You are on page 1of 4

‫المطلب الثاني‪ :‬أثر نقصان األهلية على تصرفات المحجور عليه‬

‫يختلف أثر نقصان األهلية على التصرفات‪ ،‬باختالف نوع التصرف الذي يجريه ناقص‬
‫أهلية األداء والذي حددت حاالته المادة ‪ 213‬من مدونة األسرة الذي جاء فيها "يعتبر ناقص‬
‫أهلية األداء‪ :‬الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد و السفيه و المعتوه"‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬آثار تصرفات الصغير المميز‪.‬‬
‫تبدأ هذه المرحلة ببلوغ الطفل ‪ 12‬سنة‪ ،‬وتنتهي ببلوغه سن ‪ 18‬سنة شمسية كاملة‪ ،‬ومن هنا‬
‫اعتبر المشرع المغربي الصغير خالل هذه المرحلة ناقص التمييز‪ ،‬ويقتضي ذلك أن تكون‬
‫ذات أثرعكس الصغير غير المميز‪ ،‬وبالتالي تنقسم تصرفاته حسب المادة ‪ 225‬من مدونة‬
‫األسرة الى ثالث أقسام‪:‬‬
‫‪ - 1‬تصرفات من شأنها أن تكون نافعة نفعا محضا‪ ،‬وهو كل تصرف يترتب عليه دخول‬
‫شيء في ملكه من غير مقابل‪ ،‬كقبول الهبة والوصية والهدية وقبول كفالة دينه ممن يكفله‬
‫عنه‪ ،‬فمثل هذه التصرفات من الصغير المميز‪ ،‬يجوز له مباشرتها بنفسه‪ ،‬وتعتبر اذا وقعت‬
‫تصرفات صحيحة وتنفذ من غير حاجة الى اجازة وليه‪ ،‬وهذه التصرفات هي المنصوص‬
‫عليها في الفصل ‪ 5‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي ونصه ‪ ":‬يجوز للقاصر وناقص‬
‫األهلية أن يجلبا لنفسهما نفعا ولو بغير مساعدة األب أو الوصي أو المقدم ‪ ،‬بمعنى أنه‬
‫يجوز لهما أن يقبال الهبة أو أي تبرع آخر‪ ،‬من شأنه أن يثريهما أو يبرئهما من التزام‬
‫دون أن يحملهما أي تكليف "‪ ،‬فهذا التصرف يعتبر صحيحا‪ ،‬ويكون نافذا دون التوقف‬
‫على اجازة نائبه الشرعي؛‬
‫‪ -2‬تصرفات من شأنها أن تكون ضارة ضررا محضا‪ ،‬وهي كل تصرف يترتب عليه‬
‫خروج شيء من ملكه من غير مقابل كالهبة واالقراض‪ ،‬وهي ال تصح منه وان أجازها‬
‫النائب الشرعي‪ ،‬ألنها تبرع ال مصلحة له فيه‪ ،‬فال تكون له والية عليه ‪ ،‬وما كان كذلك‬
‫فليس لوليه أن يجيزه ألنه تصرف باطل‪.‬وفي هذا قال ابن العاصم ‪:‬‬
‫بمنعه وال يجاز اٍن فعل‬ ‫وفي التبرعات قد جرى العمل‬
‫كما جاء في المادة ‪ 12‬من قانون االلتزامات والعقود "‪ ....‬وال تسري هذه القاعدة على‬
‫التبرعات المحضة‪ ،‬حيث ال يكون لها أدنى أثر ولو أجريت مع ا ٍالذن الذي يتطلبه القانون"‬
‫‪-3‬تصرفات من شأنها أن تكون محتملة للنفع والضرر‪ ،‬وهي عقود المعاوضات كالبيع‬
‫والشراء واالجارة‪ ،‬واالستقراض ‪ ،‬وهي تصح منه ويتوقف نفاذها على اجازة الولي اذا‬
‫لم يكن فيها غبن فاحش ‪ ،‬فاذا أجازها جازت ‪ ،‬واال بطلت‪.1‬وفي هذا يقول ابن عاصم ‪:‬‬
‫واٍن أجازه وصيه مضى‬ ‫وفعله بعوض ال يرتضى‬

