Professional Documents
Culture Documents
األولياء البحث عن كر ِ
امات ِ فِي
انتخبها العالِم َ
العبلمُ البحر الف َهامُ
الل التَػرم ِسي الشيخ مح َمد محفوظ بن ِ
عبد ِ
غفر الل ذنوبػهما وستر
عيوبػهما فِي ال َداري ِن
ونفعنا بو
آمين
ػػػػ
يد المؤل ِ
ف قُ حف ِطبِع على نػف ِ
حَرَيَرَ بَنََمَحَمَدَ بَنََمَحَفَوَظََالتَرَمَسَيَ َ
بِيتِعاف الدمائِي
حقوؽ الطب ِع محفوظُ
2
كلمات الشيخ العبلمُ كياىى ميموف زبير السارنجى
الحمد لل ولي عباده الصالحين اشهد اف الالو اال الل وحده الشريك لو رافع درجات
أوليائو العارفين وأشهد اف محمدا عبده ورسولو إماـ السادة المتقين صلى الل عليو وسلم
وعلى آلو وصحبو وحزبو المفلحين.
اما بعد فقد أنعم الل المولى الكريم وتفضل علي وشرفنى ولو الحمد بمطالعُ كتاب بغيُ
األذكياء فى البحث عن كرامات األولياء لئلماـ العبلمُ المرحوـ بكرـ الل القدسي الشيخ
محمد محفوظ بن عبد الل الترمسى المتوفى بمكُ المشرفُ سنُ 8331ىػ الذى كتب
وألف كتبا مفيدة صغارا وكبارا فى شتى الفنوف بعبارات رائقُ فائقُ والفاظ سهلُ سلسُ بل
قد صنف رجاال علماء أجبلء نشروا العلم المحمدى فى بقاع بلدتنا اندونسيا الذين ىم
مشايخنا ومشايخ مشايخنا فأصحاب كبار المعاىد المنتشرة فى بلدنا المحبوب
والمشايخ المؤسسوف لجمعيُ نهضُ العلماء انما اكثرىم فروع ىذه الدوحُ العظيمُ العليُ
وأنهار ىذه العين المكيُ المسكيُ وكأنهم شهود صدؽ وبينات عدؿ لقولو تعالى وأما ما
ينفع الناس فيمكث فى األرض كذلك يضرب الل األمثاؿ فمن أراد منا أف يبر آباءه فى
العلم والمعرفُ فليقتن ىذا الكتاب وسائر مؤلفات اإلماـ محمد محفوظ الترمسى ألنها
وأمثالها من الكتب السلفيُ ببل شك تراث أسبلفنا األماجد الذين بنوا لنا صرح العلم
المنيف وشيدوا لنا قصور الفقو فى دين الل والتعمق فى شرعو الحنيف.
ىذا وقد سألنى حفيد المؤلف حامل كتاب الل المقرئ األديب الكياىى حرير محمد
الدمائى بتصحيح ال كتاب ومقابلُ مسودتو المطبوعُ بأصلو العتيق فعملت فى ذلك بما
أمكن وتيسر ووقفنى الل تعالى لو .فلو تعالى أبلغ الحمد ولو سبحانو أقصى الشكر
ونسألو تعالى أف ينفع بهذه الطبعُ لهذا الكتاب العزيز الفريد فى بابو العظيم فى مباحثو
ومطالبو التى احتجنا نحن إليها خصوصا فى ىذه العصور المتقدمُ فى أمور الدنيا
الفانيُ المتأخرة فى شؤوف األخرة الباقيُ فنحن أشد حاجُ إلى زيادة اإليماف واليقين
والعرفاف بفضائل األولياء العارفين الذين أعطاىم موالىم جل شأنو الكرامات والمقامات
السنيُ وراثُ عن إمػامو األعظم ونبيهم األكػرـ سيدنا وموالنا محمد صلى الل عليو
وسلم.
3
وىؤالء األولياء العارفوف ىم العلماء بالل وبصفاتو العليُ على حسب الطاقُ البشريُ
المتقوف لو غايُ التقوى المسارعوف لمأموراتو المجتنبوف عن مساخطو ومنهياتو الغيوروف
على الشريعُ اإلسبلميُ وأدابها وسننها المواظبوف على لزوـ الطاعُ وترؾ المنكرات أولئك
ىم الصادقوف فضبل من الل ونعمُ أولئك حزب الل أآل إف حزب الل ىم المفلحوف.
ألهمنا وأوالدنا واحبابنا حبهم واإلقتدآء بهم وبالصحابُ األخيار وبالنبي المختار سيدنا
محمد صلى الل عليو وسلم .آمين والحمد لل رب العالمين.
تمت كتابُ ىذا الكتاب المسمى ببغيُ األذكياء فى البحث عن كرامات األولياء للشيخ
العالم الفاضل محمد محفوظ بن عبد الل الترمسى ضحوة االحد ثامن المحرـ سنُ
8181ىجريُ من النسخُ األصليُ دفعها حفيد المؤلف حرير بن محمد بن محمد
محفوظ بن عبد الل البيتنجانى الدمائى نفعنا الل ىذه المنتخبُ ووفقنا للتقوى واإلستقامُ
ورزقنا الحسنى وزيادة بجاه نبينا محمد صلى الل عليو وسلم وآلو وصحبو اجمعين.
والحمد لل رب العالمين.
