You are on page 1of 67

‫المنهــــج‬

‫النظرية والنموذج والتحديات‬

‫دكتور‪/‬منصور أحمد عبد المنعم‬


‫دكتور‪ /‬بـهاء الدين السيد النجار‬
‫كلية التربية جامعة الزقازيق‬ ‫كلية التربية جامعة الزقازيق‬

‫الطبعة الثانية ‪ 2008‬م‬

‫النجلو المصرية‬
‫‪ 165‬شارع محمد فريد – القاهرة‬
‫‪2‬‬

‫رقم اليداع بالهيئة المصرية العامة لدار الكتب والوثائق القومية – إدارة الشئون الفنية‬

‫‪2005 / 20571‬‬
‫‪3‬‬

‫حديث نبوي شريف‬


‫عن أبى هريرة رضي الله عنه‬
‫أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال "إذا مات ابن آدم‬
‫إنقطع عمله إل من ثلثا‪:‬‬
‫صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع‬
‫به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له"‬
‫رواه‬
‫مسلم‬
‫‪4‬‬

‫المـــــوزع‬
‫المؤلفان‬
‫ت ‪2364334/055‬‬
‫‪5‬‬

‫إهــــــــــــــداء‬
‫‪ ‬إلى الذين يؤمنون بجودة التعليم لنه‬
‫ليس لدينا خيار آخر‪.‬‬
‫‪ ‬إلى الذين عرفوا أن التعليم أكثر‬
‫المشروعات الستثمارية عائدا ا‬
‫فالتزموا بواجبهم الجتماعي نحو‬
‫مجتمعهم ‪.‬‬
‫‪ ‬إلى لوجينـــــــا وسلمــــــــى حبات‬
‫القلوب‪.‬‬
6
‫‪7‬‬

‫المحتويـــات‬

‫رقم‬ ‫الموضوعــــــــــــــــــــات‬
‫الصفحة‬

‫‪15‬‬ ‫الموضوع الول‪ :‬نظرية المنهج‬

‫‪69‬‬ ‫الموضوع الثاني‪ :‬بعض المفاهيم في المنهج‬

‫‪125‬‬ ‫الموضوع الثالث‪ :‬نماذج المنهج‬

‫‪185‬‬ ‫الموضوع الرابع‪ :‬تحديات المنهج والنظرية‬

‫‪233‬‬ ‫الموضوع الخامس‪ :‬النظرية الوجدانية‬

‫‪267‬‬ ‫قائمـة المراجـع‬

‫‪271‬‬ ‫قاموس الشأكال والنماذج المرتبطة بعلم المناهج‬


8
‫‪9‬‬

‫خارطة الجودة في توصيف‬


‫المقرر‬
‫الوصف العام‪:‬‬
‫يتناول هذا المقرر الجامعي النظرية الجتماعية عامة وفي التربية خاصة وكيف‬
‫ان بناء النظرية ييسهم في بناء المعرفة وتنميتها باسأتمرار‪ ،‬ودراسأة السأاس الفلسفي‬
‫وعناصر المنهج من الهداف والمحتوى والطرق والتقويم ويتناول نماذج المنهج من‬
‫حيث طبيعتها وتعرف بعض أنماط نماذج المنهج ودراسأتها ونقدها‪ ،‬والتحديات التي تواجه‬
‫عملية تطوير علم المناهج بصفة عامة ومجال نظرية المنهج ونماذجه على وجه‬
‫الخصوص‪.‬‬
‫الهداف‪:‬‬
‫التعريف بالنظرية الحديثة ونظرية التربية والمنهج وتصنيف نظريات المنهج‬
‫وماهية نماذج المنهج وطبيعتها الفلسفية وبعض أنماطها وتطوير المنهج وتصميمه‬
‫وتخطيطه والتعريف ببعض مفاهيم المنهج وتنظيماته‪.‬‬
‫وتعرف طبيعة النظرية السأاسأية والنظرية العقلية والبراجماسأية وغيرها من‬
‫النظريات‪ ،‬وكذلك تعرف مداخل تطوير المنهج ومفهوم الجودة القومية‪.‬‬
‫المخرجات المتوقعة‪:‬‬
‫‪ -‬المقارنة بين النظريات‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد انماط نظرية المنهج‪.‬‬
‫‪ -‬يصنف نماذج المنهج‬
‫‪ -‬يقارن بين نماذج المنهج‬
‫‪ -‬ينقد النماذج المختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬يتعرف على بعض تحديات المنهج‬
‫النشطة والتعينات‪:‬‬
‫‪ -‬اسأتخدام النترنت وتعرف الجهود التي تمت في مجال نظريات المنهج‬
‫ونماذجه‪.‬‬
‫‪ -‬عمل نقد للنظريات والنماذج‬
‫‪10‬‬

‫تقديم نموذج مقترح للمنهج‬ ‫‪-‬‬


‫عمل أبحاث حول نظريات المنهج ونماذجه‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إعداد أوراق بحثيه‬ ‫‪-‬‬
‫التوصل إلى اسأتراتيجية أو تصور لتطوير المنهج‪ ،‬في ضوء الجودة‬ ‫‪-‬‬
‫ومعاييرها‪.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫ل تكاد تخلو جلسة لسأرة عربية من الحديث عن الشعور بأزمة التعليم والمناهج‬
‫وضعف القدرة على تحقيق طموحات الفراد من هذا التعليم أو توقعاتهم‪.‬‬

‫ولذلك كان من الضرورة دفع الفراد المهتمين بقضايا التعليم لعففادة التفكيففر فففي‬
‫الواقع التربوي المتأزم وكيفية الخروج منه‪.‬‬

‫والكتاب الذي بين أيدينا يتناول موضوعا ا جديداا يدور حول نظريات المنهج‬
‫ونماذجه وبعض التحديات التي قد تؤثر في المنهج‪ .‬ول شك أن نظم التعليم‪ ،‬تتأثر‬
‫بحركة التطور للفكر النساني والممارسأات التعليمية‪ .‬وتشهد البشرية اليوم ثورة في‬
‫المعرفة والتصالت لم تعهدها من قبل أثرت بشكل أو بآخر على نظم التعليم‬
‫ومكوناته وعناصره في وجود تحديات تربوية سأياسأية واقتصادية وثقافية وحضارية‬
‫وتكنولوجية‪.‬‬

‫وأكثر مناطق العالم تأثرا بتلك التحديات والتغيرات‪ ،‬دول الوطن العربي بما‬
‫يميزها من خصائص ثقافية ودينية وتأثر موقعها بالعالم السأيوي والعالم الفريقي‬
‫وبوابة البحر المتوسأط الحضارية‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫وعادة ما يكون أي نظام تعليمي أسأير التراث والماضي وقوى التجديد والتغيير‬
‫وتأثير عوامل داخلية وخارجية على مكوناته وعناصره‪.‬‬

‫والكتاب الذي بين أيدينا يتوقع أن يساعد القارئ على تكوين رأي ناقد وتبني‬
‫وجهة نظر لنظريات المنهج ونماذجه وطبيعة المعرفة وكثير من القضايا التربوية‬
‫التي تشغلنا‪.‬‬

‫وبقدر جهود التطوير وعمليات المخاض الفكري لمجال المناهج‪ ،‬بقدر التوصل‬
‫إلى نظريات ونماذج للمنهج تسهم في تجويد الممارسأات التعليمية في المدارس‬
‫وداخل فصول الدراسأة‪.‬‬

‫وقد أدى تدني المستوى التعليمي والداء التربوي للمناداه بضرورة البحث عن‬
‫اسأتراتيجية لعادة تحقيق الجودة لمواجهة التحولت الجتماعية والثقافية والسياسأية‬
‫واليديولوجية لمجتمعاتنا العربية وكذلك المنافسة العالمية‪.‬‬

‫لقد تزايد في الونة الخيرة في المجتمعات العربية – بصفة خاصة – إيمان‬


‫بأهمية التربية في إحداث التطوير والتنمية في المجتمع وضرورة عودة دور‬
‫المدرسأة كأداة في صنع التقدم والتطوير‪ ،‬ويتبادر إلى الذهن التساؤل التالي‪:‬‬

‫كيف تسهم نظريات المنهج ونماذجه في تطوير الممارسات التعليمية‪.‬‬

‫وخطة هذا الكتاب تسير على النحو التالي‪:‬‬


‫‪12‬‬

‫الموضوع الول‪ :‬عن النظرية الجتماعية ونظرية المنهج‪ ،‬الموضوع الثاني‪:‬‬


‫بعض المفاهيم المرتبطة بالمنهج المدرسأي‪ ،‬والموضوع الثالث‪ :‬نماذج المنهج‪،‬‬
‫والموضوع الرابع‪ :‬بعض تحديات المنهج والنظرية‪ ،‬والموضوع الخامس‪ :‬خصص‬
‫لتقديم مثال للنظرية الوجدانية‪ ،‬ثم قائمة مراجع مع تزويد القارئ بقاموس للشكال‬
‫والنماذج المرتبطة بعلم المناهج‪.‬‬

‫ونظرا لن مجال نظريات المنهج ونماذجه يتسم بندرة الكتابات فيه‪ ،‬نأمل أن‬
‫يكون هذا الكتاب محاولة على الطريق‪.‬‬

‫وا من وراء القصد‪،‬‬


‫الزقازيق في نوفمبر ‪2008‬م‬
‫المؤلفات‬
‫أ‪.‬د‪ .‬منصور أحمد عبد‬
‫المنعم‬
‫أ‪.‬د‪ .‬بهاء الدين السيد‬
‫النجار‬
‫‪13‬‬

‫الموضــوع الول‬
‫نظرية المنهج‬
‫‪14‬‬

‫النظرية الجتماعية الحديثة‬


‫من أهم النقاط التي يجب أن نوردها هنا‪ ،‬هو اسأتحالة وجود نظريففة شففاملة يمكففن‬
‫أن تفسر جوانب الحياة الجتماعية وخصوصا تفسير مكففونين أسأاسأففيين مففن مكونففات‬
‫‪15‬‬

‫الحياة الجتماعية وهما )البنية والفعل البشري(‪ .‬ونقصد بالنظرية الجتماعية الحديثففة‬
‫فترة منذ الحرب العالمية الثانية إلى وقتنا الحاضر )ق ‪.(21‬‬

‫أن كلمة نظرية تثير لففدى البعففض التفكيففر والتصففورات والخففوف مففن المقصففود‬
‫بمعنى كلمة نظرية‪ ،‬وهذا أمر له ما يبرره بسبب أن كثير مففن النظريففات الجتماعيففة‬
‫صففعب فهمففه وهففي تحتففاج إلففى جهففد مضففني حففتى مففن المتخصصففين مففن طلب‬
‫الدراسأات والعلوم الجتماعية للوصول إلى فهم متواضع‪.‬‬

‫ونحن عادة ما نلجأ إلى النظرية بسبب ما نواجهه مففن قضففايا فففي حياتنففا اليوميففة‬
‫ونحتاج إلى فهم ما يجرى حولنا للخرين ولنفسنا‪ .‬وفهم النظرية مسألة تتعلففق بتعلففم‬
‫التفكير نظريا أكثر منها بتعلم النظريات ذاتها‪.‬‬
‫وتحتاج النظرية إلى نموذج إرشادي ‪) Paradigm‬أو نماذج( يعطينا إطاراا عام ا ا‬
‫ومؤشرات تدل على ما يجب أن يكون عليه شكل ذلك الواقفع‪ ،‬وهففذا مفا دعففا البعففض‬
‫للقول بأن من يعمل في مجففال دراسأففة النظريففة الجتماعيففة فكأنمففا يشففق طريقففه فففي‬
‫الغاب‪.‬‬

‫وهناك بعض المور المهمة في مجال دراسأففة النظففرة الجتماعيففة نوردهففا علففى‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫أولل‪ :‬أن التجربة الشخصية لليمنظر الجتمفاعي ففي الحيفاة تتسفرب إلفى نظرتيفن‬
‫وتعميه عن رؤية بعض الجوانب‪.‬‬

‫ثانيلا‪ :‬البعد العاطفي‪ ،‬إذ تجسد النظرية خبرات المنظر ومشاعره‪.‬‬

‫ثالثلا‪ :‬البعد التأملي لن النظرية الجتماعية تعكس بعضا ا من الواقففع الففذي نعيشففه‬
‫مثففل تسففارع معففدلت التغيففر وبالففذات التغيففر التقنففي وعمليففات الحففراك الجغرافففي‬
‫والجتماعي وتغير بنية المهن وتعففدد الدوار وسأففرعة تغيففر تلففك الدوار وأصففبحت‬
‫كثير من المور خارجه عن سأيطرتنا‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫رابعلا‪ :‬البعد المعياري ويقصد به افتراضات عما يجب أن يكففون عليففه شففكل ذاك‬
‫الواقع‪ .‬وفي هذا البعد جانب مهم وهو مرونة النظرية فبعض النظريات تسلك مسففالكا‬
‫غير مسالكها الصلية والنظرية الماركسية دليل على ذلك‪.‬‬

‫خامسلا‪ :‬أهمية المصطلحات المستخدمة في مجال النظريات الجتماعيففة والبحففث‬


‫عن نظرية‪ .‬النظريات الكلية )‪ (Holistic‬التي تبففدأ بففالمجتمع والنظريففات الفرديففة )‬
‫‪ (individualistic‬تبدأ بالفراد وييرى المجتمع كنتاج لفعالهم‪.‬‬

‫إن النظريفففة الجتماعيفففة ل تتكلفففم عفففن العمليفففات والصفففراعات والمشفففكلت‬


‫الجتماعية فقط فهي جزء من تلك العمليات والصراعات والمشكلت‪.‬‬
‫وكما أن النظرية تهتم بالتشابه بيففن الظففواهر فهففي تهتففم كففذلك بففالختلف أيضففا ا‬
‫والسؤال هنا كيففف يمكننففا معرفففة مففا إذا كففانت نظريففة مففا صففائبة أم خاطئففة؟‪ .‬لكننففا‬
‫نستطيع التمييز بين تفسير أكثر كفاية أو أقل كفاية تقدمه هذه النظرية أو تلك‪.‬‬

‫والنظريففة الفضففل هففي الففتي باسأففتطاعتها أن تحففدد العمليففات السففببية الفاعلففة‬


‫والمواقف التي تعمل فيها الليات السببية‪ .‬والنظريفة الفتي تنفاقض نفسفها يينظفر إليهفا‬
‫بعين الريبة‪ .‬والملحظ أن النظرية البنائية الوظيفية لبارسأونز‪ ،‬سأيطرت في الوليففات‬
‫المتحدة حتى الستينيات من ق ‪ .20‬وخلل هذه الفترة ظهففرت كففذلك مففدارس متعففددة‬
‫تركز على فهم العالم الجتماعي‪.‬‬

‫وتتفق الوظيفية البنائية ونظرية الختيار العقلني‪ ،‬والتفاعلية الرمزيففة‪ ،‬ومنهجيففة‬


