You are on page 1of 31

‫هللا يحب القيام بالفرائض واإلكثار‬

‫من النوافل‬

‫إعداد‬
‫د ‪ .‬محمد يماني ( أبو عبد الصمد)‬

‫‪1‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ‪,‬‬
‫من يهده اهلل فال مضل له ومن يضلل فال هادي له وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ‪,‬‬
‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫أما بعد‬

‫فإن أصدق الحديث كتاب اهلل تعالى و خير الهدي هدي سيدنا محمد صلى اهلل عليه و آله‬
‫وسلم وشر األمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة في النار ‪.‬‬

‫قال اهلل تعالى ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ ‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل حق تقاته وال تموتن إال وأنتم مسلمون ‪‬‬

‫‪ ‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجاال‬
‫كثيرا ونساء ‪ ,‬واتقوا اهلل الذي تساءلون به واألرحام ‪ ,‬إن اهلل كان عليكم رقيبا ‪ 2‬‬

‫‪ ‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل وقولووا قووال سوديدا ي ولم لكوم أعموالكم ويغفور لكوم ذنووبكم‬
‫ومن يطع اهلل ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ‪3‬‬

‫هذا بحث اقتطفته من كتابي ( التوضيم والتبيان لما يحبه اهلل ورسوله ولما ال يحبان ) وهوبحث مهم‬
‫جدا ؛ سميته (اهلل يحب القيام بالفرائض واإلكثار من النوافل ) وهو شرح للحديث القدسي‬

‫الذي رواه أبو هريرة رضي اهلل عنه عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن رب العزة قال ‪ ":‬من‬
‫عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ؛ وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ؛ وما‬
‫يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ‪ .‬فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وب ره الذي‬
‫يب ر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ؛ وإن سألني ألعطينه ولئن استعاذني ألعيذنه‬
‫‪4‬‬
‫‪ .‬وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته "‪.‬‬

‫كتبت هذا البحث ألشير إلى أن اهلل يحب القيام بالفرائض التي فرضها على عباده الذين ما خلقهم إال‬
‫لعبادته ؛ فهو يحب أن يعبدوه وأن يخضعوا له ويتذللوا له ؛ كما أنه يحب أن يكثروا من النوافل ؛‬

‫وبينت في هذا البحث على أن اإلكثار من النوافل ليس بدعة بل هو سنة فعله الرسول صلى اهلل‬
‫عليه وسلم وتأسى به في ذلك صحابته الكرام ؛ وذلك بشرط أال يهمل المؤمن العمل ؛ في بم إنسانا‬
‫مستهلكا غير منتج ؛ بل يجب عليه أن يجمع بين العبادة والعمل ألن اهلل قرن بين اإليمان والعمل في‬
‫أكثر من آية ‪.‬‬

‫‪ _1‬سورة آل عمران آية ‪. 101‬‬


‫‪ _1‬سورة النساء آية ‪. 1‬‬
‫‪ _ 3‬سورة األحزاب آية ‪. 9‬‬
‫‪- 4‬أخرجه البخاري ‪. 2052‬‬

‫‪2‬‬
‫قال تعالى ‪:‬‬

‫ظَلمُونَ نَقِيراا‬
‫{ َومَنْ َي ْعمَلْ مِنَ ال َّالِحَاتِ مِنْ َذ َكرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَ ِئكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَالَ يُ ْ‬
‫[النساء‪]124 :‬‬

‫حسَنِ مَا‬
‫جرَهُمْ بِأَ ْ‬
‫جزِي ََّنهُمْ أَ ْ‬
‫ع ِملَ صَالِحاا مِنْ َذ َكرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُ ْؤمِنٌ َفلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةا طَيِّبَةا وَلَنَ ْ‬
‫{ مَنْ َ‬
‫كَانُوا َي ْعمَلُون [النحل‪]79 :‬‬

‫ظ ْلماا وَالَ هَضْماا [طه‪]112 :‬‬


‫{ وَمَنْ َي ْعمَلْ مِنَ ال َّالِحَاتِ وَهُوَ مُ ْؤمِنٌ َفالَ يَخَافُ ُ‬

‫{ َفمَنْ َي ْع َملْ مِنَ ال َّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَالَ كُ ْفرَانَ ِلسَعْيِهِ َوإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ [األنبياء‪]74 :‬‬

‫خلُونَ‬
‫ع ِملَ صَالِحاا مِنْ َذ َكرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ َيدْ ُ‬
‫جزَى إِالَّ مِ ْثَلهَا وَمَنْ َ‬
‫ع ِملَ سَيِّئَةا َفالَ يُ ْ‬
‫{ مَنْ َ‬
‫الْجَنَّةَ ُي ْرزَقُونَ فِيهَا ِبغَيْرِ حِسَابٍ (‪[ )45‬غافر‪]45 :‬‬

‫وورد في القرآن اقتران اإليمان والعمل ال الم ب يغة ( الذين آمنوا وعملوا ال الحات ) اثنتان‬
‫وخمسون مرة‬

‫ودعا اإلسالم إلى العمل في آيات كثيرة منها ‪{ :‬وَ ُقلِ اعْمَلُوا َفسَيَرَى اهللَُّ عَ َمَلكُمْ َورَسُولُهُ وَالْمُ ْؤمِنُونَ‬
‫َالشهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ ِبمَا كُنْتُمْ َت ْعمَلُونَ [التوبة‪]150 :‬‬
‫َوسَ ُترَدُّونَ ِإلَى عَالِمِ ا ْلغَيْبِ و َّ‬

‫وقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم «المؤمن القوي‪ ,‬خير وأحب إلى اهلل من المؤمن الضعي ‪,‬‬
‫وفي كل خير احرص على ما ينفعك‪ ,‬واستعن باهلل وال تعجز‪ ,‬وإن أصابك شيء‪ ,‬فال تقل لو أني‬
‫‪0‬‬
‫فعلت كان كذا وكذا‪ ,‬ولكن قل قدر اهلل وما شاء فعل‪ ,‬فإن لو تفتم عمل الشيطان»"‬

‫كي يرضى اهلل ورسوله أن يكون المسلمون ضعفاء ال حول لهم وال قوة وغيرهم يملك القوة‬
‫والتكنولوجيا ويسيطر على العالم ‪ .‬اللهم إن هذا ال يرضاه اهلل وال رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫تعرضت في هذا البحث إلى المباحث التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬شرح الحديث‬

‫‪ -‬فوائد الحديث‬

‫‪ -‬اإلكثار من العبادات ال يعتبر بدعة ‪:‬‬

‫‪ +‬األحاديث الدالة على اإلكثار من السجود‬

‫‪ +‬األحاديث الدالة على اإلكثار من النوافل قبل خروج اإلمام يوم الجمعة‬

‫‪ +‬األحاديث الدالة على اإلكثار من صالة النوافل في المسجد ما بين صالة المغرب والعشاء ‪.‬‬
‫‪ - 5‬صحيم مسلم (‪. )2224( - 34)2502 /4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ +‬األحاديث الدالة على اإلكثار من ال يام‬

‫‪ +‬األحاديث الدالة على اإلكثار من ال دقة‬

‫‪ +‬األحاديث الدالة على اإلكثار من الحج والعمرة والمتابعة بينهما‬

‫‪ +‬األحاديث الدالة على اإلكثار من قراءة القرآن‬

‫‪ +‬اآليات واألحاديث الدالة على اإلكثار من الذكر‬

‫كما أني توسعت في هذا البحث فأضفت إليه شروحا وبعض الفوائد وأحاديث كثيرة في التأكيد‬
‫على أن اإلكثار من العبادات ليس بدعة بل هو سنة ؛ يستحب فعله لمن أراد أن يح ل على‬
‫درجات عالية في الجنة وينال الحظوة عند اهلل تعالى ‪.‬‬

‫وأشكر في الختام كل من ساعد على إخراج هذا البحث ولو بكلمة تشجيعية ‪,‬وخاصة‬
‫المشرفين على موقع صيد الفوائد ‪.‬‬

‫واهلل أسأل أن ينفع بهذا العمل القارئين والدارسين وكافة المسلمين ‪ ,‬ويوفقنا لما يحبه‬
‫ويرضاه ‪.‬‬

‫كما أسأله تبارك وتعالى أن يجعل ما جمعته وكتبته ورتبته في ميزان حسناتي وحسنة كاملة لي‬
‫عنده في حياتي وبعد وفاتي‪ ,‬وأن يغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت ولوالدي‬
‫ولجميع المسلمين‪ ,‬إنه وليّ ذلك والقادر عليه‪.‬‬

‫وصلى اهلل وسلم على سيد الخلق محمد وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين‪.‬‬

‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫وكتبه راجي عفو ربه ‪:‬‬

‫د ‪ .‬محمد يماني ( أبو عبد ال مد )‬

‫‪ 2‬ربيع األول ‪ 1434‬موافق ‪ / 14‬يناير ‪2513 /‬‬

‫الدار البيضاء – المغرب ‪.‬‬


‫لالت ال‪mhamedyamani@gmail.com:‬‬
‫الهات ‪5295905244 :‬‬

‫‪4‬‬
‫روى البخاري في صحيحه ‪ 2‬كتاب الرقاق باب التواضع بسنده إلى أبي هريرة قال ‪:‬‬
‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫" إن هللا قال ‪ :‬من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ؛ وما تقرب إلي عبدي‬
‫بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ؛ وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل‬
‫حتى أحبه ‪ .‬فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به‬
‫ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ؛ وإن سألني أَلُعطِينَّه ولئن‬
‫استعاذني أَلُعيذنَّه ‪ .‬وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس‬
‫"‪7.‬‬ ‫المؤمن يكره الموت وأنا أكره مأساءته‬

‫‪143 / 4- 6‬‬
‫‪ - 9‬أخرجه البخاري ‪. 2052‬وفي الباب عن عائشة‪ ,‬قالت‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬قال اهلل عز‬
‫وجل‪ :‬من أذل لي وليا‪ ,‬فقد استحل محاربتي‪ ,‬وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء الفرائض‪ ,‬وما يزال العبد يتقرب إلي‬
‫بالنوافل حتى أحبه‪ ,‬إن سألني أعطيته‪ ,‬وإن دعاني أجبته‪ ,‬ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن وفاته‪ ,‬ألنه يكره‬
‫الموت‪ ,‬وأكره مساءته " أخرجه أحمد ‪ 22173‬وقال شعيب األرناؤوط ‪":‬حديث صحيم لغيره" ‪ .‬وقد جانب ابن‬
‫عدي وابن حجر ال واب حيث استبعدا وجود الحديث في مسند أحمد بن حنبل ‪ ,‬قال ابن عدي ‪ ":‬وال خرجه من عدا‬
‫البخاري وال أظنه في مسند أحمد ‪ .‬قلت – القائل ابن حجر‪ : -‬ليس هو في مسند أحمد جزما "‪ .‬فتم الباري البن‬
‫حجر ‪)342 / 11( -‬‬

‫‪0‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬شرح الحديث‬

‫" قوله ‪( :‬من عادى لي ولي ا فقد آذنته بالحرب ) من عادى لي ولياا‪ :‬يعني صار عدوا لولي من‬
‫أوليائي‪ ,‬فإنني أعلن عليه الحرب‪ ,‬يكون حربا هلل ‪.‬‬

‫الذي يكون عدوا ألحد من أولياء اهلل فهو حرب هلل والعياذ باهلل مثل أكل الربا (فَإِنْ لَمْ تَ ْف َعلُوا فَأْذَنُوا‬
‫حرْبٍ مِنَ اهللَِّ َورَسُولِهِ) [البقرة‪]297 :‬‬
‫بِ َ‬

‫ولكن من هو ولي اهلل؟‬

‫الولي هو العالم بدين اهلل تعالى المواظب على طاعته المخلص في عبادته‪.‬‬

‫علَيْهِمْ وَال هُمْ‬


‫وقد ذكر اهلل سبحانه وتعالى صفات الولي في قوله‪( :‬أَال إِنَّ أَ ْولِيَاءَ اهللَِّ ال خَ ْوفٌ َ‬
‫حزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا َوكَانُوا يَتَّقُونَ) [يونس‪. ]23 ,22 :‬‬
‫يَ ْ‬

‫هؤالء هم أولياء اهلل‪ ,‬فمن كان مؤمنا تقياا؛ كان هلل ولياا‪ ,‬هذه هي الوالية‪ ,‬وليست الوالية أن يخشوشن‬
‫اإلنسان في لباسه‪ ,‬أو أن يترهبن أمام الناس‪ ,‬أو أن يطيل كمه أو أن يخنع رأسه؛ بل الوالية اإليمان‬
‫والتقوى (الَّذِينَ آمَنُوا َوكَانُوا يَتَّقُونَ) فمن عادى هؤالء فإنه حرب هلل والعياذ باهلل‪.‬‬

‫وقوله ‪( :‬آذنته بالحرب) أعلمته بالهالك والنكال‪.‬‬

‫“ فأولياء اهلل تجب مواالتهم‪ ,‬وتحرم معاداتهم‪ ,‬كما أن أعداءه تجب معاداتهم‪ ,‬وتحرم مواالتهم‪ ,‬قال‬
‫تعالى‪{ :‬ال تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء [الممتحنة‪, ]1 :‬‬

‫وقال‪{ :‬إنما وليكم اهلل ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون ال الة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ‪-‬‬
‫ومن يتول اهلل ورسوله والذين آمنوا فإن حزب اهلل هم الغالبون [المائدة‪]02 - 00 :‬‬

‫ووص أحباءه الذين يحبهم ويحبونه بأنهم أذلة على المؤمنين‪ ,‬أعزة على الكافرين‪ ,‬وروى اإلمام‬
‫أحمد في كتاب " الزهد " ‪ 1‬بإسناده عن وهب بن منبه‪ ,‬قال‪ :‬إن اهلل تعالى قال لموسى عليه السالم‬
‫حين كلمه‪ :‬اعلم أن من أهان لي وليا أو أخافه‪ ,‬فقد بارزني بالمحاربة‪ ,‬وبادأني وعرض نفسه‬
‫ودعاني إليها‪ ,‬وأنا أسرع شيء إلى ن رة أوليائي‪ ,‬أفيظن الذي يحاربني أن يقوم لي؟ أو يظن الذي‬
‫يغازيني أن يعجزني؟ أم يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني؟ وكي وأنا الثائر لهم في الدنيا‬
‫واآلخرة‪ ,‬فال أكِلُ ن رتهم إلى غيري "‪.‬‬

