Professional Documents
Culture Documents
يوليو-سبتمرب 2018
ال ّذكاء
االصطناعي
وعود وتهديدات
ملخص التقرير العاملي لرصد وسائل اإلعالم يف م واجهة اإلرهاب: منع التط ّرف العنيف من خالل اشرتكوا يف النسخة الورقية
التعليم 2017/18 دليل للصحفيني التعليم :دليل لصانعي السياسات
املساءلة يف مجال التعليم: ISBN 978-92-3-600065-7
• سنتان ( 8أعداد) 54 :يورو • سنة واحدة ( 4أعداد) 27 :يور و
ISBN 978-92-3-600068-8
الوفاء بتعهّ داتنا 75صفحة 24 x 17 ،صمُ ،م ّ
سف ر
110صفحات 21 x 14،8 ،صم، ملزيد التفاصيلhttp://publishing.unesco.org : وحيث أن هذه النرشية ليس لها غاية ربحية ،فإن
ISBN 978-92-3-600069-5 ُم ّ
سف رPDF ، ُم ّ
توف ر عىل املوقع سعرها يُغ ّ
448صفحة 28 x 21،5 ،سمُ ،م ّ DL Services – C/O Michot Entrepôts طي فقط تكاليف طبعها وإرسالها.
سف ر، ُم ّ
توف ر عىل املوقع http://unesdoc.unesco.org
45يورو http://unesdoc.unesco.org Chaussée de Mons 77,
تعرض هذه النرشية توجيهات عمل يّة عىل عرض تفضييل لالشرتاكات ا ُملج ّمعة %10 :تخفيض
هذا الدليل ا ُمل وجّ ه للصحفيني وللمحرتفني أصحاب مهنة التعليم (أصحاب الق رار B 1600 Sint Pieters Leeuw, Belgique
يواصل التقرير الثاني من سلسلة التقارير يف وسائل اإلعالم يهدف إىل توفري املعلومات السيايس ،املد ّرسني والجهات الفاعلة يف Tél.: (+ 32) 477 455 329 E-mail: jean.de.lannoy@dl-servi.com بداية من خمسة اشرتاكات.
العاملية لرصد التعليم تقييم التقدم املحرز األساس يّة والتشجيع عىل التفكري يف معالجة مجال الرتبية) ملواجهة املشاكل الخصوص يّة
يف تحقيق هدف التنمية املستدامة الخاص اإلرهاب يف وسائل اإلعالم وبواسطتها. التي يطرحها التط ّرف العنيف.
بالتعليم (هدف التنمية املستدامة )4
واستنادا إىل نصائح خرباء ومؤسسات ّ
خاص ة إىل مساعدة ويهدف الدليل بصفة
وغاياته العرش.
مشهورة ،واالستشهاد بالعديد من األمثلة، ا ُمل ك ّل فني وا ُمل ك ّل فات بوضع السياسات صلب © UNESCO 2018 املح ّررون: - 2018عدد - 3تصدر منذ 1948
ويبحث التقرير قضية املسؤولية يف مجال يستكشف هذا الدليل التحديات املهنية وزارات الرتبية عىل ضبط األولويّات ،وعىل ISSN 2220-3540 • eISSN 2220-3559 اإلنجليزية :رشاز سيدهفا
التعليم ،محل الً ُ
الس بل التي تتيح لجميع تصدر رسالة اليونسكو فصليا ،عن منظمة األمم املتحدة
واملعضالت األخالقية عند القيام بتغطية برمجة وتطبيق إج راءات وقائية ناجعة
العربية :أنيسة الربّاق
للرتبية والعلم والثقافة .هدفها التعريف باملثل العليا للمنظمة
الجهات الفاعلة املعنية تعزيز الفعالية األحداث اإلرهابية ،كما يطرح التساؤالت يف مجال التعليم ،كمساهمة يف األنشطة الصينية :سون مني ودار الصني للرتجمة والنرش
من خالل نرش تبادل األفكار حول مواضيع ذات بُعد دويل
مجلة فصلية ح ّرة اإلقتناء ،برتخيص من اإلسبانية :بياتريز خواز ومتعلقة باملهام املوكولة إليها.
والكفاءة واإلنصاف يف توفري التعليم. األساسية حول تأثري تلك املعالجة عىل الوطنية للوقاية من التط ّرف العنيف. )Attribution-ShareAlike 3.0 IGO (CC-BY-SA 3.0 IGO الفرنسية :ريجيس مريان
التماسك االجتماعي وعىل انتشار الخوف )(http://creativecommons.org/licenses/by-sa/3.0/igo/ السخي الذي ّ
توفره ّ تصدر رسالة اليونسكو بفضل الدعم
الروسية :مارينا يرتسيفا
يعرتف مستعميل محتويات املجلة بقبولهم رشوط اإلستعمال جمهورية ِّ
الصني الشعبية.
يف املجتمع. املنصوص عليها يف نظام التوثيق املفتوح لليونسكو الرتجمة :منري الرشيف ،خالد أبو حجلة ،نبيل السّ خاوي ،النغسباير
http://ar.unesco.org/open-access/ التصميم :كورين هايوارث املدير :فانسان دي فورني
صورة الغالف © : :فرانشسكو رواغ مديرة التحرير :ياسمينا شوبوفا
يطبق هذا الرتخيص حرصيّا عىل استعمال النصوص .بالنسبة الطباعة :اليونسكو
الستعمال الصور ،من الرضوري توجيه طلب إىل اليونسكو مدير اإلنتاج والرتويج :إيان دنيسون
للحصول عىل ترخيص مسبق. النرشات املشرتكة: أمينة التحرير :كاترينا مركيلوفا
إن التسميات وطريقة تصميم املعطيات الواردة يف هذه النرشية الربتغالية :آنا لوشيا غيمارايس محررة :شان سياورونغ
تعب عن أي موقف ملنظمة اليونسكو حول الوضع القانوني ال ّ اسبريانتو :تريزورو هوانغ ينباو مح ّررة النسخة اإللكرتونية :ماالهات إبراهيموفا
للدول ،ولألرايض ،وللمدن أو املناطق ،أو حول الهيئات الحاكمة، الرسدينية :دياغو كرايني إخراج الصور :دانيكا بيجلجاك
أو الحدود املرسومة. اإلرشادات وحقوق إعادة النرش: اإلنتاج الرقمي :دنيس بتزاليس
تعب املقاالت الواردة يف هذه النرشية عن أفكار وآراء مؤ ّلفيها،
ّ courier@unesco.org العالقات مع وسائل اإلعالم :اليتيسيا كايس
وهي ليست بالرضورة آراء منظمة اليونسكو وال تلزمها بأي 7, place de Fontenoy, 75352 Paris 07 SP, France مساعدة اإلدارة والتحرير :كارولينا روالن أورتيغا
شكل من األشكال. © UNESCO 2018
أخالقيّات من أجل
للبحث يف الذكاء االصطناعي
عىل الصعيد العاملي
ال يخول له ربط صلة اجتماعية حقيقية خارج لقد أحدث الذكاء االصطناعي الثورة الصناعية شهد الذكاء االصطناعي يف السنوات األخرية
اإلطار الذي وضع لتحديد نطاق تفاعالته. الرابعة ،بل أكثر من ذلك ،ألنه بصدد إحداث ثورة تقدّما مُذهال أفرز اخرتاعات لم نكن نخالها
ثقافية .وإن كنا ال ننكر أنه سوف يغري مستقبلنا، ممكنة .أصبحت الحواسيب والروبوتات قادرة
ورغم ذلك ،أصبحت بعض تطبيقات الذكاء
ال نعرف كيف سيحدث ذلك .وهذا ما يجعله عىل تع ّلم كيفية تحسني أدائها وحتى عىل اتّخاذ
االصطناعي مح ّل شك :منها تجميع معطيات
مغريا ومُخيفا يف نفس الوقت. القرارات – ويت ّم ذلك طبعا بواسطة خوارزمي
فيها انتهاك للحياة الخاصة ،وخوارزميّات
وبدون ضمري فردي .لكن ذلك ال يُثنينا عن طرح
للتع ّرف عىل الوجه يُفرتض استعمالها لتحديد بعد أن حققت الرسالة يف هذا املوضوع ،تُقدّم
بعض التساؤالت .هل يُمكن آللة أن تُف ّكر؟ ما
سلوك عدواني أو فيه تحيز عنرصي ،وطائرات للقارئ ما يجب االحتفاظ به بخصوص هذا
هي قدرات الذكاء االصطناعي يف املرحلة الحاليّة
حربية دون طيّار وأسلحة فتّاكة مُستق ّلة ...يُثري املوضوع الجديد يف مجال البحث العلمي،
من تطوّره؟ ما هو مدى استقالليّته؟ وماذا عن
الذكاء االصطناعي العديد من املشاكل األخالقية، الذي يقع عىل الحدود بني اإلعالمية والهندسة
التحكم البرشي يف كل ذلك؟
وال شك أن خطورتها سوف تتفاقم يف املستقبل. والفلسفة .وتقوم يف األثناء بتصحيح بعض
األمور .فال ّذكاء االصطناعي يف وضعه الحايل،
وبينما يتقدّم البحث العلمي برسعة فائقة يف
ونقول ذلك بكل وضوح ،ليس قادرا عىل التفكري.
ما يتع ّلق بالجوانب التقنية للذكاء االصطناعي، عمل رقمي للفنانة إفجانيجا دمنيافسكا يمثل
وما زلنا بعيدين كل البعد عن امكانية تحميل
نجده مُتعثّرا عندما يتع ّلق األمر بجوانبه اإلله الروماني جانوس الذي يحمل وجهني:
كافة مُكوّنات الكائن البرشي يف حاسوب! إن
األخالقية .صحيح أن العديد من الباحثني يعربون وجه ينظر إىل املايض واآلخر إىل املستقبل.
الروبوت يخضع لجملة من األعمال الرتيبة التي
عن قلقهم ،وأن بعض الدول رشعت يف التفكري وهو يتحكم يف كل انتقال من وضع إىل آخر.
تسمح له بالتفاعل معنا معرش البرش ،لكن ذلك
الجدّي حول هذه املسألة ،لكنه ال يوجد لح ّد اليوم
أي إطار قانوني لتوجيه البحث مستقبال عىل
الصعيد العاملي .وترصح أودري أزوالي ،املديرة
العامة لليونسكو ،يف هذا العدد من الرسالة:
«من مسؤوليتنا إدارة حوار كوني ومستنري حتى
نقتحم هذا العرص الجديد بأعني مفتوحة،
دون أن نُضحّ ي بقِ يمنا ،وحتى نتيح
التوصل إىل أرضية مشرتكةّ إمكانية
من املبادئ األخالقية».
(انظر ص 36 .اىل .)39
لكي يتطوّر الذكاء االصطناعي بشكل
مسؤول ،من الرضوري وضع آلية
دولية تضبط معايريه :وهي مهمّ ة
اضطلعت بها اليونسكو ،ويسعى
هذا العدد من الرسالة إىل مساندتها
باقرتاح بعض سبل التفكري فيها.
المحتويات
زاوية كربى
الذكاء االصطناعي: 7
بني األسطورة والواقع
جان غابريال غاناسيا
اليد التي تُبرص 10
شان سياورونغ
روبوتات وبرش 11
فانيسا إيفرس
جيوسيبي يفتح عهدا جديدا للطبخ 14
بياتريز خواز
ميغال بن الصايغ :الدماغ ال يُف ّكر! 15
أجرى املقابلة ريجيس مريان
يوشوا بنجيو: 18
التصدي الحتكار البحث
أجرت املقابلة ياسمينا شوبوفا
مصطفى سييس :من أجل استخدام 20
ديمقراطي للذكاء االصطناعي يف
أفريقيا
أجرت املقابلة كاترينا ماركيلوفا
25
تهديدات الروبوتات القاتلة
فاسييل سيتشاف
َ
وليس عىل حسابنا يف خدمتنا، 29
تي وي آنغ ودفنا فينهولز
59-56
الصح
ضيفنا
مالك بن إسماعيل :تصوير الواقع
66-60
أجرت املقابلة ياسمينا شوبوفا
األحداث
أرخبيل كولومبوس: 61
السكان يتجندون
مصالحة بني اإلنسان والطبيعة 62
لوك جاكي
طائرة بدون طيّار 64
خاص بالذكرى 70 تكشف عن أرسار تيواناكو
لوسيا اغليزياس كونتز
الصحيفة الوحيدة التي
كان يقرأها نيلسون مانديال
يف جزيرة روبن 70-67
أنار ّ
كسام
وعود وتهديدات
زاوية كبرى
الذكاء االصطناعي:
بين األسطورة
والواقع بقلم جان غابريال غاناسيا
ومن وجهة نظر جون مكارثي ومارفن هذه الفكرة التي تحيل إىل األساطري والخرافات هل يمكن لآللة أن تصبح أذكى من
مينسكي ،كما هو الحال بالنسبة للقائمني القديمة ،مثل أسطورة غوليم ،أُعيد إحياؤها اإلنسان؟ يرد جان غابريال غاناسيا:
اآلخرين عىل املدرسة الصيفية بكلية دارتموث، مؤخ ًرا من قبل شخصيات معارصة مثل
كان الذكاء اإلصطناعي يهدف يف البداية إىل الفيزيائي الربيطاني ستيفن هوكنغ ال ،هذه أسطورة مستوحاة من الخيال
محاكاة كل واحدة من مختلف قدرات الذكاء، ( )2018-1942أو رجل األعمال األمريكي العلمي .ويستعرض املراحل الرئيسية
بواسطة اآلالت ،سواء كان ذكاء برشيا أو إلون ماسك ،و من قبل املفكر املستقبيل
للبحوث يف هذا املجال ،والرباعات
حيوانيا أو نباتيا أو اجتماعيا أو تصنيفا األمريكي راي كورزويل أو أنصار ما يسمى
تفرعيا حيويا. اليوم «الذكاء اإلصطناعي القوي» أو «الذكاء التقنية الحالية واملسائل األخالقية التي
اإلصطناعي العام» .هذا ولن نستعمل يف هذا تقتيض حلوال بصفة ملحّ ة.
