You are on page 1of 101

‫واألخطار‬ ‫األضرار‬

‫المترتبة على نشر‬


‫المغرضة‬ ‫الشائعات‬
‫بين أفراد المجتمع‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫العالمين‪،‬‬ ‫رب‬ ‫هلل‬ ‫الحمد‬
‫والصالة والسالم على أشرف‬
‫األنبياء والمرسلين نبينا‬
‫وصحبه‬ ‫آله‬ ‫وعلى‬ ‫محمد‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫أيها اإلخوة واألخوات سيتحدث‬
‫كل من فضيلة الشيخ الدكتور‬
‫إبراهيم بن ناصر الحمود‬
‫والشيخ محمد بن سعد السعيد‬
‫بن‬ ‫فهد‬ ‫الدكتور‬ ‫والشيخ‬
‫سليمان الفهيد عن موضوع هام‬
‫دا وهو األضرار واألخطار‬ ‫جًِّ‬
‫المترتبة على نشر الشائعات‬
‫المغرضة بين أفراد المجتمع‪.‬‬

‫إبراهيم‬ ‫الشيخ‬ ‫كلمة‬


‫الحمود‬
‫وأسباب‬ ‫الشائعة‬ ‫مفهوم‬
‫انتشارها في المجتمع‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد‬
‫هلل رب العالمين الذي خلق‬
‫اإلنسان في أحسن تقويم‪ ،‬وشق‬
‫سمعه وبصره وهداه النجدين‪،‬‬
‫وأشهد أال إله إال هللا وحده ال‬
‫األولين‬ ‫إله‬ ‫له‬ ‫شريك‬
‫واآلخرين‪ ،‬وأشهد أن محمً‬
‫دا‬
‫عبده ورسوله‪ ،‬بعثه هللا رحمة‬
‫للعالمين‪ ،‬صلى هللا عليه وعلى‬
‫ًا‬
‫تسليم‬ ‫وسلم‬ ‫وصحبه‬ ‫آله‬
‫ًا إلى يوم الدين‪.‬‬ ‫كثير‬
‫أما بعد‪ ،‬إن موضوعنا يهم كل‬
‫مسلم ومسلمة‪ ،‬وله صلة وثيقة‬
‫بحياة المسلم وأخالقه‪ ،‬ويؤثر‬
‫المسلمين‬ ‫َْ‬
‫دة‬ ‫َح‬
‫و‬ ‫في‬ ‫ًا‬
‫لب‬‫سَْ‬
‫من‬ ‫هذا‬ ‫ويتضح‬ ‫وتآلفهم‪،‬‬
‫عنوان موضوعنا‪ ،‬وال يخفى أن‬
‫الشائعات لها خطر عظيم على‬
‫الفرد والمجتمع‪ ،‬وال َ‬
‫تخْف‬
‫َى‬
‫أهمية هذا الموضوع في حياة‬
‫كما‬ ‫فالشائعة‬ ‫المسلمين‪،‬‬
‫تعلمون آفة من اآلفات التي‬
‫تعمل على تقويض المجتمع‬
‫ونشر الفوضى واالضطراب بين‬
‫ِّص لي من هذا‬‫ُص‬
‫ِ‬ ‫أفراده‪ ،‬وقد خ‬
‫الموضوع أحد جوانبه المهمة‬
‫َ‬
‫حقيقة‬ ‫لنا‬ ‫ِر‬‫َو‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫تص‬ ‫التي‬
‫ِن لنا أسباب‬‫َي‬
‫ِّ‬ ‫الشائعات وُ‬
‫تب‬
‫انتشار الشائعة بين أفراد‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫تعريف الشائعة‪:‬‬
‫ُ‬
‫أقول وباهلل التوفيق‪ :‬الشائعة‬
‫ُ‪ ،‬إذا ذاع‬ ‫ِن شاع الخَب‬
‫َر‬ ‫م‬
‫وانتشر‪ .‬ففيها معنى االنتشار‬
‫والتكاثر‪ ،‬وقد تعددت األقوال‬
‫وبيان‬ ‫حقيقتها‬ ‫بيان‬ ‫في‬
‫مفهومها وتحديدها‪ ،‬فقيل‪ :‬هي‬
‫نبأ مجهول المصدر‪ ،‬سريع‬
‫االنتشار‪ ،‬ذو طابع استفزازي‬
‫في الغالب‪ .‬وقيل‪ :‬هي مجموع‬
‫سريعة‬ ‫خاطئة‬ ‫سلوكيات‬
‫َْ‬
‫لبلة‬‫الب‬ ‫ِير‬
‫تث‬‫ُ‬ ‫االنتشار‪،‬‬
‫والفتنة في المجتمع‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫در‬ ‫ُْ‬
‫تص‬ ‫َِّ‬
‫ِلة َ‬
‫ل‬ ‫مض‬ ‫َ َّ‬
‫الة ُ‬ ‫هي معلومة ض‬
‫ٍ‪ ،‬ثم تنتقل إلى‬ ‫من فرد‬
‫أفراد‪ ،‬ثم إلى المجتمع‪ ،‬فهي‬
‫وهي‬ ‫الضالل‪،‬‬ ‫على‬ ‫محمولة‬
‫َّقة تعمل‬ ‫مَ‬
‫لف‬ ‫مجموعة أخبار ُ‬
‫على نشر الفوضى بين الناس‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ِم‬ ‫َعة َ‬
‫يت‬ ‫َن‬
‫ْط‬‫مص‬‫وقيل‪ :‬هي رواية ُ‬
‫ِّ وسيلة متعارف‬ ‫ُُلها بأي‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫تناو‬
‫ن النظر لمصدرها‪.‬‬ ‫عليها‪ ،‬دوَ‬

‫وأقرب ما قيل في بيان مفهوم‬


‫الشائعة وتحديدها ومفهوم‬
‫حقيقتها أنها أقاويل وأخبار‬
‫بقصد‬ ‫الناس‬ ‫يتناقلها‬
‫ْ أو غير‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫صحيحة كانت‬ ‫اإلرجاف‪،‬‬
‫ٍ‪.‬‬
‫صحيحة‬
‫بالنظر إلى تلك التعاريف‬
‫مفهوم‬ ‫بيان‬ ‫في‬ ‫السابقة‬
‫الشائعة نجد أنها متقاربة‬
‫من حيث المعنى وإنِ اختلفت‬
‫ألفاظها‪ ،‬فالشائعة قد تكون‬
‫ٍ‪ ،‬لكنه غير موثوق‬
‫ٍ‬ ‫َ مصدر‬‫ذات‬
‫ًا فيه‪،‬‬‫فيه ‪ ،‬أو يكون موثوق‬
‫َّ‬
‫وبدل‪ ،‬سواء‬ ‫َّر‬
‫لكن القائل غي‬
‫كان هذا التغيير أو التبديل‬
‫ٍ أو‬‫بالنقص أو الزيادة‪ ،‬بقصد‬
‫ٍ‪ ،‬فجاءت على خالف‬ ‫بغير قصد‬
‫آفة‬ ‫قيل‪:‬‬ ‫وقد‬ ‫الواقع‪.‬‬
‫األخبار رواتها‪.‬‬
‫ُل‬
‫ِي‬ ‫اْ‬
‫بت‬ ‫لقد‬ ‫اإلخوة‪،‬‬ ‫أيها‬
‫بتلقف‬ ‫الناس‬ ‫من‬ ‫َام‪1‬‬
‫ِئ‬‫ف‬
‫الروايات وافتعال األحاديث‬
‫في هذا الزمن بشكل الفت‬
‫من كانت‬ ‫للنظر واالنتباه‪ ،‬وَ‬
‫ه فهو أبعد الناس عن‬ ‫َ‬
‫حالُ‬ ‫هذه‬
‫التقوى‪.‬‬

‫‪ 1‬الفِئام الجماعة من الناس‪ .‬لسان العرب‪ :‬فأم‬


‫انتشار‬ ‫على‬ ‫ساعد‬ ‫وقد‬
‫الشائعات في وقتنا الحاضر‬
‫ددها عن‬ ‫َُّ‬
‫تع‬‫ُّع الوسائل وَ‬ ‫َو‬
‫تن‬‫َ‬
‫ِِّ المباشر بوسائله‬ ‫طريق البث‬
‫المختلفة‪ ،‬بحيث تصل الشائعة‬
‫ِهت إليه في زمن‬ ‫ُج‬
‫ِّ‬ ‫إلى َ‬
‫من و‬
‫ًا‬
‫ٍ‪ ،‬والشائعة ليست دائم‬ ‫قياسيِّ‬
‫َّقة‪،‬‬
‫لف‬ ‫مَ‬
‫ة ُ‬ ‫ًَّ‬
‫ِص‬‫با أو ق‬ ‫ًا كاذً‬ ‫خبر‬
‫ة تستحق‬ ‫ًَّ‬
‫ِعي‬ ‫َاق‬
‫وإنما قد تكون و‬
‫الكتمان‪ ،‬وغير قابلة للنشر‪،‬‬
‫َا في نشرها من الخطر‬ ‫لم‬‫ِ‬
‫والضرر على الفرد والمجتمع؛‬
‫من‬ ‫ًا‬
‫كثير‬ ‫تستهدف‬ ‫ألنها‬
‫الحاالت والجوانب‪ ،‬فهي تؤثر‬
‫السياسية‬ ‫الحالة‬ ‫على‬
‫واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫بحرب‬ ‫يسَم‬
‫َّى‬ ‫ُ‬ ‫ما‬ ‫وهناك‬
‫الشائعات‪ ،‬وهذا أثره كبير‪،‬‬
‫وخطره شديد في عالقات الدول‬
‫وهي تسمى‬ ‫بعضها مع بعض‪،‬‬
‫أو الحرب‬ ‫الحرب النفسية‪،‬‬
‫المعنوية‪.‬‬
‫والشائعات ليست وليدة هذا‬
‫اليوم‪ ،‬وإنما هي معروفة‬
‫دم اإلنسان‪ ،‬لكنها أخذت‬ ‫َِ‬
‫بق‬
‫َو‬
‫ُّر‬ ‫َ‬
‫تط‬ ‫مع‬ ‫وتزداد‬ ‫تتطور‬‫َ‬
‫الحضارات القديمة والحديثة‪،‬‬
‫د فيما نلحظ‬‫هٌ‬
‫مشاَ‬
‫وهذا شيء ُ‬
‫اآلن من الشائعات التي نسمع‬
‫بها بين فترة وأخرى في شتى‬
‫الوسائل‪.‬‬
‫ْ تاريخ األنبياء‬ ‫من يقرأ‬‫وَ‬
‫مع‬ ‫وقصصهم‬ ‫السالم‬ ‫عليهم‬
‫قومهم في القرآن الكريم‬
‫ْ أثر الشائعات وخطرها‬ ‫ِك‬
‫در‬‫يْ‬
‫َ‬
‫على الدعوة إلى هللا‪ ،‬فمثال –‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬ال الحصر –‬
‫نوح عليه السالم رماه قومه‬
‫بالضالل والجنون قال هللا تعالى‬
‫َ ف‬
‫ِي‬ ‫َاك‬ ‫نا َلن‬
‫َر‬ ‫َِّ‬
‫حكاية عنهم‪ ﴿ :‬إ‬
‫ِينٍ ﴾ [سورة األعراف ‪:‬‬ ‫مب‬ ‫َالل‬
‫ٍ ُّ‬ ‫ض‬
‫اآلية ‪ ]60‬وفي موضع آخر‪﴿ :‬‬
‫َ ﴾‬ ‫ُْ‬
‫دجِر‬ ‫َاز‬‫و‬ ‫ٌ‬
‫ُون‬
‫ْن‬ ‫َ ُ‬
‫الوا َ‬
‫مج‬ ‫َق‬
‫و‬
‫[سورة القمر ‪ :‬اآلية ‪.]9‬‬
‫مه‬ ‫همه قوُ‬ ‫وهود عليه السالم َّ‬
‫اتَ‬
‫هللا‬ ‫قال‬ ‫والكذب‬ ‫بالسفاهة‬
‫نا‬ ‫َِّ‬
‫تعالى حكاية عنهم‪ ﴿ :‬إ‬
‫ُّكَ‬ ‫ُن‬ ‫َظ‬‫نا َلن‬‫َِّ‬
‫َإ‬‫ٍ و‬
‫هة‬‫َاَ‬‫ِي سَف‬‫َ ف‬ ‫َر‬
‫َاك‬ ‫َلن‬
‫َ ﴾ [سورة األعراف‬ ‫ِب‬
‫ِين‬ ‫َاذ‬
‫َ الك‬ ‫ِن‬ ‫م‬
‫‪ :‬اآلية ‪ ]66‬حتى وصل بهم األمر‬
‫إلى أن اتهموه في عقله –‬
‫عياذا باهلل – يقول هللا جل وعال‬
‫ُول‬
‫ُ‬ ‫نق‬‫ِن َّ‬
‫ًا‪ ﴿ :‬إ‬ ‫حكاية عنهم أيض‬
‫ِسُوٍ‬
‫ء‬ ‫َا ب‬‫ِن‬‫هت‬‫لَ‬‫ْضُ آِ‬
‫بع‬‫َ َ‬‫َاك‬‫َر‬
‫ْت‬‫ِالَّ اع‬
‫إ‬
‫﴾ [سورة هود ‪ :‬اآلية ‪.]54‬‬
‫وموسى عليه السالم قالوا‬
‫عنه‪ :‬ساحر‪ .‬وقد حكى هللا جل وعال‬
‫وذكر ذلك على لسان فرعون‪﴿ :‬‬
‫َن‬‫د أ‬‫ِيُ‬ ‫ٌ ُ‬
‫ير‬ ‫ِيم‬‫َل‬
‫ٌ ع‬ ‫هَ‬
‫ذا َلسَاحِر‬ ‫ن َ‬‫َِّ‬
‫إ‬
‫ِ‬
‫ِه‬‫ْر‬
‫ِح‬‫ِس‬
‫ب‬ ‫ُم‬
‫ِك‬ ‫َر‬
‫ْض‬ ‫ْ أ‬ ‫ُم ِّ‬
‫ِن‬
‫م‬ ‫َك‬ ‫يخْر‬
‫ِج‬ ‫ُ‬
‫[سورة‬ ‫﴾‬ ‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫مر‬‫ُْ‬ ‫َ‬
‫تأ‬ ‫َا‬‫َاذ‬‫َم‬‫ف‬
‫الشعراء ‪ :‬اآلية ‪.]35 – 34‬‬
‫ونبينا محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم خاتم األنبياء وسيد‬
‫المرسلين لم يسلم من تلك‬
‫َّقة‪،‬‬‫لف‬‫َُ‬ ‫الشائعات الكاذبة ْ‬
‫الم‬
‫ِي بحادثة اإلفك‪،‬‬ ‫ُل‬
‫بت‬‫فقد اْ‬
‫وكلنا يعلم هذه الحادثة‪،‬‬
‫وكادت أن تؤثر في بعض‬
‫َّ‬
‫أن هللا جل وعال‬ ‫النفوس‪ ،‬لوال‬
‫َّأ‬
‫بر‬‫َّن كذبهم‪ ،‬وَ‬ ‫بي‬‫فضحهم وَ‬
‫عائشة رضي هللا عنها من فوق سبع‬
‫لى‬‫َْ‬ ‫َها بآيات ُ‬
‫تت‬ ‫َّأ‬
‫بر‬‫سماوات‪َ ،‬‬
‫ِنا هذا‪.‬‬ ‫إلى يوم‬
‫كذلك لما أشيع مقتل النبي‬
‫َ‬
‫ثر‬‫ََّ‬
‫صلى هللا عليه وسلم يوم أحد أ‬
‫ذلك على صفوف المجاهدين‪،‬‬
‫واألمثلة على هذا كثيرة‪،‬‬
‫ولعل من يأتي من إخواني‬
‫يتحدث عنها إجماال وتفصيال‪.‬‬
‫وقد جاء التحذير – أيها‬
‫اإلخوة – من تلقف الشائعات‬
‫ًا في قول‬ ‫والترويج لها صريح‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫يَ‬‫َُّ‬
‫هللا جل وعال‪ ﴿ :‬يا أ‬
‫َأ‬
‫ٍ‬ ‫َب‬
‫ِن‬‫ٌ ب‬ ‫َاس‬
‫ِق‬ ‫ْ ف‬ ‫ُم‬
‫ءك‬‫َاَ‬‫ِن ج‬ ‫ُوا إ‬ ‫آَ‬
‫من‬
‫ما‬ ‫َو‬
‫ًْ‬ ‫ُوا ق‬ ‫ِيب‬ ‫تص‬‫َن ُ‬ ‫ُوا أ‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َت‬
‫َب‬ ‫ف‬
‫ما‬ ‫لى َ‬ ‫ََ‬
‫ع‬ ‫ُوا‬‫ِح‬ ‫ُص‬
‫ْب‬ ‫َت‬
‫ٍ ف‬ ‫ه َ‬
‫الة‬ ‫ََ‬
‫ِج‬‫ب‬
‫[سورة‬ ‫﴾‬ ‫َ‬
‫ِين‬ ‫ِم‬
‫ناد‬‫َ‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫لت‬‫َْ‬
‫َع‬‫ف‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪ ]6‬فسمى هللا‬
‫ًا‪ ،‬وال‬ ‫َاس‬
‫ِق‬ ‫ناقل الشائعة ف‬
‫يخفى دور الفاسق في اإلفساد‬
‫ٌّ على من سمع‬ ‫َق‬‫في األرض‪ ،‬وح‬
‫الشائعة أن يتثبت وأن يتأكد‬
‫من صحة الخبر‪ ،‬وعليه أن‬
‫يسأله نفسه هل في إعالنه‬
‫مصلحة أم أن المصلحة في‬
‫الكتمان؟!‬
‫من‬ ‫التحذير‬ ‫جاء‬ ‫ولقد‬
‫الشائعة في السنة المطهرة‬
‫ًا كما في قول النبي صلى‬ ‫أيض‬
‫َر‬
‫ِْ‬
‫ء‬ ‫َى ب ْ‬
‫ِالم‬ ‫َف‬
‫هللا عليه وسلم‪ )) :‬ك‬
‫َ ((‪.‬‬‫ِع‬ ‫ُل‬
‫ِّ َ‬
‫ما سَم‬ ‫ِ‬ ‫َ ب‬
‫ِك‬ ‫ِث‬‫َِّ‬
‫د‬ ‫يح‬ ‫َْ‬
‫نُ‬‫با أ‬‫َذ‬
‫ًِ‬‫ك‬
‫‪2‬‬

