You are on page 1of 21

‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬

‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫‪2010-04-27‬‬ ‫‪ -‬منتدى قديحيات الثقافي‬ ‫‪qudaih.com‬‬

‫اللهم صل على محمد وآل محمد‬ ‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫محمود الربيعي‬

‫الحلقة األولى‬

‫المقدمة‬
‫في موضوع عالمات آخر الزمان يهمنا تصوير الجانب اإلجتماعي والثقافي وماستؤول إليه العالقات بين الناس داخل األسر واألحزاب والمجتمعات‪،‬‬
‫ومدى أهتمام تلك المؤسسات بالثقافة على نوعيها البناءة التي فيها صالح المجتمع‪ ،‬والهدامة التي فيها فساده‪.‬‬
‫وسنهتم باآلثار النبوية من روايات النبي األكرم صلوات هللا وسالمه عليه‪ ،‬وأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السالم ليكون لنا تصور حقيقي عن‬
‫صفات المجتمع العالمي آخر الزمان وثقافتة التي سيكون عليها لنكون على بيّنة من حقيقة ذلك الزمان ومدى التطابق مع تلك اآلثار‪.‬‬
‫وهنا سنورد النص التأريخي وسنضع هذا النص موضع التحليل والتفريق ثم نعلق عليه بإختصار ليكون هذا النص أكثر مالئمة لفهم ثقافة عصر الظهور‬
‫وعالمات آخر الزمان‪ ،‬وسيكون حديثنا على شكل حلقات نبسط فيها المساحة الواسعة من الحديث النبوي الواسع والكبير في شرح وفهم أبعاد عملية‬
‫التغير اإلجتماعي والثقافي الذي تتعرض له المجتمعات آخر الزمان والتي جرى الحديث عنها قبل وقوعها بقرون عديدة حيث تعرضت لإلمتحان بعد‬
‫طول المدة فصارت ضمن دائرة اإلحتمال‪ ،‬والتي تجاوزت حقيقة ومصداقية التطبيق في الزمن الذي تلى تلك الخطبة وهو زمن طويل يعد بمئات السنين‬
‫وتجاوز األلف سنة حيث تناولت هذه الخطب أوسع تفاصيل التغيّر الذي يطال المجتمع فيما يتعلق بشؤون الناس على مختلف طبقاتهم كالحكام والوزراء‬
‫والناس بصورة عامة سواء كانوا رجالا أو نسا اء‪ ،‬وسواء كان ذلك الرجل هو األب أوالزوج واألخ واإلبن وسواء كانت اإلمرأة هي األم أوالزوجة‬
‫واألخت واإلبنة ليتسنى النظر في الطبائع اإلجتماعية والثقافية التي تتعلق بالسلوك والتفكير والعالقات العامة في ذلك الزمان‪.‬‬
‫وفي غيبة الطوسي ورد‬
‫عن جابر بن عبد هللا األنصاري قال‪ :‬حججت مع رسول هللا (صلى هللا عليه وآله وسلم) حجة الوداع‪ ،‬فلما قضى النبي (صلى هللا عليه وآله وسلم) ما‬
‫افترض عليه من الحج أتى مودع الكعبة فلزم حلقة الباب ونادى برفيع صوته‪ :‬أيها الناس‪ ،‬فاجتمع أهل المسجد وأهل السوق فقال‪ :‬اسمعوا أني قائل ما‬
‫هو بعدي كائن فليبلغ شاهدكم غائبكم‪ ،‬ثم بكى رسول هللا (صلى هللا عليه وآله وسلم) حتى بكى لبكائه الناس أجمعين‪ ،‬فلما سكت من بكائه قال‪ :‬أعلموا ‪-‬‬
‫رحمكم هللا ‪ -‬أن مثلكم في هذا اليوم كمثل ورق ل شوك فيه إلى أربعين ومائة سنة ( ‪ 140‬سنة ) ثم يأتي من بعد ذلك شوك وورق إلى مائتي سنة (‬
‫‪ 200‬سنة ) ثم يأتي من بعد ذلك شوك ل ورق فيه حتى ل يرى فيه إل سلطان جائر أو غني بخيل أو عالم راغب في المال أو فقير كذاب أو شيخ فاجر‬
‫أو صبي وقح أو امرأة رعناء‪ ،‬ثم بكى رسول هللا‪ ،‬فقام إليه سلمان الفارسي (رحمه هللا) وقال‪ :‬يا رسول هللا أخبرنا متى يكون ذلك؟‬
‫صفات الناس واألشخاص آخر الزمان‬
‫وسنأتي على بعض المفردات التي وردت في نص الحديث لنتبين مدى التغير العام الذي سيصيب الجانب اإلجتماعي والثقافي بالشكل الذي يعطي‬
‫تصورا ا عن مدى الفترة الزمنية التي قطعا التأريخ للتقرب من ذلك الزمن الذي أطلق عليه الرسول الكرم صلى هللا عليه وآله وسلم بآخر الزمان ومنها‬
‫ماأشار اليه الرسول من كثرة مايراه الناس من‪:‬‬
‫أولا‪ :‬سلطان جائر‪ :‬ولبأس بتقييم الحالة في الزمن الذي نعيش فيه لنتبين نسبة الجور عند الحكام للتوصل الى حكم ظرفي يتناسب مع الحقائق العالمية ؟‬
‫ثانيا ا‪ :‬أو غني بخيل‪ :‬ولضير من إلقاء نظرة إحصائية الى نسبة البخل بين األغنياء‪ ،‬ودرجة حرصهم على األموال وهل أن لهم إهتمامات تذكر بالفقراء‪.‬‬
‫ثالثا ا‪ :‬أو فقير كذاب‪ :‬وفي جو يكون فيه األغنياء بخالء يكون الفقراء فيه كذبة‪ ،‬وبالخصوص عندما لتتوفر في المجتمع حصانة دينية أو أخالقية بل‬
‫تسوده قيم المصالح والمنافع على حساب المبادئ والقانون والشريعة‪.‬‬
‫رابعا ا‪ :‬أو شيخ فاجر‪ :‬وماأقبح أن يخرج الفجور من الشيوخ وهو تعبير عن دناءة النفوس وأهتزاز القيم الدينية واإلجتماعية‪.‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫خامسا ا‪ :‬أو صبي وقح‪ :‬وعندما تهتز القيم العامة التي تسود المجتمعات ويفجر فيه الكبار ويتشاجر فيه اإلخوان لبد أن يكون فيه الصبيان في وضع‬
‫ليحسدون عليه مع تدني مستوى التعليم والثقافة‪.‬‬
‫سادسا ا‪ :‬أو إمرأة رعناء‪ :‬إن خروج النساء عن المألوف وتخطي حواجز الحياء ليؤدي إلّ الى خراب المجتمع فالمرأة هي العنصر األهم في التربية‬
‫والتعليم‪ ،‬وهي حجر األساس لصيانة المجتمع من الفساد‪.‬‬
‫وفي غيبة الطوسي‬
‫وفي هذا الجزء من الخطبة وهي تكملة للنص إجابة رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم لسمان جاء فيها‪:‬‬
‫فقال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬يا سلمان إذا قلت علماؤكم وذهبت قراؤكم وقطعتم زكاتكم وأظهرتم منكراتكم وعلت أصواتكم في مساجدكم وجعلتم‬
‫الدنيا فوق رؤوسكم والعلم تحت أقدامكم والكذب حديثكم والغيبة فاكهتكم والحرام غنيمتكم ول يرحم كبيركم صغيركم ول يوقر صغيركم كبيركم‪ ،‬فعند‬
‫ذلك تنزل اللعنة عليكم ويجعل بأسكم بينكم‪ ،‬وبقي الدين لفظا بألسنتكم‪ ،‬فإذا أوتيتم هذه الخصال توقعوا الريح الحمراء أو مسخا أو قذفا بالحجارة‪،‬‬
‫وتصديق ذلك في كتاب هللا عز وجل *(قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض‬
‫انظر كيف ******ف اآليات لعلهم يفقهون)( سورة األنعام‪ )65 :‬فقام إليه جماعة من الصحابة فقالوا‪ :‬يا رسول هللا أخبرنا متى يكون ذلك؟‬

‫فمن أعمال األمة آخر الزمان التي ورد ذكرها في هذا النص‪:‬‬
‫أولا‪ :‬إذا قلت علماؤكم‪ :‬ونعتقد أن إشارة الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم في هذه العالمة الى قلة النخبة الصالحة في صفوف األمة في الوقت الذي‬
‫تكون فيه الكثرة جاهلة‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬وذهبت قراؤكم‪ :‬ويحتمل أن يكون المقصود هنا هجران قراءة القرآن الكريم وضعف التفاعل مع أدب القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة‬
‫تقوم اإلنسان‪.‬‬
‫الشريفة‪ ،‬وهجران العلوم المفيدة التي التي ّ‬
‫ثالثا‪ :‬وقطعتم زكاتكم‪ :‬ويظهر أن ذلك يكون بسبب الحرص على الدنيا وضعف اإلرتباط باهلل وبالدين‪.‬‬
‫رابعا ا‪ :‬وأظهرتم منكراتكم‪ :‬وهي حالة متقدمة من اإلنجراف في الفساد بحيث يكون فيها الشخص قد تجاوز حدود الحياء‪.‬‬
‫خامسا ا‪ :‬وعلت أصواتكم في مساجدكم‪ :‬وهو إشارة الى أن هذه األصوات غير معبرة عن صدق الحالة العبادية التي يفترض أن يكون عليها الناس من‬
‫التوجه الى هللا دون أن يكون لهم منافع دنيوية‪.‬‬
‫سادسا ا‪ :‬وجعلتم الدنيا فوق رؤوسكم‪ :‬فعندما يتغير إتجاه البوصلة التي يتحرك بها اإلنسان ويتجه الى حب الدنيا بنسيان اآلخرة فإن ذلك يعد إنحرافا ا‬
‫واضحا ا في أساسيات الحركة اإلنسانية تجاه هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫سابعا ا‪ :‬والعلم تحت أقدامكم‪ :‬واإلشارة في كالم النبي صلى هللا عليه وآله وسلم إنما تشير الى العلوم النافعة في المجالت التي تخدم اإلنسانية‪ ،‬وذلك‬
‫بسبب إهتمامات اإلنسان بالمجالت التي لتنفع غير مصالحه وأهواءه وغرائزه‪.‬‬
‫ثامنا ا‪ :‬والكذب حديثكم‪ :‬إن من أرفع القيم والمبادئ في حياة الناس واإلنسان هو الصدق فإذا أفتقدت المجتمعات تلك الموازين ساد الكذب الجانب األكبر‬
‫من حياتها وشكل العامل األكبر في أنتشار الفساد‪.‬‬
‫تاسعا ا‪ :‬والغيبة فاكهتكم‪ :‬وعندما ينسى ذكر هللا ويبتعدون عن اإلسالم والقيم األخالقية على وجه العموم عند ذاك لن يفكر اإلنسان في آخرته ولن يتوانى‬
‫عن إرتكاب المعاصي‪ ،‬ومن أعظمها خوضه في أعراض الناس‪.‬‬
‫عاشرا ا‪ :‬والحرام غنيمتكم‪ :‬إن الثقافة التي يكون عليها المجتمع آخر الزمان هي على العكس تماما ا عن الصورة التي حملها الناس عصر رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وآله وسلم بل وحتى بعد عدة قرون من ذلك العصر فحين كان الناس ينظرون الى الحرام خط أحمر يعاقب عليه اإلنسان لكن مايحدثنا عنه‬
‫النبي هو إنقالب الصورة بحيث يصبح الحرام غنيمة بعد أن كان جريمة‪.‬‬
‫أحد عشر‪ :‬ول يرحم كبيركم صغيركم ول يوقر صغيركم كبيركم‪:‬‬
‫ويعني ذلك أنه لتوجد قيم إجتماعية سليمة‪ ،‬فالمجتمعات ستكون مفككة ليس فيها إنسجام‪ ،‬ل في داخل األسرة ولحتى بين الناس عموما ا‪ ..‬فبعد أن‬
‫تعارف الناس على إهتمام الكبير بالصغير ورعايته‪ ،‬وإحترام الصغير للكبير فإننا سوف لنرى من ذلك شئ نتيجة لتدخل الحكام في شؤون المجتمع‬
‫وتغيير طريقة نمط الحياة اإلجتماعية بالشكل الذي تفرض فيها قوانين تؤدي بالنتيجة إلى تغيير جذري في حياة الناس وعالقتهم ببعض‪.‬‬
‫وهذا السلوك العام للمجتمع سيقود الى جملة من األمور منها‪:‬‬
‫أولا‪ :‬نزول اللعنة‪ :‬وهو غضب هللا سبحانه وتعالى‪ ..‬وتتخذ اللعنة صور عديدة على الوجه الذي ذكرته لنا المصادر التاريخية وتكلم عنها القرآن الكريم‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬ويجعل هللا بأسكم بينكم‪ :‬وهي إشارة مهمة‪ ،‬ونتيجة حتمية لمجتمع تنتشر فيه عوامل الضعف والفساد وتحكم فيه األهواء والمصالح‪.‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫ثالثا ا‪ :‬الدين فقط باللفظ‪ :‬ولن يبقى من الدين إلّ اللفظ كرمز تأريخي موروث تتشدق به الحكومات وتستخدمه القوى الحاكمة كورقة ترفع فيها الشعارات‬
‫الجميلة وتخالفها في التطبيق وتحاربها على أرض الواقع‪.‬‬
‫التوقعات التي يمكن أن تحدث‬
‫أولا‪ :‬الريح الحمراء‪ :‬وهي نوع من أنواع الرياح التي تحمل نوعا من أنواع التراب الصحراوي الذي يطلق عليه األحمر‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬المسخ‪ :‬وقد مر في األزمنة السابقة انواعا ا من المسخ الذي أصاب العصاة منها المسخ على هيئة الخنازير أو القردة أو غير ذلك من أنواع وصور‬
‫الحيوانات‪.‬‬
‫ثالثا ا‪ :‬القذف بالحجارة‪ :‬وقد مر هذا النوع من القذف بأقوام منها قوم لوط لما عصوا ربهم وأصروا وأستكبروا إستكبارا‪ ،‬غضب هللا عليهم وأصابهم‬
‫ماأصابهم من القذف بالحجارة مما أدى الى هالكهم‪.‬‬
‫وهناك جملة من التصديقات القرآنية منها اآلية الكريمة التي تشير الى حلول العذاب بالعصاة قال تعالى‪ ( :‬قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من‬
‫فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف ******ف اآليات لعلهم يفقهون )( سورة األنعام‪65 :‬‬

‫خاتمة‬
‫إن مايهمنا من هذه الرؤية اإلجتماعية والثقافية التي جاء ذكرها في األحاديث النبوية الشريفة هي تنبيه األمة الى دورها في اإللتزام بثوابتها الدينية‬
‫واإلخالقية لتكون في طريق حركة اإلمام المهدي عليه السالم ولتلتحق بالنخبة من مجموعته الصابرة الممتحنة التي ستقف إلى جانبه وهم يشكلون‬
‫القواعد المهمة في تلك الحركة اإلصالحية العالمية‪.‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫اللهم صل على محمد وآل محمد‬
‫محمود الربيعي‬