‫النظام الجتماعي في فرضية أسأاسأية وهففي‪ :‬أن أنسففب موضففوع لعلففم الجتمففاع هففو‬
‫دراسأففة الفعففل الجتمففاعي‪ .‬تعميففم أوصففاف الفعففل الجتمففاعي علففى أوصففاف البنيففة‬
‫الجتماعية هو مجال نظريات الفعل أما النظرية البنيويفة فهففي تعمففم تفسففيرات البنففى‬
‫الجتماعية‪.‬‬

‫نظريات الفعل الجتماعي‬


‫‪17‬‬

‫نقصد بنظريات الفعل الجتماعي ما يطلق عليه بنظريات الفراد أو الفاعلين‪.‬‬

‫اشتهر تالكوت بارسأونز بالنظرية الجتماعيففة منففذ فففترة الحففرب العالميففة الثانيففة‬
‫وحتى فترة الستينيات من ق ‪ 20‬ويففرى البعففض أن نظريففة بارسأففونز تطففورت كففرداا‬
‫على تحديات النظرية الماركسية‪ .‬رغم أن البعففض رأى تعقيففداا فففي نظريففة بارسأففونز‬
‫الذي وافته المنية عام ‪ .1979‬والحقيقة أن بارسأونز جمع في نظريتففه بيففن النظريففات‬
‫الكلية )المجتمع( وبين النظريات الفردية )الفرد( والمتعلقة بالفعففل الجتمففاعي متففأثرا‬
‫في ذلك بأفكار اميل دوركايم وفيبر على التوالي‪ ،‬وهؤلء جميعا أخففذوا أفكففارهم مففن‬
‫أفكار ابن خلدون‪.‬‬

‫وهففذه النظريففات جميعففا ا إمففا تنطلففق مففن الفففرد أو تنطلففق مففن الكففل الجتمففاعي‬
‫)المجتمع( وهم معنيون بالمعاني ودراسأة الفكار والفعال أي دراسأة الشخاص‪.‬‬

‫ويرى تففالكوت بارسأففونز الحيففاة الجتماعيففة مففن خلل أفكففار البشففر ومعففاييرهم‬
‫وقيمهم واهتم في ذلك بتفسير الرموز والمعلومففات‪ .‬كمففا يففرى انتظففام أفعففال الفففراد‬
‫وفق نسق من الفعففال واشففتهرت نظريففة بارسأففونز بففالتركيز علففى النسففاق )النسففق‬
‫الجتماعي والكائن العضوي(‪.‬‬

‫والختبار الول للنظريففة فففي نظففر بارسأففونز هففو تماسأففكها المنطقففي‪ ،‬وعنففده أن‬
‫الحياة الجتماعية منتظمة بطريقة منطقية عقلنية رغم الظففواهر الففتي قففد تففدل علففى‬
‫عكس ذلك‪.‬‬

‫ونقطة البدء في نموذج بارسأونز الهائل تتكون من وحدة الفعل الصفغرى الفاعفل‪،‬‬
‫والوسأائل والغايات‪ ،‬والبيئة‪ ،‬فضلا عن المعايير والقيم‪ .‬ول يهتم بارسأفونز فقفط بفعفل‬
‫الفرد ولكن أنساق هذا الفعفل ويتكفون النسفق أو النظفام عنفد بارسأفونز مففن العلقفات‬
‫القائمة بين الفاعلين‪.‬‬

‫ويتكون النسق عنده من * النسق الجتماعي‬


‫‪18‬‬

‫* ونسق الشخصية )القيم وأدوار المكانة والمعايير(‬

‫* والنسق الثقافي )البيئة المادية للمجتمع(‬

‫* والنسق العضوي‬

‫وتشتمل هذه النساق بففدورها علففى أنسففاق أخففرى مثففل النسففق السياسأففي‪ ،‬النسففق‬
‫القتصادي‪ ،‬نسففق التنشففئة الجتماعيففة‪ ،‬نسففق النتففاج‪ ،‬نسففق التنظيففم‪ ،‬وهكففذا أنسففاق‬
‫داخلها أنساق وهذا ما جعل نظرية بارسأونز معقدة ومركبة بشدة‪.‬‬

‫وما يحفظ هذه النساق في تفاعلها مع بعضها وجود متطلبات أربعة هي‪:‬‬

‫‪ -1‬التكيف للنسق مع بيئته‪.‬‬

‫‪ -2‬لكل نسق أدوات يحرك بها مصادره وتسميها الهداف وتحقيقها‪.‬‬

‫‪ -3‬التكامل بين مكونات النسق ووحدته وتماسأكه‪.‬‬

‫‪ -4‬محافظة النسق على حالة التوازن فيه‪.‬‬

‫ولذلك نقول أن بارسأونز يعتمد في تحليله علففى علففم السففبيرنطيقا أي النسففاق أي‬
‫أن كل نسق ييسيره هذا النسق الفرعي وهكذا‪ .‬فالنسففاق الفرعيففة الففدنيا تففدفع بالطاقففة‬
‫عبر النسق العام وتقففوم النسففاق الفرعيففة العلففى الموجهففة بتمريففر المعلومففات إلففى‬
‫أسأفل ثانية )مزود طاقففة – مففزود معلومففات(‪ .‬وهففذا يجعلنففا نقففول أن بارسأففونز يقففدم‬
‫نظرية تنطلق من المماثلة مع الكائن الحي في الطريقة الففتي تنقسففم بهففا الخليففة الحيففة‬
‫وتتكاثر‪ .‬ويضرب هو مثال لذلك بتحول مجتمعات زراعية إلى مجتمعففات صففناعية؟‬
‫فبينما كانت السأرة هي وحدة النتاج في المجتمع الزراعففي أصففبحت أسأففيرة المنففزل‬
‫في ظل المجتمع الصناعي وأصبحت مسئولة عن التنشئة الجتماعيففة وبففذلك انفصففل‬
‫النسففق القتصففادي عففن نسففق التنشففئة الجتماعيففة عنففدما انففتزعت وظففائف السأففرة‬
‫القتصادية‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫ومع تغير المجتمع العالمي سأوف تتغير النساق ووظائفها وسأوف يعاني الشففباب‬
‫من الضغوط الناجمة عن هذه التغيرات واضطراب القيم وسأوف يزيد أهمية التففدريب‬
‫والتعليم اللذان سأوف يأخذان وقتا أطول عن ذي قبل‪.‬‬

‫إن النظريات الجتماعية الخرى الففتي ظهففرت هففي عبففارة عففن تجففزآت للنسففق‬
‫النظري لفكر بارسأونز‪ .‬وفي ظل فكففرة النسففاق قففد نقففول أن المجتمعففات الصففناعية‬
‫الحديثة تحتاج إلى نظام تعليمي متطور‪ ،‬إل أن مجتمعففات تبففدو علففى نفففس المسففتوى‬
‫مثل بريطانيا وفرنسا وأمريكا لها أنظمة تعليمية متباينة وعليه فالحاجففة يمكففن تلبيتهففا‬
‫بعدة طرق‪.‬‬

‫إن المعاني التي تكلم عنها بارسأونز في نظريته هففي المعففايير والقيففم والفتي علففى‬
‫أسأاسأها ينتظم الفعل والنسق الجتماعيان وهناك مثال‪ :‬أن النففاس يففذهبون إلففى العمففل‬
‫ليس انصياعا ا لمعايير النسق الجتماعي وقيمه التي تففرى فففي العمففل فضففيلة بففل لن‬
‫هؤلء لهم مصلحة مادية أدناها إتقاء الجوع‪ :‬لماذا تعمل أنت؟ ولماذا أعمففل أنفا؟ فكفر‬
‫في هذا‪.‬‬

‫وفي ضوء ما سأبق يمكن القول أن بارسأففونز كففان ذو نزعففة )حتميففة ثقافيففة( فففي‬
‫مقابل ماركس صاحب النزعة الحتمية القتصادية‪.‬‬

‫نظرية الختيار العقلني لجون إلستر ‪Jon Elster‬‬

‫ميز فيبر بين أشكال أربعة للفعل‪:‬‬

‫‪ -1‬الفعل التقليدي‪.‬‬

‫‪ -2‬الفعل العاطفي‪.‬‬

‫‪ -3‬الفعل الموجه نحو غاية عليا‪.‬‬


‫‪20‬‬

‫‪ -4‬الفعل الموجه نحو هدف عملي دنيوي )وهو الفعل العقلني( وهو الفعل أيضا‬
‫المرتبط بتطور الرأسأمالية وانتشار الصناعة‪.‬‬

‫وهذه النظرية تشبه إحدى المدارس الماركسية التي آمنت بالختيار الحر العقلني‬
‫وهي تتضمن جانبا ا نفعيا ا )فأنا أختار ما يجلب لي أكبر درجة من الشباع أو المنفعففة(‬
‫وتفترض أن رغبات الفرد ومعتقداته هي مبررات فعله‪.‬‬

‫وقد ترعرعت ماركسية الختيار العقلني في السبعينات من ق ‪ 20‬وهي اسأتجابة‬


‫للسوق الحرة في الثمانينات منه وما تبعه من أشكال السأتغلل‪ .‬وقد رأى البعض مففن‬
‫اليكتتاب أن نظرية الختيار العقلني تعتبر نظرية خاصففة وليسففت عامفة فهففي تتعامففل‬
‫مع أفعال في سأياقات معينة وفقا ا للختيارات محددة‪.‬‬

‫على الرغم أن هذه النظرية )الختيار العقلني( ل تفترض أن جميع أفعال البشففر‬
‫أفعال عقلنية‪ ،‬إل أننا حينما نحففاول فهففم الفعففل النسففاني ينبغففي أن نعطففي الولويففة‬
‫للتفسير والنموذج العقلني‪.‬‬

‫وهناك من يقففدم العاطفففة كففدوافع أخففرى للفعففل مففع الففدافع أو الختيففار العقلنففي‬
‫باعتبار ذلك ما يميز السلوك البشري‪.‬‬

‫ومما يوجه من نقد لتلك النظرية‪ ،‬أنها خاصة تتعامل مع الفعل في ظففروف معينففة‬
‫وقد أشار ألستر )‪ (1989‬إلى أن المعايير الجتماعية تمنففح نوعفا ا مفن الدافعيفة للفعفل‬
‫وهذه الدافعية ل يمكن اختزالها إلى العقلنية‪.‬‬

‫والخلصة أن نظرية الختيار العقلني يمكن دمجها في نظرية بارسأونز‪.‬‬

‫نظرية التفاعلية الرمزية‪:‬‬


‫‪21‬‬

‫من رواد هذه النظرية روبففرت عففزرا بففارك )‪ (1944 – 1864‬ووليففم إسأففحاق‬
‫توماس )‪ .(1947 – 1863‬واعتمدت هذه النظريففة علففى المدرسأففة الفلسفففية النفعيففة‬
‫وهي مدرسأة أمريكية اهتمت بالبحث التجريبي ويعتبر يمنظرها جورج هربرت ميد‪.‬‬

‫وهذه النظرية أقرب لنمط الحياة المريكية بتأكيدها على المسففاواة‪ ،‬حريففة الفففرد‪،‬‬
‫الحراك الجتماعي‪.‬‬

‫وتقوم النظرية التفاعلية الرمزية على فرضيات هي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن البشر يتصرفون حيال الشياء على أسأاس ما تعنيه تلك الشياء لهم‪.‬‬

‫‪ -2‬هذه المعاني نتاج للتفاعل الجتماعي‪.‬‬

‫‪ -3‬هففذه المعففاني يتففم تحويرهففا وتعففديلها مففن خلل عمليففة تأويففل وتعامففل مففع‬
‫إشارات‪.‬‬

‫وهففذه الفرضففيات تتطففابق مففع كتففاب جففورج هربففرت ميففد عففن العقففل والففذات‬
‫والمجتمع‪ .‬ومففن وجهففة نظففره أن الفففرق بيففن النسففان والحيففوان فففي اسأففتخدام اللغففة‬
‫والرمز الدال‪ .‬واللغة والرمز الدال هو المعنى المشترك بين إنسففان وإنسففان ويتطففور‬
‫في سأياق عملية التفاعل‪ ،‬والتفاعل الجتماعي يولد المعاني‪.‬‬

‫ومن النقد الذي يوجه للنظرية التفاعلية الرمزيففة‪ ،‬إغفففال الجففوانب الوسأففع للبنيففة‬
‫الجتماعية فهي ل تستطيع قول أي شئ عن ظواهر كالقوة‪ ،‬والصراع‪ ،‬والتغيففر كمففا‬
‫يوجه إليها أيضاا نقد في أنها تقدم صورة ناقصة عففن الفففرد وأن التفاعليففة الرمزيففة ل‬
‫يمكنهففا فهففم العواطففف‪ .‬ولكففن تبقففى التفاعليففة الرمزيففة منظففوراا معرفيففا ا فففي دراسأففة‬
‫الشخصية ويظل مركز الهتمام فيها دراسأة التفكير وعملياته فنحن نفهم البشر حينمففا‬
‫نفهم ما يعتقدون أنهم يعرفونه عن العالم أي نفهم معانيهم ومفاهيمهم عن أنفسهم‪.‬‬

‫النظرية القائمة على الفلسفة الظاهراتية‪:‬‬


‫‪22‬‬

‫يففرى البعففض أن النظريففة الوظيفيففة البنائيففة جففاءت منفصففلة عففن نبففض الحيففاة‬
‫اليومية‪ ،‬لذلك جففاءت النظريففة القائمففة علففى الفلسفففة الظاهراتيففة الففتي تقففوم علففى أن‬
‫المعرفة العلمية أصبحت منفصلة عن الحياة اليومية ولذلك كففان لبففد مففن إعففادة تلففك‬
‫المعرفة إلى جذورها وأصلها إلى خبرة الحياة اليومية‪.‬‬

‫وتقول نظرية الفلسفة الظاهراتية بأن العففالم الخففارجي ل معنففى لففه إل مففن خلل‬
‫وعينففا بففه ولففذلك يراهففا البعففض نظريففة معرفففة وينشففغل المهتميففن بهففا بففأمور مثففل‬
‫العواطف والتخيل والهلوسأة‪.‬‬

‫نظرية التشكيل‪:‬‬

‫نظرية التشكيل عند أنتوني جففدنز هففي دراسأففة لتاريففخ العففالم‪ ،‬ويففرى البعففض أن‬
‫نظرية التشكيل هذه يجب أن توضع في مصاف الوظيفية البنائية‪.‬‬

‫ويرى أنتوني جدنز أن المجتمع ينتجه ويعيد إنتاج فعل البشر ويعرف البنية علففى‬
‫أسأاس أنها )قواعد ومصادر( وأن البنية تتكون بفعل نشاطنا اليومي المعتاد‪.‬‬

‫واهتم أنتوني جدنز بالتنشئة الجتماعية وقال أنها مدرسأة فيها منهج خفففي يتعلمففه‬
‫الناس أثناء نموهم‪.‬‬