وقد استند هذا النظام العلمي أساسا إىل
املقال املعنى الثاني ألنه يشهد فقط عىل خيال
افرتاض أن جميع الوظائف املعرفية ،وال
مفعم ،يستلهم من الخيال العلمي أكثر من
سيما التع ّلم ،واالستدالل ،والحساب ،واإلدراك، الذكاء اإلصطناعي هو نظام علمي بدأ رسميا
الواقع العلمي امللموس الذي أثبتته االختبارات يف عام 1956يف كلية دارتموث يف هانوفر
والحفظ يف الذاكرة ،وحتى اإلكتشاف العلمي
واملالحظات التجريبية. بالواليات املتحدة األمريكية ،خالل انعقاد
أو اإلبداع الفني ،قابلة لوصف دقيق لدرجة
أنه يمكن برمجة جهاز كمبيوتر الستِنساخها. مدرسة صيفية نظمها أربعة باحثني أمريكيني:
ومنذ وجود الذكاء االصطناعي ،أي منذ أكثر جون مكارثي ،مارفن مينسكي ،ناثانييل
من ستني سنة ،ليس هناك ما يفند أو يثبت روتشسرت وكلود شانون .ومنذ ذلك الحني،
بشكل قاطع هذه الفرضية التي ال تزال نجح مصطلح «الذكاء االصطناعي» -الذي
مفتوحة وخصبة يف آن واحد. من املحتمل أن يكون قد اخرتع يف البداية
إلثارة انتباه الجمهور -بما أنه أصبح شائعا
سجل تاريخي متباين لدرجة أن ال أحد يجهله اليوم ،وأن هذا الفرع
من املعلوماتية أخذ يف االنتشار أكثر فأكثر مع
شهد الذكاء اإلصطناعي العديد من التطورات هذا الطفل الروبوت ،الذي أُطلق عليه اسم يس مرور الوقت ،وبما أن التقنيات التي انبثقت
خالل فرتة وجوده القصرية .ويمكن تلخيصها .بي ،2من صنع مينورو أسادا (اليابان) كي عنه ساهمت بقدر كبري يف تغيري العالم عىل
يف ست مراحل. نفهم عملية تع ّلم اآلالت .ويظهر يس.بي 2 مدى الستني سنة املاضية.
وهو يتع ّلم الزحف.
ّإل أن نجاح مصطلح «الذكاء االصطناعي»
يرتكز يف بعض األحيان عىل سوء فهم عندما
يشري إىل كيان اصطناعي موهوب بالذكاء،
ومن ثم ،قادر عىل منافسة الكائنات البرشية.
© Max Aguilera-Hellweg / INSTITUTE
من الذكاء االصطناعي إىل الواجهة الذكاء االصطناعي الداليل زمن األنبياء
بني اإلنسان واآللة
ورغم ذلك لم تتوقف البحوث ،لكنها أخذت يف بادئ األمر ،مع نشوة اإلبتكار والنجاحات
اعتبارا من أواخر التسعينات ،ت ّم ربط الذكاء اتجاهات جديدة .وانصب االهتمام عىل علم األوىل ،انج ّر الباحثون يف ترصيحات مبالغ
االصطناعي بال ُروبوتات وبالوَاجهة بني النفس املتعلق بالذاكرة وعىل آليات الفهم فيها نوعا ما ،استُهدفوا عىل إثرها بانتقادات
اإلنسان واآللة ،إلنتاج حواسيب ذكية توحي ملحَ اولة محاكاتها عىل الكمبيوتر ،كما تم كثرية .وعىل سبيل املثال ،يف عام ،1958رصّ ح
بوجود أوضاع عاطفية ومشاعر .مما أدّى ،عىل االهتمام بدور املعرفة يف التفكري املنطقي. األمريكي هريبرت سايمون ،الذي حاز يف وقت
سبيل املثال ال الحرص ،إىل إحصاء العواطف وهذا ما أدى إىل ظهور تقنيات التمثيل الداليل الحق عىل جائزة نوبل لالقتصاد ،أنه يف غضون
(الحوسبة العاطفية) الذي يقيّم ردود فعل للمعارف التي تطورت إىل حد كبري يف منتصف عرش سنوات ستصبح اآللة بطلة عاملية يف لعبة
الفرد الناتجة عن مشاعره ليعيد إنتاجها عىل السبعينات ،والتي أدت ً
أيضا إىل تطوير ما الشطرنج ،إذا لم يت ّم استبعادها من املسابقات
اآللة ،وال سيما إىل تطوير روبوتات قادرة عىل يسمى بالنظم الخبرية -سمّ يت كذلك ألنها الدولية.
املحادثة. قد تتطلب استخدام معرفة خرباء مهنيني
السنوات املظلمة
الستنساخ طريقة تفكريهم .وقد أثارت هذه
نهضة الذكاء االصطناعي
آمال كبرية يف أوائل الثمانينات بفضلالنظم ً بحلول منتصف الستينيات ،تعثرت وترية
منذ عام ،2010بفضل قوة اآللة ،أصبح من التطبيقات املتعددة التي تم انتاجها ،ومنها عىل التقدم .وتمكن طفل يف العارشة من العمر من
املمكن استغالل البيانات الضخمة بواسطة سبيل املثال ،التشخيص الطبي. التغ ّلب عىل جهاز كمبيوتر يف لعبة الشطرنج
تقنيات التع ّلم العميق التي تعتمد عىل عام .1965وأشار تقرير أصدره مجلس
االتصاليّة الجديدة وتع ّلم اآللة
استخدام الشبكات العصبية الشكلية .ويجرنا الشيوخ األمريكي سنة 1966إىل القيود
ظهور تطبيقات مثمرة يف العديد من املجاالت لقد أدّى تحسني التقنيات إىل تصميم املتأصلة يف الرتجمة اآللية .فتع ّرض الذكاء
(التعرف عىل الكالم ،التعرف عىل الصور ،فهم خوارزميات تع ّلم اآللة التي م ّكنت أجهزة اإلصطناعي لدعاية سلبية ملدة عرش سنوات.
اللغة الطبيعية ،سيارة ذاتية القيادة ،إلخ) إىل الكمبيوتر من تجميع املعارف وإعادة برمجتها
الحديث عن نهضة الذكاء االصطناعي. تلقائيا انطالقا من تجاربها الخاصة.
وقد أفىض ذلك إىل ظهور تطبيقات صناعية أول آلة حساب رقمية الكرتونية قابلة
(تحديد بصمات األصابع ،والتعرف عىل الكالم، للربمجة استعملت ألول مرة سنة .1946كان
إلخ) ،حيث تتواجد تقنيات مستمدة من الذكاء يبلغ حجمها 30مرت مكعب وتزن 30طنّا.
االصطناعي ،واإلعالمية ،والحياة االصطناعية، ت ّم تصميمها يف جامعة بنسيلفانيا (الواليات
وغريها من االختصاصات ،بغرض توفري ّ
الخاصة بقذائف املتحدة) للقيام بالحسابات
نظم هجينة. الجيش األمريكي ،ثم استخدمت يف مجايل
الفيزياء النووية والرصد الجوي.
روبوتات
وبشر
حِ يَل
من حيث الهندسة ،ما زلنا بعيدين كل
البعد عن مثل هذه التطورات .إذ يستوجب
طي عقبات كثرية وعسرية .أوىل ذلك تخ ّ
هذه العقبات تتع ّلق برضورة ربط معظم
الروبوتات والحواسيب بمصادر الطاقة :وهو
ما ي ّ
ُعقد إدماج عنارص روبوتيّة يف النسيج
العضوي البرشي .أما املعضلة الثانية فتتمثّل
يف تشعّ ب التواصل البرشي .وإذا كان من
املمكن تصوّر روبوت قادر عىل الحديث بلغة
© Pascal Meunier / Cosmos
ّ
خاصة، طبيعية يف لحظة محدودة ويف وضعيّة
فذلك ال يعني أنه سوف يصبح قادرا عىل
التواصل بالكالم وبغري الكالم طيلة املحادثات
ويف مختلف الوضعيّات.
إذا هاتفت وكيال اصطناعيّا مسؤوال عن األمتعة
املفقودة يف املطار مثال ،فمن املمكن التحاور
معه بصفة مُرضية :ألن موضوع املكاملة
مضبوط ،والتفاعل مُهيكل وأهداف الطلب
وعند تسجيل مشهد من مشاهد الرشيط يف لكن ،ولكي نربط معه عالقة معقولة وقادرة محدودة .يف املقابل ،إذا أردت ربط عالقة
نسب له عالمة تُ ّبي ما إذا كانالحاسوب ،تُ َ عىل أن تزداد كثافة وأن تتطوّر مع م ّر الزمن يف وطيدة مع روبوت يمثل حيوانا أليفا ،فإن
الشخص الذي يظهر يف الرشيط يف وضع مُريح الظرف ا ُملتنوّ ع للحياة اليومية ،عىل غرار سلوك إنتاج النموذج املطلوب م ّ
ُعقد أكثر بكثري .ألن
أم ال – هذا التصنيف يُمكن إنجازه من قبل البرش فيما بينهم ،يجب منح الروبوت حياة الروبوت يتطلب أهدافا باطنيّة ،وذاكرة ضخمة
خرباء يف علم النفس أو يف الثقافة املح ّلية. باطنية ثريّة. قادرة عىل ربط كل تجربة بمختلف الظروف
واألشخاص ،واألشياء ،والحيوانات التي
بعد ذلك وبفضل هذا التع ّلم ،يتمكن الحاسوب
من «التفكري» انطالقا من هذه األرشطة كيف تتع ّلم اآلالت؟ تعرتضها ،كما يجب أن يكون قادرا عىل تطوير
مثل هذه الطاقات عرب الزمن.
ا ُملصنّفة ،وتحديد أه ّم السمات ا ُملرتبطة تكمن الصعوبة يف خلق هذه الحياة الباطنية
بالرفاهيّة :هيئة الجسم ،نغمة الصوت، بعض «الحِ يَل» تسمح للروبوت أن يظهر أذكى
االصطناعية يف طريقة تع ّلم اآلالت.
احمرار البرشة .وملا تنتهي األلة من تحديد تلك وأقدر ممّ ا هو يف الواقع :مثال إذا تم إدراج
السمات ،يكون الخوارزمي القادر عىل التعرف و يرتكز تع ّلم اآللة عىل اإلقتداء باألمثلة. بعض الترصّ فات بوترية عشوائية يف برمجته،
عليها يف الرشيط جاهزا ،فنمر إىل تمرين اآللة يتم تدعيم الحاسوب بأمثلة عن الظاهرة تجعل الروبوت الذي يقوم مقام الحيوان
وتحسني أدائها عند تزويدها بمجموعات التي نرغب أن يستوعبها ،مثل الرفاهية عند األليف أكثر إمتاعا وأطول دواما .أضف إىل
أخرى من املشاهد .يف نهاية العملية ،يُصبح اإلنسان .وحتى نُع ّلم اآللة كيف تتع ّرف عىل ذلك أننا ،معرش البرش ،نميل إىل تأويل سلوك
وفر لها معطيات شخصية حالة الرفاهيّة ،ن ُ ّ الروبوت وكأنه سلوك برشي ،وباملناسبة نحن
الخوارزمي مؤهال ،والحاسوب ا ُملجهّ ز بكامريا
بدقة بني شخص يف حالة قادرا عىل أن يُف ّرق ّ مرتبطة بهذه الظاهرة :صورا ،وأرشطة فيديو، نترصف باملثل مع الحيوانات.
رفاهيّة وآخر مختلف .وطبعا ،الحاسوب ليس وتسجيالت صوتية لعبارات معينة ،ودقات
موثوقا بنسبة ،%100وسيقوم حتما ببعض القلب ،ورسائل نُرشت يف مواقع التواصل
األخطاء يف تقييمه. االجتماعي ،وأصناف أخرى من العيّنات.
