You are on page 1of 40

‫تزوجت مجرما‬

‫غالف الكتاب‬

‫بقلم كريمان حمزة‬

‫تقديم د ‪.‬محمد عمارة‬

‫محتويات‬
‫‪ ١‬توطئة‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٢‬شكر وتقدير‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٣‬تقديم‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٤‬المعارضة في اإلسالم‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٥‬رئيس جمهورية المالديف‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٦‬لماذا كل هذا ؟؟‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٧‬يا للهول ‪ ..‬رحماك ربي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٨‬ال يخلو مكان وال زمان من رحمة هللا‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٩‬عندما غابت الشمس‬ ‫‪‬‬
‫‪ ١٠‬تنفس تحت األنقاض‬ ‫‪‬‬
‫‪ ١١‬أغرب دعاء عند الملتزمة‬ ‫‪‬‬
‫‪ ١٢‬المتحدث أخوك كمال عبد الرازق‬ ‫‪‬‬
‫‪ ١٣‬المفاجأة‬ ‫‪‬‬
‫‪ ١٤‬إشارات سوية يستقبلها عقلي‬ ‫‪‬‬
‫‪ ١٥‬الشعراوي من الطائرة‬ ‫‪‬‬
‫‪ ١٦‬كمال الحب‬ ‫‪‬‬
‫‪ ١٧‬من كبر مجرمي اإلخوان‬ ‫‪‬‬
‫‪ ١٨‬في صالون أبي ‪ ..‬التحدث بالهمس المقهور‬ ‫‪‬‬
‫‪ ١٩‬الرؤيا‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٢٠‬اتصل بي اللواء كمال عبد الرازق‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٢١‬الشيخ أحمد فرحات ‪ ..‬والمعجزة‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٢٢‬الشيخ سيد سابق‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٢٣‬خالي المهندس بهاء شاكر شكري‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٢٤‬تزوجت مجرما‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٢٥‬الخجل يعتصرني‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٢٦‬شهر العسل في األراضي الحجازية‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٢٧‬ال حياء في الدين‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٢٨‬لماذا أذكر هذا ؟‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٢٩‬لم يحدثني عن أيام السجون‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٣٠‬أغنيتان فقط‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٣١‬في الطريق العام‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٣٢‬أموال شركة عثمان أحمد عثمان‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٣٣‬الرحمة والرفق يتعانقان‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٣٤‬كمال بك واألهل والخالن‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٣٥‬أصدقاء كمال بك‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٣٥.١ o‬د‪ .‬سيد الجيار‬
‫‪ ٣٥.٢ o‬األستاذ حسن عبد المنعم‬
‫‪ ٣٥.٣ o‬الشاعر السعيد محمد البواب بالخانكة‬
‫‪ ٣٥.٣.١ ‬سألت كمال بك يوما‬
‫‪ ٣٦‬السنين الخضراء‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٣٧‬ما هي جريمة اإلخوان المسلمين ؟؟‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٣٨‬الكيل بمكيالين‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٣٩‬رسالة إلى الرئيس مبارك‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٤٠‬ميراث الكراهية‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٤٠.١ o‬جمال عبد الناصر ‪1970 – 1954‬‬
‫‪ ٤٠.٢ o‬أنور السادات ‪1981- 1970‬‬
‫‪ ٤٠.٢.١ ‬الشيخ صالح أبو إسماعيل‬
‫‪ ٤٠.٢.٢ ‬الشيخ محمد الغزالي‬
‫‪ ٤٠.٣ o‬محمد حسني مبارك من ‪1981‬‬
‫‪ ٤٠.٣.١ ‬القبض على ‪ 46‬قياديا من اإلخوان المسلمين يجتمعون سرا‬
‫‪ ٤١‬إلى متى تستعدون التيار اإلسالمي العالمي عليكم ؟؟‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٤٢‬المواجهة‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٤٣‬رسالة إلى التيار اإلسالمي‬ ‫‪‬‬
‫‪ ٤٣.١ o‬االشتراك في حكم البالد‬
‫‪ ٤٣.٢ o‬نظرة اإلسالم للحاكم‬
‫‪ ٤٣.٣ o‬مكانة السلطان عند هللا‬
‫‪ ٤٣.٤ o‬إذا أخطأ الحاكم‬
‫‪ ٤٣.٥ o‬العدل والقوة‬
‫‪ ٤٣.٦ o‬القوة‬
‫‪ ٤٣.٧ o‬المواجهة‬
‫‪ ٤٣.٨ o‬دعاة ال قضاة‬
‫‪ ٤٣.٩ o‬أدب الخالف‬
‫‪ ٤٣.١٠ o‬الغلو والتنطع‬
‫‪ ٤٣.١١ o‬الوسيطة واالعتدال‬
‫‪ ٤٣.١٢ o‬اآلباء واألمهات واألخوات‬
‫‪ ١٣.٤٣ o‬األمية‬
‫‪ ٤٣.١٤ o‬أحسنوا الظن بالحاكم والقائمين على الدولة‬
‫‪ ٤٣.١٥ o‬أسباب النصر‬
‫‪ ٤٣.١٦ o‬الصبر ‪ ..‬الصبر‬

‫توطئة‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫(عسي هللا أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة وهللا قدير وهللا غفور رحيم) صدق هللا العظيم ‪7‬‬
‫الممتحنة‬
‫قال سول هللا صلي هللا عليه وسلم‬
‫(ما بعث هللا من نبي وال استخلف من خليفة إال كانت له بطانتان ‪ :‬بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه‬
‫وبطانة تمره بالشر وتحضه عليه ‪ ،‬والمعصوم من عصم هللا تعالي ) رواه أحمد‬

‫شكر وتقدير‬
‫أتقدم بالشكر الوفير لزوجي المهندس االستشاري سامي القاضي ‪ ..‬الذي لم يمانع في إخراج هذا الكتاب ‪ ..‬بل لقد‬
‫راجعه معي أكثر من مرة ‪ .‬ولفت نظري لبعض التصويبات الضرورية ‪ .‬فجزاءه هلل عني خير الجزاء ‪..‬‬
‫تقديم‬
‫ال نغالي إذا قلنا‪ :‬إن هذا الكتاب الصغير هو نهر دافق من العواطف الشريفة والنبيلة ‪.‬‬

‫وأن الشرف والنبل فيه ال يقفان عند المنطق واألسلوب ‪ ،‬وإنما ينبعان ‪ ،‬باألساس‪ ،‬من شرف المقاصد ونبل‬
‫الغايات‪ ..‬فهو – من أوله إلى آخره –‬

‫تساؤل ملح ‪ :‬لماذا ال تكون العالقة بين الحكام والمحكومين في بالدنا على النحو الذي يجعلنا – جميعا – رحماء‬
‫فيما بيننا و حتى تتوحد طاقاتنا – جميعا فنكون أشداء على األعداء وفي مواجهة التحديات الشرسة التي تريد‬
‫اقتالع الجميع حكما ومحكومين ؟‬

‫إن كل صفحات هذا الكتاب تذكر األمة بصورتها التي رسمها القرآن الكريم ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم‬
‫فاعبدون ) األنبياء ‪) ...92 :‬والتي رسمتها السنة النبوية الشريفة في صورة الجسد الواحد " مثل المؤمنين في‬
‫توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي " (‬
‫رواه البخاري ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬واإلمام أحمد" والتي بلغت الذروة عندها صوره القرآن الكريم فقال ( محمد رسول هللا‬
‫والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) الفتح ‪) 29 /‬‬

‫فوحدة جسد األمة – حكاما ومحكومين ‪ ..‬أفرادا وطبقات ‪ ...‬وشعوبا وقبائل ‪ ..‬أقطارا وأقاليم ‪ ..‬أجناسا وقوميات ‪..‬‬
‫هو الذي يقيم التراحم فيما بين مكوناتها ‪ ،‬األمر الذي يوفر اإلمكانيات والطاقات لتوظيف على جبهات التدافع‬
‫والصراع ضد ألعداء ‪ ..‬والعكس صحيح على وجه اليقين !‬

‫وإذا كان هذا الكتاب قد ركز على مصر كنموذج ‪ ،‬وعلي العالقة بين حكامنا وبين التيار اإلسالمي على وجه‬
‫الخصوص‪،‬فإن بعضا من المالحظات على معالجة الكتاب لهذه " المعضلة " قد تكون ضرورية ومفيدة في هذا‬
‫التقديم ‪.‬‬

‫فأوال ‪:‬إن المنهاج العاطفي الذي غلب على صفحات الكتاب قد وقف بنا عند حدود التمنيات‪ ،‬ولم يحدد لنا "‬
‫المشكالت التي يجب أن يدرسها المفكرون ‪ ،‬وصوال إلى مقترحات لحلول تخرج المجتمع من هذا الشد والجذب‪،‬‬
‫ومن النزيف الداخلي ‪ ،‬الذي يخصم من قوي الحكام والمحكومين على حد سواء ‪ ،‬بسبب التوتر القائم والدائم بين‬
‫أهل الحكم وبين اإلسالميين ولقد اتضح هذا األسلوب العاطفي في المعالجة عندما رأينا الكاتبة الفاضلة تنحي‬
‫بالالئمة على الحكم – متعاطفة مع اإلسالميين – عندما ترسل رسالتها إلى هؤالء الحكام ‪ ..‬بينما تنحي بالالئمة‬
‫على الشباب اإلسالمي – متعاطفة مع الحكام ‪-‬عندما ترسل رسالتها إلى اإلسالميين ‪!...‬حتى لكأننا بإزاء "‬
‫تطييب لخواطر " للجميع !‬

‫ثانيا ‪ :‬إن قضية العالقة بين التيار الوطني الحكم ‪ ،‬منذ ثورة يوليو سنة ‪1952‬م‪ ،‬وبين التيار اإلسالمي – وفي‬
‫القلب منه " جماعة اإلخوان المسلمين " تحتاج إلى ما يشبه " مركز دراسات" يتوفر على إنجاز دراسات وإقامة‬
‫حوارات حول جدول أعمال مشكالت هذه العالقات ‪ ...‬ومن هذه المشكالت – على سبيل المثال ‪:-‬‬

‫‪1-‬فترة " التعاون – واالختالف" بين التيارين إبان قيام ثورة يوليو ‪1952‬م‪ ،‬واألخطاء التي أفسدت " التعاون "‬
‫وتحولت به إلى إطار " الصراع " ‪ ...‬وهل كانت هذه األخطاء محصورة في طرف واحد ال تتعداه إلى الطرف‬
‫اآلخر ؟‬

‫‪2-‬دور العامل الخارجي – االستعمار الغربي – في إذكاء الصراع بين التيارين ‪ ،‬على ضوء وثائق وتقارير‬
‫ومراسالت أجهزة وسفارات قوي الهيمنة الغربية‪ ،‬والتي لم ولن يكون من مصلحتها قيام التعاون بين الوطنيين‬
‫والقوميين وبين اإلسالميين – والكثير من هذه الوثائق والتقارير والمراسالت قد غدا متاحا للباحثين ‪ ،‬بعد أن‬
‫مضي عليه قرابة نصف قرن من الزمان ‪.‬‬

‫‪3-‬القمع الدموي الذي مارسته أجهزة الدولة ضد التيار اإلسالمي – وتحديد المسئولية عنه وفيه – ودراسة آثاره‬
‫الممتدة حتى اآلن على العالقة بين التيارين ‪.‬‬
‫‪4-‬دور العجز المزمن لدي الدولة عن إقامة تنظيم سياسي جماهيري فاعل – من " هيئة التحرير" إلى " الحزب‬
‫الوطني الديمقراطي " على حرص الدولة على تفريغ الممارسة السياسية والديمقراطية من عناصر الجدية‬
‫والفعالية والوقوف" بلعبة الديمقراطية "و" تبادل السلطة" عند مجرد " الديكور " األمر الذي يجعل الدولة‬
‫حريصة على تحجيم أى تيار سياسي أو فكري قادر على المنافسة الحقة في الشارع وفي صناديق االقتراع ‪ ..‬دور‬
‫هذا العجز‪ ،‬وما أفرز من أثره واستئثار النظام بالدولة ‪ ،‬على الموقف من التيار اإلسالمي الذي يمثل المنافس‬
‫األول في الشارع وفي صناديق االقتراع ‪.‬‬

‫‪5-‬دور قوي الهيمنة الغربية التي اتخذت وتتخذ اإلسالم عدوا في إذكاء عوامل هذا التناقض والخالف بين أهل‬
‫الحكم وبين التيار اإلسالمي ‪.‬‬

‫‪6-‬دور فصيل الغلو والعنف اإلسالمي في زيادة مشاعر الحذر والخوف لدي أهل الحكم تجاه اإلسالميين بوجه‬
‫عام ‪.‬‬

‫‪7-‬دور تيار الغلو العلماني ‪ ،‬الذي يمثل امتدادا سرطانيا للمذاهب الغربية والذي يكن الكراهية والحقد للتوجهات‬
‫اإلسالمية واإليمانية في إذكاء عوامل الخالف بين أهل الحكم وبين اإلسالميين ومدي النجاحات التي حققها هذا‬
‫التيار في إقناع الحكم بأن اإلسالميين كلهم غالة وأن التمايز بين فصائلهم ال يعدو أن يكون توزيعا لألدوار ‪.‬‬

‫‪8-‬موقف تيار الوسطية اإلسالمية وخاصة " جماعة اإلخوان المسلمين " من تيار الغلو والعنف الديني ‪ ...‬وهل‬
‫كان هناك تقصير في إدانة ومواجهة أهل العنف والغلو ؟‬

‫وخاصة في الحقبة التي اهتزت فيها هيبة الدولة أمام عمليات العنف ؟ !‬

‫وهل لتراجع تنظيمات العنف عن هذا المنهاج من تأثيرات إيجابية على مجمل العالقات بين أهل الحكم وبين‬
‫عموم اإلسالميين ؟‬

‫‪9-‬تحديد أولويات الحركة اإلسالمية على ضوء إمكاناتها الكبيرة ‪ ..‬وفي ضوء التحديات والمحاذير الخارجية‬
‫التي ال تريد رؤية اإلسالميين في السلطة ‪ ،‬وإعالن " سقف" هذه األولويات ‪ ..‬هل هي " المشاركة " ؟ أم "‬
‫المغالبة"؟ وهل هي " الدعوة والتربية وإعادة صياغة اإلنسان وتهيئة المجتمع "؟ أم البدء " بامتالك الدولة "؟‬
‫وهل المراد هو " البدء من الصفر في أسلمة المجتمع "؟ أم أننا بإزاء مجتمع إسالمي يحتاج إلى " استكمال "‬
‫إسالميته؟‬

‫‪10-‬وأخيرا – وليس أخرا – هل تياراتنا الفكرية – كلها ‪ ..‬بما في ذلك التيار الوطني الحاكم والتيار اإلسالمي قد‬
‫أفسحت وتفسح في ثقافاتها وفي ممارساتها المساحة المناسبة والالئقة لقبول اآلخر ‪ ..‬والحوار معه ‪ ...‬والوصول‬
‫وإياه إلى حلول وسط ‪ ..‬واعتماد منهاج التدرج وفقه األولويات ؟ ‪ ...‬أم أن هذا اللون من الثقافة والممارسة غائب‬
‫أو غائم إلى الحد الذي يمثل عقبة من العقبات أمام العالقات الصحية بين أهل الحكم وبين اإلسالميين وغير‬
‫اإلسالميين ؟‬

‫تلك أمثلة " لجدول أعمال فكرية" يحتاج إلى " مركز دراسات " متخصص لمعالجة معضالت العالقات بين أهل‬
‫الحكم وبين المحكومين واإلسالميين منهم على وجه الخصوص ‪.‬‬

‫ذلك أن العواطف النبيلة وحدها ال تكفي في مثل هذه األمور ‪ ...‬وبقدر عظم المقاصد ‪ ،‬التي تتوقف عليها‬
‫التحوالت الكبرى واإلستراتيجية في مستقبل األمة ويجب أن تكون الوسائل واآلليات القادرة على تحقيق هذه‬
‫المقاصد والغايات بقي أن أقول ‪ :‬إن القارئ سيستمتع بهذا الكتاب الذي استمتعت به إلى الحد الذي مسكت بي‬
‫صفحاته فلم تدعني حتى فرغت منها – رغم ما كنت أعانيه ساعتئذ من نزلة برد شديد ‪.‬‬

‫فنحن أمام كاتبة مقتدرة ‪ ،‬تملك من تدفق العواطف الجياشة ونيل المقاصد الكبرى وما يوازيهما في القدرة على‬
‫التعبير الصادق والدقيق حتى لكأن كلماتها المخلصة تخرج من قلبها إلى قلوب القراء ‪ ،‬دونما وسائط أو معوقات ‪.‬‬

‫إنني أترك القارئ مع هذه الرحلة الممتعة عبر صفحات هذا الكتاب الممتع ‪.‬‬
‫وهللا أسأل أن يجعل هذا الجهد الطيب في ميزان حسنات الكاتبة القديرة ‪ ...‬إنه سبحانه وتعالي ‪ ،‬خير مسئول‬
‫وأكرم مجيب ‪..‬‬

‫جمادي أخر سنة ‪1422‬هـ‬

‫أغسطس سنة ‪2001‬م دكتور ‪ /‬محمد عمارة‬

‫رقابة جهول ( اإلنسان عدو ما يجهل ) هذه العبارة تنطبق إلى حد كبير على القائمين بأمر الرقابة على المصنفات‬
‫الفنية بوجه عام والرقابة على البرامج الدينية بوجه خاص ‪..‬فالمفروض أن يراعي في الرقيب مستوي مرتفع من‬
‫العلم والمعرفة ومالحقة األحداث‪ ..‬والوعي بخلفيات الموضوعات وشئ غير يسير من الحساسية الذكية وسرعة‬
‫االلتقاط ‪ ..‬كما البد من اإللمام بالقيم األخالقية والدينية ما دامت وظيفته هي مراقبة البرامج الدينية ‪.‬‬

‫والحقيقة أن أجهزة اإلعالم في الدولة لم تعمل على تأهيل الرقيب وإعداد وحسن اختياره لذا نري الرقيبة على‬
‫سبيل المثال ترتعد خوفا وقلقا وتسئ الظن في المبعدين وتتمسك بحرفية الممنوعات وتشكك في النوايا ‪ ..‬وترفض‬
‫وتمنع اإلذاعة وقد تملكها خوف شديد ‪..‬‬

‫ولقد كانت األستاذة ( سنية ماهر ) أول مدير عام للرقابة في أوائل السبعينيات في التلفزيون المصري ‪ ..‬كنت‬
‫رحمها هللا على مستوي راق من العلم والمعرفة والوعي المستنير ملمة باألحوال السياسية والثقافية والدينية‬
‫واالجتماعية واألدبية في مصر لذا كان التعامل معها على مستوي عال من الرقي ‪ ..‬فلم ترفض مشاهدة حلقة‬
‫تلفزيونية تعنتا ولم تلغ حلقة من شدة الخوف وسوء الظن ولم تقف بجهل و تعنت أمام مشهد من مسلسل تلفزيوني‬
‫أو تمثيلية‪ ..‬بل كانت توجه المبدعين توجيها علميا وثقافيا رصينا كما كانت تدلي برأيها بعد دراسة وتمحيص‬
‫بطريقة أخالقية وفنية راقية‪ ..‬فلم يغضب منها أحد ‪ ..‬ولم تر قط ثائرة ترتعش ويهتز الكرسي من تحتها ‪..‬‬

‫ولكن تبعها أنواع من البشر ال ناقة لهم وال جمل في أى قضية ثقافية أو سياسية أو اجتماعية أو دينية ‪ ..‬نوع من‬
‫البشر لم يقرأ قط وال أظنه يكتب ولكنه يحمل مجموعة من الممنوعات عبارة عن ورقة بها عبارات تزعج‬
‫الجهالء وتعز عروش الجبناء‪ ..‬ومن عجيب األمر أن الذي يراقب البرامج الدينية قد تكون فتاة أو امرأة لم تبلغ‬
‫الخامسة والعشرين من عمرها تتحكم فيما يقول الشيخ محمد الغزالي أو الشيخ الشعراوي أو الدكتور كمال أبو‬
‫المجد ‪ ..‬الخ ‪.‬‬

‫وهذا المستوي المتردي يرجع إلى تسلط بعض ضباط األمن ‪ ..‬وتوجيه األمور فيه ‪ .،.‬باإلضافة إلى انعدام التأهيل‬
‫واإلعداد لمن يتولي هذا النوع من العمل ‪.‬‬

‫وللحق نستثني األستاذ ( على الزغبي ) الذي عمل رقيبا ثم مديرا للرقابة حيث كان مثاال للفهم السليم والوعي بكل‬
‫القضايا التي تعج بها الساحة المصرية والعربية والعالمية فكان من نعم هللا علينا ‪ ..‬ولكنه لألسف أيضا خرج إلى‬
‫المعاش ‪.‬‬

‫المعارضة في اإلسالم‬
‫عندما وافقت الدولة على إنشاء بعض أحزاب المعارضة قرأت كتابا للدكتور جابر قميحة أستاذ األدب العربي‬
‫جامعة الظهران تحت عنوان ( أدب المعارضة في اإلسالم ) حاول فيها أن يعلم القارئ أدب االختالف وأهميته ‪..‬‬
‫واالعتماد على الحقائق العلمية والرقمية‪ ...‬والكياسة في عرض الرأي والرأي اآلخر ‪ ..‬وكيف يمكن التعاون بين‬
‫ألحزاب جميعه لخدمة الوطن ‪..‬‬

‫استضفت الدكتور جابر قميحة والشيخ جمال قطب ( من علماء األزهر ) وناقشنا الكتاب بأسلوب علمي وتأصيل‬
‫إسالمي جيد ‪ ..‬وما أن علمت السيدة الرقيبة بعنوان الحلقة ( أدب المعارضة في اإلسالم ) حتى فزعت وهالها‬
‫األمر وألغت الحلقتين ورفضت أن يناقشها المخرج كما رفضت المشاهدة من األصل ‪..‬‬

‫وراحت تردد مستنكرة فزعة ( مال البرامج الدينية والمعارضة ومالنا نحن والمعارضة ) هذا خطر خطر على‬
‫الدولة والنظام !!!‬
‫وعبثا حاول المخرج شريف الشناوي والمخرج أحمد طه على مدي ستة أشهر إقناعها بمشاهدة الحلقتين وإظهار‬
‫أهمية مثل هذا النوع من الموضوعات في هذه األيام ‪ ..‬إال أن مديرة الرقابة راحت ترفع التقارير تارة إلى رئيس‬
‫القناة وخري إلى رئيس التلفزيون !!‬

‫وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم‪.‬‬

‫رئيس جمهورية المالديف‬


‫أذكر أن الزميل محمد عبد العزيز أخبرني بأن رئيس جمهورية المالديف ( الرئيس ممون عبد القيوم )يزور‬
‫مصر في هذه األيام وأنه تعلم في مصر وتخرج من كلية الشريعة جامعة األزهر الشريف وكان خالل هذه‬
‫السنوات زميال له في نفس الكلية وشهد له بحسن الخلق والدراية الكاملة بالقضايا الدينية ‪ ..‬وراح يصف لى جزر‬
‫المالديف وأنها أكثر من ألفي جزيرة على المحيط الهندي وهي عضو في األمم المتحدة وليتني استأذن المسئولين‬
‫في إمكانية التسجيل معه خصوص وهو يقيم في هذه األيام في هيلتون النيل بالقرب من ماسبيرو ‪ ..‬استأذنت‬
‫المسئولين في التلفزيون وحملت الكاميرات إلى هيلتون رمسيس وسجلنا مع رئيس جمهورية المالديف حلقتين‬
‫بالتمام والكمال وراح الرجل يتحدث بلغة مصرية عن حياته في القاهرة وأساتذته وزمالئه في األزهر الشريف‬
‫وأثر الثقافة األزهرية عليه وكيف أنه أحب مصر والمصريين ثم عرج على حبه للقرآن الكريم والسنة المطهرة‬
‫ورغبته في جعل جزر المالديف عالمة بشئون دينها مؤمنة بالقرآن الكريم كدستور تحكمه في حياتها ثم خذنا‬
‫الحديث فتحدث الرئيس ( وهو يبلغ من العمر اثنين وثالثين عاما ) بأنه يؤم المسلمين في الصالة ويخطب أحيانا‬
‫خطبة الجمعة ‪...‬‬

‫وانتهي التسجيل على أحسن وجه وحصلنا على فيلم سينمائي عن جزر المالديف وشعبها وعاداتها ‪ ..‬وبعض‬
‫الصور الفوتوغرافية ‪ ..‬ثم سلم المخرج الشريط للرقابة كي تشاهد الحلقتين قبل السماح بإذاعتهما ‪.‬‬

‫ولك أيها القارئ الكريم أن تتصور ما حدث ! لقد استلمت السيدة الرقيبة الشريط وسيطرت عليها حالة أشبه بمن‬
‫تمكن من القبض على مادة خطرة مشعة ‪ ..‬إذ اتجهت متحمسة إلى مشاهدة الحلقتين ومعها مجموعة من المسئولين‬
‫في التلفزيون وأغلقوا عليهم الباب حتى ال أتمكن من مشاركتهم هذه المشاهدة وخرج الجميع من القاعة وراحت‬
‫الرقيبة تكتب التقرير في تكتم وسرية الشريط حتى يتم اغتيال هذا الخطر المحدق باألمة !!‬