‫سلوك الناس آخر الزمان وفق رؤية إسالمية‬

‫الحلقة الثانية‬

‫ليس غريبا ا أن نبحث في تحليل الجانب الثقافي واإلجتماعي ودراسة التغير الحادث في ثقافات الشعوب ونمط السلوك البشري العام في اإلتجاهين‬
‫المتضادين وعلى الوجهين السلبي اإليجابي‪ ،‬وعلى األقل في نظر الباحثين في علم اإلجتماع‪ ،‬كما أن من المهم أن ندرس النمو المضطرد في القوانين‬
‫واإلكتشافات العلمية في عالمي المادة والطاقة‪ ،‬وفي عالم الصناعة‪ ،‬والتكنولوجيا وطريقة إستخداماتها المفيدة والمضرة‪ ،‬فكثير من البحوث العلمية في‬
‫الكهرباء والميكانيك والمغناطيسية أفادت البشرية وساعدت على إكتشاف المجهول وسهلت إمكانية الحصول على بيانات واسعة عن الحياة وطرق‬
‫تحسين المعيشة‪ ،‬كما أن هناك الكثير من الفوائد التي حصل عليها اإلنسان عن طريق العلوم التي تبحث في الضوء والصوت والحرارة والذرة والنواة‬
‫الذرية مما سهل على اإلنسان الكثير من األمور المستعصية في عالم الطب والزراعة والتكنولوجيا‪ ،‬ورغم كل ذلك فإن بعض المعلومات العلمية أسيئ‬
‫إستخدامها كما حدث ذلك عند إستخدام الطاقة الذرية والنووية في حالت الحروب الدولية وأدى الى تهديد حقيقي للجنس البشري‪ ،‬وأصبح هذا التهديد‬
‫يقلق الناس من قيام مخاطرات جديدة ووقوع حماقات غير متوقعة‪.‬‬

‫إن المنحني البياني الذي شهدته الحالة العلمية يتجه نحو المزيد من اإلكتشافات واإلختراعات بينما المنحدر البياني في العالقات اإلجتماعية والثقافية‬
‫يشكل إنخفاضا ا ملحوظا ا يهدد تلك العالقات مما يساعد على إرتكاب الجرائم وحصول المزيد من النزاعات والصراعات والحروب بين الدول على الرغم‬
‫من صدور الكثير من القوانين والتشريعات المانعة‪.‬‬
‫وفي هذه الحلقة سنتناول الجوانب العبادية والسلوكية واإلجتماعية واألسرية باإلضافة الى الجوانب اإلقتصادية والمالية ومجال اإلعمار والبناء‪ ،‬كما‬
‫يهمنا دراسة العالقة التي تربط الحكام بالموظفين والمستخدمين لنتبين مدى مدى إنحسار تلك العالقات بالشكل الذي يظهر التدني الملحوظ على الرغم‬
‫من المظاهر المادية الشاخصة‪.‬‬
‫جاء في غيبة الطوسي‬
‫فقال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬عند تأخير الصالة واتباع الشهوات وشرب القهوات وشتم اآلباء واألمهات فعند ذلك ترى وجوههم وجوه اآلدميين‬
‫وقلوبهم قلوب الشياطين‪ ،‬كالمهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الحنظل فهم ذئاب وعليهم ثياب‪ ،‬ما من يوم إل يقول هللا تعالى‪ :‬أفبي تفترون‪ .‬أم علي‬
‫تجترون أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ل ترجعون‪.‬‬
‫من عالمات آخر الزمان‬
‫األول‪ :‬تأخير الصالة‪ :‬هذا إذا لم يترك الكثيرون صالتهم‪ ،‬فمن عالمة المؤمن الذي له صلة قوية باهلل هو الذي يداوم على صلواته ويؤديها في أوقاتها‬
‫باإلضافة الى حرصه على أدائها جماعة في المسجد‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬وإتباع الشهوات‪ :‬وهي إشارة الى مدى إبتعاد الناس عن دينهم وإنغماسهم في أمور الدنيا التي فيها مخالفات صريحة للدين‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬وشرب القهوات‪ :‬وهنا ليس المقصود شرب القهوة‪ ،‬وإنما إشارة الى إضاعة األوقات بالمجالس الفارغة التي تخلو من ذكر هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬وشتم اآلباء واألمهات‪ :‬وهي حالة خطيرة ومؤشر سئ جدا ا خالف الفطرة التي جبل عليها اإلنسان من إحترامه الشديد للوالدين‪ ،‬فالدين يعد‬
‫اإلعتداء على حرمة الوالدين من أشد الكبائر التي نهى هللا سبحانه وتعالى عنها‪.‬‬
‫ومن عالمات آخر الزمان أيضا ا‬

‫حتى تروا الحرام مغنما والزكاة مغرما‪ ،‬وأطاع الرجل زوجته وجفا جواره وقطع رحمه وذهبت رحمة األكابر وقل حياء األصاغر وشيدوا البنيان‬
‫وظلموا العبيد واإلماء وشهدوا بالهوى وحكموا بالجور‪ ،‬ويسب الرجل أباه ويحسد الرجل أخاه ويعامل الشركاء بالخيانة‪.‬‬
‫أولا‪ :‬يصبح الحرام مغنما ا‪ :‬من أكبر مظاهر الفساد في المجتمعات أن ترى الحرام مغنما ويظهر ذلك في حالت ال*** والسرقة والعدوان على حقوق‬
‫الناس الضعفاء ومظاهر الحرام األخرى وهي حالة تشير الى إنقالب الموازين اإلجتماعية بشكل خطير‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬وتصبح الزكاة مغرما ا‪ :‬وقد جاء في لسان العرب معناه أن أي َي َرى َرب المال أن إخراج زكاته غَرامة َي َ‬
‫غر ُمها‪.‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫ثالثا ا‪ :‬وأطاع الرجل زوجته‪ :‬ويظهر من هذه العالمة أنها تكون عامة في األغلب‪ ،‬حيث تفقد األسرة هيكليتها الفطرية وتتوزع العالقات داخل األسرة‬
‫بالشكل الذي يخالف الوضع الطبيعي لها‪ ،‬حيث تتبادل المرأة والرجل المواقع فيترتب على ذلك مخاطر إجتماعية بالغة في شؤون األسرة والتربية‬
‫والتعليم والعالقات اإلجتماعية‪.‬‬
‫رابعا ا‪ :‬وجفا الرجل جيرانه‪ :‬فمن أقوى الروابط اإلنسانية بين البشر حسن الجيرة وهذا ليخص المجتمعات اإلسالمية فقط وإنما يعم جميع المجتمعات‬
‫اإلنسانية في كل مكان من العالم على مختلف أديانها وعقائدها وأفكارها‪ ،‬لكن الحالة التي يشير إليها النبي األكرم محمد صلى هللا عليه وآله وسلم هي‬
‫حالة البشرية عندما تكون في أدنى مستوى من اإلنقالب في العادات والتقاليد فيجفو الجار جاره ويعتدي عليه ويؤذيه ويسلمه الى عدوه‪.‬‬
‫خامسا ا‪ :‬وقطع الرجل رحمه‪ :‬كما أن من أعظم العالقات اإلجتماعية بين الناس هي صلة الرحم‪ ،‬وهي العالقة النسبية بين العوائل وتعم جميع من يدخل‬
‫تعود البشر على إقامة أفضل العالقات الرحمية فيما بينهم لكن المؤشر الذي يشير إليه الرسول معناه ّ‬
‫تقطع تلك العالقات بشكل‬ ‫تحت هذه العالقة وقد ّ‬
‫يبعث على األسى‪.‬‬
‫سادسا ا‪ :‬وذهبت رحمة األكابر‪ :‬وفي لسان العرب األكابر جماعة األ َ ْكبَر ول تجوز النَّك َرة ُ فال تقول ُملوك أَكاب ُر ول رجال أَكاب ُر أل َنه ليس بنعت إنما هو‬
‫ظ ْمنَه‪ .‬إنتهى‪.‬‬ ‫تعجب‪ .‬و َكب ََّر األ َ ْم َر‪ :‬جعله كبيراا‪ ،‬وا ْست َ ْكبَ َره‪ :‬رآه كبيراا؛ وأَما قوله تعالى‪ :‬فلما َرأ َ ْينَه أ َ ْكبَ ْرنَه؛فأَكثر المفسرين يقولون‪ :‬أَع َ‬

‫وبصورة عامة يريد الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم أن عظماء القوم وأكابرهم فالمشهور عنهم رعايتهم لقومهم وإهتمامهم بشؤونهم وحاجاتهم مما‬
‫سوف لن يكون عليه الحال في آخر الزمان‪.‬‬

‫صغَّ َرهُ وأ ْ‬
‫صغ ََره‪:‬‬ ‫صغ ََر‪،‬كاألصاغ َرة‪ .‬و َ‬ ‫خالف الع َ‬
‫ظم‪ ،‬في القَدْر‪ ،‬وأصاغ ُر‪ :‬جم ُع أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫غارةُ‪ ،‬بالفتح‪:‬‬
‫ص َ‬ ‫سابعا ا‪ :‬وقل حياء األصاغر‪ :‬في القاموس المحيط‪ :‬وال َّ‬
‫َجعَلَه صغيرا ا‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫وهي إشارة الى قلة الحياء عند الصغار‪ ،‬أو صغار القوم‪ ،‬وذلك يحصل بنتيجة ضعف اإليمان والقيم األخالقية‪.‬‬
‫ثامنا ا‪ :‬وشيدوا البنيان‪ :‬من الشائع إهتمام الحكام عادة بتشييد القصور ولكن أن تكون الحالة عامة شاملة للناس فهذا أمر غير مالوف‪ ،‬فعادة مايهتم الناس‬
‫بالبناء الذي يكفي لحاجتهم ولكن ماأشار إليه رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم هو غير المألوف من اإلهتمام بالبناء على نحو القصور التي يتملكها‬
‫عموم الناس‪.‬‬
‫تاسعا ا‪ :‬وظلموا العبيد واإلماء‪ :‬مع أن طبقة العبيد واإلماء لتزال موجودة في أماكن مختلفة إلّ أن التطور في الحياة جعل طبقات المستضعفين أوسع مما‬
‫كانت عليه بحيث تدخل هذه الطبقة مجموعة الموظفين في األنظمة التي تستغل اإلنسان وتمتص طاقته لخدمة مجموعة من الناس الذين يشكلون األحزاب‬
‫الحاكمة أو الحكومات المستبدة‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬وشهدوا بالهوى وحكموا بالجور‪ :‬وهذا المؤشر يبين مدى فساد الناس والحكام والقضاة بالشكل الذي يطمع فيهم القوي وييأس فيهم الضعيف‪.‬‬
‫أحد عشر‪ :‬ويسب الرجل أباه ويحسد الرجل أخاه‪ :‬وعند إختالل الموازين األخالقية واإلجتماعية ليستبعد أن يسب الرجل أباه وهنا إلتفاتة مهمة فلفظ‬
‫الرجل يدل على كامل رجولتة وعقليتة لكنه ليتمتع باألهلية واإللتزامات األدبية التي ينبغي أن يكون عليها من إحترام أبيه‪ ،‬وبنفس تلك الخطوط‬
‫واإلتجاهات تكون العالقات سيئة بين اإلخوة فبدلا من أن يتفانى اإلخ لخدمة بأخيه إلّ أنه يحسده ويبغضه ويتمنى زوال نعمتة‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫أننا نعتقد أن دراسة الجوانب اإلجتماعية والثقافية هي أهم بكثير من دراسة العالمات المادية ألن العالمات المادية إنما هي مؤشر مفيد في تحديد الزمن‬
‫لكن العالمات الثقافية واإلجتماعية هي مؤشر يخدم في تحديد هويتنا وهوية اإلنسان وشكل عالقته باهلل ويحدد مستقبله داخل الكون ويبرز نمط حياته‬
‫التي أختارها والتي ستكون مهمة في تشخيص مستقبله بعد الممات وعلى األقل من وجهة النظر اإلسالمية‪.‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫أحوال الناس آخر الزمان ‪3‬‬ ‫اللهم صل على محمد وآل محمد‬ ‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫محمود الربيعي‬

‫الرؤية الدينية للمشاكل الجتماعية المعاصرة وكيفية معالجتها‬

‫الحلقة الثالثة‬

‫دور الدين في عملية اإلصالح اإلجتماعي‬


‫على الرغم من إعالن الحرب على الدين كفكر وثقافة إلّ أن المواجهة لتزال باقية كحروب بين التيار الفكري الكاره للدين وبين التيار الديني الفكري‬
‫الذي يتحمل مسؤولية الحفاظ على الكيان اإلجتماعي المعتدل والذي يسعى لضمان حقوق اإلنسان وفق فطرتة السليمة التي دعت إليها األديان‪.‬‬
‫وإن جهود األنبياء والرسل والمصلحين في العالم ومنذ األزل تحملها اإلصالحيون في سبيل إنقاذ الناس من الضياع ومن أجل حفظ كيان المجتمع من‬
‫التصدع واإلنهيار‪.‬‬
‫كم المشاكل التي تعيشها المجتمعات‬
‫لقد أصبح العالم غارقا ا في كم من المشاكل التي قد لتظهر للعيان بشكل واضح ألن المظاهر البراقة قد تحول دون رؤية الحقائق التي يعيشها الفقراء‬
‫والموظفون من ذوي الدخل المحدود‪ ،‬أولئك الذين يعانون من إرتفاع اإليجارات وصعوبة الحصول على سكن‪ ،‬باإلضافة الى معاناة الشباب الذين‬
‫ليتمكنون من الزواج بسبب مواردهم البسيطة والتي لتكفي للحصول على بيت الزوجية‪.‬‬
‫وهناك المرضى الذين ليجدون ثمن الدواء أودفع األجور الباهضة للعالج‪ ،‬فهؤلء ليمكنهم أن يوصلوا أصواتهم الى ال********** وليمكن لهم‬
‫الحصول على العون والمساعدة‪.‬‬
‫وأما العاطلون عن العمل فهؤلء ليجدون الفرصة التي تمكنهم من التغلب على الظروف القاسية التي يعيشونها‪ ،‬ومن الطبيعي ففي مثل هذه األجواء‬
‫لبد أن تنتشر الجرائم‪.‬‬
‫الحركات السياسية السرية العالمية‬
‫وتلعب بعض الحركات السرية العالمية أدوارا ا خطيرة لبث األفكار التي تتقاطع مع الجهود المبذولة للحفاظ على البنية اإلجتماعية‪ ،‬ولدوافع قد تكون‬
‫بعضها دينية‪ ،‬أو إقتصادية‪ ،‬أو أمنية تكون من أهدافها السيطرة على العالم‪ ،‬وإدارته بالشكل الذي يضمن لهم وجودهم وهيمنتهم على المال واألمن‬
‫واإلقتصاد‪.‬‬
‫وبنا اء على هذه المرتكزات فهم يبذلون أقصى جهودهم داخل الدول والمؤسسات للوصول الى تحقيق تلك األهداف‪ ،‬ويتم لهم ذلك بتحريك عناصرهم‬
‫النشيطة التي تقدم لهم مختلف الخدمات بال حدود‪ ،‬وفي المقابل يحصلون على المال والمنصب‪.‬‬
‫األزمات اإلقتصادية الدولية‬
‫إن معظم األزمات اإلقتصادية الدولية منشئها السياسات الخاطئة‪ ،‬واألطماع غير المشروعة في ثروات الشعوب‪ ،‬والى التوزيع غير العادل للثروة بين‬
‫الناس‪ ..‬وبسبب التزاحم المالي بين الشركات والبنوك وأصحاب رؤوس األموال ويترتب على ذلك مشاكل يعاني منها الناس في الوقت الذي تمتع فيه‬
‫مجموعات صغيرة من األفراد والحكومات والدول ذات اإلرادات األقوى‪.‬‬
‫الصراعات الدينية والع******ية والطائفية وأثرها في تفاقم مشاكل الناس‬
‫وعلى الرغم من مرور زمن طويل على منشأ األديان لكن مانراه من صراعات بين معتنقيها أمر طبيعي‪ ..‬إذ أن معتنقي الدين السابق عادة مايقفون‬
‫موقف المعارض للدين الجديد‪ ،‬وكما أن معتنقي الدين الجديد يتخذون مواقف سلبية تجاه معتنقي الدين السابق‪ ،‬وهذه اآلثار تبقى بين الناس وليمكن‬
‫إيقافها‪ ..‬لكن وجود محاولت عند البعض أستطاعت أن تقدم مشروعا ا للتعايش من أجل تقليل الفجوة بين المتصارعين‪ ،‬كما أن بعض الطوائف‬
‫إستطاعت أيضا ا أن تنتهج طريقا ا معتدلا لتجميد الخالفات يعتمد على التعايش المبني على إحترام اآلراء فيما بين الطوائف‪.‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫ولقد إعتاد الناس على حدوث اإلختالف بين الشعوب والقوميات التي تقوم على أساس الع****** المعتمد على اللغة أو اللون أو العقيدة‪ ،‬لكن يمكننا‬
‫القول أن هذا اإلختالف قد يؤدي أحيانا ا الى حروب وإقتتال ووينتهي بالهيمنة على الطرف الضعيف‪ ،‬بينما في بعض األحيان تقوم فيما بينها عالقات‬
‫طيبة من حسن الجوار واإلحترام المتبادل وقيام عالقات مشتركة تؤدي الى منافع إقتصادية أو إندماج إجتماعي وكل ذلك يعتمد على طريقة التفكير‬
‫والسلوب والمنهج‪.‬‬
‫أزمة الدين والوجودية‬
‫وبعد أن ذكرنا األسباب التي تدعو الى حدوث الصراعات بين أهل األديان واألعراق والطوائف‪ ،‬يمكننا أن نشير الى وجود خالف من نوع آخر بين‬
‫أهل األديان من جهة‪ ،‬والوجوديون الذين ليؤمنوا بوجود خالق وهو خالف قديم يقوم على أساس فلسفة الوجود التي تتكلم عن قدم الطبيعة‪ ،‬وهو رأس‬
‫الخالف فيما بينهم وبين المؤمنين الذين يؤمنون بحدوث الطبيعة وقدم الخالق‪ ،‬وعلى أاساس هذين اإلتجاهين قام الخالف وتحرك الصراع وأضيف الى‬
‫بقية الصراعات األخرى‪.‬‬
‫أزمة العلوم الطبيعية والحركة الدينية‬
‫والحديث عن هذه األزمة قديم فقد ولدت هذه األزمة نسبيا ا منذ بداية العصر الصناعي وذلك عندما تكلم بعض العلماء وتحدثوا عن كروية األرض‪ ،‬أو‬
‫بعد محاولت غزو الفضاء والصعود الى القمر والنزول على تربته‪ ،‬أو حتى في عصرنا هذا عندما جرى الحديث عن عمليات نقل األعضاء بين البشر‬
‫أو بين البشر وغيرهم‪ ،‬أو حتى في الحديث عن ظاهرة اإلستنساخ األحيائي وهي أمور غالبا ا تسبب التصادم بين التيار الديني والتيارات غير الدينية‬
‫والتي تنتهي بالنتيجة وتقود في النهاية الى التصالح مع الحقائق العلمية‪.‬‬

