Professional Documents
Culture Documents
إن رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻐﻔران ﻟﻸدﯾب واﻟﻠﻐوي واﻟﺷﺎﻋر اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻧﺎﺑﻎ أﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد ﷲ اﻟﻣﻌروف
ﺑﺄﺑﻲ اﻟﻌﻼء اﻟﻣﻌري -واﺣدة ﻣن أﻓﺿل اﻷﻋﻣﺎل اﻷدﺑﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟﻌﺻور ،ﺑل
واﻷدب اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻓﮭﻲ ﺗﺳﺑق اﻟﻛوﻣﯾدﯾﺎ اﻹﻟﮭﯾﺔ ﻟداﻧﺗﻲ ﻓﻲ رﺣﻠﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم اﻵﺧر.
ﻛﺗب اﻟﻣﻌري رﺳﺎﻟﺔ ردا ﻋﻠﻰ رﺳﺎﻟﺔ وﺻﻠﺗﮫ ﻣن اﻷدﯾب اﻟﺣﻠﺑﻲ ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣﻧﺻور اﻟﻣﻌروف
ﺑﺎﺑن اﻟﻘﺎرح ،ورﺳﺎﻟﺔ اﻷﺧﯾر ﻋُرﻓت ﺑرﺳﺎﻟﺔ اﺑن اﻟﻘﺎرح ،أرﺳﻠﮭﺎ إﻟﻰ ﺷﯾﺦ اﻟﻣﻌرة ،ذاﻛرا ﻟﮫ
ﻓﯾﮭﺎ أﺣواﻟﮫ وﺗرﺣﺎﻟﮫ ،وطﺎﺋﻔﺔ ﻣن أﺧﺑﺎره وﻋﺻره وﻣن ﻓﯾﮫ ﻣن اﻟﻣﻼﺣدة واﻟزﻧﺎدﻗﺔ ،وﻓﯾﮭﺎ
ﻣﻘﺗطﻔﺎت ﻣن اﻟﺷﻌر واﻟﺣﻛم واﻟﻧﺛر اﻟﻣﺳﺟﱠ ﻊ اﻟﻠطﯾف .وھﻲ رﺳﺎﻟﺔ أدﺑﯾﺔ وﻟﻐوﯾﺔ وﺷﻌرﯾﺔ
وإﺧﺑﺎرﯾﺔ .ﯾرد اﻟﻣﻌري ﻋﻠﻰ رﺳﺎﻟﺔ اﺑن اﻟﻘﺎرح ﺑرﺳﺎﻟﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﺟزأﯾن اﻷول ،وھو
اﻟﻣﺷﮭور -وﻣوﺿوع ﻣﻘﺎﻟﺗﻲ -ﺣﯾن أرﺳل اﻟﻣﻌري ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣﻧﺻور وﻟ ﱠﻘﺑﮫ اﻟﺷﯾﺦ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ
إﻟﻰ اﻟﺟﻧﺔ واﻟﻧﺎر واﻟﻣﺣﺷر ،وﻓﻲ اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟرﺳﺎﻟﺔ أﺟﺎب ﻓﯾﮭﺎ ﻋن رﺳﺎﻟﺔ اﺑن
اﻟﻘﺎرح ،وھﻲ رﺳﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﻘل أھﻣﯾﺔ ﻣن اﻟﺟزء اﻷول ﻟﻣﺿﻣوﻧﮭﺎ اﻟﻠﻐوي واﻷدﺑﻲ واﻟﺷﻌري
واﻹﺧﺑﺎري ﻋن أﺣوال اﻟﻌﺻر ورﺟﺎﻟﮫ وﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻣن اﻟﻣﻼﺣدة واﻟﻣﺟّ ﺎن واﻟزﻧﺎدﻗﺔ ﻣن ﺣﻠوﻟﯾﺔ
وﺻوﻓﯾﺔ ﻣﺗطرﻓﺔ وﺷﻌراء ﻓﺳﻘﺔ ،وﻗد ﺑﻠﻎ ﺣﺟم ھﺎﺗﯾن اﻟرﺳﺎﻟﺗﯾن ﺳﺗﺔ أﺿﻌﺎف رﺳﺎﻟﺔ اﺑن
اﻟﻘﺎرح ﺗﻘرﯾﺑﺎ.
أﻋود إﻟﻰ اﻟﺟزء اﻷول ﻣن رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻐﻔران ﻷﺑﻲ اﻟﻌﻼء ،إن أھﻣﯾﺔ ھذا اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ ﺗﻛﻣن
ﻓﻲ اﺗﺟﺎھﯾن رﺋﯾﺳﯾن :اﻷول ﻗﯾﻣﺗﮫ اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ واﻵﺧر أﺳﺑﻘﯾﺗﮫ وﺗﺄﺛﯾره .ﺳﺑق ﻧصُ
اﻟﻣﻌري اﻟﻛوﻣﯾدﯾﺎ اﻹﻟﮭﯾﺔ ﻟﻺﯾطﺎﻟﻲ اﺑن ﻓﻠورﻧﺳﺎ داﻧﺗﻲ أﻟﯾﻐري ،ھذا اﻟﺳﺑق اﻟذي ﻋﺑّر ﻋﻧﮫ
اﻟﺷﺎﻋر ﻋدي ﺑن زﯾد وﯾذﻛر ﻟﮫ أنَ اﻟﺷﯾّﺦ -وھو ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣﻧﺻور اﺑن اﻟﻘﺎرح -ﺣﯾن ﯾﺣﺎور
ﺷﺎﻋرا ﻋرﺑﯾﺎ ﻣﺳﻠﻣﺎ ﻗد ﻧظم ﻋﻠﻰ وزن ﻗﺻﯾدة ﻟﮫ ﻓﯾﻘول اﻟﺷﯾ ُﺦ ﻟﻌدي :إﻻ أﻧك ﯾﺎ أﺑﺎ ﺳوادة
أﺣرزت ﻓﺿل اﻟﺳﺑق.
واﻟﻣﻌري ﻗد أﺣرز ﻓﺿل اﻟﺳﺑق ﻋﻠﻰ داﻧﺗﻲ .ﻟﻛن اﻷﻣر ﻻ ﯾﻧﺗﮭﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﺑق ﻓﻘط ﺑل واﻟﺗﺄﺛﯾر
ﻛذﻟك ،وﯾﻔﺻّل ﻋﻣّر ﻓرّ وخ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "أﺑو اﻟﻌﻼء اﻟﻣﻌري )اﻟﺷﺎﻋر اﻟﺣﻛﯾم(" ﻓﻲ ذﻛر اﻟﺗﺄﺛﯾر،
وأﻧﻘل ھﻧﺎ أوﺟﮫ اﻟﺷﺑﮫ واﻟﺗﻘﻠﯾد اﻟﺗﻲ ذﻛرھﺎ ﻓرّ وخ وﻣن أﺣب اﻻﺳﺗزادة ﻓﻲ ھذا اﻟﻣوﺿوع
ﻟﯾرﺟﻊ اﻟﻘﺎرئ إﻟﻰ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣذﻛور ،واﻟﻧﻘط اﻟﺗﻲ ذﻛرھﺎ ﻓرّ وخ:
-1ﻛﻼ اﻟﺷﺎﻋرﯾن اﺗﺧذ رﺳﺎﻟﺗﮫ ﺳﺑﯾﻼ إﻟﻰ إظﮭﺎر ﻣﻘدرﺗﮫ اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻠﻐوﯾﺔ وإﺑراز ﻣﻌرﻓﺗﮫ
ﺑﺎﻟﺗﺎرﯾﺦ ،وإﻟﻰ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻓﻠﺳﻔﺗﮫ اﻟدﯾﻧﯾﺔ.