‫وفي حديث آخر عند أبي‬


‫ُل‬
‫ِ‬ ‫َّج‬ ‫َُّ‬
‫ة الر‬‫ِي‬ ‫ْسَ َ‬
‫مط‬ ‫ِئ‬‫داود‪ )) :‬ب‬
‫أوقدت‬ ‫فكم‬ ‫((‪،3‬‬ ‫َع‬
‫َموا‬ ‫ز‬
‫الكلمة الخبيثة من فتنة!‬
‫وكم أهلكت من أمة! ال سيما‬
‫إن كان مستثمروها من الفساق‬
‫ِجون للباطل تحت‬ ‫َو‬
‫ِّ‬ ‫الذين ُ‬
‫ير‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم (‪ ، 10/1‬رقم ‪)5‬‬
‫‪ 3‬أخرجه أحمد (‪ ، 401/5‬رقم ‪ ، )23451‬وأبو داود (‪ ، 294/4‬رقم ‪ ،)4972‬وصححه األلباني‬
‫شعار حرية الكلمة‪ ،‬وأي حرية‬
‫هذه حين يجد أهل الباطل‬
‫أكاذيبهم‪،‬‬ ‫لترويج‬ ‫ًا‬
‫لك‬‫مسَْ‬‫َ‬
‫ِفون الكلم عن مواضعه من‬ ‫ِّ‬
‫َر‬ ‫ُ‬
‫يح‬
‫والتضليل‪،‬‬ ‫التمويه‬ ‫أجل‬
‫بالباطل‬ ‫َّ‬
‫الحق‬ ‫ِسون‬
‫لب‬‫َْ‬ ‫في‬
‫ويكتمون الحق وهم يعلمون‬
‫ْر الشائعات‬ ‫ِب‬
‫إن من يتولى ك‬
‫وقلب‬ ‫األكاذيب‬ ‫وترويج‬
‫الحقائق ال يعرف قدر مسئولية‬
‫الكلمة‪ ،‬فالحرية أيها اإلخوة‬
‫ال تعني الخوض في الباطل‪،‬‬
‫فاإلنسان مسئول أمام هللا عز‬
‫وجل عما يقول وعما يفعل‪،‬‬
‫ْل‬
‫ٍ‬ ‫َو‬
‫ِن ق‬‫ُم‬
‫ِظ‬ ‫يْ‬
‫لف‬ ‫ما َ‬‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫د ﴾ [سورة‬ ‫ِيٌ‬‫َت‬
‫ٌ ع‬ ‫َق‬
‫ِيب‬ ‫ِ ر‬
‫يه‬ ‫ِالَّ َلَ‬
‫دْ‬ ‫إ‬
‫ق ‪ :‬اآلية ‪.]18‬‬
‫َ‬ ‫َِّ‬
‫ن السَّم‬
‫ْع‬ ‫وقال جل من قائل‪ ﴿ :‬إ‬
‫َْلئ‬
‫ِكَ‬ ‫ُو‬
‫ُّ أ‬‫ُل‬ ‫َاَ‬
‫د ك‬ ‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الف‬ ‫َ و‬ ‫َر‬
‫َص‬ ‫َ ْ‬
‫الب‬‫و‬
‫ال ﴾ [سورة‬ ‫ُوً‬ ‫ه َ‬
‫مسْؤ‬ ‫ُْ‬
‫َن‬‫ن ع‬ ‫َاَ‬‫ك‬
‫اإلسراء ‪ :‬اآلية ‪.]36‬‬
‫فكم من كلمة قالت‪ :‬لصاحبها‬
‫دعني‪ .‬وقد قال رسول هللا صلى هللا‬
‫َْ‬
‫د‬ ‫َب‬ ‫ْ‬
‫الع‬ ‫َّ‬
‫ِن‬‫عليه وسلم ‪ « :‬إ‬
‫َانِ َّ‬
‫اَّللِ‬ ‫ْو‬
‫ِض‬‫ْ ر‬‫ِن‬‫ِ م‬‫َة‬ ‫َل‬
‫ِم‬ ‫ُ ب ْ‬
‫ِالك‬ ‫لم‬‫ََّ‬
‫َك‬ ‫َلي‬
‫َت‬
‫ها‬ ‫َِ‬ ‫ُ َّ‬
‫اَّللُ ب‬ ‫َع‬‫ْف‬
‫ير‬‫باالً َ‬
‫ها َ‬ ‫ِي َلَ‬‫لق‬‫يْ‬‫الَ ُ‬
‫ُ‬
‫لم‬ ‫ََّ‬
‫َك‬ ‫د َلي‬
‫َت‬ ‫َْ‬
‫َب‬ ‫ْ‬
‫الع‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫َإ‬‫َاتٍ‪ ،‬و‬ ‫َج‬
‫در‬‫َ‬
‫ِي‬ ‫لق‬‫يْ‬‫اَّللِ الَ ُ‬
‫ِ َّ‬ ‫ْ سَخَط‬ ‫ِن‬‫ِ م‬ ‫َة‬
‫ِم‬‫َل‬ ‫ب ْ‬
‫ِالك‬
‫َّم‬
‫َ‬ ‫هن‬‫ََ‬
‫ِى ج‬ ‫ها ف‬ ‫َِ‬‫ِى ب‬ ‫هو‬‫يْ‬‫باالً َ‬‫ها َ‬ ‫َلَ‬
‫»‪ 4‬نعوذ باهلل وما قرب إليها‬
‫من قول أو عمل‪.‬‬
‫وقد قال الشاعر‪:‬‬

‫‪ 4‬أخرجه البخاري (‪ ، 2377/5‬رقم ‪)6113‬‬


‫َ‬
‫ِن‬ ‫َا سَليم‬
‫ًا م‬ ‫ْي‬‫تح‬ ‫َْ‬
‫ن َ‬‫َ أ‬
‫مت‬‫ُْ‬
‫ِذا ر‬
‫إ‬
‫ََّ‬
‫دى‬ ‫الر‬
‫ُ‬
‫ِن‬‫َي‬
‫ِّ‬ ‫ُكَ ص‬
‫ْض‬ ‫َع‬
‫ِر‬ ‫ْفور‬
‫ٌ و‬ ‫مو‬‫ُكَ َ‬ ‫َد‬
‫ِين‬‫و‬
‫ٍ‬
‫ءة‬ ‫ِسَو‬
‫َْ‬ ‫ن ب‬ ‫ْكَ الِّ‬
‫ِسَاُ‬
‫ل‬ ‫ِن‬‫ْ م‬‫َن‬
‫ِق‬‫ْط‬
‫ين‬‫َال َ‬
‫ف‬
‫َْلسُن‬
‫ُ‬ ‫َّاسِ أ‬
‫ِلن‬ ‫ٌ و‬
‫َل‬ ‫ْآت‬ ‫ُُّ‬
‫لكَ سَو‬ ‫َك‬‫ف‬

‫الشائعات‬ ‫انتشار‬ ‫أسباب‬


‫وداوفعها‪:‬‬
‫بين‬ ‫الشائعة‬ ‫انتشار‬ ‫إن‬
‫أفراد المجتمع له دوافع‬
‫كثيرة‪ ،‬وهذه الدوافع قد‬
‫تكون دوافع نفسية وسياسية‬
‫واقتصادية‪،‬‬ ‫واجتماعية‬
‫وتتعرض الشائعة في أثناء‬
‫التحريف‬ ‫إلى‬ ‫التداول‬
‫والتبديل والتغيير والزيادة‬
‫والنقص‪.‬‬
‫ولنذكر أهم أسباب انتشار‬
‫الشائعة – وهذا على سبيل‬
‫المثال ال الحصر لئال يطول‬
‫تلك‬ ‫من‬ ‫–‬ ‫المقام‬ ‫بنا‬
‫األسباب‪:‬‬
‫الهوى‬ ‫اتباع‬ ‫األول‪:‬‬ ‫السبب‬
‫الهوى‪.‬‬
‫والمقصود بالهوى هوى النفس‬
‫مارة بالسوء إال ما رحم‬ ‫األََّ‬
‫ربي‪ ،‬فصاحب الهوى يعمل على‬
‫َى نفس‬
‫ِه‪ ،‬ولو‬ ‫نشر ما يوافق َ‬
‫هو‬
‫كان على حساب إلحاق الضرر‬
‫بغيره‪ ،‬فهو ال يهمه إال مصلحة‬
‫نفسه فقط‪ ،‬وإشباع غريزته‬
‫السيئة‪ ،‬وال يهمه ما يحصل‬
‫بعد ذلك من خطر على البشر‪،‬‬
‫ولهذا أنكر هللا جل وعال على من‬
‫تبارك‬ ‫فقال‬ ‫صنيعه‪،‬‬ ‫هذا‬
‫َ‬
‫اتخَذ‬
‫منِ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫يت‬‫َْ‬
‫َأ‬‫َر‬‫َف‬‫وتعالى‪ ﴿ :‬أ‬
‫لى عْ‬
‫ِلم‬
‫ٍ‬ ‫ََ‬ ‫ه َّ‬
‫اَّللُ ع‬ ‫لُ‬ ‫َض‬
‫ََّ‬ ‫َأ‬
‫ه و‬‫َاُ‬ ‫ه َ‬
‫هو‬ ‫هُ‬‫َِلَ‬
‫إ‬
‫﴾ [سورة الجاثية ‪ :‬اآلية‬
‫ِع‬
‫ِ‬ ‫َّب‬
‫تت‬ ‫ََ‬
‫ال َ‬‫‪ ،]23‬وقال جل وعال‪ ﴿ :‬و‬
‫ِ َّ‬
‫اَّللِ ﴾‬ ‫ِيل‬‫َن سَب‬ ‫ِلكَ ع‬‫ُضَّ‬
‫َي‬‫َى ف‬
‫هو‬‫الَ‬
‫[سورة ص ‪ :‬اآلية ‪.]26‬‬
‫َن يعمل على نشر الشائعة‬ ‫فم‬
‫دون النظر في العواقب إنما‬
‫يعمل ذلك لموافقة هوى نفسه‪،‬‬
‫وال يخفى علينا خبر هوى‬
‫النفس األََّ‬
‫مارة بالسوء‪.‬‬

‫السبب الثاني‪ :‬الجهل‪.‬‬


‫ونعني الجهل بعواقب األمور‪،‬‬
‫فمن أراد أن يقدم على عمل ال‬
‫د نظر‬
‫ٍ‬ ‫ُْ‬‫بع‬‫بد أن يكون عنده ُ‬
‫ِيَ إليه‬ ‫يؤِّ‬
‫د‬ ‫ليعلم ما يمكن أن ُ‬
‫هذا العمل من المفاسد؛ إذ ال‬
‫يليق به أن يقتصر على فهمه‬
‫القاصر‪ ،‬فقد يظن اإلنسان أن‬
‫األكاذيب‬ ‫من‬ ‫ينشره‬ ‫ما‬
‫لمة ال‬ ‫مسََّ‬
‫واألقاويل حقائق ُ‬
‫تقبل الجدل‪ ،‬لكن في الحقيقة‬
‫َّقة‪ ،‬فالجهل‬ ‫مَ‬
‫لف‬ ‫هي أكاذيب ُ‬
‫بعواقب األمور من أهم دوافع‬
‫في‬ ‫الشائعات‬ ‫انتشار‬
‫المجتمع‪ ،‬وأحيانا قد يؤدي‬
‫يطلق‬ ‫أن‬ ‫إلى‬ ‫جهله‬ ‫به‬
‫ُزاح‬ ‫ْ‬
‫الم‬ ‫باب‬ ‫من‬ ‫الشائعة‬
‫والدعابة‪ ،‬إن أولئك الذين‬
‫يطلقون الشائعات على سبيل‬
‫المزاح والدعابة ال تلبس‬
‫شائعاتهم أن تتلقفها اآلذان‬
‫للفساد‬ ‫المحبة‬ ‫الصاغية‬
‫ثم‬ ‫الناس‪،‬‬ ‫بين‬ ‫واإلفساد‬
‫انتشار‬ ‫تنتشر‬ ‫ما‬ ‫سرعان‬
‫النار في الهشيم‪ ،‬تسابق‬
‫الريح من هنا وهناك حتى تعم‬
‫من كانت هذه حاله‬ ‫اآلفاق‪ ،‬وَ‬
‫وهذه مهنته وال يتمعر وجهه‬
‫من الخوض في الباطل يكون من‬
‫الذين خلعوا ربقة الحياء من‬
‫أعناقهم؛ ألن كل همه إثارة‬
‫المشاكل وخلق القالقل بين‬
‫الناس‪.‬‬

‫السبب الثالث‪ :‬النفاق‪:‬‬


‫إن النفاق سبب من أسباب‬
‫اإلرجاف‪ ،‬قال جل وعال في‬
‫َه‬
‫ِ‬ ‫ينت‬‫ْ َ‬ ‫ِن َّلم‬ ‫﴿ َلئ‬ ‫اآلية‪:‬‬
‫ِم‬‫ِه‬
‫لوب‬‫ُُ‬‫ِي ق‬‫َ ف‬
‫ِين‬‫الذ‬‫َ َّ‬
‫ن و‬‫ُوَ‬ ‫َاف‬
‫ِق‬ ‫ُن‬‫الم‬
‫َة‬
‫ِ‬ ‫ِين‬‫َد‬
‫ِي الم‬ ‫ن ف‬ ‫ُوَ‬ ‫ْجِف‬
‫ُر‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬ ‫َضٌ و‬ ‫مر‬‫َّ‬
‫ُ َ‬
‫ونكَ‬ ‫َاو‬
‫ِر‬ ‫ال ُ‬
‫يج‬ ‫َّ َ‬
‫ثم‬ ‫ْ ُ‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫َّكَ ب‬
‫ين‬ ‫ْر‬
‫َِ‬ ‫َلن‬
‫ُغ‬
‫ال ﴾ [سورة‬ ‫ِيً‬ ‫َل‬‫ِال ق‬ ‫ها إ‬ ‫ِيَ‬‫ف‬
‫األحزاب ‪ :‬اآلية ‪.]60‬‬

‫والنفاق مرض القلب‪ ،‬وهو سبب‬


‫الويالت والنكبات‪ ،‬فما من‬
‫فتنة إال وكان للمنافقين يد‬
‫فيها‪ ،‬وما حادثة اإلفك من‬
‫ذلك ببعيد‪ ،‬وهي خير شاهد‬
‫هللا‬ ‫وصف‬ ‫وقد‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫على‬
‫بالعداوة‬ ‫المنافقين‬
‫للمؤمنين‪ ،‬ومن يرد إلحاق‬
‫األذى ونشر الفوضى فهو عدو هلل‬
‫ولرسوله وللمؤمنين‪ ،‬كما قال‬
‫ُّ‬
‫دو‬ ‫َُ‬‫ُ الع‬ ‫هم‬‫جل وعال عن حالهم‪ُ ﴿ :‬‬
‫نى‬ ‫ََّ‬ ‫َّ‬
‫اَّللُ أ‬ ‫ُ‬
‫هم‬ ‫تَ‬
‫لُ‬ ‫َاَ‬
‫ْ ق‬ ‫ُْ‬
‫هم‬‫ذر‬‫َْ‬
‫َاح‬‫ف‬
‫ن ﴾ [سورة المنافقون ‪:‬‬ ‫ُوَ‬‫َك‬
‫ْف‬ ‫ُ‬
‫يؤ‬
‫اآلية ‪ ]4‬فهم أهل إرجاف وكذب‬
‫دون‪،‬‬ ‫ُْ‬
‫يب‬‫ُون ما ال ُ‬ ‫يخْف‬
‫وبهتان‪ُ ،‬‬
‫والحقيقة أن هذه الشائعات‬
‫المغرضة إنما تصدر ممن ال‬
‫خالق له‪.‬‬

‫السبب الرابع‪ :‬الفراغ‪.‬‬

‫إن الفراغ القاتل يؤدي بال‬‫َّ‬


‫شك إلى ترويج الشائعات بطرق‬
‫ووسائل مختلفة‪ ،‬ومن هذه‬
‫الطرق وسائل االتصال الحديثة‬
‫كاإلنترنت والجوال ويكون ذلك‬
‫والتهكم‪،‬‬ ‫التسلية‬ ‫بغرض‬
‫ولذلك شواهد كثيرة من رسائل‬
‫ًا باهلل‪.‬‬
‫“البلوتوث” عياذ‬

‫كثير من الشائعات تنقل عن‬


‫طريق البلوتوث‪ ،‬وتنقل عن‬
‫في‬ ‫الدردشة‬ ‫مواقع‬ ‫طريق‬
‫اإلنترنت وهذه المواقع ما هي‬
‫إال ويالت على البشر‪ ،‬وخاصة‬
‫الشباب منهم الذين جعلوها‬
‫وأفكارهم‬ ‫آلرائهم‬ ‫ًا‬
‫مسرح‬
‫الهدامة‪ ،‬فهم يتناقلون فيها‬
‫والزور‬ ‫والقال‪،‬‬ ‫القيل‬
‫والبهتان‪ ،‬وخدش الحياء‪ ،‬ال‬
‫شك أن هذا سوء استخدام‬
‫للفراغ الذي هو نعمة من هللا‬
‫َّ َّ‬
‫اَّللُ بها على‬ ‫َّة َ‬
‫من‬ ‫ِن‬ ‫جل وعال وم‬
‫اإلنسان‪ ،‬وكما جاء في الحديث‬
‫الشريف الذي قال فيه رسول هللا‬
‫َانِ‬ ‫َت‬
‫ْم‬‫ِع‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ن‬
‫َّاسِ‪،‬‬‫َ الن‬ ‫ٌ م‬
‫ِن‬ ‫َث‬
‫ِير‬ ‫َا ك‬
‫ِم‬ ‫ٌ ف‬
‫ِيه‬ ‫ُون‬ ‫ْب‬ ‫َ‬
‫مغ‬
‫ُ (»‪)5‬‬
‫َاغ‬‫َر‬ ‫َ ْ‬
‫الف‬ ‫َُّ‬
‫ة و‬ ‫ِّح‬
‫ِ‬
‫الص‬

‫وال يخفى علينا أن تجريح‬


‫اآلخرين ونشر معايبهم في تلك‬
‫ًا من الغيبة‬ ‫د أيض‬‫َُّ‬
‫يع‬‫الوسائل ُ‬
‫المحرمة؛ ألن الغيبة هي ذكرك‬
‫أخاك بما يكره‪ ،‬فمن ينقل‬
‫هذه األقاويل الملفقة عن‬
‫طريق تلك الوسائل ويذكر‬
‫معايب أخيه فهذا من الغيبة‬
‫المحرمة‪ ،‬وهللا جل وعال يقول‪﴿ :‬‬
‫ًا ﴾ [سورة‬‫ْض‬
‫بع‬‫ُم َ‬
‫ُك‬‫ْض‬‫بع‬‫َب َّ‬
‫ْت‬ ‫ََ‬
‫ال َ‬
‫يغ‬ ‫و‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪ ]12‬ويزداد‬
‫خطرها وإثمها إذا تحولت هذه‬
‫الغيبة إلى شائعة وانتشرت‬
‫بين الناس على وجه التشهير‬
‫والفضيحة‪ ،‬وال حول وال قوة إال‬
‫باهلل‪.‬‬

‫السبب الخامس‪ :‬الرغبة في حب‬


‫الظهور‪.‬‬

‫إن حب الظهور مرض نفسي‪ ،‬وهو‬


‫من الحيل العقلية التي يلجأ‬
‫إليها ضعاف النفوس من أجل‬
‫حساب‬ ‫على‬ ‫أنفسهم‬ ‫إبراز‬
‫اآلخرين‪ ،‬يعني يعمل الواحد‬
‫منهم على إبراز نفسه بنشر‬
‫هذه الشائعات وإن كان فيها‬
‫َا‬
‫لم‬ ‫ضرر على غيره نتيجة ِ‬
‫يعانيه من الفشل في حياته‬
‫ِّ‬
‫ِض‬
‫يعو‬ ‫دا أن ذلك ُ‬‫َق‬
‫ًِ‬ ‫ْت‬
‫مع‬‫العامة‪ُ ،‬‬
‫ما يشعر به من نقص‪ ،‬وال شك‬
‫أن هذا اعتقاد غير صحيح‪،‬‬
‫ًَ‬
‫ءا‬‫مر‬‫ومسلك باطل‪ ،‬فرحم هللا اْ‬
‫َْ‬
‫در نفسه‪.‬‬‫َف ق‬
‫عر‬