قاؿ رضى الل عنو فى الطبقات الكبرى :اف الكرامات والمكاشفات ليست خدعا اال لمن
يقف عندىا ويجعلها شوقو ومقصوده .وال شك فى ىذا ,وقد بالغ قوـ فى تعظيمها
بحيث سلبوا بها المواىب ,وبالغ آخروف فى امتهانها بحيث لم يعدوىا شيئا .والحق ما
ذكره ابو تراب اى النخشبى من اف السكوف اليها نقص .فمن الواضح الجلي الذى ال
ينكره عارؼ اف العارؼ اليقف عندىا ,وانما مطلوبو ما وراءىا .وىى تقع فى طريقو وليس
للواقع فى الطريق من الطريق صفُ .ومن وقف عندىا سقط فى مهاوى الهلكات .ومن
كانت ىى مطلوبو فهو مغرور ويبعد وصولو اليها ,وانما يصل اليها من اليراىا .فاف قلت:
فؤلي معنى يظهرىا مظهروىا وىى على ما زعمت تزعم اشياء ال يلقوف اليها باال؟ قلت:
ظهورىا يقع على انحاء ربما لم يكن باختيار صاحبها ,وىو كثير بل صار بعض االئمُ,
كما نقل اماـ الحرمين فى الشامل ,الى اف الكرامات ال تكوف ابدا االعلى ىذا الوجو.
فعلى ىذا ال سؤاؿ ,ولكن ىذا مذىب ضعيف غير مرضي عند المحصلين ,وال سؤاؿ
عليو وربما كاف ىو المظهر بها ,وانما يكوف ذلك لفائدة دينيُ من تربيُ اوبشارة اونذارة
اوغير ذلك ,حيث يؤذف فيو ,وال يجوز اظهارىا حيث ال فائدة ,فذلك عند القوـ غير
جائز لو .قاؿ :واف الكرامات حق .وانى ألعجب غايُ العجب من منكرىا ,واخشى عليو
مقت الل ,ويزداد تعجبى عند نسبُ انكارىا الى االستاذ ابى اسحاؽ االسفرائنى ,وىو من
اساطين اىل السنُ والجماعُ ,على اف نسبُ انكارىا اليو على االطبلؽ كذب عليو.
والذى ذكره الرجل فى مصنفاتو اف الكرامات ال تبلغ مبلغ خرؽ العادة .قاؿ :وكلما جاز
تقديره معجزة لنبي اليجوز ظهور
9
مثلو كرامُ لولي .قاؿ :وانما بالغ الكرامات اجابُ دعوة اوموافاة ماء فى باديُ فى غير
موقع المياه اومضاىى ذلك مما ينحط عن خرؽ العادة .ثم مع ىذا قاؿ اماـ الحرمين
وغيره من ائمتنا :ىذا المذىب متروؾ .قلت :وليس بالغا فى البشاعُ مبلغ مذىب
المنكرين للكرامات مطلقا ,بل ىو مذىب مفصل بين كرامُ وكرامُ ,رآى اف ذلك
التفصيل ىو المميزلها من المعجزات .وقد قاؿ االستاذ القشيرى :اف كثيرا من
المقدورات يعلم اليوـ قطعا انو اليجوز اف تظهر كرامُ لبلولياء لضرورة او شبو ضرورة
بعلم ذلك .فمنها حصوؿ انساف المن ابوين وقلب جماد بهيمُ او حيوانا .وامثاؿ ىذا
كثيرة .انتهى .وىو حق ال ريب فيو ,وبو يتضح اف قوؿ من قاؿ ما جاز اف يكوف معجزة
لنبي جاز اف يكوف كرامُ لولي ,ليس على عمومو .واف قوؿ من قاؿ ال فارؽ بين المعجزة
و الكرامُ اال التحدي ,ليس على وجهو .ولعلنا نبحث عن ىذا فى اخر الفصل ,وسبيلنا
حيث انتهينا الى ىذا اف نستقصى شبو المنكرين للكرامات ,ونستأصل شأفتهم ( )۱بتقرير
الرد عليهم ,ثم نذكر البراىين الدالُ على االثبات ,ونختمها بتتمات.
خػاتػمُ
فيما يتعلق برجاؿ الغيب والدليل على وجودىم ,قاؿ المحقق ابن حجر رضى الل عنو:
رجاؿ الغيب سموا بذلك لعدـ معرفُ اكثر الناس لهم ,رأسهم القطب الغوث الفرد الجامع
جعلو الل دائرا فى اآلفاؽ االربعُ اركاف الدنيا كدوراف الفلك فى افق السماء ,وقد ستر
الل تعالى احوالو من الخاصُ والعامُ غيرة عليو ,غير انو يرى عالما كجاىل وأبلو كفطن
وتاركا آخذا قريبا بعيدا سهبل عسرا آمنا حذرا ,ومكانتو من االولياء كالنقطُ من الدائرة
التى ىى مركزىا وبو يقع صبلح العالم .واالوتاد وىم اربعُ اليطلع عليهم اال الخاصُ
واحد باليمن وواحد بالشاـ وواحد بالمشرؽ وواحد بالمغرب .واألبداؿ وىم سبعُ على
االصح ,وقيل ثبلثوف ,وقيل ثبلثُ عشر ,كذا قالو اليافعى .وسيأتى حديث انهم اربعوف
وحديث انهم ثبلثوف وكل منهما يعكر على قولو االصح انهم سبعُ .والنقباء وىم اربعوف
والنجباء وىم ثبلثمائُ ,فاذا مات القطب ابدؿ بخيار االربعُ ,او احد االربعُ ابدؿ بخيار
السبعُ ,او احد السبعُ ابدؿ بخيار االربعين ,او احد االربعين ابدؿ بخيار الثبلثمائُ ,او
احد الثبلثمائُ ابدؿ بخيار الصالحين ,فاذا اراد الل قياـ الساعُ اماتهم اجمعين ,وذلك
اف الل تعالى يدفع عن عباده الببلء بهم وينزؿ بهم قطر السماء .وروى بعضهم عن
الخضر عليو السبلـ انو قاؿ :ثبلثمائُ ىم االولياء ,وسبعوف ىم النجباء ,واربعوف ىم اوتاد
االرض ,وعشرة ىم النقباء ,وسبعُ ىم العرفاء ,وثبلثُ ىم المختاروف ,وواحد ىو الغوث.
