Professional Documents
Culture Documents
اإلدارة هي األداة األساسية التي يتوقف عليها تحقيق أهداف المؤسسات على اختالف
أنواعها ،سواء كانت مؤسسات خاصة ربحية ،أو مؤسسات عامة خدمية .وتعتبر +مؤسسات
البحث العلمي والمؤسسات التربوية +مؤسسات خدمية لما تقدمه للمجتمع من علم ونفع
عظيم .وتعتبر مسئولياتها من أصعب المسئوليات اإلدارية لتأثيرها المباشر على الباحثين
والمربين الذين يتولون بناء وإنماء شخصيات األبناء واألجيال المقبلة التي ستقود مستقبل
.الوطن كله
ولإلدارة أبعاد عديدة ،قد ال يتسع المجال لحصرها ،من أهمها البعد األخالقي الذي يؤثر في
نجاح اإلدارة في القيام بوظائفها وتحقيق أهدافها تأثيراً كبيراً ,فاألخالق هي التطبيق العملي
والممارسة الفعلية لمنظومة القيم التي أرساها الدين في حياتنا .ولما قال رسول هللا ،صلى
هللا عليه وسلم" ،أدبني +ربي فأحسن تأديبي" ،وقالت السيدة عائشة ،رضى هللا عنها،
"كان خلقه القرآن" فإنه يتضح أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هما المصدر
.األساسي لألخالق في جميع مناحي الحياة
ولقد وضع اإلسالم منظومة +القيم التي ينبغي أن يرتكز عليها البعد األخالقي لإلدارة ،ليكون
نمطها مطابقا ً لتعاليم الدين ولسنة +الرسول الكريم ،صلى هللا عليه وسلم ،والتي تتضح +خالل
:اإلطارين األساسين التاليين
.اإلطار األخالقي لمسئولية المدير عن المؤسسة والعاملين فيها 1-
تعتمد مسئولية +المدير عن المؤسسة +والعاملين فيها على مدى حرصه على ترسيخ +القيم
:اإلسالمية لألخالقيات اإلدارية +والتي من أهمها ما يلي
:األمانة1-
مدير المؤسسة مسئول +عنها وعن العاملين فيها مسئولية تامة ،ويجب أن يكون أمينا ً على
كل مشتمالتها ومصالحها وأن يخلص العمل من أجل نجاحها في تحقيق أهدافها ،ومن أجل
تقدمها وتحسين أدائها .كما يجب أن يكون أمينا ً مع العاملين معه يصدقهم القول ،ويحفظ
أسرارهم ،ويراعي مشاعرهم فال يضرهم أو يؤذيهم ،وال يذكرهم في غيبتهم بما ال
".....يرضيهم +..قال رسول هللا ،صلى هللا عليه وسلم " :كلكم راع وكلكم مسئول +من رعيته
:العدل 2-
المدير هو القاضي والحاكم في المؤسسة +التي يتولى إدارتها ،ولقد قال تعالى":وإذا حكمتم
بين الناس أن تحكموا بالعدل"(النساء ،)58 :فال يجوز للمدير أن يكون متحيزاً لفئة أو
لفرد على حساب باقي األفراد؛ حتى ال يزرع الحقد والكراهية في نفوس العاملين معه في
المؤسسة ،بل يجب أن يتيح +الفرص للجميع للمشاركة في العمل والتعبير عن قدراتهم
.وإظهار إمكاناتهم ،فتزيد درجة الرضا الوظيفي واإلقبال على العمل لديهم
:الشورى 3-
لقد اصطفى هللا-سبحانه وتعالى -نبيه الكريم محمد ،صلى هللا عليه وسلم ،واختاره للرسالة
لرجاحة عقله ولخلقه الكريم ،ورغم ذلك أمره بمشاورة أصحابه ولم يقصر الفهم عليه ولم
يقلل من شأن تابعيه ،قال تعالى ":وشاورهم في األمر"(آل +عمران ،)159:فال يجوز لمدير
المؤسسة أن يكون متشككا ً في عقول اآلخرين وفي قدرتهم على التفكير واتخاذ القرار ،وال
يجوز أن يكون مستبداً برأيه منفرداً باتخاذ القرارات ،وال يجوز أن يعتبر أي خطأ أو تقصير
.من أحد األفراد ذريعة إلقصائه عن المشاركة في صنع القرار
:الرحمة 4-
الرحمة من أسماء هللا الحسنى فهو الرحمن الرحيم ،أوصى رسوله الكريم بالرحمة مع
