Professional Documents
Culture Documents
األهداف التعليمية:
بعد دراسة هذه الوحدة التعليمية يجب أن يكون الطالب قاد ار على أن:
بدايةا ،إن كل األفالم -كوميدية ،مأساوية ،خيالا علميا ،مطاردات عنف ،رعبا -تحمل "وجهة نظر ما"،
يدعي بعضهم ،ويؤكد تلك المقولة المخرج األمريكي كوبول
تحمل فك ار محددا ،وليست خالية كما قد ّ
فيقول" :إن أكثر األفالم سياسة في العالم يمكن أن نجدها ل تحتوي على أي موضوع سياسي".
2
في ألمانيا:
في إيطاليا:
3
إن الفيلم السياسي بأشكاله الدرامية األولى يسعى إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من الوثائقية ،لكن
عبر مادة روائية درامية ،غير أن الفيلم السياسي مع الزمن لم يعد يعتمد فقط على إعادة بناء وتصوير
الوقائع والحوادث والعمليات الجتماعية ،إنما راح يسعى إلى تصوير كل ذلك كما هو أو كما جرى في
الواقع ،ويضيفه وفق عالقة عضوية فنية إلى المادة الوثائقية ذاتها ،ثم إن التحليل السياسي يتعمق في
يستغني الفيلم السياسي عن
َ تناول الواقع الجتماعي وظواهره وقضاياه بشكل مباشر ،من هنا ل يمكن أن
صور الواقع الجتماعي ذاته عن طريق صور تشبه هذا الواقع وتمثله ،وفي اإلطار ذاته يجب على الفيلم
السياسي أن يعتمد الوثيقة بشكل مباشر ،ويجعلَها مادته األساسية.
من جهابذة السينما الوثائقية في وحدات المشاة والدبابات وعلى متن الطائرات المقاتلة والسفن الحربية ليالا
ونها ار وفي أي حالة من حالت الطقس مسجلين على الشريط السينمائي كل شيء ،سجلوا أكثر من 9.3
ماليين من األشرطة السينمائية ُع ّدت َمعينا ل ينضب إلنتاج أفالم وثائقية وروائية عن الحرب ،وقد
أتاحت هذه األفالم لرومان كارمن ِ
أحد أعالم السينما الوثائقية أن ُيخرج ملحمة وثائقية سينمائية عن
الحرب الوطنية األولى والتي ُعرضت في العالم بأسره.
4
ج .صناعة الفيلم الوثائقي السياسي:
إن صناعة الفيلم الوثائقي السياسي ورؤيتَه يمكن أن تتم في أي زمان من أيام السلم أو من أيام الحرب
وفي أي مكان في الحياة والمجتمع ،في الجامعات وفي النقابات وفي المصانع والمزارع ..إلخ ،وهي
تحتاج إلى الشجاعة والمثابرة ألن قول الحقيقة غالبا ما ُيغضب ويؤلب الكثيرين على الذين يحاولون
مساءلة الرواية الرسمية لألحداث والقضايا ،كما أن أهم صفة يجب أن يتحلى بها صانع الفيلم الوثائقي
عامة والوثائقي السياسي خاصةا هي اإلخالص للحقيقة ،وفي هذا المقام يقول الفيلسوف فريدرك نيتشه:
"ل يكفي لطالب الحقيقة أن يكون مخلصا في قصده بل عليه أن يترصد إخالصه ويقف موقف الشك
منه ،ألن عاشق الحقيقة يهيم بها لذاتها"
الفلوجة ،أما بالنسبة لبيلجر نفسه ،فإن التيمة الرئيسة في أعماله دائم ا هي انتقاد السياسة الخارجية للدول
الغربية وبخاصة أمريكا ،وهو يتشابه بذلك مع المخرج األمريكي مايكل مور ،وقال بيلجر في مقال كتبه
في صحيفة الغارديان إنه مثل بقية مخرجي هذا النوع من األفالم فإن أعماله ُعرضت في كل أنحاء
العالم باستثناء الوليات المتحدة تمام ا كأفالم مايكل مور التي تواجه دائم ا صعوبات في عرضها في
الوليات المتحدة ،ويقول بيلجر" :إن الفيلم الوثائقي يعود بالجائزة أخي ار عندما ينجح في اإلمساك بتالبيب
المشاهد" كما فعل بيتر ديفيس في فيلمه الوثائقي الذي حاز على األوسكار عام 0391والذي قدم
5
لقطتين كالسيكيتين :األولى لولد يبكي والده الذي قتله األمريكيون وتعليق جنرال أمريكي قائالا ثمن حياة
الشرقي ل تساوي ثمن حياة الغربي ،أما الثانية فصورة فتاة عارية تخرج من حقل ألغام النابالم ،جسدها
محروق ،تتبعها امرأة تحمل ابنها الذي انفصل جلده عن جسده ،فيلم قلوب وعقول هو فيلم عن بربرية
الحرب ،وقدرة الفيلم الوثائقي على تسجيل وتوثيق فظائعها.
