Professional Documents
Culture Documents
إعداد
سميائية العنوان والشخصية في رواية "الخندق
الغميق" لسهيل إدريس" .
الطالبتين:
زبيري أروى -
عاشوري يمينة -
أمام لجنة المناقشة المكونة من السادة األساتذة:
أوال نتقدم بجزيل الشكر واالمتنان والعرفان إلى كل األساتذة الكرام ونخص بالذكر األستاذ
الدكتور واسيني بن عبد اهلل الذي أشرف على هذه المذكرة ورافقنا طيلة مدة إنجازها،
فكان الموجه والناقد بنصائحه القيمة.
ألف شكر لكل من ساهم من قريب أو بعيد وأمدنا بيد العون ولو بكلمة طيبة مشجعة.
إلى صاحبة البصمة الصادقة في حياتي ...والدتي الغالية أطال اهلل في عمرها...
أروى زبيري
إِهداء
باسم اهلل الرحمن الرحيم
إلهي ال يطيب الليل إال بشكرك ،وال يطيب النهار إال بطاعتك وال تطيب اللحظات إال
بذكرك ،إلى من بلّغ الرسالة ومن أدى األمانة،ونصح األمة إلى نبي الرحمة ونور العالمين
سيدنا محمد صلى اهلل عليه وسلم ،إلى من كلله اهلل بالهيبة والوقار ،إلى من علّمني العطاء
دون انتظار ،إلى من أحمل اسمه بكل افتخار ،إلى والدي العزيز
إلى مالكي في الحياة ،إلى معنى الحب ومعنى الحنان والتفاني ،إلى نسمة الحياة وسر
الوجود ،إلى من كان دعائها سر نجاحي،وحنانها بلسم جراحي ،إلى أغلى الحبايب أمي
الحبيبة.
وقدم لي يد العون...
إلى ابن أختي زهير قوران الذي رافقني ّ
إلى من تحلو باإلخاء وتميزوا بالوفاء والعطاء إلى ينابيع الصدق الصافي ،إلى من برفقتهم
في دروب الحياة الحلوة والحزينة سرت ،إلى من كانوا معي على طريق النجاح والخير،
إلى من عرفت كيف أجدهم وعلموني أال أضيعهم.
كEE Eثر الجEE Eدل بين الدراسEE Eات النقديEE Eة حEE Eول اآلليEE Eات الEE Eتي تحكم النص الEE Eروائي والEE Eتي
فرضEEت لفهمEEه إلزاميEEة الوقEEوف عنEEد كEEل عالمEEة في بنيتهEEا السEEطحية والعميقEEة ومن بين تلEEك
العالمEEات انتقينEEا العنEEوان والشخصEEيات باعتبارهمEEا عنصEEرين فعEEالين في الروايEEة المعاصEEرة
فجEEEاءت دراسEEEتنا لهEEEذين العنصEEEرين بمثابEEEة خطEEEوة لرص EEد تجلي EEات ك EEل منهم EEا في الروايEEEة
محEE Eددين عنEE Eوان موضEE Eوعنا ب "سEE Eميائية العنEE Eوان والشخصEE Eية في روايEE Eة الخنEE Eدق الغميEE Eق
"لسهيل إدريس" انطالقا من إشكالية تساؤلنا فيها عن مفهEEومي كEEل من العنEEوان والشخصEEية؟
وكيف يمكن مقاربة هذين العنصرين وفقا للمنهج السميائي؟
وك EEأي عم EEل أدبي يتطلب منهج EEا معين EEا عم EEدنا في دراس EEتنا إلى تب EEني المنهج الس EEميائي دليال
قاربن EEا ب EEه بحثن EEا وس EEبب اختيارن EEا له EEذا المنهج يع EEود إلى الموض EEوع بالدرج EEة األولى،وأيض EاE
بنEاءا على مEا أثبتEه هEذا المنهج من فعاليEة في مقاربEة النصEوص الروائيEة من جهEة ومEا نالEه
من اهتمام على الساحة النقدية المعاصرة من جهة أخرى.
إن اختيارنا لهذا األخير لم يكن وليد الصدفة وإ ّنمEEا بعEEد قراءتنEEا لعديEEد من المؤلفEEات المتعلقEEة
بالس EEمياء ،إذ لفت انتباهن EEا تع EEدد الدراس EEات ح EEول العن EEوان والشخص EEيات ق EEديما وح EEديثا.وق EEد
اعتمدنا في فهمنا لطريقة التحليل السEEميائي الEروائي وضEEبط الموضEEوع العديEد من المصEEادر
والمراجع نذكر منها:
1
مـقدمــة
وغيرها من المراجع التي كانت بمثابة اليد المساعدة لنا.
أما سEبب اختيارنEا لروايEEة "الخنEدق الغميEEق" فإنEEه يعEود إلى قناعEEة ذاتيEة ورغبEEة منEا في
دراسEEة العنEEوان في مدونEEة لم تتناولهEEا أقالم البEEاحثين إضEEافة إلى الغمEEوض وحب اإلكتشEEاف
في الرواية الغير المدروسة.
عدم توفر بعض الدراسات التي تناولت هذا العمل لسهيل إدريس. -
قلEEة الدراسEEات في هEEذا المجEEال -العنEEوان -كEEأول عتبEEة للنص وتناولهEEا في مEEذكرات -
التخرج.
وال ننكر انه قد اعترض طريقنا مجموعة من الصعوبات والعراقيل نذكر منها:
قلة المصادر والمراجع خاصة فيما يتعلق بالدراسة السميائية للرواية إضافة إلى قلEEة -
خبرتنا كمبتدئين في مجال التحليل السميائي الروائي.
وقEEEد سEEEرنا لنسEEEج خيEEEوط بحثنEEEا هEEEذا على خطEEEة معين EEة ،فقس EEمنا منهجي EEة البحث إلى مقدم EEة
ومدخل وفصلين وخاتمة إضافة إلى ملحق.
الفصEE Eل األول :خصصEE Eناه للجEE Eانب النظEE Eري والEE Eذي حمEE Eل عنEE Eوان (مفEE Eاهيم حEE Eول العنEE Eوان
والشخصEEية) تناولنEEا فيEEه إشEEكالية وتعEEدد تعريفEEات المصEEطلح (العنEEوان-الشخصEEية) وأنواعEEه
ووظائفه وأهميته وأبعاد الشخصية.
أم EEا الفص EEل الث EEاني :فه EEو مقارب EEة س EEميائية للعن EEوان والشخص EEيات في رواي EEة الخن EEدق الغمي EEق
وذلك بالكشف عن تعدد القراءات والتأويالت لهذين العنصرين في الرواية.
بالنسبة للعنوان الذي ضEEم دراسEة تطبيقيEEة شEاملة في مسEتوياته األربعEEة المعجميEEة والصEوتية
والنحويEE Eة والدالليEE Eة ،كمEE Eا تبعتهEE Eا دراسEE Eة لشخصEE Eيات الروايEE Eة من ناحيEE Eة األنEE Eواع واألبعEE Eاد
9وتسمية أسماء الشخصيات سميائيا.
2
مـقدمــة
وفي خاتمEEة هEEذا البحث المتواضEEع تعرضEEنا لمجموعEEة من العناصEEر الEEتي تحEEوي نتEEائج
مستخلص EEة من حق EEول ه EEذا البحث وتلته EEا قائم EEة المص EEادر والمراج EEع ثم المالح EEق وآخره EEا
فهرس ضم محتويات البحث.
وبه EEذا نرج EEو أنن EEا ق EEد ق EEدمنا البحث به EEذه الدراس EEة ول EEو بج EEزء بس EEيط عس EEاها تفتح باب EEا
واسعا من أجل بحوث أوسع للنصوص األدبية.
ً
وأخEEيرا نقEEول إن الكمEEال هلل عEEز وجEEل وحEEده ،فEEإن أصEEبنا فهEEذا بتوفيEEق من اهلل ومنتEEه،
وإ ن أخطأنا فحسبنا أننا حاولنا واجتهدنا.
3
مدخل
مـدخــل
لقد أصبحت السEEيمياء حقال معرفيEEا جديEEدا على غEEرار الحقEEول المعرفيEEة الشEEمولية الEEتي
عرفها الفكر اإلنساني قEديما (الفلسEفة) وحEديثا (التEاريخ) ،وأضEحى مفهEوم العالمEة السEميائية
مفتاحا معرفيا لولوج كل مجاالت الدراسة والبحث و اإلستقصاء وذلك لمEEا يتEEوفر عليEEه هEEذا
المفهEE E Eوم من قEE E Eدرة على الوصEE E Eف والتفسEE E Eير والتجريEE E Eد ولمEE E Eا يEE E Eوفره من إمكانيEE E Eات للفهم
والتحليل.1
)1تعريف السيمياء:
تنح EE Eدر كلم EE Eة س EE Eيميولوجيا من األص EE Eل اليون EE Eاني ( )sémionال EE Eذي يع EE Eني العالم EE Eة و
LogosالEE E Eذي يعEE E Eني الخطEE E Eاب والEE E Eذي نجEE E Eده مسEE E Eتعمال في كلمEE E Eات مثEE E Eل :علم االجتمEE E Eاع
Sociologieوعلم األدي EEان Théologieو Biologieعلم األحي EEاء ...وبامت EEداد أك EEبر كلم EEة
Logosتعني العلم ،هكذا يصبح تعريف السيميولوجيا علم العالمة .2
-لغة :
لكلمة السيمياء ما يعادلها في اللغة العربيEة حيث يEذكر ابن منظEور في تعريفEه المعجمي في
لسEE Eان العEE Eرب لمفEE Eردة السEE Eيمياء يقEE Eول إنهEE Eا « ...والسEE Eومة والسEE Eيمة والسEE Eيماء والسEE Eيمياء.
الفر ُس جعل عليه السيمة ،وقوله عEEز وجEEل« :حجEEارة من طين مسEEومة عنEEد وس َومَ ،
العالمة َ
ربEEك للمسEEرفين» 3قEEال َّ
الز ّج Eاج :روي عن الحسEEن أنهEEا معلمEEة ببيEEاض وحمEEرة .قEEال غEEيره
مس EEومة بعالم EEة يعلم به EEا أنه EEا ليس EEت من الحج EEارة ال EEدنيا ويعلم بس EEيماها أنه EEا مم EEا ع EEذب اهلل
بهEEا ...مسEEومة :أي عليهEEا أمثEEال الخEEواتيم ...والسEEومة بالضEEم .العالمEEة تجعEEل الشEEاة ،وفي
الح EEرب أيض EEا تق EEول َسَّ E Eوم ...واألص EEل في س EEيما ِوس EEمى فح EEولت ال EEواو من موض EEع الف EEاء
Eاء
فوضEEعت في موضEEع العين كمEEا قEEالوا .مEEا أطيبEEه وأيطبEEه ،فصEEار سEEومى وجعلت الEEواو يٌ E
1عبد الواحد مرابط ،السيمياء العامة وسيمياء األدب (من أجل تصور شامل) ،منشورات االختالف الجزائر ،الدار
العربية للعلوم ناشرون ،لبنان ،دار اإليمان ،الرباط ،ط .2005 .1ص.5
ينظر برنار توسان ،ماهي السميولوجيا ،تر .محمد نظيف ،أفريقيا الشرق ،المغرب ،ط ،2000 ،2ص .9 2
لسكونها وانكسار ما قبلها ،1وجاء في الحديث عن رسول اهلل صEلى اهلل عليEه وسEلم أنEه قEال
ألصEEحابه «تسEEوموا فEEإن المالئكEEة قEEد تسEّ Eومت» 2أي اعملEEوا لكم عالمEEة يعEEرف بهEEا بعضEEكم
بعضا.3
-اصطالحا:
إن السميائيات علم واسEع وشEامل وجEامع لكثEير من العلEوم .فمن الصEعب ج ًّEدا وضEع مفهEوم
محEEدد للسEEميائيات الEEتي يعلم الكEEل أنهEEا تعEEني علم العالمEEات،رغم هEEذا سEEنحاول وضEEع بعض
التعاريف التي اقتربت من السميائيات.
فنجEE E Eد فردينانEE E Eد دي سوسEE E Eير عEّ E E Eرف السEE E Eمياء يقEE E Eول« :هي علم يEE E Eدرس حيEE E Eاة العالمEE E Eات
Eة.أمEEا األمEEريكي شEEارل بEEيرس 4
االجتماعية» أي دراسEEة العالمEEات اسEEتنادا بالمعEEايير االجتماعيّ E
فق EEد رب EEط ه EEذا العلم ب EEالمنطق ق EEائال« :ليس المنط EEق .المنط EEق بمفهوم EEه الع EEام إاّل اس EEما آخ EEر
للسEEميوطيقا ،والسEEميوطيقا نظريEEة ،شEEبه ضEEرورية أو نظريEEة شEEكلية للعالمEEات»5إذ ربEEط هEEذا
العلم بالمنطق.
يعرف السميائيات قائال :أنها علم جديد مسEEتقل تمامEEا عن األسEEالف البعيEEدين ونجد غريماس ّ
وهEEو من العلEEوم األمهEEات ذات الجEEذور الضEEاربة في ِ
القEَ Eدم" ، 6بمعEEنى أن السEEمياء علم جديEEد
مرتبط بسوسير وبيرس.
وق EEد ع EEرف علم EEاء الع EEرب الس EEمياء انطالق EEا من مفاهيمه EEا ال EEتي ح EEددتها الدراس EEات األوربي EEة
الحديثة والمعاصرة فمن الباحثين العرب نجد:
ابن منظور لسان العرب ،دار صادر،بيروت لبنان .ط ،1،1997ص.2158 1
جمال الدين الزيلعي،تخريج األحاديث واآلثار في تفسير الكشاف للزمخشري ،دار ابن خزيمة ،الرياض ،ط ،1 2
،2014ص .120
ابن منظور .ص .2159 3
لطيف زيتوني ،معجم المصطلحات ،نقد الرواية ،دار النهار للنشر ،لبنان .ط ، 2002 ، 1ص .111 4
فيصل األحمر :معجم السميائيات ،دار العربية للعلوم ناشرون ،لبنان ،ط ،2010 ،1ص .17 5
يعرف السميائيات يقول" :هي العلم الذي يدرس األنظمEEة الرمزيEEة في
الدكتور صالح فضل ّ
1
كل اإلشارات الدالة وكيفية هذه الداللة"
في حين نجد الدكتور سعيد علوش في تعريفه للسميولوجيا يقEEول أنهEEا" :دراسEEة لكEEل مظEEاهر
الثقافة كما لو كانت أنظمEEة للعالمEEة .اعتمEEادا على افEEتراض مظEEاهر الثقافEEة كأنظمEEة عالمEEات
2
في الواقع"
ونسEEتنتج من هEEذه التعEEاريف ومن تعEEدد اآلراء حEEول مفهEEوم السEEميولوجيا أو السEEميائيات أنهEEا
تصب في مفهوم العالمة.
وفي صEE Eياغ التعريEE Eف بالسEE Eميائية يجEE Eدر بنEE Eا اإلشEE Eارة على أن هنEE Eاك قسEE Eمين من السEE Eميائية
أولهما السميائية اللغوية وثانيها غير اللغوية وذلك إلمكانية التفريق بينهما.
-فالسميائية اللغوية تطورت بشكل كبير منذ القرن العشرين .وقد أخذت الكثEEير من مبEEادئ
3
وقواعد اللسانيات وتتمثل في أشكال لسانية أهمها:
أ)الصــــوتيات (الفونولوجيا) :وتهتم بأصEE E Eوات اللغة (الفونيمEE E Eات) والتنسEE E Eيق بينهمEE E Eا،يقEE E Eول
برنارتوسان":والفونولوجيا تمكنت من وضEع أشEياء جديEدة منهEا تصEنيف األصEوات وربطهEا
بمجموعEEات خاصEEة وإ حصEEاء اإلمكانيEEات التركيبيEEة للفونيمEEات ووضEEع األلEEف بEEاء صEEوتية
4
كونه تمكن من صقل أصوات كل لغات العالم "
-التركيب" :علم لسEEاني جEEد معقEEد يEEدرس بنيEEة الجمEEل في اللغEEات (مكتوبEEة أو منطوقEEة) كمEEا
ي EE Eدرس ت EE Eرتيب الكلم EE Eات ،مك EE Eان الص EE Eفات والمفع EE Eوالت ،تغ EE Eيرات المجم EE Eوع ،اإلع EE Eراب،
1
التصريف"... E
-التصريف:هو دراسة الهيئة الشكلية للكلمات وما يطEرأ عليهEا من تغEEيرات نحويEEة تنتج من
التحويالت التركيبية ،من جمع وإ فراد وتذكير وتأنيث ...إلخ ،وهو مEEا يEEؤدي الى تغEEير في
2
الداللة نحو( :كتاب وكتب ،سيارة وسيارات)
ح ّEدد
-الداللة:يهتم علم الداللEEة بالمEEدلوالت ودالالت اللغEEات ،وبEEاقي أشEEكال التواصEEل E،وقEEد ُE
علمها في التحليل البنيوي للنصوص محاولة الكشف في داللة التعبير غير مهتمة بشكله .3
ب)السميائيات الغير اللغوية :وقولنEEا عنهEEا بغEEير اللغويEEة فمعنEEاه ذلEEك الكم الهائEEل من أنظمEEة
التواصل التي تبEدو لنEEا على هEامش حياتنEا في حين نجEEدها تحمEEل من األنظمEEة مEا تسEاهم في
توض EEيح اللغ EEة أو مس EEاندتها ،أو ق EEول م EEا يمكنن EEا قول EEه بواس EEطتها ،إنن EEا نقص EEد به EEا م EEا يخص
الحواس الخمس :السمع ،البصر ،الذوق ،الشم ،اللمس.4
إن الس EEميائيات ال تنف EEرد بموض EEوع خ EEاص به EEا فهي تهتم بك EEل م EEا ينتمي إلى التجرب EEة
اإلنسانية العادية شريطة أن تكون هذه الموضوعات Eجزءا من سيرورة داللية.
إن كل مظاهر الوجود اليومي لإلنسان تشكل موضوعا للسميائيات ،وبعبارة أخرى فان كل
مEE Eا تضEE Eعه الثقافEE Eة بين أيEE Eدينا هEE Eو في األصEE Eل واالشEE Eتغال عالمEE Eات تخEE Eبر عن هEE Eذه الثقافEE Eة
وتكش EE Eف عن هويته EE Eا .فالض EE Eحك والبك EE Eاء والف EE Eرح واللب EE Eاس وطريق EE Eة اس EE Eتقبال الض EE Eيوف،
وإ شارات المرور والطقوس االجتماعية واألشياء الEتي نتEداولها فيمEا بيننEا وكEذلك النصEوص
األدبيEEEة واألعم EEال الفنيEEEة كلهEEEا عالم EEات تعقيEEEد تحتEEEاج إلى الكش EEف عن القواع EEد ال EEتي تحكم
طريقه EEا في إنت EEاج معانيه EEا مس EEتندة في ذل EEك وفي كث EEير من الح EEاالت إلى م EEا تقترح EEه العل EEوم
األخ EE Eرى من مف EE Eاهيم ورؤى ،باإلض EE Eافة إلى دراس EE Eتها للنس EE Eق اللس EE Eاني ال EE Eذي يع EE Eد من أهم
األنساق وأرقاها.
فإن السEميائيات وسEEعت من دائEرة اهتمامهEا لتجعEل كEEل األنسEاق التواصEلية EالEتي يسEEتعين بهEا
1
اإلنسان في خلق الحوار مع اآلخر موضوعا لدراستها
لقد كان الموضوع الرئيس للسميائيات هو السيرورة المؤدية إلى إنتEEاج الداللEEة أي مEEا يطلEEق
علي EE Eه في االص EE Eطالح الس EE Eميائي الس EE Eميوز( ،)sémiasisوالس EE Eميوز في التص EE Eور ال EE Eداللي
الغEEربي هEEو الفعEEل المEEؤدي إلى إنتEEاج الEEدالالت وتEEداولها ،إنهEEا سEEيرورة يشEEتغل من خاللهEEا
شEEيء مEEا باعتبEEاره عالمEEة ،فالكلمEEة أو الشEEيء أو الواقعEEة ليسEEت كEEذلك إال في حEEدود إحالتهEEا
على سEE Eيرورة ،فال شEE Eيء يمكن أن يEE Eدل من تلقEE Eاء ذاتEE Eه ضEE Eمن وجEE Eود أحEE Eادي في الحEE Eدود
واألبعEEاد ،فالواحEEد المعEزول كيEان ال متنEEاه ،ووحEEده التحقEق من خالل محمEول مضEEاف يمكن
أن ينتج داللة .2
إذن فالسميائية علم يهتم بدراسة أنظمة العالمات ّأيا كان مصدرها.
سعيد بن كراد ،السميائيات "مفاهيمها وتطبيقاتها" ،منشورات الزمن مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب، 1
لعل من المفاهيم التي نحن بصدد الحديث عنها في هذا البحث ما يلي:
أوال :العنوان
لقد احتل العنEEوان مكانEEة متمEEيزة في األعمEEال األدبيEEة والدراسEEات النقديEEة المعاصEEرة باعتبEEاره
عتبEEة لهEEا عالقEEات جماليEEة ووظيفيEEة مEEع النص ،وتبعEEا لهEEذه األهميEEة الEEتي حظي بهEEا العنEEوان
وجب الوقوف عنده وتحديد مفهومه اللغوي واالصطالحي.
)1تعريف العنوان:
Eك،وع َّن
َ وعُنون EEا :ظه EEر أمام E "في ب EEاب العين وفي م EEادة [ع ن]َ :ع َّن ال ّشEEيء َي َع ُّن َ
وي ُع ُن َعَنن EEا ُ
ِ
واعتَ َّن :اعترض وعرض،ومنه قول امرئ القيس : َيع ّن ويعن َعًّنا ُ
3
ونا ْ وعُن ً
كأن نعه.
سرب ّ
ٌ َف َع ّن لنا
وع َّن
وعَن ْنت الكتEEاب وأعننتEEه لكEEذا ،أي عرضEEته لEEه وصEّ Eرفته إليEEه َ
ويضEEيف ابن منظEEورَ " :
،وع ْن َو ْنته Eوعلونته بمعنى واحد مشتق من المعنى وعننت كعنونهُ َ
َ وعننه
عنا َ الكتاب َي ُعُّنه َ
1خالد حسين حسين ،في نظرية العنوان (مغامرة تأويلية في شؤون العتمة النصية) ،دار التكوين والترجمة والنشر ،ط،1
دمشق سوريا ،د ت ،ص .56
2ابن منظور ،لسان العرب ،ص .3139
3امرئ القيس،الديوان ،دار المعارف ،دب ،د ط ،1984 ،ص .22
مفاهيم حول العنوان والشخصية الفصل األول
تعنينEEا وعنيتEEه تعنيEEة ،إذا عنونتEEه ،أبEEدلوا من إحEEدى النونEEات يEEاءا،وسEEمي عنوانEEا ألنEEه
الكتEEاب ْ
َي ُع ُّن الكت EEاب من ناحيتي EEه ،وأص EEله ُعّن EEان ،فلم EEا ك EEثرت النون EEات قلبت إح EEداها واواً،ومن Eق EEال
الما،ألنه أخف وأظهر من النون.
علوان الكتاب جعل النون ً
1
ض َّر ِب
الم َ
قال ابن بري:والعنوان األثر ،قال سوار بن ُ
قال:وكلما استدللت شيء تظهره على غيره ،فهو عنوان له ،كما قال حسEEان بن ثEEابت يEEرثي
عثمان (رضي اهلل تعالى عنهما):
وعَّن ْي ُ
ت ،وقEEال ت َوعَّن ْن ُ
ت َوعنEEوان الكتEEاب مشEEتق فيمEEا ذكEEروا من المعEEنى،وفيEEه لغEEاتَ ،ع ْنEَ Eو ْن ُ
الكتاب،واع ُننهُ،وأنشد يونس:
ْ األخفش ،عنوت
ويكتما.
وأع ُن الكتاب لكي ُي َس َّر ُ
َ فطن الكتاب إذا أردت جوابه
أطن ِ
وأع َن أي عنونEEه وأختمEEه ،قEEال ابن سEEيده:وفي جبهتEEه قEEال يعقEEوب:وسEEمعت من يقEEولِ ،
كركب EE Eة عن EE Eتر من عن EE Eون ب EE Eني وأش EE Eمط عن EE Eوان ب EE Eه من س EE Eجوده
نصر.3
-اصـ ــطالحا:تع EE Eددت وتن EE Eوعت التع EE Eاريف االص EE Eطالحية للعن EE Eوان ل EE Eدى العلم EE Eاء الغرب EE Eيين
والعرب:
الغربيين:
ِّ .1عند
أ) عند ليوهوك :يعEEد المؤسEEس األول والفعلي لعلم العنEEوان الEEذي قEEام برصEEد العنونEEة رصEEدا
سEEEيموطيقيا من خالل التركEEEيز على بناه EEا ودالالته EEا ووظائفه EEا يق EEول":بكون EEه مجموع EEة من
ب) عند أمبيرتو إيكو :الEEذي يعرفEEه على أنEEه "مفتاحEEا تأويليEEا يسEEعى إلى ربEEط القEEارئ بنسEEيج
النص الداخلي والخارجي ربطا يجعل من العنوان الجسEر الEذي يمEر عليEEه "3ويعEEني بهEEذا أن
العنوان مفتاح أولي للدخول في أعماق النص.
