You are on page 1of 4

‫بقلم ‪ :‬أ‪.‬د‪ .

‬مصطفى العبد هللا الكفري‬

‫ابن خلدون أبو علم الاجتماع‪:‬‬

‫يعد ابن خلدون من أهم العلماء الذين تفخر بهم الحضارة العربية‬
‫الإسلامية‪ ،‬فهو مؤسس علم الاجتماع وأول من وضع أسسه الحديثة‪ ،‬وتوصل‬

‫إلى نظريات باهرة في علم اجتماع حول قوانين العمران ونظرية العصبية‪،‬‬
‫وبناء الدولة وأطوارها ( عمرانها وازدهارها وسقوطها )‪ .‬امتاز ابن خلدون بسعة‬

‫اطلاعه على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وعلاقاتهم‪ ،‬وقدرته على‬
‫استعراض الآراء ونقدها‪ ،‬ودقة الملاحظة وحرية التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه‪.‬‬

‫وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء‪ ،‬إلى جانب أسفاره الكثيرة من موطنه‬

‫الأصيل تونس وبقية بلاد شمال أفريقيا إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام‪ ،‬أثر بالغ في‬
‫موضوعية وعلمية كتاباته في التاريخ وعلم الاجتماع‪ .‬سبقت آراؤه ونظرياته ما توصل إليه‬

‫مشاهير العلماء كالعالم الفرنسي أوجست كونت بعدة قرون‪.‬‬

‫التعريف بمؤلف كتاب المدخل إلى علم الاجتماع‪:‬‬

‫مؤلف الكتاب الاستاذ الدكتور محمد محمود الجوهري وهو من أوائل المصريين إن لم يكن‬
‫أول مصري يحصل على درجة الدكتوراه في علم الفولكلور في عام ‪1966‬م‪ ،‬من معهد جامعى‬

‫متخصص في هذا العلم‪ .‬وهو من أكبر معاهد الفولكلور في العالم ويتبع لجامعة بون بألمانيا‪.‬‬
‫ثم عاد إلى الوطن مصر وأسهم بنفسه ومن خلال التعاون مع زملائه وطلابه بدفع الحركة‬

‫العلمية للفولكلور المصري‪ ،‬مع التشديد على صفة "العلمية"‪ .‬فمجال العمل الإعلامى‬
‫الجماهيرى في الفولكلور كان وما يزال مفتوحا على مصراعيه لمن ينحو منحى التبسيط أو‬

‫‪1‬‬
‫المتاجرة أحيانا‪ .‬ولكن الدراسة الحقة لتراثنا الشعبي كانت تقتضي ممن يتصدى لها جهدا دؤوبا‬

‫متصلا‪ ،‬متعاونا مع كل من لديه كفاءة وجلد لترسيخ الفهم العلمى المنضبط لهذا الميدان من‬
‫ميادين البحث و الدراسة‪.‬‬

‫مضمون كتاب المدخل إلى علم الاجتماع‪:‬‬

‫يتضمن الكتاب عدة محاور تم تصنيفها في أربعة أبواب‪ ،‬تناول الباب الأول موضوع علم‬

‫الاجتماع نشأته وبداية تطوره وحدوده‪ ،‬وتم في الباب الثاني استجلاء كينونة علم الاجتماع‬
‫وقضايا المجتمع كما تم عرض خلاصة النظرية المعاصرة في علم الاجتماع ‪ ،‬وتضمن الباب‬

‫الثالث ميادين الدراسة في علم الاجتماع العقبات والصعوبات التي واجهها ويواجهها كحقل جديد‬
‫يشق طريقه في مجال البحث العلمي‪ ،‬واختص الباب الرابع بموضوع علم الاجتماع التطبيقي‬

‫منهجيته التي تميزت بإبراز استخدام ما هو مهمل في منهجية علم الاجتماع و المؤشرات‬
‫الاجتماعية‪ .‬علم الاجتماع التطبيقي لا يعني مناهج البحث وطرقه أو كيفية استخدامه بل هو‬

