You are on page 1of 19

‫ثبوت الزوجية بين حقيقة االستثناء وواجب التيسير واستشراء التحايل ( الجزء‬

‫األول )‬
‫الغراء الزواج عناية بالغة باعتباره السبيل الشرعي األوحد‬
‫أولت الشريعة ّ‬
‫الستمرار الجنس البشري المحمل بأمانة االستخالف في األرض‪ ،‬وكونه النظام‬
‫الكوني المتفرد الذي يالئم الطبيعة االنسانية ويحقق السكن والتوازن النفسي‬
‫ويضمن األمن االجتماعي‪ ،‬واالستقرار الروحي الذي عبر عنه الحق سبحانه‬
‫بقوله‪" :‬ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم‬
‫مودة ورحمة‪ ،‬إن في ذلك آليات لقوم يتفكرون"([‪ .)]1‬وكونيته تظهر من تبني‬
‫سائر الملل واألمم والشرائع السماوية والوضعية له‪ .‬كيف ال وهو السبيل الفريد‬
‫ِإلنشاء الصحبة المشروعة بين الرجل والمرأة ولقضاء الوطر واإلحصان‬
‫والعفاف ومنع فشو األمراض؟ وهو النظام الوحيد المقبول شرعا والمستساغ‬
‫وضعا لبناء األسرة التي هي أصغر وأصلب وحدة في المجتمع وركنه الركين‪ ،‬إذ‬
‫هي أساس لرقيه ومناعته‪ ،‬يقوى بقوتها ويضعف بضعفها‪ ،‬إذ األسرة وال خالف‬
‫أمة صغيرة تظهر مدى تقدم األمة الكبيرة‪ ،‬وهي آية من آيات هللا ونعمة من‬
‫نعمه‪ .‬فقدّر للناس أن يعيشوا في أكنافها ويستظلوا بظلها‪ ،‬فغدت األسرة والحالة‬
‫ما ذكر ثابتا من ثوابت األمة وخصيصة من خصائص أمنها‪ ،‬فاختص الحق‬
‫سبحانه بنفسه في آي تنزيله وحديث نبيّه بتنظيم أحكامها‪ ،‬زواجا وطالقا ونسبا‬
‫وإرثا‪.‬‬
‫وتأكيدا على خصوصية عقد الزواج([‪ )]2‬وعناية الشريعة به ظاهرا وباطنا‬
‫باعتباره من مهمات الدين‪ ،‬نعت في االستعمال القرآني بأنه ميثاق غليظ([‪،)]3‬‬
‫وهذا الوسم لم يستعمله الحق إال فيما كان بينه وبين عباده المخلصين‪ ،‬فسما‬
‫وارتقى به باعتباره أجل ما يمكن أن يتعاقد عليه الناس في الحياة كلها وأكثره‬
‫حرمة‪ ،‬ألن ثمرته اإلنسان خليفة هللا وأغلى ما يوجد فيها‪ ،‬فتترتَّب عليه آثار‬
‫وحقوق قاصرة ومتعدية‪ ،‬خاصة وعامة‪ .‬وتتعلق به أحكام شرعية يبقى أثرها‬
‫ساريا إلى األبد‪ ،‬فال غرو أن يضبط عقد الزواج شرعا ويحصن بأركان وشروط‬
‫محددة باعتباره المقوم التأسيسي لألسرة التي تعد النواة األولى في الخلية‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وأحد مقومات األسرة الثالثة([‪ ،)]4‬مع ترك هامش للمتعاقدين‬
‫اختيارا واشتراطا فيقع الجمع بين الثبات والمرونة في اآلن عينه‪.‬‬
‫فالشريعة أولت عناية بالغة لمقدمات العقد بما يمهد لبناء صرح األسرة بناء‬
‫رصينا وألجله أحيط الزواج بعناية تشريعية بالغة من خالل فرض التعاقد بين‬
‫الزوجين وفق أركان وشروط وضوابط تكفل مصلحة الزوجين واألسرة‬
‫والمجتمع‪ ،‬وأي إخالل بها ينتج عنه بالتبع اإلخالل بحقوق هؤالء جمعا وإفرادا‪.‬‬

‫فكان لعقد الزواج في األبواب الفقهية معالم يستدل عليه بها‪ ،‬منها إحكام العقد‪،‬‬
‫صل مشرع‬ ‫ومقصد عاقديه([‪ ،)]5‬وتميز العقد‪ ،‬وسموه ورفعته‪ .‬لذلك ولغيره فَ ّ‬
‫مدونة األسرة في أحكامه من خالل إفراد تسع وستين مادة‪ ،‬نظمت سائر‬
‫متعلقاته عموما وخصوصا تالفيا لالختصار المخل الذي كان يعتري أحكام مدونة‬
‫األحوال الشخصية الملغاة‪ ،‬والتي لم تنظمه سوى بثالثة وأربعين مقتضى‪ ،‬لم‬
‫تكن تُلم بسائر مقتضياته الموضوعية واإلجرائية‪ ،‬مما حمل القضاء على‬
‫االجتهاد واالستمداد من الفقه اإلسالمي‪ ،‬شرحا إلغالق أو تجلية لغموض أو‬
‫تكملة لنقص‪ ،‬فتضاربت األحكام لالختالف في مصادر االستمداد ومناهج‬
‫االجتهاد‪.‬‬
‫ولتوثيق الزواج سبيالن‪ ،‬أصلي عادي يقع باإلشهاد لدى عدلين منتصبين لتلقي‬
‫الشهادات بصفة نظامية‪ ،‬وآخر استثنائي يكون بحكم قضائي في كل حالة يتعذر‬
‫ص المشرع على‬ ‫فيها التوثيق لدى عدلين لسبب واقعي ال يد للزوجين فيه‪ .‬فَ ِح ْر ُ‬
‫جعل عقد الزواج الحجة الفريدة المقبولة لإلثبات يجابه بإكراه واقعي متمثل في‬
‫فشو ظاهرة الزواج بالفاتحة‪ ،‬التي يرجع استشراؤها لعوامل مختلفة متظافرة‪،‬‬
‫اقتصادية حيث يضطر بعض اآلباء المعدمون لتزويج بناتهن القاصرات لعدم‬
‫قدرتهن على االنفاق عليهن‪ ،‬وال يملكون توثيق الزواج لدى العدول لعدم‬
‫بلوغهن السن المقبول أو لعدم القدرة المالية على إنشاء الوثائق اإلدارية‬
‫المستلزمة المعضدة لطلب الزواج أو أداء أجرة العدول‪ ،‬أو عوامل اجتماعية‬
‫متعلقة بعدم ترسخ ثقافة توثيق العقود وتراخي الناس في ذلك والتوجس من كل‬
‫أمر ينجز في المحاكم‪ ،‬أو عوامل أنتربولوجية مردّها إلى استحكام عادة في‬
‫نفوس المغاربة متوارثة كابرا عن كابر‪ ،‬خاصة عند سكان البوادي في المغرب‬
‫العميق واألماكن القصية وبعض سكان الحواضر‪ ،‬الذين يستغنون عن حضور‬
‫العدول ويكتفون بقراءة الفاتحة بحضور الجماعة وإشهار الزواج وإشاعة خبره‬
‫بينهم([‪ ،)]6‬باعتبار بعده الديني الحاكم‪ .‬وألجله اعتبر بعض الفقه القانوني أن‬
‫الزواج عقد مدني ذو طبيعة شرعية([‪ .)]7‬وقد يستعاض عن تحرير رسم‬
‫الزواج العدلي تهربا من اإلجراءات اإلدارية المعقدة المنصوص عليها بمقتضى‬
‫المادة ‪ 65‬من المدونة‪.‬‬
‫وقد كانت الغاية السامية من إقرار هذه السبيل البديلة تصحيح وضع مختل‬
‫وإضفاء الصبغة الشرعية والقانونية عليه والمحافظة على حقوق كافة أطراف‬
‫األسرة وحماية النسب من االختالط والضياع‪ ،‬وهذه السبيل رغم نبل غايتها‬