‫الشعور‬ ‫السادس‪:‬‬ ‫السبب‬


‫بالكراهية لآلخرين‪.‬‬

‫إن الشعور بالكراهية لآلخرين‬


‫من لهم نفوذ ومكانة‬ ‫وخاصة َ‬
‫في المجتمع سبب في زرع‬
‫َو‬
‫ِّ‬
‫ِج‬ ‫فيعمل ُ‬
‫مر‬ ‫‪،‬‬ ‫الشائعات‬
‫الشائعة على نشرها من باب‬
‫لذلك‬ ‫والبغضاء‬ ‫الكراهية‬
‫اإلنسان ذي النفوذ حتى يسيء‬
‫إلى سمعته بين الناس‪ ،‬وذلك‬
‫َم هللا من‬
‫ِع‬‫َى عليه من ن‬
‫ير‬‫َا َ‬
‫لم‬‫ِ‬
‫المكانة والمنزلة‪ ،‬وهذا يعد‬
‫من باب الحسد على هذه‬
‫النعمة‪ ،‬فيأخذ في ترويجع‬
‫الشائعات الكاذبات عنه حتى‬
‫يسيء إلى سمعته‪ ،‬ويكون هذا‬
‫االنتقام‬ ‫باب‬ ‫من‬ ‫أحيانا‬
‫لنفسه بإلحاق الضرر بأخيه‪.‬‬

‫وخالصة القول أن هذه األسباب‬


‫يجمعها سبب واحد‪ ،‬وهو ضعف‬
‫الوازع الديني‪ ،‬فإن اإليمان‬
‫َر في قلب العبد فإنه‬ ‫َق‬‫متى و‬
‫ال يرضى بأذية ألخيه المسلم‪،‬‬
‫ِي صاحبه على‬ ‫َِّ‬
‫ب‬ ‫ير‬‫فاإليمان ُ‬
‫األخالق الفاضلة‪ ،‬أما إذا خف‬
‫ميزان اإليمان في قلب العبد‬
‫ًا باهلل – فعندئذ يصبح‬
‫– عياذ‬
‫ِن شأنه‬‫العبد عرضة لكل ما م‬
‫اإلساءة واإلفساد‪ ،‬ومن ذلك‬
‫تلقف‬ ‫واإلساءة‬ ‫اإلفساد‬
‫َّ‬
‫الشائعات ونشرها‪ ،‬فال شك أن‬
‫ضعف الوازع الديني هو رأس‬
‫هذه‬ ‫نشر‬ ‫في‬ ‫كله‬ ‫األمر‬
‫الشائعات الكاذبة‪.‬‬

‫اللهم احفظ بالدنا من حقد‬


‫الحاقدين ونوايا المغرضين‪،‬‬
‫واحفظ قلوبنا من النفاق‪،‬‬
‫الخيانة‪،‬‬ ‫من‬ ‫وأعيننا‬
‫وألسنتنا من الكذب‪ ،‬اللهم‬
‫وارزقنا‬ ‫ًّا‬
‫َق‬ ‫ح‬ ‫الحق‬ ‫أرنا‬
‫اتباعه‪ ،‬وأرنا الباطل باطالً‬
‫اللهم‬ ‫اجتنابه‪،‬‬ ‫وارزقنا‬
‫اهدنا ألحسن األخالق ال يهدي‬
‫ألحسنها إال أنت‪ ،‬واصرف عنا‬
‫سيئ األخالق ال يصرف عنا سيئها‬
‫إال أنت‪ ،‬وأوصي نفسي وجميع‬
‫إخواني المسلمين بتقوى هللا‬
‫بقول‬ ‫وأذكرهم‬ ‫وجل‪،‬‬ ‫عزو‬
‫ْ‬
‫من‬ ‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪َ« :‬‬
‫ِ اآلخِر‬
‫ِ‬ ‫َو‬
‫ْم‬ ‫َ ْ‬
‫الي‬ ‫ُ ب َّ‬
‫ِاَّللِ و‬ ‫ْم‬
‫ِن‬ ‫ن ُ‬
‫يؤ‬ ‫َاَ‬‫ك‬
‫ْ (»‪)6‬‬
‫ُت‬ ‫َص‬
‫ْم‬ ‫َو‬
‫ْ ِ‬
‫لي‬ ‫ًا أ‬ ‫َي‬
‫ْر‬ ‫ُل‬
‫ْ خ‬ ‫َق‬
‫لي‬‫َْ‬
‫ف‬

‫أحسن هللا إليكم‪ ،‬وبارك فيكم‬


‫على ما أدليتم به وتفضلتم‬
‫به‪ ،‬ال شك بعد هذا العرض من‬
‫الشيخ عن الشائعة وعن أسباب‬
‫انتشارها أصبح في أذهاننا‬
‫مدى أخطارها وأضرارها على‬
‫المجتمع‪ ،‬وال شك أنها كثيرة‪.‬‬

‫كلمة الشيخ محمد السعيد‬


‫الفرد‬ ‫على‬ ‫خطر الشائعات‬
‫والمجتمع‬

‫الحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على‬


‫رسول هللا‪ ،‬وعلى آله وصحبه ومن‬
‫وااله‪ ،‬أما بعد‪ ،‬أيها األحبة‬
‫في هللا أحييكم بتحية اإلسالم‬
‫الطيبة تحية أهل الجنة‪،‬‬
‫تحية فيها سالم‪ ،‬السالم عليكم‬
‫ورحمة هللا وبركاته‪ ،‬لقد تفضل‬
‫الدكتور‬ ‫الشيخ‬ ‫فضيلة‬
‫أسباب‬ ‫ببيان‬ ‫إبراهيم‬
‫الشائعات‪ ،‬فجاء من المناسب‬
‫أن نتكلم عن أخطارها وأن‬
‫نحذر منها‪ ،‬فالشائعات لها‬
‫خطر عظيم وأمر جسيم على‬
‫الفرد والمجتمع وعلى مستوى‬
‫الدول والحكومات‪ ،‬فيكفي من‬
‫خطر الشائعات أنها تدخل في‬
‫باب الغيبة والنميمة‪ ،‬وقد‬
‫حذرنا هللا من ذلك أيما تحذير‪،‬‬
‫ُم‬
‫ُك‬‫ْض‬
‫بع‬‫َب َّ‬
‫ْت‬ ‫ََ‬
‫ال َ‬
‫يغ‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ًا ﴾ [سورة الحجرات ‪:‬‬ ‫ْض‬
‫بع‬‫َ‬
‫اآلية ‪.]12‬‬

‫وعن النبي صلى هللا عليه وسلم‬


‫ما‬‫َ‬ ‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫در‬ ‫تْ‬‫ََ‬
‫«أ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫أنه‬
‫ه‬ ‫َسُ ُ‬
‫ولُ‬ ‫َر‬ ‫الوا‪َّ :‬‬
‫اَّللُ و‬ ‫َ ُ‬‫ة»‪ .‬ق‬ ‫َُ‬
‫ِيب‬ ‫ْ‬
‫الغ‬
‫َا‬
‫ِم‬‫َ ب‬‫َاك‬‫َخ‬‫َ أ‬ ‫ْر‬
‫ُك‬ ‫ِك‬
‫ل « ذ‬ ‫َاَ‬
‫ُ‪ .‬ق‬ ‫َْ‬
‫لم‬ ‫َع‬
‫أ‬
‫َ‬
‫َان‬‫ن ك‬‫ِْ‬‫َ إ‬‫يت‬ ‫َْ‬ ‫َر‬
‫َأ‬ ‫َف‬
‫َ أ‬ ‫ِيل‬‫ه »‪ .‬ق‬ ‫ْر‬
‫َُ‬ ‫يك‬‫َ‬
‫َاَ‬
‫ن‬ ‫ن ك‬‫ِْ‬
‫ل « إ‬ ‫َاَ‬‫ل ق‬‫ُوُ‬‫َق‬‫ما أ‬‫َخِى َ‬
‫ِى أ‬‫ف‬
‫ِْ‬
‫ن‬‫َإ‬‫ه و‬‫َُ‬
‫ْت‬ ‫ْت‬
‫َب‬ ‫ِ اغ‬ ‫َد‬‫َق‬
‫ل ف‬‫ُوُ‬ ‫ما َ‬
‫تق‬ ‫ِ َ‬
‫ِيه‬‫ف‬
‫ه (‪)7 ».‬‬ ‫َُّ‬ ‫هت‬‫بَ‬‫د َ‬‫َْ‬
‫َق‬‫ِ ف‬ ‫ْ ف‬
‫ِيه‬ ‫ُن‬
‫يك‬‫ْ َ‬‫َلم‬
‫إن سبب نزول قوله تعالى‪﴿ :‬‬
‫ًا ﴾ [سورة‬ ‫ْض‬
‫بع‬‫ُم َ‬ ‫ُك‬‫ْض‬‫بع‬‫َب َّ‬‫ْت‬
‫يغ‬ ‫ََ‬
‫ال َ‬‫و‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪ ]12‬أن‬
‫عائشة رضي هللا عنها قالت‬
‫للنبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫ََ‬
‫ذا‪.‬‬ ‫َك‬
‫ذا و‬ ‫ََ‬
‫ة ك‬ ‫ََّ‬
‫ِي‬‫َف‬‫ْ ص‬ ‫ُكَ م‬
‫ِن‬ ‫َسْب‬
‫ح‬
‫َال‬
‫َ‬ ‫َق‬‫ف‬ ‫َة‪.‬‬ ‫َص‬
‫ِير‬ ‫ق‬ ‫أنها‬ ‫ِى‬‫ْن‬‫تع‬‫َ‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫َاِ‬
‫ء‬ ‫ِم‬‫ْ ب‬‫َت‬
‫ِج‬ ‫ة َلو‬
‫ْ ُ‬
‫مز‬ ‫ًَ‬‫ِم‬‫َل‬‫لتِ ك‬‫ُْ‬‫د ق‬‫َْ‬
‫«َلق‬
‫ه »‪ )8 ( .‬أي‪:‬‬ ‫ُْ‬‫َت‬‫َج‬‫َز‬‫ِ َلم‬ ‫َح‬
‫ْر‬ ‫ْ‬
‫الب‬
‫غيرته‪.‬‬

‫ًا إال أنها‬


‫وهي لم تقل شيئ‬
‫قالت كذا وكذا‪ ،‬يعني تقصد‬
‫بأنها قصيرة‪ ،‬فما بالكم بمن‬
‫الكبيرة‪،‬‬ ‫الشائعات‬ ‫َو‬
‫ِّ‬
‫ِج‬ ‫ُ‬
‫ير‬
‫ويسعى في نشرها وتشويه سمعة‬
‫الناس والطعن في أعراضهم‬
‫وأخالقهم وقدراتهم وعلمهم‪،‬‬
‫ويسعى إلى انتشار ذلك ما‬
‫استطاع إليه سبيال‪ ،‬فهي أيضا‬
‫تدخل في باب النميمة‪ ،‬وقد‬
‫ُل‬
‫َّ ح‬
‫َالَّفٍ‬ ‫ْ ك‬‫ِع‬
‫تط‬‫َالَ ُ‬
‫قال تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ٍ ﴾‬ ‫ِيم‬‫َم‬
‫ِن‬‫ء ب‬ ‫مشَّاٍ‬‫ٍ َّ‬
‫َّاز‬
‫هم‬ ‫ِينٍ َ‬
‫مه‬‫َّ‬
‫[سورة القلم ‪ :‬اآلية ‪– 10‬‬
‫‪.]11‬‬

‫وقال النبي صلى هللا عليه‬


‫ٌ»(‬ ‫َت‬
‫َّات‬ ‫ة ق‬‫ََّ‬
‫َن‬ ‫ُ ْ‬
‫الج‬ ‫ُل‬
‫دخ‬ ‫وسلم‪« :‬الَ َ‬
‫يْ‬
‫َّام‬
‫ٌ»‪.‬‬ ‫نم‬ ‫«َ‬ ‫ْظ‬
‫ٍ‪:‬‬ ‫َلف‬ ‫ِي‬‫وف‬ ‫‪)9‬‬
‫والقتات الذي ينقل الكالم من‬
‫ْم إلى‬ ‫َو‬
‫ِن ق‬ ‫شخص إلى شخص‪ ،‬أو م‬
‫ٍ على سبيل اإلفساد‪.‬‬ ‫َو‬
‫ْم‬ ‫ق‬
‫باب‬ ‫في‬ ‫الشائعات‬ ‫وتدخل‬
‫الكذب‪ ،‬وهللا حذرنا من الكذب‬
‫َر‬
‫ِي‬ ‫ْت‬
‫يف‬‫َا َ‬ ‫َِّ‬
‫نم‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬إ‬
‫ياتِ‬‫ِآَ‬ ‫ُوَ‬
‫ن ب‬ ‫ْم‬
‫ِن‬ ‫يؤ‬ ‫َ َ‬
‫ال ُ‬ ‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫ِب‬‫َذ‬
‫الك‬
‫ن ﴾‬ ‫بوَ‬ ‫َاذ‬
‫ُِ‬ ‫ُ الك‬ ‫هم‬ ‫َْلئ‬
‫ِكَ ُ‬ ‫ُو‬
‫َأ‬ ‫َّ‬
‫اَّللِ و‬
‫[سورة النحل ‪ :‬اآلية ‪.]105‬‬

‫أكد على كذبهم وافترائهم‪،‬‬


‫وعن ابن مسعود رضي هللا عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫َِلى‬ ‫ِي إ‬ ‫هد‬‫يْ‬‫َ َ‬ ‫دق‬‫ِّْ‬
‫ِ‬
‫ن الص‬ ‫َِّ‬‫وسلم‪« :‬إ‬
‫َِلى‬ ‫ِي إ‬ ‫هد‬‫يْ‬‫َّ َ‬ ‫ِر‬ ‫ن ْ‬
‫الب‬ ‫َِّ‬
‫َإ‬‫ِ‪ ،‬و‬ ‫ِّ‬
‫ِر‬ ‫ْ‬
‫الب‬
‫َّى‬ ‫ُ ح‬
‫َت‬ ‫دق‬‫ُْ‬‫َص‬‫َ َلي‬‫ُل‬‫َّج‬
‫ن الر‬‫َِّ‬‫َإ‬
‫ِ‪ ،‬و‬ ‫َّة‬
‫َن‬ ‫ْ‬
‫الج‬
‫ِي‬ ‫هد‬‫يْ‬‫َ َ‬
‫ِب‬‫َذ‬ ‫ن ْ‬
‫الك‬ ‫َِّ‬
‫َإ‬‫ًا‪ ،‬و‬ ‫ِيق‬‫ِِّ‬
‫د‬ ‫ن ص‬‫ُوَ‬ ‫يك‬‫َ‬
‫َ‬
‫ُور‬ ‫ُج‬ ‫ْ‬
‫الف‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫َإ‬‫ِ‪ ،‬و‬ ‫ُور‬‫ُج‬ ‫ْ‬
‫الف‬ ‫َِلى‬
‫إ‬
‫َ‬
‫ُل‬ ‫َّج‬
‫ن الر‬ ‫َِّ‬
‫َإ‬‫ِ‪ ،‬و‬ ‫َِلى الن‬
‫َّار‬ ‫ِي إ‬ ‫يْ‬
‫هد‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫اَّللِ‬ ‫َْ‬
‫د‬‫ِن‬ ‫َ ع‬ ‫َب‬‫ْت‬‫يك‬‫َّى ُ‬‫َت‬ ‫ُ‪ ،‬ح‬ ‫ْذ‬
‫ِب‬ ‫َلي‬
‫َك‬
‫با ( »‪)10‬‬ ‫ذاً‬ ‫ََّ‬
‫ك‬
‫هل ترغب يا عبد هللا أن تكون‬
‫من الكاذبين الذين يحملون‬
‫غير‬ ‫الملفقة‬ ‫األخبار‬
‫الصحيحة؟! ألن الشائعة إما‬
‫ًا وإما أن‬ ‫ْض‬
‫مح‬‫با َ‬
‫ًِ‬‫َذ‬
‫أن تكون ك‬
‫ًا ملفقة تحتمل‬ ‫تكون أخبار‬
‫تكون‬ ‫أي‬ ‫والكذب‪،‬‬ ‫الصدق‬
‫ًا من األخبار المشوهة‬ ‫مزيج‬
‫ًا ما‬ ‫غير الموثوقة‪ ،‬وغالب‬
‫يكتنفها‬ ‫الشائعات‬ ‫تكون‬
‫الغموض والسرية والسرعة في‬
‫نشر الخبر‪ ،‬والهدف اإلساءة‬
‫إلى اآلخرين‪ ،‬لذلك قال النبي‬
‫ًا‪:‬‬ ‫صلى هللا عليه وسلم محذر‬
‫َ‬
‫ِث‬‫َِّ‬
‫د‬ ‫يح‬‫ن ُ‬‫َْ‬
‫با أ‬ ‫َذ‬
‫ًِ‬ ‫َر‬
‫ِْ‬
‫ء ك‬ ‫َى ب ْ‬
‫ِالم‬ ‫َف‬ ‫«ك‬
‫َ ( ‪)11 ».‬‬ ‫ما سَم‬
‫ِع‬ ‫ُل‬
‫ِّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِك‬
‫ب‬
‫ويقول صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫َموا»(‬‫َع‬
‫ِ ز‬ ‫َّج‬
‫ُل‬ ‫ة الر‬ ‫َُّ‬
‫ِي‬ ‫ْسَ َ‬
‫مط‬ ‫ِئ‬
‫«ب‬
‫ًا‬
‫‪ )12‬فهو يسمع أيَّ خبر خير‬
‫ًّا‪ ،‬أو فيه مصلحة‬ ‫كان أو شَر‬
‫للمسلمين أو لألفراد أو فيه‬
‫مضرة‪ ،‬وينقل هذا الخبر على‬
‫عواهنه بدون التأكد‪ ،‬وبدون‬
‫التريث‪ ،‬وبدون أن ينظر هل‬
‫في نشر هذا الخبر مصلحة‬
‫للمسلمين أم فيه مضرة؟ فإذا‬
‫كان فيه مصلحة نسعى إلى‬
‫نشره‪ ،‬وإذا كان فيه مضرة‬
‫ويجر إلى فتنة وفساد فيتوقف‬
‫اإلنسان‪ ،‬ولقد وصف النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم الذي يتحدث‬
‫ويكذب في حديثه بأن فيه‬
‫خصلة من خصال النفاق قال‬
‫ُ‬
‫ية‬‫صلى هللا عليه وسلم‪« :‬آَ‬
‫َ‪،‬‬
‫ذب‬‫ََ‬
‫َ ك‬
‫دث‬ ‫َا ح‬
‫ََّ‬ ‫ٌ‪ :‬إ‬
‫ِذ‬ ‫ِ َ‬
‫ثالَث‬ ‫َاف‬
‫ِق‬ ‫ُن‬ ‫ْ‬
‫الم‬
‫َ‬
‫ِن‬‫تم‬‫َااؤ‬
‫ُْ‬ ‫ِذ‬‫َإ‬
‫َ‪ ،‬و‬
‫لف‬ ‫َخ‬
‫َْ‬ ‫د أ‬‫ََ‬
‫َع‬‫َا و‬
‫ِذ‬‫َإ‬
‫و‬
‫ن(‪)13».‬‬‫َاَ‬‫خ‬

‫وعن عبد هللا بن عمرو بن العاص‬


‫رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال رسول‬
‫ٌ‬
‫بع‬ ‫َر‬
‫َْ‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪ « :‬أ‬
‫ًا‬ ‫َاف‬
‫ِق‬ ‫ن ُ‬
‫من‬ ‫َاَ‬
‫ِ ك‬ ‫ِيه‬‫َّ ف‬‫ُن‬‫ْ ك‬ ‫َ‬
‫من‬
‫ٌ‬
‫لة‬‫َْ‬
‫َص‬‫ِ خ‬
‫ِيه‬ ‫ْ ف‬ ‫َ َ‬
‫انت‬ ‫ْ ك‬ ‫ََ‬
‫من‬ ‫ًا‪ ،‬و‬‫لص‬‫َاِ‬‫خ‬
‫َ‬
‫ِن‬‫ٌ م‬ ‫َْ‬
‫لة‬ ‫َص‬‫ِ خ‬ ‫ِيه‬‫ْ ف‬ ‫َ َ‬
‫انت‬ ‫َّ ك‬‫هن‬‫ُْ‬‫ِن‬
‫م‬
‫َا‬‫ِذ‬
‫إ‬ ‫ها‪،‬‬‫ََ‬ ‫يَ‬
‫دع‬ ‫َّى َ‬ ‫َت‬
‫ِ ح‬ ‫ِّف‬
‫َاق‬ ‫ِ‬
‫الن‬
‫َ‪،‬‬ ‫ََ‬
‫ذب‬ ‫َ ك‬
‫دث‬ ‫َا ح‬
‫ََّ‬ ‫َإ‬
‫ِذ‬ ‫ن‪ ،‬و‬‫َاَ‬‫َ خ‬‫ِن‬
‫تم‬‫ُْ‬‫اؤ‬
‫َ‬
‫َم‬‫َاص‬‫َا خ‬‫ِذ‬‫َإ‬‫َ‪ ،‬و‬‫در‬‫ََ‬
‫د غ‬‫هَ‬ ‫َا ع‬
‫َاَ‬ ‫ِذ‬‫َإ‬
‫و‬
‫َ(»‪)14‬‬ ‫َر‬‫َج‬
‫ف‬

‫لذلك وجب أن نتثبت في نقل‬


‫األخبار حتى ال نسعى في نقل‬
‫الكذب ونكون من الكاذبين‬
‫يَ‬
‫ها‬ ‫َُّ‬
‫قال هللا عز وجل‪ ﴿ :‬يا أ‬
‫َاس‬
‫ِقٌ‬ ‫ْ ف‬‫ُم‬ ‫َاَ‬
‫ءك‬ ‫ِن ج‬ ‫ُوا إ‬ ‫من‬‫َ آَ‬‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬
‫ُوا‬‫ِيب‬ ‫َن ُ‬
‫تص‬ ‫ُوا أ‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َب‬‫َت‬
‫ٍ ف‬ ‫َب‬
‫َأ‬ ‫ِن‬‫ب‬
‫لى َ‬
‫ما‬ ‫ََ‬‫ُوا ع‬‫ِح‬ ‫ُص‬
‫ْب‬ ‫َت‬‫ٍ ف‬ ‫ه َ‬
‫الة‬ ‫ََ‬
‫ِج‬‫ما ب‬‫ًْ‬‫َو‬‫ق‬
‫[سورة‬ ‫﴾‬ ‫َ‬
‫ِين‬‫ِم‬
‫ناد‬ ‫َ‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫لت‬ ‫َع‬‫ف‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪ ]6‬ومعنى‬
‫تبينوا ‪ :‬تثبتوا‪.‬‬

‫ذرنا هللا من نقل الخبر‬ ‫ََّ‬


‫لقد ح‬
‫َن‬
‫بدون التثبت فقال‪ ﴿ :‬أ‬
‫ُوا ﴾ [سورة الحجرات ‪:‬‬ ‫ِيب‬
‫تص‬‫ُ‬
‫اآلية ‪ ]6‬أي‪ :‬لئال تصيبوا‪.‬‬
‫فالتساهل في نقل الخبر قد‬
‫ًا إلصابة اآلخرين‪،‬‬ ‫يكون سبب‬
‫ويكون فيه ضرر لهم‪ ،‬سواء‬
‫شعرت أم لم تشعر‪ ،‬وهللا عز وجل‬
‫حذرنا من أذية المؤمنين‪،‬‬
‫ُون‬
‫َ‬ ‫ْذ‬
‫يؤ‬‫َ ُ‬
‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ِ َ‬
‫ما‬ ‫ْر‬‫َي‬
‫ِغ‬‫َاتِ ب‬
‫ِن‬‫ْم‬
‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬‫َ و‬‫ِين‬ ‫ْم‬
‫ِن‬ ‫ُؤ‬
‫الم‬
‫َ ً‬
‫انا‬‫هت‬‫بْ‬
‫لوا ُ‬ ‫َُ‬
‫َم‬‫ْت‬
‫ِ اح‬‫َد‬
‫َق‬‫ُوا ف‬‫َسَب‬
‫ْت‬‫اك‬
‫ًا ﴾ [سورة األحزاب‬ ‫ِين‬ ‫ًا ُّ‬
‫مب‬ ‫ِْ‬
‫ثم‬ ‫َإ‬
‫و‬
‫‪ :‬اآلية ‪]58‬‬

‫ِسْالَم‬
‫ِ‬ ‫ْ ح‬
‫ُسْنِ إ‬ ‫ِن‬
‫وفي الحديث‪« :‬م‬
‫ِ»‪(.‬‬ ‫ْن‬
‫ِيه‬ ‫يع‬‫ما الَ َ‬ ‫ُُ‬
‫ه َ‬‫ْك‬ ‫ء َ‬
‫تر‬ ‫َر‬
‫ِْ‬ ‫ْ‬
‫الم‬
‫‪ )15‬ومعنى ما ال يعنيه‪ :‬ليس‬
‫منه فائدة‬

‫َّن‬
‫بي‬‫فالنبي صلى هللا عليه وسلم َ‬
‫لنا هذه األمور وحذرنا منها‬
‫أيما تحذير‪ ،‬لقد جاء اإلسالم‬
‫قال‬ ‫والتثبت‪،‬‬ ‫بالتعقل‬
‫ْسَ َلكَ‬
‫ما َلي‬
‫ُ َ‬ ‫ْف‬
‫تق‬‫َالَ َ‬
‫تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫َ‬
‫َر‬‫َص‬ ‫َ ْ‬
‫الب‬‫َ و‬ ‫ن السَّم‬
‫ْع‬ ‫َِّ‬
‫ٌ إ‬ ‫ِ عْ‬
‫ِلم‬ ‫ِه‬
‫ب‬
‫ْه‬
‫ُ‬ ‫َن‬ ‫َاَ‬
‫ن ع‬ ‫َْلئ‬
‫ِكَ ك‬ ‫ُو‬
‫ُّ أ‬ ‫ُل‬ ‫َاَ‬
‫د ك‬ ‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الف‬ ‫و‬
‫ُوً‬
‫ال﴾ [سورة اإلسراء ‪ :‬اآلية‬ ‫َ‬
‫مسْؤ‬
‫‪.]36‬‬

‫ُ‬
‫ِظ‬ ‫يْ‬
‫لف‬ ‫ما َ‬‫وقال جل من قائل‪َ ﴿ :‬‬
‫د ﴾‬‫ِيٌ‬‫َت‬‫ٌ ع‬‫ِيب‬ ‫َق‬
‫ِ ر‬‫يه‬ ‫ِالَّ َلَ‬
‫دْ‬ ‫ٍ إ‬ ‫َو‬
‫ْل‬ ‫ِن ق‬‫م‬
‫[سورة ق ‪ :‬اآلية ‪ ، ]18‬وقال‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ْك‬
‫لي‬‫ََ‬
‫ن ع‬ ‫َِّ‬
‫َإ‬‫تبارك وتعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫َ‬
‫ِين‬‫ِب‬‫َات‬‫ك‬ ‫ما‬‫َاً‬‫ِر‬
‫ك‬ ‫َ‬
‫ِين‬‫ِظ‬ ‫َلح‬
‫َاف‬
‫ن ﴾ [سورة‬ ‫لوَ‬‫َُ‬
‫ْع‬ ‫ما َ‬
‫تف‬ ‫ن َ‬ ‫ُوَ‬
‫لم‬‫َْ‬
‫يع‬‫َ‬
‫االنفطار ‪ :‬اآلية ‪.]12 – 10‬‬

‫والشائعة لها آثار وأخطار‬


‫نفسية؛ فهي سبب في إحداث‬
‫األضرار النفسية والعقلية‬
‫لإلنسان‪ ،‬ال الجسدية‪ ،‬فقد‬
‫َّى‬
‫لق‬ ‫تَ‬
‫يكون هذا الشخص الذي َ‬
‫ِده ضعيف‬‫َت ضَّ‬
‫هذه الشائعة وحِيك‬
‫اإليمان‪ ،‬ضعيف الصبر‪ ،‬ضعيف‬
‫التحمل‪ ،‬فال يستطيع الصبر‪،‬‬
‫فربما تؤثر على نفسيته‪،‬‬
‫فينطوي على نفسه ويعتزل‬
‫الناس‪ ،‬وربما تطور األمر إلى‬
‫أن يضرب عن األكل والشرب‬
‫وتسوء صحته وتتدهور من يوم‬
‫إلى يوم حتى يئول به األمر‬
‫إلى الوفاة‪ ،‬أو إلى الجنون‪،‬‬
‫أو الخبل حتى يمشي يحاكي‬
‫نفسه‪.‬‬

‫بنار‬ ‫اصطلى‬ ‫من‬ ‫وأعظم‬


‫الشائعات الحبيب المصطفى‬
‫ُ خلق هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم أفضل‬
‫على وجه األرض‪ ،‬وذلك في‬
‫حادثة اإلفك‪ ،‬فجلس النبي صلى‬
‫ًا كامالً وهو‬ ‫هللا عليه وسلم شَْ‬
‫هر‬
‫ْرة من أمره‪ ،‬حتى نزل‬ ‫َي‬
‫في ح‬
‫َُّ‬
‫منا‬ ‫َر‬
‫ِّ‬
‫ِئ أ‬ ‫الوحي من السماء ُ‬
‫يب‬
‫عائشة رضي هللا عنها من هذه‬
‫فيها‬ ‫خاض‬ ‫التي‬ ‫الفرية‬
‫البعض‪.‬‬

‫َّا توفي النبي صلى هللا عليه‬


‫ولم‬‫َ‬
‫الكفار‬ ‫اشتغل‬ ‫وسلم‬
‫والمنافقون بإشاعة وهي كيف‬
‫ًّا ما‬
‫ِي‬ ‫نب‬‫يموت النبي‪ ،‬لو كان َ‬
‫مات‪ ،‬ولرد عن نفسه الموت‪،‬‬
‫حتى خرج عمر بن الخطاب ومعه‬
‫سيفه يقول‪ :‬من ادعى ذلك‬
‫فسأقطع رأسه‪ .‬واضطرب الناس‬
‫ولم يتحملوا الموقف‪ ،‬حتى‬
‫خرج أبو بكر رضي هللا عنه وخطب‬
‫من كان يعبد‬ ‫خطبته فقال‪َ :‬‬
‫دا قد مات‪،‬‬ ‫دا فإن محمً‬‫محمً‬
‫من كان يعبد هللا فإن هللا حي ال‬ ‫وَ‬
‫يموت‪ .‬جاء بالخبر اليقين‬
‫ٌَّ‬
‫د‬ ‫َم‬
‫مح‬ ‫ََ‬
‫ما ُ‬‫وتال قوله تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ِ‬
‫ِه‬ ‫َب‬
‫ْل‬ ‫ِن ق‬‫ْ م‬ ‫ََ‬
‫لت‬‫د خ‬ ‫َْ‬
‫ٌ ق‬ ‫ِالَّ ر‬
‫َسُول‬ ‫إ‬
‫ُ ﴾ [سورة آل عمران ‪:‬‬ ‫ُّسُل‬
‫الر‬
‫اآلية ‪ ]144‬إلى آخر اآليات‪.‬‬
‫ُوا بما كتب‬ ‫َض‬
‫َت الصحابة ور‬ ‫َب‬ ‫فث‬
‫هللا وبما قسم هللا؛ ألنه رضوان هللا‬
‫عليه ذكرهم وجاءهم بالخبر‬
‫اليقين والصحيح‪.‬‬

‫ويقول أحد من اصطلى بنار‬


‫الشائعة‪ :‬حصل بيني وبين‬
‫جاري خالف بسيط‪ ،‬فحقد علي‪،‬‬
‫فرأيت بعد فترة أن جماعة‬
‫ََ‬
‫ليَّ‪ ،‬وال‬‫الحي ال يسلمون ع‬
‫ََ‬
‫ليَّ السالم‪ ،‬وصاروا ال‬‫دون ع‬ ‫ُُّ‬
‫ير‬‫َ‬
‫ِهم‬‫اجتماعات‬ ‫إلى‬ ‫ِي‬ ‫ُ َ‬
‫ونن‬ ‫دع‬‫يْ‬‫َ‬
‫ِهم المعتادة‪ ،‬فأحسست‬ ‫وندوات‬
‫ًا‪ ،‬فبعد أيام‬ ‫أن في األمر شيئ‬
‫ًا وهو‬ ‫ِع‬‫َز‬
‫ليَّ ف‬ ‫ََ‬
‫دخل ولدي ع‬
‫يقول‪ :‬يا أبي‪ ،‬ما معنى كلمة‬
‫من‬‫ِج؟ قلت‪ :‬ماذا تقول؟ َ‬ ‫َو‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫مر‬
‫قال لك هذه الكلمة؟ قال‪:‬‬
‫د الجيران – حصل‬ ‫قالها لي ولُ‬
‫ٍ آخر من‬ ‫بين هذا الطفل وطفل‬
‫الجيران خالف‪ ،‬فقال له‪ :‬يا‬
‫ْ‬
‫بت‬ ‫َر‬
‫ََ‬ ‫ْط‬
‫ولد المروج – قال‪ :‬فاض‬
‫ُ‬
‫ْت‬ ‫ْ نفسي وص‬
‫ِر‬ ‫بت‬ ‫َر‬
‫ََ‬ ‫ْط‬
‫أعصابي واض‬
‫ْرة من أمري‪ ،‬حتى حاولت‬ ‫َي‬
‫في ح‬
‫أن أعرف الخبر‪ ،‬وإذا به قد‬
‫ِرات‪،‬‬ ‫مخَِّ‬
‫د‬ ‫ِج ُ‬ ‫َو‬
‫ِّ‬ ‫أشيع عني أني ُ‬
‫مر‬
‫وأنا بريء من هذه الفرية‪،‬‬
‫ُبت‪،‬‬ ‫َح‬
‫فضاقت بي األرض بما ر‬
‫إن صاحب العقار رفض أن‬ ‫حتى َّ‬
‫يجدد لي العقد؛ ألنه سمع‬
‫فخرجت‬ ‫الشائعة‪،‬‬ ‫بهذه‬
‫َيِّ‬
‫ٍ آخر؛ ألنه لم‬ ‫واستأجرت في ح‬
‫يكن لي وجه أقابل به الناس‬
‫ِّي‬
‫َن‬
‫ِ‬ ‫وقد انطلقت هذه الفرية ع‬
‫وشاعت في الحي‪.‬‬

‫فانظروا إلى الشائعات كيف‬


‫تسبب البلبلة وتسبب الفرقة‬
‫وتسبب الخصام وتسبب الحقد‬
‫أفراد‬ ‫بين‬ ‫والحساسية‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫آثار‬ ‫لها‬ ‫والشائعات‬


‫اقتصادية سيئة‪ ،‬فقد تؤثر‬
‫على اقتصاد البلد وتسبب‬
‫ًا لألثرياء وغيرهم‪،‬‬ ‫انهيار‬
‫وقد سمعنا أن من أسباب‬
‫االنهيار االقتصادي في العالم‬
‫الذي تسمعونه اآلن من بعض‬
‫بعض‬ ‫إشاعة‬ ‫المحللين‬
‫الشائعات ضد األثرياء وضد‬
‫بعض المؤسسات التجارية‪ ،‬حتى‬
‫وصل األمر إلى ما تسمعون به‬
‫اآلن‪.‬‬

‫من األمثلة في ذلك‪ :‬يأتي‬


‫صاحب مصنع عنده صناعة كاسدة‬
‫َى منه‪ ،‬وليس للناس‬ ‫َر‬
‫يشْت‬
‫ال ُ‬
‫رغبة في منتجه فيدبر شائعة‬
‫المصانع‬ ‫أن‬ ‫أكذوبة‬ ‫أو‬
‫الفالنية والفالنية تستعمل في‬
‫هذه المنتجات مواد كيماوية‬
‫تضر بصحة اإلنسان‪ ،‬سواء كان‬
‫با أو مأكوالً أو ملبوسًا‪،‬‬
‫مشروً‬
‫فيعرض الناس الذين سمعوا‬
‫بهذه الشائعة عن الشراء من‬
‫على‬ ‫ًا‬
‫خوف‬ ‫المنتجات‬ ‫هذه‬
‫ُصاب هذه‬ ‫أنفسهم وصحتهم‪ ،‬فت‬
‫المنتجات‬ ‫وهذه‬ ‫المصانع‬
‫أقفلت‬ ‫وربما‬ ‫بالخَسارة‪،‬‬
‫أبوابها وأوقفت إنتاجها‪ ،‬كل‬
‫َعه‬‫ْن‬ ‫َ َ‬
‫مص‬ ‫ِير‬ ‫ذلك من أجل أن ُ‬
‫يد‬
‫حساب‬ ‫على‬ ‫ًا‬ ‫ْت‬
‫ِج‬ ‫من‬‫ْعله ُ‬ ‫يج‬‫وَ‬
‫الضرر باآلخرين‪ ،‬والنبي صلى‬
‫َ‬
‫َر‬ ‫هللا عليه وسلم يقول‪« :‬الَ ض‬
‫َر‬
‫َ»( ‪ )16‬وقد يكون هدف‬ ‫َار‬
‫ِر‬‫َالَ ض‬
‫و‬
‫باألمن‪،‬‬ ‫اإلخالل‬ ‫الشائعات‬
‫ًا في بلبلة الناس‬ ‫فتكون سبب‬
‫في‬ ‫وخاصة‬ ‫واضطرابهم‪،‬‬
‫البلدان التي فيها حروب‪،‬‬
‫ضد‬ ‫األعداء‬ ‫فيستخدمها‬
‫أعدائهم‪ ،‬فيروجون شائعات‬
‫عبر وسائل اإلعالم من تلفاز‬
‫فضائية‬ ‫ومحطات‬ ‫وإذاعة‬
‫وشبكات إنترنت أن البلد‬
‫الفالني قتل منه كذا وكذا من‬
‫دا من‬‫األفراد‪ ،‬وسقط منهم عدً‬
‫الطائرات‪ ،‬واحترقت دبابات‪،‬‬
‫وتهدمت بيوت ومساكن‪ ،‬فيحدث‬
‫للجنود‬ ‫نفسية‬ ‫هزيمة‬
‫ويصابون‬ ‫المقاتلين‪،‬‬
‫باالضطراب والحيرة في أمرهم‪،‬‬
‫تهتز‪،‬‬ ‫الداخلية‬ ‫والجبهة‬
‫فيتولد عند الناس والشعب‬
‫البغضاء لحاكم البلد أو‬
‫فربما‬ ‫الجمهورية‪،‬‬ ‫لرئيس‬
‫تقوم ثائرتهم وتتحرك الفتن‪،‬‬
‫وربما تقوم المسيرات لالنقالب‬
‫على ذلك الحاكم‪.‬‬