الناس جميعا ً حتى بالمشركين الذين تفننوا في إيذائه ،قال تعالى"فبما رحمة من ربك لنت
لهم ولو كنت فظا ً غليظ القلب النفضوا من حولك"(آل عمران ،)159:لهذا ينبغي على مدير
المؤسسة أن يتذكر دائما ً أن العاملين بها بشر يتعرضون لألزمات الصحية والنفسية،
وعليه أن يقدر ظروفهم ويعطيهم الفرصة لتصحيح أوضاعهم ،واستعادة اتزانهم النفسي
.والصحي
يتحمل مدير المؤسسة مسئولية +كبيرة نحو نفسه؛ حتى يكون أهالً لإلدارة وجديراً بها
وقادراً على الوفاء بكل متطلباتها ،وتتضح +مشتمالت اإلطار األخالقي لمسئوليته +عن نفسه
:فيما يلي
:أوالً:مسئوليات عقلية
PLANNINGأن يتقن القيام بكل الوظائف المتعلقة باإلدارة بداية من التخطيط 1-
ثم توزيع +المسئوليات على ORGANIZATION،لتحقيق أهداف المؤسسة +،والتنظيم
والتنسيق بين DIRECTINGوالتوجيه واإلرشاد STAFFING،أفراد المؤسسة+
وعمل التقارير COORDINATING،األعمال واألقسام بالمؤسسة+
بشكل صحيح ،وتحديد التكاليف والميزانيات الالزمة REPORTING
وأن يؤدي ذلك بكل البراعة واإلتقان ,قال رسول هللا ،صلى هللا عليه BUDGETING
".وسلم " ،إن هللا يحب إذا عمل أحدكم عمالً أن يتقنه+
أن يشجع البحث العلمي في مؤسسته +،ويستزيد من المعرفة بكل ما هو موجود بها من 2-
.تخصصات مختلفة ،قال تعالى ":وقل رب زدني علماً"(طه)114:
أن يرقى بقدراته العقلية فيمارس الفهم والتحليل ،وال يعتمد على الحدس والتخمين3- ،
وال يصدر األحكام المتسرعة قبل التحقق من حقيقة األمور ،قال تعالى ":يأيها الذين آمنوا
.اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم"(الحجرات)12:
4- أن يرتب أفكاره في تسلسل منطقي وأسلوب يتسم بالهدوء واإلقناع ،قال
.تعالى":وجادلهم بالتي هي أحسن"(النحل)125:
أن يدرب نفسه على ضبط انفعاالته والسيطرة عليها ،فقوة شخصية اإلنسان تقاس 1-
بمدى قدرته على ضبط النفس والتحكم في االنفعاالت ,قال تعالى":والكاظمين الغيظ
.والعافين عن الناس"(آل عمران)134:
أن يسمو بنفسه عن الميل مع الهوى والعاطفة ،وال يمنح المقربين إلى نفسه 2-
االمتيازات والمفاضالت ويحرم منها كل من ال يجد القبول لديه ،بل يكون إنسانا عادالً
ومنصفاً ،قال تعالى":وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي
.المأوى"(النازعات)40:
أن يحول دون تسرب الغرور والخيالء إلى نفسه فال يكثر من الحديث عن نفسه وعن 3-
محاسنه ومآثره ،قال تعالى ":إن هللا ال يحب من كان مختاالً فخوراً"(النساء ،)36:وال
يستغرق أوقات االجتماعات في الحديث عن أفضاله وإحسانه على العاملين بالمؤسسة +حتى
ال يؤذي مشاعرهم ،قال تعالى ":يأيها الذين آمنوا ال تبطلوا صدقاتكم بالمن
.واألذى"(البقرة)264:
أن يحسن معاملة صغار العاملين في المؤسسة +ويمنحهم فرص العمل من أجل الترقي4- ،
وفي نفس الوقت ال يضيع حقوق الكبار أو يتجاهل وجودهم وخبرتهم ويسلبهم مكانتهم،
".قال رسول هللا ،صلى هللا عليه وسلم" :ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا
أن يكون قدوة لمن سيتولى اإلدارة بعده ،في احترام وتقدير من سبقوه في إدارة 5-
المؤسسة ،فال يقلل من قيمة منجزاتهم وال يسخر منها ،بل يعتبر نفسه مكمالً لمشوارهم
في تحقيق أهداف المؤسسة التي يديرها ،مؤمنا ً بقوله تعالى ":وما أوتيتم من شئ فمتاع
.الحياة الدنيا وزينتها وما عند هللا خير وأبقى أفال تعقلون"(القصص)60: