You are on page 1of 35

‫مختارات شعرية‬

‫مختارات من‪:‬‬
‫* ضربة شمس‪ ،‬بيروت‪2002 ،‬‬
‫* الجواد يجتاز أسكدار‪ ،‬لندن‪4991 ،‬‬
‫* أشغال يدوية‪ ،‬لندن‪4990 ،‬‬
‫* قصائد أخيرة‪ ،‬بيروت‪4994 ،‬‬

‫مختارات من مجموعة‪ :‬أحجار البهت‬

‫المستقيم والدائرة‬

‫شجرة الخيزران تطلق ساقها‬


‫وتصعد به‬
‫ال يهمها الجذر‬
‫وال الورقة‬
‫وال المطر المتساقط‬

‫فكرتها هي الساق‪ ،‬هي االندفاع إلى األعلى‬


‫روحها عمود يصعد في السماء‬

‫لو كنت شجرة‬


‫لكانت فكرتي هي الدائرة ال المستقيم؛‬
‫أطلق سيقانا تبدو كما لو أنها تخطط لذهاب ال رجعة منه‬
‫لكنها تنحرف فجأة وتعود‬

‫من دون عودة تكون الحياة شجرة خيزران حمقاء‬


‫تطلق أنابيب فارغة‬
‫ويكون الموت بالهة كاملة‪.‬‬

‫‪0222-02-02‬‬

‫طبق‬

‫صباحا‪،‬‬
‫أفرط حياتي في طبق‬
‫كما تفرط قرون بازالء‬
‫يحفن العابرون من طبقي‬
‫ثم يمضون‬
‫كل يد قبضة‬
‫ثم يمضون‪.‬‬

‫ومساء‪،‬‬
‫أزحف بين الكراسي على ركبتي باحثا عن حبة واحدة‬
‫كي أذوق طعم حياتي‪.‬‬
‫‪8002‬‬

‫انتحار‬

‫ليس ألكياس البالستيك الفارغة أجنحة كي تطير‬


‫لكنها تحاول الطيران بإصرار‬
‫الطيران حلم كل الكائنات األرضية‬
‫غير أن اليأس ال الحلم هو ما يدفع هذه األكياس إلى األعلى‬
‫تنفخ صدورها باليأس‬
‫كما تنفخ ذكور ضفادع صدورها بالهواء‬
‫وتقفز كي تطير في السماء‬

‫يسقط أغلبها ويعلق بنبتات الشوك اليابسة‬


‫تمسك عيدان الشوك بالكيس وتحجزه‪ ،‬فيصيح‪:‬‬
‫اتركوني‬
‫أريد أن أموت‬
‫أريد أن أرمي بنفسي من أعلى عمارة في رام هللا !‬

‫والناس تظل هنا ترمي باألكياس‬


‫رغم أن التي تنجح في الطيران منها تهوي‪ ،‬في آخر األمر‪ ،‬مثل عقبان منتحرة على رؤوسهم‪.‬‬

‫‪3-12-2007‬‬

‫أيها الولد‬

‫هذه الكلمات نهب من رسالة (أيها الولد)‬


‫ألبي حامد الغزالي‪ ،‬ونهب من غيرها‪ ،‬أيضا‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫قدم رجال وأخر أخرى‬


‫فاليقين ال يدلع ثمرته قدامك كالبطيخ‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫ال ينفع أن يكون "اللسان مطلقا والقلب مغلقا"‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬
‫ال تجعل اسمك فوقك‪ .‬وال تعبر من االسم إلى الجسم‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫الكلمة عار‪ ،‬فأخفها بالصمت‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫الصمت داية الكلمات؛ تسحبها من أرجلها وترميها في المهود‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫أغلق فمك‪ ،‬واحقن دمك‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫الحكمة كلب يرفع رجله ويبول على شوكة‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫شيخك نفسك‬
‫ونفسك وذحك‬
‫فامش وخذ حذرك‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫"الكيس من دان نفسه"‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫العين تدري وتخرس‬


‫والفم ال يدري وينطق‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫أنصحك بأشياء كي يكون علمك لك ال عليك‪:‬‬


‫‪ -‬اكتب "للخالء ال للملء"‬
‫‪ -‬واجعل الحق ينكشف على لسان غيرك ال على لسانك‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫"طاحت العبارات‪ ،‬وفنيت اإلشارات"‬


‫وكل يخبط في حندسه خبط عشواء‪.‬‬
‫أيها الولد‪:‬‬

‫كن أحدب تحت قوس النصر‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫لتكن الحارث ال الوارث‬


‫الرائح ال الراجع‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫الذهب كذبة‬
‫والفضة حقيقة‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫لثامك لثامك حتى ال تسقط أسنانك‪،‬‬


‫حتى ال يتسقط أحد كلماتك‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫العتمة قبل النور‬


‫لكن هللا شاء أن يعمينا بالنور‪:‬‬
‫"ولو شاء هللا لجعل للناس قِدحة ظلمة كما جعل لهم قِدحة نور"‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫القاتل كلمة‬
‫القتيل طباقها‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫بتاج من غار يصير اإلنسان قاتال‬


‫بتاج من شوك يصير إلها‪.‬‬

‫أيها الولد‪:‬‬

‫الليل قبضة مغلقة‬


‫والنهار بأصابعه العشرة عنوة يفتحها‪.‬‬
‫أيها الولد‪:‬‬

‫نائم‪ ،‬نعلك تحت رأسك‬


‫والحياة عير عابرة؟ !‬

‫‪8001-6-01-00‬‬

‫بيت‬

‫طيور كثيرة مرت فوق رأسي‬


‫مسرعة كي تبني أعشاشها‬
‫كل طائر عوده في منقاره‬

‫بيتي أنا لم أبنه بعد‬


‫ما زلت أسكن في قيعان الشمس والمطر‬

‫تمضي الطيور بأعوادها فوق رأسي‬


‫مستلق على ظهري‬
‫ٍ‬ ‫وأنا‪ ،‬بعد‪،‬‬
‫أرسم بإصبعي في زرقة السماء مستطيالت وأكتب فوقها‪:‬‬
‫ب‬
‫ي‬
‫ت‬
‫ي!‬
‫‪8006-5-88‬‬

