Professional Documents
Culture Documents
سورة الفاتحة
للشيخ صالح الفوزان حفظه ا
- 1منزلتها ومكانتها
هذه السورة لها مكانة عظيمة في القرآن الكريم ؛ إذ هي أعظم سورة فيه ،كما أن أعظم آية في
القرآن آية الكرسي .ولهميتها كتبت في أول المصحف ،ولهذا سميت فاتحة الكتاب ،وهذا يدل
على أهميتها ومكانتها ؛ لنها ما قدمت وجعلت أول سورة في المصحف إل لهميتها .
حكم قراءتها في الصلة
ضا أن ا -سبحانه وتعالى -أوجب قراءتها في كل ركعة في الصلة . ومن أهميتها أي ض
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب قراءتها في الصلة ،وأن من لم يقرأ بها في صلته ؛
فإن صلته ل تصح ؛ لقول النبي -صلى ا عليه وسلم : -ل صلة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب
.
وهذا في حق المستطيع لقراءتها ،أما العاجز الذي ل يستطيع قراءتها لعجزه عن حفظها ؛ فإنه
يقرأ ما تيسر معه من آيات القرآن غير الفاتحة .وإذا كان ل يحسن شيضئا من القرآن ؛ فإنه يأتي
بالذكر :سبحان ا ،والحمد ل ،ول إله إل ا ،وا أكبر ،ول حول ول قوة إل بال ؛ لقول
النبي -صلى ا عليه وسلم : -إذا قمت إلى الصلة فكبر ،فإن كان معك قرآن فاقرأ ،وإل
فاحمد ا وكبره وهلله ثم اركع . ...
وقد ذهب جمهور العلماء إلى وجوبها على المام والمنفرد ،واختلفوا في قراءتها في حق المأموم
،وعلى ثلثة أقوال :
القول الول :إنها واجبة على كل مصل :إماضما كان أم مأموضما ؛ أم منفرضدا لقول النبي -صلى ا
عليه وسلم : -ل صلة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وهذا عام في كل مصل .وقال -صلى ا
عليه وسلم : -لعلكم تقرءون خلف إمامكم ؟ ! قالوا :نعم ،يا رسول ا ،قال :ل تفعلوا إل
بفاتحة الكتاب ؛ فإنه ل صلة لمن لم يقرأ بها وهذا مذهب المام الشافعي وجمع من المحدثين
كالمام البخاري وغيره ،يرون وجوب قراءتها على المام والمأموم والمنفرد .
القول الثاني :إنها ل تجب على المأموم ؛ لن قراءة المام تجزئ عنه ؛ لقوله -صلى ا عليه
وسلم : -من كان له إمام فقراءة المام له قراءة ولكن هذا الحديث في سنده مقال .
القول الثالث :وهو قول المام مالك واختيار شيخ السلم ابن تيمية وجماعة من العلماء ،أنها
تجب على المأموم في الصلة السرية التي ل يجهر فيها المام ،كالظهر والعصر ،فأما في
الصلة الجهرية فإنها تكفي قراءة المام ،وعلى المأموم أن ينصت ويستمع .
قالوا :وبهذا تجتمع الدلة :فالدلة التي توجب قراءة الفاتحة تحمل على الصلة السرية ،والدلة
الخرى والية الكريمة تحمل على الصلة الجهرية .وهذا القول هو أعدل القوال إن شاء ا .
أسماء سورة الفاتحة
هذه السورة لها عدة أسماء ،كل اسم يدل على معنى ،والشيء إذا كثرت أسماؤه دل ذلك على
فضله .
وتسمى :أم القرآن ؛ لن القرآن يدور على ما تشتمل عليه هذه السورة من المعاني ،فكل المعاني
التي اشتمل عليها القرآن وفصلها في آياته ،اشتملت عليها هذه السورة بصفة مجملة .
