You are on page 1of 15

‫الباب السادس‬

‫المخطوطات‬
‫والكتابات الدبية في الحبشة‬

‫ودور الديرة في تعليم الشعب‬


‫المخطوطات والكتابات الدبية في الحبشة‬
‫ل م يكت ب م ن قب ل ع ن المكتبا ت الرهباني ة ف ي الحبش ة وعن‬
‫محتواه ا وتأثيره ا عل ى الرهبن ة والكنيس ة عموم ا ‪ ،‬ويق ف الدب‬
‫الرهبان ى الحبش ى إل ى جوا ر الدا ب الخر ى ف ي كنائ س الشرق‬
‫المسيحى ‪ ،‬وهناك قسم من تلك المخطوطات خاص بالفن الحبشى‬
‫وهو الشاهد الوحيد للفن ‪ ،‬بعد زوال تلك الفنون من فوق حوائط‬
‫الكنائس بفعل الضطهادات والغارات ‪ ،‬وأمّا المخطوطات الطقسية‬
‫لسيم ا الخاص ة بالقدا س الله ى ‪ ،‬وبعضه ا يحتو ى فق ط على‬
‫النصوص ‪ ،‬وعدد كبير منها مزين بصور زخرفية ورسومات تظهر‬
‫فيها شخصيات مقدسة ومشاهير من التاريخ المقدس (مثل‬
‫البصلمودي ة المقدس ة ف ي كنيستن ا و الت ى فيه ا يظه ر خرو ج بنى‬
‫إسرائيل من مصر و ذلك في مدخل الهوس الول من التسبحة )‬
‫حيث يمكن من خللها التعرف على الفن الحبشى و اللوان الحبشية‬
‫في الرسم و يستخدم أحيانا (مصغر) للشارة إلى هذه الكتب المزينة‬
‫لسيما بماء الذهب ‪ ،‬و أمّا اللوان الرئيسية فهى الزرق و الحمر‬
‫و الصف ر والخض ر ‪ ،‬موزع ة بي ن الخطو ط السودا ء المرسومة‬
‫بوضوح ‪ ،‬و نفس المر في الفن الزجاجى و الطلء الزخرفى ‪،‬‬
‫المثال الوحيد الموجود على حائط هو (بيت مريم في لليبال) و قد‬

‫‪130‬‬
‫يأتى الوقت الذى ينكشف فيه الستار عن أيقونات و رسومات على‬
‫حوائط الكنائس والديرة ‪.‬‬
‫وتوجد مخطوطتان في دير أنبا جاريما و الذى يقع بالقرب من‬
‫إدوا حيث كان يصعب الوصول إليه ‪ ،‬هناك نجد براهين ( أيقونية)‬
‫ترجع إلى القرنين العاشر و الحادى عشر ‪ ،‬و لكن عموما فان اقدم‬
‫المخطوطات ل ترجع إل إلى النصف الول من القرن الرابع عشر‬
‫كم ا توج د مخطوط ة للبشائ ر الربع ة في دي ر ليبانوس ‪ ،،‬كا ن قد‬
‫أهداها للدير ‪ ،‬رئيسه القديس اياسوس موأ و تحتوى في ثناياها على‬
‫مراجع ثمينة لزيارات اقوى ملكين حبشيين هم ا (يكونو املك ) و‬
‫(امدا صهيون) ‪.‬‬
‫وقد لعب الرهبان دورا كبيرا في حفظ الدب الحبشى الذى‬
‫بين أيدينا الن ‪ ،‬وتفتقر المكتبة الحبشية إلى الكتابات الروحية ‪،‬‬
‫وعل ى الرغ م م ن أ ن الطل ع بالنسب ة للرهبا ن يترك ز عل ى سير‬
‫القديسين والدب الرؤيوى ‪ Apocalypses‬إلّ أن النزعة الغنوسية‬
‫واضح ة لد ى الكثي ر م ن المثقفي ن الحبا ش بحس ب ملحظ ة دكتور‬
‫سروللى ‪ E.Cerilli‬وهو خبير في الدب الحبشى فقد كان الرهبان‬
‫كثيرا ما يؤيدون هذه النزعة ‪.‬‬
‫ويلحق بكل دير مكتبة تحفظ بها الكتب وكلها مخطوطات‬
‫كتبت ول تزال تكتب على الرق إلى وقت قريب ‪ ،‬ولما كانت الحبشة‬