د) عنــد جــيرار جيــنيت :فEEيرى أن العنEEوان من بين أهم عناصEEر المنEEاص (النص المEEوازي)
لهEEذا فEEإن تعريفEEه يطEEرح بعض األسEEئلة ويلح علينEEا في التحليEEل ،فجهEEاز العنونEEة كمEEا عرفEEه
عصEEر النهضEEة أو قبEEل ذلEEك العصEEر الكالسEEيكي لعنصEEر مهم كونEEه مجمEEوع معقEEد أحيانEEا أو
2
مربك وهذا التعقيد ليس بطوله أو بقصره ،لكن مرده مدى قدرتنا على تحويله وتأويله
.2عند العرب:
كانت المساهمة العربية في تحديد مفهوم العنوان تتمثل بمقاربة بعض الباحثين العرب ومن
بين الذين اهتموا به نجد:
أ) محمــد فكــري الجــزار:الEEذي يقEEول " :العنEEوان للكتEEاب كاالسEEم للشEEيء ،بEEه يعEEرف وبفضEEله
يتEEداول ،يشEEار بEEه إليEEه ويEEدل بEEه عليEEه ،يحمEEل َو َس Eم كتابEEة ،وفي الEEوقت نفسEEه يسEEمه العنEEوان
بإيجEEاز يناسEEب البدايEEة ،عالمEEة ليسEEت من الكتEEاب ُجعلت لكي تEEدل عليEEه"3بمعEEنى أن العنEEوان
هو بطاقة تعريفية للنص.
ب) بسام قطوس:يعرف العنوان بقوله ":يعد العنEEوان نظامEEا سEEميائيا ذا أبعEEاد دالليEEة وأخEEرى
رمزي EEة ،تغ EEري البEEاحث بتتب EEع دالالتEEه ومحاولEEة ف EEك شEEيفرته الرام EEزة4أي جع EEل من العن EEوان
نظاما سميائيا يحمل دالالت تجعله محل دراسة لدى المتتبعين ألنه يثير الفضول.
1جميل حميداوي ،سميوطيقا العنوان ،دار طوبقال للنشر ،الدار البيضاء ،المغرب ط .2015 ،1ص .22
2عبد الحق بلعابد ،عتبات (جيرار جينيت من النص الى المناص) منشورات االختالف الجزائر ،الدار العربية للعلوم
ناشرون ،لبنان .ط .2003 .1ص .65
3محمد فكري الجزار ،العنوان وسميوطيقا االتصال األدبي ،الهيئة المصرية العامة للكتاب،دط ،القاهرة ،1998ص.15
4بسام قطوس ،سمياء العنوان ،وزارة الثقافة ،عمان ،األردن ،ط .2001 ،1ص .33
مفاهيم حول العنوان والشخصية الفصل األول
ج) محمــد الهــادي المطــوي :فEEيرى العنEEوان عبEEارة عن رسEEالة لغويEEة عEEرف بهويEEة النص،
1
وتحدد مضمونه ،وتجذب القارئ إليه وتغويه به
ومEEEا نستخلصEEEه من هEEEذه المفEEEاهيم أن العنEEEوان عالم EEة لغوي EEة وس EEمة تتص EEدر العم EEل األدبي
وتجذب انتباه القارئ بقراءته وبه تحدد هوية النص ومضمونه.
)2أنواع العنوان:
إن العنEEEوان بوصEEEفه سEEEليال شEEEرعيا آلليEEEة "العنونEEEة" ،أو نتاج EEا لممارس EEتها س EEرعان م EEا يب EEدأ
بEE Eالتفريع والتناسEE Eل ليبEE Eدو كجهEE Eاز يمEE Eارس شEE Eؤونه ووظائفEE Eه على نحEE Eو متكامEE Eل من خالل
العناص EEر واألقس EEام ال EEتي ينط EEوي عليه EEا في س EEياق انش EEغاالته النص EEية 2وب EEذلك يمكن تقس EEيم
العنوان حسب جيرار جينيت إلى:
أ) العن ــوان ال ــرئيس األص ــلي :وهEE Eو مEEEا يحتEEEل واجه EEة الكتEE Eاب ،وي EEبرزه صEE Eاحبه لمواجهEE Eة
المتلقي ،ويسمى العنوان الحقيقي أو األساسي أو األصلي ،ويعتبر بحق بطاقة تعريEEف تمنح
النص هويته فتميزه عن غيره.3
ب) العنــوان الفــرعي :يستش EEف من العن EEوان الحقيقي وي EEأتي بع EEده لتكمل EEة المع EEنى وغالب EEا م EEا
يكEEون عنوانEEا لفقEEرات أو مواضEEيع أو تعريفEEات داخEEل الكتEEاب ،وينعتEEه بعض العلمEEاء بالثEEاني
أو الثانوي.4
ج) المؤش ــر الجنس ــي :وهEE Eو المحEE Eدد لطبيعEE Eة الكتEE Eاب ،أي تلEE Eك الكتابEE Eة الEE Eتي نجEE Eدها تحت
العنوان مثل (رواية ،قصص ،تاريخ ،مذكرات.5 )...
1محمد الهادي المطوي ،شعرية عنوان كتاب الساق على الساق فيما هو الفرياق ،مجلة عالم الفكر ،المجلس الوطني
للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت ،مجلد ،28العدد 1 Eيوليو /سبتمبر ،1999،ص .457
2خالد حسين ،في نظرية العنوان .ص .78
3عبد القادر رحيم ،العنوان في النص اإلبداعي ،أهميته وأنواعه ،قسم األدب العربي ،جامعة محمد خيذر ،بسكرة،
الجزائر ،مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية واالجتماعية ،العدد ،3-2جانفي/جوان ،2008،ص .14
4عبد القادر رحيم ،العنوان في النص اإلبداعي " أهميته وأنواعه " ،ص .14
عبد الحق بلعابد ،عتبات ،ص .68 5
مفاهيم حول العنوان والشخصية الفصل األول
د) العناوين الفوقية أو العلوية:تعتبر من أكثر األجهزة العنوانية األكEEثر تعقيEEدا ،فهي تتعلEEق
ًّ
عنوانيا مغEEايرا ،فإمEEا أن تحمEEل هEEذه نظامEEا
بمصEEنفات أو كتب ذات أجEEزاء أومجلEEدات فتأخEEذ ً
األجزاء عنوانا واحدا وهو العنوان الرئيسي ،وإ ما أن يتفرد كل جEزء بعنوانEه الخEاص وإ مEا
1
أن تكون هذه األجزاء ذات عناوين مختلفة تحت عنوان واحد وهو عنوان المجموعة
)3وظائف العنوان:
تع EEد وظ EEائف العن EEوان من المب EEاحث المعق EEدة للعتب EEات النص EEية ،وه EEذا م EEا نالحظ EEه من خالل
اختالف هذه الوظائف من باحث آلخر إذ يعتبر جيرار جينيت في كتابه عتبات من أهم َمن
فصلوا في العنوان ووظائفه ،والوظائف من منظوره هي كاآلتي:
أ)الوظيفة التعيينية:ـ وهي الوظيفة التي تعين اسم الكتاب وتعرف به للقEراء بكEل دقEة وبأقEل
م EE Eا يمكن من احتم EE Eاالت اللُّبس ،فهي الوظيف EE Eة الوحي EE Eدة اإللزامي EE Eة والض EE Eرورية إال أنه EE Eا ال
تنفصل عن باقي الوظائف ألنها دائمة الحضور ومحيطة بالمعنى.2
ب)الوظيفة الوصفية :وهي التي يقول العنوان عن طريقها شيئا عن النص وهي
الوظيفة المسؤولة عن االنتقادات الموجهة للعنوان ،وهذه الوظيفة ال منأى عنها لهEEذا أعEEدها
(أمبيرتو إيكو) كمفتاح تأويلي للعنوان.3
ج)الوظيفة اإليحائية:ـ هي أشEEد ارتباطEEا بالوظيفEEة الوصEEفية أراد الكEEاتب هEEذا أم لم يEEرد ،فال
يسEEتطيع التخلي عنهEEا فهي ككEEل ملفEEوظ لهEEا طريقتهEEا في الوجEEود ولنقEEل أسEEلوبها الخEEاص إال
أنهEEا ليسEت دائمEEا قصEدية لهEEذا يمكننEا الحEEديث ال عن وظيفEة إيحائيEة ولكن قيمEة إيحائيEة،لهEEذا
دمجها "جينيت" في بادئ األمر مع الوظيفة الوصفية ثم فصلها عنها الرتباكها الوظيفي.4
وتبقى جميEEع وظEEائف العنEEوان تقEEود دائمEEا إلى النص سEEواءا الوظيفEEة التعيينيEEة الEEتي تعين
النص باالسم ،أو الوظيفEة الوصEفية الEتي تحEدد النص وتوضEح داخلEه ،أو الوظيفEEة اإليحائيEEة
التي تتيح للقارئ حرية التجول داخل النص ،أو الوظيفة اإلغرائية التي تدعو القارئ بشتى
الوسائل إلى اإلقبال على النص.
أهمية العنوان:
العنEEوان على أهميتEEه أصEEبح علمEEا مسEEتقال لEEه أصEEوله وقواعEEده الEEتي يقEEوم عليهEEا ،فهEEو
يEEوازي إلى حEEد بعيEEد النص الEEذي يسEEمه لهEEذا فEEإن أي قEEراءة استكشEEافية ال بEEد أن تنطلEEق من
العنEEوان ،كمEEا أنEEه لم يعEEد زائEEدة لغويEEة يمكن استئصEEالها من جسEEد النص بEEل أصEEبح عضEEوا
أساسا.2
فقEE E Eد أصEE E Eبح العنEE E Eوان في النص الحEE E Eديث ضEE E Eرورة ملحEE E Eة ومطلبEE E Eا أساسEE E Eيا ال يمكن
االسEEتغناء عنEEه في البنEEاء العEEام للنصEEوص لEEذلك نEEرى الشEEعراء يجتهEEدون في وسEEم مEEدوناتهم
بعن EEاوين يتفنن EEون في اختياره EEا كم EEا يتفنن EEون في تنميقه EEا بالخ EEط والص EEور Eالمص EEاحبة وذل EEك
3
لعلمهم باألهمية التي يحظى بها العنوان
إن أهمية العنوان تنبثق ليس بوصفه إعالما عن محتوى الكتاب وإ خبارا له فحسب بقدر مEEا
أن فع EEل الق EEراءة يتوق EEف علي EEه ،فالكت EEاب يحق EEق كينون EEة بفع EEل الق EEراءة وع EEدم الق EEراءة ،ي EEدفع
فالعنوان هو مفتاح تقني يجس به السميولوجي نبض النص ويقيس به تجاعيده أو يستكشEEف
ترسباته وتضاريسه التركيبية على المستويين الداللي والرمزي.2
لقد بات العنوان هو أول شفرة رمزية يلتقي بها القارئ ،هEEو أول مEEا يشEEد انتباهEEه ومEEا يجب
التركEEيز عليEEه وفحصEEه وتحليلEEه ،بوصEEفه نصEEا أوليEEا يشEEير ،أو يخEEبر ،أو يEEوحي بمEEا سEEيأتي،
وعلى القراءة باعتبارها تلقيا منهجيا أن تلتفت إلى العنوان محاولة ربطه بجسد النص.3
فEEالعنوان هEEو الEEذي يسEEمي النص ويعينEEه ،ويصEEفه ويثبتEEه ويؤكEEده ويعلن مشEEروعيته القرائيEEة
فهو الذي يحقق للنص كذلك اتساقه وانسجامه وتشاكله ويزيل عنه كل غموض وإ بهام.4
وممEEا سEEبق يمكننEEا القEEول بEEأن االسEEتغناء عن العنEEوان أمEEر صEEعب وال يوجEEد أي بEEديل لEEه في
العمل األدبي لذا ال يمكن تهميشه أو إهماله.
ثانيا :الشخصية
تع EEد الشخص EEية من أهم عناص EEر ومكون EEات البن EEاء الف EEني للخط EEاب الس EEردي ،حيث أولى له EEا
النقEEاد والبEEاحثون اهتمEEامهم الكبEEير ،فال يمكن أن يقEEوم أي عمEEل روائي دون حضورعنصEEر
الشخصية.
)1تعريف الشخصية:
والشخص:سواد اإلنسان وغيره،نراه من بعيد ،نقول ثالثEEة أشEخص وكلشEEيء رأيت جسEEمانه
فقEEد رأيت شخصEEه،الشEEخص كEEل جسEEم لEEه ارتفEEاع وظهEEور والمEEراد بEEه إثبEEات الEEذات فاسEEتعير
لهEEا لفEEظ الشEEخص"1.وعلى هEEذا فالشخصEEية عنEEد ابن منظEEور إحالتنEEا إلى دالالت كثEEيرة منهEEا
أنها كل جسم له ظهور وارتفاع.
كم EEا وردت الشخص EEية في الق EEاموس المحي EEط ف EEيروز أب EEادي«:الش EEخص:س EEواد اإلنس EEان
وغEEيره تEEراه من بعEEد.ج.أشEEخص وأشEEخاص وشEEخوص ،وشEEخص،كمنEEع ،شخوصEEا،ارتفEEع و
2
الشخيص :الجسيم ».والمتشاخص :المختلف والمتفاوت ".
هنا نجد أن الشخصية تدل على الصفات التي تميز كل إنسان عن غيره.
كمEEا وردت الشخصEEية في القEEران الكEEريم بألفEEاظ ومعEEاني متعEEددة قEEال تعEEالى":وال تحسEEبن اهلل
3
غافال عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه األبصار".
وقوله تعالى":واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلن ا ق د كن ا في
4
غفلة من هذا بل كنا ظالمين".
نستنتج مما سبق في تعريفها اللغوي جاء بمعاني كثيرة ومتعددة نذكر منهEEا:الشخصEEية
ك EEل جس EEم ل EEه ارتف EEاع وظه EEور وك EEذلك دلت على الص EEفات ال EEتي تم EEيز ك EEل ف EEرد عن غ EEيره
كالشخيص والمتشاخص...
لقEEد تعEEرض مفهEEوم الشخصEEية عEEبر التEEاريخ الى تحEEوالت عميقEEة،حيث بEEات من الصEEعب
على الباحثين الوصول الى مفهوم مضبوط للشخصية فاختلفت وتعددت المفاهيم عندهم.
.1عند الغربيين:
أ)عند فالديمير بروب":أن أولى المحاوالت التي عملت على التخلص من المفهوم
التقلي EEدي للشخص EEية باعتباره EEا ج EEوهرا س EEيكولوجيا م EEا ق EEام ب EEه" فالديم EEير ب EEروب" حيث ق EEد
نموذجا
تحليلي EEا لمئ EEة حكاي EEة روس EEية عجيب EEة جمعه EEا في كتاب EEه المعن EEون بـ "مورفولوجي EEة الخراف EEة"أي
وص EEف للحكاي EEة حس EEب أقسEEامها المكون EEة،حسEEب العالقEEات م EEا بين مكوناته EEا ومEEا بينه EEا وبين
الكل" 1بمعنى االعتماد على األدوار أو الوظائف داخل الحكاية.
حيث تتمEE Eيز "مورفولوجيEE Eة "بEE Eروب"من حيث الجEE Eوهر بأنهEE Eا تمنح األولويEE Eة للوظEE Eائف على
حسEEاب الشخص EEيات وهEEو يع EEني"بالوظEEائف أج EEزاء الفعEEل أو كلمEEات أدت أش EEكاال مح EEددة من
2
الفعل"
بمعنى التركيز على الوظيفة التي تؤديها كل شخصية داخل الحكاية ال على الشخصية.
فقد قام "بروب"بتحويل الشخصيات الى نمذجة بسيطة ال تقEEوم على نفسEEية الشخصEEية،ولكنهEEا
تقEEوم على وحEEدة األفعEEال الEEتي يتEEوزع عليهEEا داخEEل الحكايEEة" 3فالشخصEEية تتحEEدد في الحكايEEة
عن EEده من خالل مجم EEوع األفع EEال ال EEتي تق EEوم به EEا ،فق EEد الح EEظ "ب EEروب"أن أس EEماء الشخص EEية
ووظائفها الفيزيولوجية وحاالتهEا النفسEية تتغEير من حكايEة الى أخEرى لكن الثEابت والمتكEرر
باسEEتمرار في الحكايEEات هEEو األفعEEال الEEتي تقEEوم بهEEا تلEEك الشخصEEيات وهEEذا مEEا جعلEEه يهمEEل
1فالديمير بروب ،مورفولوجية القصة ،تر :عبد الكريمحسن ،سميرة بن عمو ،شراع للدراسات والنشر والتوزيع،
دمشق ،ط ،4،1996ص.15
2بول ريكور ،الزمان والسرد ،التصوير في السرد القصصي ،تر :دار الكتاب الجديد إفرنجي ،ط ،2006 ،1ص68
3المرجع نفسه ،ص.68
مفاهيم حول العنوان والشخصية الفصل األول
العناصEE Eر الEE Eتي ليس لهEE Eا عالقEE Eة بتلEE Eك األفعEE Eال وكEE Eان التركEE Eيز منصEE Eبا على "تحديEE Eد هويEE Eة
الشخصEEية من خالل مجمEEوع أفعالهEEا دون صEEرف النظEEر عن العالقEEة بينهمEEا وبين مجموعEEة
الشخصيات األخرى التي تحتوي بها الرواية ".1
لم يجع EEل"ب EEروب"من الش EEخوص عناص EEر مس EEاهمة في البن EEاء وال في إنت EEاج الدالل EEة ،لق EEد اتك EEأ
وهEE E Eو يبحث في بنيEE E Eة الحكايEE E Eة عن النمEE E Eوذج الEE E Eوظيفي الEE E Eذي يركEE E Eز على المالمح القEE E Eارة
للخرافEEEات ،متنافيEEEا للمالمح المتنوعEEEة ،مثEEEل الشخص EEيات ونعوته EEا أو ح EEوافز األفع EEال" 2أي
الترك EEيز على ك EEل ش EEيء ث EEابت وس EEاكن في الخراف EEة .أم EEا الشخص EEيات والنع EEوت أو ح EEوافز
األفعال كما يسميه فهو متحول ومتغير،لذا ال قيمة له في دراسته.
وقEEد أولى "بEEروب" في كتابEEه مورفولوجيEEا الحكايEEة الخرافيEEة مكانEEة خاصEEة ألول مEEرة ينظEEر
الى الشخصEE E E Eية بمنظEE E E Eار جديEE E E Eد تجEE E E Eاوز المقاربEE E E Eات التاريخيEE E E Eة واالجتماعيEE E E Eة والنفسEE E E Eية
واإليديولوجية ،وتكمن أهمية هذه الدراسة في تجسيدها مقولتين رئيسيتين:
"مقول EEة الوظ EEائف فق EEد خلص "ب EEروب "الى تحدي EEد إح EEدى وثالثين وظيف EEة ال يمكن للشخص EEية
الحكائيEE Eة أن تخEEEرج عنهEE Eا في أي حكايEEEة خرافيEEEة روسEE Eية عجيب EEة،ثم عمم ذلEE Eك على جميEE Eع
الحكايات الشعبية في العالم ".3
"مقولEEة دائEEرة أفعEEال الشخصEEيات الحكائيEEة بوضEEع سEEبع دوائEEر األفعEEال الشخصEEية الحكائيEEة ال
4
يمكن للدور الذي تؤديه الشخصية الحكائية أن تخرج عنه"
1شعبان عبد الحكيم محمد ،الرواية العربية الجديدة E،دراسة آليات السرد وقراءات نصية ،الراق للنشر والتوزيع ،عمان،
األردن ،ط ،2،2013ص.69
2غيبوب باية ،بناء الشخصية األنثروبولوجيا العجائبية ،مائة عام من العزلة لغبلاير غارسيا ماركيز ،األمل للطباعة
والنشر والتوزيع ،الجزائر ،ط ،2012،ص.44
3أمينة قزازي ،سميائية الشخصية في تغريبه بني هالل ،دار الكتاب الحديث ،القاهرة ،ط ،1،2012ص.53
4المرجع نفسه ،ص.53
مفاهيم حول العنوان والشخصية الفصل األول
"وه EEذه ال EEدوائر الس EEبع تتمث EEل فيم EEا يلي :المعت EEدي أو الش EEرير –ال EEواهبE-المس EEاعد-األم EEيرة-
2
الباعث-البطل-البطل الزائف"1وهي بالشرح:
الشخصــية المعتــدي أوالشــريرة:تق EEوم ه EEذه الشخص EEية بإلح EEاق األذى بالبط EEل أو أح EEد
أفراد العائلة ،كما تقوم باستدراج البطل ليقع في فخها فتعتدي عليه.
الشخصـــية المانحـــة أو الواهبـــة:تتمث EE Eل وظيفته EE Eا في اختب EE Eار البط EE Eل ومنح EE Eه األداة
"الحرية التي تساعده على إنجاز فعل ما.
الشخصـ ــية المسـ ــاعدة :وظيفتهEE E Eا مسEE E Eاعدة البطEE E Eل للقضEE E Eاء على اإلسEE E Eاءة وتحقيEE E Eق
المشاريع التي تنوي القيام بها.
الشخصــية األمــيرة:أو شخص EEية المبح EEوث عنه EEا وظيفته EEا موزع EEة بينه EEا وبين أبيه EEا،
كان يأمر البطل بإنجاز مهم صعبة.
الشخصية المرسل أو الباعث :من مهامها إرسال البطل في مهمة صعبة.
شخصيةـ البطل:تنطلق في أداء المهمة الصعبة المكلفة بها ،تستجيب لمطالب
الشخصEEية المانحEEة،ومن ثم تقضEEي على القEEوة المتعديEEة لتكافEEأ في النهايEEة بEEالزواج أو بجEEائزة
مالية.
شخصــيةـ البطــل الزائــف :تنطل EEق به EEدف البحث معتم EEدة على االدع EEاءات الكاذب EEة من
أجEEل الحصEEول على المكافEEأة بعEEد أن تEEوزع الوظEEائف على سEEبع شخصEEيات ،ال يعEEني
بالضرورة أن كل شخصية تنفرد بوظيفة معينة ،بل بإمكان شخصية واحدة أن تقEEوم
بعدة وظائف ،كما يمكن أن تقوم عدة شخصيات بوظيفة واحدة.
1حميد لحميداني ،النص السردي من منظور النقد األدبي المركز الثقافي للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ،ط،1991 ،1
ص.24
2محمد القاضي ،معجم السرديات ،الرابطة الدولية للناشرين المستقلين ،دار محمد علي للنشر ،تونس ،ط ،1،2010ص
.270
مفاهيم حول العنوان والشخصية الفصل األول
بن EE Eاءا على م EE Eا تق EE Eدم ذك EE Eره نس EE Eتنتج أن م EE Eا ق EE Eام ب EE Eه "ب EE Eروب"ه EE Eو محاول EE Eة فص EE Eل الح EE Eدث
والشخص EEية،حيث س EEعى الى تعري EEف الخراف EEة من خالل ت EEرتيب وتسلس EEل األح EEداث إال أن EEه
اضEEطر الى تعريEEف تلEEك األحEEداث بإسEEنادها الى الشخصEEيات موزعEEا إياهEEا الى سEEبع دوائEEر
وه EEذا التص EEنيف Eفي حقيقت EEه تص EEنيف مخ EEتزل لألح EEداث أك EEثر من EEه إب EEراز لمفه EEوم الشخص EEية
وقيمتها.