‫يتبع‪...‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫أحوال الناس آخر الزمان ‪4‬‬ ‫اللهم صل على محمد وآل محمد‬ ‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫محمود الربيعي‬

‫أحوال الناس آخر الزمان ‪4‬‬

‫الحلقة الرابعة‬

‫البشرية غير مجتمعة على نظام مشترك بالنظر الى إعتبار أن اإلسالم هو آخر األديان السماوية فإن نظامه وفق الرؤية اإلسالمية يصلح ألن يكون‬
‫مشروعا ا متكامالا للدولة يقوم على أساس العدل بين مختلف الناس ويضمن حقوقهم وحرياتهم وسعادتهم ويؤسس للتعايش السلمي فيما بينهم ويحترم‬
‫تنوعهم‪ .‬وبتعبير أدق فإن قوانينه من هذا المنطلق تكون صالحة للجميع وذلك بسبب شموليتها التي تقوم على أساس تحقيق المصالح العامة دون مساس‬
‫بالحريات العقائدية للناس وعليه ستكون الشريعة اإلسالمية هي األوفر حظا ا للحفاظ على الحقوق الفردية واإلجتماعية‪ .‬وفي نظرنا أن سعادة المجتمع‬
‫لتتحقق إلّ بالنظرية اإلسالمية التي تصلح تماما ا للحياة والحكم وإدارة األمم والشعوب‪ ،‬وإن أية نظرية أخرى ستكون قاصرة عن القيام بمثل ماتقوم به‬
‫نظرية الخالق ولسبب بسيط أنه ليس للخالق مصلحة ليستفيد منها كما هو عليه عند المخلوق‪ .‬المواجهة بين جبهات الفساد واإلصالح ليس من السهل أن‬
‫نبني دول يحكمها العدل وتتمتع شعوبها بالحرية‪ ،‬فالناس ليسوا سواسية في تبني المبادئ والوفاء باإللتزامات‪،‬كما أن الشعوب عادة ماتكون الضحية‪،‬كما‬
‫أنه ليمكن أن يكون الناس كلهم مالئكة فإن منهم الكذّاب والخائن‪ ،‬وإن منهم المجرم‪ ،‬وعلى هذا األساس كان لبد من وجود صراع بين جبهتين‪ ،‬جبهة‬
‫لتعرف غير الفساد طريقا ا لها‪ ،‬وجبهة صالحة لتجد غير طريق الصدق في العمل والنوايا‪ .‬غياب مظاهر الفضائل وتعاني المجتمعات عموما ا من غياب‬
‫الصدق والنزاهة واألمانة‪ ،‬كما تعاني من مظاهر تفشي الكذب واإلحتيال والخيانة‪ ،‬وتعاني أيضا ا من إنتشار الفساد على مستوى األفراد و الجماعات‬
‫وعلى مستوى المؤسسات والشركات والدوائر الرسمية وغير الرسمية أيضا ا‪ .‬وليختلف األمر كثيرا ا في معاناتهم من غياب مكارم األخالق التي تعود‬
‫عليها الناس كالمحبة والكرم والضيافة والمساعدة والتعاون والتضحية واإليثار والتي حل محلها البخل والجفاء والسلبية واألنانية والحسد والبغضاء‪ .‬قلة‬
‫اإلهتمام بآراء الخبراء وإزدياد مساحة اإلهتمام بآراء الجهلة والمشكلة هنا لتكمن في في النواحي العلمية واألكاديمية‪ ،‬ففي هذا المجال قد يعمل كُل في‬
‫مجال إختصاصه‪ ،‬لكن الخطر يكمن في السياسات العامة للبلدان ومراكز القرار في الدول التي يتزعمها رجال ليس من إختصاصهم الحكم والسلطة‪ .‬إن‬
‫صعود قيادات هزيلة فاسدة عن طريق األحزاب والمنظمات أو عن طريق اإلنقالبات والتآمر والتزوير الى مراكز قيادية مهمة في المجتمع سيشكل‬
‫خطرا ا حقيقيا ا على ذلك المجتمع‪ .‬إعطاء فرص الخطابة ومظاهر القيادة لغير البالغين وهذا األمر ليخص المنابر الدينية فقط بل وكذلك المنابر السياسية‬
‫فمن المؤسف أن يرى اإلنسان شبّانا ا مراهقين يعتلون المنابر وهم َب ْع ُد لم يكملوا حتى دراساتهم األولية‪ ،‬ولم تكن لم خبرة من قبل‪ ،‬ولزالوا في أعمار لم‬
‫تكتسب ولم تستكمل مراحل المعرفة بشؤون الحياة‪ ،‬ولم يستوعبوا بعد دروس الحياة الصعبة‪ ،‬وليست لديهم معرفة بالدين والسياسة‪ ،‬ولربما كانوا ممن‬
‫يحسنون إثارة الفتن والمشاكل‪ ،‬وأن يروجوا لألحزاب والمنظمات التي أحتضنتهم دون أن تكون لهم فائدة‪ .‬إن المنبر الديني والسياسي يجب أن يكون‬
‫لئقا ا بأهل الخبرة والكفاءة من الشيوخ وأهل الحل والعقد‪ ،‬ومن الذين خبروا الحياة‪ ،‬ونزلوا معتركها‪ ،‬وتعرفوا على فنون إدارتها‪ ،‬وتمكنوا من معرفة‬
‫الناس واإلحاطة بشؤونهم ومصالحهم وكيفية دفع الضرر عنهم وهذا ليمكن أن نجده عند مراهقي السياسة‪ .‬إنتشار ظاهرة الكذب بين التجار إن تأثير‬
‫ظاهرة الكذب في التجارة تعد خيانة لألمانة وإفساد إجتماعي كبير يقوم على أساس سرقة المال‪ ،‬وهو تعبير عن التدني الخلقي‪ .‬والمصيبة كل المصيبة‬
‫عندما يستشري الكذب ليكون ظاهرة عامة تصاب بها المؤسسات والشركات والدول مما يدعو الى إنتشار الفساد وحدوث األزمات وتفاقم المشاكل وهو‬
‫يروج لبيع بضاعة فاسدة كاألدوية أواألغذية‪ .‬ماذا سيحدث؟ إن من‬ ‫أمر ليس بالسهل إذ يتعلق بمعايش الناس وأسباب رزقهم‪ ،‬فتصوروا أن تاجرا ا ّ‬
‫المؤسف أن يلجأ بعض التجار الى تحصيل قوتهم من المال الحرام ومن المعامالت الالشرعية سواء في تحصيل المال أو في تقبله أو في طريقة صرفه‬
‫أوالتعامل به‪ .‬ضعف الكيانات األسرية إن ضعف قيادة اآلباء لألبناء‪ ،‬وتجاوز األبناء على هيكلية األسرة يعد نوعا ا من الخروقات داخل العملية‬
‫اإلجتماعية‪ ،‬كما يسبب مشاكل وإضطرابات في توجيه النظام األسري وقد يكون ذلك ناتجا ا عن تبادل المواقع الوظيفية بين الرجل والمرأة داخل األسرة‪.‬‬
‫وإن من أحد المشاكل التي تظهر نتيجة لهذا اإلختالل في التوازن األسري هو تولد حالت من اإلزدواجية تظهر عند األبناء عندما يتعاملون بشكل سئ‬
‫مع اآلباء وبشكل حسن مع األصدقاء‪ .‬وفي غيبة الطوسي قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده يا سلمان إن عندها يكون المنكر معروفا‬
‫والمعروف منكرا واؤتمن الخائن ويخون األمين ويصدق الكاذب ويكذب الصادق قال سلمان‪ :‬وإن هذا لكائن يا رسول هللا؟ من عالمات آخر الزمان‬
‫عندما‪ :‬أولا‪ :‬يكون المنكرمعروفا ا والمعروف منكرا ا‪ :‬وهذا اإلنقالب في السلوك والتفكير يكون عندما تتغير جميع المالمح العامة في الثقافة اإلجتماعية‬
‫وعندها يصبح السارق بطالا في نظر الناس‪ ،‬والقاتل شجاعاا‪ ،‬والمعتدي على األعراض مهاباا‪ ،‬بينما يصبح الشريف وضيعاا‪ ،‬ويفقد الناس عندئذ الحماية‬
‫بعدما تسود شريعة الغاب ويحل الحرام محل الحالل‪ .‬ثانيا ا‪ :‬يؤتمن الخائن ويخون األمين ويصدق الكاذب ويكذب الصادق‪ :‬ويُ ْنبئ الرسول األكرم صلى‬
‫هللا عليه وآله وسلم عن تلك المرحلة من نهاية التاريخ في آخر الزمان عندما ترجح كفة الخائن إلنه يصبح في ذلك الوقت مصدر الربح بينما يُخ َّون‬
‫األمين الذي يقف حاجزا ا بوجه المصالح غير الشرعية‪ .‬قال‪ :‬إي والذي نفسي بيده يا سلمان فعندها إمارة النساء ومشاورة اإلماء وقعود الصبيان على‬
‫المنابر ويكون الكذب طرفا والزكاة مغرما والفيء مغنما ويجور الرجل (على) والديه ويبر صديقه ويطلع الكوكب المذنب‪ ،‬قال سلمان‪ :‬وإن هذا لكائن يا‬
‫رسول هللا؟ ومن عالمات آخر الزمان أيضا ا أولا‪ :‬إمارة النساء‪ :‬وهنا حديث رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ليس تقليالا لشأن المرأة ومنزلتها‬
‫اإلجتماعية بقدر ماهو إشارة الى مدى التغير الذي يصيب األخالق بحيث يتبادل الرجل والمرأة مواقعهما داخل األسرة فيكون هو الذي يدبر شؤون‬
‫المنزل بينما ينتظر عودة زوجته‪ .‬واألكثر من ذلك أن تتقلد المرأة مواقع السلطة والحكم‪ ،‬وحماية الرجال في الخدمة العسكرية‪ ،‬وتتقلد المناصب‬
‫الوزارية والمناصب الرفيعة والمشاركة في التجارة والسياحة والفن بينما يبقى الرجل في الصفوف الخلفية وهذا األمر بطبيعة الحال يكلف المجتمع‬
‫تبعات عديدة إذ يتسائل المتسائل ماجدوى كل هذا التغيير في الحياة اإلجتماعية! ثانيا ا‪ :‬مشاورة اإلماء‪ :‬جاء في الصحاح في اللغة أأل َ َمة ُ‪ :‬خالف ال ُح َّرة‪،‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫والجمع إماء وآم‪ .‬وفي هذه العالمة تنبيه الى قلة إهتمام الرجال أو العقالء بالمطالب العقلية التي تترتب على قيادتهم وإختيار مستشاريهم وأمناءهم بينما‬
‫يلجئون الى من ليس لها حظ في التجربة والخبرة كاإلماء‪ .‬ثالثا ا‪ :‬قعود الصبيان على المنابر ويكون الكذب طرفاه‪ :‬وفي مقاييس اللغة الصبي يدل على‬
‫صغر الس ّّن‪ ،‬وفي لسان العرب والصبي الغال ُم‪ ،‬والجمع ص ْبيَة وصبْيان‪ .‬وهي إشارة الى إشراك المراهقين في أوساط الخطابة الدينية والسياسية‬
‫والسماح لهم بإعتالء منابر الخطابة وكأن المجالس جفت من أهل العقول والخطابة وهو أمر يدعو الى ال َحيْرة‪ ،‬إذ كيف يأمن الناس من الصبيان إذا‬
‫تكلموا وهم األحوج الى التربية والتوجيه‪ ،‬وماذا يتوقع من الصبيان غير ترويج الكذب الذي يمرره القائمون عليهم والذين يقفون خلف الستار‪ .‬رابعا ا‪:‬‬
‫غر ُمها‪ ،‬والفَ ْي ُء كما ورد في‬ ‫تكون الزكاة مغرما والفئ مغنما ا‪ :‬وقد أشرنا الى ذلك في الحلقة الثانية وهي أن يَ َرى َرب المال أن إخراج زكاته غَرامة يَ َ‬
‫عن أ َ ْوطانهم ويُخَلوها للمسلمين‪ ،‬أَو يُصال ُحوا على ج ْزية‬ ‫ف دينَه‪ ،‬بال قتال‪ .‬إ َّما بأ َ ْن يُجْ لَوا َ‬ ‫للاُ تعالى علَى أ َ ْهل دينه من أ َ ْموال َم ْن خالَ َ‬ ‫لسان العرب ما َر َّد ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫للا تعالى‪ :‬فَما أ ْو َجفتُم عليه من َخيْل ول‬ ‫للا قال ّ‬‫سفك دمائهم‪ ،‬فهذا الما ُل هو الفَ ْي ُء‪ .‬في كتاب ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫غيْر الج ْزية يَفتَدُونَ به من َ‬ ‫َ‬
‫عن ُرؤوسهم‪ ،‬أو مال َ‬ ‫ي َُؤدونَها َ‬
‫للا عليه‬ ‫للا صلّى ّ‬ ‫س َم رسو ُل ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫الشام‪،‬‬ ‫لى‬ ‫إ‬ ‫هم‬‫طان‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫عن‬ ‫وا‬ ‫ُ‬ ‫ل‬‫ج‬‫ُ‬ ‫و‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ا‬‫ُو‬‫ض‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫ن‬
‫َ‬ ‫ينَ‬ ‫ح‬ ‫النضير‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ب‬
‫َ‬ ‫موال‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫في‬ ‫نزلت‬ ‫‪،‬‬‫ا‬ ‫ا‬‫كاب‬ ‫ر‬ ‫ول‬ ‫َ‬ ‫ال‬‫ي‬‫ْ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫عليه‬ ‫وا‬ ‫ُ‬ ‫ف‬‫وج‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫لم‬ ‫ي‬ ‫ركاب‪ .‬أ َ‬
‫َ‬
‫والركاب‪ .‬وأص ُل‬ ‫للاُ عليها بال َخيْل ّ‬ ‫ف ّ‬ ‫َ‬
‫غير قسمة الغَنيمة التي أ ْو َج َ‬ ‫ُ‬
‫للاُ أن يَقس َمها فيها‪ .‬وقسمة الفَيء ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الو ُجوه التي أراهُ ّ‬ ‫غيْرها في ُ‬ ‫وسلم أَموالهم من النخيل و َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫غ ْنماا‪ ،‬بالضم‪ .‬خامسا ا‪:‬‬ ‫ع ْفوا ا بال قتال‪ .‬وال َم ْغنم‪ :‬الفيء‪ .‬يقال‪ :‬غَن َم القَوم ُ‬ ‫َ‬
‫ي هذا الما ُل فَيْئا ا ألَنه َر َج َع إلى المسلمين من أ ْموال ال ُكفّار َ‬ ‫س ّم َ‬ ‫الفَ ْيء‪ :‬الر ُجوعُ‪ُ ،‬‬
‫ويجور الرجل على والديه ويبر صديقه‪ :‬ويحدث ذلك بسبب التربية السيئة داخل األسرة وإبتعاد الناس عن الدين وهجرانهم للقرآن‪ ،‬فتكون المرأة عندئذ‬
‫هي اآلمر والناهي ويكون الرجل حينئذ متفرجا ا في الوقت الذي سيحتل الصديق المنزلة األكبر بإعتباره محطة الراحة واإلجتماع على المنكر‪ .‬سادسا ا‪:‬‬
‫ويطلع الكوكب المذنب‪ :‬وهذه العالمة دائما ترتبط بحدوث كوارث طبيعية وأحداث عنف تتسبب في موت ودمار اآلآلف من الناس‪ ،‬وهي إشارة الى‬
‫حلول الغضب اإللهي‪ .‬قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده‪ ،‬يا سلمان عندها تشارك المرأة مع زوجها في التجارة ويكون المطر قيظا‬
‫ويغيظ الكرام غيظا ويحتقر الرجل المستمر فعندها يقارب األسواق إذا قال هذا‪ :‬لم أبع شيئا وقال هذا‪ :‬لم أربح شيئا فال ترى إل ذاما هلل‪ ،‬قال سلمان‪ :‬وإن‬
‫هذا لكائن يا رسول هللا؟ ومن عالمات آخر الزمان أيضا ا أولا‪ :‬تشارك المرأة زوجها في التجارة‪ :‬ففي الوضع الطبيعي يكون الرجل قيّما ا ومسؤولا عن‬
‫النفقة‪ ،‬بينما تقوم المرأة بتدبير شؤون المنزل‪ ،‬ولذلك كان على الرجل العمل واإلنفاق‪ .‬فالرسول صلى هللا عليه وآله وسلم أشار الى حدوث إختالل في‬
‫صمي ُم‬ ‫ظ‪َ :‬‬‫هذا التوازن لتضاف مشكلة إجتماعية الى جملة المشاكل األخرى التي يعاني منها المجتمع‪ .‬ثانيا ا‪ :‬ويكون المطر قيظا ا‪ :‬وفي لسان العرب القَ ْي ُ‬
‫غيْظا ا والمطر قَيْظاا‪ ،‬ألنَ‬ ‫ظ بأَرض ل بُ ْه َمى فيها أَي ل َم ْرعى في القيظ‪ .‬وفي حديث أَشراط الساعة‪ :‬أَن يكون الولد َ‬ ‫الصيْف‪ ،‬وقال ابن األَعرابي‪ :‬ل َمقي َ‬
‫يض‬
‫غاض الما ُء يَغ ُ‬ ‫َ‬ ‫ظ ض ّد ذلك‪ .‬وهو نوع من الغضب اإللهي‪ .‬ثالثا ا‪ :‬ويغيض الكرام غيظا ا‪ :‬وفي لسان العرب‬ ‫المطر إَنما يُراد للنبات وبَ ْرد الهواء والقي ُ‬
‫ُ‬
‫وفاض اللئام أي كث ُروا‪ .‬وفي الحديث‪:‬‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫غاض الكرا ُم أي قلوا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ضب‪ .‬ويقال‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫فذهب‪ ،‬وفي الصحاح‪ :‬قل فن َ‬ ‫َ‬ ‫غاض‪ :‬نقَص أَو َ‬
‫غار‬ ‫َ‬ ‫غيْضا ا و َمغيضا ا و َمغاضا ا وا ْن‬ ‫َ‬
‫غيْضا ا أي فَنُوا وبادُوا‪ .‬رابعا ا‪ :‬ويحتقر الرجل المستمر فعندها يقارب األسواق إذا قال هذا‪ :‬لم أبع شيئا وقال هذا‪ :‬لم‬ ‫َ‬ ‫ضت الكرام َ‬ ‫شتاء قَيْظا ا وغا َ‬ ‫إذا كان ال ّ‬
‫أربح شيئا فال ترى إل ذاما هلل‪ :‬وهي إشارة الى عدم القناعة فيما يحصل عليه اإلنسان من الربح رغم يكون له من المردودات التي تكفيه وتزيد عن‬
‫حاجته‪ ،‬ورغم كثرة مايبيع ويترتب على ذلك من األرباح‪ .‬قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده‪ ،‬يا سلمان فعندها يليهم أقوام إن تكلموا‬
‫قتلوهم وإن سكتوا استباحوهم ليستأثروا تفثهم وليطأوا حرمتهم ولتسفكن دماؤهم ولتمألن قلوبهم رعبا فال تراهم إل وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين‪،‬‬
‫قال سلمان‪ :‬وإن هذا لكائن يا رسول هللا؟ ومن عالمات آخر الزمان أيضا ا أولا‪ :‬يليهم أقوام إن تكلموا قتلوهم وإن سكتوا استباحوهم‪ :‬وهذه العالمة تشير‬
‫الى مدى الظلم الذي يسود المجتمعات آخر الزمان حيث يتسلط الظالمون على مقاليد الحكم ليحكموا بغير ماأنزل هللا سبحانه وتعالى من كتم لألفواه ومنع‬
‫للحريات تصل الى حد القتل وإستباحة األموال واألعراض‪ .‬ثانيا ا‪ :‬ليستأثروا تفثهم وليطأوا حرمتهم ولتسفكن دماؤهم ولتمألن قلوبهم رعبا فال تراهم إل‬
‫وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين‪ :‬وفي لسان العرب التفث هي الحوائج‪ .‬والمعنى العام هو اإلشارة الى الطغيان والعدوان والتجاوز على الحرمات من‬
‫األمالك والحريات واألرواح حيث يشاع الخوف وتمتلئ القلوب بالرعب والرهبة وتصبح الحياة في مثل هذه المجتمعات نوعا ا من أنواع السجن‬
‫والمعاناة‪ .‬خاتمة يتضح لنا مما سبق إمكانية حدوث تغير واسع في الحياة المجتمعية عند اإلنسان آخر الزمان‪ ،‬كما ويحدث تغيير في مسارات السلوك‬
‫البشري يدعو الى القلق نتيجة إنتشار مظاهر الفساد في السلطة والحكم وفي التربية والتعليم وفي األفكار‪ .‬وعندها سوف ينتشر الخوف والفقر‪ ،‬وتكثر‬
‫الحروب‪ ،‬وتزداد نسب الجرائم‪ ،‬ويُخشى من وقوع الغضب اإللهي‪ ،‬وفي مثل هذه الظروف فإن على المؤمنين باهلل أن يكونوا حذرين مما قد يقع من‬
‫البالء‪ ،‬وعليهم أن يبذلوا جهودهم من أجل أن ليكونوا من الفئة التي يسخط هللا عليها‪.‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫أحوال الناس آخر الزمان ‪5‬‬ ‫اللهم صل على محمد وآل محمد‬ ‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫محمود الربيعي‬