‫‪ 1‬عبد الكريم شهبون ‪ :‬الشافي في شرح مدونة االسرة ‪ :‬الجزء الثاني ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ : 2018-1439‬مطبعة الرشاد سطات ‪ ،‬ص‪46.47‬‬
‫كما أن للقاصر أهلية اقامة الدعوى ضد وليه بالنفقة‪ ،‬ألنها من باب جلب المنفعة‪،‬‬
‫التي له حق اكتسابها بدون مساعدة األب أو الوصي أو المقدم ‪ ،‬ويفقد الولي في هذه‬
‫الحالة الوالية الشرعية‪ ،‬ألنه ال يجوز أن تكون له في آن واحد صفة المدعي‬
‫المطالب بالنفقة وصفة المدعى عليه المطالب بهذه النفقة‪.2‬‬
‫‪ -‬كما يعتبر الطفل المميز في حالة االختبار كامل األهلية‪ ،‬كما يجوز الغاء‬
‫االذن الممنوح له‪ ،‬حسب مقتضيات المادة ‪ 226‬و ‪ 227‬من مدونة األسرة‪.‬‬
‫ولذلك فان الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد‪ ،‬يمكنه أن يستلم من‬
‫نائبه الشرعي جزءا من أمواله الدارتها بقصد التجربة واالختبار‪ ،‬في أي وقت خالل‬
‫الفترة المذكورة‪ ،‬واالذن له بذلك يصدر مباشر من الولي األب أو األم‪،‬أو بقرار من‬
‫القاضي المكلف بشؤون القاصرين‪ ،‬بناء على طلب الصغير المعني باألمر‪ ،‬أو من‬
‫الوصي أو المقدم اذا رأى عليه مخايل الرشد‪ ،‬ويمكن للولي أن يسحب االذن الذي‬
‫سبق أن أعطاه للصغير المميز‪ ،‬كما يمكن للقاضي المكلف بشؤون القاصرين الغاء‬
‫قرار االذن له بتسليم جزء من أمواله تلقائيا‪ ،‬أو بطلب من الوصي أو المقدم أو‬
‫النيابة العامة‪ ،‬وذلك اذا ثبت سوء تدبيره في اإلدارة المأذون بها‪ ،‬والتصرفات‬
‫الصادرة عن الصغير المميز المأذون تنتج أثارها القانونية بعتباره كامل األهلية في‬
‫جميع ما أذن له فيه بما في ذلك رفع الدعاوى‪ ،‬فاألب واألم يملكان صالحية تسليم‬
‫ولدهما بعض ماله واالذن له بادارته وإلغاء هذا االذن دون تدخل القاضي‪ ،‬أما‬
‫الوصي والمقدم فليس لهما اال طلب االذن أو الغائه من القاضي‪. 3‬‬
‫كما نص الفصل ‪ 4‬من قانون االلتزامات والعقود على أنه "اٍذا تعاقد القاصر وناقص‬
‫األهلية بغير اٍذن األب أو الوصي أو المقدم ف ٍانهما ال يلزمان بالتعهدات التي يبرمانها‪،‬‬
‫ولهما أن يطلبا اٍبطالها وفق للشروط المقررة بمقتضى هذا الظهير" ‪.‬‬
‫وقد جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا ) ‪" :‬التوكيل‬
‫الذي يعطيه األب ٍالبنه القاصر المميز لتسيير شؤون األب‪ ،‬ليس من شأنه السماح‬
‫للبنك بفتح حساب في اسم القاصر شخصيا‪ ،‬دون اٍذن من األب"‪.4‬‬
‫غير أنه يجوز تصحيح االلتزامات الناشئة عن تعهدات القاصر أو ناقص األهلية‪ ،‬اذا‬
‫وافق األب أو الوصي أو المقدم على تصرفات القاصر أو ناقص األهلية‪ ،‬ويجب أن‬
‫تصدر الموافقة على الشكل الذي يقتضيه القانون‪.‬‬
‫أما القاصر المأذون له اذنا صحيحا في التجارة والصناعة‪ ،‬اليسوغ له أن يطلب‬
‫ابطال التعهدات التي تحمل بها بسبب تجارته في حدود االذن له‪ ،‬وفي جميع األحوال‬