-2ﻛﻼ اﻟﺷﺎﻋرﯾن ا ﱠﺗﺧذ ﻣن اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﻟﻘﯾﮭم ھﻧﺎﻟك ﻣن اﻟﺑﺷر اﻟﻣﻌروﻓﯾن ﻓﻲ أﯾﺎﻣﮫ أو
ﻗﺑل أﯾﺎﻣﮫ أو ﻣن اﻟﺟن.
-3ﻛﻼھﻣﺎ ﺟﻌل أھل اﻟﺟﻧﺔ ﺟﻣﺎﻋﺎت ﺟﻣﺎﻋﺎت ،وﺟﻌل أھل اﻟﻧﺎر أﻓرادا أﻓرادا.
-4ﻛﻼھﻣﺎ وﻗف ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﻟﻘﯾﮭم ﯾﺣﺎدﺛﮭم ﻓﻲ أﻣور ﺟرت ﻟﮭم ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ وﺻﺎروا
إﻟﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻵﺧرة ،وﻟﻘد ﻗﻠّد داﻧﺗﻲ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﻌري ﺗﻘﻠﯾدا ﺗﺎﻣﺎ…
-5ﯾدھﺷك أن ﺗرى "اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ" اﻟﺗﺎﻣﺔ ﺑﯾن داﻧﺗﻲ وأﺑﻲ اﻟﻌﻼء ﺣﯾن ﯾﺄﺗﯾﺎن إﻟﻰ ﻗوم ﻗد ﺧﻔف
ﷲ ﻋﻧﮭم اﻟﻌذاب أو ﺑﻌﺿﮫ.
وﻟﻔرّ وخ إﺳﮭﺎب ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع أﻛﺛر.
وھﻧﺎ ﻻ ﯾﻐﯾب ﻋﻧﺎ أن اﻟﻣﺻدر اﻟرﺋﯾس ﻟرﺣﻠﺔ اﻟﻧﯾران واﻟﺟﻧﺎن ﻣﺳﺗوﺣﺎة وﻣﻘﺗﻔﺎة ﻣن رﺣﻠﺔ
اﻹﺳراء واﻟﻣﻌراج ﻟﻠﻧﺑﻲ اﻷﻣﯾن )ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم( ،اﻟﺗﻲ ذﻛرھﺎ ﷲ ﻓﻲ ﺳورة اﻹﺳراء،
وذﻛرﺗﮭﺎ ﺑﻌض اﻷﺣﺎدﯾث ،وﻗد ﻛﺛرت اﻷﺣﺎدﯾث اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ واﻟﻣوﺿوﻋﺔ واﻹﺳراﺋﯾﻠﯾﺎت ﻋن/
ﻓﻲ ھذه اﻟرﺣﻠﺔ ،واﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻟﮭﺎ اﻷﺛر اﻟﻛﺑﯾر واﻟواﺿﺢ اﻟذي ﻻ ﯾﻘﺑل اﻟﺷك ﻓﻲ أﺑﻲ اﻟﻌﻼء
ورﺳﺎﻟﺗﮫ وﻓﻲ داﻧﺗﻲ .وﯾﺧﺻص آﻧﺧﯾل ﺟوﻧزاﻟﯾز ﺑﺎﻟﻧﺛﯾﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻛر اﻷﻧدﻟﺳﻲ
ﻣوﺿوﻋﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﺑﻌﻧوان "داﻧﺗﻲ واﻹﺳﻼم" ﻛﺷف ﻓﯾﮫ ﻧﺎﻗﻼ ﺑﺣث ﻣﯾﺟﯾل اﻷﺳﺗﺎذ ﻣﯾﺟﯾل آﺳﯾن
ﺑﻼﺛﯾوس ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻷﺻول اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻟﻠﻛوﻣﯾدﯾﺎ اﻹﻟﮭﯾﺔ" ،وھو ﺑﺣث ﺷﺎﺋق ،ﺗﺑرز اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ
واﻟﻧﻘل ﻓﻲ اﻟﻛوﻣﯾدﯾﺎ اﻹﻟﮭﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺻﺎدر اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻛرﺳﺎﻟﺔ اﻟﻐﻔران واﻷﺣﺎدﯾث اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ
ﺑرﺣﻠﺔ اﻟﻣﻌراج اﻟﻣﺗرﺟﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ واﻟﺑروﻓﻧﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﺛر ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻣﺧﺗﺻون ،وﻟﻺطﻼع
أﻛﺛر اﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣذﻛور "ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻛر اﻹﺳﻼﻣﻲ".
ﻧﻌود إﻟﻰ ﻗﯾﻣﺔ ﻧص اﻟﻣﻌري اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ ،ﺗﺑرز ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻧص ﻣن ﻋدة ﻧﻘﺎط ﻣﻧﮭﺎ:
-ﻗدرة اﻟﻣﻌري اﻟﺧﯾﺎﻟﯾﺔ وﻛﯾف ﺑﻌث ﺑﻣُراﺳﻠﮫ ﺑرﺣﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم اﻵﺧر ﻟﯾﻛﺷف ﻟﮫ ﻋن ﻣﺻﯾر
اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧﺎس وﻻ ﺳﯾﻣﺎ اﻟﺷﻌراء واﻟﻧﺣوﯾﯾن ﺳواء ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ أو اﻟﺳﻌﯾر ،وﻋ ﱠد ﻛﺛﯾر
اﻟدارﺳﯾن أن ھذا اﻟﻧص ﻋﺑّر ﻓﯾﮫ اﻟﻣﻌري ﻋن ﺳﻌﺔ رﺣﻣﺔ ﷲ ،وأن اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﻣن اﺷﺗﮭر
ﺑﺎﻟزﻧدﻗﺔ واﻟﻔﺳوق ﻻ ﯾﺻﺢ ﺣﺗﻰ وإن ﻣﺎت ﻗﺑل اﻹﺳﻼم أو ﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﺷﺗﮭر ﺑﮫ.
-ﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻣﻌري اﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻧﻘدﯾﺔ واﻟﺷﻌرﯾﺔ وﺗﻣﻛﻧﮫ ﻣﻧﮭﺎ ذاك اﻟﺗﻣﻛن اﻟﻣﺷﮭود ﻟﮫ
ﺑﺎﻹﺑداع واﻹﺻﺎﻟﺔ ،وﻣﻌرﻓﺗﮫ ﺑﺎﻟرﺟﺎل واﻟﺷﻌراء وأﺧﺑﺎرھم وﺣﺗﻰ ﺧﻼﻓﺎﺗﮭم ،اﻷﻣر اﻟذي
اﻟﺷﺎﻋر
َ ﻣ ّﻛﻧﮫ ﻣن إدارة دﻓﺔ اﻟﺣوار واﻟﻧﻘﺎش ﺑﺷﻛل ّ
ﺟذاب وﻣﺷوّ ق .ﻛﻣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﺣﺎور اﻟﺷﯾ ُﺦ
ﻋدي ﺑن زﯾد اﻟﻌﺑﺎدي وطﻠب ﻣﻧﮫ أن ﯾﻧﺷده ﻗﺻﯾدﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﻣطﻠﻌﮭﺎ:
زﻟت ﻗرﯾﺑﺎ ﻣن ﺳواد اﻟ ُﺧﺻوص
َ أﺑﻠﻎ ﺧﻠﯾﻠﻲ ﻋﺑدَ ھﻧ ٍد ﻓﻼ ***
ﻓﯾﻧﺷده ﻋدﯾﺎ ،ﻓﯾﺟﯾﺑﮫ اﻟﺷﯾﺦ أن أدﯾﺑﺎ ﻣن أدﺑﺎء اﻹﺳﻼم ﻧظم ﻗﺻﯾدة ﻋﻠﻰ ھذا اﻟوزن ،وھو
اﻟﻣﻌروف ﺑﺄﺑﻲ ﺑﻛر ﺑن درﯾد ،ﺛم ﯾﻘرأ ﻟﮫ أﺑﯾﺎﺗﺎ ﻣن ﺷﻌر اﺑن درﯾد ،وﯾﻌﻠق ﻗﺎﺋﻼ:
ﱠ
ﻟﯾﺑث ﻧﻘوده ﻓﻲ اﻟﺷﻌر ،وﯾﺻوّ ب رأﯾﮫ َ
اﻟﺷﯾﺦ ﻓﻲ ﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟﺷﻌراء -ﯾﺳﺗﺧدم اﻟﻣﻌري
وﯾرﺟّ ﺣﮫ ﻋﻠﻰ أﻗوال اﻟرواة ،وﯾﻧﺗﺻر ﻟﻧﻔﺳﮫ ﺑﺣﺿرة اﻟﺷﻌراء اﻟﻘﺎﺋﻠﯾن ﻟﻸﺑﯾﺎت ﺟﺎﻋﻼ إﯾﺎھم
اﻟﺣﻛم .وﻛذﻟك ﯾﺗﺄﻛد ﻣن اﻟﺷﻌر اﻟﻣﻧﺣول واﻟﻣﻧﺳوب إﻟﻰ اﻟﺷﻌراء ،ﻓﯾﻌﺗرف اﻟﺷﺎﻋر ﻛﻣﺎ ﻓﻌل
أﻋﺷﻰ ﻗﯾس ﻓﻲ أﺑﯾﺎت ﻣطﻠﻌﮭﺎ:
أﻣن ﻗﺗﻠﺔ ﺑﺎﻷﻧﻘﺎ ** ء دا ٌر ﻏﯾر ﻣﺣﻠوﻟﺔ
وﯾﺳﺎءل اﻟﺷﯾﺦ اﻟﺷﻌراء ﻟﻣﺎذا ﻗﻠت ﻛذا ﻓﻲ ﻣدح ﻓﻼن ﻛﻣﺎ ﺳﺄل اﻟﻧﺎﺑﻐﺔ اﻟذﺑﯾﺎﻧﻲ ﻓﻲ أﺑﯾﺎت ﻗﺎﻟﮭﺎ
ﻟﻠﻧﻌﻣﺎن ﺑن اﻟﻣﻧذر:
زﻋم اﻟﮭﻣﺎم ﺑﺄن ﻓﺎھﺎ ﺑﺎرد ** ﻋذب إذا ﻣﺎ ذﻗﺗﮫ ﻗﻠت ازد ِد
زﻋن اﻟﮭﻣﺎم وﻟم أذﻗﮫ ﺑﺄﻧﮫ ** ﯾُﺷﻔﻲ ﺑﺑرد ﻟﺛﺎﺗﮭﺎ اﻟﻌطشُ اﻟﺻدي
ﯾﻛﺛر ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣﻧﺻور ،ﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟﺷﻌراء واﻻﺳﺗﻔﺳﺎر ﻋن ﺻﺣﺔ ﺷﻌرھم وﻣﺎ ُﻧﺳب إﻟﯾﮭم ،وﻣﺎ
ﻋﻧوه ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﯾت وذاك ،وﻣﺎ وﺟﮫ اﻟﺻﺣﺔ ﻓﻲ ھذه اﻟﻠﻔظﺔ أو ﺗﻠك ،ﺣﺗﻰ ﯾﻛﺎد ﯾﻛون اﻟﻧص
ﻛﻠﮫ ﻛﺄﻧﮫ ﻗد ُﻛﺗب ﻷﺟل ﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟﺷﻌر وﻧﻘد ﺷﻌرھم ﻟﺗﺗﺿﺢ ﻟﻠﻘﺎرئ ﻣﻘدرة اﻟﻣﻌري اﻷدﺑﯾﺔ
وﻣﻌرﻓﺗﮫ ﺑﺎﻟﺷﻌر واﻟﺷﻌراء واﻟﻠﻐﺔ وﻣﺳﺎﻟﻛﮭﺎ.
-إن اﻟﻧص ﻣﺑﻧﻲ ﺑﺣﺑﻛﺔ ،ﺳواء ﻓﻲ ﺗﻔﺻﯾﻠﮫ ﻟﻔﺻول اﻟرﺣﻠﺔ )اﻟﺟﻧﺔ -اﻟﻣﺣﺷر -اﻟﻧﺎر( أو
ﺗﻔﺻﯾل ﻛل رﺣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ واﻟﻧﺎر ،إذ ﺗﺑﻧﻰ اﻷﺣداث ﺗﺻﺎﻋدﯾﺎ ،ﻟﺗﺗﺿﺢ ﺳﻣﺎت ﻗﺻﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ
ﻣﺎدﺗﮭﺎ اﻷدب واﻟﻠﻐﺔ وﺛﯾﻣﺗﮭﺎ اﻟﺣﯾﺎة اﻵﺧرة ،أو ﻓﻲ اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺳردﯾﺔ إذ اﺳﺗﺧدم أﺳﻠوب
اﻟﺳرد ﻏﯾر اﻟﻣﺗﺟﺎﻧس )أﺳﻠوب اﻟﺳرد اﻟﺣر ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷر( ،واﻟﺧطﺎب اﻟﻣﺑﺎﺷر اﻟداﺧﻠﻲ
وﺗدﺧﻼت اﻟﺳﺎرد اﻟﺧﺎرﺟﻲ )اﻟراوي اﻟﻌﻠﯾم( ،وﺗﻌدد ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳرد ،واﺳﺗﺧدام أﺳﻠوب
اﻻﺳﺗرﺟﺎﻋﯾﺔ )اﻟﻔﻼش ﺑﺎك( ،وھذه ﺗﻔﺎﺻﯾل وﺗﺳﻣﯾﺎت ﻋُرﻓت ﺣدﯾﺛﺎ ﺑﻌد أن ﺗطور اﻟﻧﻘد
واﻟدراﺳﺎت اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ واﻟﺳردﯾﺔ ،أو اﻟﺗﺄﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻛﺷف ﻋن ھوﯾﺗﮫ اﻟﺷﯾﺦ إﻟﻰ أن ﻛﺎن ﻓﻲ أرض
اﻟﻣﺣﺷر ﻓﺈن اﻟﺷﯾﺦ ﯾﺑﻘﻰ ﻣﺟﮭول اﻟﮭُوﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻘﺎرئ ﺣﺗﻰ ﯾﻛﺷف ﻋﻧﮫ اﻟﻣﻌري ﻓﻲ وﺳط
اﻟرﺳﺎﻟﺔ )اﻟﻧص( ،وإن ﻛﺎن اﻟﻣﻌري ﻗد ﻛﺗﺑﮭﺎ إﻟﻰ اﺑن اﻟﻘﺎرح ،وﯾﻌرف اﺑن اﻟﻣ َ
ُﺧﺎطب أن
اﻟﺷﯾﺦ اﻟﻣﻘﺻود ھو ذاﺗﮫ ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣﻧﺻور* ،ﻟﻛن ﻗراءة اﻟرﺳﺎﻟﺔ دون ﻣﻌرﻓﺔ أﻧﮭﺎ رد ﺗوﺿﺢ
ّ
اﻷدﻻء اﻟذي ﯾﻘودوﻧﮫ ﻓﻲ ھذه اﻟﻣزﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧص واﻧﺗﻘﺎﻟﮫ ﻣن اﻟﺳﺗر إﻟﻰ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﮭُوﯾﺔ ،أو
اﻟﺟﻧﺔ وﺣظﻲ اﻟﺷﯾﺦ ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ ﺑدﻟﯾﻠﯾن ھﻣﺎ ﻋدي ﺑن زﯾد وﻣﻠك ﻣن اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ.