‫‪131‬‬
‫تهد د دائما بحرو ب داخلي ة يكو ن م ن نتائجه ا تخري ب الدير ة أو‬
‫نهبها ‪ ،‬فقد اضطر الرهبان إلى حفظ مخطوطاتهم في مكان أمين‬
‫خفى ‪ ،‬أماّ الديرة الكبيرة مثل دير ليبانوس أو دير برهان ‪ ،‬ففيها‬
‫حجر ة مخصص ة للمكتب ة به ا خزائ ن لحفظه ا ومكا ن لنس خ الكتب‬
‫وتجليدها ‪ ،‬ول نعرف الكثير عن عدد المخطوطات الموجودة في‬
‫أديرة الحبشة ولكن يظهر لنا أن مكتبات الديرة مثل جوندار عاصمة‬
‫المملكة قديما كانت تحفظ في خزائنها عددا كبيرا من تلك‬
‫المخطوطات ‪ ،‬ويحدثنا واضع التاريخ الملك ثيئودور ( ‪– 1855‬‬
‫‪ ) 1868‬أنه كان يحمل معه عدد ‪ 981‬مخطوطة كنواة لمكتبة كنيسة‬
‫مخلص العالم التى كان ينوى إنشائها ‪ ،‬غير أن الجيش المصرى‬
‫والنجليزى قضى عليه ‪ ،‬حيث استولى الجيش النجليزى على ‪400‬‬
‫‪)(1‬‬
‫من تلك المخطوطات حيث نقلوها إلى المتحف البريطانى ‪.‬‬
‫يوج د كتا ب ها م ومشهو ر ه و هيمانوت ا آبو ‪Haimanota‬‬
‫أو إيما ن البا ء ‪ ،‬وه و كتا ب يناق ش الخلفا ت العقائدية‬ ‫‪Abaou‬‬
‫وكيف تعامل معها الحباش ‪ ،‬وفى الديرة مكتبات خاصة بالرهبان ‪،‬‬
‫ليس لتثقيفهم فحسب وإنما لتكون مرجعا كنسيا ‪ ،‬وأغلب محتويات‬
‫مكتبا ت الدير ة حو ل الكتا ب المقد س وتفسير ه ث م التاري خ والعقائد‬
‫والعف ة وقواعده ا ‪ ،‬كم ا أصبح ت الدير ة ل سيم ا بالنسب ة للماكن‬

‫الرهبنة الحبشية ‪ /‬د ‪ .‬مراد كامل ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪132‬‬
‫الفقيرة في الحبشة ‪ ،‬مركزا للثقافة وصارت بذلك مركز إشعاع عن‬
‫طريق جذب الباحثين أو نشر مؤلفات الرهبان في الخارج ‪.‬‬