‫ويرى جدنز أن مفهفوم المؤسأسففة ل يعنففي جامعففة مثل ولكفن شففئ مثففل الففزواج‪.‬‬
‫ويتفق مع بارسأونز في النظرة إلى المجتمع وعلففى الرغففم أنففه رفففض فكففرة النسففاق‬
‫ولكنه ناقشها وفي النهاية نجد اتفففاق بينففه وبيففن بارسأففونز ومففاركس‪ ،‬ويففرى أن علففم‬
‫الجتماع الحضري هو مركز علم الجتماع‪.‬‬

‫النظرية البنيوية ‪:‬‬

‫وقد سأادت خلل فترة الستينيات والسبعينيات من ق ‪ 20‬وظهرت أول ما ظهففرت‬


‫في فرنسا ثم انتقلت بعد ذلك إلى بريطانيا وأمريكا وترتبففط النظريففة البنيويففة بنظريففة‬
‫‪23‬‬

‫الملكات العقلية وبمدرسأفة علفم اللغفة البنيفوي والمدرسأفة الروسأفية ففي النقفد الدبفي‪،‬‬
‫وفكرة وجود المجتمع باعتباره كيانا ا مستقلا عن أفراده‪.‬‬

‫تعتبر البنيوية كل النتاجات النسانية أشكالا لغوية وهففو مففا أطلففق عليففه )الفكففار‬
‫العامة(‪ .‬والبنيوية مهمة لنها تعتففبر منهجففا ا بإمكانهففا أن توصففلنا إلففى معرفففة معينففة‪،‬‬
‫وهي ترتبط بمجموعة من الفرضففيات الميتافيزيقيففة المتعلقففة بطبيعففة العففالم والففتي ل‬
‫يمكن البرهنة عليها ولذا يتعين التسليم بها وهي‪:‬‬

‫* العالم باعتباره نتاجا ل للفكار‪.‬‬

‫وهذا الفرأي يسفتمد جفذوره مفن فلسففة أوجسفت كفانت وليفس بالضفرورة إثبفات‬
‫النظرية البنيوية عن طريق اختبارها لن النظريات هي الففتي تنتففج عالمنففا فمففا الففذي‬
‫يدعو لختبارها على محك الواقع‪.‬‬

‫* العالم بوصفه نمطا ل منطقيلا‪.‬‬

‫تركز النظرية البنيوية على الترتيب المنطقي أو على البنيففة الكامنففة فففي المعففاني‬
‫العامة‪.‬‬

‫* موت الذات‪.‬‬

‫ويقصد بالذات الفاعل والفعل والشخاص‪ .‬فنحن مقيدون بأفكارنا وهي تمنعنا من‬
‫الخوض في أمور معينة بل ربما أرغمتنا على قول مال نعنيه‪.‬‬

‫والنظرية البنيوية تعطي أهمية للعلقات الرابطة على عكففس نظريففة الفعففل الففتي‬
‫تنظر إلى النسق من حيث عناصره وليس علقاته‪ .‬وتهتففم البنيويففة بالمسففتوى الكففامن‬
‫في التفسير عندما نقارنه بالمستوى السطحي‪.‬‬

‫وأصحاب النظرية البنيوية يفترضون أن العالم الخارجي محكوم بالكامل بواسأطة‬


‫بنية الفكار‪ .‬ولفذلك نقفول أن البنيويفة جفزءاا مفن النظريفة الجتماعيفة‪ ،‬ولك ن تلعفب‬
‫الفرضيات الميتافيزيقية دوراا كبيراا فيها )أقصد البنيوية(‪.‬‬
‫‪24‬‬

‫نظرية ألتوسير الجتماعية‪:‬‬

‫قضى ألتوسأير فترة من حياته مصابا بالهوس الكتئابي وفي آخر حيففاته كففان فففي‬
‫مصح عقلي وهو يرى أن مصطلح الممارسأة يشير إلى الفعففل النسففاني وتتكففون مففن‬
‫عناصر ثلثة هي )المادة الخام – وسأففائل النتففاج وقففوة العمففال واللت – البضففاعة‬
‫المصنوعة( ونموذج الممارسأة عنده الممارسأة القتصادية‪.‬‬

‫والفاعل عنده‪ ،‬القوة التي تحرك الشففياء الماديففة‪ .‬وقسففم المجتمففع إلففى مسففتويات‬
‫)فكرة المستويات بدلا من النساق( – المستوى القتصادي والسياسأي واليديولوجي‪.‬‬
‫ومن وجهة نظره تتكون كل المجتمعات من هذه المستويات وهي تكففون معففا التشففكل‬
‫الجتماعي أي بنية البنى‪.‬‬
‫وعلففى الرغففم أن التوسأففيد مففن معتنقففي الماركسففية إل أنففه وقففف موقفففا ا مضففاداا‬
‫للماركسية المتشددة‪ .‬وقد تعود الماركسية للنظر إلى أن القتصاد هو الكرة التي تففدفع‬
‫المستوى السياسأي والمستوى اليديولوجي‪ .‬ويرى التوسأيد بضففرورة تحليففل ودراسأففة‬
‫العلقات لهذه المستويات الثلثة فهي ليست بنففى بسففيطة الففتركيب‪ .‬وكففل مسففتوى لففه‬
‫وجود حقيقي مستقل ويرتبط بغيره من المستويين بطرق شتى أو معقففدة‪ .‬ومففا يجففرى‬
‫داخل مستوى ليس بالضرورة محكوما بما يجففري فففي المسففتوى الخففر وسأففمى ذلففك‬
‫السأتقلل الذاتي السببي‪.‬‬

‫أن المجتمعات المختلفة تسود فيها مستويات بنيويففة مختلفففة‪ ،‬وهففذا يعنففي أنففه فففي‬
‫التطور الداخلي اليومي لمجتمع من المجتمعات يصبح واحداا أو أكثر مففن المسففتويات‬
‫هو الهم‪ .‬فقد يأتي المستوى القتصادي هو الهم وقففد يففأثر المسففتوى السياسأففي وقففد‬
‫يأتي المستوى اليديولوجي )مثال التناقضات التي حدثت في المجتمع الشيوعي وأدى‬
‫إلى تفتيته(‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫وقد يرى البعض أن المسففتوى السياسأففي هففو السففائد فففي المجتمعففات الرأسأففمالية‪.‬‬
‫ولكففن مهمففا يكففن مففن أمففر فففإن المسففتوى القتصففادي وبنيتففه هففي الففتي تحففدد أي‬
‫المستويات هو المستوى السائد‪ .‬وقد يكففون أحففد المسففتويات مسفيطرا ثفم يتنفازل عفن‬
‫سألطته ويمنحها لواحد من المستويين الخرين‪ .‬ويعتبر فردريك إنجلز الزعيم الثوري‬
‫اللمففاني وكففارل مففاركس رفيففق الففدرب همففا أسأففاس مففا سأففمي فيمففا بعففد بالنظريففة‬
‫الماركسية‪.‬‬

‫نظرية يورجن هابرماس‪:‬‬

‫وضع نسقا ا تحليليففا ا شففبيها ا بعففض الشففيء بنسففق بارسأففونز النظففري واهتففم بفكففرة‬
‫انفصال البنية الجتماعية عن الفعل الجتمففاعي والحقيقففة أن معيففار اختيففار النظريففة‬
‫هو مبلغ إحاطتها بالظواهر فبعضها أكثر شمولا من غيرها‪.‬‬

‫ومما هو جدير بالذكر هنا أن مفهوم الكل هو أهم مفهفوم ففي النظريفة الماركسففية‬
‫التي تأثر بها يورجن هابرماس‪ .‬كما أن مفهففوم الممارسأففة ‪ Praxis‬ل يش مل المع اني‬
‫فحسب بل أيضا ا علقاتنا العملية بالطبيعة )أي تشمل العمل(‪.‬‬

‫ويعتبر هابرماس الوريث الرئيسي لمدرسأة فرانكفورت‪ ،‬فهفو يركفز علفى تحليفل‬
‫الفعل والبنى الجتماعية محاولا الوصول إلى شيء شبيه بالنموذج التحليلي‪.‬‬

‫ول جدال في انتماء هابرماس إلى اليسار على الرغم أنففه ينقففد الماركسففية ويعففود‬
‫إلى الكثير من أفكففار بارسأففونز ولكففن هابرمففاس يتمسففك بتصففور يففزاوج بيففن البنيففة‬
‫والفعل في نظرية كلية موحدة‪ .‬وقال أن سأوء الفهم وارد بيففن البشففر ويمكففن خففداعهم‬
‫وتضليلهم بشكل منظم وهذا يعتبر تشويه أيديولوجي‪ .‬وهو يتخذ نمو النسففان نموذجففا ا‬
‫للتحليل الجتماعي‪ .‬والرأسأمالية عنده تعتبر نسقا ا اجتماعيففا ا وهفو يفرى أن الرأسأفمالية‬
‫الحديثففة تتميففز بهيمنففة الدولففة علففى القتصففاد وعلففى المجففالت الخففرى للحيففاة‬
‫الجتماعية‪.‬‬
‫‪26‬‬

‫النظرية في التربية‬
‫تأثرت النظرية في التربية‪ ،‬ومن ثم النظرية في المناهج بمجال أكبر وهو علم‬
‫الجتماع الذي أبدى علماؤه وعيا ا عميقا ا بأهمية النظرية في علم الجتماع بدءاا من‬
‫النظرية الجتماعية الكلسأيكية وبداية النتفاضة عليها‪ ،‬وظهور التحليلت النقدية‬
‫الحديثة‪ ،‬وظهور التجاهات الفكرية الجديدة التي أكدت أهمية الطابع النساني‪.‬‬

‫ومن نظريات علم الجتماع الشائعة فففي الكتففب والمراجففع المختلفففة‪ ،‬الماركسففية‬
‫كنظرية اجتماعية والتي جمعت تركيبه من الفلسفة اللمانية المثالية ومــن الشأــتراكية‬
‫الفرنسية ومن القتصاد السياسأي النجليزي‬

‫وتستنففففففد نظرية ماركس على الدور الذي يمكن أن تلعبه طبقة البروليتاريا‪،‬‬
‫ومعالجة النظرية لقضايففففففففففا التغير الجتماعي والبناء الطبقي واليديولوجيا‬
‫الشتراكية‪ .‬وقويت نظرية ماركس وفلسفته في المجتمعات التي تزايدت فيها‬
‫الحركات العمالية‪ .‬واعتبر البفففففففعض نظرية ماركس مرفوضة لرتباطها بعناصر‬
‫الديكتاتورية والشمولية )كما كان الحال في التحاد السوفيتي(‪.‬‬

‫حدث هذا في مقابل النزعة المبريقية التي سأيطرت على تطور النظرية في علم‬
‫الجتماع التربية وفي مجال المناهج‪ ،‬في كل من الوليات المتحدة المريكية‬
‫وبريطانية خلل منتصف ق ‪.20‬‬

‫وارتبطت النظرية في علم الجتماع في أوربا الغربية بفترة انتعاش الوظيفية‬


‫كاتجاه فكري ذي صبغة علمية جاء للدفاع عن النظام الرأسأمالي وتبريره‪ .‬ومؤدى‬
‫الوظيفية أن كل شئ يمكن النظر إليه باعتباره نسقا ا يتكون من أجزاء مثل الكائن‬
‫الحي‪ .‬والفكرة الثانية التي تقوم عليها الوظيفية أن لكل نسق احتياجاته السأاسأية التي‬
‫لبد من الوفاء بها‪ ،‬والفكرة الثالثة أن يكون النسق في حالة توازن‪ ،‬والفكرة الرابعة‬
‫أن كل جزء من أجزاء النسق يمكن أن يكون وظيفي نافع للنسق ويمكن أن يكون‬
‫ضار للنسق )مثال وظيفة السأرة بالنسبة للمجتمع(‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫وتعتبر فترة سأتينيات ق ‪ 20‬فترة الهتمام الموضوعي بالفكر الماركسي‪ .‬وقبل‬


‫فكر ماركس تبنت بعض المجتمعات تصور ذري جزئي للمجتمع بمقتضاه يكون‬
‫الفرد منفصلا عن الجماعة برغم عضويته فيها‪.‬‬

‫وتلك النظريات التي سأففبقت مففاركس اتخففذت مفن الفففرد نقطففة إنطلق )نظريففات‬
‫برجوازية(‪.‬‬

‫الفهم الجزئي‬ ‫الفهم الكلي للظاهرة‬


‫للظاهرة‬

‫الفكر الرأسمالي والبرجوازي )الوظيفية(‬ ‫فكر ماركس وهيجل‬

‫المدخل للدراسة‬
‫الجتماعية‬

‫فهم حركة النسان‬


‫والمجتمع‬

‫وقد ثار جدل حول قضية النسبية داخل النظرية الجتماعية أي رفففض فكففرة المماثلففة‬
‫بين مناهج كل من العلوم الطبيعية والعلوم الجتماعية لن العلففوم الجتماعيففة تعالففج‬
‫ظواهر مثالية ل تتكرر بسبب تفردها )كالقيم والمعتقدات والمثل(‪.‬‬
‫‪28‬‬

‫ومن الجدير بالذكر إن نظرية ماركس اسأتندت إلى مبادئ جدلية مادية واضحة‪.‬‬
‫وكانت هناك في ألمانيا نظرية تقوم على الفلسفة المثالية وهي تعارض نظرية‬
‫ماركس المادية‪ ،‬وتنظر المثالية إلى الواقع النساني على أنه شئ ظاهر يتسم‬
‫بالمرونة والتبدل والتحول المستمر‪ ،‬بينما نظرت الماركسية إلى الواقع النساني على‬
‫أنه نتاج اجتماعي لنشاط النسان وقدرته على تشكيل العالم من خلل مصالح‬
‫اقتصادية وسأياسأية معينة‪.‬‬

‫أن معظم المفكرين الذين يصوغون نظريات عن المجتمع النساني إنما يتبنون‬
‫موقفا ا معينا ا يتصل بنشاطاتهم ومصالحهم‪ .‬من جانب آخر تكلم عالم الجتماع‬
‫المريكي جورج هربرت ميد عن النظرية الجتماعية من وجهة نظر السلوكية‬
‫الجتماعية )أي اعتبار السلوك الموضوع السأاس لعلم الجتماع(‪ .‬وبدأ أصحاب هذا‬
‫التجاه يرفضون الكيانات الجتماعية الكلية كوحدة للتحليل الجتماعي )المجتمع‬
‫النساني( وركزوا على السلوك بوصفه وحدة التحليل‪.‬‬

‫والحقيقة أن المتتبع لتطور النظرية في مجال علم الجتماع أو التربية يلحظ أن‬
‫النظرية الجتماعية وتفسيراتها المختلفة تستخدم لتبرير أو تفسير الدعاية لفكره أو‬
‫أفكار معينة أو التأثير على الفراد والمجتمعات لتحقيق المسايرة أو المغايرة‬
‫الجتماعية إن صح التعبير‪)) .‬مثال ذلك ما حدث في سأتينيات ق ‪ 20‬في المجتمع‬
‫المريكي وتزايد قوة التجاه النقدي لعلم الجتماع ودوره المحدود في تغيير النظام‬
‫الجتماعي((‬

‫إن قدرات النسان غير محدودة‪ ،‬والواقع دائم التغير ول يتسم بالسكون أو‬
‫الثبات‪ ،‬ودائما توجد المصالح المتعارضة والمتضاربة داخل المجتمع‪ ،‬وعلينا أل‬
‫نقف عند حد وصف الواقع ولكن تقديم أسأاليب عملية لتغيير المجتمع إلى الصورة‬
‫المثلى‪ .‬وهذا محور النظرية الراديكالية التي تبناها بعض علماء علم الجتماع‬
‫‪29‬‬

‫البريطاني الذين ييعتبرون جزء من اليسار الجديد في الوليات المتحدة وفرنسا‬


‫وألمانيا والبرازيل‪ ،‬وهذا على سأبيل المثال وليس الحصر‪.‬‬

‫وعلى ذلك فإن التربية قد تأثرت بالنظرية الجتماعية والفكر اليديولوجي السائد‬
‫سأواءا في بعدها النظري أو في الممارسأات التربوية داخل الفصل والمدرسأة‪.‬‬

‫نظرية المنهج‬
‫‪30‬‬

‫النظرية عبارة عن بناء عقلي لمجموعة من المفاهيم المرتبطففة بظففاهرة معينففة أو‬
‫مجموعة من المسائل مثلما نقول نظرية القيم أو نظرية المعرفة أو نظرية الفئففات فففي‬
‫مجال الرياضيات‪.‬‬
‫وفي مجالت مثفل الفيزيفاء وعلفوم الفلفك ففإن النظريفة تشفير إلفى فرضففية ثبفت‬
‫صحتها عن طريق المشاهدة أو مجموعة فروض ترتبط منطقيا مع بعضها‪ .‬والفرض‬
‫تخمين ذكي يفيد في حل المشكلت‪.‬‬
‫ومجموعة القوانين تشكل النظرية‪ ،‬وتتكون النظرية من التي‪:‬‬
‫‪ – 1‬حقائق – مفاهيم – متغيرات‪.‬‬
‫‪ – 2‬نظام من العلقات‪.‬‬
‫‪ – 3‬المصطلحات وتعريفها‪.‬‬
‫وهناك قواعد ينبغي مراعاتها عند الهتمام بمفهوم النظرية مثال هذه القواعد‪:‬‬
‫) أ ( المصطلحات الفنية وتحديدها لنها موجهات العمل في النظرية‪.‬‬
‫) ب( تحديد المفاهيم والمسلمات والفروض وهي من السأس المكونة للنظرية‪.‬‬
‫)جف( وصف العلقات بين أجزاء النظرية‪.‬‬
‫ومن الضروري أن ترتبط النظرية بالواقع الحقيقي فإذا إتفقت معه وعكست هذا‬
‫الواقع أصبح هذا دليلا على صدق النظرية وإذا ثبت عدم صحة ذلك فإن النظرية‬
‫تصبح غير نافعة أو صالحة‪.‬‬

‫ومن ثم ينبغي أن تخضع النظرية للمراجعة في ضوء عوامل الواقع ومتغيراته‬


‫بهدف اسأتمرار بقاء النظرية أو تعديلها أو إلغائها‪.‬‬

‫ومن الوظائف التي تحققها النظرية التي‪:‬‬


‫الوصف‬
‫التنبؤ‬
‫الشرح والتفسير‬
‫‪31‬‬

‫كما أن النظرية تقوم بوظيفة مهمة أل وهي مساعدة الفرد في حل مشكلته ولكن‬
‫ينبغي في هذا أن توافق تفسيرات النظرية وشروحها معتقداتنا‪.‬‬

‫خطوات بناء النظرية‪:‬‬

‫‪ -1‬المصطلحات الفنية حيث إنها أدوات التفكير والتصال في مجال من مجالت‬


‫المعرفة المختلفة فالمصطلحات الفنية في التربية تختلف عن المصطلحات الفنية‬
‫في مجال مثل الكيمياء أو علم الفلك وهكذا‪ .‬والمصطلحات الفنية قد نعرفها اسأميا‬
‫بشكل عام وقد تعرف بشكل إجرائي بمعنى وصف الظروف التي يستخدم في‬
‫ضوئها المصطلح لذلك فالخيرة أكثر تعقيدا من الولى السأمية‪ .‬وتعريف‬
‫المصطلحات الفنية يعتبر أمرا هاما وضروريا لنه يساعد في تحديد حدود‬
‫المادة‪ ،‬كما أن السأتخدام الصحيح للمصطلحات يساعد وييسر عملية التفسير‬
‫والتنبؤ‪.‬‬

‫‪ -2‬تضيف الحقائق والتعميمات وأجزاء النظرية في مجموعات متجانسة وعمل‬


‫العلقات بينها بهدف الوضوح والفهم‪.‬‬

‫‪ -3‬السأتدلل للوصول إلى تعميمات أكبر‪ ،‬مثال أن يلحظ شخص بأن كل النبات له‬
‫سأاق وأوراق من خلل جملة مشاهداته وملحظاته‪ ،‬فيستدل من ذلك بأن كل‬
‫النباتات لها سأاق وأوراق والسأتنتاج هو العملية التي يتوصل من خللها‬
‫الشخص إلى نوع من العموميات في ضوء عناصر فرعية‪.‬‬

‫‪ -4‬السأتنباط‪ .‬ويقصد به الوصول من المعلوم إلى ما ليس معلوم بمعنى الوصول‬


‫من خلل ملحظات معينة إلى تعميم‪ .‬أو طرح فروض يمكن من خللها التوصل‬
‫إلى فروض جديدة لم تكن محددة من قبل‪ .‬ولذلك فهو يعتبر عملية هامة للوصول‬
‫إلى النظرية والسأتنباط يحتاج إلى البحث‪ .‬والبحث عملية مهمة في تطوير‬
‫‪32‬‬

‫النظرية وذلك من خلل السأتفادة من نتائجه‪ .‬وكلما كان البحث جاد كلما سأاعد‬
‫ذلك في صدق النظرية‪.‬‬

‫‪ -5‬النماذج‪ .‬النموذج عبارة عن تمثيل ظاهرة معينة في الواقع وهو يساعد في شرح‬
‫الحقائق وتوضيح المعلومات والتعبير عن العلقات المتضمنة في الظاهرة‪.‬‬
‫ولذلك نقول بأن النموذج مرحلة للوصول إلى نظرية‪ .‬ومن أنواع النماذج‬
‫المعروفة‪ ،‬النموذج القياسأي يمكن من خلله قياس مدى صدق النظرية‪،‬‬
‫والنموذج الشكلي الذي يتكون من مجموعة من الرموز تعبر في مضمونها عن‬
‫النظرية‪ ،‬والنموذج التفسيري وهو يساعد في تفسير النظرية‪.‬‬

‫‪ -6‬النظريات الفرعية‪ .‬قد ينبثق عن النظرية الم نظريات فرعية تساعد على‬
‫التفسير لكثير من العلقات الخاصة بالنظرية الم‪.‬‬

‫ويقصد بنظرية المنهج مجموعة من العبارات المرتبطة التي تعبر عن المنهج من‬
‫حيث عناصره وتصميمه واسأتخدامه وتقويمه وتطويره وطبيعة العلقات والتفاعلت‬
‫بين عناصر المنهج المختلفة‪.‬‬
‫والمتتبع للكتابات في هذا الشأن يلحظ أن نظريات المنهج قد تعددت وذلك بتعدد‬
‫الفلسفات التي تقوم عليها تلك النظريات‪.‬‬
‫والمتتبع لدب مجال المناهج يجدها تدور حول اتجاهات ثلثة‪:‬‬
‫التجاه الول‪ :‬المنهج المتمركز حول المادة الدراسأية‪.‬‬
‫التجاه الثاني‪ :‬المنهج المتمركز حول الطفل‪.‬‬
‫التجاه الثالث‪ :‬المنهج المتمركز حول المجتمع‪.‬‬
‫والختلفات بين هذه التجاهات يتركز في النظر إلى طبيعة التفاعل بين عناصر‬
‫مدخلت المنهج وأبعاده ونوع المخرج التعليمي أو الناتج التعليمي‪ .‬كما أن سأبب‬
‫الختلف بين هذه التجاهات يرجع إلى طبيعة الفكر والفلسفة التي يستند عليها كل‬
‫اتجاه‪ ،‬هذا من جانب‪ ،‬وإلى اختلف النظرة لكل من‪:‬‬
‫‪33‬‬

‫) أ ( طبيعة الفرد‪.‬‬
‫) ب( طبيعة المعرفة‪.‬‬
‫)جف( طبيعة المجتمع‪.‬‬
‫وعلى الرغم من التباين والختلف بين هذه التجاهات ومن ثم نظريات المنهج‪،‬‬
‫إل أن هذا الختلف قد يساهم في تطور الفكر النساني والفكر التربوي ويساهم في‬
‫بناء التراث التربوي‪.‬‬

‫وعلى ذلك فالمنهج هو كل تعلم مخطط وموجه بواسأطة المدرسأة سأواء يتم في‬
‫مجموعات أو فرديا داخل المدرسأة أو خارجها‪ .‬والملحظ أن كلمة منهج قد‬
‫اسأتخدمت اسأتخدامات عدة فالبعض نظر إليها على أنها خطة والبعض الخر نظر‬
‫إليها على أن المنهج وثيقة مكتوبة‪ ،‬والبعض ينظر إلى كلمة منهج إشارة إلى البرنامج‬
‫التعليمي‪ ،‬وهناك من يرى المنهج أنه كل العمل المدرسأي أو جزء منه‪.‬‬

‫وكل منهج يتضمن مجموعة من العمليات مثل تحديد مجال المنهج‪ ،‬تحديد‬
‫الشخاص المشتركين في صنع المنهج‪ ،‬كتابة المنهج‪ ،‬تنفيذ المنهج وتقويمه‪ ،‬ثم‬
‫تطوير المنهج‪.‬‬
‫تطور الهتمام بنظرية المنهج‬
‫المرحلة الولى يمكن النظر إليها خلل الفترة من ‪ .1950 – 1918‬والمرحلة‬
‫الثانية من ‪ 1950‬وحتى نهاية الثمانينات من القرن العشرين‪ .‬والمرحلة الثالثة التي‬
‫مرت بضع سأنين على بدايتها وشملت نهاية القرن العشرين وبدايات القرن الواحد‬
‫والعشرين ولزلنا فيها‪......‬‬

‫في الفترة من ‪: 1950 – 1918‬‬


‫‪34‬‬

‫رأى كتاب هذه المرحلة ضرورة تحليل نشاط الكبار في المجتمع وصول إلى‬
‫صياغة للمنهج بحيث يتم إعداد الصغار لحياة هؤلء الكبار فيما بعد‪ .‬والملحظ أن‬
‫هذه الفترة اهتمت باسأتخدام العلم في حل مشكلت المنهج وأن وظيفة المنهج إعداد‬
‫الصغار لحياة الكبار فيما بعد‪ .‬وتحليل حياة الكبار لمعرفة المهارات والمعارف‬
‫والتجاهات واعتبار هذا مدخل لتخطيط المنهج‪.‬‬

‫ثم ظهرت المدرسأة التقدمية التي اهتمت بتربية الطفل واتجهت في بناء مناهجها‬
‫ليكون الطفل بخصائصه مركزا ومحورا لتلك المناهج‪ .‬وأصبح المحك الهام هو‬
‫اهتمامات الطفل وحاجاته‪.‬‬

‫ثم ظهر اتجاه يركز على المجتمع‪ .‬وخلل هذه المرحلة الخيرة بدأت الصيحة‬
‫بضرورة أن يشترك المعلم في المساهمة في صنع قرارات المنهج‪.‬‬
‫الفترة من ‪ 1950‬وحتى الثمانينات من ق ‪: 20‬‬

‫من تلك الجتهادات الفكرية في الخمسينات من ق ‪ 20‬السعي لتحديد مهام نظرية‬


‫المنهج والتي تحددت في‪:‬‬

‫‪ – 1‬تحديد العناصر اللزمة لتطوير المنهج‪.‬‬

‫‪ – 2‬تحديد العلقات بين هذه العناصر‪.‬‬

‫‪ – 3‬التنبؤ بمستقبل عملية تطوير المنهج‪.‬‬

‫وقد تحدث الكتاب في التربية عن السأس التي ينبغي النظر إليها عند بناء نظرية‬
‫للمنهج وكانت هذه السأس تدور حول الهداف للعملية المدرسأية‪ ،‬والخبرات التربوية‬
‫التي تحقق هذه الهداف‪ ،‬وكيف يمكن أن تنظم هذه الخبرات بشكل فعال؟ وكيف‬
‫نحدد أن الهداف قد تحققت أم ل؟‬
‫‪35‬‬

‫وقد رأى جورج بوشامب وهو أحد الذين كتبوا في مجال نظرية المنهج‪ ،‬ضرورة‬
‫اسأتعارة ما كتب في مجال بناء النظرية بوجه عام وتطبيقه على مجال المنهج ولذلك‬
‫رأى ضرورة‪:‬‬
‫‪ – 1‬السأتخدام الدقيق للمصطلحات الفنية‪.‬‬
‫‪ – 2‬تصنيف المعرفة وتحليلها‪.‬‬
‫‪ – 3‬اسأتخدام التنبؤ للوصول إلى التعميمات والقوانين‪.‬‬
‫بينما رأى آخرون أن الفلسفة كمجال يمكن أن تخدم بناء نظرية للمنهج عندما‬
‫يكون هناك تبريراا للهداف التعليمية‪ ،‬وتبريراا لختيار وتنظيم المعرفة‪ ،‬والتعامل‬
‫بدقة مع اللفاظ وما تثيره من مشكلت‪.‬‬

‫وعبر تطور الكتابات في مجال المناهج ظهر مدخل النظم الذي يحتوي على‬
‫مدخلت ومحتوى ومخرجات ثم تغذية راجعة ولكن هذا المدخل رأى البعض أنه‬
‫مقيد للجهود في بناء النظرية‪.‬‬

‫وظهرت أنماط من نظرية المنهج يمكن تلخيصها على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬نظرية المنهج )نظرية الحدث( وتقوم على تجميع الحداث في إطار والقيام‬
‫بالربط بينها‪ ،‬ورأى البعض أن المنهج يعتبر حدث من نظرية التعلم ولذلك‬
‫اعتبرت نظرية المنهج نظرية فرعية من نظرية التعلم‪.‬‬

‫‪ ‬نظرية المنهج القيمي وركزت على المحتوى التعليمي من حيث قيمته وفائدته‬
‫بالنسبة للطلب‪.‬‬