‫واعلم أن جميع المعاصي محاربة هلل عز وجل‪ ,‬قال الحسن بن آدم هل لك بمحاربة اهلل من طاقة؟‬
‫فإن من ع ى اهلل فقد حاربه‪ ,‬لكن كلما كان الذنب أقبم‪ ,‬كان أشد محاربة هلل‪ ,‬ولهذا سمى اهلل تعالى‬
‫أكلة الربا وقطاع الطريق محاربين هلل تعالى ورسوله؛ لعظم ظلمهم لعباده‪ ,‬وسعيهم بالفساد في‬

‫‪ 54 / 1- 8‬رقم ‪341‬‬

‫‪2‬‬
‫بالده‪ ,‬وكذلك معاداة أوليائه‪ ,‬فإنه تعالى يتولى ن رة أوليائه‪ ,‬ويحبهم ويؤيدهم‪ ,‬فمن عاداهم‪ ,‬فقد‬
‫عادى اهلل وحاربه‪ ,‬وفي الحديث عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ,‬قال‪ « :‬اهلل اهلل في أصحابي‪ ,‬ال‬
‫تتخذوهم غرضا‪ ,‬فمن آذاهم فقد آذاني‪ ,‬ومن آذاني فقد آذى اهلل‪ ,‬ومن آذى اهلل يوشك أن يأخذه»‬
‫خرجه الترمذي‪ 7‬وغيره‪” 15.‬‬

‫قوله ‪ ( :‬وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضه عليه ) يعني أحب ما يحب اهلل الفرائض‬
‫سواء الفروض العينية وفروض الكفاية‪.‬‬

‫فالظهر أحب إلى اهلل من راتبة الظهر‪ ,‬والمغرب أحب إلى اهلل من راتبة المغرب‪ ,‬والعشاء أحب‬
‫إلى اهلل من راتبة العشاء‪ ,‬والفجر أحب إلى اهلل من راتبة الفجر‪ ,‬وال الة المفروضة أحب إلى اهلل‬
‫من قيام الليل‪ 11 ,‬كل الفرائض أحب إلى اهلل من النوافل‪ , 12‬والزكاة أحب إلى اهلل من ال دقة‪ ,‬وحج‬
‫الفريضة أحب إلى اهلل من حج التطوع‪ ,‬كل ما كان أوجب فهو أحب إلى اهلل عز وجل‪.‬‬

‫" ويدخل في قوله افترضت عليه الفرائض الظاهرة فعال كال الة والزكاة وغيرهما من العبادات‬
‫وتركا كالزنا والقتل وغيرهما من المحرمات والباطنة كالعلم باهلل والحب له والتوكل عليه والخوف‬
‫‪13‬‬
‫منه وغير ذلك وهي تنقسم أيضا إلى أفعال وتروك"‬

‫( وما تقرب إلى عبد ي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وال يزال عبدي يتقرب إليَ بالنوافل‬
‫حتى أحبه ) ‪ :‬وفي هذا إشارة إلى أن من أسباب محبة اهلل أن تكثر من النوافل ومن التطوع؛ نوافل‬
‫ال الة‪ ,‬نوافل ال دقة‪ ,‬نوافل ال وم‪ ,‬نوافل الحج‪ ,‬وغير ذلك من النوافل‪.‬‬

‫‪ - 9‬رقم ‪ 3861‬إسناده ضعيف [ الضعيفة (‪ // )1901‬ضعيف الجامع الصغير (‪]// )1160‬‬


‫‪ - 15‬نقال من جامع العلوم والحكم ت األرنؤوط (‪)330 - 334 /2‬‬

‫‪- 11‬روى مالك أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صالة الصبح‪ ،‬وأن عمر بن الخطاب غدا إلى السوق‪ ،‬ومسكن سليمان بين‬
‫المسجد والسوق ‪ ،‬فمر على الشفاء أم سليمان‪ ،‬فقال‪ :‬لم أر سليمان في الصبح‪ ،‬فقالت‪ :‬إنه بات يصلي‪ ،‬فغلبته عيناه‪ ،‬فقال عمر‪ ”:‬ألن أشهد‬
‫صالة الصبح أحب إلي من أن أقوم ليلة“ ‪ .‬موطأ مالك رواية أبي مصعب الزهري (‪)119 /1‬ورواية أبي الحسن الشيباني ‪ . 143‬وأما موطأ‬
‫مالك ت األعظمي (‪ )180 /1‬رواية يحيي ففيها ‪ “:‬ألن أشهد صالة الصبح في الجماعة ؛ أحب إلي من أن أقوم ليلة“ بزيادة لفظة الجماعة ‪.‬‬
‫‪- 11‬الفريضة تفضل النافلة بسبعين درجة كما في حديث سلمان قال‪ :‬خطبنا رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬في آخر يوم من شعبان‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم‪ ،‬شهر مبارك‪ ،‬شهر فيه ليلة خير من ألف شهر‪ ،‬جعل اهلل صيامه فريضة‪ ،‬وقيام ليله تطوعا‪ ،‬من تقرب فيه‬
‫بخصلة من الخير‪ ،‬كان كمن أدى فريضة فيما سواه‪ ،‬ومن أدى فيه فريضة‪ ،‬كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه‪ ،‬وهو شهر الصبر‪،‬‬
‫والصبر ثوابه الجنة‪ ،‬وشهر المواساة‪ ،‬وشهر يزداد فيه رزق المؤمن‪ ،‬من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه‪ ،‬وعتق رقبته من النار‪ ،‬وكان له‬
‫مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء"‪ .‬قالوا‪ :‬ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم‪ .‬فقال‪" :‬يعطي اهلل هذا الثواب من فطر صائما على تمرة‪،‬‬
‫أو شربة ماء‪ ،‬أو مذقة لبن‪ ،‬وهو شهر أوله رحمة‪ ،‬وأوسطه مغفرة‪ ،‬وآخره عتق من النار‪ ،‬من خفف عن مملوكه غفر اهلل له‪ ،‬وأعتقه من‬
‫النار‪ ،‬واستكثروا فيه من أربع خصال‪ :‬خصلتين ترضون بهما ربكم‪ ،‬وخصلتين ال غنى بكم عنهما‪ ،‬فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما‬
‫ربكم‪ ،‬فشهادة أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وتستغفرونه‪ ،‬وأما اللتان ال غنى بكم عنهما‪ ،‬فتسألون اهلل الجنة‪ ،‬وتعوذون به من النار‪ ،‬ومن أشبع فيه صائما‪،‬‬
‫سقاه اهلل من حوضي شربة ال يظمأ حتى يدخل الجنة"‪ .‬أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ط ‪ ) 911 -910 /1( 3‬رقم ‪1881‬‬
‫باب فضائل شهر رمضان‪،‬وقال ‪ :‬إن صح الخبر وضعفه الشيخ األلباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته (ص‪)131 :‬‬

‫‪ - 13‬انظر فتم الباري البن حجر (‪)349 /11‬‬

‫‪9‬‬
‫فال يزال العبد يتقرب إلى اهلل بالنوافل حتى يحبه اهلل‪ ,‬فإذا أحبه اهلل كان سمعه الذي يسمع به‪,‬‬
‫وب ره الذي يب ره به‪ ,‬ويده التي يبطش بها‪ ,‬ورجله التي يمشي بها‪ ,‬ولئن سأله ليعطينه‪ ,‬ولئن‬
‫استعاذه ليعيذنه‪.‬‬

‫( كنت سمعه ) يعني‪ :‬أنني أسدده في سمعه‪ ,‬فال يسمع إال ما يرضي اهلل‪ ,‬وقيل ‪:‬‬

‫والهالك وأوفقه لما فيه خيره وصالحه وأعينه في‬ ‫أحفظه كما يحفظ العبد جوارحه من التل‬
‫المواق وأن ره في الشدائد‪.‬‬

‫(وب ره ) أسدده في ب ره فال يب ر إال ما يحب اهلل‬

‫( ويده التي يبطش بها ) فال يعمل بيده إال ما يرضي اهلل‬

‫( ورجله التي يمشي بها ) فال يمشي برجله إال لما يرضي اهلل عز وجل‪ ,‬فيكون مسددا في أقواله‬
‫وفي أفعاله‪.‬‬

‫( ولئن سألني ألعطينه ) هذه من ثمرات النوافل ومحبة اهلل عز وجل؛ أنه إذا سأل اهلل أعطاه‪,‬‬

‫( ولئن استعاذني ) يعني استجار بي مما يخاف من شره‬

‫( ألعيذنه ) فهذه من عالمة محبة اهلل؛ أن يسدد اإلنسان في أقواله وأفعاله‪ ,‬فإذا سدد دل ذلك على أن‬
‫اهلل يحبه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اهللََّ وَقُولُوا قَوْالا سَدِيدا يُ ْلِمْ َلكُمْ أَعْمَاَلكُمْ وَ َيغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم)‬
‫[األحزاب‪.14 ]91 ,95 :‬‬

‫" ويستفاد منه أن أداء الفرائض أحب األعمال إلى اهلل ‪ .‬قال الطوفي ‪ :‬األمر بالفرائض جازم ويقع‬
‫بتركها المعاقبة بخالف النفل في األمرين وإن اشترك مع الفرائض في تح يل الثواب فكانت‬
‫الفرائض أكمل ‪ ,‬فلهذا كانت أحب إلى اهلل تعالى وأشد تقريبا ‪.‬‬

‫قوله ( يتقرب إلي ) ‪ :‬التقرب طلب القرب ‪ ,‬قال أبو القاسم القشيري ‪ :‬قرب العبد من ربه يقع أوال‬
‫بإيمانه ‪ ,‬ثم بإحسانه ‪ .‬وقرب الرب من عبده ما يخ ه به في الدنيا من عرفانه ‪ ,‬وفي اآلخرة من‬
‫رضوانه ‪ ,‬وفيما بين ذلك من وجوه لطفه وامتنانه ‪ .‬وال يتم قرب العبد من الحق إال ببعده من الخلق‬
‫‪ .‬قال ‪ :‬وقرب الرب بالعلم والقدرة عام للناس ‪ ,‬وباللط والن رة خاص بالخواص ‪ ,‬وبالتأنيس‬
‫خاص باألولياء ‪.‬‬

‫قوله ( بالنوافل حتى أحبه ) ‪ :‬ظاهره أن محبة اهلل تعالى للعبد تقع بمالزمة العبد التقرب بالنوافل ‪,‬‬
‫وقد استشكل بما تقدم أوال أن الفرائض أحب العبادات المتقرب بها إلى اهلل فكي ال تنتج المحبة ؟‬

‫‪ - 14‬شرح رياض ال الحين (‪ ) 291 – 227 /3‬لمحمد بن صالم العثيمين رحمه اهلل تعالى ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫والجواب أن المراد من النوافل ما كانت حاوية للفرائض مشتملة عليها ومكملة لها ‪ ,‬ويؤيده أن في‬
‫رواية أبي أمامة " ابن آدم ‪ ,‬إنك لن تدرك ما عندي إال بأداء ما افترضت عليك " وقال الفاكهاني ‪:‬‬
‫معنى الحديث أنه إذا أدى الفرائض ودام على إتيان النوافل من صالة وصيام وغيرهما أفضى به‬
‫ذلك إلى محبة اهلل تعالى ‪.‬‬

‫قوله ( فكنت سمعه الذي يسمع ) ‪:‬‬

‫* قال الطوفي ‪ :‬اتفق العلماء ممن يعتد بقوله أن هذا مجاز وكناية عن ن رة العبد وتأييده وإعانته ‪,‬‬
‫حتى كأنه سبحانه ينزل نفسه من عبده منزلة اآلالت التي يستعين بها ولهذا وقع في رواية " فبي‬
‫يسمع وبي يب ر وبي يبطش وبي يمشي "‬

‫* وقال الخطابي ‪ :‬هذه أمثال والمعنى توفيق اهلل لعبده في األعمال التي يباشرها بهذه األعضاء ‪,‬‬
‫وتيسير المحبة له فيها بأن يحفظ جوارحه عليه ويع مه عن مواقعة ما يكره اهلل من اإلصغاء إلى‬
‫اللهو بسمعه ‪ ,‬ومن النظر إلى ما نهى اهلل عنه بب ره ‪ ,‬ومن البطش فيما ال يحل له بيده ‪ ,‬ومن‬
‫السعي إلى الباطل برجله ‪ .‬وإلى هذا نحا الداودي ‪ ,‬ومثله الكالباذي ‪ ,‬وعبر بقوله أحفظه فال‬
‫‪10‬‬
‫يت رف إال في محابي ‪ ,‬ألنه إذا أحبه كره له أن يت رف فيما يكرهه منه "‪.‬‬

‫وقال ابن بطال ‪ " :12‬وفى حديث أبى هريرة من معنى الباب أن التقرب إلى اهلل بالنوافل حتى‬
‫تستحق المحبة منه تعالى ال يكون ذلك إال بغاية التواضع والتذلل له‪.‬‬

‫وفيه أن النوافل إنما يزكو ثوابها عند اهلل لمن حافظ على فرائضه وأداها‪.‬‬

‫ورأيت لبعض الناس أن معنى قوله تعالى‪ « :‬فأكون عينيه اللتين يب ر بهما وأذنيه ويديه ورجليه‬
‫» قال‪ :‬وجه ذلك أنه ال يحرك جارحة من جوارحه إال في اهلل وهلل‪ ,‬فجوارحه كلها تعمل بالحق‪,‬‬
‫فمن كاىن كذلك لم تُردّ له دعوة "‪.‬‬