‫عبارة عن مواضيع ومشاكل وحالات اجتماعية معاصرة مترجمة الى بحوث سهله الفهم بعيدة‬
‫عن التعقيدات الأكاديمية في تعابيرها ومصطلحاتها‪ .‬وعلى الرغم من قصر الفترة الزمنية التي لا‬

‫تتعدى الربع قرن‪ ،‬إلا ان رواد علم الاجتماع التطبيقي وباحثيه استطاعوا أن يجمعوا ما‬
‫يستطيعون جمعه لجعله مادة متخصصة‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬وبين ثنايا هذا الكتاب القيم والهام‪،‬‬

‫سنحاول تلخيص ما جاء فيه‪ ،‬حيث تضمن الكتاب عدة محاور تم تصنيفها في أربعة أبواب هي‪:‬‬
‫الباب الأول‪ :‬تم استعراض موضوع علم الاجتماع وحدوده‪.‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬ناقش موضوع المجتمع وعرض خلاصة النظرية المعاصرة في علم الاجتماع‪.‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬حدد ميادين الدراسة في علم الاجتماع‪.‬‬

‫الباب الرابع‪ :‬استعراض موضوع علم الاجتماع التطبيقي‬


‫يهتم علم الاجتماع بالبحث العلمي للعلاقات التي تقوم بين الناس‪ ،‬وما يترتب على هذه‬

‫العلاقات من آثار‪ .‬ويعد علم الاجتماع من أطرف الأبحاث الاجتماعية وأكثرها جذبا للناس‪ ،‬لكنه‬
‫ليس أسهلها ولا أبسطها في البحث‪ .‬لأن العلاقات الإنسانية – التي تمثل موضوع هذا العلم –‬

‫يمكن أن تكون معقدة أشد التعقيد‪ .‬إضافة إلى صعوبة هذا البحث‪ ،‬بل ويعوقه أحيانا‪ ،‬أن أهم‬
‫جوانب العلاقات الإنسانية ليس واضحا للعيان‪ ،‬وليس باديا ظاهرا (خاصة من حيث المعنى الذي‬

‫يضفيه أطراف العلاقة عليها)‪ ،‬كما أن بعض جوانبه لا يمكن ملاحظته ملاحظة مباشرة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫النسق الاجتماعي‪:‬‬

‫والنسق الاجتماعي ‪ Social System‬هو أهم وحدة في دراسة علم الاجتماع‪ .‬ويتكون النسق‬
‫الاجتماعي من مجموعة من الناس الذين يعيشون معا ويشتركون في واحد أو أكثر من الأنشطة‬

‫المشتركة والتي يتم القيام بها بشكل جماعي‪ .‬وترتبط المجموعة برابطة معينة أو عدد من‬
‫الروابط والصلات‪ .‬وقد يكون النسق الاجتماعي صغيرا‪ ،‬كأن يتكون من زوجين يعيشان معا في‬

‫أسرة واحدة ‪ ،‬وقد يكون كبير الحجم كمصنع كبير يضم آلاف العمال‪ ،‬أو جيش يضم مئات الآلاف‬
‫من الأفراد‪ .‬بعض الأنساق الاجتماعية لا يدوم سوى لحظات عابرة‪ ،‬كذلك الحشد من الناس الذين‬

‫يتجمعون حول حادث عابر في الطريق العام‪ ،‬وبعضها يستمر حيا متماسكا متصلا عبر أجيال‬
‫طويلة كإحدى القبائل على سبيل المثال‪.‬‬

‫يخلق كل نسق اجتماعي عددا من الوقائع أو الأحداث الاجتماعية‪ ،‬أو ما يسمى أحيانا‬
‫الظواهر الاجتماعية‪ ،‬وهي عبارة عن أشكال أو أنماط منتظمة ومتكررة من السلوك يفرضها هذا‬

‫النسق على الأفراد الداخلين فيه‪ .‬وفي حالة النسق الاجتماعي الكبير المستمر تنشأ بطبيعة‬
‫الحال ملايين من تلك الوقائع أو الأحداث الاجتماعية أو الظواهر التي يهتم عالم الاجتماع‬