‫لماذا كل هذا ؟؟‬


‫عرفت بعد ذلك بيومين ن الرقيبة كتبت في التقرير ن التسجيل مع رئيس دولة يخطب الجمعة ويؤم المسلمين ‪..‬‬
‫فيه خطورة على رئيس مصر وسمعته إذ أن رئيس جمهورية مصر ال يفعل ذلك ومعني ذلك أننا نلفت نظر‬
‫المشاهدين إلى هذا التقصير من جانب رئيس مصر ‪ ..‬وهذه الحلقات فيها إسقاط ال داعي له !!‬

‫يا للهول ‪ ..‬رحماك ربي‪.‬‬


‫قلت للزميل الذي أبلغني بهذا األمر ‪ ..‬وبناءا على هذا لو تم استضافة الرئيس المصري في أحد البالد وهو ضابط‬
‫مقاتل قد اشترك في بعض الحروب التي انتصر فيها الجيش المصري فستلغي التسجيالت ألن رئيسهم ليس‬
‫ضابطا كما أنه ال يستطيع التخطيط العسكري للمعارك ‪ ..‬وحماية الوطن ‪ ..‬وهكذا بناءا على ثقافة كل حكم لن‬
‫يسمح بإلقاء الضوء على حاكم آخر مختلف معه في الثقافة والتعليم ثم ضحكنا معا على مستوي الخيبة والجهل‬
‫وهلل ألمر من قبل ومن بعد ‪.‬‬

‫ال يخلو مكان وال زمان من رحمة هللا‬


‫بعد بلوغ األستاذة ( سنية ماهر ) سن المعاش وقد سبق أن وصفتها في كتابي ( رحلتي من السفور إلى الحجاب )‬
‫بأنها رقيقة كاليمامة سيدة خلوق على قدر عال من الثقافة والتحضر تتعامل مع الجميع بالمحبة وصدق النصيحة‬
‫أحيلت إلى المعاش ولم يعد لى من مبني ماسبيرو مكان ألجأ إليه ‪ ...‬ألتقط أنفاسي ‪ ..‬إال عندما ساق هللا لى اللواء‬
‫أنور عوض صاحب القلب الكبير والنفس المتواضعة العامرة باإليمان ‪ .‬فرحت أتردد من آ آلخر علي مكتبه‬
‫أجلس أمامه أستمع إلى قصص الصالحين ثم غالبا ما يهديني كتابا صغيرا يحتوي على أدعية مأثورة وصلوات‬
‫على سيد األنام (صلي هللا عليه وسلم )‬

‫عندما غابت الشمس‬


‫وفي أحد األيام دخلت على نور بك أطال هللا في عمره فأخرج لى من درج مكتبة كتابا ضخما وقال لي ‪ :‬مطلوب‬
‫مني أن أقرأ هذا الكتاب وأكتب عنه تقريرا مفصال وكما ترين ال وقت عندي والكتاب كبير يزيد على ستمائة‬
‫صفحة فهل يمكن أن تقرئيه لى وتكتبي تقريرا عنه ؟‬

‫سعدت كثيرا ألني أهل ثقة بالنسبة لمدير عام أمن التلفزيون ‪ ..‬وأخذت الكتاب وخرجت مسرعة عازمة على‬
‫قراءته بدقة وكتابة التقرير المطلوب ‪..‬‬

‫وبعد يومين سافرت إلى مصيف بلطيم حيث كانت مي رحمها هللا في انتظاري لقضاء عطلة الصيف ‪ ..‬وهناك‬
‫رحت أقرأ هذا الكتاب الذي يحمل عنوان ( عندما غابت الشمس )بقلم عبد الحليم خفاجي ومنذ الكلمات األولي‬
‫شدني هذا الكتاب شدا غير مسبوق فلقد كان كاتبه من اإلخوان المسلمين راح يحكي قصة اعتقاله بتهمة االنتماء‬
‫إلى اإلخوان المسلمين ثم كيف أمضي أكثر من عشرين عاما في غيابات السجون المصرية ‪..‬وكيف كان حال‬
‫هؤالء المعتقلين ‪..‬وكيف كانوا يعاملون ‪ ..‬وكيف تعرضوا للضغوط واالضطهاد ‪ ..‬وإلقاء التهم والشك في نواياهم‬
‫‪ ..‬بل واتهامهم بالخيانة العظمي ‪ ...‬إلى آخر القصص التي طالما قرآناها في كتب كثيرة نذكر منها ( أيام من‬
‫حياتي ) للمجاهدة زينب الغزالي ‪ ،‬وكتاب ( البوابة السوداء ) وكتاب ( سراديب الشيطان ) بقلم أحمد رائف‬
‫وكتاب ( صفحات من التاريخ )للواء شرطة صالح شادي ‪ ..‬وغيرهم ‪ ...‬وغيرهم ‪..‬‬

‫شدني كتاب( عندما غابت الشمس )ألن صاحبه راح يحكي مآسي السجون وأنواع البالء النازل بها وكم القهر‬
‫وظلم اإلنسان ألخيه اإلنسان ‪ ..‬راح يحكي كل هذا بأسلوب عجيب نادر فلقد استقبل كل هذه األحداث بنفس‬
‫مطمئنة راضية بقضاء هللا واثقة من أنه سبحانه يسمع ويري ‪..‬لم يجزع ولم يصبه الهلع بل راح يحتسب كل هذا‬
‫الهوان عند هللا ( يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتي هللا بقلب سليم ) الشعراء ‪. 89- 88‬‬

‫لقد شعر عبد الحليم خفاجي بأن حوائط السجون تمد ذراعيها لتستقبلهم ‪ ..‬وأنه يعانق الزمان والمكان ‪ ..‬فمن بين‬
‫كل هذه المظالم تتنزل رحمات تلف أصحاب المبادئ الخيرة والنوايا الطيبة بسياج من اللطف والرحمة ‪ ...‬لذا‬
‫راح يحتضن الشمس والقمر‪ ...‬والسماء والنجوم‪ ..‬يرحب بالبرد والحر ما دام في سبيل هللا ‪ ..‬شعر في كل سجن‬
‫دخله بحنو المكان ‪ ..‬وحالوة العشرة مع اإلخوان رفقاء المبدأ والقضية ‪ ..‬وما إن يبدأ في االستقرار على حال‬
‫حتى تصدر األوامر بتشتيت الرفاق وما يتبعه من آالم الفراق ‪ ..‬كان يضنيه فراق األحباب إلى سجن آخر وتبكيه‬
‫فرحة اللقاء بإخوان آخرين ‪ ..‬تلذذ بالصالة في كل زنزانة سكنها وذاق حالوة السجود ‪ ..‬وجمال الوصل ‪ ..‬حتى‬
‫صار هذا الكتاب سيمفونية رائعة للرضي بمر القضاء والصبر على البالء لم أر في حياتي إنسانا يتصالح مع هللا‬
‫ومع نفسه ومع األحداث التي يستقبلها بنفس راضية مرضية مرحبة بقضاء هللا مثل هذا الكاتب ‪..‬‬

‫وبينما كنت أسبح في هذا الكتاب الحظت على طول قراءتي وجود صور فوتوغرافية من داخل هذه المعتقالت‬
‫يظهر فيها شاب أسمر طويل ‪ ..‬نحيل ‪ ..‬رومانسي القسمات ‪ ..‬تتميز مالمحه بالوحدة وشدة التأثر ‪ ..‬وتنطق بشدة‬
‫الحنو واإلشفاق فأيقنت أنه مؤلف هذا الكتاب الفريد ‪.‬‬

‫بدأت أكتب التعليق على كل ما قرأت ‪ ..‬كتبت حوالي ثماني وثالثين صفحة فلوسكاب وعدت إلى القاهرة‬
‫وأسرعت إلى التلفزيون وسلمت اللواء أنور عوض التقرير والذي احتوي أيضا على بعض االستفسارات‬
‫السياسية والتاريخية التي لم أفهمها ‪..‬‬

‫وبعد يوم واحد اتصل بي اللواء أنور عوض وشكرني على التعليق بحرارة وأخبرني بأنه أرسل صورة من هذا‬
‫التقرير إلى األستاذ عبد الحليم خفاجي مؤلف الكتاب والمقيم في ألمانيا ‪ ..‬وبعد خمسة عشر يوما وصلني خطاب‬
‫من ألمانيا أرسله لى األستاذ عبد الحليم خفاجي مؤلف الكتاب أعرب فيه عن تقديره الشديد لحسن قراءاتي للكتاب‬
‫ورد على كل االستفسارات ‪ ..‬وأخبرني أنه عقب خروجه من السجن سافر إلى الكويت واشتغل بالكتابة والتجارة‬
‫وتزوج بسيدة عراقية أنجب منها ( أحالم ‪-‬وأبرار –وزينب – ومراد – ومحمد ) ثم إنه سافر إلى ألمانيا حيث‬
‫أنشأ مؤسسة بافاريا للطباعة والنشر ولقد غاب عن مصر مدة عشرين عاما وهو ينوي الحضور لزيارة أهله‬
‫وناسه في بلدته ( مرصفا) ‪ ..‬ومرت شهور ثم أرسل لى خطابا بموعد عودته إلى القاهرة ‪.‬‬

‫تنفس تحت األنقاض‬


‫ماتت أمي رحمها هلل وكنت قد حصلت قبل وفاتها بعدة أيام على الطالق‪ ..‬لذا لم كن على استعداد لمواجهة حياة‬
‫جديدة تحت أى ظرف من الظروف‪،‬لحالتي النفسية المتأثرة تأثرا بالغا عقب انفصالي عن زوجي وأب أوالدي‬
‫عشرة دامت سبعا وعشرين عاما ‪ ..‬أمضيت معه العشر سنوات األولي في محبة ووئام وأنجبت ولدين وبنتا ‪ ..‬ولم‬
‫يكن يخطر ببالي يوما أن أترك بيتي وزوجي وأوالدي في أعمارهم الحرجة ‪ ..‬كنت أحسن أن هناك سبعا‬
‫وعشرين طابقا قد تهدمت فوق رأسي ‪..‬وأني تنفس تحت األنقاض بصعوبة بالغة ‪ ..‬وال يمكنني بحال من‬
‫األحوال التحدث مع مخلوق ‪ ..‬ناهيك عن االرتباط بزوج آخر ‪.‬‬

‫تحاملت على نفسي وأعددت كاميرات برنامجي ( الرضا والنور ) ألسجل مع األستاذ عبد الحليم خفاجي عند‬
‫حضوره إلى مصر واخترت زورقا في النيل المصري كي أسجل الحلقات مع ابن النيل القادم إليها بعد غربة‬
‫دامت عشرين عاما وال شك ن ضيفي في شوق إليه وأن أوالده وزوجته لم ينعموا من قبل بالنظر إلى نيل مصر‬
‫‪..‬سجلت معه حلقتين والزروق يسير بنا في النيل ‪ ..‬وكانت أفكار هذا الضيف جديدة كل الجدة ‪..‬تقدمية ‪ ...‬طريفة‬
‫‪ ..‬وانفتاحية ‪.‬‬

‫برغم التأصيل اإلسالمي الجيد‪ ..‬كانت شخصيته جديرة بالمتابعة واالحترام وإلعجاب ‪ ...‬إال أني قد فوجئت بأن‬
‫األستاذ عبد الحليم خفاجي مختلف تماما عن الصور التي رأيتها في كتابه ( عندما غابت الشمس ) األستاذ عبد‬
‫الحليم رجل مائل إلى الحمرة ممتلئ بعض الشئ يمت بصلة للشاب األسمر النحيل الذي كان يقف في فناء السجن‬
‫بنظراته الشاردة وقسماته المليئة بالشجن ‪ ..‬وبالطبع لم أحدث ضيفي عما الحظته ‪..‬‬

‫ثم سافر الرجل بعد أيام قليلة وبعد أن زارني في بيت أمي بالمعادي هو وأسرته وعند انصرافه قال لي ببساطة‬
‫متناهية – البد أن تتعرفي على اللواء كمال عبد الرازق ‪ ..‬أرشحه لك كي تنتفعي بعلمه وثقافته ولباقته ‪ ..‬ثم‬
‫انصرف بعد ن سلمني كتابا صغيرا بعنوان ( كواكب حول الرسول )‬

‫لم يخامرني شك في أن هذا اللواء كمال عبد الرازق شخصية إسالمية محدثة يمكن االستفادة منه في برنامجي‬
‫التلفزيوني ( الرضا والنور )‬

‫وعقدت النية على االتصال به والتحدث معه ‪ ..‬في هذا الشأن ثم شغلت بأمور أخري حتى كدت أنسي ‪ ..‬كما أني‬
‫قررت الذهاب لعمل عمرة ‪..‬‬

‫أغرب دعاء عند الملتزمة‬


‫أعشق االلتزام بالملتزم ‪ ...‬وأغافل الحراس ( حراسة الكعبة )‬

‫وأضع صدري والتصق بالكعبة أسفل باب الملتزم ‪ ...‬وأطرب كثيرا عندما أشعر بتكأكأ الحجاج والمعتمرين عند‬
‫باب الملتزم تضج أصواتهم بالدعاء بجميع اللغات ‪ ..‬وترتفع األيدي ‪ ..‬ويعلق البكاء والنشيج وبينما أنا غارقة في‬
‫دموع الحب اإللهي سمعت صوت رجل شديد التأدب مع هللا خفيض الصوت يردد دعاء لم أسمعه من قبل أو‬
‫أقرأه‪ ..‬بل لم أفهم معانيه على اإلطالق قال هامسا خاشعا فوق رأسي ( إلهي صفرت يداي فأتربهما ) وراح يردد‬
‫بأدب جم نفس العبارة عدة مرات ‪ ..‬والتفت إليه خجلي وتفرشت وجهه ولم أجرؤ أن أسأل رجال ال أعرفه ما‬
‫معني هذه العبارة ؟‬

‫وانصرفت وأنا أرددها حتى ال أنساها لحين لقائي بأول عالم من علماء الدين ‪.‬‬

‫وبينما كنت أسير متجهة إلى الصفا والمروة ورأيت وجه هذا الرجل مرة أخري وقد تهلل واندفع نحوي مرحبا ‪..‬‬
‫أهال ‪ .‬أهال أستاذة كريما‪ ... ،‬أنا أخوك كمال عبد الرازق قد حدثك عني األستاذ عبد الحليم خفاجي ‪ ..‬وتذكرت‬
‫الرجل ومددت يدي أصافحه بشدة مرحبة به معتذرة أشد االعتذار ألني لم أتصل به ‪..‬ووعدته بأني سوف أتصل‬
‫به عند عودتي إلى القاهرة ‪ ..‬ثم قدم لى رجال كان معه قائال ‪ ..‬الدكتور سيد الجيار زوج المرحومة أختي ‪ ..‬وهذه‬
‫ابنته الصغرى حنان ومددت يدي مرحبة بهما ‪ .‬وتمنيت لو سألته عن معني الدعاء الذي كان يسره إلى هللا عند‬
‫الملتزم ‪ ..‬ولكني خجلت من سؤاله ألن الرجل كان يحدث ربه حديث القلب ‪ ..‬وليس من حقي أن أتسمع أو أسأل ‪.‬‬

‫عدت إلى القاهرة ‪ ..‬وغرقت في بحر المشاغل من أبناء ‪ ..‬إلى مقابالت ‪ ...‬إلى إعداد حلقات ‪ ..‬إلى حضور‬
‫مؤتمرات ‪ ..‬الخ أمارس كل هذا وأنا غارقة في الالوعي‪ ..‬أعود إلى البيت منهكة إلى حد اإلعياء ‪ ..‬حتى أني‬
‫فرشت فراشي على األرض ووضعت التليفزيون على األرض بجواري لشدة ما كنت أستشعره من آالم مبرحة‬
‫في عمودي الفقري يصاحبه هبوط معنوي شديد ‪ ..‬وال زال شعوري بالتواجد تحت ألنقاض جاثما فوق أنفاسي‬
‫رغم تأدية العمرة وكثرة البكاء والدعاء وقراءة القرآن ‪.‬‬

‫ال أحد يشعر بمعاناتي ‪ ..‬وال حتى جمهوري الحبيب الذي يقبلني في جميع حاالتي مرحبا راضيا !! ربما ألنه‬
‫ربط بين هيئتي وحبه هلل ورسوله ( صلي هلل عليه وسلم )‬

‫المتحدث أخوك كمال عبد الرازق‬


‫تلقيت مكالمة تليفونية من األستاذ عبد الحليم خفاجي من ألماني سألني بلهفة ‪ :‬هل اتصلت باللواء كمال عبد‬
‫الرازق ؟‬

‫‪-‬أسفه جدا جدا ‪..‬ال أجد الوقت وال الجهد ‪ ..‬سامحني سأفعل إن شاء هللا‬

‫‪-‬ال عليك سأجعله يتصل بك اآلن‬

‫‪-‬مرحبا به‬

‫‪-‬دق جرس التليفون ‪..‬رفعت السماعة‬

‫‪-‬السالم عليكن ورحمة هللا وبركاته ‪ ..‬المتحدث أخوك كمال عبد الرازق ‪..‬‬

‫‪-‬وعليكم السالم والرحمة والبركات ‪ ..‬شديد األسف ‪ ..‬وهللا ‪ ...‬أصل‬

‫‪-‬ال أصل ‪ ...‬وال فصل ‪ ..‬هل يمكن أن ألقاك؟‬

‫‪-‬أهال ‪ ...‬أهال‪ ...‬أنا في حاجة ماسة إليك لقد تعاقدت مع األستاذ أحمد رائف على حلقات تليفزيونية جديدة وأنا في‬
‫حاجة ماسة إليك ‪ ...‬األستاذ أحمد رائف صاحب شركة الزهراء لإلعالم العربي ‪ ..‬هل تعرفه ؟‬

‫‪-‬نعم ‪ ..‬نعم هل يمكن أن نلتقي غدا ؟‬

‫‪-‬طبعا بإذن هللا ‪ ..‬ولكن بعد السابعة مساء ألني مشغولة في الصباح‬

‫المفاجأة‬
‫استيقظت من نومي في الصبح بصعوبة بالغة فكل ما في جسدي يؤلمني ‪ ..‬وكان ابني سيف هللا يقيم معي هو‬
‫وزوجته‪ ..‬فأخبرتهما أن هناك ضيف سيحضر في السابعة مساء وعليهما أن يستقباله ويمكثا في الشقة ويقوما‬
‫بتقديم واجب الضيافة طول مدة حديثي مع الضيف ‪ ..‬ثم ذهبت إلى حجرة الطعام وأعددت أقالما وأوراقا على‬
‫المنضدة حتى أكون على أهبة االستعداد الكتشاف عالم جديد يضيف إلى برنامجي التلفزيوني لمسات وآراء جديدة‬
‫‪ ..‬ثم ركبت سيارتي واتجهت إلى شركة الزهراء لإلعالم العربي بمدينة نصر وهناك قابلت األستاذ أحمد رائف‬
‫وأخذنا ننظم سويا تسجيل حلقات عن اإلعجاز العلمي في القرآن مع كل من الدكتور محمد على البار والشيخ عبد‬
‫المجيد الزنداني مستشار ( كارتر) لشئون البحار وكال العالمين من أصل يمني يقيمان في السعودية ‪ ..‬ثم نظرت‬
‫إلى ساعتي فإذا بها تشير إلى الخامسة مساء فنهضت واقفة ‪.‬‬

‫‪-‬آسفة ‪ ..‬آسفة يا أحمد بك البد من العودة إلى المنزل ‪ ..‬لدي ميعاد هام مع عالم جديد يدعي اللواء كمال عبد‬
‫الرازق ‪ ..‬رشحه لى األستاذ عبد الحليم خفاجي ‪ ..‬وكم كانت المفأجاة المذهلة ‪ ..‬حيث قال لى بمنتهي البساطة‬
‫والهدوء ‪:‬‬

‫‪-‬على بركة هللا تزوجيه ‪ ..‬كلنا نرشحه لك زوجا ‪ ..‬بإذن هللا ستسعدين معه ‪ ..‬فهو رجل خلوق ‪ ..‬وهناك في‬
‫ألماني يجتمع اإلخوان بعد صالة المغرب ويقرءون لك عدية ياسين حتى يتم رب العالمين الزيجة ‪..‬تزوجيه على‬
‫بركة هللا ‪ ...‬وأنا أضمن لك اثنتين الكرم بل والسخاء ‪ ..‬والطهر والنقاء ‪...‬‬

‫‪-‬ال يمكن أن يتصور القارئ الحالة التي أصبت بها وقلت له على الفور‬

‫‪-‬سيدي ‪ ..‬هذا عالم رشحه لى األستاذ عبد الحليم خفاجي كي أستضيفه في برنامجي ‪ ..‬ولم يذكر شيئا عن الزواج‬
‫‪ ..‬أني ال زلت في شهور العدة وحالتي النفسية ال يعلمها إال هللا ولوال حاجتي الماسة إلى المال لما حضرت إليك‬
‫للعمل ‪..‬وأنا مريضة ‪...‬وتعبانه ‪ ..‬تعبانه جدا‬

‫‪-‬يا سيدي كمال عبد الرزاق هذا ‪ ..‬رجل الحب والمرحمة ‪ ..‬إنه الحب يمشي على قدمين ‪ ..‬حنون ‪..‬رقيق‬
‫المشاعر ‪ ..‬عطوف ‪ ...‬أضمن لك صفتين االستقامة ‪ ..‬والسخاء ‪.‬‬

‫‪-‬سيدي ‪ ..‬كفي ‪ ..‬لم أكن توقع ذلك ‪ ..‬لقد كنت أرحب به بشدة لظني أنه سيكون أحد ضيوف البرنامج وربما ثري‬
‫الحلقات ‪...‬و‪ ....‬وانصرفت مسرعة ‪ ..‬وفي الطريق كدت أجن ‪ ..‬إن الناس ال تشعر بمعاناتي المريرة ‪...‬‬
‫وظروفي القاسية ‪ ..‬وحالتي النفسية المتردية ‪.‬‬

‫أنا محطمة ‪..‬ال أحد يشعر بي أال يدركون أني أتحدث من تحت األنقاض ؟ أنقاس سبع وعشرين عاما سقطت فوق‬
‫رأسي؟ !‬

‫إشارات سوية يستقبلها عقلي‬


‫وصلت إلى الدقي حيث شاءت األقدار أن أسكن هناك وصعدت السلم وأنفاسي تكاد تتقطع ‪..‬وصدي يعلو ؟ يهبط‬
‫بثقل عجيب مرير ‪ ..‬دخلت المنزل واستقبلني ابني وزوجته‪ ..‬فأخبرتهما بما قاله األستاذ أحمد رائف ‪ ..‬ودخلت‬
‫حجرتي وألقيت بنفسي على األرض ‪ ..‬ولم يكن في بقية من جهد كي أبكي ‪ ..‬وقد حان ميعاد حضور اللواء كمال‬
‫عبد الرازق ‪ ..‬وبعد نصف ساعة تحاملت على نفسي وغيرت مالبسي ووقفت أمام الشباك ارقب حضوره واأللم‬
‫يعتصرني اعتصارا ‪ ..‬وبعد قليل وقفت عربة مرسيدس بيضاء أما م البيت ونزل منها رجل وقور يرتدي بذلة‬
‫بيضاء يعلو رأسه الشيب والوقار ‪ ..‬رشيق القوام يمشي بخطي متئدة ‪.‬‬

‫قلت في نفسي ‪ ...‬ال حول وال قوة إال باهلل ‪ .‬كيف يتصور هذا الرجل أني أصلح رفيقة طريق له أو ألي إنسان في‬
‫الوجود ‪.‬‬

‫استقبلت الرجل ولم أجلسه بالطبع على منضدة السفرة حيث األقالم واألوراق وأجلسته في الصالون وجلست‬
‫أمامه ألملم بقاياي وللوهلة األولي لم أرحب بفكرة االرتباط بأى شخص كما أنني ال طاقة لى بالزواج من األصل‬
‫‪ ..‬ثم بدأ الضيف يتحدث وإذا بي أشهر كأن أفكاره المرتبة تيار كهربائي يقوم بشحن في رأسي ‪..‬وكأن عناقا‬
‫صادقا ‪ ..‬أصغيت إليه ‪ ..‬وركزت في منطقة السوي ‪ ..‬وألفاظه المنتقاه ‪ ..‬ومخارج الحروف التي ضبطها كثرة‬
‫قراءة القرآن الكريم ‪ .‬عجبي ‪ ..‬شخصية قوية بغير كبر ‪ ..‬وال غرور ‪ ..‬هيئة رأسه يعلوها العزة وعظمة الوصل‬
‫باهلل تعالي ‪ ..‬كل ما قاله يستحق بجدارة أن يكون خليفة هلل في أرضه ‪..‬ال تكسر ‪ ...‬وال إسفاف ‪ ..‬وال تخنع ‪ ..‬وال‬
‫كذب ‪ ..‬وال استعراض ‪ ...‬وال رياء ‪.‬‬
‫انتهي اللقاء سريعا ‪ ..‬واستأذن الرجل بعد أن تحدث مع ابني والطف زوجته الشابة ثم انصرف ‪ ..‬وبرغم اقتناعي‬
‫بكل هذه األفكار والمنطلقات لم أرغب مطلقا في الزواج ‪ ..‬هذا من سابع المستحيالت ‪ ..‬أنا ممزقة ‪ ..‬أحتاج إلى‬
‫سنوات من الترميم ‪.‬‬