‫والذين يتابعون المخطوطات في متاحف العالم سيجدون عددا‬


‫هائل م ن المخطوطا ت الحبشي ة والت ى سرق ت أ و بيع ت بواسطة‬
‫الرحالة والعلماء ‪ ،‬وقد استخدمت لها الجلود الرقيقة لسيما تلك التى‬
‫كتب عليها الكتاب المقدس ‪ ،‬وكذلك التى تمت بواسطة الكتبة المعينين‬
‫في القصور الملكية الحبشية لهذا الغرض ‪،‬وكان الكاتب الحبشى ل‬
‫يستخدم المنضدة الخشبية كما نفعل نحن وإنما يجلس القرفصاء على‬
‫مقعد منخفض جدا ‪ ،‬حيث يضع الورق بين ركبتيه بعد ان يكون قبل‬
‫ك ل شي ء ق د حد د السطو ر بواسط ة المنح ت ‪ ،‬ويكت ب الن ص من‬
‫الشمال إلى اليمين ‪ ،‬وبين آن وآخر يغمس ريشته في المحبرة‪ ،‬ول‬
‫تختل ف هذ ه الطريق ة كثير ا ع ن الطر ق المتبع ة عموم ا ف ي كتابة‬
‫المخطوطات ‪ ،‬كما اتبعت الطريقة ذاتها في تزيين و تلوين بدايات‬
‫السفار والكتب ‪.‬‬
‫وقد وردت في نهاية مخطوط بالسنكسار الحبشى باللغة العربية‬
‫هذه الكلمات لناسخ المخطوط " ‪ ..‬وكمل ما يقرأ من شهر برمودة‬
‫المبارك سلم من الرب آمين ‪ ،‬اذكر يا رب عبدك يوليوس ابن‬
‫الحاج يوحنا السنغاوى بدير عابد تابع ابونا خرستوزولوس باباس‬
‫الحبشة ونسأل كل من يقرأ في هذا السنكسار ان يطلب إلى ال لكى‬

‫‪133‬‬
‫يغفر خطايا عبده يوليوس كاتب هذا الكتاب بيده الخاطئة عوض يا‬
‫ثلثون‬ ‫ر ب م ن ل ه تع ب ف ي ملكو ت السموا ت عو ض الواح د‬
‫وقد ترجمها‬ ‫وخمسون ( ستون ) ومائه بسلم من الرب آمين ‪.‬‬
‫‪)(1‬‬
‫المترجم العربى كما هى‬

‫الكتاب المقدس‪:‬‬
‫قا ل المؤرخو ن الحبا ش أ ن القدي س فرمنتيو س وه و أول‬
‫أسقف هناك ‪ ،‬هو الذى قام بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الحبشية‬
‫وذلك في القرن الرابع الميلدى كم ا ينسبون ترجمات أخرى إلى‬
‫القديسين التسعة في القرن الخامس ‪ ،‬ولكن من المرجح أن ترجمة‬
‫الكتاب المقدس قد تمت على مراحل ‪ ،‬ومن البديهى أن الترجمة قد‬
‫أخذت عن اليونانية ‪،‬أمّا العهد القديم على وجه الخصوص فقد ترجم‬
‫عن السبعينية ‪.‬‬
‫وفى المخطوطات الحبشية القديمة يظهر الكتاب المقدس دون‬
‫تقسي م إل ى إصحاحا ت وآيا ت ‪ ،‬وأم ا النسخ ة الكامل ة المقسم ة فقد‬
‫ظهرت في القرن السادس ‪.‬وفى نسخة قديمة للعهد الجديد عثر على‬
‫سفر يشوع بن سيراخ في نهاية الكتاب ‪.‬بينما عثر على سفرى نوح‬

