Professional Documents
Culture Documents
الرتمجة املتخصصة:
مهارات املرتجم املتخصص
Specialized Translation:
Specialized Translator’s Skills
2
باية جبايلي ،*1أ.د .حفيظة بلقاسمي
1جامعة وهران ،1أحمد بن بلة -الجزائر
2جامعة وهران ،1أحمد بن بلة -الجزائر
ملخص معلومات املقال
تاريخ املقال:
تزداد الحاجة إلى الترجمة المتخصصة يوما بعد يوم ،من أجل كسر الحواجز العلمية
والفكرية بين البلدان .هذه الحواجز التي تنشب عن تنوع اللغات ،ما يعرقل بالضرورة اإلرسال 2019/07/29 :
االستغالل األمثل للبيانات والمعلومات الجديدة الواردة بلغات أجنبية بالنسبة لقراء الدول املراجعة 2019/11/16 :
األخرى التي تختلف لغاتها.
القبول 2019/11/19 :
إن ترجمة النصوص المتخصصة مهمة عسيرة وشائكة ،وذلك لكون ترجمة أي نص متخصص
تعد تجربة جديدة في حد ذاتها ،مهما كان عدد النصوص التي قام المترجم بنقلها في السابق،
ويكون مرد هذا األمر إلى اختالف النصوص ،حتى وإن كانت تصب في الميدان نفسه ،أو الكلمات املفتاحية:
صادرة من الكاتب نفسه ،ألن النصوص تختلف من حيث تراكيبها النحوية المستعملة، الترجمة المتخصصة،
ومصطلحاتها ،ومفرداتها ،بل وحتى موضوعاتها ،وإن كانت في الحقل نفسه.
المترجم المتخصص،
ولذلك ،فالترجمة المتخصصة تتطلب تكوينا خاصا ملما بكل جوانبها من لغة االختصاص
إلى خصوصية النصوص وأنواعها ،ومن هنا تبرز الحاجة إلى توضيح مهارات المترجم مهارات المترجم
المتخصص ومراحل تكوينه ومعايير تقييم أداءه ودوره في ترجمة متخصصة كاملة من المتخصص،
جميع النواحي. كفاءات المترجم
المتخصص،
تكوين المترجم
المتخصص.
specialized translator
training.
81
* Corresponding author at: Ahmed Benbela University of Oran1, ALGERIA
Email : djebaili.baya@gmail.com
ب .جبايلي ،ح .بلقاسمي | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 12العدد 01القسم (ج) اآلداب و الفلسفة ،ص،ص88 - 81 :
كثريا ما تقتضي الضرورة أن يكون املرتجم املتخصص املقدمة
مصطلحيا ومعجميا إضافة إىل كونه مرتمجا ،فال يستطيع
االكتفاء باستهالك منتوج املصطلحيني ،واملعجميني ،ذلك أضحت الرتمجة املتخصصة ذات أهمية بالغة غداة احلرب
كون عمله يضعه يف الواجهة األوىل ملن يبحثون عن املقابالت العاملية الثانية موازاة مع انفتاح السوق العاملية االقتصادية.
املناسبة للمصطلحات اليت يراد ترمجتها ،حتى قبل املصطلحي و يف ظل اإلنفجار املعريف ،تزايدت احلاجة إىل املرتمجني
نفسه ،فاملرتجم هو أول من يصادف هذه املصطلحات ،وكثريا ما املتخصصني الذين يتمتعون بالدقة العالية يف جمال
تكون حديثة ،قليلة التداول ،وليس لديه متسع من الوقت كي ختصصهم ،إال أن ترمجة النصوص املتخصصة هي مهمة
ينتظر املصطلحي ،فيقوم هو بالبحث عن أحسن مقابل هلا. عسرية وشائكة ،وذلك لكون ترمجة أي نص متخصص تعد
جتربة جديدة يف حد ذاتها ،مهما كان عدد النصوص اليت قام
و قد يقوم املرتجم نفسه بدور الرقيب على ترمجته ،حيث عليه املرتجم بنقلها يف السابق ،و لذلك ،فإن الرتمجة املتخصصة
أن׃" يتأكد من صحة ترمجته ،وال حيس فيها بشيء تستغربه تتطلب تكوينا خاصا ملما بكل جوانبها من لغة االختصاص
لغة املتلقي ،أو يشعر بأنها أضعف من األصل"(اجليالني، إىل خصوصية النصوص وأنواعها .لقد استقطبت الرتمجة
حد قول رئيس ،1996صفحة ،[1])37فتكمن مهمته -وعلى ِّ املتخصصة يف العقود األخرية إهتمام املنظرين و الباحثني و
"الشركة الفرنسية للمرتمجني" -يف׃ نالت قسطا وافرا من كتاباتهم ،إذ هناك أحباث عديدة تناولت
« ….d’assimiler un texte scientifique ou technique écrit هذا املوضوع يف كله أو جزئه ،نذكر منها :
dans une langue étrangère… et de le réécrire de façon
que le spécialiste auquel il est destiné ait l’impression -اخلوري(شحادة) ،دراسات يف الرتمجة واملصطلح
qu’il a été écrit dans son propre pays »(Horguelin, والتعريب،ج ،1دار طالس للدراسات والرتمجة والنشر ،دمشق،
)1996, p. 16)(9 - .1989ديريو(كريستني) ،أسس تدريس الرتمجة التقنية،
ّ
املنظمة العربية للرتمجة ،ترمجة مقنص(هدى) ،ط ،1مبعنى…" :إدراك النص العلمي ،أو التقين املكتوب بلغة
أجنبية ...وإعادة كتابته بطريقة جتعل املتخصص املتلقي بريوت.2007 ،
إن اهلدف من هذه الدراسة هو تسليط الضوء على مفهوم للرتمجة يعتقد أن النص كتب بلغته الوطنية"(ترمجتنا)،
الرتمجة املتخصصة و مهارات املرتجم املتخصص البحت ،و و يتطلب أن يكون إعداده׃"إعدادا جيدا يف حقل داللة األلفاظ
شروط تكوينه من أجل ترمجة متخصصة كاملة من مجيع العربية ،وكذلك يف النحو والصرف واألساليب اللغوية
القومية"(اجليالني ،1996 ،صفحة .)1()36 النواحي.