‫‪ 2‬قرار المجلس األعلى رقم‪ ،394‬الصادر بتاريخ ‪ 26‬شتنبر ‪ ، 1979‬في الملف االجتماعي رقم ‪ ،73741‬منشور بمجلة (قضاء المجلس األعلى )‬
‫عدد ‪ 26‬اكتبر ‪ ،‬السنة الخامسة أكتبر سنة ‪ ،1980‬ص ‪.131‬‬
‫‪ 3‬دليل عملي لمدونة االسرة (وزارة العدل ) العدد‪ 1‬سنة ‪ 2004‬ص ‪135‬و ‪136‬‬
‫‪ 4‬قرار صادر بتاريخ ‪ 1997/12/3‬تحت عدد ‪ 7690‬في الملف المدني عدد ‪ 1993/1192‬منشور بمجلة القصر عدد ‪ 11‬ص ‪ 229‬ومايليها ‪.‬‬
‫يشمل هذا االذن األعمال الضرورية لتعاطي التجارة المأذون فيها (المادة ‪ 7‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬آثار تصرفات السفيه ‪.‬‬
‫فالتصرفات التي يقوم بها السفيه قبل توقيع الحجر عليه‪ ،‬تعتبر نافذة وصحيحة‪،‬‬
‫أيا كان نوعها‪ ،‬حتى ولو كانت ضارة ضررا محضا‪ ،‬ذلك أن انتقاص أهلية السفيه ال‬
‫تحقق اال بحكم المحكمة يقضي بالحجر عليه ‪ ،‬لكن يشترط لصحة التصرف السابق‬
‫أال يكون مشوبا بغش‪ ،‬وال يكون نتيجة تواطؤ أو استغالل واال كان باطال ‪ ،‬أو قابل‬
‫لالبطال اذا كان يدور بين النفع والضرر‪ ،‬والمقصود باالستغالل أن يغتنم الغير‬
‫فرصة سفه الشخص ما‪ ،‬ويستصدر منه تصرفات يستغله بها ‪ ،‬ويثري من أمواله ‪،‬‬
‫ويتحقق التواطؤ عندما يتوقع السفيه الحجر عليه فيتعمد الى التصرف بأمواله الى من‬
‫يتواطأ معه‪ ،‬بقصد تفويت آثار الحجر المرتقبة عليه‪ ،‬وذلك حسب مقتضيات الفصل‬
‫‪ 220‬من مدونة األسرة التي تنص على أن" فاقد العقل والسفيه والمعتوه تحجر‬
‫عليهم المحكمة بحكم من وقت ثبوت حالتهم بذلك ‪ ،‬ويرفع عنهم الحجر ابتداء من‬
‫تاريخ زوال هذه األسباب‪ ،‬حسب القواعد الواردة في هذه المدونة"‪.‬‬
‫حيث جاء في قرار لمحكمة النقض "في حالة عدم معرفة تاريخ حدوث السفه فان‬
‫التحجير ال يسري مفعوله اال من تاريخ الحكم به "‪. 5‬‬
‫أما التصرفات التي يباشرها السفيه بعد توقيع الحجر عليه فهيتخضع لنفس حكم‬
‫تصرفات الصغير المميز ما دام يتساوي معه في نقصان األهلية‪ ،‬وبالتالي تكون‬
‫صحيحة اذا كانت نافعة نفعا محضا‪ ،‬وباطلة اذا كانت ضارة ضررا محضا‪ ،‬وقابلة‬
‫لالبطال اذا كانت دائرة بين النفع والضرر‪ ،‬وهذه التسوية في األحكام منطقية‪ ،‬لكون‬
‫الصبي المميز والسفيه ناقص أهلية األداء‪ ،6‬طبقا للمادة ‪ 2013‬من مدونة االسرة‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬آثار تصرفات المعتوه ‪.‬‬
‫العته ال يرقى الى مرتبة الجنون وان كان عبارة عن خلل ذهني يخرج أفعال‬
‫الشخص عن دائرة سيطرته‪ ،‬وقد ألحقت مدونة األسرة من خالل المادة ‪ 213‬المعتوه‬
‫بالسفيه والصغير المميز حيث تقع تصرفاته القانونية صحيحة قبل الحجر عليه وبعده‬
‫قابلة لالبطال لمصلحته‪ .‬كما جاء حكم صادر عن المحكمة االبتدائة بفاس بتاريخ‬
‫‪... 2019/10/30‬وحيث ثبت للمحكمة من خالل تقرير الخبير المعين أن المدعى‬
‫عليها تعاني من تأخر عقلي وأنها ال تستطيع بأي حال من األحوال ا ٍالشراف على‬

‫‪ 5‬قرار صادر عن المجلس األعلى عدد ‪ 114‬بتاريخ ‪ 1972/5/2‬منشور بموقع ‪ http://www.juris.courdecassation.ma‬تاريخ الدخول‬
‫‪2019/12/22‬‬

‫عبد الكريم شهبون ‪ :‬الشافي في شرح مدونة االسرة الطبعة األولى ‪ 2006‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪52‬‬ ‫‪6‬‬
‫أموالها وتدبير ممتلكاتها وتسيير شؤونها المدنية وتحتاج الى قيم يقوم مقامها‬
‫بصفة دائمة‪.7‬‬
‫كما أن قابلية التصرف لالبطال‪ ،‬تشمل كذلك تصرفات المريض مرض الموت‪،‬‬
‫ومن ذلك ما قضت به محكمة النقض في أحد قراراتها‪ ،‬التي نصت "على أن اٍقدام‬
‫الهالك المتصدق على اٍبرام عقد الصدقة أثناء ٍاصابته بمرض السرطان المنتشر‬
‫في جميع جسمه يعدم اٍرادته ويجعل صدقته قابلة لالبطال"‪.8‬‬
‫وال يحكم بالتحجير على جميع هؤالء اال بناء على طلب من المعني باالمر أو من‬
‫النيابة العامة أو ممن له مصلحة في ذلك (المادة ‪221‬من مدونة االسرة)‪.‬‬

‫‪ 7‬حكم صدر عن المحكمة االبتدائية بفاس بتاريخ ‪ 2019/10/30‬ملف رقم ‪ 19/1623/2863‬حكم رقم ‪ 10195‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ 8‬قرار عدد ‪ 180‬بتاريخ ‪ 5‬مارس ‪ 2013‬ملف عدد ‪ 2011/1/2/530‬منشور في التقرير السنوي لمحكمة النقض ص ‪51‬‬

You might also like