‫عن صوره ضوئية لمخطوط السنكسار الحبشى بمكتبه دير البراموس‬ ‫(‬

‫‪134‬‬
‫واليوبيلت ‪ ،‬وكذلك أيضا سفر صعود أشعياء ( وهي أسفار غير‬
‫قانونية ) في كتاب العهد القديم‪.‬‬
‫هذا ويوزّع الكتاب المقدس في النسخة الحبشية على النحو‬
‫التى ‪-:‬‬
‫العهد القديم‬
‫(‪(1‬الناموس ‪ ،‬ويشتم ل على ‪ -:‬كتب الشريعة الخمس ة ثم أسفار‬
‫(العدد‪ 8 :‬أسفار ) ‪.‬‬ ‫يشوع والقضاة وراعوث‬
‫(‪(2‬الملوك ‪ ،‬ويشتمل على ‪ -:‬صموئيل أول وثانى ‪ ،‬ملوك أول‬
‫أخبار اليام الول والثانى ‪ ،‬عزرا الول والثانى‬ ‫وثانى ‪،‬‬
‫(عزرا و نحميا ) ‪ ،‬طوبيا ‪ ،‬يهوديت ‪ ،‬أستير ‪ ،‬المزامير ‪ ،‬أيوب‬
‫( العدد ‪ 13‬سفرا )‪.‬‬
‫‪ ،‬ويشتم ل عل ى ‪ - :‬المثا ل والجامع ة ‪ ،‬نشيد‬ ‫(‪ (3‬سليمان‬
‫الناشيد ‪ ،‬الحكمة ‪ ،‬سيراخ‬
‫( العدد ‪ 5‬أسفار )‪.‬‬
‫(‪ (4‬النبياء ‪ ،‬ويشتم ل عل ى ‪ - :‬أشعيا ء ‪ ،‬أرمي ا ‪ ،‬المراث ى ‪،‬‬
‫حزقيال ‪ ،‬والنبياء الثنى عشر الصغار ‪ ،‬المكابين الول والثانى‬
‫( العدد ‪ 18‬سفرا )‬
‫العهد الجديد‬
‫(‪)5‬الناجيل ‪ :‬البشائر الربع‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫(‪)6‬العمال ‪ :‬سفر واحد‪.‬‬
‫(‪ (7‬الرسائل ‪ ( :‬رسائل القديس بولس الربع عشرة ) ورسائل‬
‫الكاثوليكون ‪.‬‬
‫(‪)8‬الرؤيا ‪ :‬سفر الرؤيا‬
‫الليتورجية ‪:‬‬
‫تدور الليتورجية الحبشية حول أربعة محاور كتابية ‪:‬‬
‫مر ‪26-22 : 14‬‬ ‫مت ‪28-26 : 26‬‬
‫‪1‬كو ‪28-23 : 11‬‬ ‫لو ‪19،20 : 22‬‬
‫وقد نقل الطقس بالكامل من الكنيسة القبطية ‪،‬مثل القداس‬
‫اللهى والسرار وبقية الخدمات ‪ ،‬فالقداس الثيوبى الول هو قداس‬
‫القديس مرقس الرسول ‪ ،‬وبعد مجمع خلقيدونية تم ترجمة الطقس‬
‫الكنسى من اليونانية والقبطية إلى لغة ( الجئز ) وهى لغة العبادة في‬
‫الحبش ة ‪ .‬والن هناك اختلفا ت طفيف ة ‪ ،‬وأشه ر م ن قا م بترجمة‬
‫القداس إلى للحبشية هو تاسفا صهيون ‪ ، Tasfa Seyon‬أمّا عنوان‬
‫كتاب الخولجى الحبشى فه و ) أمر ترتيب القداس ‪Keddash ،‬‬
‫الذى يقال عن طريق كاهن الكنيسة والشمامسة والشعب معا ‪ .‬وكل‬
‫شئ صحيح طبقا لترتيب آباءنا المصريين)‪.‬‬
‫القوانين الكنسية ‪:‬‬

