You are on page 1of 92

‫ب‬ ‫ط‬

‫يوميات ب‬
‫ي‬
‫س‬‫ل‬‫ا‬
‫مصرى فى عود ةي‬

‫د‪ .‬هشام الحديدى‬


‫‪1‬‬
‫الفهرس‬

‫‪ .1‬مقدمة‬
‫‪ .2‬البداية قصيمية !!‬
‫‪ .3‬البورصة السعودية‬
‫‪ .4‬الخطاب ماقبل األخير‬
‫‪ .5‬د‪ /‬مصطفى محمود عالم مات مرتين!‬
‫‪ .6‬أجمل ‪ 38‬جمله في العالم‬
‫‪ .7‬صورة‬
‫‪ .8‬آه من حواء‬
‫‪ .9‬أيام القلق فى مصر ‪ ..‬التصويت إنتخابات الرئاسة‬
‫‪ .10‬سقوط األقنعة‬
‫‪ .11‬بلد "نص لبة!! "‬
‫‪.12‬حوار مع صديق نمرود!!‬
‫‪.13‬عصام حجى ‪ ..‬شعلة األمل !‬
‫‪.14‬عمى الحاج !!‬
‫‪.15‬فى انتظار "جودو"!!‬
‫‪ .16‬الجين المصرى "المتمرد!! "‬
‫‪.17‬محددات العقل المصرى!!‬
‫‪.18‬زمن بال فرسان‬
‫‪.19‬خواطر مسافر ‪ -:‬شعب مختلف!!‬
‫‪.20‬أين الرجل الرشيد ؟!‬
‫‪.21‬تقزيم السالم !‬
‫‪.22‬حصاد السنين‬
‫‪ .23‬إحنا زى الفل!!‬
‫‪ .24‬حديث بعد الفطار؛ فى الرئيس "مرسى" و عنه!!‬
‫‪.25‬فى سجن "إسالم البحيرى!!"‬
‫‪.26‬عفوا ديكارت؛ "أنا أفكر إذا أنا مجرم!"‬
‫‪ .27‬األنموذج التركى!!‬
‫سواق أوبر يحكى‪-:‬‬ ‫‪.28‬‬
‫"‪"Ermin‬‬ ‫‪.29‬‬
‫‪ .30‬جيل عم سيد الذي مات‬
‫عقدة_المخبر‬ ‫‪.31‬‬
‫‪ .32‬الحقيقة المؤلمة‪..‬إلى متى النكار؟!‬
‫‪.33‬صديقى المهاجر الى بالد النجليز‬

‫‪2‬‬
‫‪.34‬أرجوكم ‪ ..‬إنه أبى !‬
‫‪ .35‬بائع الجرائد‬
‫‪.36‬من مذكرة طبيبة سعودية في بريطانيا‬
‫‪.37‬من أجرأ ما قرأت ‪ -:‬على المسلمين االختيار إما محمد 'السنة' أو محمد 'القرآن'‬
‫‪ .38‬كيف سنحيا غدا ؟!‪ ..‬و كيف ستكون الحياة ؟!‬
‫‪.39‬عادل الخياط‬
‫‪".40‬منى بكر" أسطورة النانوتكنولوجي‪ ..‬رحلت في غموض!‬
‫‪.41‬د‪ .‬أحمد عمار‬
‫‪I won "The Star Award", on 15th of March 2018..42‬‬
‫‪.43‬عودة "عبد هللا بن بخيت" !!‬
‫‪.44‬لماذا خسرنا فى كاس العالم؟!‬
‫‪.45‬هذا هو أبى‬
‫‪".46‬بين المنطق و المنطوق"‪ ..‬مشكلة العقل فى بالدى!‬
‫‪.47‬فن إغتصاب العقول‬
‫‪.48‬خرافة و تخاريف؛ العقل العربى!!‬
‫‪ .49‬تليفون نصف الليل‬
‫‪ .50‬ا‪.‬د‪ .‬حسام موافى‬
‫‪ .51‬معجزة نقل األعضاء تتحدى فتاوى األولياء‬
‫‪.52‬أنا عندي أطفال!‬
‫‪.53‬رأيى الشخصى فى‪ -:‬التطبيع مع اسرائيل!!‬
‫‪.54‬د‪ .‬سولك‬
‫‪.55‬شاهد "عيان!!"‬
‫‪.56‬رسالة الى صديقى األردنى ؛ "مازن داود"‬
‫‪ .57‬فى ذكرى وفاة إبنى "مهند"‬
‫‪ .58‬أينشتاين‬
‫‪ .59‬الطب" ‪ ،‬من مهنة إنسانية ‪ ،‬إلى "مهلة استثنائية!! " التنمر ضد األطباء ‪ ..‬من يدفع الثمن ؟!‬
‫‪.60‬قدر العلماء فى بالدى!‬
‫‪ .61‬متى يقول علماؤنا كلمتهم ؟!‬
‫‪ .62‬اليوم الثانى‬
‫‪ .63‬خطابى فى حفل وداعى‬
‫المصادر‬ ‫‪.64‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬
‫قضيت أنا الموقع أدناه‪ 29 ،‬عاما بالتمام و الكمال‪ ،‬فى المملكة العربية السعودية‪ ،‬عامال فى مستشفياتها‪ .‬و تحديدا منذ أخريات‬
‫العام ‪1993‬م (‪ 1414‬هـ) الى أوائل العام ‪ 1443( 2022‬هـ)‪ .‬و تلك كانت تجربة ثرية بكل معنى الكلمة‪ .‬فقد شكلت جل خبرتى‬
‫الحياتية الستينية (اآلن)‪ .‬إذ أنى تخرجت من كلية طب القصر العينى (جامعة القاهرة) فى ديسمبر ‪ ، 1984‬بعدها كانت سنة‬
‫التدريب الجبارى (المتياز) ثم سنة التكليف‪ ،‬فسنوات نيابة الجراحة العامة‪ ،‬حتى حصلت على ماجستير الجراحة فى العام‬
‫‪ ، 1991‬بعدها سافرت لمدة عام الى الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬لكى أعود من هناك مباشرة إلى السعودية‪ .‬الشاهد فى ذلك أن‬
‫مجمل خبرتى الحياتية‪ ،‬والتى يبدأ حسابها من بعد فترة الدراسة و الكلية‪ ،‬و بدءا من الحتكاك المباشر بالمرضى من عامة‬
‫الشعب‪ ،‬لم تكن خبرتى تتجاوز الخمس سنوات‪ ،‬و بالطبع كانت من دون مسئولية قانونية‪ ،‬إذ أن الستشاريين و األخصائيين‪،‬‬
‫كانوا يتحملون تغطية األخطاء الطبية‪ ،‬بإعتبارنا الفريق األصغر (‪ ،)Junior Staff‬و تحت التدريب‪.‬‬
‫أو هكذا بدأت حياتى العملية‪ ،‬فى مجتمع غريب عنى و أنا غريب عنه‪ ،‬ليس هذا فقط‪ ،‬بل و رأيتنى محاسبا على أى خطأ طبى و‬
‫غير طبى‪ ،‬مما دعانى‪ ،‬أنا و زمالء رحلة الغتراب‪ ،‬إلى البقاء معظم الوقت‪ ،‬فى الوضع "إنتباه"!!‪ .‬و بدأ "عداد السنين" يعمل‬
‫و يعد‪ .‬و مرت األيام‪ ..‬فى البدء كانت ثقيلة بطيئة‪ ،‬ولكن ما أن ألفنا الوضع ـ بعد ‪ 3‬سنوات ـ و فككنا الشفرة المجتمعية‪ ،‬إلى حد‬
‫معقول‪ ،‬حتى هدأت التوترات‪ ،‬و بدأنا مرحلة جديدة من التصالح مع المكان و الزمان والنسان‪.‬‬
‫لم نكن نحن فقط الذين نتغير‪ ،‬بل إن المملكة كلها كانت تتغير‪ .‬و رغم أن التغيير فى بدايته‪ ،‬أو قل فى بداية رحلتنا (حيث أنه‬
‫يقينا كان قد بدأ ربما قبل أن نولد نحن) كان حثيثا‪ ،‬إال أنه كان واثقا و مبهجا‪ .‬فعلى سبيل المثال و ليس الحصر‪ ،‬كان سفر المقيم‬
‫من "القصيم" إلى "الرياض" (العاصمة) باألوتوبيس‪ ،‬يلزمه خطاب موافقة الكفيل (‪ ،)Travel Letter‬وفى استراحة ما‪ ،‬فى‬
‫منتصف الطريق‪ ،‬فإن رجال من رجال الشرطة سوف يطلبه منك‪ .‬أما اليوم فقد أمكننى إصدار تأشيرة دولية متعددة‪ ،‬لمدة عام ‪،‬‬
‫لبنتى التى تدرس فى القاهرة‪ ،‬كى تزورنا فى أى وقت تشاء‪ .‬و تلك التأشيرة أنا بنفسى الذى أصدرتها عن طريق موقع‬
‫"أبشر"(وزارة الداخلية) على النترنت‪ ،‬فى دقيقة واحدة و من دون ورق‪.‬‬
‫هذا ناهيك عن الطفرة الجتماعية الهائلة التى حدثت‪ ،‬من حيث؛ قيادة المرأة للسيارة و إختراقها كافة أسواق العمل‪ .‬و إجماال؛‬
‫تحجيم سطوة "المطوعين" إلى حد كبير ‪ ،‬و النطالق بالمملكة نحو الحداثة و المعاصرة‪.‬‬
‫و اآلن‪ ،‬فإن ما دعانى إلى تسجيل تلك المذكرات‪ ،‬هو بلوغى "سن التقاعد"‪ ،‬بل إنى قد تجاوزته بعامين‪ ،‬نظرا لظروف كورونا‬
‫(‪ ،) Covid-19‬و من ثم صار على أن أرحل‪ .‬فلقد انتهت الرحلة‪ .‬وهى رحلة بدأت بالدموع و انتهت بالدموع‪ .‬ولكن شتان بين‬
‫البداية و النهاية‪ ،‬فـ بكاء البداية كان خوفا من المجهول‪ ،‬أما بكاء النهاية‪ ،‬فقد كان عشقا للمعلوم‪.‬‬
‫و مذكراتى تلك‪ ،‬هى ليست يوميات‪ ،‬بقدر ما هى إنطباعات و إنفعاالت مؤطرة أو آراء استشرافية‪ ،‬و أيا ما كانت‪ ،‬تلك‬
‫المذكرات‪ ،‬فإنها وليدة المكان و الزمان‪ ،‬وهو ما يمنحها برأيى‪ ،‬شرعية النتماء و مشروعية الدعاء‪.‬‬
‫أسعد هللا أوقاتكم أينما كنتم‪ ،‬و متعكم بالصحة و السعادة‪.‬‬
‫د‪ .‬هشام الحديدى‬
‫‪2022/2/ 22‬‬

‫تنويه‬
‫جميع الروايات و األحداث التى وردت فى هذا الكتاب؛ حقيقية‪ ،‬أما أسماء األشخاص فهى مستعارة‪ ،‬حرصا من الكاتب على‬
‫خصوصيتهم !‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ 5‬أكتوبر ‪1993‬‬

‫البداية قصيمية !!‬


‫عدت من أمريكا فى أخريات العام ‪ ، 1992‬بعد أن قضيت عاما كامال فى "نيويورك"‪ ،‬كنت أتكسب خاللها عن طريق بعض‬
‫الترجمات التى كنت أرسلها لجريدة "العالم اليوم"‪ ،‬و التى كان يرأس تحريرها "عماد الدين أديب"‪ ،‬شقيق التلفزيونى‬
‫المعروف؛ "عمرو أديب"‪.‬‬
‫وتزوجت فى شهر مايو من العام ‪ ، 1993‬و بعد فترة قصيرة من الزواج‪ ،‬بدأت أنا و زوجتى فى تفعيل الخطة المتفق عليها‬
‫مسبقا ‪ ،‬أال وهى السفر للخليج‪ .‬و أجريت أنا و هى عدة مقابالت مع أطباء سعوديين‪ ،‬قدموا إلى مصر بغرض النتقاء من بين‬
‫المتقدمين للعمل فى المملكة‪ .‬و كانت النتيجة أن فزنا بعقد عمل فى القصيم‪ ،‬مع شركة "الزامل للصيانة و التشغيل"‪ ،‬أنا‬
‫كأخصائى جراحة عامة براتب شهرى قدره ثالثة آالف و خمسمائة لاير(‪ ، )3500‬و زوجتى كأخصائية نساء و توليد براتب‬
‫يزيد على راتبى بـ ‪ 350‬لاير (ثالثمائة و خمسون)‪ ،‬على اعتبار كونها أخصائية نسا‪ ،‬فهى عملة نادرة‪.‬‬
‫وقتها كان برميل البترول يتراوح ما بين ‪ 12‬و ‪ 14‬دوالرا ‪ ،‬و الريال يتأرجح حول ‪ 92‬قرشا مصريا ‪ ،‬و الدوالر كان مستقرا‬
‫حول ثالثة جنيهات ونصف‪ ،‬ما يعنى أن راتبى الشهرى كان يبلغ ‪ 930‬دوالرا أمريكيا أو ما يعادل ‪ 3300‬جنيها مصريا على‬
‫أقصى تقدي ر ‪ .‬و كان ذلك هو السائد وقتها‪ ،‬بل كنا نعتبر أنفسنا محظوظين‪ ،‬فالمستشفى ؛ "الملك سعود ‪/‬عنيزة ‪ /‬القصيم" هى‬
‫مستشفى حكومى‪ ،‬و تاليا فأمورها المادية سوف تكون مستقرة‪ ،‬و هذا بعكس المستوصفات الخاصة‪ ،‬التى تتذبذب أحوالها‬
‫المادية ربحا و خسارة‪ ،‬ما ينعكس بالسلب على أوضاع العاملين بها‪.‬‬
‫وصلنا الى مستشفى "الملك سعود" العام فى عنيزة‪ ،‬يوم األحد الثالث من أكتوبر عام ‪ 1993‬و تم تسكيننا بسكن المستشفى‪ ،‬وفى‬
‫المساء دعينا للقاء المدير الطبى؛ "د‪ .‬سختيان" و كان أردنيا من أصول أرمنية و يتحدث العربية بطالقة‪ .‬كان اللقاء فى إحدى‬
‫القاعات بمبنى المستشفى الرئيس‪ .‬كنا حوالى ‪ 27‬طبيبا مصريا من مختلف التخصصات‪ .‬و بعد كلمات الترحيب من إدارة‬
‫المستشفى‪ ،‬طلب منا د‪ .‬سختيان‪ ،‬أن نقدم أنفسنا؛ السم و التخصص‪ .‬و كان يدون بعض المالحظات فى ورقة بيده‪ .‬ثم طلب من‬
‫أربعة من األطباء‪ ،‬كنت أنا منهم‪ ،‬أن نتنحى جانبا‪ ،‬بينما أذن للباقين أن ينصرفوا‪ .‬وتقدم إلينا و معه طبيب آخر ‪ ،‬بدا عليه أنه‬
‫باكستانى‪ ،‬قدمه لنا بإسم ؛ دكتور "أرشد خان" و أنه مدير الطوارئ الذى سوف ننضم له نحن األربعة‪ .‬ثم انصرفنا إلى مساكننا‪،‬‬
‫على أن نبدأ العمل صباحا‪ ،‬كل فى قسمه‪.‬‬
‫لم تكن مفاجأة لى ؛ توزيعى إلى قسم الطوارئ‪ ،‬إذ تخيلت أن األوراق التى أرفقتها بسيرتى الذاتية‪ ،‬وهى تثبت أن الفترة التى‬
‫قضيتها فى القصر العينى‪ ،‬كـ "نائب زائر" للحصول على ماجستير الجراحة العامة‪ ،‬كانت فى قسم المرحوم العظيم أ‪.‬د‪ /.‬نبيل‬
‫عبد المجيد ‪ ،‬و كان من حظى أن ذلك القسم و كل طاقمه الطبى‪ ،‬كانوا مكلفين بتغطية طوارئ الجراحة فى القصر العينى‪ .‬و‬
‫هكذا تخيلت بحسن نية‪ ،‬أنه بناء على خبرتى فى التعامل مع الحوادث الجراحية‪ ،‬فإنى سأنضم لفريق الطوارئ‪ ،‬لكى أتعامل فقط‬
‫مع الحاالت الجراحية فقط‪ .‬هذا ما تخيلته‪.‬‬
‫و بدأت العمل بحماس فى قسم الطوارئ‪ ،‬و فوجئت منذ اليوم األول‪ ،‬بأنه يتوجب على أن أفحص حاالت النزلة المعوية لألطفال‬
‫و الكبار و حاالت الربو و حاالت الصداع و سقوط الشعر ‪..‬إلخ‪ .‬وهى أمور بعيدة كل البعد عن تخصصى‪ .‬ليس هذا فقط‪ ،‬بل ان‬
‫آخر مرة تعاملت مع مثل هاتيك الحاالت‪ ،‬كان فى عام ‪ ، 1986‬عام التكليف فى الصعيد‪ ،‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬أى منذ ‪ 7‬سنوات‪،‬‬
‫فارقت التخصصات الغير جراحية تماما‪ .‬ولم أكن وحدى فى ذلك‪ ،‬فلقد اكتشفت أن كل الزمالء فى قسم الطوارئ‪ ،‬قادمون من‬
‫تخصصات مختلفة و أحيانا متناقضة‪ .‬فزميلنا "تامر حمودة" كان أخصائى أمراض نساء و توليد‪ ،‬و بالطبع لم يكن له ليمد يده‬
‫على أى امرأة "قصيمية"‪ ،‬و كان عليه أن يقبل بعمله فى الطوارئ‪ .‬كذلك كان زميلنا "عبد العزيز أبو العال" أخصائى جراحة‬
‫عامة‪ .‬و كذلك كان باقى الزمالء‪ .‬و الحق أنه ال لوم على الدارة الطبية فى هذا التشكيل‪ ،‬فآنذاك لم يكن للطوارئ تخصص قائم‬
‫بذاته‪ ،‬ال فى مصر وال فى السع ودية‪ .‬و كان العرف السائد‪ ،‬أن كل األقسام تغطى الطوارئ بالتتابع‪ .‬و هكذا كان علينا أن نعيد‬
‫تصفح كتب الطب فى التخصصات األخرى‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫شئ آخر الحظته مبكرا‪ ،‬وهو أنى وكل زمالئى فى الطوارئ‪ ،‬كنا ذوى أجسام رياضية و طويلى القامة‪ ،‬مقارنة مثال بباقى‬
‫زمالئى الذين ذهبوا الى قسم الجراحة‪ ،‬و غيرهم فى األقسام األخرى‪ .‬وهى مالحظة أسقطتها من حسابى سريعا‪ ،‬إذ لم يدر‬
‫بخلدى إطالقا أن "د‪ .‬سختي ان" كان يقارن أطوالنا‪ ،‬فى المساء األول لوصولنا المستشفى‪ ،‬و إذا كان ذلك كذلك‪ ،‬فما الدافع؟!‪.‬‬
‫ثم ما هو إال أسبوع أو يزيد‪ ،‬حتى وجدت أحد الزمالء يجرى فزعا فى أروقة الطوارئ‪ ،‬و خلفه يهرول أحد "المراجعين"‪ ،‬وهو‬
‫يسبه و يهدد و يتوعد‪ .‬و ما كان منا‪ ،‬باقى الطاقم‪ ،‬إال أن أخلينا الطريق أمام المتسابقين‪ .‬وقتها أدركت ما كان يعنيه مديرنا‬
‫الطبى‪ ،‬من إهتمامه بلياقتنا البدنية‪.‬‬
‫*** فى أول يوم راحة من العمل‪ ،‬أخذنا أنا و زوجتى نتمشى داخل المجمع السكنى للمستشفى‪ ،‬ووصلنا الى المركز الترفيهى‬
‫(‪ )Recreation Centre‬و دخلنا الى منطقة حمام السباحة‪ ،‬و كانت زوجتى آنذاك غير محجبة‪ ..‬و كان الوقت ظهرا‪ ،‬حين‬
‫اندفع إلينا أحد رجال األمن من ذوى اللحى الكثيفة و الطويلة‪ ،‬و كان غاضبا جدا و صاح فينا ‪"-:‬من أنتم ؟؟"‪..‬و عرفناه بأنفسنا‪،‬‬
‫فلم يهدأ و استمر يصيح ‪" -:‬ممنوع يادكتور ان زوجتك تخرج من بيتها سافرة بهذا الشكل‪..‬ولو الموضوع ده وصل الدكتور عبد‬
‫العزيز السواح‪..‬ح يعاقبكم ‪..‬اتفضلوا امشوا من هنا حاال و إال ح أبلغ د‪ .‬عبد العزيز بنفسى"!‪.‬‬
‫عدنا أدراجنا و نحن نكاد نبكى من هول الصدمة‪ ،‬و أدركنا وقتها أن ما سمعناه عن التزمت الدينى و العادات و التقاليد الصعبة‪،‬‬
‫لم يكن مزحا‪ .‬و بدأت زوجتى تتحجب بعض الوقت‪ ،‬ثم كل الوقت ثم ضعف الوقت‪ .‬ثم حدث أن كنا –بعض العائالت ـ نتجول‬
‫فى مدينة عنيزة‪ .‬حيث كان أوتوبيس العائالت يقلنا مرتين أسبوعيا‪ ،‬من داخل مبانى المستشفى‪ ،‬حيث نقطن (و كانت المستشفى‪،‬‬
‫التى تبدو و كأنها مدينة طبية‪ ،‬تقع فوق هضبة تبعد عن قلب المدينة حوالى ‪ 6‬كيلومترات)‪ ،‬يقلنا األوتوبيس تارة إلى السوبر‬
‫ماركت األكبر بالمدينة‪ ،‬و ينتظرنا لمدة ‪ 3‬ساعات‪ ،‬نتسوق خاللها‪ .‬و تارة أخرى ينقلنا الى منطقة األسواق الشعبية و التى بها‬
‫الخضراوات و الفاكهة و اللحوم ‪..‬إلخ‪ .‬و ذات مرة‪ ،‬و بينما كن ا نتسوق ‪ ،‬تقدم أحد المواطنين منا أنا و زوجتى‪ ،‬و قال لى بتجهم‪،‬‬
‫مشيرا الى زوجتى‪ -:‬هل هذه زوجتك ؟!‪..‬‬
‫قلت له مرتبكا من الصدمة‪ -:‬نعم‪..‬هى زوجتى‪.‬‬
‫قال لى‪ -:‬و األخ مصرى ؟!‬
‫قلت له ‪ -:‬نعم‬
‫قال لى بإستهجان ‪ -:‬أليس عيبا أن تكون من بلد األزهر و رجال الدين العظام‪ ،‬و تترك زوجتك متبرجة هكذا ؟!!!‬
‫نظرت الى زوجتى‪ ،‬متحققا مما يقول‪ ،‬فوجدتها‪ ،‬على ما خرجت عليه من شقتنا بالمستشفى؛ منقبة من الرأس الى القدمين‪،‬‬
‫بغطاء أسود‪ ،‬لم يستثن حتى العينين !!‬
‫فقلت له بإندهاش ‪ -:‬أين هذا التبرج ؟!‬
‫فأشار من بعيد إلى شريط مذهب‪ ،‬ملتصق بنهاية غطاء الرأس‪ ،‬و قال لى‪ -:‬و هذا الشريط األصفر ‪،‬أليس ملفتا للنظر‪ .‬قلت له‬
‫وقد صدمنى منطقه‪ -:‬عندك حق فعال ‪..‬لن نفعل ذلك مرة أخرى!!‪ .‬وصعدنا أنا و زوجتى الى الباص‪ ،‬حتى ننهى هذا الموقف‪.‬‬
‫وهكذا كان "المطوعون"(جماعة األمر بالمعروف) ينتشرون فى كل مكان‪ ،‬يزجرون الناس بالشوارع وقت الصالة‪ ،‬لدفعهم الى‬
‫المساجد‪ ،‬و يتسلقون المبانى و يلقون باألطباق (مستقبالت الفضائيات) التلفزيونية‪ ،‬التى بدأت تنتشر آنذاك‪ ،‬إلى األرض‪ ،‬و‬
‫يلقون القبض على أى مدخن أو من يجهر بمعصية‪ .‬و كان المعروف لكل الناس‪ ،‬فيما عداى‪ ،‬أن منطقة القصيم هى معقل التشدد‬
‫الدينى و التزمت األخالقى‪ ،‬وال مانع من بعض التعصب الجهوى‪ ،‬و تاليا‪ ،‬فإنها كانت أقل المناطق جذبا للعمالة فى المملكة‪ .‬و‬
‫انعكس ذلك على حوادث العنف و الجرائم التى كانت تأتينا فى قسم الطوارئ‪ .‬أذكر ذات مرة أن خادمة أثيوبية وضعت طفل‬
‫كفيلها‪ ،‬والذى لم يتم عامه األول بعد‪ ،‬فى فرن "البوتاجاز" و أشعلت الفرن‪ ،‬انتقاما من كفيلها على سوء معاملته لها‪ .‬وقد أتى‬
‫األهل بالطفل وهو متفحم تماما‪ ،‬و معهم الخادمة القاتلة و كانت هادئة تماما‪ ،‬ما عنى لنا أنها وصلت الى حالة نفسية معقدة تكاد‬
‫تتساوى و حاالت النتحار‪ .‬وما هى إال دقائق معدودة إال ووصلت الشرطة‪ ،‬كى تتولى الموضوع برمته‪ ،‬و كان ما على فقط؛‬
‫كتابة تقرير وفاة الطفل‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫بصفة عامة‪ ،‬كان مناخ المستشفى متوترا‪ ،‬أما الطوارئ فكانت ترقص فوق صفيح ساخن‪ ،‬وكانت كلمة "إنهاء التعاقد"‬
‫(‪ )Termination‬هى األكثر حضورا بين الزمالء و الموظفين و الدا ريين‪ ،‬بأكثر من كلمات التحية أو التعارف‪ .‬فإذا أخذنا فى‬
‫العتبار أن الوافد ‪ ،‬قد دفع مقدما إلى مكتب التوظيف فى بلده‪ ،‬مبلغا كبيرا من المال قد يبلغ راتب عدة أشهر فى الغربة‪ ،‬ألدركنا‬
‫كيف أن "إنهاء التعاقد"‪ ،‬يمثل عقابا مؤلما ألى مغترب‪.‬‬
‫يوما ما قال لى أحد موظفي الستقبال بود مصطنع ‪ -:‬تدرى أن الدكتور "عبد هللا البداح"‪ ،‬يصلى الفروض الخمس فى المسجد ؟‬
‫أنا (بإندهاش)‪So what ?!! -:‬‬
‫يرد الموظف ببرود ‪ -:‬يعنى أن الدكتور عبد العزيز لن يراك و لن يعرفك‪ ،‬ألنك ببساطة ال تصلى فى المسجد‪ ..‬هذا بفرض أنك‬
‫تصلى أساسا‪.‬‬
‫رددت و أنا أكظم غيظى‪ -:‬أشكرك على النصيحة !!‬
‫و بدأت أتردد على المسجد‪ ،‬وتعرفت عن بعد على "المرعب" (د‪ .‬عبد هللا البداح)‪ ،‬و صدقت فعال أنه من الممكن أن يألف وجوه‬
‫من يصلون فى المسجد‪ ،‬و تاليا فذا قد يمنحهم ميزة نسبية فى سيرورة العمل فى المستشفى!!‪ .‬و ألنى وقتها –لألسف – لم أكن‬
‫ملتزما‪ ،‬أؤدى الفروض‪ ،‬و لكن ليس من بينها ارتياد المساجد‪ ،‬لذلك تفتق ذهنى الشيطانى‪ ،‬عن حل صبيانى؛ أال وهو أننى فى‬
‫المرة الواحدة التى أذهب فيها يوميا للمسجد‪ ،‬فإننى أبحث بطرف عينى‪ ،‬عن "البداح"‪ ،‬فإذا صادفته‪ ،‬فإنى أسارع بالوقوف‬
‫للصالة بجواره‪ ،‬فإذا قال المام ‪" -:‬تماسوا تراحموا " ‪ ،‬ضربت قدمى فى قدمه بمنتهى العنف و اليالم‪ .‬و كما توقعت‪ ،‬فبعد‬
‫مرات قالئل من زيارتى للمسجد‪ ،‬صار "البداح" ينصرف بسرعة من جوارى‪ ،‬قبل أن أضرب قدمه‪ .‬و هنا أدركت أن حيلتى‬
‫الشيطانية قد نجحت!‪.‬‬
‫فى القصيم‪ ،‬رزقنى هللا بأول فرحتى و أول أبنائى "زياد"‪ ،‬فى األول من أغسطس للعام ‪ .1994‬و قررت زوجتى عقب الوالدة‪،‬‬
‫أن تكمل أجازتها للرضاعة فى مصر ‪ ،‬و بالفعل تركتنى بعد الوالدة بأسبوعين‪ .‬و من هناك أخبرتنى؛ أنها لن تعود قبل عامين‬
‫على األقل (سن الفطام)‪ .‬و هنا بدأت حياتى الشخصية فى الضطراب‪ ،‬فالعمل‪ ،‬و إن كان ليس مرهقا‪ ،‬إال أنه حافل بالتوترات‬
‫المجتمعية و الدارية‪ ،‬و البيت خاليا إال من التلفزيون الحكومى العادى ذى القناتين األرضيتين‪ ،‬حيث أن الفضائيات آنذاك‪،‬‬
‫يلزمها طبق (دش) مخالف للشريعة‪ ،‬لن يصمد لساعات أمام هجوم المطوعين‪ ،‬الذين ال يترددون أيضا عن التنمر بصاحب‬
‫الطبق‪ ،‬إذا لزم األمر‪.‬‬
‫*** بدأت أرسل سيرتى الذاتية لمستشفيات أخرى‪ ،‬فى مناطق أخرى بالمملكة‪ ،‬و بالفعل بدأت الردود تصلنى بالبريد الورقى‬
‫التقليدى (ساعى البريد)‪ ،‬حيث لم يكن البريد اللكترونى (‪ )email‬قد نشط بعد‪ .‬و أعجبنى آنذاك عرضا جاءنى من الظهران‬
‫(المنطقة ال شرقية)‪ ،‬للعمل هناك فى "مجمع الملك فهد الطبى العسكرى" (‪ .)KFMMC‬و كانت الظهران‪ ،‬و المنطقة الشرقية‬
‫عموما‪ ،‬حلم كل من يطأ السعودية للعمل و القامة‪ .‬بعد ذلك بعدة أيام تم –عن طريق التليفون األرضى –تحديد موعد للمقابلة‬
‫الشخصية‪ ،‬هناك فى المستشفى العسكرى بالظهران‪ .‬و انتابتنى مشاعر متضاربة‪ ،‬هى خليط بين الفرح و الثارة و القلق‪.‬‬
‫وفى اليوم و الساعة المحددة مسبقا‪ ،‬حملتنى سيارة المستشفى التى كانت فى انتظارى‪ ،‬من مطار الظهران القديم‪ ،‬و كان مطارا‬
‫محليا صغيرا و يقع بالقرب من فندق "القصيبى"‪ ،‬بما ال يقارن بمطار "الملك فهد الدولى"‪ ،‬الموجود حاليا‪ .‬و بعد ربع الساعة‪،‬‬
‫كنت فى مكتب واحد من أجمل الشخصيات التى قابلتها فى حياتى ؛ "د‪ .‬عبد العزيز النويصر الحريقى"‪ ،‬وهو استشارى أمراض‬
‫صدرية و يتولى منصب رئيس قسم ؛ "الطوارئ و العيادات األولية" بالمجمع العسكرى‪ .‬كانت المقابلة عبارة عن أسئلة طبية‬
‫تدور حول الحاالت الطارئة و الحوادث ‪..‬إلخ‪ ،‬و استغرقت قرابة الساعة‪ ،‬و بعد أن اطمأن كالنا إلى النتيجة اليجابية للمقابلة‪،‬‬
‫دعانى "د‪ .‬نويصر" إلى الغذاء فى كافيتريا المستشفى‪ ،‬و نحن فى الطريق‪ ،‬سألنى عن هواياتى‪ ،‬لكى نفاجأ بأننا أصحاب‬
‫هوايات أدبية مشتركة‪ ،‬فلقد كان أديبا و شاعرا من طراز رفيع‪ .‬و بدأنا حديثا شيقا و جميال عن األدب و األدباء‪ ،‬و تبادلنا بعض‬
‫المقطوعات الشعرية‪ ..‬كم هو جميل "د‪ .‬نويصر"‪ ،‬متعه هللا بالصحة و السعادة‪.‬‬
‫غادرت المجمع العسكرى‪ ،‬و كلى لهفة للعودة إليه عامال ال زائرا‪ .‬وهو ما حدث فعال فى منتصف يناير من العام ‪ ، 1996‬لكى‬
‫أبدأ مرحلة جديدة فى حياتى‪ ،‬مختلفة تماما عن كل ما سبقها ‪ ،‬إطارها العام‪ ،‬و الحمد هلل‪ ،‬كان الهدوء والكياسة فى التعامل و‬
‫توطيد أسباب السعادة !!‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫كانت شركة "ويتكر"(‪ ،) Witekar‬وهى شركة أمريكية سعودية مشتركة‪ ،‬هى من يتولى تشغيل المستشفى آنذاك‪ .‬و كانت ترتب‬
‫لنا رحلة كل يوم جمعة‪ ،‬بالباصات‪ ،‬إلى مدينة "الجبيل" الساحلية‪ ،‬حيث كنا نقضى جل النهار فى فندق "الموفينبيك" المطل على‬
‫الخليج‪ .‬أما رحالت التسوق‪ ،‬فكانت مساء كل يوم‪ ،‬و تتجه إلى مدينة "الخبر" الساحرة‪ .‬و التى قيل أن األمريكان هم الذين‬
‫طوروها عمرانيا‪ ،‬كى تكون متنفسا لألجانب العاملين فى شركة "أرامكو" البترولية‪.‬‬
‫الرحلة للخبر(‪ 15‬كيلومتر)‪ ،‬كانت ممتعة‪ ،‬بدءا من التجمع داخل المستشفى و األوتوبيس‪ ،‬ثم النتشار فى أرجاء المدينة الجميلة‪،‬‬
‫إنطالقا من موقف األوتوبيس بجوار سوبرماركت "المزرعة ‪ .)Farm 9( "9‬و كثيرا ما كنا نذهب الى الخبر مع بعض‬
‫الزمالء و عائالتهم‪ ،‬فى سيارة أحدنا‪ ،‬فنفترش إحدى الحدائق الواسعة‪ ،‬داخل المدينة أو بمحاذاة الساحل‪ ،‬و ينطلق أطفالنا‬
‫يلعبون‪ ،‬بينما نتولى نحن الكبار عملية الشواء على الفحم‪.‬‬
‫أما مدينة "الدمام"‪ ،‬فهى الشقيقة الكبرى لمدينة "الخبر"‪ ،‬و تقع على نفس المسافة من المستشفى‪ ،‬و لكن فى اتجاه مختلف‪ .‬و فى‬
‫الدمام‪ ،‬تقع جل المصالح الحكومية و البلدية و أسواق الجملة و القطاعى‪ ،‬ما جعلها شعبوية بإمتياز‪ .‬و صار العرف السائد‪ ،‬أن‬
‫معظم الموظفين و العاملين الذين يعملون فى الخبر‪ ،‬يسكنون الدمام ألنها األرخص فى المعيشة‪ .‬فى حين يسكن كبار الموظفين‬
‫و علية القوم؛ الخبر ‪ .‬أما المنطقة كلها؛ شاملة مستشفانا و شاطئ "نصف القمر"(‪ )Half Moon‬فتعرف بمنطقة "الظهران"‪ .‬و‬
‫لفظة الظهران‪ ،‬كان لها وقع ساحر و جميل علينا مذ وطئت أقدامنا السعودية‪ ،‬فقد كانت حلما بعيد المنال‪ ..‬ثم ها هو ذا؛ الحلم‬
‫يتحقق‪.‬‬
‫لم تمض عدة أشهر ‪ ،‬حتى تخلى "د‪.‬عبد العزيز النويصر"‪ ،‬عن رئاسة القسم لكى يتفرغ لمرضاه بالعيادة و القسم الداخلى‪ .‬و قد‬
‫حزنت لذلك كثيرا‪ .‬فلقد أديبا بمعنى الكلمة؛ يتحسس كلماته و أفعاله‪ ،‬فأحبه الجميع و احترموه‪.‬‬
‫حل محل د‪ .‬نويصر فى رئاسة القسم "د‪.‬عثمان سعد الغامدى"‪ ،‬استشارى طب األسرة‪ ،‬و الذى لم يكن يقل عن سلفه خلقا وال‬
‫كياسة‪..‬و ما هى إال أيام قالئل حتى صار صديقا للجميع‪ ..‬و سارت األمور فى الطوارئ‪ ،‬كما كانت‪ ،‬هادئة واثقة‪ .‬و بمرور‬
‫السنوات‪ ،‬نمت عالقة صداقة و أخوة و محبة بينى و بين "د‪ .‬عثمان"‪ ،‬لكى يصبح واحدا من أكثر الشخصيات التى أثرت إيجابيا‬
‫فى حياتى و أثرتها‪.‬‬

‫‪ 7‬مايو ‪2007‬‬

‫البورصة السعودية‬
‫كان عام ‪ 2006‬عاما استثنائيا فى البورصة السعودية‪ .‬كنت أعمل وقتها فى "مجمع الملك فهد الطبى" (‪ )KFMMC‬بالظهران‪.‬‬
‫لم يكن لدينا علم‪ ،‬نحن معشر األطباء العاملين بقسم الطوارئ هناك‪ ،‬أى فكرة ال عن البورصة وال غيرها من وسائط الستثمار‬
‫المالية فى المملكة‪ ،‬و كانت أقصى معلوماتنا هى كيف تفتح حسابا جاريا فى البنك‪.‬‬
‫ما حدث آنذاك هو أن حديثا هامسا بدأ نا نلتقطه سواء بين المرضى بعضهم البعض‪ ،‬أو بين الموظفين السعوديين‪ .‬و يوما بعد يوم‬
‫بدأ الحديث الهامس‪ ،‬يعلو و يعلو حتى صار صخبا مزعجا ال يمكنك تجاهله‪ .‬و إذا عدنا الى بيوتنا بعد نهاية الدوام‪ ،‬فإن قنوات‬
‫التلفزيون؛ الجزيرة و العربية و ‪ mbc‬و القنوات المحلية‪ ،‬ج ميعها تتابع البورصة السعودية بأكثر مما لو تابعت نهائى كأس‬
‫العالم فى كرة القدم‪.‬‬
‫ليس هذا فقط‪ ،‬بل إنها – البورصة – صارت تخترق الطب‪ ،‬فحاالت الصداع و األرق و ارتفاع الضغط و زيادة ضربات‬
‫القلب‪..‬الخ‪ ،‬قد زادت بشكل ملحوظ‪ ،‬و صار السؤال عن عالقة المريض بالبورصة؛ سؤاال منطقيا بل حتميا‪ .‬ومن ثم‪ ،‬وجدنا‬
‫أنفسنا‪ ،‬شئنا أم أبينا فى المعمعة‪ .‬و أذكر أنى سألت أحد المرضى‪ ،‬و كان يعانى من عدم تحكم فى ضغط الدم‪ ،‬سألته عن عالقته‬
‫بالبورصة‪ ،‬فأجابنى بكل هدوء ‪" -:‬اآلن ليس لى عالقة بها ‪ ،‬دخلت فيها بمبلغ مئتى (‪ )200‬ألف لاير‪ ،‬و بمجرد أن وصل المبلغ‬
‫مليونا ‪ ،‬انسحبت منها" !!‪ .‬كانت الجابة صادمة بالنسبة لى‪ ،‬فحملتها لزمالئى (هشام سرور ‪ ،‬عماد محسن‪ ،‬أحمد رسمى‪ ،‬هيثم‬
‫أبو حجلة ‪ ،‬سامى فوزى‪ ،‬عاطف جمعة‪ ،‬عاطف نور الدين‪ ،‬هانى حسنى‪..،‬الخ)‪ ،‬الذين كانوا محملين بقصص مشابهة‪ ،‬و‬

‫‪8‬‬
‫مشاعر متباينة‪ ،‬لكنها اتفقت على أننا البد أن نفعل شيئا وال نأخذ موقف المتفرج‪ .‬و كان وضعى المادى كاد يتماثل مع وضع‬
‫"عماد محسن" المادى‪ ،‬وهو ما يسمى بـ "ع الحديدة" (الوضع الصفرى)‪ ،‬اللهم إال الراتب الشهرى و الذى يتبخر بعد سويعات‬
‫من ظهوره فى الحساب البنكى‪ .‬لذلك اتفقت أنا و صديقى "عماد محسن" أن نفعل شيئا‪ ،‬وال نقف متفرجين‪ ،‬فنحن لسنا أقل ممن‬
‫كسبوا الماليين !!‪.‬‬
‫سألنا و تقصينا و عرفنا أن السبيل الوحيد للحصول على المال الالزم لإلنطالقة‪ ،‬هو أن نأخذ قرضا من البنك بضمان الراتب‪ .‬و‬
‫إتصلنا بالبنك و قدمنا الطلب وتحدد لنا موعدا نذهب فيه الى البنك معا للقاء الموظف المسئول‪.‬‬
‫كان اللقاء فى مبنى البنك‪ ،‬فى ميدان "البرج الفضى" (‪ )Silver Tower‬بمدينة الخبر الساحرة‪ .‬قدم إلينا الموظف المسئول‪،‬‬
‫ورقتين لكل واحد منا ‪ ،‬و طلب منا أن نعبئ الفراغات بهما بخط اليد‪ ،‬وشرح لنا محتواهما الذى سنوقع عليه‪.‬‬
‫الورقة األولى تفيد بأننى شخصيا قد وكلت البنك فى شراء و إستيراد كمية من معدن "النحاس" الخام‪ ،‬بمبلغ ‪ 240‬ألف لاير‪ .‬و‬
‫الورقة الثانية تفيد بأننى قد وكلت البنك فى بيع نفس الكمية من المعدن بمبلغ ‪ 180‬ألف‪ ،‬أى بخسارة ‪ 60‬ألف لاير‪ ،‬على أن أسدد‬
‫مبلغ الشراء (‪ 240‬ألفا) بالتقسيط الشهرى خصما من الراتب‪ ،‬على مدى ‪ 4‬سنوات‪ .‬فى حين يسدد لى البنك؛ مبلغ البيع (‪180‬‬
‫ألفا) دفعة واحدة‪ ،‬تدخل حسابى بعد أسبوع واحد فقط من وقت توقيع الورقتين‪ .‬و بالتالى فلسوف أكون مطالبا بسداد ‪ 60‬ألف‬
‫لاير للبنك زيادة على قيمة القرض‪ ،‬تماثل أرباح البنوك المصرية على القروض‪ ،‬و لكن بشكل و مسمى مختلفين‪.‬‬
‫نفس الشىء حدث مع عماد محسن بالضبط‪ ،‬و لكن المعدن اختلف‪ ،‬فصار "منجنيز"‪ ،‬و بقيت األرقام كما هى‪.‬‬
‫و انصرفنا من مبنى البنك و نحن فى قمة الفرح و النشراح‪ ،‬فبعد أسبوع واحد فقط سوف؛ "نلعب بالفوس لعب"!!!‪.‬‬
‫فى اليوم الثانى‪ ،‬كان دوامى ليلى‪ ،‬أى يبدأ الساعة ‪ 12‬منتصف الليل و ينتهى فى الثامنة صباحا‪ ،‬و كان زميلى فى الدوام هو "د‪/‬‬
‫حيدر البستنجى"‪ ،‬وهو طبيب أردنى و أيضا قصاص و شاعر و إنسان رقيق المشاعر ‪ ،‬كنت أستمتع كثيرا برفقته و الحديث‬
‫معه‪ .‬و الجدير بالذكر أنى أسميت إبنتى الوحيدة "روال"‪ ،‬بإسم السيدة زوجته‪ ،‬ألنه كان يعيش معها قصة حب رومانسية جميلة‪،‬‬
‫كنا نتندر بها فى الطوارئ؛ أنه "الزميل الذى يحب زوجته"!!!‪.‬‬
‫بدأ دوامنا الليلى‪ ،‬معا ‪ ،‬أنا و حيدر ‪ ،‬و رويت له موضوع القرض و ما حدث لى أنا و عماد بالتفصيل‪ .‬وما أن انتهيت من‬
‫روايتى حتى لمعت عينا حيدر و ابتسم ‪ ،‬فضحكت أنا و قد أدركت أنى قد استحضرت حيدر األديب و القاص‪ .‬و ألنى أشاركه‬
‫نفس الهوى‪ ،‬فلم يستغرق األمر منا أكثر من دقيقتين‪ ،‬لكى نعد سيناريو و حوارا جاهزا للتنفيذ‪.‬‬
‫ولكن من ينفذ ؟‪ ..‬قناعتى كانت‪ ،‬أننى يمكننى أن أقلد اللهجة السعودية‪ ،‬ولكن ليس طول الوقت‪ ،‬فإذا ما سقطت منى كلمة‪،‬‬
‫انكشف أمرى و عرف من أحادثه أنى مصرى‪ ..‬أما حيدر ‪ ،‬فلو سقطت منه كلمة‪ ،‬فلسوف ينطقها باللهجة األردنية‪ ،‬وتاليا فلن‬
‫يلحظ عماد محسن الفارق و سيكون من الصعب عليه معرفة من يحادثه‪.‬‬
‫جلسنا فى مكتب األطباء‪ ،‬بعد أن هدأ الوضع فى ساحة الطوارئ‪ ،‬و كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة صباحا‪.‬‬
‫أمسك حيدر بالتلفون األرضى‪ ،‬و كان طبيعيا أن نستخدم التلفون األرضى وليس الموبايل‪ ،‬حتى اليظهر رقم المتصل‪ .‬أمسك‬
‫حيدر بالتلفون‪ ،‬و فتحت أنا السماعة (‪)Speaker‬حتى أستمع للحوار الذى أعددناه سويا‪-:‬‬
‫حيدر ‪ -:‬سعادتك د‪ .‬عماد محسن ؟‬
‫عماد ‪ -:‬أيوا يا فندم ‪ ..‬مين حضرتك ؟‬
‫حيدر ‪ -:‬معاك البنك السعودى البريطانى ‪ ..‬إحنا آسفين جدا إننا نكلم سعادتك فى وقت متأخر‬
‫عماد ‪ -:‬خير إن شاء هللا‬
‫حيدر ‪ -:‬إن شاء هللا خير ‪ ..‬هو سعادتك قدمت للبنك طلب من يومين ‪ ..‬إن البنك يشترى لسعادتك "منجنيز" ‪ ..‬تمام كده ؟‬
‫عماد ‪ -:‬مظبوط‬

‫‪9‬‬
‫حيدر ‪ -:‬أحب أعرف سعادتك إن المنجنيز وصل مستودع البنك فى الخبر و مطلوب من سعادتك تستلمه باكر قبل الساعة ‪12‬‬
‫ظهرا‬
‫عماد ‪ -:‬حضرتك بتقول إيه ؟!! ‪ ..‬حضرتك فاهم غلط ‪ ..‬أنا ال طلبت منجنيز وال أعرف إيه المنجنيز ده أصال‬
‫حيدر ‪ -:‬سعادتك هنا موقع على طلب للبنك بشراء منجنيز بـ ‪ 240‬ألف لاير‬
‫عماد (و قد بدأ صوته يعلو ) ‪ -:‬يا فندم ده كالم فاضى ‪ ..‬أنا طلبت قرض من البنك ‪ ..‬مليش دعوة أنا بقى بالفبركة بتاعتكم دى‬
‫حيدر ‪ -:‬فبركة إيه سعادتك ؟ ‪ ..‬حضرتك موقع على طلب شراء المنجنيز ‪ ..‬صح ؟‬
‫عماد (و قد بدأ يتعصب) ‪ -:‬و وقعت على طلب تانى إن البنك يبيع المنجنيز ‪ ..‬صح كده ؟‬
‫حيدر ‪ -:‬صحيح كالم سعادتك‪ ..‬بس لألسف البنك ما عرفش يبيع المنجنيز‬
‫عماد ‪ -:‬ياسالم ‪ ..‬قوم أنا بقى اللى ح أعرف أبيع المنجنيز‬
‫حيدر ‪ -:‬يعنى سعادتك طبيب و أكيد معارف سعادتك كتير ‪ ..‬و نقول ان شاء هللا تقدر تبيع المنجنيز‬
‫عماد (بحدة) ‪ -:‬يا عم انت بتهرج ؟ ‪ ..‬أنا طلبت قرض ‪ ..‬كاش مونى ‪ ..‬وال طلبت منجنيز وال زفت‬
‫حيدر (وقد بدأ يتعصب)‪ -:‬سعادتك ليش متعصب ‪ ..‬هوه أنا اللى وقعت على الطلب وال سعادتك ؟!‬
‫عماد (وهو متعصب) ‪ -:‬خالص يا سيدى‪ ،‬ال أنا عايز قرض وال عايز منجنيز ‪ ..‬ينفع كده ؟!‬
‫حيدر (بسخرية) ‪ -:‬لألسف ما ينفعش‪ ..‬و الحظ سعادتك إن التأخير فى استالم المنجنيز ‪ ،‬ح تضطر تدفع ‪ 7‬آالف لاير يوميا‬
‫أرضية‪.‬‬
‫عماد (يصرخ) ‪ -:‬ليه؟! ‪ ..‬هو المنجنيز ده كام كيلو ان شاء هللا ؟؟‬
‫حيدر (بثقة)‪ 40 -:‬طن يا فندم‬
‫عماد (يصرخ) ‪ -:‬إيه ؟!!‪ ..‬أربعين طن؟؟‪ ..‬و دول ان شاء هللا آخدهم إزاى‬
‫حيدر (بهدوء) ‪ -:‬هى التريلال سعادتك ممكن تشيل ‪ 4‬طن ‪ ..‬يعنى يلزمك ‪ 10‬تريلالت سعادتك‪ ..‬بس قبل الساعة ‪ 12‬الضهر‬
‫سعادتك‪ ،‬علشان ما يتحسبش عليك ‪ 7‬آالف زيادة‬
‫عماد ‪ -:‬و صاحبى اللى حضر معايا‪ ،‬ح يعمل إيه ؟؟‬
‫حيدر (بفرحة) ‪ -:‬ال الحمد هلل ‪ ..‬صاحبك طلب نحاس و الحمد هلل ‪ ..‬البنك قدر يبيعه له‬
‫عماد (وقد انهار تماما)‪ -:‬طيب خالص حضرتك‪ ..‬قلت اللى انت عايزه ‪..‬مع السالمة بقى‬
‫و أغلق الخط بقوة‬
‫و بعدها بدقيقة اتصل بى على الموبايل‬
‫عماد (وهو يلهث)‪ -:‬انت فى الدوام ‪ ..‬مش كده ؟؟‬
‫أنا ‪ -:‬أيوه ‪ ..‬ليه ؟!‬
‫عماد ‪ -:‬بتوع البنك اتصلوا بك ؟!‬
‫أنا ‪ -:‬أيوه ‪ ..‬اتصلوا بى من ساعة و قالوا انهم باعوا لى النحاس و إن فلوسه ح تكون فى حسابى بكرة‪ ..‬ليه؟‪ ..‬هم اتصلوا بك‬
‫؟!!‬

‫‪10‬‬
‫عماد ‪ -:‬أنا بأكلمك من الشارع (داخل مجمع الحيدر السكنى) ‪ ..‬مش قادر أنام و مش قادر إنى أقعد فى البيت ‪ ..‬الصداع ح يفلق‬
‫رأسى ‪ ..‬وعندى ‪( Palpitations‬تسارع فى ضربات القلب) فظيعة ‪ ..‬أنا خايف يحصل لى حاجة !!‬
‫فى هذه اللحظة قررنا العتراف له !!!‬
‫******************‬
‫و تسلمنا األموال كما وعدنا البنك و بدأنا اللعب فى البورصة؛ إيداع و سحب و شراء و بيع و توقعات و ظنون و أفراح و‬
‫أتراح‪ ،‬و توتر طول الوقت‪ ،‬يعادل إن لم يزد عن توتر مشجعى كرة القدم فى مباراة النهائى‪ .‬و تغيرت أمزجتنا تماما‪ ،‬نحن وكل‬
‫الزمالء الذين تورطوا معنا‪ .‬فقناة "العربية" هى القناة الوحيدة فى تلفزيون حجرة األطباء‪ ،‬ألن متابعتها للبورصة لحظية‪ .‬و‬
‫صار الحديث بيننا و مع موظفى المستشفى‪ ،‬يدور فى إطار واحد فقط؛ وهو السهم الصاعد و الهابط و أسعار البيع و الشراء‪ ،‬و‬
‫صار مزاجنا العام متقلبا دائما و متوترا معظم الوقت‪.‬‬
‫كان المؤشر العام لسوق األسهم وقت أن بدأنا اللعب‪ ،‬حوالى ‪ 11‬ألف نقطة‪ ،‬صعودا من ‪ 6‬آالف نقطة‪ ،‬و كانت تمثل األساس‬
‫للبورصة‪ .‬و ذاك الرتفاع األولى‪ ،‬و الذى كنا متغيبين عنه‪ ،‬بل مجرد مراقبين‪ ،‬استغرق ثالثة أشهر‪ .‬ثم‪ ،‬و خالل شهرين بعد‬
‫ذلك‪ ،‬قفز مؤشر البورصة الى ‪ 23‬ألف نقطة‪ ،‬و تضاعف رأس مالنا‪ ،‬مرة واحدة على األقل‪ ،‬إن لم يكن أكثر‪.‬‬
‫غير أن الوقت لم يطل بنا على هذا الحال‪ ..‬إذ بعد شهرين بالتمام و الكمال‪ ،‬من تاريخ ولوجنا إلى البورصة‪ ،‬حدث النهيار‬
‫العظيم‪ ..‬إذ فجأة تحولت شاشات التلفزيون التى تنقل مؤشرات األسهم‪ ،‬على الهواء مباشرة‪ ،‬تحولت إلى اللون األحمر الدامى‪،‬‬
‫بعد أن كانت خضراء يانعة‪ ،‬معظم الوقت‪.‬‬
‫بالطبع فعلنا ما فعله الم اليين أمثالنا من "البورصويين األحرار"‪ ،‬إذ طرحنا كل أسهمنا للبيع بسعر السوق‪ ..‬وهذا ما يعنى فى‬
‫العرف "البورصجى"؛ قمة اليأس‪ .‬و تمر األيام بطيئة متثاقلة‪ ،‬و يتهاوى مؤشر األسهم (من ‪ 24‬ألف إلى ‪ 6‬آالف نقطة)‪ ،‬و‬
‫نتهاوى كلنا معه‪ ،‬حتى أننا سمعنا عن حاالت انتحار حدثت ف ى صاالت التداول فى بعض البنوك‪ .‬أما نحن معشر األطباء فى‬
‫قسم الطوارئ‪ ،‬فقد خيم علينا حزن ثقيل و صمت و ذهول‪.‬‬
‫و خرجت من البورصة بمبلغ ‪ 35‬ألف لاير‪ ،‬محققا خسارة مقدارها ‪ 155‬ألف لاير فى غضون ثالثة أشهر ‪ ..‬و نفس الشئ حدث‬
‫تقريبا مع كل زمالئنا‪ ،‬ومن بينهم عماد‪ .‬و ظللت بعدها أسدد قرضى للبنك على هيئة أقساط شهرية (‪ 5‬آالف لاير شهريا) و لمدة‬
‫‪ 4‬سنوات عجاف‪ .‬وقد خرجت من تلك التجربة المريرة‪ ،‬بدروس أكثر مرارة؛ وهى ‪ -:‬ال كبيرة للقروض‪ ،‬و ال أكبر منها‬
‫للبورصة‪ ،‬و آل متناهية الكبر ألى مغامرة مالية؛ محسوبة أو غير محسوبة !!!‪.‬‬