‫فحم ونار‬

‫أيامي علبة كبريت بعيدان مطفأة‬


‫آخذ كل يوم عودا‬
‫وبرأسه المتفحم أكتب حرفا على الحجر‬
‫ثم أرمي به‪.‬‬

‫أغبطهم من تمتلئ علبهم بالعيدان الحية‪:‬‬


‫أيديهم التي تقبض على النار‬
‫تهدد العالم بالحريق‪.‬‬
‫‪25-5-2006‬‬

‫موت في رام هللا‬


‫الليلة‬
‫ُتطلق علي النار من المرآة‬
‫أو من بندقية في مستوطنة "بسغوت" التي تطل على سريري‬
‫وسوف أموت‬
‫سوف أموت‬
‫لكن نور البدر في الشرفة سيحبو ويحبو‬
‫حتى يرضع من ثديي‪.‬‬

‫* بسغوت مستوطنة على تلة فوق رام هللا‪ ،‬وهي تطل على شرفتي وغرفة نومي‪.‬‬

‫‪8002‬‬

‫بسمة‬

‫"إذا رأيت نيوب الليث بارزة‬


‫فال تظنن أن الليث يبتسم"‬

‫ال أستطيع أن أكون سيء الظن كالمتنبي‬


‫حربه الطويلة سممت روحه وفكرته‬
‫إن ابتسم لي ليث كاشفا عن أنيابه ابتسمت له‬
‫حتى لو خسرت ذراعي‪.‬‬

‫هكذا أنا‪:‬‬
‫بسمة صغيرة واحدة‬
‫تهدم حصون حذري كلها‪.‬‬

‫* بيت المتنبي الشهير‪.‬‬


‫‪6-7-2006‬‬

‫كاهن‬

‫وما معنى حياتي؟‬


‫ما معنى ما عملت؟‬

‫تشق نعلي طريقا في أرض مُضِ لة‬‫لم َّ‬


‫لم ُتزح مسحاتي الرمال عن كنوز مخبوءة‬
‫ولم تكن لي يد قابلة تتلقف الحياة وهي تسقط من أرحامها‬

‫كنت كاهنا عجوزا‬


‫أجلس منتظرا صرخة الوليد األولى كي أسميها‬
‫لست إال مانح أسماء‬
‫أعطي أسماء للصرخات‬
‫أطبعها على ظهورها كما تطبع عالمة الشركات‬

‫كل صرخة في الكون تسميتي‪.‬‬


‫‪22-5-2006‬‬

‫مدينة الغرباء‬

‫النوم‬
‫مدينة الغرباء‬
‫يسكرون في حاناتها‬
‫يعربدون في أزقتها‬
‫ثم يقتلون بالرصاص قبيل الفجر‪.‬‬
‫‪8002‬‬

‫قطط‬

‫نشعل النار‬
‫كي تنفصل عنا ظاللنا‬
‫فندوس عليها‪،‬‬
‫ونقول ألنفسنا واثقين‪:‬‬
‫نحن هنا‬
‫نحن هنا بإرادتنا ال بظاللنا‬
‫بالتأكيد نحن هنا‬

‫غير أن النعاس يفجؤنا‬


‫فتطفئ قطة نارنا‬

‫يا ويلنا‬
‫يا ويلنا‬
‫القطة بالت على نارنا‬
‫وخلطتنا بظاللنا‪.‬‬
‫‪8002‬‬

‫العار‬

‫ارحموا الموتى‬
‫دعوهم لحالهم‬

‫هم‪ ،‬لو تدرون‪ ،‬ال يطلبون قرابين ألرواحهم‬


‫فليست لهم أرواح‬
‫وال يريدون كلمات على شواهد قبورهم‬
‫فهم ال يقرأون‬

‫ما يعذبهم أنهم غارقون‬


‫في عار يدعى الموت‬

‫إنه يسيل منهم‬


‫كما يسيل المخاط من أنوف الصغار‬

‫إن كنتم تريدون عونهم حقا‬


‫اتركوا لهم لفة من ورق المراحيض وراء الباب‬
‫سوف يأتون بعد منتصف الليل‬
‫كي يمسحوا بها العار الذي يقطر من جباههم ومناخرهم‪.‬‬

‫‪8002‬‬

‫أزهار‬

‫أجمع ما استعملت من مناديل ورقية لرشح أنفي في كيس بالستيك‬


‫وأرمي بها في الحاوية‬
‫غدا سأرمي كيسا آخر‬
‫وبعد غد أيضا‬
‫فبعد مناديل الرشح‬
‫ستأتي مناديل الدموع البيض‬
‫ثم ستأتي أكوام أزهار القرنفل األبيض الذابلة‬

‫ثم سيكنس البر ُد نوار اللوز عن األغصان‪.‬‬

‫‪8001-00-80‬‬

‫أغنية‬

‫لو كان لي شجرة توت‬


‫تنزف ثمارا كالدم‬
‫لكنت خضبت بالدم جناحي‬
‫وبالسُكر منقاري‬
‫ولو كان لي بيت‬
‫تدخل من خروق بابه الشمس‬
‫أللقيت في الهبآت روحي‬
‫ولوثت بالنور جبيني‪.‬‬

‫‪8000‬‬

‫هجران‬

‫يجلس الواحد منا قرب حبيبه‬


‫اليد في اليد‪ ،‬والعين في العين‬
‫كي ينسى السوسة التي تضرب الجذر والجذع والغصن‪ :‬الزمن‬

‫الحب دواء ضد السوسة‬


‫الماء دواء ضد العطش‬

‫لكن‪ ،‬أتدرون أن هناك أناسا ال ينفع الماء في إروائهم؟‬


‫أتدرون أن الماء يضاعف عطشهم؟‬
‫لقد جربوا الماء وضد الماء‬
‫وظلوا‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬يلهثون كالكالب‬
‫فمن يستطيع أن يلومهم إن هجروا الماء؟ !‬
‫"لم نهجر الماء إال بعد تـجرب ٍة‬
‫لقد شربنا فلم تذهب بنا الحُرر"‪.‬‬