و يتجلى لنا دور املرتجم أكثر ،إذا ما قارنا الرتمجة البشرية وعليه ،فإن إشكالية هذا املقال تقوم يف جوهرها ،على طرح
بالرتمجة اآللية ،فهنا تتضح أهمية الدور الذي يؤديه، جمموعة من التساؤالت ،نوجز بعضها فيما يلي:
و يتبني لنا أيضا أن الرتمجة ليست جمرد مقابالت ملفردات، ما هو دور املرتجم يف الرتمجة املتخصصة؟ ما هي مراحل
بل هي أبعد من ذلك ،فكثريا ما جند أن الرتمجات اآللية ال تكوينه ،و ما هي معايري تقييم أدائه ؟
تؤدي الغرض املطلوب ،ويف أحيان كثرية تبتعد من معنى
النص األصلي ،حيث تعجز هذه األخرية عن ترمجة معظم .2خصائص الرتمجة املتخصصة
التعابري املصطلحية ،وتقدم لنا مجال ،أو مفردات خارجة متاما تستهدف الرتمجة املتخصصة النصوص التقنية و تتميز عن
عن سياق الكالم .وهنا يربز دور املرتجم الذي يقوم حبل هذه غريها من الرتمجة خبصوصية النصوص ،واألسلوب التقين،
املشكلة مستعينا مبعارفه ،وإبداعه ،وقدراته الفكرية إلعطاء الذي يشكل صعوبات ال يستطيع أن يتجاوزها املرتجم غري
ترمجة سليمة ،مفهومة ،فالرتمجة اآللية ال ميكنها إال أن املتخصص .يلخص شحاذة اخلوري أهم مميزاتها يف قوله" :
تكون عونا للمرتجم ال أكثر. تتميز هذه الرتمجة بأنه ينبغي أن تتوافر هلا الدقة ،والوضوح يف
املعنى ،مع صحة املصطلح ،وسالمة اللغة ،وليس مطلوبا فيها وهناك سؤال يفرض نفسه :هل يعترب كل ثنائي ،أو ثالثي
حسن األسلوب ،ومجال العبارة "(اخلوري ،1989 ،صفحة )57اللغة مرتمجا؟ بطبيعة احلال ،ال !فهنا أيضا يربز دور املرتجم
()4
يف ربطه بني النص األصلي ،والنص اهلدف ،والتنقل من اللغة .3دور املرتجم املتخصص
األصلية إىل اللغة اهلدف مبرونة ،وإجياد املقابالت املناسبة،
قد يبدو للبعض أن عملية الرتمجة عملية سهلة ،يسرية
وحسن التصرف يف املصطلحات ،خاصة يف ميدان الرتمجة
تتلخص يف استبدال لفظة بغريها من اللغة األصل إىل اللغة
املتخصصة.
اهلدف ،غري أن األمر ليس بهذه البساطة ،فالرتمجة تتطلب
عدة مؤهالت ،وكفاءات من أجل القيام بها ،إضافة إىل أن إضافة إىل ذلك ،على املرتجم مراعاة مستويات اللغة اليت
املرتجم يقوم بعدة أدوار يف الوقت نفسه ،خاصة يف جمال استعملها كاتب النص ،فإذا ترجم ملبتدئ يف ميدان القانون
مثال ،فال خيالف بساطة تعبري الكاتب ،واألمر نفسه إذا ما الرتمجة املتخصصة.
82
ب .جبايلي ،ح .بلقاسمي | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 12العدد 01القسم (ج) اآلداب و الفلسفة ،ص،ص88 - 81 :
ترجم خلبري قانوني أو حملاسب مالي ،من الذين ميلكون زمام وهذا األمر ال مينع املرتجم من ذكر مصادره ،حتى يعترب
ذلك من واجباته أيضا ،وهنا تكمن النقطة الثانية .فإذا ما أخذ أمور ختصصهم ،ويتميزون بأسلوب تقين خاص حبت.
وعلى الرغم من الطابع التقين ألسلوب النص املتخصص ،معلومة ،توجب عليه اإلشارة إىل صاحبها.
إال أنه ال خيلو من ضروب اجملاز واالستعارة ،فإذا أراد املرتجم أما النقطة الثالثة تتمثل يف وجوب امتالك املرتجم املهارة
القيام بدوره على أمت وجه ،فهو مطالب مبعرفة كيفية الالزمة للقيام بهذا العمل ،وإذا رأى أنه غري قادر على إمتامه
التعامل مع خمتلف هذه الضروب ،وذلك مبعرفة وافرة،وافية على أحسن وجه ،فما عليه إال أن يعتذر عنه إذا ما كان
ميتهن الرتمجة احلرة ،أو أن جيهد نفسه يف البحث ،واملعرفة بلغيت األصل واهلدف على حد سواء.