‫‪ 22‬مايو ‪2009‬‬

‫الخطاب ماقبل األخير‬

‫كلمتى التى سجلتها بخط يدى فى دفتر " ‪ " Diaries‬طوارئ المجمع الطبى العسكرى بالظهران‪ ،‬فى ‪ 22‬مايو ‪ ، 2009‬قبل أن‬
‫أغادرهم إلى مستشفى الملك فهد التخصصى بالدمام ‪-:‬‬
‫الرفاق أعضاء اللجنة المركزية ‪-:‬‬ ‫•‬

‫‪11‬‬
‫بوكورتوف‬
‫أشكركم جميعا على مشاعركم الطيبة (المتبادلة)‪ ،‬رفيق رفيق‪..‬والشكر موصول للدكتور "عمر الشمرى" رئيس القسم الذى لم‬
‫يدخر جهدا فى محاولة اثنائى عن الرحيل‪ ،‬ولكن هللا شاء‪..‬فالشكر لكم جميعا و له على هذا الود األصيل‪.‬‬
‫وكما عودتكم دائما‪ ،‬أبنائى وبناتى‪ ،‬أعضاء المجلس الموقر‪ ،‬فإنه يطيب لى أن أفتح لكم دماغكم (‪ )Craniotomy‬للمصارحة‪-:‬‬
‫أوال ‪ -:‬توليت مسئولية وضع الجدول فى فترة من أهم فترات التحول التاريخى فى مسيرة العمل الثورى الوحدوى المشترك‪،‬‬
‫من ديسمبر ‪ 1998‬إلى يونيو ‪ ، 2005‬أى ما يزيد على ‪ 6‬سنوات عجاف‪ ،‬كانت بمثابة عنق الزجاجة (طويل شوية!) فى تحديد‬
‫مصير طب الطوارئ لكل الطوارئيين األحرار فى كل مكان‪ .‬رافعين شعار طبقة البروليتاريا الكادحة‪"-:‬يا طوارئ العالم‪..‬‬
‫اتحدوا"!‬
‫ونظرا ألن "مصارين" البطن بتتخانق‪ ،‬ولو كان الواحد قاعد مع أخوه إبن أمه و أبوه‪ ،‬هذه المدة الطويلة‪ ،‬فلم يكن األمر سيسلم‬
‫من ان الواحد يحاول يغتاله‪ ،‬مرة واحدة ع األقل مع كام لكمة على كام رفسة‪ ،‬تحابيش‪ .‬وبالتالى‪ ،‬فطبيعى جدا‪ ،‬ان كل واحد فيكم‬
‫أصابه من أذاي نصيب‪ ،‬وتحمد ربنا إنك نفدت بجلدك من تحت إيدى و لسه عايش الى اآلن‪ .‬وهذا األذى‪ ،‬إما وصل سعادتك‬
‫مباشرة (يعنى ف وشك) أو من ورا ضهرك‪ .‬البعض منكم كان بيشتكى و يعلى صوته ويعترض‪ ،‬و ده طبعا ما كانش ممكن‬
‫نكافؤه وال نحبه‪ .‬و البعض اآلخر كان بيسكت عن حقه‪ ،‬والساكت عن الحق شيطان أخرس‪ ،‬علشان كده‪ ،‬كان الزم يتعاقب‪.‬‬
‫وهكذا‪..‬الحق حق‪.‬‬
‫علشان كده‪ ،‬وتكفيرا عن أيام السجون والمعتقالت وكبت الحريات اللى عشتوها معايا؛ قررت أنه بالنسبة للناس الذين عاشوا‬
‫هذه األيام السودة‪ ،‬سوف أعمل بدال من كل واحد فيهم مناوبة واحدة فقط‪ .‬وهؤالء السادة هم‪ -:‬الرفيق المبريالى سرور و ماهر‪،‬‬
‫والرفيق البرجوازى أيمن و هيثم‪ ،‬والرفيق الرتوازى محسن و رسمى‪ ،‬والرفيق النازى سامى والفاشى هانى‪ .‬و هؤالء هم‬
‫الذين فتحوا عينيهم ف الطوارئ‪ ،‬فوجدونى أمامهم‪ .‬بالطبع هذه المناوبة لن تكون ‪ N‬و لن تكون ‪ . W E‬وهذه المناوبات التى‬
‫أحل محلكم فيها‪ ،‬ستحدد تواريخها الحقا‪.‬‬
‫ولكن هناك شرط مهم جدا قبل أن تجلس فى بيتكم وتسيبنى أتفحت بدال منك‪ ،‬وهو؛ أن تتنازل سعادتك‪ ،‬أمام هللا‪ ،‬بينك وبين‬
‫نفسك‪ ،‬عن أى اساءة صدرت منى تجاهك سواء فى السر أو فى العلن‪ ،‬و عن قصد أو غير قصد‪ ،‬وبالفعل أو بالقول أو بأقل من‬
‫ذلك أو أكثر‪ .‬فإذا قبلت سعادتك هذا الشرط‪ ،‬تكون المناوبة من حقك‪ ،‬والسكوت عالمة الرضا (وهذا هو العشم و المطلوب)‪.‬‬
‫وإذا لم تقبل التنا زل (كنوع من الغتاتة و الغل األسود)‪ ،‬فلتتفضل بالكتابة أدناه بأنك ترفض المناوبة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -:‬طبعا متوقع أن ينشط البعض لجمع األموال لشراء ‪ 60‬قلة وعمل احتفال كبير لكسر هذه القلل‪ .‬وأريد أن ألفت نظر‬
‫سعادتكم الى أنى أعتذر مقدما وبشدة ال تقبل التراجع‪ ،‬عن قبول هذا الشئ أو حضوره أو حتى مناقشته ‪ ،‬كما أعتذر مقدما‬
‫ونهائيا وقطعيا عن قبول أى هدية‪ ،‬أيا كان نوعها؛ اللهم إال خطاب أبيض عليه العنوان الدائم والتليفون لمن يريد‪ ،‬فقط ال غير‪.‬‬
‫ومخالفة تلك الرغبة يضايقنى جدا‪ ،‬عدا عن الرفض‪ ،‬فال داعى لإلحراج‪ .‬و دعونا نرحل فى صمت‪.‬‬
‫رفاقى‪ ..‬يا رفاق ماركس و ستالين‪ -:‬فى األيام األخيرة لك فى أى مكان‪ ،‬تتغير نظرتك تماما لألشياء؛ الشئ الكبير يصغر و‬
‫الصغير يكبر وتحس ان فيه حاجات كتيرة انت ماكنتش شايفها‪.‬‬
‫و أعتقد ان ده ح يكون احساس الواحد برضه وهو بيفارق الدنيا‪.‬‬
‫يعنى اآلن بأشوف انه برغم خالفاتنا وخناقاتنا‪ ،‬و ان كان فيه أيام الواحد بيتمنى من ربنا اتوبيس سياحى فاخر يكون سائقه أعمى‬
‫وأطرش‪ ،‬يدخل به غرفة اطباء الطوارئ ساعة تسليم المناوبة‪ ،‬وهو على سرعة ‪ 500‬ميل‪ .‬و نفس األتوبيس السياحى الفاخر‪،‬‬
‫ييجى تانى يوم فى مناوبة تانية‪ ،‬وهكذا ‪ 3‬أيام متوالية‪.‬‬
‫إال إنى اآلن بأفتكر ان أكبر سباب متبادل بيننا كان نصه‪" -:‬سم يا كوبا" و "قليل األدب‪..‬إنت"‪..‬وأكبر سبب ألى خالف بيننا‬
‫كان؛ ان "فالن دمه تقيل" أو "فالن‪ ..‬ياخبر ‪ ،‬ياخبر‪..‬كداب‪ ،‬و ح يروح النار"‪.‬‬
‫اآلن أدرك أننا كنا وال زلتم مجموعة استثنائية رائعة بدون استثناء‪ ،‬مستحيل ان الواحد يالقى مثل هذه المجموعة على وجه‬
‫األرض‪ ،‬اجتمعنا فى زمن استثنائى رائع‪،‬هو األجمل فى حياة الواحد حتى اآلن‪ ،‬اجتمعنا فى مكان استثنائى رائع‪ ،‬وتعاملنا مع‬

‫‪12‬‬
‫أناس رائعين (ماحدش يقدر ينكر) سواء مديرين أو مراجعين‪ .‬لقد كانت حياة هادئة وناعمة وسعيدة بكل معنى الكلمة‪ .‬ربنا‬
‫يديمها نعمة‪ .‬لذلك أنا أرى أن نحاول أن نعيش هذه اللحظة باستمتاع شديد‪ ،‬ألنها أيام هى األجمل بالفعل‪ ،‬تمر وال تعود‪ ،‬وتخصم‬
‫من رصيد أيامنا الباقية‪.‬‬
‫وأخيرا ‪ -:‬عنوانى الدائم‪ ،‬وال دائم إال وجهه ‪-:‬‬
‫القاهرة‪ -‬مدينة زهراء المعادى (شرق األوتوستراد)‪ -‬؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (اتصل‪ ..‬تصل)‬
‫أو ‪ /‬الجناح رقم ‪ 7‬بالقصر الجمهورى بكوبرى القبة ‪ /‬أو ‪ 25/‬حارة "زينهم" فوق "عطية" بتاع الكشرى‪.‬‬
‫ت ‪ 0020227543563‬موبايل ‪00201065070459‬‬
‫عارفتوف‬
‫من طرف أخوكم ؛ هشام الحديدى‬
‫*************‬

‫‪ 31‬أكتوبر ‪2010‬‬

‫د‪ /‬مصطفى محمود عالم مات مرتين!‬


‫مات الرجل مرتين هذا ما يمكن أن نقوله عن د‪ /‬مصطفى محمود‪ ،‬ففور تقاعده عن الكتابة‪ ،‬انسحبت عنه األضواء‪،‬‬
‫وانزوى وحيدا‪ ،‬ال يزور وال يزار‪ ،‬المفكر الذي مأل الدنيا وشغل الناس بدا وكأنه لم يكن‪ ،‬انفض عنه األصدقاء والكتاب‬
‫والصحافيون واإلعالميون‪ ،‬ولم يعد يذكره أحد‪ ،‬في سنوات مرضه األخيرة‪.‬‬
‫قيل إنه فقد الذاكرة‪ ،‬لكن ابنته نفت ذلك‪ ،‬وأعلنت أنه يعاني أمراض الشيخوخة (‪ 88‬عا ًما) لكنه ال يزال واعيا بما يدور حوله‪،‬‬
‫بعد أن أجرى ثالث عمليات جراحية في المخ‪ ،‬في مصر والسعودية ولندن‪ ،‬في كل األحوال اختفى مصطفى محمود عن‬
‫الحياة‪ ،‬فيما يشبه البروفة للحدث األكبر‪ ،‬حين ورى جثمانه الثرى ‪ ،‬مشيعا بدعوات آالف الفقراء من مصر الشعبية‪ ،‬في الوقت‬
‫الذي تغيبت فيه مصر الرسمية عن جنازته‪.‬‬

‫كان هذا الوداع يليق بالدكتور مصطفى محمود‪ ،‬فاآلالف الذين ساروا في جنازته هم من كانوا يقصدون مسجد ومستشفى‬
‫مصطفى محمود بضاحية المهندسين للصالة أو االستشفاء‪ .‬وبرحيله في صمت وهدوء يترك الباب مفتوحا للصراع بين ورثته‬
‫ومجلس إدارة الجمعية العلمية التي أسسها‪ ،‬حول مرصد فلكي‪ ،‬تبلغ قيمته المادية ماليين الجنيهات‪.‬‬
‫لم تكن البداية تنبئ بما يمكن أن ي صل إليه الطفل مصطفى كمال محمود حسين من شهرة ومجد‪ ،‬فالطفل الذي ولد ابن سبعة‬
‫أشهر بعد وفاة توأمه‪ ،‬كان يعاني هزاال شديدا‪ ،‬حتى أن أية نزلة برد كانت كفيلة بحبسه في الفراش ألسبوعين على األقل‪ ،‬فقد‬
‫رسب لثالث سنوات في الصف األول من تلك المرحلة‪.‬‬
‫بداية غير مبشرة‪ ،‬لكن ه استطاع أن يستأنف الدراسة بعد ذلك‪ ،‬واهتم بشكل خاص بمادة الكيمياء‪ ،‬ويحكى عنه أنه أنشأ معمال‬
‫صغيرا لتصنيع المبيدات‪ ،‬قبل أن يلتحق بكلية طب قصر العيني في نهاية األربعينات من القرن العشرين ليتخرج فيها عام‬
‫‪ 1952،‬ويعمل طبيبا لألمراض الصدرية‪ ،‬بأحد المستشفيات الحكومية‪.‬‬

‫في السابع والعشرين من ديسمبر (كانون األول) عام ‪ 1921‬كان محمود حسين المحضر بديوان مديرية الغربية‪ ،‬ينتظر والدة‬
‫زوجته‪ ،‬الحامل في توأم‪ ،‬لكن األقدار ضربت أحدهما فمات عقب والدته‪ ،‬ورزق الرجل بمصطفى‪ .‬ونظرا لطبيعة عمله‪ ،‬كان‬
‫مقررا على األسرة أن ترحل معه في هجرة دائمة من مسقط رأسه في شبين الكوم بمديرية المنوفية إلى مدينة طنطا‪ ،‬التي تلقى‬

‫‪13‬‬
‫فيها االبن تعليمه االبتدائي والثانوي إلى أن توفي األب في العام ‪ 1939‬وتولت األم رعايته‪ ،‬وكانت دائمة الغضب منه‬
‫النشغاله بالموسيقا والكتابة‪ ،‬فهي تريده طبيبًا‪ ،‬وهو ما كان‪.‬‬
‫وتغلبت شخص ية الكاتب على الطبيب بداخله فاعتزل مهنة الطب‪ ،‬ليشتغل بالصحافة ويتفرغ نهائيا لألدب‪ ،‬ونشر قصصه في‬
‫أوائل الخمسينات‪ ،‬في مختلف الدوريات‪ ،‬وكان ذلك متزامنا مع إعالن عصر القصة القصيرة‪ ،‬وأصبحت سلسلة كتب للجميع‬
‫النافذة األوسع لهذا الفن الجديد على الساحة‪ ،‬فنشر فيها م صطفى محمود مجموعات أكل عيش‪ ،‬وقطع السكر‪ ،‬وشلة األنس‬
‫والخروج من التابوت ثم توالت مسرحياته وكتبه الفكرية‪.‬‬
‫ارتبط مصطفى محمود بالعمل الصحافي مبكرا حين التحق بمؤسسة روزاليوسف‪ ،‬وإبان صدور مجلة صباح الخير كان واحدا‬
‫من كتيبة فكرية وفنية‪ ،‬تضم أحمد بهاء الدين‪ ،‬وفتحي غانم‪ ،‬ومحمود السعدني‪ ،‬وصالح جاهين‪ ،‬وأحمد عبد المعطي حجازي‪،‬‬
‫وحسن فؤاد‪ ،‬وجمال كامل‪ ،‬وأسهم هو بدور فعال في المجلة الوليدة‪ ،‬من خالل باب اعترفوا لي الذي كان يحرره‪.‬‬
‫ارتبط مصطفى محمود في أذهان العامة بأمرين‪ ،‬األول جمعية مصطفى محمود التي يتبعها المسجد والمست شفى‪ ،‬ويقول‬
‫الدكتور أحمد عادل نور الدين المسؤول عن الجمعية‪ ،‬هذا الصرح الخيري كان فكرة بسيطة‪ ،‬طرحها د‪.‬مصطفى محمود في‬
‫إحدى ليالي العام ‪ 1975،‬وقدم من جيبه ‪ 275‬جني ًها للمشاركة في رسوم التأسيس‪ ،‬وتم إشهارها في الشؤون االجتماعية‪ ،‬وبدأ‬
‫العمل من خالل عيادة صغيرة يتن اوب عليها ثالثة أطباء‪ ،‬حتى تحولت الفكرة إلى مشاريع صحية وخيرية تتجاوز قيمتها ‪80‬‬
‫مليون جنيه‪.‬‬

‫ومن الخدمة الصحية المجانية إلى المشاريع الخيرية‪ ،‬ظهرت فكرة بنك الطعام حيث توزع الجمعية على مدار العام ‪ 4‬آالف‬
‫وجبة ساخنة على المحتاجين‪ ،‬وتصل إلى منازلهم أو أماكن عملهم‪ ،‬وكان مصطفى محمود يتابع تلك المشاريع بدقة إلى أن‬
‫أقعده المرض عن العمل في العام ‪.2006‬‬

‫أما الصورة الثانية التي ارتبط بها اسم د‪.‬مصطفى محمود بعامة الناس فتتمثل في البرنامج األسبوعي التلفزيوني الشهير العلم‬
‫واإليمان الذي ظل يعده ويقدمه في الفترة من ‪ 1971‬حتى ‪ 1997،‬وكان أجره في الحلقة األولى ‪ 350‬قرشا‪ ،‬تزايد حتى وصل‬
‫إلى ‪ 300‬جنيه في الحلقة‪ ،‬برغم أن تسويق البرنامج أدر على التلفزيون المصري في العام ‪ 1997‬حوالي عشرة ماليين جنيه‪.‬‬

‫كانت فكرة البرنامج طلبًا من الرئيس السادات‪ ،‬الذي كان يدخل مفردة اإليمان في خطاباته‪ ،‬كتدشين لعصر جديد‪ ،‬وكان طلب‬
‫السادات أن يعد مصطفى محمود البرنامج‪ ،‬وهو الذي اختار عنوانه‪.‬‬
‫وبالفعل اتفق عبد المنعم الصاوي وزير اإلعالم آنذاك مع مصطفى محمود وتم اختيار المذيع عبدالرحمن علي لتقديمه‪ ،‬لكن‬
‫علي بخلفيته الناصرية لم يكن على وفاق مع مصطفى محمود‪.‬‬
‫واتفق فريق ا لعمل على ضرورة أن يقدم البرنامج عالم متخصص وليس مجرد مذيع واقترح مساعد المخرج أن يقدم مصطفى‬
‫محمود البرنامج بنفسه‪ ،‬وفي العام ‪ 1976‬واجهوا مشكلة نفاد األفالم التي حصلوا عليها من سفارات الدول الغربية‪ ،‬فسافر‬
‫مصطفى محمود إلى الخارج لشراء أفالم‪ ،‬وصلت قيمتها إلى ‪ 15‬ألف جنيه‪ ،‬وسجل الحلقات في تونس واليونان‪ ،‬ثم لندن‪.‬‬
‫وطلب مصطفى محمود من محمد عبد الوهاب تأليف مقطوعة موسيقية للبرنامج‪ ،‬وكانت راقصة‪ ،‬فاعترض عليها محمود‬
‫وطلب من محمود عفت مقطوعة أخرى باستخدام الناي وهي الموسيقي التي ارتبطت بالبرنامج في سنواته األخيرة‪.‬‬
‫وكشف أ دهم أن والده ذهب للقاء السيد صفوت الشريف‪ ،‬وزير اإلعالم آنذاك‪ ،‬شاكيا له توقف البرنامج‪ ،‬ولما عرف بشأن‬
‫الخطاب أدرك أن إسرائيل تمارس ضغوطا سياسية ودبلوماسية لمطاردة أفكاره‪ ،‬مؤكدا أن والده عانى األمرين من تدخالت‬
‫األزهر المتكررة لحذف مقاطع كثيرة من حلقات برنامجه ‪ ،‬حتى إنه كان يضطر إلى الذهاب إلى شيخ األزهر لمناقشته مرارا‬
‫حول المقاطع المحذوفة‪.‬‬
‫وقال اإلبراشي إن مصطفى محمود كان يمثل خطرا على إسرائيل ألنه كان الوحيد الذي يرد على ادعاءاتهم من خالل قراءته‬
‫المتأنية في العقائد والتاريخ والعلوم‪ ،‬وأن سلوكه هذا تسبب في حرج شديد للمسؤولين فى الدولة‪ ،‬وهو ما يفسر تخليهم عنه في‬
‫محنة مرضه وحتى لحظة رحيله‪..‬‬

‫‪14‬‬
‫وفي العام ‪ 1997‬منع التلفزيون المصري إذاعة أربع حلقات كانت تتضمن أفالما من إنتاج ‪ B.B.C‬عن مفاعل ديمونة‬
‫اإلسرائيلي وأخرى عن حرب المياه وأصاب قرار المنع د‪.‬مصطفي محمود باالكتئاب‪.‬‬
‫وهكذا يفارق مصطفى محمود الحياة يوم ‪ 31‬اكتوبر ‪ 2009‬ليرحل معه العصر الذهبي في تاريخ مصر‪.‬‬

‫************************‬

‫‪ 24‬سبتمبر ‪2011‬‬

‫أجمل ‪ 38‬جمله في العالم‬

‫إذا لم تعلم أين تذهب ‪ ,‬فكل الطرق تفي بالغرض‬


‫** ** ** **‬
‫يوجد دائما من هو أشقى منك ‪ ,‬فابتسم‬
‫** ** ** **‬
‫يظل الرجل طفال ‪ ,‬حتى تموت أمه ‪ ,‬فإذا ماتت ‪ ،‬شاخ فجأة‬
‫** ** ** **‬
‫عندما تحب عدوك ‪ ,‬يحس بتفاهته‬
‫** ** ** **‬
‫إذا طعنت من الخلف ‪ ,‬فاعلم أنك في المقدمة‬
‫** ** ** **‬
‫الكالم اللين يغلب الحق البين‬
‫** ** ** **‬
‫كلنا كالقمر ‪ ..‬له جانب مظلم‬
‫** ** ** **‬
‫ال تتحدى إنسانا ليس لديه ما يخسره‬
‫** ** ** **‬
‫العين التي ال تبكي ‪ ,‬ال تبصر في الواقع شيئا‬
‫** ** ** **‬
‫المهزوم إذا ابتسم ‪ ,‬افقد المنتصر لذة الفوز‬

‫‪15‬‬
‫** ** ** **‬
‫ال خير في يمنى بغير يسار‬
‫** ** ** **‬
‫الجزع عند المصيبة ‪ ,‬مصيبة أخرى‬
‫** ** ** **‬
‫االبتسامة كلمة معروفه من غير حروف‬
‫** ** ** **‬
‫اعمل على أن يحبك الناس عندما تغادر منصبك ‪ ,‬كما يحبونك عندما تتسلمه‬
‫** ** ** **‬
‫ال تطعن في ذوق زوجتك ‪ ,‬فقد اختارتك أوال‬
‫** ** ** **‬
‫لن تستطيع أن تمنع طيور الهم أن تحلق فوق رأسك‬
‫و لكنك تستطيع أن تمنعها أن تعشش في رأسك‬
‫** ** ** **‬
‫تصادق مع الذئاب ‪ ...‬على أن يكون فأسك مستعدا‬
‫** ** ** **‬
‫ذوو النفوس الدنيئة ‪ ,‬يجدون اللذة في التفتيش عن أخطاء العظماء‬
‫** ** ** **‬
‫إنك تخطو نحو الشيخوخة يوما مقابل كل دقيقة من الغضب‬
‫** ** ** **‬
‫كن صديقا ‪ ,‬وال تطمع أن يكون لك صديق‬
‫** ** ** **‬
‫إن بعض القول فن ‪ ..‬فاجعل الصغاء فنا‬
‫** ** ** **‬
‫الذي يولد يزحف ‪ ,‬ال يستطيع أن يطير‬
‫** ** ** **‬
‫اللسان الطويل داللة على اليد القصيرة‬
‫** ** ** **‬

‫‪16‬‬
‫نحن نحب الماضي ألنه ذهب ‪ .‬ولو عاد لكرهناه‬
‫** ** ** **‬
‫من العظماء من يشعر المرء بحضرته أنه صغير‬
‫ولكن العظيم بحق هو من يُشعر الجميع في حضرته بأنهم عظماء‬
‫** ** ** **‬
‫من يطارد عصفورين يفقدهما‬
‫** ** ** **‬
‫المرأة هي نصف المجتمع وهي التي تلد و تربي النصف اآلخر‬
‫** ** ** **‬
‫كلما ارتفع النسان ‪ ,‬تكاثفت حوله الغيوم والمحن‬
‫** ** ** **‬
‫ال تجادل األحمق ‪ ,‬فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما‬
‫** ** ** **‬
‫الفشل في التخطيط يقود إلى التخطيط للفشل‬
‫** ** ** **‬
‫قد يجد الجبان ‪ 36‬حال لمشكلته ولكن ال يعجبه سوى حل واحد منها وهو ‪ ..‬الفرار‬
‫** ** ** **‬
‫شق طريقك بابتسامتك خير لك من أن تشقها بسيفك‬
‫** ** ** **‬
‫من أطاع الواشي ضيَع الصديق‬
‫** ** ** **‬
‫أن تكون فردا في جماعة األسود خير لك من أن تكون قائدا للنعام‬
‫** ** ** **‬
‫تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان اقل منه‬
‫ِ‬ ‫ال‬
‫**************‬

‫‪ 25‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫صورة‬
‫‪17‬‬
‫مريضه بالسرطان تحمل حقيبة مليئة بالمال تطلب من الطبيب إنقاذ حياتها ولديها الكثير من المال لتدفعه ‪ .‬لكن الطبيب قال إنه‬
‫ال يستطيع أن يفعل شيئا ألن سرطانها في المرحلة النهائية‪..‬كانت غاضبة جدا وألقت المال عبر ممر المستشفى بأكمله‪ ،‬وهى‬
‫تصرخ وتقول ‪ :‬ما هو إستخدام المال؟!‪ .‬ما هو هدف وجود المال؟!‪.‬‬
‫المال ال يمكنه شراء الصحة‪ ..‬والمال ال يمكنه شراء الوقت‪ ..‬والمال ال يمكنه شراء الحياة !!‪.‬‬
‫الحمدهللا على نعمة الصحة‪.‬‬
‫****************‬

‫‪ 20‬فبراير ‪2012‬‬

‫آه من حواء‬
‫أغبى امرأة تستطيع أن تخدع أذكى رجل‬
‫هل تصدق هذه المقولة ؟‬
‫اقرأ اآلن هذه المعلومات‪:‬‬
‫المرأة قد تصفح عن الخيانة ولكنها ال تنساها‬
‫قلب المرأة لؤلؤة تحتاج إلى صياد ماهر‬
‫ونتذكر هنا قول سقراط‪:‬‬
‫عبقريةالمرأة تكمن في قلبها"‬
‫المرأة لم تخلق لتكون محط إعجاب الرجال جميعا بل لتكون مصدرا لسعادة رجل واحد"‪..‬‬
‫عندما تبكي المرأة ‪..‬تتحطم قوة الرجل" "شكسبير"‬
‫المرأة قلعة كبيرة إذا سقط قلبها سقطت معه"‬
‫الرجل ال ينسى أول امرأة أحبها‪..‬والمرأة ال تنسى أول رجل خانها"‬
‫أحسن طريقة لتجعل امرأة تغير رأيها هو أن توافق عليه"‬
‫الشيطان أستاذ الرجل وتلميذ المرأة" ‪.‬‬
‫المرأة مثل العشب الناعم ينحني أمام النسيم ولكنه ال ينكسر للعاصفة" ‪.‬‬
‫المرأة الفاضلة تلهمك‪..‬والذكية تثير اهتمامك‪..‬‬
‫والجميلة تجذبك‪..‬والرقيقة تفوز بك‬
‫هذه ببعض األقوال الحكيمة عن المرأة أيضا‪...‬‬
‫إذا تلبد قلب الرجل بالهموم انزاحت سحب الضباب بظهور المرأة ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫*إذا أحبت المرأة ضحت بنفسها من أجل قلبها ‪ ,‬وإذا كرهت ضحت بغيره‬
‫*إذا كانت المرأة عيبا طبيعيا فهي بال شك أجمل عيوب الطبيعة‬
‫*أكبر لص تحت قبة السماء هو الجمال الكامن في عيني المرأة‬
‫*امرأة بال ابتسامة أدعى ما في الوجود للملل‬
‫*إن كل فلسفة الرجال ال تعادل واحدة من عواطف المرأة‬
‫*أن يقاوم الرجل قلب المرأة كأنما يُكتب عليه شرب البحر‬
‫*دموع المرأة طوفان يغرق فيه أمهر السباحين‬
‫*دموع المرأة أقوى نفوذا من القوانين‬
‫*المرأة مخلوق عظيم إذا عرفت قدر نفسها‬
‫*المرأة كالبحر مطيعة لمن يقوى عليها‪ ،‬جبارة على من يخشاها‪.‬‬
‫مع كامل اال حترام!‪.‬‬
‫***************‬

‫‪ 13‬مايو ‪2012‬‬

‫أيام القلق فى مصر ‪ ..‬التصويت إنتخابات الرئاسة‬


‫• فاصل ردح‬
‫يعجبنى قوى قوى الحمار اللى تقول له ح تنتخب مين؟ يقول لك‪ :‬لسه لما أشوف برنامج كل واحد!!!!!!!!!!!‬
‫تعرف على طول ان اللى قدامك ده إما أهبل أو بيحلق لك‬
‫ألن أصغر برنامج يقع فى ‪ 70‬صفحة فولسكاب‪..‬ضرب ‪ .. 13‬يعنى بتتكلم فى ألف صفحة‪..‬لو كان "المنيل على عينه" سبق له‬
‫أن قرأ ألف صفحة فى حياته ‪ ،‬عن أى حاجة‪ ،‬كلها كان فلح ‪ ..‬ثانيا أنا ممكن أعمل دماغ و أضرب لك أجدع برنامج فى دقيقتين‪.‬‬
‫خد عندك‪ -:‬الحد األدنى لألجور ‪ 5‬آالف جنيه‪ .......‬فى اليوم‬
‫الحد األقصى لساعات العمل ‪ 5‬دقائق‪ .......‬فى الشهر‬
‫فيال و عربية لكل مواطن‪ .....‬و تصرف على بطاقة التموين‬
‫الشعب كله‪ ..‬الزم يروح يصيف فى فرنسا‪ ..‬على شواطئ "كان" و مرسيليا‬
‫الشعب كله الزم يتجوز هيفاء وهبى‪ ..‬بعد ما تتطلق (شوف احنا متدينين ازاى)‬
‫ربط الكافيار و السيمون فيميه ببطاقة التموين‪ ،‬ألنها سلع مدعومة‬
‫‪...................‬‬
‫دى الصفحة األولى من البرنامج ‪ .....‬و عندى من ده كتير‬
‫‪....................‬‬
‫الشطارة أن تقرأ ما بين السطور ‪ ....‬أن تنصت لما سكتت عنه شفاه المرشح ‪ .....‬أن تقرأ ماضيه و تاريخه و مواقفه أيام‬
‫األزمات‪ ...‬أن تتأمل خلفياته و مرجعياته الثقافية و األخالقية ‪..‬‬
‫‪...............‬‬
‫بس خالص‪ ..‬و بطلوا هبل!!‬
‫****************‬

‫‪19‬‬
‫‪ 2‬نوفمبر ‪2012‬‬

‫سقوط األقنعة‬
‫أقر و أعترف أنا الموقع أدناه أننى اكتشفت أننى شخص ساذج جدا و " على نياته " جدا جدا ‪ ..‬فلقد اكتشفت أن الكثير الكثير‬
‫ممن كنت أعتبرهم ثوارا حقيقيين‪ ،‬و ممن كنت أعتبرهم أساتذتى في الوطنية‪ ،‬و ممن كنت أراهم قامات سامقة في سموات‬
‫بالدى‪ ..‬و ممن كانت تطربنى اصواتهم و آراؤهم‪ ،‬و ممن سهرت أمامهم الليالى منصتا بكل جوارحى‪ ،‬مستلهما الروح الثورية‬
‫الجديدة تدب في عروقى‪.‬‬
‫اليوم ‪ ..‬أرانى قد أخطأت ‪ ..‬و لتعذرونى جميعا أيها الثوريون "الفضائيون" ‪ ..‬لقد أحببتكم بأكثر مما ينبغى ‪ ،‬و احترمتكم بأكثر‬
‫مما ينبغى ‪ ..‬و رأيتكم على غير حقيقتكم!!‬
‫فجأة و في ليلة واحدة‪ ،‬تساقطت األقنعة‪ ،‬عن الوجوه الكالحة ‪ ..‬تساقطت كورق التوت‪ ،‬لتكشف عورات هى عارات نتنة ‪..‬‬
‫تساقطت مع ضربات الـ "ريموت كونترول"‪ ،‬لتترك معظمهم عراة مثيرين لإلشمئزاز و الغثيان‪ ..‬قليل منهم من يحب البلد‪،‬‬
‫قليل منهم من يعلى المصلحة العليا للوطن‪ ..‬معظمهم يعلى مصلحته الخاصة‪ ،‬وال يرى إال نفسه‪ ،‬و يلعق اليوم ما لفظه باألمس‪،‬‬
‫ثم ينصب نفسه حكيم الزمان‪ ،‬و حامل مفاتيح الخير و األمان‪ ،‬و ما دونه شر مستطير و نفخ في الكير !!‬
‫أطفأت التلفاز على أ سوأ البشر ‪ ،‬و ذهبت الى نوم محموم ‪ ..‬و أنا أشعر أننا " صفر " كبير‪ ،‬بل "صفر" حقير صغير هزيل ‪ ..‬و‬
‫خشيت أن أستيقظ على صبح بال شمس !!‬
‫*****************‬

‫‪ 15‬نوفمبر ‪2012‬‬

‫بلد "نص لبة!! "‬


‫ال أعتقد كثيرا بأن ثمة حكمة تجرى على ألسنة صحفيى هذا الزمان‪ ،‬و ذلك ألنهم صاروا أمهر من "أسامة أنور و عكاشة" و‬
‫"نجيب محفوظ" معا‪ ،‬فى التأليف و التلفيق و الثارة و التشويق‪ .‬غير أنه منذ قرابة أسبوع (‪ 2012/11/10‬تقريبا) استمعت‬
‫بالصدفة الى الصحفى األستاذ "نبيل نور الدين" فى احدى المحطات الفضائية‪ ،‬يقول حديثا مكرورا سمعته مئات المرات فى كل‬
‫ال قنوات‪ ،‬و قبل أن أغير المحطة ‪ ،‬قال كلمة استوقفتنى بل سمرتنى ‪ ..‬انه يقول ما كان يجول بخاطرى من سنين‪ ،‬و كنت على‬
‫يقين بأنه سبب البالء كله‪ ،‬الذى عشنا فيه و سنظل فيه‪ ،‬الى أن يقضى هللا أمرا كان مفعوال ‪.‬‬
‫يقول صاحبنا فى عبقرية و حكمة منقطعة النظير ‪" -:‬لقد تدهور التعليم فى مصر منذ أعلن وزير التعليم على المأل؛ أن الختبار‬
‫فى مستوى الطالب المتوسط"!!‪ ..‬نقطة و من أول السطر‪ ،‬فلقد انتهى الكالم‪ ...‬و لقد أوجز صاحبنا فأعجز‪!!!.‬‬
‫فأن تكون مخرجات العملية التعليمية لديك؛ طالبا متوسطا‪ ،‬فإنها تعنى أنه سيكون لديك موظفا متوسطا‪ ،‬و بالتقادم ‪ ،‬سيصبح هذا‬
‫الموظف مديرا متوسطا ‪ ،‬فـ "صانع قرار" متوسطا ‪ ،‬فـ "وكيل وزارة" متوسطا فـ "وزير" و رئيس وزراء و حكومة ‪ ،‬كلهم‬
‫كلهم‪ ،‬من النوع المتوسط‪ .‬فوطن كامل من النوع المتوسط ‪ ،‬أو بالتعبير البلدى "نص نص" أو "نص لبة" أو "يمشى حاله"!!‪.‬‬
‫وال تسل آنذاك عن تقدم أو نهضة أو رغد فى العيش أو مجرد انتصار على من يخترق حدودك و أمنك‪ ،‬ألن كل هاتيك‬
‫المفردات مشتقة من معاجم القوة و القمة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عل ْيك ْم َش ِهيدا )‬‫الرسُو ُل َ‬ ‫ُ‬
‫اس َويَكونَ َّ‬ ‫َّ‬
‫على الن ِ‬‫َ‬ ‫ش َهدَا َء َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫هذا بالطبع غير المقصود فى اآلية " ( َو َكذلِكَ َجعَلنَاك ْم أ َّمة َو َسطا ِلتَكونُوا ُ‬
‫البقرة‪ ،" . 143/‬إذ المعنى فى اآلية هو "وسطية الرأى" و العدل و العقل بما ال يسمح بشطط أو انجراف أو انحراف‪(( .‬روى‬
‫ع ْن أَبِي َسعِي ٍد ْال ُخد ِْري ِ رضي هللا عنه قَا َل ( َو َكذَلِكَ َجعَ ْلنَاكُ ْم أ ُ َّمة َو َسطا ) قَا َل ‪ْ :‬ال َو َسطُ ْالعَدْ ُل ) ‪)) .‬‬
‫البخاري (‪َ )4487‬‬

‫‪20‬‬
‫وما نقصده نحن من سوء مآل هو "وسطية المكانة"‪ ،‬و ما يستتبعه من فتور الهمة و خوار العزيمة‪ .‬ثم أن رضاءك بالمكانة‬
‫الوسطى يجعلك مهددا طوال الوقت بمن ال يرضون عن العال بديال‪ ،‬و لسوف تقعد ملوما محسورا تعض شفاه الندم و الحسرة‬
‫كلما مرت بجوارك أمة تسعى الى القمة و تركلك بقدمها نحو قاع بارد مظلم‪.‬‬
‫فهل يستطيع جيش متوسط "نص لبة" !! أن يصد الهجوم على نفسه‪ ،‬وال نقول على "غزة"‪ .‬وهل من المتصور أن مهندسا‬
‫متوسطا (على قدر الحال) سوف يخترع سالحا جهنميا يدمر األعداء‪ ،‬أو أن كيميائيا متوسطا (نص نص) سوف يخترع مادة‬
‫كيماوية نرشها فوق األعادى فتحرقهم حرقا‪ .‬و هل يمكن لقانونى متوسط (من جموع المتوسطين) أن يسن لنا قوانين تنظم‬
‫حركة األفراد و المجتمع على مر السنين‪ ،‬بطريقة تضمن كرامة الفرد و أمن المجتمع و سكينة األمة‪ ..‬و تسجل قوانينه على مر‬
‫التاريخ بجوار قوانين "حمورابى"؟؟ !!‬
‫ان البالد التى تسعى الى القمة‪ ،‬ال تستورد النوابغ من الخارج‪ ،‬و مثل ذلك ان حدث (كتجنيس أبطال الرياضة) ال يؤسس لقمة‬
‫واثقة‪ ،‬و إنما هى تفسح المجال لنوابغها و مبدعيها‪ ،‬كى تكون هى الحكومة صاحبة الحكمة‪ ،‬و القيادة صاحبة الكلمة‪ ،‬و الزعامة‬
‫رأس األمة‪ ،‬فتراهم يرون ماال يرى العوام‪ ،‬و يفكرون فيما لم يخطر على قلب العوام‪ ،‬و يستشرفون آفاقا لم يرها العوام‪ ،‬ثم‬
‫يقررون للعوام يومهم و غدهم بما فيه الصالح العام‪ .‬فالسهم ينطلق برأسه‪ ،‬و رأس السهم رفيع مدبب حاد‪ ،‬يشق الريح و‬
‫األجساد‪ ،‬و يجر باقى السهم خلفه‪ .‬هذا اذ ا ماكنا نريد انطالقة سهم‪ .‬فأما اذا أردناها نزهة نيلية‪ ،‬فلننشر القلوع بعرض المركب‪،‬‬
‫و لنغمض أعيننا و لننم ملء الجفون ‪ ..‬فالمسير طويل طويل‪ ،‬و المصير غير مأمون ‪.‬‬
‫*******************‬

‫‪ 13‬أغسطس ‪2012‬‬

‫حوار مع صديق نمرود!!‬


‫بمناسبة ثورة يناير ‪ 2011‬المصرية ‪-:‬‬ ‫•‬
‫أى صديقى اللدود‬
‫يامن تعتقد أنك هزمت‪ ،‬يوم فاز اآلخرون‬
‫يامن تعتقد أن الكل خانوك و خدعوك‬
‫و أن اتفاقا تم بليل‪ ،‬بين مجموعة أشرار‬
‫أسقطوك من حسبانهم‪ ،‬و أسقطوا الشعب‬
‫و البلدان و الجنة و النار‬
‫أحيط سعادتكم علما‪ ،‬أن الغائب ليس له استحضار‬
‫و أن القسمة تكون بين أصحاب القوة‬
‫و أصحاب الهمة و القمة‬
‫وصناع القرار‬
‫فإن لم يصبك الدور‬
‫ولم تنل جزءا من كعكة‬
‫ولم تنل نصيبا من تركة‬
‫فلتكفكف دمعك‬
‫و ال تلومن إال نفسك‬
‫فما تشتهيه من نظم ثورية‬
‫لن يقدم إليك فى "منيو"‬
‫هذه ثورة مسلوقة‬
‫وتلك ثورة على الفحم مشوية‬
‫و لتسل نفسك يا صديقى؛ أين كنت ليلتها؟!‬
‫فإن قضيت ليلتها فى فراشك المخملى‬

‫‪21‬‬
‫أو اكتفيت منها بمشاهدة البث الحى‬
‫ثم ذهبت بعد أن انفض السامر‬
‫تتفقد األشالء‬
‫و آثار الدماء‬
‫و تلتقط لنفسك صورة ‪ ..‬وسط األصدقاء‬
‫و أنت تلقى قصيدة عصماء؛‬
‫"الشعب يريد إسقاط أبو عالء"‬
‫و أراك اليوم تنتقد األوضاع‬
‫كل األوضاع‬
‫تنتقد من اشترى‬
‫و تلعن من باع‬
‫اليوم تثور على من سار أو ثار‬
‫و باألمس تعزف على كل األوتار‬
‫تسب من استقام و تنتقد من استدار‬
‫و تحتكر الحكمة لنفسك‬
‫و أن لديك كل العلم‬
‫و صندوق األسرار‬
‫‪......‬‬
‫لقد ارتضيت لنفسك دور المهزوم‬
‫منذ عشرات السنين‬
‫و قنعت بعيش المأزوم‬
‫وقلت لى‪ ،‬وفى نفسك‬
‫تهون خذالنى و كسلك‬
‫"ما لجرح بميت إيالم "‬
‫‪......‬‬
‫اليوم‪ ،‬حق عليك الصمت‬
‫اليوم‪ ،‬يمتنع عليك الصوت‬
‫فالصوت صوت المنتصر‬
‫و العيش عيش الحر الذى انتظر‬
‫هو من ضحى ‪ ،‬و من بذل‬
‫و انتفض ولم ينكسر‬
‫هو من لبى النداء‪ ،‬و نزع الغطاء‬
‫و انتفض و حضر‬
‫اليوم أراه قد انتصر‪ ،‬فوقف يقرر‬
‫و يفرض وضعا‬
‫و على المهزوم‪ ،‬أن يلتزم الصمت‬
‫كرها أو طوعا‬
‫فليس كل المواطنين سواء‬
‫و ليس األحرار كاألرقاء‬
‫وليس من بذل ماء وجهه‬
‫كمن بذل الدماء‬
‫و ليس الساكت عن الحق‬
‫كالزاعق به‬
‫و بعض الكالم هراء‬
‫فالوطن الحر يصنعه‬
‫السادة األحرار‬

‫‪22‬‬
‫و يمتنع على الجبناء‬
‫ليس لك اليوم من حق‬
‫إال شراكة الماء و الكأل و الهواء‬
‫لذا أعجب اليوم ممن يشكو؛‬
‫"أين الكهرباء؟"‬
‫وهو من ولد وعاش و مات‬
‫نسيا منسيا فى ظلماء‬
‫عن يمينه قمامة و عن يساره قمامة‬
‫و من خلفه قمامة‬
‫و أمامه أيام سوداء‬
‫فلتصمت‪ ،‬طوعا أو كرها‬
‫و إال أعدتك سيرتك األولى‬
‫تقبل أيادى األسياد‬
‫و تلعق الحذاء‬
‫فمثلك اليدرك للكرامة معنى‬
‫و ليس به إال خسة و خيبة‬
‫فال تزاحمن سادتك الشرفاء!!‬
‫*****************‬

‫‪ 29‬أبريل ‪2013‬‬

‫عصام حجى ‪ ..‬شعلة األمل !‬

‫عقب فاصل من الردح و الردح المضاد‪ ،‬كالمعتاد فى كل فضائيات اإلثارة و التهييس‪ ،‬انتهت سهرة القناة األولى المصرية‬
‫أمس (‪ ،) 2013/4/28‬وألول مرة منذ زمن طويل‪ ،‬نهاية سعيده‪ ..‬إذ كان الضيف ابنا غاليا من أبناء مصر‪ ،‬وقاه هللا شر "العته‬
‫و البله" بأن أبعده عن مصر هذه األيام ‪ ..‬تركها مصر األهرامات فعاد ليجدها قد هرمت‪ .‬غادرها مصر عالية القامه وعاد‬
‫ليجدها عالية القمامة ‪.‬‬
‫استمتعت بالسهره القصيرة مع "عصام حجى" (إبن رسام الكاريكاتير الشهير "حجى")‪ ،‬العالم المصرى عن حق‪ ،‬فى وكالة‬
‫ناسا للفضاء‪ ،‬و المكلف بالبحث عن دالئل الحياة فوق المريخ‪ .‬كلمات هذا العالم الشاب الواعد‪ ،‬كانت كطلقات رصاص‪ ،‬قال‬
‫أننا حاليا خارج منظومة التاريخ و الحضارة‪ .‬و أضاف أنه ال نهضة بدون تعظيم دور العلم و المرأة و الصحة‪ .‬و ذكر أن‬
‫اإلحباطات التى واجهتها أمريكا ف ى فيتنام فى الستينيات‪ ،‬واجهتها بالمشروع الحلم "السبق فى نزول اإلنسان فوق القمر"‪ .‬قال‬
‫أننا أحسن بلد فى العالم‪ ،‬على الورق‪ ،‬تعليم مجانى و عالج مجانى و حقوق مصانه‪ ،‬ولكن فى الواقع؛ الشئ من هذا وال ذاك‪.‬‬
‫و أضاف أن الديمقراطية و العدالة اإلجتماعيه البد لها من بيئة مناسبة تتحقق فيها‪ ،‬إذ ال يمكن أن تتحقق فى مجتمع نصفه‬
‫جاهل‪.‬‬
‫شعرت عقب حديثه‪ ،‬بأنه كان من األولى و األرجح أن يضع سيادته دستور مصر ؛ ومعه أحمد زويل و فاروق الباز و مجدى‬
‫يعقوب و فقط‪ .‬نقطه و من أول العصر!!‪.‬‬

‫*********************‬

‫‪23‬‬
‫‪ 6‬سبتمبر ‪2013‬‬
‫عمى الحاج !!‬

‫أحيط سعادتكم علما أن عدد من كنت أقول لهم "أنكل" و "طنط" و "عمو"‪ ،‬قد تناقص مؤخرا بشكل مرعب ‪.‬‬
‫و أن أعداد من صاروا ينادوننى بـ "أنكل" و "عمو"‪ ،‬قد تزايد بشكل مريع‪.‬‬
‫و كله كوم‪ ،‬و أوالد ‪ 60‬فى ‪ 70‬الذين ينادوننى‪ ،‬فى الشارع‪ ،‬بـ "عمى الحاج"‪ ،‬كوم تانى‪.‬‬
‫أنا "عم الحاج" يا حثالة يا بيئة ‪ ..‬ده أنا "ميشو" ياض ‪ ..‬ومن سنتين كنت "مشمش" ‪ ..‬أنا ياض اللى قطعت "سمير" و "ميكى"‬
‫و بهدلت "تان تان" و "تخ تخ" و "لوزة" و "عاطف‪".‬‬
‫أنا "ميشو" ياض‪ ،‬بتاع "عصافير الجنة" و "فتافيت السكر" و ماما سلوى و ماما نجوى ‪.‬و ‪..‬و ‪ ..‬الخ الخ‪.‬‬
‫قوم أنا يقولوا لى يا "عمى الحاج" ؟؟!!‪ ..‬ياكشى ربنا يحرقهم بجاز "ديرتى ‪".‬‬
‫*******************‬

‫‪ 9‬يونيو ‪2013‬‬
‫فى انتظار "جودو"!!‬
‫البيئة السياسية التى تغلف البلد حاليا‪ ،‬ليست بيئة مثالية لممارسة السياسة على الطالق‪ .‬و المؤلم حقيقة‪ ،‬أنها لم تعد بيئة مثالية‬
‫حتى لمجرد التفكير و النقاش ‪ .‬و إنما هى بيئة مثالية للعربده و العهر و الجنون‪ .‬فالوضع أشبه بمشاجره فى "حانة"‪ ،‬كل من فيها‬
‫سكارى‪ ،‬فإذا تواجد فيها آنذاك‪ ،‬بالصدفه‪ ،‬بعض من بقى له عقل‪ ،‬فمن األفضل له أن ينأى بنفسه عن هذا الجنون‪.‬‬
‫ولذلك أنا أغبط زمالءنا الذين الزالت لديهم القوة و القدرة على الشرح و التحليل‪ ،‬و التحزب لرأى ضد الرأى اآلخر!!‬
‫فأنا وكثرة كاثرة من المصريين المغتربين‪ ،‬أغلقنا أجهزة التلفزيون‪ ،‬وطلقنا الصحف المصرية بالثالثة‪ ،‬بإنتظار معجزة تحدث‬
‫!!‬
‫منذ عام أو يزيد‪ ،‬كنا منقسمين‪ ،‬الى "اخونجى" و "فلول" و "علمانى" و "برادعاوى" و "امبريالى" و "استهبالى" و‬
‫"انشطارى" ‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫أما اآلن‪ ،‬فإن حالة من الكآبة‪ ،‬ثقيلة الوطأة‪ ،‬صارت تغلف الجميع‪ ،‬و توقفنا جميعا بإنتظار "جودو"‪ ..‬الشخص الوهمى أو فارس‬
‫األحالم‪ ،‬الذى قد يأتى وقد ال يأتى‪!!.‬‬
‫"في انتظار جودو‪ ، " Waiting for Godot‬مسرحية كتبها الكاتب اآليرلندي "صمويل بيكيت"‪ .‬وتدور حول رجلين يدعيان‬
‫"فالديمير" و"استراجون" ينتظران شخصا يدعى "جودو"‪ ،‬ويعلقان عليه كل آمالهما و أحالمهما‪ ،‬وهذا الشخص‪ ،‬ال وجود له‬
‫من األساس‪ ،‬إال فى مخيلتهما‪ .‬كل يراه بطريقته و على هواه ‪ .‬وأثارت هذه الشخصية مع الحبكة القصصية الكثير من التحليل‬
‫والجدل حول المعنى المبطن ألحداثها‪ .‬وحازت على تقييم أهم عمل مسرحي في القرن العشرين باللغة النكليزية‪ .‬وكان افتتاح‬
‫أول عرض في ‪ 5‬يناير ‪ 1953‬في مسرح بابلون من إخراج "روجر بلين ‪".‬‬
‫*****************‬