ب)عند تودوروف:يرى تودوروف أن ":الشخصية محض خيال وأنها ليست أكثرمن قضEEية
لسانية،وبهذا فان" تودوروف" يجردها من محتواها الداللي،من أجل إبEEراز وظيفتهEEا النحويEEة
حيث يجعلهEEEا(فEEEاعال) في السEEEرد ،بخالف التحليEEEل الب EEنيوي ال EEذي يعت EEبر الشخص EEية دليال ذا
وجهين:أحدهما (دال)واألخر (مدلول)""1أي أن تودوروف ينظEEر نظEEرة لسEEانية بتجريEEدها من
محتواهEEا الEEداللي ويتوقEEف عنEEد وظيفتهEEا النحويEEة لتسEEهل عليEEه بعEEد ذلEEك المطابقEEة بين الفاعEEل
2
واالسم الشخصي(الشخصية)"
«وهEEو بEEذلك يجعEEل الشخصEEية تتحEEدد من خالل وظيفتهEEا النحويEEة في الجملEEة وباإلضEEافة الى
االعتمEEاد على هEEذه الخلفيEEة اللسEEانية ركEEز تEEودوروف في تعريفEEه أيضEEا على ثالث منطلقEEات
3
أساسية هي:
-أن الشخص EE Eية تش EE Eغل في الرواي EE Eة –بوص EE Eفها حكاي EE Eة -دورا حاس EE Eما وأساس EE Eيا بحكم أنه EE Eا
المك EE Eون ال EE Eذي تنظم انطالق EE Eا من EE Eه عناص EE Eر الرواي EE Eة،ت EE Eودوروف Eهن EE Eا على ق EE Eدر كب EE Eير من
الصواب" E،أن الشخصية البد أن تحتEل مكانEة مهمEة ،أن الشخصEية هي الEتي تكEون واسEطة
البعEد بين جميEع المشEكالت األخEرى ،حيث أنهEا هي الEتي تصEطبغ اللغEة ،وهي الEتي تبث أو
تس EEتقبل الح EEوار،وهي تص EEطبغ المناج EEاة ،وهي ال EEتي تض EEيف معظم المن EEاظر ال EEتي تس EEتهويها
1محمد عزام ،فضاء النص الروائي مقاربة بنيوية تكوينية Eفي أدب نبيل سليمان ،دار الحوار للنشر والتوزيع ،الالذقية،
سوريا ،ط ،9،1996ص.85
2حسن بحراوي ،بنية الشكل الروائي "الفضاء ،الزمن ،الشخصية" ،المركز الثقافي العربي ،بيروت ،لبنان ،ط،1،1990
ص.213
3جويدة حماشي ،بناء الشخصية مقاربة في السرديات ،منشورات األوراس ،د ط ،2007 ،ص.58
مفاهيم حول العنوان والشخصية الفصل األول
،وهي التي تنجز الحEEدث ،وهي الEEتي تنهض بEEدور تضEEريم الصEEراع أو تنشEEيطه ،من خالل
سEلوكها و أهواءهEا و عواطفهEا،وهي الEتي تقEع عليهEا المصEائب أو تشEتار النتEائج،وهي الEتي
تعم EEر المك EEان ،وهي ال EEتي تمال الوج EEود ص EEياحا وض EEجيجا ،وهي ال EEتي تتفاع EEل م EEع ال EEزمن
فتسEEمه معEEنى جديEدا ،وهي الEEتي تتكيEEف مEEع هEEدا الEزمن في أهم أطرافEEه الثالثEة :الماضEي،و
1
الحاضر ،والمستقبل"
-أن العالقات القائمة والمتغيرة بين الشخصيات في األعمال السردية الروائية تبدو
متعEE Eددة،وقEE Eد حEE Eاول تEE Eودوروف تجريEE Eد الشخصEE Eية من محتواهEE Eا السEE Eيكولوجي متوقفEE Eا عنEE Eد
وظيفتهEE Eا النحويEE Eة داخEE Eل الجملEE Eة السEE Eردية،وعنEE Eد النظEE Eام العالئقي الEE Eذي يمكن أن تلعب فيEE Eه
الشخصEEية الحكائيEEة الEEدور األول على مسEEتوى الخطEEاب ،فانطالقEا من الشخصEEية يمكن لبقيEEة
عناصEE E Eر الحكي أن تنخEE E Eرط في نظEE E Eام يبEE E Eدو للوهلEE E Eة األولى كثEE E Eير التنEE E Eوع ،نتيجEE E Eة لتعEE E Eدد
الشخصEE E Eيات ،ولكنEE E Eه يمكن أن يخEE E Eتزل الى ثالث عالقEE E Eات فقEE E Eط هي":الرغبEE E Eة والتواصEE E Eل
2
والمشاركة"
"كمEEا أن تEEودوروف قEEد ذكEEر أن هنEEاك نمذجEEة شEEكلية للشخصEEية الحكائيEEة متجسEEدة في نEEوعين
من الشخصيات".3
من تحول كما توجEد في النمذجEة الشEEكلية تقسEEيمات أخEEرى كالشخصEEية الرئيسEEية والشخصEEية
الثانوية والشخصية المعقدة والشخصية البسيطة.
1عبد الملك مرتاض ،في نظرية الرواية ن بحث في تقنيات السرد ،سلسلة كتب ثقافية المجلس الوطني للثقافة والفنون
واآلداب ،الكويت ،د ط ،1998 ،ص.91
2جويدة حماشي ،بناء الشخصية مقاربة في السرديات ،ص.59
جويدة حماشي ،بناء الشخصية مقاربة في السرديات ،ص.63 3
مفاهيم حول العنوان والشخصية الفصل األول
نسEE E E E E Eتنتج من خالل م EE E E E Eا س EE E E E Eبق ذك EE E E E Eره أن الشخص EE E E E Eية عنEE E E E E Eد ت EE E E E Eودوروف هي قضEE E E E E Eية
لسانية،فالشخصEيات ال وجEEود لهEEا خEارج الكلمEات ألنهEا ليسEت سEEوى كائنEات من ورق وهي
بذلك تكون مجرد شخصيات تخييلية.
ج)عند جوليان غريماس:إن"غريماس" حينما ميز بين العامل والممثل قدم في الواقع
فهما جديدا للشخصية في الحكي ،هو ما يمكن تسميته بالشخصية المجEEردة ،وهي قريبEEة من
مEEدلول» الشخصEEية المعنويEEة" في عEEالم االقتصEEاد،فليس من الضEEروري أن تكEEون الشخصEEية
هي شEE Eخص واحEE Eد ذلEE Eك أن العامEE Eل في تصEE Eور "غريمEE Eاس" يمكن أن يكEE Eون ممثال وممثلين
متعددين ،كما أنه ليس من الضروري أن يكون العامل شخصا ممثال ،قد يكون مجرد فكرة
كفكEEرة الEEدهر،أو التEEاريخ ،وقEEد يكEEون جمEEادا أو حيوانEEا...الخ ،هكEEذا تصEEبح الشخصEEية مجEEرد
دور مايؤدى في الحكي بغض النظر عمن يؤدي ،1 « إن مفهوم الشخصية عنEEد "غريمEEاس"
2
يمكن التمييز فيه بين مستويين:
-مستوىـ عاملي:تتخذ فيه الشخصية مفهوما شموليا مجردا يهتم باألدوار وال يهتم بالذوات
المنجزة لها
-مس ــتوى ممثلي (نس ــبةـ للممث ــل):تتخEE Eذ فيEE Eه الشخصEE Eية صEE Eورة فEE Eرد يقEE Eوم بEE Eدور مEE Eا في
الحكي،فه EEو ش EEخص فاع EEل يش EEارك م EEع غ EEيره في تحدي EEد دور ع EEاملي واح EEد أو ع EEدة أدوار
عامليه» .إن عدد العوامل في كEEل حكي محEEدود على الEEدوام في سEEتة هي :المرسEEل،المرسEEل
إليه ،الذات ،الموضوع،المساعد ،المعارض أمEEا عEEدد الممثلين فال حEEدود لEEه،3 « ولقEEد حEEاول
غريمEE Eاس إلى إيجEE Eاد صEE Eلة بين أدوار الشخصEE Eية ووظائفهEE Eا اللغويEE Eة ،في عالقEE Eات عامليEE Eه،
4
تشكل نماذج محددة وهذه العوامل هي:
وكتحليEEل دقيEEق للعوامEEل السEEابقة وفEEق العالقEEات الثالث المكونEEة للنمEEوذج العEEاملي من تصEEور
"غريمEEاس" "عالقEEة الرغبEEة،التواصEEل ،عالقEEة الصEEراع " يمكن أن نوضEEحه من خالل الرسEEم
1
التالي:
المساعدوEن المضادوEEن
الفاعل
نس EEتنتج مم EEا س EEبق أن مفه EEوم الشخص EEية يختل EEف من ناق EEد آلخ EEر،فلك EEل واح EEد منهم طريقت EEه
الخاصة في رسم شخصيات روائية فقد الحظنا من خالل المفاهيم الغربية للشخصEEية قEدمت
على أنهEEا عالمEEة لغويEEة وقضEEية لسEEانية ،ولكن حEEتى وان كEEانت بهEEذا المفهEEوم فهي تبقى ذات
ص EE Eيغة إنس EE Eانية تحم EE Eل مالمح التجدي EE Eد واإلب EE Eداع ،ف EE Eرغم محاول EE Eة المن EE Eاهج النقدي EE Eة تحلي EE Eل
الشخصية الروائية وتقديم مفاهيم عنها إال أنها تبقى فجوات يصعب تداركها.
.2عند العرب:
1نصيرة زوز ،سيمياء الشخصية في رواية حارسة الظالل لواسيني األعرج ن مجلة العلوم اإلنسانية ،ع ،9كلية العلوم
االجتماعية واإلنسانية ،جامعة محمد خيضر ،بسكرة ،ص.4
مفاهيم حول العنوان والشخصية الفصل األول
أ)عند محمد عزام:يقول"الواقع إذ الشخصية الروائيEEة هي محض خيEEال يبدعEEه المؤلف لغايEة
فني EEة مح EEددة ،وتخل EEط الق EEراءة الس EEاذجة بين (الشخص EEية التخيلي EEة) ،و (الشخص EEية الحي EEة) في
حين أن الشخصEE E E E E Eية التخيليEE E E E E Eة (كEE E E E E Eائن من ورق) ،وأنهEE E E E E Eا ليسEE E E E E Eت أكEE E E E E Eثر من قضEE E E E E Eية
لسانية" 1فالشخصية عنده هي مجرد شخصية خيالية يبدعها القاص لبناء نصه الفني.
ب)عند حميد الحميداني" :أن الشخصية في الرواية أوالحكي هامة ال ينظر إليهEEا من وجهEEة
نظEEEر التحليEEEل البنEEEائي المعاصEEEر،إال أنهEEEا بمثابEEEة دلي EEل ( )signeل EEه وجه EEان أح EEدهما دال (
)signifiantواآلخر مدلول ( ،)signifieوتكون الشخصية بمثابة دال من حيث أنها تتخذ
ع EEدة أس EEماء أو ص EEفات تلخص هويته EEا،أم EEا الشخص EEية كم EEدلول فهي مجم EEوع م EEا يق EEال عنه EEا
بواسEEطة جمEEل متفرعEEة في النص أو بواسEEطة تصEEريحاتها ،وأقوالهEEا ،وسEEلوكها ،وهكEEذا فEEان
2
صورتها ال تكتمل إال عندما يكون النص الحكائي قد بلغ نهايته"
ج)عنــد محمــد غــنيمي هالل:جEEاء عنEEد محمEEد غEEنيمي هالل إن":األشEEخاص في القصEEة مEEدار
المعاني اإلنسانية ومحور األفكار واآلراء العامة ولهذه المعاني واألفكار المكانEEة األولى في
القصEEة منEEذ أن انصEEرفت إلى دراسEEة اإلنسEEان وقضEEاياه ،إذ ال يسEEوق القEEاص أفكEEاره العامEEة
منفص EEلة عن محيط EEه الحي EEوي ب EEل ممثل EEة في األش EEخاص ال EEذين يعيش EEون في مجتم EEع م EEا،وإ ال
كانت مجرد دعاية ،وفقدت بذلك أثرهااالجتماعي وقيمتها الفنية معا،فال مناص من أن تحيEا
األفك EEار في األش EEخاص ،وتحي EEا األش EEخاص وس EEط مجموع EEة من القيم اإلنس EEانية يظه EEر فيه EEا
3
الوعي الفردي"
تتعدد معايير التمييز بين الشخصيات بحكم اختالف األشكال الروائية ،وكذلك تغيEEير معEEايير
تقسEE Eيم الروايEE Eة لهEE Eا"،حيث تعتمEE Eد على عEE Eدد من التحديEE Eدات الدقيقEE Eة المرتبطEE Eة بكيفيEE Eة بنEE Eاء
الشخصية ووظيفتها داخل السرد الروائي " 1فالشخصية الروائية تصنف حسب أدوارهEEا في
العمل الروائي ويمكن تقسيم أنواع الشخصيات كالتالي:
أ)الشخص ــية الرئيس ــية:ـ تمث EE Eل العنص EE Eر الفع EE Eال في الرواي EE Eة و "هي ال EE Eتي تس EE Eتأثر باهتم EE Eام
السارد ،حيث يخصEEها دون غيرهEEا من الشخصEEيات األخEEرى بقEEدر من التمEEيز ،حيث يمنحهEEا
حضEE E Eورا طاغيEE E Eا ،وتحظى بمكانEE E Eة متفوقEE E Eة ،وهEE E Eذا االهتمEE E Eام يجعلهEE E Eا في مركEE E Eز اهتمEE E Eام
2
الشخصيات األخرى وليس السارد فقط"
كما أن "الشخصية الفنية التي يصEEطفيها القEEاص لتمثEEل مEEا أراد تصEEويره ،أو مEEا أراد التعبEEير
عن EEه من أفك EEار وأحاس EEيس ،وتك EEون ه EEذه الشخص EEية قوي EEة ذات فاعلي EEة كلم EEا منحه EEا الق EEاص
حرية ،وجعلها تتحرك وتنمو وفق قدراتها وإ رادتها ،بينما يختفي هو بعيدا يراقب صEEراعها
3
وانتصارها،أو إخفاقها وسط المحيط االجتماعي أو السياسي الذي رمي بما فيه"
وبهEEذا يتضEEح لنEEا من خالل مEEا ذكEEر أن الشخصEEية الرئيسEEية هي الEEتي يمكننEEا االعتمEEاد عليهEEا
في فهم مضمون العمل الروائي.
ب)الشخصــيةـ الثانويــة" :وهي الشخص EEية ال EEتي تش EEارك في نم EEو الح EEدث القصص EEي وبل EEورة
معنEEاه واإلسEEهام في تصEEوير الحEEدث ،ويالحEEظ أن وظيفتهEEا اقEEل قيمEEة من وظيفEEة الشخصEEية
الرئيسEEية ،رغم أنهEEا تقEEوم بEEأدوار مصEEيرية أحيانEEا في حيEEاة الشخصEEية الرئيسEEية ".4وتنهض
الشخصEEيات الثانويEEة بEEأدوار محEEدودة إذا مEEا قEEورنت بEEأدوار الشخصEEية الرئيسEEية ،وقEEد تقEEوم
ج)الشخصية المعارضة" :هي الشخصية التي تمثل القEوى المعارضEة في النص القصصEEي،
وتقEEف في طريEEق الشخصEEية الرئيسEEية أو الشخصEEية المسEEاعدة ،وتحEEاول قEEدر جهEEدها عرقلEEة
مس EEاعيها ،وتع EEد أيض EEا شخص EEية قوي EEة ذات فعالي EEة في القص EEة ،وفي بني EEة ح EEدثها ال EEذي يعظم
ش EEأنها كلم EEا اش EEتد الص EEراع بين الشخص EEية الرئيس EEية والق EEوى المعارض EEة وتظه EEر هن EEا ق EEدرة
الكEE Eاتب الفنيEE Eة في الوص E Eف EوتصEE Eوير المشEE Eاهد الEE Eتي تمثEE Eل هEE Eذا الصEE Eراع " 2وتتمثEE Eل هEE Eذه
الشخصEEية في القEEوى المعاكسEEة الEEتي تقEEف في وجEEه الشخصEEية الرئيسEEية ومحاولEEة منعهEEا من
الوصول إلى مبتغاها.
د)الشخصــية المرجعيــة :وهي" الفئ EEة األولى من الشخص EEيات ض EEمن تص EEنيف فيليب ه EEامون
للشخص EE Eية ،فق EE Eد نظ EE Eر إلى الشخص EE Eية الروائي EE Eة من حيث دوره EE Eا في النص ووظيفته EE Eا في
عالقتهEEا الشEEكلية"3والشخصEEية المرجعيEEة هي "الEEتي تتضEEمن الشخصEEيات التاريخيEEة (كنEEابليون
في رواية دوماس) والشخصيات االجتماعيEة (كالعامEEل أو الفEEارس أوالمحتEEال) والشخصEيات
األسEEEطورية(كفينEEEوس Eأوزوس) EوالشخصEEEيات المجازي EEة (ك EEالحب والكراهي EEة)" ،4وك EEل ه EEذه
األنواع تميل الى معنى ثابت تفرضه ثقافة يشارك القارئ في تشكيلها .
ه)الشخصـ ــية الواصـ ــلة "اإلشـ ــارية" :إن هEE E Eذا النEE E Eوع من الشخصEE E Eيات كمEE E Eا عرفEE E Eه فيليب
هEE Eامون":تكEE Eون عالمEE Eات على حضEE Eور المؤلEE Eف والقEE Eارئ ،أو مEE Eا ينEE Eوب عنهمEE Eا في النص
وتص EE Eنيف ه EE Eامون ض EE Eمن ه EE Eذه الفئ EE Eة الشخص EE Eيات الناطق EE Eة باس EE Eم المؤل EE Eف والمنش EE Eدين في
و)الشخصـ ــية المتكـ ــررة"اإلسـ ــتذكارية":وه EE Eذا النEE E Eوع من الشخص EE Eيات تك EE Eون فيEE E Eه اإلحالEE E Eة
ضEEرورية فقEEط للنظEEام الخEEاص بالعمEEل األدبي،فالشخصEEيات تنسEEج داخEEل الملفEEوظ شEEبكة من
2
االستدعاءات والتذكيرات Eلمقاطع من الملفوظ منفصلة وذات طول متفاوت "
"وهي ذات وظيفEE E Eة تنظيميEE E Eة في تقويEE E Eة ذاكEE E Eرة القEE E Eارئ من مثEE E Eل الشخصEE E Eيات المباشEE E Eرة،
والمؤولEEة ،والمنEEذرة...إلخ" "3.وتظهEEر هEEذه النمEEاذج من الشخصEEيات في الحلم المنEEذر بوقEEوع
حEEادث أو في مشEEاهد االعEEتراف والبEEوح ،وبواسEEطة هEEذه الشخصEEيات يعEEود العمEEل ليستشEEهد
4
بنفسه وينشئ طوطولوجيته الخاصة
ز)الشخصــية المســطحة:وهي"الشخصEEية الثابتEEة الEEتي تبقى على حالهEEا من بدايEEة القصEEة إلى
نهايتهEE E Eا ،فال تتطEE E Eور حيث تولEE E Eد مكتملEE E Eة على الEE E Eورق وال تغEE E Eير لألحEE E Eداث طبائعهEE E Eا ،أو
مالمحهEE Eا،وال تزيEE Eد وال تنقص من مكوناتهEE Eا الشخصEE Eية "،5وهي "شخصEE Eية ذات بعEE Eد واحEE Eد
يمكن التنب EEؤ بس EEلوكها بس EEهولة " 6ويق EEول فورس EEتر":أن الشخص EEية المس EEطحة هي الشخص EEية
التي تكون في الغالب منمذجEة وبEEدون عمEق سEيكولوجي ،وقEEد جعEEل فورسEEتر مقيEاس الحكم
عليهEEا عمEEق شخصEEية مEEا أو على سEEطحيتها ،يكمEEل في الوضEEع الEEذي تتخEEذه تلEEك الشخصEEية
تجاهنEE E Eا فهي إمEE E Eا أن تفاجئنEE E Eا بطريEE E Eق مقنعEE E Eة ،و إمEE E Eا ال تفاجئنEE E Eا مطلقEE E Eا" 7يمكن القEE E Eول أن
إذا فالشخص EE Eية النامي EE Eة هي الشخص EE Eية المتغ EE Eيرة والمتط EE Eورة ويظهرذل EE Eك من خالل تغ EE Eير
مالمحها خالل الرواية ،أو السرد.
من خالل م EEا تق EEدم ذك EEره نس EEتنتج أن للشخص EEية الروائي EEة أن EEواع كث EEيرة ومتع EEددة ،وأن EEه
يمكن أن نلتمس شخصEEية واحEEدة تنEEدرج على أكEEثر من نEEوع ،وهEEذا مEEا تقتضEEيه وظائفهEEا في
النص.
)3أبعاد الشخصية:ـ
الشخص EEية هي نس EEيج م EEركب من ثالث مقوم EEات وهي:الج EEانب النفس EEي ال EEذي يش EEمل الحي EEاة
الباطني EEة الخاص EEة بالشخص EEية ،والج EEانب االجتم EEاعي ال EEذي يعكس واق EEع الشخص EEية ،وأخ EEيرا
الجEانب الجسEمي الEذي يشEمل المظEاهر الخارجيEة من مالمح وممEيزات وعيEوب".ومن خالل
1شريط احمد شريط ،تطور البنية الفنية في القصة الجزائرية المعاصرة ،ص .33
2محمد غنيمي هالل ،النقد األدبي ،ص .530
مفاهيم حول العنوان والشخصية الفصل األول
األفعال التي تقوم بها أو الصفات التي تصف بها نفسها ،أو تستند لها من شخصيات أخرى
أو من ط EEرف الس EEارد ،وال EEتي يتم به EEا التمي EEيز بين ه EEذه الملفوظ EEات بحس EEب طبيع EEة المعرف EEة
(المعلومات) التي تقدمها عن الشخصية ،إجرائيا يمكن التمييز بين ثالثة أبعاد".1
أ)البعد الجسمي:
يتمثEE Eل في الجنس(ذكEE Eر أو أنEE Eثى) ،وفي صEE Eفات الجسEE Eم المختلفEE Eة من طEE Eول وقصEE Eر وبدانEE Eة
ونحافEEة...وعيEEوب وشEEذوذ ،وقEEد ترجEEع الى وراثEEة أو أحEEداث ""، 2يهتم القEEاص في هEEذا البعEEد
برس EEم شخص EEيته من حيث طوله EEا وقص EEرها ،ونحافته EEا وب EEدانتها ،ول EEون بش EEرتها ،والمالمح
األخ EE Eرى المم EE Eيزة لها 3وب EE Eذلك يك EE Eون البع EE Eد الجس EE Eمي ه EE Eو مجموع EE Eة الص EE Eفات الخارجي EE Eة
للشخصية.
يتمثل البعد االجتماعي في انتماء الشخصية إلى طبقة اجتماعيEEة ،وفي عمEEل الشخصEEية وفي
ن EEوع العم EEل ولياقت EEه يطبقه EEا في األص EEل ،وك EEذلك في التعليم ومالبس EEات العص EEر ،و ص EEلتها
بتكEEEوين الشخصEEEية ،ثم حيEEEاة األسEEEرة في داخلهEEEا ،الحي EEاة الزوجي EEة والمالي EEة والفكري EEة في
صEE Eلتها بالشخصEE Eية ،و يتبEE Eع ذلEE Eك الEE Eدين والجنسEE Eية ،و التيEE Eارات السياسEE Eية ،و الهوايEE Eات
السائدة في إمكان تأثيرها في تكوين الشخصEEية " ، 4كمEEا "يهتم بتصEEوير الشخصEEية من حيث
مركزهEEا االجتمEEاعي و ثقافتهEEا ،وميولهEEا و الوسEEط الEEذي تتحEEرك فيEEه " ، 5يتعلEEق بمعلومEEات
ح EEول وض EEع الشخص EEية االجتماعي EEة وأي EEديولوجيتها ،عالقاته EEا االجتماعي EEة (المهن EEة ،طبقته EEا
االجتماعي EE Eة:عام EE Eل /طبق EE Eة متوس EE Eطة /برج EE Eوازي /إقط EE Eاعي ، )...وض EE Eعها االجتم EE Eاعي :
(فقير /غني ) ،أيديولوجيتها (رأسمالي /أصولي /السلطة) ،لذلك يقتضي التمييز بين كينونة
"هEEو ثمEEرة البعEEدين السEEابقين في االسEEتعداد والسEEلوك والرغبEEات واآلمEEال ،والعزيمEEة والفكEEر،
وكفاي EEة الشخص EEية بالنس EEبة له EEدفها ،ويتب EEع ذل EEك الم EEزاج ،من انتع EEال وه EEدوء ،ومن انط EEواء
وانبسEEاط ،ومEEا ورائهمEEا من عقEEد نفسEEية محتملEEة " ،2كمEEا " يتعلEEق بكينونEEة الشخصEEية الداخليEEة
"3
(األفكار،المشاعر،االنفعاالت ،العواطف)
يهتم القEE E E E E E E Eاص من خالل هEE E E E E E E Eذا البعEE E E E E E E Eد بتصEE E E E E E E Eوير الشخصEE E E E E E E Eية من حيث مشEE E E E E E E Eاعرها
وعواطفها،وطبائعها ،وسلوكها،ومواقفها من القضايا المحيطة بها،وبهذا يتجلى البعد النفسي
في ترك EE E Eيز الق EE E Eاص على المواص EE E Eفات الس EE E Eيكولوجية من رغب EE E Eات وس EE E Eلوكات وانفع EE E Eاالت
الشخصية .
لقEE Eد سEE Eعى الدارسEE Eون والمحللEE Eون للخطEE Eاب الEE Eروائي إلى تأكيEE Eدهم على أهميEE Eة إرفEE Eاق
الشخصية باسم يميزها ويعطيها بعدها الداللي الخاص على مستوى المتن الروائي.
االسEEم الشخصEEي عالمEEة لغويEEة بامتيEEاز،فهEEو يتحEEدد بكونEEه اعتباطيEEا إال أننEEا نعلم أيضEEا درجEEة
3
اعتباطية عالمة ما أو درجة مقصديتها يمكن أن تكون مغايرة ومتفاوتة "
"ومن الواضEEح أنEEه ليس هنEاك مEEا يجEEبر الEEروائي على وضEEع أسEEماء شخصEEية ألبطالEEه ،فهEEو
بإمكانEEEه مثال أن يطلEEEق عليهم ألقابEEEا مهنيEEEة (األسEEEتاذ ،المق EEدم ،الخم EEاس ) أو يعينهم بألف EEاظ
القرابة ( األب ،األم ،الجد...الخ ) ،كما يكون في وسعه كذلك أن يسميهم نسبة الى مEEواطن
إقامتهم (التدالوي ،الحسناوي ،)...ونجده في بعض األحيان يطلق عليهم أسماء صEEفات أو
عاهEEات تمEEيزهم أو تجعلهم مختلفين عن غEEيرهم ( العرجEEاء،األبلEEه، )...أو يضEEع لهم أسEEماء
مجازي EEة أبع EEد م EEا تك EEون في الدالل EEة عليهم " ، 4لق EEد أص EEر الكث EEير من الدارس EEين على أهمي EEة
إرفاق الشخصية باسم يميزها ،وتعليEل ذلEEك عنEدهم أن الشخصEيات البEEد وأن تحمEل اسEEما ،
وأن هذا األخير هو ميزتها األولى ،ألن االسEEم هEEو الEEذي يعين الشخصEEية ويجعلهEEا معروفEEة
وفردية ،وقد يرد االسم الشخصي مصحوبا بلقب يميزه عن اآلخرين الEEذين يشEEتركون معEEه
في االس EEم نفس EEه ،كم EEا يزي EEد في تحدي EEد ال EEتراتب االجتم EEاعي للشخص EEية ال EEذي تخبرن EEا عن EEه
"وهنEاك تعليEل أفضEل وربمEا أكEثر إقناعEا عن أهميEة االسEم يسEوقه أولئEك الEذين يطEابقون بين
تحدي EEد مع EEالم الشخص EEية ومس EEألة تعري EEف الف EEرد ،وذل EEك عن EEدما يربط EEون ربط EEا منطقي EEا بين
الشخصية واسم العلم الذي يدل عليها ويحاولون مثلما فعEEل "ايEEان وات"،أن يدرسEEوا الطريقEEة
الخاصEEة الEEتي يعلن بهEEا الEEروائي عن قصEEده تقEEديم شخصEEية مEEا على أنهEEا فEEرد معين ،وذلEEك
2
بتسميته الشخصية بالطريقة ذاتها التي يسمى بها األفراد في الحياة االعتيادية"
من خالل مEEا تقEEدم ذكEEره حEEول أهميEEة أسEEماء الشخصEEيات في النص الEEروائي يمكن القEEول
بEEأن االسEEم يشEEكل أو اإلرتبEEاط بين الشخصEEية وبين المجتمEEع الEEتي تعيش ضEEمنه ،كمEEا يمكننEEا
القول بأن األسماء التي يختارها الروائي لشخصياته يمكن أن تتالءم وتتوافق مع الشخصية
من جهة ،كما يمكن أن تتنافى داللتها مع الشخصية التي يقدمها الروائي.
)1سميائية العنوان:
يش EEكل الغالف عتب EEة مهم EEة لول EEوج العم EEل األدبي ومفتاح EEا للق EEارئ يحق EEق ب EEه ال EEدخول
ألغوار النص ،فتصEميم الغالف في روايEة الخنEدق الغميEق حمEل أربEع وحEدات هي :صEورة
الغالف واسم الكاتب وعنوان الكتاب واسم دار النشر.
فنجEEد سEEميائية الغالف في هEEذه الروايEEة تمثلت في لوحEEة تشEEكيلية أبEEدعتها يEEد المصEEمم
"نج EEاح ط EEاهر" و ال EEتي تمثلت في فت EEاة ذات مالمح و تقاس EEيم جميل EEة ذات ش EEعر أس EEود طوي EEل
بأصEEابع مطليEEة بEEاللون األحمEEر تبEEدو لنEEا وكأنهEEا داخEEل إطEEار بEEني بجانبهEEا شEEق مزهريEEة بEEه
أزهار عديدة ،و إذا انتقلنا إلى مضمون النص الروائي و حاولنا أن نجEEد خيEEوط تجمEEع بين
اللوح EEة المرس EEومة و المتن يمكن أن نق EEول أن ه EEذه اللوح EEة مثلت األس EEرة ال EEتي ك EEانت تعيش
حي EEاة هنيئ EEة جميل EEة بق EEدر جم EEال ه EEذه الفت EEاة و ال EEتي د ّل فيه EEا الل EEون األس EEود على الح EEزن و
التشEEاؤم الEEذي سEEاد حيEEاة هEEذه األسEEرة في حين اللEEون األحمEEر الEEذي تEEزينت بEEه أصEEابع الفتEEاة
يرمEE Eز إلى الحب و العاطفEE Eة الEE Eتي عاشEE Eها البطEE Eل والEE Eتي كEE Eانت من أسEE Eباب الEE Eنزاع داخEE Eل
األسرة ،أما اللون البEني الEذي تلEون بEه اإلطEار فهEو داللEة للحالEة الEتي سEادت األسEرة وكEأن
اإلطار هو المجتمع المتعصب المتمسك بالقيم و التقاليد و الذي مثله والد سامي.
أما األزهار الموجودة بجانب الفتاة فهي تالمس وتعانق األزهار الخارجية التي توحي على
أمEEل بطEEل الروايEEة بEEالخروج من هEEذه العقبEEات ،في حين نجEEد اللEEون األصEEفر الEEذي تلEEون بEEه
شEEق المزهريEEة يحيEEل على المEEرض والEEذبول والمEEوت،وكEEأن هEEذا الشEEكل مثّEEل لنEEا األسEEرة في
جراء الثورة التي أقامها األبناء وتأثر بها األب ومرض ثم مات
مشاكلها واضطراباتها ّ
ومن سEEميائية الغالف أيضEEا جنس الكتEEاب (روايEEة) على يمين الصEEورة وبخEEط مخEEالف لخEEط
اس EEم المؤل EEف والرواي EEة كبي EEان إيض EEاحي ي EEدل على م EEدى اح EEترام العم EEل األدبي لخص EEائص
الجنس الروائي.
سميائية العنوان وتمظهرات الشخصية الفصل
ليعلو هذه الصEورة اسEم الكEاتب "سEهيل إدريس" بخEط أزرق ووجEود االسEم في هEذا الموضEع
Eمو
يعEEني تعEEالي المؤلEEف عن تفاصEEيل الغالف األخEEرى ،ويرمEEز اللEEون األزرق هنEEا إلى السّ E
والعلو ّوالرفعة و الوقار التي ينالها الكاتب.
ه EEذا عن الج EEزء العل EEوي للغالف ،أم EEا القس EEم الس EEفلي فنالح EEظ أن EEه يحت EEوي على اس EEم الرواي EEة
"الخنEEدق الغميEEق" والEEذي كتب بخEEط أكEEثر سEEم ًكا من الEEذي كتب بEEه اسEEم الكEEاتب وبلEEون أزرق
يشEEير الى النقEEاء والصEEفاء واالمتEEداد،والمتطلEع EألعمEEال الكEEاتب يستشEEف وكأنEEه داللEEة المتEEداد
أدبي أو تمهيد لعمل قادم.
تمامEE Eا وعلى اليمين نالح EE Eظ وج EE Eود اس EE Eم دار النش EE Eر وهي دار اآلداب
و إلى أس EE Eفل الغالف ً
وإ لى جانبها الرمز المميز لدار النشر وذلك من أجل التسويق واإلشهار.
ه EEذا بالنس EEبة للواجه EEة األمامي EEة للغالف أم EEا الواجه EEة الخلفي EEة فتب EEدو لن EEا على خالف الواجه EEة
األمامية خالية من اللوحات واألشكال والرسومات واأللوان ،ففي ظهر الغالف نجEEد فقEEرتين
انطباعيتين آلراء نقدية لكل من رئيف خوري وميخائيل نعيمة التي تقيم الرواية وتنتقدها
سميائية العنوان وتمظهرات الشخصية الفصل
أمEEا اللEEون األبيض الEEذي وشEEح بEEه الواجهEEة األماميEEة والواجهEEة الخلفيEEة إيمEEاء وإ يحEEاء للصEEفاء
والنق EEاء والبس EEاطة والوض EEوح E،فس EEهيل إدريس انطل EEق من ه EEذه القيم في بن EEاء روايت EEه ال EEذي
والسعادة واأللم بأسلوب بين واضح.
طرح مواقف الحزن والفرح ّ
يعتبر العنوان من أهم عناصEEر النص المEEوازي ،فهEEو أول عنصEEر يواجEEه القEEارئ أثنEEاء
تفاعلEEه مEEع النص الEEروائي ،حيث يقEEوم بتقEEديم العمEEل اإلبEEداعي والتعريEEف بEEه وتوسEEيمه داللEEة
Eورا ،فه EE E Eو بمثاب EE E Eة بطاق EE E Eة ض EE E Eيافة للنص ،حيث يمنح للمتلقي مجموع EE E Eة من
Eاءا وتص ً E E E
وبن ً E E E
كليا ،أو ال اإلش EEارات وال EEدالالت ح EEول مض EEمون ه EEذا العم EEل فيص EEفه ل EEه ويعكس EEه جزئي EEا أو ًّ
1
يعكسه بطريقة مباشرة
وبنEE Eاءا على هEE Eذا التمهيEE Eد البسEE Eيط للعنEE Eوان يمكننEE Eا تقEE Eديم مقاربEE Eة للعنEE Eوان بEE Eالمتن الEE EروائيE
(الرواية)
فعنEEوان الخنEEدق الغميEEق يحتEEوي على العديEEد من الEEدالالت واإليحEEاءات ولكن قبEEل تنEEاول هEEذا
الجانب ارتأينا تناول المستوى المعجمي والصوتي Eوالنحوي:
أ) المستوى المعجمي:عندما نبحث عن الداللة اللغوية والمعجمية التي يحملها عنوان
الرواية وجب علينا الرجوع لبعض المعاجم العربية لمعرفة معنى كل من الكلمتين.
-الخن EEدق :حف EEير ح EEول المك EEان،وأخ EEدود عمي EEق مس EEتطيل يحف EEر في مي EEدان القت EEال :ليت EEق ب EEه
الجنود،والوادي( Eج) فنادق.1
وخندق يخندق خندقة ،فهو مخندق والمفعول مخندق (للمتعدي) خندق الجنEدي خنEدقا:حفEره،
خنEEدق (مفEEرد) ج (خنEEادق) حفEEرة عميقEEة مسEEتطيلة حEEول المكEEان وقEEد تُحفEEر في ميEEدان القتEEال
لتحصين الجنود(،حرب الخنادق) " ملجEEأ ،مكEان مEEأمون تحت األرض ُيتّقى بEEه من الغEEارات
الجوية.2
وبهذا فكلمة الخندق لها عدة معاني هي:الوادي ،المكان المحفور ،الملجأ.
غمقت األرض غمق EEا:ركبه EEا الن EEدى ،و (غمقت) األرض أو النب EEات غمق EEا:غمقت البل EEد :ك EEان
ّ
كثير الماء فهو غمق كغمق األرض غمقا غمقت .
3
(الغامق) من األلوان :المائل إلى السواد (مج)(الغمق) :الندى
فتوحي كلمة الغميق لعدة دالالت منها:الندى،كثرة الماء ،اللون المائل للسواد.
يEEتركب العنEEوان من كلمEEتين هي" :الخنEEدق" ،و "الغميEEق" وكEEل كلمEEة تتكEEون من مجموعEEة من
4
األصوات :سنحاول تصنيفها حسب صفة الجهر والهمس كما يلي:
1ابراهيم انس وآخرون ،المعجم الوسيط ،مكتبة الشروق الدولية ،القاهرة ،ط ،2004- 4ص.258
2أخمد عمر مختار ،معجم اللغة العربية المعاصرة ،عالم الكتب،القاهرة ،ط( ،2008 ،)1ص .701
3ابراهيم انس وآخرون،المعجم الوسيط ،ص .663
4أحمد عمر مختار ،دراسة الصوت اللغوي ،عالم الكتب ،القاهرة ،1987 ،ص320
سميائية العنوان وتمظهرات الشخصية الفصل
األلف :مجهور.
الالم :مجهور.
الخاء :مهموس.
النون :مجهور.
الدال :مجهور.
القاف :مهموس.
األلف :مجهور.
الالم :مجهور.
الغين:مجهور.
الميم:مجهور.
الياء:مجهور.
القاف :مهموس.
دالالت القEEوة أيضEEا في قEEوة المصEEائب الEEتي حEEدثت لشخصEEية الروايEEة الرئيسEEية ومواجهتهEEا
بثبات وقوة
أما األصوات المهموسة فنجد حرفين مهموسين يميالن إلى حاالت الضعف والسيطرة الEEتي
تعيشها بعض شخصيات الرواية.
إن عن EEوان رواي EEة الخن EEدق الغمي EEق ه EEو عن EEوان ب EEتركيب خ EEارجي يل EEتزم بالص EEياغة اإلس EEمية
المركب EEة تركيب EEا وص EEفيا ،غ EEاب عنه EEا الفع EEل وه EEذا دلي EEل على الثب EEات والس EEكون فمن دالالت
االس EEم االس EEتقرار والثب EEات ،وه EEذا تأكي EEد لمض EEمون النص وإ ثب EEات لألح EEداث ووقائعه EEا تت EEألف
بنيتEEه من مسEEند (خEEبر) يتمثEEل في لفEEظ (الخنEEدق) أمEEا المسEEند إليEEه (مبتEEدأ) محEEذوف لوضEEوحه
وسهولة تقديره (هنا الخندق الغميق).
الخنــدق :خ EEبر مرف EEوع وعالم EEة رفع EEه الض EEمة الظ EEاهرة على آخ EEره لمبت EEدأ مح EEذوف
تقديره هنا.
الغميق :صفة مرفوعة وعالمة رفعها الضمة الظاهرة على آخره.
وردت رواي EE Eة الخن EE Eدق الغمي EE Eق في قس EE Eمين لك EE Eل منهم EE Eا فص EE Eول مرقم EE Eة وخالي EE Eة من
العن EEاوين تحم EEل أفك EEارا وإ شEEارات مرتبطEEة ببعض EEها البعض ومرتبطEEة بEEالعنوان دون مقدمEEة
وخاتمة.
سميائية العنوان وتمظهرات الشخصية الفصل
إن س EEميائية العن EEوان تحفّ EEز الق EEارئ للبحث عن دالالت EEه وم EEدى ص EEلته ب EEالمتن ال EEروائي حيث
تعب EEر عن مض EEمون العم EEل ال EEروائي س EEطحيا ب EEل تث EEير دهش EEة
نالح EEظ أن العن EEاوين أحيان EEا ال ّ
واستغرابا ،فبهذا تحتاج إلى قراءة معمقة لفك دالالت هذه العناوين وربطها بالعمل األدبي.
ً
الخندق الغميق عنوان قد يكون خاليا من الغرابة سطحيا ،لكن نجEEده مفتوحEEا على احتمEEاالت
عدي EEدة ،فه EEذه العب EEارة (الخن EEدق الغمي EEق)من EEذ الوهل EEة األولى وبغض النظ EEر على أنه EEا عن EEوان
لنص روائي تفرض في أفق توقعات المتلقي دالالت على أن الخندق يميل الى مكان القتEEال
والحEEEرب ،أم الغميEEEق فيعEEEني العمEEEق ،عمEEEق هEEEذا المك EEان ،فيك EEون مظلم EEا مخيف EEا ،فت EEأويالت
واحتماالت القراءة تختلف من قارئ آلخر.
وبعد قراءة الرواية وكلما توغلنا في القراءة ازداد سطوع داللة العنوان بحموالتها المختلفة
يعد المحور الEEرئيس الEEذي جEEرت
فنرى أن سرد أحداث هذه الرواية كان في الخندق الغميق ّ
فيEEEه وقائعهEEEا ،فداللتEEEه أدركناهEEEا في بعض المقEEEاطع الموج EEودة في النص وال EEتي تتالقى م EEع
ظا ومعنى،وذلك من خالل المقاطع السردية التالية:
العنوان لف ً
1
« ...حي الخندق الغميق »...
2
«...شارع الخندق الغميق »...
3
« ...يهبط الخندق الغميق»...
4
« ...يحبون الخندق الغميق»...
5
« ...إذ يدنو من الخندق الغميق»...
1
« ...سيخسر الخندق الغميق»...
الخنEEدق الغميEEق الEEذي شEEارك البطEEل و أسEEرته تفاصEEيل حيEEاتهم (حلوهEEا ،مرهEEا ،طفEEولتهم ،
ش EEبابهم ،ن EEزاعتهم ) ...فبمج EEرد ق EEراءة الرواي EEة ينفتح ب EEاب تأوي EEل العن EEوان أم EEام الق EEارئ و
يتبلور المعنى ،فيشكل عالم الخندق الغميEق في البدايEة مجتمعEا ثقافيEا تعEددت فيEه األفكEار و
الرؤى بين أفراد األسرة البيروتية الملتزمة دينيا التي كان يأمل رب األسرة أن يصEEبح أحEEد
األبن EEاء ش EEيخا يفتخ EEر ب EEه ،و ال EEذي تحق EEق فيه EEا ه EEذا األم EEل في بداي EEة الرواي EEة في ق EEالب ذو
دالالت ثقافية و اجتماعية ودينية ،جمعت كل مبادئ األسرة و النشأة التي قام عليها البطل
"سامي".
كما يثير النص عالقة قوية تربط بينه وبين العنوان عالقة قائمة من بداية الرواية ووسEEطها
ثم نهايتهEEا ،فEEالعنوان شEEكل لجملEEة من األفكEEار تناولتهEEا الروايEEة ،وهEEذا مEEا نستشEEفه حين أعلن
الك EEاتب في البداي EEة عن م EEدى اس EEتقرار األس EEرة في الخن EEدق الغمي EEق،وفي وس EEط الرواي EEة حين
«فيحس بعض كآبة ويحن إلى إخوته
ّ حيه وحنينه إليه
عبر عن حبه ورغبته في العودة إلى ّ
ّ
3
ورفاقه في حي الخندق الغميق»
أمEEا في نهايEEة الروايEEة الEEتي أعلن فيهEEا عن تفتت األسEEرة بعEEد تلEEك الخالفEEات والمآسEEي
بين أفراد األسEEرة الEEتي أسEفرت عن مEرض األب وموتEه وتشEتت األسEEرة وهEEذا مEا سEرده في
4
كنا نحبه ونكرهه في آن واحد»
مقطع «لقد تزعزع بيتنا في الخندق الغميق لموت إنسان ّ
فقEد كEان الخنEدق الغميEق مصEب نزاعEاتهم وأحEزانهم فكEل سEرد ألحEداث الروايEة الEتي جEرت
في هEEذا الحي زادت من قيمتEEه الدالليEEة،وبهEEا حقEEق العنEEوان دورا كبEEيرا وحضEEورا ممEEيزا في
الترابط بين العنوان والنص.
)2تمظهرات الشخصية:
إن سEEEامي ه EEو ص EEاحب المقEEEام األول في الحض EEور الس EEردي بالقي EEاس إلى ك EEل الشخص EEيات
األخEEرى ،وهEEذا مEEا جعلEEه يEEتربع على الشخصEEية المحوريEEة ،كمEEا أن الEEراوي قEEد خصEEها بقEEدر
من التميز عن باقي الشخصيات.
سEEامي هEEو شEEخص متمEEيز ،طمEEوح وحسEEاس وهEEذا مEEا يتناسEEب مEEع داللتEEه اللغويEEة الEEتي تشEEير
إلى انه في اللغة العربية هو صفة تدل على السمو واالرتفEEاع،تبEEدأ رحلEEة هEEذه الشخصEEية مEEذ
قEEراره إلعتEEاق المشEEيخة وهEEو في عEEز صEEباه«:أبي...أرجEEوك...أرجEEوك EيEEا أبي إني أريEEد أن
أصبح شيخا» ،2لينتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني الذي سEEرعان مEEا انغمEEر في جEEوه ،وصEEار
يؤثره على الحي والبيت .كان شغوفا بمطالعة الكتب....« :ينفقان الساعات الطوال منكEEبين
فوق الكتب حEتى كEEاد يصEEبح جEEزءا منهEEا» ،3كتب بعض القصEEص وتEEرجم بعض الكتب مثEEل
ترجمته لرواية مولن الكبEEير .تحصEEل على الشEEهادة الثانويEEة الحكوميEEة ،ليتخلى بعEEد ذلEEك عن
الEE Eزي الEE Eديني الEE Eذي صEE Eار مEE Eع مEE Eرور الEE Eوقت يمثEE Eل دالالت تقEE Eف كعEE Eائق في وجEE Eه تحقيEE Eق
أحالمEEه ،عمEEل في صEEحيفة ،اكتسEEب خEEبرة في هEEذا المجEEال ليEEدرك في النهايEEة أن الصEEحافة
هي الوسيلة التي سوف تحقق أحالمه ،ليقEEرر بعEEد ذلEEك أن ينتقEEل الى فرنسEEا لمتابعEEة دراسEEته
العالية في الصحافة.
أمEEا الحيEEاة العاطفيEEة فلم يسEEلم هEEو اآلخEEر منهEEا ،فقEEد أحب فتEEاة تEEدعى سEEميا ،هEEذا الحب
الذي بات يستأثر بكل وجوده والذي أيقظ مدلوالت كانت مكبوتEة للشخصEEية والEEتي انتصEEبت
ضده جبهات معارضة أدت إلى فشله.
-أبعادها:
لق EEد رس EEم لن EEا س EEهيل إدريس بعض المالمح الخارجي EEة للشخص EEية،وه EEذا م EEا نج EEده في بعض
المقEE Eاطع من النص ،فقEE Eد كEE Eان البطEE Eل سEE Eلمي قصEE Eير القامEE Eة وصEE Eغير السEE Eن« :فهEE Eو لم يكن
صEEغيرا في السEEن بقEEدر مEEا كEEان قصEEيرا في القامEEة»، 1كمEEا أورد لنEEا السEEارد بعض الEEدالالت
األخرى لهذا البعد مثل وصفه لصوت سامي الرقيق والجميل الذي كان يترنم به في اآلذان
وق EEراءة الق EEران« :إن ل EEك ص EEوت جمي EEل ي EEا عف EEريت»، 2كم EEا نج EEد أن الق EEاص ق EEد راح يرس EEم
مالمح وج EEه س EEامي عن EEد تعرض EEه لبعض المواق EEف مث EEل :الش EEفتان المرتعش EEتان من الخ EEوف،
والوجه الذي كان يحمر كلما تعرض لموقف مخجل وجحوظ العينين.