ونحن نشاهد كل ما يُسجّ له الذكاء االصطناعي ومن املمكن خلق وكيل مُقنع ،عىل غرار
من نجاحات مُذهلة .فهو يتصفح اإلنرتنت برمجيّات ألكسا ألمازون أو سريي آلبل ،يتسنّى
بالكامل ،وينترص يف لعبة الجو ،ويقود معمال لنا التخاطب معه بلغة طبيعية والتفاعل معه
ُسيا كليا بصفة آلية .لكنّنا ،كما كان حال
م ّ باملنطق يف اإلطار ا ُملحدّد الستعماله :تعديل
عالم الفيزياء الربيطاني ستيفن هوكنغ الساعة ،وضع قائمة ،طلب منتوجات، مُنبّه ّ
( )2018-1942الذي كان يشعر بأنه ال يزال التخفيض يف درجة التدفئة.
بعيدا كل البعد عن فهم الكون ،ما زلنا بعيدين لكن التواصل ّ
يتوقف فور الخروج من هذا
كل البعد عن فهم الذكاء البرشي.
السياق .سوف يجد الروبوت أجوبة مقبولة
ملجموعة واسعة من األسئلة ،إال أنه لن يقدر
املسافة ال زالت طويلة عىل مواصلة التحاور ملدّة ساعة يف موضوع
ُعقد .وعىل سبيل املثال ،يمكن للوالدين م ّ
وبفضل طاقاتها االستثنائية ،سوف تتمكن
ّ
أن يتَحاورا مُطوّال التخاذ القرار املناسب
الروبوتات وأنظمة الذكاء اإلصطناعي من
تيسري وتحسني قراراتنا وفهمنا لألوضاع بخصوص طفل غري مُنتبه يف املدرسة .سوف
وأساليبنا يف التعامل .وسوف تكون الروبوتات َ يكون هذا الحوار ثريّا جدّا ،وسوف ي ّ
ُعب
قادرة عىل التخفيف من أعباء العمل وعىل الوالدان خالله ،ال عن تفهّ مهما للطفل فحسب،
التنفيذ اآليل للوظائف .وعندما يت ّم تجاوز بل وأيضا عن كل ما تتّسم به شخصيّتهما:
العقبات ،قد تُدمج الروبوتية مادّيا يف جسم مشاعر ،نفسيّة ،مسار شخيص ،إطار اجتماعي
اإلنسان .وقد نربط مع وكالء اصطناعيني واقتصادي ،مخزون ثقايف ،مخزون جيني،
عالقات مُشابهة لتلك التي تربط بيننا: سلوك معتاد وطريقة فهم العالم.
سيتسنّى لنا التواصل معهم بلغة طبيعية، وإذا أردنا أن يتقمّ ص وكيل اصطناعي دورا
ومالحظة ترصّ فاتهم ،وفهم مقاصدهم. اجتماعيا واسعا بهذا القدر ،وأن يربط عالقة
ولكن ،طاملا لم نمنح الذكاء االصطناعي معقولة مع كائن برشي ،يجب أن نمنحه
الحياة الباطنية املالئمة ،ال مجال إليجاد عالقة ذاتا اصطناعية ،مبنيّة يف نفس الوقت عىل
منطقية مع الروبوتات شبيهة بالعالقة بني النواحي النفسية ،والثقافية ،واالجتماعية،
البرش ،بما تتضمنه من حوارات وطقوس والعاطفية .كما يجب أن نجعله قادرا ،مع تمثل الروبوتات يدا عاملة من الجيل الجديد،
وقابلية للتعمّ ق والتطوّر بمرور الوقت ،يف إطار مرور الزمن ،عىل تع ّلم «اإلحساس» وهي تُعوّض النقص يف طاقم التمريض يف
حياة يومية زاخرة باألحداث. واالستجابة للحاالت انطالقا من بنيته املستشفيات باليابان .ريبا ،الذي اخرتعه
الباطنية اإلصطناعية . توشيهارو موكاي ،قادر عىل حمل مرىض
وما دامت قدرتنا تقترص عىل االستنساخ أو
يزنون 80كلغ.
التغ ّلب عىل بعض الوظائف ،وال تستطيع خلق ويتط ّلب ذلك نهجا مختلفا جوهريّا عن تع ّلم
تلك الشمولية التي يتّسم بها الذكاء البرشي يف اآللة الذي نعرفه حاليا .املطلوب هو بناء نظام
سياق الحياة اليومية ،فإن األمل ضعيف يف أن ذكي بشكل اصطناعي ،قابل للتطوير عىل ّ
يتحقق االندماج الكامل بني اإلنسان واآللة. غرار العقل البرشي تقريبا ،وقادر عىل تخزين اآلن ،وقد عرفنا كيف تتع ّلم اآللة ،ما املانع
التجارب البرشية بكل ثرائها ،والتعامل معها من خلق حياة باطنية مُقنعة تسمح لوكيل
منطقيّا .إن طريقة التواصل بني الناس التي اصطناعي باالندماج يف املجتمع اإلنساني
فانيسا إيفرس (هولندا) مختصة يف تطوير تقودهم إىل فهم العالم الذي يُحيط بهم ،هي بشكل مُالئم؟
الحلول الروبوتية ،وأستاذة يف اإلعالمية ضمن عمليّة يصعب جدّا تلخيصها .إن نماذج الذكاء ذات اصطناعية م ّ
فريق هيومن ميديا إنرتأكشن (تفاعل الوسائط االصطناعي ا ُمل ّ
ُعقدة
توفرة أو ا ُملقرتحة ،مُستوحاة من
البرشية) يف جامعة توينت ،واملديرة العلمية الدماغ البرشي أو من جزء من وظائفه ،لكنها حتى يكون الوكيل اإلصطناعي قادرا عىل ربط
ملخرب ديزاين-الب .صدر لها حوايل 200مقال ال تُمثّل نموذجا معقوال للدماغ البرشي. عالقة دائمة فعليّا مع شخص ما ،ال بد أن
بمراجعة من زمالئها ،وهي رئيسة تحرير تكون له شخصيّة وسلوك مُقنع ،ويكون قادرا
انرتناشيونال جورنال أف سوشيال روبوتيكس عىل فهم الشخص والوضع الذي يتواجدان
ومُح ّررة مُشاركة يف جورنال أف هيومن-روبوت فيه ،وتاريخ تواصلهما .ويجب بالخصوص أن
إنرتأكشن. يكون قادرا عىل االستمرار يف هذا التواصل يف
مواضيع شتى ويف حاالت مُتنوّعة.
جيوسيبي يفتح
الحتكار البحث
التصدي
تستثمر بعض البلدان بشكل كبري يف علينا أن نشجع املزيد من التنوع يف عالم
البحث يف مجال الذكاء االصطناعي، االقتصاد املرتبط بالذكاء االصطناعي وتجنب
وبالخصوص كندا. األوضاع االحتكارية.
بالتأكيد .لقد قررت كندا تمويل ليس فقط لكن االحتكار بدأ ينتصب بالفعل .كيف
البحوث األساسية وبعث الرشكات الناشئة، يمكن معالجته؟
بل وأيضا االستثمار يف التفكري الجماعي ويف
من خالل قوانني مكافحة االحتكار .لقد ع ّلمنا
البحث يف مجال العلوم اإلنسانية ،لدعم القدرة
التاريخ أن هذه القوانني يمكن أن تكون
عىل تقييم تأثري الذكاء االصطناعي يف املجتمع.
فعالة ضد بعض الرشكات التي أفرطت يف
بمبادرة من جامعة مونرتيال ،تم فتح استعمال السلطة .فلنتذكر رشكة ستاندارد
نقاش يف 3نوفمرب ،2017لصياغة إعالن أويل بالواليات املتحدة التي اشرتت منافسيها
مونرتيال لتنمية مسؤولة للذكاء اإلصطناعي. الحتكار سوق النفط ،أو هوليوود التي امتلكت
وتهدف هذه املبادرة أساسا إىل وضع حتى منتصف القرن العرشين %70من
توجيهات أخالقية يف مجال تطوير الذكاء دور السينما ،وفرضت قانونها عىل
االصطناعي عىل املستوى الوطني .ويف املرحلة توزيع األفالم .وقد ساهمت العقوبات
األوىل من هذه العملية طويلة األمد ،التي التي سلطت عىل هذه الرشكات
تدعو عامة الناس إىل النقاش مع الخرباء وبعض الرشكات األخرى يف
وصانعي السياسات ،تم تحديد سبع قيم: إعادة التوازن إىل األسواق.
الرفاهية ،واالستقاللية ،والعدالة،
أعتقد أن استخدام القواعد املناسبة لحوكمة
والحياة الخاصة ،واملعرفة،
اإلعالنات يمكن أن يساهم بشكل كبري يف
والديمقراطية واملسؤولية.
الحيلولة دون احتكار البحث يف مجال الذكاء
إىل أين وصل التفكري االصطناعي .فنحن جميعا ،بطريقة أو بأخرى،
يف هذه املسائل عىل املسح الضوئي للدماغ ،كما يراه سجناء الحمالت اإلعالنية ،وكثريا ما ننىس أنه
الصعيد العاملي؟ الرسام الفرنيس برنار بوتون بإمكاننا اتخاذ قرار جماعي لتقنِينها ،بحيث ال
© Bernard Bouton / Cartoon Movement
تكون مرضة باملجتمع.
عىل حد علمي ،ال توجد
معاهدة دولية تنظم البحث وعالوة عىل ذلك ،فإن الخدمات التي تقدمها
يف مجال الذكاء االصطناعي ،رغم أن األمر الرشكات الخاصة الكبرية مثل غوغل أو
يتعلق برهانات دولية .بدون تنسيق دويل ،لن فيسبوك يمكن أن يوفرها القطاع العمومي،
نكون قادرين عىل التقدم يف االتجاه الصحيح. ما هي نسبة الباحثني الذين يشتغلون يف عىل غرار التلفزيون الذي يقدم خدمة مماثلة.
وينبغي ،قبل كل يشء ،تحسيس عامة الناس املجال األكاديمي اليوم؟ أنت قررت عدم العمل يف القطاع الخاص،
وصانعي السياسات بالرهانات املرتبطة اعتمادا عىل عدد األشخاص الذين ألتقي بهم يف أليس كذلك؟
بالذكاء االصطناعي .يف بعض أنحاء العالم، املؤتمرات الدولية الكربى ،أعتقد أنهم يمثلون نعم ،أريد أن أبقى محايدا .إن الهدف من
وجه الباحثون تحذيرات بخصوص حوايل النصف .قبل خمس سنوات ،كان تقريبا مرشوعي هو جعل العلم يف متناول الجميع،
املشاكل الرئيسية ،تفاعلت معها وسائل مجمل الباحثني يف مجال الذكاء االصطناعي وليس فقط لعدد قليل من املساهمني .املهم
اإلعالم وعامة الجمهور .وتلك هي الخطوات يعملون يف املجال األكاديمي. بالنسبة يل هو أن يتطور البحث يف اتجاه
األوىل التي من شأنها أن تقودنا نحو حوار
تقوم الرشكات الخاصة بتوظيف املواهب التطبيقات األكثر فائدة للبرشية وليس
سيايس أوسع ،عىل الصعيد العاملي ،يتناول
من جميع أنحاء العالم .هل يساهم هذا يف بالرضورة املدرة ألربَاح أكرب لالقتصاد.
املشاكل التي يطرحها هذا املجال ،بما يف ذلك
األخالق والبيئة واألمن. هجرة األدمغة من البلدان األقل تقدما؟ مع ذلك ،حاولت إنشاء نظام إيكولوجي
هذا أمر ال مناص منه .ولذلك ال بد من التفكري مشرتك ومفيد للبحث والصناعة بجامعة
جماعيا حول سبل استفادة أفقر البلدان من مونرتيال التي أعمل بها .واستقرت العديد
يوشوا بينجيو (كندا) باحث وأستاذ بجامعة ً
وأيضا حول سبل أحدث نتائج األبحاث ،بل من مخابر البحث الخاصة التي تتعامل
مونرتيال ،وأستاذ بقسم اإلعالمية والبحوث إنشاء مراكز أبحاث داخل جامعاتها .ففي معنا ،بعاصمة كيبيك .ويتم توظيف الباحثني
العملية ،ومدير معهد الذكاء االصطناعي أفريقيا ،عىل سبيل املثال ،تقدم عدة مؤسسات من قطاع الصناعة كأساتذة مساعدين يف
يف كيبيك ،ومدير مشارك يف برنامج تعلم أكاديمية -وعددها يف تزايد مستمر -دورات الجامعة ،وهم يساهمون يف تكوين الطالب.
اآلالت واألدمغة باملعهد الكندي للبحوث للتكوين يف مجال الذكاء االصطناعي ،كما وتقدم الرشكات الدعم للجامعات تاركة لها
املتقدمة ،وحاصل عىل كريس البحث الكندي يف تنظم جامعات صيفية (انظر ص 20 .و )21 الحرية التامة يف اختيار مجاالت األبحاث التي
خوارزميات التع ّلم اإلحصائي .تم ذكر نتائج برهنت عىل نجاعتها. سوف تطورها.
