You are on page 1of 5

‫المرتكزات األخالقية إلدارة المؤسسات التربوية‬

‫د‪ .‬سامية صالح ‪ -‬مصر‬


‫‪18/04/2006‬‬

‫أستاذ أصول التربية‪ +‬المساعد‬

‫ورئيس قسم رياض األطفال‬

‫كلية التربية النوعية ببورسعيد‬

‫اإلدارة هي األداة األساسية التي يتوقف عليها تحقيق أهداف المؤسسات على اختالف‬
‫أنواعها‪ ،‬سواء كانت مؤسسات خاصة ربحية‪ ،‬أو مؤسسات عامة خدمية‪ .‬وتعتبر‪ +‬مؤسسات‬
‫البحث العلمي والمؤسسات التربوية‪ +‬مؤسسات خدمية لما تقدمه للمجتمع من علم ونفع‬
‫عظيم‪ .‬وتعتبر مسئولياتها من أصعب المسئوليات اإلدارية لتأثيرها المباشر على الباحثين‬
‫والمربين الذين يتولون بناء وإنماء شخصيات األبناء واألجيال المقبلة التي ستقود مستقبل‬
‫‪.‬الوطن كله‬

‫ولإلدارة أبعاد عديدة‪ ،‬قد ال يتسع المجال لحصرها‪ ،‬من أهمها البعد األخالقي الذي يؤثر في‬
‫نجاح اإلدارة في القيام بوظائفها وتحقيق أهدافها تأثيراً كبيراً‪ ,‬فاألخالق هي التطبيق العملي‬
‫والممارسة الفعلية لمنظومة القيم التي أرساها الدين في حياتنا‪ .‬ولما قال رسول هللا‪ ،‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪" ،‬أدبني‪ +‬ربي فأحسن تأديبي"‪ ،‬وقالت السيدة عائشة‪ ،‬رضى هللا عنها‪،‬‬
‫"كان خلقه القرآن" فإنه يتضح أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هما المصدر‬
‫‪.‬األساسي لألخالق في جميع مناحي الحياة‬

‫ولقد وضع اإلسالم منظومة‪ +‬القيم التي ينبغي أن يرتكز عليها البعد األخالقي لإلدارة‪ ،‬ليكون‬
‫نمطها مطابقا ً لتعاليم الدين ولسنة‪ +‬الرسول الكريم‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬والتي تتضح‪ +‬خالل‬
‫‪:‬اإلطارين األساسين التاليين‬
‫‪.‬اإلطار األخالقي لمسئولية المدير عن المؤسسة والعاملين فيها ‪1-‬‬

‫‪.‬اإلطار األخالقي لمسئولية المدير عن نفسه كمدير للمؤسسة ‪2-‬‬

‫‪:‬ويمكن توضيح‪ +‬ذلك فيما يلي‬

‫‪:‬أوالً‪ :‬اإلطار األخالقي لمسئولية المدير عن المؤسسة والعاملين فيها‬

‫تعتمد مسئولية‪ +‬المدير عن المؤسسة‪ +‬والعاملين فيها على مدى حرصه على ترسيخ‪ +‬القيم‬
‫‪:‬اإلسالمية لألخالقيات اإلدارية‪ +‬والتي من أهمها ما يلي‬

‫‪:‬األمانة‪1-‬‬

‫مدير المؤسسة مسئول‪ +‬عنها وعن العاملين فيها مسئولية تامة‪ ،‬ويجب أن يكون أمينا ً على‬
‫كل مشتمالتها ومصالحها وأن يخلص العمل من أجل نجاحها في تحقيق أهدافها‪ ،‬ومن أجل‬
‫تقدمها وتحسين أدائها‪ .‬كما يجب أن يكون أمينا ً مع العاملين معه يصدقهم القول‪ ،‬ويحفظ‬
‫أسرارهم‪ ،‬ويراعي مشاعرهم فال يضرهم أو يؤذيهم‪ ،‬وال يذكرهم في غيبتهم بما ال‬
‫"‪.....‬يرضيهم‪ +..‬قال رسول هللا‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬كلكم راع وكلكم مسئول‪ +‬من رعيته‬

