Professional Documents
Culture Documents
من هم الخلفاء الاثنا عشر؟
من هم الخلفاء الاثنا عشر؟
@Majzaa
عن جابر بن سمرة قال دخلت مع أبي على النبي صلى اهلل عليه وسلم فسمعته يقول :إن هذا
األمر ال ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة قال ثم تكلم بكالم خفي علي قال فقلت ألبي ما قال؟
قال :كلهم من قريش( .مسلم).
ولقد اختلفت تأويالت أهل العلم لهذا الحديث ،وقبل الخوض فيها نعرض جميع الروايات حتى
تتكون عندنا أوضح صورة ممكنة لفهم الحديث ،ومعرفة هؤالء الخلفاء.
:2ال يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش( .مسلم).
:3ال يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجال كلهم من قريش( .مسلم).
:4ال يزال هذا األمر عزيزا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش( .مسلم).
:5ال يزال اإلسالم عزيزا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش( .مسلم).
:6ال يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش( .مسلم).
:8ال يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه األمة كلهم من قريش.
(أبو داود).
:10هذا الدين لن يزال ظاهرا على من ناوأه ال يضره مخالف وال مفارق حتى يمضي من أمتي اثنا عشر
خليفة كلهم من قريش( .مسند أحمد).
:11ال يزال هذا األمر صالحا حتى يكون اثنا عشر أميرا كلهم من قريش( .مسند أحمد).
:12ال يزال الدين قائما حتى يكون اثنا عشر خليفة من قريش( .مسند أحمد).
:13يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ثم يكون الهرج( .مسند أحمد).
:14ال يزال هذا األمر مؤاتي أو مقاربا حتى يقوم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش( .مسند أحمد).
:15ال تزال أمتي على الحق ظاهرين ال يزال أمر أمتي صالحا ال يضرهم عداوة من عاداهم حتى يليهم اثنا
عشر خليفة كلهم من قريش( .البزار).
قال بعض أهل العلم إن هؤالء هم الخلفاء الحق العدول ،كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن
رضي اهلل عنهم أجمعين ،وعمر بن عبد العزيز الذي قيل فيه ما قيل من أنه مهدي زمانه ،وال بد أن
يحكم أمثالهم األمة في قابل األيام .ووفق هذا الرأي فأمثال هؤالء الجبال هم المهدي عليه السالم ومن
يتبعه من الخلفاء الذين يحكمون الخالفة على منهاج النبوة وما هم دونه في الفضل ،ووفق هذا الرأي
أيضا فلقد مضى منهم ستة خلفاء عدول ،وبقي ستة ،وقد روى ابن حماد في الفتن عن عبد اهلل بن
عمرو قال :السفاح ،ثم المنصور ،ثم جابر ،ثم المهدي ،ثم األمين ،ثم سين وسالم (أي صالح وعافية
وليس هذا نعت لخليفة قد وضحت ذلك رواية أخرى) ثم أمير العصب ،ستة منهم من ولد كعب بن لؤي
ورجل من قحطان ال يرى مثلهم كلهم صالح( .الفتن البن حماد) .فيكون ستة في أول األمة وستة في
آخرها ومجموعهم اثنا عشر .وال أميل إلى هذا الرأي صراحة ألن الروايات التي فيها تتابع الخلفاء بنعوتهم
تلك كالمنصور والسفاح واألمين ...فيها خلط كثير ما بين طور الخالفة الراشدة في أول األمة وطور
الخالفة على منهاج النبوة في آخرها ،فمثال ما ذكر بنعت األمين ،أعتقد أنه هو الخليفة الراشد عثمان
بن عفان رضي اهلل عنه ،فقد كان عثمان رضي اهلل عنه يدعى باألمين ،وفي رواية عن كعب رضي اهلل
