشيء بعد الشيء مما ينكره عليه ،فقال فيه صخر بن حبناء :صخر والمغيرة يتلحيان
لما تعتب المغيرة عليه
ونسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو ،قال :جاءت أخت المغيرة بن حبناء إليه تشكو أخاها صخرا ،وتذكر أنه أسرع في مالها
:وأتلفه ،وإنها منعته شيئا يسيرا بقي لها ،فمد يده إليها وضربها ،فقال له المغيرة معنفا
فإني قد أتاني مـن نـثـاكـا أل من مبلغ صخر بن لـيلـى
إذا لم ترع حرمته رعـاكـا رسالة ناصح لك مستـجـيب
تباع ،بمالـه يومـا فـداكـا وصول لو يراك وأنت رهـن
ويشجي في المور بما شجاكا يرى خيرا إذا ما نلـت خـيرا
ول ترينـنـي أبـدا أخـاكـا فإنك ل ترى أسمـاء أخـتـا
فإن لمهـا ولـدا سـواكـا فإن تعنف بها أول تصـلـهـا
وإن عاصيته فيها عصـاكـا يبر ويستـجـيب إذا دعـتـه
على بعض الرجال وفوق ذاكا وكنت أرى بها شرفا وفضـل
مني في معاتبـنـا جـزاكـا جزاني الله منك وقد جـزانـي
وولى اللـؤم أولنـا بـذاكـا وأعقب أصدق الخصمين قول
لكنت بمعزل عما هـنـاكـا قال :فأجابه أخوه صخر بن حبناء فقال :فل والله لو لم تعـص أمـري
تعمده فقـلـت لـه كـذاكـا أتاني عن مغـيرة ذرو قـول
فول هجاءهم رجل سـواكـا يعم به بني ليلـى جـمـيعـا
فهذا حين أخلفنـي مـنـاكـا فإن تك قد قطعت الوصل مني
وتخلفني مـنـاي إذا أراكـا تمنيني إذا ما غـبـت عـنـي
ول تعطي القارب غير ذاكا وتوليني ملمة أهـل بـيتـي
فل تصرم لظنتهـا أخـاكـا فإن تك أختنا عتبت عـلـينـا
رضاها صابرين لها بـذاكـا فإن لها إذا عتبـت عـلـينـا
فل والله ل أبغـي رضـاكـا وإن تك قد عتبت علي جهـل
فاعلن من مقالي مـا أتـاكـا فقد أعلنت قولـك إذا أتـانـي
كما أغناك عن صخر غناكـا سيغني عنك صخرا رب صخر
ويكفيني الله كما كـفـاكـا ويغنيني الذي أغنـاك عـنـي
وأرمي بالنواقر من رمـاكـا ألم ترني أجود لكم بـمـالـي
ول أعصيك إن رجل عصاكا وإني ل أقـود إلـيك حـربـا
أحامي قد علمت على حماكـا ولكـنـي وراءك شـمـري
ويعنيني العدو إذا عـنـاكـا وأدفع ألسن العداء عـنـكـم
عليك فلم تطالعـهـا بـذاكـا وقد كانـت قـريبة ذات حـق
وتبلغني القوارص من أذاكـا حبناء بن عمرو ينتقل إلى نجران رأيت الخير يقصر منك دوني
وامرأته تلومه لما ضرب ابنه ونسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو أيضا قال :كان حبناء بن عمرو وقد غضب على قومه في
بعض المر ،فانتقل إلى نجران ،وحمل معه أهله وولده ،فنظرت امرأته سلمى إلى غلم من أهل نجران يضرب ابنه المغيرة -
وهو يومئذ غلم -فقالت لحبناء :قد كنت غنيا عن هذا الذل ،وكان مقامك بالعراق في قومك أو في حي قريب من قومك أعز
:لك فقال حبناء في ذلك
غلم بنجران الغداة غـريب تقول سليمى الحنظلية لبنهـا
كما هر كلب الدار بين كليب رأت غلمة ثاروا إليه بأرضهم
وأنت عزيز بالعراق مهـيب وقال أيضا :فقالت لقد أجرى أبوك لما ترى
يليك أم الشيء الذي ل تحاوله لعمرك ما تدري أشيء تريده
سريعا وتجمعه إليه أنامـلـه زياد العجم يهجو أسرة المغيرة متى ما يشأ مستقبس الشر يلقه
أخبرني عيسى بن الحسن الوراق ،قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية ،قال :حدثني أبو الشبل النضري ،قال :كان المغيرة
بن حبناء أبرص ،وأخوه صخر أعور ،وأخوه الخر مجذوما ،وكان بأبيهم حبن ،فلقب حبناء -واسمه جبير بن عمرو -فقال زياد
:العجم يهجوهم
فدعوه من لؤمه حـبـنـاء إن حبناء كان يدعي جـبـيرا
مى ،ذو الداء ينتـج الدواء زياد يمسك عن الهجاء ولد العور منه والبرص والجذ
فيقال :إن هذه البيات كانت آخر ما تهاجيا به ،لن المغيرة قال -وقد بلغه هذا الشعر :-ما ذنبنا فيما ذكره ،هذه أدواء ابتلنا
الله عز وجل بها ،وإني لرجو أن يجمع الله هذه الدواء كلها فبلغ ذلك زيادا من قوله ،وإنه لم يهجه بعقب هذه البيات ،ول أجابه
.بشيء ،فأمسك عنه ،وتكافأ
إجادة المغيرة في تفضيل الخ على أخيه
أخبرني محمد بن الحسن بن دريد ،قال :حدثنا عبد الرحمن بن أخي الصمعي عن عمه ،وأخبرني به الحسن بن علي عن ابن
مهروية عن أبيه عن الصمعي ،قال :لم يقل أحد في تفضيل أخ على أخيه وهما لب وأم ،مثل قول المغيرة بن حبناء لخيه
:صخر
تفاضلت الطبائع والظروف أبوك أبي وأنت أخي ولكـن
ولكن ابنها طبع سـخـيف قال :وكان عبد الملك بن مروان إذا نظر إلى أخيه وأمك حين تنسب أم صـدق
.معاوية -وكان ضعيفا -يتمثل بهذين البيتين
قول الحجاج في يزيد بن المهلب
أخبرني الحسن بن علي ،قال :حدثني أحمد بن محمد بن جدان ،قال :حدثني أحمد بن محمد بن مخلد المهلبي ،قال :نظر
:الحجاج إلى يزيد بن المهلب يخطر في مشيته ،فقال :لعن الله المغيرة بن حبناء حيث يقول
وفي الدرع ضخم المنكبين شناق فالتفت إليه يزيد ،فقال إنه يقول فيها :جميل المحيا بختري إذا مـشـى
من الدين فتق حملوا فأطـاقـوا شديد القوى من أهل بيت إذا وهى
ميامين قد قادوا الجيوش وساقوا مصرع ابن حبناء وكتابته اسمه على مراجيح في اللواء إن نزلت بهم
صدره
أخبرني محمد بن مزيد ،قال :حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه ،قال :حدثني من حضر ابن حبناء لما قتل -وهو يجود بنفسه -
.فأخذ بيده من دمه -وكتب بيده على صدره :قال المغيرة بن حبناء .ثم مات
صوت
أخبرني محمد بن خلف وكيع ،قال :حدثني محمد بن الهيثم بن عدي ،قال :حدثنا عبد الله بن عباس ،قال :قال زياد العجم
:يهجو بني يشكر
فل تذكرون الله حتى تطهرا إذا يشكري من ثوبك ثـوبـه
إذا لمات اللؤم ل شك يشكرا قال :فأتت بنو يشكر سويدي بن أبي كاهل ليهجو فلو أن من لؤم تموت قبـيلة
:زيادا ،فأبى عليهم ،فقال زياد
وللؤم فيهم كاهـل وسـنـام وأنبئتهم يستصرخون ابن كاهل
عليه الخزايا غبـرة وقـتـام فإن يأتنا يرجع سويد ووجهـه
إلى يشكر ما في الجميع كرام فقال لهم سويد :هذا ما طلبتم لي وكان سويد دعي إلى ذبيان طورا ،وتـارة
:مغلبا .وأما قوله
إلى يشكـر ...............خبر أم سويد وسبب تسميته دعي إلى ذبيان طورا وتارة
فإن أم سويد بن أبي كاهل كانت امرأة من بني غبر ،وكانت قبل أبي كاهل عند رجل من بني ذبيان بن قيس بن عيلن ،فمات
عنها ،فتزوجها أبو كاهل ،وكانت فيما يقال حامل ،فاستلط أبو كاهل ابنها لما ولدته ،وسماه سويدا ،واستلحقه ،فكان إذا غضب
.على بني يشكر ادعى إلى بني ذبيان ،وإذا رضي عنهم أقام على نسبه فيهم
.وذكر علن الشعوبي ،أنه ولد في بني ذبيان ،وتزوجت أمه أبا كاهل -وهو غلم يفعة -فاستلحقه أبو كاهل وادعاه ،فلحق به
انتماء سويد إلى قيس
:ولسويد بن أبي كاهل قصيدة ينتمي فيها إلى قيس ،ويفتخر بذلك ،وهي التي أولها
وإن حضرت دار العدا فهو حاضر أبى قلبـه إل عـمـيرة إن دنـت
مرببة مـمـا تـضـمـن حـائر ويقول فيها أيضا :شموس حصان السرريا كـأنـهـا
فللزنج أدنى منكـم ويحـابـر أنا الغطفاني زين ذبيان فابعـدوا
وسعد وذبيان الهجان وعـامـر أبت لي عبـس أن أسـام دنـية
لهم في الملمات النوف الفواخر سويد يهجو بني شيبان لخذ ماله وحي كرام سادة مـن هـوازن
أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي ،قال :حدثنا أحمد بن معتب الودي عن الحرمازي ،أن سويد بن أبي كاهل جاور في بني
شيبان ،فأساءوا جواره ،وأخذوا شيئا من ماله غصبا ،فانتقل عنهم وهجاهم فأكثر ،وكان الذي ظلمه وأخذ ماله أحد بني محلم،
:فقال يهجوهم وإخوتهم بني أبي ربيعة
وأبا ربـيعة ألم القـوام حشر الله مع القرود محلما
مني مغلغلة إلى هـمـام فلهدين مع الرياح قصيدة
والنازلين بشر دار مـقـام الظاعنين على العمى قدامهم
نزح الركي وعاتم السدام وقال يهجو بني شيبان :والواردين إذا المياه تقسمت
عنيزة يوم ذو أهابـي أغـبـر لعمري لبئس الحي شيبان إن عل
مولية أستاه شيبـان تـقـطـر يعني يوم عنيزة ،وكان لبني تغلب على بني فلما التقوا بالمشرفـية ذبـذبـت
:شيبان ،وفيه يقول مهلهل
بجنب عنيزة رحيا مدير وقال أيضا :كأنا غدوة وبني أبـينـا
وأبناءه إن القضاعي أحمر يعير بني شيبان ببهراء كانت بهراء أغارت على بني فأدوا إلى بهراء فيكم بناته
:شيبان ،فأخذوا منهم نساء ،واستاقوا نعما ،ثم إنهم اشتروا منهم النساء وردوهن ،فعيرهم سويد بأنهم رددن حبالى ،فقال
وشيبان وسط القطقطانة حضر ظللن ينازعن العضاريط أزرها
فلم تفرحوه ،المرزبان المسور -يزيد :رجل من يشكر ،برز يوم ذي قار إلى فمنا يزيد إذ تحدى جموعـكـم
أسوار ،وحمل على بني شيبان ،فانكشفوا من بين يديه -فاعترضه اليشكري دونهم ،فقتله ،وعادت شيبان إلى موقفها ،ففخر
:بذلك عليهم ،فقال
حسام إذا مس الضريبة يبـتـر وأحجمتم حتى عـله بـصـارم
على كل ذي باع يقل ويكـثـر ومنا الذي أوصى بثلث تـراثـه
فزابن لنا العداء واسمع وأبصر ليالي قلتم يا ابن حلزة ارتـحـل
حباه بها ذو الباع عمرو بن منذر فأدى إليكم رهنكـم وسـط وائل
.يعني الحارث بن حلزة ،لما خطبه دون بكر بن وائل حتى ارتجع رهائنهم .وقد ذكر خبره في ذلك في موضعه
بنو شيبان تستعدي عامر بن مسعود على سويد وقيس تتعصب له قال :فاستعدت بنو شيبان عليه عامر بن مسعود الجمحي،
وكان والي الكوفة ،فدعا به ،فتوعده ،وأمره بالكف عنهم بعد أن كان قد أمر بحبسه ،فتعصبت له قيس ،وقامت بأمره حتى
:تخلصته ،فقال في ذلك
يكف لسنا فيه صاب وعلقم يكف لساني عامر وكأنـمـا
وتحبسني عنهم ول أتكـلـم أتترك أولد البغايا وغيبتـي
إذا لم أجد مستأخرا أتـقـدم ألم تعلموا أني سويد وأننـي
علي دماء البدن إن لم تندموا سويد وابن الغبري يتهاجيان حسبتم هجائي إذ بطنتم غنيمة
ثم يهربان لما طلبهما عبد الله بن عامر وعامل الصدقة يحبسها وبنو حمال يفكون ابن الغبري قال الحرمازي في خبره هذا:
وهاجى سويد بن أبى كاهل حاضر بن سلمة الغبري ،فطلبهما عبد الله بن عامر بن كريز ،فهربا من البصرة ،ثم هاجى العرج
أخا بني حمال بن يشكر ،فأخذهما صاحب الصدقة ،وذلك في أيام ولية عامر بن مسعود الجمحي الكوفة ،فحبسهما ،وأمر أن ل
يخرجا من السجن حتى يؤديا مائة من البل ،فخاف بنو حمال على صاحبهم ففكوه ،وبقي سويد ،فخذله بنو عبد سعد ،وهم
قومه ،فسأل بني غبر ،وكان قد هجاهم لما ناقض شاعرهم ،فقال :ويخذل سويدا قومه
فالغبريات على طحال من سره النيك بغير مال
شواغر يلمعن للقفال عبس وذبيان تستوهبه لمديحه لهم
وإطلقه بغير فداء
فلما سأل بني غبر ،قالوا له :يا سويد ضيعت البكار بطحال فأرسلوها مثل .أي إنك عممت جماعتنا بالهجاء في هذه الرجوزة،
فضاع منك ما قدرت أنا نفديك به من البل .فلم يزل محبوسا حتى استوهبته عبس وذبيان لمديحه لهم ،وانتمائه إليهم،
.فأطلقوه بغير فداء
صوت
سنا خلب أو زلـت الـقـدمـان أخضني المقام الغمر إن كان غرني
وكفاك من ماء الندى تـكـفـان الشعر للعتابي ،والغناء لمخارق ،ثاني ثقيل أتتركني جدب المعيشة مـقـفـرا
.بالوسطى ،وقيل :إن فيه للواثق ثاني ثقيل آخر
أخبرني الحسن بن علي قال ،حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية ،قال :حدثنا عبد الله بن سعد إبراهيم بن الحدين ،قال :وجد
الرشيد على العتابي ،فدخل سرا مع المتظلمين بغير إذن ،فمثل بين يدي الرشيد ،وقال له :يا أمير المؤمنين ،قد آذتني الناس
لك ولنفسي فيك ،وردني ابتلؤهم إلى شكرك ،وما مع تذكرك قناعة بغيرك ،ولنعم الصائن لنفسي كنت ،لو أعانني عليك الصبر.
:وفي ذلك أقول
سنا خلب أو زلـت الـقـدمـان أخضني المقام الغمر إن كان غرني
وكفاك من ماء الندى تـكـفـان أتتركني جدب المعيشة مـقـتـرا
بللت يميني بالنـدى ولـسـانـي قال :فأعجب الرشيد قوله ،وخرج عليه وتجعلني سهم المطامع بـعـد مـا
.الخلع ،وقد أمر له بجائزة ،فما رأيت العتابي قط أبسط منه يومئذ
بشار يحقد على إجادة العتابي
أخبرني الحسن بن علي ،قال :حدثني ابن مهروية ،قال :حدثنا أحمد بن خلد ،قال :حدثني أبي ،قال :جاء العتابي وهو حدث إلى
:بشار ،فأنشده
وعهدك بالصبا عهد قديم أيصدف عن أمامة أم يقيم
على عزماته السير العديم أقول لمستعار القلب عفى
شآبيب يفيض بها الهموم أما يكفيك أن دموع عيني
على أرجائه ماء سجـوم قال :فمد بشار يده إليه :ثم قال له :أنت بصير? قال :نعم. أشيم فل أرد الطـرف إل
.قال :عجبا لبصير ابن زانية ،أن يقول هذا الشعر .فخجل العتابي وقام عنه
العتابي ويحيى بن خالد
أخبرني محمد بن يونس النباري الكاتب ،قال :حدثني الحسن بن يحيى أبو الحمار عن إسحاق ،قال :كلم العتابي يحيى بن خالد
في حاجة بكلمات قليلة ،فقال له يحيى :لقد ندر كلمك اليوم وقل .فقال له :وكيف ل يقل وقد تكنفني ذل المسألة ،وحيرة
.الطلب ،وخوف الرد? فقال :والله لئن قل كلمك لقد كثرت فوائده .وقضى حاجته
سخرية العتابي من الناس
أخبرني الحسن بن علي ،قال :حدثنا ابن مهروية ،قال :حدثنا عثمان الوراق ،قال :رأيت العتابي يأكل خبزا على الطريق بباب
الشام ،فقلت له :ويحك ،أما تستحي? فقال لي :أرأيت لو كنا في دار فيها بقر ،كنت تستحي وتحتشم أن تأكل وهي تراك?
فقال :ل .قال :فاصبر حتى أعلمك انهم بقر .فقام فوعظ وقص ودعا ،حتى كثر الزحام عليه ،ثم قال لهم :روى لنا غير واحد ،أنه
من بلغ لسانه أرنبة أنفه لم يدخل النار .فما بقي واحد إل وأخرج لسانه يومئ به نحو أرنبة انفه ،ويقدره حتى يبلغها أم ل .فلما
تفرقوا ،قال لي العتابي :ألم أخبرك أنهم بقر? إعجاب يحيى البرمكي بالعتابي
أخبرني الحسن حدثنا ابن مهرويه ،قال :حدثني أبو عصام محمد بن العباس ،قال :قال يحيى بن خالد البرمكي لولده :إن
.قدرتم أن تكتبوا أنفاس كلثوم بن عمرو العتابي ،فضل عن رسائله وشعله ،فلن تروا أبدا مثله
كتاب للعتابي
أخبرني أبي ،قال :اخبرنا الحارث بن محمد عن المدائني ،وأخبرني الحسن بن علي ،قال :حدثنا الخراز عن ابن العرابي ،قال:
أنكر العتابي على صديق له شيئا ،فكتب إليه :إما إن تقر بذنبك فيكون إقرارك حجة علينا في العفو عنك ،وإل فطب نفسا
:بالنتصاف منك ،فإن الشاعر يقول
عنه فإن جحود الذنب ذنبان .يحيى بن أكثم يستأذن المأمون للعتابي أقرر بذنبك ثم اطلب تجاوزنا
أخبرنا الحسن بن علي ،أخبرنا ابن مهروية ،قال :حدثني عبد الواحد بن محمد ،قال :وقف العتابي بباب المأمون يلتمس
الوصول إليه ،فصادف يحيى بن أكثم جالسا ينتظر الذن ،فقال له :إن رأيت -أعزك الله -أن تذكر أمري لمير المؤمنين إذا
دخلت فافعل .قال له :لست أعزك الله بحاجبه .قال :فإن لم تكن حاجبا فقد يفعل مثلك ما سألت ،واعلم أن الله -عز وجل -
جعل في كل شيء زكاة ،جعل زكاة المال رفد المستعين ،وزكاة الجاه إغاثة الملهوف .واعلم أن الله عز وجل مقبل عليك
بالزيادة إن شكرت ،أو التغيير إن كفرت ،وإني لك اليوم أصلح منك لنفسك ،لني أدعوك إلى ازدياد نعمتك ،وأنت تابى .فقال له
.يحيى :أفعل وكرامة .وخرج الذن ليحيى ،فلما دخل ،لم يبدأ بشيء بعد السلم إل إذا استأذن المأمون للعتابي ،فأذن له
كلمتان للعتابى
أخبرني الحسن ،قال :حدثنا ابن مهروية ،قال :حدثني أبو الشبل ،قال :قال العتابي لرجل اعتذر إليه :إني إن لم أقبل عذرك
.لكنت ألم منك ،وقد قبلت عذرك ،فدم على لوم نفسك في جنايتك ،نزد في قبول عذرك ،والتجافي إن هفوتك
.قال :وقيل له لو تزوجت فقال :إني وجدت مكابدة العفة أيسر علي من الحتيال لمصلحة العيال
تقدير المأمون للعتابي وإكرامه لما أسن
أخبرني الحسن ،قال :حدثنا ابن مهروية ،قال :قال جعفر بن المفضل ،قال لي أبي :رأيت العتابي جالسا بين يدي المأمون وقد
أسن ،فلما أراد القيام قام المأمون فأخذ بيده ،واعتمد الشيخ على المأمون ،فما زال ينهضهه رويدا رويدا حتى أقله فنهض،
.فعجبت من ذلك ،وقلت لبعض الخدم :ما أسوأ أدب هذا الشيخ ،فمن هو? قال :العتابي
دعبل وابن مهروية يحسدانه ويحقدان عليه
أخبرني الحسن ،قال :حدثنا ابن مهروية ،قال :حدثني بن الشعث ،قال :قال دعبل :ما حسدت أحدا قط على شعر كما حسدت
:العتابي على قوله
لخي الحاجات عن طلبه هيبة الخوان قـاطـعة
مات ما أملت من سببـه قال ابن مهروية :هذا سرقه العتابي من قول علي بن أبي فإذا ما هـبـت ذا أمـل
طالب ،رضي الله عنه :الهيبة مقرونة بالخيبة ،والحياء مقرون بالحرمان ،والفرصة تمر مر السحاب حدثني محمد بن داود ،عن
.أبي الزهر ،عن عيسى بن الحسن داود الجعفري عن أخيه عن علي بن أبي طالب ،رضي الله عنه ،بذلك
عبد الله بن طاهر يجيزه ثلث مرات
وينعم عليه بخلعة سنية بعد إنشاده
:أخبرني الحسن ،قال :حدثنا ابن مهرويه عن أبي الشبل .قال :دخل العتابي على عبد الله بن طاهر ،فمثل بين يديه ،وأنشده
ه سواي منك الغداة أتى بـي حسن ظني وحسن ما عود الل
ن يقين حدا إلـيك ركـابـي قال :فأمر له بجائزة ،ثم دخل عليه من الغد، أي شيء يكون أحسن من حس
:فأنشده
ورؤيتي كافـية عـن سـؤال ودك يكفينيك فـي حـاجـتـي
وإنما كفاك لـي بـيت مـال فأمر له بجائزة ،ثم دخل في اليوم الثالث، وكيف أخشى الفقر ما عشت لي
:فأنشده
ر وثوب الثناء غض جديد بهجات الثياب يخلقها الـده
ه فالله يكسوك ما ل يبـيد فأمر له بجائزة ،وأنعم عليه بخلعة سنية .فاكسني ما يبيد أصلحك الل
العتابي وطوق ابن مالك
أخبرني الحسن بن علي ،قال :حدثنا ابن مهرويه ،قال :حدثني عبد الله بن أحمد ،قال :حدثني أبو دعامة ،قال :قال طوق بن
مالك للعتابي :أما ترى عشيرتك? -يعني بني تغلب -كيف تدل علي ،وتتمرغ وتستطيل ،وأنا أصبر عليهم? فقال العتابي :أيها
المير ،إن عشيرك من أحسن عشرتك ،وإن عمك من عمك خيره ،وإن قريبك من قرب منك نفعه ،وإن أخف الناس عندك
:أخفهم ثقل عليك ،وأنا الذي أقول
وخبرت ما وصلوا من السباب إني بلوت الناس في حالتـهـم
وإذا المودة أقرب من النساب شكوى النمري للعتابي إلى طاهر بن الحسين فإذا القرابة ل تقرب قاطـعـا
وإصلحه ما بينهما أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي ،قال حدثنا الرياشي ،قال :شكا منصور النمري العتابي إلى طاهر بن
الحسين ،فوجه طاهر إلى العتابي ،فأحضره ،وأخفى منصورا في بيت قريب منهما ،وسأل طاهر العتابي أن يصالحه ،فشكا سوء
فعله به ،فسأله أن يصفح عنه ،فقال :ل يستحق ذلك .فأمر منصورا بالخروج ،فخرج وقال للعتابي ،لم ل أستحق هذا منك?