وجاء عن علي كرـ الل وجهو انو قاؿ :األبداؿ بالشاـ ,والنجباء بمصر ,والعصائب
بالعراؽ ,والنقباء بخرساف ,واألوتاد بسائر االرض ,والخضر عليو الصبلة والسبلـ سيد
القوـ .وفى حديث االماـ الرافعى انو صلى الل عليو وسلم قاؿ :اف لل فى االرض ثبلثمائُ
قلوبهم على قلب آدـ ,ولو اربعوف قلوبهم على قلب موسى ,ولو سبعُ قلوبهم على قلب
ابراىيم ,ولو خمسُ قلوبهم على قلب جبريل ,ولو ثبلثُ قلوبهم على قلب ميكائيل,
وواحد قلبو على قلب اسرافيل ,فاذا مات الواحد ابدؿ الل مكانو من الثبلثُ ,واذا مات
من الثبلثُ ابدؿ الل مكانو من الخمسُ ,واذا مات من الخمسُ ابدؿ الل مكانو من
السبعُ ,واذا مات من السبعُ ابدؿ الل مكانو من االربعين ,واذا مات من االربعين ابدؿ
الل مكانو من الثبلثمائُ ,واذا مات من الثبلثمائُ ابدؿ الل مكانو من العامُ بدفع الل بهم
الببلء عن ىذه االمُ .قاؿ اليافعى رضى الل عنو :قاؿ بعض العارفين :والواحد المذكور
فى ىذا الحديث ىو القطب وىو الغوث ,قاؿ بعضهم :لم يذكر رسوؿ الل صلى الل عليو
وسلم قلبو فى جملُ األنبياء والمبلئكُ ,النو لم يخلق الل تعالى فى عالم الخلق
67
واالمر اعز والطف واشرؼ من قلبو صلى الل عليو وسلم ,فقلوب المبلئكُ واالنبياء
واالولياء باالضافُ الى قلبو كاضافُ سائر الكواكب الى الشمس .ولقد سمعت النجم
األصبهانى رضى الل تعالى عنو خلف مقاـ ابراىيم الخليل صلى الل عليو وسلم يذكر اف
الخضر عليو السبلـ سأؿ الل عز وجل اف يقبضو عند ما يرفع القرآف ,والظاىر والل اعلم
اف القطب وسائر األولياء الموجودين وغيرىم من الموجودين فى ذلك الوقت يطلبوف
الموت ابضا حينئذ ,اذ ليس بعد رفع القرآف تطيب الحياة ألىل الخير بل ال يبقى فى
االرض خير .وما ذكرتو فى الخضر من حياة الخضر ىو ما قطع بو األولياء ,ورجحو
الفقهاء واألصوليوف واكثر المحدثين ,وقد احتج بو واخبر عنو من ال يحصى من
الصديقين واألولياء فى كل زماف ,بل والل لقد اخبرونى انو اجتمع بى وسألنى عن شيئ
فأجبتو ولم اعرفو ,النو اليعرفو اال صاحب استعداد ممن شاء الل ,ومبالغُ ابن الجوزى
فى انكار حياتو غلو منو ,اذ ىو انكار للشمس وليس دونها حجاب بل كبلمو فيو
متناقض ,النو روى فى حياتو اربع روايات باالسانيد المتصلُ عن علي وابن عباس وابن
مسعود رضى الل عنهم ,وكذلك انكاره على اكابر من الصوفيُ اشياء صدرت عن احواؿ
ال يعرفها وعلوـ ال يدركها واليفهمها ,والعجب منو انو يحكى عنهم كلمات عظيمُ
مزعجُ يظهر بها كبلمو ثم ينكرىا عليهم فى موضع آخر .انتهى كبلـ اليافعى ملخصا.