لقEEد أغEEدق سEEهيل إدريس في تقEEديم الشخصEEية بجميEEع انفعاالتهEEا وسEEلوكاتها ورغباتهEEا فطبيعEEة
الشخصية فرضت عليه ذلك ،الن هذه األخيرة قد مرت عبر حياتهEEا بمجموعEEة من التقلبEEات
النفسية ،نسEتهلها من تEأثير ذلEك الجEو الEذهبي الEذي كEانت تخلقEه تلEك الجماعEة الEتي تقصEدهم
لل EEذكر و ق EEراءة بعض الص EEفحات من الكت EEاب الم EEذهب وال EEذي ظلت في أص EEابع س EEامي من EEه
رعشEE Eة ،وتEE Eركت في عينيEE Eه ظالل عنEE Eد مالمسEE Eته ،ليEE Eأتي بعEE Eد ذلEE Eك موقEE Eف يبث في كيEE Eان
الشخصية كل مظاهر ومعاني الخوف والEEرعب ذلEEك عنEEد رؤيتEEه للشEEيخ المعمم ،فرجEEع إلى
بيتهم خائفا مEذعورا ،ولقEEد بEدت عالمEEات ودالالت هEذا الخEEوف تظهEEر على جسEمه و صEار
ذلEEك الشEEيخ المخيEEف يEEراوده كلمEEا أغمض عينيEEه لينتج عن هEEذه الحالEEة النفسEEية قEEرار اعتنEEاق
المشEEEيخة واإللتح EEاق بالمعه EEد ال EEديني ،أضEEEفى هEEEذا المك EEان على الشخص EEية ع EEدة دالالت و
معEEاني داخليEEة ،فنالحEEظ أن سEEامي كEEان يشEEعر فيEEه بالوحشEEة والحEEنين للعائلEEة والحي ،لكنEEه
في الوقت نفسه تكونت له دالالت توحي بالحدة والفضول ،وعند تتبعنا للحالة النفسية لهذه
الشخصية نجد أنها قد تأزمت بعد ارتدائه للزي الديني في المعهEEد،الEEذي سEEرعان مEEا اكتشEEف
انEEEه قEEEد أصEEEبح محEEEل للصEEEخرية من قبEEEل أصEEEدقائه،وان الجمي EEع ص EEار ينظ EEر إلي EEه نظ EEرات
استغراب ،ال كأنما كان يشعر انه لم يعد بإنسان بل ظاهرة غريبة ،ومع توالي الصفحات
نالحEE E Eظ أن سEE E Eلوكات الشخصEE E Eية قEE E Eد بEE E Eدأت تتغEE E Eير« :وإ ذ أوى إلى فراشEE E Eه ،شEE E Eعر بالEE E Eذل
واالحتقار لنفسه ،فهو قد كذب ودخEEل مكانEEا مشEEوها واغضEب أبEاه و أهEEان جبتEEه ،وأوشEكت
دمعة أن تظفر إلى عينيه من شعور بتلك الغصة الشديدة في حلقه».1
تأثر بموت زميله بالمعهد يدعى عزيز الذي ترك في نفسه حرقة وأسEEى عميEEق ومEEع مEEرور
األحEEداث و التطEEورات في النص نالحEEظ أن الشخصEEية قEEد اكتسEEبت نفسEEية جديEEدة وذلEEك بعEEد
مجيء العطلEEة الصEEيفية ،لتغEEدو السEEعادة مكEEان الحEEزن و الكآبEEة و خصيصEEا بعEEد علم سEEامي
بأنهم سيقضون عطلتهم الصيفية في قرية المريجات ،من هنا تبدأ مغامرات البطل المفعمة
بمش EEاعر وعواط EEف وحال EEة نفس EEية لم يعرفه EEا من قب EEل وال EEتي يمكن تلخيص EEها في قص EEة حب EEه
لجارت EEه س EEميا و ال EEتي أدرك م EEع م EEرور ال EEوقت وع EEدد من اللق EEاءات أن ه EEذا الحب ق EEد ص EEار
يسEEتأثر بكEEل وجEEوده ،ويسEEتغرق جميEEع ذرات كيانEEه ،فقEEد ظهEEرت عليEEه عالمEEات السEEعادة و
الفرح ،...لكنه سEEرعان مEا انتصEبت جهEات ضEEد هEذا الحب أولهEEا الجبEة و العمEEة ،والثEاني
عائلتيهما ليجد نفسه في األخير أنه قد بات على صراع مع نفسه ومع مEا يحيEط بEه كEل هEذا
أدى إلى تشكل إضEطرابات نفسEية بEدت جليEة من خالل إشEارات و عالمEات أوردهEا السEارد
في النص من ذلEك أن سEامي بEدا يحس بEالكره والنفEور من بيتهم ،وصEار ينفEق معظم وقتEه
في التفكير و الشرود في سEمية ورسEائلها الEEتي كEان يترقبهEEا بعEد انفصEEالهما ،اخEEذ في كتابEEة
القصEEص الEEتي كEEان يسEEتمد أحEEداثها من معين قلبEEه ،ازداد انطوائEEه على نفسEEه ،بEEذل كEEل مEEا
في وسEEعه للنجEEاح في الشEEهادة الحكوميEEة الEEتي كEEان يEEرى فيهEEا الملجEEأ الوحيEEد الEEذي سيخلصEEه
من العامل الذي كEEان سEببا في تEأجج حالتEEه النفسEية "الجبEة و العمEEة" ،هEذه األخEيرة الEتي كEEان
يشEEعر باالختنEEاق كلمEا ارتEداهما و انEEه قEد أصEبح شEديد الكEEره لهمEEا،بعEد نجاحEه في االمتحEان
راح يش EEق طريق EEه بنفس EEه نح EEو تحقي EEق آمال EEه و رغبات EEه وق EEد اخت EEار أن تك EEون انطالقت EEه ع EEبر
إرس EEال قص EEة عاطفي EEة لإلذاع EEة ال EEتي ك EEان يع EEدها الوس EEيلة ال EEتي تجمع EEه بحبيبت EEه س EEميا ه EEذه
األخEEيرة الEEتي قEEامت باالتصEEال عEEبر اإلذاعEEة ،أيقظت مشEEاعر البطEEل من جديEEد وأدخلتEEه في
حال EEة نفسEEEية ممتزج EEة بين الخEEEوف والف EEرح ،لكن س EEرعان م EEا انقلبت تل EEك اللهف EEة والش EEوق
بلقائهمEEا إلى إضEEفاء دالالت الخيبEEة والدهشEEة والحEEزن وذلEEك منEEذ ظهEEور سEEميا الEEتي لم يكن
ليعرفهEEا ألنهEEا تغEEيرت كليEEا عنEEه ،كمEEا أن معرفتEEه لزواجهEEا قEEد تسEEبب في صEEدمة عنيفEEة على
نفس EEيته فق EEد تحطمت ك EEل مش EEاعره وأحالم EEه« :كنت أعيش على األم EEل...ولم أكن أعتق EEد أن
الواقع ...سيكون بشعا إلى هذا الحد» 1ليبحث بعد ذلك على ملجأ يخلصه من الضEEغوطات
النفسية المتراكمة عليه ،ويجد في حياته القلم والكتابة يخلصانه من واقعEEه المظلم ويEEذهبا بEEه
لتحقيق أحالمه.
عEEاش سEEامي في حي الخنEEدق الغميEEق ،بين أسEEرة بسEEيطة مكونEEة من األب واألم و األخEEوين
"ف EEوزي و وس EEيم" واألخت "ه EEدى" «،حين التقى ه EEو و أخوت EEه م EEع أم EEه في المطبخ لم يج EEدوا
شيئا يأكلونEEه فأخEEذ وسEEيم يبكي ،وبEEدت على قسEEاماتهم جميعEEا عالئم الحEEزن والغيEEظ»،1اعتنEEق
س EEامي المش EEيخة و ه EEو ص EEغير ،التح EEق بالمعه EEد ال EEديني ال EEذي انغم EEر بج EEوه ،و اكتس EEب من
خالله صداقات جديدة و توسعت ثقافته ،صار أكثر طموحا و فضEEوال ،كEEان محبEEا و مهتمEEا
بالمطالع EEة ،فق EEد ك EEان كث EEيرا م EEا يقص EEد مكتب EEة المعه EEد ليمض EEي فيه EEا وقت EEه ،ل EEه مي EEل خ EEاص
للمجالت األدبيEEة الEEتي وسEEعت أفEEق خيالEEه و كEEونت لEEه فكEEرة كتابEEة أقصوصEEة ،من هنEEا أدرك
البطل سامي بأن الكتEاب و القلم سEيكونان وحEدهما في عالمEه الجديEد ،شEهد في حياتEه العديEد
من المشEEاكل الEEتي سEEببت لEEه اإلحبEEاط و االنكسEEار و الحEEزن ،من بين اإلشEEارات و الEEدالالت
الEEتي أوردهEEا القEEاص في النص تجربتEEه العاطفيEEة الEEتي آلت للخيبEEة و الفشEEل ،و كEEذلك تحديEEه
لعائلته بتخليه عن الجبة و العمة التي كانت حاجزا يعرقل حركEEة أحالمEEه .نجح في الشEEهادة
الثانويEEة الحكوميEEة ،عمEEل في صEEحيفة ألحEEد أقاربEEه ،اخEEذ على عاتقEEه مسEEؤولية عائلتEEه الEEتي
عانت وشهدت العديد من المشاكل "زواج األب ،انحراف فوزي "...لكنه من خالل عزيمتEEه
وحبه لعائلتEه اسEتطاع أن يلم العائلEة ويرجEع أخيEه إلى حضEن العائلEة ،وبعEد مEرور فEترة من
وفاة أبيه وقف سامي يودع عائلته متجها لفرنسا حيث ينتظEEره حلمEEه وهEEو الدراسEEات العاليEEة
في الصحافة.
نسEE Eتنتج من خالل مEE Eا سEE Eبق ذكEE Eره أن السEE Eارد قEE Eد خص هEE Eذه الشخصEE Eية "سEE Eامي" بقEE Eدر من
التم EEيز ،وق EEد منحه EEا حض EEورا طاغي EEا ونق EEل من خالله EEا ك EEل األفك EEار واألحاس EEيس ال EEتي أراد
التعبير عنها.
سEEاهمت الشخصEEية في نمEEو الحEEدث القصصEEي ،وقEEد أوردهEEا السEEارد كوسEEيلة لتصEEوير بعض
األحداث في النص الروائي ،سميا هي حبيبة سامي ،فتاة جميلة وحساسة وقويEEة الشخصEية،
تحب الص EEيد كم EEا أنه EEا ك EEانت مغرم EEة بالموس EEيقى وال EEرقص والرس EEم» ك EEانت تبتس EEم ل EEه وهي
تحدث EE Eه عن حياته EE Eا وطفولته EE Eا ،ومدرس EE Eتها ومعلماته EE Eا،زميالته EE Eا ...وق EE Eالت ل EE Eه أنه EE Eا تحب
الموس EEيقى وال EEرقص والرس EEم « ،1تغ EEيرت شخص EEيتها بع EEد االنفص EEال عن س EEامي ،وبس EEفرها
لمصر حيث تزوجت هناك ابن عمها وأنجبت طفل.
-أبعادها:
لقEEد حضEEت هEEذه الشخصEEية بقEEدر معين من التصEEوير الخEEارجي في النص ،فقEEد أورد السEEارد
أن شخصEEية سEEميا ذات وجEEه مسEEتدير ناصEEع ،مشEEرب الوجنEEتين بحمEEرة طبيعيEEة رقيقEEة ذات
عيEEنين سEEوداوين كبEEيرتين ،وذات شEEعر اسEEود طويEEل ":فEEرأى عيEEنين كبEEيرتين سEEوداوين،وال
يلبث رأس صاحبتهما ذو الشعر الطويل األسود ينحني انحنEEاءة يسEEيرة،كأنمEEا ليحييEEه"2.وراح
السEEارد هنيهEEة يصEEف جسEEمها بقولEEه":كEEانت ترتEEدي ثوبEEا عEEاري الكتفين والصEEدر ،فتبEEدوا فيEEه
ممشEEوقة الجسEEم ملتفEEة القEEوام ،وكEEان شEEعرها مسEEرحا على طريقEEة الممثالت األجنبيEEات،وكEEان
3
يتدلى من أذنيها قرطان مذهبان كبيران".
من خالل الرصدات التي اقتطعناها من النص حول البناء الEEداخلي للشخصEEية ،تEEبين لنEEا أن
هذه األخيرة في بدايEة ظهورهEا في النص كEانت فتEاة مرهفEة الحس و هEذا مEا الحظنEاه أثنEاء
سرد القاص على لسان البطل سامي بأنها في إحEEدى لقاءاتهمEEا السEEرية وأثنEEاء اطالعهEEا على
الرواي EEة ال EEتي يق EEوم بترجمته EEا اكتس EEت قس EEمات وجهه EEا بط EEابع الح EEنين و األس EEى و ذل EEك حين
أضاع بطل هذه الرواية "مولن"اثر حبيبته "ايبوندوغالي"،كمEا راح السEارد يركEز على حسEها
الشفاف و ذلك حينما رسم الدموع التي ذرفتها أثناء سEEماع سEEامي و هEEو يحكي بحرقEEة عن
1ينظر ،سهيل ادريس ،الخندق الغميق ،ص.79
2المصدر نفسه ،ص. 61
سهيل ادريس ،الخندق الغميق ،ص. 117 3
سميائية العنوان وتمظهرات الشخصية الفصل
صEEديقه الراحEEل عزيEEز ،هنEEا نالحEEظ أن الشخصEEية المركزيEEة قEEد سEEاهمت في بEEروز جEEانب
من البناء الداخلي لهذه الشخصية .واجهت صدا من قبل عائلتها حEEول حياتهEEا العاطفيEEة مEEع
البطل سامي ما أدى بها بأن تخضع لسلطة العائلة و تخبر سامي بأنهEا سEتظل تحبEه لألبEد ،
و بأنهEEا سEEتحتفظ برسEEائله كثمن كEEنز تملكEEه ،و طلبت منEEه بEEأن ال ينسEEى حبهEEا مهمEEا حEEاول
ذويهEEا أن يفرقEEوا بينهمEEا ،و مEEع مEEرور الصEEفحات واألحEEداث في النص الحظنEEا تناقضEEا في
الرسم الEداخلي للشخصEية حيث قEدم لنEا السEارد شخصEية سEميا بانفعEاالت و تصEرفات جديEدة
لم نلمس EE Eها من قب EE Eل ،فق EE Eد ب EE Eدت س EE Eمياغير مبالي EE Eة ،مس EE Eتهترة وه EE Eذا م EE Eا نالحظ EE Eه من خالل
قوله«:كانت عيناها العميقتان ،تطل منها نظرات سافرة ليس فيها إثارة «،1»...قالت بلهجEEة
ال مبEEاالة :أوه،...لسEEت صEEديقا قEEديما ؟ ثم إنEEني سEEمعت قصEEتك فEEأردت أن أبEEدي لEEك رأيي
2
فيها...الم تكن تعجبك أرائي السابقة ؟»
من المالح EEظ أن ك EEل ه EEذه التناقض EEات ال EEتي ش EEهدتها شخص EEية س EEميا ك EEانت نتيج EEة لتغ EEير في
وض EEعها االجتمEEاعي حيث ت EEزوجت بEEابن عمه EEا في مص EEر وأص EEبحت ذا مكانEEة مرموق EEة من
خالل انتمائها للمجتمع األرستقراطي.
س EEميا هي شخص EEية طموح EEة،تحص EEلت على ش EEهادة الكف EEاءة ،تعيش في قري EEة المريج EEات في
عائل EE E Eة مكون EE E Eة من األب واألم ،وأخت وأخ ،ك EE E Eانت تحب اإلص EE E Eطياد في الغاب EE E Eة ومن بين
ميولتها كانت تميل للموسEEيقى والرسEEم ،وقعت في حب سEامي لكن آل هEEذا الحب بالفشEEل في
نهايتEE Eه،سEE Eافرت لمصEE Eر مEE Eع أبيهEE Eا ،وتEE Eزوجت هنEE Eاك من ابن عمهEE Eا الغEE Eني،دخلت المجتمEE Eع
األرستقراطي ،وأصبح لها فيه مركز مرموق.
لقEEد سEEاهمت هEEذه الشخصEEية في رسEEم أحEEداث النص مEEع السEEارد نظEEرا لعالقتهEEا الوطيEEدة مEEع
البطEEل سEEامي ،فهEEدى هي أخت سEEامي ،فتEEاة متمEEيزة ،ملتزمEEة بالقواعEEد الدينيEEة،متحجبEEة ،لهEEا
تطلعEEات للمسEEتقبل ،ذات إرادة وعزيمEEة قويEEة،متEEأثرة بأسEEرتها وخاصEEة بأخيهEEا بطEEل الروايEEة
"سامي" الذي كان قدوتها «إنEني اعEتز بEك يEا أخي ،والبEد أن تعEتز بي أنت أيضEا حين أفEوز
بالشهادة ،ونتابع معا دراستنا الجامعية» ،1لقد اتخذها السارد في نصه ليعEEبر بهEEا عن الواقEEع
االجتماعي الذي كان يعيشه البطل.
-أبعادها:
لقد ورد في النص الذي بين أيEدينا ""الخنEدق الغميEق" بعضEا من المواصEفات الخارجيEة
للشخصEEية هEEدى «ارتEEدت آ نEEق أثوابهEEا فبEEدت على جمEEال لم يعهEEده فيهEEا ،وكEEان في عينيهEEا
بريEEق ينم عن سEEعادة خبيثEEة ،وعلى وجنتيهEEا حمEEرة ناعمEEة» ،2ونEEراه يصEEفها في مقطEEع آخEEر
بقول EEه«:ثم ت EEدني ش EEفتيها من أذن EEه لتهمس ل EEه وعيناه EEا تلتمع EEان بري EEق الفرح EEة والفض EEول،...
3
وللمرة األولى يشعر بجمال قسماتها والحظ نمو جسمها»
لقد امتزجت الحالة النفسية لهدى في النص الروائي بين الفرح والحزن،اإلرادة واإلصرار،
وكذلك الخوف ،هذا األخير الذي نالحظ بأنه قد سيطر على جميEع أفEراد هEذه العائلEة والEذي
كEEان مصEEدره السEEلطة العليEEا للعائلEEة وهEEواألب ،فقEEد راح السEEارد يصEEور لنEEا هEEذا اإلنفعEEال في
شخص EEية ه EEدى وذل EEك من خالل ع EEدة مق EEاطع ن EEذكر قول EEه على لس EEان البط EEل س EEامي«:ورأى
4
أخته ترتعش من الخوف»
لقEEد كEEان للعنEEف الEEذي يتلقEEاه أفEEراد األسEEرة تEEأثير سEEلبي على البنEEاء الEEداخلي للشخصEEية ،فقEEد
الحظنEEا أن هEEذا العامEEل خلEEف األسEEى والكآبEEة عليهEEا ،حيث نجEEد أن هEEدى في الروايEEة كEEانت
غالب EEا م EEا تل EEزم الص EEمت ،و تنص EEرف إلى دروس EEها تك EEاد ال تغ EEادر غرفته EEا ،لكن عالقته EEا
المتين EEة بأخيه EEا "س EEامي" أكس EEبتها الثق EEة بنفس EEها و بقراراته EEا «أفقت ذات ص EEباح ،فأحسس EEتني
ممتلئ EEة الع EEزم على أن أنف EEذ تص EEميمي» 1في ه EEذا المقط EEع نالح EEظ أن ه EEدى ق EEد اتخ EEذت ق EEرار
الصمود من جهة والمواجهة من جهة أخEEرى حيث قEEالت « :ولقيت جهEEدا في أن أنEEزع يEEده
من ش EEعري ،ح EEتى أني رأيت خص EEلة ص EEغيرة من EEه تبقى في ي EEده ،وت EEراجعت مرتاع EEة ،و
لكنني كنت مصممة على أال أخضع له » ، 2أدى اشتداد صراعها مع أبيها إلى انهيار قوته
و إصEEابته بمEEرض ألزمEEه الفEEراش مEEا أدى إلى تEEأنيب الضEEمير و الحسEEرة لEEدى الشخصEEية و
ذلEE Eك يبEE Eدو واضEE Eحا من خالل قولهEE Eا » :كنت واقفEE Eة يمألني رعب هائEE Eل وتصEE Eطك أسEE Eناني
وترتج EEف ركبت EEاي ...كنت أحس بن EEار تلتهب في رأس EEي و ص EEدري و أردد من غ EEير وعي
3
:أنا السبب في ذلك يا أبي ...أنا السبب ،أنا المجرمة ،...ثم يأخذني بكاء شديد »
بيEEد أن هEEذا الحEEزن قEEد أطفEEأ لهيبEEه نبEEأ أفعم كيانهEEا بEEالفرح والسEEعادة والEEذي مضEEمونه خطبتهEEا
من رج EEل أحالمه EEا"رفي EEق" ص EEديق أخيه EEا ،فق EEد ألفى ه EEذا النب EEأ على نف EEوس األس EEرة غبط EEة و
رضى.
لقد صور لنا السارد الواقع االجتماعي للشخصية والتي كانت تعيش فيه تحت سيطرة األب
المتش EEدد ال EEذي ك EEان يف EEرض تعليمات EEه و أوام EEره على الشخص EEية مث EEل إجباره EEا على ارت EEداء
الحجاب و أن تمتثل بالسلوك السوي عند بلوغها الشارع ،و أن تلEEتزم كEEل حEEدود الحشEEمة و
الرصانة ألنها صارت صبية ،هذا من جهEة ،و من جهEة أخEرى الحظنEا أن شخصEية هEدى
هي شخصية مفعمة بالحب و روح التضحية و اإليثار ،و ذلك تجلى نتيجة تأثرهEEا القEEوي و
حبها ألخيها سامي ،و قد مثل لنا السارد ذلك من خالل قولEEه« :و صEEممت على أن أضEEحي
بنفسEEي إذا لEزم األمEر ألتيح لسEEامي أن يحقEق هدفEه ،و فكEرت في أنEEه لن يكEون عسEEيرا علي
أن أج EEد وظيف EEة للت EEدريس بحيث أعين األس EEرة على نفقاته EEا ،و ق EEد أس EEاعد س EEامي إذا احت EEاج
لمسEEاعدتي»«، 1و انقطعت عن المدرسEة عازمEة على أن ال أتقEEدم المتحEان الشEهادة ،و على
أن انصرف لخدمة أبي و رعايته حتى يتم له الشفاء» ، 2إال أن عالقتهEEا الوطيEEدة مEEع أخيهEEا
البطل سامي قEد خلصEتها من هEذه األعبEاء بحيث قEام سEامي بتشEجيعها بالمضEي نحEو هEدفها،
و هEذا مEا لمسEناه خالل المضEي في هEذا النص الEروائي Eبحيث تقEدمت هEدى لتقEديم االمتحEان
و قEEدر لهEEا النجEEاح فيEEه،كمEEا أنهEEا قEEامت بخلEEع الحجEEاب الEEذي كEEان يشEEعرها بضEEيق شEEديد ،و
االنتقEEال بتفكيرهEEا إلى المسEEتقبل الEEذي ينتظرهEEا مEEع سEEفرها لمصEEر إلعEEداد شEEهادة عاليEEة في
التربي EEة ،باإلض EEافة لحياته EEا الجدي EEدة الEEتي ستعيشEEها برفقEEة فEEارس أحالمهEEا "رفي EEق" الEEذي قEEام
بخطبتها في القسم األخير من الرواية.
والEEدة البطEEل سEEامي هي امEEرأة مثاليEEة،جEEاء بهEEا السEEارد كداللEEة عن صEEورة المEEرأة األم الEEتي
أفنت حياتهEEا من اجEEل الحفEEاظ على أسEEرتها،حملهEEا السEEارد العديEEد من الEEدالالت الEEتي تعكس
شخصيتها ليتبين لنا في األخير أنها المرأة الصبورة EوالعادلEEة والمكافحEEة الEEتي تسEEعى لتوفEEير
العيشة الهنية والمملوءة بالدفء والحنان لكل أفراد أسرتها.
-أبعادها:
لم نلمس في المتن الروائي أي إشارة أو عالمة للبعد الجسمي الخاص بهذه الشخصية.
ينهض البناء الداخلي لهذه الشخصEEية على مجموعEEة من االضEطرابات و التقلبEEات النفسEية و
ذل EEك نتيج EEة للواق EEع األس EEري المت EEأجج،فمن خالل المش EEاكل و األزم EEات ال EEتي م EEر به EEا أف EEراد
أسرتها الحظنا أنها غالبا ما كانت تعيش حاالت قلEق و خEوف «،و حين ضEمته إليهEا ،و قEد
أخ EEذها ال EEرعب من مظهره EEا و بك EEاءه المف EEاجئ،...فأس EEرعت ب EEه أم EEه إلى فراش EEه تغطي EEه و
تدفئ EEه»، 1كم EEا نج EEد أن الس EEارد ق EEد راح يص EEف بعب EEارات م EEؤثرة ص EEورة األم الحن EEون ال EEتي
تعطEEف و تخEEاف على أبنائهEEا مهمEEا كEEانت صEEفتهم ،و هEEذا مEEا نجEEده في مقطEEع أورده السEEارد
يتضEEمن خوفهEEا على ابنهEEا "فEEوزي" الEEذي كEEان يعيش فEEترة ضEEياع و طيش «:كEEانت أمي مEEا
تنفEEك تنتقEEل من غرفEEة إلى غرفEEة ،مضEEطربة قلقEEة ،ال تEEدري مEEا ينبغي أن تفعلEEه...سEEارعت
تفتحEEه و تتلقى فEEوزي بين ذراعيهEEا و هي تجهش بالبكEEاء» ،2عالوة على ذلEEك فقEEد تعرضEEت
Eاء
لصEEدمة قويEEة من طEEرف زوجهEEا الEEذي قEEام بEEالزواج من امEEرأة أخEEرى «:انفجEEرت تبكي بكً E
متفجعا،الئعا،تحول معه ذعرنا إلى خنق وضيق شديدين» ، 3لكن بالرغم من كEEل المشEEاكل
والمت EEاعب ال EEتي ك EEانت تعيش EEها ك EEانت دائم EEا م EEا تحي EEق أبنائه EEا ب EEدعوات التوفي EEق والس EEعادة:
«ولحقت بنا أمي تودعنا بدعوة توفيق وتبتهل إلى اهلل أن ينير أمامي الطريق».4
هي األم الحنEون الEتي تسEعى بكEل قواهEا توفEير الحيEاة الطيبEة والكريمEة ألسEرتها ،كمEا قEدمها
لنEEا السEEارد على أنهEEا تلEEك الزوجEEة المخلصEEة والوفيEEة والممتثلEEة ألوامEEر زوجهEEا« :إنEEك ِ
أنت
وحدك رفيقة العمر ،الزوجة الفاضلة المخلصة».5
لق EEد ك EEانت ه EEذه الشخص EEية مالزم EEة ومرافق EEة للشخص EEية المحوري EEة من EEذ انتقاله EEا إلى المعه EEد
ال EEديني إال مابع EEد المعه EEد ،س EEاهمت الشخص EEية في تق EEديم معلوم EEات ح EEول الشخص EEية البطل EEة
خاصة في مجال عالقاتها اإلجتماعية.
لقد ورد عن السارد أن "رفيEEق" هEEو صEديق للبطEEل "سEامي" ،والEذي نسEEجت خيEEوط صEداقتهما
في المعهد الديني ،كما قد أورد لنا السEEارد عالمEEات وإ شEEارات تEEدل على أن رفيEEق هEEو شEEاب
ك EEادح خل EEوق اخ EEذ على عاتق EEه ت EEولي ش EEؤون أس EEرته ،ومن نت EEائج العالق EEة الوطي EEدة بين EEه وبين
البطEEل سEEامي تشEEكلت عالقEEة أخEEرى عEEززت روح صEEداقتهما وإ خالصEEهما والEEتي تمثلت في
خطبة رفيق "لهدى" أخت "سامي".
-أبعادها:
لم يورد لنا السارد معلومات كثيرة حول المواصفات الخارجية لشخصية "رفيق" ،سEEوى في
مقط EEع ص EEور في EEه الس EEارد مظه EEر "رفي EEق" وذل EEك عن EEد ارت EEداءه للجب EEة والعم EEة ألول م EEرة في
المعهد الديني« :فإذا هو شيخ أنيق تبدو المهابEEة على وجهEEه ،وقEEد خيEEل إليEEه انEEه ازداد طEEوال
1
ورشاقة»
يقوم البناء الداخلي لشخصية رفيق على جملة من االضطرابات التي كانت غالبا ما تعتريEEه
وذلEEك رؤيEEة "هEEدى" أخت "سEEامي "والEEتي كEEان يكن لهEEا مشEEاعر الحب،فقEEد كEEانت تصEEدر عنEEه
انفعاالت غير إرادية ،وقد وضح لنا السارد هذا االضطراب في قولEه« :ولكEني مEا لبثت أن
رأيت الفنجان يتعثر بين أصابعه ،فيسقط منه السائل على ثيابه ومقعEEده،وسEEرعان مEEا يعEEروه
االرتباك ،ويسارع إلى إخراج منديله من جيبEه وهEو يحEاول أن يبتسEم ،بينمEا كEان االحمEرار
يصطبغ وجهه».1
عند تتبعنا للبعد النفسي لشخصية "رفيق"استنتجنا بأنه كان مرتبط دائما بعالقته مع هدى.