أبحاثه أكثر من 80.000مرة (بيانات بتاريخ
سبتمرب .)2017وصل يوشوا بنجيو إىل كيبيك باإلضافة إىل ذلك ،هناك عدد كبري من الدروس
سنة 1977وهو يف الثانية عرشة من عمره، والدورات التعليمية والقوانني املتاحة مجانًا
مع والديه أصييل املغرب ،بعد قضاء فرتة يف عىل الخط .تعرفت عىل العديد من الشبان
باريس .وهو حامل لوسام كندا وعضو يف الذين تكونوا عن طريق اإلنرتنت .و يجب علينا
الجمعية امللكية لكندا. إذا أن نبحث عن أفضل الطرق ملساعدتهم يف
التدريب بمفردهم.
يبلغ من العمر 32عامً ا .وُلد ونشأ يف السنغال حيث درس الرياضيات والفيزياء.
كيف يمكن لحياة الناس أن تتحسن بشكل حصل عىل درجة املاجستري يف الذكاء االصطناعي يف فرنسا ثم يف كندا ،وعاد إىل
ملموس ،بفضل الذكاء االصطناعي؟ باريس لينال الدكتوراه .التحق منذ سنتني بمؤسسة فيسبوك ألبحاث الذكاء
عندما تتيح لألشخاص ُفرصة الوصول إىل االصطناعي التي تُنشئ مخابر للبحوث األساسية يف عدة أنحاء من العالم منذ
املعلومات التي يحتاجونها لبناء عالقات
اجتماعية ،أو االندماج برسعة أكرب يف بيئة سنة :2013نيويورك ،مينلو بارك (كاليفورنيا) ،سياتل ،باريس ،مونرتيال ...هذه،
ما ،أو الحصول عىل شغل ،فإنك تساهم يف عجالة ،مسرية مصطفى سييس ،الذي يحدثنا عن أبحاثه ودوافعه وآماله.
يف تحسني حياتهم .وباملثل ،إذا استخدمت
الذكاء االصطناعي لتشخِ يص أمراضهم يف
وقت مب ّكر وتوفري العالج املناسب ،فتكون قد لقد بينت الدراسات ،مثال ،أن أنظمة التع ّرف ما هي مشاريعك يف مخرب فيسبوك ألبحاث
حسنت حياتهم. عىل الوجه تشتغل بأكثر نجاعة مع الوجوه الذكاء االصطناعي يف باريس؟
إن الذكاء االصطناعي بصدد تغيري العديد من األوروبية من الوجوه األفريقية .ونفس اليشء
أكثر املواضيع التي تهمّ ني يف مجال الذكاء
الصناعات ،وأتمنى أن يكون مُتاحا لجميع ينطبق عىل أنظمة الذكاء االصطناعي التي
االصطناعي هي املوثوقيّة ،واإلنصاف
من يحتاجونه -وليس فقط لعدد محدود من تُحدّد رسطان الجلد :فهي تعطي نتائج أفضل
والشفافيّة .يف سنة ،2017كنت أنا ومجموعة
سكان العالم – وذلك ملواجهة مُختلف تحديات لدى املرىض ذوي البرشة البيضاء مقارنة
من الزمالء أوّل من طوّر الخوارزميات
هذا القرن .أنا أحاول من ناحيتي ويف أطار باملرىض ذوي البرشة السمراء .ومن ناحية
(هوديني) التي تقيّم مناعة األنظمة الذكيّة،
تخصيص ،أن أساهم يف تطوير األوضاع يف هذا تبي أن بعض األنظمة تعمل بأكثر أخرىّ ،
مهما كانت نوعيّة الوسيلة اإلعالمية :الصوت أو
االتجاه .وما زلت مُقتنعا ّ
بأن مُجتمع الباحثني فعالية عندما يتعلق األمر بالرجال ،مقارنة
الفيديو أو غريها.
يف الذكاء االصطناعي يقوم بخطوات عمالقة. بالنساء .وهذا يعني أنه ت ّم إهمال بعد محوري
كامل أثناء تطوير هذه األنظمة .وأسعى مع إن مناعة الخوارزميات رضورية لضمان
كيف يمكن للفئات األكثر فقرا الوصول إىل غريي من الزمالء لدمج هذا البُعد منذ أن نبدأ أمن منتجات الذكاء االصطناعي .تخيّل ما
هذه التكنولوجيا املتطورة؟ يف بناء نماذج الذكاء االصطناعي التي نقوم يمكن أن يحدث إذا أراد شخص سيئ النية
إذا أردنا أن تكون هذه التكنولوجيا مُتاحة بتطويرها .هذا الجانب هام للغاية ،إذا ما أردنا تغيري الخوارزمية التي تقود سيارتك ذاتية
للجميع ،يجب تدريسها يف ك ّل مكان .التعليم أن يكون الذكاء االصطناعي قادرا عىل تقديم القيادة! يُمكنأليّ نظام معلوماتي أن يتع ّرض
هو السبيل لوضع هذه التكنولوجيا يف أيدي من نفس الفائدة للجميع. لهجمات من الخارج (قرصنة أو تعديل عن
ُهم يف حاجة إليها .وإذا أتيحت لهم اإلمكانيات، سوء قصد) .لذا ،من الرضوري ضمان ُقدرة
رصحت يف السابق بأنه يجب عىل الباحثني هذه األنظمة عىل مقاومة مثل تلك الهجمات.
فسوف يجدون الحلول املناسبة ملشاكلهم ،أنا يف مجال الذكاء االصطناعي أن يكفوا عن
متيقن من ذلك. الرتكيز حرصيا عىل «مشاكل اإلنسان وهناك بحوث أخرى ،نرشتها يف الفرتة األخرية
منذ ثالث سنوات ،بدأت مع مجموعة من األبيض». مع زميل يل ،تتعلق بتجهيز الخوارزميات
األصدقاء ،يف تدريس الذكاء االصطناعي يف الذكيّة بالقدرة عىل التعامل مع كل كائن برشي
بالنسبة يل« ،مشاكل اإلنسان األبيض» تتمثل
الجامعات الصيفيّة التي تنظمها يف أفريقيا بشكل عادل ،سواء كان رجالً أو امرأة ،أسود
يف كل تلك التطورات التكنولوجية املرتبطة
داتا ساينس أفريكا ،وهي جمعية مهنية غري أو أبيض ،إلخ.
بواقع الغرب ،والتي تبقى من باب الخيال يف
ربحية تهدف إىل تقاسم املعرفة .يف كل فصل أنحاء أخرى من العالم ،مثل السيارات ذاتية وبعبارة أخرى ،أحاول ال فقط ضمان
صيف وملدّة أسبوع أو أسبوعني ،نقوم بتعليم القيادة .يف أفريقيا ويف مناطق كثرية من آسيا موثوقية الخوارزميات بأعىل درجة ممكنة،
العديد من تقنيات الذكاء االصطناعي للطالب أو أمريكا الجنوبية ،مشاكل الناس اليومية ولكن أيضا جعلها متناسبة مع احتياجات
واملدرسني الذين يرغبون يف اكتشاف هذه مختلفة ،ورغم أن الحلول التي تحتاجها تعتمد املجتمع البرشي وقيمه ،ألنها من املفروض أن
املادة العلمية. عىل تكنولوجيات أق ّل تعقيدا ،فإنها تظل غري تكون يف خدمته.
يف العام املايض ،قمنا مع مجموعة من متوّفرة .أعتقد أنه بإمكاننا ،كمجتمع علمي،
األصدقاء ،ببعث مُبادرة بالك إن أول (السود أن نكون أكثر فعالية إذا وجهنا اهتماما أكرب
يف كل مكان) .ونجحنا يف تجميع أكثر من ملشاكل هؤالء الناس إليجاد حلول لها.
200باحث أسود (باإلضافة لألمريكيني) يف
الدورة الثالثني ألكرب مؤتمر علمي حول الذكاء
االصطناعي يف العالم ،الذي خصص ألنظمة
معالجة املعلومات العصبيّة .2017
الرابعة
الثورة
يانغ كيانغ يجيب عىل أسئلة وانغ تشاو
بعد أن أطلقت شبكة اإلنرتنت وأجهزة اإلنرتنت املحمولة الثورة الصناعية الثالثة،
تقوم تقنيات الذكاء اإلصطناعي ،مقرتنة بالبيانات الضخمة ،بالتهيئة النطالق
ثورة صناعية رابعة من املحتمل أن ّ
تغي التوازنات عىل الصعيد العاملي.
الذكاء االصطناعي يمكن تسميته بـ«البيانات كيف ت ّم التقارب بني الذكاء اإلصطناعي
الذكيّة». والبيانات الضخمة؟
كيف يمكن للمؤسسات أن تت ّكيف مع هذه بدأ هذا التقارب يف أوائل العقد األول من القرن
املعطيات الجديدة؟ الحايل .حني استخدم كل من غوغل وبايدو -
وهي محركات البحث الناشئة يف ذلك الوقت
يف البداية وقبل االنطالق يف العمل مهما كانت
-الذكاء اإلصطناعي إلنجاز أنظمة التّوصية
نوعيته ،يجب التفكري يف الطريقة املتوخاة
الشخصية يف مجال اإلعالنات اإلشهارية،
لتجميع البيانات .وال بد من تحديد االحتياجات
أدركوا أن النتائج كانت أفضل بكثري مما كانوا
وفقا للخوارزميات ،وتجميع البيانات -من ّ
مصادر مختلفة -يف اتجاه هدف ّ يتوقعون .وكلما زاد حجم البيانات التي يتم
معي .يجب
جمعها حول كل مستخدم ،كلما كانت النتائج
أن تكون الخدمات التي يوفرها نظام الربمجة
أفضل .لكن يف ذلك الوقت ،لم يكن أحد يدرك
قادرة عىل التأثري عىل املصدر حتى ينتج
أنه يمكن تطبيق هذا التطور يف مجاالت أخرى.
املزيد من البيانات وحتى تغذي هذه البيانات
بدورها ،نظام الربمجة ،يف «حلقة مغلقة». حدثت نقطة تحوّل حقيقية مع ظهور إيمدج
وبذلك ،تُخلق عملية مستمرة لتحسني النظام نت ،وهي أكرب قاعدة بيانات للتع ّرف عىل
وتعديله ذاتيا .إن مثل هذه «الحلقة املغلقة» الصور يف العالم .كانت هذه القاعدة التي
هي منظومة مختلفة تماما عن املنظومة قام بتصميمها مختصون يف اإلعالمية من
املعمول بها إىل حد اآلن يف النشاط االقتصادي. جامعة ستانفورد وبرينستون يف الواليات
املتحدة ،نقطة انطالق ثورة التع ّلم العميق
© Raquel Kogan / photo Domingues Freitas
وانغ تشاو (الصني) خبري دويل رائد يف مجال ما عىس أن يكون مفعول التأليف بني وأخريا ،ال بد من إجراء املزيد من األبحاث حول
الذكاء االصطناعي ومعالجة البيانات .هو البيانات الضخمة والذكاء االصطناعي يف العالقة بني الحياة الشخصية للمستخدمني
أول صيني يرتأس املؤتمرات الدولية املشرتكة الدول النامية؟ وتسعري البيانات .عىل سبيل املثال ،عندما
املعنية بالذكاء االصطناعي ،وهو عضو يف ينقر املستخدمون عىل إعالن معروض عىل
يف نظري ،سوف يم ّكن عددا من البلدان النامية
جمعية النهوض بالذكاء االصطناعي ،ومدير اإلنرتنت من قبل نظام محكوم بالذكاء
األكثر تقدما من اإللتحاق بالبلدان املتقدمة ،بل
قسم اإلعالمية والهندسة يف جامعة هونغ االصطناعي ،هل يجب أن تعود نسبة من
وحتى تجاوزها ،ألن التنافس االقتصادي سوف
كونغ للعلوم والتكنولوجيا .شارك يف تأسيس األرباح إىل هذا النظام؟ وإذا حصل محرك
يعتمد باألساس عىل كمية البيانات وقيمتها.
4باراديغم حيث يتوىل مهام علمية. بحث عىل عائد مايل ،فهل ينبغي توزيع جزء
وقد سمح ،مثال ،التطور الرسيع لشبكة
منه عىل املستخدمني؟ يجدر التساؤل حول
وانغ تشاو (الصني) صحفي ورئيس فريق اإلنرتنت واإلنرتنت الجوال الصيني بتجميع
هذه القضايا.
يف أستديو الذكاء االصطناعي يف قناة نت إيز كميات هائلة من املعطيات .وهذا من شأنه
نيوز التي تقوم بتغطية أهم األحداث يف قطاع يرسع تطوير قطاع الذكاء االصطناعي يف أن ّ يف السنوات املقبلة ،سوف يدرك الجميع أهمية
الذكاء االصطناعي. الصني ،وقد يتأتى عن ذلك تغيري مالمح العالم. الذكاء االصطناعي .وال بد أن نكون عىل يقظة
وأن ننتبه للشكل الذي سيكون عليه وملجاالت
ومن ناحية أخرى ،إذا توفر لبلد ما بنية تحتية
تطبيقه .حاليا ،املجاالت األكثر قابلية للذكاء
ونظام تربوي بجودة عالية ،فسوف يكون
االصطناعي هي املالية ،واإلنرتنت والسيارات
قادرا عىل االستفادة من الذكاء االصطناعي
ذاتية القيادة.