والحديث الذى ذكره اف صح فيو فوائد خفيُ منها :انو مخالف للعدد السابق قبلو ,وقد
يجاب باف تلك األعداد اصطبلح بدليل وقوع الخبلؼ فى بعضهم كاألبداؿ ,فقد
يكونوف فى ذلك العدد نظروا الى مراتب عبروا عنها باألبداؿ والنقباء والنجباء واألوتاد
وغير ذلك مما مر ,والحديث نظر الى مراتب أخرى ,والكل متفقوف على وجود تلك
األعداد .ومنها انو يقتضى اف المبلئكُ افضل من األنبياء ,والذى دؿ عليو كبلـ اىل
السنُ والجماعُ ,اال من شد منهم اف األنبياء افضل من جميع المبلئكُ .ومنها انو
يقتضى اف ميكائيل افضل من جبرائيل والمشهور خبلفو ,واف اسرافيل افضل منهما ,وىو
كذلك بالنسبُ لميكائيل ,واما بالنسبُ لجبريل ففيو خبلؼ واألدلُ فيو متكافئُ ,فقيل
جبريل النو صاحب السر المخصوص بالرسالُ الى األنبياء والرسل والقائم بخدمتهم
وتربيتهم ,وقيل اسرافيل النو صاحب سر الخبلئق اجمعين اذ اللوح المحفوظ فى جبهتو
ال يطلع عليو غيره ,وجبريل وغيره انما يتلقوف ما فيو عنو ,وىو صاحب الصور القائم
ملتقما لو ينتظر الساعُ واالمر بو لينفخ فيو فيموت كل شيئ اال من استثنى الل ,ثم بعد
اربعين سنُ يؤمر بالنفخ فيحيوف ثم يبعثوف .واعلم اف ىذا الحديث
68
لم ار من خرجو من حفاظ المحدثين الذين يعتمد عليهم ,لكن وردت احاديث تؤكد كثيرا
مما فيو .منها حديث ابى نعيم فى الحليُ :خيار امتى كل قرف خمسمائُ واألبداؿ اربعوف,
فبل الخمسمائُ ينقصوف وال األبداؿ ,كلما مات منهم رجل ابدؿ الل من الخمسمائُ
مكانو ,وادخلو فى االربعين مكانو يعفوف عمن ظلمهم ويحسنوف من اساء اليهم,
ويتسامتوف فيما اتاىم الل وىم فى االرض كلها .ومنها حديث احمد :األبداؿ فى ىذه
االمُ ثبلثوف رجبل قلوبهم على قلب ابراىيم خليل الرحمن ,كلما مات رجل ابدؿ الل
مكانو رجبل .وال تخالف بين الحديثين فى عدد األبداؿ ,الف البدؿ لو اطبلقات كما يعلم
من األحاديث األتيُ فى تخالف عبلماتهم وصفاتهم ,او انهم قد يكونوف فى زماف
األربعين وفى أخر ثبلثين ,لكن يعكر على ىذا روايُ وال األربعوف ,كلما مات رجل الخ,
والروايُ األتيُ وىم أربعوف رجبل كلما مات الخ .ومنها حديث الطبرانى :اف االبداؿ فى
امتى ثبلثوف ,بهم تقوـ االرض وبهم يمطروف وبهم ينصروف .وحديث ابن عساكر :اف
األبداؿ بالشاـ يكونوف وىم اربعوف رجبل ,بهم تسقوف الغيث ,وبهم تنصروف على
اعدائكم ,يصرؼ بهم عن اىل االرض الببلء والغرؽ .ومنها حديث الطبرانى :األبداؿ فى
اىل الشاـ وبهم تنصروف وبهم ترزقوف .ومنها حديث احمد :األبداؿ بالشاـ وىم اربعوف
رجبل ,كلما مات رجل ابدؿ الل مكانو رجبل ,تسقوف بهم الغيث ,وتنصروف بهم على
االعداء ,ويصرؼ عن اىل الشاـ العذاب .ومنها حديث الجبلؿ الذى رواه فى كرامات
األولياء ,ورواه الديلمى ايضا :األبداؿ اربعوف رجبل واربعوف امرأة ,كلما مات رجل ابدؿ
الل مكانو رجبل ,وكلما ماتت امرأة ابدؿ الل مكانها امرأة .ومنها خبر الحاكم عن عطاء
مرسبل :األبداؿ من الموالى ,ومنها خبر ابن ابى الدنيا مرسبل :عبلمُ ابداؿ امتى انهم
اليلعنوف شيئا ابدا ,ورفعو معضل .ومنها خبر ابن حباف :التخلو االرض من ثبلثين
وثمانين مثل ابراىيم خليل الرحمن بهم تغاثوف وبهم ترزقوف وبهم تمطروف .ومنها خبر
البيهقى :اف ابداؿ امتى لم يدخلوا الجنُ باعمالهم ولكن انما دخلوىا برحمُ الل وسخاوة
االنفس وسبلمُ الصدر ورحمُ للمسلمين .ومنها خبر الطبرانى فى االوسط لن تخلو
االرض من اربعين رجبل مثل خليل الرحمن بهم تسقوف وبهم تنصروف ما مات منهم احد
اال ابدؿ الل مكانو آخر .ومنها خبر ابن عدى فى كاملو :البدالء اربعوف ,اثناف وعشروف
بالشاـ ,وثمانيُ عشر بالعراؽ ,كلما مات منهم احد ابدؿ الل مكانو آخر .فاذا جاء االمر
قبضوا كلهم فعند ذلك تقوـ الساعُ .ومنها خبر ابى نعيم فى الحليُ ايضا :ال يزاؿ
االربعوف رجبل من امتى قلوبهم على قلب ابراىيم ,يدفع بهم عن اىل االرض يقاؿ
69
لهم األبداؿ ,انهم لم يدركوىا بصبلة والبصوـ وال صدقُ .قاؿ ابن مسعود رضى الل عنو
راويو :فبم ادركوىا يارسوؿ الل ,قاؿ :بالسخاء والنصيحُ للمسلمين .قلت :حكى اعنى
المحقق ابن حجر فى موضع آخر قوال :بانو انما سميت األبداؿ ابداال النهم قد يرحلوف