وتسمى الرقية ؛ لنها يرقى بها المريض ؛ والدليل على ذلك ما في الصحيح :أن نفضرا من
الصحابة أضافوا حضيا من أحياء العرب فلم يضيفوهم ،فلدغ كبيرهم -لدغته حية أو عقرب -ولم
يجدوا له علضجا ،فجاءوا إلى هؤلء النفر من الصحابة فطلبوا منهم الرقية .فقالوا :إنكم لم
تضيفونا ،وإنا ل نرقي إل بجعل ،يعني :بأجر ،فحدوا لهم قطيضعا من الغنم ،فقام أحد الصاحبة
فقرأ عليه سورة الفاتحة ،فقام الرجل كأنما نشط من عقال .فأخذوا الغنم ،ولكن لم يتصرفوا فيها
حتى يستأذنوا رسول ا -صلى ا عليه وسلم ، -فقدموا على الرسول وذكروا له القصة ،
فقال ) :وما أدراك أنها رقية ( ؟ ! ثم إنه قال لهم ) :اقتسموا هذه الغنم ،واضربوا لي معكم
بسهم وقال :إن أحق ما أخذتم عليه أجضرا كتاب ا .
وتسمى الشافية ؛ لنها تشفي بإذن ا من المراض ،تشفي القلوب ،وتشفي البدان :تشفي
القلوب من الشكوك والوهام والوساوس ،وتشفي البدان من اللم ،كما حصل لهذا اللديغ .
عدد آياتها
ك نسربضعا صمنن ارلنمنثاصني
هذه السورة هي سبع آيات بنص القرآن ،كما تقدم في قوله تعالى :نولنقنرد آتنريننا ن
ب ارلنعالنصمينن هذه آية اللررحنمصن اللرصحيصم الية الثانية نمالص ص
ك نوارلقمررآنن ارلنعصظينم :فقوله ارلنحرممد صللص نر ب
ط ارلممرستنصقينم الية صنرا ن ك ننرستنصعيمن الية الرابعة ارهصدننا ال ب
ك ننرعبممد نوإصليا ن
ينروصم البديصن الية الثالثة إصليا ن
ضابلينن هي ب نعلنريصهرم نونل ال ل ضو ص ر
ت نعلنريصهرم الية السادسة نغريصر النمرغ م ط اللصذينن أنرننعرم ن
صنرا نالخامسة ص
الية السابعة .
ضابلينن
ب نعلنريصهرم نونل ال لضو ص ت نعلنريصهرم نغريصر ارلنمرغ م
ط اللصذينن أنرننعرم ن
صنرا ن
وذهب الشافعي إلى أن قوله :ص
اص اللررحنمصن اللرصحيصم . آية واحدة ،وهي الية السابعة ،وأن الية الولى من السورة هي :بصرسصم ل
ولهذا الختلفا يوجد في بعض المصاحف كتابة رقم ) ( 1بعد البسملة ،إشارة إلى أن البسملة
آية من الفاتحة ،وفي بعضها ل يوجد هذا الرقم تبضعا للقول بأنها ليست آية منها .
فالبسملة عند الشافعي آية من الفاتحة ،وأما الجمهور فالبسملة -عندهم -ليست آية من الفاتحة
ول من غيرها من سور القرآن ،إل التي في سورة النمل فإنها بإجماع العلماء بعض آية من تلك
السورة ،وذلك في قوله تعالى :إصنلهم صمرن مسلنرينمانن نوإصنلهم بصرسصم ل
اص اللررحنمصن اللرصحيصم .وأما في غير
ذلك فهي آية مستقلة ،وليست خاصة بسورة معينة ،ولذا ل يوجد في أي مصحف كتابة رقم )
( 1عليها في سائر السور غير سورة الفاتحة ؛ وذلك لنها آية مستقلة نزلت للفصل بين السور ،
ولذا يؤتى بها في أول كل سورة إل في أول سورة براءة ؛ لنها لم تنزل على الرسول -صلى ا
عليه وسلم -في أول هذه السورة كما نزلت عليه في بقية السور ،وقيل في تعليل ذلك :إن براءة
مكملة لسورة النفال ،وقيل :لنها نزلت بالسيف والعذاب وافتتحت بالبراءة فل يناسب تقديم
ذكر الرحمة عليها .وا أعلم .
ومعنى أعوذ :ألتجئ إلى ا جل وعل ،وأحتمي به من هذا العدو .فالعوذ هو اللتجاء إلى ا
من الشيطان .