‫والشفقة وعدم اإلسراع بقبض روحه‬ ‫قوله (ما ترددت) كناية عن اللط‬

‫قوله ( يكره الموت وأنا أكره مساءته ) ‪:‬‬

‫(مساءته) إساءته بفعل ما يكره‬

‫و" أسند البيهقي في الزهد عن الجنيد سيد الطائفة قال ‪ :‬الكراهة هنا لِما يلقى المؤمن من الموت‬
‫وصعوبته و ُكرَبِه ‪ ,‬وليس المعنى أني أكره له الموت ‪ ,‬ألن الموت يورده إلى رحمة اهلل ومغفرته "‬
‫‪19‬انتهى‬

‫‪ - 10‬فتم الباري البن حجر ‪)342 / 11( -‬‬

‫‪ - 12‬في شرح ابن بطال – [ (‪)211 / 17‬‬

‫‪7‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬فوائد الحديث‬

‫أذكرالفوائد كما وردت في الفتم وفي األحاديث األربعين النووية مع ما زاد عليها ابن رجب وعليها‬
‫الشرح الموجز المفيد ‪: 11‬‬

‫إن من عادى أولياء اهلل فإن اهلل قد آذنه بالحرب ‪ ".‬وفي هذا تهديد شديد ‪ ,‬ألن من‬ ‫(‪)1‬‬
‫حاربه اهلل أهلكه ‪ ...‬وألن من كره من أحب اهلل خال اهلل ‪ ,‬ومن خال اهللَ عانده ‪,‬‬
‫‪17‬‬
‫ومن عانده أهلكه ‪ .‬وبالعكس من والى أولياء اهلل أكرمه اهلل ‪ (.‬قاله الفاكهاني )‬
‫من تولى اهلل بالطاعة والتقوى ‪ ,‬تواله اهلل بالحفظ والن رة ‪ [.‬قال صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪ " :‬يا غالم احفظ اهلل يحفظك ‪ ...‬الحديث‪] 25‬‬
‫وفي الحديث عظم قدر ال الة فإنه ينشأ عنها محبة اهلل للعبد الذي يتقرب بها وذلك‬ ‫(‪)3‬‬
‫ألنها محل المناجاة والقربة وال واسطة فيها بين العبد وربه وال شيء أقر لعين العبد‬
‫منها ولهذا جاء في حديث أنس المرفوع " وجعلت قرة عيني في ال الة " أخرجه‬
‫النسائي ‪21‬وغيره بسند صحيم‬
‫في هذا الحديث عظم قدر الولي لكونه خرج عن تدبيره إلى تدبير ربه وعن انت اره‬ ‫(‪)4‬‬
‫لنفسه إلى انت ار اهلل له ‪ ,‬وعن حوله وقوته ب دق توكله‪ .‬قال ‪ :‬ويؤخذ منه أن ال‬
‫يحكم إلنسان آذى ولي ا ثم لم يعاجل بم يبة في نفسه أو ماله أو ولده بأنه سلم من انتقام‬
‫اهلل ‪ .‬فقد تكون م يبته في غير ذلك مما هو أشد عليه كالم يبة في الدين مثال ‪ .‬قاله‬
‫الشيخ أبو الفضل بن عطاء ‪.‬‬
‫وفيه داللة على جواز اطالع الولي على المغيبات باطالع اهلل تعالى له ‪ ,‬وال يمنع من‬ ‫(‪)0‬‬
‫ذلك ظاهر قوله تعالى ( عالم الغيب فال يظهر على غيبه أحدا إال من ارتضى من‬
‫رسول )[ الجن ‪ ] 22 :‬فإنه ال يمنع دخول بعض أتباعه معه بالتبعية ل دق قولنا ما‬

‫‪ - 19‬فتم الباري البن حجر (‪)342 /11‬‬

‫‪( - 18‬ص‪)14 :‬‬


‫‪ - 19‬انظر ‪ :‬فتح الباري ‪416 /11‬‬
‫‪( - 10‬صحيح) [مشكاة المصابيح (‪])1459 /3‬‬
‫وتمام الحديث عن ابن عباس قال ‪ [:‬كنت خلف رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يوما فقال‪« :‬يا غالم احفظ اهلل يحفظك‬
‫احفظ اهلل تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل اهلل وإذا استعنت فاستعن باهلل واعلم أن األمة لو اجتمعت على أن ينفعوك‬
‫بشيء لم ينفعوك إال بشيء قد كتبه اهلل لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء ]‬
‫لم يضروك إال بشيء قد كتبه اهلل عليك رفعت األقالم وجفت الصحف» رواه أحمد والترمذي‬
‫‪ 3939 )61 /1( - 11‬و‪ 3940‬ولفظه تاما "قَالَ‪ :‬قَالَ َرسُولُ اهللهِ صَلهى اهللُ عَلَيْهِ َوسَلهمَ ‪ " :‬حُبِّبَ إِلَيه مِنَ الدُّنْيَا ِّ‬
‫النسَاءُ‬
‫الةِ " وقال األلباني ‪ :‬حسن صحيح ‪.‬‬ ‫صَ‬
‫وَالطِّيبُ‪ ،‬وَجُعِلَتْ قُ هرةُ عَيْنِي فِي ال ه‬
‫‪15‬‬
‫دخل على الملك اليوم إال الوزير ومن المعلوم أنه دخل معه بعض خدمه " ‪ 22‬قلت [‬
‫القائل ابن حجر ] ‪ :‬الوص المستثنى للرسول هنا إن كان فيما يتعلق بخ وص كونه‬
‫رسوال فال مشاركة ألحد من أتباعه فيه إال منه وإال فيحتمل ما قال والعلم عند اهلل تعالى‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )2‬إن أحب األعمال إلى اهلل أداء الفرائض والمحافظة عليها‪.‬‬
‫(‪ )9‬إن النوافل تقبل إذا أديت الفرائض وأن اإلكثار من النوافل سبب لمحبة اهلل‪.‬‬
‫(‪ )1‬إن أولياء اهلل هم الذين يتقربون إلى اهلل باألعمال ال الحة‪.‬‬
‫إن من أتى بما يجب عليه وتقرب إلى اهلل بالنوافل فإن اهلل يوفقه لكل خير‪ ,‬حيث تكون‬ ‫(‪)7‬‬
‫أعماله وحركاته وسكناته جارية على ما يقتضيه الشرع‪.‬‬
‫(‪ )15‬إن من كان بهذه المنزلة تجاب دعوته‪.‬‬
‫(‪ )11‬إن اإلنسان مهما بلغ من العبادة ال يترك سؤال ربه "‪.‬‬

‫قلت وفيه ‪:‬‬

‫( ‪ - )12‬أن اإلكثار من النوافل يقرب إلى اهلل تعالى ‪ ,‬وي ير العبد وليا ‪ ,‬لذا صدر الحديث‬
‫بالكالم عن الولي ‪ ,‬واهلل تعالى أعلى وأعلم ‪,‬‬

‫(‪ -)13‬التواضع يرفع من قدر العبد ال الم الذي يكثر من العبادة تذلال وتواضعا هلل ؛ لذا أورد‬
‫البخاري الحديث في كتاب الرقائق باب التواضع ‪ .‬ومن تواضع هلل رفعه كما جاء في الحديث ‪.‬‬

‫(‪ – )14‬جواز اإكثار من العبادة وال يعتبر بدعة ‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬اإلكثار من العبادات ال يعتبر بدعة‬

‫وردت عن النبي صلى اهلل عليه وسلم أحاديث كثيرة تدعو إلى اإلكثار من العبادة عن طريق‬
‫النوافل وعمل بها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وكذلك صحابته والتابعون ومن تبعهم ؛ وال‬
‫يعتبر ذلك بدعة ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن " العبرة ليست بكثرة العبادة وإنما بكونها على السنة ‪ ,‬بعيدة عن البدعة‪,‬‬
‫وقد أشار إلى هذا ابن مسعود رضي اهلل عنه بقوله أيضا‪ " :‬اقت اد في سنة‪ ,‬خير من اجتهاد في‬
‫بدعة "‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫وقال كذلك ‪ " :‬وكل خير في اتباع من سل ‪ ...‬وكل شر في ابتداع من خل "‪.‬‬

‫ومن األحاديث الدالة على أن اإلكثار من النوافل ليس بدعة ما يلي ‪:‬‬

‫‪ - 11‬قاله الشيخ ابن عطاء اهلل و انظر فتح الباري ‪411 - 411 /11‬‬
‫‪ - 13‬انظر سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (‪ )14 -13 /5‬للشيخ األلباني رحمه اهلل تعالى ‪.‬‬
‫وقال كذلك ‪ " :‬وكل خير في اتباع من سلف ‪ ...‬وكل شر في ابتداع من خلف "‪ ( .‬أصل صفة صالة النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم (‪)945 /3‬‬
‫‪11‬‬
‫األحاديث الداعية إلى اإلكثار من السجود‬

‫‪ -1‬حديث ربيعة بن كعب رضي اهلل عنه قال‪ " :‬كنت أخدم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪,‬‬
‫وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى ي لي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم العشاء‬
‫اآلخرة ‪ ,‬فأجلس ببابه إذا دخل بيته ‪ ,‬أقول‪ :‬لعلها أن تحدث لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫حاجة ‪ ,‬فما أزال أسمعه يقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬سبحان اهلل سبحان اهلل سبحان‬
‫اهلل وبحمده ‪ ,‬حتى أمل ‪ ,‬فأرجع أو تغلبني عيني فأرقد ‪ ,‬قال‪ :‬فقال لي يوما ـ لما يرى من‬
‫خفتي ‪ ,‬وخدمتي إياه ـ‪ :‬سلني يا ربيعة أعطك ‪ ,‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬أنظر في أمري يا رسول اهلل ثم‬
‫أعلمك ذلك‪ .‬قال‪ :‬ففكرت في نفسي فعرفت أن الدنيا منقطعة زائلة ‪ ,‬وأن لي فيها رزقا‬
‫سيكفيني ويأتيني ‪ ,‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬أسأل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم آلخرتي ‪ ,‬فإنه من اهلل‬
‫عز وجل بالمنزل الذى هو به ‪ ,‬قال‪ :‬فجئت ‪ ,‬فقال‪ :‬ما فعلت يا ربيعة؟ قال‪ :‬فقلت‪ :‬نعم يا‬
‫رسول اهلل أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار ‪ ,‬قال‪ :‬فقال‪ :‬من أمرك بهذا يا‬
‫ربيعة! قال‪ :‬فقلت‪ :‬ال واهلل الذى بعثك بالحق ما أمرني به أحد ‪ ,‬ولكنك لما قلت‪ :‬سلني‬
‫أعطك وكنتَ من اهلل بالمنزل الذى أنت به ‪ ,‬نظرت في أمري وعرفت أن الدنيا منقطعة‬
‫وزائلة ‪ ,‬وأن لي فيها رزقا سيأتيني ‪ ,‬فقلت‪ :‬أسأل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم آلخرتي ‪,‬‬
‫قال‪ :‬ف َمَتَ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم طويالا ‪ ,‬ثم قال لي‪ :‬إني فاعل ‪ ,‬فأعني على‬
‫‪24‬‬
‫نفسك بكثرة السجود "‪.‬‬

‫وفي رواية مسلم ‪ 20‬قال ‪ " :‬كنت أبيت مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته‬
‫فقال لي سلني فقلت أسألك مرافقتك في الجنة ‪ ,‬قال أو غير ذلك؟ قلت هو ذاك قال فأعني على نفسك‬
‫بكثرة السجود " ‪.‬‬

‫‪ -2‬وعن ثوبان وأبي الدرداء ‪ ,‬يرويه عنهما معدان بن طلحة اليعمري قال‪ :‬لقيت ثوبان مولى‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ,‬فقلت‪ :‬أخبرني بعمل أعمله يدخلني اهلل به الجنة ‪ ,‬أو قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫بأحب األعمال إلى اهلل ‪ ,‬فسكت ‪ ,‬ثم سألته فسكت ‪ ,‬ثم سألته الثالثة فقال‪ :‬سألت عن ذلك رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ " :‬عليك بكثرة السجود هلل ‪ ,‬فإنك ال تسجد هلل سجدة ‪ ,‬إال رفعك اهلل بها‬
‫درجة ‪ ,‬وحط عنك بها خطيئة "‪ .‬قال معدان‪ :‬ثم لقيت أبا الدرداء فسألته ‪ ,‬فقال لي مثل ما قال لي‬
‫ثوبان‪.22‬‬

‫‪ -3‬حديث أبي ذر رضى اهلل عنه‪:‬‬

‫‪ - 24‬رواه أحمد (‪)07/4‬والطبراني في الكبير من رواية ابن إسحاق واللفظ له ‪ ,‬وحسن إسناده األلباني في إرواء‬
‫الغليل ‪. 215 / 2‬‬

‫‪ 1310 - 15‬ورواه أبو داود ‪ 1138‬و ‪1618‬والنسائي (‪)1116 /1‬وابن ماجه مختصرا ‪.‬‬
‫‪ - 16‬أخرجه مسلم (‪ 51/1‬ـ ‪ )51‬وأبو عوانة (‪ 180/1‬ـ ‪ )181‬والنسائي (‪ )111/1‬والترمذي (‪ 130/1‬ـ ‪ )131‬وابن‬
‫ماجه (‪ )1413‬والبيهقي (‪ 485/1‬ـ ‪ )486‬وأحمد (‪ )116/5‬وقال الترمذي‪ " :‬حديث حسن صحيح "‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫قال األحن بن قيس‪ :‬دخلت بيت المقدس فوجدت فيه رجالا يكثر السجود ‪ ,‬فوجدت في نفسي من‬
‫ذلك ‪ ,‬فلما ان رف قلت‪ :‬أتدري على شفع ان رفت أم على وتر ‪ ,‬قال‪ :‬إن أَكُ ال أدري فإن اهلل عز‬
‫وجل يدري ‪ ,‬ثم قال‪ :‬أخبرني حِبي أبو القاسم صلى اهلل عليه وسلم ‪ ,‬ثم بكى ‪ ,‬ثم قال‪ :‬أخبرني حبي‬
‫أبو القاسم صلى اهلل عليه وسلم ثم بكى ‪ ,‬ثم قال‪ :‬أخبرني حبي أبو القاسم صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬‬
‫ما من عبد يسجد هلل سجدة إال رفعه اهلل بها درجة ‪ ,‬وحط عنه بها خطيئة ‪ ,‬وكتب له بها حسنة "‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬أخبرني من أنت يرحمك اهلل؟ قال‪ :‬أنا أبو ذر صاحب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪,‬‬
‫‪29‬‬
‫فتقاصرت إلي نفسي‪.‬‬