لمكاف ويخلفوف فى مكانهم األوؿ شبحا آخر شبيها بشبحهم األصلى بدال عنو ,وقد
اثبتت الصوفيُ عالما متوسطا بين عالمى االجساد واالرواح سموه عالم المثاؿ ,وقالوا ىو
الطف من عالم األجساد واكثف من عالم االرواح .وبنوا على ذلك تجسد االجساد
وظهورىا فى صور مختلفُ من عالم ,وقد يستأنس لذلك بقولو تعالى :فتمثل لها بشرا
سويا ,فتكوف الروح الواحدة كروح جبريل مثبل ,فى وقت واحد مدبرة لشبحو األصلى,
ولهذا الشبح المثالى الخ .قاؿ :ومما جاء فى القطب -كما قاؿ بعض المحدثين -
خبر ابى نعيم فى الحليُ :اف الل تعالى فى كل بدعُ كيد بها االسبلـ واىلو وليا صالحا
يذب عنو ويتكلم بعبلماتو ,فاغتنموا بحضور تلك المجالس بالذب عن الضعفاء وتوكلوا
على الل وكفى بالل وكيبل .قلت :حكى بعض الثقات االثبات من الفقهاء انو قاؿ :جاورت
بمكُ وكاف لى فيها صديق من اولياء الل فسألتو اف يرينى القطب ,فمكث مدة ثم قاؿ لى
اذا رايتو ال تكلمو ,فمكثت مدة ثم رايتو فقبلت يده وجلست ساكنا ,ثم التفت القطب
وقاؿ :صاحب مصر رجل منكم معشر الفقهاء ,فخطر لى اف اسألو عنو فلم يمكننى
ذلك ,ثم بعد مدة اجتمعت بو وكاف عندى انى اذا اجتمعت بو اف اسألو عن تعيين ذلك
الرجل ,فالتفت الى وقاؿ :صاحب مصر اآلف الشيخ برىاف الدين ابن ابى شريف ,ثم
يكوف بعده الشيخ زكريا .قاؿ المحقق ابن حجر :فتأمل ىذه الشهادة من القطب لهذين
االمامين ,ولقد كاف زينُ مصر بل زينُ الدنيا كلها ,فانهما كانا اليخافاف فى الل لومُ الئم,
وكيف ال وقد مد على الشيخ زكريا نظر السادة الصوفيُ ورضع من لباف معارفهم ودخل
تحت لواء اشاراتهم ,وتزيا معهم حتى اجتلى وتوقد وتفرد وتكشف لو معارؼ وحقائق.
وذكر الشعرانى اف شيخو عليا الخواص البرلسى رضى الل عنهما سئل عن القطب
الغوث ,ىل ىو دائما مقيم بمكُ كما قيل فقاؿ رضى الل عنو :قلب القطب دائما طواؼ
بالحق الذى وسعو ,كما يطوؼ الناس بالبيت ,فهو رضى الل عنو يرى وجو الحق تعالى
فى كل وجهُ ,كما يستقبل الناس البيت ,ويرونو من كل وجهُ ,اذ مرتبتو رضى الل عنو
التلقى عن الحق ,تعالى جميع ما يفيضو على الخلق وىو بجسده حيث شاء الل تعالى
من االرض ,ثم قاؿ يعنى الخواص رضى الل عنو :واعلم اف اكمل الببلد البلد الحراـ,
واكمل البيوت البيت الحراـ ,لقولو تعالى يجيئ اليو ثمرات كل شيئ,
71
واكمل الخلق فى كل عصر القطب ,فالبلد نظير جسده ,والبيت نظير قلبو .ومما جاء فى
جميع من ذكر ,اى القطب واألوتاد واالبداؿ وغيرىم ,حديث الترمذى الحكيم وابى نعيم
فى كل قرف من امتى سابقوف ,وفى روايُ لكل قرف من امتى سابقوف ,والحديث المشهور
يبعث لهذه االمُ على رأس مائُ سنُ من يجدد لها دينها ,والحديث الذى رواه الشيخاف
وغيرىما من طرؽ كثيرة التزاؿ طائفُ من امتى ظاىرين حتى يأتى امر الل وىم ظاىروف,
وفى روايُ لهما ,التزاؿ طائفُ من امتى قائمُ على الحق اليضرىم من خذلهم وال من
خالفهم حتى يأتى أمر الل و ىم ظاىروف ,وفى أخرى البن ماجو ال تزاؿ طائفُ من أمتى
قائمُ على الحق قوامُ على امر الل ال يضرىا من خالفها ,وفى أخرى لو أيضا ال تزاؿ
طائفُ من أمتى منصوروف ال يضرىم من خذلهم حتى تقوـ الساعُ ,وفى اخرى لمسلم
واحمد ,التزاؿ طائفُ من امتى يقاتلوف على الحق ظاىرين الى يوـ القيامُ ,فينزؿ عيسى
بن مريم فيقوؿ اميرىم تعاؿ صل بنا فيقوؿ ال اف بعضكم على بعض امير تكرمُ من الل
لهذه االمُ .تنبيو قاؿ يزيد بن ىاروف :األبداؿ ىم اىل العلم اى النافع الذى ىو علم
الظاىر والباطن ال علم الظاىر وحده .وقاؿ االماـ احمد رضى الل عنو :ىم اف لم يكونوا
اصحاب الحديث ,فمن ىم ,قاؿ المحقق ابن حجر :ومراده باصحاب الحديث من ىو
مثلو ممن جمع بين علمى الظاىر والباطن واحاط باالحكاـ والحكم والمعارؼ والمكامن
كاألئمُ الثبلثُ كالشافعى ومالك وابى حنيفُ ونفسو ونظائرىم رضى الل عنهم ,فاف ىؤالء
اخيار األبداؿ والنجباء واالوتاد .فاحذر اف تسيئ ظنك بأحد فى مثل اولئك ويسوؿ لك
الشيطاف ومن استولى عليو ,ممن لم يهتد بنور العلم ,اف ائمُ الفقهاء والمجتهدين لم
يبلغوا تلك المراتب .وقد اتفقوا على اف الشافعى رضى الل عنو كاف من االوتاد ,وفى