‫‪:‬العدل ‪2-‬‬

‫المدير هو القاضي والحاكم في المؤسسة‪ +‬التي يتولى إدارتها‪ ،‬ولقد قال تعالى‪":‬وإذا حكمتم‬
‫بين الناس أن تحكموا بالعدل"(النساء‪ ،)58 :‬فال يجوز للمدير أن يكون متحيزاً لفئة أو‬
‫لفرد على حساب باقي األفراد؛ حتى ال يزرع الحقد والكراهية في نفوس العاملين معه في‬
‫المؤسسة‪ ،‬بل يجب أن يتيح‪ +‬الفرص للجميع للمشاركة في العمل والتعبير عن قدراتهم‬
‫‪.‬وإظهار إمكاناتهم‪ ،‬فتزيد درجة الرضا الوظيفي واإلقبال على العمل لديهم‬

‫‪:‬الشورى ‪3-‬‬
‫لقد اصطفى هللا‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬نبيه الكريم محمد‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬واختاره للرسالة‬
‫لرجاحة عقله ولخلقه الكريم‪ ،‬ورغم ذلك أمره بمشاورة أصحابه ولم يقصر الفهم عليه ولم‬
‫يقلل من شأن تابعيه‪ ،‬قال تعالى‪ ":‬وشاورهم في األمر"(آل‪ +‬عمران‪ ،)159:‬فال يجوز لمدير‬
‫المؤسسة أن يكون متشككا ً في عقول اآلخرين وفي قدرتهم على التفكير واتخاذ القرار‪ ،‬وال‬
‫يجوز أن يكون مستبداً برأيه منفرداً باتخاذ القرارات‪ ،‬وال يجوز أن يعتبر أي خطأ أو تقصير‬
‫‪.‬من أحد األفراد ذريعة إلقصائه عن المشاركة في صنع القرار‬

‫‪:‬الرحمة ‪4-‬‬

‫الرحمة من أسماء هللا الحسنى فهو الرحمن الرحيم‪ ،‬أوصى رسوله الكريم بالرحمة مع‬
‫الناس جميعا ً حتى بالمشركين الذين تفننوا في إيذائه‪ ،‬قال تعالى"فبما رحمة من ربك لنت‬
‫لهم ولو كنت فظا ً غليظ القلب النفضوا من حولك"(آل عمران‪ ،)159:‬لهذا ينبغي على مدير‬
‫المؤسسة أن يتذكر دائما ً أن العاملين بها بشر يتعرضون لألزمات الصحية والنفسية‪،‬‬
‫وعليه أن يقدر ظروفهم ويعطيهم الفرصة لتصحيح أوضاعهم‪ ،‬واستعادة اتزانهم النفسي‬
‫‪.‬والصحي‬

‫‪:‬ثانياً‪ :‬اإلطار األخالقي لمسئولية المدير عن نفسه كمدير للمؤسسة‬

‫يتحمل مدير المؤسسة مسئولية‪ +‬كبيرة نحو نفسه؛ حتى يكون أهالً لإلدارة وجديراً بها‬
‫وقادراً على الوفاء بكل متطلباتها‪ ،‬وتتضح‪ +‬مشتمالت اإلطار األخالقي لمسئوليته‪ +‬عن نفسه‬
‫‪:‬فيما يلي‬

‫‪:‬أوالً‪:‬مسئوليات عقلية‬

‫‪ PLANNING‬أن يتقن القيام بكل الوظائف المتعلقة باإلدارة بداية من التخطيط ‪1-‬‬
‫ثم توزيع‪ +‬المسئوليات على ‪ ORGANIZATION،‬لتحقيق أهداف المؤسسة‪ +،‬والتنظيم‬
‫والتنسيق بين ‪ DIRECTING‬والتوجيه واإلرشاد ‪ STAFFING،‬أفراد المؤسسة‪+‬‬
‫وعمل التقارير ‪ COORDINATING،‬األعمال واألقسام بالمؤسسة‪+‬‬
‫بشكل صحيح‪ ،‬وتحديد التكاليف والميزانيات الالزمة ‪REPORTING‬‬
‫وأن يؤدي ذلك بكل البراعة واإلتقان‪ ,‬قال رسول هللا‪ ،‬صلى هللا عليه ‪BUDGETING‬‬
‫‪".‬وسلم‪ " ،‬إن هللا يحب إذا عمل أحدكم عمالً أن يتقنه‪+‬‬