‫ومضي يومان ‪ ..‬ولم أفكر مطلقا في الزواج وانصرفت إلى أمور أخري ‪.‬‬

‫الشعراوي من الطائرة‬
‫دق جرس التليفون في البيت وكان المتحدث فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه هللا ‪ ..‬سألني عن حالي ‪.‬‬

‫وأخبرني أنه يحدثني من الطائرة حيث يتجه هو والحاج عبد العظيم لقمة رحمه هللا إلي أمريكا وقال لى ‪ :‬يا حاجة‬
‫كريمان إني أحدثك كي تقبلي الزواج من اللواء كمال عبد الرازق‪ ..‬ده رجل له جهاد طويل ‪ ..‬صاحب مبدأ ‪...‬‬
‫وثيق الصلة باهلل ‪ ..‬نحسبه كذلك وال نزكي على هللا أحدا‪ ..‬والحاج عبد العظيم لقمة بجواري وهو يشجع هذه‬
‫الزيجة ‪ ..‬خير البر عاجله ‪..‬‬

‫لم أعلق على الحدي ‪ ..‬غير إني كنت أنظر إلى السماء ابحث عن الطائرة ‪ ..‬ال أعرف لماذا لم أكن أتصور إمكانية‬
‫التحدث من الطائرة !!‪.‬‬

‫كمال الحب‬
‫‪-‬اتصل بي األستاذ عبد الحليم خفاجي‬

‫‪-‬طمنينا ‪ ..‬هيه‪ ..‬ما رأيك في هذا العريس اللقطة؟‬

‫‪-‬سيدي الفاضل هو رجل فاضل وال شك وقد أعجبني منطقه في الكالم ‪ ..‬وأسلوبه في الحديث ‪ ..‬وتمكنه من اللغة‬
‫العربية ‪ ..‬إال أني يا سيدي ‪ ..‬أنت ال تعرف عني أى شئ ‪ ..‬أنا سيدة مطلقة حديثا ‪ ..‬بعد معاناة استمرت سبعا‬
‫وعشرين عاما ‪ ..‬لم أنجح فيها في تغيير األمر الواقع ‪ ..‬أنا مصدومة ‪ ...‬معذبة ‪ ..‬ولوال إيماني باهلل لسقطت ميتة‬
‫من شدة الحسرة ‪ ..‬لقد اضطرت إضطررا إلى اللجوء إلى المحكمة للحصول على الطالق ‪ ..‬وهذا أمر مذاقه علقم‬
‫‪..‬تعذبت ‪ ...‬تعذبت كثيرا فلست أنا التي تدخل زوجها وأبا أوالدها المحكمة ‪ ..‬قلبي وجعني ‪ ..‬نعم لقد حصلت‬
‫على الطالق الذي طالما تمنيته ‪ ..‬ولكني مكلومة ‪..‬مجروحة ‪ ..‬أكاد أقع من شدة الهول ‪.‬‬

‫‪-‬لن ينفعك في هذه الحالة إال الزواج ‪ ..‬والزواج من كمال الحب ‪...‬هو الذي سيعوضك هللا به ‪..‬‬

‫‪-‬سيدي ارحمني ‪ ..‬ارحمني أرجوك ‪ ....،‬ال أحب أن أرفض رجال تقدم إلي ‪..‬ولكني غير قدرة على االرتباط‬
‫بزوج آخر ‪ ..‬ال ولن أستطيع إسعاده ‪ ..‬أو حتي القيام بأبسط الواجبات ‪ ..‬أنا مريضة ‪ ..‬مضطربة ‪ ..‬مهزومة ‪..‬‬

‫‪-‬سنقرأ لك يا سين ‪..‬وهللا يقويك ويعوضك خيرا إن شاء هللا ‪.‬‬

‫من كبر مجرمي اإلخوان‬


‫‪-‬لست على إستعداد أن أحكي للجميع حالي ‪ ..‬وأشكو قضاء هللا للناس ‪ ..‬لذا قررت أال أتكلم ‪ ..‬فأحد من الخلق ال‬
‫يمكن أن يشعر بوجيعتي ‪ ..‬وال مصيبتي ‪.‬‬

‫وبينما أنا أشكو حزني إلى هللا دق جرس التليفون وكان المتحدث إنسانا عزيزا أثق فيه قال ‪:‬‬

‫‪-‬يا حاجة كريمان بلغنا أنك ستتزوجين اللواء كمال عبد الرازق ( معالي الدكتور فالن) يحذرك من هذه الخطوة‬
‫ويبلغك أن كمال عبد الرازق هذا من كبار مجرمي اإلخوان أمضي في سجون عبد الناصر كثر من عشرين‬
‫عاما‪ ..‬يعني مسحوا به سجون مصر !!‬
‫‪-‬استفزني هذا التعبير وقلت له على الفور ‪..‬‬

‫‪-‬هو من كبار مجرمي اإلخوان لذلك اعتقلوه أكثر من عشرين عاما !! فمن المجرم إذن ؟ قل لى باهلل عليك ‪:‬‬
‫الذي اعتقل هذا الشاب وهو في ريعان شبابه لمدة عشرين عاما ولم يخش هللا هو المجرم ؟ أم هذا هو الضحية ؟!‬
‫وهللا لو كنت أنوي الزواج لتزوجت رجال سجن أكثر من عشرين عاما ال لشئ إال ألنه يريد الحكم بما أنزل هللا‬
‫وخفف الصديق نبرة صوته ‪ ..‬وشعر بشدة توتي ‪ ..‬ثم قال منسحبا ‪:‬‬

‫‪-‬ما على إال البالغ ‪ ..‬وأنا وصلت الرسالة فقط ‪ .‬ولكني أخشي إن تزوجت هذا الرجل ‪ ..‬وهو من اإلخوان‬
‫المسلمين أن تفصلي من عملك في التلفزيون أو على األقل ال يسمح لك بالظهور على الشاشة ‪.‬‬

‫‪-‬سيدي إن األرزاق بيد الخالق وطالما نصرت هللا في عملي فحتما سيثبت أقدامي ‪ ..‬ثم إن رسول هللا صلي هللا‬
‫عليه وسلم قال ‪ ( :‬النكاح رق فلينظر أحدكم أين يصنع كريمته ) وإن قدر لى الزواج مرة أخري فسأختار من‬
‫يستحق أن أجثوا على ركبتي وأغسل أقدمه التي طالما غبرها في سبيل هللا ‪.‬‬

‫‪-‬أنت حرة ‪ ..‬أنت حرة‬

‫في صالون أبي ‪ ..‬التحدث بالهمس المقهور‬


‫ال أعرف لماذا غلت الدماء في عروقي ووجدت صدري يعلو ويهبط من شدة الغيظ ‪ ..‬فكلمه ( من كبار مجرمي‬
‫اإلخوان ) جعلتني استرجع أحداثا في طفولتي ‪ ..‬حيث كانت تدور أحاديث كثيرة في صالون أبي رحمه هلل كلما‬
‫أجتمع عنده بعض زمالئه مثل الدكتورة سهير القلماوي وزوجها شوقي ضيف والدكتورة بنت الشاطئ وزوجها‬
‫الدكتور أمين الخولي ‪ ..‬والدكتور طه حسين وزوجته الفرنسية ‪ ..‬والدكتورة لطيفة الزيات وزوجها رشاد رشدي‬
‫وغيرهم ‪ ..‬وغيرهم كانوا يتحدثون عن جماعة اإلخوان المسلمين وكيف كانوا يرغبون في تطبيق القرآن الكريم‬
‫ألنهم يؤمنون بأن شرع هللا يسمو بالمجتمع وينهي الفساد ‪ ..‬ويعم العدل ‪ ..‬لم أكن أعي كلماتهم تماما حي كانت‬
‫هذه األحاديث تدور وأنا في سن صغيرة ما بين الحادية عشرة والثالثة عشرة من العمر كنت أري الجميع يتنهدون‬
‫‪ .‬ويتألمون ‪ ..‬ويتحدثون بصوت خفيض عن دور اإلخوان المسلمين في حرب فلسطين والبطوالت الفريدة التي‬
‫كانوا يقدمونها ثم كيف غدرت بهم حكومة النقراشي باشا الذي كان يوالي النجليز ‪ ..‬ثم عندما أحتاج عبد الناصر‬
‫لهم للمساعدة في قيام الثورة تعاونوا معه ثم غدر بهم بعد ذلك ‪ ..‬وأشياء من هذا القبيل كنت أفهم بعضها لكثرة‬
‫تكرار الكلمات والمعاني ويصعب على فهم البعض آلخر ‪ ..‬وكان يقطن أمام منزلنا في مصر الجديدة ( فيفي هانم‬
‫الخادم )‬

‫زوجة ( صالح أبو رقيق )من كبار مجرمي اإلخوان ! وكنت ألعب مع بناته خديجة وعائشة ‪ ..‬وأسمع أمي تتحدث‬
‫عن القبض على أبيهم وإلقائه في السجن ألنه ‪ ...‬يريد اإلسالم !! وكان يقطن خلفنا في شارع ( قنا ) األستاذ (‬
‫مأمون الهضيبي ) وهو أيضا ( من كبار مجرمي اإلخوان ) وكان بيني وبين ابنته إشارات وكلمات ‪..‬‬

‫وكنت أري أمي تبكي متأثرة ألن الهضيبي اعتقلوه‪..‬وكنت ال أفهم كلمة اعتقلوه وأسأل أمي فتقول لى بأسي ‪:‬‬

‫‪-‬سجنوه ‪ ...‬أصله عايز الحكم بالقرآن وعايز يطبق اإلسالم !!‬

‫‪-‬ولماذا يريد الحكم بالقرآن يا أمي؟‬

‫‪-‬عشان الناس تدخل الجنة لما تسمع كالم ربنا‬

‫وكنت أسمع بعض أساتذة الجامعة وكبار الصحفيين وهم يتناقلون أخبار المجاهدة ( زينب الغزالي ‪ ) ..‬وألوان‬
‫العذاب التي تصب عليها وكان أبي يعلق دائما قائال ‪ (:‬عمالقة زينب الغزالي هذه عمالقة ) وكنت ال أفهم كلمة‬
‫عمالقة فيشرح لى أحد الضيوف ‪ ..‬هذه سيدة قوية اإليمان ‪ ..‬ربنا معاها ‪ ..‬ينصرها إن شاء هللا ‪.‬‬

‫وكنت سمع بعض الضيوف يردد أن كل عضو في هذه الجماعة يلقي القبض عليه هو وزوجته وأقاربه ومعارفه‬
‫وخدمه وجيرانه !!‬
‫الكل كان يتحدث بالهمس المقهور ‪ ..‬وأنا أجلس وسطهم ال يشعرون أن هذا الكالم يعذبني وأني عندما أوي إلى‬
‫فراشي استرجع شريط هذه الكلمات والعبارات واإلشارات ‪ ..‬حتى يغالبني النوم ‪..‬‬

‫لم يكن والدي من اإلخوان المسلمين ‪ ..‬ولم يكن لى أقارب ينتمون إلى هذه الجماعة‪ ..‬وبالطبع فلست منهم إال أني‬
‫أعتصر اعتصار لهذه األحداث المؤلمة ‪ ..‬وأعيش مأساة أطفال أمامي وأطفال من خلفي قد عمهم الغم واآلسي‬
‫وفقدوا األمن واألمان حين اعتقلوا آباءهم ‪.‬‬

‫الرؤيا‬
‫انهالت على المكالمات التليفونية ترشح اللواء كمال عبد الرازق للزواج مني ‪ .‬أحاول ن أصلي صالة االستخارة‬
‫ولكني كلما هممت ألصلي خارت قواي وسقطت على األرض واستسلمت لنوم عجيب أشبه بالموت‬

‫اتصل بي اللواء كمال عبد الرازق‬


‫‪-‬السالم عليكن ورحمة هللا وبركاته‬

‫‪-‬وعليكم السالم ورحمة هللا وبركاته‬

‫‪-‬كيف حال األستاذة؟‬

‫‪-‬الحمد هلل ‪ ..‬وهلل تعبانة ‪ ..‬تعبانة شوية و شويتين ‪..‬‬

‫‪-‬أصل حضرتك ال تعرف عني شيئا أنا غير الصورة التي تراها في التلفزيون ‪ ..‬أنا عكس الصورة تماما ‪ ..‬أنا‬
‫واقعة على األرض ‪.‬لو تعرف حالي ألشفقت على أصل أنا كنت ‪..‬‬

‫‪-‬ال أريد أن أعرف شيئا عن ماضيك وال عذاباتك ‪ ..‬نريد ن نبدأ من جديد ‪ ..‬واألمر متروك لك ‪ ..‬والسالم عليكم‬
‫ورحمة هللا وبركاته ‪..‬‬

‫‪-‬وفي المساء بعد أن صليت العشاء حاولت صالة ركعتي االستخارة ووقفت على سجادة الصالة ونويت الصالة ‪.‬‬

‫‪-‬صليت الركعة األولي ثم غلبني النوم بشدة فنمت علي سجادة الصالة فرأيت فيما يري النائم كأني ساقطة على‬
‫األرض أبكي ثم ظهر أمامي سرير بسيط ولكنه شديد الطهر والنظافة لم ينم عليه أحد من قبل وسمعت صوتا يسر‬
‫إلى قائال ‪:‬‬

‫اصعدي على هذا الفراش وسوف تستريحين وأفقت من غفوتي ‪ ..‬وحاولت الذهاب إلى دورة المياه ألجدد‬
‫وضوئي ثم أعاود المحاولة ‪ ..‬ولكني شعرت باإلعياء فتيممت لشدة إجهادي ‪.‬‬

‫وحاولت الوقوف مرة أخري لصالة االستخارة ‪..‬وصليت الركعة ثم سجدت فإذ بالنوم يغالبني ‪..‬ورأيت الرؤيا مرة‬
‫أخري السرير نفسه وعليه مالءة بيضاء جديدة ومخدة نظيفة طاهرة نقية وتكرر نفس الصوت بنفس العبارات ‪..‬‬
‫استيقظت من غفوتي ودلفت إلى الحمام وجددت وضوئي ونجحت في هذه المرة من صالة ركعتين بالتمام‬
‫والكمال ثم سقطت نائمة فإذا بالرؤيا تتكرر للمرة الثالثة بوضوح كامل حتى أني عندما أفقت لكأن السرير البسيط‬
‫ال زال منصوبا أمام سجدة الصالة ‪..‬‬

‫فهمت معني الرؤيا بالطبع ‪ ..‬ألن الفراش هو الزوج وال شك أن طهارة الفراش تدل على طهارة هذا الرجل ‪ ..‬ثم‬
‫انتقلت إلى فراشي على األرض وذهبت في نوم عميق واستيقظت على رؤيا جميلة حيث امتأل مطبخي بكميات‬
‫كبيرة من النعناع األخضر والملوخية الخضراء ‪..‬‬

‫الشيخ أحمد فرحات ‪ ..‬والمعجزة‬


‫قررت استشارة الصالحين بعد أن استخرت رب العالمين إذعانا للحديث الشريف الذي قاله سيد الخلق صلي هللا‬
‫عليه وسلم ( ال خاب من استخار وال ندم من استشار ) رواه الطبراني ‪.‬‬

‫توجهت إلى منطقة سيدنا الحسين حيث يقطن الشيخ أحمد فرحات أحد كبار أئمة مسجد سيدنا الحسين رضوان هللا‬
‫عليه والمشهور بدروسه الدينية للسيدات وخطبه المفعمة باإليمان ودعائه المتميز في قنوت الفجر الذي ال ينسي‬
‫قط الدعاء للمظلومين والمضطهدين والمكروبين والمرضي والمديونين والمجاهدين في سبيل هللا في كل مكان‬
‫والطلبة واألبناء ‪ ...‬الخ ‪.‬‬

‫جلست مع الشيخ فرحات حيث مشاعر السكينة والحب في هللا تغمر المكان والزمان ورويت له حالي وأحوالي‬
‫ورغبة الشيخ متولي الشعراوي ‪..‬والحاج عبد العظيم لقمة ومجموعة اإلخوان في السعودية ‪ ..‬والكويت ‪ ..‬وألمانيا‬
‫بالزواج من رجل يرشحونه لى اسمه اللواء كمال عبد الرازق ‪ ..‬ثم قصصت عليه رؤياى فبشرني بالخير ‪ ..‬ثم‬
‫طلب مني أمرا غريبا عجيبا ‪ ..‬ال يخضع للعقل المجرد ‪...‬وال للقياس العلمي ولكني نفذته فورا وبحذافيره قل لي‬
‫بهدوء ‪:‬‬

‫يا حجة كريمان اذهبي إلى مسجد سيدنا الحسين وال تدخلي المسجد ألنه يجدد فنيا ومعماريا ‪ ..‬ولكنك ستواجهين‬
‫قبل مدخل السيدات بدكان يجلس فيه لحام يتطاير الشرر من حوله ال تكلمي اللحام ‪ ..‬ولكن انظري فوق رأسه‬
‫ستجدين حفرة صغيرة مثل ( الخرم) انظري إلى هذا الثقب وابدئي في قراءة الصمدية واستمري في القراءة إلى‬
‫ما شاء هللا ‪ ..‬فإن خرج من الثقب رائحة البخور فتزوجي الرجل على بركة هللا ‪ ..‬وإن لم تظهر الرائحة وتفوح‬
‫فإياك أن تتزوجيه ‪ ..‬سلمت عليه وقبلت يده وانصرفت وخلفي ابنه البكر ياسر فرحات وأسرعنا سويا إلى مسجد‬
‫سيدنا الحسين وظننت أني سأمكث طويال أبحث عن ثقب في الحائط بل لعلي أبيت الليل أمامه أقرأ الصمدية ‪..‬‬
‫ولكن بمجرد وصولي إلى الدكان الموجود في حائط المسجد بجوار باب النساء وقع بصري على اللحام الذي لم‬
‫ينتبه لحضورنا وانغمس في عمله ثم رأيت الثقب وتوجهت ببصري إليه ونويت القراءة إلى ما شاء هللا ‪ ..‬وما إن‬
‫قرأت الصمدية ثالث مرات حتى خرج ريح شديد معطر بالبخور والمسك كاد لشدته أن يدفعني إلى الوراء التفت‬
‫إلى االبن ياسر وقلت له ‪:‬‬

‫‪-‬هل تشم الرائحة ؟‬

‫‪-‬ال‪ ...‬ال شم شيئا‬

‫‪-‬عدت مسرعة إلى الشيخ فرحات كي أخبره بما حدث وكلي عجب واندهاش ‪ ..‬وإن كنت ال أفهم لهذه الظاهرة‬
‫تعليال عقليا أو منطقيا أو حتى دينيا حتى كتابة هذه السطور ‪ ...‬وهلل في خلقه شئون ‪.‬‬

‫‪-‬أريد الزواج في الكعبة‬

‫في اليوم التالي اتصل بي اللواء كمال عبد الرازق‬

‫‪-‬السالم عليكن ورحمة هللا وبركاته‬

‫‪-‬وعليكم السالم والرحمة والبركات ‪ ..‬ثم قلت له على الفور‬

‫‪-‬سيدي الفاضل ال مانع عندي من الزواج بكم فلقد استخرت هللا واستشرت الصالحين ‪ ..‬وكفي‬

‫‪-‬إذن أحضر إليك اليوم ليتعرف بعضنا على بعد أكثر وأكثر حتى تطمئني ‪..‬‬

‫‪-‬سيدي أني مطمئنة ‪ ..‬ولكني مريضة ‪ ..‬ومتعبة وال طاقة لى بالتعرف أرجو ن تسرع في مدي عشرة أيام من‬
‫حجز تذاكر لنسافر معا إلى السعودية ومع خالي المهندس بهاء الدين شاكر شكري وذلك لرغبتي في عقد القرآن‬
‫في الكعبة المشرفة لعلي أهدئ وأستريح ‪ .‬واشفي ‪.‬‬

‫‪-‬عظيم ‪ ...‬عظيم ‪ ..‬هذه نفس رغبتي ‪ .‬ولكنا لم نتعرف علي بعض كما ينبغي ‪ ..‬كما أني أريد أن أعرف طلباتك‬
‫كعروس ‪..‬‬
‫‪-‬قلت له بأسلوب قاطع ‪..‬كمال بك لى شرط واحد ‪ ..‬ال تدفع لى مهرا وال شبكة ‪ ..‬وال أية هدايا ‪..‬ال شئ البته ‪..‬‬
‫فإن استرحت في عشرتك فافعل ما ال يجهدك من هذه األمور التي ال تهمني في كثير أو قليل ولكن إن تعبت معك‬
‫فسأطلب الطالق فطلقني فورا دون عنت أو لجوء إلى الحاكم ‪ ..‬هذا هو شرطي الوحيد ‪..‬‬

‫‪-‬يا أستاذة ‪ ..‬إن من حقك شرعا أن تتقاضي مهرا يليق بمكانتك المعروفة وعلى واجب شرعي نحوك هو المهر‬
‫ومؤخر الصداق ‪ ..‬نتفق عليه وال نخالف شرع هللا ‪..‬‬

‫‪-‬كمال بك أرجوك حقق ما أقوله هذا شرطي الوحيد‬

‫الشيخ سيد سابق‬


‫اتصلت بالشيخ سيد سابق في مكة المكرمة وأخبرته عن موعد قدومي إلى المملكة ورغبتي في ن يتولي بنفسه‬
‫عقد قراني في الحرم المكي ‪ ..‬ورحب العالم الجليل – رحمه هلل رحمة واسعة وراح يجهز كافة اإلجراءات ‪.‬‬

‫خالي المهندس بهاء شاكر شكري‬


‫اتصلت بخالي المهندس بهاء‬

‫‪-‬خالي أريدك معي في الكعبة المشرفة حيث سيعقد قراني على رجل يدعي اللواء كمال عبد الرازق ‪ ..‬وهو على‬
‫فكرة من كبار اإلخوان المسلمين ‪ ..‬شهد له أكثر من شخص بالصالح والتقوى ‪ .. -‬هل هو غني ؟‬

‫‪-‬ال يا خالي ‪ ..‬هو موظف يعمل مديرا لألمن في شركة المقاولون العرب‬

‫‪-‬ولماذا ال تأخذي رجال غنيا يسعدك؟‬

‫‪-‬يا خالي السعادة ليست بالغني ‪ ..‬والمهم شخصية اإلنسان الذي ساعاشره ‪ ..‬ثم رحت أحدثه عما قاله لى البعض‬

‫‪-‬وفي نهاية الحديث قال لي ‪:‬‬

‫‪-‬يعني رجل فقير !! وكبير في السن !! وكمان من اإلخوان المسلمين !! يعني الدولة تتربص به بالليل والنهار ‪..‬‬
‫وال حاجة لنا به ‪..‬‬

‫‪-‬يا خالي أنا عملت استخارة وجاءت كفلق الصبح ‪..‬‬

‫‪-‬صبح ‪ ....‬صبح إيه ؟ ده أنت زي البدر وتجوزي باشا من الباشوات ‪ ..‬هو أنت موش شاعرة بقيمة نفسك وال إيه‬
‫؟‬

‫‪-‬خالي ‪ ..‬الشيخ الشعراوي كلمني في التليفون من الطائرة وقال لى تزوجيه على بركة هللا ‪...‬‬

‫‪-‬آه ‪ ..‬طيب ما دام بقي الشيخ الشعراوي قال ليس لنا من األمر شئ ‪.‬ز لكل هل تعرفت عليه وعلى أصله وفصله‬
‫؟؟‬

‫‪-‬يا خالي قلت لك عملت استخارة وسألت الصالحين‬

‫‪-‬طيب ما دام فيها استخارة وسؤال الصالحين ورغبة الشيخ الشعراوي ‪ ..‬يبقي العوض على هللا ‪ ..‬أنا تحت أمرك‬
‫حددي موعد السفر وربنا يسترها علينا جميعا ‪..‬‬

‫تزوجت مجرما‬
‫كيف لم ألحظ حتى هذا الوقت أن الشاب األسمر النحيل الذي كانت صوره ترافقني خالل قراءة كتاب( عندما‬
‫غابت الشمس ) هو اللواء كمال عبد الرازق نفسه ‪ ..‬إذن فقد ساق هللا إلى كافة المعلومات عنه من قبل أن ألقاه‬
‫عرفت كيف أمضي أكثر من عشرين عاما في سجون عبد الناصر ‪ ..‬ومن هم رفقاؤه وأساتذته وما هي مبادئه ‪..‬‬
‫ابتسمت وحمدت هللا تعالي وأصبحت في غير حجة للمزيد من المعلومات ‪..‬‬

‫الخجل يعتصرني‬
‫أعرب لى اللواء كمال عبد الرازق عن رغبته في عمل حفل زفاف خصوصا وأنه لم يتزوج من قبل ولكم تمنت‬
‫أسرته وأصدقاؤه أن يفرحوا به ولكني شعرت بمنتهي الخجل إذ كيف أجلس في ( كوشة ) أو أزف ‪ ..‬وأنا في‬
‫الثانية واألربعين من عمري ‪ ..‬مطلقة ولي ولدان متزوجان وابنة متزوجة ‪ ..‬يا للخجل والكسوف رفضت رفضا‬
‫قاطعا ‪..‬‬