:فأنشأ العتابي يقول
حقا ول لك في استصحابه أرب أصحبتك الفضل إذ ل أنت تعرفه
ول أعاذك مما اغتـالـك الدب لم ترتبطك على وصلي محافظة
إل إلي وإن أنكرت ينـتـسـب قال :فأصلح طاهر بينهما -وكان منصور من ما من جميل ول عرف نطقت به
تعليم العتابي تخريجه -وأمر طاهر للعتابي بثلثين ألف درهم .أخبرني عمر عن عبد الله بن أبي سعد عن الحسين بن يحيى
.الفهري عن العباس بن أبي ربيعة السلمي ،قال :شكا منصور النمري كلثوم بن عمرو العتابي إلى طاهر .ثم ذكر مثله
العتابي يفضل العلم والدب على المال
أخبرني علي بن صالح بن الهيثم النباري الكاتب ،قال :حدثني أبو هفان ،قال :كان العتابي جالسا ذات يوم ينظر في كتاب،
:فمر به بعض جيرانه ،فقال :أيش ينفع العلم والدب من ل مال له? فأنشد العتابي يقول
ذا اللب ينظر في الداب والحكم يا قاتل الله أقواما إذا ثـقـفـوا
أنافع ذا من القتـار والـعـدم قالوا وليس بهم إل نـفـاسـتـه
لحاهم الله ،من علم ومن فهـم قول العتابي في عزل طاهر بن علي وليس يدرون أن الحظ ما حرموا
أخبرني علي بن صالح وعمي ،قال :حدثنا أحمد بن طاهر ،قال :حدثنا أبو حيدرة السدي ،قال :قال العتابي في عزل طاهر بن
:علي ،وكان عدوه
متباينا فعلي وفعـلـه يا صاحبا مـتـلـونـا
ويسرني والله عـزلـه ما إن أحب له الـردى
وفعلت بي ما أنت أهله لم تعد فيما قلـت لـي
وفارغ من أنت شغلـه أخبرني أحمد بن الفرج ،قال :حدثني أحمد بن عطاء الحراني كم شاغل بك عـدويتـه
عن عبيد الله بن عمار ،قال :حدثنا عبد الله بن سعد ،قال :حدثني عبد الرحيم بن أحمد بن زيد بن الفرج ،قال :مدحه جعفرا
لما أمنه عند الرشيد
لما سعى منصور النمري بالعتابي إلى الرشيد اغتاظ علي ،فطلبه ،فستره جعفر بن يحيى عنه مدة ،وجعل يستعطفه عليه،
:حتى استل ما في نفسه ،وأمنه ،فقال يمدح جعفر يحيى
قد ضاق عني فسيح الرض من حيلي ما زلت في غمرات الموت مطرحـا
حتى اختلست حياتي من يدي أجـلـي عودة عبد الله طاهر له في مرضه ولم تزل دائبا تسعى بلـطـفـك لـي
أخبرني عمي ،قال :حدثنا عبد الله بن أبي سعد ،قال :حدثني أحمد بن خلد عن أبيه ،قال :عاد عبد الله بن طاهر وإسحق بن
إبراهيم بن مصعب ،كلثوم بن عمرو العتابي ،في علة اعتلها ،فقال الناس :هذه خطرة خطرت فبلغ ذلك العتابي ،فكتب إلى عبد
:الله بن طاهر
ونجار برك ليس بالخطـر قالوا الزيارة خطرة خطرت
تستنفد المعروف من شكري فلما بلغت أبياته عبد الله بن طاهر ضحك من قوله، أبطل مقالتـهـم بـثـانـية
.وركب هو إسحاق بن إبراهيم ،فعاداه مرة ثانية
عبد الله بن هشام التغلبي يصله
بعد العتب والكتابة إليه
أخبرني الحسين بن القاسم الكواكبي ،قال :حدثني أبو العيناء ،قال :حدثني أبو العلء المعمري ،قال :عتب عبد الله بن هشام
بن بسطام التغلبي على كلثوم بن عمرو التغلبي في شيء بلغه عنه ،فكتب إليه :صوت
عقوبات زلتي وسوء منـاقـبـي لقد سمتني الهجران حتى أذقتـنـي
على حد مصقول الغرارين قاضب فها أنا ساع في هـواك وصـابـر
رضاك مثال بين عيني وحاجبـي قال :فرضي عنه ،ووصله صلة سنية .ومنصرف عما كرهت وجـاعـل
الغناء في هذه البيات لسعيد مولى فائد ،ثاني ثقيل بالبنصر ،عن يحيى المكي ،وذكر الهشامي أنه منحول يحيى ،وذكر أحمد بن
.المكي في كتابه ،أنه لبي سعيد ،وجعله في باب الثقيل الول بالبنصر ،ولعله على مذهب إبراهيم بن المهدي ومن قال بقوله
من أخبار ربيعة في آمد أخبرني الحسين بن القاسم ،قال :حدثني محمد بن عبد الرحمن بن يونس السراج ،قال :أخبرني
الحسين بن داود الفزاري عن أبيه ،قال :كان أخوان من فزارة يخفران قرية بين آمد وسميساط ،يقال لها تل حوم ،فطال
مقامهما بها حتى أثريا ،فحسدهما قوم من ربيعة ،وقالوا :يخفران هذان الضياع في بلدنا فجمعوا لهما جمعا ،وساروا إليهما،
فقاتلوهما ،فقتل أحدهما ،وعلى الجزيرة يومئذ عبد الملك بن صالح الهاشمي ،فشكا القيسي أمره إلى وجوه قيس ،وعرفهم
قتل ربيعة أخاه ،وأخذهم ماله .فقالوا له :إذا جلس المير فادخل إليه .ففعل ذلك ،ودخل على عبد الملك ،وشكا ما لحقه ،ثم
:قال له :وحسب المير أنهم لما قتلوا أخي وأخذوا مالي قال قائل منهم
من قتيل وهالك وأسير اشربا ما شربتما إن قيسا
بخفير ول بغير خفـير ل يحوزن أمرنا مضري
فقال عبد الملك :أتندبني :إلى العصبية? وزبره ،فخرج الرجل مغموما ،فشكا ذلك إلى وجوه قيس ،فقالوا :ل ترع ،فوالله
لقد قذفتها في سويداء قلبه ،فعاوده .فعاوده في المجلس الخر ،فزبره ،وقال له قوله الول ،فقال له :إني لم آتك أندبك
للعصبية ،وإنما جئتك مستعديا ،فقال له :حدثني كيف فعل القوم? فحدثه وانشده ،فغضب فقال :كذب لعمري ،ليحوزنها .ثم
دعا بابي عصمة أحد قواده ،فقال :اخرج فجرد السيف في ربيعة ،فخرج وقتل منها مقتلة عظيمة ،فقال كلثوم بن عمرو العتابي
:قصيدته التي أولها
ودمنة كشفت عنها العاصير يقول فيها :ماذا شجاك بحوارين من طلل
وصارم من سيوف الهند مشهور هذي يمينك في قربـاك صـائلة
وعصبة دينها العدوان والـزور إن كان منا ذوو إفـك ومـارقة
حث الجياد وضمنها المضامـير فإن منا الذي ل يسـتـحـث إذا
ما بينهن وبين الله مـعـمـور يعني عبد الله بن هشام بن بسطام التغلبي، مستنبط عزمات القلب من فكـر
.وكان قد أخذ قوادهم
شعر العتابي يدفع القتل عن ربيعة فبلغت القصيدة عبد الملك ،فأمر أبا عصمة بالكف عنهم ،فلما قدم الرشيد الرافقة انشده
عبد الملك القصيدة ،فقال :لمن هذه? فقال :لرجل من بني عتاب يقال له كلثوم بن عمرو ،فقال :وما يمنعه أن يكون ببابنا.
فأمر بإشخاصه من رأس عين ،فوافى الرشيد وعليه قميص غليظ ،وفروة وخف ،وعلى كتفه ملحفة جافية بغير سراويل ،فلما
رفع الخبر بقدومه أمر الرشيد بان تفرش له حجرة ،وتقام له وظيفة ،ففعلوا ،فكانت المائدة إذا قدمت إليه أخذ منها رقاقة
.وملحا وخلط الملح بالتراب فأكله بها ،فإذا كانت وقت النوم نام على الرض والخدم يتفقدونه ،ويتعجبون من فعله
الرشيد يأمر بطرده
.وسأل الرشيد عنه ،فأخبروه بأمره ،فأمر بطرده
يحيى العقيلي يشتري له دابة
توصله إلى راس عين وقد فضح سعيدا بأفعاله فخرج حتى أتى يحيى بن سعيد العقيلي وهو في منزله ،فسلم عليه ،وانتسب
له ،فرحب به ،وقال له :ارتفع .فقال :لم آتك للجلوس ،قال :فما حاجتك? قال :دابة أبلغ عليها إلى رأس عين ،فقال :غلم أعطه
الفرس الفلني .فقال :ل حاجة لي في ذلك ،ولكن تأمر أن تشتري لي دابة أتبلغ عليها .فقال لغلمه :امض معه فابتع له ما
يريد .فمضى معه ،فعدل به العتابي إلى سوق الحمير ،فقال له :إنما أمرني أن ابتاع لك دابة .فقال له :إنه أرسلك معي ،ولم
يرسلني معك ،فإن عملت ما أريد و إل انصرف .فمضى معه فاشترى حمارا بمائة وخمسين درهما ،وقال :ادفع إليه ثمنه ،فدفع
إليه ،فركب الحمار عريا بمرشحة عليه وبرذعة ،وساقاه مكشوفتان ،فقال له يحيى بن سعيد :فضحتني ،امثلي يحمل مثلك على
.هذا? فضحك ،وقال :ما رأيت قدرك يستوجب أكثر من ذلك .ومضى إلى رأس عين
لوم زوجته له وما قال في ذلك
وكانت تحته امرأة من باهلة ،وقالت :هذا منصور النمري قد أخذ الموال فحلى نساءه ،وبنى داره ،واشترى ضياعا ،وأنت هنا
:كما ترى فأنشأ يقول
زوي الفقر عنها كل طرف وتالد تلوم على ترك الغنـى بـاهـلـية
مقلدة أعـنـاقـهـا بـالـقـلئد رأت حولها النسوان يرفلن في الثرا
من العيش أو نال يحيى بن خالـد أسرك إني نلت ما نال جـعـفـر
مغصهما بالمشرقـات الـبـوارد وإن أمير المؤمنـين أغـصـنـي
بمستودعات في بطـون السـاود رأيت رفيعات المـور مـشـوبة
ولم أتجشم هول تلـك الـمـوارد وهذا الخبر فيه اضصراب ،لن القصيدة دعيني تجئني ميتتـي مـطـمـئنة
:المذكورة التي أولها
ماذا شجاك بحوارين من طلل للعتابي في الرشيد ،ل في عبد الملك ،ولم يكن كما ذكره في أيام الرشيد متنقصا منه .وله
.أخبار معه طويلة ،وقد حدثني بخبره هذا لما استوهب رفع السيف عن ربيعة جماعة على غير هذه الرواية
عتب الرشيد على العتابي
وقطعه الهبات فيتنصل بقصيدته هذه
أخبرني عمي قال :حدثني عبد الله بن أبي سعد ،قال :حدثني مسعود بن إسماعيل العدوي عن موسى بن عبد الله التميمي
:قال
:عتب الرشيد على العتابي أيام الوليد بن طريف ،فقطع عنه أشياء كان عوده إياها ،فاتاه متنصل بهذه القصيدة
ودمنة كشفت عنها العاصـير ماذا شجاك بحوارين من طـلـل
والعين إنسانها بالماء مغـمـور شجاك حتى ضمير القلب مشترك
وفي الجفون عن الماق تقصير في ناظري انقباض عن جفونهما
تنأى بنا وبك الوطان والـدور لو كنت ترين ما شوقي إذا جعلت
من بيت نجران والغورين تغوير علمت أن سرى ليلى ومطلعـي
كما تضمنت الدهن الـقـوارير إذا الركائب مخوف نواظـرهـا
كما تنادي جلد الجلة الـخـور نادتك أرحامنا اللتي نمت بـهـا
ما بينهن وبين الله مـعـمـور مستنبط عزمات القلب من فكـر
مستنطقات بما تحوي الضمائير فت المدائح إل أن أنـفـسـنـا
ناداك في الوحي تقديس وتطهير ماذا عسى مادح يثني عليك وقـد
حث الجياد وحازتها المضامـير فإن منا الذي ل يسـتـحـث إذا
وعصبة دينها العدوان والـزور إن كـان ذوو إفـك ومــارقة
مجرب من بلء الصدق مخبور ومن عرائقه السفاح عـنـدكـم
خطاهم حيث يحتل الغشـامـير الرشيد يرضى عن العتابي ويرد أرزاقه الن قد بعدت في خطو طاعتكم
.ويصله -يعني يزيد بن مزيد ،وهشام بن عمر والتغلبي ،وهو ولد سفيح بن السفاح -قال :فرضي عنه ورد أرزاقه ووصله
صوت
وذكر البيتين الخرين اللذين ذكرهما محمد بن سلم ،وقال في خبره هذا :فكان حارثة يكسوه في كل سنة بردين ،فحبسهما
:عنه في تلك السنة ،فقال حارثة بن بدر يجيبه
أراك بأسمال الملبس كـاسـيا فإن كنت عن بردي مستغنيا لقـد
قنعت بأخلق وأمسيت عـاريا وعشت زمانا أن أعينك كسوتـي
على حاجة منها لمـك بـاديا فقال البيرد يهجو حارثة بن بدر :وبردين من حوك العراق كسوتها
ضخما يواريه جناح الجندب زعمت غدانة أن فيهـا سـيدا
لؤما ويسبعه ذراع الرنـب وقال أيضا لحارثة بن بدر :يرويه ما يروي الذباب وينتشي
تكون كفافا ل عـلـي ول لـيا أل ليت حظي من غدانة أنـهـا
وأن ل تكون الدهر إل مـوالـيا أبى الله أن يهدي عدانة للـهـدى
نعد به من أولينا الـمـسـاعـيا فلو أنني ألقى ابن بدر بمـوطـن
قروم تسامى من رياح تسـامـيا تقاصر حتـى يسـتـقـيد وبـذه
من المجد أنهاء ملء الخـوابـيا أيا فارط الحي الذي قد حشالكـم
فلست بنعمي يا ابن عقرب جازيا وعمي الذي فك السميدع عـنـوة
ونحن إذا متنـا أشـد تـغـانـيا كلنا عني عـن أخـيه حـياتـه
ذوي عدد للسائلـين مـعـاطـيا ألم ترنا إذ سقت قومـك سـائل
إذا طلعت والمترعين الجـوابـيا بني الردف حمالين كل عظـيمة
أقر ولكنا نـحـب الـعـوافـيا الردف الذي عناه ها هنا :جده عتاب بن هرمي وإنا لنعطي النصف من لو نضيمه
بن رياح ،كان ردف بن المنذر ،إذا ركب ركب وراءه ،وإذا جلس جلس عن يمينه ،وإذا غزا كان له المرباع ،وإذا شرب الملك
.سقي بكأسه بعده ،وكان بعده ابنه قيس بن عتاب يردف النعمان .وهو جد البيرد أيضا
البيرد وسعد العجلي
أخبرني هاشم بن محمد قال :حدثنا أبو غسان عن أبي عبيدة قال :كانت بنو عجل قد جاورت بني رياح بن يربوع في سنة
أصابت عجل ،فكان البيرد يعاشر رجل منهم ،يقال له سعد ،ويجالسه ،وكان قصده امرأة سعد هذا ،فمالت إليه فومقته ،وكان
البيرد شابا جميل ظريفا طريرا ،وكان سعد شيخا هما ،فذهب بها كل مذهب حتى ظهر أمرهما وتحدث بهما ،واتهم البيرد بها،
فشكاه إلى قومه واستعذرهم منه ،فقالوا له :مالك تتحدث إلى امرأة الرجل? فقال :وما بأس بذلك وهل خل عربي منه?
قالوا :قد قيل فيكما ما ل قرار عليه ،فاجتنب محادثتها ،وإياك أن تعاودها .فقال البيرد :إن سعدا ل خير فيه لزوجته .قالوا:
وكيف ذلك? قال :لني رأيته يأتي فرسه البلقاء ،ول فضل فيه لمرأته ،فهي تبغضه لفعله ،وهو يتهمها لعجزه عنها .فضحكوا من
:قوله ،وقالوا له :وما عليك من ذلك? دع الرجل وامرأته ول تعاودها ول تجلس إليها .فقال البيرد في ذلك
وودع ما يلحى علـيه عـواذلـه ألم تر أن ابن المعذر قد صـحـا
وما لوم عذال عليه خـلخـلـه غدا ذو خلخيل علي يلـومـنـي
فإني امرؤ ل تزدهيني صلصله فدع عنك هذا الحلي إن كنت لئمي
بمطرد الرواح ناء منـاهـلـه إذا خطرت عنـس بـه شـدنـية
ترحل عنهم وهو عف منـازلـه تبـين أقـوام سـفـاهة رأيهــم
لئاما مساعيه كثيرا هـتـامـلـه لهم مجلس كالردن يجمع مجلسـا
فل هو معطيني ول أنا سـائلـه تبرأت من سعـد وخـلة بـينـنـا
تلقح من ذات الربـاط حـوائلـه متى تنتج البلقاء يا سعد أم مـتـى
ويا سعد إن المرء تزني حلئلـه يحدث سعـد أن زوجـتـه زنـت
فتى كحسام أخلصته صـياقـلـه فإن تسم عيناها إلـي فـقـد رأت
ول رهل لبـاتـه و أبـاجـلـه -وهذا البيت الخير يروي للعجير السلوكي ،ولخت فتى قد قد السيف ل مـتـضـائل
:يزيد بن الطثرية -فاعترضه سلمان العجلي فهجاه وهجا بني رياح فقال
على مكفهر من ثنايا المخارم البيرد وابن عمه الحوص كأن دماء القوم إذ علقت بـه
يحرضان رجل على سحيم بن وثيل الرياحي
أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال :حدثنا عبد الرحمن ابن أخي الصمعي ،قال :حدثنا عمي قال :أتى رجل البيرد الرياحي
وابن عمه الخوص ،وهما من رهط ردف الملك من بني رياح ،يطلب منهما قطرانا لبله فقال له :إن أنت بلغت سحيم بن وثيل
:الرياحي هذا الشعر أعطيناك قطرانا .فقال :قول .فقال اذهب فقل له
لذو شق على الحطم الحرون قال :فلم أتاه وأنشد الشعر أخذ عصاه ،وانحدر في فإن بداهتي وجراء حـولـي
:الوادي ،وجعل يقبل فيه ويدبر ،ويهمهم بالشعر .ثم قال :اذهب فقل لهما
لذو شق على الضرع الظنون فإن عللتي وجراء حـولـي
كنصل السيف وضاح الجبين أنا ابن الغر من سلفـي رياح
متى أضع العمامة تعرفوني أنا ابن جل وطلع الـثـنـايا
مكان الليث من وسط العرين وإن مكاننـا مـن حـمـيري
شديد مدها عنـق الـقـرين قال الصمعي :إذا مسست شيئا خشنا فدخل في يدك وإن قناتنا مشط شـطـاهـا
قيل :مشظت يدي والشظا :ما تشظى منها
غداة الغب إل فـي قـرين وإني ل يعود إلـي قـرنـي
ول تؤتى فريستـه لـحـين بذي لبد يصد الركب عـنـه
فما بالي وبال ابني لـبـون غدرت البزل إذ هي صاولتني
وقد جاوزت رأس الربعين وماذا تبتغي الشعراء مـنـي
ونجذني مداورة الـشـؤون أخو الخمسين مجتمع أشـدي
لذو سند إلى نـضـد أمـين قال :فأتياه فاعتذرا إليه ،فقال :إن أحدكم ل يرى أن سأحيا ما حييت وإن ظهـري
يصنع شيئا حتى يقيس شعره بشعرنا ،وحسبه بحسبنا ،ويستطيف بنا استطافة الرن .فقال له :فهل إلى النزع من سبيل .