‫‪ _4‬وعن أبي فاطمة قال‪:‬‬

‫" قلت يا رسول اهلل أخبرني بعمل أستقيم عليه وأعمله‪ .‬قال‪ " :‬عليك بالسجود ‪ ,‬فإنك ال تسجد هلل‬
‫‪21‬‬
‫سجدة إال رفعك اهلل بها درجة ‪ ,‬وحط بها عنك خطيئة "‪.‬‬

‫وأخرجه أحمد ‪ 27‬من طريق أخرى عنه بلفظ‪ " :‬أكثر من السجود ‪ ,‬فإنه ليس من رجل يسجد هلل‬
‫سجدة ‪ " ...‬الحديث‬
‫‪35‬‬
‫ومن طريق ثالث مخت را ‪ ,‬بلفظ‪ " :‬يا أبا فاطمة إن أردت أن تلقاني فأكثر السجود "‪.‬‬

‫‪ -0‬وعن عبادة بن ال امت رضي اهلل عنه أنه سمع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول ‪:‬‬

‫" ما من عبد يسجد هلل سجدة إال كتب اهلل له بها حسنة ومحا عنه بها سيئة ورفع له بها درجة‬
‫‪31‬‬
‫فاستكثروا من السجود " ‪.‬‬

‫‪-2‬وعن أبي هريرة رضي اهلل عنهـ قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫" ال الة خير موضوع فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر "‪. 32‬‬

‫‪ - 29‬أخرجه الدارمي (‪ )341/1‬وأحمد (‪ )124/0‬والسياق له ‪ ,‬وإسناده صحيم‬

‫‪ - 18‬أخرجه ابن ماجه (‪ )1411‬بإسناد حسن ‪.‬‬


‫‪. )418/3( - 19‬‬
‫‪ - 35‬وفيها ابن لهيعة وهو حسن الحديث فى المتابعات والشواهد‪.‬‬

‫‪ - 31‬صحيم الترغيب والترهيب (‪( - 312)72 /1‬صحيم لغيره)‬

‫أخرجه ابن ماجه وأبو نعيم " فى الحلية " (‪ , )135/0‬ورجاله ثقات ‪ ( .‬انظر إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار‬
‫السبيل (‪)215 /2‬و صحيم الترغيب والترهيب (‪- 312 )72 /1‬‬

‫‪ - 32‬رواه الطبراني في األوسط ‪( -‬حسن لغيره)( صحيم الترغيب والترهيب (‪ )73 /1‬رقم ‪) 375‬‬

‫‪13‬‬
‫األحاديث الداعية إلى اإلكثار من النوافل قبل خروج اإلمام يوم الجمعة‬

‫عن سلمان الفارسي رضي اهلل عنه ‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬من اغتسل يوم‬
‫الجمعة‪ ,‬وتطهر بما استطاع من طُهر‪ ,‬ثم ادهن أو مس من طيب‪ ,‬ثم راح فلم يفرق بين اثنين‪,‬‬
‫‪33‬‬
‫ف لى ما كتب له‪ ,‬ثم إذا خرج اإلمام أن ت‪ ,‬غفر له ما بينه وبين الجمعة األخرى»‬
‫‪34‬‬
‫قوله (ثم ي لي ما كتب له) أي من النافلة قبل مجيء اإلمام‬

‫وقيل ‪ :‬ما قدر له‪ ,‬أي من سنة الجمعة‪ ,‬وهي أربع‪ ,‬أو غيرها من القضاء أو النوافل‪ ,‬وأقله‬
‫‪30‬‬
‫ركعتان تحية المسجد إن لم يكن اإلمام في الخطبة‬

‫وهو اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ..‬قال شعيب األرنؤوط ‪ ": 32‬وكان اعتماده[ أي ابن تيمية ]‬
‫على من جاء إلى الجمعة يستحب له أن ي لي حتى يخرج اإلمام ‪ ..‬وذكر الحديث أعاله وختم‬
‫قائال ‪ ":‬فندبه إلى صالة ما كتب له ؛ ولم يمنعه عنها إال في وقت خروج اإلمام "‪.‬‬

‫وأخرج اإلمام أحمد ‪39‬من طريق وهيب‪ ,‬عن أيوب‪ ,‬عن نافع‪ ,‬أن ابن عمر كان يغدو إلى‬
‫المسجد يوم الجمعة‪ ,‬في لي ركعات يطيل فيهن القيام‪,‬فإذا ان رف اإلمام رجع إلى بيته‪,‬‬
‫علَيْهِ َوسَلَّمَ ‪ -‬يفعل‪.‬‬
‫ف لى ركعتين‪ ,‬وقال‪ :‬هكذا كان رسول اهلل ‪ -‬صَلَّى اهللُ َ‬

‫األحاديث الداعية إلى اإلكثار من صالة النوافل في المسجد ما بين صالة المغرب والعشاء ‪.‬‬

‫‪ -‬عن حذيفة‪ ,‬قال‪ :‬أتيت النبي صلى اهلل عليه وسلم ف ليت معه المغرب‪ ,‬ثم قام ي لي حتى صلى‬
‫العشاء‪ ,‬ثم خرج‪ ,‬فاتبعته‪ ,‬فقال‪« :‬عرض لي ملك استأذن ربه أن يسلم علي‪ ,‬وبشرني أن الحسن‬
‫‪31‬‬
‫والحسين سيدا شباب أهل الجنة»‬

‫‪- 33‬أخرجه البخاري ‪715‬‬


‫‪ - 34‬دليل الفالحين لطرق رياض ال الحين (‪ )354 /0‬لمحمد علي بن عالن‬

‫‪ - 35‬مرقاة المفاتيم شرح مشكاة الم ابيم (‪ )1527 /3‬للشيخ علي بن سلطان القاري‬
‫‪- 36‬تخريج أحاديث شرح السنة للبغوي ‪ – 335 /3‬الهامش رقم ‪1‬‬
‫‪- 39‬رقم ‪ 0159‬إسناده صحيم على شرط الشيخين‪.‬‬

‫وأخرجه أبو داود (‪ , )1121‬وابن خزيمة (‪ , )1132‬وابن حبان (‪ , )2492‬والبيهقي في"السنن" ‪ 245/3‬من‬
‫طريق إسماعيل ابن علية‪ ,‬عن أيوب‪ ,‬بهذا اإلسناد‪ .‬ولفظه عند أبي داود‪ :‬كان ابن عمر يطيل ال الة قبل‬
‫الجمعة‪ [.‬مسند أحمد ط الرسالة (‪ )27 /15‬تحقيق شعيب األرنؤوط ]‬

‫‪14‬‬
‫‪ -‬وقال الحافظ ابن كثير‪ 37‬في تفسير قوله تعالى [ تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) [ السجدة ‪12 :‬‬
‫] قال أنس وعكرمة ومحمد بن المنكدر وأبو حازم وقتادة هو ال الة بين العشاءين ‪.‬‬

‫‪ -‬وروى أبو داود‪ 45‬عن أنس بن مالك في هذه اآلية ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم‬
‫خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ) قال كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء ي لون ‪.‬‬

‫قال ‪:‬وكان الحسن يقول قيام الليل ‪.‬‬

‫‪ -‬وأخرج بن مردويه عن رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس في هذه اآلية قال ي لون‬
‫‪41‬‬
‫ما بين المغرب والعشاء قال العراقي وإسناده جيد‬
‫‪42‬‬
‫وقد ورد في فضيلة ال الة بين العشائين غير هذه األحاديث وذكرها الشوكاني في نيل األوطار‬

‫وقال ‪ ":‬واآليات واألحاديث المذكورة في الباب تدل على مشروعية االستكثار من ال الة ما بين‬
‫المغرب والعشاء‪ ,‬واألحاديث وإن كان أكثرها ضعيفا فهي منتهضة بمجموعها ال سيما في فضائل‬
‫األعمال‪,‬‬

‫قال العراقي‪ :‬وممن كان ي لي ما بين المغرب والعشاء من ال حابة عبد اهلل بن مسعود وعبد اهلل‬
‫بن عمرو وسلمان الفارسي وابن عمر وأنس بن مالك في ناس من األن ار‬

‫ومن التابعين ‪ :‬األسود بن يزيد وأبو عثمان النهدي وابن أبي مليكة وسعيد بن جبير ومحمد بن‬
‫المنكدر وأبو حاتم وعبد اهلل بن سخبرة وعلي بن الحسين وأبو عبد الرحمن الحبلي وشريم القاضي‬
‫وعبد اهلل بن مغفل وغيرهم‪ .‬ومن األئمة سفيان الثوري "‪.‬‬

‫جواز صالة الرواتب في المسجد‬

‫‪ - 31‬إسناده صحيم‬

‫أخرجه أحمد ‪ 454/0‬والترمذي ‪ 3913‬وصححه الحاكم ‪ 313 /1‬ووافقه الذهبي وذكره المنذري في الترغيب‬
‫‪ 350/1‬وعزاه للنسائي وقال ‪ :‬إسناده جيد ‪«[ .‬ال حيحة» (‪].)972‬‬

‫‪ - 39‬تفسير ابن كثير ت سالمة (‪)323 /2‬‬


‫‪ 1310- 40‬و‪ 1311‬وصححه الشيخ األلباني‬
‫‪ - 41‬تخريج أحاديث اإلحياء = المغني عن حمل األسفار (ص‪)452 :‬‬
‫‪ - 42‬نيل األوطار (‪)21 /3‬‬

‫‪10‬‬
‫يستنبط من حديث حذيفة جواز صالة النوافل في المسجد من حين آلخر من طرف العلماء؛ لكي‬
‫يتأسى بهم العامة ‪.‬‬

‫" ‪..‬قال ابن الملك‪ :‬قيل‪ :‬في زماننا إظهار السنة الراتبة أولى ليعلمها الناس‪ .‬قال القاري‪ :‬أي ليعلموا‬
‫عملها أو لئال ينسبوه إلى البدعة‪ .‬وال شك أن متابعة السنة أولى مع عدم االلتفات إلى غير المولى‪-‬‬
‫انتهى‪.‬‬

‫قلت [ القائل ‪ :‬المباركفوري ت ‪1414‬هج ]‪ :‬ال شك أن متابعة السنة أولى‪ ,‬لكن من المعلوم أنه قد‬
‫يترك بعض المختارات من أجل خوف أن يقع الناس في أشد من ترك ذلك المختار‪ .‬فاألولى عندي‬
‫اليوم أداء الرواتب في المسجد ال سيما للخواص من العلماء والمشائخ‪ ,‬فإن الناس تبع لهم فيما‬
‫يفعلون ويذرون فيتركون أوال فعلها في المسجد في اتباعهم‪ ,‬ثم يتركونها رأسا لوقوع التواني في‬
‫األمور الدينية والغفلة عنها سيما التطوعات والنوافل‪ ,‬وألنه ال يؤمن أن يتهمهم بعض الناس بترك‬
‫الرواتب وإهمالهما‪ ,‬وقد شاهدنا ذلك في أمر التراويم حيث أنه لما سمع بعض الجهال أن صالة‬
‫الليل في البيت في آخر الليل أفضل من أوله في المسجد‪ ,‬ورأوا بعض العلماء أنهم ال ي لونها في‬
‫أول الليل ترك هؤالء أيض ا التراويم في المسجد بالجماعة في أول الليل قائلين إنا نقوم في آخر الليل‬
‫لكنهم يتركونها رأسا فال ي لونها ال في أول الليل وال في آخره "‪.43‬‬

‫األحاديث الواردة في اإلكثار من الصيام‬

‫طرُ من‬
‫‪ -‬عن أنس بن مالك ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ :-‬قال ‪ « :‬كان رسولُ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬يُف ِ‬
‫الشهر‪ ,‬حتى نظنَّ أنْ ال ي ومَ منه‪ ,‬وي ومُ حتى نظنَّ أن ال يفطرَ منه شيئاا‪ ,‬وكان ال تشاء أن تراه‬
‫‪44‬‬
‫من الليل مُ َليا إِال رأيتَهُ‪ ,‬وال نائما إِال رأَيتَهُ» ‪.‬‬

‫‪ -‬وعن أسامة بن زيد‪ ,‬قال‪ :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ي وم األيام يسرد حتى يقال‪ :‬ال‬
‫يفطر‪ ,‬ويفطر األيام حتى ال يكاد أن ي وم إال يومين من الجمعة‪ ,‬إن كان في صيامه‪ ,‬وإال‬
‫صامهما‪ ,‬ولم يكن ي وم من شهر من الشهور ما ي وم من شعبان‪ ,‬فقلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ,‬إنك‬
‫ت وم ال تكاد أن تفطر‪ ,‬وتفطر حتى ال تكاد أن ت وم إال يومين إن دخال في صيامك وإال صمتهما‬
‫قال‪ " :‬أي يومين؟ " قال‪ :‬قلت‪ :‬يوم االثنين‪ ,‬ويوم الخميس‪ .‬قال‪ " :‬ذانك يومان تعرض فيهما‬
‫األعمال على رب العالمين‪ ,‬وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم " قال‪ :‬قلت‪ :‬ولم أرك ت وم من‬