‫الحلقة الخامسة‬

‫المقدمة‬
‫القرون المتعاقبة للتاريخ جاءت بتغييرات واسعة في عالمي الثقافة واإلجتماع‪ ،‬وعلى أثرذلك برزت مظاهر جديدة مهمة في طبيعة تفكير اإلنسان‬
‫وصور تعامله مع محيطه اإلنساني‪ .‬فقد أحدثت تلك المظاهر تدنيا ا ملحوظا ا في المعارف اإللهية واإللتزامات الدينية في الوقت الذي نمت فيه الدوافع‬
‫المادية بحيث شكل كل من المال والجنس والمنصب جانبا ا كبيرا ا من إهتمامات الناس‪ ،‬وشهدت البنى اإلجتماعية تغيرا ا ملحوظا ا في تفكيرها وسلوكها إذ لم‬
‫يبق للعالقات بين األبناء واآلباء إلّ الصور الشكلية بعد أن لعبت الثقافات الحديثة دورا ا كبيرا ا في الحد من سلطة اآلباء‪ ،‬وشجع على ذلك طغيان قيم‬
‫الحضارات المادية التي تتخذ موقفا ا من الدين‪ ،‬كم شهدت القلوب والعواطف اإلنسانية ضعفا ا ملحوظاا‪ ،‬إذ حلت العالقات الجنسية الطارئة محل الحب‬
‫المتبادل واإللتزامات األدبي فيما بين الجنسينة‪ ،‬في الوقت الذي أتسعت فيه مساحة العالقات الجنسية المحرمة والشاذة وحلّت محل العالقات الزوجية‪،‬‬
‫باإلضافة الى أختفاء مظاهر الرجولة واألنوثة في معضم الدول‪ ،‬وأصبح الرجال يتشبهون بالنساء‪ ،‬والنساء يتشبهن بالرجال‪.‬‬
‫المقدمات التأريخية‬
‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 10‬‬

‫وفي غيبة الطوسي‬


‫وفي الدمعة عن تفسير علي بن إبراهيم عن عبد هللا بن عباس قال‪ :‬حججنا مع رسول هللا (صلى هللا عليه وآله وسلم) حجة الوداع فأخذ بحلقة باب الكعبة‬
‫ثم أقبل علينا بوجهه فقال‪ :‬أل أخبركم بأشراط الساعة؟ وكان أدنى الناس يومئذ منه سلمان قال‪ :‬بلى يا رسول هللا فقال‪ :‬إن من أشراط الساعة‬
‫إضاعة الصالة واتباع الشهوات والميل مع األهواء وتعظيم المال وبيع الدين بالدنيا‪.‬‬
‫رؤية وتحليل‬
‫أولا‪ :‬إضاعة الصالة‪ :‬وذلك عندما يغرق الناس في أحضان الحياة المادية وينسون موتهم‪ ،‬وآخرتهم‪ ،‬وعلة وجودهم‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬وإتباع الشهوات‪ ،‬والميل مع األهواء‪ :‬ومن عالمات آخر الزمان إرتكاب المعاصي‪ ،‬والدخول في المحرمات‪ ،‬وقضاء أألوقات في الفسق والفساد‪،‬‬
‫وإتباع المفسدين دون أن يردعهم رادع من أنفسهم‪.‬‬
‫ثالثا ا‪ :‬وتعظيم المال وبيع الدين بالدنيا‪ :‬وفي آخر الزمان يعظم الناس المال ويجعلونه هدفهم األكبر فترخص دونه األشياء وتستحل الوسائل لتحصيله على‬
‫حساب القيم والمبادئ وحتى على حساب األنفس واألعراض‪.‬‬
‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 11‬‬

‫فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الملح في الماء مما يرى من المنكر فال يستطيع أن يغيره‪ ،‬قال سلمان (رضي هللا عنه)‪ :‬إن هذا لكائن يا‬
‫رسول هللا؟ قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده‪ ،‬يا سلمان إن عندها‪ ،‬يليهم أمراء جورة ووزراء فسقة وعرفاء ظلمة وأمناء خونة‪،‬‬
‫فقال سلمان‪ :‬إن هذا لكائن يا رسول هللا؟‬
‫ومن العالمات األخرى أيضا ا‬

‫أولا‪ :‬تولية أمراء الجور‪ :‬وفي جملة العالمات التي تعم المجتمعات آخر الزمان تولي أمراء الجور مقاليد السلطة والحكم‪ ،‬وهو أمر خطير يهدد الحقوق‬
‫اإلجتماعية والفردية للناس‪ ،‬ويفقدهم حرياتهم الشخصية في التعبير عن آرائهم ومطالبهم المشروعة‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬ووزراء فسقة‪ :‬وفي مجتمعات يكون حكامها جورة لبد أن يكون وزرائهم على شاكلتهم ليرعون إلّ ولذمة‪ ،‬وليخافون هللا‪ ،‬يخوضون في الباطل‬
‫كما يخوض الحكام في باطلهم‪.‬‬
‫ريف‪ :‬النَّقيب وهو دون الرئيس‪،‬‬ ‫ريف‪ :‬القيّم والسيد لمعرفته بسياسة القوم‪،‬والعَ ُ‬ ‫يف القوم‪ :‬سيّدهم‪ .‬والعَ ُ‬ ‫ثالثا ا‪ :‬وعرفاء ظلمة‪ :‬ومن لسان العرب‪ ..‬و َ‬
‫عر ُ‬
‫مير منه أَحوالَ ُهم‪ ،‬وقوله‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أل‬‫ا‬ ‫ف‬ ‫ويتعر‬
‫َّ‬ ‫مورهم‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫لي‬‫ي‬
‫َ‬ ‫الناس‬ ‫من‬ ‫الجماعة‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫القبيلة‬ ‫مور‬‫ُ‬ ‫بأ‬ ‫م‬‫ي‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫ال‬ ‫وهو‬ ‫عريف‬ ‫جمع‬ ‫ع َرفاء‪ ،‬قال ابن األَثير‪ :‬العُرفاء‬
‫والجمع ُ‬
‫َ‬
‫ثم واستحق العقوبة‪ ،‬ومنه حديث طاووس‪ :‬أنه سأل ابن عباس‪،‬‬ ‫َ‬
‫للرياسة لما ذلك من الفتنة‪ ،‬فإنه إذا لم يقم بحقه أ َ‬ ‫العرفاء في النار تحذير من التعرض ّ‬
‫للا عنهما‪ :‬ما معنى قول الناس‪ :‬أ َ ْه ُل القرآن عُرفاء أَهل الجنة؟ فقال‪ُ :‬رؤساء أَهل الجنة‪.‬‬ ‫رضي ّ‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫رابعا ا‪ :‬وأمناء خونة‪ :‬وإذا كان الحكام ظلمة كان أعوانهم ووزرائهم وأمنائهم خونة مثلهم ألنهم من جنس ثقافتهم اإلجتماعية واألخالقية‪.‬‬
‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 12‬‬