وتحدث بيلجر في مقاله في الغارديان -الذي ُن ِش َر بمناسبة مهرجان أفالمه -عن اإلحياء الذي يعيشه
ودور السينما تمثل اآلن األمل الباقي
الفيلم الوثائقي السياسي في السينما وليس التلفاز ،ويرى أن السينما َ
للفيلم السياسي الوثائقي الطابع ،ولكن العرض في السينما يضع على المخرج شرط المزاوجة بين النجاح
التجاري وأن تكون شعبية كما في أفالم األمريكي مايكل مور.
مع ذلك ،تبقى العالقة بين الفيلم الوثائقي السياسي والتلفزيون مصدر أهم هذه الصعوبات والمشكالت،
حيث إن تطور النشاط والحركة التلفزيونية وتزايد رقعة البث التلفزيوني واتساعها ولسيما بعد ظهور
الفضائيات وتكاثرها بدأ يستدرج الفيلم الوثائقي السياسي ويفرغه من شكله ومحتواه ليحوله إلى فيلم دعائي
إيديولوجي يتسم بالتفاهة والسطحية ،وربما بعيدا كل البعد عن أبسط الحقائق كما هو الحال في فيلم
"عصر اإلرهاب" الذي ُعرض على شاشة قناة العربية بداية عام ،7119والذي كان يختزل ظاهرة
اإلرهاب في اتجاه واحد ومحيط واحد هو اإلسالم ،ويصف بعض األفراد والمجموعات اإلسالمية الجهادية
باإلرهابيين ،تلك المجموعات التي قد تكون أخطأت فهم طريق الجهاد ،ولم يكن هذا الفيلم الوثائقي من
إنتاج هذه القناة العربية ،بل هو معد من قبل قناة أو مؤسسة غربية وأمريكية تحديدا ،وباللغة اإلنكليزية،
6
قامت القناة بدبلجته وترجمته إلى العربية ،وفي هذا الفيلم الوثائقي عرضت لنا القناة العربية جزءا منه
ويظهر أبناء صهيون وكأنهم من المتضررين من
يدعي ممارسة الفلسطينيين لإلرهاب بحق «إسرائيل»ُ ،
ّ
األعمال اإلرهابية (حسب قولهم) التي يرتكبها الفلسطينيون دون تفريق بين ما هو من اإلرهاب وما هو
من المقاومة والجهاد المشروع في سبيل تحرير األرض والمقدسات وطرد المحتل.
وأخي ار ،فإن بداية حقيقية لزدهار السينما الوثائقية هي أرضية بداية ممكنة للفيلم السياسي كشكل من
أعلى أشكال الفيلم الوثائقي ،ألنه أولا يحلل جسد الواقع الجتماعي ،ويضع يده على قلبه المتحرك:
الصراع الطبقي ،وألنه ثانيا يستفيد من كل األساليب الوثائقية المباشرة وغير المباشرة ،الملحمية والدرامية،
ليعطي التوعية السياسية أكبر فعالية ممكنة.
َ
األنثروبولوجيا باختصار هي دراسة كيفية التفكير في عالقة األنا باآلخر ،والفرد بالمجموعة والمجتمع،
وعالقة المجتمع بالطبيعة ،والحياة بالمادة ،والهدف هو فهم إمكانية كل عالقة من تلك العالقات وليس
مجرد وصف وعرض أحداث وأشياء.