‫‪ - 43‬نقال من مرعاة المفاتيم شرح مشكاة الم ابيم (‪)133 /4‬‬

‫‪ - 44‬رواه البخاري ‪ 111 / 4‬في ال وم‪ ,‬باب ما يذكر من صوم النبي صلى اهلل عليه وسلم وإفطاره‪ ,‬وفي التهجد‪,‬‬
‫باب قيام النبي صلى اهلل عليه وسلم بالليل ونومه وما نسخ من قيام الليل‪ ,‬ومسلم رقم (‪ )1101‬في ال يام‪ ,‬باب‬
‫صيام النبي صلى اهلل عليه وسلم في غير رمضان‪ ,‬والترمذي رقم (‪ )927‬في ال وم‪ ,‬باب ما جاء في سرد ال وم‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫شهر من الشهور ما ت وم من شعبان قال‪ " :‬ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان‪ ,‬وهو‬
‫‪40‬‬
‫شهر ترفع فيه األعمال إلى رب العالمين‪,‬فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم "‬

‫حكم صيام الدهر‬

‫العلماء في صيام الدهر ‪ :‬فذهب أهل الظاهر‪ 42‬إلى منعه لظواهر األحاديث‬ ‫اختل‬

‫في هذا الباب منها حديث ‪:‬‬

‫‪ -‬عن عبد اهلل بن عمرو بن العاص رضي اهلل عنهما‪,‬قال ‪:‬‬

‫قال لي النبي صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬إنك لت وم الدهر‪ ,‬وتقوم الليل؟»‪,‬‬

‫فقلت‪ :‬نعم‪,‬‬

‫قال‪« :‬إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين‪ ,‬ونفهت له النفس‪ ,‬ال صام من صام الدهر‪ ,‬صوم ثالثة‬
‫أيام صوم الدهر كله»‪,‬‬

‫قلت‪ :‬فإني أطيق أكثر من ذلك‪,‬‬


‫‪49‬‬
‫قال‪« :‬ف م صوم داود عليه السالم‪ ,‬كان ي وم يوما ويفطر يوما‪ ,‬وال يفر إذا القى»‬

‫‪ - 40‬إسناده حسن أخرجه أحمد في مسنده رقم ‪ [21903‬مسند أحمد ط الرسالة (‪)10 /32‬تحقيق شعيب األرنؤوط ]‬

‫‪ - 42‬وهو رأي الشيخ األلباني من المعاصرين انظر[ سلسلة األحاديث ال حيحة وشيء من فقهها وفوائدها (‪/9‬‬
‫‪ )211‬قلت‪ :‬والحديث ظاهر الداللة في تحريم صوم الدهر‪ ,‬وبه قال ابن حزم في "المحلى" (‪ , )12 -12/9‬واستدل‬
‫على ذلك أيضا بقوله ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪" :-‬من صام الدهر؛ فال صام وال أفطر"‪ .‬ولقد تكل كثير من العلماء‬
‫في رد داللتهما بتأويلهما‪ ,‬وبخاصة األول منهما؛ فقد حمله ابن حبان على من صام الدهر الذي فيه أيام العيد‬
‫والتشريق! وأسوأمنه من تأوَّله بقوله‪:‬‬

‫"ضُيِّقُت عنه جهنم حتى ال يدخلها"!‬

‫حكاه ابن خزيمة وغيره عن المزني! ولقد أحسن ابن حزم في ردْه بقوله‪:‬‬

‫"وهذه لكنة وكذب‪.‬‬

‫أما اللكنة؛ فإنه لو أراد هذا؛ لقال‪" :‬ضيقت عنه "‪ ,‬ولم يقل‪" :‬عليه "‪.‬‬

‫وأما الكذب؛ فإنما أورده رواته كلهم على التشديد والنهي عن صومه "‪ .‬وانظر ما كنت علقته على كلمة المزني في‬
‫"صحيم ابن خزيمة" (‪] . )314/3‬‬

‫‪19‬‬
‫‪« -‬ال صام من صام األبد» ‪.41‬‬

‫‪" -‬من صام الدهر؛ ضيِّقت عليه جهنم هكذا‪ -‬وعقد تسعين‪.47 "-‬‬
‫‪05‬‬
‫‪ " -‬من صام الدهر ال صام وال أفطر‪ ,‬وما صام وال أفطر "‬

‫قال القاضي وغيره ‪ :‬ذهب جماهير العلماء إلى جوازه [ أي صيام الدهر ] إذا لم ي م األيام المنهي‬
‫عنها وهي العيدان والتشريق ‪.‬‬

‫ومذهب الشافعي وأصحابه أن سرد ال يام إذا أفطر العيد والتشريق ال كراهة فيه بل هو مستحب‬
‫بشرط أن ال يلحقه به ضرر وال يفوت حقا فإن تضرر أو فوت حقا فمكروه"‬

‫قال النووي ‪" 01:‬واستدلوا بحديث حمزة بن عمرو وقد رواه البخاري‪ 02‬ومسلم ‪ 03‬عن عائشة‬
‫رضي اهلل عنها‪ - ,‬زوج النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ :-‬أن حمزة بن عمرو األسلمي قال للنبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ :‬أأصوم في السفر؟ وكان كثير ال يام ‪ ,-‬فقال‪« :‬إن شئت ف م‪ ,‬وإن شئت فأفطر»‬

‫وفي رواية مسلم " قال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ,‬إني رجل أسرد ال وم‪ ,‬أفأصوم في السفر؟ قال‪« :‬صم إن‬
‫شئت‪ ,‬وأفطر إن شئت»‬

‫و معنى (أسرد ال وم) أي أصوم متتابعا ‪.‬‬

‫" فأقره صلى اهلل عليه وسلم على سرد ال يام "‪.‬‬

‫ولو كان مكروها لم يقره ال سيما في السفر وقد ثبت عن ابن عمر بن الخطاب أنه كان يسرد ال يام‬
‫وكذلك أبو طلحة وعائشة وخالئق من السل ‪.‬‬

‫‪ - 49‬أخرجه البخاري (‪)45 /3‬رقم ‪1797‬‬

‫[ ش (هجمت) غارت ودخلت‪( .‬نفهت) تعبت وكلت]‬

‫‪ - 41‬مخت ر مسلم ‪.221‬‬

‫‪ - 47‬صحيم الجامع ال غير وزيادته (‪)1241 /2‬‬

‫‪ - 05‬إسناده صحيم على شرط مسلم‬

‫أخرجه أحمد (‪ )12354‬و ( ‪ . )12312‬ابن ماجه (‪ , )1950‬وابن خزيمة (‪ , )2105‬والحاكم ‪ 430/1‬وصححه‬


‫على شرط الشيخين‪ ,‬ووافقه الذهبي‪.‬‬

‫‪ - 01‬شرح النووي على مسلم (‪)45 /1‬‬

‫‪ 1941- 51‬و‪1943‬‬
‫‪ 103- 53‬؛‪ 104‬؛ ‪) 1111( 101‬‬
‫‪11‬‬
‫وأجابوا عن حديث ( ال صام من صام األبد ) بأجوبة ‪:‬‬

‫‪ -‬أحدها أنه محمول على حقيقته بأن ي وم معه العيدين والتشريق وبهذا أجابت عائشة رضي اهلل‬
‫عنها‬

‫‪ -‬والثاني أنه محمول على من تضرر به أو فوت به حقا ويؤيده أن النهي كان خطابا لعبد اهلل بن‬
‫عمرو بن العاص وقد ذكر مسلم عنه أنه عجز في آخر عمره وندم على كونه لم يقبل الرخ ة قالوا‬
‫فنهى ابن عمر وكان لعلمه بأنه سيعجز وأقر حمزة بن عمرو لعلمه بقدرته بال ضرر ‪.‬‬

‫‪ -‬والثالث أن معنى( ال صام ) أنه ال يجد من مشقته ما يجدها غيره فيكون خبرا ال دعاء"‬

‫اآليات واألحاديث الداعية إلى اإلكثار من الصدقة‬

‫رغب اإلسالم في ال دقة وحث عليها وأعد لها األجر الجزيل ‪:‬‬

‫قال تعالى ‪:‬‬

‫{ يَا أ َُّيهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا َرزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ الَ بَيْعٌ فِيهِ وَالَ خُلَّةٌ وَالَ شَفَاعَةٌ‬ ‫‪-‬‬
‫وَا ْلكَا ِفرُونَ هُمُ الظَّاِلمُونَ [البقرة‪]204 :‬‬
‫{ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَاَلهُمْ فِي سَبِيلِ اهللَِّ ثُمَّ الَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَالَ أَذاى َلهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ ر َِّبهِمْ‬ ‫‪-‬‬
‫علَيْهِمْ وَالَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة‪]222 :‬‬ ‫وَالَ خَوْفٌ َ‬
‫َممُوا‬
‫ألْرْضِ وَالَ تَي َّ‬‫{يَا أ َُّيهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا َكسَبْتُمْ َومِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ ا َ‬ ‫‪-‬‬
‫عَلمُوا أَنَّ اهللََّ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [البقرة‪:‬‬ ‫الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ َوَلسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِالَّ أَنْ ُت ْغمِضُوا فِيهِ وَا ْ‬
‫‪]229‬‬
‫{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اهللََّ بِهِ عَلِيمٌ [آل عمران‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪]72‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‬

‫‪ -‬فيما رواه عقبة بن عامر رضي اهلل عنهـ قال سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫يقول‬

‫‪17‬‬
‫‪04‬‬
‫كل امرىء في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس "‪.‬‬

‫‪ -‬وروى أبو هريرة رضي اهلل عنهـ قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫" من ت دق بعدل تمرة من كسب طيب وال يقبل اهلل إال الطيب فإن اهلل يقبلها بيمينه ثم‬
‫يربيها ل احبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل " ‪.00‬‬
‫‪ -‬وروى عدي بن حاتم رضي اهلل عنهـ قال سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول ‪:‬‬
‫" ما منكم من أحد إال سيكلمه اهلل ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فال يرى إال ما‬
‫قدم فينظر أشأم منه فال يرى إال ما قدم فينظر بين يديه فال يرى إال النار تلقاء وجهه فاتقوا‬
‫‪02‬‬
‫النار ولو بشق تمرة "‬
‫وفي رواية من استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل‬

‫واآليات واألحاديث في هذا الباب كثيرة جدا ؛ نكتفي بهذا القدر ‪.‬‬

‫تعامل الرسول صلى اهلل عليه وسلم مع صدقة التطوع وكذا ال حابة والتابعون ومن‬ ‫ولنتابع كي‬
‫تبعهم ‪.‬‬

‫فقد كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم تأتيه ال دقات والهدايا فيوزعها ويعطي عطاء من ال‬
‫يخشى الفقر ‪:‬‬

‫‪ -‬عن أنس بن مالك رضي اهلل عنه ‪ -‬قال‪« :‬ما سئل رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬على‬
‫اإلسالم شيئا إال أعطاه‪ ,‬ولقد جاءه رجل فأعطاه غَنم ا بين جبَلين‪ ,‬فرجع إلى قومه فقال‪ :‬يا قوم‬
‫أسِلمُوا‪ ,‬فإن محمدا يعطي عطاءَ من ال يخشى الفقر‪ ,‬وإن كان الرجلُ لَ ُيسْلِمُ ما ُيرِيد إال الدنيا‪ ,‬فما‬
‫يلبثُ إال يسيرا حتى يكون اإلسالم أحبَّ إليه من الدنيا وما عليها» ‪.57‬‬

‫‪ -‬وعن جبير بن مطعم ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪« -‬أنه بينما هو يسير مع النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪-‬‬
‫س ُمرَة‪ ,‬فخطِفتْ رداءَه‪,‬‬
‫ومعه الناس مقْ َفلَه من حُنَيْن‪َ ,‬ف َعلِقَهُ األعراب يسألونه؟ حتى اضطرُّوه إلى َ‬

‫‪ - 04‬صحيم أخرجه ابن حبان ‪ 3277‬وغيره[((التعليق الرغيب)) (‪ .)20 /2‬صحيم الترغيب والترهيب (‪ -)212 /1‬التعليقات الحسان‬
‫على صحيم ابن حبان (‪])225 /0‬‬

‫‪00‬‬
‫‪ -‬رواه البخاري ‪ 1415‬؛ ‪9435‬ومسلم ‪23‬؛ ‪) 1514 ( 24‬‬

‫‪02‬‬
‫‪ -‬رواه البخاري ‪ 2037‬؛ ‪2045‬؛‪ 9443‬؛ ‪ 9012‬ومسلم ‪) 1512 ( 29‬‬

‫‪ - 09‬أخرجه مسلم رقم (‪ )2312‬في الفضائل‪ ,‬باب ما سئل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم شيئا قط فقال‪ :‬ال‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫فوق النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬أعطوني ردائي‪ ,‬فلو كان ليَ عدَدُ هذه العَضَاه‪ ,‬نَعَما‬
‫لقسمتُهُ بينكم‪ ,‬ثم ال تَجِدُوني بَخيالا وال كذَّابا ‪ ,‬وال جباناا» ‪.58‬‬

‫(مقفله) ‪ :‬أي‪ :‬مرجعه من الغزو‪ ,‬والقفول‪ :‬الرجوع من السفر‪.‬‬

‫(خطفت) ‪ :‬الخط ‪ :‬األخذ بسرعة‪.‬‬

‫(العضاه) ‪ :‬كل شجر ذي شوك كالطلم والسمر‪.‬‬

‫‪ -‬وعن محمد بن شهاب الزهري ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬قال‪« :‬غزَا رسولُ اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬غزوةَ‬
‫الفَتْم ‪ -‬فتم مكة ‪ -‬ثم خرج رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬بمن معه من المسلمين‪ ,‬فاقْتَ َتلُوا‬
‫حنَيْن‪ ,‬فن رَ اهلل دينَه والمسلمين‪ ,‬وأَعطى رسولُ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬يومئذ صَفْوانَ بن‬
‫بِ ُ‬
‫ُأمَيَّة مائة من اإلبل‪ ,‬ثم مائة‪ ,‬ثم مائة » قال وحدَّثني سعيد بن المسيب‪ :‬أن صفوان قال له‪ « :‬واهلل‬
‫لقد أَعطاني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬يومئذ ما أعطاني وإنه ألَبغضُ الناس إليَّ ‪ ,‬فما بَرِحَ‬
‫يُعطِينِي حتى إنه ألحبُّ الناس إليَّ » أخرجه مسلم‪ ,‬وأَخرج الترمذي منه حديث صفوان لسعيد بن‬
‫‪59‬‬
‫المسيب ‪.‬‬