‫ووافقت قبل سفري بيومين وتحت إلحاحه الشديد على حفل خطوبة في أضيق الحدود في بيت أختي جيالن حمزة‬
‫وكاد الحفل أن ينقلب إلى فرح حضره األحباب من العائلتين وراحت أختى جيالن وابنها محي الخادم يزينون‬
‫البيت بالزهور ويعدون الوليمة كنت في شدة الخجل حيث احمر وجهي وأنا أشرب الشربات ويلبسني كمال بك‬
‫قالدة وأسورة بعثوا بها له من البحرين ‪ ..‬ودبلة في إصبعي ‪ ..‬ودبلة في إصبعه ‪ ..‬ولم يشعر بحالتي ويقدر حرجي‬
‫ى وتربت على كتفي وتحتضنني‬ ‫الشديد إال ابنتي داليا الحظت شدة احمرار وجهي واضطرابي ‪ ..‬فأخذت تهون عل ّ‬
‫‪...‬‬

‫شهر العسل في األراضي الحجازية‬


‫عقد قرني في الحرم الشريف على يد الشيخ سيد سابق فقيه الفقهاء وصاحب الكتاب الفريد ( فقه السنة )ومن‬
‫عجيب األمر أن صديقتي الحبيبة ( عفت البليدي) حضرت من مصر خصيصا لحضور عقد القران رحمها هللا‬
‫رحمة واسعة كما حضر مجموعة من الصالحين أذكر منهم ألستاذ محمد الصاغ صاحب كتاب ( حقيقة التنظيم‬
‫ودوره في دعوة إلخوان المسلمين ) كما حضر من مصر الدكتور سيد الجيار زوج أخت كمال بك ومعه ابنته‬
‫حنان )‬

‫أقمت في المملكة شهرا كامال ‪ ..‬عشرون يوما في مكة المكرمة في مبني المقاولون العرب وعشرة أيام في المدينة‬
‫المنورة في المبني الخاص بشركة المقولون العرب أيضا ‪ ..‬حيث كنا وحدنا ال يوجد في المبنيين حجاج وال‬
‫معتمرين فلم نكن في موسم الحج والعمرة ‪ ..‬وقد أكرم القائمون على المبنيين وفادتنا كرما شديدا ‪.‬‬

‫وهناك بدأت تعرف على هذا الزوج وأراقبه ‪ ..‬كنت له هيبة في نفسي ‪ ..‬ربما لكبر سنه ‪ ..‬أو لتاريخه الحافل‬
‫بالجهاد ‪ ...‬أو لتصرفاته وأفعاله وأقواله التي تدل على فطرة نقية وقلب كبير كان رحمه هللا إذا نصب قامته هلل في‬
‫الصالة شعرت كأن هللا قد نصب له وجهه ‪ ..‬وإذا صليت خلفه تذوقت حالوة الصلة باهلل يقرأ القرآن قراءة سليمة‬
‫خاشعة ‪ ..‬أمتع عيني برجولة فذة مع تواضع جميل ‪ ..‬وأدركت تماما أنه لم يمس امرأة قبلي وهذا تأويل رؤيا من‬
‫قبل حيث كان الفراش طاهرا لم يصعد عليه أحد من قبل ( لم يسبق له الزواج )‬

‫سألتني الصديقة العزيزة الكاتبة الصحفية صافيناز كاظم في جلسة ودية نسائية‬

‫‪-‬هل يدللك كمال بك ؟‬

‫‪-‬نعم ‪ ...‬دائم‬

‫‪-‬وماذا يقول لك؟‬

‫‪-‬يقول لى ( يا شوق السنين )‬

‫‪-‬ابتسمت الصديقة وقالت لى فقط ؟ !‬


‫‪-‬قلت لها يقول لى أحيانا‬

‫( ‪-‬قتل الورد نفسه على وجنتيك )‬

‫‪-‬وضحكنا معا ‪ ..‬لدماثة الكلمات ‪..‬‬

‫ال حياء في الدين‬


‫تعلمت من هذا الزوج بركة العفة ‪ ..‬وكيف أن هللا يحفظ لإلنسان جميع قواه البدنية والعقلية في الكبر إذا هو اتقي‬
‫هللا في الصغر ‪ ..‬كنت أقرأ عن العالقة الزوجية في اإلسالم وأتعجب أو ال أتصور ‪ ..‬ولكني رأيت هذا المالك‬
‫الذي تزوجته يتوضأ قبل الجماع ‪ ..‬ويكون حنونا مقبال ‪ ..‬واعيا وحييا ومستترا في نفس الوقت كان يذكرني بما‬
‫كان يفعله النبي ( صلي هللا عليه وسلم ) حيث كان ال يري منها ( أى عائشة ) وال تري منه وكن يسمي هللا ويقول‬
‫( اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني ) كنت أشعر كأن الشيطان ال يجرؤ ن يكون معنا بأى حال من‬
‫األحوال ‪ ..‬لم يكن رحمه هللا فحاشا ‪ ..‬وال فجرا ‪ ..‬وال مخمور ‪ ...‬وال مسطوال ‪ ..‬ثم كانت الصالة هي بداية اللقاء‬
‫ونهايته وكنت أراه يرفع يداه لرب العالمين شاكرا حامدا ولم يتغير حاله حتى لقي ربه‬

‫لماذا أذكر هذا ؟‬


‫الذي جعلني أذكر هذه األحداث الخاصة أسفي على حال المسلمين اليوم حيث يزفون أبناءهم وسط صخب‬
‫الراقصات العاريات ثم يهدون العريس إما زجاجة خمر أو قطعة حشيش حتى تكون الليلة ليلة العمر !!‬

‫أى أنهم يغضبون هللا ويبارزونه بالمعاصي منذ اللحظات األولي في حياة يتمنون فيها على هللا أن تكون سعيدة‬
‫مباركة وهم ال يدرون أن هللا قد رفع يده عنها وتركهما للشيطان وحزبه ‪ ..‬كما أن هذا اللقاء بين العروسين ال ولن‬
‫يحقق أى لذة و بركة ولن يتمه هللا ولن يثمر ثمرا طيبا مباركا ‪ ..‬اللهم إال الوهم والتوهم ‪.‬‬

‫رحت أراقب هذا الزوج الذي وصفوه بأنه من كبار مجرمي اإلخوان وكلي إجالل ‪ ..‬يرسب في نفسي كل يوم‬
‫مزيد من التقدير واإلعجاب ‪ ..‬وسأذكر بعض مواقف وأترك للقارئ الكريم أن يقوم هذا اللون من الرجال ‪.‬‬

‫لم يحدثني عن أيام السجون‬


‫عجيب أمر كمال بك هذا !! كنت ملهوفة على معرفة ما هي جماعة اإلخوان المسلمين التي تتربص بها‬
‫المخابرات األمريكية واإلسرائيلية ‪ ...‬والمخابرات المصرية !!‬

‫كلي شوق لمعرفة حقيقة هذا الخوف والتوجس والقلق والكراهية الدفينة والمتوارثة أكثر من خمسين عاما ‪ ..‬لقد‬
‫ظل اإلخوان المسلمون مطاردين يتعرضون ألقسي ألوان التعذيب التي فاقت ما فعله نيرون في مسيحي روما وما‬
‫فعله الطغاة في أصحاب األخدود الذين آمنوا بعيسي عليه السالم فألقوهم في النار ‪ ..‬ولكننا لم نسمع في التاريخ أن‬
‫عداء وتربصا قد امتد أكثر من أربعة عهود من عصر ( الملك فاروق ) فمنذ أيام الشهيد حسن البنا مؤسس جماعة‬
‫اإلخوان المسلمين الذي أعرف عنه على حد معلوماتي الضئيلة أنه كان مدرسا للغة العربية مفوها وقديرا ومتمكن‬
‫من فهو مقاصد الشريعة وأحكام الفقه وقراءة القرآن والسنة وملما بالتاريخ اإلسالمي واعيا باألحداث العالمية‬
‫والسياسية واالقتصادية ‪ ..‬لذا ترك في نفسي كل من أستمع إليه آثارا لم تمحها سجون عبد الناصر وال زبانية‬
‫السلطة الذين لم يتورعوا عن قتل الذين يأمرون بالقسط منهم ‪ ..‬فلقد اغتالوا حسن البنا مرشد اإلخوان ‪..‬وأعدموا (‬
‫سيد قطب ) وهو من كبار علماء مصر الذي كان يجب الحفاظ عليه للفتوحات الربانية التي كان رب العالمين‬
‫يفتحها عليه ‪ ..‬وأعدموا عبد القادر عودة مؤلف التشريع الجنائي اإلسالمي وأعدموا الشهيد محمد فرغلي الذي‬
‫أبلي بالء حسنا في حرب فلسطين ‪ ..‬و‪...‬و‪ ...‬الخ‬

‫رغم أن هللا تعالي يقول ( إن الذين يكفرون بآيات هللا ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من‬
‫الناس فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا وآلخرة ومالهم من ناصرين ) آل عمران ‪- 21‬‬
‫‪22‬‬
‫وفي عهد فرعون عندما قال ‪ ( .‬ذروني أقتل موسي ) ( وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجال‬
‫ن يقول ربي هللا وقد جاءكم بالبيانات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم‬
‫إن هللا ال يهدي من هو مسرف كذاب ) غافر ‪. 28‬‬

‫ألم يكن في هذا الوقت ‪ ...‬أو في هذه األيام التي نعيشها رجل واحد مثل هذا الرجل المؤمن ؟ يقول لهم ال تسرفوا‬
‫في سوء الظن ‪ ..‬والشك ‪...‬والتربص ‪ ..‬والتعذيب ‪ ..‬والتنكيل ‪ ...‬والقتل ‪ ..‬ألن هللا تعالي يقول ‪:‬‬

‫(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب هلل عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيم ) النساء ‪39‬‬

‫كلي لهفة وشوق لمعرفة هذه القصص التي يتناقلها الناس خلسة وهمسا ‪ ..‬وكأنهم يسرقون ولكن كمال بك لم‬
‫يحدثني قط عنهم ‪ ..‬ولم يحك لى شيئا عن حياته داخل معتقالت عبد الناصر ‪ ..‬وال عن أساتذته ‪ ..‬وال عن زمالئه‬
‫‪ ..‬كان كلما سألته وألححت عليه سرح بعيد وقال بصوت مبلوع ‪:‬‬

‫‪-‬احتسب كل هذا عند هللا ‪ ...‬الحكم العدل‬

‫‪-‬ولكني أريد أن أعرف من شاهد عيان ‪ ..‬ومن مصدر موثوق‬

‫‪-‬ال تشغلي نفسك بهذه األمور التي أودعناها عند هللا الذي ال تضيع عنده الودائع‪ ...‬انشغلي بإعداد حلقاتك إعدادا‬
‫جيدا وكفي ‪ ..‬ثم يترك المكان وينصرف !!‬

‫‪-‬لكم حاولت ‪ ..‬ولكم رجاني أن أجتهد فيما كلفني به رب العالمين ‪ ..‬حتى قرأت في أحد األيام خبرا في الصفحة‬
‫األولي ( القبض على مجموعة من اإلخوان المسلمين بتهمة االجتماع سرا )‬

‫‪-‬فاندفعت إله أحفزه وأثيره ‪ ..‬حتى يحكي لى شيئا ولكنه قال لى بالحرف الواحد ‪:‬‬

‫‪-‬أنت موظفة في الحكومة ‪ ..‬وعليك أن تكوني موظفة مثالية ‪ ..‬ال دخل لك بالقضايا الشائكة التي لن تجر عليك إال‬
‫المتاعب ‪ .‬ركزي في مهمة الدعوة إلى هللا من خالل ما أتاحه هللا لك وكفي ‪.‬‬

‫‪-‬قلت ثائرة‬

‫‪-‬كمال بك ‪ ...‬أنت ال تثق في ‪ ..‬مثلك مثل بقية اإلخوان المسلمين فلطالما شعرت بتوجسهم وحذرهم من شخصي‬
‫البسيط وعندما كنت أتحدث مع الزميل جابر رزق الصحفي بمجلة اإلذاعة والتلفزيون وهو إخواني وهذا شئ‬
‫معروف أري وجه وقد تغير ‪ ..‬ويكف عن الحديث ‪ ..‬وربما انسحب من المكان ‪ ..‬حتى األستاذة زينب الغزالي‬
‫كلما ذهبت إليها ألدير لها ندواتها في بيتها بمصر الجديد أشعر أنها في شدة الحذر مني ‪ ..‬أنا أعرف أن جميع‬
‫اإلخوان يخافون مني ألني محسوبة على الدولة ‪ ..‬الدولة التي تتربص هم وتحجمهم وتحاربهم لتنفرد فبالسلطة ‪..‬‬
‫أنا أعرف كل شئ ‪ ..‬ثم إني لست في حاجة كي تقص على قصة حياتك‪ ..‬فلقد قرت كتبا كثيرة ‪ ..‬كما أني اعرف‬
‫كل صغيرة وكبيرة في مشوار حياتك ‪ ..‬يوما بيوم ‪ ..‬وسجنا بسجن فلقد قرأت كتاب ( عندما غابت الشمس )‬
‫لألستاذ عبد الحليم خفاجي ‪ ..‬واعرف حياتك أكثر منك ‪..‬‬

‫قام يربت علي كتفي كأني طفلة صغيرة‪ ...‬وأحضر كوبا من الماء البارد ورح ينثره على وجهي وهو يعتذر لى‬
‫ويهمس اتركيها هلل ‪ ..‬اتركيها هلل ‪ ..‬وعندما هم باالنصراف أوقفته وقلت له محتدة ‪ .‬كمال بك يخاف المسئولون في‬
‫التلفزيون مني خوفا دفينا !! ألني محسوبة على التيار اإلسالمي في نظرهم ‪ ..‬ويخاف اإلخوان المسلمون مني‬
‫ألني محسوبة على الدولة موظفة وأظهر على الشاشة وال يظهر على شاشة تلفزيون مصر إال المحاسيب لقد‬
‫ضقت ذرعا بكما ‪ ..‬أنا لست تابعة للحكومة وال تابعة لإلخوان ‪ ..‬أنا تابعة هلل رب العالمين وكفي ‪..‬‬

‫ثم تركت أنا المكان ‪ ..‬ألبكي في مكان آخر ال يراني فيه أحد‬

‫أغنيتان فقط‬
‫في يوم من األيام سمعت كمال بك يدندن مع أغنية عبد الوهاب يقول ( أخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد‬
‫وحق الفداء ) سعدت كثيرا ألنه يدندن مع األغنية وعندما انتهت قال لي بمنتهي الوجد ‪.‬‬

‫هل تعرفين كم كان أثر هذه األغنية علينا ونحن في سجون مصر ؟؟ لقد كنا نعتبرها إرسال من الشعب المصري‬
‫لنا ‪ ...‬ثم ابتسم وأضاف كنا كذلك نطرب لسماع أغنية لشفيق جالل تقول كلماتها ( يا عم يا بنا اعمل لنا مونة‬
‫بالصبر معجونة) كنا نعتبرها رسالة مواساة من اإلذاعة المصرية !!‬

‫هاتان ألغنيتان هما القصة الوحيدة التي حكي لى عنها كمال بك رحمه هللا ‪.‬‬

‫في الطريق العام‬


‫عجيب كمال بك هذا في كل تصرفاته ‪ ..‬فعندما نكون في الطريق العام يتفاعل ويتأثر مع جميع المواقف التي‬
‫تواجهنا فأى إنسان يسير في الطريق غالبا ما يستوقف بصره ‪ ..‬عربة حديثة فارهة ‪ ..‬أو شابة هيفاء حسناء تتمايل‬
‫كغصن البان أو شعر أصف ذهبي يتطاير في الهواء ‪ ..‬أو بنطلون ( سترتش) يبدي أكثر مما يخفي ‪ ..‬أو عمرة‬
‫جديدة في ألوانها وتصميمها ‪ ..‬إلى آخر مظاهر الدنيا الفاقعة ‪ ..‬ولكن كمال بك رحمه هللا كان ال يتوقف بصره إال‬
‫على عجوز يحاول عبور الطريق فيعينه ‪ ..‬و معوق يتحسس بوجل مواضع أقدامه وسط الزحام‪. ، .‬فيساعده أو‬
‫امرأة مجهدة ترتدي جالبية متهالكة وشبشب بالستيك ال يخفي كعبين مشققين ‪ ..‬تحمل في يده الخشنة الممتلئة‬
‫بالعروق البارزة كيسا من النايلون خاليا و ممتلئا ‪ ..‬أراه فجأة يضغط على فرامل السيارة بشدة ‪ ..‬ويقترب من هذه‬
‫المرأة المسكينة ويدس في يدها مبلغا من المال ثم ينطلق بسيارته ‪..‬‬

‫أقول له ‪ :‬كيف تكتشف هؤالء الناس وسط قتال العربات ؟ !‬

‫فيقول لى أبحث عنهم بقلبي وأحس بهم ‪ ..‬وأتمنى مساعدتهم وال أطيق صبرا‬

‫ولقد وصل من شدة إيجابيته أنه كان إذا توقف المرور وتعطلت الحركة ‪ ..‬نزل برشاقة وخفة وراح ينظم المرور‬
‫وسط الشارع مع عسكري المرور ويبذل جهدا كبيرا حتى يعود الطريق إلى سريانه !! كنت أخاف عليه وأبادره‬
‫بسؤال ‪:‬‬

‫هل أنت ضابط مرور ‪ ..‬لماذا ال تترك األمر للعسكري المسئول وتكتفي بوضع يدك على كالكس السيارة كما‬
‫يفعل اآلخرون ؟‬

‫‪-‬هذا عسكري غلبان ‪ ..‬والحمل فوق طاقته ‪ ..‬وهو يا أستاذة لم يتناول وجبة غذائية كاملة العناصر وال نوعا من‬
‫األقراص المقويات والفيتامينات المستوردة ‪ ..‬ثم نضحك سويا ألنه يقصدني بهذه العبارات ‪.‬‬

‫وفي احدي المرات كان يوصلني إلى التليفزيون وكان الزحام شديدا في ماسبيروا ‪ ..‬وفجأة ظهر شاب في الثامنة‬
‫عشر يقود دراجة وعلى رأسه لوح خشبي يعلوه عدد كبير من أرغفة الخبز الشامي وكان يحاول المرور بين‬
‫السيارات فمالت الدراجة ناحية العربة التي كانت أمامنا واصطدم بها وسقطت أرغفة الخبز على األرض ‪ ...‬فإذا‬
‫بسائق السيارة ينزل منها ويمسك بتالبيب الفتي الغلبان ويكيل له الشتائم ‪ ..‬ووقف المرور كله يشاهد هذا المشهد‬
‫وال يتحرك أحد ‪ ..‬فإذا بكمال بك ينزل من السيارة ويجمع أرغفة العيش المنثورة في الطريق بين العربات‬
‫وينفضها ليسقط عنها غبار الطريق ثم يضعها على اللوح ويضع اللوح على رأس الصبي المذهول مما أصابه من‬
‫خسائر ال يعلم مداها إال هللا ! ثم أخرج كمال بك من جيبه ورقة بعشرة جنيهات ‪ ..‬ووضعها أمام وجه الصبي‬
‫ليراها فيهدأ ثم وضعها في جيبه وقال له ‪:‬‬

‫انصرف ي بني ‪ ..‬وانتبه بعد ذلك لنفسك والطريق ‪ ..‬ثم نظر إلى صاحب العربية وقال له مبتسما ‪:‬‬

‫‪-‬أخوك لواء شرطة كمال عبد الرازق ‪ ..‬ثم صمت برهة وقال له ‪:‬‬

‫‪-‬ارحموا من في األرض يرحمكم من في السماء ‪ ..‬ثم انصرف وركب سيارته وبدأ الطريق يتحرك ‪..‬‬
‫‪-‬أى إيجابية حميدة ‪ ...‬وأى إحساس بالمسئولية ‪..‬وأى إسالم هذا ‪ ..‬وأى جرم يرتكبونه حين يصفونه بكبير‬
‫مجرمي اإلخوان ؟ !!‬

‫أموال شركة عثمان أحمد عثمان‬


‫بعد أن تزوجت كمال بك بعد شهور خرج إلى المعاش وفارق شركة المقاولين العرب ‪ ..‬أى أن العالقة الوظيفية‬
‫قد انتهت ‪.‬‬

‫وكان رحمه هللا من هواة حضور حفالت الموسيقي العربية بالهرم ‪ ..‬نذهب سويا ونستمع إلى الحفل من أوله إلى‬
‫أخره ‪..‬‬

‫وكان كمال بك يصافح بمنتهي المودة جميع العاملين في المسرح ؟‬

‫فهم يعرفونه جيدا ألنه زبون دائم يجلس في الصف األول ومعه مسجل حيث يقوم بتسجيل الحفل كله لنستمع إلى‬
‫هذا الشريط في طريق العودة من الهرم إلى مصر ‪..‬‬

‫وفي احدي الليالي الحظ كمال بك عند خروجه من المسرح مشروع مبني جديد تقوم به شركة المقاولون العرب‬
‫وكانت األسياخ الحديدية وأكوام الرمل والزلط تتناثر حول هذا المبني فإذا بكمال بك يتجه إلى المبني وينادي على‬
‫الغفير ويصافحه ويأخذ في توجيه كافة األوامر للحفاظ على المؤن وإخفائها داخل المبني ‪ ..‬وتأمين حاجيات‬
‫الشركة ‪ ..‬سألته مندهشة ‪.‬‬

‫‪-‬ألم تترك المقاولين العرب ؟ مالك أنت وتأمين المبني واالهتمام بهذه األشياء ؟‬

‫‪-‬هذا مال الشركة ‪ ..‬يعني مال الدولة ‪ ..‬يجب الحفاظ عليه ‪ ..‬ولقد كنت في يوم ما مسئوال عن تأمين هذه الشركة ‪.‬‬

‫‪-‬ولكن تغير الحال وانتهي األمر‬

‫‪-‬ال لم ينته ‪ ..‬هذه شركتي وأنا أحبها‬

‫‪-‬هذا هو الوالء واالنتماء الذي نعجز أن نزرعه في أبنائنا اآلن فآي مجرم هذا يا سادة ؟ !‬

‫الرحمة والرفق يتعانقان‬


‫كان بجوار بيتنا في شارع الحجاز بمصر الجديدة محطة بنزين يقوم عليها مجموعة من الشباب ليال ونهارا ‪ ..‬في‬
‫أيام الشتاء القارس يستيقظ كمال بك قبل الفجر ويعد صينية كبيرة عليها براد شاي وآخر للحليب وبيض مسلوق‬
‫وفول مدمس وجبنة وحالوة طحينية ‪ ..‬يعد كل هذا بنفسه حتى ال يوقظ الخادمة ( نعمة) ثم يقوم بتسخين الخبز‬
‫ويحمل الصينية ويتجه بها إلى محطة البنزين ويقدمها للعاملين بها ‪ ..‬وعندما يري الدهشة في عيناي يقول ببساطة‬

‫أصل البرد قارس ‪ ..‬واألوالد سهرانين ‪ ..‬ثم يتجه إلى المسجد ليصلي الفجر ‪ ..‬وأحيانا يجتمع بالمصلين ويقرءوا‬
‫بعض آيات القرآن الكريم ‪ ..‬ثم يعود بخطي عسكرية سريعة إلى المنزل بهدف التريض ‪ ...‬عندما يحضر إلى‬
‫يقول لي ‪:‬‬

‫تأخرت عليك ‪ ..‬قرآنا جزءا من القرآن الكريم ‪ ..‬ثم يهز رأسه ويتمتم ‪...‬أحاول أال أجعل هذه الدروس يومية ‪..‬‬
‫حتى ال تنزعج السلطات ربنا يهدي ‪ ..‬ثم يدخل حجرته ليقرأ جريدة الصباح ‪.‬‬

‫أما عن خادمته الصغيرة ( نعمة ) فلقد كانت هزيلة ضعيفة البنية فاقدة للرغبة في الطعام ‪.‬‬

‫فكان رحمه هللا يعد لها اإلفطار ويوقظها برفق كى تذهب إلى عملها كممرضة في مستشفي المقاولون العرب ‪..‬‬
‫كنت أسأله مندهشة ‪:‬‬
‫‪-‬أراك شديد العناية بهذه الصغيرة ‪ ..‬وهي ضعيفة جدا فلماذا وظفتها في مستشفي المقاولون ؟‬

‫‪-‬أنا لن أعيش لها طول عمرها ‪ ..‬وهي ضعيفة وغلبانة وليس لها مصدر رزق ‪ ..‬ولن تستطيع الخدمة بعد وفاتي‬
‫في بيت آخر ‪ ..‬فأنا أحسن معاملتها وأقدر حالتها الصحية والنفسية والعمل في المستشفي يضمن لها مأوي إن‬
‫أرادت كما يضمن لها معاشا إن أطال هللا في عمرها ‪ ..‬كما أن ذهابها إلى المستشفي قد يجلب لها عريسا مناسبا ‪..‬‬
‫وبالفعل خطبها مكوجي يعمل بمستشفي المقاولون العرب وراح كمال بك يجهزها جهازا كامال ( ثالجة وغسالة‬
‫وبوتوجاز ‪ ..‬الخ ‪) .‬‬