‫‪ 17‬أبريل ‪2013‬‬

‫الجين المصرى "المتمرد!! "‬

‫‪24‬‬
‫ما دفعنى لعمال الذهن و كتابة هذا المقال‪ ،‬هو أنى ذات يوم كنت مودعا لبنى "زياد" فى المطار ‪ ،‬و ألنه كان‬ ‫•‬
‫مسافرا على طائرة مصر للطيران‪ ،‬فقد أخذ دوره فى طابور المصريين المغادرين الى القاهرة ‪.‬‬
‫الصالة كان بها ما ال يقل عن ‪ 20‬صفا ألكثر من ‪ 20‬جنسية أخرى‪ .‬تقريبا الـ ‪ 20‬صفا األخرى‪ ،‬يكاد مسافروهم من الجنسيات‬
‫األخرى‪ ،‬ينتظمون فوق خطوط مستقيمة ليس فيها انحناء وال اعوجاج‪ ،‬و كلهم صامتون أو هامسون‪ ،‬فيما عدا ‪..!..‬‬
‫فيما عدا الطابور المصرى‪ .‬إنه الطابور الوحيد الذى ال ينظمه خط مستقيم ‪ ،‬و كان أشبه بكرة الصوف التى لعب بها القط ‪ ،‬أو‬
‫قل عدة دوائر غير منتظمة‪ ،‬متقاطعة عشوائيا‪ .‬و بالطبع‪ ،‬لم يكن إبنى استثناءا‪ ،‬فقد كان نقطة عشوائية وسط تجمهر فوضوى‪ ،‬و‬
‫المدهش‪ ،‬أنه على حداثة سنه‪ ،‬لم يستشعر ‪ ،‬ال هو وال غيره من المسافرين المصريين‪ ،‬أنهم مخالفون للنظام و الفطرة و الشكل‬
‫العام‪.‬‬
‫أضف الى ذلك الضوضاء و الهرج و المرج الذى كان يصدره هذا التجمهر الفوضوى‪ .‬و ذا طبعا ليس إال تمثيال مهذبا لواقع‬
‫مجتمعنا العشوائى البدائى‪ .‬و عدت أتساءل؛ لماذا يستعصى النسان المصرى على النتظام و النظام؟ !‬
‫و رأيت أن نظرية "االنتخاب الطبيعى )‪" (Natural Selection‬يمكن تطبيقها هنا؛‬
‫• ففى قديم الزمان و بسبب الجليد و الثلج و الصقيع و البرد الزمهرير‪ ،‬فى نصف األرض الشمالى‪ ،‬كان النسان األوروبى فى‬
‫خروجه لصيد قوت يومه‪ ،‬إذا ما ضل طريق العودة الى كوخه‪ ،‬قتله البرد القارس و دفن تحت أكوام الجليد‪ .‬و بمرور السنين‪،‬‬
‫مات و اندثر كل من لم يستوعب خارطة الطريق‪ .‬مات كل من لم يتقن بناء كوخه‪ ،‬و مات كل من شرد به عقله بعيدا عن سكنى‬
‫عائلته و قومه‪ .‬مات و اندثر كل من أضاع معالم الطريق‪ .‬مات و اندثر من خانته ذاكرته أو اختلطت أمام ناظريه االتجاهات‪.‬‬
‫فالطبيعة ال ترحم ‪ ،‬و األعاصير الجليدية ال تبقى و ال تذر‪ .‬و البرد القارس يقتل كل عاطل أو متكاسل أو مهمل أو غافل‪.‬‬
‫و بمرور السنين‪ ،‬لم يبق من األوروبيين‪ ،‬أحياء‪ ،‬إال األذكياء المهرة‪ ،‬الذين عرفوا كيف يروضون الطبيعة بالعلم و المنطق و‬
‫التعاون و التجريب ‪..‬الخ ‪.‬‬
‫فال غرو اليوم أن تجدهم قد شطروا الذرة‪ ،‬و طاروا خارج المجرة‪ ،‬و من يعلم ماذا سوف يفعلون غدا‪.‬‬
‫•العكس تماما حصل فى أدغال أفريقيا و أحراشها ‪ ،‬فمن خرج من كوخه للصيد منفردا ‪ ،‬و صادفه السبع‪ ،‬أكله و قضى عليه‪.‬‬
‫و بالتالى لم ينج من فم السبع إال األسرع فى الفرار ‪ ،‬أو األقوى الذى استطاع أن يقتل الحيوان المفترس قبل أن يقتله‪ ،‬أو الذى‬
‫احتمى بقبيلته‪ ،‬فواجهوا قطعان الجوارح؛ قبيلة ضد قطيع ‪.‬‬
‫و بمرور السنين لم يبق من األفارقة‪ ،‬أحياء‪ ،‬إال األطول و األقوى عضليا‬
‫)‪ ، (Brown Muscle Fibres‬و هذا ما يفسر تفردهم بجوائز السرعة و ألعاب القوى‪ ،‬و يبرر بقاء القبلية و العشائرية فيما‬
‫بينهم (بسبب التاريخ الطويل من الصراع متضافرين ضد السباع)‪.‬‬
‫•و بالمثل؛ حدث فى "جنوب شرق آسيا" و الدول الشاطئية و الجزر الصغرى و كل المجتمعات التى اعتمدت فى حياتها على‬
‫البحر اختيارا أو قسرا‪ ،‬إذ لم ينج من تلك المجتمعات إال من كان يتقن السباحة و أصحاب النفس الطويل و رشيقى الحركة‪،‬‬
‫تماما كما األسماك أو باألحرى كالبرمائيات‪ .‬و طوال هذا الصراع الطويل مع البحر و المحيط‪ ،‬مات منهم غرقا من لم يطف‬
‫فوق السطح‪ ،‬ومن لم يتقن صنع القوارب و من لم يسبح مع التيار‪.‬‬
‫و تأمل الفلبينيين و الكورريين و اليابانيين (الجنس األصفر)؛ تجد أن القاسم األعظم بينهم هو صغر الجسد مع نعومة الجلد و‬
‫اتساع فتحتى األنف و ضيق العينين‪ ،‬إضافة الى كونهم هادئى الطباع‪ ،‬لينى العريكة و سهلى المراس‪ .‬و جميعهم يحبون إتقان‬
‫العمل‪ ،‬و بالذات العمل اليدوى‪ ،‬و يقدسون النظام الجتماعى و يرونه السبيل الوحيد للنجاة و العيش فى سالم ‪.‬‬
‫• و أما نحن فى مصر‪ ،‬فلقد حبانا هللا بأجمل موقع فى العالم كله (و كذلك جل الشرق األوسط بدرجة أقل قليال)‪ .‬فالجو عندنا ‪،‬‬
‫ربيع طول السنه (أغنية الثالثى)‪ ،‬و "حصيرة الصيف واسعة"‪ ،‬فننام فى "الطل" بجوار النهر‪ ،‬نفترش العشب و نلتحف السماء‪.‬‬
‫و النيل يجرى بالخير بطول البالد و عرضها‪ ،‬فال تجد أحدا "ينام من غير عشاء"‪ ،‬وال أحد يموت من الجوع (مثل شعبى) ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫و من ثم‪ ،‬فلم يتعرض أهل مصر بطول تاريخها ألى انتخاب طبيعى من أى نوع‪ ،‬اللهم إال بعض الكوارث الموسمية المحدودة‬
‫األثر التى لم تكن تستمر طويال (فيضان النيل و األوبئة من مثل؛ الكوليرا و التيفود و البلهارسيا و المالريا)‪ ،‬و بالتالى فلم يكن‬
‫لها تأثير جينى من أى نوع ‪.‬‬
‫و هكذا ‪ ،‬عاش أهل مصر كلهم‪ ،‬بكل اختالفاتهم و تناقضاتهم‪ ،‬معا‪ .‬عاش الغنى و الفقير ‪ ،‬الطويل و القصير و عاش األبيض و‬
‫األسود و الذكى و الغبى و العاقل و المجنون و الطيب و الشرير و المؤمن و الملحد و الصالح و الطالح و اللين و المتمرد و‬
‫‪..‬و‪ ..‬كل نوع و نقيضه‪ ،‬و لهذا كنيت بـ "أم الدنيا"‪ ،‬و قيل فيها ‪ -:‬ويا مصر قد كنت حصنا منيعا لكل الضعاف و للبؤساء‪..‬‬
‫يعيشون فيك وأهل الكتاب ويحيون فيك حياة الهناء ‪ ..‬وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء (أبو الطيب المتنبى) ‪.‬‬
‫و مما الشك فيه أن مجموع تلك التناقضات أنتج شخصية وسطية‪ ،‬ت رى دائما األشياء من منتصفها‪ ،‬و ترى أن الموقف المحايد‬
‫هو أفضل المواقف وأن البقاء عند نقطة الصفر هو أسلم األوضاع عندما تختلط لديك االتجاهات‪ .‬يدعم ذلك تأثير النهر وواديه‬
‫الخصب فى تلطيف المزاج و تأسيس العقلية الزراعية الكسولة‪ ،‬طويلة البال‪ ،‬الموقنة بثبات الحال‪ ،‬من خالل دورة زراعية ال‬
‫تتغير‪ .‬وهى عقلية مجالها البصرى محدود ما بين اللون األخضر النباتى و اللون األزرق النيلى‪ ،‬و هى ألوان هادئة تشع سالما‬
‫و راحة‪ .‬و هكذا صرنا الى شخصية ثابتة فى معتقداتها و أزمنتها و أمكنتها‪ ،‬فال هجرة بعيدة وال مغامرة مجنونة وال فكرة‬
‫جديدة ‪ ،‬أو قل إجماال ؛ شخصية عنيدة ‪ ،‬الى األرض مشدودة‪ ،‬و مكتفية بذاتها عمن سواها (أنا وأخى على إبن عمى‪..‬الخ)‪ ،‬و‬
‫زمنها محدود بين محصول شتوى و آخر صيفى‪ ،‬دونما خلل أو اختالل‪ ،‬أو كأن الدنيا خلقت له و ليس فيها سواه ‪.‬‬
‫أو هكذا صرنا ؛ شعبا ليس له "كاتالوج"‪ ..‬و هذه هى ا لمشكلة‪ ،‬أن جيناتنا الوراثية صارت تحمل كل التناقضات‪ ،‬منكفئة على‬
‫ذاتها فى انحناء شديد‪ ،‬يكاد يغلق الدائرة حول النفس شديدة الكثافة‪ .‬فصار المصرى ال يصدق إال مايراه‪ ،‬وال يرى إال ما يعتقده‪،‬‬
‫وال يعتقد إال ما يهواه‪ .‬يسكن فى جماعة‪ ،‬يتبادل معها القليل من المنافع‪ ،‬و يحيا داخلها فردا‪ ،‬عنيدا متمردا‪ ،‬ال تخضعه إال سلطة‬
‫قوية قاهرة فوق رأسه و ممسكة برقبته‪ .‬فال عجب إذن أن سميت عاصمته بـ "القاهرة ‪" !!.‬‬
‫ال تخضعه إال سلطة قوية مركزية‪ ،‬تجزى و تجازى‪ ،‬و تفرض بقوة السلطان ماال يفرض باألخالق وال باألديان‪.‬‬
‫أو هكذا أفهم شخصية المصرى العنيد ‪ ،‬الذى يقف خارج الصف دائما‪ ،‬و غالبا ما يبدو خارجا على العرف وال ينظمه ناظم!!‬
‫********************‬

‫‪ 28‬أبريل ‪2013‬‬

‫محددات العقل المصرى!!‬


‫المقال الثانى لى عن "الشخصية المصرية" ‪-:‬‬
‫تحدثنا فى المقال السابق عن كون الشخصية المصرية‪ ،‬بحكم المورثات الجينية‪ ،‬و عوامل الطبيعة المكتسبة و طبقا لنظرية‬
‫االنتخاب الطبيعى (المعطلة فى مصر)‪ ،‬أن الشخصية المصرية "شخصية وسطية"‪ .‬وسطية فى انفعاالتها ‪ ،‬و هذا ما يحسب‬
‫لها‪ .‬و لكنها أيضا وسطية فى طموحاتها ووسطية فى تحدياتها (وهو ما يحسب عليها)‪ ،‬ووسطية فى قواها العضلية و قواها‬
‫العقلية أيضا‪ .‬و قلنا أن سبب ذلك يرجع الى أن الطبيعة كانت رحيمة جدا بالمصريين الى حد السخاء‪ ،‬فلم تضعهم تحت أى تحد‬
‫وجودى من أى نوع‪ ،‬فعاش كل المصريين‪ ،‬بكل تفاوتاتهم و اختالفاتهم‪ ،‬جنبا الى جنب‪ ،‬فى أمان و سالم‪ ،‬فتزاوجوا و انصهروا‬
‫فى بوتقة واحدة‪ ،‬تجمعهم أرضية عريضة من القواسم المشتركة‪.‬‬
‫و نظرا ألن مصر بطول تاريخها بلد زراعى‪ ،‬لذلك كانت شخصية الفالح بمورثاته الجينية المستقرة ‪ ،‬هو الختصار الوافى‬
‫للمصرى التقليدى‪.‬‬
‫فمن هو الفالح ؟ و ما هى مورثاته الجينية المستقرة ؟‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫بداية ‪ ،‬الفالح يكاد يستخدم العلم و الم نطق فى حدودهما الدنيا‪ ،‬بل يكادا يكونا مغيبين تماما من تفكيره‪ .‬فاألرض هى األرض منذ‬
‫آالف السنين و كذلك المحصول و المناخ و الدورة الزراعية‪ ،‬و كل أساسيات الحياة‪ ،‬ثابتة لديه و بدون مفاجآت‪ .‬و لذلك تقلصت‬
‫لديه جينات التفكير العلمى و الرياضي و المنطقي‪ ،‬المتأسس على العلة و المعلول‪ ،‬و التجربة و الخطأ‪ ،‬و المشاهدة و االستقراء‬
‫و االختبار و االستنتاج فالتنظير‪ .‬و هكذا تجد أن المصريين طوال تاريخهم الحديث ‪ -‬ما بعد الفراعنة ‪ -‬لم يخترعوا و لم‬
‫يبتكروا شيئا واحدا ذا بال‪ .‬ف " اسحق نيوتن" كان قد وضع قوانين الجاذبية من مالحظته سقوط التفاحة أرضا ‪ ،‬فى حين أن‬
‫سقوط الثمار من فوق ماليين األشجار لم يثر لدى جدنا أى تساؤل أو فكرة حسابية!‪ .‬و برغم أن أجدادنا كانوا قد امتطوا‬
‫صهوة النهر و البحر منذ القدم ووصلت مراكب "حتشبسوت" إلى بالد "بونت" إال أن من استنتج قوانين الطفو و الزاحة هو‬
‫"ارشميدس"‪ .‬و إذا علمت أن "توماس أديسون" األمريكى (‪ )1931 - 1847‬وحده قد اخترع أكثر من ألف جهاز ليس أقلها‬
‫المصباح الكهربى (‪ 1093‬براءة اختراع)‪ ،‬لعلمت الفارق بين الطبيعة الجينية للعقليتين ‪.‬‬
‫إذ أنه فى المقابل نما لدي المصرى‪ ،‬بتأثير الفراغ و االستقرار و األمان؛ الخيال القصصى و الروائي الخرافى‪ .‬فعاشت أجيال‬
‫وراء أجيال‪ ،‬تتداول السحر و الشعوذة و األسطورة و الفلكلور‪ .‬فإذا علمنا أن "أعذب الشعر أكذبه"‪ ،‬نكون قد بدأنا نالمس أحد‬
‫أهم المثالب األخالقية للمصرى‪ ،‬أال وهى "الفهلوة‪".‬‬
‫وألن فالحة األرض ال تحتاج مجهودا كبيرا ‪ ،‬فأيام الحرث و الرى و الحصاد ‪ ،‬طوال العام ‪ ،‬محدودة (ال تتجاوز ‪ 50‬يوما)‪ ،‬و‬
‫باقى أيامه لعب و لهو و مؤانسة‪ ،‬أصبح الفالح يميل الى الكسل و ليس له جلد على العمل الشاق‪ .‬فال غرو إذن أن تكون انتاجية‬
‫العامل المصرى متدنية‪ ،‬بما ال يتجاوز النصف ساعة يوميا (بحسب الجهاز المركزى لإلحصاء)‪.‬‬
‫الفالحة أيضا ال تحتاج لتقان‪ ،‬أو مهارة يدوية خاصة أو حرفية عالية‪ .‬فالرى و الحرث و البذر و الحصاد ثم طحن و تخزين‬
‫الغالل‪ ،‬كلها أعمال بدائية بسيطة‪ ،‬ال تتطلب دقة )‪ (Crude‬من أى نوع‪ .‬لذلك افتقد المصرى الدقة فى األداء و مهارة التشطيب‬
‫الجيد )‪ (Finishing‬و اللمسات الفنية‪ ،‬و هو ما عرف اصطالحا بـ " الكروتة( " مشتقة من )‪. (Crude‬‬
‫و ألن الزمن‪ ،‬لم يكن فى وقت من األوقات‪ ،‬عامل حسم فى حياة المصرى‪ ،‬اللهم إال دورة زراعية واسعة األقطار‪ ،‬تعتمد تقسيم‬
‫السنة الى أربعة فصول مناخية فقط‪ ،‬و من ثم كانت أصغر وحدة زمنية مهمة لدى الفالح قوامها ثالثة أشهر‪ ،‬و أقل من ذلك‪ ،‬ال‬
‫يعتد به‪ ،‬أصبح إحساس المصرى بالزمن‪ ،‬بطيئا‪ .‬و لعل ذلك ما يفسر العبارة الشهيرة ؛ "فوت علينا بكرة يا سيد" (حيث "بكرة"‬
‫ال يأتى أبدا)‪.‬‬
‫*****************‬

‫‪ 3‬يوليو ‪2013‬‬

‫زمن بال فرسان‬

‫وهللا زعالن عليه !!‬


‫‪......‬‬
‫‪......‬‬
‫كان من الممكن أن يرحل بكرامه‬
‫مرفوع الهامه‬
‫فال يترك إال سالما‬
‫و ذكرى طيبه‬

‫‪27‬‬
‫أن فارسا قد هزم‬
‫وخاصمته األيام‬
‫فأغمد سيفه‬
‫وضمد جرحه‬
‫ولوى عنق فرسه‬
‫وانسحب من الميدان‬
‫‪...‬أما صاحبنا‬
‫فقد آثر إال أن يسقط‬
‫تحت األقدام‬
‫ككل اللئام‬
‫الحرب دون الذهب‬
‫و الموت دون اللقب‬
‫وأما الشرف‬
‫و العزة والكرامة‬
‫فأيتام أيتام‬
‫و يتامى‬
‫لماذا خلت‬
‫أرض العرب‬
‫من الفرسان العظام‬
‫ولماذا يزدهر الشوك‬
‫والحنظل‬
‫ويسود األقزام‬
‫******************‬

‫‪ 14‬يوليو ‪2013‬‬

‫خواطر مسافر ‪-:‬‬


‫شعب مختلف!!‬

‫‪28‬‬
‫من هناك ‪ ..‬حيث اسقبلنا أول موظف مصرى فى المطار ‪ ..‬ثم على متن طائرة مصر للطيران ‪ ..‬و رغم حالة الحزن‬
‫العامة التى تغلف الجميع ‪ ..‬إال أن المضيفين و المضيفات و كل الموظفين المصريين‪ ،‬يبدون غير ‪ ..‬يشعرونك بود حقيقى ‪،‬‬
‫غير مزيف‪.‬‬
‫ان الذى قضى سنوات كثيرة فى الخارج‪ ،‬يستطيع أن يلمح بسهولة و يميز الفروق بين الشعوب‪ .‬و رغم أن المصرى طحنه‬
‫الفقر إال أنه يبقى واقفا عمالقا‪ ،‬ببساطته و تواضعه و روحه المرحه الساخرة‪ ،‬التى يسخر بها حتى من نفسه‪ .‬و يبقى أنه طيب‬
‫جدا و رقيق المشاعر جدا و صادق جدا‪.‬‬
‫تلك أمور لم أكن ألعيرها انتباها لو لم أغترب‪ ،‬و أنظر الى المصرى من خارج الطار‪.‬‬
‫لكم أنت طيب و صابر و عظيم يا "بن بلدى" !!! فلتكفكف دمعك‪ ،‬و لتضمد جرحك و لتطوى ألمك بين ضلوعك‪ ،‬و لتمضى ‪..‬‬
‫فالدنيا ‪ ..‬كل الدنيا ‪ ..‬ترقبك ‪ ،‬كيف سيمضى‪ ،‬عزيز قوم ‪ ،‬كبا ‪ ..‬و أبى ‪..‬أن يذل!!‬
‫******************‬

‫‪ 5‬أغسطس ‪2013‬‬

‫أين الرجل الرشيد ؟!‬


‫أسوأ ما كشفت عنه ثورة ‪ 25‬يناير الى اآلن‪ ،‬أنه ليس من بيننا رجل رشيد‪.‬و هذه كارثة حقيقية‪ ،‬تستحق منا أن نقتل‬
‫أنفسنا حسرة و ندما‪ ،‬لو كنا نعى أو نشعر ‪.‬‬
‫نفس الحالة مررنا بها من قبل حين ثار المصريون فى العام ‪ 1800‬م (ثورة القاهرة الثانية) ضد الفرنسيين‪ ،‬إذ نظر الشيخ‬
‫األزهرى الثائر "عمر مكرم" حوله‪ ،‬فلم يجد رجاال‪ ،‬فلم يستنكف أن يذهب بالثوار الى جنرال "ألبانى" شاب‪ ،‬فى الجيش‬
‫التركى‪ ،‬اسمه "محمد على" (لم يكن يعرف اللغة العرب ية آنذاك) فيعقد له لواء القيادة و الزعامة‪ ،‬بعد أن خلعوا "خورشيد باشا"‬
‫عام ‪ 1805‬م‪ ،‬لكى تبدأ مصر أزهى عصورها و تتحول الى امبراطورية كبرى فى غضون ‪ 10‬سنوات ‪.‬‬
‫إن ما مررنا به فى الثالثة أعوام األخيرة‪ ،‬هو موجات ثورية متتابعة‪ ،‬سرعان ما تنكسر على شطآن الحباط و خيبة األمل‪ .‬و‬
‫مع كل موجه نقول أن الخطأ أن الثوار الحقيقيين ال يتولون القيادة‪ .‬ومع اعترافنا بالخطأ‪ ،‬إال أن األحداث تتكرر متشابهة‪ ،‬و‬
‫يتولى القيادة إما عجوز يائس أو كهل بائس أو أشباه رجال‪ ،‬تراهم مرتبكون مرتابون و مرتعشون ‪ ..‬ينظرون للثورة على أنها‬
‫حركة "توظيف" جد يدة‪ ،‬أتت بموظفين جدد‪ ،‬و ليست حالة بركانية فائرة تغلى‪ ،‬فتقلب باطن األرض على ظاهرها‪ ،‬لكى تدفن‬
‫حياة قديمة و تنفث حياة جديدة‪ ،‬مختلفة تماما‪ ،‬بمفردات مختلفة و قواعد مختلفه و أناس مختلفين ‪.‬‬
‫ولكن ماذا نقول؟!‪ ..‬هذا هو قدرنا؛ أن لدينا ذكرانا بالماليين‪ ،‬ولكن نساءنا عقمن أن ينجبن رجال ! ‪ ..‬آه يا بلد و عايزة ولد !!‬
‫*****************‬

‫‪ 17‬ديسمبر ‪2013‬‬

‫تقزيم اإلسالم !‬
‫‪29‬‬
‫" د‪ .‬محمد فايد هيكل" استاذ الشريعة بجامعة االزهر فرع المنصورة‪ ,‬قال امس في حوار شيق مع ابراهيم عيسي في برنامج‬
‫‪ ٢٥/٣٠‬؛ ما هي حاجة االسالم للعمل السري؟ … لقد انتهت حقبة العمل السري بهجرة الرسول –صلعم‪ -‬الي المدينة‪… .‬قد‬
‫تحتاج حركات االستقالل او المعارضة السياسية الي العمل السري‪ ،‬و لكن ليس االسالم‪ ،‬فال يجوز الخلط‪.‬‬
‫و ما هي حاجة االسالم الي تكوين جماعة اسالمية داخل امة _ هي قطعا مسلمة _ تصوم و تصلي‪ ،‬ويكون غرض تلك الجماعة‬
‫‪ :‬هدم هذا االطار االكبر بداية من التمرد علي اعرافه و قوانينه ثم تدمير االطار كله‪ ،‬من اجل افكار في راس اصحابها يريدون‬
‫ان يلزموا بها العامة‪ ،‬و االولي بمن يري رايا ان يلزم به نفسه و اهل بيته فقط‪ ،‬و اال صار ذلك تغوال علي حقوق االخرين‪.‬‬
‫و من قال ان الخالفة هي شكل الحكم االوحد المقدس الذي ال يرضي هللا عنه بديال‪ .‬لقد كانت اجتهادات اصحابها في زمنها‪،‬‬
‫وليس من نص مقدس ملزم بها‪.‬‬
‫ثم ما حاجة االسالم لحزب سياسي يحتكر راية االسالم‪ ،‬ان فاز الحزب فاز االسالم و ان خسر الحزب خسر االسالم و ان‬
‫اصاب الحزب اصاب االسالم وان ضبط مؤسس الحزب في خلوة مع عاهرة‪ ،‬حسبت علي االسالم ‪.‬‬
‫و اخيرا و ليس اخرا‪ ..‬ال رهبانية في االسالم‪ ،‬اي ال وسيط بين العبد و ربه‪ ،‬ال شخص وال جماعة وال حزب‪ ،‬فاخر من كان‬
‫يوحي اليه قد مات‪.‬‬
‫****************‬

‫‪ 27‬يونيو ‪2014‬‬

‫حصاد السنين‬
‫هذا الخطاب كان موجها ألعضاء جروب "القصر العينى دفعة ‪ "1984‬على الفيسبوك‪ ،‬بعد أن توترت العالقات فيما بينهم و لما يمض على‬ ‫•‬
‫إلتئامهم بضعة أشهر ‪-:‬‬

‫لألسف أشعر أننى بحاجة ألن أقول قوال سابقا ألوانه ببضع سنين‪ ،‬أعطانا هللا و إياكم طول العمر و الصحة‪ .‬و الدافع بالتعجيل‬
‫هو التوتر الشديد فى العالقات "الفتراضية )‪" ( Virtual‬فيما بيننا‪ ،‬فى الوقت الذى من المفترض أن نكون أكثر حرصا على‬
‫دعمها و توطيدها‪ ،‬بعد أن باعدت بيننا المسافات و األزمنة و الخبرات ‪.‬‬
‫ما أريد قوله اآلن‪ ،‬هو أن هناك حقيقة ماثلة أمامنا‪ ،‬و لكننا نتعامى عنها برغم أنها تتراقص أمام أعيننا و على بعد خمس‬
‫خطوات‪ ،‬أال و هى ؛ نهاية المشوار ‪ ،‬لألسف ‪.‬‬
‫فى البدايات؛ كان يملؤنا إقتناع راسخ بأننا نمتلك الدنيا و أننا سنفعل فيها مانشاء‪ ،‬و أننا سنطوعها رغما عنها لرادتنا‪ ،‬و أنها ما‬
‫خلقت إال ألجل إسعادنا بالمواصفات و الشروط التى نضعها نحن‪ ،‬ألنفسنا و لغيرنا‪ ،‬و هى اشتراطات ال نساوم عليها وال نقبل‬
‫بتعديلها‪.‬‬
‫ثم انصرفنا نشق غمار الحياة‪ ،‬و ندخل الدنيا من بابها األوسع‪ ،‬و بدأت المعارك تتوالى تترى‪ ،‬و بدأ النزف من الرصيد‪ ،‬فلقد‬
‫أصيبت آمال و تفتحت جروح و تقيحت أخرى و التأمت ثالثة‪ .‬و بدأنا رحلة الهبوط من سماء األحالم العالية لكى تالمس أقدامنا‬
‫أرض الواقع ‪.‬‬
‫انخفض سقف التوقعات و األمنيات و تقلصت األحالم و عرفنا جميعا أن هللا حق‪.‬‬
‫كنا نتخيل أن السعادة هى؛ قصر مشيد و ملك تليد و عمر مديد و نسل مجيد‪ ،‬ثم أمسينا ندرك؛ أن السعادة ليست فى كثرة‬
‫الممتلك ات‪ ،‬و لكنها إحساس داخلى (وهو المفهوم الذى كنا نسخر منه فى صبانا)‪ ،‬خاص جدا و ذاتى جدا ‪ ،‬فلربما كان حارس‬
‫القصر أكثر سعادة من ساكن القصر ‪.‬‬
‫أمسينا ندرك‪ ،‬أن أهم و أغلى و أحلى ما فى الحياة‪ ،‬ليس البنيان‪ ،‬و لكنه النسان !! و كم هو تعيس‪ ،‬من لم يدرك ذلك إال بعد‬
‫فوات األوان‪ .‬و كل منا له تجربة مؤلمة واحدة على األقل‪ ،‬تؤيد هذا المعنى‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫و تاليا فأحدنا يعول على الباقين‪ ،‬كرصيد غال و نفيس‪ ،‬يصل به الى نهاية الرحلة‪ ،‬ربما خلو الوفاض‪ ،‬إال من قلب محب و عقل‬
‫صديق و صحبة رفيق‪.‬‬
‫فال تفرطوا فى هذا الرصيد النادر الوجود‪.‬‬
‫فلنتحسس كلماتنا و لنترفق ببعضنا البعض‪ ،‬و لنلتمس األعذار للرفاق‪ ،‬و لنفسح للزمالء مساحة أوسع فى قلوبنا‪ ،‬و لنجنب‬
‫األصدقاء ويالت تصلب مشاعرنا‪ ،‬الذى هو حتما والبد من مضاعفات تصلب شراييننا‪.‬‬
‫فلنسع جميعا يدا بيد لستعادة الصحبة الجميلة و األيام الحلوة و النفوس السعيدة!!‬
‫****************‬

‫‪ 8‬يوليو ‪2014‬‬

‫إحنا زى الفل!!‬
‫و اللى مش عاجبه يضرب دماغه فى الحيط ‪ ..‬ناقصينك يا يهودية يا بنت ال‪ ....‬؟؟ ‪ ..‬ح تسلمى يعنى ح تسلمى و ال‬ ‫•‬
‫‪....‬؟؟ فوق رقبتك‪ .‬شوفوا اليهودية دى تجرأت و كاتبة عننا إيه ‪-:‬‬
‫الخميس ‪ 23‬مايو ‪00:59 - 2013‬‬ ‫المهندسة ‪ /‬نجاة النهاري ‪ :‬كيف يسلم "اليهودي" وهذا حال المسلمين‪!..‬؟!!‬
‫كثيرون وجهوا لي الدعوة للتخلي عن معتقدي اليهودي ودخول االسالم‪ ،‬وكثيرون أيضا يلعنونني كل يوم ويصفوني بالكافرة‬
‫ويقولون ان غير المسلمين مصيرهم إلى نار هللا‪.‬‬
‫بعث لي أحد األصدقاء قصة جميلة عن النبي محمد ويهودي كان يسكن جواره ويلحق به األذى والنبي يصبر عليه‪ ،‬وعندما‬
‫مرض اليهودي زاره النبي فخجل اليهودي من اخالقه ودخل االسالم‪ ...‬عندما قرأتها فهمت أن تصرفات واخالق النبي محمد‬
‫كانت هي مقياس اليهودي لالعجاب باالسالم واعتناقه قبل حتى أن يقرأ مافي القرآن‪ ..‬ولحظتها تساءلت مع نفسي‪ :‬يا ترى‬
‫المسلمون اليوم بماذا سيغرون اليهودي لدخول االسالم‪!..‬؟‬
‫أرجو أن ال تغضبكم صراحتي‪ ،‬فأنا أحاول أن أفهم االسالم على طريقة اليهودي الذي أسلم بسبب تصرفات النبي قبل كالم‬
‫القرآن‪ ..‬وسأناقش الموضوع بثالثة نقاط‪:‬‬
‫((أوال))‪ -‬المسلمون اليوم مذاهب متعددة وكل مذهب يعتبر اآلخر "كافر" ويحلل قتله‪ ..‬فلو أردت ‪ -‬كيهودية‪ -‬دخول االسالم‬
‫فهل أدخله من باب "السنة" أم "الشيعة" أم المذاهب األخرى؟ وأي منها أعيش فيه بسالم وال يحلل قتلي أنصار مذاهب االسالم‬
‫األخرى!؟‬
‫تحد ثت لصديقتي المسلمة في بيروت عن دعوات األصدقاء لدخول االسالم‪ ،‬وأثناء النقاش فوجئت أن المسلمين يرددون كالم‬
‫مقدس للنبي محمد بأن المسلمين سيتفرقون الى (‪ )70‬فرقة كلها سيعذبهم هللا في النار باستثناء فرقة واحدة ستدخل الجنة‪ .‬فسألت‬
‫صديقتي عن اسم هذه الفرقة فقالت أنها ال تعرفها وال يوجد مسلم يعرفها لكن كل فرقة تدعي أنها هي المقصودة !!‪...‬‬
‫تساءلت مع نفسي‪ :‬يا ترى إذا أراد يهودي دخول االسالم فعند أي فرقة يذهب ليتحول الى مسلم؟ ومن من علماء المسلمين‬
‫يعطيه ضمان أكيد بأنه سينضم للفرقة الصحيحة التي اليعذبها هللا!؟ فهذه مغامرة كبيرة وخطيرة جدا‪.‬‬
‫((ثانيا))‪ -‬المسلمون اليوم يتقاتلون بينهم البين في كل مكان‪ ،‬ويذبحون بعضهم البعض بطرق بشعة جدا‪ ..‬فكيف يقتنع اليهودي‬
‫بدخول االسالم إذا وجد المسلم يقتل أخيه بسبب الدين نفسه‪ ،‬بينما اليمكن أن يسمع أحدكم بأن اليهود يقتلون بعضهم البعض‬
‫بسبب الدين‪ ،‬بل على العكس اسرائيل اقامت دولتها بسبب الدين ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫قبل يومين قرأت تقرير تم تقديمه لألمم المتحدة من دول عربية مسلمة يتحدث عن (‪ )80‬ألف مسلم تم قتلهم في سوريا خالل‬
‫سنتين فقط بأيدي المسلمين سواء من النظام أم المعارضة‪ .‬ورأيت مقطع فيديو ألحد مقاتلي المعارضة وهو يخرج قلب جندي‬
‫ويأكله‪ -‬أي مسلم يأكل قلب أخيه المسلم !!!‪..‬‬
‫كما كنت قرأت إحصائيات عن عدد القتلى في العراق خالل الحرب األهلية (المذهبية) تقدرهم بأكثر من ‪ 280‬ألف عراقي‬
‫غالبيتهم العظمى مسلمون وقليل جدا بينهم مسيحيون‪.‬‬
‫سأكتفي بهذين المثلين‪ ،‬وأترك لكم التفكير والتأمل والتساؤل كيف يمكن لليهودي أو المسيحي أن يقتنع ويطمئن قلبة لدخول‬
‫االسالم إذا كان هذا حال دول المسلمين؟ مع إني واثقة كل الثقة أن ما يحدث ليس من تعاليم االسالم ألن جميع األديان السماوية‬
‫تدعو للسالم‪.‬‬
‫((ثالثا))‪ -‬عندما النبي محمد دعى الناس لالسالم فإنه أغراهم بالحرية والعدل والخالص من الظلم والجهل والفقر لذلك تبعوه‬
‫الناس‪ .‬لكن اليوم عندما المسلمون يدعون اليهود لدخول االسالم بماذا يغرونهم؟‬
‫لنكون صريحين وصادقين‪ :‬فمعظم دولنا العربية االسالمية يعمها الفقر والجهل والظلم وانتهاكات حقوق االنسان وتفتقر للتنمية‬
‫والقوة االقتصادية‪ ،‬ولوال ذلك لما قامت ثورات الربيع العربي‪ .‬بينما الدول التي يديرها مسيحيون ويهود ممن يعتبرهم البعض‬
‫(كفار) أصبحت هي من تغري المسلمين للهجرة اليها والعمل او العيش فيها‪ ..‬بل هي من تصنع للمسلمين حتى مالبسهم‬
‫الداخلية‪ ..‬وأرجو المعذرة لذلك فليس القصد السخرية وإنما اعتراف ومصارحة بالواقع الي يعيشه العالم اليوم!‬
‫صحيح أنا يهودية لكنني أحترم االسالم وأجد فيما يحدثني عنه المسلمون دستورا عظيما للحياة االنسانية‪ ،‬وتمسكي بعقيدتي ليس‬
‫كفرا كما يعتقد البعض‪ ،‬فقد بعث لي أحد االصدقاء بنص من القرآن يؤكد أنه لم يكفر أصحاب األديان ويقول هذا النص ((ليسوا‬
‫سواء من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات هللا آناء الليل وهم يسجدون)) !‬
‫لذلك بدأت أقرأ دراسات عن القرآن وكل يوم تزداد حيرتي أكثر وأبقى أسأل نفسي‪ :‬لماذا إذن العالم االسالمي وصل الى هذا‬
‫الحال رغم انه لديه دستور ديني رائع ونبي عظيم كان يجعل اليهودي يتبعه بسلوك صغير قبل معرفة مافي القرآن بينما اليوم‬
‫ينظر غير المسلمين الى المسلم بريبة وخوف!!؟‪.‬‬
‫*****************‬

‫‪ 21‬يوليو ‪2014‬‬

‫"إنى كنت من الظالمين"‬


‫أمس ‪..‬قرب نهاية الدوام‪..‬أتى لنا السعاف بعامل هندى مصاب فى حادث موتوسيكل ضد سيارة ‪.‬‬
‫العامل المصاب كان مصدوما ( ‪ )shocked‬وعالماته الحيوية متدنية جدا إذ من الواضح أنه نزف كثيرا فى موقع الحادث‪.‬‬
‫بدأنا عمليات النقاذ المعتادة ؛ أكسجين و محاليل و سيطرة على النزيف‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫ثم وصل اصدقاء العامل‪ ،‬و كلهم بالطبع عمال هنود فقراء جدا و مذعورون جدا‪.‬‬
‫واحد منهم أدرك أن صاحبه يموت ‪ ..‬فوقف بجانبه يهزه و يحثه أن ينطق بالشهادتين‪.‬‬
‫لم أكن متأكدا تماما أن هذا المصاب قد يعيش‪ ،‬فتركت صاحبه قليال يودعه كما يحلو له‪.‬‬
‫المصاب بدأ يستجيب قليال لصياح و هز صديقه و يردد بصوت ضعيف الشهادتين‪ ..‬ثم يغفو ‪..‬ثم يفيق على هز صديقه‪..‬فيقول‬
‫كلمة و يغفو‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ثم حضر األمن و طلب من العمال كلهم مغادرة الغرفة‪..‬و بدأ األمن يدفع الصديق بعيدا عن المصاب‪ .‬فبدأ هذا الصديق يشد فى‬
‫ذراع صديقه المغمى عليه و يصيح عليه بآيات من القرآن بلسان اعجمى مكسر ‪"-:‬ال إله إال انت سبحانك" ‪ ..‬فافاق المصاب و‬
‫نطق بعض حروفها بصوت ضعيف‪.‬‬
‫ثم بدأ األمن يدفع الصديق بعيدا و يفك يده من يد المصاب‪ ..‬فبدأ الصديق يصرخ فى مصابه بصوت عال‪ ،‬كى يكمل اآلية قبل أن‬
‫يموت ‪ " -:‬انى كنت من الظالمين "‪ ..‬و كلما ابعده األمن يرفع صوته أكثر وهو يبكى ‪ ،‬لعل صديقه المصاب يسمعه و يرددها‬
‫‪ " -:‬انى كنت من الظالمين"‪"..‬انى كنت من الظالمين" ‪ ..‬لكن المصاب لم يكن يرد عليه‪!!.......‬‬
‫الجيد فى األمر ‪ ،‬أننا و بعد جهد جهيد‪ ،‬و بفضل هللا‪ ،‬استطعنا إنقاذ هذا المصاب ‪ ..‬وسط عاصفة من الدموع!!!‬
‫**********************‬

‫‪ 18‬أغسطس ‪2014‬‬

‫حديث بعد اإلفطار؛‬


‫فى الرئيس "مرسى" و عنه!!‬

‫بداية أقر و أعترف أنا الموقع أدناه‪ ،‬أننى مسلم الديانة ‪ ،‬علمانى التفكير‪" ،‬برادعاوى" التوجه‪" ،‬زويلى" المنهج ‪ ،‬وهو ما يعنى‬
‫إجماال؛ الليبرالية بحذافيرها‪ .‬و لى فى ذلك كتاب عن "البرادعى" و آخر عن "زويل" و فى الطريق كتاب ثالث عن "مجدى‬
‫يعقوب"‪ .‬و ما تلك المقدمة إال لكى أنفى عن نفسى اآلن و الحقا "شرف" أن أكون "أخوانيا" أو "سلفيا" أو "جهاديا" ‪ ..‬إلخ ‪.‬بل‬
‫أزيدك أن لى قناعات خاصة قد تكون صادمة لمن يطلع عليها‪ ،‬ولكنى متأكد من أنها شيقة‪ ،‬أو على األقل مدعاة للتفكير و‬
‫التأمل‪ ..‬من هذه القناعات‪:-‬‬
‫•أنى مؤمن تماما أن عالقة النسان بربه‪ ،‬و عالقته بدينه‪ ،‬هى عالقة خاصة جدا جدا جدا‪ ،‬فيها الكثير الكثير من الضعف‬
‫النسانى و األمل و الخجل و التبتل و الدموع و اليأس و الرجاء و العتب و التعب و الخطأ و المناجاة و التوبة ‪ ..‬إلخ إلخ‪ .‬و أننى‬
‫كإنسان ال أستطيع بعق لى الضعيف أن أحكم على الحالة الدينية ألخى‪ ،‬ألننى مهما تفقهت فى الدين‪ ،‬لن أحيط بها (ال رهبانية فى‬
‫السالم) ‪ ..‬و الرسول "صلعم" هو من قال ‪"-:‬دخلت امرأة النار فى "هرة"(قطة) حبستها‪ ،"...‬وهو أيضا من وعد "عاهرة"‬
‫بالجنة ألنها سقت كلبا عطشانا فى الصحراء فى يوم قائظ ‪ ..‬هل تتخيل أنت ذلك؟ ‪ ..‬موقف واحد‪ ،‬يبدو تافها لمعظمنا‪ ،‬يقلب‬
‫نتيجة حياتك كلها رأسا على عقب‪ .‬ومن ثم ارتأيت يا سادة أن نصمت عن الحكم على "تقوى" العباد‪ ،‬و نترك ذلك الى رب‬
‫العباد‪.‬‬
‫•أنى مؤمن تماما بحديثى الرسول "صلعم"‪"-:‬إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق"‪..‬و الحديث الثانى الذى ينتهى بـ "‪...‬و الحياء‬
‫شعبة من شعب اليمان"‪ .‬و ذلك فى معرض العالقات بين الناس‪ .‬بمعنى أن عقيدتك ثم عبادتك سر خاص بك‪ ،‬و ما يلزمنى من‬
‫تدينك ليس "طول لحيتك" وال "قصر ثوبك" ولكن أخالقك‪ ،‬بما فيها "الخجل‪"!!.‬‬
‫•أنى مؤمن تماما‪ ،‬بأن ال قرآن يؤول وال يفسر ‪ ،‬فالتفسير نهائى قاطع مانع و ملزم ‪ ،‬بينما التأويل‪ ،‬متغير و حمال أوجه‪ ،‬اللهم‬
‫فيما عدا الثوابت "المعروفة من الدين بالضرورة"‪ ..‬لذا امتنع الرسول و الخلفاء الراشدون من بعده عن تفسير القرآن‪ ،‬و ذكر أن‬
‫مجموع تفسيرات الرسول للقرآن المنزل عليه‪ ،‬ال تتجاوز ثمانى عشرة "‪ "18‬صفحة فقط‪ .‬فأى جبروت يمتلكه هذا الذى‬
‫يتصدى لتفسير القرآن وهو بعد به حديث عهد ؟!‪ ..‬و تاليا فإنى أعتقد أن النص مقدس‪ ،‬أما التأويل ففيه أخذ و رد ‪ ،‬و التأويل‬
‫ملزم باألساس لصاحبه‪ ،‬وال يصير ملزما لى إال إذا اقتنعت به‪ .‬و تاليا فأنت مهما عال قدرك و علمك‪ ،‬ال تستطيع وال يجب أن‬
‫تلزمنى بفهمك أنت للنص الدينى‪ .‬و ليس بيننا إال التحاور بالتى هى أحسن‪ ،‬فمن اقتنع بشئ صار ملزما له و ملتزما به و يحاسب‬

‫‪33‬‬
‫عليه حسابا عسيرا ‪،‬على األقل فى الدنيا‪ ،‬من قبل مجتمعه‪ .‬و من ثم كان الحساب العسير للنائب "البلكيمى" على كذبه و تجمله‪،‬‬
‫و النائب "على ونيس" لفعل الفاحشة فى السيارة‪ ،‬و جماعة الخوان على مراوغاتها‪ ،‬و كذلك يجب أن تحاسب أى منتقبة حسابا‬
‫عسيرا اذا ما تجاوزت أو أخلت باآلداب العامة ‪.‬‬
‫•أنى مؤمن تماما أن من يرفع شعار "السالم هو الحل" جاهل بالسالم و جاهل بالحل‪ .‬إذ أنه يفترض بالضرورة أن السالم‬
‫خيار مطروح على الطاولة‪ ،‬رأسا برأس مع الرأسمالية و الشتراكية و "الثاتشرية" و أن سعادته قد ارتأى أن السالم يبدو هو‬
‫األنسب لنا ‪ ..‬و من ثم فهو ينزل بالسالم "اللهى" السماوى‪ ،‬من دون أن يدرى‪ ،‬الى معترك المقارنات األرضية‪ .‬ليس هذا فقط‬
‫‪ ،‬بل إن هذه الدعوة تنضوى على خبث بين‪ ،‬فمن يدعيها‪ ،‬هو يدعى ضمنا أنه يحتكر السالم لنفسه و فرقته‪ ،‬و أنه أيضا‪،‬‬
‫ضمنيا‪ ،‬ينزع السالم عن منافسيه فى المعترك السياسى ‪ ..‬و هذا ماال يجوز ألحد غير رب العباد و رسوله‪.‬‬
‫•وفى ذلك فأنا أعتقد أن السالم إطار جامع للحياة و الممات و ما بعد الممات‪ ،‬و تاليا فهو يضع فى أيدينا "البوصلة" التى تحدد‬
‫المسار و المقياس الذى نقيس عليه أفعالنا‪ ،‬وهو السؤاالن الخالدان اللذان يجب أن يقرا فى األذهان‪"-:‬هل هذا الفعل يحبه هللا؟" و‬
‫"هل هذا الفعل يغضب هللا؟"‪ ،‬و فيما بين الجابتين‪ ،‬فاألصل فى األشياء الباحة‪ ،‬طالبين المصلحة الشخصية بما اليضر‬
‫بالمصلحة العامة‪ .‬و من هنا تأسس مقصد الشريعة‪" -:‬أيما كانت مصلحة المسلمين‪ ،‬فثم شرع هللا"‪ .‬لذلك أنا أستغرب النقاش‬
‫الدائر حول إقحام الدين فى السياسة أو نزع الدين من السياسة ‪.‬‬
‫و أتساءل ‪ ،‬بالمثل‪ ،‬ما رأيكم فى إقحام الدين فى الطب‪ ،‬أو نزع الدين من الطب؟؟!!‪ ..‬ثم ما رأيكم فى إقحام الدين فى مختبر‬
‫المواد الكيماوية أو نزع الدين منه؟؟!!‪ ..‬ثم ما رأى الدين فى نظام "فرامل السيارة" الجديد ؟؟!!‪..‬و ما رأى الدين فى الحصول‬
‫على الطاقة من الخاليا الشمسية؟؟!!‪ .‬البعض سوف يرد بالحديث‪" -:‬أنتم أعلم بأمور دنياكم"‪ ..‬إذن فلماذا ال ينسحب ذلك على‬
‫السياسة أيضا؟‪ .‬فإذا أبحتم لرجل الدين الملتحى أن يمتهن السياسة ألنه ملتح‪ ،‬فلماذا ال نجعله يقوم بإجراء العمليات الجراحية‬
‫أيضا ؟؟‪.‬‬
‫و من ثم فالسياسة كالصناعة و الكيمياء و الجراحة ‪ ،‬ماهى إال مسارب فى الحياة الدنيا‪ ،‬ال يجب أن يمتهنها إال من هو حاذق‬
‫بها‪ .‬و كل هاتيك المسارب تخضع بالضرورة لإلطار العام ‪"-:‬هل ما أفعله اآلن – كسياسى أو كجراح أو كيميائى – يرضى هللا‬
‫أم يغضبه ‪ ،‬يفيد الناس أم يضرهم ؟؟!!‪ ..‬فقط ال غير ‪ .‬و ما غير ذلك هو افتئات على الدين‪ .‬و لنتذكر مناقشة الصحابى للرسول‬
‫فى غزوة بدر ؛ حين قال له ما معناه ‪" -:‬هل هذا الموضع وحى من عند هللا (فنسمع و نطيع)‪ ،‬أم هو الرأى و المشورة ؟" فقال‬
‫الرسول ‪"-:‬بل هو الرأى و المشورة" قال الصحابى ‪" -:‬إذن فلنجعل ماء بدر خلفنا"‪ ..‬و هكذا قصد الصحابى مصلحة المسلمين‪،‬‬
‫و هكذا فعلوا‪ ،‬و بينهم رسول هللا‪ ،‬حين لم يكن نص وال وحى ‪.‬‬
‫و لكن لماذا هذا الصرار العنيد على إقحام الدين فى السياسة‪ ،‬دون غيرها من المجاالت‪ ..‬فى رأيى؛ ألن ذلك هو األسهل كلفة و‬
‫األكثر مردودا‪ ..‬فنحن أمة "يعرب"‪ ،‬الزال "شيخ القبيلة" يلعب دورا مهما فى موروثنا الثقافى‪ ،‬لما له من مكانة بين قومه‬
‫ووجاهة اجتماعية تسد مناطق ضعف أو تغذى شهوات القوة‪ ،‬فى مجتمعات التزال جهوية و قبلية بإمتياز ("إنا إذا بلغ الرضيع‬
‫لنا فطاما ‪ ..‬تخر له الجبابر ساجدينا"‪....‬و "انت مش عارف انت بتكلم مين؟؟"‪ ....‬أو "أنا إبن فالن بك")!!‪ .‬فالحديث فى الطب‬
‫يل زمه بكالوريوس الطب‪ ،‬و الحديث عن الصناعة يلزمه بكالوريوس هندسة‪ ،‬و الحديث عن الكيماويات يلزمه بكالوريوس‬
‫علوم‪ ،‬و إال كانت تلك األحاديث مجرد "طق حنك"و صار المتحدث أبلها لدى المستمعين !!‪ .‬أما الحديث فى الدين أو فى‬
‫السياسة أو فى الكرة أو الفن‪ ،‬فال يشترط أكثر من عاطل يدمن مشاهدة التلفزيون و "مصطبة" أو مقهى‪ ،‬و يصير من حقه أن‬
‫يدلى بدلوه فيما سبق‪ ،‬و أن يحتكر الحقائق و يطلق لخياله العنان‪ ،‬مع سحب الدخان‪ ..‬و أنظر معى كم هو ممتع الحديث عن‬
‫العب كرة متدين أو الالعب الغانى الذى وقف يصلى فى ملعب الكرة فى أوليمبياد لندن ‪ ، 2012‬أو الممثلة التى تحجبت و‬
‫األخرى التى تدينت و اعتزلت‪ ..‬و هذا كله كالم جميل و شيق وال بأس به‪ ،‬اذا ما بقى فى حدوده؛ "قعدات مصاطب"‪ ،‬أما أن‬
‫يخرج عن إطاره لكى يرسم سيرورة أوطان‪ ،‬فتلك ردة حضارية يجب أن ننتبه لها‪ .‬و أهم سبيل الى هذا هو أن ال تخرج‬
‫"قعدات المصاطب" تلك‪ ،‬إلى العلن‪ ،‬حتى ال تنسج مناخا عاما من هرج و مرج و لغو ‪ ،‬و أقصد بذلك برامج الـ "توك شو"‬
‫الباحثة عن الثارة و فقط ‪ ،‬من أجل الحصول على أكثر مشاهدة و من ثم إعالنات‪ .‬فمثلما تستضيف برامج الصحة األطباء فقط‬
‫‪ ،‬و تستضيف برامج الطبيخ الطباخين المحترفين فقط (برغم أن كل النساء طباخات بالفطرة!)‪ ،‬لذا يجب أن يقتصر الحديث فى‬
‫الدين وفى السياسة على األئمة الثقات‪ ،‬كل فى مجاله‪ .‬أما إعالم الـ "سداح مداح" الذى يخاطب ‪ 60‬مليونا ال يستطيعون كتابة‬

‫‪34‬‬
‫أسمائهم‪ ،‬و ‪ 75‬مليونا ال يقرأون الصحف‪ ،‬فإن أثره الضار هو ما نجنيه اآلن من صخب و ضجيج يمأل جنبات وطن‪ ،‬أخرس‬
‫عن عمد؛ أى صوت ألى رجل رشيد ‪ ..‬و أبقى عن عمد أيضا‪ ،‬األعلى صوتا من بين المهرجين و البذائين و الفحاشين ‪.‬‬
‫•كل هذه المقدمة الطويلة لكى أنفى عن نفسى مقدما أننى أتعاطف باألساس )‪ (By Default‬مع األخوان أو مع غيرهم من‬
‫التيارات الطافية على الساحة اآلن ‪.‬‬
‫• فأما صلب الموضوع فهو قصير ‪ ،‬و لكنه جوهرى‪..‬فلقد سئل الدكتور "حلمى الحديدى" فى أحد مؤتمراته النتخابية فى‬
‫منتصف الثمانينات؛ هل عندنا ديمقراطية حقا ؟‪ ،‬فأجاب بأنه لن يكون عندنا ديمقراطية حقة إال عندما يكون لدينا رئيس منتخب‬
‫بنسبة ‪ ، %51‬أما "بالجماع" و الـ ‪ %99‬التى تربينا عليها‪ ،‬فهى عمليا ال تحدث إال فى "قطعان البهائم‪".‬‬
‫•ماذا يعنى ذلك؟‪ ..‬يعنى ببساطة أن ‪ %49‬من الشعب الديمقراطى‪ ،‬يجب أن ينحنى احتراما لرأى األغلبية و لحكم الصندوق‪ ،‬و‬
‫يعود أدراجه فيؤدى دوره فى مجتمعه‪ ،‬ملتزما بالقوانين و األنظ مة التى تسنها‪ ،‬فى هذه الحالة‪ ،‬األغلبية المنتصرة ‪ ،‬حتى ولو‬
‫بفارق أقل من واحد فى المائة‪ .‬و ذلك بانتظار دورة ديمقراطية أخرى بعد ‪ 4‬سنوات‪ ،‬لعله يفوز فيها‪ .‬و لنتذكر كيف انهزم‬
‫الرئيس الفرنسى "ساركوزى" و كيف فاز "جورج بوش" البن على "آل جور"‪ .‬وكيف انصرف الشعبان الفرنسى و‬
‫األمريكى‪ ،‬كل الى عمله فى اليوم التالى‪ ،‬مؤمنين بأن السباق الديمقراطى البد أن ينتهى‪ ،‬كما فى كرة القدم‪ ،‬الى غالب و‬
‫مغلوب ‪.‬‬
‫•أما أن يبقى الـ ‪ % 49‬من الشعب‪ ،‬الذين انهزم مرشحهم‪ ،‬فى الشارع و فى حال استنفار دائم‪ ،‬فهذا غير مقبول‪ .‬ألن العقد‬
‫شرعة المتعاقدين‪ ،‬و لقد قبلنا جميعا بصندوق االنتخابات حكما بيننا‪ ..‬فماذا اآلن ؟!‬
‫•كما أنه ال يجب أن ال ينسى الـ ‪ %49‬الذين قالوا "ال"‪ ،‬أن هناك ‪ %51‬قالوا "نعم"‪ ،‬فماذا نفعل معهم و بهم ‪ ،‬هل نلقيهم فى‬
‫البحر ؟!‬
‫• إن بقاء الذين قالوا "ال"‪ ،‬فى الشوارع‪ ،‬هى ردة و نكوص على لعبة الديمقراطية‪ ،‬التى ارتضيناها جميعا‪ ،‬و من ثم فهى دعوة‬
‫خبيثة أو معتوهة (بإفتراض حسن النية) للعبة أخرى‪ ،‬غير الديمقراطية‪ .‬لعبة سوف تكون العشوائية و الهمجية و ربما القوة‬
‫المنفلتة‪ ،‬هى أعمدتها األساسية‪ ،‬إذ ال أستبعد أن يلجأ كل فصيل لتكوين ميليشياته التى تفرض قانونه الخاص‪ ،‬حين ال نلقى باال‬
‫للقانون العام‪.‬‬
‫• فإلى كل المعترضين و المعارضين للرئيس "مرسى" و عليه‪ ،‬و يعلم هللا أنى كنت منهم؛ أقول؛ أن هذا هو الوليد الذى أتى به‬
‫مخاضنا الصعب‪ ،‬بعد عملية ديمقراطية "قيصرية" بذلنا فيها دماء زكية‪ ..‬فهل نقتله و نبقر بطن أمه ألن الوليد ال يعجب أباه‬
‫؟!‪ ..‬أم نصبر عليه لعل فيه خيرا ‪ ..‬فإن لم يكن‪ ،‬فلعل الخير يكون فى جنين آخر ‪ ،‬يأتى بوالدة طبيعية‪ ،‬بعد حمل طبيعى و‬
‫شرعى ‪.‬‬
‫•إن هللا صاحب القدرة و الذى يقول للشئ كن فيكون‪ ،‬اشترط للحمل ‪ 9‬أشهر و للرضاعة عامين‪ ،‬أى اشترط عامل "الزمن"‬
‫لتمام النضج‪ ،‬وهو القادر على حذف الزمن تماما من معادلة الخلق و التكوين‪ ..‬أما نحن فنريد أن نستبدل مولودا (ديمقراطيا) ال‬
‫يعجبنا ‪ ،‬بمولود آخر يعجبنا‪ ،‬فى التو و اللحظة !!‪ ..‬إن هذا لنزق و خرف‪ ،‬و أنا أربأ بكل من أوتى عقال و رشدا و حكمة‪ ،‬أن‬
‫يسهم فى هذا العته و الشر الماجن‪ ،‬ولو بالكلمة ‪ ..‬فلتقل خيرا ‪..‬أو لتصمت ‪.‬‬
‫•اللهم احم مصر من حماقة أبنائها‪ ،‬أما أعداؤها فإنها كفيلة بهم!! ‪.‬‬
‫ملحوظة ‪ -:‬هذا هو رأيى الخاص‪ ،‬وهو ليس ملزما ألحد ‪ ،‬وال أدعى أنه األصوب كما ال أدعى أنه األحق أن يتبع‪ ،‬و‬ ‫•‬
‫لكنى أستطيع أن أدعى أنه وليد قناعاتى الشخصية‪ ،‬و ما قصدت من عرضه إال الخير‪..‬فإن كان‪ ،‬فبها و نعمت‪ ،‬و إن‬
‫لم يكن‪ ،‬فلعلى قد أثرت فى قريحتك أفكارا جديدة ‪ ..‬و هذا شرف لى‪.‬‬
‫**********************‬

‫‪ 20‬ديسمبر ‪2015‬‬

‫‪35‬‬
‫فى سجن "إسالم البحيرى!!"‬
‫ليتنا متدينين فعال !!‬
‫أو متزمتين دينيا و أخالقيا كما يبدو من أعداد المساجد و المسابح و المعتمرين‪.‬‬
‫ولكننا لألسف نصابين و سفاحين و حرامية بنسبة تتجاوز ال ‪ . % 80‬و صار النصابون مستريحين لهذا الوضع الدينى‪.‬‬
‫أن تكون قمة التدين فى أن تعدل الشبشب المقلوب‪ ..‬و فيما عدا ذلك‪ ،‬فكل النصب مباح‪.‬‬
‫و هى حالة نفسية مرضية مفهومة‪ ،‬أن تبالغ في استحضار المفقود ‪ .‬فالداعرة هى أكثر النساء حديثا عن الشرف ‪ ،‬و الوضيع هو‬
‫أكثر الناس تكبرا ‪ ،‬و المثليون هم أكثر الرجال حديثا عن فحولتهم ‪ ،‬و "عبده الكحيت "(شخصية مصطفى حسين‬
‫الكاريكاتورية) كان يتحدث عن السيجار الكوبى و السيمون فيميه بينما أصابع قدميه تطل من فتحات الحذاء الممزق!! ‪.‬‬
‫• على مدى اليومين الماضيين تابعت برنامج "انتباه" و برنامج "خيط حرير" (حلقة مجمعة لعام ‪ . )2015‬البرنامج‬
‫األول كان يناقش فنون السرقة فى وثائق تأمين السيارات فى مراكز التراخيص‪ .‬المرعب أن الشخص الدليل لم يحدد‬
‫مركزا معينا للمذيعة ولك نه قال لها ؛ اختارى اى مركز ‪ ..‬أى مركز !! و ساكشف لك التزوير هناك!!‬
‫البرنامج الثانى استعرض نبذات من عام مضى ‪ -:‬خطف األطفال للتسول‪ ،‬سرقة اآلثار و بيعها في الخارج‪ ،‬على مستوى‬
‫األفراد وليس عصابات كما كان في الماضي‪ ،‬الزواج السياحى ‪ ،‬تردى بل انهيار المستشفيات و المدارس الحكومية‪ ،‬الطبيبة‬
‫البيطرية التى كشفت المستور فى المطاعم ‪ .... ،‬الخ الخ الخ‬
‫أضف إلى ذلك النصابين البسطاء الظرفاء العاديين جدا الذين تقابلهم بمجرد أن تفتح باب شقتك للخروج (هذا إذا لم تكن أنت‬
‫شخصيا نصابا و تخادع نفسك) ‪ -:‬الشغالة و البواب و زوجته و السباك و الكهربائي و سائق التاكسى و و و ‪ ...‬الخ‬
‫لدرجة أننا ارتفعنا بتعريف النصب إلى ألف جنيه فأكثر ‪ ،‬و كل ما دون ذلك فهو "عادى" ‪ ،‬بل صرنا نتهم الضحية بأنه "مغفل"‬
‫‪ ..‬أى العيب منه!!‬
‫حقا ؛ إننا فعال شعب متدين بطبعه!!!!!!‬
‫*****************‬