.فقال :إننا لم تبلغ أنسابنا
.قال اليزيدي :أبيات سحيم هذه من اختيارات الصمعي
قصيدة الصوت
:والقصيدة التي رثى بها البيرد أخاه بريدا وفي أولها الغناء المذكور ،من جيد الشعر ،ومختار المراثي ،المختار منها قوله
كأن فراشي حال من دونه الـجـمـر تطاول ليلـي لـم أنـمـه تـقـلـبـا
لدن غاب قرن الشمس حتى بدا الفجـر أراقب من ليل الـتـمـام نـجـومـه
ونـائلـه يا حـبـذا ذلـك الـذكــر تذكرت قرما بـان مـنـا بـنـصـره
فقد عذرتنا في صحابـتـنـا الـعـذر فإن تـكـن اليام فـرقـن بـينـنــا
أل ل بل الموت التفـرق والـهـجـر وكنت أرى هجـرا فـراقـك سـاعة
بريدا طوال الدهر مـا لل الـعـفـر أحقا عـبـاد الـلـه أن لـسـت لقـيا
فإن قل مال لم يؤد متـنـه الـفـقـر فتى إن هو استغنى تخرق في الغـنـى
على العسر حتى أدرك العسر اليسـر وسامى جسيمات المـور فـنـالـهـا
إذا ضل رأي القوم أو حـزب المـر ترى القوم في العزاء ينـتـظـرونـه
وكنت أنا الميت الذي غـيب الـقـبـر فليتك كنت الحي في الـنـاس بـاقـيا
إذا السنة الشهباء قل بهـا الـقـطـر فتى يشتري حسن الـثـنـاء بـمـالـه
ولم يأتنا يوما بـأخـبـاره الـسـفـر كأن لم يصاحـبـنـا بـريد بـغـبـطة
لنا ابن عزيز بعد ما قصر الـعـصـر لعمري لنعم المـرء عـالـي نـعـيه
ولم تثنه الطباع دونـي ول الـجـدر تمضت به الخبار حتى تغـلـغـلـت
بي الرض فرط الحزن وانقطع الظهر ولما نعى الناعـي بـريدا تـغـولـت
أخو سكرة طارت بهامتـه الـخـمـر عساكر تغشى النفس حتـى كـأنـنـي
وبثي وأحزانا تضمـنـهـا الـصـدر إلى الله أشكو في بـريد مـصـيبـتـي
من الجر لي فيه وإن سرنـي الجـر وقد كنت أستعفـي إلـهـي إذا شـكـا
وسمعي عما كنـت أسـمـعـه وقـر وما زال في عينـي بـعـد غـشـاوة
وكان منصور شاعرا من شعراء الدولة العباسية من أهل الجزيرة ،وهو تلميذ كلثوم بن عمرو العتابي وروايته ،وعنه أخذ ،ومن
بحره استقى ،وبمذهبه تشبه ،والعتابي وصفه للفضل بن يحيى بن خالد وقرضه عنده حتى استقدمه من الجزيرة واستصحبه ،ثم
وصله بالرشيد .وجرت بعد ذلك بينه وبين العتابي وحشة حتى تهاجرا وتناقضا ،وسعى كل واحد منهما على هلك صاحبه ،وأخبار
ذلك تذكر في مواضعها من أخبارهما -إن شاء الله تعالى -وكان النمري قد مدح الفضل بقصيدة وهو مقيم بالجزيرة ،فأوصلها
العتابي إليه ،وأسترفده له ،وسأله استصحابه ،فأذن له في القدوم ،فحظي عنده ،وعرف مذهب الرشيد في الشعر ،وإرادته أن
يصل مدحه إياه بنفي المامة عن ولد علي بن أبي طالب -عليهم السلم -والطعن عليهم ،وعلم مغزاه في ذلك مما كان يبلغه
من تقديم مروان بن أبي حفصة ،وتفضيله أياه على الشعراء في الجوائز .فسلك مذهب مروان في ذلك ،ونحا نحوه ،ولم يصرح
بالهجاء والسب كما كان يفعل مروان ،ولكنه حام ولم يقع ،وأومأ ولم يحقق ،لنه كان يتشيع ،وكان مروان شديد العداوة لل
.أبي طالب ،وكان ينطق عن نية قوية يقصد بها طلب الدنيا فل يبقي ول يذر
سؤاله أن يذكر عند الرشيد
أخبرني محمد بن جعفر النحوي صهر المبرد قال :حدثنا محمد بن موسى بن حماد قال :حدثني عبد الله بن أبي سعد الكراني،
وأخبرني به عمي قال :حدثنا عبد الله بن سعد حديث محمد بن جعفر النحوي أنه قال :حدثني محمد بن عبد الله بن آدم بن
جشم العبدي قال :حدثنا ثابت بن الحارث الجشمي قال :كان منصور النمري مصافيا للبرامكة ،وكان مسكنه بالشأم ،فكتب
يسألهم أن يذكروه للرشيد ،فذكروه ووصفوه ،فأحب أن يسمع كلمه ،فأمرهم بإقدامه ،فقدم ونزل عليهم ،فأخبروا الرشيد
بموضعه وأمرهم بإحضاره ،وصادف دخوله إليه يوم نوبة مروان ،على ما سمعه من بيانه ،وكان مروان يقول قبل قدومه :هذا
شامي وأنا حجازي ،افتراه يكون أشعر مني ،ودخله من ذلك ما يدخل مثله من الغم والحسد ،واستنشد الرشيد منصورا،
:فأنشده
غمار الهول من بلد شـطـير أمير المؤمنين إليك خـضـنـا
تلين على السرى وعلى الهجير بخوص كالهـلة خـافـقـات
ومثل الصخر والدر النـثـير حملن إليك أحـمـال ثـقـال
وغايته وصار إلى المـصـير فقد وقف المديح بمـنـتـهـاه
إذا ذكر الندى كف المـشـير فقال مروان :وددت والله أنه أخذ جائزتي وسكت .إلى من ل يشـير إلـى سـواه
:وذكر في القصيدة يحيى بن عبد الله بن حسن فقال
ومن ليس بالمن الصـغـير يذلل من رقاب بني عـلـي
وكان من الحتوف على شفير مروان ينشد الرشيد قال مروان :فما برحت مننت على ابن عبد الله يحيى
حتى أمرني هارون أمير المؤمنين أن أنشده ،وكان يتبسم في وقت ما كان ينشده النمري ،ويأخذ على بطنه ،وينظر إلى ما
:قال ،فأنشدته
في كتب الخبار يوجدان موسى وهارون هما الذان
قدا عنانين على عـنـان من ولد المهدي مـهـديان
وشد أزري ما به حبانـي قد أطلق المهدي لي لساني
عيدية شاحطة الثـمـان من اللجين ومن العقـيان
إذا لقيل اشتبه النـهـران النمري ل يحتفل بقول مروان قال :فوالله ما عاج النمري لو خايلت دجلة باللـبـان
:بذلك ول احتفل به ،فأومأ إلى هارون أن زده؛ فأنشدته قصيدتي التي أقول فيها
حطم المناكب كل يوم زحام خلوا الطريق لمعشر عاداتهم
ودعوا وراثة كل أصيد حام ارضوا بما قسم الله لكم به
لبني البنات وراثة العمـام قال :فوالله ما عاج بشيء منها ،وخرجت الجائزتان، أني يكون وليس ذاك بكـائن
.فأعطى مروان مائة ألف ،وأعطى النمري سبعين ألفا ،وقال :أنت مزيد في ولد علي
:قال :ولقد تخلص النمري إلى شيء ليس عليه فيه شيء ،وهو قوله
وإل فالندامة للـكـفـور فإن شكروا فقد أنعمت فيهم
وردوا ما يناسب للذكـور وإن قالوا بنو بنت فـحـق
:قال :فكان مروان يتأسف على هذا المعنى أن يكون قد سبقه إليه ،وإلى قوله
مع العمام في ورق الزبور أخبرني بهذا الخبر محمد بن عمران الصيرفي ،قال: وما لبني بنات مـن تـراث
حدثني الغنوي عن محمد بن محمد بن عبد الله بن آدم عن أبي معشر العبدي ،فذكر القصة قريبا مما ذكره محمد بن جعفر
.النحوي يزيد وينقص ،والمعنى متقارب
غضب هارون أن يشبه بالرسول أخبرني عمي قال :حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال :حدثني محمد بن عبد الله بن طهمان
السلمي قال :حدثني أحمد بن سيار الشيباني الشاعر قال :كان هارون أمير المؤمنين يحتمل أن يمدح بما تمدح به النبياء فل
:ينكر ذلك ول يرده ،حتى دخل عليه نفر من الشعراء فيهم رجل من ولد زهير بن أبي سلمى ،فأفرط في مدحه حتى قال فيه
فكأنه بعد الرسول رسول فغضب هارون ولم ينتفع به أحد يومئذ ،وحرم ذلك الشاعر فلم يعطه شيئا ،وأنشد منصور النمري
قصيدة مدحه بها وهجا آل علي وثلبهم ،فضجر هارون وقال له :يا ابن اللخناء ،أتظن أنك تتقرب إلي بهجاء قوم أبوهم أبي،
ونسبهم نسبي ،وأصلهم وفرعهم أصلي وفرعي? فقال :وما شهدنا إل بما علمنا .فازداد غضبه ،وأمر مسرورا فوجأ في عنقه
:وأخرج ،ثم وصل إليه يوما آخر بعد ذلك فأنشده
عليكم بالسداد مـن المـور بني حسن ورهط بني حسين
غداة الروع بالبيض الذكور فقد ذقتم قراع بنـي أبـيكـم
وضموكم إلى كنـف وثـير أحين شفوكمو من كل وتـر
سقيتم من نوالهم الـغـزيز وجادوكم على ظمـإ شـديد
بفعلهـم وآدى لـلـثـؤور فما كان العقوق لهم جـزاء
وإن ظلموا لمحزون الضمير فقال له :صدقت ،وإل فعلي وعلي ،وأمر له بثلثين وإنك حين تبـلـغـهـم أذاة
.ألف درهم
مروان ينشد الرشيد أخبرني الحسن بن علي قال :حدثنا يزيد بن محمد المهلبي قال :حدثني عبد الصمد بن المعذل قال :دخل
:مروان بن أبي حفصة وسلم الخاسر ،ومنصور النمري على الرشيد ،فأنشده مروان قصيدته التي يقول فيها
لبني البنات وراثة العمام وأنشده سلم فقال :أنى يكون وليس ذاك بكائن
:حضر الرحيل وشدت الحداج وأنشده النميري قصيدته التي يقول فيها
أحلك منها حيث تجتـمـع الرشيد يميز شاعره الخاص عن سائر الشعراء فأمر إن المكارم والمعروف أودية
لكل واحد منهم بمائة ألف درهم ،فقال له يحيى بن خالد :يا أمير المؤمنين ،مروان شاعرك خاصة قد ألحقتهم به .قال :فليزد
.مروان عشرة آلف
أخبرني عمي قال :أخبرنا ابن أبي سعد قال :حدثني علي بن الحسن الشيباني قال</H6 :إعجاب الرشيد بشعر منصور <H6
:أخبرني أبو حاتم الطائي ،عن يحيى بن ضبيئة الطائي ،عن الفضل قال :حضرت الرشيد وقد دخل منصور النمري عليه فأنشده
إذا ذكرت شبابا ليس يرتجـع ما تنقضي حسرة مني ول جزع
صروف دهر وأيام لها خـدع بان الشباب وفاتتنـي بـلـذتـه
حتى انقضى فإذا الدنيا له تبـع قال :فتحرك الرشيد لذلك ثم قال :أحسن ما كنت أوفي شبابي كنه غرته
.والله ،ل يتهنأ أحد بعيش حتى يخطر في رداء الشباب
أخبرني عمي قال :حدثنا ابن سعد قال :حدثنا محمد بن عبد الله بن آدم العبدي عن أبي ثابت العبدي عن مروان بن أبي
حفصة ،قال :خرجنا مع الرشيد إلى بلد الروم ،فظفر الرشيد ،وقد كاد أن يعطب ،لول الله عز وجل ثم يزيد بن مزيد .فقال لي
:وللنمري :أنشدا .فأنشدته قولي
غراء تخلط بالحياء دللها ووصفت الرجال من السرى كيف أسلموا نساءهم، طرقتك زائرة فحي خيالها
والظفر الذي رزقه ،فقال :عدوا قصيدته ،فكانت مائة بيت ،فأمر لي بمائة ألف درهم ،ثم قال للنمري :كيف رأيت فرسي فإني
:أنكرته? فقال النمري
إذا ما اشتكت أيدي الجياد يطـير مضر على فأس اللجـام كـأنـه
ضباع وذؤبـان بـه ونـسـور فظل على الصفصاف يوم تباشرت
إذا قسمت بين العـبـاد أجـور فأقسم ل ينسى لك اللـه أجـرهـا
:قال النمري :ثم قلت في نفسي :ما يمنعني من إذكاره بالجائزة? فقلت
فغيث أمير المؤمنين مـطـير إذا الغيث أكدى واقشعرت نجومه
فأخلفها غـيث وكـاد يضـير فقال :أذكرتني .ورأيته متهلل لذلك .قال :فألحقني وما حل هارون الخليفة بـلـدة
.بمروان وأمر لي بمائة ألف درهم
البيدق ينشد قصيدة النمري
أخبرني عمي ،قال :حدثني ابن أبي سعد ،قال :حدثني محمد بن عبد الله بن طهمان ،قال حدثني محمد الراوية المعروف
بالبيدق -وكان قصيرا ،فلقب بالبيدق لقصره ،وكان ينشد هارون أشعار المحدثين -وكان أحسن خلق الله إنشادا -قال :دخلت
على الرشيد وعنده الفضل بن الربيع ،ويزيد بن مزيد ،وبين يديه خوان لطيف عليه جديان ورغفان سميد ودجاجتان ،فقال لي:
:أنشدني ،فأنشدته قصيدة النمري العينية ،فلما بلغت إلى قوله
فليس بالصلوات الخمس ينـتـفـع أي امرىء بات من هارون في سخط
أحلك الله منهـا حـيث تـتـسـع إن المكـارم والـمـعـروف أودية
ومن وضعت من القوام متـضـع إذا رفعت امرأ فـالـلـه يرفـعـه
يوم الوغى والمنايا بـينـهـا قـرع قال :فرمى بالخوان بين يديه وصاح ،وقال: نفسي فداؤك والبطـال مـعـلـمة
هذا والله أطيب من كل طعام وكل شيء ،وبعث إليه بسبعة آلف دينار ،فلم يعطني منها ما يرضيني ،وشخص إلى رأس العين،
:فأغضبني وأحفظني ،فأنشدت هارون قوله
يعللون النفوس بالباطـل فلما بلغت إلى قوله :شاء من الناس راتع هامل
بسلة البيض والقنا الذابل الرشيد يبعث بمن يقتل النمري إل مساعير يغضبون لها
في يوم وفاته
قال :أراه يحرض علي ،ابعثوا إليه من يجيء برأسه .فكلمه فيه الفضل بن الربيع فلم يغن كلمه شيئا ،وتوجه إليه الرسول
.فوافاه في اليوم الذي مات فيه ودفن .قال :وكان إنشاد محمد البيدق يطرب كما يطرب الغناء
أخبرني عمي ،قال :حدثنا ابن أبي سعد ،قال :حدثنا علي بن الحسين الشيباني</H6 ،سبب غضب الرشيد على النمري <H6
قال :أخبرني منصور بن جهور ،قال :سألت العتابي عن سبب غضب الرشيد عليه ،فقال لي :استقبلت النمري يوما من اليام
فرأيته مغموما واجما كئيبا ،فقلت له :ما خبرك? فقال :تركت امرأتي تطلق ،وقد عسر عليها ولدها ،وهي يدي ورجلي ،والقيمة
بأمري وأمر منزلي .فقلت له :لم ل تكتب على فرجها هارون الرشيد? قال :ليكون ماذا? قال لتلد على المكان ،قال :وكيف
:ذلك? قلت :لقولك
أو ضاق أمر ذكرناه فيتـسـع فقال لي :يا كشخان ،والله لئن تخلصت إن أخلف الغيث لم تخلف مخايله
امرأتي لذكرن قولك هذا للرشيد .فلما ولدت امرأته خبر الرشيد بما كان بيني وبينه ،فغضب الرشيد لذلك وأمر بطلبي،
فاستترت عند الفضل بن الربيع ،فلم يزل يسأل في حتى أذن لي في الظهور ،فلما دخلت عليه ،قال لي :قد بلغني ما قلته
للنمري ،فاعتذرت إليه حتى قبل ،ثم قلت :والله يا أمير المؤمنين ما حمله على التكذل علي إل وقوفي على ميله إلى العلوية،
:فإن أراد أمير المؤمنين أن أنشده شعره في مديحهم فعلت .فقال :أنشدني .فأنشدته قوله
يعللون النفوس بالباطـل حتى بلغت إلى قوله :شاء من الناس راتع هامل
بسلة البيض والقنا الذابل غضب الرشيد وطلبه نبش قبره فغضب من ذلك غضبا إل مساعير يغضبون لها
شديدا ،وقال للفضل بن الربيع :أحضره الساعة .فبعث الفضل في ذلك ،فوجده قد توفي ،فأمر بنبشه ليحرقه ،فلم يزل الفضل
.يلطف له حتى كف عنه
الفضل بن الربيع يحمي النمري أخبرني عمي قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال :حدثنا يحيى بن الحسن بن عبد الخالق،
قال :حدثني بعض الزينبيين ،قال :حبس الرشيد منصورا النمري بسبب الرفض ،فتخلصه الفضل بن الربيع ،ثم بلغه شعره في
:آل علي عليه السلم ،فقال للفضل :اطلبه .فستره الفضل عنده ،وجعل الرشيد يلح في طلبه ،حتى قال يوما للفضل
ويحك يا فضل تفوتني النمري? قال :يا سيدي ،هو عندي قد حصلته .قال :فجئني .وكان الفضل قد أمره أن يطول شعره،
ويكثر مباشرة الشمس ليشحب وتسوء حالته ،ففعل ،فلما أراد إدخاله عليه ألبسه فروة مقلوبة ،وأدخله عليه ،وقد عفا شعره،
:وساءت حالته ،فلما رآه ،قال :السيف فقال الفضل :يا سيدي من هذا الكلب حتى تأمر بقتله بحضرتك? قال :أليس هو القائل
بسلة البيض والقنا الذابل فقال منصور :ل يا سيدي ما أنا قائل هذا ،ولقد كذب علي، إل مساعير يغضبون لها
:ولكني القائل
انعم صباحا على بلكـا يا منزل الحي ذا المغاني
لم يطع الله من عصاكا هارون يا خير من يرجى
من اتقى الله واتقـاكـا فأمر بإطلقه وتخلية سبيله ،فقال منصور يمدح الفضل بن في خير دين وخير دنـيا
:الربيع
ت قد قامت محانـيه رأيت الملك مـذ آزر
فما يعرف ثـانـيه عفة النمري هو الوحد في الفضل
أخبرني عمي ،قال :حدثنا ابن أبي سعد ،قال :حدثني علي بن مسلم بن الهيثم الكوفي عن محمد بن أرتبيل ،قال :اجتمع عند
المأمون قبل خلفته ،وذلك في أيام الرشيد ،منصور النمري والخزيمي والعباس بن زفر ،وعنده جعفر بن يحيى ،فحضر الغداء،
فأتي المأمون بلون من الطعام ،فأكل منه فاستطابه ،فأمر به فوضع بين يدي جعفر بن يحيى ،فأصاب منه ،ثم أمر به فوضع
بين يدي العباس فأكل منه ،ثم نحاه ،فأكل منه بعده الخزيمي وغيره -ولم يأكل منه النمري -وذلك بعين المأمون ،فقال له :لم
:لم تأكل? فقال :لئن أكلت ما أبقى هؤلء إني لنهم .قال :فهل قلت في هذا شيئا? قال :نعم ،قلت
إني إذا لدنيء النفس والخطـر لهفي أتطعمها قينسا وآكـلـهـا
ليأكل سؤر عبـاس ول زفـر ما كان جدي ول كان الهمام أبي
وسؤر كلب مغطى العين بالوبر شتان من سؤر عباسس وفضلتـه
وقد رأى لقما في الحلق كالعجز نسبة هذه القصيدة إلى منصور بن بجرة ما زال يلقم والطباخ يلحـظـه
أخبرني محمد بن عمران الصيرفي وعمي ،قال :حدثنا الحسن بن عليل العنزي ،قال :اخبرني علقمة بن نصر بن واصل النمري،
قال :سمعت أشياخنا يقولون ،إن منصور بن بجرة بن منصور بن صليل بن أشيم بن قطن بن سعد بن عامر بن الضحيان بن
:سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط ،قال هذه القصيدة
إذا ذكرت شبابا ليس يرتـجـع ما تنقضي حسرة مني ول جـزع
صروف دهر وأيام لهـا خـدع بان الشباب وفاتتنـي بـشـرتـه
مكسو شيب فل يذهب بك الجزع منصور بن سلمة يستوهبها منه ويطلبه ما كنت أول مسلوب شبـيبـتـه
الرشيد ولكنه يرده فيستنجد بيزيد الشيباني فيدخله فسمعها منصور بن سلمى بن الزبرقان بن شريك بن مطعم الكبش الرخم
بن مالك بن سعد بن عامر الضحيان فاستحسنها ،فاستوهبها منه فوهبها له ،وكان منصور بن بجرة هذا موسرا ل يتصدى لمدح
ول يفد إلى أحد ول يتنجعه بالشعر ،وكان هارون الرشيد قد جرد السيف في ربيعة ،فوجه منصور بن سلمة هذه القصيدة إلى
الرشيد ،وكان رجل تقتحمه العين جدا ،ويزدريه من رآه لدمامة خلقه فأمر الرشيد لما عرضت عليه بإحضار قائلها .قال منصور:
فلما وصلت إليه عرفني الحاجب أنه لما عرضت عليه قرأها واختارها على جميع شعر الشعراء جميعا ،وأمره بإدخالي ،فلما
قربت من حاجبه الفضل بن الربيع ازدراني لدمامة خلقي ،وكان قصيرا أزرق أحمر أعمش نحيفا .قال :فردني ،وأمر بإخراجي
فأخرجت ،فمر بي ذات يوم يزيد بن مزيد الشيباني ،فصحت به :يا أبا خالد ،أنا رجل من عشيرتك ،وقد لحقني ضيم ،وعذت بك.