لتحسني نجاعة انتاجيته .تماما مثلما سمح
استخدام املحرك البخاري لعدد من البلدان
بالتطوّر برسعة أكرب من غريهم خالل الثورة
الصناعية.
أناشيد أناغورا ،معرض
تفاعيل يُقدّم حقال للبحث يتدارس تجميع
ومعالجة واستعمال البيانات املتعلقة
بموقع اإلنسان وسلوكه.
© برتخيص كريم من مريايكان ،املتحف الوطني للعلوم الناشئة واالبتكار ،طوكيو ،اليابان
تهديدات
الروبوتات القاتلة
وبفضل تطوّر التكنولوجيات اإلعالمية، للذكاء االصطناعي تطبيقات عديدة يف املجالني األمني والعسكري .عىل امليدان،
ستُصبح نُظم القتال مُستقبال أكثر استقاللية هو يُسهّ ل املناورات ويُم ّكن من إنقاذ األرواح يف حال حدوث خسائر .كما يعزز
من النُّظم الحالية .وسوف تسمح هذه
أداء الجيوش بتوفري روبوتات حليفة للجنود .وحسب بعض الخرباء ،فإن األسلحة
االستقاللية ،دون أدنى شك ،بتوفري مساعدة
قيّمة للمقاتلني ،ومن ناحية أخرى ،سوف الفتّاكة األوتوماتيكية هي بصدد خلق الثورة الثالثة للحروب ،بعد البارود والسالح
تأتي باملزيد من التحدّيات واملجازفات :من النووي .وكيف ال ينتابنا القلق لحلول يوم يصبح فيه تشغيل جيوش الروبوتات
ذلك سباق التس ّلح بني الدول ،وغياب القواعد
والقوانني يف مناطق الرصاع ،وانعدام املسؤولية واقعا ،بما لها من قدرة عىل تنفيذ العمليات العدائية بكل استقاللية؟
يف اتّخاذ القرارات .يف الوقت الحارض ،يف حني
يحاول العديد من املقاولني وأصحاب القرار تقوم عديد الرشكات ،يف كل أنحاء العالم،
والعلماء منع استخدام نُظم القتال ا ُملستق ّلة، ببحوث علمية هامة يف مجال الذكاء
يُؤ ّكد العسكريّون أن القرار األخري بخصوص ّ
التوصل إليها اإلصطناعي .والنتائج التي ت ّم
القتل من عدمه ،أثناء املعركة ،سوف يبقى لحد اليوم ممتازة :أصبح الذكاء االصطناعي
بيد اإلنسان. قادرا عىل التكهن بإمكانية اإلصابة بمرض
السكري بواسطة ساعة «ذكية» أو عىل تحديد
بودّنا أن نُصدّق ذلك ،لكنّنا ال ب ّد أن نُذ ّكر بأن وحمات بعض أنواع الرسطان ،باالعتماد عىل
السالح النووي -ذلك السالح الذي ما كان مظهرها .وتحظى أيضا هذه األداة الفعّ الة
يجب أن يُبتكر أصال والذي واجهه العديد من التي تتجاوز الذكاء البرشي -خاصة من حيث
املعارضني منذ املرحلة األوىل من تصميمه - رسعة أدائها -باهتمام العسكريني.
قد ت ّم استعماله يف آخر األمر.
َ
وليس عىل حسابنا
في خدمتنا،
بقلم تي وي آنغ ودفنا فينهولز
(اليونسكو)
من أجل
لنتعلّم
يف عرص الذكاء االصطناعي العيش
بقلم ليسيل لوبل
وقد بدأت تربز داخل األوساط الرتبوية الركائز الجديدة ويف أواخر سنة ،2017انتظم ملتقى دويل ّ
خلقة ،تهدف إىل تحفيز التالميذ ممارسات ّ حرضه املساهمون يف هذا الكتاب وعدد من
واستغالل إمكانيات التكنولوجيا املتقدمة القراءة والكتابة والحساب هي الركائز الثالث ّ
األخصائيني يف علوم الرتبية ،وكذلك ممثلون عن
لتحسني أدائهم .وبما أن بعضها يعتمد عىل التي يعتمد عليها التع ّلم ،إال أن التالميذ ظمات غري حكومية ومسؤولون سياسيّون، من ّ
إثباتات علمية موثوقة أكثر من غريها ،يصعب أصبحوا اليوم يف حاجة إىل كفاءات أساسية قصد دراسة الوسائل الكفيلة بتحسني الدعم
حاليّا معرفة أيّها األكثر نجاعة. أخرى وكفاءات هامّ ة غري معرفية ،مثل للمُد ّرسني وتحسني نتائج التالميذ بفضل
اإلحساس باملقدرة الذاتية ،وإدراك أفضل ّ
وخاصة منها التكنولوجية. األدوات الجديدة،
للمفاهيم ،وقدرات جيدة عىل مقاومة الضغط وقد أثارت هذه األفكار الجديدة تعهّ دا موحدا
الذكاء االصطناعي يف
وعىل التأقلم واملرونة. بتحقيق اإلصالحات.
قاعة الدراسة
وسوف تصبح الكفاءات الخصوصية لإلنسان
وبعد أن تبنت وزارة الرتبية يف والية ويلز أكثر أهمية من أي وقت مىض ،يف هذا العالم
الجنوبية الجديدة االبتكارات الوطنية والدولية الجديد الذي يتشكل أمام أعيننا :سيكون
األكثر فعاليّة يف القطاعني الخاص والعمومي، التفكري النقدي إحدى أوىل الكفاءات التي يجب
رشعت يف دراسة أفضل السبل لتقديم الدعم عىل النظم الرتبوية ترسيخها.
للمختصني يف الرتبية قصد صياغة هذه األفكار
الخلقة والتعجيل بها .والهدف من ذلك هو ّ يف الوقت الحارض ،يمكن اكتساب هذه
إيجاد مناهج جديدة ومستدامة وقابلة للتطوير الكفاءات األساسية من خالل األنشطة التي
تسمح بتحسني التع ّلم والنهوض بقدرات يقوم بها التلميذ خارج اإلطار املدريس حيث
التالميذ وضمان نجاحهم. يتع ّلم ،عىل سبيل املثال ،التعاون ،ورسم
األهداف ،والتخطيط .باإلمكان تطوير
يضطلع الذكاء االصطناعي بإمكانيات بالغة االنضباط وروح الفريق الواحد عند تعاطي
يف مجال التعليم ،رشيطة أن يُستعمل بدراية الرياضة ،واإلبداع عند ممارسة املرسح ،والفكر
حاجيات ا ُملد ّرسني .وتوجد حاليا أنظمة
ووفق ِ النقدي عند تنظيم الحوارات ،والتعاطف عند
ترتكز عىل الذكاء االصطناعي قادرة عىل توفري القيام بالعمل التطوّعي ضمن جمعيّة.
تع ّلم مطابق لخصوصيات الشخص ،ممّ ا
ي ّ
ُخفف بعض األعباء عىل ا ُملد ّرسني ويسمح ويكمن التحدّي يف هيكلة هذه الكفاءات
لهم بالرتكيز عىل الحاجيات الفردية للتالميذ املتعددة التي يجب عىل الشاب أن يكتسبها،
وعىل األهداف البيداغوجية .هذه األنظمة قادرة وكذلك يف إقرار رشعيتها ضمن النظام
عىل متابعة مدى التزام التالميذ وتقدّمهم، الرتبوي ،وإدراجها يف الربامج املدرسية،
كما قد تكون مُستقبال قادرة أيضا عىل اقرتاح وتحديد طريقة تقييم نتائج التالميذ يف تلك
تعديالت يف املضمون. املجاالت التي لم تكن إىل ح ّد اآلن تُعترب جزءا
من التعليم املدريس والتي يجب أن تحت ّل يف
إنه من األهمية بمكان أن تبقى عملية تصميم املستقبل املرتبة األوىل.
هذه األنظمة وتطويرها بني أيدي ا ُملربّني.
ويعود بالدرجة األوىل إىل ا ُملد ّرسني ومديري وممّ ا ال جدال فيه ،هو أن املستقبل سوف
سيتلقون التكوين املناسب، ّ املؤسسات ،الذين يفرض عىل األطفال ،أكثر من أي وقت مىض،
أن يُحدّدوا بوضوح مكانة الذكاء االصطناعي أن ينسجوا عالقات مشرتكة وأن يدعموا روح
يف قاعة الدراسة .وال بد أيضا من ترشيك االنتماء إىل املجموعة وروح املواطنة والتعاون
التالميذ يف اتخاذ القرارات يف هذا املجال، عىل أساس شعور التعاطف الذي يعتربه
وبالتايل ال بد من تعليمهم الجوانب األخالقية. البعض إحدى الكفاءات األساسية يف القرن
إن مستقبلهم مُرتبط بالسياسات واملناهج التي الحادي والعرشين.
سوف نعتمدها اليوم. إن القدرات يف مجال العالقات بني الناس
أصبحت تعترب أكثر فأكثر عنرصا أساسيا
يف األنظمة الرتبوية يف العالم .وتقوم كل
ليسيل لوبل (أسرتاليا) مساعدة وزير الرتبية من اليونسكو ومنظمة التعاون االقتصادي
يف والية ويلز الجنوبية الجديدة .أرشفت والتنمية بتهيئة أطر ومعايري وتقييمات يف هذا
طيلة قرابة العرشين سنة عىل االسرتاتيجية وخاصة يف ما يتعلق بمفهوم «الكفاءات ّ املجال،
واإلصالح والتجديد يف النظام الرتبوي األكثر العاملية» الذي يرمي إىل تعزيز التعاون بني
اتّساعا وتنوّعا يف أسرتاليا .وقد صُ نّفت ضمن الثقافات .يف أسرتاليا ،ت ّم سنة 2009إدراج صورة للفنان الفرنيس فانسان فورنياي من
املائة امرأة األكثر تأثريا من طرف مج ّلة ؤهالت العامّ ة يف برنامج الرتبيةمجموعة من ا ُمل ِّ مجموعة اإلنسان اآللة ،التقطها يف برشلونة
أسرتالني فينانشل رفيو/وستباك اعرتافا الوطنية ،مثل التفكري النقدي ّ
الخلق والتفاهم (إسبانيا) سنة ،2010تعرض
بدورها يف الشؤون العمومية األسرتالية ويف بني الثقافات .وهو مثال احتذت به عديد «تخيّالت تخمينية» تتفاعل فيها الكائنات
إصالح التعليم. الواليات األخرى يف البالد. االصطناعية مع البرش.
وقد ر ّكز مرشوع التعليم يف سبيل عالم م ّ
ُتغي
عىل رضورة تشجيع املمارسات البيداغوجية
املبتكرة التي من شأنها أن تعود بالفائدة عىل
مجمل النظام الرتبوي.
اإلصطناعي
أودري أزوالي
*
من ينتقد مثالهم األعىل لإلنسان الخارق
هو بمثابة املحافظ البيولوجي ،أي شخص
رجعي يرفض تغيري قوانني الحياة والطبيعة،
يف الوقت الذي تسمح فيه (أو سوف تسمح)
التكنولوجيا بذلك.
واقع افرتايض انغمايس
محيط افرتايض من تنظيم الحاسوب ،يغوص
فيه ا ُملستخدم بفضل أجهزة استشعار مُختلفة
(نظارات ،تركيبة ّ
حسية ،الخ) .وقد يثري
االنغماس يف الواقع االفرتايض اهتمام العب
فيديو أو قائد طائرة يف إطار تكوينه.
واقع مُع ّزز
تراكب بني الواقع وعنارص افرتاضية يتم ظبطه
بواسطة نظام إعالمي آني (أصوات ،صور
ذات بُعدين أو 3أبعاد ،فيديوهات ،الخ) .هذه
التقنية مُستعملة يف ألعاب الفيديو ويف السينما
(حيث يتفاعل املشاهد مع األشياء االفرتاضية
بواسطة أجهزة استشعار) ،ولكن أيضا يف
تحديد املواقع الجغرافية أو يف مجال الرتاث
(دير كلوني يف فرنسا ،مثال ،مجهز بعالمات
تُ ّبي الوضع الذي كانت عليه املدينة يف القرن
© enzozo / Shutterstock
الخامس عرش).
زوم
زوم
زوم
عبء الحياة
زوم
2 1
1
يحمل فريدي املاء إىل جزيرة إيسال دال سول،
الواقعة وسط بحرية تيتيكاكا (بوليفيا) ،وهي جزيرة
تكاد أن تكون خالية من املاء الصالح للرشاب.
2
يف النيبال ،تحمل دوكاليا رسيرا من الخيزران ،وهو
رسيرها الذي سوف يأوي جسمها عندما يُصبح
مُنهكا بفعل الشيخوخة ،وملا توافيها املنية.
3
تستع ّد الطفلة األثيوبية آرو للسري عىل األقدام لبضع
ساعات لتستبدل ماعزا وشيئا من الخشب ببعض
املواد الرضورية.