‫‪ 29‬ديسمبر ‪2015‬‬

‫عفوا ديكارت؛ "أنا أفكر إذا أنا مجرم!"‬


‫منذ يومين كتبت على صفحتي " غير مطلوب أ نبياء كي ينصلح حالنا و لكنا في حاجة الى تحقيق دولة القانون " و كان علي ان‬
‫اشير ان دولة القانون تتطلب ان نراجع قوانيننا و ننقيها مما يشوبها من عوار ‪ ،‬كي تتناسب مع واقع العصر و متطلباته ‪ ،‬مع‬
‫العلم الحديث و ما يجد فيه من اكتشافات اوال كجزء هام ألنه ال يتسنى ل نا تحقيق دولة القانون و العدل بغير قوانين منصفة ألنه‬
‫بغير قوانين منصفة ال انصاف ! فمن الالإنصاف ان نحتكم مثال لقاعدة الولد للفراش و قد تخطى العلم هذا بمراحل و من العيب‬
‫أال يكون قضاؤنا ملزما بإجراء التحاليل الالزمة لثبات البنوة او نفيها في ظل توافرها و قوة حسمها ‪ ،‬و لم يكن الرسول ( صلى‬
‫هللا عليه و سلم ) ليوقف اثبات نسب طفل ألبيه اذا ما اثبت العلم ذلك بنسبة ‪ ٪١٠٠‬و نفاه كذلك بنسبة ‪ ٪١٠٠‬كما انه لم يكن‬
‫ليقول عليه السالم ان هناك طفال يولد لرجل بعد وفاته بأربع سنوات بعد ان اثبت العلم بما ال يدع مجاال للشك استحالة بقاء‬
‫الحيوان المنوي حيا في جسد المرأة بعد خمسة ايام و انه يفقد حيويته و قدرته على تلقيح بويضة األنثى لضعف حركته قبل ذلك‬
‫بوقت ليس بالقليل ‪ ،‬و من غير المنطق أال يعاقب األهل الذين يشوهون جسد طفلة ال حول لها و ال قوة و ال تملك من امر نفسها‬
‫شيئا و ال تملك لهم منعا بتجبرهم عليها بعملية بشعة مؤلمة ضارة كما اثبت الطب ذلك و هي "الختان" متصورون ان ابناءهم‬
‫عبيد يمتلكونهم و هم احرار فيما يصنعون بهم ال ادري بأي حق ! و دونما انتظار ألن تنضج هذه الطفلة و تملك ارادتها و تحدد‬
‫هي برغبتها شاءت هي ذلك ام ابت ! هل اذا خالفنا كتب األئمة أو البخاري ألن ما فيهم خالف ما وصل اليه العلم نكون مهددين‬
‫بالسجن !! هل نحن مجبرون ان نتبع كالما عفى عليه الزمن ال يمت للعلم بأي صلة وقلبه رأسا على عقب فنتجاهله و كأنه لم‬
‫يكن او كأننا نحن لم نكن لم نر لم نسمع لم نعش في هذا العصر و على ذلك لنبق خا رج العصر اضحوكة العالم و العصر مخافة‬
‫مواجهة تهمة إزدراء الدين و ما يترتب عليها في بالدنا !! غريبٌ هذا القانون و األغرب ان عليه عقوبة ! و فريد ايضا او نحن‬
‫فريدون بما فرضنا ! شبيه هذا بمحاكم تفتيش العصور الوسطى او بمعنى آخر عصور ما قبل النهضة العلمية و الحضارية ! ال‬
‫نعرف ان مثل هذه التهمة وردت في اي من قوانين العصر و ال في اي دين و ال في القرآن و ال في السنة النبوية و ال نعرف‬

‫‪36‬‬
‫عليها من حد او عقوبة !!! باالمس كتبت عن حلقة " البحث عن المسيح " التي اذاعتها قناة ‪ CNN‬ليلة عيد الميالد و ابديت‬
‫اعجابي بمواكبة الغرب ل لعلم في البحث عن قضية تمس جوهر عقيدتهم و كيف يجرون األبحاث العلمية مستندون على نتائج‬
‫تحليل ال ‪ DNA‬و اشعة اكس ‪ ،‬كيف يجرؤون على المناقشة و البحث لكشف الحقائق دون ادنى خوف ‪ ،‬يبحثون في ما اذا‬
‫كانت هناك عالقة من اي نوع بين مجدلية و السيد المسيح بمنتهى الموضوعية و دون اي مواربة هل كانا متحابين ؟ هل تزوجا‬
‫؟ يتناقشون في مرض مجدلية بالصرعة و لماذا و كيف تكون الوحيدة التي شهدت قيام المسيح ثم تختفي بإختفائه ؟ ينقدون‬
‫بطرس و ينقدون بولس و ال غبار في ذلك وصوال للحقيقة ! تارة يبرئون يهوذا و يتهمونه تارة اخرى بحثا عن السبب الحقيقي‬
‫لخيانته ! ألصاب في ايامنا هذي بقمة الحباط لخبر سجن إسالم بحيري بتهمة " ازدراء الدين " و سب األئمة و سب البخاري‬
‫ال لشئ اال أنه انتقد اراءهم و كالمهم و هم بشر عاديون يصيبون و يخطئون ال قداسة لهم !! انتقد فكرة زواج الطفلة ذات الست‬
‫او التسع سنوات و العالم كله يعتبر ان هذه الحالة مرض من األمراض النفسية اسمه في الطب ) ‪ ( pedophilia‬و يستوجب‬
‫العالج النفسي و يجرم فاعله و تستوجب عقوبتة ‪ ،‬ام ان القانون المصري الذي جرم زواج البنت تحت سن السادسة عشر قد‬
‫خالف السنة ! و كان احق ان يتهم واضعه انه ازدرى الدين ! لعلمي هذا ما قال البحيري و حوكم عليه ! الحقيقة الى اآلن ال‬
‫ادري ما تهمة البحيري و الى اآلن ال ادري ما معنى جريمة ازدراء الدين و الى اآلن ال ادري جريمة بغير مجني عليه من‬
‫جنس البشر ! ام ان الدين شكى لكم !‬
‫ثم ماذا عن ازدراء عقول الناس و اجبارهم على وقف العقل و مخالفة الحقائق العلمية ! اليست هذه جريمة اشنع !!! هكذا نظل‬
‫متفردين بأفكارنا منعزلين عن العالم ! محرومين من البحث و التفكير مهددين !! اقسم اننا بذلك سننقرض كما انقرض‬
‫عصر‬
‫ٍ‬ ‫في‬ ‫الديناصور و كان الديناصور اكبر منا و اشد فتكا بمعاصريه ! وستعيش البقية الباقية منا بعيدا عن العلم و عن العالم‬
‫اكثر احفورية من عصر الديناصورات !!!‬
‫********************‬

‫‪ 24‬يناير ‪2016‬‬

‫األنموذج التركى!!‬
‫البعض يتخيل أن من سمات الوطنية المعاصرة‪ ،‬أن تكره تركيا و األتراك و "أردوغان" و "الذين أتوا به!! "‬
‫و الحقيقة أن هذا خلط لألوراق شديد‪ .‬فما يبدو على السطح من أن "أردوغان "أخواني أكثر من "المرشد"‪ ،‬هو كالم غير‬
‫صحيح‪ .‬و ما يبدو اآلن من حب و هوى‪ ،‬بين الجماعة و األتراك‪ ،‬هو من قبيل ‪ -:‬ماال يدرك كله ‪ ،‬ال يترك كله ‪.‬‬
‫الدليل على ذلك‪ ،‬هو ما نسيناه ‪ ،‬بحكم تزاحم األحداث‪ ،‬فى زيارتى "أردوغان" للقاهرة‪ ،‬فى سبتمبر ‪ 2011‬ثم فى نوفمبر ‪2012‬‬
‫إبان حكم "مرسى"‪ ،‬حيث ألقى خطابا فى جامعة القاهرة‪ ،‬أثار امتعاض األخوان آنذاك ‪.‬صحيح أن أردوغان اعتبر مرسي‬
‫شريكا وحليفا‪ ،‬لكنه لم يمتنع عن انتقاد سلوكه في السلطة‪ .‬فمنذ بداية المشوار‪ ،‬أشار أردوغان إلى الطريق الذي يجب أن ينتهجه‬
‫السالم السياسي في مصر‪ ،‬فقال في مقابلة مع التلفزيون المصري ‪" -:‬آمل أن يكون النظام الجديد في مصر علمانيًّا"‪ ،‬وأضاف‬
‫أنه رغم كونه مسلما‪ ،‬فإن الدولة التي يتزعمها هي علمانية و أن على مصر أن تتبني دستورا علمانيا ‪ ،‬و أوضح أن النموذج‬
‫التركي يظهر أن العلمانية ليست عدوة الدين‪.‬‬
‫رفض الخوان المسلمون في مصر كالم "أردوغان"‪ ،‬فى الزيارتين‪ ،‬و اعتبروه تدخال في الشؤون الداخلية المصرية‪ .‬و رد‬
‫الناطق بلسان الحركة ‪" -:‬ال يمكن استنساخ تجارب دول أخرى (يقصد تركيا طبعا) في مصر"‪ ،‬ولذلك‪ُ ،‬رفضت نصائح‬
‫أردوغان‪ ،‬آنذاك‪ ،‬جملة و تفصيال ‪.‬‬
‫و إذا كان ثمة تماثل بين حكم األخوان فى مصر ‪ ،‬و الحكم فى تركيا‪ ،‬فهو يقينا‪ ،‬ليس تماثال مع "أردوغان"‪ ،‬و لكن مع "نجم‬
‫الدين أربكان"‪ ،‬رئيس الحكومة في تركيا الذي أطيح به إثر إنذار عسكري عام ‪ 1997‬بعد سنة واحدة فقط من توليه السلطة ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫هذه المقدمة أراها ضرورية ‪ ،‬لكى يتحرر القوميون من إثم محبة "أردوغان"‪ ،‬و يتحرر مناصرو األخوان من فريضة زيارة‬
‫تركيا‪.‬‬
‫يبقى أن أسجل إعجابى الشديد بالنهج الذى انتهجه "رجب" عقب انقالب "شوال" المزعوم‪ .‬فالرجل يقوم حاليا بأكبر عملية‬
‫تطهير تشهدها بالده‪ ،‬وهو يطيح و يقيل اآلالف دفعة واحدة‪ .‬وال يبدو أنه ارتعد من جمعيات حقوق النسان وال استأذن الدستور‬
‫وال أنصت لديمقراطية وال قانون وال يحزنون‪ .‬و لم يقل أحد أنه "بلل البامبرز" خوفا من أوروبا ‪ ،‬التى يسعى لكسب رضاها ‪،‬‬
‫أمال فى النضمام لإلتحاد األوروبى ‪.‬‬
‫ما أحوجنا ألن نقلد "أردوغان" و نستنسخ األنموذج التركى‪ ،‬خاصة و قد ضرب الفساد بأطنابه فى كل ربوع البالد ‪.‬‬
‫وال تقل لى نفعل القوانين‪ ،‬و نسن قوانين أخرى تكون أكثر حرارة‪ ،‬و أخرى "شفتشى" على "تركواز"‪ ..‬أقول لسعادتك أن‬
‫القوانين لدينا باألطنان‪ ،‬و أننا فى أحسن أحوالنا "نبلها و نشرب ميتها"‪ .‬أنظر سعادتك الى النائبة المحترمة "زينب سالم" التى‬
‫اعتدت على ظباط قسم "مدينة نصر"‪ .‬هذه النائبة‪ ،‬المفروض أنها تشرع القوانين‪ ،‬اعتدت على من ينفذ القانون‪ .‬فنكتشف‪ ،‬اآلن ‪،‬‬
‫و اآلن فقط‪ ،‬أن لها صحيفة جنائية عامرة‪.‬‬
‫و رغم ذلك فلقد دخلت البرلمان كعضو ذى حيثية تشريعية و رقابية‪ .‬و السؤال‪ ،‬أين كانت صحيفتها الجنائية (الفيش و التشبيه)‬
‫عندما تقدمت بأوراقها للبرلمان ؟!‪ .‬إنها أالعيب و حيل قانونية‪ ،‬يا سيدى الفاضل ‪ ،‬على أعلى مستوى!!‪ .‬تلك القوانين‪ ،‬تذكرنى‬
‫بأصنام الجاهلية‪ ،‬التى كانوا يصنعونها من "التمور"‪ ،‬يعبدونها طالما شبعوا ‪ ،‬فإذا جاعوا ‪ ،‬أكلوها ‪.‬‬
‫ال ا ليد المرتعشة و ال الطبطبة وال التبول "الالإرادى" (خوفا من القيل و القال) ينفع فى إدارة هذا الوطن ‪ ..‬ليس أقل من أسلوب‬
‫الطيب "أردوغان"‪ ...‬نقطة و من أول السطر‪.‬‬
‫****************‬

‫‪ 25‬يوليو ‪2016‬‬

‫سواق أوبر يحكى‪-:‬‬


‫عايز احكى موقف حصل معايا امبارح ‪..‬كنت في منطقه المرج وطبعا زى ما انتم عارفين المرج زحمه ومدغدغه ‪..‬جالي‬
‫ريكوست ولقيت العميل بيتصل بيا بيقولي معلش بعد اذنك ممكن تجيلي لحد باب البيت‪ ..‬انا عادة مبخشش حواري ولما بالقي‬
‫العميل جوه حاره بخليه ينزل ع اول الشارع ومخشش‪ ..‬مش عارف ايه اللي خالني اسكت ومتكلمش ومقولش غير كلمه حاضر‬
‫يافندم‪ ..‬وفعال روحت للعميل جوه حاره البلكونات بتخبط في مرايات العربيه‪ ..‬المهم العميل نزل فتح الباب اللي ورايا ودخل‬
‫طفل صغير‪ ..‬وهو جه جنبي ‪..‬بفتح الرحله لقتها ع مستشفي ‪..٥٧٣٥٧‬فقولت بيني وبين نفسي الحمد هلل اني مقولتلوش تعاللي ع‬
‫الشارع ‪. .‬المهم هو اعتذرلي انه دخلني الشارع وقالي معلش اصل الولد كان واخد جلسه كيماوي امبارح ومش هيقدر يمشي لحد‬
‫بره‪ ..‬فقولت له وال يهمك دا انا لو اعرف اطلع اجيبه من ع السرير وقعدنا طول السكه ندردش لحد ماوصلنا امام المستشفي‪..‬‬
‫فقولتله الرحله دي هديه مني ليك ‪..‬قعد يحل ف وصمم اني اخد تمن الرحله‪ ..‬ياعم يهديك يرضيك ابدا‪ ..‬المهم نهيت الرحله‬
‫وحسابه طلع ‪٧٠‬جنيه‪ ..‬راح مطلعلي ‪٢٠٠‬جنيه صحيحه واعطهاني ‪..‬فقلتله انا مش معايا فكه خالص خليها معاك وانت مروح‬
‫رن عليا اجي اخدك ارجعك وابقي احاسبك ‪..‬المهم حلف اني ممشيش غير لما يحاسبني وقالي انا هنزل افك ‪..‬خلي الولد معاك‬
‫وانا هاروح افك الفلوس‪ ..‬نزل من العربيه راح لبتوع اللعب اللي بيقفوا قدام المستشفي يسألهم علي فكه قالوا له مفيش ‪..‬المهم‬
‫بيسال الناس اللي قدام المستشفي اللي داخلين قالوا له ممعناش‪ ..‬كان في تاكسي معدي الناحيه التانيه من المستشفي‪ ..‬فراح‬
‫الراجل مشاورله و قاله معاك فكه يا اسطي‪ ..‬قاله ايوه‪ ..‬يادوبك الراجل اداله الفلوس من هنا واالسطي داس بنزين وجري‬
‫بالفلوس‪ ..‬وانا قاعد في العربيه شايف المشهد ومش عارف لو حاولت اجري ورا العربيه الولد موجود معايا وساعتها ابوه‬
‫هيتخض عليه‪ ..‬وحتي لو جريت عقبال ما الف واكون في نفس اتجاه التاكسي هيكون هو طاااار ‪..‬والراجل واقف مصدوم ع‬

‫‪38‬‬
‫الرصيف مش عارف يعمل ايه‪ ..‬لقيته مره واحده واقف ع الرصيف وبيقول بصوت عالي ياااارب مش كفايا كده انا فيا اللي‬
‫مكفيني‪ ..‬يااااارب انا معنديش طاقه لكل ده‪ ..‬وقعد مكان ماهو واقف ع الرصيف وحاطط ايده ع دماغه وبيبكي‪ ..‬وانا ده كله‬
‫قاعد في العربيه مصدوم ‪..‬روحت نازل من العربيه بحاول اخد بخاطره‪ ..‬واقوله خالص يابو محمد الحمد هلل انها جت في‬
‫الفلوس‪ ..‬رد علي وقالي يااسطى دي اخر ‪٢٠٠‬جنيه معايا قلت ادفع المواصالت رايح جاي واجيب لعبه للواد انسيه الوجع اللي‬
‫هو فيه‪ ..‬طبعا الناس اتلمت وخالص ياحاج وربك كريم والكالم اللي احنا عارفينه ده ‪..‬ومره واحده عربيه جيب شروكي كانت‬
‫واقفه جنب المستشفي وتقريبا صاحب العربيه شاف الموقف‪ ..‬العربيه وقفت عندنا وصاحبها نزل وحط كبشه فلوس في جيب‬
‫عم ابو محمد وركب العربيه ومشي ‪..‬وال حتي قال كلمه ‪..‬كلنا وقفنا مستغربين من الموقف ولقيت ابو محمد بيقولي هو مين ده‬
‫انت تعرفه‪ ..‬قلتله ال‪ ..‬بس ع العموم اهه ربك رزق‪ ..‬قوم تعالي بقي ياعم نقعد في العربيه ونقسم الفلوس سوا ع سبيل الهزار‬
‫يعني‪ ..‬قام معايا عم ابو محمد ودخلنا العربيه وطلع الفلوس وفضل يعد طلعوا كام؟؟ ‪٢٥٠٠‬جنيه‪ ..‬بص للفلوس كده وقعد يعيط‬
‫اكتر من االول بسأله وبقوله طب ليه بتعيط ماربنا رزقك والحمد هلل‪ ..‬رد علي وقالي انا بعيط عشان رحمه ربك ولطفه انا بقالي‬
‫ست شهور مدفعتش ايجار الشقه والراجل صاحب البيت بيفوت عليه كل شويه واجمالي االيجار ‪٢٣٠٠‬جنيه وانا زهقت من‬
‫الراجل النه عارف حاله ابني ومش مقدر وبرضه مش صابر‪ ..‬فاانهارده الفجر وانا ساجد دعيت ربنا قلتله يارب انا راجل ع‬
‫هللا وانت عالم بحالي ورزقي رزق اليوم بيومه‪ ..‬فيارب ارزقني بفلوس االيجار ياما تحنن قلب الراجل علي ومتخلهوش يطالبني‬
‫لحد ما انت برضه ترزقني‪ ..‬وربنا حال ال‪٢٠٠‬جنيه في عيون سواق التاكس عشان ياخدها ويجري‪ ..‬عشان يجي واحد تاني‬
‫يديله اللي طالبه من ربنا مع ان استحاله حد في مكان سواق التاكس يعمل اللي هو عمله ده‪ ..‬لو كافر وقلبه حجر عمره‬
‫ماهيسرق من قدام مستشفي السرطان لكن اراده ربنا خاله ياخد الفلوس عشان يدي لعبده اللي طلبه حتي لو بطريقه غير مباشره‬
‫‪..‬ربنا رزق ابو محمد ب‪٢٣٠٠‬جنيه ايجار الشقه وال‪٢٠٠‬جنيه اللي اخدها سواق التاكس‪ ..‬انا سمعت كده من عم ابو محمد‬
‫وسلمت عليه ونزل من العربيه روحت قاعد جوه العربيه اعيط واقول سبحانك ربي انت ارحم الراحمين‬
‫بجد من اصعب المواقف اللي عدت عليا في حياتي‬
‫تعليقى عالبوست من جهه اخرى‬
‫انت متعرفش الراجل اللى راكب الجيب ده حاله ايه‬
‫تالقيه مبتلى ببالوى و نازل يدور على حد عشان يطلع له صدقه يداوى بيها بالويه‬
‫فى النهايه كلنا محتاجين لبعض ‪..‬دى الخالصه ‪..‬فياريت نهدى كده كلنا على بعض عشان تعدى ‪...‬عدى بقى يا دنيا مش عايزين‬
‫منك حاجه‬
‫طالبين الستر‪...‬و دوام الصحة ‪ ..‬و رحمة ربنا‪.‬‬
‫***************‬

‫‪ 21‬أغسطس ‪2016‬‬

‫"‪"Ermin‬‬
‫‪This pic was many weeks ago (thousands), during my early days in KFMMC in Dhahran.‬‬
‫‪The guy smiling in front was a nurse there, from Philippines & he was called "Ermin".‬‬
‫‪One day, while I'm on duty, they called me loudly, to attend a patient who was convulsing & fell‬‬
‫‪down from z stretcher. Fortunately z patient wasn't injured by falling.‬‬
‫‪After settling z situation down, Ermin came to me, asking to sign an "Incident Report " as a‬‬
‫‪witness.‬‬

‫‪39‬‬
Me :- what about?
Ermin :- about z patient fall. It was my fault as I didn't raise z sidebar of z stretcher.
- so, u gonna accuse yourself?!!!
- yes.
- why will u do so?! z patient wasn't injured by this fall & his companion didn't complain.
- but I've to notify any negligence happened in z department.
- then, they'll punish you.
- what to do ? . It is my fault & whatever happened, I deserve it.
- and what will happen if you didn't notify ?
- nothing will happen, but my guilt sensation will be doubled. Something I can't afford.
My face was blushed & I signed z incident report, as a witness, against him.
......
I felt myself so little in front of him.
Unfortunately Ermin didn't stay too long & he left soon to somewhere else, & I didn't see him
since that time.
What great values this nurse has. Such Values I've never seen in my life.
........
Now it came to my mind; what are z values, we are offering to z world ?? Is it z long beard ? Is it
z short pants? Or; Necessities know no laws??!!
There's always an excuse to all our nusty deeds.
There's always a conspiracy against us, justifying why we look always ugly !!
.......
How much you were great, Ermin, & how badly our little world, needs you, not me.
********************

2016 ‫ أغسطس‬21

‫جيل عم سيد الذي مات‬


‫من كام سنه نزلت مصر و قررت أني مش هسافر تاني و طبعا نصحني أصحابي المقربين ( هللا يسامحهم ) أن الزم أعمل‬
‫بيزنس بما أني خالص هستقر و بدل ما أشتغل عند الناس أهو أكون حر نفسي أحسن و الني غير ملم بوضع السوق في الفترة‬
‫دي فطلبت منهم النصيحه‬
‫وقتها كان في هوجه في مصر أسمها مطاعم و كافيهات و كعادتنا كمصريين لما حد بيفتح مشروع و ينجح تالقي مصر كلها‬
‫عملت نفس المشروع‬
‫ ( معدي‬minimum charge ) ‫المهم نصحوني أفتح كافيه شيك و يكون بيخاطب فئه معينه من الناس اللي عندها أستعداد تدفع‬
‫ جنيه مثال و كان وقتها الرقم ده مش ق ليل و فضلوا يقنعوني و يفرجوني أماكن في المهندسين و الزمالك و مصر‬150 ‫ال‬
‫الجديده شغاله ضرب نار لحد ما أقتنعت بالفكرة‬
‫المهم جبت المطعم و أشتريت المعدات و جبت المدير اللي هيعين الموظفين و فهمته أن الموظف الزم يحس أنه شريك في‬
‫البزنس ده علشان ننجح كلنا و عرفته شروطي في التعيين و كانت عباره عن أن الموظف الزم يكون‬

40
‫معاه مؤهل عالي ‪ -‬بيتكلم أنجليزي كويس ‪-‬لبق ‪ -‬وسيم ‪ -‬خبره في مجال المطاعم ال بأس بها‬
‫و عملنا ‪ application form‬مكتوب بالنجليزي علشان الموظف يبقي يماله قبل ما يدخل المقابله الشخصيه‬
‫و حددنا ميعاد لإلنتر ڤيو و أبتدت المقابالت‬
‫لقيت شباب معظمه في العشرينات و كانوا مؤهل عالي فعال‬
‫بس أول حاجه صدمتني كانت الخط اللي أتكتب بيه ال ) ‪ ( application form‬معرفش ليه ساعتها جالي إيحاء أن الشهادات‬
‫الجامعيه دي مضروبه و الموظفين دي معاها إبتدائيه بالكتير بس قولت عديها هما أصال مش هيستخدموا حاجه في المطعم‬
‫تستدعي الكتابه بخط االيد الني كنت شاري وقتها جهاز ‪ p.o.s‬علشان يستخدموه في أخد طلبات العمالء‬
‫المهم دخلت علي اللي بعده و هي اللغه فأكتشفت أن أقوي ولد فيهم و اللي بالنسبة لهم وقتها كان يعتبر إبراهيم الكرداني مثال‬
‫عارف يعني إيه ‪ parsley , lettuce , cucumber‬بس و باقي الشباب أبيض يا ورد لدرجه أن المدير بيسأل ولد فيهم و‬
‫بيقوله لو في عميل عنده ‪ Allergy‬و عايز يشيل الخس من األوردر بتاعه و ال ‪ P.o.s machine‬عطالن و الشيف اللي معانا‬
‫أجنبي والزم تبلغه طلب العميل شفهي هتقول للشيف إيه ؟‬
‫قاله ‪ :‬هقوله بليز زيس نو كابوتشا‬
‫فقولت له ‪ :‬كابوتشا!!!!!!!!!!‬
‫قالي ‪ :‬اه يا مستر مش كابوتشا يعني خس‬
‫طبعا بعد حوالي أسبوعين من المقابالت أضطريت أستسلم لألمر الواقع و أبتدي أقدم شويه تنازالت في الشروط اللي أنا‬
‫حاططها وإال هيتخرب بيتي من االيجار اللي عمال يعد و أنا لسه مفتحتش‬
‫و طبعا كان الزم يكون موجود أهم وظيفه بالنسبة لي و هو ) ‪ ( chef steward‬أو الشخص المسئول عن العمال المكلفين‬
‫بنظافه المكان و بالفعل دخل عليا راجل عنده حوالي ‪ 55‬سنه وقتها‬
‫بس مالمح وشه و التجاعيد اللي فيها توحي أن عنده فوق التسعين سنه و كأن الزمن حفرها بنفسه بس متماسك جسديا‬
‫و بعد ما أتكلمنا معاه حسيت أنه فاهم و خبرته في مجاله عاليه جدا ده غير نضافته في نفسه الملفتة للنظر و جزمته المتلمعه و‬
‫معرفش ليه نضافته و نزاهته عملتلي راحه نفسيه و حسيت أن عيني مرتاحة مقارنه بالشباب الجامعي اللي جه قبل منه‬
‫المهم فتحنا المطعم و أشتغل و أستعديت علشان ألم الماليين بقي‪.‬‬
‫و لكن تأتي الرياح بما ال تشتهي السفن‬
‫المطعم محققش اليرادات المتوقعه الن أسعاره كانت مبالغ فيها و ده كان سوء تخطيط مني أنا المسئول عنه لوحدي‬
‫المهم طلعت بدروس مستفادة و أتعلمت و شوفت و عرفت حاجات في العالم ده ( عالم المطاعم ) مشوفتهاش في حياتي‬
‫عرفت أول طريق للرشوه من خالل المطعم ده و من خالل موظفين الحكومه والد الحالل اللي بيعدوا علي الناس بشكل منتظم‬
‫علشان يقاسموها في رزقها و ده يسلمك ل ده و رغم أن أوراقك سليمه بس الزم تشخلل علشان تعدي وإال حالك يقف‬
‫عرفت أن الشباب الصغير ده معظمه و ال عايز يشتغل وال في دماغه شغل و ده من خالل كميه المكالمات اللي كان بيتكلمها‬
‫مدير المطعم للموظفين علشان يصحيهم للشغل‬
‫عرفت أن كلمه أنا داخل عليك أهو يا مستر يعني لسه نايم ع السرير و ماما لسه معملتش الفطار‬
‫عرفت يعني إيه موظف أمه بتمرض في األسبوع ‪ 3‬مرات و ده كله علشان يخلع بدري و يروح يسهر علي القهوة مع صحابه‬

‫‪41‬‬
‫عرفت يعني إيه شاب مش عارف يحوش من راتبه الشهري جنيه و مقضيها سلف من طوب االرض ببجاحه و هو عنده ‪22‬‬
‫سنه و مفيش وراه التزامات أصال‬
‫عرفت يعني أيه موظف عايز لو عمل شغله ياخد مكافأة ولو جيت تفهمه ان انا بديك راتب يا حبيبي علشان تعمل شغلك يعني‬
‫انت مش مجاملني في شيء يزعل و يتقمص‬
‫عرفت أن بنات مصر ب ‪ 100‬راجل و قد المسئوليه و شقيانين علي نفسهم بجد علشان يصرفوا علي أهاليهم و يجهزوا نفسهم‬
‫عرفت أن في مخدر علي هيئه أقراص بيساعدك أنك تشتغل طول الشفت زي البلدوزر و تاني يوم تبقي عايز ‪ 10‬يشيلوك من ع‬
‫السرير يجيبوك الشغل و المعظم بيستخدمه‬
‫قابلت الموظف أبو عين زايغه اللي بيشفط كرشه أول ما يشوف عميله حلوه و يرقق نبره صوته و يحسسك أنها خالص هتطلب‬
‫إيده أخر الشفت‬
‫بس مهما كانت الدنيا ضلمه دايما في نور الزم يكسر العتمه‬
‫و هو عم سيد عوض الراجل ابو ‪ 55‬سنه اللي عنده بنت في الجامعه و ولد ثانوية عامه و بنوته في أولي ثانوي و شقيان عليهم‬
‫و بيشوف الويل علشانهم و مع ذلك صابر و ساكت و راضي و حامد ربنا‬
‫الراجل اللي لقيت منه ألتزام في مواعيد و نضافه في شغله و هيئته مش عاديه ‪ ،،‬لقيت أخالص في العمل من الراجل ده‬
‫ملقتهاش في موظف علي مدار حياتي حتي بره مصر ‪ ،،‬لقيت لباقه و أدب و حياء في التعامل لدرجه اني اتمنيت لو كان كل‬
‫الموظفين عم سيد‬
‫لقيت عم سيد الراجل المثقف اللي بيجيب الجرنان معاه كل يوم علشان يقرأه في البريك بتاعه‬
‫عم سيد اللي بيكرهه ريحه السجائر عمي بس مضطر يستحملها علشان أكل عيشه‬
‫عم سيد اللي عمره ما طلب من حد جنيه و لو صرفت له مكافأة ياخدها و هو عينه في االرض من الكسوف‬
‫عم سيد اللي كان بييجي الشغل و هو عيان و البرد مبهدله و لو طلبت منه يروح و يومه محسوب يقولي و أسيب مال الناس‬
‫لمين ؟؟‬
‫أقوله يا سيدي أنا الناس و بقولك روح يقولي و هللا لو روحت هتعب زياده انا برتاح و صحتي بتيجي ع الشغل‬
‫عم سيد اللي في مره سألته لو مصر دخلت حرب هتعمل إيه يا راجل يا عجوز ؟؟‬
‫قالي مبارك راجل ذكي يا مستر و عمره ما يبهدلنا بحروب تاني بس لو حصل ال قدر هللا هتالقيني بحش رقاب ع الجبهة‬
‫أكتشفت أن في فرق شاسع بين الجيل ده و جيل عم سيد و أكتشفت أني قصاد جيل عديم المسئوليه و مش ملتزم و عايز ياخد‬
‫مرتب و يديك قصاده لبان و المطلوب منك انك تشكره كمان‬
‫في نفس الوقت لقيت راجل من جيل تاني خالص علي أستعداد يديك ‪ 14‬ساعه من يومه و من صحته و هو مش عايز مقابل‬
‫الشباب اللي بتكلم عنهم دول هما اللي دمروا حاجات كتير كانت حوالينا جميله‬
‫أصل دي ثقافه جيلهم اللي أتبنت علي االنتخه و النطاعه و علي أفالم السبكي و محمد رمضان زي ما هي دي ثقافه جيله اللي‬
‫رسخت جواه ان الشغل و الشقي بشرف ده في حد ذاته عزه و فخر ‪،،‬‬
‫ده الفرق بين جيل داق طعم البيبسي و الشمعدان و جيل داق طعم نصر أكتوبر‬
‫ده الفرق بين حظ عبد الناصر و السادات و بين حظ السيسي‬

‫‪42‬‬
‫ده الجيل اللي كان مخلي عبدالناصر داخل بصدره في الدنيا كلها و مش همه حد علشان عارف أن معاه وحوش في ضهره و ده‬
‫الجيل اللي كسر بيه السادات شوكه دول كتير و أنتصر في الحرب علي إسرائيل في كام ساعه‬
‫و ده الجيل اللي حاوج السيسي للي يسوي واللي ميسواش ‪ ،،‬ده الجيل اللي معترض دايما و مش عاجبه حد و بيفرح بالتكسير و‬
‫البلطجه و العنف‬
‫ده الجيل الفقير أخالقيا و اللي حاسس دايما بالدونيه!!‬
‫و ده الجيل الغني بأخالقه و مبادئه و حاسس دايما بالعزه في العمل و بذل الجهد‬
‫ده الفرق بين جيل بيعتبر مصر فعال امه و عرضه و حبيبته و جيل بيعتبرها بنسيون نجمتين في شارع جانبي والخدمه فيه مش‬
‫والبد ‪.‬‬
‫لكل قاعده شواذ و أكيد في شباب محترم كتير عنده چينات شهامه و رجوله و نخوه زي جيل الراجل ده بس برضه في أنطاع‬
‫كتير‬
‫علي أي حال النهارده بلغوني أن عم سيد مات‬
‫مات الراجل الطيب الجدع األمين الملتزم الخلوق اللي كان بيخاف علي مال الناس و بيحافظ عليه و بيشتغل بذمه و بيحب بلده‬
‫من قلبه مع أنه مطلعش من ورآها بمصلحه ‪ ،،‬مات الراجل اللي كانت صحته بتيجي علي الشغل‬
‫انا مش زعالن عليك علي فكره الني واثق انك في مكان اجمل بكتير من اللي احنا فيه‬
‫و مش زعالن كمان الن دي تكاد تكون المره األولي اللي جسمك يعرف فيها طعم الراحه‬
‫أنا زعالن علي األخالق اللي ماتت و الجيل الجميل اللي بدأ يخلص و بدأ يظهر من بعده جيل ما يعلم بيه اال ربنا‬
‫زمان كان نفسي كل الموظفين اللي شغاله معايا تكون زيك بس النهارده بقول ياريت مصر كلها تبقي زيك يا عم سيد‬
‫هللا يرحمك و يحسن مثواك و يرحم األيام الحلوه اللي شوفتها معاك يا راجل يا طيب‪.‬‬
‫و هللا يعينك و يقويك يا ريس علي الشيله التقيله اللي علي كتافك مع أجيال جزمه عم سيد كانت أنضف منها‪.‬‬
‫*****************‬

‫‪ 31‬أغسطس ‪2016‬‬

‫عقدة_المخبر‬
‫من قصص د‪.‬احمد خالد توفيق‬
‫عندما جربت السفر للمملكة العربية السعودية بعد التخرج – عام ‪ - 1990‬تعثر تصريح السفر‪ ،‬وقيل لي إن علي أن آخذه من‬
‫جهاز أمن الدولة‪ .‬هناك كارثة ما ‪.‬‬
‫المخبر الذي يجلس في مكتب االستقبال كالح الوجه‪ ،‬يتعامل مع الناس بوقاحة مستفزة كفالح جلف يعرف أنك عاجز عن أن‬
‫تضره‪ .‬يسخر من لقب كل شخص (أحمد حسنين ؟ هع هع ‪ .‬مش كفايه حسن واحد ؟‪ ...‬علي األطرش ؟ هو لسه أطرش ؟ هع‬
‫هع)‪ ،‬ويستهزئ بالجميع شاعرا بأهمية مركزه‪ ،‬ومعظم ما يقوم به من عمل هو جعل الناس ينتظرون على احر من الجمر‪ ،‬ثم‬
‫بعد ثالث ساعات يخبرهم أن (فالن بيه) لم يأت اليوم‪ ،‬وأن عليهم العودة بعد ثالثة أيام‪ ،‬ثم يبدي قرفه واشمئزازه من توسالت‬

‫‪43‬‬
‫الناس له ألن موعد السفر اقترب ‪ ..‬أو ‪ ..‬أو ‪ ..‬ال أعرف إن كانوا يتبدلون في النوبتجية‪ ،‬لكن حظي العاثر كان يوقعني دوما مع‬
‫هذا الوغد‪.‬‬
‫أجلس في غيظ – لرابع يوم – أصغي لهرائه والقصص السخيفة التي يحكيها ألحد معارفه‪:‬‬
‫ـ"العقيد (فالن بيه) يثق بي تماما ‪ ..‬ال يخرج ألي مأمورية من دون أن يقول لي‪ :‬تعال معي يا إبراهيم بيه فأنا بحاجة لك"!!!‬
‫أتماسك حتى ال أنفجر ضحكا‪ .‬أحداث رائعة يوسف إدريس (جمهورية فرحات) ال تفارق ذهني‪.‬‬
‫سخريات الحياة أن يصير هذا الكلب متحكما في مستقبلك ومصيرك‪ ،‬وهو بالفعل قادر على أال تقابل الضابط المسئول لألبد‪ .‬في‬
‫النهاية عندما قابلت الضابط نفسه ‪ -‬الشهادة هلل – كان في غاية التهذيب واألدب‪ ،‬وقال لي وهو يناولني لفافة تبغ ويشعلها‪:‬‬
‫ـ"ملفك يتحدث عن نشاط شيوعي أيام الكلية يا دكتور‪ ،‬لهذا حدث هذا الخلط‪ ..‬التقلق ‪ .‬سأنهي المشكلة حاال"‬
‫كما قلت لك‪ :‬لست ناشطا كما إنني لست شيوعيا‪ ،‬لكن هذا ليس موضوعنا على كل حال‪ .‬مرة أخرى بعد أعوام تكرر الموقف‬
‫ذاته‪ ،‬وجئت ألمن الدولة ألجد مخبرا غير خصمي القديم‪ ،‬لكنه هو نفسه بطباعه وغروره وقلة أدبه‪ .‬بعد ما تكرر الكعب الدائر‬
‫مرتين‪ ،‬خرجت لكابينة هاتف واتصلت بصديق حميم له قريب ذو منصب مهم في جهاز أمن الدولة‪ .‬عدت لمكتب االستقبال‬
‫ألسمع سخرية المخبر السخيفة وكالمه الجلف‪ .‬عندما دق جرس الهاتف‪ ،‬رفع السماعة وبدت معالم البالهة والغباوة على وجهه‪:‬‬
‫ـ"نعم يا باشا ‪ ..‬هو امامي اآلن ‪ ..‬ماذا ؟ أوصله بنفسي لمكتبك ؟ أمرك"‬
‫وسرعان ما راح يركض كاألرنب وأنا وراءه عبر أروقة الجهاز الكئيبة‪ ،‬ليوصلني للضابط الكبير الذي أنهى المشكلة في نصف‬
‫دقيقة وهو يبتسم‪ .‬وعندما خرجت من الباب للشارع نهض المخبر محييا في توقير كأنني صرت باشا آخر‪.‬‬
‫عندما يتملك السلطة شخص جاهل غبي لم تهذبه الثقافة ولم يعلمه الدين شيئا‪ ،‬فإنه يصير من زبانية جهنم‪ ،‬وتصير رسالته في‬
‫الحياة هي أن يحيل حياة البسطاء الذين ال خطر منهم جحيما‪.‬‬
‫هناك كذلك (عقدة ممرض الطبيب الناجح) التي يعرفها األطباء جيدا ‪.‬‬
‫هناك دوما الطبيب الناجح الذي يتزاحم المرضى على عيادته‪ .‬هؤالء – كي يقابلوا آمون – يجب أن يظهروا الخضوع والتبتل‬
‫للكاهن األعظم‪ .‬وهذا الكاهن األعظم يجلس إلى مكتب (إيديال) صغير شاعرا بتضخم أهميته‪ ،‬يرنو لهم بتنطع وغرور يتناسبان‬
‫مع جهله‪ .‬مع الوقت يوقن أنه مهم جدا ‪ ..‬إن الناس تتزاحم أمامه طالبة رضاه ‪ ..‬البعض ينتحون به جانبا‪ ،‬والبعض يبرزون له‬
‫بطاقات تدل على أنهم مهمون مثله‪ .‬إنه يملك لهم كل شيء‪ ..‬يملك أن يسمح لهم بمقابلة آمون داخل المحراب‪ ،‬أو يمنعهم من ذلك‬
‫فهو إذن الهالك األبدي ألرواحهم ‪..‬‬
‫مع الوقت يشعر بأنه أهم من الطبيب بكثير‪ ..‬يتصرف بغرور فج ال يختلف عن غرور مخبر أمن الدولة الذي حكيت عنه‪.‬‬
‫وأعتقد انه يتحول إلى وحش يسيطر عليه الطبيب بصعوبة ‪.‬‬
‫منذ أعوام زرت طبيب أمراض جلدية شهيرا في مدينتي‪ ،‬فأعطاني الممرض الرقم ‪ 71‬في الحجز اليومي !‪ ..‬وهو يحدد لك‬
‫الموعد بالدقيقة‪ 8:10 ..‬مساء مثال ‪ ..‬السبب هو منع االزدحام الذي يثير شهوات مفتشي الضرائب‪ ،‬لو تأخرت خمس دقائق‬
‫لضاع دورك‪ .‬ثم عرفت أنه يتقاضى سبعة جنيهات عن كل كشف‪ .‬لو افترضنا أن الطبيب يفحص مئة مريض يوميا – والكل‬
‫يؤكد أن هذا ممكن ألن الرجل يقضي مع كل حالة ثالث دقائق ‪ -‬فإن الممرض يحصل على ‪ 700‬جنيه يوميا تقريبا‪ ،‬أي اننا‬
‫نتكلم هنا عن ‪ 18‬ألف جنيه شهريا على األقل‪ ،‬مقابل (لسه قدامك اتنين يا حاج ‪ ..‬اتفضلي يا مدام عزة ‪ ..‬الحجز بالتليفون يا‬
‫كابتن)‪ ..‬هذه وظيفة تغريني انا نفسي‪ ،‬فال غرابة في ان يفقد الممرض أي سيطرة له على نفسه ‪..‬‬
‫القاعدة واحدة وسارية في كل مكان‪ .‬هات شخصا جاهال غبيا من أصل منحط – وال أعني الثراء أو الفقر طبعا ‪ -‬واعطه سلطة‬
‫‪ ،‬حتى لو كانت حراسة باب مبولة عمومية‪ ،‬ولسوف تطلق أقذر مكونات نفسه للخارج‪ .‬إنه يصير الشيطان ذاته ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ينط بق هذا على الجميع ‪ .‬ينطبق على مخبر يحرس بوابة أو تومرجي في عيادة ‪ ..‬ينطبق على مسئول كبير أو أستاذ جامعي ‪..‬‬
‫ينطبق على ضابط شرطة صار (باشا) يهابه الجميع ‪ ..‬ينطبق على مذيع يحتل ساعات مهمة في الفضائيات وال يصدق أنه صار‬
‫بهذه األهمية‪..‬‬
‫على الجانب اآلخر تكتشف أن ذوي األصول الكريمة ‪ -‬مهما كان فقر جذورهم ‪ -‬يزدادون رفقا ونبال كلما ترقوا في سلم الحياة‪.‬‬
‫وتجدهم يحرصون على أن يقوا من هم أصغر منهم أشواك الرحلة وغبارها‪ .‬المؤسف ان فرصة السيطرة والنفوذ قلما تتاح‬
‫لهؤالء‪ .‬األحجار الكريمة نادرة في هذا العالم‪ ،‬لذا هي ثمينة عالية القيمة ‪.‬‬
‫********************‬

‫‪ 13‬مارس ‪2017‬‬

‫الحقيقة المؤلمة‪..‬إلى متى اإلنكار؟!‬


‫ردا على السؤال المطروح من قبل الزميلة " د‪ .‬صفا عوض" ( لماذا ال نستورد وزراء صحة و تعليم من الخارج ؟!) ‪ ،‬يؤسفني‬
‫أن أذكركم باالتى‪:-‬‬
‫أن قطز الذى انتصر على التتار كان مملوكيا من جنوب روسيا‪.‬‬
‫أن صالح الدين األيوبي الذى حرر القدس‪ ،‬كان كرديا‪.‬‬
‫أن محمد على صاحب النهضة المصرية الحديثة كان ألبانيا ‪.‬‬
‫انك لم تكن تعلم اى شىء إطالقا عن ماضيك حتى أتاك شامبليون و قال لنا أنه كان هناك جد لنا يدعى فرعون‪ ،‬بعد أن فك‬
‫طالسم حجر رشيد‪.‬‬
‫أن م ن فكر و خطط قناة السويس هو ديلسبس الفرنسى‪ .‬و من أشرف على الحفر و نفذه هم النجليز ‪.‬و اننا فقط كنا العمال‬
‫بالسخرة (و لم يكن لنا رأى البتة)!!‬
‫ان المصريين كانوا يموتون بمرض غريب اسمه البول المدمم‪ ،‬إلى أن استطاع عالم المانى اسمه تيودور بلهارس اكتشافه‬
‫وعالجه ( البلهارسيا) ‪.‬‬
‫اننا كنا ثانى دولة فى العالم تدخلها السكة الحديد ‪ ،‬و كذلك التلفونات ‪ ،‬فى عهد النجليز ‪.‬‬
‫ان القاهرة سنة ‪( 1928‬تحت االحتالل) فازت بلقب أجمل مدينة فى العالم‪ ،‬وفى تلك الحقبة الزمنية حصلت السكندرية على‬
‫لقب عروس البحر األبيض ‪.‬و هذا العام ‪ 2015‬صنفت القاهرة ضمن أسوأ ‪10‬مدن فى العالم‪.‬‬
‫أن االستعمار البريطاني تركنا عام ‪ 1954‬وهو مدين لنا بمبلغ ‪ 400‬مليون جنيه استرليني‪ .‬و كان سعر الجنيه الذهب يساوى‬
‫‪ 97‬قرش صاغ مصريا‪.‬‬
‫هذا و كثير مثله‪ ،‬عن ماضينا الجميل‪.‬‬
‫أما عن حاضرنا القبيح‪ ،‬فحدث وال حرج‪.‬‬
‫يكفى اننا الزلنا نتبول تحت الكوبرى !!!‬

‫‪45‬‬
‫إننا و بعد أكثر من ‪ 60‬عاما من الحرية و التحرر و الشعارات الوطنية‪ ،‬عانينا و نعانى من الدارة المصرية و الوزراء‬
‫المصريين و البزنس و المحسوبية‪ ..‬الخ‪.‬الخ‪ ...‬و إجماال؛ االحتالل المصرى األسود لمصر!!!‬
‫هى ليست دعوة لإلحباط‪ . .‬ولكن رحم هللا امرءا عرف قدر نفسه‪ ..‬ان أقصى ما يمكننا إنجازه هو أن نصعد خمسة أو عشرة‬
‫مراكز من قاع الترتيب العالمى‪ ،‬الذى نقبع فيه‪ ،‬آخذين فى العتبار أن الدول األخرى ليست نائمة!‬
‫لقد تحدث جمال حمدان عن عبقرية المكان ‪ ...‬فقط ال غير ‪ ،‬و إنها بالفعل ألجمل بالد هللا‪ ،‬و لكننا السادة المستأجرون‪ ،‬فقط‬
‫نبحث عن "بيت للراحة" ليس أكثر !!‬
‫و كما قال أينشتاين؛ انه من الغباء أن نظن ان تكرار نفس المعادلة بنفس المدخالت‪ ،‬آالف المرات‪ ،‬يمكن أن يعطى نتائج‬
‫مختلفة‪.‬‬
‫الحل فى رأيى هو ما تفعله دول الخليج ؛ خبراء أجانب و عمال أجانب ‪ ،‬و إعانة بطالة للمصريين ‪ ...‬و صدقوني أنها (العانة)‬
‫سوف تكون عشرة أضعاف المدخوالت الحالية‪.‬‬
‫و ماذا يعيبها " قعدة المصاطب" ؟؟‪!!".‬‬
‫*****************‬

‫‪ 17‬أبريل ‪2017‬‬

‫صديقى المهاجر الى بالد اإلنجليز‬


‫قال لى صديقى "محمد طرطير" الذى غادرنا مهاجرا الى بالد النجليز ‪ ،‬و كنا قد تزاملنا فى طوارئ مستشفى "الملك فهد‬
‫التخصصى" بالدمام ‪-:‬‬
‫اليوم أكون قد قضيت عشر سنوات بالتمام في عاصمة الضباب‪ .‬وإليكم أهم الدروس المستفادة‪:‬‬
‫الغربة صعبة‪ :‬الغربة خبرة نفسية في منتهى القسوة‪ ،‬اقتالع جذورك من تربة مهما كانت بور‪ ،‬ومحاولة زرعها في‬ ‫‪.1‬‬
‫تربة جديدة مهما كانت خصبة‪ ،‬هي عملية تستدعي الكثير جدا من الموت‪ ،‬وتترك فراغات وجروح ال تلتئم‬
‫السفر والدة‪ :‬في المقابل‪ ،‬السفر خبرة مولدة الحتماالت جديدة لم يكن مِن الممكن أن تولد طالما بقى الشخص في نطاق‬ ‫‪.2‬‬
‫راحته‪ .‬السفر يسمح لنسان جديد أن ينمو بينما ينسحب النسان القديم إلى الذكريات‬
‫السن والجنس منتجات ثقافية‪ :‬كل ما تعرفه عن طبيعة األطفال والشباب وكبار السن‪ ،‬وكل ما تعرفه عن الرجل‬ ‫‪.3‬‬
‫والمرأة‪ ،‬ليس حقيقيا في المطلق (وكذا كل تصنيف آخر)‪ ،‬هو حقيقي فقط داخل ثقافة تحدد المتوقع من كل شخص‬
‫بحسب تصنيفه‪ .‬في ثقافة أخرى‪ ،‬تتغير التوقعات أو تسقط تماما‪ ،‬فيتصرف األطفال ككبار والكبار كشباب ويتبادل‬
‫الرجال والنساء أدوارهم ببساطة‬
‫العدل أساس الحضارة‪ :‬كل التصرفات واالختيارات الفردية تتم بانحطاط أو رقي بناء على مدى ثقة كل فرد في عدالة‬ ‫‪.4‬‬
‫النظام ككل‪.‬‬
‫النسانية حق‪ :‬تعرف المجتمع المتحضر من تعامله مع الضعيف والمريض والمهمش‪ .‬إذ يُمنح الكل حد أدنى من‬ ‫‪.5‬‬
‫النسانية ال تهاون فيه‪ .‬وال يعترض أحد بالتالي على نجاح القوي والمتفوق‪.‬‬
‫العادي أهم من المتميز‪ :‬ال يقوم نجاح المجتمع على المميزين النادرين‪ ،‬بل على جعل كل فرد فيه يؤدي على أفضل ما‬ ‫‪.6‬‬
‫يمكنه‪ .‬ال يوجد شخص عبقري أو مهم‪ ،‬بل النجاح هو مجموع الماليين العاديين الذين يفعلون كل شيء عادي بجدية‬
‫كافية‪.‬‬
‫التنوع خالق‪ :‬المجتمع الذي يقبل التعددية بكل أشكالها‪ ،‬ويتسامح مع المتناقضات‪ ،‬وال يطمح لجعل كل من فيه‬ ‫‪.7‬‬
‫متشابهين‪ ،‬يبدع ويتطور ككائن حي تنقسم خالياه لتقوم بوظائف مختلفة‬

‫‪46‬‬
‫‪ .8‬النشاط أساس النجاح‪ :‬كل صباح‪ ،‬ينهض الماليين وهم مستعدين للعمل والحركة‪ .‬تتغير األشياء‪ .‬تتبدل الحكومات‪.‬‬
‫تتطور المناهج‪ .‬كل يوم يتنافس مع اليوم الذي قبله‪ .‬ال وقت للتكاسل‪ .‬ال خوف من األخطاء‪ .‬الحركة بركة في أي‬
‫اتجاه‪ .‬والحركة تَ َخلَّق حركة حتى لو ضدها‪ ،‬فيستفيد النظام ككل‬
‫‪ .9‬التخطيط أمان‪ :‬ال يو جد صدفة في أي شئ‪ ،‬الحظ يتحيز للعقل المستعد‪ .‬كل تفصيلة في الحياة يمكن تخيلها وتوقعها‬
‫وحساب سيناريوهاتها واحتماالتها‪ ،‬وعندما يأتي الموعد‪ ،‬تصير كل المفاجآت كأنها مشاهد ُمعادة ال خطر منها‬
‫‪ .10‬الصحة أسلوب حياة‪ :‬لم نتعلم تقريبا أن نهتم بأنفسنا‪ .‬األكل والنوم والرياضة والموسيقى والصمت والوحدة والصحبة‪.‬‬
‫الناس هنا يتعاملون مع أجسادهم باهتمام‪ ،‬وكذلك مع الحيوانات‪ ،‬والنباتات والبيئة (صحة األرض)‪ .‬العالقة مع الجسد‬
‫ومع الطبيعة فيها حميمية في مقابل االغتراب الذي تعلمنا أن نشعر به‬
‫‪ .11‬الشمس بهجة‪ ،‬لكن البرد أجمل من الحر‪ ،‬والمطر أجمل من الجدب‬
‫‪ .12‬المدرسة هي أهم مؤسسة في المجتمع‬
‫‪ .13‬البساطة أناقة‪ :‬من المالبس لألثاث للمجامالت للمناسبات للغة‪ ...‬البساطة تجعل الجمال في العمق ال في المظهر‬
‫******************‬