***
راو ﻋﻠﯾم ﻋن رﺣﻠﺔ اﻟﺷﯾﺦﯾﺳﺗﻔﺗﺢ اﻟﻣﻌري ﺑﻌد أن ﻗ ّدم ﻓﻲ اﻟرد ﻋﻠﻰ رﺳﺎﻟﺔ اﺑن اﻟﻘﺎرح ﺑﺳرد ٍ
ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ ﻓﯾﻘول:
ﻓﻘد ُﻏرس ﻟﻣوﻻي اﻟﺷﯾﺦ اﻟﺟﻠﯾل -إن ﺷﺎء ﷲ -ﺑذﻟك اﻟﺛﻧﺎء ﻏرسٌ ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ ُ
ﻟذﯾذ اﺟﺗﻧﺎء…
ﺛم ﯾُﻛﻣل ﺑﻌدھﺎ اﻟوﺻف وﻣﺎ ﻓﺎز ﺑﮫ اﻟﺷﯾﺦ.
وﻧﻼﺣظ ھﻧﺎ أن اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﺗﺑدأ ﺑﺳرد ﻏﯾر ﻣﺗﺟﺎﻧس ﺑﺿﻣﯾر اﻟﻐﺎﺋب ﯾروﯾﮫ اﻟراوي اﻟﻌﻠﯾم "أﺑو
اﻟﻌﻼء" اﻟﺳﺎرد اﻟﺧﺎرﺟﻲ ،ﻋن اﻟﺷﯾﺦ اﻟﺟﻠﯾل ،ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣﻧﺻور اﻟﺣﻠﺑﻲ ،وھو ﯾﻣﺿﻲ ﻓﻲ
اﻟﺟﻧﺔ ﯾﻣﺿﻲ وﯾرى أﺣوال أھﻠﮭﺎ وﺣﺎﻟﮭﺎ ،وﯾﻠﺗﻘﻲ اﻟﺷﯾﺦ ﺑﻌدد ﻣن أھل اﻟﺟﻧﺔ -ﺳﺄذﻛر
أﺳﻣﺎءھم ﻛﺎﻣﻠﺔ وأﺳﻣﺎء ﻣن اﻟﺗﻘﻰ ﺑﮭم اﻟﺷﯾﺦ ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ واﻟﻧﺎر ﻓﻲ آﺧر اﻟﻣﻘﺎﻟﺔ -ﻣﺎ ﺑﯾن رﺟﺎل
وﻧﺳﺎء وﺣﯾواﻧﺎت وﺟن وﻣﻼﺋﻛﺔ ،ﻟﯾذﻛر ﺑﻌدھﺎ ﻟﺗﻣﯾم ﺑن أﺑﻲ ﻗﺻﺗﮫ ﻓﻲ أرض اﻟﻣﺣﺷر وﻛﯾف
ﺷﻔﻊ ﻟﮫ اﻟﻧﺑﻲ ودﺧل اﻟﺟﻧﺔ ،ﺛم ذھﺎﺑﮫ وﻟﻘﺎﺋﮫ ﺑﺄﺣد اﻟﺟن وھو اﻟﺧﯾﺗﻌور ﺛم رﺣﻠﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﻧﺎر
وﻟﻘﺎﺋﮫ ﺑﻌدد ﻣن أھﻠﮭﺎ اﻟﺷﻌراء ﺛم ﻋودﺗﮫ إﻟﻰ ﺟﻧﺗﮫ ﺣﯾث ﯾﺳﺗﻠﻘﻲ اﻟﺷﯾﺦ وﺳط اﻟﻧﻌﯾم واﻟﺣور
وﯾﻧﺗﮭﻲ اﻟﺟزء اﻷول ﻣن اﻟرﺳﺎﻟﺔ.
***
وﻣن أﺣﺎدﯾث اﻟﺷﯾﺦ وﻣﺣﺎوراﺗﮫ ﺗﺑرز اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﺳردﯾﺔ ﻓﻲ ھذه اﻟرﺳﺎﻟﺔ
واﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺑﻛﺔ اﻟﻧص.
-ﻓﺎﻟﺷﺎﻋر ﻣﯾﻣون ﺑن ﻗﯾس اﻷﻋﺷﻰ اﻟذي دﺧل اﻟﺟﻧﺔ ﻟﻛﻧﮫ ﺣرم ﺧﻣرھﺎ ﺑﻌد أن أراد اﻹﺳﻼم
ﻓﺻدﺗﮫ ﻗرﯾش وﺣﺑﮫ اﻟﺧﻣر ،ﻓﺷﻔﻊ ﻟﮫ اﻟﻧﺑﻲ ﺑﺷﻌر ﯾﻘول ﻓﯾﮫ
أﻻ أﯾﮭذا اﻟﺳﺎﺋﻠﻲ أﯾن ﯾﻣ َ
ﱠﻣت ** ﻓﺈن ﻟﮭﺎ ﻓﻲ أھل ﯾﺛرب ﻣوﻋدا
ﻓﺂﻟﯾت ﻻ أرﺛﻲ ﻟﮭﺎ ﻣن ﻛﻼﻟﺔ *** وﻻ ﻣن َﺣ ًﻔﻰ ﺣﺗﻰ ﺗﻼﻗﻲ ﻣﺣﻣدا
ُ
إﻟﻰ آﺧر اﻷﺑﯾﺎت
-أﻣﺎ زھﯾر ﺑن أﺑﻲ ﺳﻠﻣﻰ اﻟﻣزﻧﻲ ،وﻛﺎن ﻗد ﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﺟﺎھﻠﯾﺔ ﻟﻛﻧﮫ دﺧل اﻟﺟﻧﺔ ﻷﻧﮫ ﻛﻣﺎ
ﯾﻘول:
ﻛﺎﻧت ﻧﻔﺳﻲ ﻣن اﻟﺑﺎطل ﻧﻔورا ،ﻓﺻﺎدﻓت ﻣﻠﻛﺎ ﻏﻔورا ،وﻛﻧت ﻣؤﻣﻧﺎ ﺑﺎ{ اﻟﻌظﯾم ،ورأﯾت ﻓﯾﻣﺎ
ﯾرى اﻟﻧﺎﺋم ﺣﺑﻼ ﯾﻧزل ﻣن اﻟﺳﻣﺎء ،ﻓﻣن ﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﻣن ﺳﻛﺎن اﻷرض ﺳﻠم ﻓﻌﻠﻣت أﻧﮫ أﻣر ﻣن
ﷲ ،ﻓﺄوﺻﯾت ﺑﻧﻲ وﻗﻠت ﻟﮭم ﻋﻧد اﻟﻣوت :إن ﻗﺎم ﻗﺎﺋم ﯾدﻋوﻛم إﻟﻰ ﻋﺑﺎدة ﷲ ﻓﺄطﯾﻌوه ،وﻟو
ُ
أدرﻛت ﻣﺣﻣد ﻟﻛﻧت أول اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ،وﻗﻠت ﻓﻲ اﻟﻣﯾﻣﯾﺔ ،واﻟﺟﺎھﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻛﯾﻧﺔ واﻟﺳﻔﮫ
ﺿﺎرب ﺑﺎﻟﺟران:
ﯾﻌﻠم
ُﻛﺗم ﷲُ ِ
ﻓﻼ ﺗﻛﺗﻣن ﷲ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﻔوﺳﻛم ** ﻟﯾﺧﻔﻰ وﻣﮭﻣﺎ ﯾ ِ
ب ﻓﯾدﺧر *** ﻟﯾوم اﻟﺣﺳﺎب أو ﯾﻌﺟل ﻓﯾﻧﺗﻘمﯾؤﺧر ﻓﯾوﺿﻊ ﻓﻲ ﻛﺗﺎ ٍ