والشيطان ،المراد به كل مارد عات من النس والجن والدواب .من شاط الشيء إذا اشتد ،أو
من شطن إذا بعد ؛ لن الشيطان بعيد من الخير .
الرجيم ؛ فعيل بمعنى مفعول ،أي :المرجوم ؛ لن الشياطين ترجم بالشهب من السماء ،فل
يسترقون السمع وترجم كذلك بذكر ا سبحانه وتعالى .فالشيطان مرجوم بمعنى :أنه مطرود
ومبعد عن الخير .فالمسلم يعتصم بربه ويلتجئ إليه من هذا الشيطان ؛ لئل يضره ،ويستعيذ به
من همزه ونفخه ونفثه ،وهكذا ورد في استعاذة النبي -صلى ا عليه وسلم .-
والهمز المراد به :الصرع ؛ لن الشيطان يصرع النسان أحياضنا فيجن ويتخبط ،فإصابة الجنون
س المراد به :الصرع . طامن صمنن ارلنم ب
هذه من الشيطان ، ،قوله تعالى :اللصذي ينتننخبلطمهم اللشري ن
فالشيطان يداخل النسان ويجري منه مجرى الدم ،ويصرعه أحياضنا ،وإذا لم يحمه ا منه فإنه
يؤذيه بالوساوس والوهام والصرع .
والنفخ معناه :الكبر ؛ لن الكبر من الشيطان ،فهو الذي ينفخ في النسان .
والنفث :الشعر ،قال تعالى :نوالششنعنرامء ينتلبصمعهممم ارلنغاموونن فالشعر من نفث الشيطان ،إل ما كان
من الشعر الطيب النزيه فإنه ممدوح ؛ قال -صلى ا عليه وسلم : -إن من البيان لسحضرا ،وإن
من الشعر حكضما لكن غالب الشعر أنه سيء ،وأنه من نفث الشيطان .وقيل :المراد بنفثه :
ت صفي ارلمعقنصد .
السحر ؛ قال -تعالى : -نوصمرن نشبر النللفانثا ص
والستعاذة مستحبة قبل القراءة في الصلة وفي غيرها ؛ لقوله تعالى :فنإ صنذا قننررأ ن
ت ارلقمررآنن نفارستنصعرذ
صباللص صمنن اللشري ن
طاصن اللرصجيصم وهذا مطلق تدخل فيه حال الصلة وغيرها .
" بصرسصم ل
اص اللررحنمصن اللرصحيصم " :الباء للستعانة ،وفيه فعل مقدر ،تقديره :أستعين باسم ا ،أو
أتحصن باسم ا .واسم ا مفرد مضافا يعم جميع أسماء ا تعالى ،فتقول :أتحصن وأتبرك
بأسماء ا سبحانه وتعالى ؛ لن أسماء ا تعالى مباركة ؛ قال تعالى :تننبانر ن
ك ارسمم نربب ن
ك صذي
ارلنجنلصل نوا ر صلركنراصم والنبي -صلى ا عليه وسلم -كان في دعاء الستفتاح يقول :وتبارك اسمك
،فاسم ا مبارك ،وأنت تتبرك بأسماء ا ،فقولك :باسم ا ،الجار والمجرور متعلق
بمحذوفا ،أي :أتبرك وأستعين باسم ا .
و ) ا ( :علم على الله المعبود الحق ،وهو من أعظم أسماء ا -سبحانه وتعالى -وا
معناه :المألوه المعبود ،من أله يؤله إذا عبد ،فهو المعبود سبحانه وتعالى .المقصود في كل
حاجة .
) الرحيم ( :كذلك ،فالرحمن والرحيم من أسمائه ،والرحمة من صفاته ،وكل اسم من أسماء ا
جل وعل ؛ فإنه يتضمن صفة من صفاته .
والفرق بين الرحمن والرحيم :أن الرحمن :ذو الرحمة العامة لجميع المخلوقات ،وأما الرحيم :
فهو خاص بالمؤمنين ؛ قال تعالى :نونكانن صبارلممرؤصمصنينن نرصحيضما .