عنه أنه قال :يملك اثنا عشر ملكا منهم أولهم صديق يموت موتا ثم الفاروق يقتل قتال ثم األمين يقتل
قتال ثم رأس الملوك يموت موتا ثم صاحب األحراس يموت موتا ثم جبار يموت موتا ثم صاحب العصب
وهو آخر الملوك يموت موتا ثم يملك صاحب العالمة يموت موتا( ...الفتن البن حماد) ،وفي رثائه لعثمان
قال شاعر النبي حسان بن ثابت رضي اهلل عنه:
عثمانَ رهن ًا لدى األجداثِ والكفنِ إني رأيتُ أمينَ اهللِ مضطهداً
قتلُ اإلمامِ األمينِ المسلمِ الفطنِ يا قاتلَ اهللُ قوماً كان شأنهمُ
إال الــذي نطقـوا زوراً ولـم يكنِ ما قاتـلـوه على ذَنْبٍ أَلمّ ِبهِ
وكذا خليفة نعتته األحاديث واآلثار بأنه المنصور فأظن أن المعني به هو الخليفة الخامس الحسن
بن علي رضي اهلل عنه وأرضاه ،الذي ما إن يذكر اسمه إال وتذهب األذهان إلى الصلح وحقن الدماء،
فبحكمته التي ورثها من آل بيت النبوة عليهم السالم ،أصلح اهلل به بين فئتين عظيمتين وقع بينهما
من الدماء ما ال يعلمه إال اهلل (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فال يسرف في القتل إنه كان
منصورا) ،وروى ابن حماد عن كعب األحبار قال :إن منصور خامس خمس عشرة خليفة( .الفتن البن
حماد) .وروى أيضا عن كعب قال :المنصور منصور بني هاشم( .الفتن البن حماد) .وروى أيضا عن عبد
اهلل بن عمرو أنه قال :يا معشر اليمن تقولون إن المنصور منكم فال والذي نفسي بيده إنه لقرشي أبوه
ولو شاء أن أنسبه إلى أقصى جد هو له فعلت( .الفتن البن حماد) .وتأمل قول الصحابي عبد اهلل بن
عمرو (ولو شاء أن أنسبه إلى أقصى جد هو له فعلت) ولم يقل لو شئت أنا ،بل شاء هو أي المنصور،
ومعلوم أن عبد اهلل بن عمرو عاصر الحسن رضي اهلل عنهما ومات بعده ،ومن الطبيعي أن ينسبه إلى
أقصى جد له إذا شاء ذلك المنصور فيعني أنه يعرفه ويعرف أنه حي يرزق ،فال يقصد بذلك خليفة يأتي
آخر الزمان وهو يعلم نسبه إلى أقصى جد ،وإال لما كتم الصحابي علما عن رسول اهلل صلى اهلل عليه
وسلم .وعودا على موضوعنا...
قال آخرون في تفسير الحديث ،إن المعني به هم الخلفاء واألمراء من بعده صلى اهلل عليه وسلم،
فال يتعلق األمر بالصالح والعدل ،إنما بالقوة والمنعة واجتماع الكلمة ،قال القرطبي رحمه اهلل في
تفسير هذا الحديث" :إ ن هذا إخبار عن الواليات الواقعة بعده وبعد أصحابه وكأنه أشار بذلك إلى مدة
والية بني أمية ،ويعني بالدين الملك والوالية ،وهو شرح الحال في استقامة السلطنة لهم ،ال على طريق
المدح".
وقال فيه شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل" :وهكذا كان ،فكان الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان
وعلي ،ثم تولى من اجتمع الناس عليه وصار له عز ومنعة :معاوية ،وابنه يزيد ،ثم عبد الملك ،وأوالده
األربعة ،وبينهم عمر بن عبد العزيز ،وبعد ذلك حصل في دولة اإلسالم من النقص ما هو باق إلى اآلن،
فإن بني أمية تولوا على جميع أرض اإلسالم ،وكانت الدولة في زمنهم عزيزة ،والخليفة يدعى باسمه
عبد الملك وسليمان ،ال يعرفون عضد الدولة ،وال عز الدين ،وبهاء الدين ،وفالن الدين ،وكان أحدهم هو
الذي يصلي بالناس الصلوات الخمس ،وفي المسجد يعقد الرايات ،ويؤمر األمراء ،وإنما يسكن داره ،ال
يسكنون الحصون ،وال يحتجبون عن الرعية".