‫* البيت ألبي العالء المعري في لزومياته‪.‬‬


‫‪2006‬‬

‫ُممباسا‬

‫ها أنا ذا في ممباسا من عشر سنين‬


‫حطم سفني البحر‬
‫وألقاني الموج على الساحل‬

‫أنا تاجر جوز الهند‬


‫ع ُ‬
‫لقت هنا في الميناء‬

‫ما من سفن تحملني‬


‫ما من ربان يأخذني عبدا في مركبه‬

‫هو ذا من عشر سنين‬


‫وأنا أتمضمض بالريح الزنخة‬
‫فسيخ وورود جرباء‬
‫ٍ‬ ‫ريح‬

‫ألعب عند الصبح النرد‬


‫وأصطاد الذبان‬

‫وبعد الظهر أطوف في الطرقات‬


‫فيجرحني الشوك‬
‫وتنبحني األزهار من الشرفات‬

‫أهلكني النوء‬
‫وأعماني الضوء‬

‫كان طريقي نحو الهند‬


‫وما من ربان يرميني عبدا في مركبه‬
‫ما من أشرعة بيضاء‪...‬‬

‫* ممباسا‪ ،‬أو ممباسه‪ ،‬مدينة على طريق التجارة العربية القديمة إلى الهند‪ ،‬وهي اآلن في دولة كينيا‪.‬‬
‫‪0998‬‬

‫**‬

‫مختارات من مجموعة‪ :‬ضربة شمس‬

‫األعمى وكلبه‬

‫لكل امرئ كلبه ويوم عماه‬


‫وهدف حياته أن يجمع بينهما‬
‫وثم أناس تربض كالبهم بسالسلها بين أرجلهم‬
‫لكن عماهم ال يطل أبدا‬
‫وهناك من يأتي عماهم‬
‫بعد أن تهجرهم كالبهم‬
‫أما السعيد‬
‫فمن يكون كلبه ليوم عماه‬
‫ويوم عماه لكلبه‬
‫وهو بينهما لعبة للعتمة والنباح‪.‬‬
‫‪9111‬‬

‫فكرة‬

‫فكرة غامضة‬
‫تحت حافر حصان‬

‫كان الحصان يطبعها ويمضي‬


‫كان يتركها ويمضي‬

‫الفكرة غامضة‬
‫الحصان كميت‬
‫والدماغ يدور‬

‫لكن الريح تطحن وتذرو‬


‫الريح تقفو وتعفو‬

‫وال بد من سنوا ٍ‬
‫ت‬
‫أتبع فيها‪ ،‬تحت شمس الصحراء‪ ،‬الحصان‬
‫ك رموزها‬‫كي أف َّ‬
‫وأدرك مغزاها‪.‬‬

‫صفقة‬

‫مشمش ميتة‬
‫ٍ‬ ‫في الحديقة شجرة‬
‫تركناها واقفة‬
‫ثم زرعنا أسفلها‬
‫ً‬
‫نبتة متسلقة‬
‫فغطتها الخضرة‬
‫من الجذع حتى الغصن‬

‫واآلن‬
‫خضراء شجرة المشمش‬
‫حتى في كوانين‬

‫وهنا جوهر الصفقة‪:‬‬


‫الموت أخذ الجذر والثمرة‬
‫ونحن رضينا بالخضر ِة الكذابة‪.‬‬
‫‪1009‬‬

‫الحاصدون‬

‫السائرون في الدروب الوعر ِة‬


‫ِ‬ ‫من أنتم أيها‬
‫ينزف العرق من أبدانِكم؟‬

‫نحن حصادو التالل المنحدرة‬


‫مضينا عند الفجر‬
‫وحصدنا الريح‬
‫والوقت‬
‫والهلوسات التي طلعت على وجه األرض كأعشاب السافانا‬
‫ولو أن الليل لم يهبط سريعا‬
‫لكنا حصدنا بمناجلنا‪:‬‬
‫الصمت‬
‫والموت‬
‫والحجر‬
‫ثم نزلنا إلى البحر‪:‬‬
‫كي نحصد موجته ورجفته‬
‫والدو‪ :‬نخلته وصِ لته‬

‫آه ما أعجبه في غد حصيدنا‬


‫ما أعجبه حصيدنا‪.‬‬
‫‪1000‬‬

‫منطق‬

‫معوج عتيق‬
‫ٍ‬ ‫شجرة بجذع‬
‫ُ‬
‫وظبية مها بقرنين طويلين‬

‫وال شيء غيرهما في الخالء العريض‬

‫الشجرة تلتم على ظلها‬


‫ُ‬
‫واقفة تحت قرنيها‬ ‫ُ‬
‫والظبية‬

‫غير أن العقل الذي ال نفع له‬


‫ً‬
‫مشكلة‬ ‫سوف يخلق هنا‬
‫فهو سيدفع بالظبي ِة‬
‫كي تحك بالجذع ظهرها‪:‬‬
‫وسوف ُتكسر‪ ،‬حينئذ‪ ،‬قرون‬
‫ُ‬
‫وتسقط أثمار‬
‫ويختلط الوبر والدم والتراب‪.‬‬

‫‪1009‬‬

‫أثافي‬

‫مضى من أشعل النار‬


‫وتركنا‬
‫عواء الذئاب يدهمنا‬
‫وال خوف‬
‫وحدتنا أعمق من الخوف والوحشة‬
‫أبعد حتى من فكرة الذئب ذاتها‬

‫نحن نعيش بالذاكرة‬


‫ذاكرتنا تهبط من طبقة إلى طبقة‬
‫حتى الصهير الموار األحمر‪:‬‬
‫حيث كنا‬
‫وكان مبدؤنا‬

‫أما هنا فنحن الثالثة نلتف في برد الليل حول الجمر‬


‫نتذكر‬
‫ونبكي‬

‫بكاؤنا يخصنا وحدنا‬


‫يخترقنا حارقا ً الكتلة والذرة وال ُنواة‬

‫ً‬
‫شفقة‬ ‫وال نطلب من أحد‬
‫نحن من قُذفنا من األعماق في لحظة غض ٍ‬
‫ب‬
‫قبل ألف ألف سن ٍة‬
‫لكي ننتهي ههنا‬
‫ث‬ ‫قدر مهتوكة ثال ٍ‬‫أثافي ِ‬
‫لرعاة اإلبل الجرباء‪.‬‬
‫‪1009‬‬