‫‪ ‬نظرية المنهج العملي وركزت على الوسأائل المطلوبة لتحقيق أهداف المنهج‪.‬‬

‫والمرحلة التالية اهتمت بدور التعريفات والنماذج في بناء النظرية وفي هذه‬
‫المرحلة تم النظر إلى المنهج على أنه سألسلة من النواتج التعليمية المقصودة‪ ،‬وأن‬
‫‪36‬‬

‫المنهج يقوم على الختيار الجيد وجودة البناء‪ ،‬وهو يقود التعليم‪ ،‬ويتطلب تقويمه‬
‫إعداد أدوات جيدة‪.‬‬

‫ولوضع نظرية جيدة للمنهج ينبغي مراعاة التي‪:‬‬


‫أو ا‬
‫ل‪ :‬أن تقوم النظرية على تحديد دقيق للمنهج بمعنى هل المنهج يشفمل جميفع العمفل‬
‫المدرسأي؟‬

‫هل يشمل التدريس فقط‪.‬‬

‫هل تعلم التلميذ جزء من المنهج؟‬

‫هل يجب أن يحتوي المنهج على أهداف معرفية‪ ،‬مهارية سألوكية‪ ،‬وجدانية أم‬
‫على نوع واحد من تلك الهداف‪.‬‬

‫هل يجب وضع خطة لتنفيذ المنهج وتقويمه؟‬

‫ثانياا‪ :‬أن يتضح في نظرية المنهج مصدر صنع القرار بمعنى هل يوضع المنهج على‬
‫أسأاس تحليل نشاط الكبار؟‬

‫هل يوضع المنهج على أسأاس التركيز على التراث الثقافي؟‬

‫هل يوضع المنهج على أسأاس ميول التلميذ وحاجاتهم؟‬

‫هل يوضع المنهج بحيث يدور حول قضايا المجتمع ومشكلته؟‬

‫هل يكون هناك تدخل من رجل السياسأة في صنع قرارات المنهج‪.‬‬

‫ثالثاا‪ :‬شكل تصميم المنهج‪ .‬هل يصمم المنهج في شكل وثيقة مكتوبة يلتزم بها‬
‫المعلمون؟‬

‫هل يصمم ليناسأب مستوى دراسأي معين؟‬

‫هل يصمم المنهج ليناسأب بيئات محلية بعينها أم على المستوى المركزي؟‬
‫‪37‬‬

‫هل يصمم بطريقة منطقية أم سأيكولوجية‪.‬‬

‫رابعاا‪ :‬أن يتضح في نظرية المنهج المشاركون في صنع المنهج وكيفية تنفيذه‪ .‬هل‬
‫المعلمون أصحاب الحق في تخطيط المنهج؟‬

‫هل أصحاب التخصص الكاديمي للمادة؟‬

‫هل أصحاب الخبرة التربوية؟‬

‫هل من حق المواطن )أي مواطن( الحق في تخطيط المنهج؟‬

‫ما هي الوسأائل التي تحقق نجاح تنفيذ المنهج؟ هل اختبارات التحصيل أم‬
‫المقاييس النفسية أم أسأاليب الملحظة أم غير ذلك؟‬

‫هذه وغيرها تساؤلت ينبغي الجابة عنها للوصول إلى نظرية جيدة للمنهج‪.‬‬
‫‪38‬‬

‫المعرفة ونـشوء‬
‫النظرية‬
‫يعتبر ق ‪ 19‬فترة المخاض السوسأيولوجي‪ ،‬بينما يعتبر ق ‪ 20‬بفترة الزدهار‬
‫السوسأيولوجي‪ .‬وكان من رعيل العلمفاء ففي ق ‪ 19‬أوجسفت ك ونت وكفارل مفاركس‬
‫وماكس فيبر واميل دوركايم وفلفريدو باريتو ‪ ،‬الذين قدموا إنجازات رائعة في‬
‫حركة تطور النظرية الجتماعية كان لرائهم تأثيرا في النظرية التربوية النظرية في‬
‫المنهج‪.‬‬
‫وكانت أفكار هؤلء العلماء نبض لحس ق ‪ 19‬من الناحية التاريخية‪ ،‬ومع ق ‪20‬‬
‫بدأت مصطلحات ومفاهيم مثل )الديمقراطية والبيروقراطية والرأسأمالية والغتراب‬
‫والترشيد والطبقة والسلطة( تكتسب وجودها وقوتها التفسيرية في تطور الحداث‪.‬‬
‫لن تلك المفاهيم ترتبط بأنساق فكرية كبرى وتعكس التحولت التي طرأت على‬
‫المجتمع الوروبي‪.‬‬

‫ويعتبر علم الجتماع خلل ق ‪ 19‬ظاهرة أوربية ثم ما لبث أن اتجه ليصبح‬


‫ظاهرة أمريكية وبدأ يبعد عن الفلسفة والتاريخ ويوثق صلته بعلم النفس والبيولوجيا‪.‬‬
‫ويرى البعض أن هذه النقلة تعتبر فترة أزمة بالنسبة لعلم الجتماع ومن ثم كان لذلك‬
‫تأثيره على التربية بصفة عامة ومجال المناهج بصفة خاصة‪.‬‬

‫ولعل اهتمام علم الجتماع المريكي بمجال مثل علم النفس الجتماعي‪ ،‬كان‬
‫سأببه زيادة الهتمام بدراسأة المشكلت الجتماعية التي فرضت نفسها على المجتمع‬
‫المريكي خلل ق ‪ .20‬وبدأ علم الجتماع يبتعد عن القضايا السياسأية العامة ليهتم‬
‫بالدراسأات الواقعية للقضايا والمشكلت بدءا من قضايا التكيف الجتماعي إلى‬
‫تخطيط المدن‪ .‬ومن ثم تزايد الهتمام بالتنظير خلل النصف الول من ق ‪.20‬‬

‫وتفاوتت النظريات من النظرية الكبرى مثل نظرية بارسأونز ‪ Parsons‬في‬


‫النسق الجتماعي إلى النظريات المحددة التي تتناول الجماعة‪.‬‬
‫‪39‬‬

‫وهناك علقة بين علم الجتماع وبين الحياء والجغرافيا والثنولوجيا وعلم‬
‫النفس‪ ،‬من خلل نظريات سأكانية ‪ -‬نظريات عن أشكال الجماعات ‪ -‬نظريات عن‬
‫النظم الجتماعية ‪ -‬نظريات عن الضبط الجتماعي‪.‬‬

‫ودخلت النزعة البراجماتية في علم الجتماع وعلم التربية خلل الربعينات من‬
‫ق ‪ 20‬وتزايد الهتمام باسأتخدام السأاليب الحصائية والصياغات الرياضية في قياس‬
‫الظواهر الجتماعية‪ .‬وهذه هي الفترة التي حاولت أمريكا فيها تقريب دراسأة‬
‫الظواهر الجتماعية من نموذج العلم الطبيعي وهو ما يمكن تسميته بالتحكم التجريبي‬
‫في شئون المجتمع وإن كان موضوع مثل القيم الجتماعية قد يستعصى على الدراسأة‬
‫الكمية‪ ،‬وهذا جعل علماء الجتماع يهملون ويتجاهلون موضوع القيم الجتماعية‪.‬‬
‫ومن ثم الدخول في مرحلة مفهوم الحياد الخلقي الذي تكلم عنه دوركايم‪ ،‬وفيبر‪.‬‬

‫ونتج عن هذا الوضع تفسيرات متنوعة فمثل تذهب نظريات اجتماعية في‬
‫تفسيرها للجريمة بأنها نتاج للبناء الطبقي‪ ،‬أو بأنها نتاج لعوامل أسأرية وسأيكولوجية‬
‫وبيئية‪ ،‬أو أنه انحراف عن المعايير الجتماعية‪ ،‬أو أنه له علقة بالصحة العقلية‪.‬‬
‫ويسعى عالم الجتماع نحو صياغة نظرية اجتماعية قادرة على توليد حلول‬
‫اجتماعية للمشكلت النسانية‪.‬‬
‫* البحث في طبيعة النظرية الجتماعية‬
‫كلمففا مضففى الففوقت وتراكمففت المعرفففة العلميففة ازدادت النظريففات ثففراءاا ورسأففوخا ا‬
‫وتكام ا‬
‫ل‪ .‬والباحث عفن النظريففة الجتماعيففة أو النظريففة التربويففة أو حففتى نظريففة‬
‫المنهج المدرسأي يجد حشداا هائلا من الراء المختلفة والمتضففاربة وتكففون أصففعب‬
‫مهمة أن يبحث عن نقاط اللتقاء أو التفاق بين العلماء‪.‬‬

‫وهذا الختلف موجود حتى في أكثر المصطلحات عمومية مثل مصطلح‬


‫"مجتمع" الذي له عشرات التعريفات في علم الجتماع وفي التربية‪.‬‬
‫‪40‬‬

‫وقد كتب عالم الجتماع المريكي روبرت مرتون يقول "يوجد في الوليات‬
‫المتحدة أكثر من خمسة آلف عالم اجتماع ولكل منهم علم الجتماع الخاص به‪ .‬فل‬
‫يوجد علم اجتماع واحد ولكن هناك علم اجتماع أمريكي وعلم اجتماع صيني وآخر‬
‫روسأي وهكذا‪.‬‬

‫والحقيقة أنه في مجال العلوم الطبيعية كالفيزياء أو الكيمياء توجد نظرية واحدة‬
‫على مستوى عال من التجريد ولكن الوصول إلى مرحلة النضج هذه في العلوم‬
‫الطبيعية لم يأتي من فراغ ولكن من مرور بمراحل من الصراع بين النظريات‬
‫بعضها وبعض‪ .‬وهذه المرحلة الخيرة هي حال علم الجتماع وعلم التربية فليس‬
‫هناك اتفاق حول المصطلحات أو القضايا المتجانسة‪ .‬ولكن هناك من يقول أن‬
‫الختلف بين علماء الجتماع أو علماء التربية آخذ في النقصان‪.‬‬

‫و اليملفت للنظر هنا اتفاق المراجع المتخصصة التي تبحث في النظرية في علم‬
‫الجتماع على مشكلة تعريف المفاهيم والتي تعتبر هي المادة الولية في بناء أي‬
‫نظرية‪ .‬وهذه أول صعوبة يواجهها الدارس في مجال النظرية الجتماعية وكذلك‬
‫تعدد النظريات‪.‬‬

‫ولذلك يمكن أن نقول أن الصعوبات في النظرية والبحث فيها يتجلى في‪:‬‬

‫‪ -1‬صعوبة ومشكلة تعريف المفاهيم‪.‬‬

‫‪ -2‬صعوبة تصنيف النظريات أو مسمياتها أو حتى التفاق على أسأس تصنيفها‪.‬‬

‫‪ -3‬صعوبة الختلف في أسأس تقييم النظريات الجتماعية فكل اتجاه نظري يضع‬
‫أسأسا ا لتقييم النظرية الجتماعية‪.‬‬

‫‪ -4‬صعوبة من يعمل في الكتابة في مجال النظرية الجتماعية‪.‬‬

‫المعرفة العلمية‬
‫وأشكالها‬
‫‪41‬‬

‫المعرفة عبارة عن نسق من المعاني والمعتقدات والحكام والمفاهيم والتصورات‬


‫الفكريففففة التي يكونها النسففان عففن أي جففانب مففن الجففوانب الخاصففة بففالكون الففذي‬
‫يعيش فيه‪.‬‬

‫ويعد الواقع ‪ Reality‬هو مصدر المعرفة سأوااء كان هذا الواقع طبيعي أو بيئي‬
‫أو اجتماعي‪.‬‬

‫وأول أنواع المعرفة‪ ،‬هي تلك "المعرفة العلمية" وهي تلك التي نشأت من خلل‬
‫محاولت النسان السيطرة على الطبيعة بجوانبها الفيزيقية والجتماعية‪.‬‬

‫والنوع الثاني من المعرفة هي "المعرفة غير العلمية" فيتمثل في المعرفة‬


‫الميتافيزيقية التي تفسر ظاهرات الكون‪ .‬والنوع الثالث من المعرفة هي "المعرفة‬
‫الدبية والفنية" التي تسعى الخيرة إلى تحقيق مشاعر إنسانية معينة أو يستمد‬
‫النسان منها بعض المشاعر كالجمال مث ا‬
‫ل‪.‬‬

‫والمعرفة العلمية يستخدم معها المنهج العلمي والذي يتصف بالخصائص التية‪-:‬‬

‫) ‪ ( 1‬العتماد على الدلة ‪ Facts‬وصفاتها‪:‬‬

‫* الدقة ‪Accuracy‬‬

‫* التحديد ‪Precision‬‬

‫* التسجيل الدقيق‬

‫* الموضوعية‪.‬‬

‫) ‪ ( 2‬التسليم بمبدأ الحتمية‪:‬‬


‫‪42‬‬

‫حيث ييسلم المنهج العلمي بأن جميع مظاهر الكون نتاج لعمليات أو أحداث طبيعية‬
‫أي اكتشاف العلقات بين الظاهرة التي يدرسأها العلماء وبين ما سأبقها من أحداث‬
‫أدت إلى وقوعها‪.‬‬

‫) ‪ ( 3‬التسليم بترابط ووحدة ظاهرات الطبيعة‪:‬‬

‫جميع ظاهرات الكون مترابطة ومتفاعلة مع بعضها وعلى النسان أن يبحث في‬
‫الكشف عن طبيعة هذا الترابط والتفاعل والتوصل إلى القوانين التي تحكمه‪.‬‬

‫) ‪ ( 4‬التسليم بأن هناك درجة من الستمرارية أو الثبات النسبي والنتظام في‬


‫ظاهرات الكون‪.‬‬
‫* عناصر المعرفة العلمية وطبيعتها‬
‫‪ – 1‬ملحظات منظمة دقيقة وموضوعية لوقائع في الكون‪.‬‬

‫‪ – 2‬إجراءات تستخدم في إجراء الملحظات مثل القياس والتجربة‪.‬‬

‫‪ – 3‬اسأتنتاجات عامة تبين العلقات الترابطية والسببية بينها‪.‬‬

‫فالمعرفة العلمية تختلف عن المعرفة الففتي يحصففلها النففاس العففاديين فففي حيففاتهم وتجففاربهم‬
‫اليومية‪.‬‬
‫أما المعرفة الميتافيزيقية والفنية والدبية ل تزيد عن كونها تأملت فكرية ل تستند على‬
‫ملحظات منظمة ودقيقة وموضوعية‪.‬‬

‫معرفة حسية عيانية ‪ Concrete‬تعتمد على الحواس‬ ‫وتتكون المعرفة العلمية من‬

‫معرفة عقلية مجردة ‪ Abstract‬تعتمد على العقل‬

‫ومن خلل تفاعل كل من المعرفة الحسية والمعرفة العقلية تتقدم المعرفة وتتطور‪.‬‬
‫‪43‬‬