روايُ انو تقطب قبل موتو ,وكذلك جاء ىذا عن بعض تابعيو من الفقهاء كاالماـ النووى
وغيره .وروى الخطيب فى تاريخ بغداد عن الكتانى انو قاؿ :النقباء ثبلثمائُ والنجباء
سبعوف والبدالء اربعوف واألخيار سبعُ والعمد اربعُ والغوث واحد .ومسكن النقباء
المغرب ومسكن النجباء مصر ومسكن األبداؿ الشاـ ,واألخيار سياحوف فى االرض,
والعمد زوايات األرض ,ومسكن الغوث مكُ .فاذا عرضت الحاجُ من امر العامُ ابتهل
فيها النقباء ثم النجباء ثم األبداؿ ثم األخيار ثم العمد ,فاف اجيبوا واال ابتهل الغوث,
فبليتم مسئلتو حتى تجاب دعوتو .انتهى .وفيو تأييد لبعض مامر ومخالفُ لو وذلك كلو
يبين اف تلك االعداد ترجع الى االصطبلحات والمشاحُ فى االصطبلح .ولقد وقع لى
فى ىذا المبحث غريبُ مع بعض
70
مشايخى ,ىى انى ربيت فى حجور بعض اىل ىذه الطائفُ ,اعنى القوـ السالمين من
المحذرو واللوـ فوقر عندى كبلمهم النو صادؼ قلبا خاليا فتمكن فلما قرأت العلوـ
الظاىرة وسنى نحو اربعُ عشر سنُ فقرأت مختصر ابى شجاع على شيخنا ابى عبد الل
االماـ المجمع على بركتو وتنسكو الشيخ محمد الجوينى بالجامع األزىار بمصر
المحروسُ فبلزمتو مدة وكاف عنده حدة فانجػر الكبلـ فى مجلسو يوما ذكر القطب
والنجباء والنقباء ,واالبداؿ وغيرىم ممن مر فبادر الشيخ الى انكار ذلك بغلظُ وقاؿ ىذا
كلو الحقيقُ لو وليس فيها شيئ عن النبي صلى الل عليو وسلم فقلت لو وكنت اصغر
الحاضرين معاذ الل بل ىذا صدؽ وحق ال مريُ فيو الف أولياء الل اخبروا بو وحاشاىم من
الكذب وممن نقل ذلك االماـ اليافعى وىو رجل جمع بين العلوـ الظاىرة والباطنُ فزاد
انكار الشيخ واغبلظو علي فلم يسعنى اال السكوت فسكت واضمرت انو ال ينصرنى اال
شيخنا شيخ االسبلـ والمسلمين ,واماـ الفقهاء والعارفين ,ابو يحيى زكريا االنصارى رضى
الل عنو وكاف من عادتي انى أقود الشيخ محمد الجوينى النو كاف ضريرا واذىب انا وىو
الى شيخنا المذكور اعنى شيخ االسبلـ زكريا يسلم عليو .فذىبت انا والشيخ محمد
الجوينى الى شيخ االسبلـ فلما قربنا من محلو قلت للشيخ محمد الجوينى البأس اف
اذكر لشيخ االسبلـ مسألُ القطب ومن دونو وننظر ما عنده فيها فلما وصلنا اليو اقبل
علي الشيخ الجوينى وبالغ فى اكرامو وسؤاؿ الدعاء منو ثم دعا لى بدعوات ,منها اللهم
فقهو فى الدين وكاف كثيرا ما يدعو لى بذلك فلما تم كبلـ الشيخ واراد الجوينى
االنصراؼ قلت لشيخ االسبلـ ياسيدى القطب واالوتاد والنجباء واألبداؿ وغيرىم ممن
يذكره الصوفيُ ,ىل ىم موجودوف حقيقُ ,فقاؿ :نعم ,والل يا ولدى فقلت لو :يا سيدى اف
الشيخ واشرت الى الشيخ الجوينى ينكر ذلك ويبالغ فى الرد على من ذكره ,فقاؿ شيخ
االسبلـ :ىكذا يا شيخ محمد ,وكرر ذلك عليو حتى قاؿ لو الشيخ محمد :يا موالنا شيخ
االسبلـ امنت بذلك ,وصدقت بو ,وقد ثبت ,فقاؿ :ىذا ىو الظن بك يا شيخ محمد .ثم
قمنا ولم يعاتبنى الجوينى على ما صدر منى .ونظير ىذه الواقعُ من بعض وجهها ما وقع لى
وعمرى نحو ثمانيُ عشر سنُ مع بعض مشايخنا ايضا وىو شيخ االسبلـ الشمش الدلجى,
وكاف اعطى فى العلوـ الشريعُ والعقليُ من متانُ التصنيف وقوة السبك مالم يعطو احد من
اىل زمانو .كنا نقرأ عليو ذات يوـ فى شرح التلخيص للسعد التفتازانى وفى كتابو صنفو
الشيخ فى اصوؿ الدين ,فوقع ذكر العارؼ بالل تعالى عمر بن الفارض رضى الل تعالى
عنو فى المجلس فبادر الشيخ وقاؿ قاتلو الل
72
ما اكفره ,كيف وكبلمو ينطق بالحلوؿ واالتحاد ,واما شعره ففى الذروة العليا ,فقلت لو:
من بين الحاضرين حاشاه الل من الكفر ومن الحلوؿ واالتحاد .فاغلظ فى االنكار علي
وعليو فاغلظت فى جوابو ,وكاف بالشيخ مرض بضيق النفس وكاف قد اخبرنا اف لو مدة
مديدة اليقدر على وضع جنبو على االرض ليبل وال نهارا ,فقلت لو :يا سيدى ,انا التزـ
لك انك اف رجعت عن انكارؾ على الشيخ عمر بن الفارض وابن عربى وتابعيهما برئت
من ىذا الداء العضاؿ ,فقاؿ :ىذا ال يصح ,فقلت :صدقوا قولى بالرجوع عن ذلك
وجربوه مدة يسيرة ,فاف ذىب واال فانتم تعرفوف ما ترجعوف اليو ,فقاؿ :يمكن اف نجرب.