‫وتمتد الشائعات فتنال من‬


‫كبار الشخصيات والوزراء‪،‬‬
‫والعلماء والمشايخ وطلبة‬
‫هللا‪،‬‬ ‫إلى‬ ‫والدعاة‬ ‫العلم‬
‫واآلمرين بالمعروف والناهين‬
‫عن المنكر حتى تحصل الفجوة‬
‫والهوة بين العلماء وبين‬
‫الناس‪ ،‬فتهتز الثقة بين‬
‫الناس والعلماء‪ ،‬فيذهبون‬
‫يستفتون الجهلة‪ ،‬ويستفتون‬
‫أولئك الذين يخرجون عبر‬
‫المحطات الفضائية ممن ليس‬
‫عنده علم فيفتونهم‪ ،‬ويتركون‬
‫علماء البلد؛ ألن هناك َ‬
‫من‬
‫في‬ ‫ويطعن‬ ‫ْعتهم‬
‫سُم‬ ‫يشَو‬
‫ِّ‬
‫ِه‬ ‫ُ‬
‫ْداقيتهم‪ ،‬ويطعن في علمهم‪.‬‬ ‫ِص‬
‫م‬

‫فانظروا كيف تصل الشائعات‬


‫من الخطر إلى هذا المدى‪ ،‬بل‬
‫تصل إلى أمور كثيرة يضيق‬
‫المجال لسردها‪ ،‬ويضيق الوقت‬
‫ِّبنا‬
‫َن‬
‫ِ‬ ‫لعدها‪ ،‬نسأل هللا أن ُ‬
‫يج‬
‫وإياكم الفتن ما ظهر منها‬
‫وما بطن‪ ،‬ونسأل هللا أن يوفقنا‬
‫وترك‬ ‫الخيرات‬ ‫لفعل‬
‫ينا الحق‬ ‫َِ‬
‫ير‬‫المنكرات‪ ،‬وأن ُ‬
‫اتباعه‪،‬‬ ‫ويرزقنا‬ ‫ًّا‬
‫حق‬
‫ويرزقنا‬ ‫باطالً‬ ‫والباطل‬
‫اجتنابه‪ ،‬وآخر دعوانا أن‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫ال شك أن المجتمعات طالها ما‬


‫طالها من هذه الشائعات‪،‬‬
‫وسيحدثنا الشيخ الدكتور فهد‬
‫الفهيد عن حماية المجتمع من‬
‫الشائعات وطرق عالج ذلك‪.‬‬
‫فهد‬ ‫الدكتور‬ ‫الشيخ‬ ‫كلمة‬
‫الفهيد‬

‫حماية المجتمع واألفراد من‬


‫الشائعات‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد‬


‫والصالة‬ ‫العالمين‪،‬‬ ‫رب‬ ‫هلل‬
‫والسالم على أشرف األنبياء‬
‫والمرسلين نبينا محمد‪ ،‬وعلى‬
‫آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫أما بعد‪ ،‬فقد تحدث صاحبا‬


‫الدكتور‬ ‫الشيخ‬ ‫الفضيلة‬
‫وفضيلة‬ ‫الحمود‬ ‫إبراهيم‬
‫عن‬ ‫السعيد‬ ‫محمد‬ ‫الشيخ‬
‫الشائعات وقد أفادا وأجادا‬
‫فيما يتعلق بأسباب الشائعات‬
‫وعظم خطرها وأضرارها‪ ،‬وألخص‬
‫الحديث فيما يتعلق بحماية‬
‫المجتمع واألفراد من هذه‬
‫الشائعات‪.‬‬

‫من‬ ‫المجتمع‬ ‫حماية‬ ‫طرق‬


‫الشائعات‪:‬‬

‫أوال‪ :‬صيانة اللسان ‪.‬‬

‫الشائعات‬ ‫أن‬ ‫عرفنا‬ ‫إذا‬


‫أصلها نميمة وكذب وأخبار قد‬
‫ُي‬
‫ِّ‬
‫ِرت‬ ‫ِص منها‪ ،‬وغ‬ ‫د فيها ُ‬
‫ونق‬ ‫ِيَ‬
‫ز‬
‫عن وجهها‪ ،‬نتذكر ما جاء في‬
‫النصوص من القرآن والسنة من‬
‫ِسان‪ ،‬قال هللا جل‬ ‫وجوب حفظ الِّ‬
‫ل‬
‫ِ‬
‫ِه‬‫ْسَ َلكَ ب‬
‫ما َلي‬‫ُ َ‬ ‫ْف‬‫تق‬‫َالَ َ‬
‫وعال‪ ﴿ :‬و‬
‫َ‬
‫َر‬‫َص‬ ‫َ ْ‬
‫الب‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ْع‬‫السَّم‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫ٌ‬ ‫عْ‬
‫ِلم‬
‫ْه‬
‫ُ‬ ‫َن‬
‫ن ع‬ ‫َاَ‬ ‫َْلئ‬
‫ِكَ ك‬ ‫ُو‬
‫ُّ أ‬‫ُل‬‫د ك‬ ‫َاَ‬
‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الف‬ ‫و‬
‫ال ﴾ [سورة اإلسراء ‪:‬‬ ‫ُوً‬ ‫َ‬
‫مسْؤ‬
‫اآلية ‪.]36‬‬

‫وقال النبي صلى هللا عليه‬


‫ُ ب َّ‬
‫ِاَّللِ‬ ‫ِن‬‫ْم‬
‫يؤ‬‫ن ُ‬ ‫َاَ‬‫ْ ك‬‫من‬‫وسلم‪َ« :‬‬
‫َو‬
‫ْ‬ ‫ًا أ‬
‫ْر‬‫َي‬
‫ْ خ‬‫ُل‬
‫َق‬‫لي‬‫َْ‬ ‫ْم‬
‫ِ اآلخِر‬
‫ِ ف‬ ‫َو‬ ‫َ ْ‬
‫الي‬ ‫و‬
‫ْ (»‪)17‬‬ ‫ْم‬
‫ُت‬ ‫َص‬
‫لي‬‫ِ‬

‫فهذا أول عالج للشائعات‪ ،‬وهو‬


‫دابرها‪،‬‬ ‫يقطع‬ ‫عالج َ‬
‫ناجِع‬
‫ِئ نارها‪ ،‬ويميت شَر‬
‫َّها في‬ ‫ْف‬
‫يط‬‫وُ‬
‫إليك‬ ‫وصلت‬ ‫فإذا‬ ‫مكانه‪،‬‬
‫ْها بأن تحفظ لسانك‪ ،‬وال‬ ‫َم‬
‫ِت‬ ‫أ‬
‫ٍ أن‬‫َى ألحد‬
‫ْض‬ ‫تتكلم بها‪ ،‬وال َ‬
‫تر‬
‫يتكلم بها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحذر من سوء الظن‪.‬‬

‫د الحذر من سوء الظن من‬ ‫َُّ‬


‫يع‬‫ُ‬
‫الشائعات‪،‬‬ ‫عالج‬ ‫أسباب‬
‫فالواجب على المسلم أن يكون‬
‫سليم الصدر إلخوانه المسلمين‬
‫ًا والة أمورهم وعلماَ‬
‫ءهم‬ ‫ُصوص‬ ‫خ‬
‫ِهم واآلمرين بالمعروف‬ ‫ودعات‬
‫َ‬
‫والناهين عن المنكر وأهل‬
‫الخير والصالح‪ ،‬بل وجميع‬
‫عموم المسلمين والمسلمات‪،‬‬
‫فإحسان الظن واجب‪ ،‬وإساءة‬
‫ًا‪،‬‬
‫ْع‬‫َّمة شَر‬
‫محر‬‫الظن بالمسلمين ُ‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫يَ‬‫َُّ‬
‫قال تعالى‪ ﴿ :‬يا أ‬
‫َ‬
‫ِن‬‫م‬‫ًا ِّ‬ ‫ِير‬‫َث‬
‫ُوا ك‬ ‫َن‬
‫ِب‬ ‫ُوا اج‬
‫ْت‬ ‫آَ‬
‫من‬
‫ََ‬
‫ال‬‫ٌ و‬ ‫ثم‬‫ِْ‬
‫ِ إ‬ ‫َّن‬
‫ِّ‬ ‫ْضَ الظ‬ ‫بع‬‫ن َ‬ ‫َِّ‬‫ِ إ‬ ‫َّن‬
‫ِّ‬ ‫الظ‬
‫ًا‬‫ْض‬ ‫ُم َ‬
‫بع‬ ‫ُك‬‫ْض‬
‫بع‬ ‫َب َّ‬‫ْت‬ ‫ال َ‬
‫يغ‬ ‫ََ‬
‫َسَّسُوا و‬ ‫تج‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ْم‬‫َ َلح‬ ‫ُل‬‫ْك‬
‫يأ‬‫َن َ‬ ‫ْ أ‬ ‫ُم‬
‫دك‬‫َُ‬‫َح‬ ‫ُّ أ‬‫يحِب‬‫َُ‬ ‫أ‬
‫ُوا‬ ‫َ َّ‬
‫اتق‬ ‫ه و‬ ‫ُوُ‬ ‫ُم‬ ‫َر‬
‫ِْ‬
‫هت‬ ‫َك‬‫ًا ف‬ ‫ْت‬ ‫مي‬‫ِ َ‬‫َخِيه‬ ‫أ‬
‫ٌ ﴾ [سورة‬ ‫َّحِيم‬‫ٌ ر‬‫َّاب‬
‫تو‬‫اَّللَ َ‬
‫ن َّ‬ ‫َِّ‬
‫اَّللَ إ‬
‫َّ‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪.]12‬‬

‫ثالثا‪ :‬التماس األعذار وحسن‬


‫النية‪.‬‬

‫إذا بلغك عن أحد كالم أو‬


‫صحته‪،‬‬ ‫من‬ ‫وتوثقت‬ ‫سمعته‬
‫فالواجب عليك أن تحمله على‬
‫أحسن المحامل‪ ،‬وأن تبحث له‬
‫عن األعذار‪ ،‬فربما يكون له‬
‫عذر أو أمور قد احتفت بها‬
‫القرائن‪ ،‬فيكون لكالمه أو‬
‫لتصرفه عذر تعذره به‪ ،‬فال‬
‫تظن بأخيك شَر‬
‫ًّا‪ ،‬فأنت قادر‬
‫على أن تحمل كالمه أو فعله‬
‫على أحد َ‬
‫محامل الخير‪.‬‬

‫إلى رسول هللا‬ ‫رابعا‪ :‬الرد‬


‫وصول‬ ‫عند‬ ‫األمر‬ ‫ووالة‬
‫الشائعة‪.‬‬

‫يجب علينا أن نرد األمور إلى‬


‫رسول هللا أو والة أمورنا‪،‬‬
‫وننظر كيف يتعامل الشرع مع‬
‫مثل هذه األمور‪ .‬قال هللا تعالى‬
‫تخيف‬ ‫التي‬ ‫الشائعات‬ ‫في‬
‫ٌ‬
‫مر‬ ‫َ‬
‫ْ أْ‬
‫هم‬‫ءُ‬
‫َاَ‬‫َا ج‬
‫ِذ‬‫َإ‬
‫المسلمين‪ ﴿ :‬و‬
‫ِ‬
‫ِه‬ ‫ُوا ب‬ ‫َاع‬‫َذ‬‫ْفِ أ‬‫ِ الخَو‬ ‫َو‬‫منِ أ‬ ‫َ األَْ‬ ‫ِّ‬
‫ِن‬
‫م‬
‫َِلى‬ ‫َإ‬‫ِ و‬ ‫َِلى الر‬
‫َّسُول‬ ‫ه إ‬ ‫دوُ‬ ‫َُّ‬
‫ْ ر‬ ‫ََلو‬‫و‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫ه َّ‬
‫الذ‬ ‫َُ‬
‫ِم‬ ‫ْ َلع‬
‫َل‬ ‫هم‬‫ُْ‬‫ِن‬‫ِ م‬‫مر‬‫ِي األَْ‬ ‫ْل‬ ‫ُو‬
‫أ‬
‫ُ َّ‬
‫اَّللِ‬ ‫ْل‬‫َض‬ ‫ََلو‬
‫ْال ف‬ ‫ْ و‬‫هم‬‫ُْ‬‫ِن‬‫ه م‬ ‫ُ َ‬
‫ونُ‬ ‫ِط‬‫َنب‬‫يسْت‬‫َ‬
‫ُم‬
‫ُ‬ ‫َع‬
‫ْت‬ ‫َّ‬
‫التب‬ ‫ُُ‬
‫ه‬ ‫َت‬‫ْم‬‫َح‬‫َر‬‫و‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ْك‬
‫لي‬ ‫ََ‬
‫ع‬
‫ال ﴾ [سورة‬ ‫ِيً‬‫َل‬‫ِالَّ ق‬‫ن إ‬ ‫َاَ‬ ‫ْط‬‫الشَّي‬
‫النساء ‪ :‬اآلية ‪.]83‬‬

‫فيا أيها المسلمون ربنا‬


‫يدلنا على خيرنا وصالحنا‬
‫وسعادتنا‪ ،‬وينهانا عما فيه‬
‫ِ‬
‫ِه‬‫ُوا ب‬ ‫َذ‬
‫َاع‬ ‫ٌّ لنا فقوله‪ ﴿ :‬أ‬ ‫شَر‬
‫﴾ [سورة النساء ‪ :‬اآلية ‪]83‬‬
‫يعني تحدثوا به في المجالس‬
‫َِلى‬
‫ه إ‬ ‫َُّ‬
‫دوُ‬ ‫ْ ر‬‫ََلو‬
‫واألماكن ﴿ و‬
‫ِ ﴾ [سورة النساء ‪:‬‬ ‫َّسُول‬
‫الر‬
‫اآلية ‪.]83‬‬
‫هذا هو المشروع لكل مؤمن‬
‫ًا‬
‫مر‬‫َْ‬
‫ومؤمنة‪ ،‬إن كان األمر أ‬
‫د إلى سنة‬ ‫َُّ‬
‫ُر‬‫َي‬
‫ًّا ف‬‫ِي‬
‫ِين‬‫ًّا د‬ ‫ْع‬
‫ِي‬ ‫شَر‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫وبعد وفاته إلى ورثته من‬
‫العلماء كما قال رسول هللا صلى‬
‫َاَ‬
‫ء‬ ‫َُ‬
‫لم‬ ‫ن ْ‬
‫الع‬ ‫َِّ‬
‫هللا عليه وسلم‪« :‬إ‬
‫َاَ‬
‫ء‬ ‫ِي‬
‫نب‬‫ن األَْ‬‫َِّ‬‫َإ‬
‫ء‪ ،‬و‬ ‫َاِ‬
‫ِي‬ ‫ة األَْ‬
‫نب‬ ‫ثُ‬‫ََ‬
‫َر‬ ‫و‬
‫ًا‪،‬‬ ‫َْ‬
‫هم‬ ‫ِر‬‫َالَ د‬
‫ًا و‬ ‫َار‬‫ِين‬
‫ثوا د‬ ‫ُِ‬
‫َر‬
‫ِّ‬ ‫ْ ُ‬
‫يو‬ ‫َلم‬
‫َ‬‫َخ‬
‫َذ‬ ‫ه أ‬‫ذُ‬‫ََ‬‫َخ‬
‫ْ أ‬ ‫َن‬‫َم‬‫َ‪ ،‬ف‬ ‫العْ‬
‫ِلم‬ ‫ثوا ْ‬ ‫َُّ‬
‫َر‬ ‫و‬
‫ٍ(‪)18».‬‬ ‫ِر‬‫َاف‬ ‫ِّ و‬
‫َظ‬
‫ٍ‬ ‫ِح‬ ‫ب‬

‫د األمر في مثل ذلك‬ ‫َُّ‬


‫ير‬‫وكذلك ُ‬
‫إلى والة األمور‪ ،‬كما في قوله‬
‫مر‬
‫ِ‬ ‫ِي األَْ‬‫ُو‬
‫ْل‬ ‫َِلى أ‬
‫َإ‬‫تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ْ ﴾ [سورة النساء ‪ :‬اآلية‬ ‫ُْ‬
‫هم‬‫ِن‬‫م‬
‫الشأن‬ ‫أهل‬ ‫فهم‬ ‫‪.]83‬‬
‫واالختصاص‪ ،‬فوالة األمور هم‬
‫يتعلق‬ ‫فيما‬ ‫الخبرة‬ ‫أهل‬
‫باألعداء وبغير ذلك من األمور‬
‫العسكرية أو الحربية أو‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫وكما تفضل فضيلة الشيخ محمد‬


‫ًا‬
‫السعيد عندما ذكر أن كثير‬
‫من الناس ينقل األخبار عن‬
‫الدول المعادية والتي تقوم‬
‫هي بنشرها لتبث الفرقة في‬
‫بالد المسلمين وتزعزع أمنهم‪،‬‬
‫فالواجب على المسلمين أن‬
‫ُولي األمر‪.‬‬
‫يردوا األمر إلى أ‬

‫مجالسة‬ ‫عدم‬ ‫َام‬


‫ِسًا‪:‬‬ ‫خ‬
‫المرجفين (‪).19‬‬
‫يجب على المسلم عدم مجالسة‬
‫أو‬ ‫األرض‬ ‫في‬ ‫المرجفين‬
‫االستماع إليهم عبر القنوات‬
‫واإلذاعات أو قراءة كالمهم في‬
‫الصحف‬ ‫أو‬ ‫المنتديات‬
‫والنشرات‪ ،‬فهم حريصون كل‬
‫الحرص على أن يصلوا إليك‬
‫أيها اإلخوة ليؤثروا فيك‪.‬‬
‫فالواجب على المسلم االبتعاد‬
‫عنهم وعدم مجالستهم‪ ،‬ويجب‬
‫عليه أال يستمع إليهم حتى‬
‫يسلم من هذ الشر والفساد‪،‬‬
‫َ‬
‫يت‬‫َْ‬ ‫َا ر‬
‫َأ‬ ‫ِذ‬‫َإ‬
‫قال تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫َا‬‫ِن‬‫يات‬‫ِي آَ‬ ‫ن ف‬ ‫ُوَ‬ ‫يخُوض‬‫َ َ‬ ‫ِين‬‫الذ‬‫َّ‬
‫ِي‬‫ُوا ف‬ ‫يخُوض‬‫َّى َ‬‫َت‬‫ْ ح‬ ‫هم‬‫ُْ‬‫َن‬
‫ِضْ ع‬ ‫َع‬
‫ْر‬ ‫َأ‬‫ف‬
‫َّكَ‬
‫َن‬‫ِي‬
‫ينس‬‫ما ُ‬ ‫َإ‬
‫َِّ‬ ‫ِ و‬ ‫ِه‬ ‫َي‬
‫ْر‬ ‫ِيثٍ غ‬ ‫َد‬‫ح‬
‫َى‬‫ْر‬ ‫د الِّ‬
‫ِك‬
‫ذ‬ ‫َْ‬ ‫د َ‬
‫بع‬ ‫ْع‬
‫ُْ‬ ‫تق‬‫َالَ َ‬
‫ن ف‬‫َاُ‬
‫ْط‬‫الشَّي‬
‫َ ﴾ [سورة‬ ‫ِين‬ ‫لم‬‫َّاِ‬
‫ِ الظ‬ ‫َو‬
‫ْم‬ ‫َ الق‬ ‫مع‬‫َ‬
‫األنعام ‪ :‬اآلية ‪ ]68‬وقال‬
‫َه‬
‫ِ‬ ‫ينت‬‫ْ َ‬ ‫ِن َّلم‬ ‫تعالى‪َ ﴿ :‬لئ‬
‫ِم‬‫ِه‬
‫لوب‬‫ُُ‬‫ِي ق‬‫َ ف‬
‫ِين‬‫الذ‬‫َ َّ‬
‫ن و‬‫ُوَ‬ ‫َاف‬
‫ِق‬ ‫ُن‬‫الم‬
‫َة‬
‫ِ‬ ‫ِين‬‫َد‬
‫ِي الم‬ ‫ن ف‬ ‫ُوَ‬ ‫ْجِف‬
‫ُر‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬ ‫َضٌ و‬ ‫مر‬‫َّ‬
‫ُ َ‬
‫ونكَ‬ ‫َاو‬
‫ِر‬ ‫ال ُ‬
‫يج‬ ‫َّ َ‬
‫ثم‬ ‫ْ ُ‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫َّكَ ب‬
‫ين‬ ‫ْر‬
‫َِ‬ ‫َلن‬
‫ُغ‬
‫ال ﴾ [سورة‬ ‫ِيً‬‫َل‬ ‫ِال ق‬ ‫ها إ‬ ‫ِيَ‬‫ف‬
‫األحزاب ‪ :‬اآلية ‪.]60‬‬