4
ينتمي غايل إىل قبيلة هامر يف وادي أومو يف جنوب
أثيوبيا .ينقل غايل املاء ،وهو مضطر مثل غريه من
ناقيل املاء عىل حمل السالح نظرا لندرة املاء يف تلك
املنطقة.
3
زوم
4
زوم
1
زوم
3 2
1
يف قرية صغرية برواندا ،يمتلك قاسم متجرا صغريا
يبيع فيه أمتعة مُتنوّعة ،منهاحقائب تغذي أحالمه
بسفر لن يتحقق.
2
يحمل نوناتو ،وليد قرية صيادين قرب فورتاليزا
بالربازيل ،رفوفا لصيد جراد البحر ،بعد أن تقلص
صيد رسطان البحر.
3
يف جزيرة سوالويزي (أندونيسيا) ،تبيع ساري ونيفاه
جوز الهند للسياح العطاىش.
4
قىض يوزوكي كامل حياته يف حوض لبناء السفن يف
أونومييش ،وهي مدينة مرفئية تُط ّل عىل بحر سيتو
الداخيل باليابان.
4
زوم
زوم
أفكار
برتخيص كرمي من سونودا آريت
© Juan Roberto Diago /
عن المنكر
أو مسألة تأثري ذاكرة
العبودية عىل اإلبداع الفني املعارص
نوعا ما ،ذلك السيل املتأتي من األسالف .ونحن الفنان غري مقيّد بلون برشته وال
إذن ،معرش البرش ،مُتأثّرون شيئا ما بهذا املبدأ
الذي ّ
يرسخنا يف األرض. مُجرب عىل الرقص عىل الدّوام عىل
أنغام تاريخ شنيع .وباألحرى ،يندرج
فكرة التأثري هذه ،التي انطلقت من املفهوم
األسطوري لتصل إىل املفهوم العلمي ،ومن الفنان ضمن مقاربة جدلية :فهو ح ّر
علم التنجيم إىل علم الفلك ،طوّرها العالم ُ
وممسوس يف ذات الوقت .ملا يكون
© Juan Roberto Diago /
وإذا حقق الفنان ذلك ،فألنه قادر بمحض جدلية الفنان وعمله
إرادته ،عىل إعطاء طاقته الذاتية ،ا ُملتح ّررة
واملستق ّلة للقِ سط املتبقي يف أعماق الذاكرة بناء عىل ما سبق ،بإمكاننا النظر إىل الفنان عىل
واملتمثل يف الثقافة .إن طاقة الفنان تكمن يف أساس النظام الجديل بني الفاعل وعمله ،حسب
ترصفه الفعيل ويف قدرته عىل العمل باملفهوم جدلية الفاعل/اليشء .هذا العمل الفني هو
الذي يُعطيه أرسطو لكلمة أنرجيا (التي تفيد تعبري مُختلف يدل عىل التأجيل باملعنى الذي
حَ رفيا «من هو منهمك يف العمل» ،ولكن أيضا استنبطه جاك دريدا ألنه يتمثل يف اإلرجاء ،ويف
«من يش ّكل شيئا ،من يقوم بعمل») – إن الخروج عن الذات ومن الزمن الذاتي ،ويؤدي
ُعبان يف الواقع عن نفس الشكل والطاقة ي ّ إىل يشء يختلف عن الذات أو عن كلية الذات.
اليشء ،كما يُؤ ّكد ذلك علم الفيزياء. وهو ابتعاد عن الذات ،ابتعاد ّ
معب .عملية
عب عن ُ
اإلبداع الفني هي إذن خطرية ألنها ت ّ
وانطالقا من هذه األنرجيا ،يمكن القول أزمة .وكلمة كريزيس باللغة اليونانية تعني
بأن الفنان هو شخص مضطرب وممسوس «الفصل ،التمييز» .لكن كلمة كريز (أزمة)
و«مُنفعل» .كما يُمكن القول أيضا ،انطالقا من تعني باللغة الفرنسية «الحكم ،القرار» .هذه
فعل أنرجيو ،بأنه واقع تحت التأثري .ولكن، األزمة هي الزمن الجديل لوالدة يشء يأتي
ّ
ومستقل كيف يُمكن للفنان أن يكون ح ّرا من الذات ،دون أن يكون الذات نفسها .هذا
ومُتح ّررا ،ويف نفس الوقت خاضعا للتأثري؟ هذا التأجيل هو هبة من الذات إىل ما هو ليس
تناقض ظاهري يمكن تفسريه بكل بساطة الذات ،أي إىل اآلخر .وينتج عن هذا التأجيل
بكون الفنان ح ّرا يف اختيار تأثرياته ،ح ّرا بأن يشء جديد ،لكنّه يشء متحيّز .إن ما يكسب
يسمح لنفسه بأن يكون مسكونا ،وبأن يسيطر العمل الفني معناه هو ذلك العطاء الذي
عليه أحد أبعاد الذاكرة الجماعية الذي قرر أن يفتح امكانية التقاسم بني اآلخر والذات ،ويف
يمتلكه .وذلك هو الثمن الذي يدفعه الفنان، ذلك التقاسم يكمن التعبري ،أي يف تلك العالقة
بما أنه حر ،حتى يكوّن أشكاال خصوصية، بني الفاعلني بواسطة يشء ذاتي يُريس بطبيعته
ويسيطر عىل القوى التي تسكنه ،ويهيمن عىل لم يعد محكوم عيل ّ بالرقص عىل الشنيعة،
حوارا صامتا بينهما. ألنني أصبحت سيّد زمني وسيّد نفيس ،كما
من كان يقوده .هذا االختيار هو تحديدا ما
يمكن أن نُسمّ يه بااللتزام ،حسب املفهوم الذي وبما أنّه يت ّم اختيار العمل الفني بكل ح ّرية أنّني سيد خياراتي وتعبريي .أنا كائن حر
حدده سارتر .يلتزم الفنان كليا باملادّة التي من قبل الفاعل املستقل الذي يقوم بعرضه ومستقل ومتح ّرر من ذاكرتي .وال يُمكن
يختارها ،ويخاطر بتلك املادّة ألنها تتفاعل ويجعل منه هبة ومح ّل تقاسم مع اآلخر- تفسري ما أعرب عنه من خالل ما يعكسه املايض
معه .وإذا تفاعلت معه فألنه يشعر يف نفسه املشاهد ،يكتسب ذلك العمل استقالليته فقط ،سواء كان هذا املايض فرديا أو جماعيا.
بحاجة قصوى أو نقص ال بد من سدّه. ومعناه الخاص ،وربّما حتى لغزه وغموضه، لقد فتحت باب املمكن.
ويمكن أن يصبح محل انتباه وتفهم ،يف عزلة وهذا يعني أنه ال يُوجد أي التزام أخالقي أو
هذه هي الطريقة التي يجب اتباعها عند عن الفنان الذي ابتكره .ولهذا يُمكن لبعض
التفكري يف الذاكرة املتبقية من تاريخ العبوديّة: ذهني بالنسبة لفنان أسود البرشة كي يرسم
الفنانني القول بأن عملهم ،حال االنتهاء من ّ
ُستقل،تاريخه املظلم ،بما أنه أصبح ح ّرا م
يجب اعتبارها مادّة للفنان الذي يرغب يف إنجازه ،لم يعد ملكهم ،بل يصبح برمته هبة
اإلمساك بها. وبما أنه تم اإلعرتاف له بذلك.
إىل الفهم الجمايل الكوني.
واليشء الذي ينتج عن عمله ،فهو ما يُسمّ يه ومهما يكن الفنان ،لم يعد باإلمكان اعتباره
أرسطو أنتيليشيا (اليشء الذي يُقيم يف نهايته). وسيطا يف التعبري يستجيب لطلب سيّده،
الفنان ،ح ّر ومح ّل سيّد يتحكم يف موضوع يرغب يف رسمه
وهو بمثابة غاية تهم الشكل ،يت ّم انتاجها من
خالل الطاقة-الشكل التابعة للفنان الذي يهب تأثري يف آن واحد والتعبري عنه ،سيّد عىل تاريخ وعىل قصة
لألثر استقالليته .وبما أن هذا األثر الفني ليس نشأة الكون ،سيّد عىل القيم والجمال ،سيّد
إن تلك الح ّرية املؤكدة هي التي تعطي قيمة عىل رؤية وعىل مفهوم للعالم موروث عن
بالفنان نفسه ،بل مو ّلد من كيانه ،فهو يظل للهبة ،أي لِتربّع الفنان بعمله .إنها تمنحهِ
استفهاما ،شكال يسائل غموض التاريخ ،كما تاريخ يسجننا .بل يجب اعتبار الفنان كائنا
القدرة عىل اإلبداع باملعنى الحقيقي للكلمة، فاعال ،مستقال وح ّرا يف تعبريه ويف رؤيته
يسائل الحارض حيث تبقى الذاكرة حيّة. أي ابتكار الجديد انطالقا من القديم ،وتوليد الشخصية للعالم ولتاريخه الخاص .ومن ثمّ،
ويف آخر املطاف ،أال يمثل األثر الفني الذي تغيات عىل مستوى الشكل .ومن خالل إعادة ّ
يصبح من الرضوري إعادة النظر يف عمله
«يُقيم يف نهايته» ،فع َل ذلك املضطرب الذي صياغة املادة املكونة من التاريخ ال ّراسب يف بطريقة جديدة ،من خالل وجهة نظر جمالية
يسعى للتخ ّلص من تلك الذاكرة التي تسكنه، الذاكرة الثقافية والجمالية وحتى األخالقية، وأخالقية وسياسية أخرى .وانطالقا من هذه
و يبحث عن كيفية وضع حد لذلك التاريخ يُنتج الفنان معنى جديدا. الحرية املكتسبة إزاء الحتمية التاريخية،
بابتكار طريقة جديدة تُنري املايض مع تركه يف علينا أن ننظر إىل عمل كل فنان ،ال كتعبري
مكانه ،لتجاوزه تماما؟ ُجب لذاته ولذاكرته ،وإنما كتعبريمُكره وم َ
عن حركة مقصودة ،يكون قد أعطاها مغزى
وساقها للوجود.
ضيفنا
تصوير الواقع
قد يزعج ،ولكنه يساعد عىل النضج
مالك بن اسماعيل
مالك بن إسماعيل يجيب عن أسئلة ياسمينا شوبوفا
بعد مرور ثالث سنوات عىل توقيع استقالل الجزائر يف 1962الذي ختم ثمانية
سنوات من الحرب ،أخرج السينمائي اإليطايل جيلو بونتيكورفو رشيط «معركة
الجزائر» .يتناول الفيلم فرتة من أشد الفرتات دموية يف تلك الحرب ،أال وهي
معركة 1957بني املقاومني الجزائريني من أجل االستقالل املنتمني لجبهة التحرير
الوطني ،وبني السلطات االستعمارية الفرنسية.
ويف 19يونيو ،1965أثناء تصوير هذا الفيلم ،اقتحم جيش العقيد هواري بومدين
العاصمة الجزائر .فاختلطت الدبابات املستخدمة يف التصوير بالدبابات الحقيقية.
ولم يدرك محيط الرئيس أحمد بن بلة حقيقة األمر .وتمت اإلطاحة به!
وبعد ميض نصف قرن عىل هذه األحداث ،يتناول مالك بن إسماعيل الدور
التاريخي الذي لعبه هذا الفيلم ،وذلك يف رشيط وثائقي بعنوان «معركة الجزائر،
فيلم يف التاريخ» ( .)2017ويبني املخرج أن رشيطه ليس «فيلما حول الفيلم» ،بل
باألحرى قراءة يف تاريخ بالده وما مَ ر بها من أحداث :الثورة ،واالنقالب العسكري،
واألنظمة السياسية ،وإنهاء االستعمار ...ومنذ نحو ثالثني عاماً ،يقوم هذا املخرج
الجزائري بصياغة ما يسميه «الذاكرة املعارصة» لبالده.
مالك بن اسماعيل ()2016
© Bruno Lévy / Divergence
حرية التعبري ،إحدى ميزات الديمقراطية، يف التسعينات ،بينما كنا يف قلب «العقد األسود» ما الذي دعاك إىل اختيار الفيلم الوثائقي
هي موضوع الفيلم الذي خصصته يف الجزائر ،قررت التمسك بالواقع .وثابرت عىل كوسيلة للتعبري؟
للصحيفة الجزائرية املستقلة الوطن ،وقد هذا النهج .والهدف الذي أسعى إليه هو إنجاز
إن الفيلم الوثائقي أكثر قدرة من الفيلم
تم عرضه يف القاعات سنة .2015ملاذا رشيط كل سنة أو سنتني ،يتناول واقع الناس
الروائي عىل التصدي لألساطري الوطنية،
يحمل الرشيط عنوان «السلطة املضادة»؟ واملؤسسات واملواضيع االجتماعية الهامة.
واملقصود ليس محق هذه األساطري وإنما
وأرغب يف أن تتيح هذه األفالم يف ما بعد فهما ً
تُعترب الصحافة الحرة مكسبا ً من املكاسب وضعها يف مكانها الصحيح حتى ال تحطم
أفضل لطريقة بناء بلد ما عىل مر الزمن.