‫شاحنات‬

‫عبأنا مصائرنا في أكياس‬


‫في الشاحنات‬
‫ورميناها ِ‬
‫ً‬
‫نافثة الديزل األسود على وجوهنا‬ ‫مضت الشاحنات‬
‫نحن اآلن في انتظا ِر عودتها‬
‫‪ -‬إلى أين مضت الشاحنات ؟‬
‫‪ -‬وبم تبدل أكياسنا ؟‬

‫ال أحد يدري‪ ...‬ال أحد يدري‬


‫األمر منوط بالسائقين غاضبي الوجوه‬
‫وهم يبصقون بال رحمة من النوافذ على يسارهم‬
‫ويبولون في الظل عند العجالت‪.‬‬

‫‪1000‬‬

‫دخان‬
‫مارين ببيوتنا‬
‫ما صعدنا درجا‬
‫وال فتحنا بابا‬
‫توقفنا لحظة فقط‬
‫كي نتلقي صرخة من النافذة‪:‬‬
‫‪ -‬هل أحضرتم لنا الشموع ؟‬
‫* ال ‪ ،‬لم نحضر نورا وال دفئا‬
‫لم يكن لدينا الوقت‬
‫وقتنا كوموه في الساحات مثل الهشيم‬
‫ثم جاء من بيده الثقاب‪...‬‬
‫وغطى الدخان‪ -‬دخان أيامنا‪ -‬األرض والسماء‪.‬‬

‫‪1009‬‬

‫كالب وأفكار‬

‫للبدوي أفكار غريبة‬


‫تخرج من دماغه وتقعي أمامه‬
‫وهو يُصفر لها‪ ،‬ويرمي العصا كي تحضرها‬
‫فتقول في دواخلها‪:‬‬
‫يا له من رجل غريب يظن األفكار كالبا !‬
‫غير أنها تركض‪ ،‬متواطئة‪ ،‬وتحضر العصا‬
‫هو ال يقدر أن يدير أفكاره‬
‫إن لم تنبح وتبصبص بأذيالها‬
‫وهي تقبل باللعبة‬
‫مدركة أن فكرة البدوي ال تتجسد إال في كلب أو حصان‬‫ً‬
‫وألن الخيل تعلك شكمها في االصطبالت الملكية‬
‫فأن الفكرة مرغمة على أن تكون كلبا ال غير‪.‬‬

‫‪1000‬‬

‫نجمة وحيدة‬

‫ال أريد أن أكون شجر ًة في التالل‪:‬‬


‫الريح تجرحني‬
‫والرطوبة في األعماق تضرب رئتي‬

‫وال أريد أن أكون صخر ًة في منحدر‪:‬‬


‫الشمس تتلف ذاكرتي‬
‫والماء يقطع إصبعي‬

‫أريد ربما أن أكون قطة شريدة فوق حاوية قمامة‪:‬‬


‫ذيلها هو لعبتها الوحيدة‬
‫وعينها الحذرة هي النجمة الوحيدة في سمائها‪.‬‬
‫‪1009‬‬

‫اسم‬

‫اسم‬
‫من كان بال ٍ‬
‫سيُبرى له اسم‬
‫فم‬‫ومن كان بال ٍ‬
‫سيفتح له فم بالسكين‪.‬‬

‫الزهرة السوداء‬

‫الليل‬
‫يفتح زهرت ُه‬
‫للهابطين من درك إلى درك‬
‫ومن خسف إلى خسف‬

‫الليل‬
‫يفتح زهرته السوداء‬
‫والخوف‬
‫يتدحرج كالبطيخ‪.‬‬

‫الموت‬

‫الموت‪ ،‬أيضا ً‪ ،‬ال نفع فيه‬


‫ألنه يقف بس َّكتِه على رأس الثلم‬
‫ويصرخ ببغاله ويمضي‪:‬‬
‫ثلمه ال يتوقف أبداً‬
‫وبغاله ال ترتد‪.‬‬

‫فضيحة‬

‫لو لم يسموا الزهور بأسمائها الفضَّاحة‬


‫كنا تذكرناها‬
‫بالكأس‬
‫والبتلة‬
‫وموجة العبير‪.‬‬
‫ألم‬

‫ألمي إبريق‬
‫على طاولة‬
‫وعصاي ليست معي‬
‫ألهشمه‪.‬‬

‫**‬

‫مختارات من مجموعة‪ :‬الجواد يجتاز أسكدار‬


‫الوردة‬

‫أريد هذه الوردة‬


‫أريد أن أكسرها بين يدي مثل مزهرية‬
‫أريد أن أذبحها مثل ديك حبشي‬
‫أريد أن أختنها بالحجر‬

‫أريد هذه الوردة‬


‫أريد أن أمر بها كالحصبة على الجسد والروح‬
‫أريد أن أضعها عينا مكان عيني العوراء‬
‫أريد أن أمحو بها لوح السماء‬
‫وطباشير النجوم‬

‫أريد أن أرمي بها في الغيمة كي تنفجر‪.‬‬


‫‪0990‬‬

‫اللجام‬

‫حدق فتى في حصان أسود‬


‫وفي شمس بيضاء على جبهته‬
‫ك‬
‫غير أن الحصان الذي كان يعل ُ‬
‫لم يحدق في شيء‬
‫وقف مثل تمثال على قوائم ثالث‬
‫وبالكاد‬
‫لمس بالرابعة األرض‬

‫كان العشب أخضر‬


‫والشمس بيضاء تحت غرة الحصان‬
‫ولم يكن اللجام في فمه‬
‫غير أنه كان يعلك ويعلك‬
‫ويسيل الدم على مشفريه‬

‫قال الفتى خائفا‪:‬‬


‫ما الذي يعلكه الحصان األسود؟‬
‫ما الذي يعلكه الحصان؟‬

‫الحصان‬
‫كان يعلك لجام الذكرى‬
‫لجام الذكرى فوالذ ال يصدأ‬
‫يعلك ويعلك حتى الموت‪.‬‬
‫‪0990‬‬

‫الكوز‬

‫اكسر بعصاك‬
‫يا حبيبي‬
‫هذا الكوز الفخاري الهش‪ :‬قلبي‬
‫أرق ماءه فوق التراب‬
‫أو ارفعه بيدك‪ ،‬يد الفالح الخشنة‪ ،‬عاليا فوق رأسك‬
‫كي يتقطر ماؤه من بعيد في فمك‬
‫لكن حذار‬
‫أن تلمس بشفتيك فخاره األحمر‬
‫فالموت‬
‫يا حبيبي‬
‫على فم الكوز‬
‫وفي ترابه المحروق‪.‬‬
‫‪0990‬‬