-وأﻣﺎ ﻋﺑﯾد ﺑن اﻷﺑرص ﻓﯾﻌرف اﻟﺷﯾ ُﺦ أن ﺳﺑب ﺧروﺟﮫ ﻣن اﻟﮭﺎوﯾﺔ ودﺧوﻟﮫ اﻟﺟﻧﺔ ﺑﯾت
ﺷﻌر ﻗﺎﻟﮫ وﺳﺎر ﻓﻲ آﻓﺎق اﻟﺑﻼد وھو:
ﷲ ﻻ ﯾﺧﯾبُ
ﯾﺳﺄل اﻟﻧﺎس ﯾﺣرﻣوه *** وﺳﺎﺋ ُل ِ
ِ ﻣن
-وأﻣﺎ ﻋدي ﺑن زﯾد اﻟﻌِﺑﺎدي ،ﻓﻘد ﻛﺎن ﻣؤﻣﻧﺎ ﺑﺎﻟﻣﺳﯾﺢ وﯾﻘول ﻟﮫ :ﻣن ﻛﺎن ﻣن أﺗﺑﺎع اﻷﻧﺑﯾﺎء
ُﺑﻌث ﻣﺣﻣد ﻓﻼ ﺑﺄس ﻋﻠﯾﮫ .وھو اﻟذي أﺻﺑﺢ أول دﻟﯾل ﻟﻠﺷﯾﺦ ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ. ﻗﺑل أن ﯾ َ
*
-وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺳرد واﻟرواة ،ﻧﻼﺣظ ﻓﻲ ﻏﻣرة اﻟﺳرد أن اﻟﺷﯾﺦ ﯾﺧﺗﻔﻲ ﻛوﻧﮫ ﺷﺧﺻﯾﺔ
وﺟﮭﺔ اﻟﻧظر )اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻲ اﻟﻘﺎرئ ﻋﺑرھﺎ اﻟ َﻣﺷﺎھد وﯾرى اﻟﺟﻧﺔ( وﯾﺻﺑﺢ اﻟﺳﺎرد اﻟﺧﺎرﺟﻲ
"اﻟﻣﻌري" ھو ذاﺗﮫ اﻟﻧﺎطق ﺑﻠﺳﺎن اﻟﺷﯾﺦ "اﻟﻣﺧﺗﻔﻲ" وﯾﺗﻣﺎھﯾﺎن ﻓﻲ ﺳﺎرد واﺣد ،ﻛﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ
اﻟﺣدﯾث اﻟذي ﺟرى ﻣﺎ ﺑﯾن ﻧﺎﺑﻐﺔ ﺑﻧﻲ ﺟﻌدة أﺑﻲ ﻟﯾﻠﻰ واﻷﻋﺷﻰ أﺑﻲ ﺑﺻﯾر ،ﻟﯾﺗﺣول اﻟﺣوار
إﻟﻰ ﻧزاع ﻣﺎ ﺑﯾن اﻻﺛﻧﯾن ،وھﻧﺎ ﻧواﺟﮫ َھﻧﺗﯾن اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ ﺑﺎﺧﺗﻔﺎء اﻟﺷﯾﺦ
وﺣﺿوره اﻟﺳردي ،وﯾﺣل ﻣﺣﻠﮫ اﻟﺳﺎرد اﻟﺧﺎرﺟﻲ ،واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﺧﺑر اﻹﻟﮭﻲ اﻟﻘﺎﺋل
ﺑﺎﻧﺗزاع اﻟﻐل واﻟﻌداوي ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ ،وﻣﺎ ﺣدث ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻻ ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺎن ،ﯾﻘول ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻏل إﺧواﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺳرر ﻣﺗﻘﺎﺑﻠﯾن"."وﻧزﻋﻧﺎ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺻدورھم ﻣن ٍ
-وﯾﻘﺗﺣم اﻟﺳﺎرد اﻟﺧﺎرﺟﻲ اﻟﻧص أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻣﺗﺣدﺛﺎ ﺑﺄﺳﻠوب اﻟﺳرد اﻟﺣر ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻋﻣﺎ ﯾدور
س اﻟﺷﯾﺦ )ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ اﻟرﺋﯾﺳﺔ( وﯾﺗﺣول اﻟﺳرد ﻣن ﺳرد اﻟﺧﺎرج إﻟﻰ ﺳرد اﻟداﺧل: ﻓﻲ ﻓﻛر و َﻧ ْﻔ ِ
وھو -زﯾّن ﷲ اﻵداب ﺑﺑﻘﺎﺋﮫ -ﯾﺧطر ﻓﻲ ﺿﻣﯾره أﺷﯾﺎءُ ،ﯾرﯾد أن ﯾذﻛرھﺎ ﻟﺣﺳّﺎن وﻏﯾره ﺛم
ﯾﺧﺎف أن ﯾﻛوﻧوا ﻟﻣﺎ طﻠب ﻏﯾر ﻣُﺣﺳﻧﯾن ﻓﯾﺿرب ﻋﻧﮭﺎ إﻛراﻣﺎ ﻟﻠﺟﻠﯾس.
وﯾﻣﯾل ﻣن ﺧطﺎب أھل اﻟﻧﺎر ،ﻓﯾﻧﺻرف إﻟﻰ ﻗﺻره اﻟﻣﺷﯾد ،ﻓﺈذا ﺻﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﯾل أو ﻣﯾﻠﯾن،
ذﻛر أﻧﮫ ﻣﺎ ﺳﺄل ﻋن ﻣﮭﻣل اﻟﺗﻐﻠﺑﻲ ،وﻻ ﻋن اﻟﻣُر ﱠﻗ َﺷﯾن ،وأﻧﮫ أﻏﻔل اﻟﺷﻧﻔري ،وﺗﺄﺑط ﺷرا،
ﻓﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ أدراﺟﮫ ،ﻓﯾﻘف ﺑذﻟك اﻟﻣوﻗف ﯾﻧﺎدي :أﯾن ﻋدي ﺑن رﺑﯾﻌﺔ؟ ﻓﯾﻘﺎل :زد ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺎن.