الديمقراطية وقد دفع العديد من الصحفيني املجتمع .وإن لم نقم بتصوير واقعنا ،فكيف
حياتهم ثمنا ً لها خالل الحرب األهلية يف وأنوي إنشاء ذاكرة معارصة ،من خالل إظهار يمكن لنا أن ننظر إىل أنفسنا؟ وما عىس
الجزائر التي نشبت يف عام ،1991وذهب هذا املِخرب الذي تمثله الجزائر ،هذا البلد أن يكون مصدر إلهامنا؟ ومن أين ستأتي
ضحيتها 200.000قتيل باإلضافة إىل الذي يبحث عن ذاته ،وما أحرزه من تقدم، أحالمنا؟ وعىل أية حال ،ال بد من التذكري
100.000مفقود .ويف ما بني عامي 1993 وما عاناه من انتكاسات ،وما يطرحه من بأن السينما انطلقت من األفالم الوثائقية:
و ،1998اغتال اإلسالميون املتطرفون قرابة تساؤالت ...وليس ثمة عصا سحرية تُحقق لنتذكر األخوين لوميري ...إن الفيلم الوثائقي
120صحفياً .ولكن هذا ال يعني أن الصحافة الديمقراطية بني ليلة وضحاها .كما ال يمكن يحدد املخيال الجماعي .وهذا الواقع هو الذي
املستقلة تمثل اليوم سلطة مضادة حقيقية تحقيقها بقوة السالح! يغذي الخيال ويوفر للمجتمع مرآة تعكس
يف بالدي. حقيقته .أنا عىل وعي بأن تصوير الواقع قد
يكون مزعجا ،ولكني أعرف أيضا ً أنه يساعد
عىل النضج.
هذا وقد توقفت الصحيفة عن الصدور ست إن صحيفة الوطن ليست هي الوحيدة التي بالنسبة لهذا الفيلم ،قررت تناول املوضوع من
مرات عىل األقل و ُرفعت بحقها نحو مائتي تقوم بهذا العمل .هناك بعض الصحف منظور «غري مبارش» ،من خالل متابعة فريق
قضية عدلية ،مما عرضها ملزيد من الهشاشة األخرى ،مثل لو كوتيديان دي وهران (صحيفة من الصحفيني أثناء قيامهم بعملهم .ذلك أن
من الناحية االقتصادية .وقد اندهشت لِما وهران اليومية) ،والخرب ،وليربتي(الحرية)، اهتمامي لم يكن متعلقا ً بالصحافة باعتبارها
سمعته من عمر بلحوشات ،مدير النرش وإىل حد ما ،لو صوار دالجريي (مساء سلطة مضادة ،بقدر ما كان يخص السلطات
ومؤسس الصحيفة ،ملا رصح بأن هذه الجزائر) ،وهي صحف تمارس املقاومة املضادة التي يجسدها األفراد.
القضايا تكتيس أهمية بالغة بالنسبة للمسار وتخوض الكفاح .وال تعد هذه الصحف صحفا ً
يف الجزائر ،لم يتطور بعد مفهوم الفرد.
الديمقراطي .كنت أظن أن هذه القضايا تمثل معارضة .بل هدفها توفري األخبار الصحيحةِ نحن محبوسون داخل فكرة الجماعة.
تجارب مريرة ،ولكن بلحوشات كان يعتربها اعتمادا عىل مصادر متوازنة .كما أن أغلبية
لدينا مسؤولية الدفاع عن أمة واحدة ،وبالد
فرصة للدفاع ليس فقط عن الصحفيني هذه الصحف لها مواقع عىل شبكة اإلنرتنت،
واحدة ،وإله واحد ،ولغة واحدة ...هذا الرقم
والرسامني الهزليني ،بل أيضا ً عن مفهوم حرية متاحة مجانا للجميع بما فيهم املغرتبني.
األحادي املوجود يف كل مكان والقادر عىل
التعبري ذاته ،وهو مفهوم مدرج يف الدستور.
ما الذي تقوم به صحيفة الوطن كل يشء من املفروض أن يشملنا جميعاً ،يف
وقد أتاحت هذه القضايا لِبلحوشات فرصة للمحافظة عىل استقالليتها؟ وكيف تضمن حني أن الواقع غري ذلك ،إذ يوجد شخصيات،
ليرشح للمحكمة معنى الرسم الهزيل ،ومعنى استمراريتها؟ ومفكرون ،وصحفيون ،وقضاة وطلبة...
الفكاهة ،والتعليق الصحفي ،والتحقيق يعيشون يف فضاء متنوع الثقافات ومتعدد
عن طريق البيع ـ فهي تطبع 140.000
االستقصائي ،وأين تكمن الروادع التي يخضع اللغات ،ويفكرون بأساليب مختلفة ،ويشكلون
نسخة ،ويبلغ ثمن النسخة الواحدة 20دينارا
لها املجتمع .وكأنه يستخدم تلك القضايا مجموعة من تلك السلطات املضادة املحدودة
(أي ما يعادل 20سنتيما ً من اليورو تقريباً)
لتدريب القضاة الشبان يف مجال حرية الالزمة لتحقيق الديمقراطية.
ـ فضالً عن اإلعالنات اإلشهارية .وبما أنها
الصحافة.
محرومة من نرش اإلعالنات الحكومية منذ عام ما الفائدة من صحيفة مستقلة إن لم يكن
لشيطك التعليم هو املوضوع الرئييس َ ،1993أنشأت الصحيفة بمواردها الخاصة لها تأثري عىل املجتمع؟
الوثائقي «الصني ال تزال بعيدة» (.)2008 إدارة لإلشهار وإدارة للتوزيع ،فضالً عن
الصحافة املستقلة قادرة ،حتى لو كانت ال
ما الذي دعاك لإلشارة إىل الصني ،يف موضوع مطبعة مستقلة باالشرتاك مع صحيفة الخرب.
تمثل سلطة مضادة حقيقية ،عىل التبليغ عن
يتعلق بمدرسة يف تفلفال ،تلك القرية وعالوة عىل ذلك ،توجهت الصحيفة نحو
ممارسات العنف الخفية التي ال يتم ذكرها
الصغرية يف جبال األوراس التي انطلقت منها اإلعالنات الخاصة التي توفر لها ما يتيح دفع البتة .وتُعترب الجزائر يف الوقت الراهن بلدا ً
رشارة حرب الجزائر يف نوفمرب 1954؟ أجور نحو مائة صحفي ومراسل ينتمون إىل
يسوده الهدوء ،محمي من اإلرهاب ،غري أنها،
هيئة التحرير.
يشري عنوان الفيلم إىل حديث للنبي محمد: يف واقع األمر ،ليست يف مأمن من التعرض
«اطلبوا العلم ولو يف الصني» .إذا كانت الصني لإلهانات والتالعب.
أرض الرموز واملعرفة ،فهي إذا تلك األرض
التي ال بد من الوصول إليها مهما كلف ذلك
من جهد .وهي أرض ال تزال بعيدة املنال ،من
مقطع من رشيط الصني ال تزال
وجهة نظر الجزائر.
بعيدة ( ،)2008ملالك بن اسماعيل.
وقبيل هذا الفيلم ،كنت قد أخرجت رشيطا ُ
وثائقيا ً حول الجنون («إختالل»)2004 ،
استوجب مني قضاء ثالثة أشهر يف مستشفى
األمراض العقلية حيث شاهدت حاالت عديدة
من الهذيان السيايس-الديني .وتساءلت عن
مصدر مثل هذا املرض ،فحصلت عىل اإلجابة
من طبيب لألمراض النفسية« :املصدر هو
املجتمع» .وهذا ما حثني عىل استكشاف
طريقة تكوين الشباب ،واألفكار التي تُلقن لهم
يف املدارس .ومن ثم ،ذهبت إىل مدرسة القرية
حيث بدأت حرب الجزائر.
كانت هذه الحرب التي استمرت ما يقارب
ثمانية أعوام ،شديدة العنف .وتحولت الجزائر
إىل أسطورة ،بفضل انتصارها ،وسعت األنظمة
املتتابعة حثيثا ً لرتسيخ هذه األسطورة.
وال أقول إنه ليس من املناسب تقوية املشاعر
الوطنية لدى املواطنني وتثمني األعمال البطولية
التي أنجزوها .ولكني ال أوافق عىل أن يتم ذلك
يف انفصال تام عن الحياة املحلية اليومية .لقد
© Unlimited/CirtaFilms
© Unlimited/CirtaFilms
يقول املخرج مالك بن اسماعيل« :ال نصنع
مالك بن إسماعيل ،سينمائي جزائري ك ّرس رشيدة امرأة مبهرة .لقد أعطتني درسا ً رائعا ً يف رشيطا حول الناس ،وإنما مع أناس من
جهوده إلنتاج األفالم الوثائقية منذ التسعينات ملا الحرية! هي أصيلة قرية أخرى تقع يف جنوب الواقع» .يف الصورة ،مجموعة من التالميذ
كانت بالده تمر بمأساة «العرشية الدامية» .وقد الجزائر ،اضطرت للفرار منها إثر طالقها ،ألن ساهموا يف رشيط الصني ال تزال بعيدة..
حظيت أفالم مالك بن إسماعيل برتحيب النقاد املرأة الطالق تعترب بمثابة العاهرة.
ونالت جوائز يف العديد من املهرجانات الدولية.
ويتم عرض هذه األفالم يف قاعات السينما كما كان من املستحيل إجراء مقابالت مع نساء
تبثها القنوات التلفزية يف جميع أنحاء العالم، أخريات ،رغم أن النساء ،يف هذه املنطقة، ويُبني الفيلم الهوة التي تفصل بني األسطورة
والسيما يف أوروبا ،ومن هذه القنوات :آرتي اشتَهرن يف املايض بقدرتِهن عىل إدارة وبني الواقع االجتماعي .ويتضح ،يف نهاية
(أملانيا ـ فرنسا) ،وكلتورا تي .يف( .الربازيل)، االقتصاد املحيل :كانت صناعة السجاجيد
والتلفزة البلجيكية الفرنكوفونية ر .ت .ب .ف،
املطاف ،أن ما يُلقن لألطفال إنما هو كره
والزراعة بني أيديهن .أما اآلن ،فقد أصبحن الغري .كما يُظهر الفيلم أن التعليم القرآني
وتي .يف( 3 .إسبانيا) ،وإييل(فنلندا) ،وفرانس قابعات خلف جدران منازلهن .ويف الريف،
تي .يف ،.وكنال ،+و بي .بي .يس .شانل فور كما يمارس اليوم ،بعيد كل البُعد عن أحاديث
نادرا ما يغادرن منازلهن ،حتى وإن تحجّ بن. النبي .لقد أرض اإلسالم السيايس أيما رضر
ّ
(اململكة املتحدة) ،وقناتي التلفزة السويرسية
فالرجال هم الذين يذهبون للسوق .وهذا أمر يف املجتمع حتى يومنا هذا ،وبالخصوص يف
الناطقتني بالفرنسية وباإليطالية ،والقناة الدولية
تي .يف 5.موند .كما فاز مالك بن إسماعيل لم يشهد له مثيل يف السابق! إن سنوات اإلسالم املناطق الريفية.
بجائزة «فيال كوجوياما» (كيوتو ،اليابان) يف السيايس والفكر املحافِ ظ قضوا تماما ً عىل
دور املرأة االجتماعي التقليدي ،وعىل جميع هل هذا ما يفرس أن رشيدة ،عاملة النظافة
عام .2010ومن املقرر عرض أعماله يف كربى
الجامعات األمريكية يف خريف عام .2018 املكاسب املتعلقة بتحريرها .وأثناء تصوير باملدرسة ،هي املرأة الوحيدة التي أدلت
الفيلم ،كانت النساء يرسلن األطفال لتزويدنا بشهادتها يف هذا الفيلم؟
بصواني الطعام والحلوى والقهوة ،ولم نر أية
واحدة منهن.