تفسير آيات الفاتحة
ب ارلنعالنصمينن الحمد هو :الثناء على ا سبحانه وتعالى ،فال سبحانه
قوله تعالى :ارلنحرممد صللص نر ب
ميحمد بمعنى :ميثنى عليه بأسمائه وصفاته وأفعاله سبحانه وتعالى .والحمد أعم من الشكر ؛ لن
الشكر ل يكون إل على الفعال ،وأما الحمد فيكون على السماء والصفات وعلى الفعال ،
فالحمد أعم من الشكر .
و " أل " في قوله :ارلنحرممد صللص ،للستغراق أي :جميع المحامد ل -سبحانه وتعالى -ملضكا
واستحقاضقا .فل يستحق الحمد على الطلق إل ا -جل وعل -؛ لنه هو المنعم ذو النعام
المطلق ،فله الحمد المطلق سبحانه وتعالى ،ففي قوله :ارلنحرممد صللص ،أي :جميع المحامد ل
سبحانه وتعالى .
وأما المخلوق فإنه يحمد على قدر ما يجري منه من الخير ،ولكن ا هو الذي جعل فيه هذا
الخير ،فأصل الحمد ،ل عز وجل .
ب ارلنعالنصمينن ،الرب هو :المربي لخلقه -سبحانه وتعالى -بنعمه ،وهو المالك لهم ،
قوله :نر ب
فالرب :يطلق ويراد به المربي ،ويطلق ويراد به المالك ،وا هو مالك جميع الخلق ،ويطلق
ويراد به المصلح ،وا -سبحانه وتعالى -هو الذي يصلح أحوال عباده ويتولهم .
ول يطلق لفظ الرب إل على ا -سبحانه وتعالى ، -أما إطلقه على غير ا فل بد أن يقيد
بالمضافا إليه ،فيقال :رب الدار ،رب البل ،أي :صاحبها ومالكها .
أما إذا أطلق الرب أو رب العالمين ،فإنه خاص بال سبحانه ،ل يجوز وصف غيره به .
و ارلنعالنصمينن :جمع عالم ،وهو :كل ما سوى ا سبحانه وتعالى .والعوالم في الكون كثيرة ،
ل يعلمها إل ا سبحانه وتعالى ،ومنها :عالم النس ،وعالم الجن ،وعالم الملئكة ،وعالم
الجمادات ،وعالم الحيوانات ،كل أجناس الخلق يقال لها عوالم ،وربها هو ا جل وعل ،ل
أحد يخرج من ربوبيته سبحانه وتعالى .
ك ينروصم البديصن في قراءة ) مالك ( باللف ،وفي قراءة ) ملك ( ،وكل القراءتين
قوله تعالى :نمالص ص
صحيح ،فهو سبحانه مالك وملك .
ينروصم البديصن :المراد بالدين هنا :الحساب والجزاء ،قال تعالى :نكلل بنرل تمنكبذمبونن صبالبديصن أي
الحساب والجزاء .
لماذا قال :نمالصصك ينروصم البديصن مع أنه مالك يوم الدين وغيره ؟
خص يوم الدين بالذكر ؛ لنه ل ملك في ذلك اليوم إل ل سبحانه وتعالى ،كما قال :لصنمصن ارلممرل م
ك
ارلينرونم ،فالملوك وأفراد الناس سواء في هذا اليوم ،ليس لحد ملك إل ا جل وعل ،فلذلك
خصه به في قوله :نمالصصك ينروصم البديصن وإن كان مالضكا لغيره -سبحانه وتعالى -لزوال ملك غيره
فيه ؛ ولهذا جاء في الحديث :إن ا سبحانه وتعالى يقول :أنا الملك ،أين المتكبرون ؟ أين
ك ارلينرونم صللص ارلنواصحصد ارلقنلهاصر .
الجبارون ؟ وهذا كما في قوله سبحانه وتعالى :لصنمصن ارلممرل م
يتساوى في هذا اليوم جميع الناس :ملوكهم وعبيدهم ،فقراؤهم وأغنياؤهم وأشرافهم ،ل أحد
يتميز عن أحد إل بالعمل الصالح .