و يتحقق هذان العامالن بالبحث املستمر ،والتعطش الدائم واإلملام باملوضوع من كل النواحي ،وال حرج عليه إذا ما استعان
ملستجدات اختصاصه ،ما يعطيه كفاءة من أجل القيام باختصاصي يف امليدان الذي يرتجم فيه إذا ما لزم األمر ،بل هذا
بعمله ،فيسعى املرتجم دائما إىل حتسني معارفه يف جمال يزيد من قيمة عمله ،وصحته ،ودقته.
وتتلخص النقطة األخرية يف أمانة املرتجم ،اليت هلا أهمية اختصاصه بشتى الطرق ،والوسائل ،وبهذا تصبح ترمجاته
بالغة يف هذا امليدان ،فعليه التأكد من أن النص اهلدف يؤدي أفضل ،وأخطاؤه أقل.
نفس معنى النص األصل وغرضه ،وحيمل نفس املعلومات وال ميكن أن ننسى الدور الذي يؤديه تأثري املرتجم الشخصي
الظاهرة ،والباطنة ،مع احرتام أسلوب الكاتب إذا ما كان بسيطا يف النص اهلدف ،وما نالحظه يف جمال الرتمجة املتخصصة
أو معقدا ،حافال بالصور البيانية ،أو عكس ذلك ،فاملرتجم ليس هو نقص هذا التأثري ،وميكن مرد ذلك إىل الطبيعة العلمية
مفسرا النص األصل ،بل مرتمجا له ،أمينا عليه ،غري خمل به ال للمواضيع املعاجلة يف النصوص املقدمة للرتمجة وتقنيتها،
بالنقص وال باإلضافة. واليت ال تستدعي عادة عامل ميول املتلقي (املرتجم) ،فهي
جيد املرتجم املتخصص نفسه يف ظل األدوار املنوطة به أمام معلومات واردة لتثري فكر قارئها ،ال لتثري وجهة نظره.
مطلبني أساسني: ال أن هناك نوعا من التأثر من قبل املرتجم أحيانا ،وانعكاسه إّ
-احرتام مضمون النص األصلي وشكله أثناء نقله إىل اللغة يف النص اهلدف يرجع إىل مدى تأثره بفكرة الكاتب وقبوهلا،
املرتجم إليها. فلذا يطلب منه االبتعاد قدر املستطاع عن إبداء تأثره من خالل
-احرتام أسلوب النص األصلي أثناء عملية النقل أي االعتناء ترمجته ،وأن يهدف دائما إىل املوضوعية ،وأن يتماشى وروح
باجلانب اللغوي و ذلك بسبب اختالف أنواع النصوص .فلغة النص األصل ،و أن يكون يف مستوى هذا األخري من ناحية
النص الطيب مثال ختتلف عن لغة النص اإلشهاري .و يتعني األسلوب ،والرتاكيب ،وغريها ،وبإمكانه اإلشارة إىل أي خطأ
على املرتجم املتخصص من أجل حتقيق تلك األدوار أن يتسلح ورد عن الكاتب وذلك يف اهلامش ،مقدما الرباهني.
بعدة مهارات: ينكب
ال ّ ومن الضروري أن حيسن املرتجم اختيار موضوعه ،و أ ّ
.4مهارات املرتجم املتخصص على مواضيع هو غري قادر على ترمجتها .فحني نتكلم عن
الرتمجة املتخصصة ،فإننا نقصد من وراء ذلك االبتعاد التام
يتحقق النجاح يف أي ميدان من امليادين بتوافر شروط وعوامل، عن الرتمجة العامة ،واملليئة باألخطاء ،واجملردة من اجلودة،
والرتمجة املتخصصة كذلك هلا عوامل وشروط لنجاحها، واإلتقان ،بل نهدف إىل ترمجة مفيدة ق ّيمة ،تفي باهلدف
ومن ثم فاملرتجم املتخصص ال ميكنه النجاح ،والتميز يف مهمته املنشود ،وتكون يف صميم املوضوع ،دقيقة وذات مستوى.
ما مل تتوافر فيه جمموعة من الشروط أو ما يسمى بالكفاءة.
