You are on page 1of 3

‫درجات البالد‪:‬‬

‫اعلم أنه يتوقف على معرفة عرض كل بلد وطوله مسألتان‪:‬‬


‫ـ األولى‪ :‬معرفة القبلة‪ :‬كما عند أهل فاس جميعا‪ ،‬وال سيما التاجوري‬
‫المصحح لقبلة أهل المغاربة‪.‬‬
‫ـ المسألة الثانية‪ :‬الوقت‪ :‬كما قال البناني‪" :‬معرفة الزوال متوقفة على معرفة‬
‫عرض البلد"‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وأول ما ينبغي أن يعرف من ذلك عرض مكة وطولها‪ ،‬قال الدادسي في‬
‫اليواقيت‪:‬‬
‫وعرض بيت هللا كا والطول صز == في نادر وعز من يقول عز‬
‫فيجب أن يكون ما بين الكعبة وخط االستواء آلخر تمام تسعين درجة‪ ،‬وهو‬
‫كج على القول األول‪ ،‬وعلى الثاني يج‪.‬‬
‫وإذ كان عرض مراكش ل‪ ،‬فعرض لـﮕـديم كا مثل الكعبة؛ ألنا حسبنا ما بين‬
‫لـﮕـديم ومراكش من الدرجات بالمراحل‪ ،‬فوجدناه تسع درجات‪ :‬ثالث منها‬
‫بين مراكش وواد نون ألن ذلك تسع مراحل‪ ،‬وست منها بين واد نون‬
‫ولـﮕـديم ألن ذلك ثمان عشرة مرحلة؛ فيكون أهل لـﮕـديم مسامتون للكعبة‪،‬‬
‫الستواء عرضه وعرض الكعبة‪.‬‬
‫ي ك‪ ،‬وعرض تشل يط‪ ،‬وعرض انديرك يج‪ ،‬وعرض‬ ‫وعرض اجميع ّ‬
‫تنبراهيم بز‪ ،‬وعرض انجيل يو‪ .‬والدقائق ال تتعين بها القبلة‪ .‬وطول الجميع‬
‫درجة واحدة في البر ومقابلها من البحر‪ .‬فال بد أن تكون تلك الدرجات التي‬
‫بين لـﮕـديم وانجيل قبلتها خلف المسامتة‪ ،‬لتستقبل الكعبة التي هي ذات‬
‫الشمال عن لـﮕـديم‪.‬‬
‫ويعرف ذلك كله بخط تخطه برجلك وأنت ماش مستقبل القطب الشمالي‬
‫بالليل‪ ،‬حتى تقطع قامتين أو أكثر‪ ،‬ثم تخط من نصفه خطا مشرقا على قدره‬
‫أو دونه‪ ،‬وتمد خيطا من جانبيه متساويا؛ فبذلك قبلة نـﮕـجير ألنه مساو‬
‫للكعبة في العرض‪ .‬وما سوى ذلك من الدرجات المذكورة فتخط له خطوطا‬
‫محاذية للخط المشرق‪ ،‬التي هي أقرب إلى خط الهادي من الخط المشرق‬
‫بقدر الدرجات القبلية؛ هذا إن كانوا يمانيا عن الخط المشرق بقدر الدرجات‪.‬‬
‫وإياك والنظر إلى النجوم في هذا الميزان بالعروض‪ ،‬فإن النجم أكبر من‬
‫األرض‪ ،‬وإذا تيامنت تيامن معك‪ ،‬وإذا جوفت جوف معك‪ ،‬وإذا شرقت في‬
‫جوانب األرض كاليمن والشام والعراق‪.‬‬
‫فال بد لك من مطالع النجوم‪ ،‬ألنك تدور بالكعبة في مسيرك؛ فيكون مطلع كل‬
‫نجم ومغربه تارة عن يمينك‪ ،‬وتارة عن شمالك‪ ،‬وتارة بين عينيك‪ ،‬وتارة بين‬
‫كتفيك‪.‬‬
‫وقد صنف في ذلك تقي الدين الفاسي كتابا نظمناه‪ ،‬أوله‪:‬‬
‫الحمد هلل الذي قد نوعا == االبواب من مكة والبيت معا‬