‫الجزيرة المقلوبة‬

‫الرحالة الذين مروا بها‬


‫رسموا نقطة على خرائطهم‬
‫ومضوا‬
‫فقد كانت جزيرة طحالب وحجار براكين‬
‫ولم تكن أكثر من حجر بين خطوط العرض والطول‬
‫وكان في وسع أي غيمة أن تسحبها بظلها‬

‫غير أن الطيور التي مرت بها صدفة‬


‫رأت ما لم تره العيون‬
‫فعلى سواحلها كانت تحت المياه األسماك‪:‬‬
‫حمراء كالشقائق‬
‫خضراء كالزمرد‬
‫زرقاء مثل الوهم‬
‫وكانت األشجار واألحياد واألصداف‬
‫والشمس التي من وراء الجبال‪.‬‬

‫هكذا كان الرحالة ال يبصرون الجنة‬


‫وال يدرون‬
‫أن الجزيرة مقلوبة‬
‫وأن أهلها تحت الماء‪.‬‬
‫‪0929‬‬

‫الحصان‬

‫الحصان‬
‫يركض بال فارس‬
‫الشمس‬
‫تلمع على عنقه وكفله‬

‫الحصان‬
‫يركض على أرض العشب والحجر‬

‫الطيور التي شاهدته أغمضت عيونها‬


‫الرجال الذين رأوه جمدهم البرق‬

‫كلهم أبصر الهاوية‬


‫إال الحصان الذي كان يجري إليها‬

‫هوى الحصان في الهاوية‬


‫قبل أن يصرخ طائر‬
‫قبل أن يفك البرق قيوده‬
‫هوى الحصان‬
‫صار ظله غيمة سوداء‬
‫فوق الوديان‪.‬‬

‫‪ -0‬مختصر أول للقصيدة‬

‫الشمس تلمع على عنقه وكفله‬


‫الطيور التي شاهدته‬
‫أغمضت عيونها‬
‫الرجال الذين رأوه‬
‫جمدهم البرق‬
‫كلهم أبصر الهاوية‬
‫إال الحصان الذي كان يجري إليها‪.‬‬

‫‪ -8‬مختصر ثان للقصيدة‬

‫كلهم أبصر الهاوية‬


‫إال الحصان الذي كان يجري إليها‪.‬‬
‫‪0990‬‬

‫الشجرة‬

‫الشجرة تصعد في الفراغ‬


‫وتقضمه مثل جمل يقضم الشوك‬

‫الفراغ يتقصف‬
‫ويكسح كالجليد‬

‫وهي تصعد ببطء‬


‫مثل أعمى يصعد درجا‪:‬‬
‫يضرب بعصاه‬
‫ويخطو بقدمه‬

‫إلى أين يا عمياء؟ !‬


‫إلى أين أيها الجمل الذي يقضم فروع الهواء؟ !‬

‫الشجرة تصعد‬
‫الفراغ يفتح لها معبرا‬
‫ويصر كباب صدىء لم يفتح منذ قرون‪.‬‬
‫‪0998‬‬

‫مسرح الدمى‬

‫الوردة‬
‫وأنا والموت على الخشبة‬
‫لكننا نبدل أقنعتنا باستمرار‪:‬‬
‫أحيانا‪ ،‬أصير أنا الموت‬
‫فأضرب بقبضتي المدمرة كل شيء‬
‫أحيانا‪ ،‬يتفتح الموت‬
‫وردة على السياج‬
‫وتصير الوردة‬
‫شظية قاتلة من زجاج‬

‫نحن الثالثة على الخشبة‪:‬‬


‫يد واحدة تحركنا‬
‫مرنة وقوية‬

‫يد من هذه التي حومت فوقنا كالنسور؟‬


‫"يد هللا"‪ ،‬قالت الوردة‬
‫"يد الشيطان"‪ ،‬قال الموت‬
‫أما أنا‬
‫فلم اقل شيئا‬
‫الموت وضع يده على شفتي قبل أن أقول كلمتي‪.‬‬
‫‪0998‬‬

‫أرواح‬

‫أرواحهم‬
‫عصافير حذرة‬
‫تلعب بأذيالها عند طرف عيوننا‬

‫أرواحهم‬
‫تركض من غرفة إلى غرفة‪:‬‬
‫تطفيء الشمعة‬
‫وتصفق األبواب‬

‫معها لن ينفع الثوم‬


‫وال النفتالين‬
‫عليك أن تحرق البيت بما فيه‬
‫كي تحترق األرواح‬
‫المعلقة من أرجلها كالخفافيش‬
‫على عالقات المالبس في الدواليب‪.‬‬
‫‪0990‬‬

‫قتلى‬

‫‪ -‬ما هذه األشجار الطويلة‬


‫ولم تقف هكذا صفا واحدا بال نهاية؟‬
‫* هؤالء هم القتلى يا بني‬
‫ذهبوا إلى الحرب ولم يعودوا‬
‫إنهم يصطفون ههنا بانتظام كالتالميذ‬
‫كي يدخلوا المدينة‬
‫لكن أبواب المدينة مقفلة‬
‫واألحياء على األبراج‬
‫ينتظرون بالسهام والنيران‪.‬‬
‫‪0998‬‬
‫الرحلة‬

‫يحدث أن تسير في البرية إلى هدف مجهول‬


‫تصعد تالال وتهبط أوديه‬
‫وتغوص قدماك في الحقول‬
‫وتمشي وتمشي حتى تكل قدماك‬
‫لكنك ال تصل‬
‫فتجلس كي تستريح‬
‫وال تقدر أن تنهض‬
‫"سأنام هنا فوق الحجر‪.‬‬
‫سأنام هنا"‪ ،‬تقول‪.‬‬

‫فجأة‬
‫تبصر حمارا وحيدا يجمجم العشب‬
‫رماديا كأنما قد من الصخر‬
‫فتذهب إليه وتعلوه‬
‫لينطلق بك في طريق يألفها‬
‫كأنما هي طريق البيت‬