ويتجلى دور املرتجم أيضا ،يف التزامه بواجباته ،ونشري بوجه
يشرتط يف املرتجم املتخصص امتالكه ملؤهالت ،ومهارات اخلصوص إىل األخالقية منها على مستوى عمله ،ونذكر
خاصة يذكرها إبراهيم بدوي اجليالني بقوله" :إن أدوات ()10
أهمها و تتلخص يف أربع نقاط()7Redouane, 1996, p. 7
املرتجم الناجح هي املعرفة الذاتية ،وإتقان اللغتني ،واقتناء
املراجع اللغوية والتخصصية ،ومعاجلة مشكلة املنقول من هي׃
لغات هلا خصائصها الرتكيبية اليت ختتلف جزئيا أو كليا عن التزامه بالسر املهين ،خاصة يف جمال الرتمجة املتخصصة،
خصائص العربية واليت قد يؤدي عدم اكتشافها إىل معضالت وعلى سبيل املثال نأخذ ميدان الرتمجة املالية ،حيث يطلب من
()1
داللية تشوه املعنى أو تعكسه"(اجليالني ،1996 ،صفحة )47 املرتجم ترمجة حوصالت سنوية لشركات ،أو تقارير ختص
إن املرتجم املتخصص احملرتف هو الذي ميتلك الكفاءة الوضع املالي للشركة ،وهذه األمور تفرض السرية التامة،
الالزمة للقيام بعمله ،فإىل جانب املهارات القاعدية اليت إذ إن غريه -وخاصة يف ميدان املنافسة -ميكنه استعمال هذه
ينبغي أن تتوفر لدى أي مرتجم ،فإن املرتجم املتخصص املعلومات لغرض الضرر بتلك الشركة ،أو إذا ما قام برتمجة
مطالب بامتالك مهارات أخرى تعينه على التعامل مع أحباث علمية ،حيث تعترب السرية أيضا أمرا مطلوبا ،كي ال
تسلب جمهودات الباحث املعين ،وعمله.
83
ب .جبايلي ،ح .بلقاسمي | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 12العدد 01القسم (ج) اآلداب و الفلسفة ،ص،ص88 - 81 :
النصوص املتخصصة حتديدا .هناك مخسة مهارات أو أنواع يف إثرائه لقاموسه الشخصي ،وينعكس ذلك إجيابا على عمله
من املعرفة يتوجب على املرتجم املتخصص التزود بها و هي :بطبيعة احلال.
معرفة لغة األصل و لغة اهلدف ،معرفة أمناط النصوص 2.4 ،جمال التخصص( اجملال املوضوعاتي)
ومعرفة موضوع البحث (معرفة حقيقية) ،ومعرفة تقابلية
(روجر ،1999 ،صفحة ،)2()91إضافة إىل معرفة داللية جيب أن يكون املرتجم ملما مبجال ختصصه إملاما تاما دقيقا،
(كيف ترتكب القضايا) ،ومعرفة تركيبية(كيف ميكن مطلعا على آخر األحداث ،واألخبار ،يقوم بتجديد دائم
تركيب اجلميالت لتحمل حمتوى القضايا ،وكيف حتلل ملعلوماته ،و هذا بالبحث ،واملطالعة ،والتتبع املستمر لكل األخبار
السرتجاع احملتوى اجملسد فيها) ،ومعرفة براغماتية (كيف اليت متس ميدان ختصصه من قريب أو من بعيد ،و يتم هذا
يتم حتقيق اجلميلة على هيئة نص حيمل املعنى ،وكيف عن طريق اجملالت املتخصصة ،واجلرائد ،والنشرات اإلذاعية
والتلفزيونية ،وشبكة اإلنرتنيت اليت تقدم خدمات وفرية. حيلل النص إىل مجيلة)(روجر ،1999 ،صفحة . )2()92
على املرتجم إدراك حدود جمال ختصصه حبيث يكون واسع .1.4.املهارات اللغوية
املعرفة بتقنيات ختصصه ،متحكما يف اجلانب املصطلحي
من بني مهارات املرتجم املتخصص التمكن من اللغتني املصدر و لعمله ،فاملصطلحات كثريا ما يتغري معناها بتغري استعماهلا من
اهلدف ،فإدراك لغة األصل ولغة اهلدف()5(،ابراهيم عبد الرزاق و جمال إىل آخر .ومن األمثلة على ذلك كلمة«commerce
»(ابراهيم عبد الرزاق و السيد منسي ،1995 ،صفحة )5()8اليت السيد منسي ،1995 ،صفحة 7ـ11ـ)13
هي مبثابة القاعدة األساسية اليت ينطلق منها كل مرتجم ،و تتغري ترمجتها من سياق إىل آخر؛ فهي تعين ( )1جتارة تارة،
جل علماء الرتمجة على أن هذا أمر ممكن ،وميسور إذا ( )2وتبادل فكري تارة أخرى )3( ،وتعين صالت اجتماعية(علوم يتفق ّ
ما تعلق األمر ب"اللغة األم" ،و"اللغة األجنبية األوىل" أو "اللغة اجتماعية) )4( ،وتعين أيضا اتصال جنسي׃ غري شرعي(قانون).
الثانية"( ،بالنسبة إىل البلدان املزدوجة اللغة).حيث أن املرتجم ومعرفة املرتجم وإدراكه املعاني املختلفة للمصطلح الواحد
يتعلم "اللغة األم" منذ والدته ،ويزداد تعمقه فيها خالل سنوات يف ضمن السياق والتخصص املستعمل فيه ،جينبه االلتباس،
الدراسة .أما اللغة الثانية ،فيتم تعلمها يف سن مبكر ،والثابت وجيعله يتحكم يف معاني املفردات املرتمجة الصحيحة ،وتلك
علميا أن اإلنسان يسهل عليه تعلم لغة ثانية يف سنوات التعليم املعرفة تتوافر له من خالل املمارسة املكثفة ،والقراءة العميقة
االبتدائي حيث القابلية لالستيعاب ،والتعلم أفضل منها يف لكل ما ميت بصلة جملال ختصصه فيكتسب اخلربة ،واملعرفة.