لقEEد اعتمEEد السEEارد على هEEذه الشخصEEية لتكEEون كنمEEوذج لمعEEنى الصEEداقة الحقيقيEEة ،فقEEد حملEEه
السارد مجموعة من الدالالت التي تترجم شخصيته والEEتي كEEانت واضEEحة من خالل عالقتEEه
بمن حولEEه ،لقEEد تEEأثر البطEEل "سEEامي" بشخصEEية رفيEEق الEEذي كEEان غالبEEا مEEا يالزمEEه ويكEEاد ال
2
ينفصل عنه «كأنما أصبح رفيق مستودع عواطفه»
فقEEد كEEان بطEEل الروايEEة كثEEيرا مEEا ينفث لرفيEEق أسEEراره وعواطفEEه وأفكEEاره ،باإلضEEافة إلى أن
السEارد قEد قEدم هEذه الشخصEية على أنهEا ذلEك الشEاب الكEادح الEذي بEذل شEبابه وحياتEه لتEامين
اللقمEEة ألسEEرته ،فقEEد كEEان المعيEEل األول ألسEEرته الEEتي كEEانت تعيش في ضEEيق بعEEد أبيهم ،عين
كإمام لمسجد في حيهم من قبل دائرة األوقاف ،ثم بعد ذلك تخلى على هEEذا المنصEEب ليشEEغل
منصEEبا آخEEرا وهEEو العمEEل في متجEEر لEEدى قEEريب البطEEل"سEEامي" عقEEد خطبتEEه في األخEEير من
أخت سامي "هدى".
لق EEد ك EEان له EEذه الشخص EEية ت EEأثير على الشخص EEية البط EEل ،بحيث أكس EEبتها ثقاف EEة واس EEعة ونمت
ق EEدراتها و تطلعاته EEا .عزي EEز ه EEو ط EEالب من طالب الص EEف المنتهي ،ص EEديق "س EEامي" ،ه EEو
شخصEEية متمEEيزة تنم عن سEEعة من الثقافEEة ورهافEEة الEEذوق ،كEEان لترجمتEEه وكتاباتEEه للقصEEص
تأثير كبير على البطل "سامي" الذي كان له ميل خاص للمجالت األدبية ،فيمكن القول بأن
الرواية التي كان يترجمها عزيز" مEولن الكبEير" هي بمثابEة الوصEل بينهمEا ،أصEيب عزيEز
بنكسEEة أدت إلى نهايEEة حياتEEه مEEا أدى بسEEامي أن يعيش فEEترة محرقEEة و مؤلمEEة و ذلEEك لفقEEدان
شخص عزيز وغالي عليه «كان هو أشدهم أسى وأعمقهم حزنا ،وأحسEEب أن هEEذا الحEEادث
سEEيكون أكEEثر ذكريEEات المعهEEد في نفسEEه إيالمEEا ،وأيقن انEEه فقEEد صEEديقا كبEEيرا لن يحظى بمثلEEه
1
بعد .وكتب قطعة رثاء صادقة »...
-أبعادها:
لم يرد في الرواية أي عالمات تدل على البناء الداخلي والخارجي لشخصية عزيز.
عزيز هو طالب من طالب الصف المنتهي ،أو الجيل األول من المشايخ ،يعمEEل لEEدى مجلEEة
مصEEرية .كEEان بقEEوم بكتابEEة القصEEص ،قEEام بترجمEEة روايEEة للكEEاتب الفرنسEEي االن فورنيEEه "
مولن الكبير" ،كان محبوبا بين جميع رفاقه وذلك لما كان يتمتع به من خلEق رفيEEع ،و خفEة
روح ،لEEEه أخ يEEEدعى زهEEEير الEEEذي ك EEان يعEEEاني من مش EEاكل نفس EEية وال EEذي اخ EEذ على عاتقEEEه
مسؤولية حمايته « البد أن أوليه مزيدا من العناية حين اشEEفي . 2»...أصEEيب بنكسEEة ألزمتEEه
فراشه مدة من الزمن ليشيع فيما بعد نبأ وفاته الذي اهتز المعهد له ،والذي خلف في نفوس
أصدقائه حرقة وحسرة عميقة.
من خالل م EE Eا س EE Eبق ذك EE Eره عن الشخص EE Eيات الثانوي EE Eة وأبعاده EE Eا نس EE Eتنتج أن ه EE Eذا الن EE Eوع من
الشخص EEيات ق EEد ق EEامت ب EEأدوار تكميلي EEة ومس EEاعدة للبط EEل ،كم EEا أنه EEا ق EEد س EEاهمت في تجس EEيد
األفكار واألحاسيس التي كان السارد بصدد التعبير عنها.
لقد ارتأينا أن نمثل لهذا النوع من الشخصيات بشخصية أب البطل "سامي" ،فقEEد كEEانت عEEبر
روايتنEEا -الخنEEدق الغميEEق – تمثEEل القEEوة المعارضEEة الEEتي تعرقEEل طريEEق الشخصEEية البطلEEة ،
ولقEE Eد التمسEE Eنا لEE Eذلك دالالت وردت من طEE Eرف السEE Eارد صEE Eور فيهEE Eا مشEE Eاهد ومقEE Eاطع تEE Eبين
الصEEراع الEEذي كEEان موجEEودا بين هEEذه الشخصEEية والشخصEEية الرئيسEEية ،لقEEد قEEدمها القEEاص
على أنها تلك الشخصية القوية و المتسلطة والتي ال تجابEEه في قراراتهEEا ،سEاهمت في سEEير
بنية الحدث في الرواية ،شكلت العنصر المعارض وذلك من خالل معارضته لسامي الEEذي
قEEرر أن يخلEEع الEEزي الEEديني «:انEEك لن تخلعهEEا أبEEدا...لن تخلعهEEا أيهEEا الشEEقي...سEEتبقى شEEيخا
أيهEEا الضEEال» ، 1كمEEا نالحEEظ أن هEEذه الشخصEEية لم تقEEف عنEEد معارضEEة الشخصEEية الرئيسEEية
فقط بل تعدت للشخصيات المسEاعدة ،وهEذا مEا الحظنEاه في عEدة مقEاطع من الروايEة ،نEذكر
معارضEEته لهEEدى في قرارهEEا لخلEEع الحجEEاب «:لن تEEنزعي الحجEEاب أيتهEEا الفاسEEقة ،لن اسEEمح
لك بإظهار وجهك و شعرك للرجال ...أتسمعين؟» ،2لقد بEاتت هEذه الشخصEية تشEكل عالقEة
الصراع في النص الروائي الذي ساهم في تشكيل البعد النفسي للشخصيات.
-أبعادها:
لقEEد وقEEف السEEارد على بعض المالمح الجسEEمية لهEEذه الشخصEEية ،فقEEد راح القEEاص في مقطEEع
من النص يرسم قسمات وجهه المشرقة وذلك عند سماعه لقرار اعتناق "سامي" المشيخة:
«فأشرق وجه أبيه ،ثم شده إلى صدره.1»...كما وصف لنا السارد صورة شEEفتي األب عنEEد
ت EEأثره بكالم ابن EEه البط EEل "س EEامي"«ف EEإذا أب EEوه ت EEرتعش ش EEفتاه من التE Eأُثر ،ويض EEمه إلي EEه ض EEما
عنيفا» ،2وهناك مقطع آخEر أورده السEارد يصEف فيEه يEدي الشخصEية« :ولكن هEاتين اليEدين
الكبيرتين الضخمتين تغلبانه على أمره ،ثم ترتفعان بصفعتين أخريين اعنف و اقسى».3
من خالل تتبعنEEا للبنEEاء الEEداخلي للشخصEEية اسEEتنتجنا أن هEEذه الشخصEEية قEEد بEEني داخلهEEا
على مبدأ القوة والتسلط والتي بدت جلية من خالل عالقEEة الشخصEEية بالشخصEEيات المحيطEEة
بهEEا ،ولقEEد أورد لنEEا السEEارد بعض المقEEاطع الEEتي تصEEور الحالEEة النفسEEية المتأججEEة للشخصEEية
وذلك نتيجة لصراعها القائم مع القوى المضادة لها في األسرة ،فقد افتقرت هذه الشخصEEية
لها في الحب و الEود األبEEوي وتبنت معEاني القسEوة والعنEف ،و يمكن أن نمثEEل هEذه الEدالالت
في المقطع التالي«:فإذا بصورة من الغضب تجتاحه ...منهEEا أطرافEEه ،وينبعث الشEEرر من
عينيه ،ويتهدد ويتوعد بأنه يعرف كيف يرد "سEEامي"إلى الطريEEق المسEEتقيم» ، 4كمEEا الحظنEEا
أن هEEذا الصEEراع النEEاتج عن عصEEيان أوالده ألوامEEره قEEد اضEEفى في نفسEEه الضEEيق وان الجEEو
في هذه األسرة قد بات يبعث في نفسه االشمئزاز و الكره و النفور ممEEا أدى إلى انهيEEاره و
إصابته بمرض أدى الى موته في نهاية الرواية.
لقد قدم لنا القاص هذه الشخصية على انه كان شEEيخا معتمEEا ورعEEا ،وكEEان يEEؤم المصEEلين EكEEل
يوم ،كما انه كان يعمل تاجرا ،هEEو أب الشخصEEية البطلEEة تمEEيز بحدتEEه وصEEرامته خاصEEة في
معاملتEEه مEEع أفEEراد أسEEرته ممEEا أدت إلى تفEEاقم المشEEاكل والصEEراعات في األسEEرة والEEتي من
بينه EE Eا زواج األب من ام EE Eرأة أخ EE Eرى ،وانح EE Eراف االبن األك EE Eبر "ف EE Eوزي" ليص EE Eاب األب في
النهاية بانفجار عرق في دماغه والذي أعقبه نزيف شديد أدى لموته.
من خالل ما تقEEدم ذكEره نسEتنتج أن شخصEية األب قEد كEانت شخصEية قويEة وذات فعاليEة في
النص القصصي ،حيث حاولت قدر جهدها في نص الروايEEة أن تعEEزز قوتهEEا وسEEلطتها على
الشخصيات المحيطة بها.
د)الشخصيات المرجعية:
لقEE Eد احتEE Eوى هEE Eذا النص السEE Eردي على مجموعEE Eة من الشخصEE Eيات المرجعيEE Eة ،والEE Eتي يمكن
حصEE E Eرها في الشخصEE E Eيات المجازيEE E Eة "المعنويEE E Eة" ،وذلEE E Eك من خالل العالقEE E Eات القائمEE E Eة بين
الشخصEEيات ،وكEEذا من خالل أقEEوال وأفعEEال هEEذه الشخصEEيات الEEتي تضEEمنت صEEفات معنويEEة
معينة ،شكل في مجموعها شخصية مجازية.
فمن خالل م EEا س EEبق ذك EEره يمكن أن نق EEف عن EEد بعض الص EEفات المعنوي EEة ال EEتي تس EEاعدنا في
رصد الشخصيات المرجعية.
-الحب والكراهية:
يمكنن EEا رص EEد ص EEفتي الحب والكراهي EEة من خالل عالق EEة الشخص EEية المحوري EEة بالشخص EEيات
،األخرى والتي يمكن استنتاجها من خالل أقوال و أفعال الشخصEEية ،فمن خالل روايتنEEا –
الخنEEدق الغميEEق-وجEEدنا أن صEEفة الحب قEEد تجسEEدت عنEEد البطEEل "سEEامي" الEEذي عEEاش قصEEة
سميائية العنوان وتمظهرات الشخصية الفصل
حب مش EEحونة ب EEدالالت األحالم و المفاج EEآت ،ه EEذا الحب ال EEذي ك EEان يس EEتأثر جمي EEع ذرات
كيانEEه و الEEذي أيقEEظ فيEEه بعEEد ردح من الEEزمن تطلعEEات و رغبEEات جديEEدة لم يكتشEEفها إال بعEEد
عالقته العاطفية مع الشخصية "سميا" ،فقد خلق لنفسه من هذا الحب جوا خاصEEا يعيش فيEEه
األدب و المطالعة ،و يأخذ في كتابة األقاصيص الEEتي كEEان يسEEتمد أحEEداثها من معين قلبEEه ،
والذي جسد "سميا" في بطالته .
وفي مقطع آخر نجد أن صEEفة الحب قEEد تجسEEدت عنEEد شخصEEية "رفيEEق"وشخصEEية"هEEدى" ،فقEEد
كEEان حبهمEEا رمEEزا للحب الEEذي يتسEEم بالصEEدق والصEEبر،ذلEك Eالن قصEEة حبهمEEا قEEد تشEEكلت من
خالل نظEEرات صEEامتة أدت إلى انعقEEاد عاطفEEة الحب بينهمEEا« :هEEو ذلEEك الشEEاب األثEEير الEEذي
انعقEEد بيEEني وبينEEه اتفEEاق صEEامت على أن يكEEون شEEريك حيEEاتي في مسEEتقبل قEEريب ال يفصEEلنا
عنEEه إال زمن محEEدود سEEنعرف كيEEف ننفقEEه في رضEEى وصEEبر 1»...لEEيرد في نهايEEة الروايEEة
أن هذا الحب الصامت قد أصبح معلنا وذلك من خالل عقد خطبتهما.
أمEEا صEEفة الكEEره فقEEد وردت في النص مرتبطEEة بكEEره البطEEل سEEامي للجEEو الEEذي كEEان يعEEتري
أسEEرته والEEذي تجلى من خالل تفEEاقم المشEEاكل والصEEراعات في األسEEرة«وحين رجEEع لقضEEاء
نهايEEة األسEEبوع في المEEنزل ،احسEEب أنEEه بEEات يكرهEEه وال يجEEد ماكEEان يجEEد من الشEEوق لرؤيEEة
أبويه وأخوته».2
-العنف:
يمكن أن نمثل لهذه الصفة بشخصية األب ،فقد كانت هذه األخEيرة في النص السEردي تفتقEر
لEEدالالت الحب و الEEدفء األسEEري ،ولعEEل السEEبب الرئيسEEي وراء هEEذه الصEEفة هEEو عصEEيان
األوالد ألبيهم وع EEدم امتث EEالهم ألوام EEره ،يق EEول الس EEارد في مقط EEع يص EEف في EEه العن EEف«:لكن
هEE Eاتين اليEE Eدين الكبEE Eيرتين الضEE Eخمتين تغلبانEE Eه على أمEE Eره ،ثم ترتفعEE Eان بصEE Eفعتين اعنEE Eف و
أقصى ، 1»...ويمكن القول أن شخصية األب في رواية الخندق الغميق قEEد ارتبEEط ظهورهEEا
بEEالقوة و التجEEبر ،يقEEول السEEارد في مقطEEع آخEEر يصEEف فيEEه واقEEع أسEEرة البطEEل "سEEامي" الEEذي
بات بؤرة للمشاكل و الصراعات بين أفرادها «:كEEانت السEEاعة تجEEاوز الحاديEEة عشEEر...حين
اس EEتيقظنا م EEذعورين على ص EEوت ص EEرخة عظيم EEة تنبعث من غرف EEة أبوين EEا ،...و رأين EEا أبي
مندفعا حتى إذا بلEغ المقعEد الEذي كEانت أمي جالسEة عليEه ،رفEع ذراعEه فصEفعها صEفعة قويEة
وهو يصيح :يا فاجرة لعنة اهلل عليك».2
لق EE Eد س EE Eاهمت ه EE Eذه الص EE Eفات المعنوي EE Eة"المجازي EE Eة" في رس EE Eم بعض المحط EE Eات من حي EE Eاة
الشخصEEية المحوريEEة،والEEتي يمكن القEEول بأنهEEا قEEد تEEأرجحت بين الحب من جهEEة وبين الكEEره
والنفور من جهEEة أخEEرى ،ممEEا أدى إلى معاناتهEEا وتعرضEEها للكثEEير من الصEEعوبات والعقبEEات
التي كانت تقف في وجه أحالمه ورغباته..
لقد ورد في النص بعض الشخصيات ذات مرجعية أدبية وهي كالتالي:
هEEو اسEEم الشEEهرة للكEEاتب الفرنسEEي هEEنري آليEEان فورنيEEه ،وردت في الروايEEة من خالل
إعج EEاب شخص EEية عزي EEز به EEذه الرواي EEة وال EEتي اخ EEذ في ترجمته EEا البط EEل "س EEامي" بع EEد م EEوت
صديقه عزيز «وكان قد ابتاع في هذه األثناء نسخة أخرى من رواية "مEEولن الكبEEير" فقرأهEEا
بشغف وأسى ،وبدأ في ترجمتها.3»...
ورد ذكEEره في الروايEEة من خالل الهديEEة الEEتي قEEدمها رفيEEق لهEEدى والEEتي كEEانت عبEEارة
عن مجموع EEة كامل EEة لمؤلف EEات "أندري EEه جي EEد"« :وق EEد لي هدي EEة لطيف EEة ،هي مجموع EEة كامل EEة
لمؤلفات "أندريه جيد" الذي كنت مغرمة بقراءته ».1
لقEEد سEEبق القEEول إن هEEذا النEEوع من الشخصEEيات هEEو عبEEارة عن عالمEEات تEEدل على حضEEور
المؤلEEف والقEEارئ أو مEEا ينEEوب عنهمEEا ،ومن خالل دراسEEتنا لنص روايEEة –الخنEEدق الغميEEق-
الحظنEEا أن السEEارد قEEد وقEEع اختيEEاره على شخصEEية هEEدى ،فقEEد جعلهEEا ناطقEEة على مEEا أراد أن
يفصح بEه ،محEاوال من خاللهEا أن ينقEل لنEا أحEداثا نابعEة من الواقEع الEتي كEانت تعيش ضEمنه
شخصيات الرواية.
لقEE Eد اسEE Eند لشخصEE Eية هEE Eدى في القسEE Eم الثEE Eاني من الروايEE Eة مهمEE Eة سEE Eرد األحEE Eداث نيابEE Eة عن
الكEEاتب ،فنالحEEظ أن هEEدى قEEد راحت تسEEرد مقتطفEEات من الواقEEع المريEEر الEEذي كEEانت تعيشEEه
بعض الشخصEيات ،وكEل هEذا جEاء من خالل توظيEف ضEمير المتكلم "أنEا" « ،حين خEرجت
من المدرسة بعد ظهر ذلك اليوم ،كنت أوشEEك أن أعEEدو في الطريEEق عEEدوا ،و لكنEEني حين
بلغت منعطف الشارع الرئيسEي في حينEا ،تمهلت في سEيري خشEية أن ألفت إلي األنظEار ،
و الواقع إنني كنت اشعر بضيق شديد كلما بلغت ذلك الشارع فقد كان اقل مEEا يتEEوجب علي
هو أن احكم الحجاب على وجهي ...وما كان لي أنسى توصيات أبي في ذلك».2
فهذا المقطع يعكس لنا خلفية المجتمع و األسرة المتحفظة التي يبدو تأثيرها جليا على البناء
الEEداخلي للشخصEEية ،لتنتقEEل بعEEد ذلEEك لوصEEف واقEEع أسEEرة البطEEل "سEEامي" الEEتي كEEانت عبEEارة
عن مجمع لنوازع مختلفة ،ورغبات متناقضة ،والتي وضحتها لنEEا السEEاردة في العديEEد من
المواقEEف نEEذكر منهEEا :معارضEEة األب للبطEEل "سEEامي" في قEEراره لخلEEع الEEزي الEEديني ،وكEEذا
قرار هدى لنزع الحجاب «:واقبEل علي وبين عينيEه آيEات الشEر و الغضEب و هEو يقEول :لن
تنزعي الحجاب أيتها الفاسقة» ، 1كما الحظنا أن الساردة قد راحت تعبر عن صور الحزن
و األلم الEE E Eتي خيمت على األسEE E Eرة والEE E Eتي أضEE E Eافت صEE E Eمتا عميقEE E Eا لم يقطعEE E Eه إال النحيب و
الزفرات«مات أبي بين أيدينا الملهوفة وتحت أنظارنا الواجفة «. 2
«وخرجنا بعد شهرين من موت أبي نودع سامي وداعا صEEامتا شEEفافا،...مEEددت ذراعي إلى
أعلى أهEEز كتفي المقبوضEEة أود لEEو أطلEEق منهEEا حظEEا طيبEEا يرافEEق السEEنونو الراحلEEة الEEتي البEEد
أن تعود مع الربيع.3»...
من خالل ماسبق يمكننا القول بأن السارد قد أبدع شخصية هدى لينقل لنا موقفEEه وأفكEEاره و
أيديولوجيتEEه ،لتغEEدو شخصEEية هEEدى بEEذلك قنEEاة االتصEEال بين القEEارئ و النص ،أمEEا بالنسEEبة
للق EEارئ فنج EEد أن الس EEارد ق EEد اعتم EEد على جمل EEة من المرجعي EEات والمص EEادر ال EEتي رأى بأنه EEا
كفيل EEة بجع EEل الق EEارئ أك EEثر اس EEتيعابا للنص ،وال EEتي يمكن أن تس EEاعده في تحليل EEه و قراءت EEه
للنص ،وبالتEE Eالي يكEE Eون هنEE Eا السEE Eارد قEE Eد أشEE Eرك القEE Eارئ في العمليEE Eة اإلبداعيEE Eة ،ومن بين
المرجعيEEات الEEتي رصEEدناها في هEEذا النص السEEردي –الخنEEدق الغميEEق –هEEو اعتمEEاد السEEارد
على بعض االقتباسات منها ،اقتباسه من الحديث النبوي نذكر قولEه «:مEا خلى رجEل بEEامرأة
إال وك EEان الش EEيطان ثالثهم EEا » ، 4كم EEا نج EEده في مق EEاطع أخ EEرى ق EEد استحض EEر بعض اآلي EEات
القرآني EEة مث EEل قول EEه تع EEالى «:و انكح EEوا م EEا ط EEاب لكم من النس EEاء مث EEنى وثالث ورب EEاع و أن
خفتم أال تعEEدلوا فواحEEدة » ، 5كمEEا الحظنEEا من خالل نص الروايEEة أن السEEارد لم يعتمEEد على
المصEEادر الدينيEEة فقEEط ،بEEل وقEEد راح ينهEEل من روائEEع األدب العEEربي ،فقEEد وظEEف في نصEEه
1
بعض النماذج الشعرية كقول عنترة :
كما اعتمد السEEارد على توظيEف الضEمائر المنفصEلة بكEEثرة كالضEمير"نحن" ،و الضEEمير"أنت"
ال EEتي تحيلن EEا على أن الس EEارد ق EEد أولى اهتمام EEا للق EEارئ ،وجعل EEه ج EEزءا يك EEاد ال يخ EEرج عن
النص ،كما أورد السارد بعض المقاطع التي تدل على حضور القارئ و تفاعله مEEع النص
مثEEل قولEEه في المقطEEع التEEالي «:و قEEد قEEررت إدارة المعهEEدان تخطب أنت في هEEذه الحفلEEة مEEع
سائر الخطباء،...ولزم المنزل في العاصمة يعد كلمته ،وحين ألقاها فوجئ هEEو نفسEEه بأنEEه
ق EEد خص ص EEديقه الراح EEل"عزي EEز" بقس EEم كب EEير منه EEا ،وأنه EEا ق EEد أث EEارت اللوع EEة والش EEجى في
2
نفوس الحضور ،حتى لقد رأى بعض المناديل ترتفع بها إلى األيدي إلى العيون»
من خالل مEEا سEEبق ذكEEره نسEEتنتج أن السEEارد كEEان يهEEدف من خالل توظيفEEه لهEEذا النEEوع من
الشخص EEيات الى تعمي EEق فك EEر وخي EEال وثقاف EEة الق EEارئ ،وه EEذا م EEا جعل EEه يمث EEل عنص EEرا فع EEاال
وإ يجابيا يتلقى النص ثم يتفاعل معه ثم ينتج نصا.