فوقف ،فعرفته خبري ،وسألته :أن يذكرني إذا مرت به رقعتي ،ويتلطف في إيصالي ،ففعل ذلك ،فلما دخلت على أمير
:المؤمنين أنشدته هذه القصيدة
أتسلو وقد بان الشباب المزايل الرشيد يرفع السيف عن ربيعة فقال لي :غدا إن شاء الله آمر برفع السيف عن ربيعة وخرج
يزيد يركض ،فما جاءت العصر من الغد حتى رفع السيف عن ربيعة بنصيبين وما يليها ،وأنشدته القصيدة ،فلما صرت إلى هذا
:الموضع
وعان بجود كلهم متحـامـل قالوا :فلما سمع الجلساء هذا البيت ،قالوا :ذهب يجرد فينا السيف من بين مارق
:العرابي وافتضح ،فلما قلت
بأنـك عـياف لـهـن مـزايل وقد علم العدوان والجور والخنـا
ينال بريا بـالذى مـتـنـاول ولو علموا فينا بأمرك لـم يكـن
وبأسا إذا اصطك القنا والقنابـل لنا منك أرحام ونعـتـد طـاعة
ول يصل الرحام مثلك واصـل وما يحفظ النساب مثلك حافـظ
لنا حين عضتنا الخطوب الجلئل جعلناك فامنعنا معاذا ومفـزعـا
تطامن خوف واستقرت بلبـل فقال الجلساء :أحسن والله العرابي يا أمير وأنت إذا عاذت بوجهـك عـوذ
.المؤمنين فقال الرشيد :يرفع السيف عن ربيعة ويحسن إليهم
أخبرني عمي ،قال :حدثنا عبد الله بن أبي سعد ،قال :حدثني علي بن الحسين بن عبيد البكري قال :أخبرني أبو خالد الطائي
:عن الفضل ،قال :كنا عند الرشيد وعنده الكسائي ،فدخل إليه منصور النمري ،فقال له الرشيد :أنشدني .فأنشده قوله
إذا ذكرت شبابا ليس يرتجـع فتحرك الرشيد ،ثم أنشده حتى انتهى إلى قوله :ما تنقضي حسرة مني ول جزع
حتى انقضى فإذا الدنيا له تبع فطرب الرشيد ،وقال :أحسنت والله ،وصدقت، ما كنت أوفي شبابي كنه عزته
.ل والله ل يتهنا أحد يعيش حتى يخطر في رداء الشباب وأمر به بجائزة سنية
أخبرني عمي ،قال :حدثنا عبد الله بن أبي سعد ،قال :حدثني محمد بن عبد الله بن طهمان السلمي ،قال :حدثني أحمد بن
سنان البيساني ،وأخبرني عمي قال :أخبرنا ابن أبي سعد ،قال :حدثنا مسعود بن عيسى ،عن موسى بن عبد الله التميمي :أن
جماعة من الشعراء اجتمعوا ببغداد وفيهم منصور النمري ،وكانوا على نبيذ ،فأبى منصور أن يشرب معهم ،فقالوا له :إنما تعاف
:الشرب لنك رافضي ،وتسمع وتصغي إلى الغناء ،وليس تركك النبيذ من ورع ،فقال منصور
ولم يبق عندي للوصال نصـيب خل بين ندماني موضع مجلسي
رددت عليه الكأس وهي سليب وردت على الساقي تفيض وربما
عليه بنان كفـهـن خـضـيب الغناء لبراهيم ،خفيف ثقيل ،مطلق في مجرى وأي امرىء ل يستهش إذا جرت
.البنصر .ومن الناس من ينسبه إلى مخارق ،هكذا في الخبر
وقد حدثني علي بن سليمان الخفض ،قال :حدثنا محمد بن يزيد المبرد ،قال :كتب كلثوم بن عمرو العتابي إلى منصور النمري
:قوله
وأشفى على شمس النهار غروب تقضت لبـانـات ولح مـشـيب
غواية قلب كان وهـو طـروب وودعت إخوان الصبا وتصرمـت
رددت عليه الكأس وهي سلـيب وردت على الساقي تفيض وربما
خفيف على أيدي القيان صخوب ومما يهيج الشـوق لـي فـيرده
أصابيغ في لبـاتـهـن وطـيب فأجابه النمري وقال :عطون به حتى جرى في أديمـه
تلقيهما والحلم عنك عزوب أوحشة ندمانيك تبكي فربـمـا
سماع قيان عودهـن قـريب ترى خلفا من كل نيل وثـروة
وتحتازك الفات حين أغـيب يغنيك يا بنتي فتستصحب النهى
لعريان من ثوب الفلح سليب أخبرني عمي ،قال :حدثنا عبد الله بن أبي سعد، وإن امرأ أودى السماع بلبـه
قال :حدثنا محمد بن عبد الله بن آدم بن جشم العبدي أبو مسعر ،قال :أتى النمري يزيد بن مزيد ويزيد يومئذ في إضاقة
:وعسرة ،فقال :اسمع مني جعلت فداك .فأنشده قصيدة له .يقول فيها
سوى يزيد لفاتوا الناس في الحسـب لو لم يكن لبني شيبان مـن حـسـب
من آل شيبان يحويهن مـن كـثـب تأوي المكارم من بكر إلـى مـلـك
في منبت النبع ل في منبت الغرب أب وعم وأخوال مـنـاصـبـهـم
خيل الندى أحرز الولى من القصب إن أبا خالد لـمـا جـرى وجـرت
عتق مبين ومحض غير مؤتـشـب لما تلغـبـهـن الـجـري قـدمـه
فأخبرنا الحرمي بن أبي العلء ،قال :حدثنا الزبير بن بكار ،قال :حدثني اليزيدي أبو عبد الله محمد بن العباس ،ببعضه ،قال:
حدثني سليمان بن أبي شيخ ،قال :حدثنا يحيى بن سعيد الموي ،وأخبرنا محمد بن عمران الصيرفي قال :حدثنا الحسن بن
عليل العنزي ،قال :حدثنا محمد بن معاوية السدي ،قال :حدثنا محمد بن كناسة ،وأخبرني عمي قال :حدثنا عبد الله بن أبي
سعد ،قال :حدثني علي بن مسلم بن الهيثم الكوفي عن محمد بن أرتبيل ،ونسخت بعض هذه الخبار من نسخة أبي العباس
ثعلب ،واللفاظ تختلف في بعضها والمعاني قريبة ،قالوا :كان عبد الله بن الحجاج الثعلبي شجاعا فاتكا صعلوكا من صعاليك
العرب ،وكان متسرعا إلى الفتن ،فكان ممن خرج مع عمرو بن سعيد بن العاص ،فلما ظفر به عبد الملك هرب إلى ابن الزبير،
.فكان معه حتى قتل ،ثم اندس إلى عبد الملك فكلم فيه فأمنه
هذه رواية ثعلب ،وقال العنزي وابن سعد في روايتهما :لما قتل عبد الله بن الزبير ،وكان عبد الله بن الحجاج من أصحابه
وشيعته احتال حتى دخل على عبد الملك بن مروان وهو يطعم الناس ،فدخل حجرة ،فقال له :مالك يا هذا ل تأكل? قال :ل
أستحل أن آكل حتى تأذن لي .قال :إني قد أذنت للناس جميعا .قال :لم أعلم فآكل بأمرك .قال :كل .فأكل ،وعبد الملك ينظر
إليه ويعجب من فعاله ،فلما أكل الناس وجلس عبد الملك في مجلسه ،وجلس خواصه بين يديه ،وتفرق الناس ،جاء عبد الله بن
:الحجاج فوقف بين يديه ،ثم استأذنه في النشاد فأذن له ،فأنشده
مما لقيت من الحوادث موجع أبلغ أمير المؤمنين فـإنـنـي
جيش يجر ومقنب يتـلـمـع فقال عبد الملك :وما خوفك ل أم لك ،لول أنك منع القرار فجئت نحوك هاربا
:مريب فقال عبد الله
وعرت مذاهبها وسد المطلع فقال له عبد الملك :ذلك بما كسبت يداك ،وما الله إن البلد علي وهي عريضة
:بظلم للعبيد ،فقال عبد الله
وإليك إذ عمي البصائر نرجع كنا تنحلنا الـبـصـائر مـرة
من دينه وحـياتـه مـتـودع إن الذي يعصيك منا بعـدهـا
وأطيع أمرك ما أمرت وأسمع آتي رضاك ول أعود لمثلـهـا
وخزامة النف المقود فأتبـع فقال له عبد الملك :هذا ل نقبله منك إل بعد أعطي نصيحتي الخليفة ناخعـا
:المعرفة بك وبذنبك? فإذا عرفت الحوبة قبلنا التوبة .فقال عبد الله
وابن الزبير فعرشه متضعضع فقال عبد الملك :لله الحمد والمنة على ذلك. ولقد وطئت بني سعـيد وطـأة
:فقال عبد الله
تعلو ويسفل غيركم مـا يرفـع ما زلت تضرب منكبا عن منكب
حدثا يكوس وغابرا يتجعـجـع ووطئتم في الحرب حتى أصبحوا
القرم قرم بني قصـي النـزع فحوى خلفتهم ولم يظلم بـهـا
والبدر منبلجا إذا مـا يطـلـع ل يستوي خاوي نـجـوم أفـل
ووضعت وسطهم فنعم الموضع وضعت أمية واسطين لقومهـم
عالي المشارف عزه ما يدفـع فقال له عبد الملك :إن توريتك عن نفسك بيت أبو العاصي بنـاه بـربـوة
:لتريبني ،فأي الفسقة أنت? وماذا تريد? فقال
وإليك بعد معادها ما ترجـع حربت أصيبيتى يد أرسلتهـا
أفلت نجومهم ونجمك يسطع فقال عبد الملك :ذلك جزاء أعداء الله .فقال عبد وأرى الذي يرجو تراث محمد
:الله بن الحجاج
جحل تدرج بالشربة جوع فقال عبد الملك :ل أنعشهم الله ،وأجاع أكبادهم ،ول فانعش أصيبيتى اللء كأنهم
:أبقى وليدا من نسلهم ،فإنهم نسل كافر فاجر ل يبالي ما صنع .فقال عبد الله
يوم القليب فحيز عنهم أجمع فقال له عبد الملك :لعلك أخذته من غير حله، مال لهم مما يضن جمعتـه
وأنفقته في غير حقه ،وأرصدت به لمشاقة أولياء الله ،وأعددته لمعاونة أعدائه ،فنزعه منك إذ استظهرت به على معصية الله.
:فقال عبد الله
فأراك تدفعني فأين المدفع أدنو لترحمني وتجبر فاقتي
فتبسم عبد الملك ،وقال له :إلى النار ،فمن أنت الن? قال :أنا عبد الله بن الحجاج الثعلبي ،وقد وطئت دارك وأكلت طعامك،
:وأنشدتك ،فإن قتلتني بعد ذلك فأنت وما تراه ،وأنت بما عليك في هذا عارف .ثم عاد إلى إنشاده فقال
عني فألبسني فثوبك أوسـع فنبذ عبد الملك إليه رداء كان على كتفه ،وقال: ضاقت ثياب الملبسين وفضلهم
البسه ،ل لبست فالتحف به ،ثم قال له عبد الملك :أولى لك والله ،لقد طاولتك طمعا في أن يقوم بعض هؤلء فيقتلك ،فأبى
.الله ذلك ،فل تجاورني في بلد ،وانصرف آمنا ،قم حيث شئت
:قال اليزيدي في خبره :قال عبد الله بن الحجاج :ما زلت أتعرف منه كل ما أكره حتى أنشدته قولي
عني فألبسني فثوبك أوسـع فرمى عبد الملك مطرفه ،وقال :البسه .فلبسته .ضاقت ثياب الملبسين وفضلهم
ثم قال :آكل يا أمير المؤمنين? قال :كل .فأكل حتى شبع ،ثم قال :أمنت ورب الكعبة? فقال :كن من شئت إل عبد الله بن
.الحجاج .قال :فأنا والله هو ،وقد أكلت طعامك ،ولبست ثيابك ،فأي خوف علي بعد ذلك? فأمضى له المان
ونسخت عن كتاب أحمد بن يحيى ثعلب بن ابن العرابي ،قال :كان عبد الله بن الحجاج قد خرج مع نجدة بن عامر الحنفي
:الشاري ،فلما انقضى أمره هرب ،وضاقت عليه الرض من شدة الطلب ،فقال في ذلك
على الخائف المطرود كفة حابل رأيت بلد الله وهـي عـريضة
تيممها ترمي إلـيه بـقـاتـل قال :ثم لجأ إلى أحيح بن خالد بن عقبة بن أبي معيط، تؤدي إلـيه أن كـل ثـنـــية
:فسعى به إلى الوليد بن عبد الملك ،فبعث إليه بالشرط ،فأخذ من دار أحيح ،فأتي به الوليد فحبسه ،فقال وهو في الحبس
لعيني إذ نأت ظمياء فيضي أقول وذاك فرط الشوق مني
وما للدمع يسفح من مغيض فما للقلب صبر يوم بـانـت
بماء سحابة خصر فضيض كأن معتقـا مـن أذرعـات
بسر ل تبوح به خـفـيض يقول فيها :بفيها إذ تخافـتـنـي حـياء
ويركب بي عروضا عن عروض فإن يعرض أبو العبـاس عـنـي
وبيغضني فإني مـن بـغـيض ويجعل عرفـه يومـا لـغـيري
وفي الكفاء ذو وجـه عـريض فإنـي ذو غـنـى وكـريم قـوم
وفي الحرب المذكرة العضوض غلبت بني أبي العاصي سمـاحـا
خروج القدح من كف المفـيض خرجت علـيهـم فـي كـل يوم
تلقانـي بـجـامـعة ربـوض فدى لك من إذا مـا جـئت يومـا
وبئست تحفة الشيخ الـمـريض على جنب الـخـوان وذاك لـؤم
فزعت إلى مقـوقـية بـيوض كأني إذ فـزعـت إلـى أحـيح
لقحقحها إذا درجـت نـقـيض قال :فدخل أحيح على الوليد بن عبد الملك ،فقال يا إوزة غيضة لقحـت كـشـافـا
:أمير المؤمنين :إن عبد الله بن الحجاج قد هجاك قال :بماذا? فأنشده قوله
ويركب بي عروضا عن عروض فإن يعرض أبو العبـاس عـنـي
وبيغضني فإني مـن بـغـيض فقال الوليد :وأي هجاء هذا هو من بغيض إن ويجعل عرفـه يومـا لـغـيري
:أعرضت عنه ،أو أقبلت عليه ،أو أبغضته ،ثم ماذا? فأنشده
فزعت إلى مقوقية بيوض فضحك الوليد ،ثم قال :ما أراه هجا غيرك .فلما خرج من كأني إذ فزعت إلى أحـيح
.عنده أحيح أمر بتخلية سبيل عبد الله بن الحجاج ،فأطلق .وكان الوليد إذا رأى أحيحا ذكر قول عبد الله فيه فيضحك منه
حدثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري ،قال :حدثنا عمر بن شبة ،قال :حدثنا خلد بن يزيد الرقط عن سالم بن قتيبة .وحدثني
يعقوب بن القاسم الطلحي ،قال :حدثني غير واحد ،منهم عبد الرحمن بن محمد الطلحي ،قال :حدثني أحمد بن معاوية ،قال:
:سمعت أبا علقمة الثقفي يحدث .قال أبو زيد :وفي حديث بعضهم ما ليس في حديث الخر ،وقد ألفت ذلك ،قال
كان كثير بن شهاب بن الحصين بن ذي الغصة بن يزيد بن شداد بن قنان بن سلمة بن وهب بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث
بن كعب ،على ثغر الري ،وله إياه المغيرة بن شعبة إذ كان خليفة معاوية على الكوفة ،وكان عبد الله بن الحجاج معه ،فأغار
الناس على الديلم ،فأصاب عبد الله بن الحجاج رجل منهم ،فأخذ سلبه ،فانتزعه منه كثير ،وأمر بضربه ،فضرب مائة سوط،
:وحبس ،فقال عبد الله في ذلك ،وهو محبوس
وقد علقته من كثير حبـائل تسأل سلمى عن أبيها صحابه
بأبهر ل غاز ول هو قافـل فل تسألي عني الرفاق فإنه
فجدلته فيه سنان وعـامـل فمكث في الحبس مدة ،ثم أخلي سبيله ،فقال :ألست ضربت الديلمي أمامهم
عليه لمر غالني وشجـانـي سأترك ثغر الري ما كنت واليا
فل تدعني للصيد من غطفان فإن أنا لم أدرك بثأري وأتـئر
ومالك بي يا بن الحصين يدان تمنيتني يا بن الحصين سفـاهة
بسيفي كفاحا هامة ابن قنـان قال :فلما عزل كثير وقدم الكوفة كمن له عبد الله فإني زعيم أن أجلل عـاجـل
بن الحجاج في سوق التمارين -وذلك في خلفة معاوية وإمارة المغيرة بن شعبة على الكوفة -وكان كثير يخرج من منزله إلى
القصر يحدث المغيرة ،فخرج يوما من داره إلى المغيرة يحدثه فأطال ،وخرج من عنده ممسيا يريد داره ،فضربه عبد الله
:بعمود حديد على وجهه فهتم مقاديم أسنانه كلها ،وقال في ذلك
ضربت كثيرا مضرب الظربـان من مبلغ قيسا وخـنـدف أنـنـي
تذل وتخزي الدهـر كـل يمـان فأقسم ل تنفك ضـربة وجـهـه
سريعا إلى الهيجاء غير جـبـان فإن تلقني تلق أمرأ قد لـقـيتـه
على سابح غوج اللبان حـصـان وتلق أمرأ لم تـلـق أمـك بـره
كرام على البأساء والـحـدثـان وحولي من قيس وخندف عصـبة
فإني لقرم يا كـثـير هـجـان وإن تك للسنخ الذي غص بالحصى
بغيض بن ريث بعـد آل دجـان أنا ابن بني قيس علي تعطـفـت
أدركت مظلمتي من ابن شهـاب من مبلغ قيسا وخـنـدف أنـنـي
سرح الجراء طـويلة القـراب أدركته أجرى على مـحـبـوكة
تعلو بجؤجئهـا هـوي عـقـاب جرداء سرحوب كـأن هـويهـا
منه فأضربـه عـلـى النـياب خضت الظلم وقد بدت لي عورة
ذهل الجنان مضـرج الثـواب فتركته يكـبـو لـفـيه وأنـفـه
بقصور أبهر نصرتي وعقـابـي هل خشيت وأنـت عـاد ظـالـم
جلدي وتنزع ظالـمـا أثـوابـي إذ تستحل ،وكان ذاك مجـرمـا،
بأشم ل رعـش ول قـبـقـاب قال :فكتب ناس من اليمانية من أهل الكوفة إلى ما ضره والحر يطـلـب وتـره
معاوية :إن سيدنا ضربه خسيس من غطفان ،فإن رأيت أن تقيدنا من أسماء بن خارجة .فلما قرأ معاوية الكتاب قال :ما رأيت
كاليوم كتاب قوم أحمق من هؤلء .وحبس عبد الله بن الحجاج ،وكتب إليهم :إن القود ممن لمن يجن محظور ،والجاني
محبوس ،حبسته فليقتص منه المجني عليه .فقال كثير بن شهاب :ل أستقيدها إل من سيد مضر .فبلغ قوله معاوية فغضب
وقال :أنا سيد مضر فليستقدها مني ،وأمن عبد الله بن الحجاج ،وأطلقه ،وأبطل ما فعله بابن شهاب ،فلم يقتص ول أخذ له
.عقل .عفو كثير عن عبد الله بن الحجاج
إن عبد الله بن الحجاج لما ضربه بالعمود ،قال له :أنا عبد الله بن الحجاج صاحبك بالري ،وقد قابلتك بما فعلت بي ،ولم أكن
لكتمك نفسي ،وأقسم بالله لئن طالبت فيها بقود لقتلنك .فقال له :أنا أقتص من مثلك ،والله ل أرضى بالقصاص إل من أسماء
بن خارجة وتكلمت اليمانية وتحارب الناس بالكوفة ،فكتب معاوية إلى المغيرة :أن أحضر كثيرا وعبد الله بن الحجاج فل يبرحان
من مجلسك حتى يقتص كثير أو يعفو .فأحضرهما المغيرة ،فقال قد عفوت? وذلك لخوفه من عبد الله بن الحجاج أن يغتاله.