‫‪ 11‬مايو ‪2017‬‬

‫أرجوكم ‪ ..‬إنه أبى !‬


‫باألمس‪ ،‬قرابة السابعة مساء‪ ،‬كان هناك رجل خمسينى و عائلته يزورون قريبا لهم‪ ،‬مريضا و محجوزا بالمستشفى التى أعمل‬
‫بها‪ .‬و فجأة شعر هذا الرجل بألم شديد فى صدره لدرجة أنه صرخ صرخة مدوية ثم ارتمى على األرض‪ ،‬من شدة األلم‪ .‬هرع‬
‫إليه طاقم التمريض ووضعوه فوق نقالة و اندفعوا به الى الطوارئ‪ .‬و تحديدا إلى منطقة النعاش ‪( Resuscitation Area ).‬‬
‫كان الرجل يتأوه من شدة األلم و يضم قبضة يده الى منتصف صدره )‪ (Clenching his fist to his chest‬و يتصبب عرقا َ‬
‫‪ .‬المشهد كان يوحى بأزمة قلبية حادة‪ .‬و بالفعل أظهر رسم القلب ؛ جلطة فى الجدار السفلى من القلب ‪(Inferior‬‬
‫‪ Myocardial Infarction).‬و بدأ فريقنا الطبى العالج حسب البروتوكول الموضوع لمثل تلك الحاالت‪ ،‬حيث ال مجال‬
‫لجتهادات أو اختالفات رأى‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬فإن رجال أمن المستشفى قد فصلوا بين المريض و أهله‪ ،‬الذين كانوا فى قمة النهيار و النزعاج و الهلع‪،‬‬
‫زوجته و أبناؤه و أخوته‪.‬‬
‫كانت الدقا ئق تمر بطيئة‪ ،‬و هلع األسرة يزداد ‪ ،‬أما المريض نفسه فقد بدأ يراوده إحساس الموت ‪(Sense of impending‬‬
‫)‪doom‬و أخذ صوت أنينه يخفت تدريجيا ‪ ،‬ثم نظر ناحيتى و كنت قريبا منه‪ ،‬و قال بصوت خافت‪ ،‬ميزته بصعوبة ‪" -:‬هات‬
‫لى بنتى !"‪ .‬فأسرعت الى األسرة المنهارة خلف رجال األمن و اصطحبت ابنته العشرينية إليه‪.‬‬
‫و كان لقاءا ‪ ....‬نظر األب إليها بإنكسار ‪ ،‬أما هى فأمسكت يده بهدوء بينما اغرورقت عيناها بالدموع‪ ،‬و لم يتكلما ‪ ..‬نظرات‬
‫صامتة تحمل كل الكالم وكل المعانى و كل الحب و كل الحزن‪ ..‬كانت تمسك يده بيد بينما تمسح عن جبهته العرق الغزير بكف‬
‫يدها الثانية‪ ،‬فى حنو و رفق‪.‬‬
‫لم يقل أحدهما شيئا ‪ ..‬و تركناهما ‪ ..‬فال ندرى ما سوف يحدث فى اللحظة القادمة‪.‬‬
‫كنت أرقبهما ‪ ..‬و أحبس دموعى بصعوبة‪.‬‬
‫أخذت مقاومة األب تنهار شيئا فشيئا و صوته بدا فيه الوهن و عيونه آخذة فى النكسار ‪ ..‬و البنة تنظر إليه فى ذهول ثم تنظر‬
‫ناحيتنا فى توسل ‪ .‬شعرت بغريزتها أن الخطر داهم ‪ ،‬فألصقت وجهها بوجهه‪ ،‬تقبله كالمجنونة و تتمتم له بكلمات فى أذنيه ‪،‬‬
‫هامسة ‪ ،‬لعلها كانت تلقنه الشهادة أو لعلها كانت ترجوه أن يبقى ‪ ..‬لكن األب أبى إال أن يفارق‪ .‬و الحظت البنه المكلومة أننا‬
‫بدأنا نطفئ ا ألجهزة و نخلع القفازات و نتفرق من حول أبيها فى هدوء‪ ،‬فنظرت إلى متساءلة فى صمت ثقيل ‪"-:‬ماذا حدث‬
‫ألبى؟ ‪ ..‬أرجوكم حاولوا مرة ثانية ‪ ..‬إنه أبى ‪ ..‬حاولوا ‪..‬إنه لن يخذلنى ‪ ..‬لن يتركنى‪..‬أنا أعرفه أكثر منكم ‪ ..‬لن يحزننى ‪ ..‬لن‬
‫يتركنى ‪..‬أو ‪ ..‬خذونى معه ‪..‬خذونى معه ‪ ..‬خذونى معه"‪ ....‬و سقطت مغشيا عليها ‪!!.‬‬
‫********************‬

‫‪47‬‬
‫‪ 3‬يونيو ‪2017‬‬

‫بائع الجرائد‬
‫دخل القاعة لحضور حفل تكريمه اثر زيارته للعراق ‪ ...‬بعد غياب دام اكثر من ‪ 15‬عام‬
‫انه كبير استشاري امراض القلب في المستشفى الملكي بلندن طبيب القلب الدكتور ضياء كمال الدين‬
‫وعند مدخل القاعة استوقفه منظر بائع جرائد كبير السن مفترشا جرائده على الرصيف‬
‫اغلق الطبيب عينيه ثم سرعان مافتحهما ‪...‬‬
‫تذكر مالمح هذا الرجل العجوز المحفورة في ذهنه‬
‫جرجر نفسه ودخل القاعة ثم جلس غير ان ذهنه بقي مع بائع الجرائد‬
‫وعندما نودي على اسمه لدى حلول ف قرة تقليده وسام االبداع قام من مكانه ‪ ،‬بيد انه لم يتوجه الى المنصة بل توجه الى خارج‬
‫القاعة ‪ ...‬راح الكل ينظر اليه في ذهول ‪ ...‬اما هو فقد اقترب من بائع الصحف وتناول يده فسحب البائع يده وقد فوجئ وقال ‪:‬‬
‫عوفني يا ابني ماراح افرش هنا مرة اخرى‪ ،‬رد عليه بصوت مخنوق ‪ :‬انت اصآل ماراح تفرش مرة اخرى ‪ ،‬أرجوك بس تعال‬
‫وياي ‪ ...‬ظل البائع يقاوم والدكتور يمسك بيده وهو يقوده الى داخل القاعة ‪ ...‬تخلى البائع عن المقاومة وهو يرى عيون الدكتور‬
‫تفيض بالدموع وقال ‪ :‬مابك يا ابني ؟‬
‫لم يتكلم الدكتور وواصل طريقه الى المنصة وهو ممسك بيد بائع الجرائد والكل ينظر اليه في دهشة ثم انخرط في موجة بكاء‬
‫حارة واخذ يعانق الرجل ويقبل راسه ويده ويقول ‪ :‬انت ما عرفتني يا استاذ "خليل "؟‬
‫قال ‪ :‬ال وهللا يا ابني العتب على النظر ‪ ...‬فرد الدكتور وهو يكفكف دموعه ‪ :‬انا تلميذك "ضياء كمال الدين "في االعدادية‬
‫الم ركزية ‪ ...‬لقد كنت االول دائمآ ‪ ...‬وكنت انت من يشجعني ويتابعني سنه ‪ 1966‬ونظر الرجل الى الدكتور واحتضنه‬
‫تناول الدكتور الوسام وقلده لالستاذ وقال للحضور ‪ :‬هؤالء هم من يستحقون التكريم ‪ ...‬وهللا ما ضعنا وتخلفنا وجهلنا إال بعد‬
‫إذاللنا لهم ‪ ...‬وإضاعة حقوقهم وعدم إحترامهم وتقديرهم بما يليق بمقامهم وبرسالتهم السامية ‪ ...‬انه االستاذ خليل علي استاذ‬
‫اللغة العربية في االعدادية المركزية ‪ ...‬ببغداد‪...‬‬
‫قصة حقيقية فيها عبرة وفيها رد اعتبار لمن نذر نفسه لخلق جيل من العلماء واالطباء لخدمة المجتمع وليس لتوزيع اموال‬
‫الشعب على حثالة الشعب من الحرامية والساقطين واللصوص‪.‬‬
‫*****************‬

‫‪ 10‬يونيو ‪2017‬‬

‫من مذكرة طبيبة سعودية في بريطانيا‬


‫يوم أمس‪ ،‬ولعارض صحي‪ ،‬اضطررت للذهاب إلى طوارئ «مستشفاي» الواقع خارج مدينة لندن في بريطانيا‪ .‬االنتظار في‬
‫الطوارئ يأخذ ساعات ألن األولوية هي للحاالت الحرجة‪ ،‬وأيضا يعتمد على عدد األطباء‪ ،‬والممرضين المتوفرين‪ .‬عند مدخل‬
‫الطوارئ عُلِقت لوحة صغيرة «سبورة» مكتوب عليها مقدار العجز أو «الفائض» في الطواقم الطبية في هذه اللحظة‪ ،‬مثال‪:‬‬
‫ث فقط «عجز»‪ ،‬أو أن يكون عددهن‬ ‫الممرضات في التخصص الفالني‪ ،‬المفروض أن يتوفر سبع ممرضات‪ ،‬والموجود ثال ٌ‬
‫اثنتين‪ ،‬والمتوفر أربع «فائض»‪ .‬هذه اللوحة تساعدك في تقدير درجة الضغط‪ ،‬التي يعاني منها القسم اآلن‪ ،‬وتتفهم لو انتظرت‬
‫«متأزمات»‪ ،‬فتحاول المساعدة‪ ،‬وتخفيف الضغط عليهن بأال تزعجهن‪ ،‬وتهتم بنفسك قدر‬‫ِ‬ ‫طويال‪ ،‬أو لو وجدت الممرضات‬
‫المكان‪.‬‬
‫الخدمات الصحية في بريطانيا هي خدمات حكومية‪ ،‬تُقدَّم لكل السكان مجانا‪ ،‬وسأشرحها باختصار‪ :‬في كل قرية‪ ،‬أو مدينة‪،‬‬
‫توجد وحدة صحية‪ ،‬أو أكثر «حسب تعداد سكان المنطقة»‪ ،‬والوحدة الصحية بسيطة‪ ،‬وهي عبارة عن «استقبال»‪ ،‬وغرف‬
‫كشف‪ ،‬يعمل فيها أطباء‪ ،‬تخصصهم عام‪ ،‬أو أسرة‪ ،‬كما توجد ممرضات‪ ،‬وقد تذهب إلى الوحدة الصحية‪ ،‬وتكون حالتك بسيطة‬
‫فال تقابل إال الممرضة‪ ،‬التي تساعدك فيما تحتاجه‪ ،‬وترجع إلى بيتك «تقيس ضغطك مثال»‪ ،‬وقد تذهب إلى الوحدة لمقابلة‬

‫‪48‬‬
‫يحولك للمستشفى لمقابلة طبيب‬
‫الطبيب‪ ،‬الذي بدوره يكشف عليك «كشفا أوليا سريعا»‪ ،‬ويعالجك إذا كانت حالتك بسيطة‪ ،‬أو ِ‬
‫متخصص‪ ،‬وفي كل منطقة يوجد مستشفى كبير كامل‪ ،‬يخدم عدة مدن وقرى‪ .‬كل المستشفيات‪ ،‬والوحدات الصحية مرتبطة‬
‫ببعضها إلكترونيا‪ ،‬وتعمل معتمدة على قاعدة بيانات واحدة‪ ،‬أي أن الباحث في المجال الصحي‪ ،‬أو المسؤول‪ ،‬يستطيع بـ «كبسة‬
‫زر» أن يعرف كم مريضا أخذ الدواء الفالني اليوم‪ ،‬وكيف صار حالهم‪ ،‬ويستطيع أن يقيِم بسهولة فاعلية دواء معين‪ ،‬أو مدى‬
‫انتشار مرض‪ ،‬وتُبنى على قاعدة البيانات هذه دراسات‪ ،‬وتُتَّخذ قرارات‪ ،‬تُع َّمم على كل المستشفيات‪ ،‬والوحدات الصحية‪ ،‬في‬
‫تطوير مستمر على شكل حلقة «تقييم‪ ،‬تطوير‪ ،‬تقييم‪ ،‬تطوير»‪ ،‬هكذا إلى ما ال نهاية‪.‬‬
‫إذا كنت في المنزل وشعرت بوعكة صحية عندك رقم عام‪ ،‬تتصل به‪ ،‬وتتحدث مع طبيب لكي تستشيره‪ ،‬وقد يعالجك‪ ،‬أو‬
‫«يطمئنك» عن طريق الهاتف‪ ،‬وتنتهي المشكلة‪ ،‬وقد يطلب منك أن تذهب إلى الوحدة الصحية‪ ،‬أو أن تذهب إلى الطوارئ‬
‫بسرعة‪ ،‬وإذا كنت مريضا‪ ،‬أو ال تستطيع الذهاب إلى المستشفى‪ ،‬حينها تتصل بالسعاف‪ ،‬وهناك نوعان من سيارات السعاف‪:‬‬
‫نوع صغير «يشبه سيارات الشرطة»‪ ،‬يأتي بسرعة فائقة فقط لنقاذ حياة المريض‪ ،‬أو المصاب‪ ،‬وتلحقه سيارة السعاف الكبيرة‬
‫لتكمل إسعافه‪ ،‬وتنقله إلى المستشفى‪.‬‬
‫في الطوارئ‪ ،‬وبعد أن تكشف عليك ممرضة الطوارئ كشفا أوليا لتتأكد من أن حالتك ليست خطرة‪ ،‬وال تحتاج إلى إسعاف‬
‫سريع‪ ،‬تطلب منك الذهاب إلى غرفة االنتظار‪ ،‬وتخبرك كم دقيقة ستنتظر‪ .‬لكن «ال تنصدم» إن قالت لك ستنتظر خمس‬
‫َّ‬
‫ساعات‪ ،‬ولو جاء إلى الطوارئ ثالثة أشخاص مصابون في حادث‪ ،‬وحالتهم صعبة‪ ،‬حينها سينشغل كامل القسم بهم‪ ،‬ولن يتمكن‬
‫أحد من خدمتك‪ ،‬ولربما ستنتظر ‪ 12‬ساعة‪ ،‬أو قد تعود إلى المنزل دون عالج‪.‬‬
‫يحتاج المريض إلى أن يفهم أن قسم الطوارئ ليس بديال أسرع للعيادات‪ ،‬ولكن لنقاذ الحاالت الخطرة‪ ،‬أو لـ «تمشية الحال»‬
‫إلى أن تتم َّكن من رؤية طبيب مختص‪.‬‬
‫قابلت سعوديين هنا‪ ،‬وقد كانوا ساخطين على النظام الصحي البريطاني‪ .‬هو يزور الوحدة الصحية‪ ،‬ويتفاجأ من بساطتها‪،‬‬
‫وبدائيتها‪ .‬في الطوارئ يتضايق‪ ،‬وينتقد‪ ،‬وينعتهم بالتخلف ألنهم جعلوه ينتظر ساعات طويلة‪ ،‬و«زهق»‪ ،‬ورجع إلى البيت دون‬
‫عالج‪ ،‬ويقول‪« :‬متخلفو ن حتى في السعودية ما يصير كذا»‪ .‬نعم‪ ،‬تراه يغضب ألنه يفكر بطريقة مختلفة عن البريطانيين‪،‬‬
‫فالبريطاني ال يرى أنه زبون مستهلك للخدمة الصحية‪ ،‬وإنما شريك‪ ،‬ومساهم‪ .‬البريطاني في الطوارئ عنده استعداد ألن ينتظر‪،‬‬
‫ويعلم أن األولوية للحاالت المستعجلة‪ .‬يقرأ ما كُتب على ا للوحة‪ ،‬ويالحظ وجود قلة في عدد الطواقم الطبية المتوفرة‪ ،‬ويفهم أن‬
‫اللوحة عُلِقت لهدف معين‪ ،‬ال ألن تكون زينة‪ ،‬أو استعراضا‪ .‬السعوديون الساخطون ال يفكرون بهذه الطريقة‪ ،‬هم يفكرون بـ‬
‫«نفسية الزبون» الذي يحاول باستمرار تقييم الخدمة المقدمة إليه‪ ،‬والبحث عن خدمة أفضل‪ ،‬أما البريطاني فيفكر بـ «نفسية‬
‫الشريك»‪ .‬وشتان بين الزبون والشريك‪.‬‬
‫******************‬
‫·‬
‫‪ 13‬ديسمبر ‪2017‬‬
‫• من أجرأ ما قرأت ‪-:‬‬
‫على المسلمين االختيار إما محمد 'السنة' أو محمد 'القرآن'‬
‫احتفل الكثيرون في العالم السالمي في األسابيع الماضية بذكرى مولد الرسول عليه السالم‪ ،‬واختلفت طرق االحتفال بين تناول‬
‫الحلوى وحلقات الذكر الصوفية‪ ،‬وكالعادة قاطع السلفيون االحتفاالت ألن االحتفال بمولد الرسول في نظرهم بدعة من بدع‬
‫الشيطان‪ ،‬والسؤال الذي يطرح نفسه حينما نتكلم عن الرسول عليه السالم هو هل محمد الذى جاء في القرآن هو محمد نفسه‬
‫الذى جاءتنا به كتب السنة؟‬
‫وكما اختلفت المذاهب في االحتفال بمولد الرسول‪ ،‬اختلف وتباين وصف "محمد" بين القرآن والسنة بحيث يصل فيها التناقض‬
‫إلى درجة تجعل من االستحالة تصور أن المصدرين (أي القرآن والسنة) يتكلمان عن الشخصية نفسها‪ ،‬فمحمد "القرآن" قد‬
‫يدافع عن نفسه ولكنه ال يعتدى على اآلخرين‪:‬‬

‫‪49‬‬
‫َّللا ال يُحِ بُّ ْال ُم ْعتَدِينَ "‪ ،‬وأما محمد السنة فيقول "أُمرت أن أقاتل الناس حتى‬ ‫َّللا ا َّلذِينَ يُ َقاتِ ُلونَ ُك ْم َوال تَ ْعتَدُوا ِإنَّ َّ َ‬ ‫" َو َقاتِ ُلوا فِي َس ِبي ِل َّ ِ‬
‫"و َما أد ِْري َما يُفعَ ُل بِي َوال بِكُ ْم"‪ ،‬أما‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫يقولوا ال إله إال هللا"‪ ،‬ومحمد "القرآن" ال يعرف ماذا سيحدث له أو لغيره يوم القيامة‪َ :‬‬
‫محمد السنة فهو يعلم الكثير من الغيب فيبشر أفرادا بعينهم يقينا بدخول الجنة (العشرة ال ُمبشَرون بالجنة!)‪.‬‬
‫الر ْشدُ مِنَ ْالغَي ِ"‪ ،‬بل ويؤمن بحرية‬ ‫ين قَدْ تَبَيَّنَ ُّ‬ ‫ومحمد القرآن ليس من حقه أن يُكره أحدا على دخول الدين "ال إِ ْك َراهَ فِي ال ِد ِ‬
‫مِن َو َم ْن شَا َء ف َْليَ ْكفُرْ " أما محمد السنة فهو يقول "من بدل دينه فاقتلوه‪".‬‬ ‫العقيدة "فَ َم ْن شَا َء ف َْليُؤْ ْ‬
‫ص ْف َح ْال َجمِ يلَ"‪ ،‬وأما محمد السنة فهو ينتقم من شاعرة اسمها "أمُ‬ ‫صفَحِ ال َّ‬ ‫ومحمد القرآن أُمر أن يصفح عمن أساء في حقه " فَا ْ‬
‫قرفة" بصورة وحشية تتعارض مع كل مبادئ الضمير والنسانية‪ ،‬وذلك ألنها كانت تهجوه بشعرها فكما ذكر فتح الباري بشرح‬
‫صحيح البخاري في كتاب المغازي باب غزوة زيد بن حارثة ‪ ":‬فجهزه النبي صلى هللا عليه وسلم إليهم فأوقع بهم وقتل أم قرفة‬
‫بكسر القاف وسكون الراء بعدها فاء وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر زوج مالك بن حذيفة بن بدر عم عُيينة بن حصن بن حذيفة‬
‫وكانت معظمة فيهم‪ ،‬فيقال ربطها في ذنب فرسين وأجراهما فتقطعت وأسر بنتها وكانت جميلة‪".‬‬
‫َّللا فَبِ ُهدَاهُ ُم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫س ِلهِ"‪ ،‬بل ويتبع هداهم ويقتدي بهم "أولئِكَ الذِينَ هَدَى َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ومحمد القرآن ال يفرق بين رسل هللا "الَ نُف َِرقُ بَيْنَ أَ َح ٍد مِ ن ُّر ُ‬
‫ا ْقتَ ِدهِ"‪ ،‬أما محمد السنة فهو يقول عن نفسه "أنا سيد ولد آدم وال فخر"‪ ،‬ومحمد القرآن ال يرجم الزانية ألن حد الرجم ليس له‬
‫وجود في القرآن‪ ،‬أما محمد السنة فهو يدعو إلى رجم الزناة بصورة همجية وبشعة‪.‬‬
‫علَ ٰى ُح ِب ِه‬ ‫ام َ‬ ‫َ َ‬ ‫ع‬ ‫َّ‬
‫ط‬ ‫ال‬ ‫ونَ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ُط‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫"‬ ‫برحمة‬ ‫ُعاملهم‬ ‫ومحمد القرآن ال يقتل األسرى في الحروب "فَإِ َّما َمنًّا بَ ْعدُ َو ِإ َّما فِدَاء" بل وعليه أن ي‬
‫مِ ْسكِينا َويَتِيما َوأَسِيرا"‪ ،‬أما محمد السنة فيقتل أسراه بتوحش كما قتل يهود بنى قريظة وسبى نساءهم تبعا لكتب الحديث‬
‫والسيرة‪.‬‬
‫صفهُ َوثلثهُ"‪ ،‬بل وح ُِرمت عليه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ومحمد القرآن ليس شهوانيا فكان يقوم الليل متعبدا هلل " َربَّكَ يَ ْعل ُم أنكَ تقو ُم أدن َٰى مِن ثلثي ِ الل ْي ِل َونِ ْ‬
‫مِن بَ ْعدُ"‪ ،‬أما محمد السنة فهو يجامع تسع زوجات في ليلة واحدة وأوتى كما‬ ‫النساء في آخر مراحل الدعوة " ال يَحِ ُّل لَكَ النِ َسا ُء ْ‬
‫ذكرت كتب الحديث "قوة ثالثين في الجماع‪".‬‬
‫ومحمد القرآن ليس مريضا بمرض البيدوفيليا أو "معاشرة األطفال جنسيا"‪ ،‬فال يقبل أن يتزوج إال بعد أن تبلغ الزوجة األجل‬
‫َاح َحتَّى َي ْبلُ َغ ْال ِكتَابُ أَ َجلَهُ"‪ ،‬أما محمد السنة‬ ‫"و َال تَ ْع ِز ُموا عُ ْقدَةَ النِك ِ‬ ‫المناسب (أي تكون ناضجة جسديا وذهنيا) كما ذكر القرآن َ‬
‫َ‬
‫ع ْن َها قَالتْ‬ ‫َّللا َ‬‫ي َّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫َ‬
‫عائِ َشة َر ِ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫فهو يتزوج طفلة صغيرة عمرها ست سنوات ويعاشرها جسديا وهى في التاسعة من عمرها ‪َ " :‬‬
‫ص َواحِ بُ لِي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِي‬ ‫ع‬ ‫سِت سِ نِينَ‪ ،‬فَأَتَتْنِي أُمِي أ ُ ُّم ُرو َمانَ َو ِإنِي لَفِي أُرْ جُو َ َ َ‬
‫م‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫علَ ْي ِه َو َسلَّ َم َوأَنَا ِب ْنتُ‬ ‫صلَّى َّ ُ‬
‫َّللا َ‬ ‫ي َ‬ ‫‪( :‬تَزَ َّو َجنِي النَّ ِب ُّ‬
‫ض نَفَسِي‪ ،‬ث َّمُ‬ ‫َّ‬
‫ب الد َِّار َوإِنِي ألن ِه ُج َحتى َسكَنَ بَ ْع ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫على بَا ِ‬ ‫َ‬ ‫ص َرخَتْ بِي فَأَتَ ْيت َها ال أد ِْري َما ت ِريدُ بِي‪ ،‬فَأ َخذَتْ بِيَدِي َحتى أ ْوقفَتنِي َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فَ َ‬
‫علَى ْال َخي ِْر َو ْالبَ َر َك ِة‬ ‫ت فَقُ ْلنَ ‪َ :‬‬ ‫صا ِر فِي ا ْلبَ ْي ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫األ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫مِن‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫ْو‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬
‫َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬‫َّار‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫ِي‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫سِي‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫أ‬‫ر‬ ‫و‬ ‫ي‬
‫ِ َ ِ َ َ‬ ‫ه‬ ‫جْ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫تْ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫اءٍ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫مِن‬ ‫ا‬ ‫ْئ‬
‫ي‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫َتْ‬ ‫أَ َخذ‬
‫علَ ْي ِه َو َسلَّ َم ضُحى فَأ َ ْسلَ َمتْنِي إِلَ ْي ِه َوأنَاَ‬ ‫صلى َّ ُ‬
‫َّللا َ‬ ‫َّ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َّ‬
‫صلحْنَ مِن شَأنِي فل ْم يَ ُر ْعنِي إِال َرسُو ُل َّ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نَّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫على َخي ِْر طائِر‪ ،‬فأ ْسل َمتنِي إِل ْي ِه فأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو َ‬
‫يَ ْو َمئِ ٍذ بِ ْنتُ تِس ِْع سِ نِينَ ) رواه البخاري (‪ )3894‬ومسلم( ‪) -1422.‬‬
‫ومحمد القرآن أُرسل كما جاء في القرآن "رحمة للعالمين"‪َ ،‬و َما أَرْ َس ْلنَاكَ ِإ َّال َرحْ َمة ِل ْل َعالَمِ ينَ "‪ ،‬أما محمد السنة فيقول في الحديث‬
‫مِن قَ ْب ِل أَ ْن‬ ‫" لقد جئتكم بالذبح"‪ ،‬ومحمد القرآن ليس من حقه أن يشفع ألحد يوم القيامة " يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا أَ ْن ِفقُوا مِ َّما َرزَ ْقنَاكُ ْم ْ‬
‫ب ِإنَّ قَ ْومِي اتَّ َخذُوا ٰهَذَا‬ ‫الرسُو ُل َيا َر ِ‬ ‫عةٌ"‪ ،‬بل وسيشهد على أمته كما جاء في القرآن " َوقَا َل َّ‬ ‫ِي َي ْو ٌم َال َب ْي ٌع فِي ِه َو َال ُخلَّةٌ َو َال َشفَا َ‬ ‫ْ‬
‫َيأت َ‬
‫ْالقُرْ آنَ َم ْهجُورا"‪ ،‬أما محمد "السنة" فيقول "أمتي أمتي" ويشفع ألمته يوم القيامة فيخرجهم من النار إلى الجنة كما ورد في كت ِ‬
‫ب‬
‫الحديث‪ ،‬فيا ترى من نصدق وصف محمد في القرآن أم وصف محمد فى السنة؟؟‪ ،‬فهما نقيضان ال يلتقيان!‬
‫******************‬

‫‪ 21‬يناير ‪2018‬‬

‫كيف سنحيا غدا ؟!‪ ..‬و كيف ستكون الحياة ؟!‬


‫بأي عالم تعيش؟‬
‫بمقابلة حديثة مع المدير التنفيذي لشركة ديملر بنز (مرسيدس بنز)‪ ،‬قال بأن منافسي شركته لم تعد شركات سيارات أخرى وإنما‬
‫"تيسال" وجوجل وأبل وامازون وأما اآلخرون فهم المنافسون الدائمون الثالثة‪ :‬الموت والضرائب والتغيير‪.‬‬
‫فالبرمجيات ستوقف معظم الصناعات التقليدية خالل الخمس أو العشر سنوات القادمة‪ ،‬فشركة أوبر هي برنامج حاسوبي ال‬
‫يمتلك سيارة واحدة لكنه اليوم أكبر شركة سيارات أجرة في العالم‪ ،‬وشركة "اير بي أن بي" العقارية هي أكبر شركة فنادق‬

‫‪50‬‬
‫بالعالم رغم أنها ال تملك أي عقار‪ ،‬إنه الذكاء الصناعي‪ ،‬فالحواسيب أصبحت أكثر معرفة بالعالم من النسان‪ ،‬والحاسوب غلب‬
‫أفضل العبي اللعبة الذهنية (‪ )GO‬بالعالم هذا العام مستبقا التوقعات بعشرة أعوام‪.‬‬
‫وفي الواليات المتحدة ال يستطيع المحامون الشباب الحصول على عمل اليوم ألن برنامج أي بي ام واتسون القانوني يقدم لك‬
‫مشورة قانونية في القضايا العامة األساسية خالل ثوان بدقة تصل نسبتها إلى ‪ %90‬افضل من نسبة ال‪ %70‬التي يقدمها‬
‫المحامون من البشر‪ .‬فإن كنت تدرس القانون اآلن‪ ،‬توقف حاال‪ ،‬فسوف يتناقص عدد المحامين بالمستقبل بنسبة ‪ %90‬ولن يتبق‬
‫سوى المختصين منهم‪.‬‬
‫ويشخص برنامج واتسون مرض السرطان بدقة أفضل من تشخيص البشر أربع مرات‪ ،‬ولفيسبوك برنامج التعرف على وجوه‬
‫البشر بدقة تفوق قدرة النسان على التعرف‪ ،‬وسيكون الحاسوب في العام ‪ 2030‬أكثر ذكاء من النسان‪.‬‬
‫وبالنسبة للسيارات الذاتية القيادة‪ ،‬فسوف تكون أولى دفعاتها متاحة للعامة في العام القادم ‪ ،2018‬وفي العام ‪ 2020‬سوف تبدأ‬
‫صناعة السيارات التقليدية بالتعثر‪ ،‬فالواحد منا لن يحتاج إلى أن يمتلك سيارة بعد اليوم‪ ،‬فسوف تطلب سيارة عبر هاتفك‬
‫المتنقل‪ ،‬تأتيك حيث أنت وتنقلك حيث تشاء‪ .‬ولن تحتاج لموقف سيارة لتركنها‪ ،‬أنت تدفع قيمة توصيلك حيث تشاء عبر بطاقتك‬
‫البنكية وحسب بل ويمكنك أن تقرأ أو تنجز أعماال أثناء الرحلة‪ ،‬ولن يحتاج أوالدنا مستقبال لرخصة قيادة بل إنهم لن يمتلكوا‬
‫سيارات خاصة بهم أصال‪.‬‬
‫وسوف تتغير المدن حيث سيختفي ‪ %95-90‬من السيارات‪ ،‬ويمكن تحويل مواقف السيارات إلى حدائق عامة‪ ،‬واليوم يموت‬
‫سنويا ‪ 1,2‬مليون بالعالم نتيجة حوادث السيارات حيث يقع حادث كل ‪ 60‬ألف ميل (أي كل ‪ 100‬ألف كيلومتر)‪ ،‬ولكن السيارات‬
‫الذاتية القيادة ستخفض هذه األرقام إلى حادث واحد كل ‪ 6‬ماليين ميل (أي كل ‪ 10‬ماليين كيلو متر)‪ ،‬مما يعني إنقاذ حياة مليون‬
‫إنسان سنويا‪.‬‬
‫وقد تفلس معظم شركات السيارات‪ ،‬وستحاول شركات السيارات التقليدية تبني منهج التطوير بصناعة سيارات أفضل‪ ،‬بينما‬
‫ستحاول شركات التكنولوجيا الحديثة –مثل تيسال وأبل وجوجل‪ -‬تبني منهج التثوير (من الثورة) ببناء حواسيب قيادة‪.‬‬
‫ويعيش كثير من مهندسي فولكسواجن وآودي حالة رعب سببتها لهم سيارة تيسال‪ ،‬وستواجه شركات التأمين مشاكل جمة بدون‬
‫حوادث‪ ،‬وسينخفض التأمين بنسبة هائلة‪ ،‬كما سيتالشى نموذج السيارة المثالية للتأمين‪.‬‬
‫وسوف يتغير عالم العقار‪ ،‬فإن كان بإمكان الواحد منا العمل على الطريق خالل رحلة السيارة الذاتية القيادة‪ ،‬فإنه سينتقل‬
‫لضواحي جميلة وبعيدة عن صخب المدينة‪ .‬وستصبح السيارات الكهربائية هي األكثر انتشارا عام ‪ ،2020‬وسيتراجع ضجيج‬
‫المدن فالسيارات الجديدة تسير على الكهرباء‪ ،‬وستصبح الكهرباء أنظف وأرخص بشكل ال يصدق‪ ،‬وتتزايد استخدامات الطاقة‬
‫الشمسية طيلة السنوات الثالثين الماضية‪ ،‬ونشهد تأثير ذلك الواسع في عالم اليوم‪ .‬فقد تم تركيب مولدات الطاقة الشمسية في‬
‫العام الماضي أكثر مما تم استخدامه من الطاقة الصخرية‪ ،‬وتصارع شركات الطاقة للحد من استخدامات شبكات الطاقة الشمسية‬
‫بالبيوت لكنها لن تصمد طويال‪ ،‬فالتكنولوجيا ستنتصر في النهاية‪.‬‬
‫ومع الكهرباء الرخيصة ستتوافر كميات المياه‪ ،‬فتحلية المياه المالحة اليوم تحتاج ‪2‬كيلوات بالساعة للمتر المكعب بتكلفة ربع‬
‫دوالر فقط‪ ،‬والعالم ال ينقصه الماء‪ ،‬لكن ما ينقصه هو الماء الصالح للشرب‪ ،‬ولنتخيل ما سيكون عليه العالم حين يتمكن أي‬
‫إنسان من الحصول على أية كمية يريد من المياه الصالحة للشرب بثمن بخس‪.‬‬
‫أما في المجال الصحي فإن قيمة الحافظة الثالثية اليدوية سيعلن هذا العام‪ ،‬وستخترع الشركات الطبية جهازا طبيا اسمه الحافظة‬
‫الثالثية المستوحاة من فيلم ستار تريك‪ ،‬وتعمل على هاتف ك الجوال حيث تفحص شبكة العين وعينة الدم وتقيس عملية التنفس‪ .‬ثم‬
‫تعطي هذه الحافظة ‪ 54‬قراءة تشخص أي مرض تقريبا‪ ،‬وسوف تكون رخيصة الثمن بحيث يمكن ألي إنسان على هذا الكوكب‬
‫أن يحصل على تحليل طبي متطور ودقيق بالمجان تقريبا‪ ،‬فوداعا للمستوصفات والمستشفيات‪.‬‬
‫وخالل عشرة سنوات تراجع سعر الطابعة الثالثية األبعاد (‪ )D printing3‬من ‪ 18‬ألف دوالر إلى ‪ 400‬دوالر فقط‪ ،‬وازدادت‬
‫سرعتها بنسبة ‪ ،% 100‬ولقد بدأت شركات األحذية الكبرى بالعالم باستخدام هذه التكنولوجيا فعليا‪.‬‬
‫كما تصنع قطع غيار الطائرات بالطابعة الثالثية األبعاد بمطارات بعيدة‪ ،‬وتغني هذه الطابعة سفن الفضاء عن حمل قطع الغيار‬
‫الكبيرة والثقيلة التي كانت تحملها بالماضي على ظهر السفينة حيث يمكن تصنيعها بالفضاء وبسرعة هائلة بالطابعة الثالثية‪.‬‬
‫وبنهاية العام الحالي‪ ،‬سيكون بهاتفك الجوال القدرة على الطباعة الثالثية هذه بحيث يمكن تصوير القدم بها وطباعة الحذاء الذي‬
‫تلبسه بدقة متناهية داخل منزلك‪.‬‬
‫وفي الصين‪ ،‬بنوا بناية من ستة طوابق بتكنولوجيا الطباعة الثالثية‪ ،‬وفي العام ‪ 2027‬سيكون ‪ %10‬من منتجات العالم مصنعة‬
‫بهذه التكنولوجيا‪.‬‬
‫أما في عالم التجارة واألعمال‪ ،‬فعلى الواحد أن يسأل نفسه قبل القدام على أي عمل تجاري‪ :‬هل سنحتاج هذا المنتج مستقبال؟‬
‫فإن كانت الجابة بنعم‪ ،‬فالسؤال يكون‪ :‬كيف ننتج ذلك بأسرع وقت ممكن؟‬
‫والجابة تكمن في هاتفك الجوال‪ ،‬فعليك التخلي عن الفكرة إن كان ما تريد إنتاجه ال يرتبط بهاتفك الجوال‪ ،‬فما كان مصمما‬
‫للنجاح بالقرن العشرين‪ ،‬محتوم بالفشل بالقرن الحادي والعشرين‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫الوظائف وفرص العمل‪ :‬ستتالشى ‪ %80-70‬من المهن واألعمال خالل العشرين سنة القادمة‪ ،‬صحيح أنه ستتوافر فرص عمل‬
‫كثيرة‪ ،‬ولكن توفرها سيتطلب وقتا أطول من ذلك‪.‬‬
‫وعلى صعيد الزراعة‪ ،‬سيقوم إنسان آلي قيمته ‪ 100‬دوالر بالزراعة بالحقول بحيث يتحول مزارعو العالم الثالث إلى مدراء‬
‫لمزارعهم بدال من الكدح طيلة النهار بحراثتها وسقيها‪.‬‬
‫وال تحتاج الزراعة المعلقة لكميات كثيرة من الماء‪ ،‬وقد تم إنتاج أول طبق مخبري للحوم األبقار وسيكون أرخص من اللحوم‬
‫العادية عام ‪ ،2018‬ففي عالم اليوم تستحوذ األبقار ومزارع أعالفها على ‪ %30‬من األراضي الزراعية بالعالم‪ ،‬فماذا يمكن أن‬
‫يكون عليه عالم الزراعة لو لم نعد بحاجة لتلك المساحات؟ وستخرج شركات جديدة تنتج بروتين الحشرات لألسواق والذي‬
‫يحتوي على بروتين أكثر من اللحوم‪ ،‬سيلصق على هذه المنتجات ما يشير إلى أنها "مصدر بروتين بديل" وذلك ألن كثير من‬
‫الناس يرفض أكثر الحشرات‪.‬‬
‫كما يوجد تطبيق اسمه (موديز) أو أمزجة‪ ،‬يمكنه قراءة مزاجك‪ ،‬وسيكون بالعام ‪ 2020‬تطبيق يكتشف الكاذب من خالل تعابير‬
‫وجهه‪ ،‬تخيلوا ما ستكون عليه المناظرات السياسية حين قراءة وجه تعابير السياسي وما إذا كان يقول الحقيقة أم أنه كاذب‪.‬‬
‫وقد تصبح العملة الرقيمة (‪ )Bitcoin‬هي العملة العالمية دون الحاجة لبنوك مركزية‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمعدالت األعمار والتي تزيد بنسبة ثالثة أشهر كل عام‪ ،‬فقد زادت من ‪ 79‬إلى ‪ 80‬عاما خالل السنوات األربع‬
‫الماضية‪ ،‬وهذه الزيادة هي في حد ذاتها في حالة ازدياد مضطرد‪ ،‬ففي العام ‪ 2036‬سوف تصبح الزيادة سنة ميالدية لكل عام‬
‫ميالدي‪ ،‬وسوف يعيش النسان لمدة تطول قد تتجاوز المائة عام‪.‬‬
‫أما التعليم فهو مرتبط بالهواتف المتنقلة التي تبلغ قيمتها اليوم ‪ 10‬دوالرات بآسيا وأفريقيا‪ ،‬وسيمتلكها ‪ %70‬من سكان العالم‬
‫عام ‪ 2020‬وهو ما يعني دخول أي تلميذ إلى عالم التعليم النوعي الذي يتمتع به أطفال العالم "األول" وااللتحاق بأكاديمية خان‪.‬‬
‫وقد تم إطالق تطبيقات لهذه األكاديمية بأندونيسيا وقريبا ستظهر تطبيقاتها بالعربية والسواحيلية والصينية خالل هذا الصيف‪.‬‬
‫ومن المفيد جدا لو أننا أطلقنا هذا التطبي ق مجانا باللغة النجليزية بحيث أن أطفال أفريقيا والعالم بأكمله سيتقنون االنجليزية‬
‫بطالقة خالل نصف سنة فقط‪.‬‬
‫*****************‬

‫‪ 4‬فبراير ‪2018‬‬

‫عادل الخياط‬
‫إنه أحد أجمل و أنبل و أعظم من زاملت فى حياتى ؛ "د‪ .‬عادل الخياط‪ .".‬زاملته فى مستشفى الملك سعود فى "عنيزة‪-‬القصيم"‪،‬‬
‫منذ أخريات العام ‪ ، 1993‬ثم شاءت األقدار أن نجتمع ثانية فى "مجمع الملك فهد الطبى العسكرى" بالظهران‪ ،‬لكى نفترق ثالثة‬
‫فى العام ‪ ، 2009‬إذ غادرته أنا ال ى مستشفى الملك فهد التخصصى بالدمام‪ ،‬و لكننا بقينا على اتصال‪ ،‬بحكم الجوار فى السكن‪،‬‬
‫داخل مجمع الحيدر السكنى‪.‬‬
‫إنه عادل الخياط ‪ ،‬الذى لم أكن أتخيل يوما أن أرثيه ‪ ..‬اليوم رحل ؛ صديق الجميع و أخ كل الناس و طبيب كل األوجاع و‬
‫اآلالم‪ .‬كان دائما و أبدا معلما متساميا مترفعا‪ ،‬نأتى إليه بصغائرنا و هفواتنا فنلقيها عند قدميه ‪ ،‬و ننتظر منه الجواب و الحل و‬
‫الحتواء‪ .‬كان دائما كبيرا ‪ ،‬أكبر من كل األشياء و كل البشر‪ .‬رأيته منذ يومين (فى مستشفى الهدا العسكرى بالطائف)‪ ،‬بعدما‬
‫فقدوا فى شفائه األمل) ‪ ، ( DNR‬تصورت أنى سوف أنهار عندما أجده فى فراش المرض الخبيث‪..‬‬
‫لكنى وجدته قويا ‪ ،‬أقوى من المرض‪ ،‬ووجدت نفسى أمامه ؛ أخوه الصغير ‪ ،‬الذى طالما كان يزعجه بصغائره و هفواته‪ .‬لم‬
‫أكن أنتظر ردوده ‪ ،‬التى احتبست خلف قناع األكسجين‪ .‬و حين شعرت أنى أزعجته – كالعادة – بما فيه الكفاية‪ ،‬انصرفنا (أنا و‬
‫صديقنا المشترك "أحمد رسمى") على وعد بالعودة لزعاجه فى يوم آخر‪.‬‬
‫و اليوم علمت بأن هذا الوعد باللقاء‪ ،‬قد ألغى نهائيا و إلى األبد‪ .‬فلقد رحل "عادل الخياط" عن عالمنا اآلن‪ .‬رحل حتى يستريح‬
‫من إزعاجى و يستريح من هذا العالم المزعج‪.‬‬
‫اليوم ال يبدو العالم بدونك يا عادل ‪ ،‬كما كان و أنت تزينه‪.‬‬
‫سامحنا يا عادل على كل أخطائنا فى حقك‪ ،‬و على كل ما سببته لك أنا و غيرى من إزعاج‪ .‬و لعلنا يوما ما نلقاك ‪ ..‬فى عالمك‬
‫المالئكى ‪ ..‬بعيدا بعيدا ‪ ..‬حيث أراك ترفل فى سعادة سرمدية‪ .‬فهل سوف تتذكرنا و تحن إلينا ‪ ،‬كما نبكي فراقك اليوم ؟؟!!‬

‫‪52‬‬
‫***************‬

‫‪ 26‬فبراير ‪2018‬‬

‫"منى بكر" أسطورة النانوتكنولوجي‪ ..‬رحلت في غموض!‬


‫ولدت الدكتورة منى بكر‪ ،‬في حي الوليدية بمدينة أسيوط‪1971،‬م ولكنها لم تمكث كثيرا ونزحت إلى القاهرة بحثا عن العلم‪،‬‬
‫ووصلت إلى درجات عالمية في مجال النانو تكنولوجي‪ ،‬إال أن المرض أصابها ولم يمهلها القدر حتي تحقق ما سعت إليه من‬
‫تطبيق فعلي للنانوتكنولوجي لمساعدة المصريين في تحسين معيشتهم باستخدام كل ما هو متاح في بيئتهم‪.‬‬
‫منى أصابها مرض نادر وتأخرت حالتها بشكل ملفت للنظر ما استدعي نقلها إلى مستشفي خاص‪ ،‬ثم إلى قصر العيني‬
‫الفرنساوي لتتلقى عالجها‪ ،‬وقرر األطباء المعالجون إجراء عدة عمليات جراحية لنقاذها من عدوى بكتيرية أصابت أطرافها‪،‬‬
‫وبدأت بعدها بتحسن كبير‪ ،‬وفجأة دون مقدمات انهارت قواها أمام هجمة بكتيرية على جسدها النحيل‪ ،‬ولفظت أنفاسها األخيرة‪.‬‬
‫والتحقت بقسم الكيمياء بكلية العلوم‪ ،‬واحتلت المرتبة األولى علي دفعتها المكونة من ‪ 120‬طالبا‪ ،‬بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف‬
‫من جامعة أسيوط عام ‪ ،1991‬كما حصلت على الماجستير في الكيمياء الفيزيائية من جامعة أسيوط سنة ‪ ،1994‬ودكتوراه‬
‫الفلسفة في الكيمياء الفيزيائية‪ ،‬من معهد جورجيا للتكنولوجيا بالواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬تحت إشراف الدكتور مصطفي‬
‫السيد‪.‬‬
‫ويذكر أن مجاالت أبحاث العالمة تمثلت في تركيبات وخصائص بلورات النانو المعدنية والمغناطيسية وشبه الموصلة ذات‬
‫األشكال واألحجام المختلفة ونشرت أكثر من‪ 56‬مقالة علمية في مجالت دولية ولها أربع براءات اختراع دولية‪ ،‬وكانت تتولى‬
‫إدارة إحدى الشركات ألبحاث النانو تكنولوجي‪.‬‬
‫وحصلت منى على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم التكنولوجية المتقدمة عام ‪ ،2009‬وكانت لديها مدرسة علمية كبيرة تضم‬
‫أكثر من‪ 43‬طالبا للدراسات العليا وحضرت الدكتورة منى أكثر من ‪ 40‬مؤتمرا عالميا‪ ،‬وعملت كباحث رئيسي في استخدام‬
‫جسيمات النانو فضة في الصناعة لتعقيم المنتجات من الفيروسات والبكتيريا‪ ،‬وكرمتها مؤسسة "مصر الخير" لكونها واحدة من‬
‫أهم ‪ 5‬علماء مصريين والمرأة الوحيدة من بين المكرمين الذين تم االستعانة بدراستهم كمرجعية دولية واالستشهاد بها في‬
‫األوراق البحثية‪.‬‬
‫وصنفت في رقم ‪ 20‬وفقا للمؤشر الدولي الذي يصنف كافة العلماء طبقا لتخصصاتهم‪ ،‬وهو ما وضعها ضمن قائمة العلماء‬
‫المرجعيين في مجال النانوتكنولوجي‪ ،‬حيث تم االستشهاد بأبحاثها أكثر من ‪ 1800‬مرة ‪ ،‬وكان آخر منصب تقلدته العالمة‬
‫الراحلة هو مدير المركز المصري للنانو تكنولوجي‪.‬‬
‫الناس صنفان‪ ،‬صنف يفضل أن يكون ترسا في ماكينة دائرة بالفعل‪ ،‬وصنف أخر يكافح من أجل أن يصنع الماكينة‪ ،‬وأنا صنعت‬
‫مصنعا بالكامل"‪ ،‬هكذا كانت فلسفة عالمة النانوتكنولوجي‪ ،‬منى بكر‪ ،‬والتي رحلت عن عالمنا فجأة في ظروف أحيطت بالسرية‬
‫من معارفها وذويها‪ ،‬ربما تنفيذا لوصيتها‪ ،‬إال أن االقتراب من التفاصيل يقطع بأسطورية هذه المرأة االستثنائية‪ ،‬والتي يتزامن‬
‫الكشف عن بعض جوانبها مع اليوم العالمي للمرأة‪ ،‬ألنها بحق امرأة ال تعرف الحدود أو المستحيل‪.‬‬
‫دهشة الفراق ما زالت تسيطر على تالميذها وأسرتها‪ ،‬برغم مكوثها ‪ 4‬أشهر بالمستشفى قبل أن تغادر الحياة‪ .‬لم يتوقع أحد من‬
‫المحيطين بالدكتورة منى بكر‪ ،‬أستاذة النانوتكنولوجي‪ ،‬أن ترحل فجأة‪ ،‬ربما تأتي الصدمة من مدى صمودها وصبرها وتحملها‬
‫للمرض وتظاهرها بالقوة أمام تالميذها الذين كانوا يرسلون لها أبحاثهم لتراجعها من سريرها‪ ،‬وترسل لهم التعديالت وتساعدهم‬
‫في األبحاث كما أنها لم تترك ورقة على مكتبها منتظرة توقيعها حتى ال تعطل دورة العمل داخل منظومة البحث العلمي‪.‬‬
‫"كان األطباء يجروا لها عمليتين جراحيتين في اليوم‪ ،‬وبرغم هذا كانت تعمل دون نوم تقريبا ألخر لحظة في حياتها"‪ ،‬هذه أخر‬
‫صورة تركتها الدكتورة منى بكر عالمة النانو تكنولوجي وصاحبة أول شركة في مصر والعالم العربي للنانو تكنولوجي‪ ،‬أكثر‬
‫من ‪ 100‬رسالة دكتوراة وماجيستر أشرفت عليها منى بكر ومعظم تالميذها في أكبر جامعات حول العالم يرفعون اسم مصر‬
‫ويتغنون باسم أستاذتهم الجليلة ويدرسون مناهجها وأبحاثها لتالميذهم‪.‬‬
‫مين ما يحبش منى بكر؟‬

‫‪53‬‬
‫يقول أحد تالميذها ‪،‬لم يكن لها أعداء إال الدكاترة العاطلون "الموظفين" على حد تعبيره‪ ،‬الذين يحضرون للجامعة ليقضوا‬
‫ساعات العمل ويحصلون على المرتب والترقية دون تقديم بحث يفيد الناس ودون المشاركة في دفع عجلة البحث العلمي لألمام‪،‬‬
‫كانوا يحقدون على المنصب الذي وصلت له‪ ،‬كيف تكون أصغر منهم بكل هذه األعوام وتدير المركز المصري للنانو تكنولجي‬
‫التابع لجامعة القاهرة‪.‬‬
‫كيف غيرت مركز النانو تكنولوجي؟‬
‫‪ 9‬أشهر‪ ،‬هي المدة التي رأست فيها منى بكر إدارة المركز المصري للنانو تكنولوجي‪ ،‬ولكنها الشهور األلمع منذ ‪ 5‬سنوات منذ‬
‫بداية افتتاحه‪ ،‬وضعت بكر الجدول الزمني لخروج أول أبحاثها للنور‪ ،‬في شهر مايو ‪ ،2017‬ولكنها لم تكن تعلم أنها لن ترى‬
‫مصر تتخلص من "قش األرز" لألبد‪ ،‬وتحوله لمواد كيميائية توفر الكثير من العملة الصعبة للدولة‪.‬‬
‫ماذا فعلت منى بكر براتبها وجائزة الدولة التشجيعية؟‬
‫حصلت منى بكر على جائزة الدولة التشجيعية عام ‪ 2009‬وكانت قيمة الشيك ‪ 50‬ألف جنيه‪ ،‬توجهت فورا لشراء جهاز للمعمل‬
‫لخدمة النانو تكنولوجي "علم الفقراء" و"كنز الدول الفقيرة" كما علمت تالميذها‪ ،‬وكما علمها الدكتور مصطفى السيد العالم‬
‫الكبير‪ ،‬فالنانو تكنولوجي ببساطة هو استغالل كل ما هو موجود حولك داخل بيئتك‪ ،‬لتستخرج منه شيئا مفيدا يخدم المجتمع بأقل‬
‫تكلفة ممكنة‪ ،‬بحسب رأي العالمة الراحلة‪.‬‬
‫لماذا رفضت منى بكر ‪ 25‬ألف دوالر شهريا عام ‪2012‬؟‬
‫كانت حديث الجامعة وأوساط البحث العلمي‪ ،‬الدكتورة التي أذهب العلم بعقلها وأنساها الدنيا‪ ،‬رفضت عرضا للتدريس بجامعة‬
‫بسنغافورة فورا مقابل ‪ 25‬ألف دوالر شهريا عام ‪ ،2012‬ولم يكن هذا العرض األول وال األخير‪ ،‬ولكنه العرض الذي تسرب‬
‫ألسماع األخرين‪ ،‬فكانت ترفض دون أن تُعلم أحدا ولم تعطي أدنى اهتمام إال لمعملها وأبحاثها‪ ،‬لم تهتم بتكوين أسرة كأمثالها من‬
‫البنات‪ ،‬كانت أبحاثها تعوضها عن الزوج واألطفال وعن بعدها عن األهل واألحباب بالصعيد‪ ،‬وكأن كل تالميذها حول العالم‬
‫يمثلون عائلة دولية كبيرة‪.‬‬
‫تركت أسرتها وارتحلت للقاهرة‪ ،‬ليس لجمع المال والجوائز‪ ،‬تركتهم لتعيش من أجل العلم وروح العلم التي فاضت على روحها‪،‬‬
‫فكانت أكثر من أحس بالناس‪ ،‬فيذكر لها الجميع حين دفعت رواتب شهر لبعض الموظفين بالمركز من مالها الخاص‪ ،‬تحت‬
‫قناعة "الناس تعبانة‪".‬‬
‫منى بكر دافعت عن علماء مصر المهاجرين بالخارج‪.‬‬
‫لم تكن منى بكر وجها إعالميا‪ ،‬كانت قليلة الظ هور‪ ،‬وكان مبدؤها العمل أفضل من الكالم‪ ،‬ففي أحد اللقاءات التليفزيونية سألها‬
‫المذيع‪ :‬لماذا يهرب علماء مصر للخارج؟‪ ،‬أجابت‪ :‬الناس نوعان‪ ،‬نوع يحب أن يكون ترسا في ماكينة دائرة بالفعل‪ ،‬ونوع‬
‫يصنع الماكينة من البداية‪ ،‬وأنا محظوظة إنني قدرت أن أجد الحلقة المفقودة بين األبحاث العلمية والمصانع والنتاج ليساندني‬
‫رجال األعمال بمصر ويدعمون مشروعي‪.‬‬
‫منى بكر عالمة النانو تكنولوجي المصريةمنى بكر عالمة النانو تكنولوجي المصرية‬
‫الحلقة المفقودة التي بحثت عنها منى طوال حياتها‪.‬‬
‫قالت منى‪" :‬الباحثين في مصر لم يتعلموا كيف يربطوا بين األبحاث على الورق وبين احتياجات المجتمع‪ ،‬فيرفضها صندوق‬
‫التنمية للعلوم التكنولوجية الذي ال تقل ميزانيته عن ‪ 500‬مليون جنية سنويا‪ ،‬لذلك تتحول أغلب األبحاث واالختراعات العلمية‬
‫لورقة في السيرة الذاتية محفوظة ببراءة اختراع‪".‬‬
‫تضيف "خارج مصر يسطيعون أن يخرجوا األف كار من الورق للمصنع‪ ،‬وهذا ما ينقصنا فقط‪ ،‬وهذا ما أسعى لعمله وعلى األقل‬
‫مصنع لعمل ماكيتات ونماذج صغيرة ألبحاث العلماء المصريين حتى نجرب نتائجها ونكبر ما يستحق منها‪".‬‬
‫ولكنها رحلت وتركت المركز يتيما بعد فقدان أم حنون‪ ،‬تركت تالميذها يجمعون أوراقها ويواسون بعضهم البعض‪ ،‬ويتساءلون‬
‫لماذا منى بكر تكون الواحد من كل ‪ 50‬مليون إنسان ليصيبها هذا المرض النادر‪ ،‬الذي أنهى حياتها بعد ‪ 4‬أشهر‪ ،‬رفضت فيهم‬
‫أن تتابع عالجها خارج مصر‪ ،‬وقالت‪ :‬أثق بعلماء وطني‪ ،‬حتى وإن مت أموت بوطني‪.‬‬
‫شخص الدكتور محمد علي الداروتي‪ ،‬استشاري األمراض الجلدية‪ ،‬المشرف على حالة الدكتورة منى بكر حالتها المرضية بـ‬
‫‪ ،cold agglutinin syndrome‬وهو مرض نادر‪ ،‬وهو عبارة عن أجسام مضادة تهاجم كرات الدم الحمراء في األوعية‬
‫الدموية المغذية لألطراف‪ ،‬وتنشط في البرودة الشديدة‪ ،‬مما يسبب "غرغرينا" في األطراف‪ ،‬مضيفا "سرعان ما تمت السيطرة‬
‫على المرض وإجراء عمليات ترقيع للجلد للقدم اليمنى تحت إشراف دكتور عمرو زكي استشاري الجراحات التجميلية‬
‫بمستشفى القصر العيني‪".‬‬
‫ولكن "الداروتي" أرجع سبب الوفاة لصابتها بصدمة صديدية نتيجة الجلوس بالمستشفى فترة طويلة وعدم الحركة‪ ،‬وإصابتها‬
‫بعدوى بكتيري ة من الجو‪ ،‬وهذا األمر ال يرجع لعدم نظافة المسشتفى ولكنه يحدث بجميع مستشفيات العالم‪ ،‬ويؤكد أستاذ الجلدية‬
‫على أن حالة الدكتورة منى كانت بدأت في التماثل للشفاء‪ ،‬لكن حالتها تدهورت فجأة بسبب مضاعفات العدوى البكتيرية‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫حالة من الصمت المطبق يلتزمها األصدقاء واألقا رب‪ ،‬رافضين "تقليب المواجع" حفاظا للمرأة القوية على ذكرى األيام‬
‫الماضية الشحونة بعواطف متضاربة‪ ،‬يغلب عليها عدم تصديق رحيلها المفاجئ‪ ،‬لكن تبقى كلماتها وأعمالها وإنجازاتها وبقايا‬
‫روحها التي تحلق في األماكن وقودا لالستمرار المسيرة التي حفرتها منى بكر لنفسها ورسمته لتالميذها من بعدها‪.!!.‬‬
‫********************‬