‫والحساسأات حين تصل إلى المخ يحولها المخ من إحساسأات إلى مدركات أي إضفاء‬
‫معنى على مجموعة معينة من الحساسأات المباشرة وقد يتم اسأتعادة هذه المدركات في المخ‬
‫مرة أخرى وتسمى أفكارا ‪. ideas‬‬

‫ولكن المهم أن المعرفة الحسية ل توصلنا إلى جوهر الشياء الداخلية مثال إدراك ضوء‬
‫منبعث من لب مة كهرباء ل يكفي لكي نعرف أن هذا الضوء منبعث من سأيل من اللكترونات‬
‫تتحرك بسرعة معينة‪ .‬ويعتمد العلم على الجانب الحسي في جمع المعلومات الموضوعية‬
‫عن الظاهرات‪.‬‬

‫أما المعرفة العقلية المجردة فيتصف بها النسان دون غيره من الكائنات الحية وذلك لما‬
‫يتمتع به من جهاز عصبي معقد ومتطور‪ .‬ويعتمد التفكير عند النسان على الرموز‬
‫‪ Symbols‬والتي هي عبارة عن أفكار‪ .‬وتتدرج الرموز من الرموز البسيطة إلى الرموز‬
‫المعقفففففففففففدة )مثال رمز سأيارة – رمز وسأائل النقل(‪ .‬وتعرف هذه الرموز بالمفاهيم‬
‫‪ Concepts‬التي تعتمد على عمليتي التحليل والتركيب‪ ،‬وكلها نتاج للتفكير العقلي‪.‬‬
‫* أشكال المعرفة العقلية المجردة‬
‫) ‪ ( 1‬الحكام أو القضايا‬
‫وهي عبارة عن تقريرات أو تعبيرات عن أشياء تم ملحظتها‪:‬‬

‫مثال‪ :‬كلما ارتفعنا عن سأطح البحر تقل درجة الحرارة‪.‬‬

‫مثال‪ :‬توجد أشكال مختلفة لنظمة الحكم في المجتمعات )السأتبدادية‪،‬‬


‫الديمقراطية‪ ،‬الديكتاتورية(‪.‬‬
‫) ‪ ( 2‬الفـروض‬

‫تقرير عن علقة محتملة بين ظاهرتين أو أكثر أو حدثين أو أكثر وهو يستند على‬
‫ملحظات سأابقة‪.‬‬
‫) ‪ ( 3‬القانـون‬
‫‪44‬‬

‫وهو عبارة عن علقة ثابتة بين متغيرين وهو مثل الفرض يتضمن نوعا ا من‬
‫التعميم ومن أنواع القوانين‪ :‬القوانين النوعية أو الجزئية ف والقوانين العامة مثل تلك‬
‫المتعلقة بمجموعة كبيرة من الظاهرات‪ ،‬القوانين الكلية أو الشمولية مثل المتعلقة‬
‫بالكون‪.‬‬
‫) ‪ ( 4‬النظريــة‬
‫هي نسق من المعرفة المعممة تفسر جوانب الواقع‪ ،‬وهي أعلى درجة من التجريد‬
‫والتعميم في العلم‪ .‬وتفسر النظرية القوانين وتفسر الخيرة الوقائع ‪ Facts‬التي تم‬
‫ملحظتها‪.‬‬

‫ويرى بعض الثقاة أن أبعاد النظرية ثلثة هي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬الشكل أو البناء المنطقي‪.‬‬

‫ب – المضمون أي التعميمات‪.‬‬

‫جف – الفتراضات‪.‬‬

‫وتتكون كل نظرية من مجموعة من القضايا‪.‬‬


‫* من وظائف النظرية في العلم‬
‫)‪ (1‬النظرية ترشد عملية التطبيق والتنفيذ‪.‬‬

‫)‪ (2‬تحدد أوجه النقص في المعرفة العلمية وتلخصها وتنظمها‪.‬‬

‫)‪ (3‬التنبؤ بالوقائع )إذا لم نترك مسافة بين قضبان السكك الحديدية فإنها سأوف‬
‫تتقوس( لن المعادن تتمدد بالحرارة‪.‬‬

‫)‪ (4‬يتلخص الوقائع وبدون عملية التلخيص والتنظيم يصعب اللمام بمكتشفات العلم‪.‬‬

‫)‪ (5‬تقدم إطار تصوري يسترشد به العالم عند جمعه للحقائق‪.‬‬


‫‪45‬‬

‫وتتضح الوحدة العضوية بين النظرية أو المعرفة العقلية من جهة والمعرفة‬


‫الحسية من جهة أخرى في العلوم الطبيعية أكثر منها في العلوم الجتماعية فما زالت‬
‫العلوم الجتماعية تعاني من النفصال بين النظرية من جهة وبين المعرفة العقلية‬
‫والمعرفة الحسية من جهة أخرى‪.‬‬

‫المعرفة الحسية والمعرفة العقلية‬

‫منذ ق ‪ 16‬و ق ‪ 17‬وجه فلسأفة العصر الحديث اهتمامهم بنظرية المعرفة‬


‫وظهور الميتافيزيقا وتجاوز حدود المعرفة النسانية في بعض الحيان‪.‬‬
‫‪46‬‬

‫والهتمام بالمعرفة النسانية كان من الموضوعات المهمة في الفلسفة اليونانية‬


‫منذ هيراقليطس وسأقراط‪ .‬لقد وجد أرسأطو غالبية الناس يعتقدون أن حواسأهم هي‬
‫وسأيلتهم إلى المعرفة‪ ،‬ولذلك اهتم بدراسأة طبيعة الحواس ولكنه أكد قصورها‬
‫ومحدوديتها ولذلك اهتم بالعقل لنه المميز للنسان عن الحيوان‪ .‬فالحيوان يشاهد كما‬
‫يشاهد النسان‪ ،‬لكن النسان وحده القادر على تنظيم مشاهداته والسأتفادة منها في‬
‫تكوين بناء متكامل للمعرفةعن هذا العالم من خلل القدرات العقلية‪.‬‬

‫ونظرا لهتمام أرسأطو بالعقل النساني أسأس علم المنطق واهتم بتأسأيس نظرية‬
‫في العلم تستند على دعائم أربع هي‪:‬‬
‫‪ – 1‬التعريف‬
‫‪ – 2‬القياس‬
‫‪ – 3‬السأتقراء‬
‫‪ – 4‬العلية )السببية(‪.‬‬

‫تعتبر نظرية المعرفة من المباحث الفلسفية القديمة وكتب عنها الفيلسوف‬


‫والمربي جون لوك في نهاية ق ‪ .17‬وهناك علقة بين نظرية المعرفة والنظريات‬
‫الفلسفية الخرى ومنها النظريات عن الوجود‪ .‬ولكن ثمة تعريفات كثيرة للمعرفة‬
‫فهناك من ربطها بتحصيل العلم والعمليات العقلية أو هي فرعا من علم النفس لها‬
‫الحساس‬ ‫علقة بعمليات مثل‪:‬‬
‫الدراك‬
‫التذكر‬
‫التخيل‬
‫النتباه‬
‫التفكير‬
‫‪47‬‬

‫ولكن هي أيضا )المعرفة( لها علقة بمشكلة الذات والموضوع وتطور العلم‪.‬‬
‫البعض رآها مبحثا ا نفسيا ا والبعض رآها مبحثا ا منطقيا ا والبعض نظر إليها على أنها‬
‫مبحث مستقل يدخل في إطاره التفرقة بين المحسوس وما هو خارج دائرة‬
‫المحسوس‪ .‬أي بين ما يدخل في دائرة التجربة وما يخرج عنها وتبحث في التمييز‬
‫بين ما يدركه العقل إدراكا ا بديهيا فطريا ا وبين ما يتم اكتسابه عن طريق التجربة‪ .‬كما‬
‫تبحث نظرية المعرفة في التمييز بين المعلومات الذاتية والمعلومات الموضوعية‪.‬‬
‫وتبحث كذلك في موضوع الوجود والتغيير‪.‬‬

‫ويرى بعض الفلسأفة أن المعرفة التي تأتي عن طريق الحواس )البصر – السمع‬
‫– الشم والمذاق واللمس( عرضة للخطأ ولكن المعرفة التي تأتي عن طريق العقل‬
‫فهذه هي اللة الماهرة التي تقودنا نحو الحقيقة كما سأماها البعض من الكتاب‪.‬‬

‫والدراك الحسي عند أرسأطو مجرد إنفعال وهو في نظره شئ متغير ‪allowsis‬‬
‫وفعال ‪ energeia‬في إدراك الواقع الفعلي‪ ،‬ويرى التأمل ‪ noesis‬قوة فعالة حقيقية‪.‬‬

‫والخلصة أنه يؤمن بالنمو التدريجي للمعرفة من النطباعات الحسية إلى‬


‫المبادئ والقواعد العامة‪ ،‬والمهم أن أرسأطو قد ميز بين المعرفة وبين الميتافيزيقا‪،‬‬
‫ولكن أي الجانبين كان أسأبق في وجوده عند أرسأطو فهذا صعب أن نجزم به‪.‬‬

‫ويتضح مما سأبق في الحديث عن نظرية المعرفة عند أرسأطو كيف أن بناء‬
‫النظرية يساهم بشكل أو بآخر في تنمية المعرفة باسأتمرار‪.‬‬

‫* أهمية المعرفة الحسية‬


‫يوجد لدى أرسأطو شغف بالمعرفة الحسية عن العالم الخارجي الذي يعيش فيه‬
‫النسان‪ .‬وبذلك أفسح أرسأطو المجال نحو التجربة وتكلم عن الدراك الحسي حيث‬
‫‪48‬‬

‫قال أن الحساس يتولد في النفس من خلل توسأط البدن أي بتوسأط العضاء الحسية‪.‬‬
‫ويرتبط الحساس بالرغبة والمشيئة )أو الرادة( ))البصر والمرئى‪ ،‬السمع‬
‫والصوت‪ ،‬الشم والرائحة‪ ،‬الذوق والطعم‪ ،‬اللمس والملموس‪ ،‬التمييز بين الكيفيات‬
‫الحسية((‪.‬‬

‫وهناك من يرى أن مركز الحساس أو الحواس هو المخ والعقل‪.‬‬

‫وهناك من يرى أن مركز الحساس أو الحواس هو القلب‪.‬‬

‫وهناك من يرى بعض مراكز الحواس في الرأس والبعض يراها خارج الرأس‪.‬‬
‫* أهمية المعرفة العقلية‬
‫يرتبط العقل بعمليتي الوعي والفهم والعلة الغائية وهو يعتبر الملكة التي يتميز بها‬
‫النسان عن الحيوان‪ .‬والنسان يعيش لكي يفكر ولكي يتعلم وهي الغاية من وجوده‬
‫من وجهة نظر الفلسأفة‪ .‬وترتبط أفعال العقل بالبدن‪.‬‬

‫" إن وجود الجسد إنما يكون من أجل وجود النفس"‬


‫والنفس في بعض الحيان عاقلة وفي البعض الخر غير عاقلة‪.‬‬

‫والنفس في علقتها بالجسد مثل علقة الملح بالسفينة‪.‬‬

‫)والحس والدراك الحسي(‬ ‫) العقل والدراك العقلي(‬

‫)القلب مقر العقل‪ ،‬والمخ يخدم العقل بتأثيره في القلب( إذا هناك إدراك حسي‬
‫وهناك إدراك عقلي‪.‬‬

‫* النظرية في الرياضيات‪:‬‬
‫مرت الرياضيات في تاريخها بأزمات اسأتوجبت إعادة النظر في السأس التي‬
‫تقوم عليها‪ .‬ولعل أولى هذه الزمات ما شهدته الهندسأة في عصر الفيثاغوريين‬
‫‪49‬‬

‫وعقيدتهم الكونية التي تجعل العداد الصحيحة أسأاس كل شئ‪ .‬ولكن اكتشفوا أن هذه‬
‫المسلمة غير صحيحة‪ .‬وظلت هذه الزمة حتى جاء يودوكسس )‪ 355 – 408‬ق‪.‬م(‬
‫ووضع تعريفه للتناسأب‪ ،‬ودخلت الهندسأة عصرا جديدا هو ما سأمي بعصر الهندسأة‬
‫القليدية وظهور كتاب إقليدس الشهير "المبادئ"‪.‬‬

‫ثم دخلت الرياضيات في أزمة أخرى اسأتوجبت إعادة النظر في الرياضيات‬


‫وكذلك المنطق الذي تقوم عليه الرياضيات وفي اللغة التي تصاغ من خللها‪.‬‬

‫ومن هذه المشكلت‪:‬‬


‫) أ ( مشكلة الصدق‬
‫م ل‬
‫ل أو بعض‬ ‫ج م‬
‫والصدق عكس الكذب وكل منهما صفة من صفات ال ج‬
‫الجمل والجمل النشائية ل توصف بالصدق أو الكذب‪ ،‬ولكن‬
‫الجمل الخبارية ذات المعنى يمكن أن توصف بالصدق أو الكذب‬
‫وليس بالثنين معاا‪.‬‬
‫لكل س ‪ ،‬توجد ص ‪ ،‬بحيث ) س = ص ‪ +‬ص (‬

‫هل الجملة السابقة صادقة هذا يتوقف على الطار الذي نفسرها فيه )العداد‬
‫الطبيعية والعداد الكسرية(‪.‬‬
‫) ب ( مشكلة البرهان‬
‫فكرة إقامة البراهين على مسلمات هي فكرة قديمة ترجع إلى عصر إقليدس‪:‬‬
‫السأتنتاج‬ ‫التالية‬ ‫المقدمات‬
‫ب ( ‪ ،‬أ ينتج ب‬ ‫من ) أ‬
‫ب(‬ ‫المقدمات أ و ) أ‬
‫التالية فهي ب‬

‫وبالتالي ظهرت المسلمات المنطقية‪.‬‬


‫)جـ( النظريـات‬
‫‪50‬‬

‫المفاهيم والتعريفات السابقة تزيل الغموض الذي يكتنف مفهوم "النظرية"‪.‬‬


‫فالمسلمات الضافية هي أقرب إلى الفروض‪.‬‬
‫وينبغي أن يتوفر في المسلمات ‪:‬‬
‫‪ -1‬خاصية التساق‬
‫‪ -2‬خاصية الفعالية‬
‫وتفقد النظرية جدواها إذا لم يتوفر لها التساق والفعالية ومن أمثلة ذلك نظرية‬
‫العداد الطبيعية للعالم جودل‪:‬‬