ﻓﯾﻘول اﻟذي ﯾﺳﺗﺷﮭد اﻟﻧﺣوﯾون ﺑﻘوﻟﮫ:
ﺿرﺑت ﺻدرھﺎ إﻟﻲﱠ وﻗﺎﻟت *** :ﯾﺎ ﻋدﯾﺎ ﻟﻘد َو َﻗﺗك اﻷواﻗﻲ
-وﯾﺗدﺧل اﻟراوي اﻟﻌﻠﯾم ﻓﻲ ﺷرح ﻣﻘﺻد ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ اﻟرﺋﯾﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻧص ،ﻛﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ ﺣدﯾث
اﻟﺷﯾﺦ ﻣﻊ ﻋﻠﻘﻣﺔ ﺑن ﻋﺑدة:
"ﻓﯾﻘول :أﻋْ ِز ْز ﻋﻠﻲﱠ ﺑﻣﻛﺎﻧك! ﻣﺎ أﻏﻧﻰ ﻋﻧك ﺳِ ﻣطﺎ ﻟؤﻟؤك ،ﯾﻌﻧﻲ ﻗﺻﯾدﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎء:
طﺣﻰ ﺑك ﻗﻠبٌ ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺎن طروب
واﻟﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﯾم
َ
اﺳﺗودﻋت ﻣﻛﺗوم ھل ﻣﺎ ﻋﻠِﻣت وﻣﺎ
-وﻗد ﯾﻐﯾب اﻟراوي اﻟﻌﻠﯾم وﯾﻧدﻣﺞ ﻣﻊ ﺷﺧﺻﯾﺔ وﺟﮭﺔ اﻟﻧظر ﻓﻲ ﺧطﺎب ﻣﺑﺎﺷر ﺑﺿﻣﯾر
اﻟﺷﺧص اﻷول ﻛﻣﺎ ﻓﻲ:
ﻓﻠﯾت ﺷﻌري ﻣﺎ ﻓﻌل ﻋﻣرو ﺑن ﻛﻠﺛوم ،ﻓﯾﻘﺎل ھﺎ ھو ذا ﻣن ﺗﺣﺗك ،إن ﺷﺋت أن ﺗﺣﺎوره
ﻓﺣﺎوره.
ﻓﮭﻧﺎ اﻟﻣﺗﺣدث ﻻ ﯾﺑﯾن ھل ھو اﻟﻣﻌري أو اﺑن اﻟﻘﺎرح ،أو أﻧﮭﻣﺎ اﻻﺛﻧﺎن ،وﻛﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ
ﻣﺳﺎءﻟﺗﮫ ﻋﻣرو ﺑن ﻛﻠﺛوم ﻓﯾﻘول:
ھل ﯾﺟوز ﻧﺻب ﺷﻣطﺎء؟ ﻓﻠم ﯾُﺟب ﺑﺷﻲء ،وذﻟك ﯾﺟوز ﻋﻧدي ﻣن وﺟﮭﯾن :أﺣدھﻣﺎ ﻋﻠﻰ
ﻓﻌل د ﱠل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻣﻌرﻓﺗﮫ ﺑﮫ…
إﺿﻣﺎر ٍ
-وﯾظﮭر ﻟﻧﺎ ﺗﻌدد ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳرد ،وﺗﻌدد اﻟﺳﺎردﯾن ،وﺗﺣول اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﺔ إﻟﻰ ﺳﺎرد
داﺧﻠﻲ ،ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺣﻛﻲ اﻟﺷﯾﺦ اﺑن اﻟﻘﺎرح ﻋن ﺣﺎﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺷر وﻛﯾف ﻧﺎل اﻟﺷﻔﺎﻋﺔ ﺑﻌد أن
ﺷﮭد َ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺗوﺑﺔ )رﺳﺎﻟﺔ اﺑن اﻟﻘﺎرح إﻟﻰ اﻟﻣﻌري ﻛﺗﺑﮭﺎ ﻟﯾذﻛر ﻟﮫ ﺗوﺑﺗﮫ وﯾﺑرئ ﻧﻔﺳﮫ ﻣﻣﺎ أُﺷﯾﻊ
ُ
ﻋﻧﮫ ﻣن أﺧﺑﺎر ﺳﯾﺋﺔ( .ﯾﺳرد اﻟﺷﯾﺦ ﻛل ھذا ﻟﺗﻣﯾم ﺑن أﺑﻲ ،وھذه اﻟﻧﻘطﺔ ُﺗﺣﺳب ﻷﺑﻲ اﻟﻌﻼء
اﻟﻣﻌري ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن ھذا اﻷﺳﻠوب )ﺗﻌدد اﻟﺳﺎردﯾن وﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳرد ﻗد ﺳﺑق وظﮭر
ﻓﻲ ﺣﻛﺎﯾﺎت أﻟف ﻟﯾﻠﺔ وﻟﯾﻠﺔ( ﻓﺈن ﺣﺿوره ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﻐﻔران ،ﯾﻣﻧﺢ اﻟﻘﺻﺔ ﻗوة وﻣزﯾﺔ ﻓﻲ
ﺗﻌدد أﺷﻛﺎل ﺑﻧﺎء اﻟﻧص ،وطرق ﺗرﻛﯾب اﻟﻘﺻﺔ ،وﺗﻧوع اﻟﺳرد .ﻟم ﯾﺗوﻗف اﻷﻣر ﻋﻧد ھذا اﻟﺣد
ﻓﺈن ﻗﺻﺔ اﻟﺷﯾﺦ ﻓﻲ أرض اﻟﻣﺣﺷر ،ﺗﻣﺗﺎز ﺑـ:
-1اﺳﺗﺧدم ﻓﯾﮭﺎ أﺳﻠوب اﻻﺳﺗرﺟﺎﻋﯾﺔ وﻋﺎد ﺑﺎﻟزﻣن إﻟﻰ اﻟوراء ﻣﺗﺟﺎوزا اﻟﺑداﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﺑﺗدأ
ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣﻌري اﻟﺳرد ﺣﯾن أوﺟدَ اﻟﺷﯾﺦ ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ.
-2ﺗداﺧل اﻷزﻣﻧﺔ اﻟﺳردﯾﺔ )اﻟﺣﺎﺿر واﻟﻣﺎﺿﻲ ﻋﺑر اﻻﺳﺗذﻛﺎر( ﻓﺎﻟﻘﺻﺔ ﺗﺟر ﺑﺧط زﻣﻧﻲ
ﻛروﻧوﻟوﺟﻲ واﺣد ،ﺛم ﯾﺗوﻗف ﻟﯾرﺟﻊ اﻟزﻣن ﺑﺷﻛل ﻓرﻋﻲ إﻟﻰ اﻟوراء.