‫ثم احتفل بزفافها وزين لها عربته المرسيدس بالورود وسجل بالفيديو الزفة ‪ ..‬ولقد كانت هذه الصغيرة ال تعرف‬
‫التعبير عن مشاعرها إال بالدموع ‪..‬‬

‫‪-‬وأذكر أنها كلما مرضت أحضر لها الطبيب والدواء وجهز لها الطعام بنفسه حتى ال يكلفني بهذا الجهد ‪ ..‬كنت‬
‫تنام في حجرة مريحة وسرير مريح ودوالب خاص ‪ ..‬كان رحمه هللا يفضلها علي نفسه ‪ ..‬وكم كانت دهشتني‬
‫حين يحضر والدها من الريف للحصول على راتبها وبعض األدوية ‪ ..‬وكان رجال هزيال قد أنهكته البلهارسيا‬
‫وكان على عينيه سحابتان ثقيلتان ال أعرف كيف كان يتمكن من رؤية الطريق‪ ..‬كان كمال بك يهش ويبش‬
‫ويحسن استقباله بطريقة مذهلة ويأخذ بيده ويجلسه على الكرسي ثم يأمر بإعداد أفخر الطعام ثم يسلمه راتب نعمة‬
‫ومعه كما يقول بعض مما أفاض هللا به علينا من النعم ‪ ..‬كان يستمع إلى شكواه ويحاول حل مشاكله كان يفعل‬
‫مثل هذا مع البواب وعائلته ومع جميع من قاموا بخدمة والدته المرحومة زينب ‪.‬‬

‫‪-‬ما هذا يا سادة ؟ ما هذا الفهم الصحيح لإلسالم ؟ إن اإلسالم ليس أقواال ولكنه أفعال ‪ ..‬وقلت في نفسي يا له من‬
‫مجرم !‬

‫كمال بك واألهل والخالن‬


‫كان كمال بك رحمه هلل واسع العالقات كثير المعارف محبا ألهله القاصي منهم والداني ‪ ..‬يتودد إليهم ويجاملهم‬
‫ويحص على زيارة البعيد قبل القريب عندما خرج من السجن اشترك في تربية أوالد أخته ألن أباهم كان يعمل‬
‫طبيبا جراحا في السعودية ‪.‬‬

‫كان كمال بك شديد االرتباط بهم شديد الحنو عليهم فلما ماتت أم األوالد المرحومة سميرة تبني هو تربية األبناء‬
‫وأصبح وأمسي ملهوفا عليهم ملتصقا بهم‪ ..‬حتى إنه كان يقوم بتصويرهم فوتوغرافيا في كل ساعة وحين بسبب‬
‫ودون سبب والحقيقة أن عائلة كمال بك كانت متدينة ملتزمة متحابة ومنضبطة وعندما عاد والدهم من السعودية‬
‫تعاونا معا ليخرجوا جيال متفوقا متميزا بحق ‪ ...‬بسم هللا ما شاء هللا ال قوة إال باهلل ‪..‬‬

‫وكان لكمال بك أخ هو لواء جيش عادل عبد الرازق ‪ ..‬وعندما كان يعذب كمال بك في سجون عبد الناصر كان‬
‫البكباشي عادل عبد الرازق يعمل في الحرس الخاص لعبد الناصر ‪ ..‬يالسخرية األيام ! أى حرج لألخوين ‪ ..‬وأى‬
‫ضغوط نفسية عليهما تحتاج إلى تجرع المر والصبر ألوانا‪ ..‬وأى جهد جهيد بذله االثنان ليرتفعا فوق المتناقضات‬
‫وتستمر مشاعرهما سليمة صافية ال يشوبها جروح وال حروق ‪ ..‬وبينما كان البكباشي عادل عبد الرازق في‬
‫حراسة عبد الناصر تم القبض على والدته أكثر من ستين عاما وأدخلوها على ابنها كمال عبد الرازق في الزنزانة‬
‫‪ ..‬حتى يعبثوا بأعصابه وكرامته ويقهروا شخصه الصبور !! يا حسرة على العباد!! يقول تعالي ‪ (:‬فذرهم حتى‬
‫يالقوا يومهم الذي فيه يصعقون يوم ال يغني عنهم كيدهم شيئا وال هم ينصرون ‪ .‬إن للذين ظلموا عذابا دون ذلك‬
‫ولكن أكثرهم ال يعلمون ) الطور ‪47- 45‬‬

‫ويقول تعالي ألمثال هؤالء المقهورين من أصحاب الرأي والمبادئ ( واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد‬
‫ربك حين تقوم ‪ .‬ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ) الطور ‪49- 48‬‬

‫أصدقاء كمال بك‬


‫أما أصدقاء كمال بك فالغالبية العظمي منهم من اإلخوان المسلمين سجنوا وعذبوا وظلموا ثم عندما خرجوا فتح‬
‫هللا عليهم قراب األرض خيرا عن جدارة واستحقاق جميعهم بدون ذكر ألسماء كانوا مثاال لالستقامة التي هي‬
‫خير كرمة ودماثة الخلق ‪ ..‬والوعي الديني المستنير ال تشدد وال تسيب ولكنهم جميعا يدركون ميزة وسطية‬
‫اإلسالم جميعهم يتصفون بهدوء النفس ‪ ..‬والعفة ‪ ..‬والتواضع جميعهم أصحاب أعمال ومشاريع ناجحة أضافت‬
‫لمصر عالمات متميزة من الحضارة نمت المجتمع وساهمت في القضاء على البطالة ‪.‬‬

‫ال أريد أن أذكر أسماء معينة حتى ال أغمط حق البعض ولكن أجدني مدفوعة لذكر بعضهم بدافع إعطاء القدوة‬
‫وبدافع المحبة الخالصة في هللا تعالي ‪.‬‬

‫د ‪.‬سيد الجيار‬

‫ضابط بالجيش المصري يعمل طبيبا جراحا ‪ ..‬برغم إصابته في ركبته وعدم قدرته على السير معتدال إال أنه كان‬
‫شديد الحرص على تأدية الصلوات الخمس في المسجد ‪ ..‬كريم كالنهر سمح هادئ ذواق لألدب والشعر ‪ ..‬يفيض‬
‫حنانا ومرحمة على أبنائه وأحفاده وأقاربه ‪..‬وناسه ‪ ..‬راقي العبرة واللفظ ‪ ..‬كيس فطن ‪ ..‬حساس عندما تلقينا‬
‫دعوة للمشاركة في مؤتمر السيرة الذي يعقد كل عام في لوس أنجلوس بالواليات المتحدة األمريكية ‪..‬‬

‫جاءنا على استحياء ‪ ..‬وقدم لنا بعض المال ‪ ..‬وقال والصدق في عينيه رحمه هللا أعطوني شرف أن أشارك في‬
‫تجهيز غاز! فأنتما ذاهبان إلى أمريكا للدعوة اإلسالمية ‪ ..‬فإن قبلتم هذا المبلغ فكأني قد جهزت غازيا فلقد قال‬
‫رسولنا الكريم من جهز غازيا في سبيل هللا فقد غزا ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا متفق عليه وقبلنا‬
‫المبلغ ‪ ..‬وكلي عجب من هذا المستوي األخالقي الرفيع !‬

‫األستاذ حسن عبد المنعم‬

‫كنت كلما التقيت باألستاذ حسن عبد المنعم ‪..‬الرجل الثاني في شركات الشريف ‪ ..‬أوقفتني هذه الشخصية النقية‬
‫الشفافة التي ليس لها مثيل في هذا الزمان ‪ ...‬ورغم أني كنت أذهب إليه في خدمات خاصة وكان تركيزي األول‬
‫واألخير على إنجاز هذه الخدمات ‪ ..‬إال أني كنت أصاب بالحيرة ‪ ..‬ما هذا الفيض من النور اإللهي الذي يغمر هذا‬
‫الرجل ؟ ما هذه الهالة التي ال تعلو إال رؤوس األنبياء ! ما هذا القلب العامر بالسكينة ‪..‬ما هذا الحياء الذي يخجلني‬
‫‪ ..‬وفي احدي المرات بينما كنت خارجة من مكتبة استحي من شدة كرمه ‪..‬توجهت إلى المصعد وأنا في غاية‬
‫العجب ‪ ..‬أكاد أحدث نفسي فإذا برجل في المصعد يحدث زميله قائال ‪..‬‬

‫وهللا ‪..‬وهللا العظيم ي أخي لوال أني على يقين من أن سيدنا محمد هو خاتم األنبياء والمرسلين لقلت أن األستاذ‬
‫حسن عبد المنعم نبي رسول التقطت هذه العبارات وانشرح صدري واشتركت معهم في الحديث ‪ ..‬وحمدت هللا‬
‫على أن الناس تشعر بما أشعر به ‪..‬‬

‫نعم لقد انتهي عصر األنبياء ببعثة ختم المرسلين صلوات هللا عليهم أجمعين ‪ ..‬لكن الصالحين من األولياء في كل‬
‫عصر وأوان ‪ ..‬وصدق هللا العظيم إذ يقول ( أال إن أولياء هلل ال خوف عليهم وال هم يحزنون ‪ .‬الذين آمنوا وكانوا‬
‫يتقون ‪ .‬لهم البشري في الحياة الدنيا وفي اآلخرة ال تبديل لكلمات هللا ذلك هو الفوز العظيم ) يونس ‪64- 62‬‬

‫الشاعر السعيد محمد البواب بالخانكة‬

‫هذه قصة أخر في هللا من جماعة اإلخوان المسلمين فقد عقله في سجون عبد الناصر وأودع في مصحة عقلية‬
‫ليمضي فيها بقية عمره‪ ...‬كان كمال بك شديد الحرص على انتقاء مجموعة من المعلبات والمأكوالت المحفوظة‬
‫والمجففة يذهب بها أول كل شهر وبصحبته بعض اإلخوان إلى مستشفي األمراض العقلية المعروفة (بالخانكة)‬
‫لمقابلة هذا األخ المريض وكان كمال بك يحرص على إعطائه مجموعة من األقالم والكشاكيل ‪ ..‬وكان اللقاء‬
‫بينهم حارا وكان الشاعر السعيد البواب يعطي كمال بك في كل مرة كراسة كتب فيها أشعارا قد يعجز العاقل عن‬
‫كتابتها وبعد وفاة كمال بك أرسل لى كشكوال بعنوان ( وداعا كمال الحق ) راح يصف فيه بالشعر أخالقيات‬
‫ومواقف كمال بك وبعض اإلخوان ‪ ..‬وطلب مني طباعته ‪..‬‬

‫سألت كمال بك يوما‬

‫ال شك ن ( األخ سعيد البواب ) يسعد كثيرا بهذه الزيارات ولكن هل تكفيه هذه المعلبات والمأكوالت على مدار‬
‫الثالثين يوما !‬
‫‪-‬قال لى ضاحكا‬

‫‪-‬األخ سعيد البواب ال يأكل منها شيئا ولكنه يقوم بتوزيعها فورا على نزالء المستشفي وهو في غاية السعادة‬

‫‪-‬قلت له مندهشة‬

‫‪-‬أتتحمل كل هذه المشقة شهريا ويوزعها األخ سعيد على النزالء !! ما الفائدة إذن ؟‬

‫‪-‬قال على الفور والدموع في عينيه ‪ ..‬يكفيني سعادة وامتنانا أنني أدخل السرور على قلبه !!‬

‫السنين الخضراء‬
‫عشت هذا الجو اإلسالمي البديع ست سنوات ونصف مرت كأنها يوم واحد ‪ ..‬والذي ال شك فيه أن عشرة هؤالء‬
‫األفاضل وهذه النوعية من البش داوت جراحي ‪ ..‬وأمدتني بالصحة النفسية والبدنية ‪ .‬وقوت إيماني باهلل العلي‬
‫العظيم ‪ ..‬بل إني أعترف أن هذا الجو النقي قد دفعني إلى إنتاج متواصل فطبعت أكثر من سبع كتب لألطفال كما‬
‫تمكنت من إخراج أربع كتالوجات لألزياء المحتشمة الراقية ‪ ..‬وطبعت كتاب نيجار والغابة أربع طبعات ثم‬
‫شرعت في كتابة موسوعة ( سيد الخلق ) من خمسة أجزاء والتي نالت بعد ذلك جائزة أجمل كتاب في العالم من‬
‫مؤسسة اليبزج بألمانيا ‪..‬‬

‫وأقر بفضل اللواء كمال عبد الرزق ألنه راح يشجعني ويشتري لى الكتب والمراجع ويهئ لى الجو العام في‬
‫المنزل حتى أدرس كل هذه المواد وأعد منها ما استطعت ‪ ..‬والحقيقة التي ال أنكرها أن تمكن كمال بك من ناحية‬
‫اللغة االنجليزية قد ساعدني كثيرا حين كنا ندعي إلى مؤتمرات إسالمية خارج مصر إذ كان يقوم بالترجمة‬
‫الفورية لمحاضراتي مما أدي إلى نجاح هذه الجهود ‪..‬‬

‫كان رحمه هللا مولعا بالحج والعمرة ‪ .‬فكنا نتردد على المملكة العربية السعودية كل ثالثة أشهر يفر هو فرار‬
‫اللهفان إلى الكعبة المشرفة ويعكف على العبادة عكوف أهل الورع ‪ ..‬وعندما يحين موعد العودة يظل يبكي وهو‬
‫يودع المكان وينسحب من صحن الكعبة بظهره ينتزع نفسه انتزاعا كالرضيع الذي يأبي‬

‫أن يترك صدر أمه ‪ ...‬لكم سعدت مع هذا الرجل ‪.‬‬

‫حشره هللا هو وزمالءه وأهله في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ‪.‬‬

‫ما هي جريمة اإلخوان المسلمين ؟؟‬


‫طالما ناقشت نفسي م هي جريمة اإلخوان المسلمين ؟؟ حتى يقذف بهم في سجون مصر عشرات السنين ؟‬

‫هل الرغبة في تطبيق شرع هللا والمشاركة في حكم البالد يستحق ارتكاب كل هذه المظالم ؟؟ أم هي الرغبة في‬
‫االستحواذ واالنفراد بالسلطة وظن البعض نهم وحدهم الجديرون بالتفرد في حكم البالد والعباد ؟؟‬

‫ما هي الجريمة التي ارتكبوها حتى تورث السلطة العداء والمظالم عهدا بعد عهد وجيال بعد جيل ؟؟ لماذا يفعلون‬
‫كل هذا المكر السيئ ويتمادون في أساليب القهر والكبت ؟ والتربص واالستبعاد من المشاركة في الحياة العامة ؟‬

‫‪-‬ليس اإلخوان المسلمون مواطنين مصريين ؟‬

‫‪-‬أليسوا على دين سماوي معترف به ؟‬

‫‪-‬ألم ينتصر الجيش المصري في حرب فلسطين في أكثر من موقع على أياديهم سنة ‪1948‬‬
‫إذن لماذا كل هذا اإلصرار إن ألقباط في مصر يريدون أن يشاركوا في حكم البالد وأري أن حقهم المشروع‬
‫وجميع االتجاهات واألحزاب اليمينية أو اليسارية ترغب في التمثيل السياسي والمشاركة في حكم البالد‪ ..‬وهذا في‬
‫رأيي ‪..‬ورأي اإلسالم حقهم المشروع فما بالنا نحارب اإلخوان المسلمين ؟‬

‫أم أننا ننتظر اإلشارة الخضراء من أمريكا أوال‬

‫‪-‬أال تخجلون؟ !‬

‫طالما تشدق المسئولون بأهمية الحرية وضرورة الديمقراطية ومشاركة الشعب فيحكم البالد ‪ ..‬وطالما صرحوا‬
‫بأن االنتخابات ستكون حرة ‪ %100‬ون على الشعب أن يعبر عن رأيه ويشارك في اختيار من يقومون بخدمته‬
‫سواء كان الترشيح لرئاسة الجمهورية أو لمجلس الشعب والشورى ‪.‬‬

‫ولكن ما إن يرشح أحد اإلخوان المسلمين ‪ ..‬حتى نري ابتداع آليات قانونية وإدارية ومنية للتضييق على إمكانية‬
‫مشاركة التيار اإلسالمي في حكم البالد‪ ..‬يسند هذا االستخفاف إعالم مضلل إلرادة األمة ‪ ..‬ويد كطلقة فيه ‪ ..‬وقد‬
‫كتب الصحفي الحر سالمه أحمد سالمه يقول تحت عنوان ( حال الصحافة ) ( إن أسوأ ما في ظاهرة اإلعالن‬
‫الحكومي أن وزراء إلعالم العرب الذين جاءوا من الوسط اإلعالمي أو غيره هم أكثر الذين وقفوا في وجه حرية‬
‫التعبير ووسائل اإلعالم المطبوع والمرئي أدي ذلك إلى إفراز طبقة واسعة من الموظفين اإلعالميين أو‬
‫اإلعالميين الموظفين ضاعت عندهم الفوارق بين اإلعالم الذي يتحري الخبر الصحيح ويتحمل مسئوليته ويؤمن‬
‫بحرية التعبير ويدافع عنها وبين أجيال من الصحفيين إلعالميين الذين تحولوا إلى خدم في بيت السلطة يصدعون‬
‫بمرها ويعملون لحسابها وال يملكون القدرة على استقالل الرأي ونزاهة المقصد ‪.‬‬

‫الخالصة أننا نري ونسمع المهازل والتدخل األمني الباطش كلما هم اإلخوان بالمشاركة في العمل السياسي ‪..‬‬
‫ولكم شاهدنا التيار اإلسالمي وهو يستميت في محاول كسر هذا الحصار األمني لكن أجهزة األمن تواصل حمالت‬
‫االعتقال واإلرهاب الحكومي ‪ ..‬وتبدأ الصحف الحكومية في نشر سلسلة من االتهامات ‪..‬تارة بأن جماعة اإلخوان‬
‫تتحرك وتارة بأن الجماعة المحظورة ترشح نفسها ‪ ..‬وتارة بأنهم يجتمعون ويخططون‪ ..‬وتجوب سيارات‬
‫الشرطة البالد إلرهاب الناس واعتقال البعض ويستمر مسلسل انتهاك الحريات وحقوق اإلنسان ‪ ..‬ويستمر في‬
‫نفس الوقت التشدق بالحرية والديمقراطية ‪ ..‬وال أملك إال أن أذكرهم بقول الحق تبارك وتعالي (‪ :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا لم تقولون ما ال تفعلون ‪ .‬كبر مقتا عند هللا أن تقولوا ما ال تفعلون ) الصف ‪3-2‬‬

‫الكيل بمكيالين‬
‫أراكم تكرهون ألنفسكم أن تكيل لكم أمريكا والدول األوروبية بمكيالين فلماذا تكيلون أنتم بمكيالين في الوطن‬
‫الواحد فللحزب الحاكم الحق كل الحق في التفرد والتحكم واالمتالك ‪ ..‬واألمان ‪..‬والثقة وللتيار اإلسالمي كل كبت‬
‫‪..‬وسلب ‪ ..‬وحجز ‪..‬وشك وريبة ‪..‬‬

‫إال أن قلبي ال زال يحدثني بأن الرئيس مبارك ال يمكن أن يتصور مستوي هذه الممارسات األمنية الغاشمة وقد‬
‫يصله الخبر مقلوبا ومشوها ‪ ..‬وهذه حقيقة منطقية ألنه يسمع من طرف واحد فقد ( أهل الثقة) وهو محجوب تماما‬
‫عن سماع الطرف آلخر وهذا ليس عدال يرضي هللا ‪.‬‬

‫وبطبيعة الحال فهذه فرصة كي ينشط مرضي القلوب فيوسعوا الهوة بين السلطة والتيار اإلسالمي‪ ..‬وهذا هو‬
‫فساد ذات البين بحذافيره والذي نهانا عنه سيد الخلق صلي هللا عليه وسلم وقال عنها إنها الحالقة ‪ .‬قالوا أتحلق‬
‫الرأس ي رسول هللا ‪ ..‬قال ‪ :‬ال ولكنها تحلق الدين ‪..‬‬

‫ولألسف الشديد فإن المقربين من السلطة من عقال األمة األسوياء الذين يستشعرون أهمية احتضان التيار‬
‫اإلسالمي ودمجه في بوتقة الشعب كله ‪ ..‬ليس لديهم الجرأة على عرض هذا األمر ألن زبانية السلطة يشيعون عن‬
‫الرئيس مبارك أنه يكره اإلسالم واإلسالميين ( وهو بعيد كل البعد عن هذه التهمة ) فلعنة هللا على الكاذبين ‪.‬‬

‫رسالة إلى الرئيس مبارك‬


‫سيدي الرئيس'‬

‫لقد استمع نبي هللا سليمان عليه السالم لنصيحة نملة ولست يا سيدي أقل من النملة ‪ ..‬وال أحد أكرم من نبي فاستمع‬
‫إلى بقلب مفتوح ‪ ..‬إن النبي عليه الصالة والسالم قال ‪ ( :‬قبل الحق ممن أتاك صغيرا أو كبيرا وإن كان بغيضا‬
‫وأردد الباطل لى من جاء به من صغير أو كبير وإن كان قريبا )‬

‫لقد طال الظلم الواقع على اإلخوان المسلمين ال لشئ إال ألنهم بلوا بالء حسنا مع الجيش المصري في قتال اليهود‬
‫في حرب فلسطين ونحن عهدناك خير من يعرف هذه الحقائق فحنق عليهم اليهود وأوعزوا إلى االنجليز‬
‫واألمريكان بشدة خطرهم على السياسات االنجلو أمريكية المرسومة فسارع الغرب في بغضهم وبالغوا في تحذير‬
‫الحكومات العربية منهم فلقد تيقنوا أن جماعة اإلخوان المسلمين تعشق الموت في سبيل هللا وال يمكن ترويضهم‬
‫ليرضوا بالذل والهوان ‪ ..‬وكلنا هذا الرجل ‪.‬‬

‫سيدي الرئيس'‪...‬‬

‫إن رسولنا الكريم يحذرنا قائال ( الساكت عن الحق شيطان خرس )‬

‫ولقد علمت من بعض العلماء األجالء أن رجال الثورة جميعهم مطلعون على الفكر اإلسالمي الحق باعتباره من‬
‫دواعي النهضة ‪ ..‬فلماذا يتربص دائما بالتيار اإلسالمي ؟ من قبل أجهزة األمن المصرية ‪.‬‬

‫فإن أخفوا عليك بعضا من هذه الممارسات فإن فراستك تدرك بعضها ‪ ..‬فال تطل حلمك عليهم وإن طمأنوك بأنهم‬
‫حراس العمر وحراس الكرسي ‪ ..‬فتنزلق إلى حد السكوت على الظلم ‪..‬‬

‫ولقد قال سيد الخلق (صلي هللا عليه وسلم )ال يقف أحدكم موقفا يضرب فيه الرجل ظلما فإن اللعنة تنزل على من‬
‫حضره إذا لم يدافعوا عنه‬

‫سيدي الرئيس'‪..‬‬

‫من منطلق إخالصي لك أقول لك انتبه وال تسارع في مرضاة ومواالة الكافرين ‪..‬فإن عواقبها وخيمة فإنه – ال‬
‫قدر هللا – يرفع يده عنك ويكلك إليهم ‪..‬معاذ هللا واستمع إلى قول هللا تعالي ‪:‬‬

‫(ال يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من هللا في شئ إال أن تتقو منهم تقاه‬
‫ويحذركم هلل نفسه وإلى هللا المصير ) آل عمران ‪28‬‬

‫فإذا كنت تتقي شر الكافرين فهذا من الكياسة الفطنة لكن كن على يقين من أهمية مواالة المؤمنين ألن هللا قال ‪( :‬‬
‫إنما وليكم هللا ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصالة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ‪ .‬ومن يتول هللا ورسوله‬
‫والذين آمنوا فإن حزب هللا هم الغالبون ) المائدة – ‪56-55‬‬

‫سيدي الرئيس'‬

‫إن هللا قد وهبكم قلبا كبيرا ‪..‬وصبرا جميال ‪..‬وضبطا للنفس حميدا ونبينا محمد ( صلي هللا عليه وسلم) قال ‪ :‬ليس‬
‫الشديد بالصراعة ولكن الشديد من يملك نفسه عن الغضب فاضبط سيدي أمور العائلة المصرية وأعدل بين األبناء‬
‫‪.‬‬

‫قال رسول هللا ( صلي هللا عليه وسلم ) إن أرفع الناس يوم القيامة إمام عادل )‬

‫وقال ( أشد الناس عذابا يوم القيامة إمام جائر )‬


‫وقال ( ما من أمير عشرة إال وهو يؤتي به يوم القيامة مغلوال حتى يفكه العدل أو يوبقه ( أى يهلكه) الجور فاعدل‬
‫بين الرعية وأرفق بهم فإن رسولنا الكريم قال ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فأشفق عليه ومن‬
‫ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فأرفق به )‬