‫بدراستها‪ .‬من الطبيعي والمنطقي أن مثل هذا العدد الكبير من الوقائع لا يمكن دراسته دفعة‬
‫واحدة‪ ،‬ولا إحصاؤه إحصاء شاملا ووافيا‪ .‬لذلك يتحتم علينا تقسيمه أو تصنيفه إلى فئات أصغر‪،‬‬

‫فندرس الوقائع المتصلة بكل من‪ :‬السكان‪ ،‬والمدن‪ ،‬والطبقات الاجتماعية‪ ،‬والعمل‪ ،‬والتنظيمات‪،‬‬
‫والحياة الأسرية‪ ،‬والجريمة‪ ،‬والحرب‪ ،‬والتغير الاجتماعي‪ ،‬والترويح‪ ،‬والشيخوخة‪ ،‬والذوق الفني‪...‬‬

‫إلخ‪ .‬وهذا التصنيف إلى فئات من هذا النوع يمثل مجالات أو ميادين الدراسة والبحث في علم‬
‫الاجتماع ‪ .‬ومن خلال ذلك يصبح بإمكاننا التعرف على عدد من الوقائع والأحداث الاجتماعية التي‬

‫تمكن علم الاجتماع على امتداد تاريخه من إلقاء الضوء عليها ودراستها‪.‬‬

‫ملاحظات‪:‬‬

‫يعاني علم الاجتماع في الوقت الحاضر‪ ،‬من انقلابات عنيفة‪ .‬فهو يقف حائرا أمام العلاقات‬
‫بين البشر والمجموعات الاجتماعية التي لم تعد تعرف كيف تعطي معنى لوجودها‪ .‬ولم يعد‬

‫قادرا على إخفاء عجزه عن فهم انبثاق الجديد وتفسيره‪ ،‬وتحليل الآخر والمختلف‪ ،‬وتخليصنا من‬
‫معارفنا "المنتجة" والمتقهقرة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫علم الاجتماع منفتح على الشك‪ ،‬وحس التمييز‪ ،‬وغير المنتظر‪ ،‬وعلى القدرات الخلاقة للبشر‬

‫"هذه الحيوانات الخرقاء التي تحب بشغف أن تتشاجر على جهلها‪ ".‬هذه الاختلاجات وقلق عالم‬
‫الاجتماع أمام الانفصال الحالي بين الكلمات والمعاني‪ ،‬بين الإشارات والأفكار‪ ،‬بين مصائرنا‬

‫الشخصية والأقدار الجماعية المتلاعبة في التاريخ‪.‬‬


‫كتاب من هذا النوع المعرفي تأليف الدكتور محمد محمود الجوهري رئيس جامعة حلوان‬

‫الأسبق في القاهرة‪ ،‬وأستاذ علم الاجتماع يستحق الدراسة المتأنية‪ ،‬ومحاولة إسقاط نموذجه‬
‫على البحث والدراسة في كافة موضوعات علم الاجتماع‪ ،‬وتقديمه لمختلف المجتمعات أملا في‬

‫التنمية الحقيقية غير "المعطوبة" أو "المؤجلة" خاصة في وطننا العربي‪.‬‬

‫عرض وتقديم‪ :‬الدكتور مصطفى العبد هللا الكفري‬


‫كلية الاقتصاد – جامعة دمشق‬

‫‪Moustafa.alkafry@gmail.com‬‬

‫كتاب المدخل إلى علم الاجتماع‬


‫تأليف‪ :‬الاستاذ الدكتور محمد محمود الجوهري‬

‫عدد الصفحات‪448 :‬‬


‫سنة الطبع‪2015 :‬‬

‫الطبعة‪ :‬الثالثة‬
‫منشورات‪ :‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬شركة جمال أحمد محمد‬
‫حيف واخوانه‪ ،‬الأردن – عمان – العبدلي‬

‫‪4‬‬

You might also like