‫‪ 8‬مارس ‪2018‬‬

‫د‪ .‬أحمد عمار‬


‫فخور اننى شرفت بالعمل تحت رئاسة هذا النابغة العالمى و رائد جراحة المخ و األعصاب فى المنطقة‪ .‬سعدت بالعمل معه فى‬
‫لجنة "خطة مواجهة الكوارث ‪" ( Disaster Plan' Committee ),‬فى "مجمع الملك فهد الطبى العسكرى بالظهران" ‪،‬‬
‫بالطبع كان هو الرئيس‪ ،‬و كنت انا احد األعضاء الذين تأثروا بعلمه و أخالقه و شخصيته اآلسرة المتواضعة ‪ ،‬رغم إنجازاته‬
‫العالمية‪ .‬ذلك هو األستاذ الدكتور "أحمد عمار ‪ ، " Ahmed SH Ammar‬أستاذ جراحة المخ و األعصاب فى كلية الطب‬
‫بجامعة الملك فيصل ‪ /‬الدمام ‪ .‬شاهدته بانبهار و حب شديدين فى برنامج "وصال" على الفضائية المصرية‪ ،‬هذا المساء ‪.‬‬

‫شرفتنا و نتشرف بك دوما يا دكتور عمار 🏵🏵🏵🏵👍👍👍‬


‫************‬

‫‪ 17‬مارس ‪2018‬‬

‫‪I won "The Star Award", on 15th of March 2018.‬‬


‫‪Thanks a million to all of you; Dr. Saleh Al Heteila , our chief, my colleagues, our nursing staff‬‬
‫‪& to everyone who nominated me for this precious & prestigious award.‬‬
‫‪Really you made my day, as your beautiful hint came in time, as an answer to the Q. of the end‬‬
‫‪of service :- was I doing fair to patients, colleagues, community & to life as a whole??.‬‬
‫‪Your nice & kind gesture was a loving hand on my shoulder @ the end of a long & tiresome‬‬
‫‪race, to tell me that ; whatever I did, was watched & appreciated.‬‬
‫‪Again & again ; I'm so pleased & so grateful to you, guys.‬‬
‫*****************‬

‫‪ 18‬مايو ‪2018‬‬
‫عودة "عبد هللا بن بخيت" !!‬
‫لم أكن أدرك معنى التغييرات التى تحدث من حولى‪ ،‬إذ كنت أظنها من لوازم التطور الحياتى الراهن ‪.‬‬
‫كان ذلك كذلك حتى شاهدت بالصدفة حلقة أمس من برنامج "مجموعة إنسان ) ‪ " ( mbc‬مع األديب و الكاتب المشاكس "عبد‬
‫هللا بن بخيت" إثر عودته من كندا بعد ‪ 8‬سنوات من االغتراب االختيارى‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫يقول "بن بخيت" أنه فى أواخر التسعينيات وجد رفاقه مغتبطين فرحى بفتوى الشيخ الجليل ؟؟ ؛ أنه يمكن للرجل أن يتبول واقفا‬
‫طالما لم تطله نجاسة ‪.‬و أضاف اديبنا‪ -:‬رأيت رفاقى يمتدحون سماحة السالم و رحمته ‪ ،‬ذلك الذى أباح أخيرا للرجل أن يتبول‬
‫واقفا!!‬
‫يقول "بن بخيت" ‪ -:‬لقد فجعت فى تلك العقول التى قزمت السالم العظيم إلى درجة أن ترى أن اعظم مآثر الدين الذى نزل به‬
‫جبريل من فوق سبع سموات‪ ،‬أن يشرح للرجل كيف يتبول!!‬
‫‪....‬‬
‫‪....‬‬
‫عند هذا الحد أدركت أن عودة "عبد هللا بن بخيت" من اغترابه ‪ ،‬هو تأطير لمرحلة نهضوية تحل العقل النقدى محل النقل‬
‫النكدى‪ ،‬فترد العربى إلى قافلة النسانية التى فارقته إلى آفاق اجمل و أرحب من "مرحاضه" المقدس‪!!!.‬‬
‫*****************‬

‫‪ 22‬يونيو ‪2018‬‬

‫لماذا خسرنا فى كاس العالم؟!‬


‫أنت حزين جدا ألن منتخب بالدك خرج من كأس العالم «فعليا وبالحسابات» في الدور األول‪ ،‬ما لم تحدث معجزة كروية‬
‫ورقمية في المباريات األخيرة‪ ..‬وألننا لسنا في عصر المعجزات‪ ..‬لذا دعني أخفف عنك حزنك بالمنطق وليس بالطبطبة!‪...‬‬
‫تعرفون أنني من المتفائلين ودعاة التفاؤل دائما‪ ..‬لذلك أطلب منكم أن تنظروا معي في األمر بتحليل عقلي منطقي بعيدا عن‬
‫العواطف‪ ..‬فما أسهل أن أداعب عواطفكم وأحالمكم‪ ..‬فأخدع نفسي وأخدعكم‪!..‬هكذا نحن‪ ..‬وهذا هو واقعنا دون تجميل أو‬
‫رتوش‪ ..‬ماذا كنت تنتظر من منتخب مصر أكثر من التمثيل الضعيف في أقوى بطولة كروية في العالم؟!‪ ..‬أكنت تحلم‬
‫باالنتصارات والوصول للدور الثاني‪ ..‬أو على األقل أال نكون أول منتخب يخرج من البطولة؟!‪ ..‬ليه وبأمارة إيه‪ ..‬وعلى حساب‬
‫مين‪..‬؟!‬
‫دعنا نتفق أن منتخبنا من أفضل ‪ 32‬منتخبا في العالم وفقا للبطولة‪ ..‬وربما نتفق أو نختلف أن العبينا لم يقصروا في الروح‬
‫القتالية واألداء الرجولي‪ ..‬ولكن هذه هي إمكانياتهم الفنية والبدنية والحضارية والثقافية‪ ..‬واألهم العلمية والدارية‪ ..‬الواقع يقول‬
‫إن مصر متفوقة كرويا عنها في كل مجاالت الحياة‪ ..‬فكيف نتوقع من منتخبنا تفوقا على تفوق بالشعارات واألمنيات و«تي‬
‫شيرتات» الفنانين والعالميين ونواب البرلمان في فندق ومدرجات كأس العالم‪..‬؟!‬
‫نحن في ذيل القائمة بين األمم في كل التصنيفات‪ ..‬فلماذا ننتظر من العبين واتحاد كرة وجهاز فني أن ينتصروا في البطولة‬
‫يا سادة‪ ..‬نحن في ذيل القائمة بين األمم في كل التصنيفات‪ ..‬فلماذا ننتظر من العبين واتحاد كرة وجهاز فني أن ينتصروا في‬
‫البطولة‪ ،‬مع أنهم نتاج مجتمعنا المتخلف في كل شيء‪ ..‬علما وتعليما وابتكارا وإنتاجا وتحضرا وأخالقا‪..‬؟ لقد حمل المنتخب‬
‫على ذات الطائرة «بنفسجية اللون» عقولنا الخاملة‪ ،‬وجهلنا وتكاسلنا وسلبيتنا وسوء الدارة لكل شيء وأي شيء‪ ..‬بل إن‬
‫طائرتهم وحقائبهم حملت مشاكلنا وأزماتنا وفسادنا وتراجعنا الدائم‪ ..‬ألم تسأل نفسك‪ :‬هل تحتل مصر موقعا متقدما عن موقعها‬
‫في كرة القدم في أي تصنيف أو مؤشر عالمي‪..‬؟! أجب أنت‪ ..‬وال تغضب!‪.‬‬
‫ال تغضب من منتخب بلدك ألننا نحتل المركز ‪ 129‬في جودة التعليم من بين ‪ 137‬دولة وفقا لمؤشر التنافسية العالمية الصادر‬
‫عن المنتدى االقتصادي العالمي لعام ‪ ..2018/2017‬ليس هذا فقط‪ ،‬بل إننا في المركز ‪ 130‬في جودة تعليم الرياضيات‬
‫والعلوم‪ ،‬و‪ 124‬في جودة إدارة المدارس‪ ،‬والمركز ‪ 100‬في التعليم الجامعي والتدريب‪ ..‬فلماذا نهاجم منتخبنا وهو يلعب بين‬
‫أقوى ‪ 32‬منتخبا في العالم؟!‪ ..‬ثم إنه يا أخي اسمه «منتخب»‪ ..‬ال يتشكل من انتخاب واختيار العبين فحسب‪ ..‬وإنما هو «تمثيل»‬
‫لمجتمع وأمة وابن شرعي لدولة كاملة!‪..‬‬
‫ال تغضب وكفكف دموعك وحزن أوالدك‪ ..‬ده آخرنا وتمامنا في كأس العالم‪ ..‬زي بالضبط تمامنا في االقتصاد واالستثمار‪..‬‬
‫فرغم التحسن االقتصادي البطيء خالل السنوات األخيرة‪ ..‬فإن مصر التزال في قائمة الدول ذات االقتصاد الهش والمشوه‪..‬‬
‫ويكفي أن نعرف أن التقرير الصادر عن المنتدى االقتصادي العالمي لعام ‪ 2017‬صنف مصر ضمن مجموعة الدول النامية‬
‫والتي تضم ‪ 79‬دولة‪ ،‬وجاءت في المركز ‪ 73‬ضمن المجموعة‪ ..‬كما حلت ضمن مجموعة الشريحة الدنيا من الدول متوسطة‬
‫الدخل‪ ،‬وعددها ‪ 37‬دولة‪ ..‬وبصرف النظر عن دهشتي الدائمة من دولة مصنفة «نامية» منذ أكثر من نصف قرن‪ ،‬وال تنمو‬
‫وكأن النمو جاء عندنا و«مااشتغلش»‪ ،‬فإننا في كرة القدم يأتي ترتيبنا في أغلب الفترات ضمن أقوى ‪ 40‬دولة في العالم!‪..‬‬

‫‪56‬‬
‫يمكنك أن تقيس على ذلك ترتيبنا وتصنيفنا في كافة المؤشرات ومجاالت الحياة‪ ..‬في الشفافية وتراجع الفساد نحتل المركز‬
‫‪ ..117‬في البحث العلمي والتطوير مركزنا ‪ 52‬واالبتكار ‪ ..105‬وحقوق النسان ‪ 112‬والرعاية الصحية ‪ ..97‬إذن فنحن ال‬
‫ننافس أحدا في أي مجال‪ ..‬فكيف ننافس أباطرة كرة القدم في الكرة؟!‪ ..‬وتخيل معي كيف سيكون حال مصر إن هي تقدمت في‬
‫التعليم وأصبحت ضمن أفضل ‪ 32‬دولة في العالم‪ ..‬وكيف سيكون حالنا إن كسبنا دول أوروبا في العلم واالقتصاد واالستثمار‬
‫والدارة واألخالق والضمير؟!!‬
‫ال تغضب‪ ..‬ألننا أصل المشكلة‪ ..‬فأنا وأنت نأكل ما ال نزرع‪ ،‬ونستخدم ما ال ننتج‪ ،‬وال يطرف لنا جفن حين نرى العالم يحلق في‬
‫السماء‪ ،‬ونحن ننظر له مندهشين ف ي انتظار «الفتات» يتساقط علينا‪ ..‬حتى النعم التي حبانها بها هللا عز وجل ال نجيد استثمارها‬
‫وتوظيفها‪ ..‬انظر تحت قدميك وسترى ثروة أثرية نادرة وضخمة‪ ،‬ومع ذلك ال نحقق من السياحة ما تحققه أمة بال تاريخ‪ ..‬وإن‬
‫أردت واقعية أكثر إنصافا لمنتخبنا ضع النسان المصري في مواجهة بسيطة مع مواطن آخر في أوروبا وآسيا‪ ،‬وقارن بين ما‬
‫يحصل عليه االثنان منذ والدتهما‪ ،‬ستجد أن الخامة البشرية مختلفة علميا وثقافيا وإبداعيا وأخالقيا‪ ..‬فلماذا تقسو على العبينا مع‬
‫أن الواقع يؤكد أنهم لم يلعبوا وحدهم في روسيا‪ ..‬أنا وأنت وكلنا كنا في الملعب‪ ..‬فجاء أداؤنا مثل أدائنا في كل شيء‪ ..‬وربما‬
‫أفضل!‪..‬‬
‫كرة القدم‪ -‬يا سادة‪ -‬علم‪ ،‬واالحتراف إدارة‪ ..‬ونحن ليس لنا في العلم وال في الدارة‪ ..‬وإن أردنا المنافسة في الكرة‪ ،‬فالبد أن‬
‫ننافس أوال في البداع والعلوم والثقافة والنتاج والشفافية وحقوق النسان‪ ..‬ودون ذلك سنفرح كل ‪ 20‬أو ‪ 30‬سنة بصعودنا‬
‫لكأس العالم‪ ..‬ثم نحزن لخروجنا المبكر من كأس العالم!‪..‬‬
‫نصيحة مخلصة‪ :‬افرح بمنتخبك ألنه في روسيا‪ ،‬وألنه أفضل ما فينا‪ ..‬فليس بالمكان أبدع مما كان‪ ..‬ثم إنك يا أخي ال تصل‬
‫لـ«العالمية» إال في كرة القدم ‪..‬‬
‫نعمة و من يكرهها يعمى!‪..‬‬
‫***************‬

‫‪ 13‬أكتوبر ‪2018‬‬

‫هذا هو أبى‬
‫يقول أحدهم عن ابيه ‪:-‬‬
‫كان ابي إذا دخل غرفتي ووجد المصباح مضاءا أو المروحة وأنا خارجها قال لي‪ :‬لم ال تطفئه ولم كل هذا الهدر في الكهرباء؟‬
‫إذا دخل الحمام ووجد الصنبور يقطر ماذا قال بعلو صوته لم ال تحكم غلقه قبل خروجك ولم كل هذا الهدر في المياه؟؟؟‬
‫دائما ما ينتقدني ويتهمني بالسلبية!!!‬
‫يعاتب على الصغيرة والكبيرة!!!‬
‫حتى وهو على فراش المرض!!!‬
‫إلى أن جاء يوم وجدت وظيفة‪.‬‬
‫اليوم الذي لطالما انتظره‪.‬‬
‫اليوم سأجري المقابلة الشخصية األولى في حياتي للحصول على وظيفة مرموقة في إحدى الشركات الكبرى ‪.‬‬
‫وإن تم قبولي فسأترك هذا البيت إلى غير رجعة وسأرتاح من أبي وتوبيخه الدائم لي ‪.‬‬
‫استيقظت في الصباح الباكر واستحممت ولبست أجمل الثياب وتعطرت وهممت بالخروج فإذا بيد تربت على كتفي عند الباب ‪.‬‬
‫التفت فوجدت أبي متبسما رغم ذبول عينيه وظهور أعراض المرض جلية على وجهه‪....‬‬

‫‪57‬‬
‫وناولني بعض النقود وقال لي أريدك أن تكون إيجابيا واثقا من نفسك وال تهتز أمام أي سؤال ‪.‬‬
‫تقبلت النصيحة على مضض وابتسمت وأنا أتأفف من داخلي‪ ،‬حتى في هذه اللحظات ال يكف عن النصائح وكأنه يتعمد تعكير‬
‫مزاجي في أسعد لحظات حياتي‪.‬‬
‫خرجت من البيت مسرعا واستأجرت سيارة أجرة وتوجهت إلى الشركة‪.‬‬
‫وما أن وصلت ودخلت من بوابة الشركة حتى تعجبت كل العجب!!!‬
‫فلم يكن هناك حراس عند الباب وال موظفو استقبال سوى لوحات إرشادية تقود إلى مكان المقابلة‪.‬‬
‫وبمجرد أن دخلت من الباب الحظت أن مقبض الباب قد خرج من مكانه وأصبح عرضة للكسر إن اصطدم به أحد ‪.‬‬
‫فتذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بأن أكون إيجابيا‪ ،‬فقمت على الفور برد مقبض الباب إلى مكانه وأحكمته جيدا‪.‬‬
‫ثم تتبعت اللوحات الرشادية ومررت بحديقة الشركة فوجدت الممرات غارقة بالمياه التي كانت تطفو من أحد األحواض الذي‬
‫امتأل بالماء الى آخره‪ .‬وقد بدا أن البستاني قد انشغل عنه‪ .‬فتذكرت تعنيف أبي لي على هدر المياه فقمت بسحب خرطوم المياه‬
‫من الحوض الممتلئ ووضعته في حوض آخر مع تقليل ضخ الصنبور حتى ال يمتأل بسرعة إلى حين عودة البستاني‪.‬‬
‫ثم دخلت مبنى الشركة متتبعا اللوحات وخالل صعودي على الدرج الحظت الكم الهائل من مصابيح النارة المضاءة ونحن في‬
‫وضح النهار فقمت ال إراديا بإطفائها خوفا من صراخ أبي الذي كان يصدح في أذني أينما ذهبت ‪.‬‬
‫إلى أن وصلت إلى الدور العلوي ففوجئت بالعدد الكبير من المتقدمين لهذه الوظيفة‬
‫قمت بتسجيل اسمي في قائمة المتقدمين وجلست انتظر دوري وأنا أتمعن في وجوه الحاضرين ومالبسهم لدرجة جعلتني أشعر‬
‫بالدونية من مالبسي وهيئتي أمام ما رأيته‪ .‬والبعض يتباهى بشهاداته الحاصل عليها من الجامعات األمريكية‪.‬‬
‫ثم الحظت أن كل من يدخل المقابلة ال يلبث إال أن يخرج في أقل من دقيقة ‪.‬‬
‫فقلت في نفسي ان كان هؤالء بأناقتهم وشهاداتهم قد تم رفضهم فهل سأقبل أنا ؟؟؟!!!‬
‫فهممت باالنسحاب والخروج من هذه المنافسة الخاسرة بكرامتي قبل ان يقال لي نعتذر منك‪.‬‬
‫وبالفعل انتفضت من مكاني وهممت بالخروج فإذا بالموظف ينادي على اسمي للدخول ‪.‬‬
‫فقلت ال مناص سأدخل وأمري إلى هللا ‪.‬‬
‫دخلت غرفة المقابلة وجلست على الكرسي في مقابل ثالثة أشخاص نظروا إلي وابتسموا ابتسامة عريضة ثم قال أحدهم متى‬
‫تحب أن تستلم الوظيفة ؟؟؟‬
‫فذهلت لوهلة وظننت أنهم يسخرون مني أو أنه أحد أسئلة المقابلة ووراء هذا السؤال ما وراءه‪.‬‬
‫فتذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بأال أهتز وأن أكون واثقا من نفسي‪.‬‬
‫فأجبتهم بكل ثقة‪ :‬بعد أن أجتاز االختبار بنجاح ان شاء هللا‪.‬‬
‫فقال آخر لقد نجحت في االمتحان وانتهى األمر‪.‬‬
‫فقلت ولكن أحدا منكم لم يسألني سؤاال واحدا !!!‬
‫فقال الثالث نحن ندرك جيدا أنه من خالل طرح األسئلة فقط لن نستطيع تقييم مهارات أي من المتقدمين ‪.‬‬
‫ولذا قررنا أن يكون تقييمنا للشخص عمليا‪...‬‬

‫‪58‬‬
‫فصممنا مجموعة اختبارات عملية تكشف لنا سلوك المتقدم ومدى اليجابية التي يتمتع بها ومدى حرصه على مقدرات الشركة‪،‬‬
‫فكنت أنت الشخص الوحيد الذي سعى لصالح كل عيب تعمدنا وضعه في طريق كل متقدم‪ ،‬وقد تم توثيق ذلك من خالل‬
‫كاميرات مراقبة وضعت في كل أروقة الشركة‪.‬‬
‫يقول صاحبي‪...‬‬
‫حينها فقط اختفت كل الوجوه أمام عيني ونسيت الوظيفة والمقابلة وكل شئ‪...‬‬
‫ولم أعد أرى إال صورة أبي!!!‬
‫ذلك الباب الكبير الذي ظاهره القسوة ولكن باطنه الرحمة والمودة والحب والحنان والطمأنينة‪.‬‬
‫شعرت برغبة جامحة في العودة إلى البيت والنكفاء لتقبيل يديه وقدميه ‪.‬‬
‫اشتقت إلى سماع صوته و موسيقى صراخه تطرب أذني ‪.‬‬
‫لماذا لم أر أبي من قبل؟؟؟‬
‫كيف عميت عيناي عنه ؟؟؟‬
‫عن العطاء بال مقابل‪...‬‬
‫عن الحنان بال حدود‪...‬‬
‫عن الجابة بال سؤال‪...‬‬
‫عن النصيحة بال استشارة‪...‬‬
‫رحيلك ُم ٌّر يا أبي‬
‫البار بنا ولم تنل البر منا كما يجب أن يكون‪.‬‬
‫كنت أنت َّ‬
‫غبت يا أبي وغاب عني العقل الرشيد والركن الشديد‪ ،‬والسند المتين‪ ،‬والناصح االمين‪.‬‬
‫لم يمت أبي ولن يموت ‪...‬‬
‫ق في نفسي و روحى إلى أن ألحق به‪..‬‬
‫وإن مات فهو با ٍ‬
‫رحم هللا أبي ‪ ..‬و كل أب‪.‬‬
‫********************‬

‫‪ 12‬ديسمبر ‪2018‬‬

‫"بين المنطق و المنطوق"‪ ..‬مشكلة العقل فى بالدى!‬


‫*************************‬
‫• فى وقت من األوقات ‪ ،‬كانت هناك حفرة كبيرة تقطع الطريق الرئيس إلى إحدى القرى فى بالدى‪ .‬ولقد نجم عن وجود تلك‬
‫الحفرة الكثير و الكثير من الحادثات‪ .‬كانت السيارات تتساقط فيها و خاصة إذا ما جن الليل و انعدمت الرؤية ‪ ،‬فتزهق أرواح و‬

‫‪59‬‬
‫تصاب أجساد و تبتر أطراف‪ ،‬ناهيك عن الفاقد فى السيارات و الدواب و الممتلكات‪ ،‬حتى أن القرية أصبحت تعيش فى مأتم‬
‫دائم ‪.‬‬
‫و بعد أن يئس الناس من أن تتدخل الحكومة لنقاذهم من توحش "الحفرة " التى ابتلعت فلذات أكبادهم ‪ ،‬بعد أعوام من‬
‫المناشدات و التوسالت و الشكاوى و البرقيات‪ ،‬اجتمع كبراء القرية و عقالؤها ليجاد حل لتلك المأساة النازفة الملتهبة ‪.‬‬
‫•اقترحت المجموعة األولى أن ‪:-‬‬
‫" نتقدم للحكومة بطلب بناء مستشفى متخصص فى الجراحة و إصابات الطرق‪ ،‬يكون موقعه بجوار الحفرة ‪ ،‬بحيث يخرج‬
‫المصاب من الحفرة الى المستشفى مباشرة دون تأخير ‪ ،‬فتكون فرصة انقاذ حياته أعلى‪".‬‬
‫•لكن بعض الحاضرين اعترضوا على هذا الرأى ‪:-‬‬
‫"رغم وجاهة الفكرة و منطقيتها‪ ،‬إال أنكم كما تعلمون ؛ يوم الحكومة بسنة ‪ ،‬و من ثم ‪ ،‬فإنشاء تلك المستشفى سوف يستغرق‬
‫على األقل ‪ 10‬سنوات‪ ،‬نكون خاللها قد فقدنا المئات‪ ،‬ان لم يكن اآلالف من أرواح أهالينا‪".‬‬
‫•هنا تقدمت مجموعة أخرى بإقتراح آخر‪:-‬‬
‫"إذن فلنطلب من الحكومة تأسيس نقطة إسعاف فقط ‪ ،‬بجوار الحفرة ‪ ،‬تكون مجهزة بعربة إسعاف سريعة و طاقم من المسعفين‬
‫المدربين‪ ،‬يكونون متواجدين على مدار الساعة‪ ،‬بحيث كلما سقطت ضحية فى تلك الحفرة‪ ،‬سارع هؤالء المسعفون بإنتشالها و‬
‫تقديم السعافات األولية لها ‪ ،‬ثم حملها بسيارة السعاف بسرعة الى أقرب مستشفى‪".‬‬
‫• هنا انتفض بعض المثقفين الشباب من أبناء القرية‪:-‬‬
‫" يا جماعة الخير الحل أبسط من ذلك بكثير ‪ ،‬فهناك بالفعل مستشفى متخصص فى حوادث الطرق على بعد ‪ 7‬كيلومترات فقط‬
‫من هنا ‪ ..‬و بناء عليه فإنه من األفضل و األسهل و المنطقى أن نردم تلك الحفرة ‪ ،‬ثم نحفر حفرة أخرى تكون قريبة من‬
‫المستشفى‪ ،‬بحيث يخرج المصاب من الحفرة الى المستشفى مباشرة‪" !!.‬‬
‫و عندئذ انفرجت أسارير الجميع و هللوا و زغردوا و استبشروا خيرا بالفكرة التى سوف تنهى مأساتهم بعد طول عذاب ‪.‬‬
‫أو هكذا مشكالت بالدى‪ ،‬وهكذا تدار و هكذا تجترح الحلول !!‪ .‬فمشكالت بالدى يا سادة ليست فى توظيف النانوتكنولوجى فى‬
‫عالج السرطان‪ ،‬ال سمح هللا ‪ ،‬ولكن المشكلة أنه التوجد "سرنجة" بالستيك فى المستشفى ‪.‬‬
‫و ليست مشكلة بالدى فى المكوك الفضائى الذى ضل طريقه الى المريخ‪ ،‬و ذهب الى "عطارد" ال سمح هللا ‪ ،‬و لكن المشكلة‬
‫فى "التوكتوك" الذى وصل الى المعادى ‪!!.‬‬
‫و مشكلة بالدى ليست فى النشطار النووى الذى يؤدى الى استنباط عناصر جديدة‪ ،‬و لكنها فى إنشطار أسفلت الطرق و‬
‫إنشطار بالوعات المجارى و استنباط عناصر إجرامية جديدة تمارس البلطجة و التسول‪.‬‬
‫مشكلة بالدى ليست فى إحالل الروبوت (النسان اآللى) محل البشر فى سوق العمل‪ ،‬و تحول بيئة العمل تدريجيا الى بيئة‬
‫مميكنة غير مؤنسنة‪ .‬لكن مشكلة بالدى فى أن من يتبولون "تحت الكوبرى" يتكاثرون‪ ،‬ما يهدد بتحويل منطقة "تحت الكوبرى"‬
‫الى مرحاض كبير و مفتوح‪.‬‬
‫مشكلتنا الحقيقية‪ ،‬أن هناك عضوا قابعا فوق الكتفين‪ ،‬و داخل الجمجمة‪ ،‬ال يستخدم و لذلك أصابه الضمور‪.‬‬
‫لدينا من كل شئ منطوقه ‪ ،‬و ليس منطقه‪ .‬فنحن األكثر ثرثرة و األعلى صراخا ‪ ،‬حتى كلماتنا صارت جوفاء من دون معنى ‪..‬‬
‫و األدهى أنها صارت الى البذاءات أقرب !!‬
‫"احنا غالبة قوى يا عم الحاج!! "‬
‫*******************‬

‫‪60‬‬
‫‪ 19‬يناير ‪2019‬‬

‫فن إغتصاب العقول‬


‫في عاصمة الهند نيودلهي‪ ،‬كان سفير بريطانيا يمر بسيارته مع قنصل مملكته‪ ،‬وفجأة‪ ..‬رأى شابا هنديا جامعيا يركل بقرة‪..‬‬
‫فأمر السفير سائقه بأن يتوقف بسرعة‪ ،‬وترجل من السيارة ُمسرعا نحو البقرة "المقدسة"‪ ،‬يدفع عنها ذلك الشاب صارخا في‬
‫وجهه‪ ،‬ويمسح على جسدها ﻃلبا للصفح والمغفرة‪ ،‬وسط دهشة المارة‪ ،‬الذين اجتمعوا بعد سماع صراخه‪ ،‬ووسط ذهول‬
‫الحاضرين‪.‬‬
‫ثم اغتسل السفير البريطاني ببول البقرة ومسح به وجهه ‪ ،‬فما كان من المارة إال أن سجدوا تقديرا للبقرة التي سجد لها الغريب‪.‬‬
‫وأحضروا بعدها الشاب الذي ركل البقرة ليسحقوه أمام البقرة انتقاما لقدسية مقامها ورفعة جاللها‪.‬‬
‫وبربطته وقميصه ال ُمبلل بالبول وشعره المنثور ‪ ..‬عاد السفير ليركب سيارة السفارة إلى جانب القنصل الذي بادره بالسؤال عن‬
‫سبب ما فعله وهل هو مقتنع حقا بعقيدة عبادة البقر ؟ !‬
‫فأجاب السفير إجابة تعكس عبقرية الطغيان على العقول ‪ ،‬حيث قال ‪:‬‬
‫إن قيام الشاب بركل البقرة هو صحوة‪ ،‬وركلة للعقيدة الهشة‪ ،‬التي نريدها أن تستمر ‪،‬‬
‫ولو سمحنا للهنود بركل العقائد ‪ ..‬لتقدمت الهند خمسين عاما إلى األمام ‪ ..‬حينئذ سنخسر وجودنا ومصالحنا الحيوية ‪ ،‬فواجبنا‬
‫الوﻇيفي هنا ‪ ..‬أن ال نسمح بذلك أبدا‪..‬‬
‫ألننا نُدرك بأن الجهل والخرافة والتعصب الديني والمذهبي وسفاهة العقيدة ‪ ..‬هي جيوشنا التي نعتمد عليها في تسخير‬
‫المجتمعات‪.‬‬
‫هذا هو *فن اغتصاب العقول *!‬
‫فهل عرفنا لماذا الغرب يدعم كل مشروع ديني متطرف!!!!??‬
‫*******************‬

‫‪ 23‬فبراير ‪2019‬‬

‫خرافة و تخاريف؛ العقل العربى!!‬


‫نتسابق نحن؛ معشر األطباء العرب‪ ،‬على متابعة كل جديد فى الطب ‪ (Updates).‬و كلمة "الجديد" فى الطب هنا ‪ ،‬تعنى‬
‫حصريا و حرفيا ؛ ما جادت به قريحة الغرب ‪ ،‬أو تفتق عنه ذهنه‪ .‬أما ما تجود به قريحتنا أو يتفتق عنه ذهننا ‪ ،‬نحن األطباء‬
‫العرب‪ ،‬فنحن أنفسنا ‪ ،‬أول من يلقى به إلى سلة القمامة‪ ،‬وقد كنا منذ سويعات قليلة ‪ ،‬نمأل الدنيا صراخا و ضجيجا بأننا أنجزنا‬
‫أو سوف ننجز أو على وشك أن ننجز ‪ ،‬النجاز الذى لم ينجزه منجز من قبل‪ .‬ثم نكتشف أن مجمل إنجازاتنا العربية‪ ،‬ال تساوى‬
‫ثمن الحبر الذى كتبت به‪ .‬هذا إن لم تكن‪ ،‬جلها أو بعضها‪ ،‬فضيحة مجلبة للعار و الشنار من مثل إختراع "صباع الكفتة"‬
‫الشهير‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫وفى هذا الطار‪ ،‬فإنك لو حاولت إحصاء عدد األدوية فى أى صيدلية فى شارعكم ‪ ،‬فإنها ستتجاوز العشرة آالف صنف‪ ،‬ليس‬
‫من بينهم صنف واحد عربيا‪ .‬و أزيدك‪ ،‬أن الغرب صاحب العشرة آالف دواء‪ ،‬يفاجئنا بين الحين و اآلخر بسحب دواء بعينه من‬
‫السوق‪ ،‬بدعوى أنه ثبت لديهم ضرره على صحة النسان‪ .‬المدهش؛ أننا معشر األطباء العرب‪ ،‬كنا نستخدم هذا الدواء – مثله‬
‫مثل غيره – بحماس شديد دون أن نالحظ شيئا‪ ،‬و عندما يقول الغرب أنه "ضار بالصحة"‪ ،‬ننتبه نحن (أنا و زمالئى) و نردد ‪-:‬‬
‫فعال و حقا ‪ ..‬إنه ضار‪!!!.‬‬
‫و مثل ذلك فى كل المجاالت‪ ،‬فالعقل العربى لم يخترع شيئا واحدا – أى شىء – فى آخر خمسة قرون‪ .‬ال شىء ‪ .‬أنظر حولك‬
‫اآلن ‪ ..‬اآلن‪ ،‬أينما كنت‪ .‬و حاول أن تجد شيئا واحدا ‪ ،‬اخترعه العرب‪ ،‬أى عربى‪ .‬ال شىء ‪ .‬من إبرة الخياطة الى الصاروخ‪ .‬لم‬
‫يخترع العرب اختراعا واحدا‪ ،‬منذ زمن "هارون الرشيد" فى القرن الثامن الميالدى‪ ،‬الذى اشتهر بـ "الساعة الرملية" آخر‬
‫االختراعات العربية العظيمة‪ .‬و منذ ذلك الوقت‪ ،‬و طوال ‪ 13‬قرنا بالتمام و الكمال‪ ،‬لم يخترع العرب شيئا واحدا‪.‬‬
‫بل أضيف لسعادتك‪ ،‬أن الحضارة الفرعونية‪ ،‬بجالل قدرها‪ ،‬و أهرامها و آثارها و معابدها‪ ،‬لم نكن نعلم عنها شيئا حتى العام‬
‫‪ 1799‬م ‪ ،‬أى أننا كنا نعتقد و حتى ‪ 220‬سنة خلت ‪ ،‬أن األهرامات هى من أفعال الجان و الشياطين‪ .‬ال فراعنة وال حضارة وال‬
‫يحزنون‪ ..‬بل خرافات و أساطير ‪ ،‬حتى أتت الحملة الفرنسية ‪ ،‬أكرر ؛ الفرنسية ‪ ،‬و تمكن العالم الفرنسى "شامبليون" من فك‬
‫رموز حجر "رشيد"‪ ،‬و بدأ يعلمنا ‪ ،‬أنه على نفس األرض‪ ،‬كان هناك أقوام أذكياء يدعون ؛ الفراعنة‪ ..‬من وقتها و نحن نغنى ‪-:‬‬
‫"المصريين أهمه‪..!!".‬‬
‫و األمثلة على القصور العقلى العربى‪ ،‬كثي رة و طويلة و ممتدة ‪ ،‬وال تقتصر على مجاالت العلوم و التصنيع‪ ،‬بل يمتد القصور‬
‫إلى الخيال و البداع‪ .‬حتى أن رواية "ألف ليلة و ليلة" أصلها العمل البهلوي الفارسى " ألف خرافة" والتي بدورها اعتمدت‬
‫‪.‬‬ ‫جزئيا على األدب الهندي‬
‫و اآلن و بعد أن ثبت لديك (و إن لم يثبت‪ ،‬فالمشكلة لديك) أن العقل العربى قاصر و متواضع المكانات جدا جدا جدا‪ ،‬هل‬
‫يمكنك أن تثق بأن هذا العقل الضامر ‪ ،‬يستطيع أن يفهم و يستوعب و يهضم؛ أقدس و أعلى و أذكى و أصوب و أصدق كتاب‬
‫فى الدنيا‪ .‬الكتاب الذى أنزل على كل البشر فى كل البلدان و بكل اللغات و فى كل األزمنة ‪ ،‬منذ بدء الخليقة و حتى نهاية الخلق‪.‬‬
‫الكتاب الذى يشرح عالقة النسان ‪ ،‬أى إنسان‪ ،‬بأى مستوى عقلى و مادى و روحانى‪ ،‬عالقته بكل المخلوقات ‪ ،‬و خالق‬
‫المخلوقات‪ .‬الكتاب الذى يقرأه النسان فى أى زمان‪ ،‬فينبهر و يندهش و يخر صعقا بما علمه وما لم يعلمه بعد‪ .‬الكتاب الذى‬
‫يشرح الماضى و الحاضر و المستقبل ألى زمان و أى مكان و أى كيان‪.‬‬
‫هل يمكنك أن تثق بشروحات و تفاسير و نظريات عقلنا العربى الفاشل عن؛ رؤية السالم لألخالق الفردية و المجتمعية ‪ ،‬و‬
‫الدعوة و الجهاد و القتصاد و السياسة و إعالن الحرب – أو الحب – على الدول و المجتمعات و األفراد ‪ ،‬و نحن بعد لم نستحم‬
‫و ال نعرف كيف ننظف شوارعنا‪ ،‬و رائحة أفواهنا و أجسادنا و مساكننا تزكم األنوف ؟ ‪!!!!!.‬‬
‫ابحثوا عن األفكار العظيمة فى العقول العظيمة ‪ ،‬فالناء ينضح بما فيه !‪.‬‬
‫*********************‬

‫‪ 7‬يونيو ‪2019‬‬

‫!! ‪Life Cycle‬‬


‫***********************************‬

‫‪62‬‬
In my childhood, I was carrying my concerns and problems and throwing them in the face of my
family seniors ; sometimes my grandpa and grandma and then my parents and then my uncles
and aunts. I thought; those adults are very strong, very wise, always balanced and they have a
solution for any problem. They may not laugh all the time like us, but they never grieve, do not
suffer, hence no cry. At a time, my grandpa took me to visit his younger brother, who was
admitted in "Damietta General Hospital" because of "Haematemesis" (Vomiting Blood, cos of
Bilharsial Eosophageal Varices". I was a child jumping here & there, enjoying that little trip. A
few days later, the patient died, and my grandfather stood up in the mourning pavilion, receiving
the consolation of his brother.
Then many years passed and I became a young teenager, my grandma died and the same giant
grandfather, once felt ill, & told me to take him to where his son (Uncle) is living in a nearby
village. There was no phone, so my uncle was surprised to find us by his door. I gave him the
news of his father' illness. My uncle also wasn't shocked and was not disturbed. Or, this what I
thought.
After few months, my grandpa died, and I also I did not see my uncle crying, collapsing or
showing pain. Or perhaps that
what seemed to me.
Nowadays, my family juniors; boys and children, face me with their problems and misfortunes,
and they believe; I'm so strong, I have a solution for every problem, & I'm the harbor for every
raging sea and drowning ocean !!.
The truth of the matter, which I realized recently, is that me and those who have reached my age;
are crying in silence with heartburn, weep for the wretch, sad for the unhappy guys & worried
about those who are happy. Obsessions deprive us from sleep.
Dear sons & daughters; I am not what you think or see. Be merciful to me & make sure that;
being healthy, good & happy, is my utmost ambition.
**************

2019 ‫ يوليو‬5

‫تليفون نصف الليل‬


‫ عاد فى منتصف‬.‫عاد زميلى العزيز "سمير فهمى"إلى شقته فى المجمع السكنى للمستشفى الذى نعمل به بإحدى المدن الخليجية‬
. ‫ جمعته هو و أسرته الصغيرة بأسرتين لزميلين آخرين فى أحد الكازينوهات المطلة على الخليج‬، ‫الليل بعد جلسة عائلية جميلة‬
. ‫ منشرح الصدر‬،‫كانت الساعة تقارب الثانية صباحا حين خلد الى النوم منفرج األسارير‬
. ‫ إذ رن جواله رنينا مفاجئا و مزعجا‬.‫ حدث ماال تحمد عقباه‬، ‫و قبل أن تغمض عيناه‬
63
‫نظر صاحبنا إلى الموبايل بغيظ و توجس فى آن ؛ من ذا الذى يجرؤ أن يطلب محادثته فى منتصف الليل ؟!‪ .‬فإذا هو رقم جوال‬
‫أخته ‪ ،‬تطلبه من مصر ‪ ..‬اآلن ‪ ..‬و فى هذا الوقت المتأخر من الليل ‪ ،‬فى تصرف لم تقدم عليه من قبل ‪ ،‬و لمدة عشرين عاما‬
‫خلت‪ ،‬هى زمن رحلته و إغترابه ‪.‬‬
‫آه ‪ ..‬إذن لقد وقع المحظور ‪ ..‬إنها الكارثة !! ‪ ..‬حيث ال احتماالت أخرى ‪.‬‬
‫فالقسمة معروفة ‪ ..‬و توزيع األدوار متفق عليه ضمنا ‪:-‬‬
‫علينا (األهل) السقم ‪ ،‬و عليكم (المغترب) األلم ‪.‬‬
‫علينا معاناة الحضور ‪ ،‬و عليكم مرارات الغياب‪.‬‬
‫علينا المصيبة ‪ ،‬و عليكم الفاجعة ‪.‬‬
‫علينا الفقد و عليكم التيه و الضياع و الذهول ‪.‬‬
‫علينا الموت و الرحيل‪ ،‬و عليكم الصدمة و الدموع و العويل ‪.‬‬
‫تردد صاحبنا أن يرد على التليفون‪.‬‬
‫لم يجد في نفسه الشجاعة أن يفتح على أخته الخط ‪.‬‬
‫تسارعت ضربات قلبه و ارتعشت يداه و سقط الموبايل من بين أصابعه‪ .‬فأيقظ زوجته التي كانت قد سبقته الى النوم ‪.‬‬
‫طلب منها وهو يكاد يغمى عليه ؛ أن تتأكد من صالحية تأشيرة “الخروج و العودة” على جواز سفره ‪.‬‬
‫لم تسأله زوجته ؛ كيف و لماذا ؟ فقد قرأت في عينيه كل شيء‪ .‬لذلك آثرت الصمت‪ ،‬و انصرفت تجهز ما يلزم للتأشيرة‬
‫المنتهية‪ .‬و دست ذلك في جيب البالطو األبيض‪ ،‬لكى يعرج على “شئون العاملين" عندما يذهب للمستشفى في الصباح‪.‬‬
‫كانت أنفاس صاحبنا تتسارع و جبينه يتصبب عرقا و قلبه يخفق بعنف‪ ،‬لذلك آثر أن ينام ‪ ،‬على أن يتصل بأخته في الصباح‪.‬هذا‬
‫ما قاله لزوجته وهو يسحب على رأسه الغطاء‪ ،‬متمنيا أن يستطيع الهروب‪ ،‬من ظلم اليقظة إلى ظلمة النوم ‪.‬‬
‫و لكن هيهات‪ ..‬فدقات قلبه‪ ،‬يكاد يسمعها الجيران‪ ،‬و دفقات الدم تكاد تفجر رأسه‪ ،‬و شعر بأن روحه تنسحب من جسده و أنه‬
‫يهوى الى حيث “ال قاع” ‪ ، .‬فنفض عنه غطاءه و جمع شتات نفسه و تناول الجوال وهو يتمتم ‪“ -:‬وقوع البالء وال انتظاره” ‪..‬‬
‫فقد مضى من الوقت ثالثون دقيقة‪ ،‬مرت عليه و كأنها دهور طويلة ‪.‬‬
‫بدأت أصابعه المرتعشة تضرب رقم أخته ‪ ،‬بينما زوجته ترقبه وجلة خائفة ‪ ،‬معتقدة يقينا أن الصباح لن يمهل زوجها‪ ،‬و أنها قد‬
‫تكون نهايته هو شخصيا ‪.‬‬
‫حاول صاحبنا أن يحمل الموبايل و يضعه على أذنه‪ ،‬لكنه لم يقو على ذلك‪ ،‬فحملته عنه زوجته ‪ ،‬و ألصقته بوجهه‪ ،‬و ابتعدت‬
‫برأسها ‪ ،‬و كأنها تتفادى شظايا الفنبلة التي سوف تنفجر اآلن ‪.‬‬
‫جرس الموباي ل يرن على الطرف اآلخر‪ ،‬خمسون سنة كبيسة ثقيلة مرت ‪ ،‬حتى ردت أخته‪ ،‬أو هكذا شعر ‪ .‬قال لها بصوت‬
‫خفيض متهدج‪ ،‬تخنقه العبرات ‪ -:‬حصل إيه يا “صفية” ؟؟؟‪ ...‬و أما الجملة التي لم يقلها ‪ ،‬هي ‪“ -:‬بالراحة على ياصفية ‪”..‬‬
‫لكن الرد جاءه قويا واضحا و مجلجال ‪ -:‬أنا آسفة يا سمير معلهش ‪.‬‬
‫أعاد عليها السؤال و قلبه يكاد ينخلع من بين ضلوعه ‪ ،‬و حلقه قد جف و لسانه لم يعد يقو على النطق ‪ -:‬حصل إيه يا صفية ؟؟؟‬
‫فأجابته و كأنها تعتذر ‪ -:‬أبدا ياسيدى ‪“ ..‬إنجى” حفيدتى ‪ ،‬ما أعرفش إيه اللى صحاها من النوم ‪ ،‬و أخذت تلعب في جوالى‬
‫فضربت رقمك بالخطأ ‪ ..‬معلهش ‪..‬عقبال ما تشوف حفيدتك بتلعب في موبايل بابا جدو ‪.‬‬
‫*************‬

‫‪64‬‬
‫‪ 13‬أغسطس ‪2019‬‬

‫ا‪.‬د‪ .‬حسام موافى‬


‫عاصرته و أنا بعد طالب غرير ‪ ....‬كنت و زمالئي نتسابق لحضور محاضراته المليونية‪ ،‬و التى كان يزاحمنا فيها طلبة طب‬
‫من كل جامعات مصر ‪.‬‬
‫و اليوم أرى الجموع من كل األعمار و الثقافات ‪ ،‬يتزاحمون لمشاهدته في التلفزيون ‪ ،‬معيدا للذاكرة نجومية د‪" .‬مصطفى‬
‫محمود ‪".‬‬
‫فى شبابنا كنا ننصت إليه من أجل امتحان أمراض "الباطنة"‪ .‬و اليوم صرنا ننصت إليه من أجل إمتحانات الحياة ‪ ،‬الباطنة منها‬
‫و الظاهرة‪ .‬لقد أتاه هللا سحرا في البيان ‪ ،‬و التبيين ‪.‬‬
‫أذكر له أنه هو أول من أسس فى ذهنى فضيلة "جبر الخواطر" و كذلك الفرق بين الطبيب و الحكيم ‪ ،‬وهو الفارق بين الطب‬
‫كرسالة و مهنة !!‪ .‬و غير ذلك الكثير من درر المقال و المآل ‪.‬‬
‫متعه هللا بالصحة و طول العمر ‪ ،‬و متعكم بعلمه و حكمته‪.‬‬
‫******************‬

‫‪ 8‬نوفمبر ‪2019‬‬

‫معجزة نقل األعضاء تتحدى فتاوى األولياء‬

‫ونحن فى خضم معركة الشيخ الشعراوى وفتاويه‪ ،‬هناك خبر مر علينا مرور الكرام ولم تعلق عليه الصحافة إال فى مقال مهم‬
‫للكاتبة فاطمة ناعوت فى جريدة «المصرى اليوم»‪ ،‬ماذا يقول الخبر؟‪ ،‬وما هى تفاصيله المضيئة؟‪ ،‬وما هى القراءة التى ال بد‬
‫أن نقرأها خلف سطور هذا الخبر؟ الخبر ملخصه أن سيدة متوفاة دماغيا أنقذت سبعة مرضى فى السعودية‪ ،‬وذلك بعدما تم نقل‬
‫أجزاء من جسدها إليهم خالل ‪ 24‬ساعة فقط‪ ،‬بحسب ما ذكر مسئولون فى «الصحة» هناك‪ ،‬وخالل تغريدة له على موقع‬
‫التواصل االجتماعى «تويتر»‪ ،‬قال الدكتور توفيق الربيعة‪ ،‬وزير الصحة‪ ،‬إن المرأة أنقذت حياة سبعة أشخاص‪ ،‬مضيفا أن ذلك‬
‫«تم حتى فجر اليوم فى عمل متواصل لمدة ‪ ٢٤‬ساعة»‪ ،‬وأضاف الوزير فى تغريدته «تم نقل أعضاء مريضة ميتة دماغيا‬
‫وبنجاح لسبعة أشخاص‪ ،‬تم تقسيم الكبد إلى جزأين وزراعتها لمريضين‪ ،‬تمت زراعة كُلى وبنكرياس لمريض‪ ،‬تم فصل الرئتين‬
‫لمريضين‪ ،‬تمت زراعة القلب لمريض‪ ،‬والكلية لمريض آخر‪ ،‬وكتب الربيعة فى تغريدة أخرى‪« :‬قام بجميع عمليات الزراعة‬
‫جراحون سعوديون‪ ،‬أشكر أهل المريضة على تبرعهم بأعضائها‪ ،‬تمت عمليات الزراعة فى مستشفى الملك فهد التخصصى‬
‫بالدمام ومستشفى الملك فيصل التخصصى بالرياض»‪ .‬وأضاف‪« :‬التبرع باألعضاء يسهم فى إنقاذ حياة الكثير‪ ،‬مئات‬
‫األشخاص لدينا يموتون سنويا بسبب عدم توفر األعضاء»‪ .‬وكان خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز‪ ،‬ملك السعودية‪ ،‬قد‬
‫أصدر قرارا ملكيا بالموافقة على منح ‪ 426‬مواطنا ومواطنة وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة‪ ،‬وذلك لتبرعهم بأحد‬

‫‪65‬‬
‫أعضائهم الرئيسية سواء كان العضو من حى أو من متوفى دماغيا‪ .‬الخبر لديهم يدعو للفرحة والتفاؤل واالعتراف بأيادى العلم‬
‫البيضاء علينا‪ ،‬ولكنه لدينا يدعو للرثاء ألننا ونحن نتلقى هذا الخبر إذا بماليين عندنا ينتفضون دفاعا عن فتاوى الشيخ‬
‫الشعراوى وعلى رأسها فتاوى زراعة األعضاء التى كانت سببا فى تأجيل قانون زراعة األعضاء ونقلها من المتوفين دماغيا‬
‫وعدم تفعيله حتى بعد إقراره من البرلمان‪ ،‬خوفا ورعبا من مخالفة كالم إمام الدعاة!!‪ ،‬ولي ُمت َمن يموت على أبواب حجرة‬
‫العمليات وهو يدق الباب طالبا زرع كبد أو قلب‪ ،‬لو كانت السعودية التى عاش فيها الشيخ الشعراوى سنين عديدة التزمت بهذه‬
‫الفتوى لكانت حتى هذه اللحظة تقف عند حدود حبة البركة والرقية الشرعية‪ ،‬لكنها انطلقت‪ ،‬وها هى تلك العملية المعجزة‬
‫تضعها كتفا بكتف مع هارفارد وكليفالند‪ ،‬فتوى الشيخ تدين تلك السيدة المتبرعة‪ ،‬ألنها تصرفت فيما يملكه هللا وهى ليست لديها‬
‫حرية التصرف‪ ،‬والسبعة الذين نقلت إليهم األعضاء متهمون ومدانون بتهمة التدخل فى المشيئة وتأجيل لقاء الرب‪ ،‬أنا مرغم‬
‫أمام ما حدث فى تلك الجراحة وما خلفها من فكر متحرر جسور‪ ،‬على طرح هذا التساؤل‪ ،‬ليه بقينا كده؟‪ ،‬لماذا نصر على‬
‫تحنيط األدمغة وتقديس البشر حتى ولو على حساب جودة حياتنا وتقدمها؟!‪ ،‬معقول أن ندافع عن فتوى من الممكن أن أفقد‬
‫بسببها أمى أو ابنى أو حياتى أنا شخصيا بسبب احتياجى لزرع عضو؟ كل هذا لتعيش قدسية الفتوى وصاحب الفتوى‪ ،‬ال‬
‫تخدشها مجرد مناقشة‪ ،‬معقول أن ي دافع أستاذ نساء ووالدة عن فتوى األربع سنوات كأقصى مدة للحمل!!‪ ،‬معقول تلك الهستيريا‬
‫التأليهية للبشر والتضحية بكل منطق وكل عقل فى سبيل الذود عن حصن تلك األفكار المتحفية!! صدقونى القضية ليست قضية‬
‫شيخ بعينه‪ ،‬ولكنها قضية وطن يصرون على أن يفقدوه عقله‪.‬‬
‫*********************‬

‫‪ 3‬مارس ‪2020‬‬

‫أنا عندي أطفال!‬


‫شاهدت كليبا قصيرا يصور أنجيال ميركل مستشارة ألمانيا تدخل اجتماعا‪ ،‬فتمد يدها لتصافح وزير الداخلية الجالس بجوار‬
‫مقعدها‪ ،‬فقبض إليه يده رافضا مصافحتها خوفا من عدوى الكورونا‪ ،‬وذلك على خلفية دعوة الحكومة األلمانية للحرص‬
‫واليقظة‪ ،‬واعتذر لها بأدب‪ ،‬فضحكت وردت يدها‪ ،‬وتبسم جميع الحضور‪ .‬وفي نهاية الكليب خرجت عبارة مكتوبة تقول هل‬
‫يجرؤ مسئول في بلدك أن يرفض مصافحة الرئيس‪.‬‬
‫وتعليقي هو في تلك النكتة التي كانت متداولة في عهد مبارك‪ .‬إذ كان مبارك وبوش يتقاذفان الكرة فيما بينهما في منتجع‬
‫الرئيس بأسوان‪ ،‬حين سقطت في النيل وسط التماسيح‪ .‬فأمر بوش حارسه بالنزول إلى الماء لحضارها‪ ،‬فاعتذر له قائال ال يا‬
‫سيادة الرئيس أنا عندي أطفال‪ .‬فأمر مبارك حارسه بالنزول لحضارها‪ ،‬فنزل من فوره وسط التماسيح وجاء بها‪.‬‬
‫فتعجب لصني عه الحارس األمريكي وسأله لماذا لم تعتذر لرئيسك عن هذه المهمة‪ ،‬فأجابه ألن عندي أطفال‪!.‬‬
‫************‬