‫سيدي الرئيس'‬

‫ال تسارع في تصديق ما تبثه المخابرات األمريكية وتشيعه عن اإلخوان المسلمين بمكر حصيف ودهاء ممنهج‬
‫فالشاعر يقول ( إن الذين ترونهم إخوانكم ‪ :‬يشفي غليل صدوركم أن تصرعوا )‬

‫وختاما أقول كما قال رب العالمين ( عسي هللا أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة وهللا قدير وهللا غفور‬
‫رحيم ) الممتحنة ‪7:‬‬

‫المخلصة كريمان حمزة‬

‫ميراث الكراهية‬
‫جمال عبد الناصر‪1954 – 1970‬‬

‫عندما كنت صغيرة ال أتجاوز الثانية عشرة حتى التاسعة عشرة كنت أحب جمال عبد الناصر رغم اعتراض‬
‫والدتي الشديد – وزاد إعجابي به حين أمم قناة السويس سنة ‪1956‬وبدأ في مشروع السد العالي ‪ ..‬وزاد تعلقي به‬
‫لتعاطفه مع الطبقة الكادحة ( الفالحين والعمال) وبسبب تعاطفه مع هذه الطبقة وحببته حبا جما فأنا أحب‬
‫المطحوني وأتعاطف معهم أينما كانوا لذا عندما حدثت النكسة سنة ‪1967‬وتنحي جمال عبد الناصر عن حكم‬
‫البالد‪ ..‬خاطرت وركبت سيارة زوجي ( الرائد محمود رياض ) رحمه هللا وكانت عربة جيش ( جيب ) وجمعت‬
‫صديقاتي وأمرت السائق العسكري أن يتجه بنا إلى مجلس األمة حيث المظاهرات ورحت أهتف من األعماق ‪.‬‬

‫مكتوب على قلوبنا ‪ .‬عبد الناصر محبوبنا‬

‫مكتوب على أيدينا ‪ :‬عبد الناصر في عنينا‬

‫أنور ‪ ..‬أنور يا سادات إحنا اخترنا جمال بالذات ‪ ..‬وكانت هذه أول مظاهرة اشترك فيها في حياتي وعندما كبرت‬
‫قرأت قصصا عن سجون عبد الناصر وما حدث فيها من جرائم يشيب لها الولدان‪ ..‬أدركت أنها صفحات سوداء‬
‫في حياة هذا الزعيم المصري ‪ ..‬وأن عقبه عند هللا أليم ( وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما )‬
‫طه ‪111:‬‬

‫ويقول عليه الصالة والسالم ( إن شر الرعاء ( الحكام ) الحطمة ( القاسي الذي ال يرحم ) فإياك ن تكون منهم )‬
‫متفق عليه‬

‫تحت عنوان عبد الناصر والمخابرات كتب الصحفي المعروف ( محمد وجدي قنديل ) يقول عن مقتل الملك‬
‫فاروق بالسم في ايطاليا عن طريق المخابرات المصرية ( إبراهيم بغدادي )كتب يقول ‪:‬‬

‫(للحقيقة والتاريخ كان الرئيس عبد الناصر يعترض دائما على أن يستخدم جهاز المخابرات أسلوب التصفية‬
‫الجسدية واالغتياالت في العمليات السرية المتعلقة باألمن القومي ‪ ..‬وكان يشدد على رئيس الجهاز بعدم اللجوء‬
‫إلى ذلك أيا كانت المبررات ) األخبار في ‪ 2 1‬مايو ‪2001.‬‬

‫استريح لهذا التعليق ألني ال أتصور أن عبد الناصر الذي غير الكثير بغرض رفع الظلم والمعاناة عن شعب يمكن‬
‫أن يكون منحطا إلى هذه الدرجة ؟ ولكني على يقين من أن هناك بعض شياطين اإلنس الذين تمتلئ قلوبهم ظلمة‬
‫ما إن يتولوا مسئولة البالد والعباد حتى تنشط الشياطين في دمائهم فيتلذذوا من ممارسة أنواع من الوحشية‬
‫والقسوة يؤهلهم ألن يكونوا بجدارة من أئمة الكفر من جهنم بإذن هللا ‪.‬‬
‫يقول تعالي ( يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواص واألقدام ) الرحمن‪ ( 41:‬وقفوهم إنهم مسئولون )‬
‫الصافات ‪24:‬مصر هي بلد األزهر ومعقل اإلسالم ‪ ..‬فيها خير أجناد ألرض وهي غنية بنخبة ممتازة من رجال‬
‫الدين والعلماء والعاملين في كافة المجاالت ‪ ..‬وال ينقصها أصحاب األقالم الحرة!! فأين هؤالء الرجال ؟ !!‬

‫ومصر بلد والدة وفي األثر ( الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة ) فأين هؤالء األخيار ؟ أين الرجولة والشهامة‬
‫والنخوة ؟‬

‫ونبينا الكريم يقول ( أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند سلطان جائر ) كيف ارتضينا كل هذه المظالم ؟ولماذا سكتنا‬
‫على كل هذه المآسي ؟ أين ضمائرنا أين النخوة والشجاعة ؟ لقد سمنا رب العالمين ( خير أمة أخرجت للناس )‬
‫ألننا نأمر بالمعروف وننهي عن المنكر ونؤمن باهلل ‪.‬‬

‫ألم تعلموا أن نبيكم صلي هللا عليه وسلم ) قال ‪ ( :‬أيها الناس مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعو هللا‬
‫فال يستجيب لكم ‪ ،‬وقبل ان تستغفروه فال يغفر لكم ‪ ،‬إن لمر بالمعروف ال يقرب أجال )‬

‫إن األحبار من اليهود لما تركوا األمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعنهم هللا على لسان أنبيائهم وعمهم البالء )‬
‫فقال تعالي ‪:‬‬

‫( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان وداود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ‪ .‬كانوا ال‬
‫يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) المائدة ‪79- 78‬‬

‫وعنه ( صلي هللا عليه وسلم ) أنه قال ‪ ( :‬كال وهللا لتأمرون بالمعروف ‪ ،‬ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد‬
‫الظالم ولتأطرونه ( توجهونه بقوة ) على الحق أطرا ولتقصرنه ( تدفعنه ) على الحق قصر ‪ ،‬أو ليضربن هللا‬
‫بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم ‪.‬‬

‫متي تستيقظ وتتحرك النفس اللوامة وتشعر بوجوب االعتذار الرسمي أمام العالم كما يفعل باب الفاتيكان حيث‬
‫يجوب العالم معتذرا عن خطايا السابقين في يهود ( الهولكوست ) لقد اعتذر لهم وقدم أسفه الشديد وشجع‬
‫إعطاءهم تعويضات مالية لما أصاب أجدادهم من قهر ‪ ..‬ولكنه لألسف لم يعتذر للمسلمين الذين أضيروا في‬
‫الحروب الصليبية أو االستعمارية ‪ ..‬فهل أنتم مل باب الفاتيكان في كيله بمكيالين ‪ ..‬ارفعوا األمر للرئيس مبارك‬
‫فهو رجل عاقل متعقل رزين خال من الشرور والعاهات النفسية ‪ ..‬ولكن من يجرؤ على رفع األمر إليه ؟‬

‫ومطالبته بإصالح ذات البين حتى ينتهي ميراث الحقد الذي ورثناه ؟ يقولون إنه أصبح محاطا بسياج كثيف من‬
‫رجال األمن والمخابرات والشرطة وهيئات المنتفعين ‪ ..‬والمستفيدين‪ ..‬والمتفردين بالحكم وال أملك إال أن أقول ‪:‬‬
‫(إن الحكم إال هللا يقص الحق وهو خير الفاصلين ) األنعام ‪57‬‬

‫أنور السادات‪1970 -1981‬‬

‫زعيم مصري حكم بالدي حوالي أحد عشر عاما كنت أحبه ألنه مجرد توليه الحكم أعلن ( دولة العلم واإليمان )‬
‫وكنت في عهده أول مقدمة للبرامج الدينية على مستوي العالم العربي واإلسالمي في التلفزيون ‪ ..‬كان أنور‬
‫السادات رحمه هللا ابن بلد صرف اعتقل أكثر من مرة بسبب نشاطه السياسي وأخرج من الجيش أعني ذاق مرارة‬
‫الظلم والقهر وأعيد سنة ‪1950‬وكان عضوا في جماعة اإلخوان المسلمين ‪ ..‬لذا كان من السهل أن يعمل رئيسا‬
‫لمنظمة المؤتمر اإلسالمي ‪ ..‬كنت أحبه رحمه هللا لبساطته وتدفق عاطفته ‪ ..‬كما أنه حطم السجون وأخرج‬
‫المعتقلين بسبب معتقداتهم ‪ ...‬كما كنت أحبه لحبي الشديد للسيدة قرينته جيهان السادات المتجاوبة بسهولة مع‬
‫مصالح الناس دائما ‪..‬‬

‫وال أريد أن خوض في سياسة الرجل ودهائه فلست مؤهلة لذلك ‪ ..‬إال أني سأتعرض لبداية ظهور الجماعات‬
‫اإلسالمية الرشيد منها والمتطرف ‪ ..‬فلقد بدأت الجماعات اإلسالمية تتكون وتنشط في عهده نشاطا ملحوظا حتى‬
‫سمي هذا الوقت بالصحوة اإلسالمية والعودة إلى هللا وكنت شابة ال أتجاوز الثامنة والعشرين من عمري ‪..‬وكان‬
‫بعض هذه الجماعات يدعونني أللقي كلمة وأرد على بعض االستفسارات ‪ ..‬وكنت رغم ضيق الوقت الموزع بين‬
‫الزوج والولد والعمل في التلفزيون أرحب بلقائهم ‪ ..‬ولكنني أدركت منذ اللقاءات األولي أن هناك تيارات جارفا‬
‫من التضليل واالنحراف في الفكر اإلسالمي أدي إلى تشدد وتحجر هؤالء الطالب الصغار ساعد على ذلك ضالة‬
‫الثقافة العامة واإلسالمية خاصة وشعور الجميع بالهوة الساحقة بينهم وبين النظام الحاكم وفقدان الثقة في القائمين‬
‫عليه ‪ ..‬حتى ظنوا أن التعسير والتضييق والتحريم كلما زادت رقعته زاد معه التدين ! ناسين قول رسولنا الكريم ‪:‬‬
‫( يسروا وال تعسروا وبشروا وال تنفروا )‬

‫ولقد وصل حال التشدد والتطرف عندهم إلى أنهم حرموا الحالل من الزينة ‪..‬وجميع األلوان وجميع الفنون ‪..‬‬
‫ورغم هذا كنت أعجز عن رفض دعوتهم لى إلحساسي بأهمية شرح األمور وتبسيط المفاهيم ‪ ...‬لذا رحت أبذل‬
‫الجهد والوقت حتى أصبح لقائي بهم يمتد في جامعة [القاهرة]] إلى أربع ساعات ويستمر بعد ذلك إذ عند العودة‬
‫يركبن معي السيارة ونظل نتحدث في بيتي حتى الساعة الثامنة مساءا ميعاد تسجيل برنامجي التلفزيوني ( هدي‬
‫هللا ‪).‬‬

‫كنت أشعر بمنتهي اإلرهاق بل واإلعياء وقد استنفدت كل طاقتي واستهلكت أعصابي وأنا أستميت في شرح‬
‫اإلسالم الحقيقي لهؤالء الشبان الذين لم يكونوا يتجاوزون العشرين من العمر ‪ ...‬أقوياء ‪ ..‬أشداء ‪ ...‬أصحاء ‪..‬‬
‫ومراهقين ‪ ..‬كأني أضرب رأسي في الحائط ‪ ..‬وخارت قواي فاألوالد ملقنون تلقينا خاطئا يحرمون كل ما أحل‬
‫هللا زلفي هللا ‪..‬عجبي ‪ ..‬ولو أنهم تلقوا علوم الدين من علماء اإلخوان المسلمين أمثال الغزلي وسيد سابق ويوسف‬
‫القرضاوي ‪ ..‬وغيرهم لعرفوا حقيقة اإلسالم دين السماح والوسطية ووقتها أدركت تماما أنه ال طاقة لى بهذه‬
‫اللقاءات ‪ .‬وال شك أن رجال األمن كانوا يسجلون كل هذه المحاضرات ‪..‬‬

‫الشيخ صالح أبو إسماعيل‬

‫لجأت إلى الداعية اإلسالمي الشيخ صالح أبو إسماعيل من علماء األزهر وكان رحمه هلل قوي البنية يتمتع بطاقة‬
‫ال تفتر وال تضعف باإلضافة إلى فهم جيد لإلسالم ككل ‪..‬وإيجابية فريدة مع األحداث العامة ‪ ..‬ذهبت إليه في بيته‬
‫ورجوته أن يوالي هؤالء األوالد خشية أن يجهضوا الصحوة اإلسالمية ‪ ...‬أو يميلوا بها عن الوسطية اإلسالمية‬
‫فينفروا العامة والخاصة ويستعدوا الدولة بل يستعدون العالم كله ؟ فإذا به يقول لي ‪:‬‬

‫لقد ذهبت أكثر من مرة إلصالح حال هؤالء الشباب ولكن يبدو أن ( األمن) لم يسترح لحضوري والتفاف الطلبة‬
‫حولي صلهم ال يريدون أحدا من اإلخوان المسلمين !!‬

‫أصبت بالحسرة ألن هذا العالم القوي المتمكن يستطيع أن يعدل المعوج ويضع ألمور في نصابها الصحيح بكفاءة‬
‫واقتدار ولست أنا بالطبع فأنا صغيرة وضعيفة وال طاقة لى بالجدل العقيم‬

‫الشيخ محمد الغزالي‬

‫علمت أن الغزالي يذهب إلى جامعة القاهرة من آن آلخر وأن األمن يضطرب ويشدد على الطلبة كما أنه ال‬
‫يرحب بوجود الغزالي ألن األوالد يلتفون حوله وهو ينتمي إلى جماعة اإلخوان المسلمين !! قلت في نفسي ى‬
‫خبل هذا يا رب ؟ هذا هو الرجل القدير الذي ال يخشي في هللا لومة الئم فهو أهل ثقة أمام التيار اإلسالمي وأمام‬
‫التاريخ‪ ..‬وهو يملك أن يجبر هؤالء األوالد على االعتدال والتوسط والوعي الصحيح باإلسالم ‪ .‬قلت في نفسي من‬
‫هذا األحمق الجاهل الذي يصدر هذه األوامر الغاشمة التي تضر وال تنفع ؟؟‬

‫كنت شابة صغيرة وكانت ثقتي في أنور السادات كبيرة فهو الرئيس الذي رفع شعار الدولة ( العلم واإليمان)‬
‫وعبر خط برليف ونص هللا به األمة ‪ ..‬فأرسلت له عدة تلغرافات أدعوه إلى أن يصدر أوامره للقائمين على‬
‫التلفزيون في ذاك الوقت بنقل كافة الندوات التي يتحدث فيها الشيخ محمد الغزالي والشيخ صالح أبو إسماعيل‬
‫على أن تكون الندات يوميا لالستفادة من هذين الشيخين قبل رحيلهما ألنهما يملكان وسائل اإلقناع التي يمكنها‬
‫السيطرة على تفشي هذا التيار بين الشباب فتنجح الصحوة اإلسالمية وال تنقلب على أعقابها ‪ ...‬كنت مؤمنة أشد‬
‫اإليمان بقول رسول هللا صلي هللا عليه وسلم‬

‫(ال يحقرن أحدكم نفسه ‪ ..‬قالوا وكيف يحقر أحدنا نفسه يا رسول هللا ؟ قال يري أن هلل عليه مقاال ثم ال يقول فيه )‬

‫لذا رحت أبعث إليه بكل مالحظاتي وأقترح عليه الحلول التي أراها كمواطنة تستشعر معني الخالفة عن هللا في‬
‫أرضه ‪ ..‬وكنت أظن أن هذه التلغرافات تصل إلى الرئيس وأنه ال شك يدرسها وسيناقشها مع أتباعه وقد تغير من‬
‫سياسة وزارة الداخلية في التربص بالعلماء ‪ ..‬ولكن شيئا من هذا لم يحدث بل وصل األمر إلى إلغاء البرنامج‬
‫التلفزيون الذي كان يقدمه الشيخ صالح أبو إسماعيل تحت عنوان ( شريعة هللا ) والذي كان يشترك فيه نخبة‬
‫ممتازة من علماء مصر ومنهم الدكتور عبد الصبور شاهين ( أطال هللا في عمره ) ‪ ..‬ثم صدرت األوامر بمنع‬
‫الشيخ محمد الغزالي من الظهور على الشاشة !! حتى بت على يقين من أن هناك تيارا يعمل على اتساع الهوة‬
‫بين التيار اإلسالمي والسلطة وأن استمرار وجود هذا التيار الموالي لغير مصر مرهون بمدي خوف الحاكم على‬
‫كرسيه !! سبحان من له الدوام ‪.‬‬

‫ثم تمادي القائمون على األمن بمصر في تخويف الرئيس الراحل أنور السادات حتى دخل قلبه الشك وبات مرتابا‬
‫وفقد الثقة في كافة االتجاهات فكان ما كان من إصدار األوامر باعتقال كافة التيارات الفكرية في مصر وقصف‬
‫أقالم المعارضين وإيقاف الموظفين ونقلهم إلى أماكن أخري بإيعاز ممن يحملون قلوبا حاقدة ونفوسا مريضة‬
‫فانتهزوا الفرصة وتحركت في داخلهم شهوة االنتقام ممن يعتقدون أنهم يشكلون خطرا عليهم ‪ ...‬وانتهي األمر‬
‫باغتيال السادات في ‪/1981 10/6‬‬

‫محمد حسني مبارك من ‪1981‬‬

‫ال أعرف لماذا أتفاءل بهذا الرجل ‪ ...‬يعجبني فيه الوفاء والصبر ‪ ..‬وضبط النفس ‪ ...‬والسيطرة على الغضب ‪..‬‬
‫وإحالة كافة المنازعات إلى القضاء ‪ ...‬كما أحس فيه برحابة الصدر والتواضع ‪ ..‬وال يحمل في قلبه ضغائن وال‬
‫أحقاد ‪ ..‬وعندما رأيته يداوم على وصل من قطعه ويبادر بالتودد إلى اإلخوة العرب‪ ..‬بل والمصالحة مع الغرب‬
‫األوروبي والشرق األسيوي ‪ ..‬يدرك أهمية قول الحق تبارك وتعالي ‪:‬‬

‫(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند هللا أتقاكم إن هلل عليم‬
‫خبير ) حجرات ‪13‬‬

‫راح الرجل يحاول حفظ التوازن في وجه التقلبات البشرية والنعرات العنصرية ‪ ...‬يتصرف بهدوء وينصح‬
‫بإخالص ونفس طويل ‪ ..‬يجاهد من أجل إصالح ذات البين بين األشقاء العرب ويمد الوصل إلى أفريقيا بل‬
‫وروسيا ‪ ..‬يحاول وضع األمور في حجمها الصحيح وينطق باأللفاظ المحسوبة الخالية من الجنوح واألنانية وحب‬
‫الذات ‪ ..‬يعرف حجم نفسه فال يغتر ويركب رأسه فيضبط قراراته لكل هذا أيها األخ القارئ ظننت أن هذا العصر‬
‫هو األوان األمثل إلعادة النظر في سياسات القمع األمني والتربص باإلخوان المسلمين والعمل على قهرهم‬
‫ومحاوالت إبعادهم عن المشاركة في حكم البالد ‪ ...‬فإن اجتمع اإلخوان في أحد البيوت أو المنتديات أو النقابات ‪..‬‬
‫أو حتى في الجنازات طالعتنا الصحف بالعناوين المقيتة اآلتية ‪:‬‬

‫القبض على ‪ 46‬قياديا من اإلخوان المسلمين يجتمعون سرا‬

‫‪-‬في ضربة جديدة لجماعة إلخوان المحظورة تم القبض على مائتين يجتمعون ليخططوا ‪ ..‬الخ ‪-‬‬

‫‪-‬جماعة اإلخوان المسلمين خططوا للتحرك على عدة محاور ‪.‬‬

‫‪-‬ألقي القبض على جميع المتهمين بالمشاركة في االجتماع التنظيمي ‪.‬‬

‫‪-‬وجهت النيابة العامة االتهام للمتهمين المنضمين إلى جماعة سرية غير مشروعة وحيازة مطبوعات ومنشورات‬

‫إلى آخر هذه األخبار الكريهة التي تهز المرء من األعماق وتشعره بالظلم واالشمئزاز ‪ ..‬فالحكم هلل العلي القدير ‪.‬‬

‫إلى متى تستعدون التيار اإلسالمي العالمي عليكم ؟؟‬


‫يقول تعالي في كتابه الكريم ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان لإلنسان‬
‫عدوا مبينا ) اإلسراء ‪53‬‬

‫عندما يغتر اإلنسان ويطغي يستحل لنفسه ما يحرمه على اآلخرين !! وآتساءل مع المتسائلين‬
‫لماذا نرتضي ألنفسنا أن نجتمع ونتشاور ‪ ..‬ونتسامر ونقرر ‪ ..‬ونقبل ‪ ..‬ونرفض ويحرم ذلك على اآلخرين ؟؟ بل‬
‫ونعتبره جريمة تستحق العقاب !!‬

‫لماذا نعطي ألنفسنا حق التخطيط والتفكير في المستقبل والتنسيق في العمل ونحرم ذلك على آلخرين ؟ أليسوا‬
‫مواطنين ووطنيين مثلنا ؟؟ !‬

‫لماذا نستبيح ألنفسنا حق الترشيح واالنتخاب والمشاركة في الحكم ثم نمنع اآلخرين بالقهر ‪ ..‬والقمع ‪...‬والسجون‬
‫؟‬

‫لماذا نستحل االنفراد بإبداء الرأي والمشورة مادام لصالحنا ونغضب إذا هم غيرنا برأي آخر ؟‬

‫لماذا تغفرون لليهود كل ماضيهم الملطخ بالدماء وتتسولون منهم السالم تسوال تضيق به النفس العزيزة ‪ ..‬بل‬
‫وتهرولون إليهم أمال في كسب األرباح ؟؟‬

‫لماذا تتغاضون عن مواقفهم الماضية والحالية ‪ ..‬وتتناسون نواياهم وأطماعهم ( من النيل إلى الفرات ) في الوقت‬
‫الذي ال تغتفرون لإلخوان المسلمين مواقف اضطروا إلى اتخاذها لكثرة ضغوطكم عليهم ؟ وهللا يقول ( ال يحب‬
‫هللا الجهر بالسوء من القول إال من ظلم وكان هللا سميعا عليما ) النساء ‪ 148‬لماذا تستقبلون اإلخوان المسلمين‬
‫الذين غابوا عن مص سنين طويلة تحت وطأة القهر والظلم توقفوهم في المطارات والمواني أكثر من أربع‬
‫وعشرين ساعة للتفتيش ‪ ..‬والكشف عن أسمائهم المسجلة عندكم والبحث في أوراقهم ‪..‬وإذاللهم أمام أعين‬
‫زوجاتهم وأبنائهم ‪ ..‬في الوقت الذي تحسنون استقبال السائحين اليهود وترحبون بهم ‪ ..‬وال تعرضونهم للتفتيش أو‬
‫المساءلة ‪ ..‬في حين أنهم يأتون إلى بالدنا وقد حملوا معهم على األقل اإليدز ‪....‬‬

‫والمخدرات والنوايا التي نعلمها جيد ‪ ..‬ويعلمها رب العالمين ؟‬

‫كيف باهلل عليكم سنلقي هللا ربنا ؟ وبأى وجه سنختصم إليه ؟؟؟‬

‫المواجهة‬
‫ثم لماذا ال نتوقع المواجهة القادمة مع اليهود المدججين بالسالح والحقد األسود والتأييد األمريكي ‪..‬والصمت‬
‫األوروبي ؟‬

‫لماذا ال نتوقع أننا سنصبح بين لحظة وأخري في أمس الحاجة إلى رجال مؤمنين يعشقون الموت في سبيل هللا ‪..‬‬
‫وال يخافون المواجهة ؟‬

‫ثم هل أعددنا في السنوات الماضية هذا اللون من الرجال ؟‬

‫أم كان همنا األول واألخير قتل النخوة واستبعاد معاني الجهاد في سبيل هلل ‪..‬ومحاربة الشباب المسلم في المساجد‬
‫والجامعات والنقابات حتى وزارة التربية والتعليم ألغت التاريخ اإلسالمي جملة وتفصيال لقتل معني الجهاد في‬
‫سبيل هللا إرضاء لما يسمي بثقافة السالم وليس أدل على ذلك مما فعلته وزارة التربية والتعليم بأن قامت بتهميش‬
‫التاريخ بجعله مادة اختيارية وكذلك الجغرافيا وخفض درجات اللغة العربية ليصبح اإلنسان المصري مستهدفا في‬
‫تاريخه ومكانه ولغته ذات األبعاد الثالثة البعد الديني ألنها لغة القرآن والبعد الوطني والبعد السياسي بما تربط بين‬
‫أبناء األمة العربية واإلسالمية لقد خلق إعالمنا جيال ال يعرف أن يشد الرحال إال لمباريات الكرة أو يشد الرحال‬
‫إلى ( ليالي التلفزيون ) حتى اقتلعنا من نفوس الشباب معاني الغيرة والنخوة ‪ ...‬فعبد الشيطان وعبد الشذوذ‬
‫واللذات المحرمة ‪..‬وعبد التعاطي بكافة أنواعه وعاله مظاهر الخنوثة والترف فضاع منه الهدف ‪..‬‬