األحداث
صورة من سلسلة
جينيزيس للمصوّر
الربازييل سيباستياو
سلغادو،التقطت يف أرخبيل
غاالباغوس (اإلكوادور)،
سنة 2005
© Sebastião Salgado
أرخبيل كولومبوس:
السكان يتجندون
© Sarah Del Ben
ومنذ سنة ،2017تمت إعادة تدوير نصف ويقع منتزه غاالباغوس الوطني يف قلب
النفايات الصلبة بفضل برنامج فرز النفايات املحمية ،ويعد مثاال ناجحا للترصف التشاركي،
أسرار تيواناكو
لوسيا اغليزياس كونتز (اليونسكو)
كما يتضمّ ن هذا الربنامج الطموح ،الذي لكن هذه اآلثار املتبقية تحمل بوضوح طابع
طة للسياحة املستدامة انتهى إنجازه م ّ
ُؤخرا ،خ ّ الحضارات العظمى ملا تكنه من معجزات
(باعتبار أن تيواناكو يقع يف الهضاب املرتفعة، مثل بوما بونكو (باب بوما) ا ُملتكوّن من كتل
بالنسبة يل هو يف منطقة مُع ّرضة للزالزل ،ويف وادٍ منحرص
بني مجموعتني من الجبال) ،وكذلك ،و ِبطلب
ضخمة من الحجر الرميل يصل وزنها إىل
130طنا ،موصولة فيما بينها بواسطة مشابك
O
U
R
الذكرى 70
C
O E
U R I
بقلم أنار ّ
كسام
«نظام التفرقة العنرصية ليس ،كما
يعتقد البعض لحد اآلن ،مجهودا
صادقا يهدف إىل تحقيق تكافؤ الفرص
بني املجموعات العرقية ،لكن يف أطر
مُنفصلة .إنه دون شك تمييز عنرصي
فرضه أشخاص ذوي البرشة البيضاء،
لصالحهم حرصيّا ،وعىل حساب
السكان السود أو الذين يختلف لونهم
عن البيض» .هذا ما قرأه يف صفحات
الرسالة السجني رقم ،64/466
نيلسون مانديال ،ملا كان معتقال يف
© UNESCO / Michel Claude
التفرقة العنرصية
جزيرة روبن كانت عبارة عن ألكاتراز أفريقيا
الجنوبية ،الجزيرة-السجن حيث يقبع سجناء
الحق العام السود املحكوم عليهم با ُملؤبّد ،دون
أي أمل يف إطالق رساحهم .وعندما اشتدّت
املقاومة ضد التفرقة العنرصية وانترشت،
خالل السنوات 1960و ،1970أرسلت
الحكومة العنرصية الجنوب أفريقية املعارضني
السياسيني األكثر تأثريا إىل هناك ،لقضاء بقية
حياتهم .يف الواقع ،كانت سجنا وسط السجن،
ألن السجن الرئييس كان أفريقيا الجنوبية
ذاتها ،حيث انغلقت أقلية ا ُملستعمرين البيض
عىل شعورها الجنوني بالتفوّق العرقي عىل
الشعب األصيل .وكانت الحياة بكل جوانبها،
الخاصة منها والعامة ،تخضع لقوانني
عنرصية ت ّم سنّها بهدف قمع سمعة األغلبية
السوداء وتشويهها ،لصالح األقلية البيضاء
صاحبة كل االمتيازات.
وكانت الطبقة الحاكمة تدّعي أنها تُحافظ عىل
© UNESCO
«القيم األوروبية» وتدعمها ،بعنوان مهمتها
املزعومة «للنهوض الحضاري» بأفريقيا .وهو
موقف متناقض ،بما أنها يف الحقيقة ،تتجاهل غالف عدد نوفمرب 1977لرسالة اليونسكو
تلك القيم التي ترتكز عىل مبادئ الحرية،
والعدالة ،والديمقراطية واألخوة ،وهي القيم من الواضح أن هذه املج ّلة ال تمثل يف نظر
التي ناضل األوروبيون من أجلها طيلة قرون. إدارة السجن التي ال تفقه يف الغالب إال اللغة
لم يكن يُوجد أيّ من هذه املواضيع يف قاموس األفريقانية ،أية خطورة بالنسبة لهذه الفصيلة
وانطالقا من هذا الرصاع بالتحديد – أي من التفرقة العنرصية ،وال يف األرايض القاحلة من السجناء الذين كان يُسمح لهم ،بعد قضاء
الحرب ا ُملدمّ رة ضد العنرصية النازية التي لجزيرة روبن .وأرصّ مانديال عىل إعالم املدير يوم يف األشغال الشاقة يف محجر من الكلس،
كادت أن تج ّر العالم إىل الهاوية ،خالل الحرب العام لليونسكو بأن مطالعة الرسالة كانت باال ّ
طالع يف زنزانتهم عىل مثل تلك املحتويات
العاملية الثانية – تم إنشاء اليونسكو ونظام الصلة التي تربطهم بالعالم الخارجي. «الخالية من األهميّة».
األمم املتحدة .لقد أدركت أمم العالم سنة
لقد حظيت بمرافقة فيديريكو مايور يف تلك وقد قص مانديال بنفسه هذه الوقائع يف
،1945أنه «ال مجال أبدا» للقبول بمثل هذه
الزيارة ،وعندما استمعت إىل ترصيحات سبتمرب 1996يف مكتبه الرئايس بمبنى
املآيس مستقبال .وق ّررت ،يف إطار اليونسكو،
الرئيس ،تساءلت عن مغزاها وعن مدى يونيون بلدنغس يف بريتوريا ،عىل فيديريكو
وبكل وضوح ،أن «حصون السالم يجب أن
أهمّ يتها .لقد لعبت الرسالة دور الحمام الزاجل مايور املدير العام لليونسكو آنذاك ،خالل
تبنى يف عقول البرش»( ،كما جاء يف امليثاق
بني باريس وهذه الجزيرة الصغرية النائية الزيارة الرسمية التي أداها ألفريقيا الجنوبية
التأسييس للمنظمة) بفضل تقاسم املعارف
الواقعة وسط جنوب املحيط األطليس ،لتحمل الجديدة يف عهدها الديمقراطي.
وتطويرها يف جميع املجاالت ،وال سيما يف
ملانديال ورفاقه أخبارا وأفكارا من القارات
مجاالت الرتبية والعلم والثقافة. وذ ّكر الرئيس بأنه كان يستمتع ،هو ورفاقه،
الخمس يف غفلة ح ّراس الدولة البوليسية التي
ولم يستوعب نظام أفريقيا الجنوبية هذا كانت قائمة يف أفريقيا الجنوبية زمن التفرقة بقراءة الرسالة ،تلك «النافذة املفتوحة» عىل
الدرس ،بل اختار امليضّ يف االتجاه املعاكس، العنرصية .ممّ ا يعني أن املعرفة واألفكار قادرة العديد من املواضيع الجديدة ،مثل التنوّ ع
بتدعيم التفرقة ،واإلقصاء ،والحرمان ،واإلهانة، عىل التحليق ،عند الحاجة! الثقايف ،وتراث اإلنسانية املشرتك ،وتاريخ
والعنف .وكل من يعارض هذه اإليديولوجيا أفريقيا ،والتعليم يف سبيل التنمية...
ا ُملتخ ّلفة كان عقابه النفي ا ُملؤبّد.
يوم 11أكتوبر
،1990اجتاز
مانديال أبواب
السجن
ملخص التقرير العاملي لرصد وسائل اإلعالم يف م واجهة اإلرهاب: منع التط ّرف العنيف من خالل اشرتكوا يف النسخة الورقية
التعليم 2017/18 دليل للصحفيني التعليم :دليل لصانعي السياسات
املساءلة يف مجال التعليم: ISBN 978-92-3-600065-7
• سنتان ( 8أعداد) 54 :يورو • سنة واحدة ( 4أعداد) 27 :يور و
ISBN 978-92-3-600068-8
الوفاء بتعهّ داتنا 75صفحة 24 x 17 ،صمُ ،م ّ
سف ر
110صفحات 21 x 14،8 ،صم، ملزيد التفاصيلhttp://publishing.unesco.org : وحيث أن هذه النرشية ليس لها غاية ربحية ،فإن
ISBN 978-92-3-600069-5 ُم ّ
سف رPDF ، ُم ّ
توف ر عىل املوقع سعرها يُغ ّ
448صفحة 28 x 21،5 ،سمُ ،م ّ DL Services – C/O Michot Entrepôts طي فقط تكاليف طبعها وإرسالها.
سف ر، ُم ّ
توف ر عىل املوقع http://unesdoc.unesco.org
45يورو http://unesdoc.unesco.org Chaussée de Mons 77,
تعرض هذه النرشية توجيهات عمل يّة عىل عرض تفضييل لالشرتاكات ا ُملج ّمعة %10 :تخفيض
هذا الدليل ا ُمل وجّ ه للصحفيني وللمحرتفني أصحاب مهنة التعليم (أصحاب الق رار B 1600 Sint Pieters Leeuw, Belgique
يواصل التقرير الثاني من سلسلة التقارير يف وسائل اإلعالم يهدف إىل توفري املعلومات السيايس ،املد ّرسني والجهات الفاعلة يف Tél.: (+ 32) 477 455 329 E-mail: jean.de.lannoy@dl-servi.com بداية من خمسة اشرتاكات.
العاملية لرصد التعليم تقييم التقدم املحرز األساس يّة والتشجيع عىل التفكري يف معالجة مجال الرتبية) ملواجهة املشاكل الخصوص يّة
يف تحقيق هدف التنمية املستدامة الخاص اإلرهاب يف وسائل اإلعالم وبواسطتها. التي يطرحها التط ّرف العنيف.
بالتعليم (هدف التنمية املستدامة )4
واستنادا إىل نصائح خرباء ومؤسسات ّ
خاص ة إىل مساعدة ويهدف الدليل بصفة
وغاياته العرش.
مشهورة ،واالستشهاد بالعديد من األمثلة، ا ُمل ك ّل فني وا ُمل ك ّل فات بوضع السياسات صلب © UNESCO 2018 املح ّررون: - 2018عدد - 3تصدر منذ 1948
ويبحث التقرير قضية املسؤولية يف مجال يستكشف هذا الدليل التحديات املهنية وزارات الرتبية عىل ضبط األولويّات ،وعىل ISSN 2220-3540 • eISSN 2220-3559 اإلنجليزية :رشاز سيدهفا
التعليم ،محل الً ُ
الس بل التي تتيح لجميع تصدر رسالة اليونسكو فصليا ،عن منظمة األمم املتحدة
واملعضالت األخالقية عند القيام بتغطية برمجة وتطبيق إج راءات وقائية ناجعة
العربية :أنيسة الربّاق
للرتبية والعلم والثقافة .هدفها التعريف باملثل العليا للمنظمة
الجهات الفاعلة املعنية تعزيز الفعالية األحداث اإلرهابية ،كما يطرح التساؤالت يف مجال التعليم ،كمساهمة يف األنشطة الصينية :سون مني ودار الصني للرتجمة والنرش
من خالل نرش تبادل األفكار حول مواضيع ذات بُعد دويل
مجلة فصلية ح ّرة اإلقتناء ،برتخيص من اإلسبانية :بياتريز خواز ومتعلقة باملهام املوكولة إليها.
والكفاءة واإلنصاف يف توفري التعليم. األساسية حول تأثري تلك املعالجة عىل الوطنية للوقاية من التط ّرف العنيف. )Attribution-ShareAlike 3.0 IGO (CC-BY-SA 3.0 IGO الفرنسية :ريجيس مريان
التماسك االجتماعي وعىل انتشار الخوف )(http://creativecommons.org/licenses/by-sa/3.0/igo/ السخي الذي ّ
توفره ّ تصدر رسالة اليونسكو بفضل الدعم
الروسية :مارينا يرتسيفا
يعرتف مستعميل محتويات املجلة بقبولهم رشوط اإلستعمال جمهورية ِّ
الصني الشعبية.
يف املجتمع. املنصوص عليها يف نظام التوثيق املفتوح لليونسكو الرتجمة :منري الرشيف ،خالد أبو حجلة ،نبيل السّ خاوي ،النغسباير
http://ar.unesco.org/open-access/ التصميم :كورين هايوارث املدير :فانسان دي فورني
صورة الغالف © : :فرانشسكو رواغ مديرة التحرير :ياسمينا شوبوفا
يطبق هذا الرتخيص حرصيّا عىل استعمال النصوص .بالنسبة الطباعة :اليونسكو
الستعمال الصور ،من الرضوري توجيه طلب إىل اليونسكو مدير اإلنتاج والرتويج :إيان دنيسون
للحصول عىل ترخيص مسبق. النرشات املشرتكة: أمينة التحرير :كاترينا مركيلوفا
إن التسميات وطريقة تصميم املعطيات الواردة يف هذه النرشية الربتغالية :آنا لوشيا غيمارايس محررة :شان سياورونغ
تعب عن أي موقف ملنظمة اليونسكو حول الوضع القانوني ال ّ اسبريانتو :تريزورو هوانغ ينباو مح ّررة النسخة اإللكرتونية :ماالهات إبراهيموفا
للدول ،ولألرايض ،وللمدن أو املناطق ،أو حول الهيئات الحاكمة، الرسدينية :دياغو كرايني إخراج الصور :دانيكا بيجلجاك
أو الحدود املرسومة. اإلرشادات وحقوق إعادة النرش: اإلنتاج الرقمي :دنيس بتزاليس
تعب املقاالت الواردة يف هذه النرشية عن أفكار وآراء مؤ ّلفيها،
ّ courier@unesco.org العالقات مع وسائل اإلعالم :اليتيسيا كايس
وهي ليست بالرضورة آراء منظمة اليونسكو وال تلزمها بأي 7, place de Fontenoy, 75352 Paris 07 SP, France مساعدة اإلدارة والتحرير :كارولينا روالن أورتيغا
شكل من األشكال. © UNESCO 2018
الذكرى 70لتأسيس ال ّرسالة
العلم عبر الصفحات
يوليو-سبتمرب 2018
ال ّذكاء
االصطناعي
وعود وتهديدات