ﺛﺎن )ھذا ﻣﺎ ﯾﻣﺛﻠﮫ ﺗﻌدد اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳردﯾﺔ( ،ھذا اﻟﻣﺳﺗوى
-3ظﮭور ﻣﺳﺗوى ﺧﯾﺎﻟﻲ ٍ
اﻟﺧﯾﺎﻟﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ ّ
ﻣﺛل ﻧﻘطﺔ راﺑط ﻣﺎ ﺑﯾن ﻋﺎﻟم اﻟﺟﻧﺔ وﻋﺎﻟم اﻟﻧﺎر ﻓﻲ ﺑُﻧﯾﺔ اﻟﻘﺻﺔ ،وﺟﻌل اﻟرﺣﻠﺔ
ﻣﻘﺳﻣﺔ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم ،ﺑﮭﺎ اﻛﺗﻣﻠت اﻟﺻورة واﺗﺿﺣت .ﻓﺎﻟﺷﯾﺦ ﻣرﱠ ﺑﺎﻟﻣﺣﺷر ﺛم اﻟﺟﻧﺔ ﺛم
اﻟﻧﺎر ،ﻟﻛن أﺑﺎ اﻟﻌﻼء ﻟم ﯾﻌرﺿﮭﺎ ﺑﺷﻛﻠﮭﺎ اﻟﺗﺗﺎﺑﻌﻲ ﺑل ﺗﻼﻋب ﺑﮭﺎ وداﺧل ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺑﺑﻌض زﻣﻧﯾﺎ
وﺳردﯾﺎ وﻣﻛﺎﻧﯾﺎ:
ﻟﻛن أﺑو اﻟﻌﻼء ﯾﺳرد اﻟﻘﺻﺔ ﺑﺷﻛل ﻣﺧﺗﻠف ،ﺣﯾث ﯾﺑدأ ﺑرﺣﻠﺔ اﻟﺟﻧﺔ أوﻻ ﺛم ﯾﻐﯾر اﻟﻣﻛﺎن إﻟﻰ
أرض اﻟﻣﺣﺷر ﺗﻐﯾﯾرا ذھﻧﯾﺎ ﻻ ﺣﺳﯾﺎ ،وﺗﻐﯾﯾرا زﻣﺎﻧﯾﺎ ﺑﻘطﻌﮫ ﺧط اﻟزﻣﺎن اﻟﻣﺗﺻل اﻟﺗﻘدﻣﻲ
ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﺧﻠف ،ﺛم ﯾﻌود ﻟﯾﻛﻣل إﻟﻰ رﺣﻠﺔ اﻟﻧﺎر ،وﺗﻐﯾﯾرا ﻓﻲ ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳرد ،ﺣﯾث
ﺗﺻﺑﺢ ﻗﺻﺔ /رﺣﻠﺔ اﻟﻣﺣﺷر ﺟزء ﻣن رﺣﻠﺔ اﻟﺟﻧﺔ ﻻ ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻋﻧﮭﺎ ﻟﮭﺎ ﻛﯾﺎﻧﮭﺎ اﻟزﻣﺎﻧﻲ
واﻟﻣﻛﺎﻧﻲ اﻟﺧﺎص ،وﺗرﺗﯾﺑﮭﺎ اﻷوﻟﻲ.
)اﻟرﺣﻠﺔ ﻛﻣﺎ ﺳُردت(
-ﯾﻠﺗﻘﻲ اﻟﺷﯾﺦ ھﻧﺎ ﺑﻌد رﺣﻠﺗﮫ ﻣﻊ ﻋدي -وھو دﻟﯾﻠﮫ اﻷول ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ -ﺑﺄﺑﻲ ذؤﯾب اﻟﮭذﻟﻲ.
ﻟﻛﻧﮫ ﻻ ﯾذﻛر أن ﻋدﯾﺎ ﻣﺿﻰ ﻣﻊ اﻟﺷﯾﺦ ﻟﻛﻧﮫ ﻛﺎن ﻣوﺟودا ،إذ ﯾﻘول :وﯾﻣﺿﻲ ﻓﻲ ﻧزھﺗﮫ ﺗﻠك
ﺑﺷﺎﺑﯾن ﯾﺗﺣدﺛﺎن وھﻣﺎ اﻟﻧﺎﺑﻐﺗﯾن )ﻧﺎﺑﻐﺔ ﺑﻧﻲ َﺟﻌدة وﻧﺎﺑﻐﺔ ﺑﻧﻲ ُذوﺑﯾﺎن( وﺣﯾن ﯾﻘول اﻟﺷﯾﺦ وھو
ﯾﺣﺎور اﻟﻧﺎﺑﻐﺗﯾن أﯾن ﻟﻧﺎ ﺑﺄﺑﻲ ﺑﺻﯾر -ﯾﻘﺻد اﻷﻋﺷﻰ -ﻓﻼ ﺗﺗم اﻟﻛﻠﻣﺔ إﻻ وأﺑو ﺑﺻﯾر ﻗد
ﺧﻣﺳﮭم…
ﯾﻘول ﺧﻣﺳﮭم واﻟدﻟﯾل أﻧﮭم ﻛﺎﻧوا أرﺑﻌﺔ ﻣن ﺿﻣﻧﮭم ﻋدي ﺑن زﯾد ،وھذه ﻣن ﻧﻘﺎط اﻟﺿﻌف ﻓﻲ
اﻟﺳرد ،واﺧﺗﻼل ﻟﻐﺔ اﻟﺳرد وﺗرﻛﯾز اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﺔ ،وإﺑﻌﺎد اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
اﻟﻣراﻓﻘﺔ إﻟﻰ اﻟظل ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗظﮭر ﻓﺟﺄة ﻟﻣﺎﻣﺎ ﺛم ﺗﻌود ﻟﺗﻐﯾب.
**
-ﻣﺗﻧوﻋﺔ اﻷﺟﻧﺎس واﻷﻧواع واﻷﺷﺧﺎص ﻓﻘد اﻟﺗﻘﻰ اﻟﺷﯾﺦ ﺑﺄﻛﺛر ﻣن ﺳﺗﯾن ﺷﺧﺻﺎ ﻣﺎ ﺑﯾن
إﻧﺳﺎن )رﺟل واﻣرأة( وﺟن وﻣﻼك وﺣﯾوان.
-ﻣﺗﻧوﻋﺔ اﻷﺳﺋﻠﺔ :ﻓﻣﻧﮭﺎ ﻋن اﻟﺷﻌر ،وﻣﻧﮭﺎ ﻋن اﻷﺳﻣﺎء ،وﻣﻧﮭﺎ ﻋن اﻟﻧﺣو ،وﻣﻧﮭﺎ ﻋن ﻧﺳﺑﺔ
ﺑﻌض اﻷﺑﯾﺎت إﻟﻰ اﻟﺷﺎﻋر.
-ﻣﺗﻧوﻋﺔ اﻟردود :ﻓﻣﻧﮭم ﻣن ﯾﺟﯾب اﻟﺷﺎﻋر وﻣﻧﮭم ﻻ ﯾﺟﯾﺑﮫ ،وﻣﻧﮭم ﯾُﻘﺻﱢر اﻟﺟواب وﻣﻧﮭم ﻣن
ﯾُطﯾﻠﮫ ،وﻣﻧﮭم ﻣن ﻧﺳﻲ ﺷﻌره وﻣﻧﮭم ﻣن ﯾذﻛره ،ورﻓض ﺑﻌض اﻟﺷﻌراء ﺗذﻛر أو إﻧﺷﺎد
ﺷﻌرھم ﻟﻛوﻧﮭم ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ وأﻧﺳﺎھم ﻧﻌﯾﻣﮭﺎ اﻟﺷﻌر واﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ إﻧﺷﺎده ،ﻛﻣﺎ ﻓﻌل اﻟﺷﻣّﺎخ ﻣﻌﻘل
ﺑن ﺿرار.
-ﺗوزع اﻟرﺣﻠﺔ ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﻣﺗﻌددة ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺔ واﻟﻣﺣﺷر واﻟﻧﺎر ،ﺑل وأن اﻟﺟﻧﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻓﯾﮭﺎ
أﻣﺎﻛن ﻣﺗﻌددة وﺟﻧﺎن ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻓﮭﻧﺎك ﺟﻧﺔ ﻟﻣن اﻟﺗﻘﻰ ﺑﮭم اﻟﺷﯾﺦ ﻣن ﺷﻌراء وﻧﺣوﯾﯾن
وﻟﻐوﯾﯾن ،وﺟﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺟن ،وھؤﻻء ﻟﯾﺳوا ﺑﺷﺑﺎب ﻷﻧﮭم ﻛﺎﻧوا ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ ﯾﺣظون ﺑﺎﻟﺷﺑﺎب
ﻟزﻣن طوﯾل ﺟدا ،وھﻧﺎك ﺟ ّﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺷﻌراء اﻟرﱡ ﺟز.