ك ننرستنصعيمن
ك ننرعبممد نوإصليا ن
قوله تعالى :إصليا ن
ك ننرعبممد أي :نخصك بالعبادة ،وقدم إياك ؛ للدللة على الختصاص وأنه ل يستحق العبادة
إصليا ن
أحد إل ا سبحانه وتعالى .وهذا من باب الحصر ؛ لن تقديم المعمول على العامل يفيد
الحصر ،أي :ل يستحق العبادة إل أنت .
ك ننرستنصعيمن أي :نطلب العانة .والستعانة نوع من العبادة ،فلماذا أفردها مع أنها داخلة نوإصليا ن
ك ننرعبممد ؟
في قوله :إصليا ن
قالوا :هذا من عطف الخاص على العام ؛ وذلك لن العبادة حق ل جل وعل ،والستعانة حق
للمخلوق ؛ إذ هو الذي يستعين بال -عز وجل -ويطلب منه حوائجه .
وكرر } إصليانك { ولم يقل " :إياك نعبد ونستعين " ؛ لتأكيد الختصاص ،وأنه ل يستحق العبادة
ول يستحق الستعانة أحد إل ا سبحانه وتعالى ،فهو المعين وحده وكل الدين يدور على العبادة
ك ننرستنصعيمن .
ك ننرعبممد نوإصليا ن
والستعانة ،على هاتين اللفظتين العظيمتين :إصليا ن
ط ارلممرستنصقينم هذا دعاء وهو دعاء مسألة ،والذي سبق في أول صنرا ن قوله تعالى :ارهصدننا ال ب
ر
ب النعالنصمينن دعاء عبادة ؛ لن الدعاء ينقسم إلى قسمين : ل ر
السورة ،وهو قوله :النحرممد صلص نر ب
دعاء عبادة ،وهو :الثناء على ا ،فالثناء على ا دعاء ،وهو دعاء عبادة .ودعاء مسألة ،
ط ارلممرستنصقينم إلى آخر السورة .
صنرا ن
ومنه قوله :ارهصدننا ال ب
القسم الول :هداية الدللة والرشاد ،وهذه عامة من جهتين :من حيث الهدى فهي تحصل
للمؤمن والكافر ،وا قد هدى الكافر ،بمعنى أنه دله وأرشده وبين له الطريق الحق ؛ قال
ضا عامة من تعالى :نوأنلما ثنممومد فنهنندرينناهمرم نفارستننحشبوا ارلنعنمى نعنلى ارلهمندى أي :أرشدناهم .وهي أي ض
حيث الهادي والمرشد ،فيدخل فيها الرسول ومن اتبعه :نوإصنل ن
ك لنتنرهصدي إصنلى ص
صنرامط ممرستنصقيمم
وقوله :ارهصدننا يعم الهدايتين :هداية الدللة والرشاد ،وهداية التوفيق ،دلنا وأرشدنا ،وثبتنا
ووفقنا .
صنرا ن
ط هو في اللغة :الطريق والجادة ،التي يمشي عليها الناس والحيوانات .والمراد ال ب
بالصراط هنا :السلم والقرآن والرسول -صلى ا عليه وسلم -؛ وسمي كل من هؤلء
طا وطريضقا ؛ لنه يوصل إلى ا سبحانه وتعالى .صرا ض
ستنصقينم معناه :الذي ل اعوجاج فيه ول خفاء ،مستقيم واضح ل يضل من سار عليه ، ارلمم ر
بخلفا الطرق المعوجة المختلفة فإن من يسير عليها يضل ،ولهذا قال تعالى :نوأنلن هننذا
صامكرم بصصه لننعللمكرم تنتلمقونن
ق بصمكرم نعرن نسصبيلصصه نذلصمكرم نو ل
صنراصطي ممرستنصقيضما نفاتلبصمعوهم نونل تنتلبصمعوا الشسبمنل فنتنفنلر نص
فصراط ا واحد ل انقسام فيه ،ول اعوجاج ول خفاء .أما الصراط المعوج فهذا طريق
صنراصطي ممرستنصقيضما الضلل ،والعياذ بال .ولهذا لما قرأ النبي -صلى ا عليه وسلم : -نوأنلن هننذا ص
طا مستقيضما وخط على يمينه وشماله نفاتلبصمعوهم نونل تنتلبصمعوا الشسبمنل خط -صلى ا عليه وسلم -خ ض
طا كثيرة ،وقال ) :هذا صراط ا ( للخط المعتدل ،وقال عن الخطوط الخرى ) :وهذه خطو ض
السبل ،على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه .
ط اللصذينن أنرننعرم ن
ت نعلنريصهرم الصراط تارة يضيفه ا لنفسه ،مثل قوله تعالى : صنرا ن
قوله تعالى :ص
صنراصط ل
اص يضيفه إلى ك لنتنرهصدي إصنلى ص
صنرامط ممرستنصقيمم ص نوأنلن هننذا ص
صنراصطي ممرستنصقيضما وقوله :نوإصنل ن
نفسه سبحانه وتعالى ؛ لنه هو الذي شرعه ،ودل عليه ،ووضحه للناس ،ولنه الصراط الذي
يوصل إلى ا جل وعل ،فأضافه إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم ،ودللة على أنه يوصل إلى
ا سبحانه وتعالى .
ط اللصذينن أنرننعرم ن
ت نعلنريصهرم إضافة إلى الذين أنعم صنرا ن
وتارة يضيفه إلى أهله ،كما في هذه الية :ص
عليهم ؛ لنهم هم الذين يسيرون عليه بخلفا أهل الضلل فإنهم يسيرون على طرق ضالة .
ت نعلنريصهرم :حيث هديتهم إلى سلوك هذا الصراط ووفقتهم له ،وهذه أعظم نعمة من اللصذينن أنرننعرم ن
ا -سبحانه وتعالى . -ومن هم الذين أنعم ا عليهم ؟ بينهم ا في قوله تعالى :نونمرن يمصطصع ل
ان
صبديصقينن نوالششهننداصء نوال ل
صالصصحينن ام نعلنريصهرم صمنن النلبصبيينن نوال ب نواللرمسونل فنمأولنئص ن
ك نمنع اللصذينن أنرننعنم ل
فهذا الصراط من الذي يسير عليه ؟ يسير عليه الذين أنعم ا عليهم :من النبيين ،هذا الصنف هم
أول من يسير عليه ،والصديقين ؛ لن الصديقين هم أفضل الخلق بعد النبياء ،والشهداء في
سبيل ا بعد مرتبة الصديقين والصالحين وهم سائر المؤمنين .
فالذين يسيرون على هذا الصراط المستقيم طبقات :أول طبقة هم النبياء -عليهم الصلة والسلم
، -ثم يليهم الصديقون ،ثم يليهم الشهداء ،ثم يليهم الصالحون من كل أمة .
ك نرصفيضقانسأل ا أن يجعلنا وإياكم نسير على هذا الطريق المستقيم في مرافقة هؤلء نونحمسنن مأولنئص ن
والنسان في هذه الدنيا -وهو يسير على الطريق المستقيم -يجد مضايقات وشدائد وأذى ،
ويحس بغربة بين الناس ،وربما نالوا منه بالضرب والتهكم ،والتهديد والتنقص .
فإذا تذكر أن رفقاءه هؤلء الذين أنعم ا عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ،
فإنه يطمئن ويصبر على ما يناله في سلوك هذا الصراط .
والسير على هذا الصراط محفوفا بالمكاره ،محفوفا بالشدائد والمشاق ،ليس مفروضشا بالورود ،
فلذا كان ل بد لسلوكه من صبر طويل ،وعزم أكيد ،ومما يعينك على سلوكه ويهون عليك
شدائده تذكرك أنك ترافق هؤلء ،لكن هذا يحتاج إلى إيمان ،وقل من يوفق لذلك نونما يملنلقانها إصلل
ظ نعصظيمم فالذين أنعم ا عليهم هم :أهل العلم النافع والعمل اللصذينن ن
صبنمروا نونما يملنلقانها إصلل مذو نح ظ
الصالح ،من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .
ب نعلنريصهرم من هم المغضوب عليهم ؟ هم الذين علموا ولم يعملوا ، قوله تعالى :نغريصر ارلنمرغ م
ضو ص
تعلموا العلم النافع وفقهوا ولكنهم لم يعملوا بعلمهم ،فهؤلء مغضوب عليهم ؛ لنهم عصوا ا
على بصيرة .وهذا يشمل كل من ل يعمل بعلمه فإنهم مغضوب عليهم ،وفي مقدمة هؤلء اليهود
؛ لن اليهود عندهم علم ،وقد سماهم ا أهل الكتاب وأهل العلم ،ولكنهم لما لم يعملوا بعلمهم
صا بهم ،بل هو عام لكل من سلك طريقهم ممن تعلم العلم ولم غضب ا عليهم ،وليس هذا خا ض
يعمل به .
ضابلينن الضالون هم :الذين يعملون بدون علم ؛ لنهم ليسوا على هدى مثلهم مثل من
نونل ال ل
يمشي وهو ل يعرفا الطريق .أليس الذي يمشي في البر وهو ل يعرفا الطريق يقال له في
اللغة :ضال ؟ وأنه على خطر من الهلك ؟ فالذي يعمل بدون علم ضال في الشرع ،والعياذ بال
.
وإن كان يعمل ويتعب نفسه ويتقرب إلى ا ويبكي ويصيح ،يريد الجنة ،لكنه لما كان يسير
على غير طريق صحيح لم ينفعه ذلك ،ويدخل في الضالين :النصارى ؛ لعملهم بدون علم
ويدخل فيها الخرافيون والمبتدعة ؛ لنهم يعملون بدون علم .
فالمصلي والقارئ لسورة الفاتحة يسأل ا أن يجنبه طريق هذين الصنفين :الذين معهم علم ول
يعملون به ،والذين معهم عمل ولكن بدون علم .
وتوجد الن بعض الجماعات تزهد في العلم وتعلمه ،يقولون للناس اشتغلوا بالعبادة والذكر ،
واخرجوا في سبيل ا ،ويعنون بسبيل ا :الخروج والسفر والتجول في البلدان ،ويزهدون في
طلب العلم ويهونون من شأنه وشأن أهله ! وهذا الطريق ضلل ،والعياذ بال .فل بد من العلم
أول ؛ لقوله تعالى :نفارعلنرم أننلهم نل إصلنهن إصلل ل
ام نوارستنرغفصرر لصنذرنبص ن
ك فبدأ بالعلم قبل القول والعمل .
وقد دلت اليات السابقة على أن الناس بالنسبة إلى العلم والعمل ثلثة أصنافا .
فالذين جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح هم الذين أنعم ا عليهم .الذين تسأل ا -في هذه
السورة -أن يهديك صراطهم .
والذين أخذوا العلم وتركوا العمل ،هم المغضوب عليهم من أي ملة ومن أي دين .
والذين أخذوا العمل وتركوا العلم هم الضالون ،وكل الفريقين خاسر .نسأل ا العافية .
فإذا تأملت هذه السورة أدركت السر في عظمتها ،وأن ا ما جعلها تقرأ في كل ركعة من
ركعات الصلة إل لمكانتها وعظمتها بين سائر السور .
ومن ذلك ما تشتمل عليه هذه السورة من هذا الدعاء العظيم :دعاء العبادة في أولها ،ودعاء
المسألة في آخرها ،فهي كلها دعاء ،ولهذا يستحب في الصلة إذا فرغ المصلي من قراءتها أن
يقول :آمين ) المام والمأموم والمنفرد يستحب لهم ذلك ( ،وآمين معناه :اللهم استجب ،أي
استجب هذا الدعاء ،فهو تأمين على دعاء هذه السورة .وآمين ليست واجبة في الصلة ويستحب
أن يجهر بآمين ،في الصلة الجهرية سواء كان إماضما أم مأموضما أم منفرضدا .
قوله " :بيني وبين عبدي نصفين " ،فهي سبع آيات :ثلثا آيات ونصف ل جل وعل .وثلثا
ب ارلنعالنصمينن ،قال ا تعالى :حمدني آيات ونصف للعبد " ،فإذا قال العبد :ارلنحرممد صللص نر ب
عبدي ،وإذا قال :اللررحنمصن اللرصحيصم ،قال ا سبحانه :أثنى علي عبدي ،وإذا قال :نمالص ص
ك ينروصم
ك ننرستنصعيمن قال :هذا بيني
ك ننرعبممد نوإصليا ن
البديصن ،قال ا تعالى :مجدني عبدي ،وإذا قال :إصليا ن
وبين عبدي ولعبدي ما سأل " .