‫متمثلة في الحفاظ على األسر من التصدع ومنع اختالط األنساب‪ ،‬فإنها تطرح‬
‫إشكاالت عملية حقيقية باعتبار طبيعتها االستثنائية‪ ،‬وباعتبار األجل المحدد‬
‫المضروب من لدن المشرع لتصفية جميع الحاالت المتعلقة بها‪ ،‬وباعتبار‬
‫التحايل الذي يعمد إليه البعض استغالال لهذه المكنة البديلة واالستثنائية التي‬
‫غدت بفعل سوء الصياغة وسوء الفهم وسوء التطبيق أصال ُمح ّك َما وبديال‬
‫دائما‪.‬‬
‫وال خالف في أن الكتابة عند السادة المالكية ليست بركن أو بشرط صحة في‬
‫عقد الزواج لكونه عقدا ً رضائيا ً ينعقد بالرضا والقبول‪ ،‬قال الشيخ خليل‪" :‬ركنه‬
‫ولي وصداق ومحل وصيغة"([‪ ،)]8‬لكنه غدا عقدا شكليا في ظل القوانين‬
‫السارية‪ ،‬سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو مدونة األسرة([‪،)]9‬‬
‫فأضحت الكتابة متمثلة في عقد الزواج أو الحكم بثبوت الزوجية شرط صحة‬
‫فيه([‪ ،)]10‬وغني عن البيان أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما فالكتابة‬
‫تحمي الحق الشخصي أو العيني من الجحود والنكران‪ ،‬خاصة مع فساد بعض‬
‫الذمم في هذا الزمان‪ ،‬خالفا لما كان عليه األمر زمن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫وزمن صحابته وتابعيهم‪ .‬فعقد الزواج ال يعد ركنا في الزواج لكنه وسيلة إلثباته‬
‫حال نشوء نزاع بين رجل وامرأة تدعي زواجها منه‪ .‬وهناك حاالت أخرى ال‬
‫تكون فيها العالقة الزوجية محل منازعة لكن ال مناص من إثباتها‪ ،‬كاألرملة‬
‫جراء حادثة سير‬ ‫التي تطلب نصيبها في معاش زوجها أو التعويض عن وفاته ّ‬
‫ويطلب منها االستظهار بعقد الزواج‪ ،‬أو الزوج الذي لم يوثق زواجه ويرغب‬
‫في تسجيل أبنائه في سجالت الحالة المدنية‪ ،‬أو استفادة زوجته من الضمان‬
‫االجتماعي فال يجد لذلك سبيال‪.‬‬
‫وتحقيقا لغاية التوثيق سمح بثبوت الزوجية الخالية من اإلشهاد‪ ،‬المستعاض‬
‫عنه باالستفاضة والشهرة في معاشرة الطرفين‪ ،‬الثابتة من خالل شهادة‬
‫الشهود‪ ،‬ويقوم ذلك مقام اإلشهاد ركونا إلى مقتضيات الفقه المالكي المعتبر‬
‫عندنا والذي ال يعتبر اإلشهاد ركنا في الزواج‪ ،‬فيصح بدونه‪ ،‬وتأسيسا على ذلك‬
‫جاء في قرار للمجلس األعلى‪" :‬يترتب عن تحقق الشهرة في النكاح قيام عالقة‬
‫زوجية صحيحة مرتبة لكافة آثارها‪ .‬ينسب الولد للفراش إذا ولد بعد قيام العالقة‬
‫الزوجية‪ ،‬ولو لم يكن عقد النكاح قد أبرم لكون العقد ال يعتبر من أركان‬
‫خول إثبات الزواج بأثر رجعي ممتد إلى تاريخ انعقاده‬ ‫الزواج‪)]11[(".‬وألجله ّ‬
‫ال تاريخ أداء الشهادة أو العلم بالواقعة‪ .‬وهذا األمر أجيز ألول مرة سنة ‪1957‬‬
‫بمقتضى مدونة األحوال الشخصية حيث خولت الفقرة األخيرة من الفصل‬
‫الخامس منها للقاضي بصفة االستثنائية سماع دعوى الزوجية واعتماد البينة‬
‫الشرعية في إثباتها‪ ،‬وكانت هذه البينة هي شهادة اللفيف‪ ،‬وقد أبقى مشرع‬
‫مدونة األسرة هذا االستثناء وألزم االستماع للشهود أمام المحكمة‪ ،‬وحدد لهذا‬
‫األمر فترة انتقالية مدتها عشر سنوات‪.‬‬
‫والحكمة من تعبير المشرع في المادة ‪ 16‬من المدونة بلفظ ثبوت الزوجية بدل‬
‫إثبات الزوجية‪ ،‬أن اإلثبات يقوم به المدعي‪ ،‬وأما الثبوت فمعناه قيام الحجج‬
‫على ثبوت األسباب عند الحاكم (القاضي) في ظنه‪ ،‬فهو إذن وصف قائم بذات‬
‫الشيء المدعى وقوعه‪ ،‬فالواقعة قائمة وإنما تحتاج إلى إظهار‪ ،‬فال غرو أن‬
‫يوسم الحكم بثبوت الزواج بكونه حكما تقريريا غير منشئ لوضع جديد‪.‬‬
‫فإذا أثبت المدعي دعواه أمام القاضي‪ ،‬فعليه أن يحكم بمقتضى ذلك‪ ،‬فالحكم من‬
‫لوازم الثبوت‪ ،‬فيكون المراد من التعبير بلفظ ثبوت الزوجية‪ ،‬ثبوتها بحكم‬
‫قضائي تقريري غير كاشف([‪.)]12‬‬
‫إن خطورة الخوض في موضوع ثبوت الزوجية وكون أثره متعديا إلى الغير‬
‫وتعلقه خالفا لما قد يظن بأكثر من جانب شكلي صياغتي متعلق باإلشهاد‬
‫والتوثيق وتعلقه باألعراض واألنساب والميراث ‪.‬تقتضي منا كقيد منهجي‬
‫مدارسة أبرز إشكاالته الموضوعية واإلجرائية الفقهية والقانونية‪ ،‬وهو ما‬
‫سنبسط القول فيه بتفصيل مستقص وفق منهج اعتصمنا به في سائر ثنايا هذا‬
‫الكتاب‪ ،‬حاصله العكوف على القضايا الهامة والخالفية‪ ،‬مع توضيح مبنى‬
‫الخالف والبديل المقترح‪ ،‬من خالل اإلتيان بشواهد عملية صادرة عن قمة الهرم‬
‫القضائي المغربي‪ ،‬حيث نعرض في المطلب األول لبيان معنى السبب القاهر‬
‫المانع من توثيق عقد الزواج في إبانه‪ ،‬المراد قانونا‪ ،‬والمعتمد قضا ًء‪ ،‬وفي‬
‫المطلب الثاني لسبل إثبات دعوى الزوجية حال المنازعة‪ .‬ونتولى في المطلب‬
‫الثالث تحديد دور االجتهاد القضائي في تحقيق غايات المشرع في تفعيل دعوى‬
‫ثبوت الزوجية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المقصود بالسبب القاهر المانع من توثيق عقد الزواج‬
‫من المتفق عليه فقها وقانونا أن األصل المعتبر هو عقد الزواج المزمم لدى‬
‫العدلين فال يصار إلى دعوى الثبوت التي هي استثناء وبدل إال في حاالت قاهرة‬
‫تقدر بقدرها‪ ،‬وقد جاء في قرار للمجلس األعلى‪ ":‬العالقة الزوجية ال تثبت إال‬
‫بعقد واالستثناء جواز سماع دعوى الزوجية وإثباتها بالوسائل المعتبرة طبقا‬
‫للمادتين ‪ 10‬و‪ 16‬من مدونة األسرة"‪ )]13[(.‬وغني عن البيان أن الرخصة‬