‫فيجب الحذر من المرجفين‪،‬‬


‫وإياك إياك أيها المسلم أن‬
‫تصدق المرجفين في األرض‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬إدراك عظم الشائعة‬


‫وخطرها وضررها‪.‬‬

‫إذا صدق اإلنسان ما يقوله‬


‫مروج الشائعات من أن فالنا‬
‫وقع في الفواحش أو أن فالنا‬
‫صدر منه أمر مستقبح أو أن‬
‫فالنا وقع منه كذا وكذا ونحو‬
‫ذلك من قبائح األمور‪ ،‬إذا‬
‫أدركت عظم كم الضرر الذي‬
‫يقع عليك وعلى المسلمين من‬
‫تلك الشائعات‪ ،‬أدركت خطرها‪،‬‬
‫وأدركت أنه يجب عليك السكوت‬
‫والنصح لمن بلغك عنه أمر‬
‫مستقبح وذلك بعد التأكد‬
‫والتثبت‪.‬‬

‫فيجب على المسلم أن يقف‬


‫هؤالء‬ ‫أمام‬ ‫حازمة‬ ‫وقفة‬
‫الكذبة والمروجين لألخبار‬
‫الباطلة‪ ،‬بل يجب ذلك على‬
‫أفراد المجتمع ووالة األمور‬
‫وقف‬ ‫فإذا‬ ‫العلم‪،‬‬ ‫وأهل‬
‫باءوا‬ ‫المجتمع كله ضدهم‬
‫بالفشل والخسران‪.‬‬

‫أيها المسلمون إن من يروج‬


‫الشائعات تهون عليه المعاصي‬
‫في المجتمع المسلم‪ ،‬مما‬
‫ويصف‬ ‫عليها‬ ‫يدل‬ ‫يجعله‬
‫ً‬
‫رسالة لكل‬ ‫أماكنها‪ ،‬ونوجه‬
‫إعالمي وصحفي‪ ،‬وإلى كل من‬
‫يكتب في المنتديات واإلنترنت‬
‫أو يتكلم في القنوات بأن‬
‫يتقي هللا عز وجل‪ ،‬فكم سمعنا‬
‫ِن‬
‫من سبق م‬ ‫ْز‬
‫ِعة كان َ‬ ‫ًا ُ‬
‫مف‬ ‫أخبار‬
‫الصالحين في هذه البالد وبالد‬
‫المسلمين ال يسمع بها إال مرة‬
‫في األمد الطويل‪ ،‬واليوم مع‬
‫ْه‬
‫ِب‬‫ًا ش‬‫كل أسف ينشرون أخبار‬
‫يومية عن فواحش أو عن أمور‬
‫حدثت وربما لم تثبت‪ ،‬وربما‬
‫تكون من قبيل الكذب على‬
‫أصحابها‪ ،‬أال يدري هؤالء أنهم‬
‫الفواحش‪،‬‬ ‫على‬ ‫يشجعون‬
‫وأذكرهم بقول هللا سبحانه‪﴿ :‬‬
‫َ‬
‫ِيع‬ ‫َن َ‬
‫تش‬ ‫ن أ‬‫ُّوَ‬‫يحِب‬‫َ ُ‬ ‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫إ‬
‫ْ‬
‫هم‬‫ُوا َلُ‬‫من‬‫َ آَ‬
‫ِين‬ ‫ِي َّ‬
‫الذ‬ ‫َاحِشَُ‬
‫ة ف‬ ‫الف‬
‫َة‬
‫ِ‬ ‫َاآلخِر‬
‫َا و‬ ‫الدْ‬
‫ني‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ ف‬
‫ِي‬ ‫َ‬
‫ٌ أل‬
‫ِيم‬ ‫ذاب‬ ‫ََ‬‫ع‬
‫ن ﴾‬ ‫ُوَ‬ ‫َْ‬
‫لم‬ ‫تع‬ ‫ْ َ‬
‫ال َ‬ ‫ُم‬
‫نت‬‫َْ‬‫َأ‬
‫ُ و‬ ‫َْ‬
‫لم‬‫يع‬ ‫اَّللُ َ‬
‫َ َّ‬ ‫و‬
‫[سورة النور ‪ :‬اآلية ‪.]19‬‬

‫حتى لو كانت تلك األخبار‬


‫التي تنشر من قبيل الصدق فال‬
‫يحق لك أن تشيع عن أصحابها‬
‫وتفضحهم‪ ،‬فالدين النصيحة‪،‬‬
‫وليس الفضيحة‪ ،‬يقول بعض‬
‫العلماء لمن يأمر بالمعروف‬
‫ويهنى عن المنكر‪ :‬اجتهد في‬
‫ظهور‬ ‫فإن‬ ‫العصاة‪،‬‬ ‫ستر‬
‫ََ‬
‫هن في اإلسالم‪ ،‬وأحق‬‫عوراتهم و‬
‫شيء بالستر العورة‪.‬‬

‫أيها اإلخوة في هللا‪ ،‬كم من‬


‫الناس ارتكب المعاصي بعد أن‬
‫كان غافال عنها بسبب ما رآه‬
‫أو سمعه عنها في بعض الصحف‬
‫والمحطات اإلذاعية وبعدما‬
‫علم أماكنها وصفتها من هذه‬
‫على‬ ‫فالواجب‬ ‫الوسائل‪،‬‬
‫المسلم أن يحذر من ذلك أشد‬
‫الحذر‪.‬‬

‫ًا‪ :‬الثقة في المسلمين‪.‬‬


‫سابع‬
‫من أسباب عالج هذه الشائعات‬
‫عامً‬
‫ة‬ ‫َّ‬ ‫الثقة في المسلمين‬
‫والثقة في بالدهم‪ ،‬والثقة في‬
‫والة األمور‪ ،‬والثقة في علماء‬
‫اإلسالم الراسخين‪ ،‬وعدم قبول‬
‫كالم األعداء فيهم‪ ،‬فإن الثقة‬
‫بهم هي األصل‪ ،‬فاألصل في‬
‫المسلم السالمة‪ ،‬وأما ما طرأ‬
‫على ذلك فهو عارض‪.‬‬

‫أيها اإلخوة في هللا إذا سمعنا‬


‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ءك‬‫َاَ‬‫ِن ج‬ ‫قول هللا عز وجل‪ ﴿ :‬إ‬
‫ُوا ﴾ [سورة‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َب‬‫َت‬
‫ٍ ف‬ ‫َب‬
‫َأ‬ ‫ٌ ب‬
‫ِن‬ ‫ِق‬ ‫َاس‬‫ف‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪ ]6‬وقوله‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫َُّ‬
‫يَ‬ ‫سبحانه‪ ﴿ :‬يا أ‬
‫ِ َّ‬
‫اَّللِ‬ ‫ِيل‬‫ِي سَب‬
‫ْ ف‬ ‫ُم‬‫بت‬ ‫َر‬
‫َْ‬ ‫َا ض‬ ‫ِذ‬‫ُوا إ‬ ‫آَ‬
‫من‬
‫َى‬ ‫َْلق‬
‫ْ أ‬‫َن‬ ‫ولوا ِ‬
‫لم‬ ‫ُ ُ‬ ‫تق‬ ‫ََ‬
‫ال َ‬ ‫ُوا و‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َت‬
‫َب‬ ‫ف‬
‫ًا ﴾‬ ‫ِن‬‫ْم‬
‫مؤ‬‫َ ُ‬‫َ َلسْت‬ ‫ُ السَّالم‬ ‫ُم‬
‫ْك‬ ‫َِلي‬
‫إ‬
‫[سورة النساء ‪ :‬اآلية ‪]94‬‬
‫فحينئذ يتوقف المسلم‪ ،‬يتوقف‬
‫ُوا)‪ .‬فعندما‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َب‬‫َت‬
‫لقوله‪ ( :‬ف‬
‫ما فيه قال فالن‪،‬‬ ‫تنقل كالً‬
‫وقيل كذا‪ ،‬وكتبوا كذا‪ ،‬وأنت‬
‫لم تتثبت ولم تتبين فعليك‬
‫أن تتذكر أنك محاسب عند هللا‬
‫عز وجل على ما تتلفظ به‪ ،‬قال‬
‫ِالَّ‬ ‫ْل‬
‫ٍ إ‬ ‫َو‬
‫ِن ق‬‫ُ م‬‫ِظ‬ ‫يْ‬
‫لف‬ ‫ما َ‬ ‫تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫د ﴾ [سورة ق ‪:‬‬ ‫ِيٌ‬ ‫َت‬‫ٌ ع‬
‫ِيب‬ ‫َق‬
‫ِ ر‬
‫يه‬‫دْ‬‫َلَ‬
‫اآلية ‪ ]18‬وقال صلى هللا عليه‬
‫َْ‬
‫ن‬ ‫با أ‬ ‫َذ‬
‫ًِ‬ ‫ء ك‬ ‫َر‬
‫ِْ‬ ‫َى ب ْ‬
‫ِالم‬ ‫َف‬
‫وسلم‪« :‬ك‬
‫َ( ‪)20 ».‬‬ ‫ِع‬‫ما سَم‬ ‫ِ‬‫ُل‬
‫ِّ َ‬ ‫َ ب‬
‫ِك‬ ‫ِث‬‫َِّ‬
‫د‬ ‫يح‬‫ُ‬

‫فمن ينقل كل ما يسمع بدون‬


‫الكاذبين‪،‬‬ ‫من‬ ‫فهو‬ ‫تثبت‬
‫فالمسلم يتثبت ويتأكد‪ ،‬وعلى‬
‫الظلم‬ ‫من‬ ‫الحذر‬ ‫المسلم‬
‫والجهل‪ ،‬فهذان الصفتان من‬
‫لوازم صفات اإلنسان الذي قال‬
‫ُ‬
‫نه‬‫َِّ‬
‫هللا تبارك وتعالى عنه‪ ﴿ :‬إ‬
‫ال ﴾ [سورة‬ ‫هوً‬
‫َُ‬
‫ما ج‬ ‫َُ‬
‫لوً‬‫ن ظ‬‫َاَ‬‫ك‬
‫األحزاب ‪ :‬اآلية ‪.]72‬‬

‫فاحذر من نفسك ففيها الظلم‬


‫وفيها الجهل‪ ،‬إياك إياك أن‬
‫تطيع دواعي النفس‪ ،‬فعالج ما‬
‫في نفسك من الظلم بتقوى هللا‬
‫عز وجل‪ ،‬وبالعدل واإلنصاف‪،‬‬
‫وعالج ما في نفسك من الجهل‬
‫بالعلم‪ ،‬والتحري والتثبت‪،‬‬
‫وحفظ اللسان وحفظ الفؤاد‪،‬‬
‫نسأل هللا جل وعال أن يحفظ بالدنا‬
‫وبالد المسلمين‪ ،‬وأن يحفظنا‬
‫وقاعدين‬ ‫قائمين‬ ‫باإلسالم‬
‫بنا‬ ‫يشمت‬ ‫وأال‬ ‫وراقدين‪،‬‬
‫األعداء وال الحاسدين‪ ،‬ونسأل‬
‫ربنا سبحانه بأسمائه الحسنى‬
‫وصفاته العال أن يصلح والة‬
‫أمورنا‪ ،‬وأن يوفق علماءنا‪،‬‬
‫وأن يجمع شملنا‪ ،‬وأن يؤلف‬
‫بين قلوبنا‪ ،‬ومن كان يريد‬
‫بنا وبالمسلمين سوءا نسأل هللا‬
‫ًا‪ ،‬اللهم اكفنا‬ ‫أن يرده خاسئ‬
‫شر األشرار وكيد الفجار‪ ،‬وشر‬
‫طوارق الليل والنهار يا ذا‬
‫الجالل واإلكرام‪ ،‬وصلى هللا وسلم‬
‫وبارك على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫عبد‬ ‫الشيخ‬ ‫سماحة‬ ‫تعليق‬


‫العزيز بن عبد هللا آل الشيخ‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد‬
‫ِّ‬
‫هلل رب العالمين‪ ،‬اللهم صل‬
‫ِ‬
‫وسلم وبارك على عبدك ورسولك‬
‫األنبياء‬ ‫أشرف‬ ‫محمد‬
‫آله‬ ‫وعلى‬ ‫والمرسلين‪،‬‬
‫وصحابته أجمعين‪ ،‬وعلى من‬
‫يوم‬ ‫إلى‬ ‫بإحسان‬ ‫تبعهم‬
‫الدين‪.‬‬

‫وبعد‪ ،‬لقد تحدث المشايخ‬


‫ًا في موضوع واحد‬‫الفضالء جميع‬
‫أال وهو الشائعات وخطرها على‬
‫األفراد والجماعة‪ ،‬وتقاسموا‬
‫ٌّ تحدث عن‬‫هذا الموضوع‪ ،‬كل‬
‫وهذا‬ ‫جوانبه‪،‬‬ ‫من‬ ‫جانب‬
‫الموضوع في الحقيقة موضوع‬
‫على‬ ‫والعمل‬ ‫وحساس‪،‬‬ ‫هام‬
‫أسباب عالجه أو التنبيه عن‬
‫أخطاره يجب أن يتكرر‪ ،‬وأن‬
‫يعاد المرة تلو األخرى؛ ألن‬
‫دا ومؤثر‬ ‫ِر جًِّ‬ ‫َي‬
‫ِّ‬ ‫هذا المبدأ خ‬
‫على الناس في أمور دينهم‬
‫ودنياهم‪ ،‬لقد أمرنا هللا جل‬
‫وعال بالصدق حيث قال‪ ﴿ :‬يا‬
‫ُوا َّ‬
‫اَّللَ‬ ‫اتق‬‫ُوا َّ‬ ‫من‬‫َ آَ‬‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫يَ‬‫َُّ‬
‫أ‬
‫َ ﴾ [سورة‬ ‫ِين‬ ‫َّاد‬
‫ِق‬ ‫َ الص‬‫مع‬‫ونوا َ‬ ‫ُ ُ‬‫َك‬‫و‬
‫التوبة ‪ :‬اآلية ‪ ،]119‬وحذرنا‬
‫جل وعال من الكذب‪ ،‬فقال في‬
‫ٌ‬
‫ذاب‬ ‫ََ‬
‫ْ ع‬ ‫هم‬ ‫ََلُ‬ ‫حق الكذابين‪ ﴿ :‬و‬
‫ن ﴾‬ ‫بوَ‬‫ُِ‬‫ْذ‬‫يك‬ ‫انوا َ‬ ‫َ ُ‬‫َا ك‬ ‫ِم‬‫ٌ ب‬ ‫ِيم‬‫َل‬‫أ‬
‫[سورة البقرة ‪ :‬اآلية ‪]10‬‬
‫َ‬
‫ْم‬ ‫يو‬‫ََ‬
‫وقال جل من قائل‪ ﴿ :‬و‬
‫بوا‬ ‫ََ‬
‫ذُ‬ ‫َ ك‬ ‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫َى‬
‫تر‬‫ِ َ‬ ‫مة‬‫َاَ‬ ‫ِي‬
‫الق‬
‫ْسَ‬ ‫َ‬
‫ٌ أَلي‬ ‫دة‬ ‫ََّ‬
‫مسْو‬‫هم ُّ‬ ‫هُ‬
‫ُوُ‬‫َج‬ ‫لى َّ‬
‫اَّللِ و‬ ‫ََ‬‫ع‬
‫َ ﴾‬ ‫ِين‬‫ِر‬‫َب‬
‫ِّ‬ ‫َك‬‫ُت‬ ‫لْ‬
‫لم‬ ‫ًى ِّ‬
‫ِ‬ ‫ْو‬
‫مث‬‫َ َ‬‫َّم‬
‫هن‬ ‫ََ‬
‫ِي ج‬ ‫ف‬
‫[سورة الزمر ‪ :‬اآلية ‪.]60‬‬
‫وأمرنا ربنا أن نتثبت من‬
‫األخبار حين ترد إلينا‪ ،‬وأال‬
‫نقبلها بمجرد سماعها‪ ،‬بل‬
‫نمحص وندقق‪ ،‬وال نشيع كل ما‬
‫سمعنا‪ ،‬قال جل من قائل‪﴿ :‬‬
‫ِن‬‫ُوا إ‬ ‫من‬‫َ آَ‬ ‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫يَ‬
‫ها‬ ‫َُّ‬
‫يا أ‬
‫َ‬
‫ُوا أن‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َت‬
‫َب‬ ‫َأ‬
‫ٍ ف‬ ‫َب‬‫ِن‬‫ٌ ب‬ ‫َاس‬
‫ِق‬ ‫ْ ف‬ ‫ُم‬
‫ءك‬‫َاَ‬
‫ج‬
‫ُوا‬ ‫ْب‬
‫ِح‬ ‫َت‬
‫ُص‬ ‫ٍ ف‬ ‫ه َ‬
‫الة‬ ‫ََ‬‫ِج‬‫ما ب‬ ‫َو‬
‫ًْ‬ ‫ُوا ق‬ ‫ِيب‬ ‫ُ‬
‫تص‬
‫َ ﴾‬ ‫ِين‬‫ِم‬‫ناد‬‫ْ َ‬ ‫ُم‬‫لت‬‫َْ‬‫َع‬‫ما ف‬ ‫لى َ‬ ‫ََ‬
‫ع‬
‫[سورة الحجرات ‪ :‬اآلية ‪.]6‬‬

‫ونبينا صلى هللا عليه وسلم‬


‫حذرنا من ترويج الشائعات‬
‫ُل‬
‫ِ‬ ‫َّج‬
‫الر‬ ‫َُّ‬
‫ة‬ ‫ِي‬ ‫ْسَ َ‬
‫مط‬ ‫ِئ‬‫«ب‬ ‫فقال‪:‬‬
‫َموا»( ‪ )21‬وقال صلى هللا‬ ‫َع‬‫ز‬
‫ِْ‬
‫ء‬ ‫َر‬ ‫َى ب ْ‬
‫ِالم‬ ‫َف‬‫عليه وسلم‪« :‬ك‬
‫َ‬ ‫ما سَم‬
‫ِع‬ ‫ُل‬
‫ِّ َ‬
‫ِ‬ ‫َ ب‬
‫ِك‬ ‫ِث‬‫َِّ‬
‫د‬ ‫يح‬‫ن ُ‬‫َْ‬
‫با أ‬ ‫َذ‬
‫ًِ‬‫ك‬
‫( ‪)22».‬‬
‫فالتبثت في األخبار ونقلها‬
‫والحكم عليها يحتاج إلى‬
‫تثبت‪ ،‬فال تحكموا على شيء من‬
‫سماع‪ ،‬فربما يكون المتكلم‬
‫ًا ال يهمه‬ ‫ًا وحاقً‬
‫دا ومغرض‬ ‫مسيئ‬
‫إال ترويج الباطل‪ ،‬فقد ينسب‬
‫الخطأ والجهل والكذب إليك‬
‫وأنت بريء منه‪.‬‬