‫يجري الحمار خببا‬


‫وأنت مبتهج‬
‫وجسمك مسترخ‬
‫والشمس تغرق في بحر ال تراه‬

‫أنت راحل اآلن‬


‫راحل‪ ...‬راحل‬
‫هدفك ال تدركه‬
‫ويدركه الحمار‬

‫والحمار هو الموت‪.‬‬
‫‪0990‬‬

‫نملة‬

‫الصحيح‬
‫أن الحب نملة‬
‫على عود‬
‫في يد طفل‬
‫يقلب طرفي عوده‬
‫والنملة ال تصل‪.‬‬
‫شمس‬

‫الشمس تجتر في الحديقة‬


‫أسمع‪ ،‬وأنا مستلق‪ ،‬ضربات فكيها‬
‫أسم ُع أيضا ضرعها يقطر من أجل عجل الوهم‪.‬‬

‫‪0990‬‬
‫**‬

‫مختارات من مجموعة‪ :‬أشغال يدوية‬

‫ملك‬

‫هنا‬
‫أربي كالبي‬
‫وأطعمها مشمشا وحليبا‬
‫وآخذها في المساء إلى البحر‬

‫هنا كالملوك المقالين‪:‬‬


‫شمس تناور فوقي‬
‫وندامى لصوص‬
‫وأضغاث حلم‬

‫ههنا‬
‫فكرتي تتعفن تحت الرطوبة والشمس‬
‫ويسيل نبيذي على لحيتي‬
‫وكالبي تجرجرني في المساء إلى البحر‪:‬‬
‫أطواقها في يدي‬
‫ويدي تستجيب لها‬
‫وتغرقني في المياه‪.‬‬
‫‪0921‬‬

‫هجرة‬

‫ذهبوا كلهم‬
‫نحو أرض الشمال‬
‫إلى حيث يرتفع العشب‬
‫حتى يالمس أثداءهم‬

‫تركوا خلفهم‬
‫مزقا من مالبس أطفالهم‬
‫وأوتاد خيماتهم‬

‫ذهبوا كلهم‪:‬‬
‫أطفالهم في ظهور الدواب‬
‫فتيانهم يحملون السالل‬
‫وأجراس أغنامهم‬
‫غيمة تتصاعد نحو السماء‬

‫كلما أوغلوا‬
‫ظلهم كان يمتد‬
‫كان يرجع نحو المضارب‬
‫والكالب بال نأمة تسبق الراحلين وتقعي‬
‫وترقب أعينها ظلهم‬
‫وهو يعدو إلى الخلف‬
‫نهرا من ظالم‪.‬‬
‫‪0926‬‬

‫واحد فقط‬

‫طلقة واحدة في المسدس‬


‫حتى يربض الموت عند الباب‬
‫رئة واحدة في الضلوع‬
‫كيما يكون النفس ثقيال‬
‫نسخة واحدة من المفتاح‬
‫كي ال يدخل إال األشباح‪.‬‬
‫‪0926‬‬

‫رحيل ليلي‬

‫األغصان‬
‫ِ‬ ‫تركوا الرمان في‬
‫والريح على حبل الغسيل‬
‫تركوا الموتى إلى القبلة مبهوتين‬
‫وانسلوا‬
‫وساروا هادئين‬
‫ليتهم قد أشعلوا القنديل‬
‫حتى أتقرى ظلهم‬
‫ليتهم قد خلفوا شيئا على الشباك‬
‫يهديني إلى أي سبيل‬
‫تركوا الصمت على األغصان‬
‫والريح على األنتين‬
‫والتفوا‪ ...‬وساروا هادئين‪.‬‬

‫‪0921‬‬

‫الكتيبة الملعونة‬

‫يمضون‬
‫نحو ال شيء‬
‫هضبة وراء هضبة‬
‫وسهال وراء سهل‬
‫وال يلتفتون‬
‫أقدامهم مسلوخة‬
‫ونثار لحمهم على األشواك‬
‫وعلى أسنان الصخور‬
‫يمضون‬
‫ال طبل وال أبواق‬
‫لن يخيموا في الليل‬
‫ولن يصلوا إلى األرض الموعودة‬
‫لكنهم يتقدمون‬
‫النجوم تجمد وتذوب قبل الشروق‬
‫وتنسى خطاهم‬
‫الشمس تطل لحظة‬
‫ثم تسدل ستائرها وتغيب‬
‫وهم يمضون سراعا‬
‫ومن أرض إلى أرض‬
‫ومن شوك إلى حجر‬
‫وال شيء سوى طبل الصمت يقرع فوق رؤوسهم‬
‫ظاللهم أشجار في الليل‬
‫وكالب سود بين أقدامهم في النهار‬
‫يتقدمون‬
‫مثل نهر بال مجرى‬
‫مثل نهر بال مصب‬
‫ال غضب وال حزن وال أمل‬
‫جنرال رهيب‬
‫جنرال ال يعرف الرحمة أصدر لهم األمر‪:‬‬
‫إذهبي إلى البالد التي لن تصلي إليها‬
‫إذهبي يا كتيبة الدم‬
‫يا كتيبة ملعونة‪.‬‬

‫‪0926‬‬
‫غدا نلتقي *‬

‫وحيدين‬
‫أنا وصديقي‬
‫نقشر أيامنا فستقا مالحا ونشيب‬
‫وفي الساعة الواحدة‬
‫عندما ينتهي البث‬
‫ويسقط من توتة الليل ثلج وصمت‬
‫تصيح بنا ببغاء السكوت‪:‬‬
‫غدا نلتقي‬
‫فتغيب النوارس خلف المضيق‬
‫ويغرق في الليل صوت المذيع‬
‫ونبقى أنا وصديقي‬
‫نقشر أيامنا فستقا مالحا ونشيب‪.‬‬