‫أو االستثناء ال يقاس عليه وال يتوسع في تفسيره([‪ ،)]14‬ومع ذلك حاول‬
‫المشرع التوسل بصياغة مرنة للمادة ‪ 16‬من المدونة التي نظمت هذه‬
‫المسطرة‪ ،‬عندما لم يقيد سماع دعوى الزوجية بحالة معينة الرتباطها بصعوبات‬
‫وموانع متعددة ومتجددة([‪ ،)]15‬فأطلق اليد لطالبي الثبوت إلثبات دعواهم‬
‫بكافة وسائل اإلثبات بما فيها الخبرة‪ ،‬و َمك َّن قضاة الموضوع من كافة السبل‬
‫للتحقق من مزاعم الطالبين واالستدالل على الحقيقة القانونية‪ ،‬فوسع بذلك‬
‫ضيقا‪ ،‬ولم يضيق واسعا‪ .‬لكن كيف يتأتى الجمع بين مراعاة حقيقية هذه المكنة‬
‫االستثنائية‪ ،‬وواجب التيسير مراعاة لفقه الواقع‪ ،‬جمعا لشتات األسر ودر ًء‬
‫لتصدعها‪ ،‬ومنعا من جحود األنساب واختالطها وهما طرفا نقيض؟!‬

‫إن التوفيق بين هذين األمرين يلزم القضاء التيسير في اإلجراءات‪ ،‬وسرعة‬
‫الفصل في الدعاوى‪ ،‬والتوسع في بعض المفاهيم وعدم التشدد في تقدير توافر‬
‫بعض الشروط وذلك بغية تصفية جميع الحاالت قبل انصرام األجل الجديد المحدد‬
‫في خمس سنوات إضافية لكن مع مراعاة واجب حماية الحقوق من الغمط‬
‫واالفتراء ومنع اختالط األنساب الذي يمكن الوقوع فيه في خضم التيسير‬
‫المفرط موضوعا وإجراءات‪ .‬وتلك جراحة دقيقة بمبضع القاضي تحتاج إلى‬
‫دربة خاصة وملكة معينة للتوفيق بين تلك المتناقضات‪ ،‬والجمع بين متنافرات‬
‫بغية الوصول إلى الحقيقة الواقعية‪ ،‬وهو ما يستلزم منا بيان معنى كون مسطرة‬
‫الثبوت سبيال استثنائيا‪ ،‬ومعنى وجوب التيسير الموضوعي واإلجرائي فيها رفعا‬
‫لكل التباس‪.‬‬
‫وهكذا يترتب على اعتبار دعوى ثبوت الزوجية سبيال استثنائيا طائفة من‬
‫األمور أهمها‪:‬‬
‫أن االستثناء ال يقاس عليه وال يتوسع في تفسيره أيا كانت المعاذير‬
‫والمسوغات‪.‬‬
‫أن لقضاء الموضوع مناقشة األسباب الواقعية أو القانونية التي تدخل في عداد‬
‫األسباب ذ‬
‫القاهرة للتحقق من وجود المانع من توثيق عقد الزواج‪ ،‬أي داعي العدول عن‬
‫العدول‪ ،‬وذلك دون توسع في تلك األسباب بما يفضي إلى هدم األصل المعتبر‬
‫المحكّم متمثال في عقد الزواج‪ ،‬ومن ثمة طغيان البدل على األصل والرخصة‬
‫على العزيمة وألجله ينقض المجلس األعلى كل قرار ال يوضح في ثناياه وجه‬
‫االستثناء الداعي إلى العدول عن عقد الزواج العادي([‪.)]16‬أن قضاء‬
‫الموضوع يستقل بتقدير الحاالت الواقعية القاهرة المانعة من التوثيق دون‬
‫تعقيب من لدن المحكمة األعلى درجة‪ ،‬بشرط التسبيب وبيان وجه المانع القاهر‬
‫وتجلياته من خالل وقائع النازلة‪ ،‬وهذا األمر يتيح لمحكمة التعقيب أمرين‪،‬‬
‫أولهما التحقق من وجود الواقعة المانعة من التوثيق‪ ،‬وثانيهما دخولها في عداد‬
‫عن التسبيب وبان فال تثريب وال رقابة([‪.)]17‬‬‫المبررات المقبولة‪ ،‬فإذا ّ‬
‫أن قبول المانع القاهر رهين بانتفاء وجود األصل‪ ،‬والقضاء ملزم بالتحقق من‬
‫هذا األمر بكل سبل اإلثبات المتاحة‪ ،‬بصفة تلقائية أو بنا ًء على طلب من له‬
‫المصلحة خصوما ونيابة عامة‪ .‬وتأسيسا عليه اعتبر المجلس األعلى أنه لما‬
‫استمعت المحكمة إلى شهود الطاعنة واعتبرت شهادتهم غير منتجة في الدعوى‬
‫لعدم حضورهم مجلس العقد وعدم ثبوت األسباب القاهرة التي حالت دون توثيق‬
‫العقد تكون قد عللت قرارها تعليال سليما([‪.)]18‬‬
‫أن المشرع لم يحصر حالة االستثناء في مكان أو زمان أو أشخاص معينين‬
‫فالقاعدة القانونية ال تقيم تمييزا بين عموم المواطنين في االستفادة من مكنة‬
‫معينة‪ ،‬فلم يحصرها المشرع في نطاق زمني معين لتسري حتى على الحاالت‬
‫الواقعة قبل دخول المدونة‪ ،‬ولم يحصرها في مجال جغرافي معين‪ ،‬مقتصرا على‬
‫البوادي دون الحواضر أو في المغرب دون الخارج‪ ،‬لعموم البلوى فيها كلها‪،‬‬
‫ولم يحصرها في موانع معينة لكونها مستجدة تستعصي عن كل حصر‪ ،‬ولم‬
‫يقصرها على فئة عمرية معينة‪ ،‬كأن يستثني القصر ويجيزها لغيرهم لعدم‬
‫حرمان هؤالء من تصحيح أوضاعهم‪ .‬فترك الباب مواربا أمام كل مدع إلثبات‬
‫دعواه في إرسال تشريعي متعمد يحقق غايات عدة‪ ،‬يستفيد منها المتقاضي‬
‫بتنويع معاذيره الواقعية وتكليفه بما يطاق‪ ،‬والقاضي بتصحيح حاالت مختلفة‬
‫بسهولة ويسر يحمي بمقتضاها حق الزوجة في عقد صحيح‪ ،‬واألبناء في نسب‬
‫صريح‪ ،‬وحق المجتمع في المحافظة على التماسك األسري‪ .‬وهكذا اعتبر‬
‫المجلس األعلى أن‪" :‬إثبات دعوى الزوجية غير مقيد بتوفر العدول‪ ،‬وعدم‬
‫توفرهم‪ ،‬وال بزمان أو مكان معين‪ ،‬بل يمكن للمحكمة استخالص عناصر حالة‬
‫االستثناء المتمثلة في وجود ظروف أو صعوبات حالت دون إشهاد الزوجين‬
‫على زواجهما في حينه لدى عدلين‪.)]19[(".‬‬
‫أن تفريط الزوج في توثيق عقد الزواج مع قدرته على ذلك‪ ،‬ال يدخل قطعا في‬
‫عداد حاالت االستثناء المقبولة‪ ،‬بل إن ذلك رهين بعدم القدرة وانتفاء المانع‪،‬‬
‫لقاعدة أن المفرط أولى بالخسارة([‪ ،)]20‬ولعدم إمكان استفادة المتحايل من‬
‫تحايله‪.‬‬
‫بيد أن حقيقة االستثناء وقيوده ومحاذيره ال تمنع القضاء من واجب التيسير‬
‫اإلجرائي والموضوعي محافظة على لحمة األسرة ورابطة النسب‪ ،‬ولهذا األمر‬
‫مظاهره وشواهده‪ ،‬منها‪:‬‬
‫اعتماد المستند العام متمثال في المخالطة أو المجاورة أو االطالع‪ ،‬بدل المستند‬
‫الخاص المتمثل في حضور الشاهد مجلس عقد الزواج ومعرفة كافة أركانه وليا‬