.قال :وقال لي :يا أبا القيرع ،والله ل نلتقي أنت ونحن جميعا أهتمان ،وقد عفوت عنك
ونسخت من كتاب ثعلب عن ابن العرابي ،قال :كان لعبد الله بن الحجاج ابنان يقال لحدهما :عوين ،والثاني جندب ،فمات
جندب وعبد الله حي فدفنه بظهر الكوفة ،فمر أخوه عوين بحراث إلى جانب قبر جندب ،فنهاه أن يقربه بفدانه ،وحذره ذلك،
:فلما كان الغد وجده قد حرث جانبه ،وقد نبشه وأضر به ،فشد عليه فضربه بالسيف وعقر فدانه .وقال
فدانيكما ل تحرثا قبر جنـدب أقول لحراثي حريمي جنـبـا
ويذهب فدان منكما كل مذهب قال :فأخذ عوين ،فاعتقله السجان ،فضربه حتى فإنكما إن تحـرثـاه تـشـردا
شغله بنفسه ،ثم هرب ،فوفد أبوه إلى عبد الملك فاستوهب جرمه فوهبه ،وأمر بأل يتعقب ،فقال عبد الله بن الحجاج ،يذكر ما
:كان من ابنه عوين
نجا من كربة إن كان نـاجـي لمثلك يا عوين فدتك نـفـسـي
تركت ابن العكامس في العجاج قال :ولما وفد عبد الله بن الحجاج إلى عبد عرفتك من مصاص السنخ لمـا
:الملك بسبب ما كان من ابنه عوين مثل بين يديه ،فأنشده
أنت النجيب والخيار المصطفـى يا بن أبي العاصي ويا خير فـتـى
حين كشفت الظلمات بـالـهـدى أنت الذي لم تـدع المـر سـدى
قضيته إن القضاء قـد مـضـى ما زلت إن ناز على المر انتـزى
وابن الزبير إذ تسمـى وطـغـى كما أذقت ابن سعـيد إذ عـصـى
من عبد شمس في الشماريخ العلى وأنـت إن عـد قـديم وبـنــى
هل أنت عاف عن طريد قد غوى جيبت قريش عنكم جوب الرحـى
رمى به جول إلى جول الـرجـا أهوى على مهواة بثـر فـهـوى
يعوي مع الذئب إذا الذئب عـوى فتجبـر الـيوم بـه شـيخـا ذوى
من هول ما لقى وأهوال الردى وإن أراد النوم لم يقض الـكـرى
نفسي وآبائي لـك الـيوم الـفـدا فأمر عبد الملك بتحمل ما يلزم ابنه من غرم يشكر ذاك ما نفـت عـين قـذى
.وعقل ،وأمنه
ونسخت من كتاب ثعلب عن ابن العرابي ،قال :وفد عبد الله بن الحجاج إلى عبد العزيز بن مروان ومدحه ،فأجزل صلته،
وأمره بأن يقيم عنده ففعل ،فلما طال مقامه اشتاق إلى الكوفة وإلى أهله ،فاستأذن عبد العزيز فلم يأذن له ،فخرج من عنده
:غاضبا ،فكتب عبد العزيز إلى أخيه بشر ،أن يمنعه عطاءه ،فمنعه ،ورجع عبد الله لما أضر به ذلك إلى عبد العزيز ،وقال يمدحه
وعند ابن ليلى معقل ومـعـول تركت ابن ليلى ضلة وحـريمـه
وأن الديار بالمـقـيم تـنـقـل ألم يهدني أن المـراغـم واسـع
وأختار أهل الخير إن كنت أعقل سأحكم أمري إن بدا لـي رشـده
تحلب كفاه الندى حـين يسـأل وأترك أوطاري وألحق بامـرىء
وجري شأى جري الجـياد وأول أبت لك يا عبد العـزيز مـآثـر
مواهب فياض ومجـد مـؤثـل أبي لك إذ أكدوا وقل عطاؤهـم
وسعد الفتى بالخال ل من يخول فقال له عبد العزيز :أما إذ عرفت موضع أبوك الذي ينميك مروان للعلـى
خطئك ،واعترفت به فقد صفحت عنك .وأمر بإطلق عطائه ،ووصله ،وقال له :أقم ما شئت عندنا ،أو انصرف مأذونا لك إذا
.شئت
ونسخت من كتابه أيضا :كان عمر بن هبيرة بن معية بن سكين قد ظلم عبد الله بن الحجاج حقا له ،واستعان عليه بقومه،
:فلقوه في بعلبك ،فعاونوا عبد الله بن الحجاج عليه ،وفرقوه بالسياط حتى انتزعوا حقه منه ،فقال عبد الله في ذلك
ودونهم بسيطة فالـمـعـاط أل أبلغ بني سـعـد رسـول
فإن الخبث مثـلـهـم يمـاط أميطوا عنكم ضرط ابن ضرط
قديما والحقوق لها افـتـراط ولي حـق فـراطة أولـينـا
وما زال التهايط والـمـياط فما زالت مباسطتي ومجـدي
تركت وفي ذناباك انبـسـاط وجدي بالسياط عليك حـتـى
تلقك دونه سعـر سـبـاط متى ما تعترض يوما لحقـي
ومرة أخذ جمعهم اعتـبـاط من الحيين ثعلبة بـن سـعـد
وفي الهيجا إذا هيجوا نشاط والقصيدة التي فيها الغناء بذكر أمر عبد الله بن تراهم في البيوت وهم كسالى
:الحجاج أولها
وشطت نوى بالظاعنين شعـوب نأتك ولم تخش الفراق جـنـوب
ببرقة أحـواز وأنـت طـروب طربت إلى الحي الذين تحمـلـوا
تمنى بها شكس الطـبـاع أريب فظلت كأني ساورتـنـي مـدامة
لوجه أخيها في الناء قـطـوب تمر وتستحلي على ذاك شربهـا
لها في عظام الشاربـين دبـيب كميت إذا صبت وفي الكأس وردة
وما لك من ذكرى جنوب نصيب تذكرت ذكرى من جنوب مصيبة
وتبخل بالموجود وهـي قـريب وأنى ترجي الوصل منها وقد نأت
من الناس لو كانت بذاك تـثـيب فما فوق وجدي إذ نأت وجد واجد
على الشمس تبدو تارة وتغـيب وهي قصيدة طويلة .برهرهة خـود كـأن ثـيابـهـا
ونسخت من كتاب ثعلب عن ابن العرابي ،قال :كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يعرفه آثار عبد الله بن الحجاج ،وبلءه
من محاربته ،وأنه بلغه أنه أمنه ،ويحرضه ويسأله أن يوفده إليه ليتولى قتله وبلغ ذلك عبد الله بن الحجاج ،فجاء حتى وقف بين
:يدي عبد الملك ،ثم أنشده
كريم الثنا من جيبه المسك ينفح أعوذ بثوبيك اللذين ارتداهـمـا
وإن كنت مذبوحا فكن أنت تذبح فقال عبد الملك :ما صنعت شيئا .فقال عبد فإن كنت مأكول فكن أنت آكلي
:الله
عن المذنب الخاشي العقاب صفوح لنت وخير الظافرين كـرامـهـم
ترامى به دحض المـقـام بـريح ولو زلقت من قبل عفوك نـعـلـه
أروم ودين لم يخـنـك صـحـيح نمى بك إن خانت رجال عروقهـم
وشأو على شأو الرجـال مـتـوح وعرف سرى لم يسر في الناس مثله
جرى لي من بعد الحـياة سـنـيح تداركني عفو ابن مروان بـعـدمـا
من الهم والكـرب الـشـديد أريح فكتب عبد الملك إلى الحجاج :إني قد رفعت مريحا ناظـري ولـم أكـد
عرفت من خبث عبدالله وفسقه ما ل يزيدني علما به ،إل أنه اغتفلني متنكرا ،فدخل داري ،وتحرم بطعامي ،واستكساني
فكسوته ثوبا من ثيابي ،وأعاذني فأعذته ،وفي دون هذا ما حظر علي دمه ،وعبد الله أقل وأذل من أن يوقع أمرا ،أو ينكث عهدا
في قتله خوفا من شره ،فإن شكر النعمة وأقام على الطاعة فل سبيل عليه ،وإن كفر ما أوتي وشاق الله ورسوله وأولياءه
فالله بسيف البغي الذي قتل به نظراؤه ومن هو أشد بأسا وشكيمة منه ،من الملحدين ،فل تعرض له ول لحد من أهل بيته إل
.بخير ،والسلم
أخبرني محمد بن يحيى الصولي ،قال :حدثنا الحزنبل عن عمرو بن أبي عمرو الشيباني ،قال :كانت في القريتين بركة من ماء،
وكان بها رجل من كلب يقال له دعكنة ل يدخل البركة معه أحد إل غطه حتى يغلبه ،فغط يومها فيها رجل من قيس بحضرة
الوليد بن عبد الملك حتى خرج هاربا ،فقال ابن هبيرة وهو جالس عليها يومئذ :اللهم اصبب علينا أبا القيرع عبد الله بن
الحجاج .فكان أول رجل انحدرت به راحلته ،فأناخها ،ونزل ،فقال ابن هبيرة للوليد :هذا أبو القيرع والله يا أمير المؤمنين ،أيهما
أخزى الله صاحبه به .فأمره الوليد أن ينحط عليه في البركة والكلبي فيها واقف متعرض للناس وقد صدوا عنه .فقال له :يا
أمير المؤمنين إني أخاف أن يقتلني فل يرضى قومي إل بقتله ،أو أقتله فل ترضى قومه إل بمثل ذلك ،وأنا رجل بدوي ولست
بصاحب مال .فقال دعنكة :يا أمير المؤمنين هو في حل وأنا في حل .فقال له الوليد :دونك .فتكأكأ ساعة كالكاره حتى عزم
عليه الوليد ،فدخل البركة ،فاعتنق الكلبي وهوى به إلى قعرها ،ولزمه حتى وجد الموت ،ثم خلى عنه ،فلما عل غطه غطة ثانية،
وقام عليه ثم أطلقه حتى تروح ،ثم أعاده وأمسكه حتى مات ،وخرج ابن الحجاج وبقي الكلبي ،فغضب الوليد وهم به ،فكلمه
:يزيد وقال :أنت أكرهته ،أفكان يمكن الكلبي من نفسه حتى يقتله? فكف عنه .فقال عبد الله بن الحجاج في ذلك
ذوا البذخ عند الفجر والخطران أبي قيس عيلن وعمي خنـدف
ربيعة لم يعدل بـنـا أخـوان إذا ما تجمعنا وسارت حـذاءنـا
وحمزة والعباس والعـمـران أليس نبي الله منـا مـحـمـد
علي إمام الحق والحـسـنـان ومنا ابن عباس ومنا ابن عمـه
لنعلم أن الـحـق مـا يعـدان وعثمان والصديق منـا وإنـنـا
هلموه أول ينـطـقـن يمـان قال :فأنشد ناهض هذه القصيدة أيوب بن ومنا بنو العباس فضل فمن لكم
سليمان بن علي بالبصرة ،وعنده خال له من النصار ،فلما ختمها بهذا البيت قال النصاري :أخرسنا أخرسه الله وكان جده
:نصيح شاعرا ،وهو الذي يقول
ومنه بأكناف الحجاز قـسـيم أل من لقلب في الحجاز قسيمه
كما يشتكي جنح الظلم سلـيم معاود شكوى أن نأت أم سالـم
رقى قل عنه دفعها وتـمـيم سليم لصل أسلمته لـمـا بـه
صفاها فخلها فـأين تـريم فلم ترم الدار البريصاء فالصفا
إذا لم أزعها بالزمام تـعـوم وقفت عليها بازل نـاهـجـية
جبرن على كسرفهن عثـوم أخبرني الحسن بن علي الخفاف ،قال :حدثنا محمد كنازا من اللتي كأن عظامها
:بن القاسم قال :حدثني الفضل بن العباس الهاشمي من ولد قثم بن جعفر بن سليمان عن أبيه ،قال
كان ناهض بن ثومة الكلبي يفد على جدي قثم فيمدحه ،ويصله جدي وغيره ،وكان بدويا جافيا كأنه من الوحش ،وكان طيب
الحديث ،فحدثه يوما :أنهم انتجعوا ناحية الشام ،فقصد صديقا له من ولد خالد بن يزيد بن معاوية كان ينزل حلب ،فإذا نزل
نواحيها أتاه فمدحه ،وكان برا به ،قال :فمررت بقرية يقال لها قرية بكر بن عبد الله الهللي ،فرأيت دورا متباينة وخصاصا قد
ضم بعضها إلى بعض ،وإذا بها ناس كثير مقبلون ومدبرون ،عليهم ثياب تحكي ألوان الزهر ،فقلت في نفسي :هذا أحد العيدين:
الضحى أو الفطر .ثم ثاب إلي ما عزب عن عقلبي ،فقلت :خرجت من أهلي في بادية البصرة في صفر ،وقد مضى العيدان
قبل ذلك ،فما هذا الذي أرى? فبينا أنا واقف متعجب أتاني رجل فأخذ بيدي ،فأدخلني دارا قوراء ،وأدخلني منها بيتا قد نجد في
وجهه فرش ومهدت ،وعليها شاب ينال فروع شعره منكبيه ،والناس حوله سماطان ،فقلت في نفسي :هذا المير الذي حكي لنا
جلوسه على الناس وجلوس الناس بين يديه ،فقلت وأنا ماثل بين يديه :السلم عليك أيها المير ورحمة الله وبركاته .فجذب
رجل يدي ،وقال :اجلس فإن هذا ليس بأمير .قلت :فما هو? قال :عروس .فقلت :واثكل أماه ،لرب عروس رأيته بالبادية أهون
على أهله من هن أمه .فلم أنشب أن دخل رجال يحملون هنات مدورات ،أما ما خف منها فيحمل حمل ،وأما ما كبر وثقل
فيدحرج فوضع ذلك أمامنا ،وتحلق القوم عليه حلقا ،ثم أتينا بخرق بيض فألقيت بين أيدينا ،فظننتها ثيابا ،وهممت أن أسأل
القوم منها خرقا أقطعها قميصا ،وذلك أني رأيت نسجا متلحما ل يبين له سدى ول لحمة ،فلما بسطه القوم بين أيديهم إذا هو
يتمزق سريعا ،وإذا هو -فيما زعموا -صنف من الخبز ل أعرفه ،ثم أتينا بطعام كثير بين حلو وحامض ،وحار وبارد ،فأكثرت منه
وأنا ل أعلم ما في عقبه من التخم والبشم ،ثم أتينا بشراب أحمر في عساس ،فقلت :ل حاجة لي فيه ،فإني أخاف أن يقتلني.
وكان إلى جانبي رجل ناصح لي أحسن الله جزاءه ،فإنه كان ينصح لي من بين أهل المجلس ،فقال :يا أعرابي إنك قد أكثرت
من الطعام ،وإن شربت الماء همى بطنك .فلما ذكر البطن تذكرت شيئا أوصاني به أبي والشياخ من أهلي ،قالوا :ل تزال حيا
ما كان بطنك شديدا فإذا اختلف فأوص .فشربت من ذلك الشراب لتداوى به ،وجعلت أكثر منه فل أمل شربه ،فتداخلني من
ذلك صلف ل أعرفه من نفسي ،وبكاء ل أعرف سببه ول عهد لي بمثله ،واقتدار على أمري أظن معه أني لو أردت نيل السقف
لبلغته ،ولو ساورت السد لقتلته ،وجعلت ألتفت إلى الرجل الناصح لي فتحدثني نفسي بهتم أسنانه وهشم أنفه ،وأهم أحيانا أن
أقول له :يا ابن الزانية فبنا نحن كذلك إذ هجم علينا شياطين أربعة ،أحدهم قد علق في عنقه جعبة فارسية مشنجة الطرفين
دقيقة الوسط ،مشبوحة بالخيوط شبحا منكرا ،ثم بدر الثاني فاستخرج من كمه هنة سوداء كفيشلة الحمار ،فوضعها في فيه،
وضرط ضراطا لم أسمع -وبيت الله -أعجب منه ،فاستتم بها أمرهم ،ثم حرك أصابعه على أجحرة فيها فأخرج منها أصواتا
ليس كما بدأ تشبه بالضراط ولكنه أتى منها لما حرك أصابعه بصوت عجيب متلئم متشاكل بعضه لبعض ،كأنه ،علم الله ،ينطق.
ثم بدا ثالث كز ،مقيت عليه قميص وسخ ،معه مرآتان ،فجعل يصفق بيديه إحداهما على الخرى فخالطتا بصوتهما ما يفعله
الرجلن ،ثم بدا رابع عليه قميص مصون وسراويل مصونة وخفان أجذمان ل ساق لواحد منهما ،فجعل يقفز كأنه يثب على
ظهور العقارب ،ثم التبط به على الرض ،فقلت :معتوه ورب الكعبة ثم ما برح مكانه حتى كان أغبط القوم عندي .ورأيت القوم
يحذفونه بالدراهم حذفا منكرا ،ثم أرسل النساء إلينا :أن أمتعونا من لهوكم هذا .فبعثوا بهم ،وجعلنا نسمع أصواتهن من بعد،
وكان معنا في البيت شاب ل آبه له ،فعلت الصوات بالثناء عليه والدعاء ،فخرج فجاء بخشبة عيناها في صدرها ،فيها خيوط
أربعة ،فاستخرج من خللها عودا فوضعه خلف أذنه ،ثم عرك آذانها وحركها بخشبة في يده فنطقت -ورب الكعبة -وإذا هي
أحسن قينة رأيتها قط وغنى عليها ،فأطربني حتى استخفني من مجلسي ،فوثبت فجلست بين يديه ،وقلت :بأبي أنت وأمي ،ما
هذه الدابة فلست أعرفها للعراب وما أراها خلقت إل قريبا .فقال :هذا البربط? فقلت بأبي أنت وأمي ،فما
ونسخت من هذا الكتاب الذي فيه شعره ،أن وقعة كانت بين بني نمير وبني كلب بنواحي ديار مضر ،وكانت لكلب على بني
نمير ،وأن نميرا استغاثت ببني تميم ،ولجأت إلى مالك بن زيد سيد تميم يومئذ بديار مضر ،فمنع تميما من إنجادهم ،وقال :ما
كنا لنلقى بين قيس وخندف دماء نحن عنها أغنياء ،وأنتم وهم لنا أهل وإخوة ،فإن سعيتم في صلح عاونا ،وإن كانت حمالة أعنا،
:فأما الدماء فل مدخل لنا بينكم فيها .فقال ناهض بن ثومة في ذلك
عليك وخير ما أهدى السلمـا سلم الـلـه يا مـال بـن زيد
فل تستعجلوا فينا الـمـلمـا تعـلـم أينـا لـكـم صـديق
عداة ل نرى أبـدا سـلمـا ولكنـا وحـي بـنـي تـمـيم
كحرف السيف ينهار انهدامـا وإن كنا تكـافـفـنـا قـلـيل
وقد ظن الجهول به التـئامـا وهيض العظم يصبح ذا انصداع
ول الشيب الجحاجح والكراما فلن ننسى الشباب المرد مـنـا
مآتم ما تجف لهم سـجـامـا ونوح نوائح مـنـا ومـنـهـم
يرجي الجاهلون لهم تمـامـا فكيف يكون صلح بعـد هـذا
وخص لمالك فيها الكـلمـا أل قل للقـبـائل مـن تـمـيم
هوانا إنه يداني الـفـطـامـا فزيدوا يا بـنـي زيد نـمـيرا
أعز الله نـصـركـم ودامـا ول تبقوا على العـداء شـيئا
ورهط الهذلق الموفي الذماما وجدت المجد في حيي تـمـيم
وما زالوا لبـيهـم زمـامـا نجوم القوم مـا زالـوا هـداة
وغاربها وأوفاهـا سـنـامـا هم الرأس المقدم مـن تـمـيم
أغر نرى لطلعته ابتـسـامـا إذا ما غاب نـجـم آب نـجـم
إليه ل اختفاء ول اكتـتـامـا فهذي لبن ثومة فانسـبـوهـا
فل زالت أنوفهـم رغـامـا قال :يعني بالهذلق الهذلق بن بشير ،أخا بني عتيبة بن وإن رغمت لذاك بنو نـمـير
.الحارث بن شهاب ،وابنيه علقمة وصباحا
:قال :وكانت بنو كعب قد اعتزلت الفريقين فلم تصب كلبا ول نميرا ،فلما ظفرت كلب قال لهم ناهض
وخذلنهم أنا سررنا بني كـعـب أل هل أتى كعبا على نأي دراهـم
غداة أتينا في كتائبنـا الـغـلـب بما لقيت منا نمير وجـمـعـهـا
شبيها وما في يوم شيبان من عتب فيا لك يوما بالحمى ل نـرى لـه
فكان الذي نالت نمير من النهـب أقامت نمير بالحمى غـير رغـبة
سباع تدلت من أبانين والهضـب رؤوس وأوصال يزايل بـينـهـا
بضيم على ضيم ونكب على نكب لنا وقعات في نمير تـتـابـعـت
وللحرب أبناء بأنا بنو الـحـرب وقد علمت قيس بن عيلن كلـهـا
وليس لنا إل الردينى من حـزب ألم ترهم طرا علينـا تـحـزبـوا
لعدائنا من ل مدان ول صقـب وإنا لنقتاد الجياد علـى الـوجـى
مخوف بنصب للعدا حين ل نصب أخبرنا جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب ،قال: ففي أي فج ما ركزنا رمـاحـنـا
حدثني أبو هفان ،قال :حدثني غرير بن ناهض بن ثومة الكلبي ،قال :كان شاعر من نمير يقال له :رأس الكبش ،قد هاجى
عمارة بن عقيل بن بلل بن جرير زمانا ،وتناقضا الشعر بينهما مدة ،فلما وقعت الحرب بيننا وبين بني نمير قال عمارة يحرض
:كعبا وكلبا ابني ربيعة على بني نمير في هذه الحرب التي كانت بينهم ،فقال
وعولتما والحرب ذات هرير رأيتكما يا بني ربيعة خرتـمـا
وكذبتما بالمسر قول جـرير وصدقتما قول الفرزدق فيكمـا
فصيرا مع النباط حيث تصير فإن أنتما لم تقذعا الخيل بالقنـا
ستنجد أخبار بهـم وتـغـور قال :فارتحلت كلب حين أتاها هذا الشعر ،حتى أتوا تسومكما بغيا نمير هـضـيمة