‫وكذا كان ال حابة رضوان اهلل عليهم ‪ ,‬كانوا زاهدين في الدنيا تأسيا بمعلمهم رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪ -‬فهذا أبو بكر ينفق جميع ماله في سبيل اهلل فيسأله رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬ما أبقيت ألهلك‬
‫‪60‬‬
‫؟ فيقول ‪ :‬أبقيتم اهلل ورسوله‬

‫‪ -‬وجهز عثمان رضي اهلل عنه جيش العسرة ‪ ,‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫غفر اهلل لك يا عثمان ما قدمت وما أخرت‪ ,‬وما أسررت وما أعلنت‪ ,‬وما أخفيت وما أبديت‪ ,‬وما هو‬
‫‪61‬‬
‫كائن إلى يوم القيامة‪.‬‬

‫‪-‬وعن أنس رضي اهلل عنهـ قال كان أبو طلحة أكثر األن ار بالمدينة ماال من نخل وكان أحب‬
‫أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يدخلها ويشرب‬
‫من ماء فيها طيب‬

‫‪ - 01‬أخرجه البخاري ‪ 22 / 2‬في الجهاد‪ ,‬باب الشجاعة في الحرب‪ ,‬وباب ما كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم‬
‫من الخمس ونحوه ‪ .‬و في بعض النسخ‪ :‬وال كذوبا‪.‬‬

‫‪ - 07‬رواه مسلم رقم (‪ )2313‬في الفضائل‪ ,‬باب ما سئل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم شيئا قط فقال‪ :‬ال‪ ,‬والترمذي رقم (‪ )223‬في‬
‫الزكاة‪ ,‬باب ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم‪.‬‬

‫‪. -‬سبل الهدى والرشاد في هدي سيرة خير العباد ‪430 / 0‬لل الحي ‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪ - 61‬أخرجه ابن عساكر كما في كنز العمال ‪ 31841‬؛ ‪ 36189‬وانظر شرف المصطفى (‪1459)484 /5‬لعبد الملك الخركوشي ( ت‬
‫‪) 401‬‬

‫‪21‬‬
‫قال أنس فلما نزلت هذه اآلية ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) [آل عمران ‪] 27:‬‬

‫قام أبو طلحة إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقال يا رسول اهلل إن اهلل تبارك وتعالى يقول لن‬
‫تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة أرجو برها وذخرها‬
‫عند اهلل فضعها يا رسول اهلل حيث أراك اهلل‬
‫‪62‬‬
‫قال فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬بخ ذلك مال رابم ذلك مال رابم"‬

‫‪ -‬وهذا سعيد بن عامر عينه عمر بن الخطاب واليا على حمص بالشام‪ ,‬كان زاهدا في الدنيا و كان‬
‫يكتفي بالكفاف من العيش ‪ ,‬وكانت سيرته حسنة ‪ ,‬فلنستمع إلى بعض منها كما سطرها خالد محمد‬
‫خالد ( توفي ‪ 1412‬هج ) في كتابه الخالد رجال حول الرسول ‪: 63‬‬

‫" خرج سعيد الى حمص ومعه زوجته‪ ,‬وكانا عروسين جديدين‪ ,‬وكانت عروسه منذ طفولتها فائقة‬
‫الجمال والنضرة‪ ..‬وزوّده عمر بقدر طيّب من المال‪.‬‬

‫ولما استقرّا في حمص أرادت زوجته أن تستعمل حقها كزوجة في استثمار المال الذي زوده به‬
‫عمر‪ ..‬وأشارت إليه بأن يشتري ما يلزمهما من لباس الئق‪ ,‬ومتاع وأثاث‪ ..‬ثم يدخر الباقي‪..‬‬

‫وقال لها سعيد‪ :‬أال أدلك على خير من هذا‪..‬؟؟ نحن في بالد تجارتها رابحة‪ ,‬وسوقها رائجة‪ ,‬فلنعط‬
‫المال من يتجر لنا فيه وينمّيه‪..‬‬

‫قالت‪ :‬وان خسرت تجارته‪..‬؟‬

‫قال سعيد‪ :‬سأجعل ضمانا عليه‪!!..‬‬

‫قالت‪ :‬فنعم اذن‪..‬‬

‫وخرج سعيد فاشترى بعض ضروريات عيشه المتقش ‪ ,‬ثم فرق جميع المال في الفقراء‬
‫والمحتاجين‪" ..‬‬

‫‪ -‬وعن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن أبي عبد اهلل اليزني أنه كان أول أهل م ر يروح إلى‬
‫المسجد وما رأيته داخال المسجد قط إال وفي كمه صدقة إما فلوس وإما خبز وإما قمم‬

‫قال حتى ربما رأيت الب ل يحمله قال فأقول يا أبا الخير إن هذا ينتن ثيابك قال فيقول يا ابن أبي‬
‫حبيب أما إني لم أجد في البيت شيئا أت دق به غيره إنه حدثني رجل من أصحاب رسول اهلل صلى‬
‫‪24‬‬
‫اهلل عليه وسلم أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال ظل المؤمن يوم القيامة صدقته " ‪.‬‬

‫‪ - 61‬أخرجه البخاري ‪...1461‬ومسيم ‪) 998 ( 41‬‬


‫‪( - 63‬ص‪)116 -115 :‬‬

‫‪22‬‬
‫األحاديث الواردة في اإلكثار من الحج والعمرة والمتابعة بينهما‬

‫‪ -‬عن عبد اهلل بن مسعود ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬أن رسولَ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬قال‪« :‬تَابِعوا بين‬
‫ب والفَ ْقرَ‪ ,‬كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذهب والفضة‪ ,‬ولَيسَ‬
‫الحج والعمرة‪ ,‬فإنهما يَنْفِيان الذُّنُو َ‬
‫‪20‬‬
‫لِحجَّة مبرورة ثواب إال الجنة‪ ,‬وما من مؤمن َيظَلُّ يومه محرما إال غابت الشمس بذنوبه»‬

‫‪ -‬وعن أبي هريرة ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬أن رسولَ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬قال‪« :‬العُمرةُ إلى‬
‫‪22‬‬
‫العُمرةِ‪ ,‬كَفَّارة لما بينهما‪ ,‬والحجُّ المبرور‪ :‬ليس له جزاء إال الجنة»‬

‫‪ -‬وعن عائشة ‪ -‬رضي اهلل عنها ‪ -‬قالت‪ :‬قلتُ‪ :‬يا رسولَ اهلل نرى الجهادَ أفضلَ األعمال‪ ,‬أفال‬
‫ح ر‪ ,‬قالت‪ :‬فال أدَعُ الحج بعدَ إذ‬‫نجاهد؟ قال‪ :‬لكنْ أفضل الجهاد وأجملُه‪ :‬حَجّ مَبْرُور‪ ,‬ثم لزوم ال ُ‬
‫سمعتُ هذا من رسولِ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪.29 -‬‬

‫(حج مبرور) أي‪ :‬متقبل‪ ,‬مثاب عليه بالجنة‪.‬‬

‫ح ر) قوله ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬لنسائه‪ :‬هذه ثم لزوم الح ر‪ ,‬أي‪ :‬إنكن ال تعدن‬
‫(لزوم ال ُ‬
‫تخرجن من بيوتكن وتلزمن الح ر‪.‬‬

‫(فال أدَعُ الحج ) أَي‪َ :‬فالَ أترك الحج ؛ وهذا يعني اإلكثار من الحج ‪.‬‬

‫األحاديث الواردة في اإلكثار من قراءة القرآن‬

‫‪24‬‬
‫‪( -‬صحيم)[ صحيم الترغيب والترهيب (‪])212 /1‬‬

‫‪ - 20‬أخرجه أحمد (‪ . )3227( )319/1‬والترمذي (‪ )115‬والنسائي (‪ )110/0‬وابن خزيمة (‪ .)2012‬صححه‬


‫الشيخ األلباني ‪ :‬انظر مشكاة الم ابيم (‪]25[ 2024)990 /2‬‬

‫‪ - 22‬رواه البخاري ‪ 492 / 3‬ومسلم رقم (‪ )1347‬والموطأ ‪ 342 / 1‬والترمذي رقم (‪ )733‬والنسائي ‪112 / 0‬‬
‫و ‪110‬‬

‫‪ - 29‬رواه البخاري ‪ 1121‬في الحج‪ ,‬باب فضل الحج المبرور‪ ,‬وباب حج النساء‪ ,‬وفي الجهاد‪ ,‬باب فضل الجهاد‪,‬‬
‫وباب جهاد النساء‪,‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -‬عن عبد اهلل بن عمرو بن العاص ‪ -‬رضي اهلل عنهما ‪ :-‬قال‪ :‬قال لي رسولُ اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪« :‬أَلَمْ أُخْ َبرْ أنَّك ت ومُ الدَّهرَ‪ ,‬وتقرأُ القرآنَ كُلَّ لَيلَة؟»‬

‫قلتُ‪ :‬بلَى يا نبيَّ اهلل‪ ,‬ولَم أُرِدْ بذلك إال الخيرَ‪,‬‬

‫ش ْهرٍ» ‪,‬‬
‫قال‪« :‬ف ُمْ صَوْمَ داود وكان أعْبَدَ النَّاسِ واقرأ القرآن في كل َ‬

‫قال‪ :‬قلت‪ :‬يا نبيَّ اهلل‪ ,‬إني أُطيقُ أَفْضَلَ من ذلك‪ ,‬قال‪« :‬فا ْق َرأْهُ في كلِّ عشرين» ‪,‬‬

‫قال‪ :‬قلت‪ :‬يا نبيَّ اهلل‪ ,‬إني أُطيقُ أَفْضَلَ من ذلك‪ ,‬قال‪« :‬فا ْق َرأْهُ في كلِّ عشر» ‪ ,‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا نبيَّ‬
‫اهلل‪ ,‬إني أطيق أفضل من ذلك‪,‬‬

‫قال‪« :‬فاقرأْهُ في كل سَبْعٍ‪ ,‬ال تَزِدْ على ذلك» ‪.‬‬

‫علَيَّ‪ ,‬وقال لي‪« :‬إنك ال تدري‪ ,‬لعلك يَطُولُ بك عُمرٌ» ‪,‬‬


‫قال‪ :‬فشدَّدْتُ؛ فشُدِّدَ َ‬

‫قال‪ :‬فَ ِرْتُ إلى الذي قال لي النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ,‬فلما كَ ِبرْتُ وَدِدْتُ أَنِّي كُنتُ قَ ِبلْتُ رُخْ َة‬
‫نبيِّ اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬هذه رواية البخاري‪ ,21‬ومسلم ‪. 27‬‬

‫وفي رواية الترمذي ‪ 95‬قال‪ :‬قلتُ‪ :‬يا رسولَ اهلل‪ ,‬في كَمْ أ ْقرَأ القرآنَ؟ قال‪ :‬اخْ ِتمْهُ في شهرٍ‪ ,‬قلتُ‪ :‬إني‬
‫ضلَ من ذلك‪ ,‬قال‪ :‬اختمهُ في‬ ‫أُطيقُ أفضلَ من ذلك‪ ,‬قال‪ :‬اخْ ِتمْهُ في عشرين‪ ,‬قلتُ‪ :‬إني أُطيقُ أَفْ َ‬
‫خ ْمسَةَ عَشرَ‪ ,‬قلت‪ :‬إني أطيق أفضل من ذلك‪ ,‬قال‪ :‬اختمه في عشرٍ‪ ,‬قلت‪ :‬إني أطيق أفضل من ذلك‪,‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬اختمه في خمسٍ‪ ,‬قلتُ‪ :‬أنِّي أُطيق أفضل من ذلك‪ ,‬قال‪« :‬فما رَخَّصَ لي» ‪.‬‬

‫وفي أخرى له قال‪ :‬إنَّ رسولَ اهللِ صلى اهلل عليه وسلم أمره أن يقرأ القرآن في أربعين‪.‬‬

‫وفي أخرى له وألبي داود‪« :‬أَنَّ رسولَ اهللِ صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬لم يَفْقَهْ مَنْ َقرَأ القُرآنَ في أقَلَّ‬
‫من ثَالثِ» ‪.‬‬

‫وفي أخرى ألبي داود‪ :‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال له‪« :‬اقرأ القرآن في شهرٍ» ‪.‬‬

‫قال‪ :‬إني أَجِدُ قُوَّة‪ ,‬قال‪« :‬اقرأه في عشرين» وذكر الحديث نحو الترمذي وقال‪« :‬اقرأ في سبعٍ‪ ,‬وال‬
‫تزيدنَّ على ذلك» ‪.‬‬

‫وفي أخرى له قال‪ :‬قال لي النبي صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬اقرأ القرآن في شهرٍ» قلت‪ :‬أجِدُ قُوَّة‪,‬‬
‫فَنَاقَ َني وناقَ ْتُهُ‪ ,‬إلى أن قال‪« :‬اقرأهُ في سَبْعٍ‪ ,‬وال تَزِد على ذلك» ‪ ,‬قلتُ‪ :‬إني أجدُ قُوَّة‪ ,‬قال‪:‬‬
‫«اقرأ في ثالثٍ‪ ,‬فإنه ال يَفْقَهُ مَنْ َق َرأَه في أَقَلَّ من ثالثٍ» ‪.‬‬

‫‪5051- 68‬‬
‫‪)1159(181- 69‬‬
‫‪1946- 10‬‬
‫‪24‬‬
‫وفي أخرى له قال‪« :‬اقرأ القرآن في شهرٍ» قلتُ‪ :‬إني أَجِدُ قُوَّةا‪ ,‬قال‪« :‬ا ْق َرأْ في ثالثٍ»‬