‫غيبة الطوسي‬
‫قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده يا سلمان‪ ،‬إن عندها يؤتى بشيء من المشرق ويؤتى بشيء من المغرب يلون أمتي فالويل لضعفاء‬
‫أمتي والويل لهم من هللا‪ ،‬ل يرحمون صغيرا ول يوقرون كبيرا ول يتجاوزون عن مسيء‪ ،‬خيارهم حثا وقلوبهم قلوب الشياطين‪ ،‬قال سلمان‪ :‬وإن هذا‬
‫لكائن يا رسول هللا؟ قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده يا سلمان‪.‬‬
‫رؤية وتحليل‬
‫من عالمات آخر الزمان‬
‫أولا‪ :‬إن عندها يؤتى بشيء من المشرق ويؤتى بشيء من المغرب يلون أمتي‪ :‬وبسبب ضعف بالد المسلمين وعدم وحدتهم تتولهم شعوب أخرى تأتيهم‬
‫من أطراف األرض لتحكمهم بعد أن كانوا هم الحاكمين‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬فالويل لضعفاء أمتي والويل لهم من هللا‪ :‬وهنا يشير الرسول األكرم محمد المصطفى صلى هللا عليه وآله وسلم الى ماسيلقى ضعفاء أمته من جور‬
‫الجائرين‪ ،‬والويل للجائرين من عذاب هللا‪.‬‬
‫ثالثا ا‪ :‬ل يرحمون صغيرا ول يوقرون كبيرا ول يتجاوزون عن مسيء‪ :‬ومن صفة أهل البغي والعدوان أنهم ليراعون حرمة ألحد فقد نزعت من قلوبهم‬
‫الرحمة حيث ليميزون بين صغير ولكبير‪ ،‬فالكل عندهم سواء والكل يتعرض لألذى دون أن تراعى أية ظروف للعباد‪.‬‬
‫سه ت َ ُحثه‪ .‬والحثاثَةُ‪ ،‬بالكسر‪ :‬ال َحر‬
‫سريع في أَمره كأ َ َّن نَ ْف َ‬ ‫رابعا ا‪ :‬خيارهم حثا وقلوبهم قلوب الشياطين‪ :‬ومن لسان العرب ورجل َحثيث و َمحْ ثُوث‪ :‬حاد َ‬
‫س الخَشنُ ‪.‬‬ ‫الر ْم ُل الغَلي ُ‬
‫ظ الياب ُ‬ ‫ع ْينَيْه‪ .‬قال راويةُ أَمالي ث َ ْعلَب‪ :‬لم َي ْعرفها أَبو العباس‪ .‬وال ُحث‪َّ :‬‬
‫وال ُخشُونة َيجدُها اإلنسانُ في َ‬
‫ويتبين من العالمة التي يشير إليها رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم مدى خشونة طباع الناس وغلظتهم‪ ،‬فمثلهم مثل الشياطين وهو أصدق وصفا ا من‬
‫أي شئ آخر‪.‬‬
‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 13‬‬
‫ومن عالمات آخر الزمان أيضا ا‬

‫وعندها تكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها ويشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ويركبن‬
‫ذوات الفروج السروج من أمتي فعليهن من أمتي لعنة هللا‪ ،‬قال سلمان‪ :‬وإن هذا لكائن يا رسول هللا؟‬
‫رؤية وتحليل‬
‫أولا‪ :‬تكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها‪ :‬والرسول صلى هللا عليه وآله وسلم يتحدث في‬
‫عصر النبوة عن زمان غير الزمان الذي يعيشه الناس آنذاك‪ ،‬فهو يبين مدى ماستؤول إليه حياتهم في آخر الزمان ويذكرهم بماحدث لألقوام السابقة من‬
‫اإلنحرافات عن الفطرة اإلنسانية مثل قوم لوط وبقية األقوام‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬ويشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ويركبن ذوات الفروج السروج من أمتي فعليهن من أمتي لعنة هللا‪ :‬إن الفطرة السليمة تدعو الى أن يحتفظ‬
‫كل جنس بمميزاته لكي تستقيم الحياة بالشكل الذي رسمه هللا لها من قيم للرجولة عند الرجال‪ ،‬وقيم لألنوثة عند اإلناث وفي ذلك حفظ للنوع البشري‬
‫ومكوناته األسرية‪ ،‬وأما مخالفة تلك الفطرة فإنها ستؤدي إلى إهتزاز قيم المجتمع وعندها ليمكن السيطرة على مستقبل الحياة اإلجتماعية وفي ذلك‬
‫غضب الرحمن ونزول العذاب‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫إننا نرى بأن المبادرة الى عملية اإلصالح اإلجتماعي لبد أن تستمر حتى لو إمتلئت األرض ظلما ا وجورا ا وذلك ألن المسؤولية الدينية واألخالقية تبقى‬
‫في ذمة القادة اإلجتماعيين والروحانيين‪ ،‬وعليهم واجب التثقيف وبث الوعي وبذل الجهد في سبيل الحد من الظواهر السلبية‪ ،‬وإن الواحد من هؤلء القادة‬
‫وفي مثل هذه الظروف يكون مؤهالا ألن يكون جنديا ا من جنود اإلمام المهدي عليه السالم‪ ،‬وسيكون في تلك الفترة رائدا ا من الرواد الذين يقودون بقية‬
‫األحرار في العالم‪.‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫اللهم صل على محمد وآل محمد‬ ‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫محمود الربيعي‬

‫الحلقة السادسة‬

‫المقدمات الموضوعية‬
‫التغير العام الذي يطرأ على السلوك اإلجتماعي في العالم آخر الزمان‬
‫بحسب الرؤية اإلسالمية ووفق الخبر التأريخي في الرواية عن الرسول األكرم وأهل بيته األطهار عليهم السالم فإن عصر آخر الزمان لبد أن يشهد‬
‫زيادة في المظاهر المادية يقابلها تردي في اإلتجاهات الروحية‪ ،‬ويصاحب ذلك تغيرا ا في النوايا سواء فيما يتعلق باإلنسان أو بالمجتمع بشكل عام‪،‬‬
‫خصوصا ا في مجال إهتماماته بمظاهر العمران والزينة والفن وفي البحث عن المصالح الشخصية‪ ،‬وسواء فيما يتعلق بالحصول على المال أو المنصب‪،‬‬
‫كما تطغى المعامالت الرباوية في معامالت البيع والشراء‪ ،‬وتصيب القضاء عوامل الضعف والفساد بحيث تظهر طبقات حاكمة مستبدة‪ ،‬باإلضافة الى‬
‫مايصيب العالقات اإلجتماعية من الضعف الملحوظ والزيادة في نسب الطالق بين المتزوجين‪ ،‬ويكثر األولد غير الشرعيين بسبب العالقات غير‬
‫الشرعية فتزداد نتيجة لذلك نسب الجرائم بين الناس‪.‬‬
‫التغير الذي يطرا على كل من المظاهر الدينية الروحية والمدنية المادية‬
‫وإن من أهم مميزات الناس في عصورنا المتأخرة حسب الرؤية اإلسالمية هو إهتمامهم الواسع بالمظاهر العمرانية ومنها الدينية كبناء المساجد الكبيرة‬
‫وزخرفتها دون أن يولوا لجوهر الدين واألسس التي قامت عليها األديان أي حساب‪ ،‬فاألديان تحاول بناء اإلنسان الفاضل والمجتمع الفاضل لكن أغلب‬
‫البالد ستهتم بالجانب المادي والفني أكثر مما تهتم بالجوانب التربوية أواإلجتماعية‪ ،‬ونحن لسنا هنا بصدد الوقوف أمام نزعة التطور العمراني والفني‬
‫بقدر مانريد أن ننبه إلى أهمية الدين ومقدار تأثيره اإليجابي في بناء المجتمع الطاهر والنظيف‪.‬‬
‫التغير في أهداف الحج عند المسلمين‬
‫ونقصد بذلك أن الغرض من الحج وهو هدف عبادي سيفقد معانيه التي بني عليها ليصبح وسيلة للتجارة والنزهة وطلب السمعة من دون أن يكون له أثر‬
‫في العبادات والمعامالت التي تتعلق بجوهر اإلسالم وعقائده المبنية على الفهم والتصور النابع من القناعات اليقينية والدوافع الرسالية المهمة في الحياة‪.‬‬
‫التغيرات التي تطرأ على شخصية رجل الدين‬
‫وفي العصور المتأخرة طرأ تغير كبير في طبيعة رجال الدين والمهتمين بالعلوم والدراسات الدينية بحيث أصبح توجههم نحو التفقه ألغراض شخصية‬
‫دون أن تكون نواياهم العمل في التقرب الى هللا أو القيام بخدمة حقيقية للمجتمع‪ ،‬فيكون الهم األكبر لهم هو الحصول على المنافع المادية والدنيوية‪.‬‬
‫إهتمام الناس بالمظهر دون اإلهتمام بالفكروالثقافة‬
‫ومن المميزات األخرى للناس في العصور المتأخرة هو اإلهتمام بالمظهر الخارجي أكثر من اإلهتمام بالجوانب السلوكية والثقافية‪ ،‬وأن مايصرفه‬
‫اإلنسان على المالبس والزينة هو أكثر مما يصرفه على ثقافتة وتعليمه‪.‬‬
‫طغيان المعامالت الرباوية‬
‫ومن المظاهر العامة التي تلعب دورا ا في فساد المجتمع هو إنتشار المعامالت الرباوية بين األفراد‪ ،‬أو التي تتبناها الشركات المالية والبنوك الرسمية‪،‬‬
‫وهو مايهدد إستقرار العالقات اإلجتماعية ويلغي مجالت التعاون والمساعدة بين الناس‪ ،‬وبسبب ذلك يزداد التباين بين األغنياء والفقراء‪.‬‬
‫تفكك العالقات اإلجتماعية‬
‫وتشهد الحياة العصرية آخر الزمان كثرة حالت الطالق بين األزواج بسبب طبيعة األنظمة اإلقتصادية واإلجتماعية الرئيسية الحاكمة في العالم التي‬
‫تعتمد قوانين لتتالئم مع الفطرة اإلنسانية‪ ،‬خصوصا ا تلك التي تخالف الشرائع السماوية فتسهم بذلك في تغيير هيكلية األسرة وقلب األدوار بين الرجل‬
‫والمرأة دون النظر الى اآلثار السيئة التي يمكن أن تلحق باألبناء‪.‬‬
‫تزايد نسب الطالق‬
‫ومن النتائج الحتمية لتزايد حالت الطالق هو الخلل الذي يلحق بالعالقات اإلجتماعية واألسرية بحيث يبحث الرجال والنساء على عالقات سهلة من دون‬
‫أن يتحملوا مسؤولية البناء‪ ،‬ولقد شجع على هذا التغيير في بناء عالقات غير مسؤولة تلك التشريعات المدنية التي دافعت عن مثل هذه العالقات غير‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫تزايد نسب األبناء غير الشرعيين‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫ونتيجة للعالقات غير المسؤولة إزدادت نسبة الولدات غير الشرعية لألبناء دون وجود حصانة حقيقية لهم لتتلقفهم فيما بعد دور الرعاية وغالبا ا ماتنتهي‬
‫حياة نسبة كبيرة منهم بالسجن عند إرتكابهم الجريمة نتيجة لمايمرون به من أزمات نفسية خانقة‪.‬‬
‫تعطيل الحدود الشرعية‬
‫وأمر آخر هو مايتعلق بحقوق اإلنسان فقد شهد تغيرا ا واسعا ا أدى الى تعطيل بعض القوانين الشرعية لألديان التي نظمت العقوبات المدنية من خالل‬
‫الحدود الشرعية المرسومة‪ ،‬وأثر ذلك على زيادة نسبة الجرائم داخل المجتمعات‪.‬‬
‫ضعف القضاء وقيام األنظمة الدكتاتورية‬
‫إن جميع الظواهر الخطيرة في المجتمع جاءت بسبب األنظمة الحاكمة التي إما أن تميزت بالدكتاتورية أو حكمت وفق نظريات فاشلة مبنية على‬
‫تصورات إقتصادية قاصرة أو أسس عرقية ع******ية‪ ،‬أو دينية وطائفية منحرفة أدت الى ضعف القضاء وعدم تفعيل دوره في إقامة العدل بين الناس‬
‫واحياء الحدود الشرعية‪.‬‬
‫تأثير الفن على حياة المجتمع‬
‫وأثر الفن تاثيرا ا كبيرا ا في حياة الناس خصوصا ا فيما يتعلق بالغناء والموسيقى‪ ،‬وغير دورهم اإلنتاجي‪ ،‬فأتجه الكثير منهم الى مزاولة الفن بعد أن هجروا‬
‫األعمال المهنية الخرى في الصناعة والزراعة‪.‬‬
‫تغير في مسار الممارسات الدينية‬
‫وحتى في مجال قراءة القرآن فقد أخذ أبعادا ا أخرى مختلفة لتهتم كثيرا ا بالجوانب التربوية والتعليمية على غير ماتعارف عليه الجميع من اإلهتمام بخلق‬
‫نموذج ملتزم مصان‪ ،‬وأصبحت قراءة القرآن مهنة لتخريج أصوات لتختلف كثيرا ا عن أصوات المغنين‪ ،‬وأصبح لكل قارئ من ّ‬
‫القراء مريديه‬
‫وجماهيره‪ ،‬وأصبح هم المستمع للقرآن التلذذ بسماع صوت المقرئ دون أن يهتم بفهم معاني القرآن الكريم‪.‬‬
‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 14‬‬

‫غيبة الطوسي‬
‫قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده يا سلمان إن عندها تزخرف البيع والكنائس وتحلى المصاحف وتطول المنارات وتكثر الصفوف‬
‫بقلوب متباغضة وألسن مختلفة‪ ،‬قال سلمان‪ :‬وإن هذا لكائن يا رسول هللا؟‬
‫من عالمات آخر الزمان‬
‫أولا‪ :‬تزخرف البيع والكنائس وتحلى المصاحف وتطول المنارات وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة‪:‬‬
‫رؤية وتحليل‬
‫وهنا يشير النبي صلى هللا عليه وآله وسلم الى مدى إهتمام الناس بالمظاهر الدينية والشكليات التي لتعبر عن حقيقة الدين وجوهره خصوصا ا تلك التي‬
‫تهتم بتربية اإلنسان وتجعله محور إهتمامها‪ ،‬في حين تجد إهتمام الدول والحكام بالعمارات الهندسية لألماكن العبادية للمسلمين وغيرهم‪ ،‬كما يكثر عدد‬
‫المرتادين لها ليس بصفة اإلهتمام بالتعبد بقدر ماتعتبر عندهم أماكن للتجمع والترويح وتمارس فيها الكثير من السلوكيات الخاطئة كالغيبة والنميمة‬
‫والبهتان والكذب وسائر الصفات المذمومة األخرى‪.‬‬
‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 15‬‬

‫قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده وعندها يتحلى ذكور أمتي بالذهب ويلبسون الحرير والديباج ويتخذون جلود النمور صفوفا‪ ،‬قال‬
‫سلمان‪ :‬وإن هذا لكائن يا رسول هللا؟‬
‫ومن عالمات آخر الزمان أيضا ا‬

‫ثانيا ا‪ :‬يتحلى ذكور أمتي بالذهب ويلبسون الحرير والديباج ويتخذون جلود النمور صفوفا‪:‬‬
‫رؤية وتحليل‬
‫وهو تعبير عن التغير في حياة الرجال ونمط سلوكيتهم وإبتعادهم عن مظاهر الخشونة التي تناسب طباع الرجال وميلهم لمظاهر األنوثة في المظهر وفي‬
‫ذلك تحول وإنقالب في الحياة اإلجتماعية‪.‬‬
‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 16‬‬

‫قال‪ :‬إي والذي نفسي بيده‪ ،‬وعندها يظهر الربا ويعاملون بالغيبة والرشا‪ ،‬ويوضع الدين وترفع الدنيا‪ .‬قال سلمان‪ :‬وإن هذا لكان يا رسول هللا؟‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫رؤية وتحليل‬
‫ثالثا ا‪ :‬يظهر الربا ويعاملون بالغيبة والرشا‪ :‬يشير صلى هللا عليه وآله وسلم الى عالمة من عالمات آخر الزمان عندما يعم التعامل بالربا بين الناس‬
‫كأفراد ومؤسسات وشركات وبنوك‪ ،‬كما يشير عليه السالم الى خطورة الوضع اإلقتصادي الذي تسوده الرشاوى التي تدخل في جميع معامالت البيع‬
‫والشراء وسائر المعامالت األخرى‪.‬‬
‫وكما هو معلوم فإن من أهم الكبائر التي شدد على تحريمها القرآن الكريم هي الربا‪ ،‬باإلضافة الى الغيبة التي تعتبر الخنجر المسموم الذي يسدد الى‬
‫سمعة الناس وأخالقهم خصوصا ا في الجوانب التي هي محل وجوب الستر فيها‪ ،‬ومثل هذه الكبائر كالربا والغيبة والرشوة فإنها تعد من الكبائر التي تهدد‬
‫حياة الناس وإستقرارهم وسعادتهم‪.‬‬
‫رابعا ا‪ :‬يوضع الدين وترفع الدنيا‪ :‬وفي الوضع الطبيعي يكون الدين في المستوى األعلى للثقافة والتقاليد والعقل والسلوك‪ ،‬وأما الدنيا فهي دار وجواز‬
‫مرور لآلخرة‪ ،‬ومن أجل ذلك كانت من أهم مهمات اإلنسان إعمار األرض بالخير والمحبة والبناء‪ ،‬ولكن وكما يبدو ففي آخر الزمان ينهد كل شئ بحيث‬
‫تنقلب الموازين ويكون هم الناس هو التكالب على متع الحياة الدنيا ومن ثم بيع اآلخرة بثمن بخس‪ ،‬وبسبب هذا اإلنقالب في التفكير والسلوك يصبح كل‬
‫شئ مشوها ا وخاليا ا من األمن واإلستقرار والسعادة‪.‬‬
‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 17‬‬