نميرا وهم في هضبات يقال لهن واردات ،فقتلوا واجتاحوا ،وفضحوا نميرا ،ثم انصرفوا ،فقال ناهض بن ثومة يجيب عمارة عن
:قوله
قال ابن الكبي :حدثني أبي ،قال :تزوج غيلن بن سلمة خالدة بنت أبي العاص ،فولدت له عمارا وعامرا ،فهاجر عمار إلى
النبي صلى الله عليه وسلم ،فلما بلغه خبره عمد خازن كان لغيلن إلى مال له فسرقه وأخرجه من حصنه فدفنه ،وأخبر غيلن
أن ابنه عمارا سرق ماله وهرب به ،فأشاع ذلك غيلن وشكاه إلى الناس ،وبلغ خبره عمارا فلم يعتذر إلى أبيه ،ولم يذكر له
براءته مما قيل له ،فلما شاع ذلك جاءت أمه لبعض ثقيف إلى غيلن ،فقالت له :أي شيء لي عليك إن دللتك على مالك? قال:
ما شئت .قالت :تبتاعني وتعتقني? قال :ذلك لك .قالت :فاخرج معي .فخرج معها ،فقالت :إني رأيت عبدك فلنا قد احتفر ها
هنا ليلة كذا وكذا ودفن شئيا .وإنه ل يزال يعتاده ويراعيه ،ويتفقده في اليوم مرات ،وما أراه إل المال .فاحتفر الموضع فإذا هو
بماله ،فأخذه وابتاع المة فأعتقها ،وشاع الخبر في الناس حتى بلغ ابنه عمارا ،فقال :والله ل يراني غيلن أبدا ،ول ينظر في
:وجهي .وقال
وبالله إن الـلـه لـيس بـغـافـل حلفت لهم بمـا يقـول مـحـمـد
أبرىء نفسي أن ألـط بـبـاطـل برئت من المال الـذي يدفـنـونـه
تيممته بالسـيف غـير مـواكـل ولو غير شيخي من معـد يقـولـه
تبشره بي يبـتـدرن قـوابـلـي فلما أسلم غيلن ،خرج عامر وعمار وكيف انطلقي بالسلح إلى امرىء
مغاضبين له مع خالد بن الوليد ،فتوفي عامر بعمواس ،وكان فارس ثقيف يومئذ ،وهو صاحب شنوءة يوم تثليث ،وهو قتل
:سيدهم جابر بن سنان أخا دهنة ،فقال غيلن يرثي عامرا
سحا وتبكي فارس الفرسـان عيني تجود بدمعها الهـتـان
عن شدة مرهوبة وطـعـان يا عام من للخيل لما أجحمت
بين الضلوع وكل حي فـان لو أستطيع جعلت مني عامرا
للخيل يوم تواقف وطـعـان يا عين بكي ذا الحزامة عامرا
منه وطعنة جابر بن سنـان وله بتثليثات شـدة مـعـلـم
مما يحير الفرس للـبـاذان نسخت من كتاب أبي سعيد السكري ،قال :كان فكأنه صافي الحديدة مـخـذم
لغيلن بن سلمة جار من باهلة ،وكانت له إبل يرعاها راعيه في البل مع إبل غيلن ،فتخطى بعضها إلى أرض لبي عقيل بن
:مسعود بن عامر بن معتب ،فضرب أبو عقيل الراعي واستخف به ،فشكا الباهلي ذلك إلى غيلن ،فقال لبي عقيل
أبي صدره بالضغن إل تطلـعـا أل من يرى رأى امرىء ذي قرابة
أبوك أبي وإنما صفقـنـا مـعـا فسلمك أرجو ل العـداوة إنـمـا
يقيه إذا لقى الكمي المقـنـعـا وإن ابن عم المرء مثل سـلحـه
وإن يفتقر ل يلف عندك مطمعـا فإن يكثر المولى فإنـك حـاسـد
وجدك أعلم ما تسلفت أجـمـعـا ونسخت من كتابه ،قال :لما أسن غيلن فهذا وعيد وادخـار فـإن تـعـد
:وكثرت أسفاره ملته زوجته ،وتجنت عليه ،وأنكر أخلقها ،فقال فيها
بيضاء قد صبحتها بـطـلق يا رب مثلك في النساء غريرة
مني تحمل عشرتي وخلقـي ونسخت من كتابه :إن بني عامر بن ربيعة جمعوا لم تدر ما تحت الضلوع وغرها
جموعا كثيرة من أنفسهم وأحلفهم ،ثم ساروا إلى ثقيف بالطائف ،وكانت بنو نصر بن معاوية أحلفا لثقيف ،فلما بلغ ثقيفا
مسير بني عامر استنجدوا بني نصر ،فخرجت ثقيف إلى بني عامر وعليهم يومئذ غيلن بن سلمة بن معتب ،فلقوهم وقاتلتهم
ثقيف قتال شديدا ،فانهزمت بنو عامر بن ربيعة ومن كان معهم ،وظهرت عليهم ثقيف ،فأكثروا فيهم القتل ،فقال غيلن في
:ذلك ،ويذكر تخلف بني نصر عنهم
أهل الحظائر من عوف ودهمانا ودع بذم إذا ما حان رحـلـتـنـا
جسر تحسحس عن أولد هصانا القائلين وقد حلت بسـاحـتـهـم
أسيف عوف ترى أم سيف غيلنا والقائلين وقد رابت وطـابـهـم
إنا سنعني صريح القوم من كانـا أغنو الموالي عنـا ل أبـالـكـم
حتى يرى بالعـين مـن كـانـا ل يمنع الخطر المظلوم قحمتـه
ونسخت من كتابه ،قال :جمعت خثعم جموعا من اليمن ،وغزت ثقيفا بالطائف ،فخرج إليهم غيلن بن سلمة في ثقيف،
:فقاتلهم قتال شديدا ،فهزمهم وقتل منهم مقتلة عظيمة ،وأسر عدة منهم ،ثم من عليهم وقال في ذلك
بأي بلء قوم تفـخـرينـا أل يا أخت خثعم خـبـرينـا
وليث نحوكم بالـدارعـينـا جلبنا الخيل من أكنـاف وج
يقيتان الصباح ومعـتـدينـا رأيناهن معـمـلة رواحـا
تضابع في القياد وقد وجينـا فأمست مسي خامسة جميعـا
بأعينهم وحققنا الظـنـونـا وقد نظرت طوالعكم إلـينـا
إذا استنت عيون الناظرينـا إلى رجراجة في الدار تعشى
يبكون البعولة والـبـنـينـا تركن نساءكم في الدار نوحا
فهل أنبئت حال الطالبـينـا أخبرنا محمد بن خلف وكيع ،قال :أخبرني محمد بن جمعتم جمعكم فطلبتمـونـا
سعد الشامي ،قال :حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمرو الثقفي ،قال :خرجت مع كيسان بن أبي سليمان أسايره،
:فأنشدني شعر غيلن بن سلمة ،ما أنشدني لغيره ،حتى صدرنا عن البلة ،ثم مر بالطف وهو يريد الطابق ،فأنشدني له
ف وأخرى بجنب ذي حـسـم وليلة أرقت صحـابـك بـالـط
د بـين الـنـخـيل والجــم فالجسر فالقصران فالنهر المرب
أدنو من الرض غير مقتـحـم معانق الواسـط الـمـقـدم أو
آفاق أرجو نوافـل الـطـعـم أخبرني عمي قال :حدثنا عبد الله بن أبي سعد، أستعمل العنس بالقـياد إلـى ال
قال :حدثني أحمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف قال :حدثني عمر بن عبد العزيز بن أبي ثابت عن أبيه ،قال :لما حضرت
غيلن بن سلمة الوفاة ،وكان قد أحصن عشرا من نساء العرب في الجاهلية ،قال :يا بني قد أحسنت خدمة أموالكم ،وأمجدت
أمهاتكم فلن تزالوا بخير ما غذوتم من كريم وغذا منكم ،فعليكم ببيوتات العرب ،فإنها معارج الكرم ،وعليكم بكل رمكاء مكينة
ركينة ،أو بيضاء رزينة ،في خدر بيت يتبع ،أوجد يرتجى ،وإياكم والقصيرة الرطلة ،فإن أبغض الرجال إلي أن يقاتل عن إبلي أو
:يناضل عن حسبي ،القصير الرطل .ثم أنشأ يقول
وزينها أقوامها فتـزينـت وحرة قوم قد تنوق فعلهـا
وحملتها من قومها فتحملت أخبرني عمي قال :حدثنا محمد بن سعد الكراني، رحلت إليها ل ترد وسيلتي
قال :كان غيلن بن سلمة الثقفي قد وفد إلى كسرى فقال له ذات يوم :يا غيلن ،أي ولدك أحب إليك? قال :الصغير حتى يكبر،
والمريض حتى يبرأ ،والغائب حتى يقدم .قال له :ما غذاؤك? قال :خبز البر .قال :قد عجبت من أن يكون لك هذا العقل وغذاؤك
.غذاء العرب ،إنما البر جعل لك هذا العقل
قال :الكراني ،قال العمري :روى الهيثم بن عدي هذا الخبر أتم من هذه الرواية ،ولم أسمعه منه .قال الهيثم :حدثني أبي ،قال:
خرج أبو سفيان بن حرب في جماعة من قريش وثقيف يريدون العراق بتجارة ،فلما ساروا ثلثا جمعهم أبو سفيان ،فقال لهم:
إنا من مسيرنا هذا لعلى خطر ،ما قدومنا على ملك جبار لم يأذن لنا في القدوم عليه ،وليست بلده لنا بمتجر? ولكن أيكم
يذهب بالعير ،فأن أصيب فنحن برآء من دمه ،وإن غنم فله نصف الربح? فقال غيلن بن سلمة :دعوني إذا فأنا لها .فدخل
:الوادي ،فجعل يطوفه ويضرب فروع الشجر ويقول
عني المور إلى أمر له طبـق ولو رآني أبو غيلن إذ حسـرت
حب الحياة وهول النفس والشفق لقال رغب ورهب يجمعان معـا
أو أسوة لك فيمن يهلك الـورق إما بقيت على مجد ومـكـرمة
ثم قال :أنا صاحبكم .ثم خرج في العير ،وكان أبيض طويل جعدا ضخما ،فلما قدم بلد كسرى ،تخلق ولبس ثوبين أصفرين،
وشهر أمره ،وجلس بباب كسرى حتى أذن له ،فدخل عليه وبينهما شباك من ذهب ،فخرج إليه الترجمان ،وقال له :يقول لك
الملك :من أدخلك بلدي بغير إذني? فقال :قل له :لست من أهل عداوة لك ،ول أتيتك جاسوسا لضد من أضدادك ،وإنما جئت
بتجارة تستمتع بها ،فإن أردتها فهي لك ،وإن لم تردها وأذنت في بيعها لرعيتك بعتها ،وإن لم تأذن في ذلك رددتها .قال :فإنه
ليتكلم ،إذ سمع صوت كسرى فسجد ،فقال له الترجمان :يقول لك الملك :لم سجدت? فقال :سمعت صوتا عاليا حيث ل ينبغي
لحد أن يعلو صوته إجلل للملك ،فعلمت أنه لم يقدم على رفع الصوت هناك غير الملك فسجدت إعظاما له .قال :فاستحسن
كسرى ما فعل ،وأمر له بمرفقة توضع تحته ،فلما أتي بها رأى عليها صورة الملك ،فوضعها على رأسه ،فاستجهله كسرى
واستحمقه ،وقال للترجمان :قل له :إنما بعثنا إليك بهذه لتجلس عليها .قال :قد علمت ،ولكني لما أتيت بها رأيت عليها صورة
الملك ،فلم يكن حق صورته على مثلي أن يجلس عليها ،ولكن كان حقها التعظيم ،فوضعتها على رأسي ،لنه أشرف أعضائي
وأكرمها علي .فاستحسن فعله جدا ،ثم قال له :ألك ولد? قال :نعم .قال :فأيهم أحب إليك? قال :الصغير حتى يكبر ،والمريض
حتى يبرا ،والغائب حتى يؤوب .فقال كسرى :زه ،ما أدخلك علي ودلك على هذا القول والفعل إل حظك ،فهذا فعل الحكماء
وكلمهم ،وأنت من قوم جفاة ل حكمة فيهم ،فما غذاؤك? قال :خبز البر .قال :هذا العقل من البر ،ل من اللبن والتمر .ثم
.اشترى منه التجارة بأضعاب ثمنها ،وكساه وبعث معه من الفرس من بنى له أطما بالطائف ،فكان أول أطم بني بها
أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الزهر ،قال :حدثنا الزبير بن بكار ،قال :حدثني عمر بن أبي بكر الموصلي عن عبد الله بن
مصعب عن أبيه قال :استشهد نافع بن سلمة الثففي مع خالد بن الوليد بدومة الجندل ،فجزع عليه غيلن وكثر بكاؤه ،وقال
:يرثيه
إل اعترتني عبرة تغشـانـي ما بال عيني ل تغمص ساعة
وهنا وهن من الغروب دوان أرعى نجوم الليل عند طلوعها
عن فارس يعلو ذرى القران يا نافعا من للفوارس أحجمت
بين اللهاة وبين عكد لسانـي قال :وكثر بكاؤه عليه ،فعوتب في ذلك ،فقال: فلو استطعت جعلت مني نافعا
والله ل تسمح عيني بمائها فأصن به على نافع .فلما تطاول العهد انقطع ذلك من قوله ،فقيل له فيه ،فقال :بلي نافع ،وبلي
الجرع ،وفني وفنيت الدموع ،واللحاق به قريب
وقبل بكاء المعولت القـرائب أل عللني قبل نـوح الـوادب
وقبل نشوز النفس فوق الترائب وقبل ثوائي في تراب وجنـدل
تجدني وقد قضيت منها مآربي الشعر لحاجز الزدي ،والغناء لنبيه هزج، فإن تأتني الدنيا بيومي فـجـاءة
.بالبنصر ،عن الهشامي
.قال :النقوم بطن من الزد من ولد ناقم ،واسمه عامر بن حوالة بن الهنو بن الزد
نسخت أخبار حاجز من رواية أبي عمرو الشيباني من كتاب بخط المرهبي الكوكبي ،قال :أغار عوف بن الحارث بن الخثم
على بني هلل بن عامر بن صعصعة في يوم داج مظلم ،فقال لصحابه :انزلوا حتى أعتبر لكم .فانطلق حتى أتى صرما من بني
هلل ،وقد عصب على يد فرسه عصابا ليظلع فيطمعوا فيه ،فلما أشرف عليهم استرابوا به ،فركبوا في طلبه ،وانهزم من بين
أيديهم ،وطمعوا فيه ،فهجم بهم على أصحابه بني سلمان ،فأصيب يومئذ بنو هلل ،ومل القوم أيديهم من الغنائم ،ففي ذلك
:يقول حاجز بن عوف
تحية وامق وعمي ظلمـا صباحك واسلمى عنا أمامـا
كحقة تاجر شدت ختـامـا برهرهة يحار الطرف فيها
بعيدا ل تكلمـنـا كـلمـا فإن تمس ابنة السهمي منـا
ولو أمست حبالكم رمامـا فإنك ل محالة أن تـرينـي
تدارك نيها عاما فـعـامـا بناجية القوائم عـيسـجـور
وكان طعام ضيفهم الثمامـا سلي عني إذا اغبرت جمادي
يضحى مالهم نفل تـوامـا ألسنا عصمة الضياف حتى
وعمي مالك وضع السهاما أبى ربع الفـوارس يوم داج
إذا لم تغبق المائة الغلمـا يعني بقوله :وضع السهام ،أن الحارث بن عبدالله بن بكر فلو صاحبتنا لرضيت مـنـا
بن يشكر بن مبشر بن صقعب بن دهمان بن نصر بن زهران ،كان يأخذ من جميع الزد إذا غنموا الربع ،لن الرياسة في الزد
كانت لقومه ،وكان يقال لهم :الغطاريف وهم أسكنوا السد بلد السراة ،وكانوا يأخذون للمقتول منهم ديتين ويعطون غيرهم دية
واحدة إذا وجبت عليهم ،فغزتهم بنو فقيم بن عدي بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ،فظفرت بهم ،فاستغاثوا ببني
سلمان ،فأغاثوهم ،حتى هزموا بني فقيم وأخذوا منهم الغنائم وسلبوهم ،فأراد الحارث أن يأخذ الربع كما كان يفعل ،فمنعه
مالك بن ذهل بن مالك بن سلمان ،وهو عم أبي حاجز ،وقال :هيهات ،ترك الربع غدوة فأرسلها مثل ،فقال له الحارث :أتراك يا
مالك تقدر أن تسود? فقال :هيهات ،الزد أمنع من ذاك .فقال :أعطني ولو جعبا ،والجعب :البعر في لغتهم ،لئل تسمع العرب
:أنك منعتني .فقال مالك :فمن سماعها أفر ،ومنعه الربيع ،فقال حاجز في ذلك
بربعهم باءوا هنالك نـاضـل أل زعمت أبناء يشكـر أنـنـا
صفائح بيض أخلصتها الصياقل ستمنعنا منكم ومن سوء صنعكم
بأيدي كماة جربتها الـقـبـائل وقال أبو عمرو :جمع حاجز ناسا من فهم وعدران، وأسمر خطي إذا هز عـاسـل
:فدلهم على خثعم ،فأصابوا منهم غرة وغنموا ما شاءوا ،فبلغ حاجرا أنهم يتوعدونه ويرصدونه ،فقال
وإيعادكم بالقتل صم مـسـامـعـي إني مـن إرعـادكـم وبـروقـكـم
على ألف بيت جدهم غير خـاشـع وإني دليل غـير مـخـف دللـتـي
كذا كل مشبوح الـذراعـين نـازع ترى البيض يركضن المجاسد بالضحى
تشيرون نحوي نحوكم بـالصـابـع وقال أبو عمرو :أغارت خثعم على بني علـى أي شـيء ل أبـا لبـيكــم
سلمان وفيهم عمرو بن معد يكرب ،وقد استنجدت به خثعم على بني سلمان ،فالتقوا واقتتلوا ،فطعن عمرو بن معد يكرب
حاجزا فأنفذ فخذه ،فصاح حاجز :يا آل الزد فندم عمرو وقال :خرجت غازيا وفجعت أهلي .وانصرف ،فقال عزيل الخثعمي
:يذكر طعنة عمرو حاجزا ،فقال
مشلشلة كحـاشـية الزار أعجز حاجـز مـنـا وفـيه
وقد أقسمت ل يضربك ضار فأجابه حاجز فقال :فعز علي ما أعجزت منـي
بواء بـأيام كـثـير عـديدهـا إن تذكروا يوم القـري فـإنـه
جهارا فجئنا بالنساء نقـودهـا فنحن أبحنا بالشخيصة واهـنـا
بني مالك والخيل صعر خدودها ويوم كراء قد تدارك ركضـنـا
سراة بني لهبان يدعة شريدهـا ويوم الراكات اللواتي تأخـرت
بملمومة يهوى الشجاع وئيدهـا ونحن صبحنا الحي يوم تنـومة
عبق الهناء مخاطم الجرب الشعر للحارث بن الطفيل الدوسي ،والغناء لمعبد، ومعاشرا صدأ الحديد بهـم
.رمل بالبنصر ،من رواية يحيى المكي ،وفيه لبن سريج خفيف ثقيل مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق ،والله أعلم
وكان سبب ذلك فيما ذكر عن أبي عمرو الشيباني أن ضماد بن مسرح بن النعمان بن الجبار بن سعد بن الحارث بن عبد الله
بن عامر بن الحارث بن يشكر ،سيد آل الحارث ،كان يقول لقومه :أحذركم جرائر أحمقين من آل الحارث يبطلن رياستكم.
وكان ضماد يتعيف ،وكان آل الحارث يسودون العشيرة كلها ،فكانت دوس أتباعا لهم ،وكان القتيل من آل الحارث تؤخذ له
ديتان ،ويعطون إذا لزمهم عقل قتيل من دوس دية واحدة ،فقال غلمان من بني الحارث يوما :ائتوا شيخ بني دوس وزعيمهم
الذي ينتهون إلى أمره فلنقتله .فأتياه .فقال :يا عم ،إن لنا أمرا نريد أن تحكم بيننا فيه .فأخرجاه من منزله ،فلما تنحيا به قال له
أحدهما :يا عم ،إن رجلي قد دخلت فيها شوكة ،فأخرجها لي .فنكس الشيخ رأسه لينتزعها وضربه الخر فقتله ،فعمدت دوس
إلى سيد بني الحارث ،وكان نازل بقنونى فأقاموا له في غيضة في الوادي ،وسرحت إبله فأخذوا منها ناقة فأدخلوها الغيضة
وعقلوها ،فجعلت الناقة ترغو وتحن إلى البل ،فنزل الشيخ إلى الغيضة ليعرف شأن الناقة ،فوثبوا عليه فقتلوه ،ثم أتوا أهله،
وعرفت بنو الحارث الخبر ،فجمعوا لدوس وغزوهم فنذروا بهم فقاتلوهم فتناصفوا ،وظفرت بنو الحارث بغلمة من دوس
فقتلوهم ،ثم إن دوسا اجتمع منهم تسعة وسبعون رجل ،فقالوا :من يكلمنا ،من يمانينا حتى نغزو أهل ضماد? فكان ضماد قد
:أتى عكاظ ،فأرادوا أن يخالفوه إلى أهله ،فمروا برجل من دوس وهو يتغنى
وإن نوى المحارب ل تروب فقالوا :هذا ل يتبعكم ،ول ينفعكم أن تبعكم ،أما فإن السـلـم زائدة نـواهـا
تسمعون غناءه في السلم .فأتوا حممة بن عمرو ،فقالوا :أرسل إلينا بعض ولدك .فقال :وأنا إن شئتم .وهو عاصب حاجبيه من
الكبر ،فأخرج معهم ولده جميعا ،وخرج معهم وقال لهم :تفرقوا فرقتين ،فإذا عرف بعضكم وجوه بعض فأغيروا ،وإياكم والغارة
حتى تتفارقوا ل يقتل بعضكم بعضا .ففعلوا ،فلم يلتفتوا حتى قتلوا ذلك الحي من آل الحارث ،وقتلوا إبنا لضماد ،فلما قدم قطع
أذني ناقته وذنبها ،وصرخ في آل الحارث ،فلم يزل يجمعهم سبع سنين ودوس تجتمع بازائه ،وهم مع ذلك يتغاورون ويتطرف
بعضهم بعضا ،وكان ضماد قد قال لبن أخ له يكنى أبا سفيان لما أراد أن يأتي عكاظ :إن كنت تحرز أهلي ،وإل أقمت عليهم.