سن الرشد(اجليالني ،1996 ،صفحة . )34وبالنسبة إىل وما ال يقل أهمية عن العناصر السابقة الذكر ،هو إدراك
()1
اجلزائر-على سبيل املثال -فإن اللغة العربية هي "اللغة األم" ،املصطلحات ،فلكل ميدان ،أو اختصاص معجمه املفرداتي
والفرنسية هي "اللغة األجنبية األوىل" أو"اللغة الثانية" ،وجند اخلاص ،وميكن للمصطلح أن يكون ذا معان خمتلفة عدة،
أن املرتمجني اجلزائريني تكون ترمجتهم أدق حني ينقلون من حسب امليدان الذي ورد فيه ،وال يتسنى ذلك للمرتجم إال
"اللغة األم" إىل "اللغة الثانية" على ترمجتهم بني "اللغة األم" بالبحث ،والقراءة ،واالطالع على مستجدات جمال ختصصه،
و"اللغة األجنبية الثانية"؛ أي اللغة االجنليزية ،وأدق أيضا حتى يسهل عليه فهمها ،وإدراكها بدقة ،ومنه الرتمجة
من ترمجتهم بني اللغة الفرنسية و االجنليزية.ولذلك فإن الفعلية الصحيحة هلا ،وذلك ما يتطلب منه أيضا القيام
منظري الرتمجة يفضلون أن ينقل املرتجم بني "اللغة األم" بدور املصطلحي ،وال يكون سلبيا ،جمرد مستهلك جملهودات
و"اللغة األجنبية األوىل" يف بلده على أن يرتجم بني "اللغة اآلخرين ،منتظرا ترمجتهم املصطلحات ،بل جيدر به أن يكون
األم" و"اللغة األجنبية الثانية" ،أو بني "اللغة األجنبية األوىل" يف ظاهر الصورة ،وأول من يساهم يف ترمجة املصطلحات.
و"اللغة األجنبية الثانية".
فاملرتجم مثل املوسوعة ،فضولي يف كل اجملاالت ،وكثريا
و يشمل متكن املرتجم من اللغتني اإلملام بالقواعد اللغوية ،ما جند بنص متخصص ،فقرات خاصة بامليدان التجاري ،أو
واملصطلحات ،والتعابري ،والرتاكيب لكلتا اللغتني ،حتى يتسنى البشري ،أو الطبيعي .وهنا يطلب من املرتجم إبان ترمجته،
للمرتجم النقل الصحيح األمني لألفكار األصلية إىل اللغة أن تكون له معلومات كافية خبصوص هذه امليادين األخرى،
اهلدف ،وهو األمر الذي جيعله يستعمل التعابري الالئقة ،حتى يتمكن من ترمجة هذه الفقرات ،إضافة إىل معرفة
املوافقة ،املتماشية معها ،ثم إن الفهم الصحيح ملدلوالت متخصصة بامليدان الذي يصب فيه النص ،حتى ال ختفى عليه
املصطلحات جينب املرتجم الوقوع يف متاهات الرتمجة احلرفية صغرية ،وال كبرية حني يقوم برتمجة نص يرجع إىل هذا
اليت تبتعد عن املعنى الصحيح -يف كثري من األحيان -وال امليدان.
تؤدي الغرض املطلوب .وال حرج على املرتجم أن يلجأ إىل
استعمال املعاجم املتخصصة ،وحيدة اللغة ،أو ثنائية اللغة فالرتمجة يف حد ذاتها أمر يدعو املرتجم الختاذ الكثري
وهو أمر حمبذ مطلوب حني يعسر عليه فهم مصطلح ما ،بل من القرارات يف اختيار املصطلحات ،واألسلوب وغري ذلك،
إن جلوؤه واستعانته باملعاجم ،والقواميس املتخصصة يزيد حيث املطلوب من املرتجم املتخصص الدقة التامة يف إعطاء
84
ب .جبايلي ،ح .بلقاسمي | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 12العدد 01القسم (ج) اآلداب و الفلسفة ،ص،ص88 - 81 :
املصطلحات الواردة يف النص األصل البديل ،وال تنتهي مهمته من املصطلحات من غري اللجوء إىل املعاجم ،أو االعتماد على
يف ترمجة املصطلحات فقط بل عليه أن يويف باملعنى ،ولذلك الوسائط اليت من شأنها أن تقرب الفهم.
يفرتض أن يكون ملما مبجال التخصص الذي يصب فيه ويف األخري يهم املرتجم بإعادة التعبري ،بادئا برتمجة أولية،
النص ،ومبواضيعه ،ولغته وأسلوبه ،فيبدأ بفهم النص متاما مستعينا بفكره التحليلي ،متبعا منهج املنطق ،ثم يقوم بإعادة
وإدراكه قبل الشروع يف ترمجته حيث أننا نفهم لنرتجم وال قراءة النص األصل ثم اهلدف ،للقيام بنوع من املقارنة من
حيث املفهوم واألسلوب والشكل ،ليضبط ترمجته ،حماوال خلق نرتجم لنفهم.
ويذهب املرتجم املتخصص إىل مجع أكرب قدر ممكن من نفس أسلوب الكاتب للحصول على نفس التأثري ،وهي الفرصة
املعلومات حول املوضوع املعاجل يف النص األصل ،هذا ما ميكنه من أيضا لتصحيح األخطاء اليت وردت عن الرتمجة األولية ،وبهذا
االختيار احلسن لأللفاظ ،واملصطلحات ،والتعابري والرتاكيب حيصل على ترمجة نهائية دقيقة صائبة.