‫وصداقا وهو أمر خلص إليه المجلس األعلى بمقتضى قرارات متواترة([‪،)]21‬‬
‫متراجعا بذلك عن اتجاهه السابق المستلزم وجوب االعتماد على المستند‬
‫الخاص([‪ .)]22‬رغم أن األصل اشتراط المستند الخاص في شهادة الشهود‬
‫بثبوت الزواج وهو ما تطلبه الفقهاء في كل ما تستباح به الفروج وفي طليعته‬
‫الزواج([‪ ،)]23‬بخالف المال أو ما يؤول إليه‪ ،‬حيث يقبل فيه التعويل على‬
‫مجرد المستند العام([‪ .)]24‬واشتراط المستند الخاص الذي قد ال يدركه حتى‬
‫أخص القرابة‪ ،‬فيه تنطع ومغاالة وتكليف بما ال يطاق‪ ،‬ومدعاة إلى ذيوع شهادة‬
‫الزور وتلقين الشهادة‪ .‬وهكذا كان المجلس األعلى يستلزم ثبوت الزوجية‬
‫بالبينة المستفسرة المتضمنة للمستند الخاص‪ ،‬ومعناها حضور الشهود حفلة‬
‫الزفاف وطول مدة الزواج ووجود الولد([‪ ،)]25‬فمن أين يأتى بمثل هذا‬
‫المستند الخاص التفصيلي‪ ،‬مهما بلغ إطالع الشهود على جزئيات الزواج؟! وهل‬
‫المهم الغايات أم الوسائل؟ ثم أليس المراد تصحيح أوضاع مختلة تشوفا إلى‬
‫تحقيق غايات شرعية‪ ،‬فيغتفر في المحامل المفضية إليها؟‬
‫االستعاضة عن نصاب اللفيف العددي المتعارف عليه وقدره اثنا عشر شاهدا‬
‫والذي كان يستلزمه المجلس األعلى وجوبا في دعاوى الثبوت بما هو دونه من‬
‫تلقية أوأقل منها حال عدم المنازعة‪ ،‬وكون الزوجين على قيد الحياة‪ ،‬وإال وجب‬
‫االلتزام بال ِنّصاب العددي المعروف؛ ألن االستكثار من الشهود يزيد الشهادة‬
‫صدقا ولزوما وحجية([‪.)]26‬‬
‫التوسع في مفهوم السبب االستثنائي المانع من توثيق عقد الزواج وفق أصوله‬
‫المرعية‪ ،‬ومن ثمة قبول كل حالة واقعية مانعة من توثيق عقد الزواج‪ ،‬دون‬
‫وقوف على حاالت معينة على سبيل الحصر الذي ال يتوسع فيه‪.‬‬
‫قبول تصفية جميع الحاالت غير الموثقة‪ ،‬لتشمل حتى الحاالت الحادثة بعد دخول‬
‫المدونة حيّز التطبيق ووجود العدول في سائر مناحي المغرب‪ ،‬دون اعتداد بحيّز‬
‫زمني ُمقيّد‪.‬‬
‫قبول بعض الحاالت التي وقع فيها تحايل متى أثمرت العالقة الزوجية عن وجود‬
‫حمل أو ازدياد أبناء‪ ،‬حماية لحقوق هؤالء في النسب والستفادتهم من آثاره‬
‫المختلفة‪ ،‬سيما التسجيل في الحالة المدنية والتمدرس‪ ،‬دون تمسك حرفي‬
‫بقاعدة وجوب المعاقبة بنقيض القصد‪ ،‬وإنما تقدّر كل حالة بقدرها‪ ،‬لكن ال‬
‫يسوغ الجهر بذلك في األحكام بما يفضي إلى استغالل الناس لهذا األمر الواقعي‬
‫بعسف‪ .‬وتأسيسا على ذلك جاء في حكم صادر عن ابتدائية مراكش ‪":‬وحيث إنه‬
‫في النازلة‪ ،‬فإن الطرفين لم ينجبا أبنا ًء‪ ،‬وليست طالبة الزوجية حامال حتى‬
‫يتشفع لها ذلك في تبرير تحايلها على النص القانوني‪)]27[(".‬ولسنا في حاجة‬
‫هنا إلى تذكير المحكمة بأنه ال شيء يشفع لتبرير التحايل على النص القانوني‪.‬‬
‫وال ريب أن القضاء إنما يركن في التيسير اإلجرائي والموضوعي لمؤيدات‬
‫واقعية‪ ،‬حاصلها الحرص على جمع لحمة اّألسرة وحماية حق الزوجة من‬
‫الجحود ونسب األبناء من اإلنكار‪ ،‬ومؤيدات قانونية تجد سندها في المقتضى‬
‫القانوني المجيز‪ ،‬فضال عن مناشير ودوريات وزيرية متعددة تحث على‬
‫ذلك([‪ ،)]28‬وهكذا نجد أن المشرع‪:‬‬
‫ضرب أجال جديدا إضافيا لتصفية جميع حاالت ثبوت الزوجية غير الموثقة‬
‫وإعطاء فرصة لألزواج لتصحيح أوضاعهم‪.‬‬
‫أعطى للمحكمة سلطة واسعة للوقوف على صحة ادعاءات الخصوم واالستدالل‬
‫على المزاعم دون تقييد سلطتها تلك بقيود أو ضوابط‪ ،‬غير االلتزام بكل ما من‬
‫شأنه اإليصال إلى الحقيقة القضائية والواقعية‪.‬‬
‫لم يتشدد في وسائل إثبات الزواج المدعى وقوعه وأطلق اليد لكل مدع لإلثبات‬
‫مالم تقع المنازعة في ذلك‪ ،‬أو كان الزوجان أو أحدهما ميتا([‪.)]29‬‬
‫أجاز قبول شهادة الشهود دون التجريح لقادح القرابة‪ ،‬إذ الغالب قصر حضور‬
‫مجلس العقد واإلحاطة بأركان الزواج صيغة ووليا وصداقا على أقرب المقربين‪،‬‬
‫وال تكليف إال بمستطاع وبمقدور‪ ،‬مع قصر هذا األمر حال اتفاق الزوجين وعدم‬
‫وجود منازعة‪ ،‬وإالّ جاز التجريح بما يُ َج َّر ُ‬
‫ح به الشهود عادة من قرابة أو تبعية‬
‫للمشهود له أو عداوة مع المشهود عليه([‪.)]30‬‬
‫ولما كان األصل هو عقد الزواج الموثق لدى عدلين‪ ،‬فإنه ال يصار إلى‬
‫استصدار حكم بثبوت الزواج إال بعد ثبوت وجود السبب االستثنائي المانع من‬
‫توثيق عقد الزواج وهذا األمر يقتضي منا تحرير معنى السبب االستثنائي الذي‬
‫أراده وعناه المشرع في المادة ‪ 16‬من مدونة األسرة‪ ،‬وربط به أمر االستجابة‬
‫لطلب ثبوت الزوجية‪ ،‬فأضحى الحكم التقريري به يدور معه وجودا وانتفاء‪.‬‬
‫وغدا في خضم االستسهال كل سبب يدعى دخوله في زمرة األسباب االستثنائية‪،‬‬
‫فتنكبت إرادة المشرع في أحايين كثيرة و ُج ِعل هذا االستثناء أصال في قلب كامل‬
‫للمفاهيم‪ ،‬فتعاظمت طلبات ثبوت الزوجية واستغلت هذه المكنة االستثنائية‬
‫تحايال أو تراخيا رغم توافر العدول في سائر أنحاء المغرب من أدناه إلى أقصاه‪،‬‬
‫وتأ ِت ّي اإلشهاد لديهم بأيسر سبيل وأقصر أجل([‪.)]31‬‬
‫فالمانع من توثيق عقد الزواج إما أن يكون مانعا ماديا أو مانعا قانونيا‪ .‬والمانع‬
‫المادي هو كل حدث مادي حصل بسبب خارجي ال يد لإلنسان فيه‪ ،‬وأما المانع‬
‫القانوني فهو كل سبب متعلق بعدم الحصول على ما يتطلبه القانون من إذن أو‬
‫رخصة أو وثيقة أو تحقق شرط أو انتفاء مانع([‪.)]32‬‬