‫أن يشجع البحث العلمي في مؤسسته‪ +،‬ويستزيد من المعرفة بكل ما هو موجود بها من ‪2-‬‬
‫‪.‬تخصصات مختلفة‪ ،‬قال تعالى‪ ":‬وقل رب زدني علماً"(طه‪)114:‬‬

‫أن يرقى بقدراته العقلية فيمارس الفهم والتحليل‪ ،‬وال يعتمد على الحدس والتخمين‪3- ،‬‬
‫وال يصدر األحكام المتسرعة قبل التحقق من حقيقة األمور‪ ،‬قال تعالى‪ ":‬يأيها الذين آمنوا‬
‫‪.‬اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم"(الحجرات‪)12:‬‬

‫‪4-‬‬ ‫أن يرتب أفكاره في تسلسل منطقي وأسلوب يتسم بالهدوء واإلقناع‪ ،‬قال‬
‫‪.‬تعالى‪":‬وجادلهم بالتي هي أحسن"(النحل‪)125:‬‬

‫‪:‬ثانياً‪ :‬مسئوليات نفسية‬

‫أن يدرب نفسه على ضبط انفعاالته والسيطرة عليها‪ ،‬فقوة شخصية اإلنسان تقاس ‪1-‬‬
‫بمدى قدرته على ضبط النفس والتحكم في االنفعاالت‪ ,‬قال تعالى‪":‬والكاظمين الغيظ‬
‫‪.‬والعافين عن الناس"(آل عمران‪)134:‬‬

‫أن يسمو بنفسه عن الميل مع الهوى والعاطفة‪ ،‬وال يمنح المقربين إلى نفسه ‪2-‬‬
‫االمتيازات والمفاضالت ويحرم منها كل من ال يجد القبول لديه‪ ،‬بل يكون إنسانا عادالً‬
‫ومنصفاً‪ ،‬قال تعالى‪":‬وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي‬
‫‪.‬المأوى"(النازعات‪)40:‬‬

‫أن يحول دون تسرب الغرور والخيالء إلى نفسه فال يكثر من الحديث عن نفسه وعن ‪3-‬‬
‫محاسنه ومآثره‪ ،‬قال تعالى‪ ":‬إن هللا ال يحب من كان مختاالً فخوراً"(النساء‪ ،)36:‬وال‬
‫يستغرق أوقات االجتماعات في الحديث عن أفضاله وإحسانه على العاملين بالمؤسسة‪ +‬حتى‬
‫ال يؤذي مشاعرهم‪ ،‬قال تعالى‪ ":‬يأيها الذين آمنوا ال تبطلوا صدقاتكم بالمن‬
‫‪.‬واألذى"(البقرة‪)264:‬‬
‫أن يحسن معاملة صغار العاملين في المؤسسة‪ +‬ويمنحهم فرص العمل من أجل الترقي‪4- ،‬‬
‫وفي نفس الوقت ال يضيع حقوق الكبار أو يتجاهل وجودهم وخبرتهم ويسلبهم مكانتهم‪،‬‬
‫‪".‬قال رسول هللا‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا‬

‫أن يكون قدوة لمن سيتولى اإلدارة بعده‪ ،‬في احترام وتقدير من سبقوه في إدارة ‪5-‬‬
‫المؤسسة‪ ،‬فال يقلل من قيمة منجزاتهم وال يسخر منها‪ ،‬بل يعتبر نفسه مكمالً لمشوارهم‬
‫في تحقيق أهداف المؤسسة التي يديرها‪ ،‬مؤمنا ً بقوله تعالى‪ ":‬وما أوتيتم من شئ فمتاع‬
‫‪.‬الحياة الدنيا وزينتها وما عند هللا خير وأبقى أفال تعقلون"(القصص‪)60:‬‬

You might also like