‫‪136‬‬
‫تعتر ف الكنيس ة الحبشي ة بالمجام ع المسكوني ة الثلثة(نيقية‬
‫والقسطنطينية وأفسس) على الرغم من أنها لم تشترك فيها‬
‫مباشرة‪ ،‬وأماّ وفود الثيوبيين فقد ظهرت في مجامع مثل‬
‫فلورانسا‪ ،‬وفي المقابل فإنها بين آن وآخر تلجأ إلى عقد‬
‫المجامع المحليّة بكثرة لحسم القضايا الهامة‪ ،‬ومن بين أشهر‬
‫تلك المجامع‪ .‬ذلك الذي عقد ه الملك زارا يعقو ب في دير‬
‫‪ )DABRA‬ف ي سنة ‪ 1450‬م لمناقشة‬ ‫(‪METMAK‬‬ ‫متما ك‬
‫القضايا التي أثارها أتبا ع أستاتيو س مثل تقديس السبت‪،‬‬
‫ومجام ع أخر ى عقد ت ف ي أعوام ‪ 1681‬م ‪ 1699 ،‬م ‪،‬‬
‫‪ 1763‬م ‪ 1878 ،‬م ‪ ،‬بطلب من الباطرة الحباش لمناقشة‬
‫بع ض القضاي ا الكنسية‪.‬وف ي نوفمب ر م ن سنة ‪ 1937‬م عقد‬
‫مجمع بضغط من سلطات الحتلل اليطالي لفصل الكنيسة‬
‫الحبشية عن الكنيسة القبطية‪ ،‬غير أنه ُرفض من الكنيسة‬
‫الحبشية نفسها‪ .‬هذا ويقضي القانون الكنسي هناك الن بعقد‬
‫مجمعي ن في السنة ‪ ،‬لتباد ل الرا ء ومناقشة م ا يستجدّ من‬
‫قضايا‪ .‬ومما هو جدير بالذكر أن المبراطور كثيرا ما كان‬
‫يتّخذ قراراته مسبقا في تلك القضايا‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫أمّا قوانين العبادة في الكنيسة الحبشية فيرجع مصدرها إلى‬
‫الدسقولي ة وقواني ن المجام ع المسكوني ة والمكاني ة مث ل نيقي ة وغنغرا‬
‫وسردينيا وأنطاكية وأنقرة وقيصارية و لودكية ‪.‬‬
‫وق د ُكت ب كتا ب الدسقولي ة أولً ف ي اليوناني ة ف ي منتصف‬
‫القر ن الثال ث ‪ ،‬ث م ترج م بع د ذل ك إل ى لغ ة الجئز الحبشي ة ‪ ،‬وقد‬
‫ترجمت عن نسخة قبطية مع ملحظة أن الدسقولية ُوجدت أيضا في‬
‫البداية من خلل نسخ سريانية ولتينية ‪ ،‬وان كان هناك اختلفات‬
‫طفيفة فيما بين تلك النسخ‪ ،‬وتتفق الدسقولية الحبشية مع التسعة كتب‬
‫الولى من قوانين الرسل ‪ ، Apostolic Constitutions‬وتتفق بعد ذلك‬
‫مع النسخة السريانية ‪.‬‬
‫دور الرهبنة في التعليم الدينى‬
‫ظلت المسيحية في الحبشة طويلً بمعزل عن الصراعات‬
‫العقائدية بين الكنائس ‪ ،‬ولكن ما أن استقرت الرهبنة وازدهرت في‬
‫القرن الرابع عشر حتى اتجه الرهبان إلى الجدل حول طبيعة القانيم‬
‫الثلثة وخلق النسان وتقديس العذراء والصليب وجسد المسيح ( هل‬
‫مثل أجساد البشر ) ثم ما لبث ان جاء القرن السادس عشر حتى‬
‫منيت الكنيسة بمحنة أخرى هى التبشير بالكاثوليكية ‪،‬فقام الرهبان‬
‫يدافعو ن ع ن عقيدته م و اضطرو ا المل ك سوسنيو س ( ‪– 1607‬‬
‫‪ ) 1632‬الذى كان يوالى الكاثوليكية بالتخلى عن عرشه لبنه الملك‬