‫إلى قوله‪:‬‬
‫هذا ولما كان جهل القبل == يزري بفاضل وغير األفضل‬
‫وجهلنا الحطيم والملتزما == يعد فخرا عند قوم كرما‬
‫جمعت ما في المغرب الشنظوري == وجدته من قبل القصور‬
‫من نقل أهل فاس المروي == عن الخزاعي واالزرقي‬
‫إلى آخر النظم‪....‬‬
‫وهو ومنثوره لم تذكر فيهما درجة‪ ،‬بخالف هذا الخاص بأهل المغرب‪.‬‬
‫وهللا الموفق‪.‬‬
‫فصل‪ :‬قد علمنا أن علينا وعدا من تعلق الزوال بمعرفة عرض البلد‪ ،‬وسنعود‬
‫إليه إن شاء هللا‪ ،‬بعد فراغنا من تعلق القبلة بمعرفة عرض البلد‪.‬‬
‫قولنا في ما مضى أن كل درجة ثالثة مراحل‪ :‬إنما هو تقريب يسير‪ ،‬ألن‬
‫مسافة القصر مرحلتان‪ ،‬أي يومان؛ مجموعهما ثمانية وأربعون ميال‪.‬‬
‫والدرجة من السماء نحو شبر‪ ،‬ومقابلها من األرض ستون ميال‪ ،‬تجده يزيد‬
‫ميلين تمام خمسين‪ ،‬وعشرة أميال تمام ستين ميال‪ ،‬وستة أميال وثلثي ميل؛‬
‫فمجموع هذه الزيادة ثمانية عشر ميال‪ ،‬وثلثان لغو‪ ،‬ألن القبلة ال تتغير بهما‪.‬‬
‫فانظر كم تنقص هذه الزيادة عن مرحلة يوم‪ ،‬تجدها تنقص ستة أميال‪ ،‬ألنها‬
‫ثمانية عشر‪ ،‬وهي تنقص عن أربعة وعشرين ستة أميال‪ ،‬وأربعة وعشرون‬
‫هي نصف مسافة القصر التي حكم بها األمير وغيره أنها يومان اعتداليان‪.‬‬
‫فلنقص المرحلة الثالثة بستة أميال كانت مراحلنا من انجيل إلى مراكش‬
‫مغتفرا فيها النقص اليسير بالدقائق‪ ،‬والدقائق ال تغير بها القبلة‪ .‬اللهم إال من‬
‫كان بحدود الحرم القبلي‪ ،‬ال حرم المدينة‪.‬‬
‫فصل‪ :‬ومن الوعد المذكور أنه من النصيب بين الـﮕـلت ولـﮕـديم إلى‬
‫ي مقابل الجوزاء والسرطان‪ ،‬وهو أربع درجات‪ ،‬وإن كان كل منهما‬ ‫اجميع ّ‬
‫ي إلى تشل عشر ليلة‪ ،‬بعد مقابل الثور‬ ‫ثالثين درجة طوال؛ ومن اجميع ّ‬
‫واألسد‪.‬‬
‫ومن تمام اثني عشر المذكورة في سنغان إلى شهر وست ليال قبلي إسنغان‪،‬‬
‫وجلها بعد المجمع الخضري‪ ،‬وتنتهي إلى خط االستواء مقابل الحمل‬
‫والسنبلة‪ .‬وما بعد خط االستواء إلى شهر وست ليال مقابل الحوت والميزان‪،‬‬
‫وما بعد ذلك إلى أربعة وعشرين ليلة مقابل الدلو والعقرب‪ ،‬وما بعد ذلك إلى‬
‫اثني عشر ليلة مقابل الجدي والقوس وهو أربع درجات‪ .‬لكن ما بعد خط‬
‫االستواء بحر كله‪ ،‬إال مسيرة ست ليال فيها بعض البشر كالبهائم‪ ،‬ال يقدر‬
‫أحد على سكناها من جهة الحر الذي جعل هللا فيها من كثرة البرد الذي حوله‬
‫كتحوله أمام البيت‪ ،‬وكثرة الظلمة حول النار‪.‬‬

You might also like