عند مرحلة إعادة الرتكيب ،وما يسهل عليه أيضا فهم حمتوى 1. 5يف فهم النص
النص وإدراكه ،وهذا هو مفتاح الرتمجة املتخصصة الناجحة.
من بني مهارات املرتجم اليت حيتاجها يف هذه املرحلة هو
اإلملام باملعارف اللسانية وآليات تطبيقها ،باإلضافة إىل ذلك، 3.4.املهارة النصية(التعرف على أنواع النص)
تكفل هذه املهارة احرتام املرتجم أسلوب الكاتب ،فيتبنى فإن األمر يستدعي من املرتجم أن ميتلك رصيد معريف غزير
األسلوب نفسه عند صياغته النص اهلدف ،ولذلك يفرتض أن يربطه بصلب ختصصه ،وهذا يف -اعتقادنا -ال يتحقق إال
يكون املرتجم متحكما يف قواعد اللغة وأساليب البالغة والبيان ،باملمارسة املستمرة ،والتوثيق الدائم ،حيث إن البحث التوثيقي
حتى يسهل عليه اإلحاطة وإدراك األساليب اليت يستعملها هو العامل األساس من أجل إدراك النص.
الكاتب ،وحتى يفهم ما يرمي إليه ،ويتقيد بالصور البالغية فلهذا جيب أن يتساءل املرتجم دائما عن معنى هذه اجلملة أو
نفسها يف ترمجته إىل أقصى حد ممكن حبيث ميكن القارئ أن تلك الفقرة ،فال جيدر به أن مير مرور الكرام حني يعسر الفهم
مييز أسلوب الكاتب األصلي .وقد ذكرنا –سابقا -أن الرتمجة عليه ،ولعل الطريقة اليت تبسط له األمور هي البحث التوثيقي
املتخصصة تستهدف النصوص التقنية اليت ال ختلو هي أيضا الذي ينجزه من أجل إيضاح األمور حتى ينجح يف عمله.
من الصور البيانية ،والبالغية ،واألساليب اللغوية اليت جيب
ويتمثل عمل املرتجم يف إعادة تركيب النص بعد تفكيكه ،وإذا أخذها بعني االعتبار يف عملية الرتمجة.
وضعنا يف احلسبان أن اللغة االجنليزية -مثال -لغة اختصار
فهي تعين تقصري اجلمل ،واملالحظ أن نفس الفاعل -مثال- 4.4املعرفة التقابلية( تقنيات الرتمجة)
على املرتجم أن يتسلح بأساليب و تقنيات الرتمجة حتى يتكرر يف الفقرة ذاتها ،فيقوم املرتجم يف هذا الباب بإعادة
يتحرى الوفاء يف ترمجته للنص األصل ،ألنه كثريا ما يتهم تركيب النص ،وجيعل هذه اجلمل القصرية ذات نفس الفاعل،
باخليانة حني ال يؤدي يف ترمجته املعنى املطلوب ،وهذا األمر مجلة واحدة ،وبهذا تكون الفقرة أوضح ويتم التخلص من
هم برتمجة مجل طويلة ليس خاصا بالرتمجة األدبية وحدها ،بل هو مطلوب أيضا يف ظاهرة التكرار ،وقد يكون العكس إذا َّ
جمال الرتمجة املتخصصة ،ذلك أن عدم وفاء الرتمجة للنص معقدة ،ميكن أن يقسمها عند ترمجتها إىل مجلتني مثال ،وهذا
األصل ال يغتفر وال يسمح به ،ألن األمر يتعلق برتمجة قرارات من أجل تبسيط الفهم إذا لزم األمر.
وابتكارات قد يرتكز عليها مصري شركات ،أو حتى اقتصاد بلدان وعليه؛ فاملرتجم مطالب ببذل قصارى جهده ،واالستعانة بكل
حباهلا إذا ما أخذنا الرتمجة املالية مثاال لتجسيد فكرتنا.وعليه ،الوسائل املوجودة حتت يده من أجل فهم النص ،حتى يتمكن
فإن عنصر األمانة يصبح عامال بالغ األهمية ،و خمالفته ينجر من ترمجته ترمجة حسنة ،وال يلجأ إىل الرتقنة ،فيعطي كل
عنه نتائج سلبية ثقيلة ،فيكون املرتجم واضحا يف كالمه ،كلمة يف النص األصلي مقابلها يف اللغة اهلدف ،وهذا أكرب
متفاديا لكل أنواع االلتباس ،متسلسال يف أفكاره ومجله ،حتى ال دليل على أن املرتجم مل يفهم النص األصلي ،وحياول فهمه عن
طريق الرتمجة ،الشيء الذي يعترب خطأ ،حيث إن عملية فهم يرتك أي جمال للفهم اخلاطئ أو لتأويل القارئ.
النص هي أمر سابق للرتمجة ،ال الحقا هلا. .5أطوار الرتمجة املتخصصة
وال بد من اإلشارة إىل استحالة ترمجة مفردات النص مبعزل تشمل عملية الرتمجة مرحلتني أساسيتني هما مرحلة فهم
عن السياق الذي وردت فيه ،وإذا قام املرتجم بذلك ،فإن نصه النص املصدر ،ثم إعادة صياغة املعنى احملصل يف اللغة اهلدف.