فقال له :أنا حأحرزهم من مائة ،فإن زادوا فل .وكانت تحت ضماد امرأة من دوس ،وهي أخت مربان بن سعد الدوسي الشاعر،
فلما أغارت دوس على بني الحارث قصدها أخوها ،فلذت به ،وضمت فخذها على ابنها من ضماد ،وقالت :يا أخي اصرف عني
القوم ،فإني حائض ل يكشفوني .فنكزسية القوس في درعها ،وقال :لست بحائض ،ولكن في درعك سخلة بكذا من آل
:الحارث ،ثم أخرج الصبي فقتله ،وقال في ذلك
خلفتنا في أهله ابن مسـرح أل هل أتى أم الحصين ولو نأت
ترائبه ينفحن من كل منـفـح ونضرة تدعو بالفناء وطلقـهـا
فرار جبان لمه الذل مقـرح قال :فلم يزالوا يتغاورون حتى كان يوم حضرة وفر أبو سفيان لما بـدا لـنـا
الوادي ،فتحاشد الحيان ،ثم أتتهم بنو الحارث ونزلوا لقتالهم ،ووقف ضماد بن مسرح في رأس الجبل ،وأتتهم دوس .وأنزل خالد
بن ذي السبلة بناته هندا وجندلة وفطيمة ونضرة ،فبنين بيتا ،وجعلن يستقين الماء ،ويحضضن .وكان الرجل إذا رجع فارا أعطينه
:مكحلة ومجمرا ،وقلن :معنا فانزل -إي أنك من النساء -وجعلت هند بنت خالد تحرضهم وترتجز وتقول
فذلكم تزني به الحبيبه فلما التقوا رمى رجل من دوس رجل من آل الحارث ،فقال: من رجل ينازل الكتيبة
خذها وأنا أبو الزبن ،فقال ضماد وهو في رأس الجبل وبنو الحارث بحضرة الوادي :يا قوم زبنتم فارجعوا .ثم رجل آخر من
دوس ،فقال :خذها وأنا أبو ذكر .فقال ضماد :ذهب القوم بذكرها ،فاقبلوا رأيي وانصرفوا .فقال :قد جبنت يا ضماد .ثم التقوا،
.فأبيدت بنو الحارث .هذه رواية أبي عمرو
وأما الكلبي فإنه قال :كان عامر بن بكر بن يشكر يقال له الغطريف ويقال لبنيه الغطاريف ،وكان لهم ديتان ،ولسائر قومه
دية ،وكانت لهم على دوس إتاوة يأخذونها كل سنة ،حتى إن كان الرجل منهم ليأتي بيت الدوسي فيضع سهمه أو نعله على
الباب ،ثم يدخل ،فيجيء الدوسي ،فإذا أبصر ذلك انصرف ورجع عن بيته ،حتى أدرك عمرو بن حممة بن عمرو فقال لبيه :ما
هذا التطول الذي يتطول به إخواننا علينا? فقال :يا بني ،إن هذا شيء قد مضى عليه أوائلنا ،فأعرض عن ذكره .فأعرض عن
هذا المر ،وإن رجل من دوس عرس بابنة عم له ،فدخل عليها رجل من بني عامر بن يشكر ،فجاء زوجها فدخل على اليشكري،
ثم أتى عمرو بن حممة فأخبره بذلك ،فجمع دوسا وقام فيهم ،فحرضهم وقال :إلى كم تصبرون لهذا الذل ،هذه بنو الحارث،
تأتيكم الن تقاتلكم ،فاصبروا تعيشوا كراما أو تموتوا كراما .فاستجابوا له ،وأقبلت إليهم بنو الحارث فتنازلوا ،واقتتلوا ،فظفرت
:بهم دوس ،وقتلتهم كيف شاءت ،فقال رجل من دوس يومئذ
شرابة المحض تروك للقـيل قد علمت صفراء حرشاء الذيل
أن بروقا دونـهـا كـالـويل ترخى فروعا مثل أذناب الخيل
:ودونها خرط القتاد بالـلـيل وقال الحارث بن الطفيل بن عمرو الدوسي في هذا اليوم ،عن أبي عمرو
بنيت على خطب من الخطب يا دار من ماوي بالـسـهـب
وعجانسا يرقلن بـالـركـب إذ ل تـرى إل مـقـاتــلة
محمرة عيناه كـالـكـلـب ومدججا يسعـى بـشـكـتـه
عبق الهناء مخاطم الجـرب ومعاشرا صدأ الحـديد بـهـم
أيقنت أنهـم بـنـو كـعـب لما سمعت نزال قـد دعـيت
عنقاء والتبيان في النـسـب كعب بن عمر ل لكعب بني ال
فمضى وراشوه بذي كعـب فرميت كبش القوم معتـمـدا
ناط المعرض أقدح القضـب شكو بحقويه القـداح كـمـا
بشبا السنة مغـرة الـجـأب فكأن مهري ظل منغـمـسـا
فوع وضعت بمنزل اللصـب يا رب موضوع رفعت ومـر
تحت الوغى بشديدة العضـب وحليل غانية هتكت قرارهـا
أحللتها في مـنـزل غـرب كانت على حب الحياة فـقـد
تعدى الصحاح مبارك الجرب هذا البيت في الغناء في لحن ابن سريج ،وليس هو جانيك من يجني علـيك وقـد
في هذه القصيدة ،ول وجد في الرواية ،وإنما ألحقناه بالقصيدة لنه في الغناء كما تضيف المغنون شعرا إلى شعر ،وإن لم يكن
.قائلهما واحدا إذا اختلف الروي والقافية
أرى صالح العمال ل أستطيعها إلى الله أشكو ل إلى الناس أننـي
وذي رحم ما كان مثلي يضيعها أرى خلة فـي إخـوة وأقـارب
لفاض عليهم بالنوال ربيعـهـا أنشدنا ذلك له علي بن سليمان الخفش ،عن فلو ساعدتني في المكارم قـدرة
:المبرد وأنشدناه محمد بن خلف بن المرزبان عن الربعي أيضا .قال :وهو القائل
إذا كانت العلياء في جانب الفقر ولست بميال إلى جانب الغـنـى
وحسبك أن الله أثنى على الصبر أخبرني محمد بن خلف ،قال :حدثنا النخعي وإني لصبار على ما ينوبـنـي
:وإسحاق ،قال :هجا أبان اللحقي المعذل بن غيلن فقال
ففسا فسـوة فـكـدت أطـير كنت أمشي مع المعـذل يومـا
من ورائي والرض بي تستدير فتلفت هـل أرى ظـربـانـا
صار ذاك الفساء منـه يفـور فإذا لــيس غـــيره وإذا إع
رف هذا فيما أرى خـنـزير فأجابه المعذل فقال :فتعجبت ثـم قـلـت لـقـد أع
تك بالمهد أبـانـا صحفت أمك إذ سم
لم ترد إل أتـانـا قد علمنا مـا أرادت
تاء واللـه عـيانـا صيرت باء مكان ال
من مسميك اللسانا أخبرني عمي قال :حدثنا المبرد قال :مر المعذل بن غيلن بعبد الله بن قطع الله وشـيكـا
:سوار العنبري القاضي ،فاستنزله عبد الله ،وكان من عادة المعذل أن ينزل عنده ،فأبى ،وأنشده
ذمامكم ول تقضوا ذمامـا أمن حق المودة أن نقضي
رآه الخرون لهم إمامـا وقد قال الديب مقال صدق
ولم أغضب لذلكم فذامـا قال :وانصرف ،فبكر إليه عبد الله بن سوار ،فقال له: إذا أكرمتكم وأهنتمـونـي
رأيتك أبا عمرو مغضبا .فقال :أجل ماتت بنت أختي ولم تأتني .قال :ما علمت ذلك .قال :ذنبك أشد من عذرك ،وما لي أنا
.أعرف خبر حقوقك ،وأنت ل تعرف خبر حقوقي? فما زال عبد الله يعتذر إليه حتى رضي عنه
حدثني الحسن بن علي الخفاف ،قال :حدثنا ابن مهرويه عن الحمدوني ،قال :كان شروين حسن الغناء والضرب ،وكان من
أراد أن يغنيه حتى يخرج من جلده جاء بجويرية سوداء فأمرها أن تطالعه ،وتلوح له بخرقة حمراء ،ليظنها امرأة تطالعه ،فكان
:حينئذ يغني أحسن ما يقدر عليه تصنعا لذلك ،فغضب عليه عبد الصمد في بعض المور ،فقال يهجوه
فلتنهه الولى عن الثانيه من حل شروين له منزل
إل فتى في بيته زانـيه أخبرني الحسن ،قال :حدثنا ابن مهرويه ،قال :حدثني أبو عمرو فليس يدعوه إلى بـيتـه
:البصري ،قال :قال عبد الصمد بن المعذل في رجل زان من أهل البصرة كانت له امرأة تزني ،فقال
فطالـمـا صـفـر آذانـا إن كنت قد صفرت أذن الفتى
فإنما كشخنت كـشـخـانـا أخبرني جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب ،قال :حدثنا ل تعجبي إن كنت كشخنتـه
سوار بن أبي شراعة ،قال :كان بالبصرة رجل يعرف بابن الجوهري ،وكانت له جارية مغنية حسنة الغناء ،وكان ابن الجوهري
شيخا هما قبيح الوجه ،فتعشقت فتى كاتبا كان يعاشره ويدعوه ،وكان الفتى نظيفا ظريفا ،فاجتمعت معه مرارا في منزله،
وكان عبد الصمد يعاشره ،فكان الفتى يكاتمه أمره ،ويحلف له أنه ل يهواها ،فدخلت عليهما ذات يوم بغتة ،فبقي الفتى باهتا ل
:يتكلم ،وتغر لونه وتخلج في كلمه ،فقال عبد الصمد
ومشهده يصـدق لسان الهوى ينطق
عليك وما يشفق لقد نم هذا الهوى
فقلبك لم يخفـق إذا لم تكن عاشقا
تحار فل تنطـق وما لك إما بـدت
أم القمر المشرق الغناء في هذه البيات لرذاذ ،ويقال للقاسم بن زرزور ،رمل مطلق .أشمس تجلت لنـا
:قال :ثم طال المر بنيهما ،فهربت إليه جملة ،فقال عبد الصمد في ذلك
أي امرىء عاجز تركت إلى امرىء حازم ركبـت
أظهرت نصحا وقد أفكت فتنة ابن الجوهري لـقـد
:فقلت أنا فيه شعرا تركته يتحاجى فيه كل أحد ،فما رواه أحد ول فكر فيه ،وذلك لضعته ،وهو قولي
ر إليه مـنـتـهـاه نسب الجماز مقصـو
س فما يخفى سـواه يتراءى نسب الـنـا
ماز من هو كاتبـاه يتحاجى في أبي الـج
ماز إل مــن يراه أخبرني الخفش ،قال :كان لعبد الصمد بستان نظيف عامر ،فأنشدنا ليس يدري من أبو الج
:لنفسه فيه
خلوت فنادمت بستـانـيه إذا لم يزرنـي نـدمـانـيه
يهيج لي ذكر أشجـانـيه فنادمته خضرا مـؤنـقـا
ويبعد همـي وأحـزانـيه يقرب مفرحة المسـتـلـذ
تظل لطلئهـا حـانـيه أرى فيه مثل مداري الظباء
كما ابتسمت عجباص غانيه ونور أقاح شتيت النـبـات
إلى وجه عاشقهـا رانـيه أخبرني جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب ،قال :كان يزيد ونرجسه مثل عين الفـتـاة
بن عبد الملك المسمعي يهوى جارية من جواري القيان ،يقال لها :عليم ،وكان يعاشر عبد الصمد ،ويزيد يومئذ شاب حديث
السن ،وكان عبد الصمد يسميه ابني ،ويسمي الجارية ابنتي ،فباع الفتى بستانا له في معقل ،وضيعة بالقندل ،فاشترى الجارية
:بثمنها ،فقال عبد الصمد
تهدى من ابني إلى عروس بنيتي أصبحـت عـروسـا
فاجتمعا ليلة الـخـمـيس زفت إليه لـخـير وقـت
بالمنزل الرذل الخسـيس يا معشر العاشقـين أنـتـم
فاتبعوا منـهـج الـرئيس يزيد أضحى لكـم رئيسـا
ذلل نفسا بـحـل كـيس أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان ،قال :حدثني يزيد بن من رام بـل لــرأس أير
محمد المهلبي ،قال :بلغ عبد الصمد بن المعذل أن أبا قلبة الجرمي تدسس إلى الجماز لما بلغه تعرضه له ،وهجاؤه إياه،
فحمله على الزيادة في ذلك ،ويضمن له أن ينصره ويعاضده ،وقد كان عبد الصمد هجا أبا قلبة حتى أفحمه ،فقال عبد الصمد
:فيهما
صماء هامته أميمـه يا من تركت بصخرة
أشبهته خلقا وشيمـه إن الذي عاضـدتـه
ثة فعل جدته القديمه وكفعل جدتك الحـدي
مة ناصر لبن الليئمة حدثني جعفر بن قدامة ،قال :حدثني أبو العيناء ،قال :كان لعبد فتناصرا فابن اللـئي
الصمد بن المعذل صديق يعاشره ويأنس به ،فتزوج إليه أمير البصرة ،وكان من ولد سليمان بن علي ،فنبل الرجل وعل قدره،
:ووله المتزوج إليه عمل ،فكتب إليه عبد الصمد
أم نلت ملكا فتهت في كتـبـك أحلت عما عهـدت مـن أدبـك
وان نقصا عليك في حسـبـك أم هل ترى أن في مناصفة الخ
فأي شيء أدناك من غضـبـك أم كان ما كان منك عن غضب
يكون في صدره وأمتـع بـك إن جـفـاء كـتـاب ذي ثـقة
شاركت آل النبي في نسـبـك كيف بإنصافـنـا لـديك وقـد
نفسك عندي مللت من طلبـك قل للـوفـاء الـذي تـقـدره
حسبك ماذا كفيت من تعـبـك فأجابه صديقه :أتعبت كفيك في مواصـلـتـي
وكل خير أنال من نسبـك كيف يحول الخاء يا أملـي
فامنن بفضل علي من أدبك إن يك جهل أتاك من قبلـي
ول تراه يخط في كتـبـك حدثني الخفش ،قال :حدثنا المبرد ،قال :كان لعبد أنكرت شيئا فلست فاعلـه
:الصمد بن المعذل صديق كثير الكذب ،كان معروفا بذلك ،فوعده وعدا فأخلفه ،ومطله به مطل طويل ،فقال عبد الصمد
يزيد عند السكون والحركة لي صاحب في حديثه البركة
لردها بالحروف مشتبـكة أخبرني جعفر بن قدامة قال :حدثني سوار بن أبي لو قال ل في قليل أحرفهـا
شراعة ،قال :كان يحيى بن عبد السميع الهاشمي يعاشر عبد الصمد بن المعذل ،ويجتمعان في دار رجل من بني المنجاب له
:جارية مغنية ،وكان ينزل رحبة المنجاب بالبصرة ،ثم استبد بها الهاشمي دون عبد الصمد ،فقال فيهم عبد الصمد
أخبرني علي بن سليمان ،قال :حدثنا محمد بن يزيد ،قال :كان عبد الصمد بن المعذل يعاشر عبد الله بن المسيب ويألفه،
:فبلغه أن اغتابه يوما وهو سكران ،وعاب شيئا أنشده من شعره ،فقال فيه وكتب بها إليه
قد زال عند حفيظتي صبري عتبي عليك مقارن الـعـذر
يقضي عليك بهفوة فكـري لك شافع مني إلـي فـمـا
في السكر قلت جناية السكر لما أتاني ما نـطـقـت بـه
مستعذبا بنقيصتـي ذكـري حاشا لعبد الـلـه يذكـرنـي
فليهنه ما عاب من شعـري إن عاب شعري أو تحـيفـه
أصبحت مرتهنا به شكـري يا ابن المسيب قد سبقت بمـا
ومتى هفوت فأنت في عذر فمتى خمرت فأنت في سعة
منك العتاب ذريعة الهجـر أخبرني الخفش ،قال :حدثنا المبرد ،قال :دعا عبد ترك العتاب إذا استحـق أخ
الصمد بن المعدل شروين المغني ،وكان محسنا متقدما في صناعته ،فتعالل عليه ومضى إلى غيره ،فقال عبد الصمد ،والله
:لسمنه ميسما ل يدعوه بعده أحد بالبصرة إل بعد أن يبذل عرضه وحريمه .فقال فيه
فلتنهه الولى عن الثانية من حل شروين له منزل
إل فتى في بيته زانـية فتحاماه أهل البصرة حتى اضطر إلى أن خرج إلى بغداد وسر فليس يدعوه إلى بـيتـه
.من رأى
أخبرني محمد بن عمران الصيرفي وأحمد بن العباس العسكري ،قال :حدثنا الحسن بن عليل العنزي ،قال :حدثنا الفضل بن
أبي جرزة ،قال :كان أبو قلبة الجرمي وعبد الصمد بن المعذل وعبد الله بن محمد بن أبي عيينة المهلبي أرادوا المسير إلى
بيت بحر البكراوي ،وكانت له جارية مغنية ،يقال لها :جبلة ،وكان أبو رهم إليها مائل يتعشقها ،ثم اشتراها بعد ذلك فلما أرادوا
الدخول إليها وافاهم أبو رهم ،فأدخلوه وحده وحجبوهم ،فانصرفوا إلى بستان ابن أبي عيينة ،فقال أبو قلبة :ل بد أن نهجو أبا
:رهم .فقالوا :قل .فقال
سيهوى نعتك الوصف أل قـل لبـي رهـم
كذا جانب الظـرف كما حالفـك الـغـي
إلى بحر من الشغف أتـانـا أنـه أهـدى
فهل معـه رغـف حزيمات من الصـير
فقد جاءكم اللـطـف فقال له عبد الصمد :سخنت عينك أيش هذا الشعر ،بمثل هذا فنادوا اقسمي فـينـا
يهجى من يراد به الفضيحة .فقال أبو قلبة :هذا الذي حضرني ،فقل أنت ما يحضرك .فقال :أفعله وأجود .فكان هذا سبب هجاء
:عبد الصمد أبا رهم ،وأول قصيدة هجاه بها قوله
وألقوا الريط واشتملوا القلوسا دعوا السلم وانتحلوا المجوسا
لقد أنهضت طيركم نحـوسـا بني العبد المقيم بنهـر تـيري
فل يمسي بأمكـم عـروسـا حرام أن يبـيت لـكـم نـزيل
يحث على نداماه الـكـؤسـا إذا ركد الظلم رأت عـسـيل
فيستدعي إلى الحرم النفوسـا ويذكرهم أبو رهم بـهـجـو
ويحمي الفضل بينهم الوطيسا ويخليهم هشام بـالـغـوانـي
كما أهملت في الزرب التيوسا فتسمع في البيوت لهم هبـيبـا
فقد وجد الزناة بهـم رئيسـا لقد كان الـزنـاة بـل رئيس
وهم وسموا بجبهته حبـيسـا هم قبلوا الزنـاء وأنـشـؤوه
لقد أخزى الله بهم سـدوسـا وقال فيه :لئن لم تنف دعوتهـم سـدوس
كجـوده بـالخـت والم لو جاد بالمـال أبـو رهـم
وقيل أسخى العرب والعجم أضحى وما يعرف مثل له
أحق أن يشكر بالـشـتـم وله فيه من قصيدة طويلة :من بر بالحرمة إخـوانـه
زوجه زوج زوجته هو والله منـصـف
بين حرها وفقحتـه حدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار ،قال :حدثنا العنزي ،قال :حدثني أبو يقسـم الير عـادل
:الفضل بن عبدان ،قال :خرج عبد الصمد بن المعذل مع أهله إلى نزهة وقال
كنت عند إسحاق بن إبراهيم وزاره أحمد بن المعذل ،وكان خرج من البصرة على أن يغزو ،فلما دخل على إسحاق بن إبراهيم
:أنشده
حقا قديما من الود الـذي درسـا أفضلت نعمي على قوم رعيت لهم
أتوا سواك فما لقوا بـه أنـسـا وحرمة القصد بـالمـال إنـهـم
قول وفعل وأخلقا ومغتـرسـا فأمر له بخمسمائة دينار ،فقبضها ورجع إلى لنت أكرم منه عنـد رفـعـتـه
:البصرة ،وكان خرج عنها ليجاور في الثغر ،وبلغ عبد الصمد خبره ،فقال فيه
وإنما كان يغزو كيس إسحاق يرى الغزاة بأن الله هـمـتـه
وابتاع عاجل رفد القوم بالباقي فبلغ إسحاق بن إبراهيم قوله ،فقال :قد مسنا أبو فباع زهدا ثوابا ل نـفـاد لـه
.السم عبد الصمد بشيء من هجائه .وبعث إليه بمائة دينار ،فقال له موسى بن صالح :أبى المير إل كرما وظرفا
أخبرني محمد بن عمران الصيرفي ،قال :حدثنا الحسن بن عليل ،قال :حدثني الحسن السدي ،قال :قدم أبو نبقة من البحرين
:وقد أهدى إلى قوم من أهل البصرة هداياه ،ولم يهد إلى عبد الصمد شيئا فكتب إليه
وفي أدم البحرين والنبق الصـفـر أما كان في قسب اليمامة والتـمـر
وأهديتها حظ لـنـا يا أبـا بـكـر ول في مناديل قسمـت طـريفـهـا
ولم ينتصف منها المقل ول المثـري سرت نحو أقوام فـل هـنـأتـهـم
وآل أبي حرب ذوي النشب الـدثـر أأنت إلى طالوت ذي الوفر والغنـى
غصصت بباقي ما ادخرت من التمر ولم تأتنـي ول الـرياشـي تـمـرة
تكون له في القيظ ذخرا مدى الدهر ولم يعط منها الـنـهـشـلـي إداوة
عرى البيد منشور المخافة والذعـر أقول لفـتـيان طـويت لـطـيهـم
لما أنصف السدري في ثمر السـدر لئن حكم السدري بالـعـدل فـيكـم
لدينا بمحمود ول ظاهـر الـعـذر أخبرنا الحسن بن عليل ،قال :حدثنا أحمد لئن لم تكن عيناك عذرك لـم تـكـن
بن يزيد المهلبي ،قال :وقع بين أبي وبين عبد الصمد بن المعذل تباعد ،فهجاه ونسبه إلى الشؤم ،وكان يقال ذلك في عبد
:الصمد ،فقال فيه
كما لقي ابن سهل من يزيد يقول ذوو التشؤم ما لقـينـا
أتاه يزيد من بلـد بـعـيد أتته منية المأمـون لـمـا
وفرق عنه أفواج الجنـود فصير منه عسكره خـلء
أباد لهم عديدا مـن عـديد فقلت لهم وكم مشؤوم قـوم
بشؤم كان أسرع في سعيد رأيت ابن المعذل يال عمرو
ومنه قض آجام الـبـريد فمنه موت جلة آل سـلـم
ولما يتسمع لطم الـخـدود ولم ينزل بدار ثم يمـسـي
فإن بعقبه يا عين جـودي وكل مديح قوم قال فـيهـم
تنسم منه رائحة الصعـيد إذا رجل تسمع منه مدحـا
أثاروا منه رائحة الطـريد فلو حصف الذين يبيح فيهم
ول عتبا بأبواب الـحـديد حدثني الخفش ،قال :حدثنا المبرد ،قال :مر أحمد بن فليس العز يمنه منه شؤمـا
:المعذل بأخيه عبد الصمد وهو يخطر ،فأنشأ يقول
أنه ابن المهلب إن هذا يرى أرى
ولنا غير معجب أخبرني الحسن بن علي قال :حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه ،قال: أنت والله معجب
حدثنا أبي وغيره ،وحدثني به بعض آل المعذل ،قال :مر عبد الصمد بن المعذل بغلم يقال له :المغيرة ،حسن الصوت حسن
:الوجه ،وهو يقرأ ويقول القصائد ،فأعجب به ،وقال فيه
جد بالصوت العقيره أيها الرافع في المس
لء والقتل كبـيره قتلتني عينك الـنـج
فاصلو حكم العشيره أيها الحكـام أنـتـم
صنعت عينا مغيره أخبرني الحسن بن علي قال :حدثنا ابن مهرويه ،قال :حدثنا زكريا بن أحلل ما بقـلـبـي
:مهران بن يحيى ،قال
جاءنا عبد الصمد بن المعذل إلى منزل محمد بن عمر الجرجرائي ،فأنشدنا قصيدة له في صفة الحمى ،فقال لي محمد بن
:عمر :امض إلى منزل عبد الصمد حتى تكتبها .فمضيت إليه حتى كتبتها ،وهي
وعفت الغواني والخمره هجرت الصبا ايما هجره
بكأس الضنا ايما سكره أخبرني الحسن بن علي ،قال :حدثنا ابن مهرويه ،قال: طوتني عن وصلها سكره
حدثني عبد الله بن يزيد الكاتب ،قال :جمع بين أبي تمام الطائي وبين عبد الصمد بن المعذل مجلس ،وكان عبد الصمد سريعا
:في قول الشعر ،وكان في أبي تمام إبطاء ،فأخذ عبد الصمد القرطاس وكتب فيه
س وكلتاهما بوجه مـذال أنت بين اثنتين تبرز للـنـا
من حبيب أو طالبا لنـوال لست تنفك طالبا لـوصـل
بين ذل الهوى وذل السؤال قال :فأخذ أبو تمام القرطاس وخل طويل ،وجاء به وقد أي ماء لحر وجهك يبقـى
:كتب فيه
وأنت أبرز من ل شيء في العـدد أفي تنظم قول الـزور والـفـنـد
كأنها حركات أروح في الجـسـد فقال له عبد الصمد :يا ماص بظر أمه، أشرجت قلبك من بغضي على حرق