و)الشخصيات المتكررة:
لق EEد تجس EEدت الشخص EEيات المتك EEررة من خالل مجموع EEة من االس EEتذكارات ال EEتي وردت عن
شخص EEيات الرواي EEة ،نس EEتهلها بالشخص EEية المحوري EEة"س EEامي" فنالح EEظ أن ه EEذه الشخص EEية ق EEد
راحت في العديد من المقاطع تنفث لنا بعضا من ذكرياتها ،فقد عEEاد في مقطEEع من الروايEEة
بذاكرت EEه إلى أي EEام الطفول EEة و الص EEبا ،ه EEذه المرحل EEة ال EEتي ت EEركت في نفس الشخص EEية الحب
والشEEوق ،فقEEد تEEذكر في برهEEة من الEEزمن ذلEEك الحEEانوت الEEذي كEEان يقصEEده مEEع صEEبية حيEEه
ليشEEتروا مEEا طEEاب من السEEكاكر ،والEEذي كEEان صEEاحبه مEEدير الكتEEاب الEEذي كEEان يEEدرس فيEEه و
الEEذي تمEEيز بقسEEوته وعنفEEه في معاملEEة الصEEبيان ،إال أنEEه لم يكن يكرهEEه وكEEان دائمEEا يتEEذكر
صوته الجميل « :وبالرغم من أنه قد ذاق هو أيضا هذا الفلق ،فنه لم يكن يكEEره المعلم" أبEEو
محم EE Eود " فه EE Eو ي EE Eذكر ص EE Eوته الجمي EE Eل حينم EE Eا يطل EE Eق آذان EE Eه الع EE Eذب ،فيق EE Eف دق EE Eائق يره EE Eف
أذنه،ويتمايل أحيانا مع أنغام اآلذان ، 1»...لينتقل بنا السEEارد إلى المرحلEEة المواليEEة من حيEEاة
البطل وهي مرحلة المراهقة والتي خلفت له الكثير من األوجاع ،منها عودة البطEEل "سEEامي"
إلى الماض EEي وت EEذكره لقص EEة حب EEه الموجع EEة وال EEتي أض EEفت على نفس EEه ك EEل مع EEاني االنكس EEار
واأللم والخيبEEة«وقEEد تEEدفقت عليEEه دفعEEة واحEEدة ذكريEEات حبEEه لسEEميا ،واسEEتعاد ذكEEرى سEEعادته
2
الخالية»...
وإ ن كEEانت هEEذه األخEEيرة قEEد أتEEاحت لEEه أن يشEEق لنفسEEه طريقEEا جديEEدا مفعمEEا بEEالعزم والتصEEميمE
ويتخ EEذ من القلم المه EEدى ل EEه من ط EEرف قريب EEه خطوت EEه األولى نح EEو هدف EEه لدراس EEة الص EEحافة
الEEEتي ك EEان يEEEؤمن برسEEEالتها ويEEEرى أنEEEه من خاللهEEEا يمكن أن يق EEدم لب EEني قوم EEه عمال مفي EEدا:
3
«أتذكر القلم الذي أهديتني؟ من يدري؟ فلعله كان قدري»...
وهناك شخصيات أخرى في هذه الروايEة قEامت بالوظيفEة االسEتذكارية كشخصEية هEدى الEتي
راحت بEEذاكرتها لتسEEرد لنEEا مقتطفEEات من واقEEع أسEEرتها« :وذكEEرت مEEا حEEدث هEEذه الليلEEة ،لقEEد
استيقظنا أنا وأمي وسامي على صوت فوزي حوالي منتصEEف الليEEل يتحEEدث بصEEوت مرتفEEع
مEE E Eع نفسEE E Eه،ورأينEE E Eاه ممEE E Eددا على األرض يEE E Eرغي ويزبEE E Eد ،وبينمEE E Eا كEE E Eانت أمي تEE E Eنزع عنEE E Eه
ثيابه،رأيناهEEا تEتراجع خطEوتين وتقEول :انEEه سEكران...إن رائحEة الخمEEر تنبعث من فمEEه قويEEة
كريهة».4
ولم تكن لمشEEاكل هEEذه األسEEرة أن تنتهي ،فEEنرى شخصEEية هEEدى تعEEود لتتEEذكر تلEEك الليلEEة الEEتي
اسEE Eتيقظوا مEE Eذعورين على صEE Eوت صEE Eرخة أمهم والEE Eتي كEE Eان سEE Eببها زواج أبيهم من امEE Eرأة
أخرى« :كانت الساعة تجاوز الحادية عشEر ،تلEك الليلEة حين اسEتيقظنا على صEوت صEرخة
عظيمة...يا خEEراب بيEEتي وبيتكم يEEا أوالدي...وعEEادت تلتفت إلينEEا و هي جاحظEEة العيEEنين؟ آه
إنني ال أكاد أن اصدق...لقد...لقد تزوج علي ...تزوج امرأة أخEرى » ،1وقEد أضEفت هEذه
الذكرى على األسرة الذعر الذي تحول بعد ذلك إلى خنق وغيض شديدين.
كم EEا نج EEد شخص EEية س EEميا ال EEتي ق EEامت بت EEذكرها للبط EEل "س EEامي" وذل EEك في المقط EEع الت EEالي «
وت EE Eذكرتك وأن EE Eا أق EE Eرأ في إح EE Eدى الص EE Eحف فقلت الب EE Eد أن أراك...إن EE Eك على األق EE Eل ص EE Eديق
2
قديم»...
باإلضEEافة إلى شخصEEية فEEوزي الEEتي راحت تسEEترجع ذكEEرى من طفولتهEEا وذلEEك عنEEد قولEEه:
3
«أتذكر كم فلقا أكلنا على يد" أبو محمود"»
من خالل مEE Eا سEE Eبق ذكEE Eره يمكن القEE Eول إن الشخصEE Eيات اإلسEE Eتذكارية الEE Eتي قEE Eدمها لنEE Eا
السارد كانت بمثابة ترجمان لماضي وواقع الشخصيات.
ز)الشخصيات المسطحة:
هي شخص EE Eية بس EE Eيطة في الرواي EE Eة ج EE Eاء ذكره EE Eا في القس EE Eم األول من الرواي EE Eة ،لم يض EE Eف
حضورها تطورا للرواية.
-أبعادها:
لم نرص EEد معلوم EEات كث EEيرة عن المظه EEر الخ EEارجي له EEذه الشخص EEية س EEوى أنه EEا ك EEانت
تمتلك صوتا جميال وذلك حينما يطلق آذنه العذب في مئذنة المسجد الملتصق بالكتاب.
لقد ورد في النص أن الشخصية أبو محمEEود كEEان معلمEEا لصEEبية حي الخنEEدق الغميEEق ومEEديرا
للكتEEاب كمEا أنEEه كEان يمتلEك حانوتEEا بEالحي ،أمEا فيمEا يخص عالقاتEEه االجتماعيEEة ،فقEد كEان ذا
قسوة وعنف في معاملة الصبيان.
يمكن القEEول بEEأن شخصEEية ناديEEا هي شخصEEية عEEابرة لم يحEEدث ظهورهEEا تطEEورا في أحEEداث
الرواية ،فقد جاءت في الرواية على أنها أخت رفيق.
-أبعادها:
لقد وقف السارد على بعض المواصفات الخارجيEEة لشخصEية ناديEEا :هي فتEاة جذابEEة سEمراء،
ممشوقة القوام ،دقيقة الخصر ،وكان في مالمحها ما يشابه مالمح أخيها رفيق.
أخت رفيEEق تنتمي لعائلEEة بسEEيطة ،مكونEEة من األم وإ خوتهEEا لثالثEEة ،نEEالت الشEEهادة التكميليEEة،
لكنها اضطرت فيما بعد للتوقف عن الدراسEة ،وذلEك إثEEر وفEاة والEEدها ،فEوجب عليهEا العنايEEة
م EEع أمه EEا بإخوته EEا ،التحقت بع EEد ف EEترة بمدرس EEة حكومي EEة ت EEدرس فيه EEا األوالد ،ومن هواياته EEا
حب المطالعة ،واالستماع للموسيقى من الراديو.
كEEان لهEEذه الشخصEEية ظهEEور محEEدود وثEEابت في نصEEنا السEEردي وذلEEك في القسEEم األول ،قدمEEه
السEE Eارد في هيئEE Eة شEE Eيخ معمم ،وهEE Eو الشخصEE Eية الEE Eتي أثEE Eار منظرهEE Eا الغEE Eريب الخEE Eوف عنEE Eد
الشخصية المحورية.
-أبعادها:
هو شيخ معمم ذا لحية بيضاء ،يعتمد على عكاز أثنEاء مشEيته ،وقEد أضEاف لنEا السEارد
بعض المواصEEفات الخارجيEEة لهEEذه الشخصEEية بقولEEه« :ولكن مEEا لبث أن ثقب سEEمعه صEEوت
هادر عميق ،...فإذا به يرى الشEEيخ المعمم ذا اللحيEEة البيضEEاء ،يعEEدو خلفEEه ،ولكن قفEEزا على
عكازه ،باسطا ذراعه نحوه ،فاغرا فاه يردد...السارق...أوقفوه.1»...
-أبعادها:
الشEيخ فرفEور في بدايEة ظهEوره في النص جEاء على أنEه معلم بحيث أسEندت إليEه من طEرف
إدارة المعه EEد ال EEديني وظيف EEة ت EEدريس األدب لطالب المعه EEد ،تص EEرفاته جعلت من EEه عنص EEرا
يبعث للتسEEلية والضEEحك ليتضEEح بعEEد ذلEEك أن هEEذه الشخصEEية ليسEEت إال نجEEارا في دمشEEق ،تم
إعفEEاؤه بعEEد فEEترة من مهمEEة التEEدريس ،وأنيطت لEEه مهمEEة المحافظEEة على خEEزائن المEEؤن في
المعهد «:كان شيخنا قيما على غذاء عقولنا فأصبح اآلن قيما على غذاء بطوننا».1
هو األخ األصغر لسميا ،لم يكن لهذه الشخصية دورا ملحوظا في الرواية.
نستنتج من خالل ما تقدم ذكره أن الشخصيات المسطحة الEتي قEدمها لنEا السEارد في الروايEEة
هي شخصيات ثابتة ،ولم يضف حضورها أي إضافات جديدة في بنية الحدث.
ك)الشخصيات النامية:
شخص EEية معق EEدة ،وذات طب EEاع متغ EEيرة ،شخص EEية متناقض EEة في س EEلوكاتها،فت EEارة يحيلن EEا
السارد إلى إشارات تEدل على طيبتEه ،ولكنEه مEا يكEاد أن يEذكر دالالت متناقضEة تمامEا وذلEك
مEEا نلمحEEه في المقطEEع اآلتي« :وجعEEل يتسEEاءل في حEEيرة عن طبيعEEة فEEوزي المتناقضEEة ،فهEEو
يبEE E Eدو لEE E Eه تEE E Eارة شEE E Eريرا يسEE E Eعى إلى األذى،ويبEE E Eدو لEE E Eه تEE E Eارة أخEE E Eرى عطوفEE E Eا يبEE E Eذل الEE E Eود
والمحبة .1»...
-أبعادها:
لم يردنEEا الكثEير عن البنEاء الخEEارجي للشخصEEية ،ورد في مقطEع وصEEف وجEEه فEوزي وعينEEاه
وهو سكران «خرج فوزي ممتقع الوجه ،...رفع إلينا عينين محمرتين شاردتين».2
أن أول ما بدا لنا من تنEاقض في الرسEم الEداخلي للشخصEية ،هEو مEا الحظنEاه في تصEرفات
و سلوكيات الشخصية ،فتارة نجد في شخصEEية فEوزي ذلEEك الشEاب الEEذي يمتأل كيانEه بEEروح
األخ EEوة و المحب EEة «:ولع EEل أخ EEاه ق EEرأ في عيني EEه العج EEز و االس EEتنجاد و الش EEكوى ،ف EEإذا ه EEو
يهجم على جماعة الصبيان،و بكEل الضEربات و الصEفعات بكEل مEا أتت يEداه»،3ليتنEاقض مEع
مرور األحداث في الرواية مع نفسEه و يستشEEعر داللEة الغEيرة اتجEاه أخيEEه سEEامي الEذي أحس
انه استعلى عليه حينما أصبح شيخا،كما انه قد صار محل اهتمام كل األسرة و المجتمEEع مEEا
تسEEبب في تEEراكم االضEEطرابات النفسEEية لEEدى الشخصEEية ،فمن خالل تتبعنEEا للمسEEار الEEداخلي
للشخصEEية اكتشEEفنا أنهEEا قEEد أصEEبحت تصEEدر سEEلوكات سEEلبية ،فنجEEد أن البطEEل سEEامي قEEد راح
يصEEفه بالدسEEاس و الحقEEير«:ففاجEEأ أخEEاه فEEوزي واقفEEا عنEEده يتلصEEص و يتسEEمع،فقEEذف وجهEEه
يقول :دسEاس حقEير»، 1و أثنEاء تقEدمنا في الروايEة،الحظنEا أن شخصEية فEوزي هي شخصEية
حساسة تحمل في جوهرها معاني للحب و التأثر و هذا ما بدا جليEEا في المقطEEع الEEذي أورده
لن EEا الس EEارد بقول EEه «:س EEامحني ي EEا أخي لق EEد كنت قاس EEيا مع EEك ،و فتح عيني EEه ينظ EEر إلى أخي EEه
فEEيرى في عينيEEه الحنEEو و االنكسEEار»، 2لقEEد كEEان لجEEو األسEEرة و مشEEاكلها التEEأثير األكEEبر على
تصرفات و سلوكات الشخصية،فقد اخذ من المالهي و المراقص ملجEEأ يقصEEده للهEEروب من
مشEEاكلهم الشخصEEية،لكنEEه سEEرعان مEEا أدرك أن هEEذا النEEوع من األمEEاكن المشEEبوهة مEEا هEEو إال
ش EE E Eبكة ال متناهي EE E Eة من المش EE E Eاكل ،و أن العائل EE E Eة هي المق EE E Eر الوحي EE E Eد لل EE E Eدفيء و األم EE E Eان و
السEكينة «:و مEا لبثت أن رأيت أخي األكEبر يحيEط بذراعيEه عنEق سEامي ويجذبEه إليEه ليقبلEه
في وجنتيه،ثم يلتفت إلينا و الدموع في عينيه...إنني خجل مما قمت بEه،و مEEا سEEببته لكم من
3
متاعب و هموم»
هEEو األخ األكEEبر للشخصEEية المحوريEEة "سEEامي" ،يعمEEل في متجEEر ،شخصEEية متناقضEEة ،عEEاش
فترة قاسEية في حياتEEه وذلEك عنEدما قادتEEه نفسEه نحEو طريEEق المحرمEات «انEه يظن أنEEك شEاب
صالح...وال يعلم أنك وحدك الفاسد الذي يشرب الخمر ،ويعاشر الراقصات وينفق ماله في
المواخ EEير ،4»...ولكن بفض EEل أس EEرته ال EEتي أم EEدت ل EEه ي EEد المس EEاعدة اس EEتطاع أن يخ EEرج من
قوقعة الفساد ،ليعود إلى حضن العائلة بشخصية متغيرة« :أما فوزي فقد الحظنا جميعا أنEEه
هدوءا ،ومالزمة للبيت ،وحرصا على إرضاء أبي وأمي».1
ً قد أصبح أكثر
طالب في المعهد الديني وزميل للشخصية البطلة "سامي"،قدمها لنا السEEارد في صEEورة
غريبEEة ومعقEEدة،و ذلEEك من خالل التصEEرفات و السEEلوكات الEEتي كEEانت تقEEوم بهEEا في الروايEEة،
والEEتي أشEEار لنEEا فيمEEا بعEEد السEEارد بEEأن هEEذه الشخصEEية تعEEاني من أمEEراض عقليEEة ،ولكن بعEEد
تسارع األحداث والمضي في الرواية تماثل للشفاء ورجع لجو الدراسة ،بشخصية مختفلة.
-أبعادها:
لقد جاء في نص الخندق الغميEEق أن عبEEد الكEEريم كEEان شEEرها غايEEة الشEEراهة يلتهم طعامEEه في
دق EEائق ،ولق EEد أورد الس EEارد ب EEان ه EEذا النهم يتجلى في عيني EEه« :إذ كانت EEا تجحظ EEان ،وتتس EEعان،
وينبعث منهما نور غريب».2
يب EEدو من خالل نص ه EEذه الرواي EEة أن ه EEذه الشخص EEية .ك EEانت تع EEاني من اض EEطرابات نفس EEية
وعقلية وهذا ما يبرر تلك الحركEات العجيبEة والغريبEة الEتي لم يجEد لهEا تفسEير،كخروجEه من
منتصEEف الEEدرس من غEEير إذن،ونومEEه أثنEEاء الEEدرس ،...لكنEEه عنEEدما نقEEل لمشEEفى األمEEراض
العقليEEة وتلقيEEه للعالج ،بEEدت عليEEه عالمEEات الراحEEة النفسEEية« :كEEان يبEEدو انEEه قEEد هEEدأ ،و خبEEا
ذلك النور الغريب الذي كان ينبعث من عينيه».1
ط EE Eالب في المعه EE Eد ال EE Eديني ك EE Eان يع EE Eاني من بعض المش EE Eاكل النفس EE Eية والعقلي EE Eة،نق EE Eل لمش EE Eفى
األمEEراض العقليEEة ،وبعEEد فEEترة سEEرى نبEEأ تخريجEEه من المفشEEى وتعافيEEه تمامEEا،وأنEEه سEEيلتحق
بزمالئEEه بعEEد بضEEعة أيEEام،وأنEEه قEEد تEEزوج« :حين عEEاد عبEEد الكEEريم ،كEEان يحمEEل مEEع محفظتEEه
كيسا كبيرا ،وزع عليهم منه ملبس العرس».2
من خالل مEEا سEEبق ذك EEره نسEEتنتج أن الشخصEEيات النامي EEة هي شخصEEيات متغ EEيرة ومتط EEورة
بحيث تنكشف مالمحها شيئا فشيئا ،من خالل الرواية.
لقEEد اختEEار السEEارد هEEذا االسEEم لهEEذه الشخصEEية ليحملEEه مجموعEEة من الEEدالالت ،فالتسEEمية في
تراثنا العربي سمات ودالالت.
ورد معEE E E Eنى هEE E E Eذا االسEE E E Eم في قEE E E Eاموس األسEE E E Eماء العربيEE E E Eة لشEE E E Eفيق األرنEE E E Eاؤوط على انEE E E Eه
الشخص«:العالي رفيع المستوى »، 3كما تم توضيح اسم سامي في قEEاموس معEEاني األسEEماء
على انه «:اسم من أصول عربية يتم إطالقه على المولود الذكر ،و معنEEاه الشEEيء العEEالي و
المرتفEEع ،ويطلEEق كصEEفة للشEEخص من بEEاب التفEEاخر ،إضEEافة إلى ذلEEك فEEإن معEEنى اسEEم سEEامي
3شفيق االرناؤوط ،قاموس األسماء العربية "دراسة شاملة لألسماء العربية و معانيها"،دار العلم للماليين مؤسسة ثقافية
للتأليف و الترجمة و النشر،بيروت لبنان ،ط ،2،1989ص .52
سميائية العنوان وتمظهرات الشخصية الفصل
أيض EE Eا الش EE Eخص النبي EE Eل ،و في اللغ EE Eة العربي EE Eة ه EE Eو ص EE Eفة من الفع EE Eل يس EE Eمو أي «:ارتف EE Eع و
عال،يتمEEيز حامEEل هEEذا االسEEم بقدرتEEه على تحمEEل مشEEاق الحيEEاة ،و بأنEEه طمEEوح يسEEعى دائمEEا
لتحقيEق كEل مEا يحلم بEه،شخصEية ذكيEة و متفائلEة و إيجابيEة و هEذا مEا يسEاعده في إنجEاح كEل
ما يخطط له».1
من خالل مEا سEبق ذكEره من دالالت اسEم هEذه الشخصEية ،يمكننEا القEول بEأن القEاص لم
يكن اختي EEاره الس EEم ه EEذه الشخص EEية إعتباطي EEا،و يمكن توض EEيح ذل EEك من خالل مجموع EEة من
ال EEدالالت ال EEتي تض EEمنها النص الس EEردي ح EEول الشخص EEية ،فق EEد ك EEان س EEامي ش EEغوفا بمطالع EEة
الكتب خاص EEة األدبي EEة منه EEا ال EEتي ك EEاد أن يص EEبح ج EEزءا منه EEا مم EEا نم EEا س EEعة ثقافت EEه و زاده
المعرفي فقام بكتابEEة بعض القصEEص ،كمEا قEام بترجمEة روايEEة فرنسEEية "مEEولن الكبEير"،...بعEEد
تحصEEله على الشEEهادة الجامعيEEة عقEEد تصEEميمه على االلتحEEاق بإحEEدى الكليEEات الكبEEيرة ليتEEابع
دراسته المدنية ،من هنا أحس بEان قEدره أصEبح في يEده و أن عليEه أن يشEق طريقEه بأظEافره
في ال EEدروب المجهول EEة ،عم EEل بص EEحيفة ت EEدرب من خالله EEا على ترجم EEة بعض المق EEاالت و
على تص EEحيح التج EEارب ،لي EEدرك بع EEد ذل EEك أن الص EEحافة ب EEاتت هي هدف EEه ال EEذي ك EEان يص EEبو
له «:إنني أحب الصحافة و اؤمن برسEEالتها و أتمEنى يومEEا أن أكEون نصEاحب صEEحيفة أؤدي
فيهEEا عمال مفيEEدا لبEEني قEEومي...و لهEEذا تسEEاورني رغبEEة شEEديدة في أن أسEEافر لفرنسEEا لدراسEEة
الصحافة في العام القادم ،2»...عقEد سEامي عزمEEه على أن ال يثEني عن هدفEEه وال يقEف دون
بلوغEE E Eه «.و وقفنEE E Eا على رصEE E Eيف المرفEE E Eأ نتطلEE E Eع الى البEE E Eاخرة الEE E Eتي سEE E Eتحقق لEE E Eه الرحلEE E Eة
المنشودة». 3
نالح EEظ من خالل م EEا تق EEدم ذك EEره أن الس EEارد ق EEد ق EEام بمطابق EEة الشخص EEية م EEع دالالته EEا
اللغوية في هذا النص السردي.
www.almaany.com1
2ينظر ،سهيل ادريس الخندق الغميق .160،
3المصدر نفسه ،ص .170
سميائية العنوان وتمظهرات الشخصية الفصل
ورد في قاموس األسماء العربية والمعربEEة وتفسEEير معانيهEEا معEEنى سEميا،و الEEذي جEاء«:بأنهEا
تص EE Eغير اس EE Eم رفعEE Eة»، 1كمEE Eا ورد لق EE Eاموس األس EE Eماء العربي EE Eة ألرن EE Eاؤوط بأنEE Eه «:تصEE Eغير
سامية،و هي العالية،و اسم صحابية »"، 2سميا هو اسم علم مؤنث أصله عربي ،و هEو اسEEم
مصغر من سمة و هي العالمة المميزة ،وهEEو من الفعEEل وسEEم ،و وسEEم أي مEEيز و علم ،و
سEEميا هي الممEEيزة ،و اشEEرف من تسEEمت بسEEمية في التEEاريخ اإلسEEالمي "هي سEEمية أم عمEEار
بن ياسر رضي اهلل عنهم أول شهيدة في اإلسالم" ،و سEيمة هي إنسEانة ممEيزة تحب التمEيز
في كل شيء ،عميقة التفكير و ال تحب السطحيين ".3
من خالل نص الروايEEة يمكن القEEول بEEان السEEارد جسEEد معEEاني ودالالت هEEذا االسEEم في البعEEد
الفEEيزيولوجي للشخصEEية ،فقEEد راح يرسEEم القEEاص العالمEEات الممEEيزة لجمEEال سEEميا« :إذ ارتفEEع
من ش EE E Eرفة الط EE E Eابق األعلى ص EE E Eوت رقي EE E Eق ،...ورف EE E Eع نظ EE E Eره ،ف EE E Eرأى عي EE E Eنين كب EE E Eيرتين
س EE Eوداوين ،...وال يلبث رأس ص EE Eاحبتهما ذو الش EE Eعر الطوي EE Eل األس EE Eود أن ينح EE Eني انحن EE Eاءة
يسيرة ،ثم تشجع ونظر إليها نظرة أطول ،فاخEEذ بجمEEال وجههEEا المسEEتدير الناصEEع ،المشEEرب
الوجنتين بحمرة طبيعية رقيقة». 4
مما سبق يمكن القول بأنه يوجد توافق بين الشخصية ودالالتها اللغوية.
«توجEE Eد الكثEE Eير من المعEE Eاني الخاصEE Eة باسEE Eم هEE Eدى والEE Eتي ورد ذكرهEE Eا في قEE Eاموس معEE Eاني
األسEEماء ،فمعEEنى اسEEم هEEدى هEEو الرشEEاد والبيEEان والطريEEق القEEويم والطاعEEة والتقEEوى والحEEق،
ويستحض EEر االس EEم كاس EEم علم م EEؤنث وه EEو من أص EEل ع EEربي ،باإلض EEافة الى كون EEه ذا ط EEابع
1حنة نصر الحي ،قاموس األسماء المعربة وتفسير معانيها ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ط ،2002 ،3ص .87
2شفيق االرناؤوط ،قاموس األسماء العربية "دراسة شاملة لألسماء العربية و معانيها". 123.