يولد مشوها بعيدا من املضمون الذي كتب ألجله أول مرة تتطلب كل مرحلة استحضار مهارات معينة ومما ال شك فيه
بلغته األصلية ،ألن الرتمجة تقتضي االهتمام باملفردة داخل أن القراءة عامل مفيد جدا ،إذ أن القراءات املتعددة تزيح اإلبهام
السياق الذي كتبت ألجله ،كما أنه خيضع العملية إىل مبدأ يف كثري من األحيان .فعند القراءة األوىل ،ميكننا أن نفهم
املنطق ،ويأتي تنسيق كل ذلك باألسلوب املناسب لطبيعة حمتوى النص ،ما احتواه من مصطلحات ،لكن عند القراءة
النص املرتجم. التحليلية الثانية والثالثة ،نرى أنه يتيسر لنا فهم الكثري
85
ب .جبايلي ،ح .بلقاسمي | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 12العدد 01القسم (ج) اآلداب و الفلسفة ،ص،ص88 - 81 :
ويهدف –ما سبق ذكره -إىل الكشف عن الصعوبات واملعوقات اجملدية اليت حتت يده.
الواردة يف ثنايا النص ،ولن يتسنى للمرتجم عمل ذلك إال ويكون األمر جليا عند مقارنة ترمجتني لنص واحد ،ملرتمجني
بالفهم الصحيح والتحليل الدقيق ،واإلحاطة بكل املعلومات ،خمتلفني ،فنجد أن إحداهما أحسن من األخرى ،والفرق يعود
واملعطيات الواردة يف النص ،ومن ثم ميكنه التغلب على هذه هنا إىل عامل "اإلبداع" ،الذي ختتلف درجته من مرتجم إىل
آخر. الصعاب.
و من الضروري أن يكون املرتجم يف املستوى املطلوب ،وذلك وينعكس هذا حتما على الشكل ،واملضمون اللذين يعتربان
بالقيام بعمله على أمت وجه ،حمرتما اخلطوات الالزم إتباعها متكاملني حسب "فيكتور هيجو" الذي يقول ׃ "ليس الشكل إال
قبل الوصول إىل النتيجة النهائية ،مع إعطاء كل مرحلة باملضمون الذي يصعد إىل سطح املاء").)6((Delisle, 1997, p. 152
االهتمام الالزم
وعليه ،فتقنية النص املتخصص لن ختلو من حاجتها إىل إبداع
املرتجم أثناء الرتمجة ،والذي يكمن إذا يف اختيار املقابل احلسن 2.5يف إعادة التعبري
تتمثل مهارة املرتجم يف هذه املرحلة يف إبقائه على األثر الصائب الذي تكون له قوة التأثري نفسها يف القارئ ،مثل تلك
نفسه يف املتلقي دون االهتمام بعدد كلمات النص ومفرداته ،اليت جندها يف النص األصل ،األمر الذي يتطلب من املرتجم
باإلضافة إىل حتري الدقة ،واملوضوعية يف هذه املرحلة ،املتخصص إدراكا تاما للغة األصل ،وتفكريا منطقيا سليما،
والتقيد بالنص األصلي دون إضفاء الذاتية عليه حتى يكون حتى ال يبتعد عن معنى النص احلقيقي ،ومنه عن هدفه.
النتاج نصا موازيا للنص املقصود .وعليه ،فإن املرتجم يتقيد ولرمبا تتضح أهمية إبداع املرتجم يف ترمجة هذا النوع من ُ
مببدأ إظهار ما أظهره النص األصلي وإخفاء ما تعمد إخفاءه ،النصوص ،عندما يتعذر عليه القيام برتمجة مباشرة ،أي إعطاء
مقابالت مفرداتية وتركيبية ،فيلجأ إىل إبداعه الشخصي، وجناح هذه العملية مرهون بعملية الفهم.
وذلك خبلق عبارات حتمل املعنى األصلي نفسه ،ختدم املعنى ويُسهم الفهم يف جتليات املعاني وإيضاحها ،حتى ِّ
يركب
يف اللغة اهلدف ،كما هو احلال بالنسبة إىل النص املالي مثال املرتجم نصه اجلديد بالصياغة اليت يراها مناسبة ،وختتلف
الذي حيمل العديد من االستعارات وضروب اجلناس (التالعب هذه الصياغة باختالف األشخاص ،شأنها شأن األسلوب،إلاّ أن
باأللفاظ). الشرط الذي جيب احرتامه هو عدم االبتعاد عن رؤية كاتب
التأثري األصلي وختتلف درجة اإلبداع من مرتجم إىل آخر ومن نص إىل آخر، النص األصل حتى حيافظ املرتجم على وقع
ويف بعض األحيان من فقرة إىل أخرى يف النص الواحد ،إذ لدى املتلقي). (Hardin & Picot, 1696, p. 12
()8
ولعل صياغة النص ،أو إعادة تركيبه بأسلوب آخر لن تظهر هناك فقرات تستدعي إبداعا أكثر من أخرى ،فرتمجة مقال ّ
نتائجه ما مل يبدأ املرتجم صياغته بأسلوب موحد من بداية صحفي مالي –على سبيل املثال -حتتاج إىل إبداع املرتجم حني
النص إىل نهايته ،فالرتمجة الناجحة هي اليت جتعل متلقي يقوم الكاتب بوصف حال السوق الدولي مثال ،فنجد الكثري من
النص املرتجم حيس كأنه بصدد قراءة نص أصلي حبيث الكنايات ،والتشبيهات ،واجلناس ،وقد يستغين النص نفسه يف
إذا انتقل عرب مفرداته ،ومجله ،وفقراته من خالل القراءة ال مرحلة ثانية عن هذه املهارة حني يقوم برصد إحصائيات السوق
تعرتضه أخطاء وال يشق عليه الفهم ،وعند انتهائه من قراءة اليت ال تتطلب ترمجتها أي نوع من اإلبداع ،وهنا يربز لنا بروزا
النص ،فإنه خيرج باالنطباع نفسه ،والتأثري ذاته كأنه قرأ واضحا ،اختالف درجة اإلبداع لدى املرتجم نفسه ،ويف ترمجة
النص الواحد ،وتتجلى لنا الكيفية اليت يتحدى بها املرتجم النص بلغة املصدر.