‫فالكذب أمره عظيم‪ ،‬ويصف‬


‫النبي صلى هللا عليه وسلم في‬
‫ذبين من أهل‬ ‫ََّ‬
‫ُع‬‫رؤيته حال الم‬
‫ِى‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫ََّ‬
‫ما‬ ‫الكذب فيقول‪« :‬أ‬
‫ُ‬
‫ِث‬‫َِّ‬
‫د‬ ‫يح‬‫ٌ ُ‬
‫ذاب‬‫ََّ‬
‫َك‬‫ه ف‬‫ُُ‬ ‫ِْ‬
‫دق‬ ‫يشَق‬
‫ُّ ش‬ ‫ه ُ‬‫َُ‬
‫يت‬‫َْ‬
‫َأ‬‫ر‬
‫َّى‬
‫َت‬‫ه ح‬ ‫ُْ‬ ‫ُ ع‬
‫َن‬ ‫َل‬‫ْم‬ ‫َت‬
‫ُح‬ ‫ِ‪ ،‬ف‬ ‫بة‬ ‫َْ‬
‫ذَ‬ ‫ب ْ‬
‫ِالك‬
‫َِلى‬‫ِ إ‬ ‫ُ ب‬
‫ِه‬ ‫َع‬‫ْن‬ ‫َي‬
‫ُص‬ ‫َ ‪ ،‬ف‬ ‫َاق‬‫َ اآلف‬
‫لغ‬‫ُْ‬
‫تب‬‫َ‬
‫ِ»( ‪ . )23‬وقال‬ ‫مة‬‫َاَ‬
‫ِي‬ ‫ِ ْ‬
‫الق‬ ‫ْم‬
‫يو‬‫َ‬
‫ِى‬ ‫ٌ لَّ‬
‫ِلذ‬ ‫يل‬‫َْ‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪« :‬و‬
‫ِ‬
‫ِه‬‫ْحِكَ ب‬ ‫ُض‬
‫لي‬ ‫َد‬
‫ِيثِ ِ‬ ‫ُ ب ْ‬
‫ِالح‬ ‫َِّ‬
‫ِث‬
‫د‬ ‫يح‬‫ُ‬
‫ٌ‬
‫يل‬‫َْ‬
‫ه و‬ ‫ٌ َلُ‬ ‫َْ‬
‫يل‬‫ُ و‬ ‫ْذ‬
‫ِب‬‫َك‬‫َي‬
‫َ ف‬‫ْم‬‫َو‬ ‫ْ‬
‫الق‬
‫ه (»‪)24‬‬ ‫َلُ‬

‫أيها اإلخوة الشائعات شأنها‬


‫كبير‪ ،‬وأعظمها أن تشيع عن‬
‫ًا هو بريء منه‪،‬‬ ‫مسلم أمر‬
‫وتنسب إليه ما لم يتكلم به‪،‬‬
‫وما لم يعمل به‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫ِيع‬ ‫َن َ‬
‫تش‬ ‫ن أ‬‫ُّوَ‬ ‫َ ُ‬
‫يحِب‬ ‫ِين‬ ‫ن َّ‬
‫الذ‬ ‫َِّ‬
‫﴿ إ‬
‫ْ‬
‫هم‬‫ُوا َلُ‬‫من‬‫َ آَ‬
‫ِين‬ ‫ِي َّ‬
‫الذ‬ ‫ة ف‬‫َاحِشَُ‬‫الف‬
‫َة‬
‫ِ‬ ‫َاآلخِر‬
‫َا و‬ ‫الدْ‬
‫ني‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ ف‬
‫ِي‬ ‫ِيم‬‫َل‬‫ٌ أ‬ ‫ذاب‬ ‫ََ‬
‫ع‬
‫ن ﴾‬ ‫ُوَ‬ ‫َْ‬
‫لم‬ ‫تع‬ ‫ْ َ‬
‫ال َ‬ ‫ُم‬
‫نت‬‫َْ‬‫َأ‬
‫ُ و‬‫لم‬‫َْ‬
‫يع‬ ‫اَّللُ َ‬
‫َ َّ‬ ‫و‬
‫[سورة النور ‪ :‬اآلية ‪.]19‬‬
‫فالذي يحب إشاعة الفواحش‬
‫ونشرها وتلفيقها وينسبها‬
‫با وافتراً‬
‫ء‬ ‫َذ‬
‫ًِ‬ ‫إلى المؤمنين ك‬
‫هو ممن يحب أن تشيع الفاحشة‬
‫في الذين آمنوا‪ ،‬وهللا حذرنا‬
‫من إيذاء المؤمنين حيث قال‪:‬‬
‫َ‬
‫ِين‬‫ِن‬‫ْم‬
‫ُؤ‬‫ن الم‬ ‫ُوَ‬‫ْذ‬
‫يؤ‬‫َ ُ‬ ‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫﴿ و‬
‫ُوا‬‫َسَب‬
‫ْت‬‫ما اك‬‫ِ َ‬‫ْر‬‫َي‬
‫ِغ‬‫َاتِ ب‬‫ِن‬‫ْم‬
‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬ ‫و‬
‫ًا‬ ‫ِْ‬
‫ثم‬ ‫َإ‬
‫انا و‬‫َ ً‬
‫هت‬‫بْ‬
‫لوا ُ‬ ‫َُ‬
‫َم‬‫ْت‬‫ِ اح‬ ‫َد‬‫َق‬
‫ف‬
‫ًا ﴾ [سورة األحزاب ‪:‬‬ ‫ِين‬ ‫ُّ‬
‫مب‬
‫اآلية ‪.]58‬‬

‫دا هؤالء‪﴿ :‬‬ ‫ًِّ‬


‫ِ‬‫َع‬‫متو‬ ‫وقال جل وعال ُ‬
‫ُون‬
‫َ‬ ‫ِق‬‫َاف‬ ‫ُن‬
‫ِ الم‬ ‫َه‬‫ينت‬‫ْ َ‬ ‫ِن َّلم‬ ‫َلئ‬
‫َضٌ‬ ‫َّ‬
‫مر‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫لوب‬‫ُُ‬‫ق‬ ‫ِي‬‫ف‬ ‫َ‬
‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫و‬
‫َة‬
‫ِ‬ ‫ِين‬‫َد‬‫الم‬ ‫ِي‬‫ف‬ ‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫ْجِف‬‫ُر‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬ ‫و‬
‫ُ َ‬
‫ونكَ‬ ‫ِر‬‫َاو‬‫يج‬ ‫َّ َ‬
‫ال ُ‬ ‫ثم‬‫ْ ُ‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫َّكَ ب‬
‫ين‬ ‫ْر‬
‫َِ‬ ‫ُغ‬‫َلن‬
‫َا‬‫َم‬
‫ين‬ ‫َْ‬
‫َ أ‬‫ِين‬‫ُون‬‫لع‬‫مْ‬ ‫ِيً‬
‫ال َ‬ ‫َل‬‫ِال ق‬
‫ها إ‬ ‫ِيَ‬‫ف‬
‫ِيً‬
‫ال ﴾‬ ‫ْت‬
‫تق‬ ‫ُِّ‬
‫لوا َ‬‫ُت‬
‫ِ‬ ‫َق‬ ‫ُخُ‬
‫ِذوا و‬ ‫ُوا أ‬
‫ِف‬ ‫ُ‬
‫ثق‬
‫[سورة األحزاب ‪ :‬اآلية ‪– 60‬‬
‫‪.]61‬‬

‫فالمرجفون في المدينة هم‬


‫الفاحشة‪،‬‬ ‫يشيعون‬ ‫الذين‬
‫ويروجون‬ ‫كذبة‬ ‫يكذبون‬
‫واألباطيل‪،‬‬ ‫األكاذيب‬
‫ويسوقونها طعنا في األبرياء‬
‫قال‬ ‫وقد‬ ‫لهم‪،‬‬ ‫وتلفيقا‬
‫َو‬
‫ْ‬ ‫ءا أ‬ ‫ْ سُوً‬ ‫َل‬‫ْم‬‫يع‬‫من َ‬‫ََ‬‫تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ِ‬ ‫اَّللَ َ‬
‫يجِد‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِر‬‫ْف‬‫َغ‬‫يسْت‬‫َّ َ‬
‫ثم‬ ‫ه ُ‬
‫ْسَُ‬‫نف‬‫ْ َ‬ ‫ْل‬
‫ِم‬ ‫يظ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ِب‬‫ْس‬
‫يك‬‫من َ‬ ‫ََ‬‫ًا و‬ ‫َّحِيم‬
‫ًا ر‬ ‫ُور‬‫َف‬‫اَّللَ غ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫ِه‬‫ْس‬
‫نف‬‫لى َ‬ ‫ََ‬‫ه ع‬ ‫ُُ‬ ‫ْس‬
‫ِب‬ ‫يك‬‫َا َ‬ ‫نم‬‫إَّ‬
‫َِ‬‫ًا ف‬‫ثم‬‫ِْ‬ ‫إ‬
‫من‬‫ََ‬
‫ًا و‬ ‫ِيم‬ ‫َك‬‫ًا ح‬ ‫ِيم‬‫َل‬ ‫َّ‬
‫اَّللُ ع‬ ‫َاَ‬
‫ن‬ ‫َك‬ ‫و‬
‫ْم‬ ‫َّ َ‬
‫ير‬ ‫ثم‬ ‫ًا ُ‬ ‫ثم‬‫ِْ‬‫ْ إ‬ ‫َ‬
‫ة أو‬ ‫ًَ‬
‫ِيئ‬ ‫َط‬‫ْ خ‬ ‫ْس‬
‫ِب‬ ‫يك‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َ ً‬
‫انا‬ ‫بْ‬
‫هت‬ ‫َ ُ‬ ‫َل‬‫َم‬
‫ْت‬‫ِ اح‬ ‫َد‬‫َق‬‫ًا ف‬ ‫ِيئ‬‫بر‬‫ِ َ‬‫ِه‬ ‫ب‬
‫ًا ﴾ [سورة النساء‬
‫ِين‬
‫مب‬‫ًا ُّ‬
‫ثم‬‫ِْ‬
‫َإ‬‫و‬
‫‪ :‬اآلية‪.]112 – 110‬‬

‫كم من شائعات أغرت الناس‬


‫وأغوتهم‪ ،‬وكم من شائعات وقع‬
‫الناس بأسبابها في الخطإ‪،‬‬
‫ِح في أناس أبرياء‬ ‫ُد‬
‫وكم ق‬
‫وإشيع عنهم ما لم يقولوه‪،‬‬
‫ِب إليهم ما لم يأمروا به‬ ‫ُ‬
‫ونس‬
‫أو يفعلوه‪ ،‬إنما يقصد هذه‬
‫األشياء المغرضون وأهل الحقد‬
‫والحسد‪ ،‬والذين في قلوبهم‬
‫مرض‪ ،‬ينتصرون ألنفسهم على‬
‫حساب إذالل اآلخرين واإلساءة‬
‫إليهم‪ ،‬فالواجب علينا أن‬
‫نتقي هللا ونحذر هذه الشائعات‬
‫محطات‬ ‫من‬ ‫وكم‬ ‫الباطلة‪،‬‬
‫فضائية ومنتديات خبيثة تشيع‬
‫والباطل‬ ‫والكذب‬ ‫الفاحشة‬
‫والزور‪ ،‬نسأل هللا العافية‪.‬‬

‫فيا أيها المسلم إذا جاءك‬


‫عن شخص أنه عمل عمال سيئا‬
‫وقال قوال سيئا فعليك أن‬
‫تتثبت‪ ،‬فلعل الناقل حاقد‪،‬‬
‫ولعل الناقل جاهل‪ ،‬ولعل‬
‫ِئ الحفظ‪ ،‬ولعل‬ ‫الناقل سَي‬
‫ِّ‬
‫ِئ السمع أو سَي‬
‫ِّ‬
‫ِئ‬ ‫الناقل سَي‬
‫ِّ‬
‫الفهم‪ ،‬فيعبر عما يظنه‪.‬‬

‫وإذا نسب إلى عالم فتوى‬


‫مه فاتصل به‬ ‫ََ‬
‫دُ‬‫تراه زلت بها ق‬
‫واسأله عما قيل‪ ،‬فلعل ناقال‬
‫أساء‬ ‫أو‬ ‫القول‪،‬‬ ‫أساء‬
‫نقبل‬ ‫أال‬ ‫فالمهم‬ ‫التصرف‪،‬‬
‫الشائعات‪.‬‬

‫والذين يحاولون القدح في‬


‫الوالة ويشيعون عنهم ما لم‬
‫يفعلوه وما لم يقولوه ألجل‬
‫نشر الفوضى وملء القلوب‬
‫ِضون مرجفون‬ ‫ْر‬
‫مغ‬ ‫ًْ‬
‫دا وبغضاء ُ‬‫حِق‬
‫ال خير فيهم؛ ألن المسلم ينصح‬
‫هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة‬
‫لعموم‬ ‫ينصح‬ ‫المسلمين‪،‬‬
‫المسلمين بالنصيحة الصادقة‬
‫قنواتها‬ ‫في‬ ‫الهادفة‬
‫المعتبرة‪ ،‬ال يطلب بها شهرة‬
‫وال رياء‪ ،‬ولكن يقصد إصالح‬
‫الحق‪ ،‬وإيصال كلمة الحق‬
‫بأدب واحترام‪ ،‬هكذا المسلم‬
‫في أخالقه وتعامله‪ ،‬نسأل هللا‬
‫أن يرزقنا الصدق في أنفسنا‬
‫والتفكر في عيوبنا قبل أن‬
‫اآلخرين‪،‬‬ ‫عيوب‬ ‫في‬ ‫نفكر‬
‫فعلينا أن نتبصر في عيوب‬
‫أنفسنا ونصلح ما أخطأنا‬
‫فيه‪ ،‬فلعل ذلك يكون هو‬
‫الخير‪ ،‬وفقني هللا وإياكم لما‬
‫يرضيه‪.‬‬

‫أسئلة‪:‬‬

‫سؤال‪:‬‬

‫ما حكم الجلوس في بعض‬


‫َن فيها‬ ‫ْع‬
‫يط‬‫المجالس التي ُ‬
‫يشَك‬
‫َّك في حكام هذه البالد‬ ‫وُ‬
‫وينشر ذلك في المجالس عنهم‬
‫هيبتهم‬ ‫من‬ ‫التقليل‬ ‫ألجل‬
‫وزعزعة األمن وجزاكم هللا خيرا؟‬

‫جواب ‪:‬‬

‫إذا احتوى المجلس على أناس‬


‫يطعنون في الوالة ويقدحون‬
‫فيهم ويفترون الكذب عليهم‪،‬‬
‫ففي هذا الموضوع أمران‪:‬‬

‫نصيحتهم‬ ‫األول‪:‬‬ ‫األمر‬


‫وتحذيرهم من بأس هللا ونقمته‪،‬‬
‫أمام‬ ‫الوالة‬ ‫اغتياب‬ ‫وأن‬
‫وتلفيق‬ ‫والعامة‬ ‫الجهلة‬
‫التهم لهم إنما يصدر عن‬
‫أناس عقولهم قاصرة‪ ،‬ويجب أن‬
‫َّن لهم أن هذا أمر خطير‪،‬‬ ‫َي‬
‫يب‬ ‫ُ‬
‫فحذرهم من ذلك‪ ،‬فإن أبوا‬
‫وإال فابتعد عنهم‪ ،‬وال يمكن‬
‫دى بك‪ ،‬وأنت‬ ‫ََ‬‫ْت‬
‫ُق‬‫أن تصاحبهم في‬
‫تعلم شرهم وبالءهم‪ ،‬هؤالء‬
‫ِئ‪،‬‬ ‫جلساء سوء‪ ،‬وهذا مجلس سَي‬
‫ِّ‬
‫دح فيه في‬ ‫َْ‬
‫يق‬‫فالمجلس الذي ُ‬
‫ُّ الوالة فيه مجلس‬ ‫يسَب‬
‫الوالة وُ‬
‫ء؛ ألن الوالة نعمة من نعم‬ ‫سُوٍ‬
‫فضلهم‬ ‫المسلمين‪،‬‬ ‫على‬ ‫هللا‬
‫كبير‪ ،‬بهم يقيم هللا العدل‪،‬‬
‫وبهم يردع هللا الظالم عن‬
‫ظلمه‪ ،‬وبهم تقام الحدود‬
‫وتحمى الثغور‪ ،‬ويؤمن الناس‬
‫ودمائهم‬ ‫دينهم‬ ‫على‬
‫وأموالهم‪ ،‬الوالة نعمة من‬
‫هللا‬ ‫من‬ ‫ورحمة‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫نعم‬
‫بالمسلمين‪ ،‬الوالة رحمة من هللا‬
‫وفضل وإحسان‪ ،‬الوالة لهم فضل‬
‫كبير‪ ،‬والذي يقدح فيهم أو‬
‫يحاول التنقص منهم فإنما هو‬
‫مغرض ومحب للفوضى‪ ،‬ولو عاد‬
‫هذا المنتقد لنفسه لرأى في‬
‫نفسه من األخطاء ما هو جدير‬
‫به أن يصلحها‪.‬‬

‫فعليك بالنصيحة لهم فإن‬


‫قبلوا النصيحة وأعرضوا عن‬
‫هذا الباطل وإال فاعتزلهم‪،‬‬
‫ُك وتكون‬ ‫ِيَ بك غير‬ ‫ْت‬
‫َد‬ ‫ألجل أال َ‬
‫يق‬
‫دهم‪،‬‬ ‫َاَ‬ ‫ِّر‬
‫ُ سَو‬ ‫َث‬
‫ِ‬ ‫بذلك من الذين ُ‬
‫يك‬
‫فإن هؤالء هم جلساء السوء؛‬
‫ولو كان فيهم خير لنصحوا هلل‬
‫أما‬ ‫الشرعية‪،‬‬ ‫بالطرق‬
‫السوء‬ ‫ومجالس‬ ‫بالغيبة‬
‫والطعن في الوالة وتنقيص‬
‫قدرهم من الناس هذا ما يقدم‬
‫عليه إال جاهل مغفل‪ ،‬أو في‬
‫قلبه مرض نسأل هللا العافية‪.‬‬

‫سؤال‪:‬‬

‫ما هي النصيحة ألصحاب الصحف‬


‫منتديات‬ ‫من‬ ‫اإللكترونية‬
‫اإلنترنت الذين يقومون بنشر‬
‫الشائعات في هذه المنتديات‬
‫ًا؟‬
‫وجزاكم هللا خير‬