ك ننرستنصعيمن إلى آخر السورة ك ننرستنصعيمن ،هذا للعبد .فمن قوله :نوإصليا ن ك ننرعبممد ،هذا ل ،نوإصليا ن
إصليا ن
ك ننرعبممد
ب النعالصمينن إلى قوله :إصليا ن ن ر ل ر
هذا للعبد ؛ لن العبد يدعو به ربه .ومن قوله :النحرممد صلص نر ب
هذا ل سبحانه وتعالى ؛ لنه كله ثناء على ا جل وعل .فهذا يدل على عظمة هذه السورة ،
ب
ضو ص ت نعلنريصهرم نغريصر ارلنمرغ م ط اللصذينن أنرننعرم ن
صنرا نط ارلممرستنصقينم ص
صنرا ن
ولهذا قال " :فإذا قال :ارهصدننا ال ب
ضابلينن قال :هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ". نعلنريصهرم نونل ال ل
الفوائد المستنبطة منها
ومما يتعلق بهذه السورة ويدل على عظمتها ما قاله العلماء -رحمهم ا : -إن هذه السورة
تشتمل على معان جليلة ،منها :
ومقتضى ربوبيته أن ل يترك عباده بدون ما يصلحهم ،ومن أعظم ما يصلح العباد إرسال الرسل
ط ارلممرستنصقينم فإن الصراط المستقيم ل يتبين إل بإرسال الرسل -عليهم
صنرا ن
.كذلك قوله :ارهصدننا ال ب
الصلة والسلم . -ففيها إثبات الرسالت .
ب ارلنعالنصمينن رد على
ففيها الرد على الملحدة والمعطلة الذين ل يؤمنون برب ؛ فإن قوله :نر ب
الملحدة الذين يرون أن العالم ليس له رب ،وإنما هو الذي يكون نفسه ! والطبيعة هي التي تكون
هذه الشياء وتوجدها ! ! وهذا مخالف للعقول ؛ لنه ل يمكن وجود مخلوق بدون خالق ،ول
يمكن حصول فعل بدون فاعل أبضدا .فهذا الكون كله وهذا الخلق يدل على الخالق -سبحانه
وتعالى ، -وأنه هو الذي أوجده وصرفه ودبره وكونه .
وفيها رد على المشركين الذين يؤمنون بالرب لكن يشركون معه في العبادة ،وذلك في قوله :
ط ارلممرستنصقينم
صنرا ن
ك ننرستنصعيمن ،وقوله :ارهصدننا ال ب ب ارلنعالنصمينن ،وقوله :إصليا ن
ك ننرعبممد نوإصليا ن ارلنحرممد صللص نر ب
،هذا كله فيه رد على المشركين الذين يعبدون ا ويعبدون معه غيره .
وفيها الرد على اليهود والنصارى ومن سار على طريقهم ممن أخذ العلم وترك العمل ،أو أخذ
العمل وترك العلم ،ففيها رد على كل عالم ل يعمل بعلمه ،ورد على كل عامل ل يعمل على علم
،ولهذا يقول العلماء :إن هذه السورة تضمنت الرد على جميع الطوائف ،فحق لها أن تسمى أم
الكتاب ؛ لن أم الشيء هي التي يرجع إليها الشيء ،والقرآن كله يرجع إلى هذه السورة ؛ لن
القرآن كله يدور على هذه المعاني التي تضمنتها هذه السورة .
وهذه السورة العظيمة كثير من الناس يقرؤها ويرددها على لسانه ،ول يتدبرها ول يفقه شيضئا من
معانيها ،وإنما هي ألفاظ تجري على لسانه كأنه كلم أعجمي ! ! وهذا من الخطأ الجسيم والخلل
الكبير ،والقرآن إنما أنزل ليمتنندبلنر ومتفهم معانيه .هذا وا أعلم .