‫‪138‬‬
‫فاسيلد س ( ‪ ) 1667 – 1632‬الذ ى أعا د علق ة الكنيس ة الحبشية‬
‫بالكنيس ة القبطي ة ‪ ،‬فرا ح الرهبا ن يعيدو ن تنظي م الحيا ة الديرية‬
‫ويعملون في الترجمة ‪ ،‬ثم ما لبثوا ان انشقوا بالجدل حول المسحة‬
‫والتحاد ‪ ،‬حيث أدى ذلك إلى أن ينقسموا إلى حزبين ‪ ،‬حزب يناصر‬
‫دير تكل هيمانوت وآخر يناصر دير أوستاتيوس ‪ ،‬ومن هنا أصبح‬
‫للديرة دور ريادى في التعليم والدراسة ‪.‬‬
‫وق د تعل م معظ م الحبا ش القراء ة والكتاب ة ع ن طريق‬
‫الديرة ‪ ،‬وكانت فصول التعليم تقام في الهواء الطلق أو تحت ظل‬
‫جميزة كثيفة ! وإلى جانب القراءة والكتابة يتعلمون الترتيل على‬
‫طريقة اليهود والقباط ويحفظون المزامير ‪ ،‬وكان المعلم في الدير‬
‫يجلس على كرسى ويراقب التلميذ ‪ ،‬وعلى الرغم من أن الثقافة‬
‫عموما بدائية في الحبشة ‪ ،‬إلّ أن بعض الديرة في الحبشة قد تخطت‬
‫ذلك إلى مستوى أرقى ‪ ،‬مثل دير ديما ( دير الصلب ) في جودجام‬
‫‪ Godgam‬والذى يهتم بنواحى مختلفة من العلوم الكنسية واللحان‬
‫و التسابيح ‪ ،‬وهو وكما سبق يعد من أشهر أديرة الحبشة ‪ ،‬وهناك يتم‬
‫تدريب وتثقيف عدد كبير من فئة تدع ى الدانياراس والذين يكلفون‬
‫بدورهم بالحفاظ على الطقس ( مثل المعلمين العرفان المرتلين عندنا‬
‫في كنائس مصر ) وقد حرص الكثير من المستشرقين على الحضور‬

‫‪139‬‬
‫جئز وهى الدروس الروحية والطقسية ‪ ،‬حيث‬ ‫ومتابعة دروس ال‬
‫تعتبر الجئز لغة الصلة (كما سبق ) ‪.‬‬
‫ويقول العالم المصرى دكتور مراد كامل أن شمال الحبشة‬
‫في الربعينات كان به حوالى خمسة آلف كنيسة منها ألفان كنيسة‬
‫كبيرة وثلثة آلف كنيسة صغيرة ‪ ،‬وأن الدير الواحد قد يشمل على‬
‫أكثر من كنيسة ‪ ،‬وتوجد في كل كنيسة كبيرة إما مدرسة واحدة أو‬
‫أكثر ‪ ،‬كما كانت المدارس الموجودة هناك وقتها تبلغ ثلثة آلف‬
‫مدرسة بين كبيرة وصغيرة ‪ ،‬وكان المجمع الثيوبى هو الذى يشرف‬
‫على تلك المدارس حيث يعين عالما لدارتها وكان اسم ذلك العالم في‬
‫الربعينا ت ه و (نمر ى رأ س ور ق ) وعد د الذي ن كانو ا يدرسون‬
‫حوالى مائة وعشرين ألفا ‪.‬‬
‫ول يشترط سن معينة لقبول الطالب ‪ ،‬وينقسم التعليم في تلك‬
‫المدارس إلى أربعة أقسام ‪:‬‬
‫‪-1‬تعل م الجئ ز والمهرية(والجئ ز لغ ة الكنيس ة بينم ا المهرية‬
‫اللغة العامة)‪.‬‬
‫‪ -2‬الزيما ( ألحان ومردات القداس )‬
‫‪-3‬القنى ( قرض الشعر الدينى وهو ثلثة عشر نوعا )‬
‫‪ -4‬ترجوامى جئز وأمهرى (أى التفسير )‬