‫‪ 16‬سبتمبر ‪2020‬‬

‫رأيى الشخصى فى‪-:‬‬


‫التطبيع مع اسرائيل!!‬
‫من حقك طبعا أن تنفعل و تحزن و تصرخ إزاء حركات التطبيع القائمة مع الكيان الصهيونى اآلن‪ .‬من حقك طبعا أن تسب و‬
‫تلعن كل الدول التى طبعت و كل الدول التى سوف تطبع‪ ..‬ليس ذلك فقط‪ ،‬بل أن تنحو بالالئمة على الحكام العرب المتخاذلين‬
‫عن نصرة فلسطين و المتقاعسين عن استرداد القدس‪ ،‬و أخيرا ؛ على المهرولين الى التطبيع مع اسرائيل‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫فلتلعن و تسب من شئت‪ ،‬و لكن قل لى باهلل عليك؛ ماذا فعلت أنت لنصرة فلسطين؟‪..‬ماذا فعلت أنت لسترداد القدس؟؟‪..‬ماذا‬
‫فعلت أنت لكى تطرد اسرائيل من األرض المحتلة ؟؟؟ ‪.‬‬
‫انك أيها العبقرى تلقى بالمسئولية على ‪ 30‬رجال ‪ ،‬هم القادة العرب‪ ،‬و تنسى أن هناك ‪ 300‬مليون عربى نائمون فى العسل‪ .‬و‬
‫تنسى أو تتناسى‪ ،‬أنه "مثلما تكونوا يولى عليكم" و أنك "آتيه يوم القيامة فردا"‪ .‬تتنسى أو تتناسى ‪ ،‬أن أى حاكم‪ ،‬أو وزير ‪ ،‬أو‬
‫حتى شيخ خفر ‪ ،‬عربى ‪ ،‬قد يكون‪ ،‬على المستوى الشخصى‪ ،‬أذكى و أفصح و أعقل من "ترامب"‪ .‬الفارق بينهما أن الحاكم‬
‫العربى ينظر حوله‪ ،‬فال يجد إال فقراء و جهالء و م رضى‪ ،‬بينما يجد ترامب خلفه؛ أقوى و أغنى دولة فى العالم‪ .‬و من ثم يزأر‬
‫ترامب‪ ،‬وال يجد من يرد عليه كلمته‪!!.‬‬
‫القرار السياسى‪ ،‬أيها العربى األبى الشجاع؛ هو مجموع ما لدى دولتك من إقتصاد و طب و هندسة و علوم و تسليح و عدل و‬
‫أخالق و نظافة ‪ ..‬إلخ‪ ،‬مقسوم على عدد أفراد تلك الدولة‪ .‬أو هكذا تتماثل قوة الدولة و قوة الفرد ‪.‬‬
‫عزيزى الحر األبى الشجاع‪ ،‬قبل أن تلوم أحدا؛ أنظر فى المرآة ‪ ،‬و اسأل الكائن الذى سيظهر أمامك؛ ماذا قدمت لعائلتك؟ ماذا‬
‫قدمت لوطنك؟ ثم ماذا قدمت للبشرية و النسانية ؟‪..‬و تحديدا حتى ال تتفلسف؛ كم من اللغات األجنبية ترطن؟؟‪..‬هل تستطيع‬
‫عمل برنامج كمبيوتر؟ كم حرفة يدوية تتقن؟‪..‬هل اخترعت شيئا‪ ،‬أى شئ ‪ ،‬بطول حياتك؟؟‪..‬كم كتابا قرأت فى الشهر األخير‬
‫؟!‪ ..‬هل شاركت فى أى عمل تطوعى أو خيرى أو مجتمعى ‪ ،‬بحيث تخدم أكثر عدد من المحتاجين مجانا ؟؟‪..‬هل شاركت فى‬
‫تنظيف شارعك أو تجميله؟؟ بالطبع ال ‪ ..‬بل األبسط من ذلك؛ هل انحنيت ذات مرة –فى حياتك ‪ -‬و التقطت أى قمامة من‬
‫منتصف الشارع ووضعتها فى صندوق القمامة؟؟!!‪ .‬إذا كانت المحصلة ‪ ،‬مخزية‪ ،‬فأنت و لألسف ‪ ،‬عضو فاشل فى أمة فاشلة‪،‬‬
‫تستأهل ما يحدث لها‪!!.‬‬
‫بل يؤسفنى أن أخبرك أن من قرر التطبيع مع الكيان الصهيونى‪ ،‬هو أنت !!‪ .‬نعم؛ أنت شخصيا ‪ ،‬بشحمك و لحمك‪ .‬قررت ذلك‬
‫حين ذهبت الى عملك متأخرا ساعة أو انصرفت مبكرا ساعة‪ .‬قررت سعادتك التطبيع حين قبلت الرشوة و الوساطة‪ .‬قررت‬
‫سعادتك التطبيع حين قبلت بالغش الجماعى فى الثانوية العامة‪ ،‬أو ساهمت فيه أو على األقل لم تستنكره‪ .‬قررت سعادتك التطبيع‬
‫مع الصهاينة حين غششت المواد التموينية أو الصناعية أو الزراعية‪ ،‬لكى يتدنى المنتج العربى‪ ،‬إلى ما دون الصينى‪ .‬يا‬
‫عزيزى أنت صهيونى حتى النخاع‪ ،‬حين تعطل مصلحة مراجع أمامك و تقول له‪"-:‬فوت علينا بكرة يا سيد!!"‪ ،‬حين تغتصب‬
‫حق غيرك بوضع اليد ‪ ،‬حين تطلق أطفالك يصدرون الزعاج للجيران‪.‬‬
‫عزيزى العربى الحر األبى‪ ،‬حين نصبح نحن اللصوص فيما بيننا‪ ،‬فال تحدثنى عن الشرف!!!‬
‫*****************‬

‫‪ 29‬أكتوبر ‪2020‬‬

‫د‪ .‬سولك‬
‫اليوم هو ذكري الميالد رقم ‪ 105‬للدكتور (‪ )Jonas Salk‬يوناس سولك‪ ..‬يوناس اليهودي هو الذى اكتشف لقاح شلل األطفال‬
‫سنة ‪ 1955‬ورفض أن يتقاضى دوالرا واحد مقابل هذا االكتشاف وقدمه مجانا للعالم ولو كان قام بتسجيله كان سيتقاضي اكثر‬
‫من ‪7‬مليارات دوالر وقتها‪..‬‬
‫لكم ان تتخيلوا أن فى أميركا فقط سنة ‪ 1952‬أصيب ‪ 58‬الف طفل بشلل االطفال ووصلت حاالت الصابة حول العالم الى‬
‫‪ 350‬ألف طفل سنويا ‪ ..‬و قد انخفض الرقم الى ‪ 1500‬حالة فقط على مستوى العالم فى ‪..2007‬‬
‫يوناس توفى سنة ‪ ، 1995‬بعد أن أنقذ الكثير والكثير من أطفال العالم من الشلل المعيق (( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس‬
‫جميعا))‪.‬‬
‫**************‬

‫‪ 16‬يونيو ‪2020‬‬

‫شاهد "عيان!!"‬
‫‪67‬‬
‫****************‬
‫منذ حوالى سبعة أيام (‪ 9‬يونيو ‪ )2020‬و تحديدا الساعة السابعة مساء‪ ،‬اندفع رجال الهالل األحمر ‪ ،‬يشقون الطوارئ شقا‪ ،‬و هم‬
‫يدفعون أمامهم جسدا مغطى بالكامل‪ ،‬اندفعوا الى منطقة النعاش القلبى الرئوى‪ ،‬وهم يتصايحون ‪:-"Code Blue..Code‬‬
‫‪Blue" .‬ترك كل منا ما فى يده و اندفعنا‪ 6 ،‬من األطباء كنا نشكل الطاقم الطبى فى ذاك المساء‪ ،‬وال يقل عن ‪ 12‬ممرضة‬
‫ماهرة‪ ،‬اندفعنا نجرى خلفهم الى منطقة النعاش‪ ،‬و بسرعة تم توصيل الجسد المسجى‪ ،‬بالشاشات و األجهزة‪ ،‬التى هى دائما‬
‫جاهزة وفى وضعية الستعداد‪ .‬وخالل ثوان معدودة ظهر لنا على الشاشة‪ ،‬ما نخشاه دائما‪ ،‬و هو الخط مستقيم )‪(Flat Line‬‬
‫الذى ليس به أى اهتزازات وهو مايعنى توقف عضلة القلب تماما)‪ ، (Asystole‬فبدأنا عملية النعاش بحسب البروتوكوالت‬
‫الدولية لمثل تلك الحاالت‪.‬‬
‫مرت ‪ 15‬دقيقة ثقيلة‪ ،‬كنا نتبادل فيها عملية التدليك الخارجى لعضلة القلب )‪ (CPR‬حتى أرهقنا تماما‪ ،‬ولكن من دون فائدة‪،‬‬
‫فتوقفنا عن النعاش و أعلنا الوفاة‪ .‬و كان علينا اختيار أحدنا لخبار أهل المتوفى الذين ينتظرون خارج المنطقة الحمراء‪.‬‬
‫و بينما نحن نلتقط أنفاسنا و نسجل ما حدث كتابة‪ ،‬عاد إلينا زميلنا وهو يرتعد"‪ ، :-"He is Covid positive‬ما يعنى أن‬
‫المتوفى كان مصابا بالكورونا‪.‬‬
‫اتصل أحدنا بقسم األمراض المعدية )‪ (Infection Control‬المسئولين عن مثل تلك الحاالت‪ ،‬و الذين سيتولون بدورهم إبالغ‬
‫الوزارة بها‪ .‬و ما هى إال د قائق‪ ،‬حتى حضر فريقهم‪ ،‬لمراجعة الجراءات الحترازية التى اتخذناها أثناء اختالطنا بالمريض‪.‬‬
‫كان كل شىء على ما يرام ‪ -‬فقد كنا‪ ،‬الطاقم الطبى‪ ،‬نرتدى لبس رواد الفضاء ‪ ،‬كما كان المريض مغطى بالكامل بكيس من‬
‫النايلون الشفاف‪ .‬ولكنهم اكتشفوا أن ثالثة من األطباء الستة كانوا يستخدمون كمامات جراحية )‪ (Surgical Masks‬و ليست‬
‫كمامات ‪N95‬كما يقول الكتاب‪ ،‬و كنت أنا من بين هؤالء الثالثة ‪.‬‬
‫كان على ثالثتنا أن نغادر المستشفى فورا إلى العزل المنزلى لمدة ‪ 5‬أيام ثم العودة لعمل مسحة و تحليل ‪ ،‬لمعرفة ما إذا كنا قد‬
‫التقطنا العدوى أم ال ؟!‬
‫فى بداية العزل المنزلى‪ ،‬أخذت األمر بإستخفاف‪ ،‬ثم ملل ثم ضجر ثم ‪ ....‬بدأت أعراض المرض تتسلل إلى بدنى ‪ ،‬متمهلة‬
‫بطيئة و لكنها واثقة ثقيلة‪ .‬بدأت بوهن فى الجسم فآالم فى العظام فإلتهابات فى الجيوب األنفية ‪....‬و ‪..‬و ‪..‬إلخ‪.‬‬
‫يوم األحد (‪ 14‬يونيو) صباحا ‪ ،‬كان موعد أخذ المسحة فى عيادة الموظفين‪ ،‬و كم كانت مؤلمة‪ .‬ثم عدت أدراجى بسرعة كى‬
‫أكمل عزلتى و انعزالى‪ ،‬منتظرا النتيجة‪ .‬مرت الساعات بطيئة ثقيلة و موجعة‪ .‬فقد كانت آالمى تزداد‪ ،‬و لحد ما بدأت أشعر‬
‫بالحرارة فى جسدى ‪.‬‬
‫و أمس ليال ‪ ،‬قبل أن أخلد الى النوم فى الثالثة صباح ا‪ ،‬وصلتنى رسالة قصيرة على الموبايل‪ ،‬من وزارة الصحة‪ ...‬ترددت كثيرا‬
‫قبل أن أقرأها‪ ،‬و أغلقت الموبايل ‪ ،‬و قلت فى نفسى؛ دعنى أنام اآلن بهدوء ‪..‬ولكنى لم أستطع ‪ ..‬ففتحت الرسالة و بدأت القراءة‬
‫‪ "-:‬السيد فالن‪..‬أجريتم مسحة طبية بخصوص ‪ Covid 19‬يوم األحد ‪ 14‬يونيو‪ ،‬و نعلمكم أن نتيجة المسحة سلبية‪ ..‬و يتوجب‬
‫عليكم الستمرار فى إلتزام قواعد التباعد الجتماعى ‪".‬‬
‫قرأت الرسالة فى دقيقة‪ ،‬و بنهاية الدقيقة اختفت كل األعراض المرضية تماما من جسدى‪ ،‬و غدا أعود ألكمل عملى الذى‬
‫انقطعت عنه أسبوعا‪ ،‬و قد أدركت يقينا أن الصحة تاج فوق رؤوس األصحاء‪ ،‬ال يراه إال المرضى‪..‬و أما الطب ‪ ،‬فال زال‬
‫يحبو!!!!‬
‫****************‬

‫‪ 7‬أبريل ‪2021‬‬

‫رسالة الى صديقى األردنى ؛ "مازن داود"‬


‫الذى زاملته فى مستشفى الملك فهد التخصصى بالدمام طيلة ‪ 8‬سنوات (‪ ،)2017 – 2009‬لم أر منه خاللها إال كل الحب و‬
‫الفرح و المرح‪ ،‬لقد كان شخصا استثنائيا‪ ،‬أينما حل‪ ،‬حلت معه الضحكات و السعادة‪ .‬إنه إنسان ال ينسى !!‬
‫******************‬
‫الدنيا تغيرت يا مازن‬
‫ذهب الزمن الجميل‬
‫و الناس الجميلة‬
‫و لم يتبق لنا‬
‫إال السأم و الملل و االكتئاب‬

‫‪68‬‬
‫ذهبت الضحكات و اختفت البسمات‬
‫لتحل محلها قسمات الحزن و ذرفات الدمع‬
‫إنا نتباكى اليوم‬
‫على زمن لم نقدره حق قدره‬
‫وقت أن كان متاحا فى وقته‬
‫نتباكى على أناس جميلة‬
‫عشنا معهم و بينهم‬
‫ولم ندرك قيمتهم‬
‫و جمالهم‬
‫إال بعد أن فارقونا‬
‫‪....‬‬
‫أعذرني أخى العزيز‬
‫إن عجزت يوما أن أرد عليك‬
‫أو أتواصل معك‬
‫ف قلبى الضعيف ال يحتمل‬
‫و روحى المنهكة ال تقوى على التذكر‬
‫و الشوك الذى مشينا فوقه من بعدكم‬
‫ال نحتمل أن يعيدنا الشوق‬
‫فوقه إلى نقطة فى الخيال غير المنظور‬
‫تبعث فينا األمل‬
‫وتضخ فى أجسادنا الحياة‬
‫ثم‬
‫ما هى إال لحظات‬
‫حتى تقذف بنا‬
‫من أعلى عليين‬
‫إلى أسفل سافلين‬
‫‪...‬‬
‫لم نعد نحتمل يا صديقي‬
‫حتى و إن كنا نسير فى دروب موحشة نحو نهايات مجهولة‪.‬‬
‫صرنا نؤثر المرار‬
‫على التكرار‬
‫بل قل‬
‫صرنا نؤثر الرقاد فى صمت‬
‫على النتشاء فى صخب‬
‫حين تدرك أن فرحة اللقاء‬
‫أقسى بما ال يقاس‬
‫من عذاب الفراق !!!‬
‫حين تدرك أن فرحة النجاح لحظات‬
‫و ألم السؤال يدوم و يدوم و يدوم‬
‫و قتها سوف تؤثر النوم على اليقظة‬
‫و لسوف تتمناه‬
‫سكرة طويلة طويلة‬
‫‪.......‬‬
‫‪......‬‬
‫عذرا يا رفيقى األثير‬
‫فلطالما اسعدتني رفقتك‬

‫‪69‬‬
‫و كثيرا ما رسمت البسمة فوق شفاهى‬
‫و غالبا ما أضحكت روحى و أطلقتها فى سماوات جميلة‬
‫‪....‬‬
‫عذرا‬
‫إن صممت عنك اذنى‬
‫فلم اعد أحتمل‬
‫الجمال‬
‫و الحلم‬
‫و السعادة‬
‫لم أعد أقو على اجترار الفرح‬
‫و األمر من ذلك‬
‫هو فقدان القدرة على تخليقه‬
‫أو تذوقه‬
‫‪.....‬‬
‫اآلن يا رفيقى‬
‫أدرك‬
‫أن ما هو أقسى من األلم‬
‫هو فقدان الحساس به‬
‫فإنعدام التألم‬
‫يعدمك التأمل‬
‫و األمل‬
‫فتصبح ال نهائى األبعاد‬
‫صفرى المحتوى‬
‫‪....‬‬
‫أعذرنى يا صديقى‬
‫فأنت أنت‬
‫من يرانى‬
‫أثيريا غائما هائما‬
‫أبحث عن فراغ ال محدود‬
‫فلتفتح لى صدرك و قلبك و روحك‬
‫حتى أنفذ الى حيث‬
‫لم أكن أنا‬
‫و لم تكن أنت‬
‫ولم يكن كائنا من كان فى أى كون‬
‫متطلعا الى ال شىء ما‬
‫فى ال "ال شىء‪".‬‬
‫***************‬

‫‪ 25‬أبريل ‪2021‬‬

‫فى ذكرى وفاة إبنى "مهند"‬

‫‪70‬‬
‫كنا فى أوائل العام ‪ ، 1998‬فى مجمع الملك فهد العسكرى بالظهران (‪،)KFMMC‬حين أيقنت –بواسطة جهاز‬ ‫•‬
‫"سونار"‪ -‬أن زوجتى حامل للمرة الثانية فى ولد‪ .‬وقتها انتابتنى فرحة عارمة‪ ،‬أكاد أجزم أنها أكبر فرحة فى حياتى‬
‫حتى اآلن‪.‬‬
‫كانت والدة إبنى األول فى العام ‪ 1994‬فى "مستشفى الملك سعود" فى عنيزة (حيث كنا نعمل)‪ .‬لكنا قررنا أن تكون‬
‫والدة الثانى فى القاهرة‪ .‬و بالفعل ذهبت زوجتى للوالدة هناك‪ ،‬قبل موعدها بشهر ‪.‬‬
‫كانت الوالدة طبيعية و سهلة‪ ،‬و جاءت تتويجا للفرحة التى غمرتنا طيلة شهور الحمل‪ .‬و فى اليوم الثانى‪ ،‬أخرجوا‬
‫"مهند" (كما اتفقنا أن نسميه) من الحضانة‪ ،‬لكى ترضعه أمه‪ ،‬و أنا أراقب ذلك بسعادة ال توصف‪ .‬غير أنى الحظت‬
‫ألول مرة‪ ،‬أن رأسه صغيرة بشكل ملحوظ‪ .‬لكنى ؛حاولت أن ال ألفت انتباه زوجتى لذلك‪ .‬و رغم أنها طبيبة‪ ،‬إال أنها لم‬
‫تلتفت لذلك‪ ،‬ما أشعرنى بأننى ربما أكون مخطئا‪ ..‬و رغبة فى الطمئنان‪ ،‬ذهبت لطبيب األطفال المسئول عن‬
‫الحضانة التى كان يرقد فيها مهند‪ ،‬و سألته مباشرة ‪" -:‬أال تالحظ معى أن إبنى عنده ‪( Microcephaly‬أى‬
‫جمجمة صغيرة) ؟؟!"‪ .‬فأجابنى بكل ثقة ‪" -:‬صحيح‪..‬إبنك عنده ‪ ." Microcephaly‬أو هكذا ألقى بالقنبلة فى‬
‫وجهى!!‪ ..‬لكى تبدأ إحدى أكبر المآسى فى حياتى‪.‬‬
‫منذ تلك اللحظة‪ ،‬انقلبت حياتنا رأسا على عقب‪ ،‬فلقد تم تشخيص حالة "مهند" إبنى‪ ،‬على أنها ؛‬
‫‪ Holoprosencephaly‬و هى عبارة عن نقص فى نمو أجزاء متعددة من المخ‪ ،‬وهو ما يعنى حالة مرضية نادرة و‬
‫معقدة‪ ،‬سوف تؤثر سلبا على الجهاز الحركى و الحسى لبنى‪ .‬و كان طبيعيا أن أقرأ عن تلك الحالة بالتفصيل‪،‬‬
‫فإزددت اكتئابا و حزنا‪.‬‬
‫وبدأت المعاناة !‪ ..‬فلقد بدأت العمليات الجراحية‪ ،‬و أولها كان زراعة أنبوب تغذية فى البطن‪ ،‬لحقن الحليب مباشرة فى‬
‫المعدة‪ ،‬ألن مهند ال يبلع‪ .‬ثم عملية أخرى لزراعة أنبوب‪ ،‬يصل تجاويف المخ بتجويف البطن‪ ،‬حتى يخفف ضغط المخ‬
‫المرتفع‪ ،‬فنقلل من حدوث التشنجات و نوبات الصرع‪ ،‬التى بدأت تنتابه بين الحين و اآلخر‪ ..‬و توالت العمليات‬
‫الجراحية و جلسات العالج الطبيعى و الحجز أليام عدة فى أقسام األطفال و األعصاب و التأهيل‪ .‬وصار لدينا طفل‬
‫معاق إعاقة كاملة‪ ،‬فال حركة و ال كالم وال بلع وال إخراج‪ ،‬اللهم إال إبتسامة بريئة جميلة‪ ،‬يحيينا بها فيداعب بها قلوبنا‬
‫الموجوعة‪.‬‬
‫و تحولت حياتنا بالكامل‪ ،‬من حياة روتينية هادئة مسالمة‪ ،‬إلى حياة قلقة بإستمرار‪ ،‬متوترة دائما‪ ،‬و عنصر المفاجأة‬
‫فيها‪ ،‬من فرط تكرار حدوثه‪ ،‬لم يعد مفاجئا‪ ،‬فالتردد به على قسم الطوارئ بالمجمع العسكرى‪ ،‬حيث نعمل‪ ،‬صار‬
‫واردا و متكررا فى أى وقت من ليل أو نهار ‪.‬‬
‫أذكر أن أجمل أيام أى مغترب هى فترة أجازته السنوية‪ ،‬و عادة ما تكون رحلة العودة للوطن فى تلك األجازة‪ ،‬هى‬
‫أجمل أوقاتها‪ ،‬فتجد المطار مزدحما‪ ،‬و تجد المصريين أمام "كاونتر" مصر للطيران أو الخطوط السعودية المتجهة‬
‫إلى القاهرة‪ ،‬تجد المصريين و كأنهم فى عرس وتجد األطفال حولهم يلهون و يجرون وهم فى فرح و سعادة بالعودة‬
‫إلى حضن الوطن‪ .‬وهكذا يبدو الجميع فرح و منشرح‪ ،‬إال نحن!!‪ .‬فنحن ندفع مهند محموال فوق كرسى المعاقين‬
‫(‪ ، )Wheel Chair‬و نتقدم ببطئ نحو موظف الك اونتر و نطلب منه أن يخبر مطار القاهرة بأن يجهزوا لنا "اللودر"‬
‫الرافع‪ ،‬فيفعل متعاطفا معنا‪ ،‬ثم يطلب منا بصوت خجول أن ال ندخل الطائرة إال بعد ولوج كل الركاب‪ ،‬و ذلك رفقا‬
‫بنا‪ ،‬ألنى أكون وقتها حامال إبنى فوق ذراعى‪ ،‬فيكون األسهل أن أمر فى ممر الطائرة بسرعة بعدما يستقر كل راكب‬
‫فوق مقعده‪ ..‬أو هكذا تكون الرحلة شاقة بدنيا و موجعة نفسيا لكل فرد فينا‪.‬‬
‫ظل الوضع كذلك طيلة ‪ 16‬عاما‪ ،‬كنا خاللها قد استقدمنا خادمة فلبينية اسمها "إلما" (‪ ،)Elma Vale Dando‬و‬
‫الحقيقة أنها كانت ماهرة و مخلصة فى عملها‪ ،‬و األهم أنها أحبت "مهندا " و أحبها مهند‪ ،‬فصار يبتسم لها و يستسلم‬
‫لها تماما‪ ،‬فتجد عضالت أطرافه مسترخية معها‪ ،‬واألصل أنها متصلبة معظم الوقت‪.‬‬
‫وفى منتصف شهر أبريل من العام ‪ ،2014‬كان على أن أحمله إلى طوارئ المجمع العسكرى‪ ،‬ألن حرارته ارتفعت و‬
‫صار يتقيأ كل ما نحقنه فى بطنه من حليب أو ماء‪ ،‬حتى أنه أوشك على أن يصاب بالجفاف‪ .‬وهناك‪ ،‬كان تقييم طبيب‬
‫األطفال المناوب‪ ،‬أنه من األفضل له أن يتم حجزه فى قسم "العناية المركزة"‪ ،‬ألن حالته قد تتدهور بسرعة‪ ،‬تتعدى‬
‫إمكانات "قسم األطفال"‪ ،‬فوافقنا‪ .‬و كانت زوجتى ال زالت تعمل فى قسم "طب األسرة" بالمجمع العسكرى‪ ،‬فكانت‬
‫تمر عليه‪ ،‬عدة مرات أثناء دوامها المعتاد‪ .‬فى حين أننى وقتها كنت قد انتقلت للعمل بالمستشفى التخصصى‪ ،‬فكنت‬
‫أكتفى بما كانت تنقله لى أمه‪ ،‬عن حالته‪ ،‬التى كانت قد استقرت إلى حد كبير ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫وفى يوم ‪ 16‬أبريل ‪ ، 2014‬الساعة ‪ 11‬صباحا‪ ،‬اتصلت بى احدى موظفات عالقات المرضى فى المجمع العسكرى‪،‬‬
‫لكى تخبرنى أن ‪" -:‬مهند تعبان شوية‪ ،‬و يفضل لو أنك تحضر للمستشفى اآلن"‪ .‬عندها أدركت أن الموضوع جد‬
‫خطير ‪ .‬فهرولت إلى المستشفى فالعناية المركزة‪ ،‬حيث يرقد مهند‪..‬وما توقعته و كنت أخشاه‪ ،‬قد حدث‪ .‬لقد مات مهند‪.‬‬
‫مات مهند‪ .‬مات مهند‪.‬‬
‫‪...............‬‬
‫‪.............‬‬
‫إبنى حبيبى‬
‫أين أنت اآلن ؟‬
‫بل أين أنا ؟‬
‫ال زلت تحيا بيننا‬
‫ال زال ملمس جلد وجهك الناعم‬
‫أشعر به يالمس جلد وجهى‬
‫يسعدنى‬
‫ال زالت ابتسامتك حين ترانى‬
‫تفرحنى‬
‫إبنى حبيبى‬
‫لقد اشتقت إليك‬
‫باألمس غادرنا "سكن الحيدر"‬
‫حيث ترعرعت أنت‬
‫ثم كان مرضك األخير هناك‬
‫وال زلت أذكر أن أكبر إنجاز فى حياتى هو‬
‫أنى حضرت غسلك فى مسجد "الفرقان" المجاور لسكننا‪.‬‬
‫و بينما الرجل يغسلك‬
‫كادت رأسك الصغيرة الجميلة أن ترتطم بمنضدة الغسل بقوة‬
‫لوال أنى‬
‫و الحمد هلل‬
‫توقعت ذلك‬
‫و مددت يدى بسرعة‬
‫بين رأسك المالئكى و المنضدة‬
‫الزلت أتذكر تلك اللحظة‬

‫‪72‬‬
‫و أحمد هللا‬
‫أنى كنت معك‬
‫فهل سأكون معك هناك ؟!‬
‫*******‬
‫باألمس القريب غادرت منزلنا "إلما"‬
‫مربيتك الفلبينية‬
‫لم نتخل عنها بعد أن فارقتنا أنت‬
‫و اليوم‬
‫بعد أن انتهت الرحلة‬
‫كان على كل منا أن يعود الى دياره‬
‫وودعناها بالدموع‬
‫و إنهارت أختك روال و هى تودعها‬
‫يا لقسوة الحياة‬
‫ما أن تحلو‬
‫حتى يدق جرس الرحيل‬
‫وعلى أمل أن نلتقيك‬
‫ال زلنا نحيا‬
‫**************‬

‫‪ 9‬يونيو ‪2021‬‬

‫أينشتاين‬

‫سافر العالم "أينشتاين" إلى اليابان عام ‪ 1922‬في الوقت الذي تم فيه العالن عن فوزه بجائزة نوبل للفيزياء‪ .‬وفي الفندق لم يجد‬
‫معه ماال ليعطيه للخادم الذي جلب له الشاي‪ ،‬فأمسك ورقة وكتب فيها جملة ثم وقعها وأعطاها للخادم ونصحه باالحتفاظ بها‪.‬‬
‫و بعد مرور ‪ 95‬عاما –في يوم ‪ - 2017/ 10/ 24‬اتصل أحد أبناء أخوة عامل الفندق ذاك‪ ،‬بدار المزايدات لطرح الورقة في‬
‫المزاد‪.‬‬
‫بدأ المزاد بالشاري األول و بمبلغ ‪ 2000‬دوالر ‪ ،‬وبعد ‪ 25‬دقيقة توقف المزاد على مبلغ ‪ 1.3‬مليون دوالر‪.‬‬
‫اآلن‪ ،‬لنرى ماذا كتب أينشتاين في تلك الورقة‪- :‬‬

‫‪73‬‬
‫*حياة هادئة ومتواضعة تجلب قدرا من السعادة أكبر من السعي للنجاح المصحوب بالتعب المستمر*‬
‫هذا عندهم ‪ ،‬فماذا عن عالمنا العربي! ‪-:‬‬
‫في العام ‪ 1958‬كان رئيس جامعة بغداد البروفيسور"عبد الجبار عبدهللا" هو أحد أربعة طالب تتلمذوا على يد العالم (أينشتاين)‬
‫في معهد (ماساشوستس) في الواليات المتحدة‪ .‬وعندما حدث انقالب على سلطة (عبد الكريم قاسم) (‪ )1963‬اعتُقل العالم‬
‫الفيزيائي العراقي تلميذ (أينشتاين) فيمن اعتقلوا من كوادر وسياسيين وأساتذة وعسكريين‪ .‬وعندما أُفرج عنه هاجر إلى الواليات‬
‫المتحدة وأقام أستاذا في نفس المعهد ومنحه الرئيس (هاري ترومان) أعلى وسام في أمريكا [ وسام العالم ]‪.‬‬
‫أحد زمالء الزنزانة عرفه جيدا‪ ،‬يقول أنه كان يشاهده مستغرقا في تأمالته وكانت دموعه تنهمر أحيانا‪.‬‬
‫و ذات يوم تجرأ وسأله عن سبب بكائه‪ ،‬فأجاب العالم الكبير‪:‬‬
‫عندما جاء الحرس القومي لعتقالي‪ ،‬صفعني أحدهم فأسقطني على األرض ثم فتش جيوبي وسرق ما لدي وأخذ فيما أخذ قلم‬
‫الحبر الذي أهداه إ لي (ألبرت أينشتاين) يوم نيلي شهادة الدكتوراه التي وقعها به‪..‬كان قلما جميال من الياقوت األحمر ولم أكن‬
‫استعمل هذا القلم إال لتوقيع شهادات الدكتوراه لطالبي في جامعة بغداد‪.‬‬
‫صمت هذا العالم قليال‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫"لم تؤلمني الصفعة وال العتقال المهين‪ ...‬ما آلمني أن الذي صفعني كان أحد طالبي!!!‬
‫هذا ما قاله البروفيسور "عبد الجبار عبدهللا"‪،‬‬
‫أينشتاين يقول‪:‬‬ ‫•‬
‫‪2%‬من البشر يفكرون‬
‫‪3%‬من البشر يظنون أنهم يفكرون‬
‫‪95%‬من البشر يفضلون الموت على أن يفكروا‪..‬‬
‫الخادم الياباني أكرم "انشتاين ) واحتفظ بالقصاصة ألحفاده بينما رجال السلطة في أمتنا التي تدعى عربية أهانوا أينشتاين‬
‫العراق والعرب وكسروا قلم أينشتاين!!!‬
‫ليس فقط في العراق بل الوطن العربي قاطبةَ‪ ..‬دمروا العلم والعلماء والتعليم واهتموا بإنشاء جيل مهووس بالغناء والكرة‬
‫والمالهي التي ال تسمن والتغني وال تفيد إال في انهيار األمة‪.‬‬
‫أمة يهان علماؤها ويصفع فيها الطالب أستاذه هي أمة خارج التصنيف أصال‪..‬‬ ‫•‬
‫**********************‬

‫‪ 11‬يوليو ‪2021‬‬

‫الطب" ‪ ،‬من مهنة إنسانية ‪ ،‬إلى "مهلة استثنائية!! "‬


‫التنمر ضد األطباء ‪ ..‬من يدفع الثمن ؟!‬
‫الحوار الدائر حاليا نحو وضع تشريع يؤمن للمريض حقه ضد أخطاء األطباء‪ ،‬سواء عمدا أو عن غير قصد (إهمال أو سهو أو‬
‫تراخى أو‪ ..‬الخ )‪ ،‬هو حوار مشروع و سليم تماما ‪ ،‬وال يستطيع أحد ‪ ،‬أيا من كان أن يسفهه أو يثبطه ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫فالمريض‪ ،‬المجنى عليه‪ ،‬من حقه رفع دعوى قضائية ضد من آذاه‪ ،‬و تعويضه عن أى ضرر سببه له الطاقم الطبى‪ .‬و هذا‬
‫بالضبط الحادث فى كل دول العالم األول و الثانى و كثير من الدول العربية‪ ،‬لدرجة أنهم يتندرون بأن المستشفيات فى أمريكا ‪،‬‬
‫تحوى من محاميى التعويضات أكثر مما تحوى من األطباء!!!‬
‫هذا الوضع ‪ ،‬رغم أنه يبدو مثاليا و أخالقيا و إنسانيا ‪ ،‬كانت له توابعه التى ال تستطيع كل المجتمعات تحملها ؛ فعلى سبيل‬
‫المثال و ليس الحصر ‪:-‬‬
‫(‪ )1‬تعملقت شركات التأمين –الخاصة بالمهن الطبية‪ -‬من ناحية اشتراكاتها و اشتراطاتها‪ ،‬و رغم أن الطبيب هو من يسدد‬
‫النفقات‪ ،‬ألنه العميل المباشر ‪ ،‬إال أن ذلك سرعان ما ينصرف الى المريض نفسه‪ ،‬و خاصة فى المنشآت الطبية‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫(‪ )2‬ثانيا وهو األهم ‪ ،‬أن هذا التنمر أو قل "الترصد" لألطباء ‪ ،‬خلق حالة دفاعية عند األطباء‪ ،‬تسمى "الطب الدفاعى "‬
‫)‪ ، (Defensive Medicine‬وهو نوع من الطب غالى الكلفة المادية جدا ‪ ،‬و تعانى من نفقاته و تبعاته الدول الغنية‬
‫‪ ،‬فما بالكم بالدول المتواضعة ماديا ؟!‪ .‬أما المريض‪ ،‬فهو الخاسر األول فى تلك الحالة ‪.‬‬
‫فما هو هذا الطب الدفاعى )‪ (Defensive Medicine‬؟‬
‫هذا الطب الدفاعى يعنى ببساطة اللتزام الحرفى المقيت بالمرجع الطبى‪ ،‬معليا مبدأ "سالمة الطبيب أوآل"‪ ،‬واضعا ضميره‬
‫المهنى و خبرته الكلينيكية فى الثالجة‪ .‬و يعنى أيضا؛ أن استيفاء األوراق – من الناحية القانونية – مقدم ‪ ،‬من ناحية التوقيت و‬
‫األهمية‪ ،‬على الخدمة الطبية‪ .‬و هذا يستلزم أن يمر المريض بكل أنواع الفحوصات و التحاليل‪ ،‬وال ننتقل إلى خطوة عالجية‬
‫أخرى‪ ،‬إال بعد أن يستوفى المريض الخطوة األولى موثقة‪ ،‬بمعنى أن من لديه "إشتباه نزيف فى البطن"‪ ،‬فإن عليه أن ينتظر‬
‫تحاليل وظائف الكلى أوال ‪ ،‬لكى ينتقل بعدها المريض الى قسم األشعة لجراء أشعة مقطعية بالصبغة على البطن‪ ،‬و على‬
‫الجراح أن ينتظر تقرير األشعة مكتوبا و موقعا من طبيب األشعة‪ ،‬و كذا أكياس الدم من بنك الدم ‪ ،‬قبل أن ينتقل الى حجرة‬
‫العمليات‪ ،‬بعد أن يحصل على كل التوقيعات التى تفيد بأنه شرح للمريض و أهله؛ كل الحتماالت القائمة‪ ،‬بما يخلى مسئوليته‬
‫من عواقب الجراحة ‪.‬‬
‫ولقد تعرضت شخصيا لمثل تلك الحالة‪ ،‬حين عرف طبيبى المعالج أننى "زميل مهنة" و بدأت أناقشه فى كل تفصيلة يقوم بها‪،‬‬
‫فوجدت طبيبى هذا قد بدأ يلتزم حرفيا بالكتاب‪ ،‬و توقف عن ممارسة خبرته الكلينيكية معى – حتى يريح دماغه من فلسفتى –‬
‫فقد أرسل عينة من دمى للمختبر لزراعته و معرفة نوع البكتيريا فيه ‪ ،‬و كان على أن أنتظر فى المستشفى ‪ 3‬أيام لكى تأتى‬
‫النتيجة بأن دمى يحوى ميكروب ))‪ ،Streptococcus Viridans‬فقال لى طبيبى‪ ،‬أن الكتاب يقول أن هذا النوع من البكتيريا‬
‫يتواجد بكثرة على الصمام الميترالى للقلب و بالتالى فيجب العرض على فريق "أمراض القلب"‪ ،‬و من ثم ‪ 3‬أيام أخرى‬
‫بالمستشفى‪ .‬و قد كان‪ ،‬و تم عمل تصوير للقلب بالموج ات الصوتية من فوق الصدر ‪ ،‬و كتبوا فى تقريرهم أنهم لم يروا شيئا‬
‫غريبا فى القلب‪ ،‬و أنهم يوصون لزيادة الدقة‪ ،‬أن يتم عمل تصوير للقلب عن طريق المرىء ‪ ،‬و هذا يلزمه تخدير كلى‪ ،‬و من ثم‬
‫فيجب تقييمى بواسطة طبيب التخدير بعد يوم أو اثنين‪ ،‬قبل أن يشرع فى تخديرى‪ .‬و وارد جدا أن يطلب هو اآلخر مزيدا من‬
‫التحاليل‪ ،‬و تاليا أيام أخرى كثيرة‪ ،‬تضاف الى أسبوعين قضيتهما فى نفس الحجرة و على نفس السرير‪ .‬و أنا أعلم‪ ،‬و طبيبى‬
‫يعلم‪ ،‬أن هذه البكتيريا غير مؤثرة على حالتى العامة‪ ،‬و أن تواجدها فى مزرعة الدم‪ ،‬ربما يكون محض صدفة‪ ،‬وفى أسوأ‬
‫الظروف فإن عالجها يكون بـ"البنسلين" منذ اليوم األول ‪.‬‬
‫إلى هنا كنت قد انهرت تماما فطلبت من طبيبى المعالج أن أوقع له على أوراق "الخروج من المستشفى على مسئوليتى و ضد‬
‫النصيحة الطبية ‪ " (LAMA).‬و أعتقد أن ذلك كان أجمل ما سمعه طبيبى منى‪ ،‬فأخرج على الفور القرار من جيبه‪ ،‬فوقعته له‪،‬‬
‫و خرجت مسرعا من المستشفى‪ ،‬دون إنجاز يذكر ‪.‬‬
‫فهل تستطيع الدولة – ممثلة فى وزارة الصحة ‪ -‬تحمل كل تلك النفقات‪ ،‬وهى التى ال تستطيع أن توفر كل األساسيات ؟؟‪ .‬و‬
‫إجماال ؛ هل سيكون ذلك فى مصلحة المريض على المدى البعيد ؟ أم أنه سيتحمل المزيد من النفقات – فى القطاع الخاص –‬
‫دونما نقلة نوعية فى مستوى الخدمة الطبية ؟ !‬
‫(‪ )3‬ثالثا ‪ ،‬وهو أيضا مهم ‪ ،‬أن هذا التجاه‪ ،‬سوف يكرس حالة "األيدى المرتعشة" لدى األطباء عموما ‪ ،‬و أطباء القطاع‬
‫الحكومى خصوصا‪ .‬فمن ذا الذى سوف يغامر و يدخل مصابا "فى حادث سيارة" أو مطعونا بسكين أو ساقطا من عل‬
‫‪ ،‬من هذا الجراح الجرىء الذى سوف يدخل المصاب غرفة العمليات و إحتمال وفاته قائم و تاليا فإن سيف الدانة‬
‫على رقبة الجراح‪ .‬أم أن األسلم له‪ ،‬من الناحية القانونية‪ ،‬أن ينتظر األشعة و التحاليل و رسم القلب و أكياس الدم‬
‫و‪..‬و‪..‬إلخ‪ .‬فإذا نفذ قضاء هللا ؛ "تو زع دم المصاب بين القبائل"‪ ،‬ما بين قسم األشعة و جهاز رسم القلب و المختبر و‬
‫بنك الدم‪ ،‬و عدد ال بأس به من الممرضين و الداريين‪ ،‬حتى تصل الى المحافظ و وزير الصحة‪ ،‬و ينجو الجراح‬
‫المتردد ذو "اليد المرتعشة"‪ .‬فهل هذا ما نصبو إليه ؟ !‬
‫(‪ )4‬رابعا‪ ،‬و إجماال‪ ،‬سيتحول المري ض فى نظر طبيبه‪ ،‬من إنسان عاجز لجأ إليك (كطبيب) سائال العون و المعونة‪ ،‬لكى‬
‫يتجاوز محنته الصحية و يعود سليما معافا و شاكرا و مقدرا خدمتك و علمك و جهدك‪ ،‬الذى بذلته من أجل أن يشفى‬

‫‪75‬‬
‫هو‪ .‬سوف يتحول المريض فى نظر طبيبه ‪ ،‬إلى "عدو محتمل"!!‪ .‬فهذا المسكين الذى يئن و يتوجع أمامك‪ ،‬سوف‬
‫يطاردك غدا – و بمجرد أن يشفى – فى ساحات المحاكم‪ ،‬و خلفه فيلق من المحامين األشد عداوة و ضراوة ‪.‬‬
‫ومن ثم ‪ ،‬ستتحول مهنة الطب‪ ،‬من مهنة إنسانية‪ ،‬إلى "مهلة إستثنائية"‪ ،‬ال تدرى بعدها متى ستعود إلى "السجن"‪ ،‬و كم‬
‫ستقضى فيه‪ ،‬قبل أن تعود إلى أوالدك‪ ،‬نادما على إمتهانك مهنة الطب الذى أهانك ‪!!.‬‬
‫إن المزيد من الضغوط على األطباء‪ ،‬سوف يدفع القلة الباقية الى الهجرة‪ ،‬الحقين بأسالفهم‪ .‬ليس هذا فقط‪ ،‬بل سيرفع أجر‬
‫الجراحات و الحاالت الحرجة بالقطاع الخاص الى أسعار فلكية‪ ،‬تغطى ماديا احتماالت التعويضات و المساءالت القانونية‪.‬‬
‫** ال شك أن الهمال مرفوض‪ ،‬شكال و موضوعا ‪ ،‬و على المهمل أن يتحمل نتيجة إهماله‪ ،‬و خاصة إذا ما أدى الهمال الى‬
‫عواقب صحية تؤثر على المريض بأى شكل من األشكال‪ .‬و من هنا فإن لجانا فنية متخصصة تؤلفها النقابة‪ ،‬تدعم القضاء فى‬
‫أحكامه‪ ،‬بخصوص كل حالة بعينها ‪ ،‬ستكون هى الضامن لكل من المريض و الطبيب؛ عدالة الحكم و منطقيته‪.‬‬
‫أما إذا استمرت تلك الحالة العدوانية‪ ،‬و استمرأ المشرعون حالة الترصد تلك‪ ،‬فإن النتائج ‪ ،‬العاجلة و اآلجلة‪ ،‬لن تكون مرضية‬
‫ألى طرف من األطراف‪ ،‬حتى و إن حسنت النوايا‪ .‬ف "حسن النوايا" ليس دائما ؛ ضامنا لـ "حسن النهاية‪" !!.‬‬
‫******************‬

‫‪ 9‬أغسطس ‪2021‬‬

‫قدر العلماء فى بالدى!‬


‫سافر العالم "أينشتاين" إلى اليابان عام ‪ 1922‬في الوقت الذي تم فيه العالن عن فوزه بجائزة نوبل للفيزياء‪ .‬وفي الفندق لم‬
‫يجد معه ماال ليعطيه للخادم الذي جلب له الشاي فأمسك ورقة وكتب فيها جملة ثم وقعها و أعطاها للخادم ونصحه بالحتفاظ‬
‫بها‪.‬‬
‫وبعد مرور ‪ 95‬عاما –في يوم ‪– 2017/ 10/ 24‬اتصل أحد أبناء أخوة عامل الفندق ذاك‪ ،‬بدار المزايدات لطرح الورقة في‬
‫المزاد‪.‬‬
‫ابتدأ المزاد بالشاري األول (‪ 2000‬دوالر) وبعد ‪ 25‬دقيقة وقف المزاد على مبلغ ‪ 1.3‬مليون دوالر‪.‬‬
‫اآلن لنرى ماذا كتب (أينشتاين) في تلك الورقة‪:‬‬
‫*حياة هادئة ومتواضعة تجلب قدرا من السعادة أكبر من السعي للنجاح المصحوب بالتعب المستمر*‬
‫هذا عندهم ‪ ،‬فماذا عن عالمنا العربي!‬
‫في العام ‪ 1958‬كان رئيس جامعة بغداد البروفيسور "عبد الجبار عبد هللا"‪ ،‬هو أحد أربعة طالب تتلمذوا على يد العالم‬
‫"أينشتاين" في معهد "ماساشوستس" في الواليات المتحدة‪ .‬وعندما حدث انقالب على سلطة "عبد الكريم قاسم" فى العام ‪1963‬‬
‫‪ ،‬اعتُقل العالم الفيزيائي العراقي تلميذ "أينشتاين" فيمن اعتقلوا من كوادر وسياسيين وأساتذة وعسكريين‪.‬‬
‫وعندما أُفرج عنه هاجر إلى الواليات المتحدة وأقام أستاذا في نفس المعهد ومنحه الرئيس "هاري ترومان" أعلى وسام في‬
‫أمريكا؛ "وسام العالم"‪.‬‬
‫أحد زمالء الزنزانة عرفه جيدا‪ ،‬يقول إنه كان يشاهده مستغرقا في تأمالته وكانت دموعه تنهمر أحيانا‪ .‬و ذات يوم تجرأ وسأله‬
‫عن سبب بكائه فأجاب العالم الكبير‪" -:‬عندما جاء الحرس القومي لعتقالي صفعني أحدهم فأسقطني على األرض ثم فتش‬
‫جيوبي وسرق ما لدي وأخذ فيما أخذ قلم الحبر الذي أهداه إلي "ألبرت أينشتاين" يوم نيلي شهادة الدكتوراه التي وقعها به‪.‬‬
‫كان قلما جميال من الياقوت األحمر ولم أكن استعمل هذا القلم إال لتوقيع شهادات الدكتوراه لطالبي في جامعة بغداد"‪.‬‬
‫و صمت هذا العالم قليال‪ .‬ثم قال‪ "- :‬لم تؤلمني الصفعة وال العتقال المهين‪..‬ما آلمني أن الذي صفعني كان أحد طالبي!"‪.‬‬
‫هذا ما قاله البروفيسور "عبد الجبار عبدهللا"‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫أما أينشتاين فيقول‪- :‬‬
‫‪ 2%‬من البشر يفكرون‬
‫‪ 3%‬من البشر يظنون أنهم يفكرون‬
‫‪ 95%‬من البشر يفضلون الموت على أن يفكروا‪..‬‬
‫الخادم الياباني أكرم "أينشتاين" واحتفظ بالقصاصة ألحفاده‪ ،‬بينما رجال السلطة في أمتنا التي تدعى عربية أهانوا "أينشتاين"‬
‫العراق والعرب وكسروا قلم أينشتاين!‪.‬‬
‫ليس فقط في العراق بل الوطن العربي قاطبةَ ‪ ،‬دمروا العلم والعلماء وال تعليم واهتموا بإنشاء جيل مهووس بالغناء والكرة‬
‫والمالهي التي ال تسمن والتغني وال تفيد إال في انهيار األمة‪.‬‬
‫(أمة يهان علماؤها ويصفع فيها الطالب أستاذه هي أمة خارج التصنيف أصال)‪.‬‬
‫*******************‬

‫‪ 30‬أغسطس ‪2021‬‬

‫متى يقول علماؤنا كلمتهم ؟!‬


‫أصدرت المؤسسات الطبية و العلمية فى أمريكا و أوروبا و الصين بيانا العام قبل الماضى (‪ )2019‬يحذر من فيروس‬
‫قاتل أسموه "كوفيد – ‪ ." 19‬و كشفت تلك المؤسسات عن أعراض الصابة به‪ ،‬فيما أسموه "جائحة كورونا"‪ .‬ونصحتنا تلك‬
‫المؤسسات بالتباعد الجتماعى و ارتداء الكمامات‪ .‬ثم اخترعوا طريقة للكشف عن هذا الفيروس القاتل‪ ،‬عن طريق المسحة‬
‫األنفية أو الفموية‪ ،‬و من ثم يتم عزل من تثبت إصابته‪ ،‬حتى ال ينشر الوباء‪ .‬و أخيرا و ليس آخرا ‪ ،‬اكتشفت أمريكا لقاحا‪ ،‬و‬
‫اكتشفت بريطانيا لقاحا آخر ‪ ،‬و اكتشفت الصين لقاحا ثالثا ‪ ،‬و فى األفق بشائر اكتشاف عالج ناجع‪ ،‬يقضى على المرض فى أى‬
‫مرحلة كان‪.‬‬
‫و طوال هذين العامين‪ ،‬لم نسمع صوتا عربيا أو شرق أوسطى‪ ،‬اكتشف شيئا أو الحظ شيئا أو قرر شيئا‪ ،‬حيال تلك الجائحة‬
‫؟؟!!‪ ..‬فقط تسمع يوميا أعداد المصابين و الموتى ‪ ،‬حتى هذه فإنها إحصاءات مشكوك فى صدقها ‪.‬‬
‫• كم جامعة لدينا و كم لدينا من مراكز للبحوث و معامل و مختبرات و كم رسالة دكتوراه نصدر سنويا ؟؟‪.‬‬
‫•أين علماؤنا و عباقرتنا ؟؟‪..‬لماذا هم صامتون ؟؟‪.‬‬
‫الحقيقة المؤلمة التى كشفتها تلك الجائحة ؛ هى قدرتنا العظيمة على خلط الجهل بالمرض‪ ،‬بإنتظار الهالك‪ ..‬أو أن يمن علينا‬
‫الغرب ب "ترياق!!! "‬
‫******************‬

‫‪ 8‬فبراير ‪2022‬‬

‫مأساة النجوم‬
‫يوما ما فى العام ‪ ، 2011‬كنت أسير داخل المستشفى التخصصى‪ ،‬برفقة زميلنا المهذب جدا؛ د‪".‬طارق عزيز حماية"‪..‬‬
‫كان الوقت صباحا‪ ،‬وكنا ذاهبين إلى مكتب السفر الموجود أيضا داخل المستشفى‪ ،‬و ذلك لحجز تذاكر أجازتنا السنوية‪ .‬المسافة‬
‫بين المبنيين‪ ،‬حيث نعمل‪ ،‬و اآلخر حيث مكتب السفر‪ ،‬التزيد عن ‪ 400‬متر‪ .‬أثناء ذلك كان يمر بنا العديد من موظفى‬