-اﻟﺗﺄﺧر ﻓﻲ اﻟﻛﺷف ﻋن ھوﯾﺔ اﻟﺷﯾﺦ ﺣﺗﻰ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﻧص وھو اﻷدﯾب ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣﻧﺻور
اﻟﺣﻠﺑﻲ وﯾﺷﮭد ﺗوﺑﺗﮫ ﻓﻲ أرض اﻟﻣﺣﺷر ﻋﺑد اﻟﻣﻧﻌم ﺑن ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﻗﺎﺿﻲ ﺣﻠب ﻓﻲ وﻻﯾﺔ
ﺻﺎﻟﺢ ﺑن ﻣرداس ،وﻛﺎن ھذا زﻣن أﺑﻲ اﻟﻌﻼء اﻟﻣﻌري ،إذ اﺳﺗﺧدم اﻟﺳﺎرد أﺳﻠوب اﻟﻔﻼش
ﺑﻼك اﻟﻣﺗﺟﺎوز ﻟﺧط وزﻣن اﻟﺣدث اﻷول ،وﺑﺳرد ﻏﯾر اﻟﻣﺗﺟﺎﻧس ﯾﺗﺣدث اﻟﺷﯾﺦ ﺑﺄﺳﻠوب
اﻟﺧطﺎب اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻋﻣﺎ ﺣدث ﻟﮫ ﻓﻲ أرض اﻟﻣﺣﺷر وﻛﯾف ﻧﺎل اﻟﺷﻔﺎﻋﺔ.
-وﺟود اﻷدﻻء ،ﻓﻘد ﺣظﻲ اﻟﺷﯾﺦ ﺑدﻟﯾﻠﯾن ھﻣﺎ ﻋدي ﺑن زﯾد ،وﻣﻠك ﻣن اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ ﺣﯾن ﯾﺳﺄﻟﮫ
اﻟﺷﯾﺦ ﻋن اﻟﺣور اﻟﻌﯾن ﻓﯾﺟﯾﺑﮫ :اﻗفُ أﺛري ﻟﺗرى اﻟﺑديء ﻣن ﻗدرة ﷲ.
-ﻛراﻣﺎت أھل اﻟﺟﻧﺔ وﻣﻧﮭﺎ اﻹﻟﮭﺎم اﻟﺳرﯾﻊ ،وﺧﺎﺻﯾﺔ ﻷھل اﻟﺟﻧﺔ ﻛﻣﺎ ﯾوردھﺎ اﻟﻣﻌري ﻓﻲ
رﺳﺎﻟﺗﮫ ،وﻓﯾﮭﺎ ﺳرﻋﺔ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ اﻟرب اﻟﺧﺎﻟق ﻷھل اﻟﻧﻌﯾم ،ﻓﯾﺣﺻﻠون ﻣﺎ ﯾرﯾدون ﺑﻠﻣﺢ
اﻟﺑﺻر ،وﻗد ذﻛر ھذا ﻓﻲ أﻛﺛر ﻣن ﻣرة.
وﻛذﻟك ﺗﺣول ﺑﻌض ﺣﯾواﻧﺎت اﻟﺟﻧﺔ إﻟﻰ ﻧﺳﺎء ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎت واﻹوز اﻟﺗﻲ ﯾﺻﯾرھن ﷲ إﻟﻰ
ﺟواري ﻛواﻋب ﯾرﻓﻠن ﻓﻲ وﺷﻲ اﻟﺟﻧﺔ وﺑﺄﯾدﯾﮭن اﻟﻣزاھر وأﻧواع ﻣﺎ ﯾُﻠﺗﻣس ﺑﮫ اﻟﻣﻼھﻲ ،ﻛﻣﺎ
ﯾﺻﻔﮭم.
ھذا اﻟﺗﻧوع ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺑﻛﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﻧص ،وﻋﻠﻰ ﻣﮭﺎرة ﻓﻲ اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ ،وإﻻ ﻟﻛﺎﻧت
اﻷﺣوال واﻟردود ﻣﺷﺗﺎﺑﮭﺔ وواﺣدة ،وﺣﺎل اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻣﺗﻘﺎرب ،وھذا ﻣﺎ ﻻ ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟﻧص
اﻟﻣﺳرود ،وﻟﺳردت اﻟﻘﺻﺔ ﺑﺷﻛل ﺗﺗﺎﺑﻊ ﻻ ﻛﻣﺎ اﻟﺷﻛل اﻟﺗﻲ وردت ﻓﯾﮫ.
***
ﻗواﺋم ﺑﺄﺳﻣﺎء ﻣن اﻟﺗﻘﻰ ﺑﮭم اﻟﺷﯾﺦ ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣﻧﺻور اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﺑن اﻟﻘﺎرح.
-34رؤﺑﺔ.
-35أﺑو اﻟﻧﺟم.
-36ﺣُﻣﯾد اﻷرﻗط.
-37ﻋُذاﻓِر ﺑن أوس.
-38أﺑو ﻧﺧﯾﻠﺔ.
ﻣن اﻟﻧﺳﺎء:
اﻟﻘﯾﺎن:
-1ﺑﺻﺑص.
-2دﻧﺎﻧﯾر.
-3ﻋِ ﻧﺎن.
-1اﻟﺧﯾﺗﻌور.
-1اﻷﺳد.
-2اﻟﺷﺎة.
-3اﻟذﺋب.
-4اﻟظﺑﻲ ،واﻟظﺑﯾﺔ.
-5اﻹوز.
-6اﻟﺣﯾّﺎت.
أھل اﻟﻧﺎر:
-1إﺑﻠﯾس
-2ﺑﺷﺎر ﺑن ﺑُرد.
-3اﻣرؤ اﻟﻘﯾس
-4ﻋﻧﺗرة اﻟﻌﺑﺳﻲ
-5ﻋﻠﻘﻣﺔ ﺑن ﻋﺑدة
-6ﻋﻣرو ﺑن ﻛﻠﺛوم
-7اﻟﺣﺎرث ﺑن ﺣﻠزة اﻟﯾﺷﻛري
-8طرﻓﺔ ﺑن اﻟﻌﺑد
-9أوس ﺑن َﺣ َﺟر
-10أﺑو ﻛﺑﯾر اﻟﮭُذﻟﻲ ﻋﺎﻣر ﺑن اﻟ ُﺣ َﻠﯾْس
-11ﺻﺧر اﻟﻐﻲ ]ﺻﺧر ﺑن ﻋﺑد ﷲ اﻟﺧﯾﺛﻣﻲ اﻟﮭذﻟﻲ[
-12اﻷﺧطل اﻟﺗﻐﻠﺑﻲ.
-13ﻋدي ﺑن رﺑﯾﻌﺔ
-14اﻟﻣرﻗش اﻷﻛﺑر
-15اﻟﺷﻧﻔري اﻷزدي
-16ﺗﺄﺑط ﺷرا
-17ﺻﺧر أﺧو اﻟﺧﻧﺳﺎء.
_____________