يا غث ،أخبرني عن قولك أنزر من ل شيء ،واخبرني عن قولك اشرجت قلبك ،قلبي مفرش أو عيبة أو حرج فأشرجه ،عليك
.لعنة الله فما رأيت أغث منك .فانقطع أبو تمام انقطاعا ما يرى أقبح منه ،وقام فانصرف ،وما راجعه بحرف
قال أبو الفرج الصبهاني :كان في ابن مهرويه تحامل على أبي تمام ل يضر أبا تمام هذا منه ،وما أقل ما يقدح مثل هذا في
.مثل أبي تمام
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي ،قال :حدثني العنزي ،قال :كان عبد الصمد بن المعذل يستثقل رجل من ولد جعفر بن
سليمان بن علي يعرف بالفراش ،وكان له ابن أثقل منه ،وكانا يفطران عند المنذر بن عمرو -وكان يخلف بعض أمراء البصرة -
وكان الفراش هذا يصلي به ،ثم يجلس فيفطر وهو وابنه عنده ،فلما مضى شهر رمضان انقطع ذلك عنهما ،فقال عبد الصمد بن
:المعذل
وحدا بشهر الصوم فطر المفطر غدر الزمان ولـيتـه لـم يغـدر
تمري بوادر دمعك المتـحـدر وثوت بقلبك يا محـمـد لـوعة
أسف المشوق وخلة المتفـكـر وتقسمتك صبابـتـان لـبـينـه
واقر السلم على خوان المنـذر فاستبق عينك واحش قلبك يأسـه
والشمس في علياء لم تتـهـور سقيا لدهـرك إذ تـروح يومـه
وتمد بلعوما قموص الحنـجـر حتى تنيخ بكـلـكـل مـتـزاور
تدع الخوان سراب قاع مقـفـر وترود منك على الخوان أنـامـل
أنحى عليها كالهزبر الهـيصـر ويح الصحاف من ابن فـراش إذا
بشر الخوان بدا بحل الـمـئزر ذو دربة طب إذا لمـعـت لـه
لو أن شهر الصوم مدة أشـهـر ود ابن فـراش وفـراش مـعـا
وتراه يحمد عدة المـتـنـصـر يزرى على السلم قلة صبـره
سيعود شهرك قابل فاستبـشـر ل تهلكن على الصـيام صـبـابة
شين المغيب وغير زين المحضر أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان ،قال: ل در درك يا محمد من فـتـى
حدثني محمد البصري وكان جارا لعبد الصمد بن المعذل ،قال :كان يزيد بن محمد المهلبي يعادي عبد الصمد ويهاجيه ويسابه،
:ويرمي كل واحد منهما صاحبه بالشؤم .وكان يزيد بالبصرة وأبوه يتولى نهر تيرى ونواحيها ،فقال عبد الصمد يهجوه
ولست على نسائك بالمـير أبوك أمير قرية نهر تـيرى
لهم وعـلـيك أرزاق اليور وأرزاق العباد عـلـى آلـه
وما في أهل رزقك من فقير أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان ،قال :حدثني فكم من رزق ربك من فقير
محمد بن عبد الرحمن ،قال :حدثني أحمد بن منصور ،قال :شرب علي بن عيسى بن جعفر وهو أمير البصرة الدهن ،فدخل إليه
:عبد الصمد بن المعذل بعد خروجه عنه ،فأنشده قوله
وأعلى رتـبة وأجـل حـال بأيمـن طـائر وأسـر فـال
خروج المشرفي من الصقال شربت الدهن ثم خرجت عنه
فقال معاوية :أزائرا جئت أم مفاخرا أم مكاثرا? فقال :أي ذلك شئت .فقال له :ما أشاء من ذلك شيئا ،وأراد معاوية أن يقطعه
عن كلمه الذي عن له ،فقال :على أي الظهر أتيتنا? قال :على فرسي .قال :وما وصفته? قال :أجش هزيم ،يعرض بقول
:النجاشي له
أجش هزيم والرمـاح دوانـي ونجى ابن حرب سابح ذو عللة
مرته به الساقان والقـدمـان فغضب معاوية :وقال :أما إنه ل يركبه صاحبه في إذا خلت أطراف الرماح تنالـه
الظلم إلى الريب ،ول هو ممن يتسور على جاراته ول يتوثب على كنائنه بعد هجعة الناس -وكان عبد الرحمن يتهم بذلك في
امراة أخيه -فخجل عبد الرحمن وقال :يا أمير المؤمنين ،وما حملك على عزل ابن عمك ،ألجناية أوجبت سخطا ،أم لرأي رأيته،
وتدبير استصلحته? قال :لتدبير استصلحته .قال :فل بأس بذلك ،وخرج من عنده فلقي أخاه مروان ،فأخبره بما جرى بينه وبين
معاوية ،فاستشاط غيظا ،وقال لعبد الرحمن :قبحك الله ،ما أضعفك ،أعرضت للرجل بما أغضبه حتى إذا انتصف منك أحجمت
عنه? ثم لبس حلته ،وركب فرسه ،وتقلد سيفه ،ودخل على معاوية ،فقال له حين رآه وتبين الغضب في وجهه :مرحبا بأبي عبد
الملك ،لقد زرتنا عند اشتياق منا إليك .قال :لها الله ما زرتك لذلك ،ول قدمت عليك فألفيتك إل عاقا قاطعا ،والله ما أنصفتنا
ول جزيتنا جزاءنا .لقد كانت السابقة من بني شمس لل أبي العاص ،والصهر برسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ،والخلفة
فيهم ،فوصلوكم يا بني حرب وشرفوكم ،وولوكم فما عزلوكم ول آثروا عليكم ،حتى إذا وليتم وأفضى المر إليكم ،أبيتم إل أثرة
وسوء صنيعة ،وقبح قطيعة ،فرويدا رويدا ،قد بلغ بنو الحكم وبنو بنيه نيفا وعشرين ،وإنما هي أيام قلئل حتى يكملوا أربعين
.ويعلم امرؤ أين يكون منهم حينئذ ،ثم هم للجزاء بالحسنى وبالسوء بالمرصاد
قال عمي في خبره :فقال له معاوية :عزلتك لثلث لو لم يكن منهن إل واحدة لوجبت عزلك :إحداهن إني أمرتك على عبد
الله بن عامر وبينكما ما بينكما ،فلم تستطع أن تشتفي منه .والثانية كراهتك لمر زياد .والثالثة أن ابنتي رملة استعدتك على
زوجك عمرو بن عثمان فلم تعدها .فقال له مروان :أما ابن عامر فإني ل أنتصر في سلطاني ،ولكن إذا تساوت القدام علم أين
موقعه .وأما كراهتي أمر زياد فإن سائر بني أمية كرهوه ،ثم جعل الله لنا في ذلك الكره خيرا كثيرا .وأما استعداء رملة على
عمرو فوالله إنى لتأتي علي سنة أو أكثر وعندي بنت عثمان فما أكشف لها ثوبا -يعرض بأن رملة إنما تستعدي عليه طلبا
للنكاح -فقال له معاوية :يا ابن الوزغ ،لست هناك .فقال له مروان :هو ذاك الن ،والله إني لبو عشرة وأخو عشرة وعم
:عشرة ،وقد كاد ولدي أن يكملوا العدة -يعني أربعين -ولو قد بلغوها لعلمت أين تقع مني فانخزل معاوية ثم قال
فإني في خياركم كثـير فإن آك في شراركم قليل
وأم الصقر مقلت نزور قال :فما فرغ مروان من كلمه حتى استخذى معاوية في بغاث الطير أكثرها فراخا
يده وخضع له ،وقال :لك العتبى ،وأنا رادك إلى عملك .فوثب مروان وقال له :كل والله وعيشك ل رأيتني عائدا إليه أبدا .وخرج،
فقال الحنف لمعاوية :ما رأيت لك قط سقطة مثلها ،ما هذا الخضوع لمروان? وأي شيء يكون منه ومن بني أبيه إذا بلغوا
أربعين? وأي شيء تخشاه منهم? فقال له :ادن مني أخبرك بذلك .فدنا منه ،فقال له :إن الحكم بن أبي العاص كان أحد من
وفد مع أختي أم حبيبة لما زفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،وهو الذي تولى نقلها إليه ،فجعل رسول الله صلى الله عليه
وسلم يحد النظر إليه ،فلما خرج من عنده قيل له :يا رسول الله ،لقد أحددت النظر إلى الحكم فقال :ابن المخزومية ذلك رجل
إذا بلغ ولده ثلثين -أو قال :أربعين -ملكوا المر بعدي .فوالله لقد تلقاها مروان من عين صافية .فقال له الحنف :ل يسمعن
هذا أحد منك ،فإنك تضع من قدرك وقدر ولدك بعدك ،وإن يقض الله عز وجل أمرا يكن .فقال له معاوية :فاكتمها علي يا أبا
.بحر إذا ،فقد لعمري صدقت ونصحت
أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال :حدثنا عمر بن شبة قال :حدثني يعقوب بن القاسم الطلحي ،قال :حدثني ثمال عن
:أيوب بن درباس بن دجاجة قال
شخص مروان بن الحكم ومعه أخوه عبد الرحمن ،إلى معاوية ،ثم ذكر نحوا من الحديث الول ،ولم يذكر فيه مخاطبة معاوية
:في أمرهم للحنف ،وزاد فيه :فقال عبد الرحمن في ذلك
إذا قيل الطرف أجرد سابـح أتقطر آفاق السمـاء لـه دمـا
وحتى متى تعيا عليك المنادح أخبرني عمي قال :حدثنا عبد الله بن أبي سعيد فحتى متى ل نرفع الطرف ذلة
قال :حدثنا علي بن الصباح عن ابن الكلبي عن أبيه ،قال :كان عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاصي عند يزيد بن معاوية ،وقد
بعث إليه عبيد الله بن زياد برأس الحسين بن علي عليهما السلم فلما وضع بين يدي يزيد في الطشت بكى عبد الرحمن ثم
:قال
كموتر أقواس وليس لـهـا نـبـل أبلغ أمير المؤمـنـين فـل تـكـن
من ابن زياد الوغد ذي لحسب الرذل لهام بجنب الـطـف أدنـى قـرابة
وبنت رسول الله ليس لهـا نـسـل فصاح به يزيد :اسكت يا ابن الحمقاء، سمية أمسى نسلها عدد الـحـصـى
وما أنت وهذا? أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال :حدثنا عمر بن شبة قال :حدثني هارون بن معروف قال :حدثنا بشر
بن السري قال :حدثنا عمر بن سعيد عن أبي مليكة قال :رأيتهم -يعني بني أمية -يتتايعون نحو ابن عباس حين نفى ابن الزبير
بني أمية عن الحجاز ،فذهبت معهم وأنا غلم ،فلقينا رجل خارجا من عنده ،فدخلنا عليه ،فقال له عبيد بن عمير ،ما لي أراك
:تذرف عيناك? فقال له :إن هذا -يعني عبد الرحمن بن الحكم -قال بيتا أبكاني ،وهو
وعبد مناف لم تغلـهـا الـغـوائل فذكر قرابة بيننا وبين بني عمنا بني وما كنت أخشى أن ترى الذل نسوتي
.أمية ،وإنا إنما كنا أهل بيت واحد في الجاهلية ،حتى جاء السلم فدخل الشيطان بيننا أيما دخل
أخبرني عمي قال :حدثنا الكراني قال :حدثنا العمري عن الهيثم قال :حدثني أخي عباس :أن عبد الرحمن بن الحكم كان يولع
بجارية لخيه مروان يقال لها شنباء ويهيم بمحبتها ،فبلغ ذلك مروان ،فشتمه وتوعده وتحفظ منه في أمر الجارية وحجبها ،فقال
:فيها عبد الرحمن
وإن شحطت دار بهـا لـحـقـيق لعمر أبي شنباء إنـي بـذكـرهـا
علي وإن لم تـرعـه لـصـديق وإني لها ،ل ينزع اللـه مـا لـهـا
متى أنت عن هذا الحديث مـفـيق أخبرني عمي قال :حدثنا الكراني قال: ولما ذكرت الوصل قالت وأعرضت
حدثنا الخليل بن أسد عن العمري ،ولم أسمعه من العمري ،عن الهيثم بن عدي قال :لما ادعى معاوية زيادا قال عبد الرحمن
:بن الحكم في ذلك -والناس ينسبونها إلى ابن مفرغ لكثرة هجائه إلى زياد ،وذلك غلط -قال
مغلغلة من الرجل الهجـان إل أبلغ معاوية بـن حـرب
وترضى أن يقال أبوك زان أتغضب أن يقال أبوك عف
كرحم الفيل من ولد التـان فأشهد إن رحمك مـن زياد
وصخر من سمية غير داني فبلغ ذلك معاوية بن حرب ،فحلف أل يرضى عن عبد وأشهد أنـهـا ولـدت زيادا
:الرحمن حتى يرضى عنه زياد ،فخرج عبد الرحمن إلى زياد ،فلما دخل عليه قال له :إيه يا عبد الرحمن ،أنت القائل
مغلغلة من الرجل الهجان قال :ل أيها المير ،ما هكذا قلت ،ولكني قلت :أل أبلغ معاوية بن حـرب
مغلغلة من الرجل الهـجـان أل من مبـلـغ عـنـي زيادا
أبي العاصي بن آمنة الحصان من ابن القرم قرم بني قصـي
وبالتوراة أحلف والـقـرآن حلفت برب مكة والمصـلـى
أحب إلي من وسطى بنانـي لنـت زيادة فـي آل حـرب
أتاني الله مـنـه بـالـبـيان سررت بقربه وفرحت لـمـا
بعون الله في هذا الـزمـان وقلت لـه أخـو ثـقة وعـم
فما أدري بغيب ما تـرانـي فرضي عنه زياد ،وكتب له بذلك إلى معاوية ،فلما دخل كذاك أراك والهواء شـتـى
عليه بالكتاب قال :أنشدني ما قلت لزياد .فانشده ،فتبسم ثم قال :قبح الله زيادا ،ما أجهله ،والله لما قلت له أخيرا حيث تقول:
لنت زيادة في آل حرب
أخبرني بخبره في ذلك أبو دلف هاشم بن محمد الخزاعي قال :حدثني عيسى بن إسماعيل تينة ،عن القحذمي قال :كان
مسعدة بن البختري بن المغيرة بن أبى صفرة ،يشبب بنائلة بنت عمر بن يزيد السيدي أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم ،وكان
:أبوها سيدا شريفا ،وكان على شرط العراق من قبل الحجاج ،وفيها يقول
لهلك فاقبلي سلمى قال القحذمي :وأم نائلة هذه عاتكة بنت الفرات بن معاوية البكائي، أنائل إننـي سـلـم
.وأمها الملءة بنت زرارة بن أوفى الجرشية ،وكان أبوها فقيها محدثا من التابعين .وقد شبب الفرزدق بالملءة وبعاتكة ابنتها
عاتكة بنت الفرات وما قيل فيها قال عيسى :فحدثني محمد بن سلم قال :ل أعلم أن امرأة شبب بها وبأمها وجدتها غير نائلة.
:فأما نائلة فقد ذكر ما قال فيها مسعدة ،وأما عاتكة فإن يزيد بن المهلب تزوجها؛ فقتل عنها يوم العقر ،وفيها يقول الفرزدق
وبكين أشلء على غير نـائل إذا ما المزونيات أصبحن حسرا
تذكر ريعان الشباب المـزايل ما قيل في أمها الملءة وفي الملءة أمها يقول فكم طالب بنت الملءة إنـهـا
:الفرزدق
إذا تجرثم هادي الليل واعتكرا قصة عاتكة بنت الملءة أخبرني الحرمي بن كم للملءة من طيف يؤرقني
العلء قال :حدثني الزبير بن بكار قال :حدثني عبد الرحمن بن عبد الله قال :خرجت عاتكة بنت الملءة إلى بعض بوادي البصرة
فلقيت بدويا معه سمن فقالت له :أتبيع هذا السمن? فقال :نعم .قالت :أرناه .ففتح نحيا فنظرت إلى ما فيه ،ثم ناولته إياه
وقالت :افتح آخر .ففتح أخر فنظرت إلى ما فيه ثم ناولته إياه ،فلما شغلت يديه أمرت جواريها فجعلن يركلن في استه وجعلت
تنادي :يا لثارات ذات النحيين قصة ذات النحيين قال الزبير :تعني ما صنع بذات النحيين في الجاهلية؛ فإن رجل يقال له :خوات
بن جبير رأى امرأة معها نحيا سمن فقال :أريني هذا .ففتحت له أحد النحيين ،فنظر إليه ثم قال :أريني الخر .ففتحته ،ثم دفعه
إليها ،فلما شغل يديها وقع عليها ،فل تقدر على المتناع خوفا من أن يذهب السمن ،فضربت العرب المثل بها ،وقالت أشغل من
ذات النحيين فأرادت عاتكة بنت الملءة أن هذا لم يفعله أحد من النساء برجل كما يفعله الرجل بالمرأة غيرها ،وأنها ثأرت
.للنساء ثأرهن من الرجال بما فعلته
ما جرى بين الملءة وعمر بن أبي ربيعة أخبرني علي بن صالح بن الهيثم قال :حدثنا أبو هفان عن إسحاق الموصلي عن الزبير
والمسيبي ومحمد بن سلم وغيرهم من رجاله :أن الملءة بنت زرارة لقيت عمر بن أبي ربيعة بمكة وحوله جماعة ينشدهم،
فقالت لجارية :من هذا? قالت :عمر بن أبي بربيعة ،المنتقل من منزله من ذات وداد إلى أخرى ،الذي لم يدم على وصل ،ول
لقوله فرع ول أصل ،أما والله لو كنت كبعض من يواصل لما رضيت منه بما ترضين ،وما رأيت أدنا من نساء أهل الحجاز ول أقر
:منهن بخسف ،والله لمة من إمائنا آنف منهن فبلغ ذلك عمر عنها ،فراسلها فراسلته ،فقال
بين الجرين وبين ركن كسـابـا حي المنازل قد عمـرن خـرابـا
مر السحاب المعقبات سـحـابـا بالثني من ملكان غير رسـمـهـا
دققا فأصبحت العـراص يبـابـا وذيول معصفة الرياح تجـرهـا
حسنا جناب محلها مـعـشـابـا ولقـد أراهـا مـرة مـأهـولة
عند الجمار فما عـييت جـوابـا دار التي قالت غداة لـقـيتـهـا
ويريد أن أرضى بـذاك ثـوابـا هذا الذي باع الصـديق بـغـيره
بصديقه المتمـلـق الـكـذابـا قلت اسمعي مني المقال ومن يطع
في غير شيء يقطع السبـابـا وتكن لديه حـبـالـه أنـشـوطة
ما عندنا فلقد أطلـت عـتـابـا إن كنت حاولت العتاب لتعلـمـي
يكفيك ضربك دونك الجلـبـابـا أو كان ذلك لـلـبـعـاد فـإنـه
وبوجه غيرك طخية وضـبـابـا صوت وأرى بوجهك شـرق نـور بـين
وارثيا لي من ريب هذا الزمان أسعداني يا نخلـتـي حـلـوان
رق بين اللف والـجـيران واعلما أن ريبـه لـم يزل يف
أخبرني بذلك الحسين بن يحيى ،عن حماد عن أبيه ،وكان منقطعا إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك ومتصرفا بعده في دولتهم،
ومع أوليائهم وعمالهم وأقاربهم ل يكسد عند أحد منهم ،ثم انقطع في الدولة العباسية إلى جعفر بن أبي جعفر المنصور ،فكان
معه حتى مات ،ولم أسمع له مع أحد منهم خبرا إل حكاية بوفوده على سليمان بن علي ،وأنه وله عمل .وأحسبه مات في تلك
.اليام
رأي بعض الناس فيه
حدثني عمي الحسن بن محمد ،قال :حدثني محمد بن سعد الكراني عن العمري عن العتبي عن أبيه قال :قدم البصرة علينا
شيخ من أهل الكوفة لم أر قط أظرف لسانا ول أحلى حديثا منه ،وكان يحدثني عن مطيع بن إياس ،ويحيى بن زياد ،وحماد
الراوية ،وظرفاء الكوفة ،بأشياء من أعاجيبهم وطرفهم ،فلم يكن يحدث عن أحد بأحسن مما كان يحدثني عن مطيع بن إياس،
فقلت له :كنت والله أشتهي أن أرى مطيعا ،فقال :والله لو رأيته للقيت منه بلء عظيما .قال :قلت :وأي بلء ألقاه من رجل
.أراه? قلت :كنت ترى رجل يصبر عن العاقل إذا رآه ،ول يصحبه أحد إل افتضح به
أخبرني علي بن سليمان الخفش قال :حدثنا أبو سعيد السكري عن محمد بن حبيب قال :سالت رجل من أهل الكوفة كان
يصحب مطيع بن إياس عنه فقال :ل ترد أن تسألني عنه .قلت :ولم ذاك? قال :وما سؤالك إياي عن رجل كان إذا حضر ملكك ،
.وإذا غاب عنك شاقك ،وإذا عرفت بصحبته فضحك
إعجاب الوليد بن يزيد بمطيع
أخبرني الحسن بن علي الخفاف قال :حدثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال :حدثني عبد الله بن عمرو قال :حدثني أبو توبة
صالح بن محمد عن محمد جبير ،عن عبد الله بن العباس الربيعي قال :حدثني إبراهيم بن المهدي قال :قال لي جعفر بن يحيى:
:ذكر حكم الوادي ،أنه غنى الوليد بن يزيد ذات ليلة وهو غلم حديث السن ،فقال
ووجهها فتـان إكليلهـا ألـوان
ليس لها جيران وخالهـا فـريد
كأنها ثعـبـان فطرب حتى زحف عن مجلسه إلى ،وقال :أعد فديتك بحياتي .فأعدته حتى إذا مشت تثنـت
صحل صوتي ،فقال لي :ويحك ،من يقول هذا? فقلت :عبد لك يا أمير المؤمنين أرضاه لخدمتك .فقال :ومن هو فديتك? فقلت:
مطيع بن إياس الكناني .فقال :وأين محله? قلت :الكوفة .فأمر أن يحمل إليه على البريد ،فحمل إليه ،فما أشعر يوما إل
برسوله قد جاءني ،فدخلت إليه ومطيع بن إياس واقف بين يديه ،وفي يد الوليد طاس من ذهب يشرب به ،فقال له :غن هذا
الصوت يا وادي .فغنيته إياه ،فشرب عليه ،ثم قال لمطيع :من يقول هذا الشعر? قال :عبدك أنا يا أمير المؤمنين .فقال له :إدن
مني .فدنا منه ،فضمه الوليد وقبل فاه وبين عينيه ،وقبل مطيع رجله والرض بين يديه ،ثم أدناه منه حتى جلس أقرب
.المجالس إليه ،ثم تم يومه فاصطبح أسبوعا متوالي اليام على هذا الصوت
لحن هذا الصوت هزج مطلق في مجرى البنصر ،والصنعة لحكم .وقد حدثني بخبره هذا مع الوليد جماعة غير هذه الرواية ،ولم
.يذكروا فيها حضور مطيع
حدثني به أحمد عبيد الله بن عمار قال :حدثنا علي بن محمد النوفلي عن أبيه قال :بلغني عن حكم الوادي ،وأخبرني الحسين
بن يحيى ،ومحمد بن مزيد بن أبي الزهر قال :حدثنا حماد بن إسحاق قال :حدثني أحمد بن يحيى المكي عن أمه عن حكم
الوادي قال :وفدت على الوليد بن يزيد مع المغنين ،فخرج يوما إلينا وهو راكب على حمار ،وعليه دارعة وشيء ؛ وبيده عقد
جوهر ،وبين يديه كيس فيه ألف دينار ،فقال :من غناني فأطربني فله ما علي وما معي .فغنوه فلم يطرب فاندفعت وأنا يومئذ
:أصغرهم سنا فغنيته
ووجهها فتان إكليلها ألـوان
ليس له جيران وخالها فـريد
كأنها ثعبـان فرمى إليه بما معه من المال والجوهر ،ثم دخل فلم يلبث أن خرج إلي رسوله إذا مشت تثنت
.بما عليه من الثياب والحمار الذي كان تحته
صحبته لجماعة من الزنادقة
أخبرني الحسن بن علي قال :حدثنا ابن مهرويه قال :حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال :كان مطيع بن إياس ،ويحيى بن زياد
الحارثي ،وابن المقفع ووالبة بن الحباب يتنادمون ول يفترقون ،ول يستأثر أحدهم على صاحبه بمال ول ملك ،وكانوا جميعا
.يرمون بالزندقة
صلته بعبد الله بن معاوية