‫* اسم البرنامج الليلي في تلفزيون دمشق‪.‬‬

‫‪0921‬‬

‫ترويكا‬

‫جعلت عقرب الساعات على عقرب الدقائق على عقرب الثواني‬


‫وصحت مهددا بالسوط‪:‬‬
‫أركضي معا يا خيول العربة الثالثة‬
‫يا خيول الجنون‪.‬‬

‫‪0926‬‬
‫مشهد‬

‫براعم‬
‫ورؤوس اغصان للحصان‬
‫فضة لحافره‬
‫ذهب لسرجه‬
‫وخيط دم لنحره اللماع‪.‬‬

‫‪0926‬‬

‫أشغال يدوية‬

‫لي ركني المألوف‬


‫أصنع فيه من خش ٍ‬
‫ب‬
‫إطارات المرايا‬
‫والمنافض‬
‫والسنافر‬
‫والتماثيل الصغار‬

‫لي ركني المعهود‬


‫ألعب فيه بالكلمات‬
‫أالعبها‬
‫أقطر فيه ضوء الشمس كي يصفو‬
‫أجلس فيه منفردا‬
‫وأعالج األخشاب بالسكين‬
‫أوان‬
‫ٍ‬ ‫أنحتها‬
‫ليس يفهمها سوى المفتون بالخشب البديع‬

‫وأنا أحاذر أن يرى السياح أشغالي‬


‫وأن يأتي إلي الملحفون‬
‫لكي يروا ذهبي‬

‫لي كل هذا‪:‬‬
‫حرفتي‬
‫خشبي‬
‫وإزميلي‬
‫وتوقيعي عليه‬

‫وسر صناعتي‬
‫ب‪.‬‬
‫وجراحي األولى التي ما كنت أدمي غيرها في الضرب بالخش ِ‬

‫‪0921‬‬

‫نخيل‬

‫أربع نخالت على الشط تسامت وعلت‬


‫أربع نخالت يكاد الرطب الكافر أن يبهظها‬
‫أي كف‪ ،‬أثمت‪ ،‬قد غرستها؟‬
‫أي ريح قذفت بذرتها نحو بالد لم تكن مهدا لها؟‬
‫أربع نخالت تسامت وعلت واستكبرت‬
‫كان في ودي أن أقطعها‪.‬‬

‫‪0921‬‬

‫مقطع من أخناتون‬

‫الظهر‬
‫ِ‬ ‫أيتها الشمس التي تحرق في‬
‫غدير الماء‬
‫والصوان واألغصان‬
‫أيتها الشمس التي تلعن في السمت‬
‫وتحدو بالشقاء‬
‫يا غترة البدو الحقودين‬
‫وآكلي الضِّباب واألكباد‬
‫يا خدعة هللا‬
‫لكي يُعبد في الظل وفي الماء‬
‫وكي يولد في غار حراء‪.‬‬

‫‪0921‬‬

‫خمرة الشتاء‬

‫حين تبلغ الستين‬


‫سوف يجلس حولك الفتية‬
‫كي تقص عليهم حماقات عمرك‬
‫أما أنا فإنني أفكر في ذلك بحزن منذ اآلن‬
‫فال نساء ألقيتهن على العشب‬
‫وال لمعت بالدم سكاكيني‬
‫وال قدماي سارتا في األرض البور‪ ،‬في أرض الغابات‪.‬‬
‫لقد أحببت نساء وجدتهن صدفة في المرآة‬
‫وصادقت رجاال من أجل حبة (هيل)‬
‫وسكنت مدنا قادتني إليها العتمة‪.‬‬

‫لم يعد ثمة وقت‬


‫علي أن أحطم جرار كثيرة‬
‫وأن آكل من أكباد الجوارح والطيور‬
‫وإال كيف يمكنني وأنا في الستين‬
‫أن أعطي أولئك الفتية كأسا من خمر تقلب رؤوسهم؟!‬

‫‪0922‬‬

‫تشابيه‬

‫مثل خيام في الصحراء‬


‫كل خيمة جنة‬
‫ومثل حقل من بطيخ‬
‫كل اندالعة معجزة‬
‫ومثل قوس من زان‬
‫كل رمية قتيل‬
‫ومثل زوارق في المحيط‬
‫كل مجذاف سكين‪ ،‬وفي كل ضربة دم‪.‬‬
‫**‬

‫مختارات من‪ :‬قصائد أخيرة‬

‫خوف‬

‫حين فكرت أن أختفي‬


‫خفت ظلي الذي في العيون‬
‫حين فكرت أن أغلق الباب خلفي‬
‫خفت أن ألتقي باحة من جنون‬
‫حين فكرت في غفو ٍة‬
‫خفت من حلم جاحظٍ‬
‫حين فكرت أن أنحني‬
‫خفت أن ينحني صاحبي ويخون‬
‫حين أمسكت بعض المعاني‬
‫خفت أن ال أالقي الحروف‪.‬‬

‫‪0911‬‬

‫ذاهبون‬

‫يدخلون‬
‫فجأة في الحجر‬
‫صديقي‬
‫وصاحبه‬
‫والذي معهم ثالث‬
‫فجأة يدخلون‬
‫هم ال يقيلون في ظله‬
‫نهم يوغلون‬
‫هل سمعت حفيف مالبسهم؟‬
‫هل سمعت الخطى؟‬
‫إنها تختفي‬
‫إنهم يختفون‪.‬‬

‫‪0911‬‬

‫الكلب‬

‫ألقي على بحر صيدا يدي‬


‫فيأتي إلي‬
‫ويمسح في قدمي خطمه‬
‫فأبتل من فروه‬
‫ومن زب ٍد حول فكيه‬
‫أيها البحر‬
‫أيها الكلب‬
‫هل كنت تجري وراء السفائن تعوي عليها؟‬
‫هل قصدت المنارات‬
‫حيث ألقى رجال الحراسة عظما‬
‫فغص بك الحلق‬
‫أيها البحر‬
‫أيها الكلب‬
‫يا راكضا بين أرضين‬
‫هل رأيت الذين يدورون في سفن ثم ال يهبطون؟‬
‫هل رأيت الذين على حجر يقعدون وال يرحلون؟‬
‫أيها البحر‬
‫إني على الشط تبتل فروة رأسي فأعوي‪.‬‬

‫‪0919‬‬

‫رثاء‬

‫آه مثل الصيف‬


‫جفف السنابل‬
‫ومضى دون سنبلة‬
‫آه مثل السيف‬
‫قطع العنق‬
‫ولم يلحس بشفرته قطرة‪.‬‬

‫‪0920‬‬

‫خسارة‬

‫مكاني الذي كدت أعتاده‬


‫وحصاني الذي كنت أقتاده‬
‫وصديقي الذي تنفست من رئتيه‬
‫كيف ضيعتهم؟‬

‫‪0920‬‬

‫كل شيء‬
‫أي طير إذن لم يكبل يدي؟‬
‫أي ريح أتت لم تطر بقميصي؟‬
‫وأي رحى لم أكن حنطة تحت أحجارها؟‬
‫‪0920‬‬