الفيلم اإلثنوغرافي:
الفيلم اإلثنوغرافي عبارة عن صور ومشاهد لعادات وطقوس وسلوكيات وحركات فنية غير مألوفة وفي
الغالب غريبة ،وزينة وحلي للجسد وطالء متنوع األلوان للوجه ،وتقاليد لم تتغير عبر الزمن ،وفي بعض
األحيان تدخل هذه الصور في موضوعات أشمل وأعم :القطب المتجمد الشمالي ،الصحراء الكبرى ،البالد
غير الصناعية ،العالم الثالث ،الرقص في أمريكا الالتينية ،انقراض بعض أنواع الحيوانات ،الفقر ..إلخ،
ومن الناحية التاريخية والعلمية طورت السينما اإلثنوغرافية لنفسها موضوعا هو :المجتمعات البدائية
والنائية ،ومنهجا هو :السرد والوصف الموضوعي.
7
ب .تطور السينما واألنثروبولوجيا:
نقطة التقاء كل من السينما واألنثروبولوجيا تتمثل في
مشروع واحد هو :دراسة وتسجيل وحفظ هذه المجتمعات
البدائية والنائية الشاهدة على التاريخ والتي تُعد محطات
على درب التطور المستمر للجنس البشري بأعراقه
وساللته المتنوعة والمختلفة ،فقد أدى اختراع أول أجهزة
تسجيل الصور المتحركة والصوت مباشرة إلى إنتاج أول
األفالم التي يمكن أن تُ َعد إثنوجرافية بحق ،وفي عام
صور الطبيب فيلكس لوي رينول Felix-Louis
ّ 0889
Regnaultبمساعدة شارل كونت (المساعد السابق
لجول إيتين ماري Jules-Etienne Mareyمخترع
التحليل الفوتوغرافي للحركة) فيلم "سيدة من قبيلة أولوف" une femme ouolofالتي كانت تصنع
الفخار خالل معرض إثنوجرافي عن غرب إفريقية كان مقاما في باريس.
وتَرافق تطور السينما مع تطور األنثربولوجيا التي تُعد أساس البحث النظري لدراسة دورة الحياة في
مختلف المجتمعات والقبائل حاملةا تاريخ األسالف ومي ارثَهم ،والدراسة الميدانية لهذه المجتمعات القديمة –
وبخاصة بعد دخول واستخدام الكامي ار والتصوير -أصبحت علم ا تجريبي ا هو اإلثنوغرافيا.
8
هذا ويذكر تاريخ األنثروبولوجيا أن
استخدام الفيلم في العمل اإلثنوغرافي
الميداني قد بدأ منذ زمن بعيد في
مجالت عدة مثل :تسجيل المادة
الميدانية أو عرض األنثروبولوجيا
للجمهور العام ،أو استخدامه كوسيلة
تعليمية ،ويعود هذا التاريخ إلى
المحاولت السينمائية اإلثنوغرافية المبكرة
مثل فيلم "نانوك ابن الشمال" أو "رجل
الشمال" لروبرت فالهرتي عام .0377
وقد أدى تطور آلت التصوير -ولسيما الفيديو وأشرطته -إلى النهوض والتقدم في هذا الميدان بفضل
سهولة استخدام هذه اآللت من ِقَبل الكثيرين وانخفاض تكاليفها ،وبفضل إمكانية استدراك أي خطأ تقني
أو فكري أو معلوماتي وذلك إلمكانية مراجعة وفحص المادة التي ُسجلت في الميدان.
وهكذا ،استطاعت السينما اإلثنوغرافية أن تفرض نفسها تدريجيا كنوع مهم في عالم السينما الوثائقية ،ففي
عام 0339أدخلت محطة c.b.sأول برامج منتظمة عن األنثروبولوجيا ،وبعد ذلك بعشرات السنين
أنشأت الحكومة الصينية -على سبيل المثال -استديوه ا خاص ا باألعراق واألقوام اإلثنية المنتشرة على
أراضي البالد المترامية األطراف ،وكان الهدف من هذا الستديو هو إنتاج أفالم عن المجموعات اإلثنية
في البالد.
9
ج .السينما األنثروبولوجية:
فيما يخص ميدان السينما األنثروبولوجية
فهو التعبير المباشر عن حياة وتطور
َّ
المصنفة إثني ا والتعبير عما هو الشعوب
أعمق وأبعد من اإلدراك البشري أو
اإلنساني البسيط مما يمكن مالحظته
وتسجيله من جوانب حياة المجتمعات
اإلنسانية ،وكل ذلك بالطبع باستخدام الكاميرا ،وبالتالي التسجيالت الفيلمية التي ستكون المواد األساسية
في تكوين األرشيفات السمعية والبصرية
ما هو مهم إذا هو كشف وتوثيق عادات ومعتقدات ل أحد يدري إلى أي مدى ستبقى وهل ستبقى هذه
المعتقدات كمعتقد أم تتحول إلى احتفالية تراثية ،وانطالقا من هذه الفكرة ،فإن الموضوعات المفضلة عند
السينمائيين اإلثنوغرافيين تتمثل في طبيعة الحياة في الجزر النائية أو الصحراء الهادئة والموحشة أو
الوديان السحيقة أو الكهوف والغابات والجيوب المنسية من العالم الحديث ،وكثيرة ومتنوعة هي
الموضوعات التي يمكن أن تتناولها السينما األنثروبولوجية مثل :الثقافات الشفهية للقبائل ،ودور رجل
الدين في المجتمع ،وتربية الحيوانات األليفة ،واألماكن التقليدية عند السكان األصليين (األبورجين)،
وثقافتهم واحتفالتهم الجنائزية وأفراحهم وأزماتهم القتصادية والسياسية ،وبعض الموضوعات الطريفة
ولكن الجادة كموضوع الروائح واف ارزات الجسم ،كرائحة جسم الشخص اإلفريقي مثالا والتي تتخذ جميعها
ومعاني ثقافية ،كما تُم ّكننا السينما اإلثنوغرافية من عرض مأساة األقليات المضطهدة عبر البلدان
َ أبعادا
والقارات ،وفي هذا الصدد يقول جان روش" :إن إحدى حسنات السينما اإلثنوغرافية أنها تعطى الكلمة
لمن ل يملكونها ،وبالتالي تطرح قضايا مجتمعنا للمناقشة ،إنني وأصدقائي نعتقد أن العالم يجب أن يكون
غنيا بتعدد الثقافات" ،وفي اللحظة التي تنهار فيها نماذج متعددة نعتقد أن السينما اإلثنوغرافية عليها –
لما سوف
تروج َ
أكثر من أي وقت مضى – أن تلعب دو ار ألنها تطرح للمناقشة مسائل شائكة ،فهي ّ
أسميه الموضوعات المقلقة ،ومن هنا يكون من الضروري إثارة القلق في نفوس المشاهدين من دون تقديم
10
إجابات جاهزة ،غير أن الهتمامات النظرية لعلماء األنثروبولوجيا ناد ار ما تنعكس على الشاشة،
فالهتمام بالتاريخ وأحداثه على سبيل المثال يتم التغاضي عنه على الرغم من وجود جمهور عريض
للبرامج التاريخية.
وعلى المستوى المادي ،تقوم الطريقة التي يصنع بها اإلثنولوجي أفالمه على القتصاد الشديد في الموارد
والنفقات (تقليل الحركات في الكادر ،وتقليل المؤثرات المستخدمة ،وتقليل قطع المشاهد ،الميل القليل إلى
تبدو هذه الطريقة – في نظر
المونتاج المتكلف الذي يجمع أزمنة القصة وأماكنها المختلفة) ،ويمكن أن َ
المحترفين – نوع ا من عدم المهارة أو السذاجة ولكن اإلثنولوجيين -بصرف النظر عن كونهم ل يعلمون
في اإلخراج السينمائي -تنقصهم – في كثير من األحيان – الموارد المالية ،كما يعتقدون أن األساس هو
النظر واتاحة الفرصة للناس لتتحدث ،فهم يفترضون أن موضوعهم لكي يكون مهم ا ل يحتاج إلى أن
يوضع في شكل جذاب ،وأنه على العكس من ذلك فإن التدخل في الصورة قد يضر بأصالة ما يريدون
إظهاره ،ولهذا ،ل بد من أن نعرف إذا كنا ُن ِعد الفيلم اإلثنوغرافي أسلوب عمل ميدانيا أم مجرد طريقة
لنشر المعلومات ذلك أن إخراج فيلم يعني العمل من أجل هدف معين ،كما يعني النظر من خالل شاشة،
ولعل هذا السؤال أكثر أهمية بالنسبة لألنثروبولوجيا المرئية في بريطانيا وفي الوليات المتحدة منه في
فرنسا ،حيث كان الفيلم األنثروبولوجي يعد دائما أداة للمالحظة في المقام األول ،في حين نجد – على
النقيض من ذلك – أن الفيلم اإلثنوغرافي اإلنجليزي واألمريكي قد أنتج سلسلة من األفالم التي تعتمد على
فن اإلخراج ،وقد عمل الراعيان األساسيان لهذا الفن وهما التعليم والتلفزيون على أن تتخذ تلك األفالم
11
األنجلو أمريكية مواقف مبسطة – بل يمكن القول تقريرية – في حين أن الفيلم اإلثنوغرافي الفرنسي يبقى
وعيوبه ،ولكن الحاصل على أي حال أن الفيلم األنجلو
ُ قريبا من البحث ،ولكل من هذين التصورين مزاياه
أمريكي يلقى انتشا ار واسع ا ،في حين مازال الفيلم الفرنسي في الظل.
لكن الهدف األسمى للفيلم األنثروبولوجي والوثائقي المتميز هو توضيح بنية النسيج الجتماعي وتكوينه
وليس ألوانه فقط وهي بالطبع مهمة شاقة ،فمن المعلوم أن لألفالم الوثائقية اإلثنوغرافية قيمةا أكثر من
كونها قيمة سينمائية تسجيلية ،بل إن لها قيمة إنسانية ودراسة اجتماعية.
ول يقتصر دور الفيلم اإلثنولوجي على التعريف بثقافات في طريقها للزوال فحسب ،ولكن أن يمنح
الجمهور الوعي بوضعه الثقافي على حقيقته ،فهو قادر على أن ي ِ
حدث في المجتمع آثا ار معرفية ،ويساهم ُ
في صنع وحفظ الذاكرة الجماعية ويوسع من مجال التجربة اإلنسانية.
والحقيقة أن هناك عددا كبي ار من البرامج التي تتعرض ألماكن وموضوعات أنثروبولوجية وهي تدور حول
موضوعات كالغربة أو الغرائب والطرائف واألمور الالفتة للنظر ،لذلك ل يمكن لألنثروبولوجيا أن تترك
المجال خالي ا أمام الصور والحوارات الصحفية التي غالب ا ما تختزل األمور وتقتصر على رصد كل ما هو
مثير فقط ،ول يعني هذا الكالم بالضرورة أنه يتعين – من خالل بضع ساعات من األفالم – نقل معارف
عميقة مكتسبة بعد سنوات عديدة من البحث ،وانما يكفي أن ننجح في إثارة الفضول والتساؤلت ،والشك
عند المشاهد ،مما يدفعه هو أن يسعى بنفسه إلى مزيد من المعرفة ،وبذلك يساهم في التخلص من
تصورات قد تكون أحيان ا أولية يمكن أن يفسَّر أغلبها بأنه عدم دراية بالواقع.
ونظ ار للطبيعة الخاصة للفيلم اإلثنوغرافي كوسيلة للتوثيق والتأثير القوي يتعرض هذا النوع من األفالم من
فترة إلى أخرى لبعض المنغصات ،حيث يعمد بعض المخرجين إلى استخدامه كأداة للدعاية السياسية
12
الفجة المباشرة والمبطنة ،وبذلك تحول الفيلم اإلثنوغرافي إلى أداة لمساندة اإليديولوجيات والسياسات
المختلفة ،أو أداة لتزييف بعض الحقائق عن النوع البشري أو عن بعض القبائل والسكان األصليين
لبعض المناطق لغايات استعمارية تهم حكومات معينة.
إذا ،الفيلم اإلثنوغرافي على قدر كبير من التعقيد بحيث ل يمكن صنعه من دون وجود األنثروبولوجي
ومساعدته ،على الرغم من أن بعض القنوات التلفزيونية التجارية وبعض شركات اإلنتاج السينمائي تقوم
بإرسال فرق تلفزيونية وسينمائية لجمع معلومات عن المجتمعات والقبائل النائية أو األجنبية دون
اصطحاب أي أنثروبولوجي ،وهكذا فإن األنثروبولوجي يكسب أكثر من تعاونه مع السينمائيين المحترفين
كما يكسب هؤلء من تعاونهم مع األنثروبولوجيين.
13
الثقافي والديني والقتصادي ،ويساهم في دعم َمواطن القوة وعناصر الثراء في كل ثقافة ولدى كل جماعة
ي إلى التقليل ولو تدريجيا من صور التعصب واألنانية التي تعزل
إنسانية ،ومن شأن ذلك أن يؤد َ
الجماعات البشرية وتفصلها عن بعضها البعض.