‫قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده يا سلمان‪ ،‬وعندها يكثر الطالق فال يقام هلل حد ولن يضر هللا شيء‪ ،‬قال سلمان‪ :‬وإن هذا لكائن يا‬
‫رسول هللا؟‬
‫ومن عالمات آخر الزمان أيضا ا‬

‫رؤية وتحليل‬
‫خامسا ا‪ :‬يكثر الطالق‪ :‬وسيكثر الطالق ففي القرون المتأخرة بعد أن كان محدودا ا ومحصورا ا جدا ا داخل المحلة الواحدة أوفي المنطقة السكنية الصغيرة‪،‬‬
‫وسبب هذا اإلزدياد هو تردي األوضاع اإلجتماعية وإنحسار المشاعر اإلنسانية في نفوس الناس وإبتعادهم عن القيم الدينية واألخالقية‪.‬‬
‫سادسا ا‪ :‬وليقام هلل حد‪ :‬ومن مظاهر الحياة آخر الزمان تعطيل الحدود الشرعية‪ ،‬وفقدان المجتمع ألمنه وعندها سوف لن يكون من السهل حفظ األموال‬
‫واألرواح واألعراض‪.‬‬
‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 18‬‬

‫غيبة الطوسي‬
‫قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده يا سلمان‪ ،‬عندها تظهر القينات والمعازف ويليهم أشرار أمتي‪ ،‬قال سلمان‪ :‬وإن هذا لكائن يا‬
‫رسول هللا؟ قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده يا سلمان‪،‬‬
‫من عالمات آخر الزمان‬
‫رؤية وتحليل‬
‫سابعا ا‪ :‬تظهر القينات والمعازف‪ :‬وفي لسان العرب والقَيْنةُ‪ :‬األَمة ال ُمغنّية‪ ،‬تكون من التزَ ين ألَنها كانت ت َزَ يَّنُ ‪،‬والتَّقَينُ التزَ ين بأَلوان الزينة‪ .‬القَيْنات أَي‬
‫ف‪ :‬اللَّعبُ بال َمعازف‪ ،‬وهي الدفُوف وغيرها مما يُضرب‪.‬‬ ‫اإلماء المغَنّيات‪ .‬والمعازف ال َمالهي‪،‬ال َع ْز ُ‬
‫ويشير الرسول محمد صلى هللا عليه وآله وسلم الى إنتشار ظاهرة الغناء والتبرج والموسيقى واأللحان بشكل يطغى على حياة الناس ويصرفهم عن‬
‫معاشهم وشغلهم ودينهم وآخرتهم‪.‬‬
‫ثامنا ا‪ :‬يليهم شرار أمتي‪ :‬وقد أشرنا الى ذلك في تفصيل سابق الى أن المجتمعات متى سادها الفساد والضعف تسلط عليها األشرار‪.‬‬
‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 19‬‬

‫وعندها تحج أغنياء أمتي للنزهة وتحج أوساطها للتجارة وتحج فقراؤهم للرياء والسمعة‪ ،‬وعندها يكون أقوام يتفقهون لغير هللا وتكثر أولد ‪ ...‬ويتغنون‬
‫بالقرآن ويتهافتون بالدنيا‪ ،‬قال سلمان‪ :‬وإن هذا لكائن يا رسول هللا؟‬
‫ومن عالمات آخر الزمان أيضا ا‪:‬‬
‫رؤية وتحليل‬
‫تاسعا ا‪ :‬تحج األغنياء للنزهة وتحج أوساطهم للتجارة وتحج فقراؤهم للرياء والسمعة‪ :‬وعلى إعتبار أن الحج فريضة عبادية محضة وإستجابة لنداء هللا‬
‫سبحانه وتعالى فالبد أن لترتبط بالحج غايات أخرى ليس لها عالقة بالعبادة فهو كالصالة لبد للعبد وهو يؤدي الصالة أن يكون منقطعا ا هلل سبحانه‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫وتعالى قاطعا ا كل ذكر غير ذكر هللا‪ ،‬لكن ماسيؤول إليه األمر آخر الزمان أن يحج الناس للنزهة والسياحة‪ ،‬أو يحج الناس التجارة أو تكون لهم إهتمامات‬
‫لتتعلق بالعبادة‪ ،‬في الوقت الذي يحج فيه الفقراء للرياء والسمعة‪.‬‬
‫عاشرا ا‪ :‬األقوام تتفقه لغير هللا‪ :‬في آخر الزمان يتجه عدد كبير من الناس لدراسة الفقه والعلوم الدينية ل لغرض التفقه في الدين وإنما لغرض اإلسترزاق‬
‫والحصول على المكانة اإلجتماعية والتغلغل في صفوف السلطة والوظائف المناسبة التي يدخلون فيها لغرض من أغراض الدنيا دون أن يكون لهم‬
‫إهتمامهم باآلخرة‪.‬‬
‫أحد عشر‪ :‬تكثر أولد ‪ :...‬ويكثر ‪...‬إذا عزف الناس عن الزواج‪ ،‬وسيكون أولدهم أولد ‪ ...‬ليست لهم هوية داخل المجتمع وستكثر فرص الجريمة‪.‬‬
‫إثنا عشر‪ :‬يتغنون بالقرآن‪ :‬وعلى الرغم من حث القرآن الكريم واإلسالم على قراءة القرآن إلّ أن الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم يشير الى أن قراءة‬
‫القرآن الكريم في آخر الزمان تصبح شيئا ا عرضيا ا إذ يهتم الناس بالصوت وليهتمون بمعانيه‪ ،‬ويكون القرآن لهم مادة غناء وطرب لمادة علم وتذكير‪.‬‬
‫والرذَاذُ‪ ،‬نحوهما؛ وفي الحديث‪ :‬يَت َهافَتُون في‬ ‫طعَة كما يَ ْهفتُ الث َّ ْل ُج َّ‬ ‫طعَةا بعد ق ْ‬ ‫ط الشيء ق ْ‬ ‫ثالثة عشر‪ :‬يتهافتون بالدنيا‪ :‬وفي لسان العرب وال َه ْفتُ ‪ :‬تساق ُ‬
‫عجْ رة‪ :‬والقم ُل يَت َهافَت على وجْ هي أ َي يَت َساقَط‪ُ.‬‬ ‫طون؛ من ال َه ْفت‪ ،‬وهو السقوط‪ .‬وأَكثر ما يُستعمل التهافتُ في الش ّر؛ وفي حديث َك ْعب بن ُ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫النار أَي يَت َساقَ ُ‬
‫َراش في النار‪ :‬ت َساقَط؛ قال الراجز‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ساقُطُ قطعَةا قطعَةا‪ .‬وتهافَتَ الف ُ‬ ‫ع ا ْنهاللهُ‪ .‬وكالم َه ْفت إذا َكث ُ َر بال َرويَّة فيه‪ .‬والتَّهافُتُ ‪ :‬الت َّ َ‬ ‫وال َه ْفتُ من ال َمطر‪ :‬الذي يُسْر ُ‬
‫طوا َم ْوتا ا‪ .‬وت َهافَتُوا عليه‪ :‬تتابعوا‪ .‬الليث‪َ :‬حب َهفُوت إذا صار إلى أ َ ْسفَل الق ْدر وا ْنتَفَخ‬ ‫عنهُ زَ َبدا ا و َب ْلغَما وت َهافَتَ القَ ْو ُم ت َهافتا ا إذا ت َساق ُ‬
‫يصف فحالا‪َ :‬ي ْهفتُ َ‬
‫سريعا ا‪ .‬ابن األَعرابي‪ :‬ال َه ْفتُ ال ُح ْم ُق ال َجيّ ُد‪ .‬وال َهفَاتُ ‪ :‬األحْ َم ُق‪.‬‬
‫َ‬

‫وعلى كل حال فإن الرسول األعظم صلى هللا عليه وآله وسلم يشير الى إسراع الناس عموما ا والتسابق على الدنيا دون أن يفكروا في أمر آخرتهم ومآلهم‬
‫وهي عالمة من عالمات آخر الزمان‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫إن التطورات التي شهدتها العصور الحديثة سجلت تغييرا ا في مختلف المجالت ومنها اإلجتماعية واإلقتصادية والفنية والعمرانية وفي العقائد واألفكار‬
‫وتولدت عن ذلك العديد من المشاكل أدت الى ظهور تفكك إجتماعي وأسري‪ ،‬وظهور أزمات إقتصادية عالمية كان الخاسر فيها طبقة هم المستضعفين‪.‬‬
‫إن كل مايجري من تحولت داخل المجتمعات إنما ينذر بنزول السخط اإللهي على العصاة والفاسدين في الوقت الذي هو بشارة خير للمؤمنين الذين‬
‫يترقبون ظهور المنقذ الذي سيمأل األرض قسطا ا وعدلا كما ملئت ظلما ا وجوراا‪ ،‬وعليهم أن يستعدوا ليكونوا جندا من جنوده األوفياء‪.‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫اللهم صل على محمد وآل محمد‬ ‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫محمود الربيعي‬
‫الحلقة السابعة‬

‫المقدمات الموضوعية‬

‫إنتهاكات حقوق اإلنسان في العالم‬


‫وفق الرؤية اإلسالمية وحسب المصادر التأريخية فإن العصور المتأخرة آلخر الزمان سوف تتميز بإنتهاكات واضحة لحقوق اإلنسان في أكثر بلدان‬
‫العالم شعوبا ا وأفرادا ا سواء تم ذلك عن طريق الوسائل العسكرية أو بطريق الضغوط اإلقتصادية ويظهر ذلك على شكل تقييد لحريات الشعوب‬
‫والجماعات‪.‬‬
‫اإلعتداء على أصحاب العقول والضمائر‬
‫كما تتميز العصور المتأخرة وحسب التصور التأريخي بتسلط الحكام على الناس ويتخذ ذلك أشكالا من اإلعتداء على قيادات المجتمع المدني ومؤسساته‬
‫التي تدعو الى منح الحقوق الفردية واإلجتماعية وعدم اإلعتداء على الحقوق المدنية المتجسدة بصورة المعارضة‪.‬‬
‫تفشي ظاهرة الكذب‬
‫وفي آخر الزمان يصبح الكذب وهو أخطر أمراض المجتمع وباءا ا بحيث يطغى على حياة الناس ومعايشهم فاليبقى للصدق في الدنيا مكان‪.‬‬
‫مشكلة الفقر العالمية‬
‫لقد أصبحت الدول التي تعاني من الفقر والجهل والمرض كثيرة في هذا العالم ومنها من يعيش تحت خط الفقر رغم الذي تمتلكه تلك الدول من معادن‬
‫ومصادر للطاقة وكل ذلك بسبب اإلستعمار أواألنظمة المستبدة العميلة لها في الداخل‪.‬‬
‫إن مسؤولية هذه المعاناة تقع على طبيعة األنظمة اإلقتصادية الحاكمة في العالم التي تحتكر ثروات األرض والوسائل اإلنتاجية في نفس الوقت الذي‬
‫تستنزف فيه دول العالم الضعيفة‪.‬‬
‫إهتمام الناس بالمظاهر والتفاخر‬
‫إن مايميز العصور المتأخرة آلخر الزمان هو تهافت الناس على الدنيا بحيث يصبح همهم الحصول على الملذات‪ ،‬والمنافع بالشكل الذي يفوق حاجتهم‬
‫ليصبح هذا الحال مصدرا ا للتفاخر‪.‬‬
‫نزول المطر في غير أوانه‬
‫إن البطر ومظاهر الكفر والفسوق وإرتكاب مختلف الجرائم المدنية والعسكرية سيكون سببا ا كافيا ا لنزول البالء حيث أشار الرسول صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم الى نزول المطر في غير أوانه ليكون سببا ا في فساد الزروع واألشجار والبيئة واألرض والنبات‪.‬‬
‫إنكار وكره القوانين اإلسالمية‬
‫ويشهد العالم بشكل عام إنكارا ا واضحا ا للقيم والمبادئ الدينية خصوصا ا فيما يتعلق بطرق تحصيل المال وإطالق الحريات الجنسية بشكل يتجاوز النظام‬
‫العائلي الذي يحفظ البنى اإلجتماعية للناس‪ ،‬كما يشهد إنتهاكات صارخة لحقوق اإلنسان بما يتعارض مع القوانين الدينية في مجال العقوبات التي تختص‬
‫بالجرائم الكبرى كالقتل وال*** والسرقة مما ساعد على إنتشار الجريمة وزيادة أعدادها‪ ،‬كما شهد العالم تدخالا واضحا ا من قبل حكومات الدول في كثير‬
‫من األمور كلبس الحجاب وشرب الخمر‪ ،‬كما فسح المجال أمام المخالفات الشرعية كفتح النوادي الليلية ودور الفساد بشكل لم يسبق له مثيل في عالم‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫إستحسان أدوات الغناء‬
‫تميزت القرون األخيرة بإنتشار اآلآلت الموسيقية مما ساعد على إنتشار الغناء بشكل واسع وفي جميع أنحاء العالم‪ ،‬وأصبح يشكل جزءا ا كبيرا ا من حياة‬
‫المجتمعات تمارس في وسائل اإلعالم المختلفة عبر القنوات التلفزيونية أواألقراص المدمجة‪ ،‬وفي شبكة األنترنيت والنوادي الليلية‪ ،‬وأثرت كثيرا ا على‬
‫حياة الناس وخلقت لهم الكثير األزمات النفسية‪.‬‬
‫إنتشار العمل السياسي بين عموم الناس‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫شهدت العصور األخيرة تدخالا واسعا ا من قبل عموم الناس في شؤون الدولة السياسية وإختصاصاتها المهمة‪ ،‬وهو أمر يدعو الى التوقف والتأمل‪ ،‬فقد‬
‫أعتادت المجتمعات أن تختار فئة معينة من الخبراء في شؤون إدارة الدولة لتترك المجال لبقية الناس ألن تمارس مختلف المهن الضرورية إلستكمال‬
‫حاجاتهم الحياتية الباقية مما ساعد على ظهور فوضى أثرت على إستقرار تلك البلدان‪.‬‬
‫وبحسب القراءة التأريخية للنصوص الروائية فإن جملة هذه المفاسد التي ذكرها النبي األكرم صلى هللا عليه وآله وسلم أنذرت وأشارت الى وقوع حالة‬
‫من الخوف الشديد ونزول بالء يعم جميع أرجاء األرض‪.‬‬
‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 20‬‬

‫قال (صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ :‬إي والذي نفسي بيده‪ ،‬ذاك إذا انتهكت المحارم واكتسبت المآثم وسلط األشرار على األخيار ويفشو الكذب وتظهر‬
‫الحاجة وتفشو الفاقة ويتباهون في اللباس وتمطر في غير أوان المطر ويستحسنون الكوتة والمعازف وينكرون األمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى‬
‫يكون المؤمن في ذلك الزمان أذل من األمة‪ ،‬وتظهر قراؤهم وعبادهم فيما بينهم التالوم (في األصل المالدم) فأولئك يدعون في ملكوت السماوات‬
‫األرجاس األنجاس‪ ،‬قال سلمان‪ :‬وإن هذا لكائن يا رسول هللا؟‬
‫ومن عالمات آخر الزمان أيضا ا‬