‫حانة‬

‫موتي يديرون الكؤوس‬


‫موتى يهزون الكؤوس‬
‫موسيقى بأجراس من الكتان‪.‬‬

‫‪0920‬‬

‫صقر من ورق‬

‫الكالم حنيني إلى الصمت‬


‫*‬
‫على ساحلي صخرة وزرها كل هذا الحطام‬
‫*‬
‫قلبي صقر من ورق فوق مشتل ريح‬
‫*‬
‫الخيل ال تموت‬
‫تذهب في المساء‬
‫لترتوي من نهر الصهيل‬
‫*‬
‫ليس لي غير جلدي‬
‫أبيت به‬
‫وال غير خيش الكالم‬
‫أغطي به عورتي‬
‫*‬
‫وما كان إال النوم‬
‫يأتي إلى شفتي‬
‫ويجر الكالم‪.‬‬

‫العربة‬

‫هل يمكن للسهم أن يستدير‬


‫عائدا للذراع الذي أطلقته‬
‫اندفع‪ ،‬أندفع كي ال أموت‬
‫للسهم ذراع تطلقه من جديد‬
‫الذراع التي أطلقتني‬
‫ستطلق فتيانا آخرين‬
‫لذا أندفع‪ ،‬أندفع‬

‫أريد أن أصل إلى نهايتي مهشما‬


‫"أيد وأرجل وأفكار كثار سأخترقها"‬
‫في قدمي زالجتا غضب وشهوة‬
‫أنحدر بهما نحو السماء‬
‫ليس من أجل المجد‬
‫ليس من أجل السعادة‬
‫إنما من اجل أن أعصر عنب حياتي كله‬

‫ليس ثمة وقت لكي أكتب كلمه‬


‫ليس ثمة وقت لكي أشرب القهوة‬

‫آخرون سيكتبون ما يجب ان يكتب‬


‫ويشربون ما يجب أن يشرب‬
‫أما أنا فأندفع‪ ،‬أندفع‬

‫ال أريد أن أكون حكيما بشعر أشيب‬


‫الحكماء سهام توقفت لتنظر خلفها‬
‫أما أنا فسيتوقف نبضي قبل أن أتوقف‬
‫سأقطع ألف ميل بعد أن يتوقف نبضي‬

‫والذين سيصلون إلى أبعد مما وصلت‬


‫سيجدونني مبعثرا على الطريق‪:‬‬
‫جمجمة مهشمة‬
‫وبراغ‬
‫ومسننات ما زالت ترتعش وتدور‪.‬‬
‫‪0920‬‬

‫اعتذارية‬
‫إلى أختي‬

‫لم أكن فارسا أبدا‬


‫وال شجرا مثمرا‬
‫لم أخلف ظالال لكي يستظل الذين يحبونني‬

‫أنا كنت حزنا على القلب‬


‫ملحا على ظمأ الشفتين‬
‫ويداً لألذى‬

‫ال تشتهيني نبيذا وال قبعة‬


‫ال تأمليني أميراً على صهوة الزوبعة‬

‫الطويل‪ .‬أنا‬
‫ِ‬ ‫أنا سلم االعتذار الطويل‬
‫الثقيل‪ .‬أنا‬
‫ِ‬ ‫نخلة الميالن‬
‫العيون جميع العيون‬
‫ِ‬ ‫عنفتني جميع‬
‫فاجعلي نبذ ًة من دمي شارة‬
‫واجعلي راحتي شاهدا لجفاف الغصون‬

‫لست أكتب مرثية النفس‬


‫إني أرد اعتباري‬
‫وأرتق ثوبا على جسد ثقبته العيون‬

‫لم أكن واعدا‬


‫فلماذا إذن حملتني العيون‬
‫سرائرها واشتياقاتها؟‬
‫ولماذا إذن ال أكون‬
‫كلمة لم تقل‬
‫وانفالت الجنون؟‬

‫فاجعلي ما أقول نشيد الذنوب‬


‫وضعي فيه أوراق عبادة الشمس‬
‫ثم انظريه‪ :‬دما أحمرا وذنوب‬

‫أي الزهور التي حملت سلتي؟‬


‫أي الطيور على كتفي؟‬
‫وأي الغبار على طلعتي؟‬

‫إنها زهرة اللوم في سلتي‬


‫وفي كتفي طائر سمج‬
‫وغبار المخافة في رئتي وحذائي‬

‫ترددت حين اخترعت يدي‬


‫ترددت حين طرحت السؤال‬
‫ترددت حتى حسبت التردد مأثرتي‬
‫ومآل المدار‬

‫سربتني أصابع كفي‬


‫ُ‬
‫فسلت على األرض مستسلما‬
‫ً‬
‫سهلة‬ ‫سهلة قبضتي‬
‫وجبيني يقطرني عرقاً‬
‫قطرة قطرة فأذوب‬
‫أنا عرق تحت إبط القميص‬

‫أنا ما اتكأت على مسند‬


‫وسوف أموت على الريح في أي أرض‬
‫الئما ميتتي‬
‫ومعتذرا لحياتي‬
‫موصيا أن تكون الجنازة في الليل‬
‫أن ال يسير بها أحد‬

‫أنا سوف أمشي بها‬


‫وأبكي عليها‬

‫أنا جرس االنتظار الطويل الطويل‬


‫يدي لم توقع على أي شيء‬
‫وفمي لم يقل كلمة‬
‫غير غمغمة األسف المر واالعتذار الخجول‬
‫أنا جرس ال ُ‬
‫يدق‬

‫أنا كالمياه‬
‫آخذ شكل األواني‬
‫وال أدعي حيزا حين تضغطني الريح‬
‫لين‬
‫ومرتعش مثل كلب يموت‬

‫أنا سوف أخجل وحدي‬


‫وأخجل أخجل حتى أموت‬
‫أو أستحيل إلى راية تأكل الريح خيطانها فتتوب‬

‫أنا سوف أصنع من خجلي نخلة‬


‫تستظلين فيها‬
‫وتمرين عنها‬
‫وحين تغيبين‬
‫ألبسها وأغيب‪.‬‬
‫‪0912‬‬

You might also like