‫‪140‬‬
‫وبع د أ ن يت م الطال ب دراس ة هذ ه الموا د يسم ى (ليق ) أما‬
‫دراس ة الزيما العليا فعلى من يري د التخص ص فيها أن يذه ب إلى‬
‫مدرسة بيت لحم في مقاطعة ( بيجامدر ) ودراسة ( القنى العليا )‬
‫توجد في بعض مدارس في مقاطعة جودجام ‪ ،‬ودراسة‬
‫( الترجوام ى ) العلي ا في أدي س أبابا و جندار ودير ليبانوس ‪،‬‬
‫ويحتفظ الطالب بعد تخصصه في إحدى هذه المواد بلقب ليق ‪ ،‬وإذا‬
‫تخصص فيها كلها يلقب ليق ممهير‪ ،‬وفى الحبشة قليل من الرهبان‬
‫الذين تخصصوا فيها كلها ‪.‬‬
‫و تنقسم مدة الدراسة إلى ‪:‬‬
‫‪ -11‬المطالعة( أ ) مبتدئون من ستة اشهر إلى سنة‪.‬‬
‫( ب) متقدمون من سنة إلى سنة ونصف‪.‬‬
‫( أ ) وداسى مريم ( مدائح العذراء) إلى سالست‬ ‫‪ -2‬زيما‬
‫(نوع من اللحان) من سنة إلى سنة و نصف‪.‬‬
‫(ب) صوم دجوا و معراف ( الحان الصوم و‬
‫العياد ) من سنة إلى سنتين‪.‬‬
‫(ج) دجوا و انقصوا ( الحان السنة كلها ) من‬
‫سنتين إلى ثلثة‬
‫(د) زمارى و مواسمت (الحان السنة كلها) من سنة‬
‫إلى سنة ونصف‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫(ه ) الربعة عشر قداسا من سنة إلى سنة و‬
‫نصف‪.‬‬
‫(و) اقواقوام ( توقيع اللحان على أربعة اضرب ‪:‬‬
‫زمامى ‪ ،‬مرجد ‪ ،‬صفعات و زبق ) من‬
‫سنتين إلى أربع سنوات ‪.‬‬

‫سنة واحدة‬ ‫(أ) قنى إلى مقنيات‬ ‫‪ -3‬قنى‬


‫سنة واحدة‬ ‫(ب) التوسع في الدراسة‬
‫(ج) كيفية التعلم (اجياب) سنة واحدة‬

‫من ‪ 4‬إلى ‪ 5‬سنوات‬ ‫(أ) تفسير العهد القديم‬ ‫‪ -4‬ترجواى‬


‫من ‪ 3‬إلى ‪4‬‬ ‫(ب) تفسير العهد الجديد‬
‫سنوات‬
‫(ج) تفسير مصاحف ليتعاونت (كتب العقائد)‬
‫من ‪ 3‬إلى ‪ 4‬سنوات‪.‬‬
‫(‪)VIII‬تفسير مصاحف منكوسات (كتب الرهبنة‬
‫الثلثة) من سنتين إلى ‪ 3‬سنوات‪.‬‬
‫(ه ) تفسير كتاب حساب التقاويم من سنة إلى‬
‫سنة ونصف‬

‫‪142‬‬
‫ونرى من ذلك ان الطالب يتخرج بعد دراسة تتراوح بين ‪- 25‬‬
‫‪36‬سنة وهى مدة كافية لتصل بالطالب إلى درجة كبيرة في تفهم علوم‬
‫الدين‪.‬‬
‫وفي إحصائية ترجع إلى سنة ‪ 1960‬ول تشمل اريتريا كما أن‬
‫أحصيت عا م ‪،1967‬‬ ‫‪GONDAR‬‬ ‫وجوندا ر‬ ‫‪GODJAM‬‬ ‫أقاليم جودجا م‬
‫في ذلك الوقت كانت الكنيسة تتحكم مباشرة في ‪ 1463‬مدرسة يعمل‬
‫فيه ا ‪ 1682‬مدرس (منه م ‪ 7‬سيدات) ويدرس فيها ‪ 570635‬طالب‬
‫(منهم ‪ 80370‬فتاه)‪.‬‬
‫والن وقد تقلّص عدد المدارس التي تشرف عليها الكنيسة‪ .‬فإن‬
‫المدارس التي ما تزال تحت رعايتها يدرّس فيها لغ ة الجئز كمادة‬
‫أساسية‪ ،‬حيث ما تزال اللغة الليتورجية للكنيسة هناك‪ .‬وأمّا النصوص‬
‫التي تدرس عليها اللغة فهي‪ :‬رسالة يوحنّا الولى ثم بعض رسائل‬
‫أخرى ثم إنجيل القديس يوحنّا‪ ،‬وأعمال الرسل ويتبع ذلك معجزات‬
‫السيد المسيح ثمّ المدائح والمعجزات الخاصة بالسيدة العذراء (مثل‬
‫أورغانون)‪.‬‬

‫‪143‬‬

You might also like