‫ولم ال وقد تعمدنا في اإلعالم تمجيد كل رقيع وتلميع كل ساقط ‪ ...‬فخسفنا قيم االستقامة التي هي خير كرامة ‪..‬‬
‫وضيعنا قيم البطولة الحقة والرجولة والغيرة على حرمات هلل فلم نعد شبابا يعتز بدينه فيعزه هللا ‪.‬‬
‫أما آن األوان أن ننتبه ‪ ..‬ونوقف هذا الحقد األسود على التيار اإلسالمي الذي رضخنا فيه ألوامر استعمارية حاقدة‬
‫‪ ..‬أما آن األوان ي نعتذر عن كل هذه الجرائم في حق التيار اإلسالمي ونرحب به ‪ ..‬بل ونتعاون معه وصدق هللا‬
‫العظيم إذ يقول ‪:‬‬

‫(ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر هللا وما نزل من الحق ) الحديد ‪16‬‬

‫أليس منكم رجل رشيد يقوم فيقول كما أمر رب العالمين ( ال تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن هللا مع‬
‫الصابرين ) األنفال ‪46‬‬

‫رسالة إلى التيار اإلسالمي‬


‫أبنائي ‪ ..‬وإخواني ممن يحملون آمال هذه األمة على رءوسهم ويحركون بكلمات الحق ألسنتهم ‪ ..‬لقد دافعت عنكم‬
‫كثيرا ومن قلبي دافع عنكم الكثيرون ‪ ...‬وهللا جل جالله يدافع عن الذين منوا من قبل ومن بعد ‪ ..‬ولكني أري أن‬
‫فيكم شوكة يشاك بها الوالة والحكام ‪ ..‬وقد نهانا رسولنا صلي هللا عليه وسلم أن نؤذي حدا ولو بشوكة نشوكه بها‬
‫‪ ..‬فهلموا معي لنكسر هذه الشوكة حتى تكون صحبتكم للوالة والحكام صحبة حاملي المسك بدال من نافخي الكير ‪..‬‬

‫أيها الشباب المسلم في كل مكان دعونا نتصارح بقولة حق أرجو هللا أن تجد صدها في نفوسكم التي أحسبها‬
‫عامرة باإليمان وال أزكي على هللا أحدا ‪...‬وصلي هللا عليه وسلم ( الدين النصيحة ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫كثيرا ما حدثت نفسي عن الحكمة اإللهية من موقف أجهزة الدولة منكم ‪ ..‬وكثير ما طمئنت نفسي المهمومة‬
‫بقضايا اإلسالم والمسلمين بأنكم في حالتكم الراهنة ستدخلون الجنة بغير حساب ‪ ..‬إن شاء رب العالمين ألنكم‬
‫تبيتون كل ليلة صابرين أما الظلم والقهر واالستبعاد ‪ ..‬وكما تعلمون أن الجنة محفوفة بالمكاره والنار محفوفة‬
‫بالشهوات ‪ ..‬أقول في نفسي ربما إذا انتصر اإلسالم والمسلمون في بالدنا لدخل هؤالء الشباب النار من أوسع‬
‫األبواب ! كيف ذلك ‪..‬فقد ينقلب الحال ويركبنا الغرور باهلل ونظن أننا أحباب هللا وأصفياؤه ونركن إلى هذا‬
‫االعتقاد ونطمئن به وربما تسلل الكبر والخيالء إلى قلوبنا فنتحول بين لحظة وأخري إلى قساة غالظ القلوب ال‬
‫نرحم وال نعذر ‪ ..‬بل ربما دخلنا العجب وفتنا بتديننا وبصالتنا وصيامنا ‪ ..‬وكثرة خطانا إلى المساجد فنقع في‬
‫مكر هلل قال عمر الفاروق صلي هللا عليه وسلم لو كنت احدي قدمي في الجنة وآلخري خارجها لما أمنت مكر هللا‬
‫)وقد ننزلق لما هو أكثر من ذلك فنعتبر رئيسنا هو الحاكم بأمر هللا ( ال يسأل عما يفعل وهم يسألون ) األنبياء ‪23‬‬
‫فننزلق إلى مآثم ومظالم ال يعلم مداها إال هللا ‪.‬‬

‫فنسئ إلى ديننا وإلى أنفسنا ونصبح بين عشية وضحاها مثال سيئا أمام العالمين !! ولكم رأينا في التاريخ الماضي‬
‫والمعاصر حركة إسالمية علت وانتصرت وتمكنت فمارس القائمون عليها كل ألوان مراهقة السلطة وغطرستها‬
‫‪..‬فبطشت ( وإذا بطشتم جبارين ) الشعراء ‪ 30‬وطغت صلي هللا عليه وسلم إن من عبادي من إذا أعطيته أطغيته‬
‫وأصرت واستكبرت استكبارا فسالت الدماء أنهارا ‪.‬‬

‫فهل أعددتم أنفسكم كي ال تكرروا أخطاء السابقين والحاليين ؟‬

‫االشتراك في حكم البالد‬

‫‪-‬أيها الشباب أراكم حريصين على االشتراك في حكم البالد‪ ..‬فهل تدركون أن االشتراك في حكم البالد من أشد‬
‫الفتن ضراوة ومرارة !! ألنها أمانة وهي يوم القيامة خزي وندامة إال من أخذ بحقها وأدي الذي عليه فيها وفي‬
‫الحديث صلي هللا عليه وسلم ( الزعيم غارم) رواه حمد والشهاب ‪.‬‬

‫‪-‬هل تعرفون أن المشاركة في حكم البالد تجعلكم أمام هللا وأمام التاريخ مسئولين مسئولية كاملة عما يقع للبالد‬
‫والعباد ؟!ّ حتى أن عمر بن الخطاب الخليفة العادل قال ( صلي هللا عليه وسلم ) لو تعثرت بغل بشط لعراق لسئل‬
‫عنها عمر لما لم تمهد لها الطريق يا عمر ؟‬
‫‪-‬هل تعلمون أن نبينا صلي هللا عليه وسلم قال ( ما من أمير عشيرة إال وهو يؤتي به يوم القيامة مغلوال حتى بفكه‬
‫العدل أو يوبقه ( أى يهلكه )الجور ( الظلم )ألسنا نؤمن بحديث سيد الخلق ( صلي هللا عليه وسلم ) كلكم راع‬
‫وكلكم مسئول عن رعيته ‪ ،‬اإلمام راع ومسئول عن رعيته ‪ ..‬الخ) وفي رواية فإن هللا سائلهم عما استرعاهم ‪).‬‬

‫وعنه أنه قال ( صلي هللا عليه وسلم ) أشد الناس عذابا يوم القيامة إمام جائر )وقال سيد الخلق ( صلي هللا عليه‬
‫وسلم ) ( من واله هللا من أمر الناس شيئا فاحتجب عن حاجتهم وخلتهم ( ومصادقتهم ) وفاقتهم احتجب هللا عن‬
‫حاجته وخلته وفاقته )وقال ( صلي هللا عليه وسلم) ( ما من عبد يسترعيه هللا رعية يموت يوم يموت وهو غاش‬
‫لرعيته إال حرم هللا عليه الجنة)فهل أعددتم أنفسكم على هذا األساس من الحذر والحيطة والخوف من هللا ؟؟‬

‫نظرة اإلسالم للحاكم‬

‫أيها الشباب لنتأمل هذه اآليات البيانات من سورة البقرة حيث قال أحد أنبياء اليهود للمأل من بني إسرائيل‬

‫(وقال لهم نبيهم إن هللا قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أني يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت‬
‫سعة من المال قال إن هللا اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم وهلل يؤتي ملكه من يشاء وهللا واسع عليم )‬
‫البقرة ‪ 247‬يفهم من هذه اآليات البيانات أن وجهاء القوم من بني إسرائيل قد وقعوا في اإلثم حين اعترضوا‬
‫قائلين ‪ :‬أنهم أحق بالملك من طالوت ألنه ليس من األغنياء ‪ ...‬وهكذا رأوا أنفسهم أحق بالملك منه فرد عليهم نبيهم‬
‫بان هللا قد اصطفاه واختاره وزاده بسطة في العلم والجسم‪ ..‬وهللا سبحانه وتعالي حر التصرف في االختيار وعلى‬
‫الرعية أن ترضي وليس لها أن تعترض على حكمه سبحانه (‪ ...‬تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ‪)...‬‬
‫آل عمران ‪26‬‬

‫مكانة السلطان عند هللا‬

‫أيها الشباب أراني في حاجة كي أذكركم ( وذكر فإن الذكري تنفع المؤمنين ) الذرايات قال رسول هللا ( صلي هللا‬
‫عليه وسلم ) في حجة الوداع ( ‪ :‬يا أيها الناس اتقوا هللا واسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي مجدع ما أقام‬
‫فيكم كتاب هللا عزوجل ) رواه أحمد ونذكر هذا الحديث الشريف ليتعلم الشباب أهمية طاعة الحاكم الذي اختاره‬
‫هللا لحكم البالد فإن األمور تجري بمقادير ‪..‬‬

‫أى بقدر هللا وقدرته وفي الحديث ( صلي هللا عليه وسلم ) السلطان ظل هللا في األرض فمن نصحه ودعا له فقد‬
‫اهتدي ‪ ،‬ومن دعا عليه ولم ينصحه ضل ) رواه الديلمي ‪.‬‬

‫ولقد جعل هللا تعالي طاعة ولي األمر من طاعته وطاعة رسوله فقال تعالي ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا هللا‬
‫وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم ) النساء ‪59‬‬

‫وعن ابن عمر رضي هللا عنهما عن النبي صلي هللا عليه وسلم أنه قال ( صلي هللا عليه وسلم ( على المرء المسلم‬
‫السمع والطاعة فيما أحب وكره إال أن يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فال سمع وال طاعة ) متفق عليه ( إنما‬
‫الطاعة في المعروف ) البخاري‬

‫ونتذكر هذا الحديث الشريف لنردك أهمية طاعة الحاكم يقول ( صلي هللا عليه وسلم ( من أطاعني فقد أطاع هللا‬
‫ومن عصاني فقد عصا هللا ومن يطع ألمير فقد طاعن ‪ ،‬ومن عصي األمير فقد عصاني ) عن أبي هريرة ‪ .‬وهكذا‬
‫نري اإلسالم يقف بالمرصاد للفتن ما ظهر منها وما بطن‪ ..‬ويحاول درئها وتجنبها حتى أن الذي يخالف هذه‬
‫األحاديث الشريفة ويسبب فتنا يقول فيه سيد الخلق ( صلي هللا عليه وسلم )‬

‫(من كره من أميره شيئ فليصبر ‪ ،‬فإنه من خرج عن السلطان شبرا مات ميتة جاهلية ) متفق عليه‬

‫وعن ابن عمر ( رضي هللا عنه عن النبي (صلي هللا عليه وسلم ) من خلع يدا من طاعة لقي هللا يوم القيامة وال‬
‫حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) رواه مسلم‬
‫وقال ( صلي هللا عليه وسلم ) ( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار‬
‫أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم‪ ،‬قال ‪ :‬قلنا يا رسول هللا أفال ننابذهم ‪ .‬قال ‪ :‬ال‪ .‬ما أقاموا‬
‫فيكم الصالة ‪ ،‬ما أقاموا فيكم الصالة ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫وقد يتساءل المرء لماذا كل هذا الحرص على طاعة الحكم ؟‬

‫نقول وال ليستتب األمن في البالد ولتنتظم الحياة ولينمو المجتمع نموا مضطردا ‪ ..‬ولتنطفيء الفتن التي يستغلها‬
‫أعداء الوطن فيجهزوا علينا بسهول ونحن في غمرة النزاع المقيت ‪ ..‬لهذا قال صلي هللا عليه وسلم ( الفتنة نائمة‬
‫لعن هللا من أيقظها ) رواه الرافعي‬

‫إذا أخطأ الحاكم‬

‫فماذا يجب علينا إذا خالف الحاكم شرع هللا ‪ ،‬وشعر المحكوم بالظلم؟؟‬

‫سأل سلمة بن يزيد الجعفني رسول هللا ( صلي هللا عليه وسلم ) قال ( ‪ :‬يا نبي هللا ‪ ،‬أرأيت إن قامت علينا مراء‬
‫يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا ؟ فأعرض عنه ‪ ،‬ثم سأله ‪ ،‬فقال ( صلي هللا عليه وسلم ) اسمعوا وأطيعوا‬
‫فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم ) رواه مسلم وفي رواية ( فإن هللا سائلهم عما استرعاهم ) متفق عليه‬
‫وهكذا نري كل هذه األحاديث لدرء الفتن والحفاظ على سالمة القلوب ونجاة األوطان من المتربصين بها ‪.‬‬

‫أيها الشباب ‪ .‬الحاكم هو أحوج خلق هللا إلى دعائكم وتقديم النصيحة الذكية المتأدبة فقد قال تعال لموسي وهارون‬
‫‪..‬‬

‫(اذهبا إلى فرعون إنه طغي ‪ .‬فقوال له قوال لينا لعله يتذكر أو يخشي )طه ‪ 44- 43‬وهذه اآلية تدل على أدب‬
‫النصيحة للحاكم ‪ ( ...‬والسلطان – كما قال صلي هللا عليه ‪ :‬ظل هللا في األرض من نصحه ودعا له فقد اهتدي‬
‫ومن دعا عليه ولم ينصحه ضل ) رواه الديلمي ولقد علمنا سيد الخلق كيف نقدم النصيحة للحاكم فقال ( من أراد‬
‫أن ينصح لسلطان بأمر فال يبده له عالنية ولكن ليأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإال كان قد أدي الذي عليه‬
‫( روه أحمد ‪.‬‬

‫ويقول اإلمام الشافعي (رضي هللا عنه ‪) :‬‬

‫تعهدني بنصحك في انفرادي ‪ :‬وجنبني النصيحة في الجماعة‬

‫فإن النصح بين الناس نوع ‪ :‬من التوبيخ ال أرضي استماعه‬

‫وفي هذا الزمان يصعب بل يستحيل االتصال بالحاكم لكثرة الجنود والحراس وتعقد األمور إذن فالذي يملك‬
‫النصيحة هم أصحاب األقالم والمنابر على أن ننتقي األلفاظ الخالية من الغلظ والفظاظة وإال اعتبرت النصيحة‬
‫إهانة وفضيحة‪ ..‬فالنصيحة في العلن فضيحة كما في األثر كما أن رسول هللا صلي هللا عليه وسلم يقول ( من أهان‬
‫سلطان هللا في األرض أهانه هللا ) الترمذي ‪.‬‬

‫العدل والقوة‬

‫هل تعلمون أيها الشباب أن العدل بين الناس من أصعب األمور على النفس البشرية خصوصا الحكام ألنهم غالبا‬
‫ما يكونون محاطين بفئات من البشر قل ما توصف به إنها كاتمة للحق لصالحها الشخصي ‪ ..‬فيصعب على الحاكم‬
‫أن يثبين الحقيقة بسهولة ويس بل عليه أن يعمل عقله وقلبه وحواسه كلها ويبث عيونه حتى يتبين له الغث من‬
‫الثمين ‪..‬لهذا قال رسول هللا صلي هللا عليه وسلم ( ‪ :‬سبعة يظلهم هللا بظله يوم ال ظل إال ظله ‪ :‬إمام عادل ‪ ...‬الخ)‬
‫متفق عليه ‪.‬‬

‫بل لقد جعل هللا الحاكم العادل أرفع الناس يوم القيامة فقال صلي هللا عليه وسلم ( أن أرفع الناس يوم القيامة إمام‬
‫عادل ) أبو حنيفة ‪.‬‬
‫وقال صلي هللا عليه وسلم ( إن المقسطين عند هللا على منابر ن نور ‪ ،‬الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا )‬
‫رواه مسلم ‪.‬‬

‫ولقد جاء ذكر األمر بالعدل والقسط بين الناس في القرآن الكريم في سبع مواضع نذكر منها ‪:‬‬

‫(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين هلل شهداء بالقسط وال يجرمنكم شنآن قوم على أال تعدلوا اعدلوا هو أقرب‬
‫للتقوي واتقوا هللا إن هللا خبير بما تعملون ) المائدة ‪ – 8‬ويقول تعالي ( وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربي )‬
‫األنعام ‪152‬‬

‫وقال سبحانه وتعالي ( قل أمر ربي بالقسط ) األعراف ‪ 25‬وقال جل شأنه ‪ ( :‬وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا‬
‫بالعدل )‬

‫وقال عز من قائل ( يا داوود إن جعلناك خليفة في األرض فاحكم بين الناس بالحق وال تتبع الهوي ) ص ‪26‬‬

‫القوة‬

‫يجب أن يعلم الشباب أن اإلسالم هو دين القوة والقدرة والمؤمن القوي في الحق هو قدر هللا الغالب ‪.‬‬

‫يقول ( صلي هللا عليه وسلم ) المؤمن القوي خير وأحب إلى هللا من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫وهللا سبحانه وتعالي ال يحب الضعفاء المستضعفين ‪ ..‬لذلك عني اإلسالم في المقام األول باختيار الحاكم متميزا‬
‫في كثير من الصفات ألننا نؤجره على قيادة السفينة التي نرجو لها النجاة ‪..‬‬

‫يقول تعالي ‪ ( :‬إن خير من استأجرت القوي األمين ) القصص ‪ 26‬وفي المقابل قل سيد الخلق ( صلي هللا عليه‬
‫وسلم ) ( اإلمام الضعيف عن الحق معلون ) أبو يعلي والقوة تكون في اإليمان باهلل فال يخشي أحدا سواه ‪ ..‬وفي‬
‫رجاحة العقل وقوة األعصاب والتحمل والصبر في الشدائد ‪ ..‬وقوة األبدان التي تمنح صحبها الشجاعة واإلقدام‬
‫مع حسن التوكل على هللا ‪ ..‬فال يضعف وال يجبن يقول ( صلي هلل عليه وسلم ) ‪ ( :‬شر ما في اإلنسان جبن هالع‬
‫‪ ..‬وشح خالع ) رواه أبو داود ‪.‬‬

‫ويقول هللا تعالي ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فال تولوهم األدبار ‪.‬‬

‫ومن يولهم يومئذ دبره إال متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من هللا ومأواه جهنم وبئس المصير )‬
‫ألنفال ‪ 16-15‬فالحاكم المؤمن القوي شجاع مقدام غير هياب في الحق ( يجاهدون في سبيل هللا وال يخافون لومة‬
‫الئم )المائدة ‪ 54‬والحاكم القوي يتحكم في انفعاالته وقراراته فال يندفع وال يتسرع وال يستثار بل يتميز بالصبر‬
‫والمصابرة والمرابطة يقول تعالي ( يا أيها الذين آمنوا اصبرو وصابروا ورابطوا واتقوا هللا لعلكم تفلحون )آل‬
‫عمران ‪ 200‬والنبي صلي هللا عليه وسلم يقول ‪ ( :‬ومن يتصبر يصبره هللا ‪ ...‬وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع‬
‫من الصبر ) متفق عليه ‪ ..‬ويقول تعالي في جزاء الصابرين ‪ ( :‬إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب ) الزمر‬
‫‪. 10‬‬

‫(وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم األمور ) آل عمران ‪ ( ،186‬وبشر الصابرين ) البقرة ‪. 155‬‬

‫المواجهة‬

‫أيها الشباب المسلم في كل مكان ‪ ..‬لماذا يصفونكم األعداء واألحباب على حد سواء بالعنف والغلظة ؟؟‬

‫لماذا يخافونكم ويعتبرون مجيئكم إلى السلطة شر مستطير وتشدد وتضييق ال طاقة للناس بها؟؟‬

‫علم جيدا أن هذه األقوال افتراء محض من أعداء الدين الذين يتربصون بكم الدوائر ‪ ..‬ويوحون إلى الحكومات‬
‫بالحرص على اضطهادكم وتنحيتكم عن المشاركة السياسية والقيادية ولكن دعونا نتصارح لماذا انتشرت هذه‬
‫األفكار المخالفة لطبيعة الدين الحنيف ؟‬
‫ألم تعلموا جيدا أن اإلسالم هو دين الرحمة والتسامح والرفق الجميل ‪ ..‬والسعة والمرونة ‪ ..‬وتعدد اآلراء ‪..‬‬
‫واحترام جميع الملل والنحل حتى المشركين ؟ !!‬

‫يقول تعالي ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره ) التوبة ‪6‬‬

‫‪-‬هل يا تري العيب في طريقنا للدعوة إلى هللا‬

‫‪-‬هل آن ألوان أن نراجع نفسنا ونبحث بجدية عن الخلل ؟‬

‫دعاة ال قضاة‬

‫دعاة ال قضاة ‪ ..‬عنوان كتاب ألفه اإلمام حسن الهضيبي مرشد اإلخوان المسلمين في أواخر الستينيات بين فيه‬
‫مهمة الداعي إلى هللا والذي يجب أن يحرص على أن يكون دعوته خالصة لوجه هللا وليس من مهامه متابعة‬
‫التنفيذ أو الحكم على من دعاهم ‪ ..‬فهذا متروك هلل سبحانه وتعالي ‪ ..‬وكان هذا الكتاب ردا حاسم كتبه في سجنه‬
‫وقصد به شكري مصطفي ) وجماعته الذين أطلقوا عليهم جماعة التكفير والهجرة ) وكانوا يسمون أنفسهم جماعة‬
‫الدعوة إلى اإلسالم ) وكانوا يرون ن اإلسالم دعوة ومتابعة فمن أخذ بالدعوة كان بها ومن لم يأخذ بها دخل في‬
‫دائرة التكفير ‪ ..‬ورغم أن ( شكري مصطفي ) كان واحدا من اإلخوان المسلمين ودعوة اإلخوان المسلمين دعوة‬
‫صريحة وبسيطة وممكنة ال تشدد فيها وال تنطع إال أن شكري مصطفي رفع صوته بدعوته هذه وهو في المعتقل‬
‫واستطاع أن يستقطب إليه مجموعة من الشباب المتحمس ‪ ..‬وكان البد من أن يصدر اإلمام الهضيبي كتاب (‬
‫دعاة ال قضاه )الذي أصدره في السجن ومضمونه يظهر في عنوانه ‪ ..‬إننا دعاه إلى هللا على بصيرة وال نملك حق‬
‫محاسبة الناس وال حق تكفيرهم ‪، ..‬حسابهم على هللا ‪.‬‬

‫وأعود فأقول إن رحابة اإلسالم وجماله وسهولته ال تقر الدعوة إليه بالتضييق من مساحة الحالل وتحريم كل ما‬
‫أحله هللا من مباهج الدنيا وزينتها طالما كانت في حدود شرع هللا ‪.‬‬

‫يقول تعالي ( قل من حرم زينة هللا التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا‬
‫خالصة يوم القيامة )األعراف ‪32‬‬

‫وقال ‪ ( :‬يا بني خذوا زينتكم عند كل مسجد ) األعراف ‪ 31‬وعند كل مسجد أى في كل بقعة من بقاع ألرض‬
‫قياسا على ما قاله سيد الخلق صلي هللا عليه وسلم ‪ ( :‬جعلت لى األرض مسجدا وطهورا )‬

‫فإذا ما عبرتم عن رأيكم بحدة وغلظة عندئذ تكونون قد خالفتم أمر هللا القائل ‪ ( :‬ادع إلى سبيل ربك بالحكمة‬
‫والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) النحل ‪. 125‬‬

‫وقال تعالي ‪ ( :‬خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين )األعراف ‪119‬‬

‫وقال عز من قائل ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سالما ) الفرقان ‪. 63‬‬

‫وقال جل شأ‪،‬ه ( وال تسبوا الذين يدعون من دون هللا فيسبوا هلل عدوا بغير علم ) األنعام ‪ 108‬ويقول في كتابه‬
‫الكريم ‪ ( :‬ال يحب هللا الجهر بالسوء من القول إال من ظلم وكان هللا سميعا عليما ) ‪ 148‬النساء ‪.‬‬

‫ويقول تعالي ‪ ( :‬وال تجادلوا أهل الكتاب إال بالتي هي أحسن إال الذين ظلموا منهم ) العنكبوت ‪46‬‬

‫نحن نتمني ليال ونهارا ن يسمح للتيار اإلسالمي المستنير بالمشاركة في حكم البالد‪ ..‬ونرجو هلل العلي القدير أن‬
‫ينجح هذا التيار اإلسالمي في تقديم ولو نموذج واحد للمسلم القوي المستنير اليقظ المتفوق علميا وعقليا ‪ ..‬والعظيم‬
‫في عدله ‪ ...‬الكريم في سماحته وعفوه ‪ ..‬الوطيد في عالقته بمواله ‪ ..‬العادل في معاملة الحلق ‪ ...‬كل الخلق بال‬
‫استثناء ‪ ..‬الصبور رحب الصدر طويل البال واسع األفق ‪ ..‬نريد مثال واحدا لهذه الجماعة ‪..‬‬