‫‪77‬‬
‫المستشفى‪ ،‬الذين كانوا يوقفوننا للمصافحة و الحديث الودى الذى ال يخلو من مزاح‪ .‬فتأخرنا كثيرا‪ ،‬حتى أننا عندما وصلنا‬
‫المكتب‪ ،‬كان قد أغلق لراحة فترة الغذاء‪ .‬فنظر لى طارق مبتسما ‪"-:‬شفت شعبيتك الجارفة عملت فينا إيه؟؟"‪.‬‬
‫أنا ‪" -:‬دى شعبيتك انت‪..‬انت هنا قبلى بـ ‪ 3‬سنين"‪.‬‬
‫طارق ‪" -:‬أنا كنت هنا امبارح‪..‬مشيت خمس دقائق فقط ال غير‪..‬و أى حد كان بيقابلنى؛ هاى جاى باى و خالص" !!‬
‫تلك كانت المرة األولى التى انتبهت فيها لكلمة و معنى "الشعبية"‪.‬‬
‫‪.........‬‬
‫ثم حدث بعد ذلك بعامين‪ ،‬أن ذهبت الى عيادة األسنان‪ ،‬بعد أن بلغ بى األلم مداه‪ ،‬و بعد الكشف الدقيق من قبل زميل شاب‪ ،‬خلع‬
‫قفازاته و قال لى‪" -:‬بكل أسف سوف تحتاج إلى خلع الضرس وقطع العصب المغذى ثم تركيب حشو مؤقت و بعدها التركيب‬
‫الدائم"‪.‬‬
‫قلت له و أنا اتألم ‪"-:‬ماشى‪ ..‬دعنا نبدأ"‬
‫فرد على ساخرا ‪" -:‬نبدأ إيه ؟!‪..‬حضرتك ح تحجز موعد فى عيادة التركيبات عند السكرتيرة برة‪ ..‬بس أبشرك‪..‬مش قبل ‪6‬‬
‫شهور"!‬
‫لم أجادل أو أبد أى ردة فعل‪ ،‬فقد أحبطنى هذا الطبيب تماما‪ ،‬و قمت من أمامه و توجهت للسكرتيرة لحجز موعد‪ .‬و عندما‬
‫أعطيتها بطاقتى الطبية‪ ،‬نظرت إلى بإندهاش ‪" -:‬أأنت د‪ .‬حديدى ؟؟"‪..‬قلت لها و قد فاجأنى اندهاشها‪"-:‬نعم‪..‬أنا"‪ .‬ابتسمت و‬
‫أخذت تتفحص كمبيوتر المواعيد‪ ،‬ثم التفتت لى ثانية و قالت‪"-:‬رسميا‪ ،‬أمامك ‪ 6‬شهور على األقل‪..‬و لكنى سأحاول أن أخدمك و‬
‫أجعل أحد الختصاصيين يعالجك فى فترة راحته‪. .‬فقط أعطنى رقم موبايلك وسوف أتصل بك عندما أتم الترتيبات"‪ ..‬أحسست‬
‫أنها ستتجشم بسببى ماال تطيق‪ ،‬ثم أنى ال أعرفها حتى تفعل ذلك من أجلى‪ ،‬فقلت لها بخجل‪"-:‬أوال ألف شكر على مجرد انك‬
‫تفكرى فى هذا الحل‪..‬و لكن ال داعى أن نتعب أحدا آخر"‪ .. .‬فقالت لى بلهجة حازمة‪"-:‬نتعب مين يا دكتور ؟!!‪ ..‬يا دكتور أنت‬
‫بتخدم الصغير و الكبير‪ ..‬خلينا مرة نخدمك‪..‬أعطنى رقم موبايلك"!‬
‫تلك كانت المرة الثانية التى أنتبه فيها لصوابية ما أصنعه فى الطوارئ‪ ،‬عن غير قصد منى‪.‬‬
‫‪.......................‬‬
‫أما المرة الثالثة‪ ،‬فكانت فى العام ‪ 2015‬فى حجرة الكشف السريع المجاورة لمكتب موظفى الستقبال‪ ،‬إذ حضر إلينا رجل‬
‫مصاب بجرح قطعى عميق فى وجهه‪ ،‬مشتبه فى أن يكون مطعونا بسكين‪ ،‬رغم أن المريض نفسه‪ ،‬يدعى أنه وقع زلقا فوق آلة‬
‫حادة‪.‬‬
‫لم أهتم كثيرا بتلك التفاصيل‪ ،‬و اندفعت أمارس عملى الجراحى‪ ،‬الذى كان إلى حد ما مرهقا‪ ،‬فجروح الوجه عموما تحتاج إلى‬
‫دقة و حرفية شديدتين‪ ،‬حتى ال يخلف الجرح تشوها بالوجه‪ .‬قضيت فى تلك العملية قرابة الـثالث ساعات‪ ،‬باذال أقصى ما لدى‬
‫من مهارات جراحية و تجميلية‪ .‬و عندما انتهيت و أفاق المريض من تخديره (‪ )Conscious Sedation‬تأمل شكله عن طريق‬
‫الموبايل‪ ،‬و أبدى امتعاضا‪ ،‬ثم أراد النصراف‪ ،‬و لكنى أخبرته‪ ،‬أنه ممنوع من النصراف‪ ،‬إال بعد أن تحضر الشرطة‪ ،‬و أننا‬
‫بالفعل قد أبلغناهم‪ .‬و هنا ثارت ثائرة المريض و بدأ يصيح بعصبية و توتر شديدين‪ .‬فى المقابل فقد انفعلت أنا أيضا‪ ،‬وقلت له‬
‫بصوت عال أن يلزم مكانه و يوقف الصياح‪ ،‬و لكن ما حدث هو أن المريض زاد انفعاله و صياحه‪ .‬فما كان من موظف‬
‫الستقبال‪ ،‬و كان يومها؛ "محمد الرناخ"‪ ،‬إال أن اقتحم الحجرة ووقف إلى جوارى‪ ،‬و بدأ يصيح فى المريض بحدة و يهدده‪ .‬ثم‬
‫تحدث تليفونيا طالبا رجال أمن المستشفى‪ ،‬الذين حضروا مسرعين و سيطروا على الموقف‪.‬‬
‫و بعد أن هدأت األحداث‪ ،‬قلت لـ "محمد الرناخ" ‪" -:‬ما الذى جعلك تتدخل بهذا الشكل ؟!"‪ .‬قال لى بثقة و ابتسامة عريضة ‪-:‬‬
‫"تلك أول مرة أسمعك فيها منفعال ‪ ..‬و بالتالى أدركت أن هناك أمرا جلال قد حدث‪..‬لذلك اندفعت داخل غرفة الكشف كى‬
‫أحميك‪..‬و أنا أهرع إليك صرخت فى ممرضة الفحص األولى (‪ )Triage Nurse‬أن تتصل باألمن"‪ ..‬قلت متسائال ‪-:‬‬
‫"تحمينى؟!"‪ .‬قال بثقة و جدية ‪"-:‬طبعا‪..‬أنا اندفعت كالمجنون‪ ..‬ما بأفكرش‪..‬أنا كان ممكن أقتله لو كان تمادى شوية"‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫هنا أحسست بالمسئولية الخطيرة‪ ،‬فالناس من حولى يثقون بى و بقدرتى على التحكم بانفعاالتى‪ ،‬و امتصاص غضب المرضى‪.‬‬
‫لذلك أحسست أنى أخطأت خطأ جسيما‪ ،‬حين انفعلت فى موقف‪ ،‬كان يمكن تداركه و احتواءه‪ .‬و إجماال ‪ ،‬أننى قد سحبت من‬
‫رصيدى لدى الزمالء العاملين معى‪ .‬وهو رصيد اكتشفت أن كله ثقة و إحترام و تقدير‪ .‬وأنه من العبث‪ ،‬هدره من دون ضرورة‬
‫حتمية‪.‬‬
‫‪...................‬‬
‫فى نفس الوقت‪ ،‬كان إبنى "زياد"‪ ،‬يكافح فى نفس كليتى (على درب أبيه)؛ القصر العينى (‪ 2018-2013‬م)‪ ،‬و كان يدور‬
‫بخلدى أحيانا كثيرة‪ ،‬أنه قد اقترب اليوم الذى يتعين على فيه أن أنقل له خبرتى و تجاربى فى الحياة و نصائحى العلمية و‬
‫العملية‪ .‬ولم يك ن إبنى فقط من أعنى‪ ،‬بل كل األطباء الشبان الذين كانوا يمرون بقسمنا‪ ،‬كجزء أساسى من "برنامج الزمالة‬
‫السعودى"(‪ .)Saudi Board‬وجدت أن النصائح كثيرة‪ ،‬وال تختلف كثيرا‪ ،‬عن نصائح باقى الستشاريين‪ ،‬و هى تبدأ من ؛‬
‫استحضر هللا فى ذهنك و ضميرك‪ ،‬و أنك تتعامل مع هللا و ل يس مع البشر ‪ ،‬و تنتهى سلسلة النصائح الكالسيكية بالقول بأن‬
‫تتعامل مع المريض و كأنه أبوك أو أخوك‪ ،‬و حاول دائما و أبدا أن تبث فى المريض روح التفاؤل واألمل فى الشفاء‪ ،‬مهما‬
‫كانت حالته الكلينيكية‪ ،‬فإذا ما كان ثمة أخبار سيئة‪ ،‬عن وضع المريض الصحى‪ ،‬فلتنبئ مرافقه بعيدا عنه‪ ،‬و ذا بعكس‬
‫التوصيات األمريكية و األوروبية فى مثل تلك الظروف‪ ،‬إذ تراهم جادون فى إخبار المريض تفاصيل مرضه ( ‪Breaking‬‬
‫‪ .) Bad News‬و منطقهم فى ذلك يعود إلى قوة المساءلة القانونية هناك‪ ،‬و تحايالت المحامين الذين يتصيدون الهنات و ينفذون‬
‫من هكذا ثغرات‪.‬‬
‫غير ذلك‪ ،‬فإن النصيحتين اللتين أعتز بإحتكارهما و بذلت فيهما سنوات من المالحظة و الختبار و التعديل‪ ،‬حتى وصلت إلى‬
‫صياغة معقولة لهما ‪-:‬‬
‫** النصيحة األولى ‪ -:‬هى أن هناك أناس حباهم هللا بـ "كاريزما" طاغية‪ ،‬و حضور الفت و مبهج‪ ،‬و هى نعمة من هللا‬
‫يحسدون عليها‪ ،‬من هؤالء كان الزمالء (بدون ترتيب)‪ -:‬عماد محسن‪ ،‬هشام سرور‪ ،‬محمد طرطير ‪ ،‬ياسر عايش‪ ،‬طارق بدير‬
‫‪ ،‬مبارك الملحم‪ ،‬خالد أبو حيمد ‪ ،‬سامى قشقرى‪ ،‬صالح آل هتيلة‪ ،‬محمد الملحم‪ ،‬محمد الغامدى‪ ،‬عبد هللا الشهرانى ‪ ،‬خالد الملحم‬
‫‪ ،‬عدنان اليوسف‪ ،‬بندر الجهنى‪ ،‬وائل عيد‪ ،‬فهد المجالد‪ ،‬هتان عسيالن‪ ،‬فيصل طاهر ‪ ،‬صالح علم ‪ ،‬على الزيرة ‪ ،‬محمد عبد‬
‫رب النبى‪ ،‬مقداد ‪ ..،..‬إلخ‪ .‬و هؤالء أحسبهم نجوم الشاشة!!‬
‫وهناك الناس العاديون‪ ،‬الذين أحسب نفسى واحدا منهم‪ ..‬و هم ينقسمون فى رأيى ‪ ،‬و بحسب مالحظاتى‪ ،‬إلى ثالثة أقسام ‪)1( -:‬‬
‫كومبارس شرير ‪ ،‬و هؤالء يمثلهم الموظفون المتقاعسون‪ ،‬و الممرضات المهمالت‪ ،‬و العمال الذين ال يعملون‪.. ،‬إلخ‪ ،‬و إجماال‬
‫هم مجموعة البشر الذين إذا رأيتهم ال تتفاءل خيرا‪ -: )2( .‬كومبارس صامت‪ ،‬و هؤالء هم الغالبية العظمى من البشر ‪ ،‬الذين‬
‫يشكلون جل الصورة و المساحة العظمى من العمل الفنى‪ ،‬إذا ما شبهنا حياتنا العملية اليومية‪ ،‬بعمل فنى متسلسل‪ .‬وهؤالء‬
‫يؤدون معظم العمل‪ ،‬بال تقاعس و أيضا بال حماس‪ -: )3( .‬النقاط المضيئة؛ (وهم الهدف من تلك النصيحة)‪ ،‬و هم مجموعة‬
‫البشر ‪ ،‬الذين يمثلون البطولة الثالثة و الرابعة‪ ،‬فى أى عمل سينمائى‪ ،‬أو ما يطلق عليه ؛ "السنيد" (أى من يسند البطل الرئيس)‪.‬‬
‫و هم مجموعة الموظفين و العمال‪ ،‬المخلصون فى أعمالهم‪ ،‬و يمتازون بروح سمحة و أخالقيات راقية‪ ،‬وال يتحدثون كثيرا‪ ،‬و‬
‫عتابهم إبتسامة خافتة‪ ،‬و إمتنانهم إبتسامة عريضة‪ ،‬وهم دائما متصالحون مع أنفسهم و مع اآلخرين‪ .‬و هؤالء تحديدا‪ ،‬إذا ما‬
‫رأيت أحدهم‪ ،‬أنا أو أنت‪ ،‬فإننا نشعر بالراحة و الطمأنينة‪ ،‬فكل شىء سيسير على ما يرام‪ .‬و أنا أعتقد أن هذه المنطقة‬
‫ا لمجتمعية‪ ،‬هى أجمل المناطق و أهدأها و أسعدها‪ .‬فاألبطال (المنطقة األولى) هم كالنجوم فى مركز الدائرة‪ ،‬و هم صناع‬
‫الحدث‪ ،‬و يتحملون مشقة إسعاد الجميع‪ ،‬و تلك مهمة ال يقوى عليها إال نخبة متميزة و محظوظة‪ ،‬فإن لم يحالفنا الحظ و كنا‬
‫منهم‪ ،‬فنحن نستطيع أن نكون نقطة سعا دة مضيئة فى اللوحة الكبيرة‪ .‬و ياله من نجاح‪ ،‬حين يذكر أحدهم إسمك‪ ،‬فيبتسم اآلخرون‬
‫!!‪.‬‬
‫** النصيحة الثانية ‪ -:‬و هى تختص بالتعامل مع المرضى و المرافقين‪ .‬فالكثير منهم‪ ،‬يكون متوترا ثائرا ‪ ،‬و بالطبع يصيب‬
‫األطباء من ذلك التوتر الجزء األكبر‪..‬و ألن الطبيب ـ وخاصة طبيب الطوارئ ـ يكون مستفزا معظم الوقت (بحكم نوعية‬
‫الحاالت التى يتعرض لها)‪ ،‬لذلك تجد منطقة الطوارئ قد احتشدت برجال األمن‪ ،‬معظم الوقت‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫بإستمرار يتقدم لنا مرافق المريض وهو ثائر ‪"-:‬دكتور ‪ ..‬هل هذا يصح؟‪ ..‬والدى مريض بالسرطان و أخذ كيماوى أمس و‬
‫اليوم سخن علينا و من الصباح وهو بيطرش‪..‬يعنى حالته حرجة‪ ..‬تقوم الممرضة تتركنا فى صالة النتظار ساعتين‪..‬هل هذا‬
‫يصح؟؟"‪.‬‬
‫فيرد عليه أحدنا بهدوء حذر ‪" -:‬فى الوقت الحالى‪ ،‬كل األسرة مشغولة‪ ،‬و حالة والدك كما تقول أنت تستحق الفحص و العالج‬
‫على سرير‪ ،‬و ليس على كرسى"‪.‬‬
‫فيرد البن‪ ،‬وقد زاد غضبه‪ ،‬و ظهر عليه أنه يكظم غيظه ‪"-:‬والحل؟؟‪..‬نتركه هكذا حتى يموت؟!"‪.‬‬
‫فيرد زميلنا بهدوء روتينى ‪"-:‬إن شاء هللا يفضى سرير و ندخل والدك"‬
‫البن ‪"-:‬يعنى هو اللى عليه الدور ؟!"‬
‫زميلنا (وهو يشير إلى سلة الملفات) ‪"-:‬كما ترى‪..‬هذه الملفات كلها فى النتظار‪..‬و هى مرتبة حسب وقت الحضور‪..‬فال نستطيع‬
‫أن نقدم مريض على آخر"‬
‫البن وقد عال صوته ‪ ،‬و بدأ يفقد أعصابه ‪" -:‬أقول لك عنده سرطان و تقول لى بالدور و الوقت و ما أدرى إيش‪..‬هذا مو‬
‫معقول"‪.‬‬
‫وهنا يعلو صوت زميلنا و يحتد ‪"-:‬كل مرضانا عنده م سرطان‪..‬و أنت الحين تعطلنى و تؤخر والدك أكثر‪ ..".‬ثم يشير الى بوابة‬
‫الطوارئ‪" -:‬و اتفضل أخرج برة"‪ .‬وهنا ينتبه رجل األمن الواقف بجوار باب الطوارئ الى الصياح‪ ،‬فيسرع إلى زميلنا ويقف‬
‫بينه و بين المرافق‪ ،‬و يطلب من المرافق أن يخرج من منطقة العالج‪ ،‬إلى صالة النتظار حيث يجلس أبيه على الكرسى‬
‫المتحرك‪ ،‬فى معية المرضى اآلخرين‪.‬‬
‫عندها‪ ،‬ينصرف زميلنا ليباشر مرضاه‪ ،‬بينما يشعر البن‪ ،‬أنه دخل فى متاهة‪ ،‬فهو لم يفد والده بشئ‪ ،‬بل بالعكس‪ ،‬أثار عدوانية‬
‫العاملين بالمستشفى‪ ،‬مما قد ينعكس سلبا على والده‪ .‬و هنا تثور ثائرته ‪ ،‬و يرفض النصياع ألوامر رجل األمن‪ ،‬و يبدأ فى‬
‫الصياح ‪"-:‬وينه مدير المستشفى؟؟‪ ..‬أبغى مدير المستشفى يجينى حاال"‪ ..‬وهنا يتحدث رجل األمن فى جهازه الالسلكى‪ ،‬و ماهى‬
‫إال لحظات قالئل‪ ،‬حتى يتجمع المزيد و المزيد من رجال األمن‪ ،‬فيحملون المرافق حمال إلى خارج منطقة الطوارئ‪ ،‬لكى يبدأوا‬
‫معه سيناريو متكرر يوميا‪ ،‬بل كل ساعتين تقريبا‪ ..‬ذلك إذن موقف مكرور‪ ،‬بدرجة أنه صار من أبجديات قسم الطوارئ‪.‬‬
‫ثم حدث ذات مرة‪ ،‬فى أبريل من العام ‪ ، 2016‬أن تقدم ناحيتى‪ ،‬أحد المرافقين‪ ،‬و كالعادة كان ثائرا محبطا ‪" -:‬ممكن تشوف‬
‫الوالدة لو سمحت يا دكتور"‪. .‬وقتها كنت أحمل أحد الملفات وعلى وشك أن أستدعى المريض صاحب الملف‪ ،‬فقلت له و أنا‬
‫أنظر الى السم المسجل على الملف‪" -:‬هو إسم الوالدة إيه ؟" ‪ ..‬فيرد بصوت عال و قد نفذ صبره ‪"-:‬مشاعل حمد الدوسرى"‪،‬‬
‫قلت له منصرفا إلى صالة إنتظار السيدات ‪ ،‬و ناديت اسم المريضة التى حان دورها‪" -:‬فائزة سعد العنزى"‪ ،‬فوقفت المريضة و‬
‫اقتربت منى‪ ،‬فتراجع ذلك المرافق بعدما شعر ‪ ،‬أننا قد شغلت مع مريضة أخرى‪ ..‬و كان على أن أتقدم المريضة ألرشدها الى‬
‫سرير الكشف‪ .‬وما أن تقدمت خطوة حتى لفت نظرى إحدى المريضات‪ ،‬فوق الكرسى المتحرك وهى تتأوه فى صمت و رأسها‬
‫يتمايل يمنة و يسرة‪..‬أحسست أن تلك المريضة تتدهور إكلينيكيا‪ ،‬فأسرعت أدفع كرسيها المتحرك إلى داخل منطقة العالج و أنا‬
‫أصرخ فى الممرضات‪( Resuscitation -:‬إنعاش)‪ .‬و ذا يعنى أن الحالة خطيرة جدا و أن تهرع ثالث ممرضات على األقل‪،‬‬
‫إلى سرير النعاش‪ ،‬و يهرع إلى أح د الممرضين ليساعدنى فى دفع الكرسى‪ ..‬و خالل ثوان معدودة‪ ،‬كانت المريضة فوق سرير‬
‫النعاش‪ ،‬و قد اتصلت بكل األجهزة عن طريق خصالت مختلفة من األسالك‪..‬كانت حالة المريضة صعبة‪ ،‬فلقد تدهورت إلى‬
‫درجة الصدمة‪ ،‬و أما القلب فكان ينبض بسرعة وبدون إنتظام أو مايعرف بـ"تدهور البطين" (‪)Ventricular Fibrilation‬‬
‫مما اضطرنا إلى استخدام الصدمات الكهربية‪ ،‬و تم إنقاذ المريضة‪ .‬قضينا مع المريضة قرابة ساعتين فى ذروة العمل السعافى‬
‫السريع والمنظم‪ .‬وعندما انتظمت العالمات الحيوية للمريضة‪ ،‬شعرنا كلنا بالراحة‪ ،‬و كالعادة ينتابنا شعور داخلى بالتيه و الفخر‬
‫بذواتنا‪.‬‬
‫و عند خروجى من منطقة النعاش‪ ،‬مبتسما لباقى الطاقم الطبى‪ ،‬كعالمة رضا و إمتنان على أدائهم الرائع‪ ،‬إذا بى أفاجأ بنفس‬
‫المرافق (إبن المريضة مشاعل حمد الدوسرى)‪ ،‬يهرع إلى ثانية و هو يصرخ متوسال ‪"-:‬أمى يا دكتور ‪ ..‬أمى‪..".‬نظرت الى‬

‫‪80‬‬
‫الناحية األخرى متأففا ‪" -:‬انت إيه يا أخى ؟!‪..‬مش شايف اللى احنا فيه ؟!‪..‬ثم إحنا خمسة أطباء على رأس العمل‪ ،‬فلتذهب إلى‬
‫طبيب آخر"‪ ..‬فعال صوت البن متهدجا و يكاد يبكى ‪" -:‬يا دكتور هذى هى أمى" و أشار الى المريضة التى أنقذناها للتو‪.‬‬
‫عندها فهمت سوء التفاهم‪ ،‬فقلت له بصوت خجول‪" -:‬أمك‪ ،‬الحمد هلل‪ ،‬كويسة"‪..‬هنا انفجر البن فى البكاء‪ ،‬و انتفض جسده‬
‫بعنف‪ ،‬و كاد يسقط على األرض وهو يردد ‪" -:‬الحمد هلل ‪ ..‬الحمد هلل"‪ ،‬ففتحت له ذراعى و احتويته قبل أن يسقط‪ ،‬ولم أستطع أن‬
‫أمنع دموعى من أن تنهمر‪.‬‬
‫تلك الحادثة‪ ،‬آلمتنى كثيرا‪ ،‬فماذا لو أننا لم نستطع إنقاذ هذه المريضة؟!‪ ..‬صحيح أن أحدا منا لم يكن مخطئا أمام القانون المنظم‬
‫للعمل فى تلك المنطقة الساخنة‪ ،‬فالمسئولية هنا تقع على الممرضة األولى التى فتحت لها الملف و سجلت به عالماتها الحيوية و‬
‫قيمت المريضة من ناحية الخطورة القائمة‪ ،‬فقد كان األجدر بتلك الممرضة –على مهارتها المشهود لها –أن تعطى تلك‬
‫المريضة‪ ،‬أعلى تقييمات الخطورة الكلينيكية‪ ،‬و تدفعها –محمولة – مباشرة إلى منطقة النعاش‪ .‬و رغم ذلك‪ ،‬فإننا –كل الطاقم‬
‫الطبى المناوب – ال نستطيع أن نعفى أنفسنا من استشعار التقصير أمام هللا و تأنيب الضمير ‪ .‬و ألننى كنت واحدا ممن لجأ إليهم‬
‫البن مبكرا ‪ ،‬وألننى أخذت شكوى البن بإستخفاف إلى حد ما معتبرا أنه مثل باقى المرافقين الذين يحاولون لفت النتباه و‬
‫تخطى باقى المرضى الذين وصلوا قبلهم‪ ،‬ألننى من فعل ذلك مع تلك المريضة و إبنها تحديدا‪ ،‬لذلك إنتابنى شعور حاد بالخجل‬
‫من نفسى‪ ،‬استمر معى عدة أيام‪ .‬و قررت بعدها أن أتأخر فى ردة فعلى‪ ،‬على المرافق الذى يقاطعنى أثنا عالجى لمريض آخر‪.‬‬
‫فالداعى لإلجابات العدوانية من مثل؛ أال ترانى مشغول؟!‪ ..‬أو ؛ هل يعنى ذلك أن مريضك أهم من هذا المريض الذى ترانى‬
‫أكشف عليه؟!‪ ..‬أو ؛ إذن أنت تعنى أن أترك هذا المريض بدون عالج و أذهب إلى مريضك ؟!‪ ..‬إلخ من باقى الردود المنطقية‪،‬‬
‫ولكنها رغم ذلك إستفزازية إن لم تكن عدوانية‪ .‬فنحن معشر األطباء‪ ،‬نسقط من حسباننا المشاعر الخاصة جدا بين أفراد األسرة‬
‫الواحدة‪ ،‬و نطلب منهم أن يكونوا حياديين مثلنا تجاه مرضاهم و المرضى اآلخرين‪ .‬وهذا و إن كان هو العدل‪ ،‬إال أنه عدل‬
‫جاف و مجاف تماما للطبيعة البشرية‪.‬‬
‫وهكذا ألزمت نفسى مذ ذاك بقاعدة الـ "خمس دقائق"؛ وهى أال أرد على أى طلب مستفز من أى مريض أو مرافق‪ ،‬إال بعد ‪5‬‬
‫دقائق (أو أعد من ‪ 1‬إلى ‪ ،)100‬و أن أفترض الصدق فى كالمه إلى أن يثبت العكس‪ .‬فى خالل تلك الدقائق‪ ،‬فإن مزاجى و‬
‫مزاج الطرف الثانى‪ ،‬يتغيران و يصبحان تحت السيطرة‪ ،‬فيهدأ الصوت و تختفى الكلمات الستفزازية و كثيرا ما تتغير‬
‫المواقف‪ ،‬بالطبع إال استثناءات قليلة‪.‬‬
‫*********************‬

‫‪ 21‬فبراير ‪2022‬‬

‫آخر مناوبة!!‬
‫اليوم كان ‪ 2022/02/21‬الساعة الثانية و النصف ظهرا‪ ..‬كنت فى طريقى الى المستشفى (( الملك‬
‫فهدالتخصصي بالدمام))‪ ،‬لكى أبدأ دوامى بعد نصف الساعة‪ .‬نظريا؛ ليس ثمة تغيير يذكر ؛ الجو صحو و جميل‪ ،‬والطريق ال‬
‫يستغرق أكثر من ‪ 7‬دقائق‪ ،‬و رجل األمن على بوابة المستشفى أشير له بالتحية كالعادة‪ ،‬فيفتح لى البوابة و قد علت البتسامة‬
‫وجهه الطيب‪ ،‬و بهدوء أقود السيارة داخل طرقات المستشفى متجها ناحية "جراج" السعاف ‪.‬‬
‫مشوار مكرور ‪ ،‬تقريبا يوميا – فيما عدا األجازات ‪ -‬طيلة اثنتى عشرة عاما متصلة‪ ،‬خالية من أى انفعاالت حادة‪ ،‬فال إحباطات‬
‫من أى نوع‪ ،‬و بالمثل ال إنجازات مبهرة‪ ..‬اللهم إال مشاعر هادئة‪ ،‬وسمت شخصية كل العاملين فى مستشفانا الجميل‪ ،‬بالهدوء و‬
‫دماثة الخلق‪ .‬هى إذن معزوفة يومية من النوع األوبرالى الراقى‪ ..‬كانت تصيبنى أحيانا ببعض الملل‪ ،‬فنشتاق ليوم العطلة و‬
‫الحرية و عدم اللتزام بمواعيد مسبقة أو الحقة‪ ..‬يوم نقضيه‪ ،‬نحن و بعض األصدقاء المقربين‪ ،‬على ساحل الخليج‪ ،‬فى هدوء ال‬
‫يقطعه إال شقشقة الطيور المهاجرة‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫لكن ما يختلف اليوم‪ ،‬هو أن اليوم هو آخر يوم لى فى العمل !!‪ .‬لقد حان زمن "التقاعد" !!!‪ .‬بل لقد تجاوزته بعامين‪ ،‬بسبب‬
‫ضغوطات الكورونا ‪.‬‬
‫اليوم أتجه الى العمل‪ ،‬و مشاعر متضاربة تنتابنى؛ ما بين أننى مقبل على فترة راحة جسدية ‪ ،‬و ذا من المفترض أن يسعدنى‪ ،‬و‬
‫ما بين أننى منذ الغد ‪ ،‬لن يكون لى عالقة بمرضاى‪ ،‬و ستنتفى عنى صفتى الرسمية كطبيب مسئول بالمستشفى‪ ،‬وقد يوقفنى‬
‫رجل األمن متسائال ‪ -:‬إلى أين ؟‪!.‬‬
‫كان يوم عمل عادى جدا‪ ،‬و الكثيرون‪ ،‬بل معظم الفريق الذى كان يعمل معى‪ ،‬لم يكونوا يدركون‪ ،‬أن ذا ؛ هو يوم عملى األخير‬
‫!! و بمرور الدقائق بدأوا يدركون ذلك من ثنايا حديثى‪ ..‬و رغم أنهم جميعا كانوا يعلمون‪ ،‬أن أربعتنا مغادرون – د‪ .‬ياسر‬
‫عايش و د‪ .‬طارق بدير و د‪ .‬عماد محسن و أنا – إال أن أحدهم ال يعلم تحديدا تواريخ المغادرة‪.‬‬
‫و ما أن بدأ أعضاء فريقنا – الذين هم على رأس العمل – يدركون حقيقة أن تلك المناوبة‪ ،‬هى المناوبة األخيرة لى فى‬
‫المستشفى‪ ،‬حتى انفجر بركان الحب و المشاعر الجياشة و العواطف الجميلة‪ ،‬لم أتحمل هذا البركان الروحانى الجميل‪ ،‬فإنزويت‬
‫قليال فى حجرة األطباء‪ ،‬أكفكف دموعا تسللت من عيونى رغما عنى‪ .‬وقتها أحسست أن قلبى كاد ينخلع من صدرى‪ ،‬و أن‬
‫قدماى ال تقويان على حملى‪ ..‬استرحت قليال ‪ ،‬ثم خرجت من الحجرة‪ ،‬لكى أفاجأ بأن الزمالء فى قسم األطفال قد أحضروا‬
‫كعكة‪ ،‬كتبوا عليها إسمى‪.‬‬
‫ياله من يوم !!‪ ...‬وقتها أدركت‪ ،‬أن مشاعر الحب و األخوة و الصحبة الجميلة‪ ،‬أكثر قسوة و إيالما –عند الفراق – من مشاعر‬
‫الكراهة و العداوة ‪.‬‬
‫*** أحبائى فى مستشفى "الملك فهد التخصصى" بالدمام ‪ ،‬ليتنى كرهتكم و كرهتمونى!!‪ ..‬ليتكم ناصبتونى العداء !!‪ ..‬ليت‬
‫حبكم لم يتسلل إلى وجدانى و دمى ‪ ...‬ليت صوركم لم تتسرب إلى داخل خاليا جسدى الواهن ‪.‬‬
‫قل لى‪ ،‬باهلل عليك‪ ،‬أيها المالئكى الذى تتأملنى عن بعد ؛ كيف أخلع صورتك من دمى و قلبى و من عينى؟‪!.‬‬
‫قولوا لى أيتها البشر الجميلة‪ ..‬باهلل عليكم ؛ كيف أنساكم ؟ ‪!.‬‬
‫قولوا لى‪ ،‬يا من صنعتم فى ذاكرتى‪ ،‬أجمل الذكريات‪ ،‬كيف تحلو لى الحياة بدونكم ؟!!‬
‫*************‬
‫اليوم‬
‫و اليوم فقط‬
‫أدركت حقا‬
‫أن من الحب ما قتل‬
‫لقد قتلتمونى بحبكم‬
‫فلقد رأيتكم‬
‫مالئكة‬
‫هبطت إلى بالحب من السماء‬
‫و سكنت قلبى و عقلى و روحى‬
‫فكيف نفترق اليوم ؟!‬
‫و هل تعيدون إلى أشيائى ؟!‬

‫‪82‬‬
‫قلبا بكم و لكم‬
‫قد خفق‬
‫و عقال‪ ،‬بمنطق الفراق‬
‫قد صعق‬
‫و روحأ‪ ،‬معكم‬
‫قد هامت فى األفق‪.‬‬
‫فـلتترفق يا رفيقى‬
‫حذار‬
‫أن تصادف عينى عيناك‬
‫فتنهار و أسقط منهارا‬
‫حذار‬
‫أن تقول ؛ وداعا‬
‫فيختنق صوتك‬
‫و تقتل العبرات أصواتى‬
‫أغلق عينيك و لتنصرف فى صمت‬
‫و دعنى و شأنى‬
‫ال أدرى ماذا أفعل بحياتى ؟؟!!‬
‫***********‬

‫‪ 23‬فبراير ‪2022‬‬

‫اليوم الثانى‬
‫ذهبت فى اليوم التالى (‪ 22‬فبراير ‪ )2022‬للمستشفى‪ ،‬كى أبدأ اجراءات إخالء الطرف (‪ ،)Clearence‬الوقت كان‬
‫العاشرة صباحا و الطقس كان شتويا دافئا و السماء صافية و الشمس ساطعة‪ .‬مشيت من موقف السيارات إلى مبنى الموارد‬
‫البشرية‪ .‬أخذت أتأمل شوارع المستشفى ال داخلية و حدائقها الجميلة‪ ،‬و الموظفون و العمال يتجولون فى هدوء بين المبانى‬
‫العديدة‪.‬‬
‫يا هللا‪ ..‬ما هذا الجمال ؟!!!‪ .‬إنها جنة هللا فى األرض‪ ..‬تلك البقعة الجميلة من الكرة األرضية‪ ،‬تنتمى إلى و أنتمى إليها‪ ..‬أذوب‬
‫فيها و تذوب فى‪ ..‬لقد صرنا قطعة واحدة ‪ ،‬فكيف نفترق ؟!‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫كل من كان يمر بى ‪ ،‬كان يحيينى‪ ،‬فمعظم العاملين يعرفوننى و أنا أعرفهم‪ ،‬و ليس بيننا إال الحب و المودة‪ .‬نتخاطب بإبتسام أو‬
‫بلطيف الكالم‪ .‬إنهم مالئكيون يتجولون فى أركان الفردوس األرضى‪ .‬فلماذا يجب على أن أخرج من هذا الفردوس‪ ،‬و كيف أحيا‬
‫خارج هذا الطار ؟!‪.‬‬
‫وفى المساء إلتقيت بـ عماد محسن و مقداد و محمد البراهيم ‪ ،‬على أحد مقاهى كورنيش الدمام‪ .‬وتحدثنا طويال عن تأثير إقامتنا‬
‫الطويلة فى السعودية عموما وفى الظهران خصوصا‪ ،‬على شخصياتنا‪ .‬فخالل ثالثين عاما‪ ،‬هى مدة إغترابى‪ ،‬لم يحدث أن‬
‫تشاجرنا مع أحد أو حتى شاهدنا شجارا فى الشارع‪ .‬حتى فى المرات القليلة التى إصطدمت فيها بسيارتى ضد سيارة أخرى‪ ،‬لم‬
‫نتشاجر و لم نتوتر ال أنا وال صاحب السيارة األخرى‪ ،‬بل نزلنا من سياراتنا و تصافحنا وتولى أحدنا مهمة إبالغ المرور ‪،‬‬
‫فارسلوا لنا سيارة معاينة الحادث (نجم) حبث يتولى أحدهم تقييم الحادث‪ .‬ثم ينصرف كل منا الى حال سبيله‪ ،‬لكى تتولى شركات‬
‫التأمين الحقا مهمة إصالح السيارات المصدومة‪.‬‬
‫** الحياة فى السعودية‪ ،‬و أحسبها كذلك فى كل دول الخليج‪ ،‬منظمة جدا‪ .‬وهو نظام ليس متروكا ألهواء البشر ‪ ،‬و إال لما صار‬
‫هناك نظام‪ ،‬فليس أقل من ‪ 30‬جنسية مختلفة م تواجدة فى منطقة الظهران‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬ولو ترك األمر لتصرفات البشر‪،‬‬
‫كل حسب هواه و ثقافته و تربيته‪ ،‬لصار األمر إلى فوضى عارمة‪ .‬لكنها قوة القانون يا سادة‪ ،‬و تاليا قوة من ينفذ القانون‪ .‬فرجال‬
‫الشرطة هنا لهم هيبة عظيمة‪ ،‬تمنعنا من تجاوز إشارة المرور الساعة ‪ 3‬فجرا ‪ ،‬بينما الشوارع خالية تماما من المارة‪ .‬و حديثا ـ‬
‫منذ العام ‪ -2010‬تم تغطية كل األماكن العامة و الطرق والشوارع‪ ،‬بالكاميرات‪ .‬و تاليا فأنت لن تجد إطالقا‪ ،‬من يلقى بالقمامة‬
‫فى الشارع‪ .‬ليس هذا فقط‪ ،‬بل صار يمكنك أن تقدم بالغا ضد أى مصلحة حكومية أو خاصة‪ ،‬على جوالك‪ ،‬و دون أن تتجشم‬
‫أى عناء‪ ،‬و لسوف تفاجأ بمن يتصل بك ليعلمك بما انتهت إليه شكواك‪ .‬و من ثم ‪ ،‬فالسمت العام هو النضباط المتزمت‪ ،‬بطريقة‬
‫قد ترهقك كموظف أو عامل تؤدى خدمة محددة‪ ،‬إذ لن يقبل منك أحد أى استهتار أو تراخ‪ .‬و بالمثل‪ ،‬فإنك لن تقبل بحقك‬
‫منقوصا من قبل آخرين‪.‬‬
‫و مازاد أنماط الحياة‪ ،‬عالوة على النضباط ‪ ،‬سهولة و يسرا ‪ ،‬هو إلتزام الحكومة بإقتناء كل التطبيقات الفتراضية ( ‪Online‬‬
‫‪ )Apps.‬أوال بأول‪ ،‬حتى أنى فى العام ‪ 2019‬بعت سيارتى‪ ،‬و أنا جالس فى البيت دون أن أرى المشترى‪ ،‬فالسيارة كانت فى‬
‫جراج العمارة و مفتاحها كان مع الحارس ‪ ،‬حين كان يعاينها المشترى‪ ،‬الذى اتصل بى على الموبايل و اتفقنا على السعر ‪ ،‬وفى‬
‫التو و اللحظة حول المبلغ إلى حسابى البنكى‪ ،‬فما كان منى إال أن أصدرت له تفويضا "أونالين"(من موقع "أبشر")‪ ،‬بالبيع‬
‫لنفسه و للغير ‪ .‬و بعد ربع ساعة وصلتنى رسالة من إدارة المرور تسألنى ‪"-:‬هل توافق على بيع سيارتك إلى إكس من‬
‫الناس؟"‪ .‬فأجبتهم بـ "نعم"‪ ،‬فردوا على بعد دقيقتين‪ ،‬بأنه منذ اآلن‪ ،‬انتقلت ملكية السيارة و رخصتها إلى المشترى بصورة‬
‫نهائية‪.‬‬
‫أما آخر النجازات التى حققتها من البيت "أونالين" أيضا‪ ،‬فكانت أنى تمكنت من إنشاء حساب جار فى "البنك السعودى‬
‫األمريكى" ألول مرة‪ ،‬دون أن أذهب للبنك‪ .‬استغرق األمر ‪ 3‬دقائق فقط‪ ،‬بعدها وصلتنى رسالة بها رقم حسابى الجارى إشعار‬
‫بأن أمر بأى فرع للبنك خالل شهر لطباعة البطاقة الممغنطة (‪ )ATM card‬من الماكينة الموجودة فى مدخل أى فرع‪ ،‬دون أن‬
‫أقابل أحدا من موظفى البنك‪ ،‬الذين تقلص عددهم فى أى فرع ألى بنك إلى قرابة الخمسة موظفين فقط ال غير ‪.‬‬
‫**********************‬

‫‪ 28‬فبراير ‪2022‬‬

‫الحب الزائد عن الحد‬


‫مشكلة طبيب الطوارئ ‪ ،‬أيا من كان هو ‪ ،‬فى مستشفى الملك فهد التخصصى‪ ،‬وفى أى مستشفى آخر‪ ،‬أنه يكون‬
‫معروفا جدا لكل العاملين فى المستشفى‪ ،‬بدرجة أكثر ‪ ،‬قليال ‪ ،‬من طبيب عيادة الموظفين‪ .‬فأغلب الموظفين آل يذهبون إلى عيادة‬

‫‪84‬‬
‫الموظفين إال مرة واحدة فى السنة‪ ،‬عند تجديد التعاقد‪ ،‬وما يلزمه من كشف طبى عام يثبت أو ينفى‪ ،‬قدرة الموظف على مزاولة‬
‫المهنة لعام آخر ‪.‬‬
‫و طبيب الطوارئ‪ ،‬معروف و مشهور أكثر بكثير من أى طبيب فى أى تخصص آخر‪ ،‬الذي قد ال يذهب له الموظف أبدا طوال‬
‫فترة عمله‪ ،‬إذا لم يعتر الموظف شيئا يمت لهذا التخصص بصلة ما‪.‬‬
‫أما قسم الطوارئ‪ ،‬فما من موظف إال و تردد عليه‪ ،‬إن لم يكن لنفسه‪ ،‬فـألحد من أهله أو رفاقه‪ .‬و من ثم انطلقت شهرة طبيب‬
‫الطوارئ‪ .‬فإذا أحسن أحدنا إلى الموظف المريض‪ ،‬قوال أو فعال أو بهما معا‪ ،‬ارتفعت أسهمه فى هذا المجتمع الصغير ‪ ،‬مجتمع‬
‫العاملين بالمستشفى‪ ،‬الذين يتجاوزون األلف من العمال و الموظفين و الفنيين‪.‬‬
‫و الحقيقة أننى لم أدرك تلك الظاهرة‪ ،‬إال رويدا رويدا‪ ،‬و خاصة عندما كنت أذهب كمريض إلى احدى العيادات المتخصصة‪،‬‬
‫حيث أفاجأ بحفاوة شديدة من أحد العاملين هناك‪ ،‬ألنى يوما ما أحسنت استقباله و عالجه فى الطوارئ‪ .‬ليس هذا فقط‪ ،‬بل إنى‬
‫اكتشفت‪ ،‬أنه و بطول مدة بقائى فى نفس القسم‪ ،‬فإن المرضى األصليين‪ ،‬صاروا يعرفون إسمى و كذلك أسماء الزمالء القدامى‪،‬‬
‫و صار تقريبا‪ ،‬لكل مريض طبيبه المفضل‪ .‬و صارت الممرضات يعرفن بالتقريب ميول بعض المرضى‪ .‬و يوما بعد يوم صار‬
‫لى "لستة" معروفة‪ .‬وصارت الممرضة تأتى إلى و هى مبتسمة لتبشرنى بأن المريض "‪ “ X‬قد وصل‪ ،‬وأنه يعلم أننى مشغول‬
‫و لسوف ينتظرنى فى صالة النتظار‪ ،‬وأنه يرفض أن يفحصه زميل آخر ‪ .‬و برغم أن هذا السلوك‪ ،‬كان يرهقنى الى حد ما ‪،‬‬
‫فقد صرت ملزما بالكشف على هذا المريض‪ ،‬إضافة إلى مرضاى الذين هم فى رقبتى اآلن‪ .‬ليس هذا فقط‪ ،‬بل إننى يجب أن‬
‫أكون عند حسن ظنه‪ ،‬بعدما وضع فى كل ثقته‪ .‬و صار يتصرف معى كما لوكنت والده وهو إبنى الوحيد (مهما كان عمره)‪،‬‬
‫فتراه مبتسما معظم الوقت‪ ،‬و يفعل ما أطلبه منه بهدوء و بدون جدال‪ .‬و فى الحقيقة فإن ذلك كان يرضى غرورى و يسعدنى‬
‫جدا‪ ،‬ما كان يحفزنى إلى بذل المزيد من الجهد‪ ،‬سواء مع هؤالء المرضى"اللستة" أو غيرهم‪ .‬و أحسب أنه من أسعد أيامى‪،‬‬
‫يوما أتت لى ممرضة "الفحص المبدئى"‪ ،‬و كانت سعودية حديثة العهد بالمستشفى‪ ،‬فقالت لى ‪"-:‬أأنت دكتور حديدى ؟"‪ ..‬قلت‬
‫لها ‪" -:‬نعم "‪ ..‬قالت لى ‪:‬ـ"ماذا تفعل للمرضى؟‪ ..‬كل مريض‪ ،‬قبل أن يقول لى شكواه‪ ،‬يسألنى؛ د‪ .‬حديدى موجود ؟!!"‪.‬‬
‫ومرت السنون‪ ،‬فكنت أتقدم فى العمر و مما ال شك فيه‪ ،‬أننى و دون أن أدرى‪ ،‬كنت أزداد هدوءا و روية و قدرة على إستيعاب‬
‫شكاوى المرضى و آالمهم و كذا آمالهم‪ .‬و بالتالى زادت شعبيتى إلى حد كبير ‪ ..‬وهو ما تسبب لى فى أزمة نفسية من نوع‬
‫غريب‪ ،‬لم أدركها أو بمعنى أصح؛ لم تؤلمنى و تؤذينى‪ ،‬إال فى اليوم التالى لخروجى على المعاش‪ .‬فطوال أكثر من ‪ 12‬عاما‬
‫تعودت أن أذهب يوميا إل ى المستشفى‪ ،‬فألتقى الزمالء و طاقم التمريض و الموظفين و رجال األمن ثم المرضى‪ ،‬ما ال يقل عن‬
‫‪ 30‬إنسانا مختلفا‪ ،‬وكل هؤالء يبدأ حوارى معهم بالتحية و البتسام ثم حوارات قصيرة مفعمة بالود و الفكاهة و الدفء العائلى‪،‬‬
‫حتى أن "عبد هللا الشهرى"‪ ،‬الدارى المناوب فى ق سم الطوارئ‪ ،‬أطلق على لقب ؛"صانع السعادة"‪ .‬أو هكذا تأسست سعادتى‬
‫على اقتطاف إبتسامات الرضا و المحبة من ثغور ما ال يقل عن ‪ 30‬إنسانا‪ ،‬دونما عالقة خاصة وعميقة مع إنسان واحد أو اثنين‬
‫بعينهما‪ ،‬وهو ما يماثل إلى حد كبير؛ العالقة بين النجم العالمى و جمهوره العريض‪ ،‬وهى عالقة من نوع خاص‪ ،‬فذا النجم‬
‫العالمى‪ ،‬تعود على التحليق عاليا سامقا بعيدا عن تفصيالت و ماديات العالقات البشرية العادية‪ .‬أو قل أن هذا النجم‪ ،‬صار‬
‫يعيش فى كوكب آخر بعيد‪ ،‬ال وجود له إال فى خياله‪ ،‬و ما حمله إلى هذا الكوكب‪ ،‬إال حب اآلخرين و سعادتهم به‪ .‬و عندما‬
‫تطول المدة‪ ،‬يكاد الخيال الفتراضى‪ ،‬يتحول بكثافة األفعال و النفعال‪ ،‬إلى واقع إفتراضى‪ .‬فإذا اختلت أطراف المعادلة‪ ،‬أو‬
‫اضطربت ظروفها ألى سبب ما‪ ،‬تالشى الخيال الفتراضى وما يحويه من تصورات‪ ،‬و سقط الكوكب البعيد فى حضن الواقع‬
‫األرضى المادى‪ ،‬محدثا جلبة و ضوضاء مدوية‪ .‬فيالها من صدمة و ياله من ارتطام !!‪.‬‬
‫**********************‬

‫‪ 8‬مارس ‪2022‬‬

‫خطابى فى حفل وداعى‬


‫‪85‬‬
‫صديقى العزيز‬
‫رفقا بى‬
‫ف قلبى الضعيف ال يحتمل‬
‫و جسدى لم يعد قويا كما كان‬
‫و لم أعد فتيا كما كنت‬
‫لم أعد أحتمل الجمال‬
‫و الحب و النفعال‬
‫صرت أؤثر النزواء‬
‫وحيدا أغالب النكفاء‬
‫وقد يستغرقنى للحظات‬
‫البكاء‬
‫ثم ال ألبث أن أعود‬
‫مبتسما ضاحكا‬
‫أنشر البهجة و الفرحة فيمن حولى‬
‫قدر ما أستطيع‬
‫ليس عن قصد و إفتعال‬
‫و لكن‬
‫و الحمد هلل‬
‫أنى كنت مبتور النفعال‬
‫لم يكن لدى إال الحب و الـ "ال حب"‪.‬‬
‫و اليوم‬
‫اليوم فقط‬
‫و أنا أغادركم‬
‫أدرك أنكم كنتم السبب‬
‫فـ من يفلح البستان‬
‫سوف يتحدث لغة "الريحان"‬
‫سوف يعزف كل األلحان‬
‫سوف تؤلمه زهرة‬

‫‪86‬‬
‫آلمتها أشواق و أشجان‬
‫من يسعده حظه و يدخل بستانكم‬
‫سوف يزكمه العطر الفواح‬
‫سوف تسكره األفراح‬
‫سوف تسقط من حساباته الخسائر و األرباح‬
‫إذ أنكم ستجعلوه أثيريا يمتطى الرياح‬
‫يذوب فى األرواح‬
‫كانت رحلة فوق السحاب‬
‫فوق الزمن‬
‫فوق البشر‬
‫كانت أجمل قدر‬
‫و اآلن حان وقت الياب‬
‫حان وقت الذهاب‬
‫فلكل رحلة‬
‫و إن طالت‬
‫نهاية‬
‫وال تحزن يا صديقى‬
‫فما الحياة كلها‬
‫إال رحلة اغتراب‬
‫لم يجعل لها قيمة‬
‫إال الفتراق‬
‫فلتكفكف دمعك يا صديقى‬
‫ف دمعك غال‬
‫و قدرك عال‬
‫و أنا مآلى الى الحزن‬
‫و الحزن مآلى‬
‫فلنفترق من غير وداع‬
‫فأنا ال أقوى على الوداع‬

‫‪87‬‬
‫لقد وهن العظم منى‬
‫وال أدرى ماذا أفعل بما يتبقى لدى‬
‫بقايا العمر‬
‫و بقايا الجسد‬
‫و بقايا روح مأزومة‬
‫و بقايا ضحكة مهزومة‬
‫انصرفوا أنتم حتى اليضيع منكم الطريق‬
‫و أطفئوا نور الحجرة خلفكم‬
‫و لكن أبقوا الباب مفتوحا‬
‫فال تزال عندى بعض الهواجس‬
‫و بعض الهالوس‬
‫اليزال عندى رغبة فى الصراخ بأعلى الصوت‬
‫فأخشى ما أخشاه‬
‫الصمت‬
‫******************‬

‫‪88‬‬
‫المصادر‬
‫‪ 3‬مارس ‪2020‬‬ ‫من مذكرات المرحوم ‪ /‬د‪ .‬يحيى نور الدين طراف‬ ‫‪ - 1‬أنا عندى أطفال‬
‫‪ -2‬د‪ .‬أحمد عمار ‪ ..‬لمشاهدة حلقة ‪ ،‬اتبع اللينك‪-:‬‬
‫‪https://youtu.be/zQBPPpqjbeMFe66b1rtStt2ouary 256s6, 2cm60e1d8‬‬
‫‪ -3‬بائع الجرائد ‪ ،‬من مفكرة ا‪.‬د‪ .‬على الزيرة ‪ 3‬يونيو ‪2018‬‬
‫‪https://youtu.be/rIQpf1_1FQQ‬‬ ‫‪ -4‬عودة "عبد هللا بن بخيت"‪.‬‬
‫‪ -5‬المهندسة ‪ /‬نجاة النهاري ‪ :‬كيف يسلم "اليهودي" وهذا حال المسلمين‪!..‬؟!! الخميس ‪ 23‬مايو ‪00:59 2013‬‬
‫‪https://muslimedianews.rssing.com/chan-27602941/all_p58.html‬‬
‫‪ -6‬عفوا ديكارت؛ "أنا أفكر إذا أنا مجرم!" ا‪.‬د‪ /‬ايمان رفعت المحجوب استاذ بطب قصر العيني ‪ 29‬ديسمبر ‪2015‬‬
‫‪ -7‬على المسلمين االختيار إما محمد 'السنة' أو محمد 'القرآن' بقلم د‪ /.‬توفيق حميد ‪ 13‬ديسمبر ‪2017‬‬
‫‪ -8‬تقزيم السالم ! "د‪ .‬محمد فايد هيكل" استاذ الشريعة بجامعة االزهر فرع المنصورة ‪ 17‬ديسمبر ‪2013‬‬
‫‪ -9‬عقدة المخبر ؛ من قصص د‪.‬احمد خالد توفيق ‪،‬‬
‫‪https://aktowfik.blogspot.com/2016/08/blog-post_31.html‬‬
‫‪" -10‬معجزة نقل األعضاء تتحدى فتاوى األولياء" ‪ -‬فاطمة ناعوت ‪ -‬جريدة «المصرى اليوم» ‪ 8 -‬نوفمبر ‪2019‬‬
‫‪ -11‬محمد سالمة ؛ أينشتاين ‪ 9‬يونيو ‪2021‬‬
‫‪ -12‬ا‪.‬د‪ / .‬أيمن جادو ‪ 7 -‬يونيو ‪ - 2019‬سواق أوبر يحكى‬
‫‪ -13‬منى بكر ‪ -‬سامح جميل ‪ 26 -‬فبراير ‪2018‬‬
‫‪ -14‬هذا هو أبى ‪ -‬من مفكرة د‪ .‬منال عمر ‪ 13 -‬أكتوبر ‪2018‬‬
‫‪ -15‬كيف سنحيا غدا ‪ -‬سعد بن طفل ‪ 11 -‬مارس ‪2018‬‬
‫‪ -16‬فى انتظار "جودو" – د‪ .‬حيدر البستنجى – ‪ 25‬يناير ‪1998‬‬

‫‪89‬‬
‫الكاتب فى سطور ‪-:‬‬

‫‪Dr. Mohamed Hisham El-Hadidi‬‬

‫استشارى الجراحة العامة‬


‫كاتب صحفى و محلل سياسى‬

‫‪ -:‬شرباص ‪ ،‬فارسكور ‪ ،‬محافظة دمياط‬ ‫محل الميالد‬


‫محطات الدراسة ‪ -:‬مدرسة المتفوقين الثانوية ب عين شمس بالقاهرة‬
‫كلية طب القصر العينى جامعة القاهرة‬
‫كلية السياسة و اإلقتصاد جامعة لوبالنا ‪"،‬يوجوسالفيا القديمة"‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫الدرجات العلمية ‪ -:‬بكالوريوس الطب و الجراحة (القصر العينى ديسمبر ‪)1984‬‬
‫بكالوريوس السياسة واإلقتصاد (لوبالنا‪ -‬يوجوسالفيا ‪)1986‬‬
‫ماجستير الجراحة العامة (القصر العينى‪-‬جامعة القاهرة ‪)1991‬‬
‫زمالة كلية الجراحين الملكية – أدنبرة ‪2012‬‬

‫النشاط األدبى و الصحفى‬

‫• ألف عدة كتب ‪ ،‬منها ‪-:‬‬


‫(الدار المصرية اللبنانية)‬ ‫‪ -1‬أثرياء العالم ‪ ..‬الوجه اآلخر‬
‫(الدار المصرية اللبنانية)‬ ‫‪ -2‬نيويورك ‪ ..‬أول مرة‬
‫(الدار المصرية اللبنانية)‬ ‫‪ -3‬زويل ‪ ..‬أمير الكيمياء‬
‫(الدار المصرية اللبنانية)‬ ‫‪ -4‬اإلرهاب ‪ ..‬بذوره و بثوره‬
‫(دار الهالل)‬ ‫‪ -5‬فالح فوق سطح القمر ‪ ..‬فاروق الباز‬
‫(مكتبة مدبولى)‬ ‫‪ -6‬محمد البرادعى‪ ،‬الذى أربك العالم‬

‫منذ العام ‪ 1988‬الى العام ‪ 1993‬؛ ترجم العديد من المقاالت لجريدة "العالم اليوم" ‪،‬‬ ‫•‬
‫التى كان يرأس تحريرها األستاذ "عماد الدين أديب"‪.‬‬
‫فى العام ‪ 1991‬عمل كمراسل صحفى لجريدة "العالم اليوم" فى مدينة "نيويورك" لمدة‬ ‫•‬
‫عام واحد‪ .‬و هناك ألف كتابه "نيويورك‪..‬أول مرة"‪.‬‬
‫منذ العام ‪ 1993‬الى العام ‪ 2009‬؛ كتب العديد من المقاالت فى جريدة "األهرام"‬ ‫•‬
‫القاهرية – "قضايا و آراء"‪.‬‬
‫ظهر كأديب صحفى فى عدة برامج تلفزيونية‪ ،‬منها ‪-:‬‬ ‫•‬
‫; ‪• A Guest in TV program, on 12 of July 2008‬‬
‫‪th‬‬

‫‪https://youtu.be/XZL4xFD4GFg‬‬
‫; ‪• A Guest in TV program, on 12th of July 2008‬‬
‫‪https://youtu.be/XZL4xFD4GFg‬‬
‫; ‪• CVA Lecture, on 30 of April 2015, in Jubail General Hospital‬‬
‫‪https://youtu.be/Gcr2NycYnxA‬‬

‫‪91‬‬
‫‪• "Dilemma of Cellulitis Vs DVT in Upper Limb" ; M & M lecture on 6th of‬‬
‫; ‪Jan. 2016‬‬
‫‪https://youtu.be/5sR-uhxqHnA‬‬
‫; ‪• A Guest in TV program, on 12th of July 2008‬‬
‫‪https://youtu.be/XZL4xFD4GFg‬‬
‫‪• Farewell Ceremony, on the Occasion of the end of his work in KFMMC on‬‬
‫;‪9th of July 2009‬‬
‫‪https://youtu.be/p7asl5-ewKk‬‬
‫‪• Retirement Party of Dr. Hisham ELHadidi , from King Fahd‬‬
‫‪Specialist Hospital, on 8th of March 2022. It was held in Grand‬‬
‫‪Silvertone Hotel in AL Khobar City.‬‬
‫‪https://youtu.be/KpdJtAoLgHY‬‬

‫هذا الكتاب‬
‫هى يومياتى‪ ،‬التى سجلتها فى حينها‪ ،‬و الكثير منها نشرته فى وقتها على صفحتى على "الفيسبوك" (‪ ،)Facebook‬يوميات‬
‫امتدت قرابة الثالثين عاما ً (من أكتوبر ‪ 1993‬إلى فبراير ‪ )2022‬إال قليالً ‪ ،‬أو قل حياة ثانية‪ ،‬بل هى جل حياتى‪ ،‬عشتها‬
‫بعيدا عن بلدى األم‪ ،‬فى ضيافة و كنف البلد األب !‪.‬‬
‫هى سنوات طالت‪ ،‬فهطلت علينا أفراحها و أتراحها وما بينهما من براح !‪ .‬و ألن القلب قد انقسم بين القطرين و الروح هامت‬
‫بين القطبين‪ ،‬لذا فنحن الفصيل من البشر الذى عاش هائما ً بين بين‪ .‬بين أرض نبت فيها‪ ،‬و سماء ترعرع فى فضائها‪ .‬فأحب‬
‫هذى و هام بتلك‪ .‬و صار السؤال الوجودى الذى يعترض فكره دائماً‪ ،‬هو ؛ أيهما تحب أكثر و أيهما تهوى ؟!‪ .‬غير أنا لم نر‬
‫ثمة مشكلة فى إتجاه الهوى‪ ،‬و كأنك تسلنا؛ لمن البر اليوم ؟! لألب أم لألم ؟!‪.‬‬
‫لذا تجدنى فى هذا الكتاب‪ ،‬موزع العاطفة‪ ،‬منقسم الهوى‪ .‬إن ا ستمعت لقوم‪ ،‬فعينى على القوم اآلخرين‪ .‬تقلقنى كل األحداث‪،‬‬
‫فأتابع كل األخبار ‪ ،‬فأحزن تارة أو أصفق بحماس !! فلم أعد كما كنت؛ مصريا ً يعيش فى السعودية‪ ،‬ولكن سعودى يعيش‬
‫بروح مصرية‪.‬‬

‫‪92‬‬

You might also like