ثم اظهر لنا الرجوع والتوبُ فانصلح حالو وخف مرضو مدة مديدة وكنت اقوؿ لو :يا
سيدى صحت ضمانتى ,فضحك ويعجبو ذلك ,وفى تلك المدة ما سمعنا منو عن ىذه
الطائفُ اال خيرا .قلت :ونظيرىا من بعض وجهها ايضا ,ما ذكره الشعرانى عن شيخو
محمد الشناوى رضى الل عنهما اف الشيخ ابا الغيث بن كتيلُ احد العلماء بالمحلُ
الكبرى واحد الصالحين بها كاف بمصر ,فجاء الى بوالت فوجد الناس مهتمين بامر مولد
سيدى احمد البدوى رضى الل عنو والنزوؿ فى المراكب ,فانكر ذلك وقاؿ :ىيهات اف
يكوف اىتماـ ىؤالء بزيارةنبيهم صلى الل عليو وسلم مثل اىتمامهم باحمد البدوى .فقاؿ
لو شخص :سيدى احمد ولي عظيم .فقاؿ :ثمُ فى ىذا المجلس من ىو اعلى منو مقاما,
كانو يشير الى نفسو .فعزـ عليو شحص فاطعمو سمكا فدخلت حلقو شوكُ تصلبت ,فلم
يقدروا على نزولها بدىن غطاس وال بحيلُ من الحيل ,ووردت رقبتو حتى صارت كخبليُ
النحل تسعُ اشهر ,وىو ال يلتذ بطعاـ والشراب وال مناـ ,وانساه الل تعالى السبب فبعد
التسعُ اشهر ذكره الل تعالى بالسبب ,فقاؿ :احملونى الى قبُ سيدى احمد رضى الل عنو
فادخلوه ,فشرع يقرأ سورة يس فعطس عطسُ شديدة ,فخرجت الشوكُ مغمسُ دما,
فقاؿ :تبت الى الل نعالى يا سيدى احمد ,وذىب الوجع والورـ من ساعتو .قاؿ اعنى
الشعرانى :ووقع شمس الدين ابن اللباف فى حق سيدى احمد رضى الل عنو ,فسلب
القرآف والعلم واإليماف ,فلم يزؿ يستغيث باألولياء ,فلم يقدر احد اف يدخل فى امره,
فدلوه على سيدى ياقوت العرشى ,فمضى الى سيدى احمد رضى الل عنو وكلمو فى القبر
واجابو ,وقاؿ لو :انت ابو الفتياف رد على ىذا المسكين رسما لو ,فقاؿ :بشرط التوبُ,
فتاب ورد عليو رسما لو ,وىذا كاف سبب اعتقاد ابن اللباف فى سيدى ياقوت العرشى .ثم
اف سيدى ياقوتا زوج ابن اللباف ابنتو ولما مات اوصى اف يدفن تحت رجليها ,اعظاما
لوالدىا الشيخ ياقوت رضى الل عنهما .قاؿ الشعرانى واخبرنى اخى
73
الشيخ الصالح الحاج احمد الحلبى انو كاف لو بيت يشرؼ على ضريح الشيخ محى
الدين ,فجاء شحص من المنكرين بعد صبلة العشاء بنار يريد اف يحرؽ تابوت الشيخ,
فخسف بو دوف القبر بتسعُ اذرع فغاب فى االرض وانا انظر ,ففقده اىلو من تلك الليلُ
فاخبرتهم بالقصُ ,فجاؤا فحفروا فوجدوا رأسو ,فكلما حفروا نزؿ وغار فى االرض الى اف
عجزوا وردموا عليو التراب .والحكايات فى نظير ذلك كثيرة ,فنسأؿ الل تعالى الحفظ
عن مثل االنكار على األولياء ,واف يوفقنا لبلدب معهم حيا وميتا .وذكر الشعرانى اف
شيخو عليا الخواص البرلسى رضى الل عنهما سئل عن طائفُ المسلكين ,كسيد احمد
الزاىد وسيدى مدين وأضرابهما رضى الل عنهم ىل كانوا اقطابا ,فقاؿ رضى الل عنو :ال,
وانماىم كالحجاب على الملك ,فبل يدخل عليو احد من الناس اال باذنهم وعلمهم ,فهم
يعلموف الناس اآلداب الشرعيُ والحقيقُ ,وما يظهر عليهم من الكرامات واألحواؿ ,انما
ىو لصفاء نفوسهم واخبلصهم وكثرة مراقبتهم ومجاىدتهم .واما القطابُ فجل اف يلج
مقامها األحوط غير من اتصف بها ,قاؿ وقد بينها الشيخ عبد القادر الجيلى رضى الل
عنو ,وقاؿ :اف لها ستُ عشر عالما الدنيا واآلخرة عالم واحد من ىذه العوالم ,فقيل لو
فالتصريف الذى يظهر على ايدى ىؤالء المسلكين ىل ىو لهم اصالُ كالقطب اـ ال,