‫وفي أخرى له‪ :‬أنه سألَ رسولَ اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ,‬في كمْ يُقرَأُ القرآنُ؟ قال‪« :‬في أربعين» ‪,‬‬
‫ثم قال‪« :‬في شهرٍ» ‪ ,‬ثم قال‪« :‬في عشرين» ‪ ,‬ثم قال‪« :‬في خمسة عشر» ‪ ,‬ثم قال‪« :‬في عشرة»‬
‫‪91‬‬
‫‪ ,‬ثم قال‪« :‬في سَبعَةٍ» ‪ ,‬ولم ينزل عن سبعةٍ‪.‬‬

‫أحوال السلف الصالح مع القرآن‬

‫" قد كانت للسل عادات مختلفة فيما يقرؤون كل يوم بحسب أحوالهم وأفهامهم ووظائفهم فكان‬
‫بعضهم يختم القرآن في كل شهر وبعضهم في عشرين يوما وبعضهم في عشرة أيام ‪ ,‬وبعضهم أو‬
‫أكثرهم في سبعة ‪ ,‬وكثير منهم في ثالثة ‪ ,‬وكثير في يوم وليلة ‪ ,‬وبعضهم في كل ليلة وبعضهم في‬
‫اليوم والليلة ثالث ختمات ‪ ,‬وبعضهم ثمان ختمات ‪ .‬والمختار أنه يستكثر منه ما يمكنه الدوام عليه‬
‫وال يعتاد إال ما يغلب على ظنه الدوام عليه في حال نشاطه وغيره هذا إذا لم تكن له وظائ عامة‬
‫أو خاصة يتعطل بإكثار القرآن عنها فإن كانت له وظيفة عامة كوالية وتعليم ونحو ذلك فليوظ‬
‫لنفسه قراءة يمكنه المحافظة عليها مع نشاطه وغيره من غير إخالل بشيء من كمال تلك الوظيفة‬
‫وعلى هذا يحمل ما جاء عن السل ‪.‬انتهى "‬

‫" ولو تتبعت تراجم أئمة الحديث لوجدت كثيرا منهم أنهم كانوا يقرأون القرآن في أقل من ثالث‬
‫فالظاهر أن هؤالء األعالم لم يحملوا النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثالث على التحريم‬
‫والمختار عندي ما ذهب إليه اإلمام أحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهما واهلل تعالى أعلم‪ [.‬أي ال يقرا‬
‫في أقل من ثالث ]‪.‬‬

‫" وشاهده عند سعيد بن من ور بإسناد صحيم من وجه آخر عن ابن مسعود ( اقرأوا القرآن في‬
‫سبع وال تقرأوه في أقل من ثالث ") وألبي عبيد من طريق الطيب بن سليمان عن عمرة عن عائشة‬
‫أن النبي صلى اهلل عليه وسلم " ( كان ال يختم القرآن في أقل من ثالث ) "‬

‫‪ - 11‬أخرجه البخاري ‪ 414 - 411 / 9‬في فضائل القرآن‪ ،‬باب كم يقرأ من القرآن‪ ،‬وفي التهجد‪ ،‬باب من نام عند‬
‫السحر‪ ،‬وباب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه‪ ،‬وفي الصوم‪ ،‬باب حق الضيف في الصوم‪ ،‬وباب صوم‬
‫الدهر‪ ،‬وباب حق األهل في الصوم‪ ،‬وباب صوم يوم وإفطار يوم‪ ،‬وباب صوم داود‪ ،‬وفي األنبياء‪ ،‬باب قول اهلل تعالى‪:‬‬
‫{وآتينا داود زبوراً} ‪ ،‬وفي النكاح‪ ،‬باب لزوجك عليك حق‪ ،‬وفي األدب‪ ،‬باب حق الضيف‪ ،‬وفي االستئذان‪ ،‬باب من‬
‫ألقي له وسادة‪ ،‬ومسلم رقم (‪ )1159‬في الصيام‪ ،‬باب النهي عن صوم الدهر‪ ،‬والترمذي رقم (‪ )1941‬في القراءات‪،‬‬
‫باب في كم يختم القرآن‪ ،‬وأبو داود رقم (‪ )1388‬و (‪ )1389‬و (‪ )1390‬و (‪ )1391‬و (‪ )1395‬في الصالة‪ ،‬باب‬
‫في كم يقرأ القرآن‪ ،‬وأخرجه النسائي ‪ 110 - 109 / 4‬في الصوم‪ ،‬باب صوم يوم وإفطار يوم‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫أنهم قرأوا‬ ‫وهذا اختيار أحمد وأبي عبيد وإسحاق بن راهويه وغيرهم ‪ .‬وثبت عن كثير من السل‬
‫القرآن في دون ذلك ‪.‬‬

‫قال النووي ‪ :‬واالختيار أن ذلك يختل باألشخاص فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر استحب له‬
‫أن يقت ر على القدر الذي ال يختل بالمق ود من التدبر وإخراج المعاني ‪ ,‬وكذا من كان له شغل‬
‫بالعلم أو غيره من مهمات الدين وم الم المسلمين العامة يستحب له أن يقت ر منه على القدر الذي‬
‫ال يخل بما هو فيه ومن لم يكن كذلك فاألولى له االستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل وال‬
‫‪92‬‬
‫يقرأه هذرمة انتهى ما في الفتم "‬

‫وأضاف صاحب عون المعبود ‪: 93‬‬

‫" وحاصل الحديث بيان رفق رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بأمته وشفقته عليهم وإرشادهم إلى‬
‫م الحهم وحثهم على ما يطيقون الدوام عليه ونهيهم عن التعمق واإلكثار من العبادات التي يخاف‬
‫عليهم الملل بسببها أو تركها أو ترك بعضها وقد بين ذلك بقوله صلى اهلل عليه وسلم " "(عليكم من‬
‫‪94‬‬
‫األعمال ما تطيقون فإن اهلل ال يمل حتى تملوا)"‬
‫‪90‬‬
‫وبقوله صلى اهلل عليه وسلم "( ال تكن مثل فالن كان يقوم الليل فترك قيام الليل )"‬

‫وجاء في الحديث ‪ ("92‬أحب العمل إليه ما داوم صاحبه عليه )"‬

‫وقد ذم اهلل تعالى قوما أكثروا العبادة ثم فرطوا فيها فقال تعالى ( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها‬
‫عليهم إال ابتغاء رضوان اهلل فما رعوها حق رعايتها )[ الحديد ‪] 29 :‬‬

‫اآليات واألحاديث الواردة في اإلكثار من الذكر‬

‫قال اهلل تعالى‪:‬‬

‫جعَلْ لِي آيَةا قَالَ آيَتُكَ أَالَّ ُتكَلِّمَ النَّاسَ َثالَثَةَ أَيَّامٍ إِالَّ َر ْمزاا وَا ْذ ُكرْ رَبَّكَ كَثِيراا وَسَبِّمْ‬
‫‪ { -‬قَالَ رَبِّ ا ْ‬
‫بِا ْل َعشِيِّ وَاإلِْ ْبكَارِ [آل عمران‪]41 :‬‬

‫‪ - 92‬انظر تحفة األحوذي (‪ )217 -211 /1‬وعون المعبود وحاشية ابن القيم (‪. )112 /4‬‬

‫‪. )56 /1( - 13‬‬


‫‪( - 14‬صحيح) [ صحيح أبي داود ‪ - 1138‬صحيح الجامع الصغير وزيادته (‪] )153 /1‬‬
‫‪ - 15‬أخرجه البخاري ‪ 1151‬و مسلم ‪) 1159 ( 185‬‬
‫‪ - 16‬أخرجه مسلم ‪) 185 ( 111‬‬

‫‪22‬‬
‫َالش َعرَاءُ يَتَّ ِب ُعهُمُ ا ْلغَاوُونَ (‪َ )224‬ألَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ َيهِيمُونَ (‪ )220‬وَأ ََّنهُمْ يَقُولُونَ مَا الَ‬
‫‪ { -‬و ُّ‬
‫ظلِمُوا‬
‫عمِلُوا ال َّالِحَاتِ وَ َذكَرُوا اهللََّ كَثِيراا وَانْتَ َرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ُ‬‫يَ ْف َعلُونَ (‪ )222‬إِالَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ َ‬
‫ظلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْ َقلِبُونَ [الشعراء‪]229 - 224 :‬‬ ‫َوسَ َيعْلَمُ الَّذِينَ َ‬

‫خرَ وَ َذ َكرَ اهللََّ كَثِيراا‬


‫‪ { -‬لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اهللَِّ ُأسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ َيرْجُو اهللََّ وَالْيَوْمَ اآلْ ِ‬
‫[األحزاب‪]21 :‬‬

‫سلِماتِ) إلى قوله تعالى‪( :‬والذاكرين اهلل كثيرا والذاكرات‪ ,‬أعد اهللَُّ َلهُمْ مغْ ِفرَةا‬
‫سِلمِينَ وال ُم ْ‬
‫‪( -‬إنَّ ال ُم ْ‬
‫عظِيماا) [األحزاب‪. ]30 :‬‬ ‫وأجْرا َ‬

‫‪ {-‬يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ا ْذ ُكرُوا اهللََّ ِذ ْكراا كَثِيراا [األحزاب‪]41 :‬‬

‫سعَوْا ِإلَى ِذ ْكرِ اهللَِّ وَذَرُوا الْبَيْعَ َذِلكُمْ خَ ْي ٌر‬


‫ج ُمعَةِ فَا ْ‬
‫‪{ -‬يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِل َّالَةِ مِنْ يَوْمِ الْ ُ‬
‫ضلِ اهللَِّ وَا ْذ ُكرُوا اهللََّ‬ ‫ألْرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَ ْ‬ ‫َلكُمْ إِنْ كُنْتُمْ َت ْعَلمُونَ (‪ )7‬فَإِذَا قُضِيَتِ ال َّالَةُ فَانْ َتشِرُوا فِي ا َ‬
‫كَثِيراا َلعَلَّكُمْ تُ ْفلِحُونَ [الجمعة‪]15 ,7 :‬‬

‫‪ -‬و في صحيم مسلم‪ 99,‬عن أبي هريرة رضي اهلل عنه‪ ,‬أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬‬
‫سَ َبقَ المُفرِّدونَ‪ ,‬قالُوا‪ :‬ومَا المُفَرِّدونَ يا رَسُولَ اهلل؟ قالَ‪( :‬الذَّا ِكرُونَ اهلل كَثِيرا وَالذَّاكرَاتُ " ‪.‬‬

‫(المفَرِّدون) هكذا في الرواية فيه المفردون وهكذا نقله القاضي عن متقني شيوخهم وذكر غيره أنه‬
‫روي بتخفيفها وإسكان الفاء يقال فرد الرجل وفرد بالتشديد والتخفي وأفرد (والذاكرات) التقدير‬
‫والذاكراته فحذفت الهاء هنا كما حذفت في القرآن لمناسبة رؤوس اآلي وألنه مفعول يجوز حذفه‬
‫‪.91‬‬

‫‪ -‬وقال علي بن أبي طلحة‪ ,‬عن ابن عباس في قوله تعالى‪{ :‬اذكروا اهلل ذكرا كثيرا ‪ :‬إن اهلل لم‬
‫يفرض [على عباده] فريضة إال [جعل لها حدا معلوما‪ ,‬ثم] عذر أهلها في حال عذر‪ ,‬غير الذكر‬
‫فإن اهلل لم يجعل له حدا ينتهي إليه‪ ,‬ولم يعذر أحدا في تركه‪ ,‬إال مغلوبا على تركه‪ ,‬فقال‪{ :‬فاذكروا‬
‫اهلل قياما وقعودا وعلى جنوبكم [النساء‪ , ]153:‬بالليل والنهار‪[ ,‬في البر والبحر] ‪ ,‬وفي السفر‬
‫والحضر‪ ,‬والغنى والفقر‪ ,‬وال حة والسقم‪ ,‬والسر والعالنية‪ ,‬وعلى كل حال‪ ,‬وقال‪{ :‬وسبحوه بكرة‬
‫‪97‬‬
‫وأصيال فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم هو ومالئكته‪.‬‬

‫وقد اخ ُتلِ َ في تفسير المراد بالذاكرين اهلل كثيرا ‪:‬‬

‫‪) 1616 ( 4- 11‬‬


‫‪ - 91‬شرح صحيم مسلم (‪)2522 /4‬‬

‫‪ - 19‬نقال من تفسير ابن كثير ت سالمة (‪. )433 /2‬‬


‫‪29‬‬
‫‪ -‬فقال اإلِمامُ أبو الحسن الواحديّ‪ :‬قال ابن عباس‪ :‬المراد يذكرون اهلل في أدبار ال لوات‪ ,‬وغدوًّا‬
‫وعشيًّا‪ ,‬وفي المضاجع‪ ,‬وكلما استيقظ من نومه‪ ,‬وكلما غدا أو راح من منزله ذكرَ اهلل تعالى‪.‬‬

‫‪ -‬وقال مجاهد‪ :‬ال يكونُ من الذاكرين اهلل كثيرا والذاكرات حتى يذكر اهلل قائما وقاعدا ومضطجعاا‪.‬‬

‫‪ -‬وقال عطاء‪ :‬من صلَّى ال لوات الخمس بحقوقها فهو داخلٌ في قول اهلل تعالى‪( :‬والذَّا ِكرِينَ اهلل‬
‫كَثيرا وَالذَّا ِكرَاتِ) هذا نقل الواحدي‪.‬‬

‫وقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬‬
‫إذا أيْ َقظَ الرَّجُلُ أَ ْهلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَ َلَّيَا ‪ -‬أَوْ صَلَّى ‪ -‬رَكعَتينِ جَمِيعا كُتِبَا في الذَّا ِكرِينَ اهلل كَثِيرا‬
‫‪15‬‬
‫وَالذَّا ِكرَاتِ "‬