‫صفر ‪ 3 ، 2 ، 1 ،‬جمعها وضربها‪:‬‬

‫رموز‬ ‫وعلى هذا نلحظ أن النظرية تتكون من‬

‫ومسلمات‬

‫وفروض‬

‫لغة معينة‬

‫مفاهيم‬

‫اسأتنتاجات‬

‫وهذا ينطبق على النظريات في العلوم الطبيعية والنسانية والجتماعية مثل‬


‫"نظريات تركيب الذرة من جسيمات أولية"‪.‬‬

‫"نظرية تركيب بعض الجسيمات الولية مما يسمى بالكوارك"‪.‬‬

‫"نظريات تحول المادة إلى طاقة"‪.‬‬

‫" نظرية النسبية"‪.‬‬


‫‪51‬‬

‫كما يمكن القول أن عدم التحدد تعتبر خاصة موضوعية من خواص موضوع‬
‫المعرفة وتوصل جودل عالم الرياضيات إلى ذلك‪ .‬ويقال أن نتيجة جودل هذه‬
‫زعزعت اليقين في الرياضيات والنتيجة اليقينية )الرياضيات الحدسأية – الرياضيات‬
‫البنائية(‪ ،‬وفسر جودل ذلك بأن الكون ل نهائي والكون آخذ في التساع‪.‬‬

‫النظرية وممارسة المنهج‬


‫إن فكرة المنهج ليست جديدة تماماا‪ ،‬على الرغم أن طريقة فهمنا والتنظير لهذه‬
‫الفكرة ظل لفترة طويلة وحتى الن محل اهتمام ودراسأة‪.‬‬

‫ويشتففق مصطلح منهج من الكلمة اليونانية حلبات السباق ‪Racing chariot‬‬


‫‪.currere‬‬
‫‪52‬‬

‫ونقطة البداية ينبغي أن تكون في التعريف الذي قدمه جفففففون كير ‪John Kerr‬‬
‫وطوره فيما بعده فيك كيلي ‪.Vic Kelly‬‬

‫وقد عرف جون كير المنهج بأنه )كل التعلم المخطط والموجه بواسأطة المدرسأة(‬
‫سأواء تم في مجموعات أو في شكل تعلم فردي داخل أو خارج المدرسأة‪.‬‬

‫وقد يقودنا ما سأبق ذكره إلى ملمحين هامين هما‪-:‬‬

‫) ‪ ( 1‬أن التعلم يخطط ويوجه‬

‫بمعنى أنه علينا أن نحدد تحديدا مسبقا ا عما نبحث عنه لنحققه وكيف نصل إليه‪.‬‬

‫) ‪ ( 2‬يشير التعريف للعملية المدرسية‬

‫إن تقديرنا لنظرية المنهج أو ممارسأة داخل المدرسأة والفصول ينبثق في‬
‫المدرسأة‪.‬‬

‫وسأوف نعرض تباعا ا أربع طرق لتحقيق النظرية أو الممارسأة للمنهج‪:‬‬

‫) أ ( المنهج كأسأاس للمعرفة المنقولة‪.‬‬

‫) ب( المنهج كمحاولة لتحقيق نهايات مرددة أو نواتج لدى الطلب‪.‬‬

‫) ج ( المنهج كعملية ‪.Process‬‬

‫) د( المنهج كتطبيق ‪.Praxis‬‬

‫أنه يبدو من المفيد في هذا السياق‪ ،‬الخذ في العتبار هذه الطرق الربع‬
‫للوصول إلى نظرية المنهج وممارسأة في ضوء تضيف المعرفة لرسأطو‬
‫‪ Aristotle‬إلى ثلثة أنظمة عرفية‪:‬‬
‫‪53‬‬

‫المعرفة النظرية ‪Theoritical‬‬

‫المعرفة النتاجية ‪Productive‬‬

‫المعرفة العملية ‪Practical‬‬

‫المعرفة النتاجية‬ ‫المعرفة العملية‬ ‫المعرفة النظرية‬

‫المنتــج‬ ‫العمليــة‬ ‫المقـرر‬

‫التطبيـق‬
‫‪Praxis‬‬

‫وهنا يمكن لنا أن نرى الرتباطات الواضحة بين المنهج كأسأاس للمعرفة المنقولة‬
‫وهذا يأتي في المقدمة وهو ما ينظر إليه كلسأيكيا )المبادئ – العملية – التطبيق(‬
‫‪ The canon; the process and praxis‬كنماذج ترتبط بالتفسيرات أو الشروح‬
‫العملية‪.‬‬

‫وما يرتبط بالجانب الفني بالمخرجات أو النموذج النتاجي يعكس بصدق‬


‫الخصائص الوسأطية‪.‬‬

‫المنهــــــج كمقرر مطلوب نقله‪Curriculum as a syllalus :‬‬


‫‪to be transmitted‬‬
‫‪54‬‬

‫كثير من الفراد ل يزال ينظر إلى المنهج على أنه مرادف لمصطلح منهج‬
‫ومصطلح مقرر مأخوذ عن الصل اليوناني على الرغم من الغموض الذي لحق‬
‫عملية اسأتخدامه نتيجة للكتابات القديمة‪.‬‬

‫والحقيقة أن مصطلح مقرر يشير إلى قائمة رؤوس الموضوعات المكتوبة‬


‫تفصيل ‪ discourse‬أي المحتوى المعالج‪.‬‬

‫ويرتبط المقفففرر بالمتحفففففان‪ ،‬ولكفففن ليففففس بالضرورة يشير مصطلح مقرر‬


‫إلى الهمية النسبية للموضوعات أو ترتيب تلك الموضوعات المطلوب دراسأتها‪.‬‬

‫وهذا التجاه الذي يتبنى المنهج كمرادف للمقرر يرى في المدخل التقليدي للكتاب‬
‫المدرسأي‪ ،‬الترتيب المناسأب للمحتوى أو الترتيب المنطقي للمادة‪.‬‬

‫وهذه النظرة للمنهج على أنه مرادف للمقرر يؤدي إلى قصر عملية التخطيط‬
‫على المحتوى أو المعرفة المنقولة‪.‬‬

‫المنهج كنواتج ‪Curriculum as product‬‬

‫عادة ما ينظر إلى التربية على أنها تدريب فنفففففي ‪ Technical exercise‬نحدد‬
‫الهداف‪ ،‬نضع الخطة‪ ،‬نطبق الخطة‪ ،‬ثم المخرجات أو النواتج المقاسأة‪.‬‬

‫خلل النصف الثاني من السبعينات وظهور التربية المهنية والكفايات وفي‬


‫الثمانينات والتسعينات من ق ‪ 20‬ظهر المنهج القومي‪.‬‬

‫لقد سأاهمت أعمال وكتابات اثنين من الكتاب المريكان المشهورين فرانكلين‬


‫بوبيت ‪ Franklin Bobbitt‬ورالف تايلور ‪ Ralph W. Tyler‬في تطور الفهم عن‬
‫المنهم حيث كتب فرانكلين بوبيت عن المنهج فقال "النظرية المركزية للمنهج تبدو‬
‫بسيطة ‪ ،‬فالحياة النسانية تتكون من مجموعة من النشطة الداءات محددة‪ .‬إن‬
‫‪55‬‬

‫التربية التي تعد للحياة هي ذاتها التي تعد لنشطة محددة‪ .‬وهذا يتطلب الغوص في‬
‫الشئون الدولية لكتشاف مكونات هذه الشئون وإظهار القدرات‪ ،‬التجاهات‪،‬‬
‫العادات‪ ،‬التقديرات وأشكال المعرفة التي يحتاجها النسان الفرد‪ .‬وهذه تعد أهداف‬
‫المنهج‪.‬‬

‫ويصبح بذلك المنهج عبارة عن سألسلة من الخبرات التي ينبغي أن تكون لدى‬
‫الطفال والشباب من خلل تحقيق هذه الهداف‪.‬‬

‫هذه الطريقة في النظر إلى المنهج كنظرية وممارسأة قد تأثرت بتطور التفكير‬
‫الداري والممارسأة ومفهوم الدارة العلميففففة ‪ Scientific management‬وحركة‬
‫الكفايات وتحليل المهام والمهن‪.‬‬

‫لقد فقدت المدرسأة التقدمية في التربية وفي المناهج كثير من الزخم مع بداية‬
‫الخمسينات من ق ‪ 20‬في الوليات المتحدة‪ ،‬ومنذ هذا الوقت بدأت أعمال رالف‬
‫تايلور ‪ Ralph W. Tyler‬والتي وضعت بصماتها على نظرية المنهج والممارسأة‪.‬‬

‫واعتمدت نظرية رالف تايلور في المناهج على أربعة أسأئلة أسأاسأية هي‪:‬‬

‫‪ -1‬ما الغراض التربوية التي ينبغي على المدرسأة البحث عنها لتحقيقها؟‬

‫‪ -2‬ما الخبرات التربوية التي يمكن تزويدها بهدف تحقيق هذه الغراض؟‬

‫‪ -3‬كيف يمكن تنظيم تلك الخبرات التربوية بفاعلية؟‬

‫‪ -4‬كيف يمكن لنا أن نحدد أو نقرر إذا ما كانت تلك الغراض قد تحققت؟‬

‫وقد أكد فرانكلين بوبيت على أهمية تحقيق الهداف وارتباطها بالتغيرات في‬
‫سألوك الطلب‪ .‬وعليه يمكن ترتيب تلك العتبارات وجوانب الهمية السابق ذكرها‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫‪56‬‬

‫‪ ‬الخطوة الولى تشخيص الحاجات‪.‬‬

‫‪ ‬الخطوة الثانية صياغة الهداف‪.‬‬

‫‪ ‬الخطوة الثالثة اختيار المحتوى‪.‬‬

‫‪ ‬الخطوة الرابعة تنظيم المحتوى‪.‬‬

‫‪ ‬الخطوة الخامسة اختيار خبرات التعلم‪.‬‬

‫‪ ‬الخطوة السادسأة تنظيم خبرات التعلم‪.‬‬

‫‪ ‬الخطوة السابعة تحديد جوانب التقويم وطرق وسأائل هذا التقويم‪.‬‬

‫ومما سأبق يعتبر مدخل لنظرية المنهج وممارسأته‪.‬‬

‫وعلى ذلك قد يمكن النظر إلى المنهج على أنه برنامج من النشطة )بواسأطة‬
‫المعلمين والطلب( صمم لتحقيق أهداف أو نواتج محددة‪ ،‬ولكن المشكلة هنا تكمن‬
‫في أن هذا البرنامج يوجد قبل وكذلك خارج خبرات التعلم‪ .‬وهذا قد يأخذنا بعيدا عن‬
‫المتعلم وعليه فكأننا نقول للطلب ما ينبغي عليهم أن يتعلموه وكيف يتعلموه‪ .‬وهذه‬
‫الحالة تشبه المنهج القومي في انجلترا ‪ ،National curriculum‬وهذا من شأنه أن‬
‫يحول المربين ‪ Educators‬إلى فنيين ‪ Technicians‬بمعنى أنهم يصممون البرامج‬
‫الخاصة بالمنهج بعيدا عن المدرسأة وحجرات الفصول‪.‬‬

‫النقطة الثالثة بشأن هذا المدخل السالف الذكر من النظرية والممارسأة للمنهج‪،‬‬
‫تتحدد في وجود مشكلة عند اختبار ما يفعله حقيقة المربين في حجرات الفصول حيث‬
‫يتبين نقص التأثير للممارسأة التربوية للهداف‪.‬‬

‫والمشكلة ل تكمن في مدخل الهداف ولكن ما ورثه بعض المعلمين والمربين‬


‫من خلل عملية النقل التربوي بين الثقافات والدول‪.‬‬
‫‪57‬‬

‫النقطة الرابعة أن هناك عوامل ليست مرتبطة بالهداف المحددة وتدخل في إطار‬
‫النتائج غير المتوقعة من خلل أنماط التفاعل الحادثة بين المعلم وطلبه‪.‬‬

‫والحقيقة أن الثورة الصناعية والتقدم التكنولوجي كان له أبلغ الثر في مدخل‬


‫الهداف أو نموذج الهداف الذي تحدثنا عنه آنفا في نظرية المنهج أو ممارسأته‪.‬‬

‫إن مدخل الهداف في نظرية المنهج يؤكد على المبررات أكثر من تأكيده على‬
‫وصف النتائج وهذا في حد ذاته اعتبره البعض من بين المشكلت التي قد تنشأ من‬
‫تطبيق نظام المحاسأبية في مجال التربية‪.‬‬

‫المنهج كعملية‪Curriculum as Process :‬‬

‫لقد تبين لنا مما تم عرضه في الصفحات السابقة أن النموذج الذي أطلق عليه اسأم‬
‫"المنهج كمنتفففففففج ‪ "curriculum as product‬اعتمد اعتمادا كبيرا على الهداف‬
‫السلوكية‪ .‬فالمنهج أسأاسأا ا عبارة عن وثيقة للتطبيق‪.‬‬

‫من الطرق الخرى في النظر إلى المنهج كنظرية أو ممارسأة‪ ،‬طريقة )المنهج‬
‫كعملية(‪ .‬وفي هذا الطار ل ينظر إلى المنهج على أنه شئ مادي ولكن المنهج عبارة‬
‫عن التفاعل بين المعلم والطالب والمعرفة‪ .‬وبمعنى آخر هو ما يحدث بالفعل في‬
‫حجرة الفصل وما يفعله الفراد للعداد والتقويم‪ .‬وما لدينا في هذا النموذج المسمى‬
‫)المنهج كعملية( مجموعة من العناصر المتفاعلة وهي عملية نشطة ترتبط بما أطلق‬
‫عليه آنفا المعرفة العملية لرسأطو ‪.Aristotle‬‬

‫وعادة ما يعمل المعلمين في مدارس ويكون لديهم القدرة على التفكير الناقد‪ ،‬وفهم‬
‫أدوارهم وتوقعات الخرين منهم‪ ،‬وإن لديهم ما يقدموه من مبادئ وملمح المنتج‬
‫التربوي‪ .‬وعلى هدي هذه المور يقوم المعلمون بتشجيع المناقشات بين ومع الطلب‬
‫ويكون المخرج في هذه الحالة عبارة عن تفكير وسألوك ‪.Thinking and action‬‬
‫‪58‬‬

‫والمعلمون باسأتمرار يقومون بعملية التقويم لما قد يروه من نواتج تعلم‪ .‬والحقيقة‬
‫أن طبيعة المدارس وكذلك معتقدات المعلمين وخبراتهم وثقافتهم المجتمعية تؤثر‬
‫بشكل كبير في عمل المنهج‪ .‬وهذا ما يدفعنا للقول بأن المنهج يكتسب فعاليته من‬
‫خلل التطبيق والممارسأة في المدرسأة والفصول‪.‬‬

‫وقد يكون من المفيد لطلبنا في الدراسأات العليا والمهتمين أن نعرض شكل‬


‫يوضح الخريطة العقلية لتصميم المنهج وموقع كل من البعاد المؤثرة في هذا‬
‫التصميم في رؤية شاملة قبل السأتمرار في مناقشة نظرية المنهج‪.‬‬
‫‪59‬‬