فقاؿ رضى الل عنو :ليس ىو لهم اصالُ ,وانما ىو بحكم االفاضُ عليهم من الدوائر التى
ىى قوتهم كالقطب ,وايضاح ذلك اف الل تعالى اذا اراد انزاؿ ببلء شديد مثبل ,فاوؿ ما
يتلقى ذلك القطب فيتلقاه بالقبوؿ والخوؼ ,ثم ينتظر ما يظهره الل تعالى فى لوح للمحو
واالثبات الخصيصين باالطبلؽ والسراح ,فاف ظهر لو المحو والتبديل نفذه وامضاه فى
العالم بواسطُ اىل التسليك الذين ىم سدنُ ذلك فينفذوف ذلك ,وىم ال يعلموف اف
االمر مفاض عليهم ,واف ظهر لو الثبوت دفعو الى اقرب عدد ونسبُ منو ,وىما االماماف
فيحتمبلف بو ثم يدفعانو اف لم يرتفع الى اقرب نسبُ منهما ,كذلك حتى يتنازؿ الى
اصحاب دائرتو جميعا ,فاف لم يرتفع تفرقتو األفراد وغيرىم من العارفين الى عموـ
المؤمنين حتى يرفعو الل عز وجل بتحملهم ,ولو لم يحمل ىؤالء ذلك من العالم لتبلشى
فى طرفُ عين ,قاؿ تعالى :ولو ال دفع الل الناس بعضهم ببعض لفسدت االرض,
وقاؿ تعالى :خلق السموات بغير عمد ترونها ,اشارة الى القطب الذى ىو العمد
المعنوى الممسك للسموات ,ففيو اشارة الى خفائو فى العالم .وقاؿ فى موضع آخر :اف
الخلوة بالل وحده ال تكوف اال للقطب الغوث فى كل زماف .فاذا فارؽ ىيكلو النور
باالنتقاؿ الى الدار اآلخرة ,انفرد الحق تعالى بشخص آخر مكانو ال ينفرد
74
بشخصين قط فى زماف واحد .قاؿ وىذه الخلوة وردت فى الكتاب والسنُ ,ولكن ال
يشعر بها اال اىل الل خاصُ .قاؿ واما خلوة غير القطب فبل تكوف بالل ,وانما ىى لمزيد
االستعداد والبعد عمن يشغلو عن الطاعات من المخلوقين ال غير .ونقل المناوى عن ابن
عربى رضى الل عنو من رجاؿ الل رجل واحد ,وقد يكوف امرأة فى كل زماف ,وىو القاىر
فوؽ عباده ,لو االستطالُ على كل شيئ ,منهم شجاع مقداـ كثير الدعوى بحق يقوؿ حقا
ويحكم عدال ,قاؿ :وكاف صاحب ىذ المقاـ عبد القادر الجيبلنى ببغداد .وقاؿ اعنى
المناوى :رأيت نقبل عن ابى المواىب التونسى رضى الل عنو :اف اوؿ من تولى القطبانيُ
من المصطفى صلى الل عليو وسلم فاطمُ الزىراء مدة حياتها رضى الل عنها ,ثم انتقلت
عنها الى ابى بكر ثم عمر ثم عثماف ثم علي ثم الحسن رضى الل تعالى عنهم .يقوؿ
محمد محفوظ بن عبد الل الترمسى ,كاف الل لو ,وختم بالصالحات عملو :وليكن ىذا
آخر ىذه المنتخبُ التى سميتها [بغيُ األذكياء فى البحث عن كرامُ األولياء] وكاف
نجازىا قبيل المغرب يوـ االحد ثامن عشر الربيع االوؿ سنُ ,8331فيا ربنا لك الحمد
حمدا كثيرا لهيبا ,كما ينبغى لجبلؿ وجهك وعظيم سلطانك الالو اال انت ,سبحانك انى
كنت من الظالمين .سبحانك ال نثنى عليك انت كما اثنيت على نفسك ,نسألك اللهم
اف تصلى وتسلم على سيدنا محمد وعلى آلو
وصحبو كلما ذكرؾ الذاكروف وغفل عن ذكرؾ الغافلوف .رب زدنى علما ,ونسألك
اللهم اف تعز االسبلـ وتنصر المسلمين القائمين بو ,ونسألك اللهم اف تفتح علينا
وعلى اوالدنا فتح العارفين ,بجاه خاتم االنبياء والمرسلين ,واف تنفع بهذه
المنتخبُ وبجميع مؤلفاتى كافُ المسلمين ,واف توفقنا جميعا للتقوى
واالستقامُ ,ثم خاتمُ الخير والسعادة ,وترزقنا الحسنى
وزيادة ,وصلى الل وسلم على سيدنا محمد
وآلو وصحبو اجمعين .والحمد لل
رب العػالمين.
آمين 3
75
تػمت