‫" وسئل الشيخ اإلِمام أبو عمرو بن ال َّالح رحمه اهلل عن القدر الذي ي يرُ به من الذاكرينَ اهلل‬
‫كثيرا والذاكرات‪ ,‬فقال‪ :‬إذا واظبَ على األذكار المأثورة المثبتة صباحا ومساءا في األوقات‬
‫واألحوال المختلفة ليالا ونهارا ‪ -‬وهي مُبيّنة في كتاب عمل اليوم والليلة ‪ -‬كان من الذاكرين اهلل‬
‫‪11‬‬
‫كثيرا والذاكرات‪ ,‬واهلل أعلم "‪.‬‬

‫‪ -‬وروى عبد اهلل بن بسر‪ :‬أن رجال قال‪ :‬يا رسول اهلل إن شرائع اإلسالم قد كثرت علي فأخبرني‬
‫‪12‬‬
‫بشيء أتشبث به‪ .‬قال‪ " :‬ال يزال لسانك رطبا من ذكر اهلل تعالى "‬

‫‪ - 15‬أخرجه أبو داود ‪ 1357‬؛ ‪ 1401‬وابن ماجه (‪ ,)1330‬والنسائي في "الكبرى" (‪ )1312‬و (‪.)11342‬‬

‫وهو في "صحيم ابن حبان" (‪ )2021‬و (‪.)2027‬‬

‫( إسناده صحيم على شرط مسلم وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي والنووي والعرا قي) [صحيم أبي داود ‪ -‬األم‬
‫(‪.])02 /0‬‬

‫‪- 11‬نقال من األذكار للنووي ت األرنؤوط ( ص‪)11 -15 :‬‬

‫‪ - 12‬إسناده صحيم‪.‬‬

‫أخرجه أحمد" (‪ )19271‬والترمذي (‪ )3291‬و ابن ماجه ‪ 3973‬و ابن حبان (‪.)114‬‬

‫قوله‪" :‬إن شرائع اإلسالم"‪ ,‬قال القاري في "مرقاة المفاتيم"‪ :‬الظاهر أن المراد بها هنا النوافل‪.‬‬

‫"أتشبث به" أي‪ :‬أتعلَّق به وأداوم عليه‪.‬‬

‫"رطباا" أي‪ :‬طرياا مشتغالا قريب العهد من ذكر اهلل تعالى‪ [ .‬الكلم الطيب ‪ ,3‬صحيم الترغيب ‪].229/2‬‬

‫وقال السندي ‪" ":‬رطبا من ذكر اهلل" أي‪ :‬متحركا به‪ ,‬فإن الرطوبة سبب للحركة‪ ,‬واليبوسة تمنع عنها"‪.‬‬

‫[مسند أحمد ط الرسالة (‪ )229 /27‬تم األرنؤوط ]‬

‫‪21‬‬
‫‪ -‬وعن أبي الدرداء‪ ,‬رضي اهلل عنه‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬أال أنبئكم بخير‬
‫أعمالكم وأزكاها عند مليككم‪ ,‬وأرفعها في درجاتكم‪ ,‬وخير لكم من إعطاء الذهب والوَرِقِ‪ ,‬وخير‬
‫لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم‪ ,‬ويضربوا أعناقكم؟ " قالوا‪ :‬وما هو يا رسول اهلل؟ قال‪:‬‬
‫‪13‬‬
‫"ذكر اهلل عز وجل"‪.‬‬

‫‪ -‬وعن سهل بن معاذ بن أنس الجهني‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬أن رجال‬
‫سأله فقال‪ :‬أي المجاهدين أعظم أجرا يا رسول اهلل؟ فقال‪ " :‬أكثرهم هلل ذكرا"‪ .‬قال‪ :‬فأي ال ائمين‬
‫أكثر أجرا؟ قال‪" :‬أكثرهم هلل ذكرا"‪ .‬ثم ذكر ال الة والزكاة والحج وال دقة‪ ,‬كل ذلك يقول رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬أكثرهم هلل ذكرا"‪ .‬فقال أبو بكر لعمر‪ ,‬رضي اهلل عنهما‪ :‬ذهب الذاكرون‬
‫‪14‬‬
‫بكل خير‪ .‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬أجل"‬

‫‪ -‬وقال‪ :‬أبو هريرة دعاء سمعته من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ال أدعه‪" :‬اللهم‪ ,‬اجعلني‬
‫‪10‬‬
‫أعظم شكرك‪ ,‬وأتبع ن يحتك‪ ,‬وأكثر ذكرك‪ ,‬وأحفظ وصيتك"‪.‬‬

‫‪ -‬وورد في ال حيم ‪ 12‬عن أبي هريرة‪ ,‬رضي اهلل عنه‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪" :‬إن هلل مالئكة فُضْال عن كتاب الناس يطوفون في الطريق يلتمسون أهل الذكر‪ ,‬فإذا وجدوا‬
‫قوما يذكرون اهلل تنادوا هلم إلى حاجتكم‪ ,‬فتح بأجنحتها إلى السماء الدنيا‪ ,‬فيسألهم ربهم وهو أعلم‬
‫بهم‪ :‬ما يقول عبادي؟‬

‫قال‪ :‬يقولون‪ :‬يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك ‪.‬‬

‫قال‪ :‬وهل رأوني؟‬

‫قال‪ :‬يقولون‪ :‬ال واهلل يا ربنا ما رأوك‪,‬‬

‫‪(- 13‬صحيم)‬

‫أخرجه أحمد في المسند (‪ )170/0‬و الترمذي (‪ )3399‬وابن ماجه (‪ [. )3975‬صحيم الجامع ال غير وزيادته‬
‫(‪ )013 /1‬تخريج الترغيب ‪].221/2‬‬

‫‪ - 84‬إسناده ضعيف‬
‫أخرجه أحمد في المسند رقم ‪ 10214‬ولبطبراني في الكبير ‪ 450‬وفي الدعاء ‪.1119‬والشجري في ترتيب األمالي‬
‫الخميسية ‪ . 1740‬وقال الهيثمي في المجمع (‪" : )94/15‬وفيه زبان بن فائد وهو ضعي ‪ ,‬وقد وثق‪ ,‬وكذلك ابن‬
‫لهيعة‪ ,‬وبقية رجاله ثقات"‪.‬‬
‫وقال السندي‪ :‬قوله‪" :‬أكثرهم هلل تعالى ذكرا"‪ ،‬أي‪ :‬جهاد أكثرهم‪ ،‬أي‪ :‬أكثر المجاهدين ذكرا‪ ،‬أي‪ :‬من أكثر ذكر اهلل‬
‫تعالى في جهاده‪ ،‬فجهاده أكثر أجرا‪ ،‬وهكذا الصوم وغيره‪ ،‬واهلل تعالى أعلم‪ [.‬نقال من مسند أحمد ط الرسالة (‪/14‬‬
‫‪)381‬تح شعيب األرنؤوط ]‬
‫‪ - 85‬إسناده ضعيف‬
‫أخرجه أحمد ‪ 8101‬و ‪ 10119‬والترمذي ‪ 3604‬وأبو داود الطيالسي ‪[ 1553‬ضعيف سنن الترمذي (ص‪)411 :‬‬
‫ضعيف الجامع الصغير ‪1166‬و مسند أحمد ‪ 466 / 13‬تح األرنؤوط ]‬
‫‪ - 86‬أخرجه البخاري رقم ‪6408‬‬

‫‪27‬‬
‫لو أنهم رأوني؟‬ ‫فيقول‪ :‬كي‬

‫قال‪ :‬فيقولون‪ :‬لو أنهم رأوك كانوا أشد عبادة وأشد تحميدا وتمجيدا‪ ,‬وأكثر تسبيحا‪ ,‬فيقول‪ :‬ما‬
‫يسألوني؟ فيقولون‪ :‬يسألونك الجنة‪ ,‬فيقول‪ :‬وهل رأوها؟ فيقولون‪ :‬ال واهلل يا ربنا ما رأوها‪ ,‬فيقول‪:‬‬
‫كي لو رأوها؟‬

‫فيقولون‪ :‬لو رأوها كانوا أشد حرصا عليها‪ ,‬وأشد لها طلبا‪ ,‬وأعظم فيها رغبة‪,‬‬

‫فيقول‪ :‬مم يتعوذون؟ قال‪ :‬فيقولون‪ :‬من النار‪ ,‬فيقول‪ :‬هل رأوها؟‬

‫لو رأوها؟ فيقولون‪ :‬لو رأوها كانوا أشد منها فرارا‬ ‫في قولون‪ :‬ال واهلل يا ربنا ما رأوها‪ ,‬فيقول‪ :‬كي‬
‫وأشد لها مخافة‪,‬‬

‫فيقول‪ :‬فأشهدكم أني قد غفرت لهم‪,‬‬

‫فيقول ملك من المالئكة‪ :‬إن فيهم فالنا ليس منهم‪ ,‬إنما جاء لحاجة‪ .‬قال‪ :‬هم القوم ال يشقى بهم‬
‫جليسهم"‪,‬‬

‫قوله‪" :‬سياحين في األرض"‪ ,‬قال السندي‪ :‬أي‪ :‬سيارين‪ ,‬من ساح في األرض‪ :‬إذا ذهب فيها‪.‬‬

‫وقوله‪" :‬فضال"‪ ,‬قال‪ :‬بضمتين أو بضم فسكون أو بفتم فسكون ‪ ...‬أي‪ :‬مالئكة زائدين على الحفظة‪,‬‬
‫حلَق الذكر‪.‬‬
‫وال وظيفة لهم سوى ِ‬

‫وقوله‪" :‬ال يشقى بهم جليسهم"‪ ,‬قال‪ :‬أي‪ :‬ال يكون محروما من الخير بسببهم ولما بهم من الكرامة‬
‫والسعادة‪.‬‬

‫قال الحافظ ابن حجر في الفتم ‪ " : 19‬وفي الحديث‬

‫فضل مجالس الذكر والذاكرين‪,‬‬ ‫‪-‬‬


‫وفضل االجتماع على ذلك‪,‬‬ ‫‪-‬‬
‫وأن جليسهم يندرج في جميع ما يتفضل اهلل تعالى به عليهم إكراما لهم‪ ,‬ولو لم يشاركهم في‬ ‫‪-‬‬
‫أصل الذكر‪.‬‬
‫وفيه محبة المالئكة بني آدم واعتناؤهم بهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وفيه أن السؤال قد ي در من السائل وهو أعلم بالمسؤول عنه من المسؤول إلظهار العناية‬ ‫‪-‬‬
‫بالمسؤول عنه‪ ,‬والتنويه بقدره‪ ,‬واإلعالن بشرف منزلته‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إن في خ وص سؤال اهلل المالئكة عن أهل الذكر اإلشارة إلى قولهم‪( :‬أتجعل فيها‬ ‫‪-‬‬
‫من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبم بحمدك ونقدس لك) ‪ ,11‬فكأنه قيل لهم‪ :‬انظروا إلى‬

‫‪213/11- 81‬‬

‫‪35‬‬
‫ما ح ل منهم من التسبيم والتقديس‪ ,‬مع ما سلط عليهم من الشهوات ووساوس الشيطان‪,‬‬
‫وكي عالجوا ذلك‪ ,‬وضاهوكم في التسبيم والتقديس‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه يؤخذ من هذا الحديث أن الذكر الحاصل من بني آدم أعلى وأشرف من الذكر‬ ‫‪-‬‬
‫الحاصل من المالئكة لح ول ذكر اآلدميين مع كثرة الشواغل‪ ,‬ووجود ال وارف‪,‬‬
‫وصدوره في عالم الغيب‪ ,‬بخالف المالئكة في ذلك كله‪.‬‬
‫وفيه بيان كذب من ادعى من الزنادقة أنه يرى اهلل تعالى جهرا في دار الدنيا‪ ,‬وقد ثبت في‬ ‫‪-‬‬
‫"صحيم مسلم"‪ 17‬من حديث أبي أمامة رفعه‪" :‬واعلموا أنكم لم تروا ربكم حتى تموتوا"‪.‬‬
‫وفيه جواز القسم في األمر المحقق تأكيدا له وتنويها به‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وفيه أن الذي اشتملت عليه الجنة من أنواع الخيرات‪ ,‬والنار من أنواع المكروهات فوق ما‬ ‫‪-‬‬
‫وصفتا به‪,‬‬
‫وأن الرغبة والطلب من اهلل‪ ,‬والمبالغة في ذلك من أسباب الح ول‪ " .‬أ‪ .‬هـ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ - 88‬جزء من اآلية ‪ 30‬سورة البقرة‬


‫‪- - 89‬صحيم مسلم (‪ 169)2240 /4‬باب ذكر ابن صائد ولفظه عن بعض أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫يرفعه ‪« :‬تعَلَّموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت» ‪ ,‬ورواه الدارقطني في رؤية اهلل (ص‪)171 :‬‬
‫خطْبَتِهِ مَا يُحَدِّثُنَا عَنِ‬
‫خطَبَنَا َرسُولُ اهللَِّ صَلَّى اهللَُّ عَلَيْهِ َوسَلَّمَ فَكَانَ أَكْثَرُ ُ‬ ‫رقم ‪– 29‬عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ‪ ,‬قَالَ‪َ :‬‬
‫الدَّجَّالِ‪ ,‬وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ِبطُولِهِ‪ ,‬وَقَالَ فِيهِ‪ " :‬فَإِنَّهُ سَيَبْدَأُ فَيَقُولُ‪ :‬أَنَا نَبِيٌّ‪ ,‬وَالَ نَبِيَّ بَعْدِي‪ ,‬ثُمَّ يُثَنِّي فَيَقُولُ‪ :‬أَنَا رَبُّكُمْ‪ ,‬وَلَنْ‬
‫عوَرَ "‬
‫تَ َروْنَ رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا‪ ,‬وَإِنَّهُ أَعْوَرُ‪ ,‬وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَ ْيسَ بِأَ ْ‬
‫‪31‬‬

You might also like