‫‪-‬فهل انتم أهل لذلك؟؟‬


‫‪-‬هل أعددتم أنفسكم لتستوعبوا اإلنسانية جمعاء ؟‬

‫‪-‬هل سعيتم لتتفوقوا وتقودوا البشرية وصوال بأهلها إلى واحة السالم العادل والشامل ؟‬

‫أدب الخالف‬

‫أيها الشباب يجب أن تسلموا بأن االختالف سنة من سنن هلل الكونية فكما تختلف ألسنتنا وتختلف أشكالنا وتختلف‬
‫بصماتنا ‪ ..‬حتى بصمة الصوت مختلفة ومستقلة وأثبت العلم أن لكل إنسان بصمة في أنفاسه تختلف عن غيره‬
‫كذلك تختلف آراؤنا ‪ ..‬وهكذا أقام هللا العبد فيما أراد‪ ..‬يقول تعالي في محكم آياته ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة‬
‫واحدة وال يزالون مختلفين ‪ .‬إال من رحم ربك ولذل خلقهم ) هو ‪118 -119‬قال جل شأنه ‪ ( :‬ولو شاء ربك آلمن‬
‫من في األرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) يونس ‪99‬‬

‫وهكذا ال يجب أن يفسد الود بين الناس اختالف الرأي بل يجب أن ندرب نفسنا على قبول الرأي والرأي اآلخر‬
‫وأن نتعلم كيف نجادل بالتي هي أحسن وكيف نقدم مبدئ اإلسالم بيسر وهدوء إلى اآلخرين ‪ ..‬ومتي نتحدث ؟‬
‫ومتي نصمت ؟ وأن نبتعد عن الجدل العقيم والمماراة المقيتة يقول ( صلي هللا عليه وسلم ) عندما دخل ذات يوم‬
‫على أربعة من أصحابه ( أبي الدرداء )و( أبي أمامة ) و( وائل بن األسقع ) و (أنس بن مالك ) فوجدهم جالسين‬
‫يتجادلون ويتمارون ( أى يتناقشون ) وعلى الرغم من أن جدلهم كان في شئ من مر الدين إال أنه غضب غضبا‬
‫شديدا ثم قال صلي هللا عليه إنما هلك من كان قبلكم بهذا ( يقصد الجدل والمماراة ثم قال (صلي هللا عليه وسلم )‬
‫ذروا المراء لقلة خيره ‪ ..‬ذروا المراء فإن المؤمن ال يماري ‪ ..‬ذروا المراء فإن المماري قد تمت خسارته ‪.‬‬

‫وذروا المراء فكفي بك إثما أال تزال مماريا ‪ ..‬ذروا المراء فإن المماري ال أشفع له يوم القيامة ‪ ..‬ذروا المراء فأنا‬
‫زعيم بثالث أبيات في الجنة ‪ ..‬في رياضها ووسطها وأعالها لمن ترك المراء وهو صادق ‪.‬ذروا المراء فإن أول‬
‫ما نهاني عنه ربي بعد عبادة األوثان المراء )‬

‫وأري من المناسب أن نذكر قول اإلمام الشافعي رضي هللا عنه ‪ ( :‬ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ إن رأيي‬
‫صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب )‬

‫الغلو والتنطع‬

‫هل تخليتم أيها الشباب عن تشددكم وغلوكم في أمر الدين ؟‬

‫هل اعتدلتم ويسرتم على أنفسكم وعلى الناس حتى ال تكونوا معسرين منفرين متنطعين يقول تعالي في كتابه‬
‫الكريم ( يريد هللا بكم اليسر وال يريد بكم العسر ) البقرة ‪. 158‬‬

‫وعن أبي موسي ( رصي هللا عنه ) وعن محمد بن أبي برده أن أبيه وجده ) ‪ ( 53 /141‬أن رسول هللا صلي هللا‬
‫عليه وسلم قال ( يسروا وال تعسروا بشروا وال تنفروا وتطاوعا وال تختلفا ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫وعن ابن عباس عن رسول هللا صلي هللا عليه وسلم إياكم والغلو في الدين فإن هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين‬
‫) رواه أحمد والنسائي ‪.‬‬

‫وعن ابن مسعود قال ( صلي هللا عليه وسلم ) هلك المتنطعون قالها ثالثا) رواه مسلم ‪.‬‬

‫عن أبي هريرة ( رضي هللا عليه ) عن النبي صلي هللا عليه وسلم قل ( ‪ :‬إن الدين يسر ولن يشاد الدين احد إال‬
‫غلبه فسددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشئ من الدلجة ‪ ،‬القصد القصد تبلغوا ) رواه البخاري ‪.‬‬

‫الوسيطة واالعتدال‬

‫يقول تعالي ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) البقرة ‪. 143‬‬
‫يفهم من هذا التوجيه اإللهي ن على المؤمنين أن يتوسطوا في كل شئ ال إفراط وال تفريط‪. 0‬‬

‫قال ( صلي هللا عليه وسلم ) ( إن هللا يحب أن تقبل رخصه كما يحب العبد مغفرة ربه ) رواه الطبراني ‪.‬‬

‫وقال ( صلي عليه وسلم) الهوا والعبوا فإني أكره أن يكون في دينكم غلظة ) البيهقي ‪.‬‬

‫وقال ( صلي هللا عليه وسلم ( خير األمور أوساطها ) البيهقي ‪.‬‬

‫وصدق هللا العظيم حين قال ‪ ( :‬وابتغ فيما آتاك هللا الدار اآلخرة وال تنس نصيبك من الدنيا ) القصص ‪77‬‬

‫وكما حلل هللا الزينة والتزين فقد أباح المرح والفرح واللهو البرئ للتخفيف من قسوة الحياة فقال ( صلي هللا عليه‬
‫وسلم ) دقوا الطبول وأعلنوا الفرحة ليعلم يهود أن في ديننا فسحة ) أبو داود ‪.‬‬

‫عن ابن عباس وعلى رضي هلل عنهما أن النبي صلي هللا عليه وسلم قال ( روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن‬
‫القلوب إذا كلت عميت ) أى إذا أجهدت ‪ ..‬لم تتبين الخطأ من الصواب ‪.‬‬

‫وقال صلي هللا عليه وسلم ( روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد ) أبو داود ‪.‬‬

‫فال يجب التمادي في تحريم مساحة الحالل ألن نبينا صلي هللا عليه وسلم قال ‪ ( :‬إن محرم الحالل كمحلل الحرام‬
‫) الشهاب ‪.‬‬

‫وعنه صلي هللا عليه وسلم ( أال أنبئكم بالفقيه كل الفقه؟ قالوا ‪ :‬بلي يا رسول هلل قال ‪ :‬من لم يقنط الناس من رحمة‬
‫هللا وال يؤمنهم من مكر هللا وال يدع القرآن رغبة عن سواه أال ال خير في عبادة ليس فيها تفقه وال علم ليس فيه‬
‫تفهم وال قراءة ليس فيها تدبر الديلمي ‪.‬‬

‫وفي األثر قال صلي هللا عليه وسلم ( بعثت بالسيف واللين فوجدت اللين أشد قطعا من السيف"وعلى الذين يدعون‬
‫أصحاب المعاصي ان يرفقوا بهم ألن الحق غاب عنهم فضلوا وأضلوا لذا يجب الرفق بهم يقول صلي هللا عليه‬
‫وسلم ( إن الرفق ال يكون في شئ إال زانه ‪ ،‬وال نتزع من شئ إال شانه ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫وقل صلي هللا عليه وسلم ( من يحرم الرفق يحرم الخير كله ) رواه مسلم وعن عائشة رضي هللا عنها قالت ( ما‬
‫خير رسول هللا صلي هللا عليه وسلم ) بين أمرين قط إال أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما ‪ ،‬فإن كان إثما كان أبعد‬
‫الناس منه وما انتقم رسول هللا صلي هللا عليه وسلم لنفسه في شئ قط إال أن تنتهك حرمة هللا فينتقم هلل تعالي )‬
‫متفق عليه ‪.‬‬

‫ويقول فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي إن بعض اإلخوة يخلطون بين الصراحة والحق والخشونة في األسلوب‬
‫مع أنه ال تالزم بينهما والداعية الحكيم هو الذي يوصل الدعوة إلى غيره بألين الطرق وأرق العبارات دون أدني‬
‫تفريط في المضمون ‪.‬‬

‫وصدق هللا العظيم إذ يقول لنبيه ( فبما رحمة من هللا لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حولك ) آل‬
‫عمران ‪. 159‬‬

‫اآلباء واألمهات واألخوات‬

‫ثم تعالوا أيها الشباب نحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا رب العالمين ‪..‬‬

‫أين أنتم أيها الشباب المسلم من مرآة حق الوالدين لطالما تلقيت شكاوي األمهات واآلباء عبر الهاتف أو عن طريق‬
‫الخطابات و المقابالت الشخصية لكم رأيت األمهات حزينات مكلومات الفؤاد من أبنائهم المتدينين الذين يعاملون‬
‫األهل بالخشونة والتصلت ‪ ..‬نري الواحد منهم إذا تدين فأطلق لحيته ولبس الجلباب وبدت الزبيبة في رأسه كلما‬
‫جلست العائلة لمتابعة مسلسل تلفزيوني أو أغنية ترفيهية أو فيلما سينمائي فبدال من أن يشاركهم الجلسة العائلية‬
‫ويلحظ بنور قلبه مواطن الخلل األخالقي المقصود أو غير المقصود فينبه عائلته بإخالص وصدق ويحذرهم برفق‬
‫من مغبة سلوك بعض األشخاص في سياق الدراما ‪ ..‬نراه يقطع عليهم لذة المشاهدة ويغلق التلفاز بعصبية مقيتة‬
‫ويغلظ القول للجميع باسم اإلسالم فينفر الجميع ويدفعهم هذا التصرف المتعنت إلى التصرف سرا دون علمه ‪..‬‬
‫إلى آخر هذه المواقف الصغيرة في حجمها الكبيرة في آثارها النفسية ما هكذا تكون الدعوة إلى هللا يا بني كان من‬
‫األجدر أن تنساب بينهم وتحببهم في هللا ورسوله‪ ..‬وتنبههم بالسياسة والكياسة أن يتدربوا على التمييز بين الغث‬
‫والثمين ويحسنوا اختيار ما يمكن مشاهدته من الترفيه النظيف والفن الرفيع الراقي ‪..‬‬

‫األمية‬

‫ثم تعالوا إلى لنتساءل عن مهمة غابت عنكم منذ أمد بعيد ‪ ..‬أين نتم من المشاركة اإليجابية مع حاجيات المجتمع‬
‫أين نتم من ( مشكلة األمية ) وهي من أكبر مشكل الدول العربية واإلسالمية وهي أول ما نزل به وحي السماء‬
‫إلى سيد الخلق في دينكم ماذا فعلتم من األعمال التطوعية للقضاء على هذه الظاهرة المشينة ‪..‬؟ أين تقضون‬
‫إجازة الصيف ؟‬

‫لو أن المجتمع شعر بدوركم في مشكلة محو األمية فقط الكتسبتم ثقة الشعب وثقة الحكومة ‪ ..‬ألن اإلسالم ليس‬
‫كالما واشتغاال بعيوب اآلخرين ولكن اإلسالم عطاء وإيثار‪ ..‬يقول الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه الصحوة‬
‫اإلسالمية بين الجحود والتطرف ( يا شباب اإلسالم ‪ ،‬ال تتقوقعوا على أنفسكم تاركين الشعب وهم آباؤكم‬
‫وأمهاتكم وإخوانكم وأرحامكم ‪ ..‬انزلوا إلى الشعب واختلطوا به وعيشوا في همومه وشاركوه متاعبه ‪ ،‬اربتوا‬
‫على أكتاف المهمومين ‪ ،‬امسحوا دموع اليتامي ‪ ،‬ابتسموا في وجوه البائسين ‪ ،‬خففوا الحمل عن كواهل المتعبين‬
‫أغيثوا الملهوفين أجبروا كسر المكسورين داووا جراح القلوب الحزينة بموقف عملي أو بكلمة طيبة أو بسمة‬
‫صادقة ‪... ،‬إن القيام عبادة رفيعة القدر إن كل عمل اجتماعي نافع يعده اإلسالم عبادة من أفضل العبادات )‬

‫فهل رأيناكم أيها الشباب المسلم حيث أرادكم هللا في مواقف خيرة متجاوبة مع حاجيات المجتمع ؟؟ ال أظن ذلك ‪..‬‬

‫إذا كيف تتوقعون تأييد المجتمع وترحيب الحكومات بكم؟؟‬

‫أحسنوا الظن بالحاكم والقائمين على الدولة‬

‫أعجبني رأي قله لى المهندس إبراهيم سيد كريم ‪ .‬وهو دارس لعلم قديم حديث هو أثر اإلشكال والزوايا على‬
‫نفسية اإلنسان وروحه المعنوية وصحته العامة ‪ ..‬قال لى يوما ما ( إذا أردت أن تنهي العداوة بينك وبين أحد من‬
‫الناس ‪ ..‬فابدئي بنفسك انزعي الغل وعدم الرضا من صدرك ‪..‬وقومي بالدعاء لهذا العدو بالهداية والتوفيق ‪..‬‬
‫وعندئذ ستخرج منك إشعاعات طيبة كريمة تتجه إلى هذا اإلنسان حيثما كان فتهد من غلوائه ويستريح ويهد‬
‫ويبادلك نفس هذه اإلشعاعات وحينئذ تنتهي هذه العداوة بفضل هللا تعالي والرجل لم يقل كالما غريبا ‪ ..‬ألن هللا‬
‫تعالي قال في محكم آياته ( ادفع بالتي هي أحسن فإذ الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ‪ .‬وما يلقاها إال الذين‬
‫صبروا وما يلقاها إال ذو حظ عظيم ) فصلت ‪. 35- 34‬‬

‫يجب ان ندرك ونشعر جيدا أن الهوة شاسعة بين الحب والبغض ‪ ..‬كما يجب أن نعي جيدا أن أعداء الوطن لن‬
‫يتمكنوا من القضاء علينا إال إذا بذروا بذور الحقد والكراهية بين الشعب والحكومة ‪ ..‬عندئذ يسهل ابتالعنا حيث‬
‫ال ينفع الندم وال تغني الحسرة ‪..‬‬

‫يجب ن نكون على يقين من أن مشاعر الحب والثقة والتعاون إذا سادت المجتمعات العربية واإلسالمية نظر هللا‬
‫إلينا بعين الرضا وبارك لنا في أمتنا والنبي عليه الصالة والسالم قال ( يد هللا مع الشريكين ما لم يتخاونا فإن‬
‫تخاونا رفع هللا يده عنهما ) أى تركهما ( الشعب والحكومة ) للشيطان وحزبه وألن هللا يبغض التشاحن والتنازع‬
‫قال سيد الخلق ( صلي هللا عليه وسلم ) ( يطلع هللا عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إال‬
‫اثنين ‪ :‬مشاحن وقاتل نفس ) ابن ماجة وقال صلي هللا عليه وسلم من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه )‬

‫قال رسول هللا صلي هللا عليه وسلم ( تعر ض األعمال في كل اثنين وخميس فيغفر هللا لكل امرئ ال يشرك باهلل‬
‫شيئا إال امرءا كانت بينه وبين أخيه شحناء ‪ ،‬فيقول ك اتركوا هذين حتي يصطلحا ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫وقال تعالي ‪ ( :‬وال تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن هللا مع الصابرين ) األنفال ‪. 46‬‬
‫وقال تعالي ( واعتصموا بحبل هللا جميعا وال تفرقوا واذكروا نعمت هللا عليكم إذ كنتم عداء فألف بين قلوبكم‬
‫فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين هللا لكم آياته لعلكم تهتدون ) آل‬
‫عمرن ‪. 102‬‬

‫من الذي يبدأ بهذه الخطوة من الذي يجب عليه أن يبدأ بهذه الخطوة ؟؟ الدولة؟؟ أم نتم يا من تلبسون ثوب الدين‬
‫واإليمان ؟؟ أقول لكم من مقام األمومة أوال ثم من مقام الخوف على األمة ثانيا ‪ ..‬أنتم ‪ ..‬نعم أنتم أيها الشباب‬
‫المسلم الذي يجب عليه أن يمد يده بالصلح واألمان والسالم النفسي ‪ .‬بل بالحب والتقدير والتعاون على البر‬
‫والتقوى وإصالح ذات البين ‪.‬‬

‫ولن يتم ذلك بين يوم وليلة ولكن بشئ من الصبر والمثابرة والعمل المتقن والحرص على التقدم العلمي‬
‫والتكنولوجي والنبوغ فيه والعمل على تنمية المجتمع وحل مشاكله ‪ ..‬حتى نعين حكامنا وحكوماتنا النامية التي ال‬
‫ولن تصل إلى مستوي الدول المتقدمة إال بإخالصكم وتفانيكم ‪ ..‬مدو أياديكم لحكوماتكم وحكامكم ‪ ..‬اجعلوهم‬
‫يطمئنون إلخالصكم حتى يتفرغوا لمسئولياتهم التي تنوء عن حملها الجبال شدوا على أياديهم بالمحبة واإليثار‬
‫والعطاء بال حدود ‪ ..‬دعوا ألمن ورجاله كي يتفرغوا لمحاصرة الفساد واإلجرام ‪ ..‬بدال من أن يبذل الجهد والمال‬
‫في تتبعكم ومحاربتكم ودعوهم يطمئنون لحسن نواياكم حتى ينهضوا بمهامهم الرئيسية فينضبط المجتمع ونتخلص‬
‫من وباء المخدرات وتجار الجنس والبلطجة ‪ ..‬وانتبهوا أيها الشباب واعلموا أن النزاع بين األمن والتيار‬
‫اإلسالمي من فعل أعداء الوطن فال تقعوا في هذا الفخ اللعين ‪ ..‬أفيقوا أيها الشباب المسلم وكونوا على يقين من أن‬
‫رجال األمن والشرطة ما هم إال إخوانكم ولكنهم يعانون أشد المعاناة من جميع أشكال سلبيات المجتمع التي تقع‬
‫على عاتقهم ‪..‬أعانهم هللا ‪..‬‬

‫ايها الشباب ‪ ..‬إذا أصبح الواحد منا مسئوال عن أسرة فإن الحمل ثقيل ‪..‬فإذا اضطرته األيام إلى تحمل مسئولية‬
‫أسرة ثانية أو ثالثة كظرف وفاة أو غيره ‪ ..‬كان العبء ال يحتمل ورح الفرد منا يفكر ويدبر ويحار بالليل والنهار‬
‫فما بالكم بالحكام الذين يحملون مسئولية البالد والعباد سواء كانت مسئولية الحفاظ على الوطن من طمع الطامعين‬
‫وغدر الجبارين ‪ ..‬و مسئولية إطعام الشعب وشرابه وكسائه وتوفير السكن بكل مشتقاته من مباني ومجاري‬
‫وكهرباء وشوارع ومواصالت ‪ ..‬ثم مسئولية توفير فرص التعليم ثم التوظيف ‪ ..‬إلى آخر هذه المسئوليات لو‬
‫تصورنا حجم هذه المسئوليات ‪ ..‬فال أقل من أن ندعو هللا لحكامنا ونمد أيدينا إليهم ونأخذ بيد أنفسنا وأهلنا‬
‫ومجتمعنا حتى نخفف العبء عليهم ونكون أمام هللا قد أدينا واجبنا تجاه الحاكم والوطن وتجاه رب العالمين من‬
‫قبل ومن بعد ‪.‬‬

‫أسباب النصر‬

‫وختاما أيها الشباب البد أن نتدارس أسباب النصر ‪...‬‬

‫خصوصا في هذه األيام العجاف التي تتربص فيها بكم إسرائيل وتتحين الفرصة لتحقق عقيدتها في أرض الميعاد‬
‫وتساندها أمريكا مساندة الحبيب لحبيبه وتؤيدها وتسكت عن جرائمها بريطانيا سكوت اللئام على مائدة األيتام بعد‬
‫أن زرعت في قلب العرب إسرائيل هذا النوع من البشر الذين لعنهم هللا فقال ( ‪ :‬لعن الذين كفروا من بني إسرائيل‬
‫على لسان داوود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ‪ .‬كانوا ال يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما‬
‫كانوا يفعلون )المائدة ‪79- 78‬‬

‫وقال تعالي ( ‪ :‬لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين‬
‫قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ونهم ال يستكبرون ) المائدة ‪82‬‬

‫ويقول تعالي ‪ ( :‬وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها هللا يسعون في‬
‫األرض فسادا وهللا ال يحب المفسدين ) المائدة ‪64‬‬

‫وهكذا أيها الشباب بين يوم وليلة وجدنا هؤالء الملعونين الذين ال يتناهون عن أنواع المنكرات والمظالم‬
‫والمؤمنين بضراوة ويعملون على إشعال نار الحروب أينما كانوا ويسعون في نشر الفساد على مستوي العالم‬
‫مزروعين في أرض فلسطين ‪.‬قلب العروبة !!‬

‫‪-‬فهل أعددتم أنفسكم لهذه المواجهة القادمة بالعلم والتكنولوجيا المتطورة لحظة بلحظة ؟؟‬
‫‪-‬هل تدربتم على الدفاع عن أنفسكم أو قتال العدو إن تجاسر على قتالكم ؟‬

‫‪-‬هل أطعتم هللا وأذعنتم ألوامره حين قال لكم ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن ربط الخيل ترهبون به عدو‬
‫هللا وعدوكم وآخرين من دونهم ال تعلمونهم هللا يعلمهم ) األنفال ‪60‬‬

‫‪-‬نعم نحن ندعو إلى السالم ولكن هللا تعالي قال ( وقاتلوا في سبيل الذين يقاتلونكم وال تعتدوا إن هللا يحب المعتدين‬
‫) البقرة ‪190‬‬

‫وفي إحدي خطب النبي صلي هللا عليه وسلم ‪ ( :‬ال تتمنوا لقاء العدو واسألوا هللا العافية فإذا لقيتموهم فاثبتوا‬
‫واعلموا أن الجنة تحت ظالل السيوف ثم قاال اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم األحزاب اهزمهم‬
‫وانصرنا عليهم ) متفق عليه‬

‫هل تدارسنا ووعينا مقومات النصر على المعتدين ؟‬

‫إن النصر بيد هلل وحده ال شريك له‪ ..‬ولكن له شروط إن التزمنا بها نصرنا هللا( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا هللا‬
‫ينصركم ويثبت أقدامكم )محمد ‪7:‬‬

‫‪-‬ما معني نصر هللا ؟ هل رب العالمين في حاجة إلى نصرنا له سبحانه ؟ ال إن نصر هللا معناه االستجابة التامة‬
‫والكاملة ألوامره ونواهيه ‪ ..‬بل الترحيب واإلقبال واللهفة على مرضاته سبحانه ‪ ..‬إنه يحب أن يري عباده‬
‫ساجدين مخبتين صالحين ‪..‬‬

‫‪-‬فعالين للخيرات مقيمين حدود هللا في أنفسهم وفي الناس ‪ ..‬مجتهدين محترفين ( إن هللا يحب العبد المحترف )‬
‫روه أحمد متقنين ألعمالهم ‪ ..‬قلوبهم نقية وألسنتهم زكية وأياديهم طاهرة ونواياهم خيرة يقيمون شرع هللا في البالد‬
‫والعباد ‪ ..‬صابرين محتسبين ‪ ..‬عاملين على حسن الخالفة هلل في أرضه ‪ ( ..‬إني جاعل في األرض خليفة ) البقرة‬
‫‪30‬‬

‫الصبر ‪ ..‬الصبر‬

‫ال يجبل علينا أن نستدرج لقتال إسرائيل إال في الضرورة القصوي ذلك ألننا دعاة سالم إذا سولمنا ‪ ،‬وإن جنحوا‬
‫للسلم جنحنا وإن أرادوا القتال قاتلنا ‪.‬‬

‫والحق معنا ما دمنا نؤمن باهلل ونستجيب له فإن هللا ناصرن إذا خذنا بكل األسباب وهللا تعالي يقول ( كم من فئة‬
‫قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن هللا وهللا مع الصابرين ) البقرة ‪249‬‬

‫فالبد من الصبر واالصطبار وإعداد العدة بهمة وإخالص والبد أن نكون يدا واحدة وقلبا واحدا حتى ال يستغل‬
‫عدونا اختالف قلوبنا ‪ ..‬كما يجب أال ننسي أننا كنا في يوم ما دولة عظمي مترامية األطراف وقت كنا بكلياتنا مع‬
‫هللا فكان هللا معنا فلو عدنا لسابق عهدنا شملتنا هذه اآليات المبشرات ( إن ينصركم هللا فال غلب لكم ) آل عمران ‪:‬‬
‫‪16‬‬

‫(وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) الروم ‪47‬‬

‫(ولينصرن هللا من ينصره ) الحجرات ‪4‬‬

‫(وإنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم األشهاد )‬

‫وكما بدأت هذا الكتاب أختمه بنفس اآلية الكريمة التي تبشر بتغيير الحال ( عسي هللا أن يجعل بينكم وبين الذين‬
‫عاديتم منهم مودة وهللا قدير وهللا غفور رحيم ) الممتحنة ‪7:‬صدق هللا العظيم‬

You might also like