‫)خريطة عقلية لتصميم المنهج(‬

‫وفيما يلي نعرض للعناصر التي يتضمنها تصور لخريطة عقلية لتصميم المنهج‪:‬‬

‫) ‪ ( 1‬استراتيجيات التقييم‪:‬‬

‫‪ ‬مقدمة‪.‬‬
‫‪60‬‬

‫‪ ‬بروفيل التقييم‪.‬‬

‫‪ ‬تقييم متنوع ومختلف‪.‬‬

‫‪ ‬محك للتقييم‪.‬‬

‫) ‪ ( 2‬التحكم أو الستقلل‪:‬‬

‫‪ ‬مقدمفة‪.‬‬

‫‪ ‬من يتحكم؟‬

‫‪ ‬السأتراتيجيات‪.‬‬

‫‪ ‬التدريس‪ ،‬وقت الدراسأة‪.‬‬

‫) ‪ ( 3‬نماذج المنهج‪:‬‬

‫‪ ‬مقدمففة‪.‬‬

‫‪ ‬النموذج المعتمد على المادة‪.‬‬

‫‪ ‬النموذج المعتمد على الهداف‪.‬‬

‫‪ ‬النموذج التعبيري‪.‬‬

‫‪ ‬النموذج المعتمد على المشكلة‪.‬‬

‫) ‪ ( 4‬القدرة على التوظيف‪:‬‬

‫‪ ‬مقدمففة‪.‬‬

‫‪ ‬التعلم مدى الحياة‪.‬‬


‫‪61‬‬

‫‪ ‬العمل بعد التخرج‪.‬‬

‫‪ ‬خبرة العمل‪.‬‬

‫‪ ‬المهفارات‪.‬‬

‫‪ ‬خطة المهارات‪.‬‬

‫) ‪ ( 5‬إطار عمل مؤسسي ‪:‬‬

‫‪ ‬مقدمففة‪.‬‬

‫‪ ‬النموذج المهيمن أو المسيطر‪,‬‬

‫‪ ‬القضايا الخاصة بالمصادر‪.‬‬

‫‪ ‬التغفير‪.‬‬

‫) ‪ ( 6‬نظريات التعلم‪.‬‬

‫) ‪ ( 7‬مستويات التحصيل‪:‬‬

‫‪ ‬مقدمففة‪.‬‬

‫‪ ‬ضد المعايير أو عدم مراعاة المعايير‪.‬‬

‫‪ ‬مراعاة المعايير‪.‬‬

‫‪ ‬الطر الخاصة بالمعايير‪.‬‬

‫نظرية المنهج كما يراها وليم بينار ‪.Pinar W‬‬


‫في مقال بعنوان "السؤال المتعلق بنظرية المنهج" وكاتبه دينيس كارلسون‬
‫‪ Dennis Carlson‬عام )‪ (2005‬تناول فيه آراء وليام بينار ‪ .Pinar W‬وتصوره‬
‫‪62‬‬

‫عند نظرية المنهج وذلك في مجلسة الجمعية المريكية لدراسأات المناهج المتقدمة )‬
‫‪.(JAAACS‬‬

‫إن نظرية المنهج في عبارة قصيرة تعني دراسأة فروع المعرفة المكونة الخبرة‬
‫التربوية‪ .‬ونظرية المنهج يعتبر مجال مميز وفريد له تاريخ وحاضر معقد ومستقبل‬
‫غير محدد المعالم‪.‬‬

‫ومن المور الهامة أن مجال نظرية المنهج يتأثر بمجالت أخرى مثل الدب‪،‬‬
‫العلوم النسانية‪ ،‬النظرية الجتماعية وكذلك نظرية التحليل النفسي التي أولها بينار‬
‫‪ .Pinar W‬اهتمامه وبدرجة أقل العلوم الجتماعية‪.‬‬

‫إن مجال نظرية المنهج هو مجال نقدي بمعنى خضوعه للعقل‪ ،‬والعقل دوما ا‬
‫خاصة أن هناك بعض الراء التي تتناول مجال نظرية المنهج قد تنحرف عن نهر‬
‫العقل الذي يعد أعدل الشياء قسمة بيد البشر‪.‬‬

‫وما أجدرنا أن نرجع إلى التراث وآراء الكتاب نستلهم منه ما يفيدنا في فهم مجال‬
‫نظرية المنهج‪ .‬وعلى الرغم أن هذا المجال الخير لزال يعتبر نقديا إل أنه لم يستقر‬
‫بعد ولزال في مرحلة نضال وصراع لثبات مكانه بين علوم المعرفة الخرى‪.‬‬

‫وإذا انتقلنا إلى مصطلح منهج ‪ Curriculum‬نجد أنه يعتبره البعض بمثابة‬
‫محادثة أو حديث معقد ‪ Conversation‬ولكنه يرتبط بدراسأات الثقافة ‪culture‬‬
‫‪ studies‬وبالسياسأة ‪ ،politics‬فهو يمكن أن ييفسر ويفهم من خلل عقالته بالجتماع‬
‫والفلسفة والبيداجوجيا والسياسأة وعلم النفس وفروع معرفية أخرى عديدة وذلك‬
‫بسبب جوانبه النظرية الفلسفية أو أبعاده العملية في تنفيذه داخل حجرات الفصول‬
‫بالمدارس‪.‬‬
‫‪63‬‬

‫ولقد تأثرت حركة إصلح المنهج في الوليات المتحدة المريكية )على سأبيل‬
‫المثال( بأيديولوجية الحرب الباردة مع التحاد السوفيتي )السابق( كما كانت توجد‬
‫اهتمامات ثقافية وعرقية بين البيض والزنوج والصراع الكامن بين تركيبتين‬
‫مختلفتين في العادات والتقاليد والموروث الثقافي والمعرفي واليولوجي والشخصية‬
‫والمعتقدات وكذلك السلوك والتصرفات‪ .‬وسأاعد ذلك كله على بزوغ مفاهيم مثل‬
‫الديمقراطية وإعادة البنائية والحرب المدنية والحرية والحقوق المدنية‪.‬‬

‫وقد ترعرعت الفلسفة البراجماتية في المجتمع المريكي والتي تؤمن بقيمة العمل‬
‫الحر والقيم البيروقراطية بحيث ظهرت لبراجماتية الوسأائلية في الثقافة المريكية‬
‫وكذلك في المدارس العامة‪.‬‬

‫وكان لفكر وليم جيمس البرجماتي ذات الطبيعة العلمية الوسأائلية تأثيره على‬
‫التعليم المريكي والمدارس‪ ،‬تلك الفلسفة التي ارتبطت بعلم النفس الفردي ودور‬
‫الفرد في التغيير وعملية النقل الجتماعي والعودة إلى الخبرة التي ارتبطت بحركة‬
‫إعادة المفاهيمية في نظرية المنهج‪.‬‬

‫وتمتد جذور الفلسفة البراجماتية إلى قيم العمل الحر ‪ business valves‬أكثر‬
‫من أي شئ آخر‪ .‬هذه الفلسفة البراجماتية ترتبط أيضا بإنتاجية المدرسأة والنظرة إلى‬
‫النواتج أو المخرجات وفكرة المحاسأبية ‪ accountability‬والمعايير ‪.standards‬‬

‫لقد أعلت الفلسفة البراجماتية اسأتخدام تكنولوجيا الكمبيوتر في حجرة الفصل وفي‬
‫برامج التعلم الفردي وتدريب الطلب ومن ناحية أخرى تدريب المعلمين على‬
‫مهارات الدارة الفنية لعملية البرمجة وإعداد البرامج‪.‬‬

‫وارتبط ما سأبق ذكره بما سأمي بثقافة الضبط والتحكم في اجتياز الفضاء‬
‫‪ cyperspace‬وفكفففرة التصال المتبادل ‪ reciprocal communication‬والذكاء‬
‫‪64‬‬

‫الجمعفففي ‪ collective intelligence‬والتي وردت في كتابات بيير ليفي ‪Pierre‬‬


‫‪ Levy‬عام )‪.(2001‬‬

‫وقد أثر ما سأبق على مفهوم المنهج وعملية تنفيذه في المدرسأة وكونه عملية‬
‫نشطة‪ .‬وهذا مادعانا بصعوبة الفصل بين المنهج والبيداجوجيا أو حتى التعلم‬
‫‪ Learning‬أو الوضع التاريخي لعمليففة التعلفففففم وففففففن التدريفففففس ‪Historical‬‬
‫‪.situatedness of the educative process and teaching act‬‬

‫إن المنهج هو البيداجوجيا والعكس صحيح‪ .‬والمنهج عبارة عن يجماع كل من‬


‫المعلم والطالب والنص ‪ Text‬في زمن ومكان معين‪ ،‬يعكسون في ذلك شخصياتهم‬
‫)أنفسهم( وثقافتهم‪.‬‬

‫ومن وجهة نظرية كريستوففففففففففر لشي )‪ Christopher Lasch (1978‬عن‬


‫النرجسية )حب الذات( والذي ناقش فيها الطار العام للحياة المدرسأية وكيف يصبح‬
‫منعزلا في تفاعله مع العالم الذاتي للخبرة وكيف يصبح عمل المعلم معقدا ومركبا ا‬
‫وصعباا‪.‬‬

‫هذه المحاور من النقاش السابق تقودنا إلى أن مجال نظرية المنهج )من وجهة‬
‫نظر وليام بينار( ل تعتمد على علم أكاديمي بعينه فنظرية المنهج ل تنتج وقد ل‬
‫يترتب عليها معرفة منطقية حقيقية صحيحة ومفيدة‪ .‬ولكن نظرية المنهج قد تبدو‬
‫مفيدة لتدريب المعلمين وعن طريق مراجعة النظرية نستدل على طبيعة الممارسأات‬
‫التعليمية داخل الفصول في المدارس‪.‬‬

‫ومجال النقد في نظرية المنهج تعبر عن الحركة ل السكون‪ ،‬وتعبر عن التجديد ل‬


‫التقليد‪ ،‬تعبر عن الثورة ل الجمود‪.‬‬
‫‪65‬‬

‫ولذلك ليس من المغالة إن قلنا أن نظرية المنهج حديث يأخذنا إلى عمق المجتمع‬
‫)أي مجتمع(‪ ،‬ويأخذنا للحديث عما يسمى الداخل ‪ insider‬والخارج ‪.outsider‬‬

‫ضرب مثل هنا بالكاتب المتخصص في الدب النجليزي إدوارد سأعيد‬


‫وقد ي‬
‫المريكي الجنسية والمولد والفلسطيني الصل والذي كتب كثيرا عن الموروث‬
‫الوربي السأتعماري ولم تسيطر عليه تماما ثقافة الغرب )الوروبي والمريكي(‬
‫رغم أنه ابنها ووليدها ولكن جذوره الفلسطينية كان لها أثرها في توجيه فكره )‬
‫‪.(insider-outsider‬‬

‫ولقد نظر وليم بينار ‪ .Pinar W‬إلى ميدان المناهج كمجال ثقافي ورأى أن على‬
‫المعلمين في التعليم العام أو في الجامعة ضرورة معرفة أرضية للنظرية أعمق‬
‫للتدريس والتعلم‪ .‬كما اهتم بنظرية التحليل النفسي وبعض المفاهيم المرتبطة بها مثل‬
‫مفهوم الرغبة ‪ desire‬ومفهوم الخيال ‪ fantasy‬ومفهوم السلوك الجتماعي أو الفعل‬
‫الجتماعففففففففي ‪ social action‬واسأتعار في ذلك الكثير من لبل شي ‪Laplachy‬‬
‫وبنتاليس )‪ .Pontalis (1973‬وارتأى أن المعلمين أحيانا ييرجعون بعض متاعبهم‬
‫للخرين وعليه فهم ضحايا لعوامل وأسأباب وأمور ليسوا هم سأببها وهذا النوع من‬
‫الشعور بلغة التحليل النفسي أطلق عليه بعض المختصين في علم النفس مصطلح‬
‫‪) Ressentiment‬البغض أو الكراهية بسبب الخر(‪.‬‬

‫وبناء على ما سأبق يمكن أن نقول أن فهم نظرية التحليل النفسي ونقدها قد يساعد‬
‫على إدراك وتفسير ظروف عمل المعلم‪.‬‬

‫وتتطلب نظرية المنهج دراسأة السيرة الذاتية ‪) autobiography‬أي قصة‬


‫الكاتب التي يكتبها بنفسه أو يكتبها آخر عنه(‪ ،‬دراسأة التاريخ ‪ ،History‬والنظرية‬
‫الجتماعية ‪ ،social theory‬كما تتطلب نظرية المنهج دراسأة جادة لنظرية التحليل‬
‫النفسي ‪.Psychoanalytic theory‬‬
‫‪66‬‬

‫وهكذا قدم ويليام بينفففففففففار ‪ .Pinar W‬توضحا ا لدور نظرية التحليل النفسي في‬
‫علقتها بنظرية المنهج والحدود التي تفصل النظرية عن الممارسأة وتقديم أسأئلة من‬
‫إجابات‪ .‬وذلك كله يؤكد العمق في نظرية المنهج ودراسأتها وارتباطها بالمجتمع‬
‫والثقافة والدب والسياسأة والعلقات الدولية ول نكون مغالين إن قلنا وعلقتها كذلك‬
‫بالمن القومي والقليمي والعالم "ومايؤكد ذلك فترة الحرب الباردة بين أمريكا‬
‫والتحاد السوفيتي السابق‪ ،‬مفهوم الثقافة المسيطرة عالميا‪ ،‬الغرب والشرق وكيف‬
‫يرى كل منهما الخر‪ ...‬إلخ"‪.‬‬

‫هذا الكتاب‬
‫تستقي النظمة التعليمية مقومات ديناميكيتها من النظريات والنماذج ومن‬
‫الممارسات التربوية في المدارس والفصول الدراسية‪ .‬ومادامت تلك النماذج‬
‫الفكرية تتعرض للتغيير والتطوير أو حتى عدم الصلحية‪ ،‬فهذا من شأأنه أن يؤدي‬
‫لعادة النظر في النظم التعليمية‪.‬‬
‫‪67‬‬

‫ومما ل ريب فيه أن العقل التربوي العربي يواجه أزمة حقيقية بسبب عوامل وقوى‬
‫التغيير داخل مجتمعاته كاستجابة لرياح التغيير العالمية‪.‬‬
‫هذا الوضع استوجب تزايد قيمة العامل النساني البشري المسئول عن تشكيل‬
‫الطأر والمفاهيم الجديدة والمسئول كذلك على خلق الفكر الفلسفي والتربوي‬
‫لتوجيه نظم التعليم ومؤسساته‪.‬‬
‫ويضم هذا الكتاب بين دفتيه عددا من القضايا من بينها النظرية الجتماعية‬
‫والتربوية ومفاهيم المنهج المدرسي وبعض نماذج التدريس والمنهج‪ .‬ويتضمن‬
‫عرض ال للتحديات البيداجوجية والمجتمعية والتكنولوجية والعلمية التي تواجه من‬
‫يعمل أو يهتم بالنظرية والنموذج‪.‬‬
‫وكذلك دور الخلق والضمير والوجدان النسان في تحقيق التساق والتوازن في‬
‫المنهج وفي شأخصية المتعلم‪.‬‬

You might also like