‫أولا‪ :‬تنتهك المحارم وتكتسب المآثم‪ :‬وقد تم التطرق الى ذلك وذكرنا أن لحرمة في آخر الزمان لشريعة أو قانون وإنما تسود شريعة الغاب ويكون‬
‫الحكم للقوي على حساب الضعيف‪ ،‬وعندها لتبقى حرمة لألموال والنفوس واألعراض‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬يتسلط األشرار على األخيار‪ :‬وحديث النبي األكرم صلى هللا عليه وآله وسلم عندما يتكرر أو يتنوع إنما يتكرر بصيغ مختلفة وموارد شتى الغرض‬
‫منه بيان مايكون عليه آخر الزمان من الفساد والفتن التي تنتشر بين الناس ومنه تسلط األشرار على األخيار في الظروف التي يكون فيها الغالبية من‬
‫الناس مستضعفين والذين يمثلون القلة الصابرة الممتحنة في آخر الزمان‪.‬‬
‫ثالثا ا‪ :‬يفشو الكذب‪ :‬ويعني ذلك أن يشكل الكذب جزءا ا أساسيا ا من كيان اإلنسان وسلوكه‪ ،‬ويمارس في حياة الناس على نطاق واسع داخل األسرة وفي‬
‫جميع مفاصل المجتمع من األندية والمؤسسات‪.‬‬
‫رابعا ا‪ :‬تظهر الحاجة وتفشو الفاقة‪ :‬وفي آخر الزمان وبنتيجة تسلط األشرار والتزاحم على المواقع اإلجتماعية يكون المستضعف في أمس الحاجة‬
‫لمقومات الحياة ويصل الى حد الفقر أو دونه ألنه ليتمكن من أن يخوض مع الخائضين ول أن يكذب بيوم الدين‪.‬‬
‫خامسا ا‪ :‬يتباهون في اللباس‪ :‬وفي آخر الزمان يشكل التباهي والتفاخر بالملبس جانبا ا كبيرا ا من إهتمامات الناس‪ ،‬ويصرف عليه الكثير من المال بعد أن‬
‫كان الملبس في نظر الناس حاجة للستر والوقاية‪.‬‬
‫سادسا ا‪ :‬وتمطر في غير أوان المطر‪ :‬ولما كان أوان المطر هو فصل من فصول السنة حيث تكون األرض مهيئة لتقبل المطر كما هي مهيئة لتقبل‬
‫الجفاف في فصول اخرى وبما أن السنة تتالف من فصول أربعة على وجه العموم وذلك مفيد للنبات الذي يعرف الزارع كيف يستفيد منه ويعين وقت‬
‫الحراثة والزرع والقطف إل ان نزول المطر في غير أوانه سيكون سببا ا لفساد التربة ووقوع الخسائر وحلول الكوارث والنكبات فيما يتعلق بالغذاء‬
‫والحياة‪.‬‬
‫ص ُر‪ .‬قال أ َبو عبيد‪ :‬أَما ال ُكوبة‪ ،‬فإن‬ ‫الطبْل والنَّ ْردُ‪ ،‬وفي الصحاح‪َّ :‬‬
‫الط ْب ُل ال َّ‬
‫صغير الـ ُم َخ َّ‬ ‫سابعا ا‪ :‬ويستحسنون الكوبة والمعازف‪ :‬وفي لسان العرب وال ُكوبَة ُ َّ‬
‫للا َح َّرم ال َخ ْم َر وال ُكوبةَ؛ قال ابن األَثير‪ :‬هي‬ ‫محمد بن كثير أَخبرني أَن الكُو َبةَ النَّ ْر ُد في كالم أَهل اليمن؛ وقال غيره‪ ،‬ال ُكو َبة ُ‪َّ :‬‬
‫الط ْب ُل‪ .‬وفي الحديث‪ :‬إ َّن ّ‬
‫ي‪ :‬أُم ْرنا ب َكسْر ال ُكوبة‪ .‬وال َمعازف‪ ،‬وهي الدفوف وغيرها مما يُضرب‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ط‪ ،‬ومنه حديث عل ّ‬ ‫النَّ ْردُ؛ وقيل‪َّ :‬‬
‫الطبْل؛ وقيل‪ :‬البَ ْربَ ُ‬

‫والمشهور بين الفقهاء إن هذه األدوات تستخدم في مجالس اللهو والطرب مما يلهي عن ذكر هللا‪.‬‬
‫ثامنا ا‪ :‬وينكرون األمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذل من األمة‪ :‬وإذا كان الغالبية من أفراد المجتمع سائرين في‬
‫درب المنكر فكيف سيكون حال المؤمن في مثل هذه الظروف‪.‬‬
‫تاسعا ا‪ :‬وتظهر قراؤهم وعبادهم فيما بينهم التالوم (في األصل المالدم) فأولئك يدعون في ملكوت السماوات األرجاس األنجاس‪ :‬ومن لسان العرب قال‬
‫والحديث على الشيخ يقول‪ :‬أ َ ْق َرأَني فالن أَي َح َملَني على أَن أ َ ْق َرأ َ عليه‪ .‬والتَّعَب ُد التَّنَسكُ ‪ .‬والعبا َدة ُ الطاعة‪.‬‬
‫َ‬ ‫بعضهم‪ :‬قَ َرأْتُ ‪ :‬تَفَقَّ ْهتُ ‪ .‬وإذا قَ َرأ َ الرج ُل القرآنَ‬

‫س‪ :‬القذر‪ ،‬وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح والعذاب واللعنة والكفر‪ ،‬والمراد في هذا الحديث األَول‪ .‬قال الفراء‪ :‬إذا بدأُوا َّ‬
‫بالر ْجس ثم أَتبعوه‬ ‫الرجْ ُ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الر ْجس فتحوا الجيم والنون؛ ومنه الحديث‪ :‬نهى أن يُ ْستن َجى ب َر ْوثة‪ ،‬وقال‪ :‬إنها ر ْجس أي‬ ‫ُ‬
‫س‪ ،‬كسروا الجيم‪ ،‬وإذا بدأوا بالنجس ولم يذكروا معه ّ‬ ‫النّجْ َ‬
‫كالرجْز‪.‬‬
‫س في القرآن‪ :‬العذاب ّ‬ ‫والر ْج ُ‬ ‫الر ُ‬
‫جْز فالعذاب والعمل الذي يؤدي إلى العذاب‪ّ .‬‬ ‫َ‬
‫كالرجز‪ .‬التهذيب‪ :‬وأما ّ‬ ‫ُم ْست َ ْقذَ َرة‪ّ .‬‬
‫والر ْجس العذاب ّ‬
‫للا تعالى‪ :‬إنما المشركون نَ َجس؛ أَي أ َ ْنجاس أَخباث‪.‬‬
‫س‪ :‬القَذ ُر من الناس ومن كل شيء قَذ ْرت َه‪ .‬قال َّ‬
‫س والنَّ َج ُ‬
‫س والنّ ْج ُ‬
‫النَّجْ ُ‬
‫وفي هذه العالمة إشارة الى ظهور طبقة من القراء والعباد همهم الدنيا والمظاهر يختلفون فيما بينهم نتيجة لضعف صلتهم باهلل‪.‬‬
‫غيبة الطوسي‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫جزء المقدمة التأريخية ( ‪) 21‬‬

‫عاشرا ا‪ :‬فعندها ل يخشى الغني إل الفقر حتى أن السائل ليسأل فيما بين الجمعتين ل يصيب أحدا يضع في يده شيئا‪ ،‬قال سلمان‪ :‬وإن هذا لكائن يا رسول‬
‫هللا؟‬
‫رؤية وتحليل‬
‫ويأتي هذا الشعور نتيجة لسوء الظن باهلل وطول األمل مما يدفع بهم الى اإلمتناع عن أداء الحقوق الشرعية التي أراد بها اإلسالم صيانة المجتمع من‬
‫الفقر ‪ ،‬قال تعالى‪ " :‬إن في اموالهم حق معلوم للسائل والمحروم "‪.‬‬

‫جزء المقدمة التاريخية ( ‪) 22‬‬

‫أحد عشر‪ :‬عندها يتكلم الرويبضة قال‪ :‬وما الرويبضة يا رسول هللا فداك أبي وأمي؟ قال‪ :‬يتكلم في أمر العامة من لم يتكلم فلم يلبثوا إل قليال حتى تخور‬
‫األرض خورا فال يظن كل قوم إل أنها خارت في ناحيتهم فيمكثون ما شاء هللا ثم يمكثون في مكثهم فتلقي لهم األرض أفالذ كبدها‪ ،‬قال‪ :‬ذهب وفضة ثم‬
‫أومأ بيده إلى األساطين فقال‪ :‬مثل هذا فيومئذ ل ينفع ذهب ول فضة‪ ،‬فهذا معنى قوله *(فقد جاء أشراطها)(سورة محمد)‪ (.‬تفسير القمي‪.)307 / 2 :‬‬

‫رؤية وتحليل‬
‫ضة ُ في أ َ ْمر العا ّمة‪ ،‬قيل‪ :‬وما‬ ‫ذكر من أَشراط الساعة أ َ ْن ت َ ْنطقَ الر َويْب َ‬
‫للا عليه وسلّم‪ :‬أَنه َ‬
‫وفي لسان العرب وفي حديث في الفتن‪ :‬روي عن النبي‪ ،‬صلّى ّ‬
‫اآلخر‪ :‬من أَشراط الساعة أنَ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحديث‬ ‫للا؟ قال‪ :‬الرجل التافه الحقير ينطق في أ َ ْمر العا ّمة؛ قال أبو عبيد‪ :‬ومما يثبت حديث الر َو ْيب َ‬
‫ضة‬ ‫َ‬ ‫الرويبضة يا رسول ّ‬
‫ض عن م َعالي األُمور‬ ‫ََ َ‬‫ب‬ ‫ر‬ ‫الذي‬ ‫العاجز‬ ‫هو‬ ‫‪:‬‬‫وقيل‬ ‫الغنم‪،‬‬ ‫يرعى‬ ‫الذي‬ ‫وهو‬ ‫رابضة‬ ‫تصغير‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫ْض‬
‫ي‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫الر‬ ‫‪:‬‬ ‫منصور‬ ‫بو‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫قال‬ ‫‪.‬‬ ‫الناس‬ ‫ت ُ َرى رعا ُء الشاء ُر َ‬
‫ؤوس‬
‫َ‬
‫الربيض كما يقال داهية‪ ،‬قال‪ :‬والغالب أنه قيل للتافه من الناس رابضة‬ ‫ي َّ‬
‫ضة راع َ‬‫طلبها‪ ،‬وزيادة الهاء للمبالغة في وصفه‪ ،‬جعل الراب َ‬ ‫وقَعَد عن َ‬
‫ض فيها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ورويبضة لربوضه في بيته وقلة انبعاثه في األمور الجسيمة‪ ،‬قال‪ :‬ومنه يقال رجل ُربُض عن الحاجات واألَسْفار إذا كان ل يَ ْن َه ُ‬

‫ار صوتُ الث َّ ْور وما اشتد من صوت البقرة والعجل‪ .‬ابن سيده‪ :‬ال ُخوار من أَصوات البقر والغنم والظباء والسهام‪ .‬وقد َ‬
‫خار‬ ‫وفي لسان العرب الليث‪ :‬ال ُخ َو ُ‬
‫غوثا ا َح ْو َل قُبَّتنا ت َ ُخ ُ‬
‫ور وفي حديث‬ ‫ْ‬
‫سدا ا له ُخوار؛ قال طرفة‪ :‬لَيْتَ لنا‪ ،‬مكانَ ال َملك َ‬
‫ع ْمرو‪َ ،‬ر ُ‬ ‫َ‬
‫يَ ُخور ُخوارا ا‪ :‬صاح؛ ومنه قوله تعالى‪ :‬فأ ْخ َر َج لهم عجْ الا َج َ‬
‫الزكاة‪َ :‬يحْم ُل َبعيرا ا له ُرغاء أَو بقرة لها ُخوار؛ هو صوت البقر‪.‬‬
‫كما جاء أيضا ا‪ :‬والفلّذَة ُ القطعة من الكبد واللحم والمال والذهب والفضة‪ ،‬والجمع أَفالذ على طرح الزائد‪ ،‬وعسى أَن يكون الف ْلذُ لُغَةا في هذا فيكون الجمع‬
‫على وجهه‪ .‬وفي الحديث‪ :‬أَن فتى من األَنصار َد َخلَتْهُ َخ ْشيَة من النار فَ َحبَ َ‬
‫ستْهُ في البيت حتى مات‪ ،‬فقال النبي‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم‪ :‬إن الف ََرقَ من النار‬
‫َوف النار قطع كبده‪ .‬وفي الحديث في أَشراط الساعة‪ :‬وتقيء األرض أفالذ كبدها‪ ،‬وفي رواية‪ :‬تلقي األرض بأفالذها‪ ،‬وفي رواية‪ :‬بأفالذ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَلَذَ كَب َده أَي خ َ‬
‫ْ‬
‫كبدها أَي بكنوزها وأموالها‪ .‬قال األَصمعي‪ :‬األَفالذ جمع الفلذَة وهي القطعة من اللحم تقطع طولا‪.‬‬
‫َ‬

‫ب أَفالذَ الكبد مثالا للكنوز أَي تخرج األَرض كنوزها المدفونةَ تحت األَرض‪ ،‬وهو استعارة‪ ،‬ومثله قوله تعالى‪ :‬وأَخرجت األَرض أَثقالها؛ وسمي ما‬ ‫ض َر َ‬
‫و َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫في األرض قطعا تشبيها وتمثيال وخص الكبد ألنها من أطايب الجزور‪ ،‬واستعار القيء لإلخراج‪ ،‬وقد تُجمع الفلذة ُ فلذا؛ ومنه قوله‪ :‬تكفيه ُح َّزة ُ فلذ إ ْن ألَ َّم‬
‫بها الجوهري‪ :‬جمع الف ْلذة فلَذ‪.‬‬
‫وفي حديث بدر‪ :‬هذه مكة قد رمتكم بأَفالذ كبدها؛ أَراد صميم قريش ولُبابَها وأَشرافها‪ ،‬كما يقال‪ :‬فالن قَ ْلبُ عشيرته أل َن الكبد من أَشرف األَعضاء‪ .‬وفي‬
‫الحديث‪ :‬في كَبد َجبَل أَي في َج ْوفه من َك ْهف أَو ش ْعب‪ .‬والكَب ُد اسم جبل‪.‬‬
‫س َّ‬
‫طن‪ ،‬وقوائمه أَساطينُه‪.‬إنتهى‪.‬‬ ‫وفي القاموس المحيط األساطين‪ :‬ثابتُ العُ ُمد‪ ،‬ل يُزا َح ُم ُر ْكنُه ُ‪ .‬ويقال للرجل الطويل الرجلين والدابة الطويل القوائم‪ُ :‬م َ‬
‫توضيح‬
‫فمن عالمات آخر الزمان أنك ترى شريحة عريضة من الناس ممن ليست لديهم خبرة ولعلم ولدراية ينزعون الى التدخل في سياسة الدولة وإدارة‬
‫شؤونها ويحشرون أنفسهم في الحديث عن شؤونها ‪ ،‬ويتكلمون في أمور المجتمع وإدارته دون أن يكون لهم حظ من علم أودين أوتقوى أوتخصص‪،‬‬
‫وبالتالي فإن وضعا ا كهذا لبد أن تترتب عليه تداعيات عديدة منها ضياع المقاييس واألسس الصحيحة التي تقاد بها الدولة‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫إن كل مايجري في العالم من إنتهاكات ومظالم‪ ،‬وماتعانيه الشعوب من الحاجة والفقر والمرض‪ ،‬وإظهار العداء لألديان باإلضافة الى إنتشار الفساد‬
‫اإلجتماعي والسياسي لبد أن يلقي بظالله على مستقبل البشرية وإن التأريخ يحدثنا عن أقوام حكمت بالظلم وأشاعت الفساد لكنها وفي نهاية المطاف‬
‫تلقت ضربات قوية بعد نزول الغضب اإللهي عليها‪.‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫اللهم صل على محمد وآل محمد‬