وهنا تكمن أهمية عملية إعادة التعبري ،فالنص هو أوال وأخريا الصعوبات اليت تعرتضه يف عمله ،اعرتاضا فائقا ،وذلك باستعمال
موجه إىل اآلخر ،ذلك ما يستدعي االهتمام بالقارئ ،ومنه طرق تعبريية خاصة باللغة اهلدف).)7((Hallal, 1982, p. 229
بات على املرتجم االهتمام بإثارته ،وإشباع فضوله ،وخماطبة كلما كان النص املتخصص قريبا من اإلحصائيات واألرقام،
مستواه الثقايف ،واالجتماعي ،ومراعاة الفوارق العلمية بني قلت درجة اإلبداع يف النص ،وكلما اقرتب النص من املقال
طبقات اجملتمع املختلفة ،فالقارئ عامل من العوامل املهمة الصحفي ،أو التعليق على حوصالت ألعمال سنوية مثال ،زادت
درجة اإلبداع فيه ،وهنا نالحظ أن النص املتخصص ،وعلى جدا يف جناح عملية الرتمجة ،أو فشلها.
الرغم من تقنيته إال أنه حيتاج إىل إبداع املرتجم أثناء ترمجته، .6حدود اإلبداع يف الرتمجة املتخصصة
و يرجع ذلك إىل األسلوب اخلاص املستعمل.
إن عنصر اإلبداع ليس حكرا على الرتمجة األدبية ،فهو عامل
مهم يف جمال الرتمجة املتخصصة أيضا .وعلى الرغم من على املرتجم إذن أن يكون بارعا يف اللغتني ،املصدر واهلدف،
كون املرتجم مقيد بالنص األصل ،إال أن هذا ال مينعه من مدركا هلما متام اإلدراك .و بصيغة أخرى ،جيب أن يكون
اإلبداع الذي يكمن يف خلق نفس تأثري النص األصل يف القارئ ،ثنائي اللغة ،حتى يتسنى له التنقل من اللغة األوىل إىل اللغة
وبالقوة نفسها ،فما عليه إال استعمال املوارد اللغوية املفيدة الثانية والعكس بسهولة ومرونة ،وإدراك خفايا النص األصل
86
ب .جبايلي ،ح .بلقاسمي | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 12العدد 01القسم (ج) اآلداب و الفلسفة ،ص،ص88 - 81 :
أي املعنى الباطين ،والضمين ،ومنه الفهم الصحيح حتى يتمكن النص الطيب ال يرتمجه إال من كان خبريا يف امليدان الطيب ،إذ
من القيام برتمجة دقيقة ،صحيحة ،مما يتطلب أيضا معرفة يعترب أجدر من غريه يف فهم املصطلحات ،وإدراكها.
منط النص و موضوعه معرفة حبتة .وعالوة على هذه العوامل غري أن هذين العاملني األخريين ليسا الشرطني الوحيدين من
السابقة الذكر ،نشري إىل أهمية توافر عامل "الذكاء" يف أجل جناح الرتمجة املتخصصة ،فرمبا يتسنى للخبري مبيدان
املرتجم فالعقل يأتي إليضاح اإلبهام يف النص األصل ،ويساعد املالية فهم النص وإدراكه بسهولة مقارنة باملرتجم ،إال أنه
التكيف مع طبيعة النص املرتجم(أوتريان ،2004 ،لن يقدم لنا نصا مفهوما يف آخر املطاف ،ذلك ،ألنه سيلجأ املرتجم على
إىل الرتمجة احلرفية دون إملامه بلغة اهلدف ،وال بتقنيات صفحة . )137
()3
وال بأس من التذكري بأن هناك فكرة شائعة يؤيدها بعضهم .8تكوين املرتجم املتخصص
يدعو البعض إىل ضرورة ختصص املرتجم يف امليدان (أو وخيالفها آخرون ،وتتلخص يف كون املرتجم املتخصص الناجح
التخصص) الذي يرتجم فيه ،فهم يرون أن النص املالي مثال هو ذلك التقين الذي يتبنى الرتمجة بعد أن كان اختصاصيا
ال يرتمجه إال املتخصص يف الدراسات االقتصادية املالية ،وأن مبيدان تقين معني(Redouane, La traductologie, science
87
ب .جبايلي ،ح .بلقاسمي | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 12العدد 01القسم (ج) اآلداب و الفلسفة ،ص،ص88 - 81 :