‫والمانع ال ينصرف بمعناه الدقيق الذي أراده المشرع في المادة ‪ 16‬من المدونة‬
‫إال للمانع المادي الواقعي غير اإلرادي‪ ،‬أما المانع المادي اإلرادي والمانع‬
‫القانوني‪ ،‬متمثال في عدم الحصول على إذن أو رخصة أو وثيقة‪ ،‬فال يدخالن في‬
‫زمرة الموانع المقبولة ألن حصولها كان بتفريط من رب الحق أو لعدم استيفائه‬
‫للشروط المتطلبة قانونا التي يُحمي بها حق خاص أو عام‪ ،‬فال يسوغ والحالة‬
‫ما ذكر أن يستفيد من تفريطه أو تحايله بفرضه حالة واقعة وتكريسه وضعا‬
‫يصحح جبرا وخالفا للنصوص المسنونة‪ ،‬فالمفرط أولى بالخسارة‪ ،‬وألن القول‬
‫بغير ذلك فيه مسايرة للمتحايل أو ال ُمفَ ِ ّرط‪ ،‬وحمل ضمني على االستكثار من هذه‬
‫السبيل والتحلل من القيود القانونية المتطلبة‪ ،‬كما أن من شأن ذلك إفراغ بعض‬
‫المساطر واألذون من محتواها ومناقضة لغاية المشرع من إقرارها‪ ،‬فتغدو‬
‫متجاوزة دون جزاء معاقب حال المخالفة‪ ،‬فتصبح االستثناءات أصوال واألصول‬
‫مشرعين وفق أهوائهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫استثناءات‪ )]33[(،‬فيغدو المتحايلون والمواربون‬
‫ومن أمثلة الموانع القانونية التي ال تنهض سببا لقبول طلب اإلثبات ‪ ،‬عدم‬
‫الحصول على الرخصة الالزمة بالنسبة للعسكرين ورجال الشرطة والدرك‪،‬‬
‫وعدم استصدار اإلذن بزواج القاصر أو المصاب بإعاقة ذهنية أو اإلذن بالتعدد‬
‫حال اللزوم‪ ،‬وعدم الحصول على الوثائق اإلدارية للزواج العادي أو‬
‫المختلط([‪ ،)]34‬وهو ما أكده المجلس األعلى بمقتضى عدة قرارات متواترة‬
‫حرص من خاللها على التمييز بين كل ذلك‪ ،‬منها قرار جاء فيه‪" :‬لئن كانت‬
‫المادة ‪ 16‬من مدونة األسرة تجيز سماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية‬
‫بسائر وسائل اإلثبات ‪ ،‬وكذلك الخبرة‪ ،‬فإن ذلك ال يتأتى إال إذا حالت أسباب‬
‫قاهرة دون توثيق العقد في وقته‪ ،‬والمحكمة لما قضت بثبوت الزوجية بين‬
‫الطاعن والمطلوبة بناء على شهادة الشهود المستمع إليهم‪ ،‬دون بيان السبب‬
‫القاهر الذي حال دون توثيق العقد في إبانه ودون أن يتحقق من تطبيق‬
‫النصوص القانونية المنظمة للتعدد في مدونة األسرة التي رفع الطلب بعد‬
‫تطبيقها‪ ،‬وهي المواد ‪ 40‬وما يليها من مدونة األسرة‪ ،‬تكون قد خرقت‬
‫مقتضيات المواد المحتج بها‪ ،‬فجاء قرارها ناقص التعليل الذي هو بمثابة‬
‫انعدامه مما يعرضه النقض"([‪.)]35‬‬
‫ومن شواهد الموانع الواقعية التي يجوز تأسيس طلب ثبوت الزواج عليها‬
‫والتي ال يمكن حصرها في نص قانوني الرتباطها بوقائع كثيرة ومتجددة‪ ،‬البعد‬
‫عن مكان تواجد العدول‪ ،‬واإلعاقة البدنية المانعة من التوجه صوب المحكمة أو‬
‫العدول إلنجاز وثائق الزواج‪ ،‬وعدم القدرة المادية على استصدار الوثائق‬
‫اإلدارية أو أداء أجرة العدول‪ ،‬وكذا الغيبة الطويلة المتصلة ألحد الزوجين عن‬
‫اآلخر قبل توثيق الزواج لدى عدلين‪ ،‬والوجود في بالد أجنبية ال عدول‬
‫فيها([‪ ،)]36‬فضال عن وقائع أخرى يستقل قاضي الموضوع بتقدير مدى‬
‫دخولها في عداد الموانع الواقعية أو القانونية شرط تعليل النتيجة التي ينتهي‬
‫إليها‪___________________________.‬‬
‫[‪ )]1‬اآلية ‪ 20‬من سورة الروم‪.‬‬
‫[‪ )]2‬يستشف من صياغة المادة ‪ 67‬من مدونة األسرة أن المشرع المغربي‬
‫يخلط بين العقد والوثيقة التي تتضمنه‪ ،‬حيث استهلت المادة بعبارة " يتضمن‬
‫عقد الزواج ما يلي‪ "...‬والمراد تحديدا وثيقة الزواج‪ .‬للوقوف على أوجه‬
‫االختالف بين العقد وهو فكرة معنوية والوثيقة التي يدون فيها‪ ،‬يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري‪" ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد"‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني‪ .‬اإلثبات‪ ،‬أثار االلتزام‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪ 105 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪- Voir aussi: CH.Lorroumet, "droit Civil : les‬‬
‫‪obligations: le contrat", Tome III.Economi. Paris.1990‬‬
‫‪N°137. P : 218 et suivant.‬‬
‫[‪ )]3‬قال الحق سبحانه و تعالى‪" :‬وأخذن منكم ميثاقا غليظا"‪ .‬اآلية ‪ 21‬من‬
‫سورة النساء‪.‬‬
‫[‪ )]4‬أما المقوم الثاني فهو المقوم التأطيري وحاصله مراعاة حدود هللا بما‬
‫يحقق استقرار األسرة‪ ،‬والمقوم الثالث هو المقوم القيمي الذي يشيع معاني‬
‫الترابط والمودة والرحمة‪ ،‬للوقوف على تفاصيل الموضوع يراجع‪ :‬بهيجة‬
‫شدادي‪" ،‬مقومات األسرة في اإلسالم‪ ".‬درس حسني ألقي في الحضرة الملكية‬
‫بتاريخ ‪ 17‬رمضان ‪ 1434‬هـ‪.‬‬
‫[‪ )]5‬فلكل عقد مقصد وعلى العاقد أن يتحرى تحقيقه وأال يقصد قصدا مناقضا‬
‫له ورغم أن القصد يكون مستترا ً وحبيس الصدور إال أن األفعال قد تدل عليه‪،‬‬
‫باعتبار أن النية وكما يقول الفقهاء يستدل عليها من األفعال‪.‬‬
‫[‪ )]6‬هذا األمر كان يدخل في عداد حالة االستثناء المقبولة قضا ًء التي تجيز‬
‫اعتماد البينة الشرعية أي اللفيف بدال من عقد الزواج في ظل الفصل الخامس‬
‫من مدونة األحوال الشخصية الملغاة‪ .‬يراجع القرار عدد ‪ 111‬وتاريخ‬
‫‪ 1975/5/5‬ذكره الدكتور محمد الكشبور في مؤلفه‪" ،‬شرح قانون األحوال‬
‫الشخصية"‪ ،‬ص‪.155 :‬‬