‫أزمة المرأة والطفل‬
‫كما أن من أهم األزمات التي تواجهها البشرية في العصور المتأخرة ماأصاب العالقات اإلجتماعية من تغير وإنقالب في موازين العالقات األسرية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬وتبادل األدوار بين المرأة والرجل داخل األسرة وخارجها األمر الذي سبب حدوث الكثير من المشاكل اإلجتماعية المعاصرة للمرأة‪،‬‬
‫باإلضافة الى خسارة األطفال لجانب كبير من الرعاية األسرية‪ ،‬وقد تكون المرأة هي الخاسر األكبر خصوصا ا فيما يتعلق بالحرية الجنسية‪ ،‬أو العمل في‬
‫الوظائف الحكومية‪.‬‬
‫أزمة الفن وفهم القيم الفنية‬
‫وهناك أزمة الفن التي أثرت بشكل كبير على سلوكية المجتمعات وأدت الى معارف وثقافات جديدة تأثرت بالقيم الحديثة التي أندفعت بإتجاه الوجودية‬
‫والخالف مع اإلتجاه الديني العام‪ ،‬فقديما ا كان الفن يقتصر على الموسيقى والغناء والرقص وبحدود‪ ،‬لكن العالم الجديد وفي هذا العصر قد أنفتح على الفن‬
‫بشكل واسع‪ ،‬وعلى الرغم من أن وجوه الفن باقية تحت نفس المسميات إلّ أن طريقة عرضها وتأثيرها أصبح يتصادم بشكل حاد مع الدين حيث‬
‫أصبحت الموسيقى جزءا ا من المظاهر العامة التي لها عالقة بالملبس والثقافة‪ ،‬كما أصبح الغناء أيضا ا معبرا ا عن نمط حياة الشعوب التي تختلف في‬
‫ثقافتها المعاصرة عما ألف الناس قديما ا من حيث تغير المضمون في اللهجة واللغة‪ ،‬وحتى الرقص والتمثيل قد تغيرت ألوانه وتصبغ بصبغة الثقافة‬
‫الحديثة غير المؤمنة بحرمة اإلثارة الجنسية واصبحت تساهم في تأهيل الجسد للعمل في األندية والمالهي وتستثمرها مجالت الفنون التجارية وفي‬
‫مجالت السينما والمسرح والتلفزيون‪.‬‬
‫وفي عصرنا هذا الذي نعيش فيه بدأ الترويج للصناعات الفلمية المختلفة والمحملة على األقراص للعمل على أجهزة الكمبيوتر أو األجهزة والصناعات‬
‫األخرى ذات العالقة‪ ،‬باإلضافة الى مايعرض على الشبكة العالمية لألنترنيت‪.‬‬
‫وفي غيبة الطوسي‬
‫تكملة لما مر في الحلقة الثانية‬
‫وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬وقل الوفاء وشاع ال*** وتزين الرجال بثياب النساء وسلب عنهن قناع الحياء ودب الكبر في القلوب كدبيب السم‬
‫في األبدان وقل المعروف وظهرت الجرائم وهونت الفطائم وطلبوا المدح بالمال وأنفق المال للغناء وشغلوا بالدنيا عن اآلخرة وقل الورع وكثر الطمع‬
‫والهرج والمرج وأصبح المؤمن ذليال والمنافق عزيزا‪ ،‬مساجدهم معمورة باألذان وقلوبهم خالية من اإليمان واستخفوا بالقرآن‪ ،‬بلغ المؤمن عنهم كل‬
‫هوان‬
‫أولا‪ :‬وقل الوفاء‪ :‬أشار رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم الى الحالت السيئة التي تكون عليها المجتمعات آخر الزمان ومنها قلة الوفاء بين الناس وهو‬
‫تعبير عن حالة النفاق اإلجتماعي المتفاقمة التي تصبح ظاهرة خطيرة تهدد حياة الناس‪ ،‬ووباء ينتشر بينهم كما تنتشر األمراض المستعصية‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬وشاع ال***‪ :‬وفي المجتمعات الالدينية فإن الحكومات عادة ماتشجع على الفساد‪ ،‬ولبد أن تكون مثل هذه المجتمعات منفلتة لتؤمن بالمسؤولية‬
‫اإلجتماعية واألسرية وعندئذ ستشيع الفاحشة في الرجال والنساء على حد سواء‪.‬‬
‫ثالثا ا‪ :‬يتعامل الشركاء بالخيانة‪ :‬وفي مجتمعات لتخاف هللا سبحانه وتعالى ينعدم فيها إحترام القانون ولبد أن تنتشر فيها الكثير من المشاكل األخالقية‬
‫كإنعدام األمانة والصدق ليحل محلهما النفاق‪.‬‬
‫رابعا ا‪ :‬وتزين الرجال بثياب النساء وسلب عنهن قناع الحياء‪ :‬وفي ذلك إشارة الى هبوط مستوى الشعور بالرجولة‪ ،‬ووتعبير عن تدني مستوى الشجاعة‬
‫والقوة واإلرادة والعقل والتفكير بحيث ليهم الرجل بين أن يكون رجالا أو إمرأة‪ ،‬في الوقت الذي تكون فيه المرأة قد تخلت عن أنوثتها الجميلة وعن‬
‫الحياء ومتى ذهب الحياء تهدمت أركان العالقات األسرية واإلجتماعية‪.‬‬
‫خامسا ا‪ :‬ودب الكبر في القلوب كدبيب السم في األبدان‪ :‬وفي لسان العرب الكبْر من التَّكَبر‪،‬وقد ت َ َكبَّر واست ْكبَر وت َكابَر وقيل ت َ َكبَّ َر‪ :‬من الكبْر‪.‬‬
‫وهنا يشير الرسول األكرم محمد صلى هللا عليه وآله وسلم الى حالة الناس آخر الزمان ومايكونون عليه من الكبر والفخر والشعور بالعظمة والكبرياء‬
‫وهي الحالت التي تسبب الكفر والفساد والطغيان‪.‬‬
‫سادسا ا‪ :‬وقل المعروف‪ :‬والمجتمعات اإلنسانية ليمكن أن تعيش بهناء وسرور إذا لم يكن هناك للمعروف سبيل‪ ،‬فلول المعروف لم يتشارك الناس في‬
‫حياتهم ومعاشهم‪ ،‬وما أشار اليه الرسول األكرم محمد صلى هللا عليه وآله وسلم من قلة المعروف بين الناس في آخر الزمان يلقي الضوء على مدى‬
‫خطورة الوضع اإلجتماعي الذي تسوده المنكرات‪.‬‬
‫سابعا ا‪ :‬وظهرت الجرائم‪ :‬والجرائم على أنواع منها الجرائم الكبرى بسبب الحروب الظالمة‪ ،‬ومنها جرائم األنظمة الحاكمة التي ترتكب بحق الشعوب‪،‬‬
‫وجرائم أخرى ترتكبها مجموعات إرهابية أوأحزاب أوعصابات‪ ،‬ولتقتصر هذه الجرائم على القتل وإنما تتعداه الى اإلعتداء على األعراض وسرقة‬
‫األموال والجرائم التي تتعلق بالرشوة واإلحتيال وغيرها من الجرائم‪.‬‬
‫ثامنا ا‪ :‬وهونت الفطائم‪ :‬ومن لسان العرب وال ُهونُ وال َهوانُ ‪ :‬نقيض الع ّز‪ ،‬هانَ َي ُهونُ هَواناا‪ ،‬وهو َهيْن وأ َ ْه َو ُن‪.‬‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫صلته عن رضاعها‪ .‬الجوهري‪ :‬فطام الصبي فصاله عن أُمه‪ ،‬ف َ‬


‫ط َمت األُم ولدها وفُطم الصبي وهو فَطيم‪ ،‬وكذلك غير‬ ‫ط َمتْه أُمه ت َ ْفطمه‪ :‬ف َ‬
‫كذلك ‪ ..‬ف َ‬
‫الصبي من ال َمراضع‪ ،‬واألُنثى فَطيم وفَطيمة‪ .‬ومن المعنى العام إشارة الى الذل الذي تلقاه النساء العزيزات‪.‬‬
‫تاسعا ا‪ :‬وطلبوا المدح بالمال‪ :‬وماأسخف من أن يشتري الشخص مدحه بالمال فذلك دليل قاطع على نقصه وضعفه وهوانه‪ ،‬وهؤلء يتقلدون مواقعهم على‬
‫حساب الناجحين والمتفوقين والمخلصين‪ ،‬واإلشارة هنا تدل على عموم تصرف الناس في آخر الزمان على هذه الهيئة وذلك التصرف‪.‬‬
‫عاشرا ا‪ :‬وأنفق المال للغناء‪ :‬المعروف والمستحسن بين الناس حبهم للعمل وبذلهم الجهد لتقديم خدمة حقيقية في مجال الصناعة والزراعة والبناء وفي‬
‫مجال التجارة المفيدة‪ ،‬لكن أن ينفق المال وبشكل يفوق التصور بحيث يحصل المغنون أضعافا ا مضاعفة على مايقدمه اآلخرون من عمل وجهد فإن ذلك‬
‫يعني صرف المال في الحرام وفي مالينفع الناس خصوصا ا ذلك النوع من الغناء الفاسد الذي يشتمل على ماهو فيه إفساد للذوق وخروج عن القيم‬
‫واألخالق المتعارف عليها من التي دعا إليها األنبياء والرسل ودعت إليها الشرائع السماوية‪.‬‬
‫أحد عشر‪ :‬وشغلوا بالدنيا عن اآلخرة‪ :‬ومن المعلوم أن هللا سبحانه وتعالى لم يخلق الجن واإلنس إلّ ليعبدوه‪ ،‬ولكن إشارة النبي صلى هللا عليه وآله وسلم‬
‫تشير الى إنقطاع الناس للدنيا وكأنهم سيعيشون الى األبد‪ ،‬فهؤلء نسوا أن الموت يحيطهم من كل جانب‪ ،‬وهذه العالمة إشارة الى الفساد العام الذي يكون‬
‫عليه الناس آخر الزمان‪.‬‬
‫إثنا عشر‪ :‬وقل الورع‪ :‬إن اإلشارات التي تحدث عنها النبي المصطفى صلى هللا عليه وسلم متالزمة مع بعضها البعض‪ ،‬فكما أن شجرة األخالق الحسنة‬
‫تجمع كل الفضائل فإن شجرة الرذيلة تجمع كل الرذائل‪ ،‬والمجتمع الذي يفتقد الى الرؤية الدينية واألخالقية لبد أن يكون غارقا ا في المعاصي‪.‬‬
‫ثالثة عشر‪ :‬وكثر الطمع‪ :‬والتفكير في اآلخرة يقود الى تخليص األموال وتزكيتها كحقوق شرعية‪ ،‬كما يقود الى بذل المال في سبيل هللا في مختلف‬
‫وجوه الطاعة مثل مساعدة الفقراء واإلخوان والمساهمة في دعم دور األيتام واألرامل‪ ،‬لكن اإلنسان متى ماأبتعد عن ذكر هللا فإنه سينقاد الى الشيطان‬
‫ويطمع في ماهو في يد غيره وهو مؤشر على إزدياد إحتمال إندفاع الناس نحو إرتكاب الكثير من المخالفات الشرعية ألجل الحصول على المال بأسهل‬
‫الطرق كاإلحتيال والسرقة‪.‬‬
‫ستة عشر‪ :‬مساجدهم معمورة باآلذان وقلوبهم خالية من اإليمان وأستخفوا بالقرآن‪ :‬وهنا الحديث واضح عن إستمرار وجود المساجد‪ ،‬ولكن هل ستؤدي‬
‫هذه المساجد الدور الذي لبد لها أن تلعبه في بناء اإلنسان والمجتمع‪ ،‬أم أنها ستكون أداة بأيدي رجال السياسة واألهواء والمصالح ممن ليست لديهم أية‬
‫إهتمامات بأمر اآلخرة‪.‬‬
‫ويتضح أن القائمين على المساجد والمترددين عليها آخر الزمان ليحملون المعاني السامية التي دعت إليها الشريعة كما كان يحملها أهل الدين والصالح‬
‫من قبل‪.‬‬
‫كما يشير النبي صلى هللا عليه وآله وسلم الى أن قراءة القرآن تصبح عندهم مجرد أصوات كأصوات المغنين ليس لها قيمة في نفسية اإلنسان‪.‬‬
‫سبعة عشر‪ :‬بلغ المؤمن عنهم كل هوان‪ :‬وأفضل مانذكر في هذا المجال هو ماورد في الحديث الشريف من أن القابض على دينه آخر الزمان كالقابض‬
‫على جمرة من النار‪ ،‬وهو تعبير عن شدة مايلقاه المؤمن من الضغوط والمكاره وهو مصداق حديث رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم " الدنيا سجن‬
‫المؤمن وجنة الكافر" ومصداق ماجاء به الحديث " حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات "‪.‬‬
‫كما جاء في النص الذي نناقشه‪:‬‬
‫فوعزتي وجاللي لول من يعبدني مخلصا ما أمهلت من يعصيني طرفة عين ولول ورع الورعين من عبادي لما أنزلت من السماء قطرة ول أنبت ورقة‬
‫خضراء‪.‬‬
‫فواعجباه لقوم آلهتهم أموالهم وطالت آمالهم وقصرت آجالهم وهم يطمعون في مجاورة مولهم ول يصلون إلى ذلك إل بالعمل ول يتم العمل إل‬
‫بالعقل‪ (.‬البحار‪ 264 / 52 :‬ح ‪.)148‬‬

‫وعليه فأن من مميزات آخر الزمان كما شخصها الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم وهو الذي لينطق عن الهوى إن هو إلّ وحي يوحى‪:‬‬
‫أولا‪ :‬عبادة المال‪ :‬ومتى عبد اإلنسان المال رخصت في نفسه المقدسات والحرمات وباع اإلنسان دينه بدنياه ولم يكن له هدف في الحياة غير مايجمعه‬
‫من الحرام ومايصرفه في الحرام‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬طول األمل‪ :‬وحسب األحاديث الشريفة فإن الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم قال " إن أخوف ماأخاف عليكم من إثنين إتباع الهوى وطول األمل‬
‫فإنهما ينسيان ذكر هللا "‪ .‬واإلنسان متى ماأنشغل في الدنيا وصرف فكره عن اآلخرة وقع في المحذور وكان من الهالكين‪.‬‬
‫ثالثا ا‪ :‬قصر األجل‪ :‬وهنا إشارة واضحة الى قصر أعمار الناس آخر الزمان وقد يعزى ذلك ألسباب عديدة منها القتل أثناء الحروب واإلقتتال وقد يكون‬
‫بسبب األمراض أو الكوارث فإن الطبيعية وموت الفجأة وإلى غير ذلك من األسباب‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫(سلوك الناس آخر الزمان‬ ‫المجتمع اإلنساني عصر الظهور في تصور الرسول واإلمام‬
‫وفق رؤية إسالمية)‬

‫إن مظاهر الكفر والفساد آخر الزمان يجب أن تدفع الناس الى العمل بما يرضي هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬والى إتباع منهاج رسوله صلى هللا عليه وآله وسلم‬
‫للحصول على النجاة‪ .‬إننا نرى أن من المهم أن لتتوقف عملية اإلصالح اإلجتماعي والثقافي في العالم على الرغم من المحاولت العديدة التي تعمل‬
‫على تغيير العالقات اإلجتماعية والثقافية للناس باإلتجاه السلبي‪.‬‬
‫ومن أجل المحافظة على البنى اإلجتماعية من اإلنحدار باإلتجاه الذي يهدد مستقبل األمم وحياة الشعوب كان على الصلحاء مهمة العمل للقيام بالمسؤولية‬
‫الواجبة إلنقاذهم من الضياع‪ ،‬ومن أجل حياة أفضل لإلنسان والمرأة والطفل واألسرة كانت مهمة أصبحت مهمة اإلنسان المؤمن مهمة رسالية واجبة‬
‫يؤديها لحماية المجتمع من الفساد‪.‬‬

You might also like