وكذا قال ابن حجر في فتح الباري" :لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة :كلهم يجتمع
عليه الناس ،وإيضاح ذلك أن المراد باالجتماع انقيادهم لبيعته ،والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي
بكر ،ثم عمر ،ثم عثمان ،ثم علي ،إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين ،فسمي معاوية يومئذ بالخالفة،
ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن ،ثم اجتمعوا على ولده يزيد ،ولم ينتظم للحسين أمر
بل قتل قبل ذلك ،ثم لما مات يزيد وقع االختالف ،إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل
ابن الزبير ،ثم اجتمعوا على أوالده األربعة :الوليد ،ثم سليمان ،ثم يزيد ،ثم هشام ،وتخلل بين سليمان
ويزيد عمر بن عبد العزيز ،فهؤالء سبعة بعد الخلفاء الراشدين ،والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد
الملك ،اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام ،فولي نحو أربع سنين ،ثم قاموا عليه فقتلوه ،وانتشرت
الفتن وتغيرت األحوال من يومئذ ،ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك ( )...وانفرط األمر
في جميع أقطار األرض ،إلى أن لم يبق من الخالفة إال االسم في بعض البالد ،بعد أن كانوا في أيام بني
عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع أقطار األرض شرقا وغربا وشماال ويمينا مما غلب عليه
المسلمون ،وال يتولى أحد في بلد من البالد كلها اإلمارة على شيء منها اال بأمر الخليفة ،ومن نظر في
أخبارهم عرف صحة ذلك ،فعلى هذا يكون المراد بقوله( :ثم يكون الهرج) يعني :القتل الناشئ عن الفتن
وقوعا فاشيا ،يفشو ويستمر ويزداد على مدى األيام ،وكذا كان ،واهلل المستعان".
وهذين القولين هما أصح وأقرب ما قيل في تفسير هذا الحديث ،وأما ما أرجحه بينهما فهو رأي
شيخ اإلسالم ابن تيمية ،إذ أنه وبعد النظر في جميع الروايات ،يتبين أمور ترجح هذا الرأي وتدعمه،
فقوله صلى اهلل عليه وسلم :ال يزال ...حتى :يعني بلغة العرب االستمرارية بالشيء حتى الوصول لنقطة
معينة ،وانظر مثاال للتقريب :ال تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة ،فيعني أن
هذه الطائفة مستمرة بالوجود مهما حصل ،فإذا وصلنا لنقطة قيام الساعة لم يعد لها وجود ،هذه لغة
العرب واضحة ،فواضح من الحديث بكل رواياته أنه إذا وصلنا لنقطة ذهبت فيها قوة وعزة المسلمين
فيكون قد مضى فينا االثنا عشر خليفة أو أمير ،وقد ذهبت فعليا قوة وعزة اإلسالم منذ زمن بعيد،
أضف إلى ذلك ،إن الذي يقول بتفرق أزمنة هؤالء الخلفاء وأن منهم المهدي ،فالزم قوله هو أن اإلسالم
اليوم عزيز ومنيع ألنه وفق حديث النبي صلى اهلل عليه وسلم سيبقى عزيزا حتى يمضي فينا اثنا عشر
خليفة ،وهذا مخالف للواقع ،أضف إلى ذلك قوله :ثم يكون الهرج ،أي بعد انقضاء االثنا عشر خليفة،
يبدأ الهرج ،وهو واقع اليوم ومؤكد وقوعه قبل المهدي ،وقد وقع منذ زمن بعيد أيضا ،فكل ذلك يدعم
هذا الرأي ،واهلل أعلم بالصواب ،والحمد هلل رب العالمين.