‫االسرتاتيجية الوطنية إلدارة النفايات‬

‫نشر في جريدة أخبار الخليج بتاريخ ‪ 1‬نوفمبر ‪2018‬‬

‫بقلم الدكتور زكريا خنجي‬

‫وقَّعت وزارة األشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني بتاريخ ‪19‬‬

‫فبراير ‪ 2018‬على اتفاقية مع شركة استشارية أجنبية (موت ماكدونالز)‬

‫اتفاقية تكلف الشركة بموجبها إعداد دراسة شاملة عن واقع المخلفات في‬

‫البحرين‪ ،‬وعلى جميع أنواعها المختلفة سواء المخلفات المنزلية أو الزراعية‬

‫أو الطبية أو مخلفات البناء والمصانع وغيرها لوضعها ضمن استراتيجية‬

‫وطنية شاملة تعنى بمعالجتها واالستفادة منها من خالل مشاريع إعادة‬

‫التدوير التي باتت جزءً رئيسًا من المشاريع االقتصادية الحديثة‪ ،‬وكذلك‬

‫لضمان التخلص الدائم واألمن من المخلفات غير القابلة للتدوير‪.‬‬

‫وبعد حوالي ‪ 8‬أشهر نشرت الصحف المحلية خبرًا يفيد بأن نائب رئيس‬

‫مجلس الوزراء رئيس اللجنة الوزارية لإلعمار والبنية التحتية الشيخ خالد بن‬

‫عبد اهلل آل خليفة قد اجتمع مع الجهات الحكومية المعنية وممثلين من‬

‫الشركة االستشارية لتوجيههم إلى البدء في توسع مشروع فرز وتدوير‬

‫المخلفات المنزلية عبر نشر الحاويات التي تسمح بفصل المخلفات‬

‫العضوية عن غير العضوية في أكبر قدر ممكن من مناطق المملكة‪ ،‬وذلك‬

‫بعد تجربتها في إسكان جزيرة النبيه صالح‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وحتى هنا والخبر ال بأس به‪ ،‬بل إنه جميل جدًا‪ ،‬إذ إننا اليوم وبعد ‪ 9‬أشهر‬

‫من توقيع االتفاقية ما زلنا بانتظار تلك الدراسة التي ستقوم بها الشركة‬

‫االستشارية‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬سوف تتمخض عن هذه الدراسة استراتيجية وطنية‬

‫إلدارة المخلفات في البحرين‪.‬‬

‫إذن نحن بانتظار ذلك فقد طال انتظارنا لمثل هذه الدراسات‬

‫واالستراتيجيات التي من المفترض أن ترى النور‪ ،‬وتتحول إلى حلول ناجعة‬

‫ال من تخزينها في الدواليب‬

‫وواقعية يتم تطبيقها على أرض الواقع بد ً‬

‫ومكاتب المسؤولين‪.‬‬

‫ولكنني أجد أن هناك نوعًا من الخلط بين إدارة المخلفات وتدويرها‬

‫والتخلص منها‪ ،‬فهل نحن هنا نتحدث عن اإلدارة المتكاملة للمخلفات أو‬

‫تدوير المخلفات إلعادة االستفادة منها أو نحن نتحدث فقط عن طرق‬

‫التخلص من المخلفات ؟‬

‫فإن كنا نتحدث عن التخلص من المخلفات‪ ،‬فهذه قضية ال تحتاج إلى شركة‬

‫استشارية عالمية أجنبية لتضع لنا استراتيجية ودراسات فقد نشر خالل‬

‫السنوات الماضية عديد من الدراسات العلمية التي قام بها اختصاصيون‬

‫بحرينيون تتحدث عن هذا الموضوع ووضعوا الكثير من المقترحات‬

‫والتوصيات التي يمكن للوزارات المعنية البدء منها للتخلص من النفايات‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أما إن كنا نتحدث عن تدوير المخلفات‪ ،‬فقد أشرنا عشرات المرات إلى أن‬

‫إعادة التدوير وحدها ال يمكن أن تحل المشكلة‪ ،‬فإعادة التدوير ليست‬

‫العصا السحرية لمشكلة المخلفات سواء في البحرين أو خارج البحرين‪.‬‬

‫وكذلك فرز المخلفات العضوية وفصلها عن المخلفات غير العضوية‪ ،‬فهي‬

‫ليست حلوالً‪ ،‬بل هي حلول وقتية (حلول بندولية) ال تغير من الواقع شيء‪.‬‬

‫ولكن من المفترض أن تلجأ الجهات الحكومية المعنية وتطلب من الشركة‬

‫االستشارية أن تضع لها خطة متكاملة إلدارة المخلفات‪ ،‬والتي تشمل‪:‬‬

‫التقليل من كمية المخلفات من مراكز البيع المنتجات بالتجزئة سواء المواد‬

‫الغذائية أو غير الغذائية‪ ،‬بالستيكية كانت أو معدنية‪ ،‬منتجات يومية أو‬

‫حتى المنتجات الشهرية‪ ،‬وكذلك المخلفات التجارية الناتجة من األسواق‬

‫كلها‪ ،‬ثم التفكير في المخلفات الناتجة من المنازل والمكاتب والوزارات‬

‫نفسها‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬فصل المخلفات‪ ،‬وكذلك إعادة استخدام المخلفات التي‬

‫يمكن استخدامها مرة أخرى مثل الورق والمالبس وبعض األجهزة التي‬

‫يمكن إعادة تصليحها بدالً من رميها والتخلص منها‪ ،‬وبعد ذلك تأتي‬

‫مرحلة إعادة التدوير‪ ،‬وأخيرا التخلص من بقايا المخلفات بعد أن تم تقليلها‬

‫وإعادة استخدامها‪ ،‬وإعادة تدويرها‪ ،‬أما أن نبدأ بإعادة التدوير والتخلص‬

‫منها ثم نقول إننا نضع استراتيجية إلدارة المخلفات فهذه ليست‬

‫استراتيجية متكاملة‪ ،‬بل إننا ما زلنا نبحث عن الحلول البندولية التي ال‬

‫تغني وال تسمن من جوع‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وبهذه الكيفية وبهذه االستراتيجية المبتورة فإننا لم نضع الحصان أمام‬

‫العربة‪ ،‬بل لم نضع الحصان وال نعرف كيف نتعامل مع الحصان‪ ،‬وال حتى‬

‫إدارة الحصان والعربة‪.‬‬

‫‪4‬‬