‫جواب‪:‬‬
‫األصل في هذه المنتديات أال‬
‫تقبل أخبارها‪ ،‬فهي منتديات‬
‫ٌّ فيها همه ‪ ،‬فليست‬ ‫ْر‬
‫ِغ كل‬ ‫ُ‬
‫يف‬
‫هي من وسائل الثقة‪ ،‬وليست‬
‫وثائق معتبرة‪ ،‬وال مصادر‬
‫َّل عليها‪ ،‬هذه المنتديات‬ ‫َو‬ ‫ُ‬
‫مع‬
‫لمجاهيل‪ ،‬كل إنسان يقوم‬
‫بعمل منتدى ويملي فيه ويخطب‬
‫ويكتب فيه ما يريق له‪،‬‬
‫فليست مصادر معتبرة‪ ،‬هي‬
‫مصادر مجهولة ال يعول عليها‬
‫ويعتمد عليها في األخبار‪ ،‬ألن‬
‫صاحبها معتمد على غير هدى‪.‬‬

‫سؤال‪:‬‬
‫ينقل عن سماحتكم في بعض‬
‫وبعض‬ ‫اإلنترنت‬ ‫منتديات‬
‫المجالس أنكم أفتيتم بجواز‬
‫التصوير الفوتوغرافي‪ ،‬فما‬
‫صحة ذلك وجزاكم هللا خيرا؟‬

‫جواب ‪:‬‬

‫التصوير المجسم ال يشك أحد‬


‫في تحريمه‪ ،‬والتصوير الذي‬
‫بلينا به اآلن كما تعلمون‪،‬‬
‫باألشعة‪،‬‬ ‫المرضى‬ ‫كتصوير‬
‫تراقب‬ ‫التي‬ ‫والكاميرات‬
‫الطرق وتراقب األمن وتراقب‬
‫هذا‬ ‫أصبح‬ ‫المستشفيات‪،‬‬
‫التصوير اآلن ليس مجرد تصوير‬
‫ًا يحتاجه‬ ‫فقط‪ ،‬بل أصبح أمر‬
‫أحوالهم‪،‬‬ ‫كل‬ ‫في‬ ‫الناس‬
‫فمراقبة الطرق بالكاميرات‬
‫ومراقبة المستشفيات ومراقبة‬
‫األسواق ومراقبة المجتمعات‬
‫العامة من األمور المهمة‪،‬‬
‫مثال كما في الحرم – شَر‬
‫َّفه هللا‬
‫– غرفة المراقبة يرون فيها‬
‫أيَّ حركة ألي شخص خارج عن‬
‫المعقول‪ ،‬يرونه في الحال‪،‬‬
‫ويطلعون عليه‪ ،‬فبه حفظ هللا‬
‫األمن‪ ،‬وبه استتب األمر‪ ،‬فجنس‬
‫الكاميرات هذه التي أصبحت‬
‫يعمل‬ ‫ماذا‬ ‫للناس‬ ‫ضرورة‬
‫الناس بها‪ ،‬ال شك أنها ليست‬
‫فهناك‬ ‫والتفكه‪،‬‬ ‫للتصوير‬
‫ِضت ووجدت وأصبحت‬ ‫ُر‬‫أشياء ف‬
‫ضرورية اآلن في جميع شئون‬
‫الحياة‪ ،‬فجنس هذه األمور لو‬
‫قلت‪ :‬إنها حرام ماذا يعمل‬
‫ِين على‬
‫تع‬‫الناس؟ هذه وسائل ُ‬
‫اكتشاف الجرائم‪ ،‬وتساهم في‬
‫التخطيط إلى غير ذلك من‬
‫الضروريات‪ ،‬فهي أصبحت من‬
‫األشياء التي ال يستغنى عنها‬
‫اآلن‪.‬‬

‫سؤال‪:‬‬

‫ما هي الحكمة من إشاعة خبر‬


‫اإلفك في القرآن؟‬

‫جواب‪:‬‬
‫هللا جل وعال حكيم عليم‪ ،‬لقد‬
‫فرية‬ ‫المنافقون‬ ‫أشاع‬
‫الكذب‪،‬‬ ‫فرية‬ ‫الفاحشة‬
‫أشاعوها عن أم المؤمنين رضي‬
‫ما من رسول هللا‬ ‫هللا عنها انتقاً‬
‫هللا‬ ‫رسول‬ ‫لفراش‬ ‫وتشويً‬
‫ها‬
‫وزعزعة لمقام النبوة‪ ،‬اشترك‬
‫فيها المنافقون واليهود‪،‬‬
‫وبعض من ضعف إيمانه من بعض‬
‫الصحابة وقل إدراكه وتصوره‪،‬‬
‫المنافقون‬ ‫فيها‬ ‫فاشترك‬
‫أفراد‬ ‫وبعضٌ من‬ ‫واليهود‬
‫المؤمنين – عفا هللا عنهم وتاب‬
‫عليهم لما تابوا – فالقضية‬
‫في حادثة اإلفك أن عبد هللا بن‬
‫أبي بن سلول كان يعيد ويزيد‬
‫في القصة إذا كان في مجلس‪،‬‬
‫ما كان يقذف‪ ،‬وإنما كان‬
‫يقول‪ :‬ماذا سمعتم؟ ماذا‬
‫جرى؟ ماذا قيل؟ ماذا كذا؟‬
‫يشيعها في المجالس ويعيدها‪،‬‬
‫ًا‬‫ِرار‬
‫م‬ ‫كررها‬ ‫َب‬
‫َت‬ ‫خ‬ ‫كلما‬
‫ًا لذلك قال هللا فيه‪﴿ :‬‬ ‫ْرار‬ ‫تك‬‫وَ‬
‫ْ َله‬
‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫هم‬ ‫ِن‬‫ه م‬ ‫َُ‬
‫ْر‬‫ِب‬‫ََّلى ك‬‫تو‬‫ِي َ‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫و‬
‫ٌ ﴾ [سورة النور ‪:‬‬ ‫ِيم‬‫َظ‬
‫ٌ ع‬‫ذاب‬ ‫ََ‬
‫ع‬
‫ما‬‫يوً‬ ‫أربعون‬ ‫‪]11‬‬ ‫اآلية‬
‫ُّطهم‪ ،‬والمصطفى‬ ‫والناس في َ‬
‫تخَب‬
‫ََلم‪ ،‬والصديق وأهل بيته‬ ‫في أ‬
‫ِّ شديد‪ ،‬اشتد األمر‪،‬‬ ‫َم‬
‫ٍ‬ ‫في غ‬
‫فكشف هللا الغمة ورفع الهم‪،‬‬
‫أم‬ ‫ِئ‬‫َر‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫تب‬ ‫اآليات‬ ‫وجاءت‬
‫المؤمنين عائشة رضي هللا عنها‬
‫من كل ما نسب إليها‪ ،‬وبينت‬
‫أن كل ما نسب إليها كذب‬
‫وافتراء‪ ،‬وقال هللا للصديق‪﴿ :‬‬
‫ْر‬
‫ٌ‬ ‫َي‬
‫َ خ‬
‫هو‬‫ْ ُ‬‫بل‬ ‫ُم َ‬‫ًا َّلك‬‫ه شَر‬ ‫ْسَب‬
‫ُوُ‬ ‫تح‬‫ال َ‬‫َ‬
‫ْ ﴾ [سورة النور ‪ :‬اآلية‬ ‫ُم‬‫َّلك‬
‫‪ ]11‬فنزل في أمر المؤمنين‬
‫محارب‬ ‫في‬ ‫تتلى‬ ‫آيات‬
‫المسلمين‪ ،‬فنزل قرآن يتلى‬
‫ِها‪،‬‬ ‫ْت‬ ‫َفِ َ‬
‫بي‬ ‫ِ وشَر‬‫ِّ‬
‫ِز‬‫في براءتها وع‬
‫ًا لبعض المؤمنين الذين‬ ‫ْي‬
‫ونع‬‫َ‬
‫دا‬ ‫سلكوا هذا المسلك وإرشاً‬
‫ًا لهم‬ ‫لهم إلى الخير وتحذير‬
‫من العودة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬‬
‫ُه‬
‫ُ‬ ‫َت‬
‫ْم‬‫َح‬‫َر‬
‫ْ و‬ ‫ُم‬‫ْك‬‫لي‬‫ََ‬ ‫ُ َّ‬
‫اَّللِ ع‬ ‫َض‬
‫ْل‬ ‫ْال ف‬ ‫ََلو‬‫و‬
‫ِي‬ ‫ْ ف‬‫ُم‬ ‫ِ َلم‬
‫َسَّك‬ ‫َة‬
‫َاآلخِر‬ ‫َا و‬ ‫ني‬‫الدْ‬
‫ُّ‬ ‫ِي‬
‫ف‬
‫ْ‬
‫ِذ‬ ‫ٌ إ‬‫ِيم‬‫َظ‬ ‫ٌ ع‬ ‫ذاب‬ ‫ََ‬‫ِ ع‬ ‫ِيه‬ ‫ْ ف‬ ‫ُم‬
‫ْت‬‫َض‬‫َف‬‫ما أ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ولون‬ ‫ُ ُ‬ ‫ََ‬
‫تق‬ ‫ْ و‬ ‫ُم‬
‫ِك‬‫َت‬‫ِن‬‫َْلس‬‫ِأ‬‫ه ب‬ ‫نُ‬ ‫َْ‬‫َّو‬
‫لق‬ ‫تَ‬‫َ‬
‫ٌ‬
‫ِلم‬ ‫ِ عْ‬‫ِه‬‫ُم ب‬ ‫ْسَ َلك‬‫ما َلي‬ ‫ُم َّ‬ ‫َاه‬
‫ِك‬ ‫َف‬
‫ْو‬ ‫ِأ‬
‫ب‬
‫د َّ‬
‫اَّللِ‬ ‫ِنَ‬ ‫َ ع‬ ‫هو‬‫َُ‬‫ًا و‬ ‫ِن‬‫ِّ‬
‫هي‬‫ه َ‬ ‫ُ َ‬
‫ونُ‬ ‫ْسَب‬
‫تح‬ ‫ََ‬
‫و‬
‫ٌ ﴾ [سورة النور ‪ :‬اآلية‬ ‫ِيم‬ ‫َظ‬
‫ع‬
‫‪ ،]15 – 14‬فبرأ هللا فراش النبي‬
‫د الذين‬ ‫ََّ‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وح‬
‫قذفوا‪ ،‬وبقي المنافقون؛ ألن‬
‫الحد ال ينفع فيهم‪ ،‬فبقوا‬
‫على آثامهم‪ ،‬وكبت هللا شرهم‬
‫والحمد هلل‪ ،‬فهي حكمة االبتالء‬
‫واالمتحان‪.+‬‬

‫سؤال‪:‬‬

‫ما نصيحتكم ألناس يشيعون‬


‫الشائعات عن علمائنا الكبار‬
‫في بعض المجالس ويصفونهم‬
‫َّ لهم إال‬
‫هم‬ ‫بأنهم عمالء‪ ،‬ال َ‬
‫الدنيا‪ ،‬وأنهم جامية فما‬
‫حكم ذلك وجزاكم هللا خيرا؟‬

‫جواب‪:‬‬
‫أيها اإلخوة األقوال كثيرة‪،‬‬
‫ٌّ يتحدث بما يهوى‪ ،‬لكن كما‬ ‫كل‬
‫ِالَّ‬‫ٍ إ‬‫ْل‬‫َو‬‫ِن ق‬‫ُ م‬ ‫ِظ‬
‫لف‬‫يْ‬‫ما َ‬‫قال هللا‪َ ﴿ :‬‬
‫د ﴾ [سورة ق ‪:‬‬ ‫ِيٌ‬‫َت‬
‫ٌ ع‬‫ِيب‬‫َق‬
‫ِ ر‬ ‫دْ‬
‫يه‬ ‫َلَ‬
‫اآلية ‪ ،]18‬وقال تعالى‪﴿ :‬‬
‫ْ‬
‫هم‬ ‫ُُ‬‫َت‬
‫ِن‬‫َْلس‬
‫ْ أ‬ ‫ِم‬‫ْه‬
‫لي‬‫ََ‬‫د ع‬ ‫تشَْ‬
‫هُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْم‬‫يو‬‫َ‬
‫انوا‬ ‫َ ُ‬‫َا ك‬ ‫ِم‬ ‫هم ب‬ ‫لُ‬‫ُُ‬
‫ْج‬‫َر‬
‫َأ‬‫ْ و‬‫ِم‬
‫ِيه‬ ‫َْ‬
‫يد‬ ‫َأ‬
‫و‬
‫َّ‬
‫اَّللُ‬ ‫ُ‬ ‫ِيه‬
‫ِم‬ ‫ِّ‬
‫َف‬ ‫يو‬‫ٍ ُ‬ ‫ِذ‬
‫مئ‬‫َْ‬
‫يو‬‫ن َ‬ ‫لوَ‬ ‫َُ‬
‫ْم‬‫يع‬‫َ‬
‫اَّللَ‬
‫ن َّ‬ ‫ََّ‬
‫ن أ‬‫ُوَ‬ ‫َْ‬
‫لم‬ ‫يع‬‫ََ‬
‫َّ و‬ ‫ُ الح‬
‫َق‬ ‫هم‬‫َُ‬
‫ِين‬‫د‬
‫ُ ﴾ [سورة‬ ‫ِين‬ ‫ُّ الم‬
‫ُب‬ ‫َق‬‫َ الح‬ ‫ُ‬
‫هو‬
‫النور ‪ :‬اآلية ‪ ]25 – 24‬كون‬
‫أعراض‬ ‫في‬ ‫ينبسط‬ ‫اإلنسان‬
‫َآء‬ ‫بر‬‫الناس ويصفهم بما هم ُ‬
‫منه‪ ،‬ال شك أن هذا خطأ عظيم‪،‬‬
‫لذلك‬ ‫وخير‬ ‫كبير‪،‬‬ ‫وخطر‬
‫المسلم أال يتكلم بما ال‬
‫يعلمه‪ ،‬فالتحدث عن الناس‬
‫ووصفهم بالعمالة كأن يقول‪:‬‬
‫علماء السلطة‪ .‬بال بينة وال‬
‫برهان يعد من أكبر اآلثام‪،‬‬
‫يد‬ ‫السلطة‬ ‫مع‬ ‫فالعلماء‬
‫واحدة‪ ،‬فعلماء هذ البلد مع‬
‫قيادتهم شيء واحد‪ ،‬وجسد‬
‫واحد يشد بعضهم أزر بعض‪،‬‬
‫وال‬ ‫ًا‪،‬‬
‫بعض‬ ‫بعضهم‬ ‫ويعين‬
‫انفصام وال انفصال بينهم‪ ،‬بل‬
‫هم فئة واحدة‪ ،‬وهذا هو‬
‫األصل‪ ،‬أن العلماء والقادة‬
‫الخير‪،‬‬ ‫على‬ ‫واحدة‬ ‫يد‬
‫والقيام بالواجب‪ ،‬والذين‬
‫يقولون ويفترون هم بين جاهل‬
‫وبين حاسد ومغرض‪ ،‬نسأل هللا أن‬
‫يعافي الجميع من كل سوء‪.‬‬

‫*************************‬
‫*************************‬
‫*************************‬
‫*************************‬
‫*********************‬

‫من‬ ‫ِئام الجماعة‬‫)‪( 1‬الف‬


‫الناس‪ .‬لسان العرب‪ :‬فأم‪.‬‬

‫)‪( 2‬أخرجه مسلم (‪ ، 10/1‬رقم‬


‫‪.)5‬‬

‫)‪( 3‬أخرجه أحمد (‪، 401/5‬‬


‫رقم ‪ ، )23451‬وأبو داود‬
‫(‪ ، 294/4‬رقم ‪ ،)4972‬وصححه‬
‫األلباني‪.‬‬
‫)‪( 4‬أخرجه البخاري (‪2377/5‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪.)6113‬‬

‫البخاري‬ ‫(أخرجه‬ ‫)‪5‬‬


‫(‪ ،2357/5‬رقم ‪.)6049‬‬

‫)‪( 6‬أخرجه البخاري (‪2240/5‬‬


‫‪ ،‬رقم ‪ ، )5673‬ومسلم (‪69/1‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪.)48‬‬

‫)‪( 7‬أخرجه مسلم (‪، 2001/4‬‬


‫رقم ‪.)2589‬‬
‫)‪( 8‬أخرجه أبو داود (‪269/4‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪ ، )4875‬والترمذي‬
‫(‪ ، 660/4‬رقم ‪.)2502‬‬

‫)‪( 9‬أخرجه البخاري (‪2250/5‬‬


‫‪ ،‬رقم ‪ ، )5709‬ومسلم (‪101/1‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪.)105‬‬

‫البخاري‬ ‫(أخرجه‬ ‫)‪10‬‬


‫(‪ ، 2261/5‬رقم ‪، )5743‬‬
‫ومسلم (‪ ، 2012/4‬رقم ‪.)2607‬‬

‫)‪( 11‬سبق تخريجه‪.‬‬

‫)‪( 12‬سبق تخريجه‪.‬‬


‫)‪( 13‬أخرجه البخاري (‪21/1‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪ ، )33‬ومسلم (‪، 78/1‬‬
‫رقم ‪.)59‬‬

‫)‪( 14‬أخرجه البخاري (‪21/1‬‬


‫‪ ،‬رقم ‪ ، )34‬ومسلم (‪، 78/1‬‬
‫رقم ‪.)58‬‬

‫)‪( 15‬أخرجه الترمذي (‪558/4‬‬


‫رقم ‪ )2317‬وقال ‪ :‬غريب ‪.‬‬
‫وابن ماجه (‪ ، 1315/2‬رقم‬
‫‪ .)3976‬وحسنه األلباني في‬
‫والترهيب‬ ‫الترغيب‬ ‫صحيح‬
‫‪.60/3‬‬
‫)‪( 16‬أخرجه أحمد (‪، 313/1‬‬
‫رقم ‪ ، )2867‬وابن ماجه‬
‫(‪ ، 784/2‬رقم ‪.)2341‬‬

‫)‪( 17‬سبق تخريجه‪.‬‬

‫)‪( 18‬أخرجه أحمد (‪، 196/5‬‬


‫رقم ‪ ، )21763‬وأبو داود‬
‫(‪ ، 317/3‬رقم ‪، )3641‬‬
‫والترمذى (‪ ، 48/5‬رقم ‪)2682‬‬
‫‪ ،‬وابن ماجه (‪ ، 81/1‬رقم‬
‫‪.)223‬‬

‫)‪( 19‬هم الذين يكثرون من‬


‫واختالق‬ ‫السيئة‬ ‫األخبار‬
‫األقوال الكاذبة حتى يضطرب‬
‫الناس‪ .‬انظر المصباح المنير‬
‫رجف‪.‬‬

‫)‪( 20‬سبق تخريجه‪.‬‬

‫)‪( 21‬سبق تخريجه‪.‬‬

‫)‪( 22‬سبق تخريجه‪.‬‬

‫)‪( 23‬أخرجه البخاري (‪465/1‬‬


‫ومسلم‬ ‫‪،‬‬ ‫‪)1320‬‬ ‫رقم‬ ‫‪،‬‬
‫(‪ ، 1781/4‬رقم ‪.)2275‬‬
‫)‪( 24‬أخرجه أحمد (‪ ، 5/5‬رقم‬
‫‪ ، )20058‬وأبو داود (‪297/4‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪ ، )4990‬والترمذى‬
‫(‪ ، 557/4‬رقم ‪ )2315‬وقال ‪:‬‬
‫حسن‪.‬‬

‫‪—————————————-‬‬

‫المحاضرون‪:‬‬

‫الشيخ‬ ‫فضيلة‬
‫بن ناصر‬ ‫الدكتور‪/‬إبراهيم‬
‫الحمود‬
‫فضيلة الشيخ الدكتور‪ /‬فهد‬
‫بن سليمان الفهيد‬
‫فضيل الشيخ ‪/‬محمد بن سعد‬
‫السعيد‬

You might also like