ولذلك يتوجب:
14
الخالصة
ُيعد الفيلم الوثائقي السياسي من أعلى أشكال ومضامين الفيلم الوثائقي حيث إن أي فيلم وثائقي ل بد من
أن يتطرق إلى السياسة بشكل أو بآخر أو أن يرتبط بالسياسة لكون الواقع الذي هو الركن األساس للواقع
ل ينفصل بأي حال عما هو سياسي ،فلكل فيلم ولكل عمل فني بعده السياسي أي ا كان الموضوع الذي
يتناوله ،والفيلم الوثائقي السياسي هو من أعلى أشكال الفيلم الوثائقي؛ ألنه أولا يحلل جسد الواقع
الجتماعي ،ويضع يده على قلبه المتحرك :الصراع الطبقي ،وثانيا ألنه يستفيد من كل األساليب الوثائقية
ليعطي التوعية السياسية أكبر فعالية ممكنة.
َ المباشرة وغير المباشرة ،الملحمية والدرامية،
كما ُيعد الفيلم اإلثنوغرافي أيضا من أعلى أشكال ومضامين الفيلم الوثائقي فهو يقوم على دراسة وتسجيل
وحفظ المجتمعات البدائية والنائية الحضرية الشاهدة على التاريخ والتي تُعد محطات على درب التطور
المستمر للجنس البشري بأعراقه وساللته المتنوعة والمختلفة ،وهو التعبير المباشر عن حياة الشعوب
المصنفة إثنيا وتطورها ،والتعبير عما هو أعمق وأبعد من اإلدراك البشري أو اإلنساني البسيط مما يمكن
مالحظته وتسجيله من جوانب حياة المجتمعات اإلنسانية.
15
المراجع
، سورية،007 سلسلة الفن السابع، منشورات و ازرة الثقافة، المرئي والمسموع في السينما، قيس الزبيدي.0
.7112 ،دمشق
.www.alitthad.com موقع، جريدة التحاد، الفيلم السياسي، محمد علوان جبر.7
منشورات و ازرة، مجلة الحياة السينمائية، دراسة عن األفالم الوثائقية عن الحرب الوطنية العظمى.9
.0383 ،73 العدد، دمشق، الجمهورية العربية السورية،الثقافة
عن موقع صحيفة دروب اإللكترونية، السينما الوثائقية والتسطيح التلفزيوني، عائد نبعة.1
.www.albadil.net وموقع،www.doroob.com
جريدة القدس، الفيلم الوثائقي السياسي والبحث عن الحقيقة: احتفالية لجون بيلغر، إبراهيم درويش.3
.7112-3-08 ،العربي
،2007-01-20 ،www.alsahwa-yemen.net : عن موقع، عصر اإلرهاب، فؤاد البعداني.2
.)(بتصرف
Marc-Henry Bieux: Du colonialisme à l'échange, in Demain le cinema .9
éthnographique, Revue CinémAction, N° 64, ed. Corlet–télérama, 1992.
Faye Ginsburg: Panorama des Méthods et des Maniere, in Demain le .8
cinéma éthnographique, Revue CinemAction, N° 64, ed. Corlet–télérama,
1992.
Faye Ginsburg: Télévision…ou non télévision, in Demain le cinéma .3
éthnographique, Revue CinemAction, N° 64, ed. Corlet–télérama, 1992.
Alain Morel: Est-ce qu'il est nécessaire de présenter une parade .01
éthnographique? in Demain le cinéma éthnographique, Revue
CinémAction, N° 64, ed. Corlet–télérama, 1992.
David MacDogal: Mais en fait, Exsite-t-il vraiment une ethnographie .00
visuelle, in Demain le cinéma ethnographique, Revue CinemAction, N° 64,
ed. Corlet–télérama, 1992.
16
Henri Guillaume: Les politiques de l'Istitue Francais dans la recherche .07
scientifique pour le development de cooperation, in Demain le cinéma
ethnographique, Revue CinemAction, N° 64, ed. Corlet–télérama, 1992.
Markus Banks: Les habitudes désapprouvée et les moralités du film .09
éthnographique, in Demain le cinéma éthnographique, Revue CinémAction,
N° 64, ed. Corlet–télérama, 1992.
17
التمارين
18
.3إن الفيلم السياسي هو من أعلى أشكال الفيلم التسجيلي ألنه:
.Aيحلل جسد الواقع السياسي قبل الجتماعي.
.Bيضع يده على الصراع الطبقي.
.Cيبتعد عن األساليب الوثائقية غير المباشرة.
.Dاإلجابتان Bو Cصحيحتان.
19