‫[‪ )]7‬ينظر على سبيل المثال‪ ،‬محمد الكشبور‪" ،‬شرح مدونة األسرة"‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬الزواج‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ .2006 ،‬ص‪.149 :‬‬
‫[‪ )]8‬خليل بن إسحاق الجندي‪ ،‬المختصر‪ ،‬مطبعة دار الحديث القاهرة‪1426 ،‬‬
‫هـ ‪2005‬م‪ ،‬ص‪.96:‬‬
‫[‪ )]9‬العقود التي يستلزم فيها القانون ورودها في شكل معين‪ ،‬يصطلح عليها‬
‫بالعقود الشكلية‪ ،‬وهي تعتبر قيدا واستثنا ًء على أصل رضائية العقود‪ ،‬فتكون‬
‫الغاية التشريعية ليست تغليب عنصر الشكل على الرضائية‪ ،‬بقدر ما تكون الغاية‬
‫حماية هذه الرضائية نفسها من جميع األخطار التي تقتضيها العمليات التعاقدية‬
‫والتي يتطلب اإلقدام عليها كثيرا من التروي‪ ،‬مما يجعلنا أمام قاعدة موضوعية‬
‫وليست شكلية‪.‬‬
‫يراجع‪ :‬األمرانيزنطار محمد‪ " ،‬أحكام رضائية العقود‪ ،‬بين الفقه اإلسالمي‬
‫والقانون الوضعي"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ -1990-1989‬ص‪.353:‬‬
‫[‪ )]10‬من ثمة حصر مشرع المدونة أمر إثبات الزواج في هذين السبيلين‪،‬‬
‫عندما نص في المادة ‪ 16‬من مدونة األسرة على أنه‪ " :‬تعتبر وثيقة عقد‬
‫الزواج الوسيلة المقبولة إلثبات الزواج‪ ،‬إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق‬
‫العقد في وقته تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل اإلثبات‬
‫وكذا الخبرة"‪.‬‬
‫[‪ )]11‬قرار عدد ‪ 633‬وتاريخ ‪ 2006/11/15‬ملف شرعي عدد‬
‫‪ 206/1/2/160‬غير منشور‪.‬‬
‫[‪ )]12‬فالتمييز إذن بين االثبات و الثبوت أمر في غاية األهمية‪ ،‬إنه باختصار‬
‫تمييز بين أمر تقريري واقع‪ ،‬وآخر كاشف لوضع جديد‪ .‬فالزواج واقع حقيقة‬
‫وثابت فعال لكن إظهاره و تجليته تأخر لمانع قاهر منع‪ ،‬و لطارئ استثنائي حال‬
‫دون توثيقه وفق األصول التوثيقية المرعية‪ ،‬ومن ثمة ال تملك المحكمة إال أمر‬
‫أن تنص في منطوق الحكم على لفظ الثبوت أو كل لفظ يقوم مقامه دون غيره‪.‬‬
‫[‪ )]13‬قرار مؤرخ في ‪ 2006/9/27‬ملف عدد ‪ 2006/1/2/971‬المنتقى‬
‫من عمل القضاء في مدونة األسرة‪ ،‬ج‪ 1‬منشورات جمعية نشر المعلومة‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬نشر المعلومة للجميع‪ ،‬العدد ‪ 17‬فبراير ‪ ،2009‬ص‪.7:‬‬
‫[‪ )]14‬هذه قاعدة أصولية معروفة تعقل اجتهاد المجتهد و عمل القاضي‪،‬‬
‫ومعناها أن االستثناء ما دام على خالف األصل‪ ،‬فغيره ال يقاس عليه‪ ،‬ألنه فرع‬
‫و بدل‪ ،‬وال يقاس الفرع على الفرع و البدل على البدل‪ ،‬كما أنه ال يتوسع في‬
‫تفسيره لكونه محض رخصة واستثناء ال يلجأ إليه إال على سبيل الضرورة‪.‬‬
‫وهي من القيود االجتهادية الهامة التي ت ُ َ‬
‫ط ّ ِوق عمل القاضي و تغل يده باعتباره‬
‫المعني أساسا ً بتفسير النص القانوني أو الفقهي و تنزيله على الواقع في مطلق‬
‫الدعاوى‪ ،‬زجرية كانت أو مدنية أو أسرية‪.‬‬
‫[‪ )]15‬هذا األمر بقي ساريا منذ عهد مدونة األحوال الشخصية‪ ،‬فقد كانت حالة‬
‫االستثناء المبررة لسماع دعوى الزوجية غير مقيدة على صعيد العمل القضائي‬
‫بحالة معينة‪ ،‬بل مرتبطة بصعوبات اضطر معها المتعاقدان إلى عدم إشهاد‬
‫عدلين‪ .‬يراجع مثال‪ :‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 1326‬وتاريخ‬
‫‪ 1986/10/21‬ملف عقاري عدد ‪ ،84/4886‬مجلة قضاء المجلس األعلى‪،‬‬
‫عدد ‪ 40‬ص‪.165 :‬‬
‫[‪ )]16‬بنا ًء عليه جاء في قرار للمجلس األعلى ‪":‬لما عللت المحكمة استبعادها‬
‫لرسم ثبوت الزوجية الذي أدلت به الطاعنة بأنه ال يشير بتاتا إلى حالة‬
‫االستثناء التي دعت إلى إقامته والسبب الذي صرف أصحابها عن إقامة عقد‬
‫الزواج في إبانه‪ ،‬والحال أنهم يقطنون في مدينة متوفرة على عدد كبير من‬
‫العدول‪ ،‬تكون قد عللته تعليال كافيا‪ " .‬قرار عدد ‪ 89‬وتاريخ ‪2001/1/24‬‬
‫ملف شرعي عدد ‪ ،2000/1/2/158‬أورده ذ عبد العزيز توفيق‪ " ،‬قضاء‬
‫محكمة النقض في مدونة األسرة "‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ 2013‬ص‪.21 :‬‬
‫[‪ )]17‬هذا األمر تحرص محكمة النقض حرصا موصوال على التزام محاكم‬
‫الموضوعبه‪ ،‬و هكذا اعتبرت محكمة النقض أن سماع دعوى الزوجية المنازع‬
‫فيها‪ ،‬يلزم المحكمة بيان األسباب القاهرة التي حالت دون توثيق عقد الزواج‪.‬‬
‫قرار عدد ‪ 13‬وتاريخ ‪ 2011/01/04‬ملف عدد ‪ ،2009/1/2/696‬المجلة‬
‫المغربية للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ 6‬ماي ‪ 2011‬ص‪.258 :‬‬
‫واعتبرت في قرار آخر أنه لما ثبت (للمحكمة) عدم حصول خطبة للطرفين‪ ،‬وأن‬
‫العالقة المزعومة الناتج عنها الحمل موضوع النزاع مجرد عالقة فساد حسبما‬
‫تُثبتُهُ وقائع القرار الجنحي الصادر بتاريخ (‪ )...‬وحسبما استخلصته في إطار‬
‫سلطتها من شهادة الشهود الذين وقع االستماع إليهم في المرحلة االبتدائية‬
‫تكون بذلك قد أسست قضاءها على أساس قانوني صحيح ومعلل بما فيه الكفاية‬
‫"‪ .‬قرار عدد‪ 264 :‬بتاريخ‪ ،2006/4/26 :‬ال ُمنتقى من عمل القضاء ج‪ ،1‬م‪.‬‬
‫س‪ ،‬ص‪.230 :‬‬
‫وهذا األمر كان محكما أيضا في ظل مدونة األحوال الشخصية الملغاة‪ ،‬حيث كان‬
‫على محاكم الموضوع أن تبين الدواعي التي حملتها على إعمال حالة‬
‫االستثناء‪ ،‬وذلك حتى يتمكن المجلس األعلى من مراقبة وجود دواعي االستثناء‬
‫وأسبابه‪ .‬قرار عدد ‪ 29‬وتاريخ ‪ 1971/2/21‬مجلة قضاء المجلس األعلى‬
‫عدد ‪ 24‬ص‪.28 :‬‬
‫[‪ )]18‬قرار عدد ‪ 695‬وتاريخ ‪ 2009/4/30‬ملف شرعي عدد‬
‫‪ 2007/2/67‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.57 :‬‬
‫[‪ )]19‬قرار عدد ‪ 397‬وتاريخ ‪ 2008/7/21‬ملف عدد ‪2004/1/2109‬‬
‫غير منشور‪.‬‬
‫[‪)]20‬هذه القاعدة الفقهية المعروفة في باب التعويض‪ ،‬معناها أن المفرط في‬
‫تحصيل حق مستحق لفائدته‪ ،‬أو في مراقبة من تجب مراقبته عليه‪ ،‬أو عدم‬
‫مراعاته للنظم والقوانين المرعية‪ ،‬فإنه يتحمل تبعة ومسؤولية ذلك‪ ،‬سواء‬
‫كانت المسؤولية مدنية أو جنائية وكأنه جزاء رتبه المشرع على التفريط وعدم‬
‫الحرص الواجب على كل من تحمل مسؤولية محددة عن نفسه أو غيره‪.‬‬
‫[‪ )]21‬فلم يعد المجلس األعلى يتشدد في مستند علم شهود ثبوت الزوجية‪،‬‬
‫ومن شواهد ذلك اعتباره في قرار له‪" :‬أن محكمة الموضوع أقامت قضاءها‬
‫على ما اطمأنت إليه من أدلة منتجة في الدعوى ومنها البحث الذي أجرته‬
‫المحكمة االبتدائية في القضية (‪ )...‬مما يخلص منه أن ركن الرضا بالزوجية‬
‫ثابت بإرادة الطرفين‪ ،‬وشهادة اللفيف الذين بنوا مستند علمهم على المخالطة‬
‫والمجاورة‪ ،‬مما يعني أن النكاح قد اشتهر بين الناس وفشا خبره‪ ،‬مما يكفي‬
‫لثبوته وإن لم يحصل اشهاد من ولي وقت انعقاده‪ ،‬ألنه ليس بركن في العقد وال‬
‫يشترط فيه وإنما هو مندوب"‪ .‬قرار عدد ‪ 505‬وتاريخ ‪ 2005/17/09‬ملف‬
‫شرعي عدد ‪ 2004/1/2/19‬ذكره الدكتور محمد الكشبور في شرحه لمدونة‬
‫األسرة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الزواج‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ 2006/16‬بهامش ص‪:‬‬
‫‪.286‬‬
‫[‪ )]22‬هكذا دأب المجلس األعلى في قرارات عديدة كان ينقض فيها كل قرار‬
‫يؤسس قضاءه بالثبوت على المستند العام‪ ،‬ومن ذلك قرار جاء فيه‪":‬ومن‬
‫القواعد الفقهية المعتبرة عند تعارض البينات ترجيح ما كان مستند العلم فيها‬
‫المعاينة والحضور المعبر عنه بالمستند الخاص على ما كان مستند العلم فيها‬
‫المجاورة والمخالطة"‪ .‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 21‬وتاريخ ‪1960/10/31‬‬
‫مجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 35‬ص‪.250 :‬‬
‫فمبنى الشهادة االسترعائية شهادة الشاهد بما في علمه‪ ،‬وهذا العلم إما أن‬
‫يكون مبنيا على مستند أو سبب عام أو خاص والمراد بالمستند العام في فقه‬
‫الشهادات المخالطة والمجاورة وشدة االطالع‪ ،‬وأما المستند الخاص فيقصد به‬
‫الحضور والمعاينة ومعرفة األركان‪ .‬للتفصيل أكثر يراجع عبد الواحد العلوي‪:‬‬
‫"مقدمة في الوثائق وفقهها في التشريع اإلسالمي"‪ ،‬مجلة القضاء اإلسالمي‪،‬‬
‫عدد ‪ 118‬ص‪ 399 :‬وعقبها‪.‬‬
‫[‪ )]23‬هكذا قَبِل المجلس األعلى اعتماد المستند العام في شهادة لفيف لتعلق‬
‫الدعوى باثبات الحق في اإلرث ال استباحة فرج‪ .‬قرار غرفة األحوال الشخصية‬
‫عدد ‪ 773‬وتاريخ ‪ 1992/7/7‬مجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 46‬ص‪:‬‬
‫‪.173‬‬
‫[‪ )]24‬بناء عليه اعتبر المجلس األعلى أن "‪ ...‬البيوعات والمقاسمات‬
‫والمخارجات‪ ،‬وما فيه رائحة تفويت‪ ،‬ال يكتفي فيها بالمستند العام بل البد فيها‬
‫من المستند الخاص‪ ،‬فال يكتفي فيها من الشهود بالمستند العام‪ ،‬بل البد من‬
‫المستند الخاص المطلوب في مثلها‪ ،‬وهو حضورهم لهذه المبادلة"‪ .‬قرار عدد‬
‫‪ 129‬وتاريخ ‪ 1982/2/9‬ذكره أحمد أدريوش في مؤلفه‪" :‬نطاق ظهير‬
‫االلتزامات والعقود"‪( ،‬تأمالت حول موقف القضاء المغربي من مشكلة عالقة‬
‫ظهير االلتزامات والعقود بالفقه اإلسالمي)‪ ،‬سلسلة المعرفة القانونية ‪،3-‬‬
‫الرباط ‪ ،1996‬ص‪.116:‬‬
‫[‪ )]25‬يراجع مثال القرار عدد‪ 337 :‬وتاريخ ‪ 2003/7/10‬ملف شرعي عدد‬
‫‪ ،2001/2/2/352‬عبد العزيز توفيق‪" ،‬قضاء محكمة النقض في مدونة‬
‫األسرة "‪ .‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.23 :‬‬
‫[‪ )]26‬من هذه القرارات قرار جاء فيه‪ ":‬الزوجية ال تثبت بتصريح ثالثة‬
‫أشخاص غير عدول‪ ،‬وإنما أن تتوفر في البينة الشرعية الشروط المعتبرة فقها‬
‫وقانونا‪ ".‬قرار عدد ‪ 480‬وتاريخ ‪ 2006/01/25‬ملف عدد ‪،2006/1/2/5‬‬
‫أورده أبراهيم بحماني في مؤلفه‪" ،‬العمل القضائي في قضايا األسرة‪ ،‬مرتكزاته‬
‫ومستجداته في مدونة األحوال الشخصية ومدونة األسرة"‪.‬مكتبة دار السالم‪،‬‬
‫‪ .2009‬ص‪.189 :‬‬
‫[‪ )]27‬أورده الدكتور الكشبور في شرحه لمدونة األسرة‪ ،‬ج‪ 1‬الزواج‪ ،‬م س‪،‬‬
‫ص‪.294 :‬‬
‫[‪ )]28‬من هذه المناشير‪ ،‬منشور عدد ‪ 50‬س ‪ 2‬وتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪2005‬‬
‫حول سماع دعوى الزوجية والذي حثت من خالله وزارة العدل السادة القضاة‬
‫على ضرورة تقدير الظروف التي حالت دون توثيق الزواج في إبانه‪ ،‬أو عند‬
‫البحث والتحري أو عند ترتيب اآلثار‪ .‬وكذا دورية وزير العدل عدد ‪ 16‬س‪2‬‬
‫وتاريخ ‪ 23‬سبتمبر ‪ 2012‬حول تفعيل التعديل المدخل على المادة ‪ 16‬من‬
‫المدونة‪ ،‬ودورية وزير العدل عدد ‪ 12‬س ‪ 2‬وتاريخ ‪ 26‬مارس ‪ 2013‬والتي‬
‫طلب بمقتضاها من المحاكم مراعاةً لألجل اإلضافي المخول للمواطنين لتقديم‬
‫دعاوى ثبوت الزوجية عقد ندوات جهوية بالتنسيق مع السلطة المحلية‬
‫لتحسيس المواطنين المعنيين وحثهم على هذا األمر‪ ،‬وعقد جلسات تنقلية‬
‫بمراكز القضاة المقيمين وحكام الجماعات واألسواق النائية واتخاذ كل الترتيبات‬
‫الضرورية للتسهيل على المواطنين المعنيين بثبوت الزوجية من خالل وضع‬
‫إعالنات تتضمن نماذج طلبات ثبوت الزوجية توضع رهن إشارتهم‪ ،‬وتحديد‬
‫الوثائق المتطلبة وعدد الشهود واإلشارة إلى إمكانية استفادة المواطنين‬
‫المعوزين من المساعدة القضائية‪ ،‬والتعامل بالمرونة والتيسير والتبسيط في كل‬
‫المساطر واإلجراءات‪ ،‬ومراعاة كل الظروف والمالبسات وسائر وسائل اإلثبات‬
‫بما فيه القرائن والحد األدنى المعتبر من الشهود والتعجيل بالبت في دعوى‬
‫الزوجية في وقت مالئم مراعاة للفترة المحددة قانونا لسماعها‪.‬‬
‫وفيما يخص المساعدة القضائية التي نصت الدورية المذكورة على إمكان‬
‫استفادة المتقاضي منها فقد نظمت بمقتضى المرسوم عدد ‪ 514-65‬بتاريخ‬
‫‪ 17‬رجب ‪ 1386‬بمثابة قانون يتعلق بالمساعدة القضائية‪ ،‬نشر بالجريدة‬
‫الرسمية سنة ‪ ،1966‬حيث جاء في فصله األول ‪ " :‬يمكن منح المساعدة‬
‫القضائية لدى جميع محاكم المملكة‪ ،‬وكيفما كان الحال إلى األشخاص‬
‫والمؤسسات العمومية أو ذات المصلحة العمومية والجمعيات الخصوصية‬
‫القائمة بعمل إسعافي والمتمتعة بالشخصية المدنية والجنسية المغربية التي‬
‫نظرا لعدم كفاية مواردها تكون غير قادرة على ممارسة حقوقها أو الدفاع عنها‬
‫أمام القضاء‪ ،‬وذلك عالوة على الحالة التي يستفيد فيها األجانب من هذه‬
‫المساعدة عمال بالمعاهدات‪.‬‬
‫تطبق هذه المساعدات على كل نزاع وعلى كل المطالبات بالحق المدني أمام‬
‫محاكم التحقيق وإصدار األحكام‪ ،‬كما تطبق خارج كل نزاع على أعمال القضاء‬
‫اإلداري واألعمال التحفظية‪ .‬وال يعمل بالمقرر الممنوحة بموجبه المساعدة‬
‫القضائية إال فيما يتعلق بالعقود والعمليات المنجزة بعد صدوره‪ ،‬اللهم إال إذا‬
‫كان قد تم منح مقرر مؤقت فيما سبق "‪.‬‬
‫[‪ )]29‬إن حماية حقوق المتوفى المدعى وقوع الزواج منه‪ ،‬وحماية الحقوق‬
‫المالية و المعنوية لورثته الذين غالبا ما ال يستدعون في دعوى الثبوت‪،‬‬
‫تقتضي التحري واالستيثاق من واقعة الزواج المزعومة‪ ،‬عبر االستكثار من‬
‫شهود اإلثبات‪ ،‬ولو حال عدم المنازعة‪ ،‬والتعويل على مستند العلم الخاص ما‬
‫أمكن‪ ،‬ومراعاة القيود اإلجرائية والشروط الموضوعية لالستماع للشهود‬
‫ورفض الطلب حال التشكك واالرتياب في وجود العالقة المذكورة‪.‬‬
‫[‪ )]30‬بنا ًء عليه جاء في حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط‪" :‬وحيث‬
‫إن الشاهدين بعد التأكد من هويتهما ونفيهما موانع الشهادة وأدائهما اليمين‬
‫القانونية‪ ،‬أكدا الوقائع المسطرة أعاله جملة وتفصيال‪" .‬حكم صادر عن قسم‬
‫قضاء األسرة‪ ،‬عدد‪ 1514 :‬ملف ‪ 08/1376/10‬وتاريخ‪2008/12/22:‬‬
‫غير منشور‪.‬‬
‫[‪ )]31‬فكان بذلك العذر بعدم تأتي اإلشهاد لدى العدول‪ ،‬لعدم وجودهم أو لبعدهم‬
‫عذرا مردودا في أغلب الحاالت‪ ،‬لتوافر العدول في شتى بقاع المغرب‪ ،‬األمر‬
‫الذي يستلزم التحقق من مثل هذه المزاعم المعتبرة كمبرر موضوعي استثنائي‬
‫والتي يقع عبئ إثباتها على مدعيها طالما أن األصل وجود العدول في كافة‬
‫األنحاء‪.‬‬
‫[‪ )]32‬هذا األمر يتعين بيانه وتجليته في حيثيات الحكم‪ ،‬ببيان المانع القانوني‬
‫عند االستبعاد‪ ،‬والمانع الواقعي حال االعتماد‪ ،‬حتى يتأتى للمحكمة األعلى درجة‬
‫مراقبة سالمة النتيجة التي انتهت إليها المحكمة المعقب على حكمها‪.‬‬
‫[‪ )]33‬مثل هذا األمر من شأنه نقض غاية المشرع من إفراد المساطر األصلية‬
‫لطغيان المساطر البديلة‪ ،‬واألصل فيها أال تكون مقبولة إال في حاالت ضيقة ال‬
‫ينبغي التوسع فيها بحال‪ ،‬مهما كانت الذرائع القانونية والمعاذير الواقعية‬
‫ال ُمساقة من قبل الخصوم‪.‬‬
‫[‪ )]34‬إذا اضطرت المحكمة إلى االستجابة لطلب ثبوت الزواج المختلط‪ ،‬نتيجة‬
‫وقوع حمل أو وجود أبناء‪ ،‬فإنه يتعين أن يُصار إلى نفس االجراءات التي يتعين‬
‫اتخاذها حال طلب الزواج المختلط في األحوال العادية تحرزا‪ ،‬خاصة البحث‬
‫المجرى بواسطة النيابة العامة‪ ،‬حماية لحقوق الزوج المغربي الذي قد ال يتفطن‬
‫في خضم تسرعه ورغبته في توثيق الزواج في أقرب وقت واالنتقال بمعية‬
‫الزوج اآلخر إلى خارج المغرب‪ ،‬بأنه وقع ضحية نصب أو تدليس من قبل‬
‫الزوج األجنبي الذي يقضي وطره ويتوارى عن األنظار‪ ،‬فتبتلى الزوجة‬
‫بمصيبتين‪ ،‬كونها كانت ضحية نصب‪ ،‬وصعوبة الحصول على التطليق‪ ،‬فأحرى‬
‫المستحقات‪.‬‬
‫[‪ )]35‬قرار عدد ‪ 128‬وتاريخ ‪ 2009/3/25‬ملف عدد ‪2008/1/2/558‬‬
‫مجلة القضاء المدني‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬شتاء‪ /‬ربيع ‪ ،2011‬ص‪:‬‬
‫‪.182‬‬
‫[‪ )]36‬رغم نزوع الدولة في اآلونة األخيرة إلى تعيين عدد من قضاة التوثيق‬
‫والعدول في أهم سفارات المغرب بالدول األجنبية تلك التي تعرف وجود جالية‬
‫مغربية مهمة‪ ،‬وذلك حتى يتأتى لهم اقتضاء حقوقهم من خالل استصدار مختلف‬
‫الرسوم واإلشهادات بأيسر سبيل دون االضطرار في كل لحظة وحين إلى العودة‬
‫للمغرب لمجرد إنشاء وثيقة عدلية‪.‬‬

You might also like