.https/www.thakafnasak.com3
4ينظر ،سهيل ادريس ،الخندق الغميق ،ص .62-61
سميائية العنوان وتمظهرات الشخصية الفصل
إسEEالمي ،تتمEEيز حاملEEة هEEذا االسEEم بكونهEEا شخصEEية طموحEEة ودائمEEا تسEEعى لتحسEEين حياتهEEا،
طيبEEة القلب وال تتEEأخر في مسEاعدة اآلخEEرين ،صEبورة وتتحمEEل المسEؤولية حEتى و إن كEانت
صعبة ،شخصية هادئة ولينة الطباع ،كما أنها تتميز بعقلها الراجح وآرائها الصائبة».1
من خالل دراسEE Eتنا للروايEE Eة الحظنEE Eا بEE Eان السEE Eارد قEE Eد أرفEE Eق الEE Eدالالت السEE Eابق ذكرهEE Eا
بالشخصEEية الروائيEEة ،فقEEد كEEانت شخصEEية هEEدى في النص السEEردي ممتثلEEة لألخالق الحسEEنة،
شخص EEية رص EEينة وتل EEتزم ك EEل ح EEدود الحش EEمة ،له EEا عالق EEات طيب EEة م EEع من حوله EEا ،كم EEا أن
السEEارد قEEد أضEEاف صEEفات أخEEرى لهEEذه الشخصEEية وهي الحب وروح التضEEحية «وصEEممت
على أن أضحى بنفسي أن لزم األمر،ألتيح لسامي أن يحقق هدفه وفكرت في انEEه لن يكEEون
عسيرا على أن أجد وظيفة للتدريس بحيث أعين األسرة على نفقاتها ،وقد أسEEاعد سEEامي إذا
احتاج مساعدتي».2
مما سبق يتضح لنا أن هناك تناسق وتطابق بين الشخصية ومعناها اللغوي.
ورد معEE Eنى اسEE Eم رفيEE Eق في المعجم الوسEE Eيط على انEE Eه «اللين الجEE Eانب:نقEE Eول هEE Eو رفيEE Eق بEE Eه
والمراف EEق أو الص EEاحب ،من EEه رفق EEاء،ورف EEاق ،ومرت EEع رفي EEق ،ليس بكث EEير،ويق EEال :ه EEذا األم EEر
رفيEEق بEEك وعليEEك:نEEافع،والمرافEEق :من يرافEEق الEEرئيس أو القائEEد ويالزمEEه،و المرتفEEق :كEEل مEEا
يرتفEEEق بEEEه وينتفEEEع،المرفEEEق :مEEEا يرتفEEEق بEEEه وينتفEEEع ويس EEتعان ب EEه» .3كم EEا وردت داللت EEه في
قEEواميس أخEEرى مثEEل :قEEاموس األسEEماء العربيEEة والمعربEEة وتفسEEير معانيهEEا «بEEأن رفيEEق هEEو
صديق ،مرافق ،لطيف رحيم».4
http/www.mouhtwa.com1
،2سهيل ادريس ،الخندق الغميق ،ص .160
3إبراهيم مصطفى ،عبد القادر و غيرهما ،المعجم الوسيط ،المكتبة اإلسالمية للطباعة و النشر ،تركيا ،ج ،دط ،دت
،ص .363
4حنة نصر الحي ،قاموس األسماء المعربة وتفسير معانيها ،ص .40
سميائية العنوان وتمظهرات الشخصية الفصل
من خالل النص السردي الذي بين أيدينا– الخنEدق الغميEEق – نجEد أن توظيEEف الEراوي
لهذا االسم كان مطابقEا للشخصEية ،فقEد جعEل منهEا القEاص مجEاال رحبEا للداللEة على الصEداقة
المثلى ،ويمكن أن نوض EEح ذل EEك في مقط EEع أورده الس EEارد عن ه EEذه الشخص EEية بقول EEه«:كأنم EEا
أصبح رفيق مستودع عواطفه».1
جEاء معEنى اسEEم عزيEز في قEاموس معEاني األسEEماء على أنEه« :اسEEم علم مEذكر عEEربي،
معن EEاه الق EEوي،الم EEنيع ،ذو األنف EEة،األبي،المل EEك،والش EEيء الن EEادر الوج EEود،والعزي EEز لقب لبعض
الملEEوك قEEديما ،مثEEل العزيEEز باهلل نEEزار بن معEEد ،وعEEادة مEEا يكEEون حامEEل لهEEذا االسEEم صEEاحب
شخصية هجومية ومبادرة ،محب للتسلية والفرفشة».2
باالسEEتناد على نصEEنا السEEردي يمكن القEEول بEEان السEEارد قEEد وفEEق في اختيEEار هEEذا االسEEم لهEEذه
الشخص EEية ،فق EEد تط EEابقت ه EEذه األخ EEيرة م EEع دالالت س EEابقة ال EEذكر«:ك EEان محبوب EEا بين جمي EEع
رفاقه ،لما كان يتمتع به من خلق رفيع ،وخفة روح،وطالقة وجه ».3
لم يضEEع الEEراوي لهEEذه الشخصEEية اسEEما ،بEEل قEEدمها للقEEارئ بلفEEظ القرابEEة "األم " ،وقEEد وردت
معEEEاني كث EEيرة عن األم ،منه EEا م EEا ج EEاء في قEEEاموس المع EEاني الج EEامع «:األم :اس EEم .والجم EEع
أمEE Eات .وأمهEE Eات الوالEE Eدة .وتطلEE Eق على الجEE Eدة ،مEE Eتى اسEE Eتعبدتم النEE Eاس وقEE Eد ولEE Eدتهم أمهEE Eاتهم
أحرار"،.4فكلمة األم معناها الوالدة،و أم الشEيء أصEله :فهي األصEل الEذي يبEذأ منEه المجتمEع
واألس EEرة وال EEوطن :غالب EEا م EEا يرتب EEط لف EEظ األم ب EEالحب والحن EEان والعط EEف ،فهي س EEر الوج EEود
الذي يحملنا في جسده ،وهي الحريصة دائما على بقاءنا والحفاظ على حياتنا».
من خالل نص رواي EEة الخن EEدق الغمي EEق يمكن الق EEول ب EEان الق EEاص ق EEد ب EEرع في تق EEديم دالالت
تتناسب وتتناسق مع هذه الشخصية ،فقEد كEانت طيلEة ظهورهEا في المتن السEردي تشEكل كEل
معEاني األم اإليجابيEة والحنEون الEتي تحEرص على أفEراد أسEرتها وتسEعى قEدر جهEدها لتوفEير
حياة كريمة ممتلئة بالدفء والطمأنينة.
صفوة القول :إن السارد في روايEة الخنEدق الغميEق قEد اعتمEد على أسEماء عربيEة أي
ليست بغريبة على القارئ،وانه قد جعل لهذه الشخصيات أسماء دالالت متناسEEقة مEEع
ما تؤديه في المتن الروائي.
الخاتمة
الخاتمة
بفض EE Eل اهلل الواح EE Eد األح EE Eد أوال وبمجهودن EE Eا المتواضE E Eع Eثاني EE Eا نك EE Eون ق EE Eد وص EE Eلنا لطي
صفحات هذه الدراسة ليرسي قاربنا على جملة من النقاط:
ارتبEE Eاط العنEE Eوان بالسEE Eيمائيات ألنEE Eه عالمEE Eة ،و السEE Eيميائيات كمEE Eا نعلم تهتم بعلم
العالمات.
استطاع العنوان أن يثبت أنه عالمة سميائية،وبالتالي كان المنهج المناسب لقEEراءة
هذه العالمة هو المنهج السميائي.
تنوعت الشخصيات الواردة في النص ،وتفاوتت صفاتها وأفعالها وسلوكاتها.
اهتم الس EEارد في تقديم EEه لشخص EEيات روايت EEه أك EEثر على الج EEانب النفس EEي س EEاهمت
وتنوعها في خلق عالقة فيما بينها ذات داللة سميائية. كثرة الشخصيات ّ
ق EE Eامت بعض الشخص EE Eيات بوظ EE Eائف متع EE Eددة داخ EE Eل الس EE Eرد ،فمن خالل الرواي EE Eة
-الخنEEدق الغميEEق -نجEEد أن الشخصEEية المحوريEEة وبعض الشخصEEيات الثانويEEة قEEد
نهضت بدور الشخصية اإلستذكارية والنامية و الواصلة وكذا المتكررة.
إن الشخصEEيات داخEEل الروايEEة كEEانت ذات تركيبEEة بسEEيطة متداولEEة في بيئتنEEا ،وقEEد
اخت EEار ال EEراوي له EEذه الشخص EEيات أس EEماء ذات دالالت متناقض EEة م EEع م EEا تؤدي EEه في
النص.
اسEE Eتطاع السEE Eارد من خالل المرجعيEE Eات والتقنيEE Eات الEE Eتي وظفهEE Eا في نصEE Eه في أن
يعطي للق EEارئ حقّ EEه ،كمEEا وفّ EEر ل EEه ك EEل الظ EEروف ال EEتي تس EEاعده على تفكي EEك النص
وملئ فراغه بعد القراءة والتحليل.
لق EEد ص Eّ Eور لن EEا س EEهيل إدريس في روايت EEه-الخن EEدق الغمي EEق -انتق EEاال اجتماعي EEا من
خالل تجربته الخاصة أو تجربة األسرة التي اتخذها له نموذجEEا،ويمكن القEEول إنEEه
قEEد ُوفِّ َ
ق في تصEEوير هEEذا االنتقEEال ذلEEك بأنEEه قEEد شEّ Eبع روايتEEه بالحركEEة وباللّمسEEات
اإلنسانية.
الخاتمة
روايEEة الخنEEدق الغميEEق هي تصEEوير حي ألجيEEال عاشEEرت خلEEق سEEجق كثيفEEة من
أن
العادات القديمة والتقاليد المتحجEEرة لتنفتح بغتEEة على العEالم األوسEEع فيEدرك ّ
مEE E E Eا من مقدسEE E E Eات في األرض غEE E E Eير أشEE E E Eواق اإلنسEE E E Eان إلى المعرفEE E E Eة ،إلى
االنطالق ،إلى الحرية.
و في األخEEير نتمEEنى أن نكEEون قEEد ألممنEEا بكEEل جEEوانب الموضEEوع ،فEEاتحين المجEEال لدراسEEات
أخرى على هذه الرواية ،فمهما وصل اإلنسان إلى درجات العلم يبقى فقيرا إلى اهلل يسعى
إلى تحصEE Eيل الEE Eزاد المعEE Eرفي ،و يبقى الكمEE Eال هلل وحEE Eده عEE Eز وجEE Eل ،فنسEE Eأل اهلل الثبEE Eات
والتوفيق.
قائمة المصادر والمراجع
)2ابEEراهيم انس و آخEEرون ،المعجم الوسEEيط ،مكتبEEة الشEEروق الدوليEEة ،القEEاهرة ،ط، 4
.2004
)4أبي الفض EEل جم EEال ال EEدين بن مك EEرم ابن منظ EEور اإلف EEريقي ،لس EEان الع EEرب ،دار ص EEادر،
بيروت ،لبنان ،ط.1،1997
)5أحمد عمر مختار ،دراسة الصوت اللغوي ،عالم الكتب ،القاهرة ،دط . 1987 ،
)6أحمد عمر مختار ،معجم اللغة العربية المعاصرة ،عالم الكتب ،القاهرة ،ط.2008 ،1
)7لفEEيروز آبEEادي ،القEEاموس المحيEEط ،مؤسسEEة الرسEEالة تحقيEEق مكتب الEEتراث في مؤسسEEة
الرسالة ،بيروت ،لبنان أ ط. 1978 ، 6
)9أمينEEة فEEزازي ،سEEيميائية الشخصEEية في تغريبEEة بEEني هالل ،دار الكتب الحEEديث ،القEEاهرة
ط. 2012 ، 1
)10برنEEار توسEEان ،مEEاهي السEEيميولوجيا ،تEEر :محمEEد نظيEEف ،إفريقيEEا الشEEرق ،المغEEرب ،
ط. 2000 ،2
)11بسام قطوس ،سيمياء العنوان ،وزارة الثقافة ،عمان ،األردن ،ط. 2001 ، 1
)12بول ريكور ،الزمان و السرد ،التصوير في القصص السEEردي ،تEEر :فالح رحيم ،
دار الكتاب الجديدة إفرنجي ،ط.2006 ، 1
)13جمEEال الEEدين الEEزيلعي ،تخEEريج األحEEاديث الواقعEEة في تفسEEير الكشEEاف للزمخشEEري ،دار
بن خزيمة،الرياض ،ط.1،2006
قائمة المصادر والمراجع
)14جميل حميداوي ،سيميوطيقا العنوان ،دار طوبقال للنشر ،الEدار البيضEاء ،المغEرب
،ط. 2015 ، 1
)15جويدة حماشي ،بناء الشخصية مقاربة في السEEرديات ،منشEEورات األوراس ،د ب ،
د ط . 2007،
)16جيرالد الدبرنس ،قاموس السرديات ،تر :السيد إمام ،ميريت للنشEEر و المعلومEEات ،
القاهرة ،ط. 2003 ، 4
)17حسEEان ابن ثEEابت ،الEEديوان ،دار المعرفEEة ،تحقيEEق عبEEد اهلل تEEنره ،بEEيروت ،لبنEEان ،ط،1
دت.
)18حسEEEن بحEEEراوي ،بنيEEEة الشEEEكل الEEEروائي " الفض EEاء ،ال EEزمن ،الشخص EEية " ،المرك EEز
الثقافي العربي ،بيروت ،لبنان أ ط. 1990 ، 1
)19حمي EE Eد حميEE Eداوي ،بني EE Eة النص الس EE Eردي من منظ EE Eور النقEE Eد األدبي ،المركEE Eز الثقEE Eافي
للطباعة و النشر و التوزيع ،بيروت ،ط. 1991 ، 1
الحي ،ق EE Eاموس األس EE Eماء المعرب EE Eة وتفس EE Eير معانيه EE Eا ،دار الكتب العلمي EE Eة،
ّ )20حن EE Eة نص EE Eر
بيروت لبنان ،ط .2002 ،3
)21خالEE Eد حسEE Eين ،في نظريEE Eة العنونEE Eة (مغEE Eامرة تأويليEE Eة في شEE Eؤون العتبEE Eة النصEE Eية) ،دار
التكوين والترجمة والنشر،دمشق،سوريا ،ط،1د ت .
)22س EEعيد بن ك EEراد ،الس EEيميائيات مفاهيمه EEا وتطبيقاته EEا ،منش EEورات ال EEزمن مطبع EEة النج EEاح
الجديدة ،الدار البيضاء،المغرب.2003 ،
)24ش EEريبط أحم EEد ش EEريبط ،تط EEور البني EEة الفني EEة في القص EEة الجزائري EEة المعاص EEرة -1947
،1985اتحاد كتاب العرب ،دب ،د ط.1998 ،
)25ش EE Eعبان عب EE Eد الحكيم محم EE Eد ،الرواي EE Eة العربي EE Eة الجدي EE Eدة ،دراس EE Eات في آلي EE Eات الس EE Eرد
وقراءات نصية ،الوراق للنشر و التوزيع ،عمان ،األردن ،ط.2013 ،2
)26ش EE Eفيق األرن EE Eاؤوط ،ق EE Eاموس األس EE Eماء العربي EE Eة" ،دراس EE Eات ش EE Eاملة لألس EE Eماء العربي EE Eة
ومفاهيمها" ،دار العلم للماليين ،مؤسسة ثقافية للتEأليف والترجمEة والنشEر،بEEيروت،لبنEان E،ط
.1989 ،2
)27عبEE E Eد الحEE E Eق بلعابEE E Eد ،عتبEE E Eات (جEE E Eيرار جيEE E Eنيت من النص إلى المنEE E Eاص) ،منشEE E Eورات
االختالف،الجزائر ،الدار العربية للعلوم ناشرون،لبنان ،ط.2003 ،1
)28عبEEد الفتEEاح كيليطEEو ،سEEيميولوجية الشخصEEيات الروائيEEة لفيليب هEEامون ،مجلEEة األدب ،
رقم.1972 ،06
)29عبد القادر رحيم ،العنوان في النص اإلبEEداع -أهميتEEه وأنواعEEه ،قسEEم األدب العEEربي،-
جامعة محمد خيضر ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،بسEEكرة ،الجزائEEر ،ع ( ،)2/3جEEانفي-
جوان.2009 ،
)30عبد الملEك مرتEاض ،تحليEEل الخطEاب السEEردي معالجEة تفكيكيEEة سEيميائية مركبEEة لروايEة
زقEEاق المEEدق ،ديEEوان المطبوعEEات الجامعيEEة ،السEEاحة المركزيEEة ،بن عكنEEون،الجزائEEر E،دط،
.1995
)31عبEEد الملEEك مرتEEاض ،في نظريEEة الروايEEة ،بحث في تقنيEEات السEEرد ،سلسEEلة كتب ثقافيEEة
المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب،الكويت ،د ط.1998 ،
)32عب EE Eد الواح EE Eد مراب EE Eط ،الس EE Eيمياء العام EE Eة وس EE Eيمياء األدب (من أج EE Eل تص EE Eور ش EE Eامل)،
منشورات االختالف ،دار العربية للعلوم ناشرون،لبنان ،دار األمان،الرباط ،ط.2005 ،1
قائمة المصادر والمراجع
)34فالديمEEير بEEروب ،مورفولوجيEEة القصEEة ،ترجمEEة :عبEEد الكEEريم حسEEن ،سEEميرة بن عمEEو ،
شراع للدراسات والنشر والتوزيع ،دمشق ،ط.1996 ،1
)35لطيEE Eف زيتEE Eوني ،معجم المصEE Eطلحات نقEE Eد الروايEE Eة ،دار النهEE Eار للنشEE Eر ،لبنEE Eان ،ط،1
2010
)36محم EEد القاض EEي ،معجم الس EEرديات ،الرابط EEة الوطني EEة للناش EEرين المس EEتقبلين ،دار محم EEد
للنشر،تونس E،ط.2010 ،1
)37محمEEد الهEEادي المطEEوي ،شEEعرية عنEEوان ،كتEEاب السEEاق على السEEاق فيمEEا هEEو التريEEاق،
مجلة عالم الفكر المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت ،مجلد ،28ع ،1يوليو/
سبتمبر.
)39محمد عزام ،فضاء النص الروائي ،مقاربة بنيويEEة تكوينيEEة في أدب نبيEEل سEEليمان ،دار
الحوار للنشر والتوزيع،الالذقية،بيروت E،ط.1996 ،3
)40محمEE E E E E Eد غEE E E E E Eنيمي هالل ،النقEE E E E E Eد األدبي الحEE E E E E Eديث ،دار نهضEE E E E E Eة مصEE E E E E Eر للطباعEE E E E E Eة
والنشر والتوزيع،مصر ،د ط.2001 ،
)41محم EEد فكEEري الج EEزار ،العنEEوان وس EEميوطيقا االتصEEال األدبي ،الهيئEEة المص EEرية العامEEة
للكتاب،القاهرة ،د ط.1998 ،
)42مفي EEد نجم ،العنون EEة في تجرب EEة زكري EEا ث EEامر القصص EEية ،مجل EEة ن EEزوى ،ع،47عم EEان،
.2003
قائمة المصادر والمراجع
)43نص EEيرة زوز ،س EEيمياء الشخص EEية في رواي EEة حارس EEة الظالل لواس EEيني األع EEرج ،مجل EEة
العلوم اإلنسانية ،جامعة محمد خيضر،بسكرة ،العدد .9
44https:// meaningnames.net.
45) https://www.muhtwa.com.
46) https://www.thaqafnafsak.com.
47) www.almaany.com.
المالحق
المـالحـق
سهيل إدريس:
هو أديب وصحافي لبناني ،من مواليد بيروت سEEنة ،1925درس في الكليEEة الشEEرعية
وخEEرج منهEEا شEEيخا وعالمEEا ورجEEل دين ،وبعEEد تخرجEEه سEEنة 1940م تخلى عن زيEEه الEّ Eديني
وعاد إلى وضعه المدني ،ثم سافر ليتابع دراساته العليا في باريس قصEEد تحضEEير الEEدكتوراه
في األدب الع EEربي بجامع EEة الس EEوربون ،ون EEال فعال ش EEهادة ال EEدكتوراه واس EEتوعب جي EEدا الفك EEر
الع EEربي وتيارات EEه الفلس EEفية ،وعن EEد عودت EEه أنش EEأ س EEهيل إدريس مجل EEة اآلداب س EEنة 1953م،
توفي في بيروت سنة 2008
أعماله:
في س EEنة 1956م أس EEس س EEهيل إدريس دار اآلداب باالش EEتراك م EEع ن EEزار قب EEاني وعم EEل
في سلك التعليم مدرسا للغة العربية والنقد والترجمة في عدة معاهد وجامعات وأسس اتحاد
الكت EEاب اللبن EEانيين م EEع قس EEطنطين زري EEق ومغ EEيزل ومن EEير البعلبكي وأدونيس ،وانتخب أمين EEا
عاما لهذا االتحاد ألربع دورات متتالية
مؤلفاته:
قصص
-أشواق .1947
-الشهداء.
-زهرة من دم.
روايات.
روايEEة الخنEEدق الغميEEق للكEEاتب سEEهيل إدريس هي روايEEة صEEراع حضEEاري تتحEEدث عن فEEترة
األربعينيات والخمسينات من القرن الماضي .
تEEدور أحEEداث الروايEEة حEEول عائلEEة مكونEEة من أب الEEذي يشEEغل مEEؤذن في أحEEد المسEEاجد في
مدينEEة دمشEEق ،باإلضEEافة إلى تجEEارة متواضEEعة بحلب ،و ثالثEEة أوالد و بنت واحEEدة وأم ،
فتخبرنا الرواية بحرص األب على أن يشغل أحد األبناء وظيفEEة المشEEيخة كاسEEتمرار لإلرث
عامEا إلى
األبوي في العائلة ،و من هنEا يتم إرسEال االبن سEامي الEذي لم يتجEاوز اثنEا عشEر ً
أحد المعاهد الدينية ليدرس األصول و العلوم الدينية ،فيلبس الجبة و العمامة و تبدأ رحلتEEه
في ع EEالم المش EEيخة فيتع EEرف على رف EEاق ويلتقي بهم دائم EEا في المعه EEد و يتفق EEوا على ال EEذهاب
إلى السEEينما خفيEEة عن درايEEة المعهEEد و األهEEل ،فيشEEاركم خططهم إلى أن يكشEEف أمEEره عنEEد
الوال EEد ،ال EEذي ال يت EEوانى عن تأنيب EEه و مه EEددا إي EEاه إذا أع EEاد الك Eّ Eرة إلى ذل EEك المك EEان ،مك EEان
Eوبخ و يهEEدد سEEامي لهEEذا الفعEEل ،إال
الفسEEق و الفجEEور ،و أيضEEا مEEدير المعهEEد الEEذي بEEدوره يّ E
أنه ال ينتهي هو و رفاقه عن هذه األفعال .
المـالحـق
في العطلة الصيفية يقرر األب الذهاب إلى إحدى القرى في رحلة استجمام مع عائلته
وهنEEاك يلتقي سEEامي مEEع محبوبتEEه سEEميا وتبEEدأ مغEEامرة جديEEدة معهEEا ،وينكشEEف أمEEره والفتEEاه
ويخضEEع لعمليEEة الحبس داخEEل المEEنزل إال أنEEه يسEEتغل ذهEEاب األهEEل من المEEنزل فيخEEرج من
النافذة ويتسلق جدران منزل المحبوبة وهناك يلتقي بها بكل حرية ،فتأخذهم متعة اللقاء إلى
أ يحين موعEEد وصEEول األهEEل ،فيعEEاود سEEامي العEEودة إلى منزلEEه بنفس طريقEEة دخولEEه إالّ أنEEه
يقع ويصاب بكسور ويغمى عليه.
أم EEا األخ األك EEبر ف EEوزي فه EEو يمث EEل دور األخ ال EEذي يقل EEد األب :إالّ أن EEه أيض EEا يح EEاول
اكتشاف العالم اآلخر من خالل المالهي الليلية و شرب المكسEEرات ،و يتم كشEEف أمEEره من
خالل س EE Eامي و األم اللّ EE Eذان يعمالن على إخف EE Eاء األم EE Eر عن األب ،أم EE Eا البنت فإنه EE Eا تنفتح
عيونها على صديق سامي الذي تعجب به و يعجب بها ،إلى أن تتطور األمEEور إلى عالقEEة
Eائرا أم EEام ه EEذا الوضEEع الEEذي يمثEEل ه EEدم األس EEرة فيق EEرر
حب بينهمEEا ،أم EEا األب فإن EEه يق EEف حً E
ال EEذهاب إلى حلب و ي EEتزوج هن EEاك ،و من هن EEا تأخ EEذ الرواي EEة التح EEول العكس EEي في مس EEيرة
األسرة ،حيث يتصدى جميع أفراد األسرة لألب و يخضع لهم و يطلق زوجته الحلبيEEة ،و
يقEE Eرر سEE Eامي خلEE Eع الجبEE Eة ،و البنت تEE Eرك الحجEE Eاب ،فيحEE Eدث االنقالب الثEE Eاني مEE Eع األب ،
فيصEEاب بجلطEEة توقفEEه عن الحركEEة و الكالم ،إال أن االبن سEEامي و االبنEEة يرفضEEان العEEودة
عن قرارهمEEEا و الخضEEEوع لألب حEEEتى و هEEEو في حالت EEه المرض EEية المزمن EEة ،و يبقى األب
طريح الفراش إلى أن يتوفى ،و بعدها يسافر االبن سامي تحقيقا ألحالمه و طموحاته.
فهرس المحتويات
فهرس
شكر و عرفان........................................................................................
اإلهداء...................................................................................................
المقدمة1.................................................................................................
المدخل5..................................................................................................
)1تعريف الشخصية20..................................................................................
)2أنواع الشخصية 30...................................................................................
)3أبعاد الشخصية34................................................................................... .
)4سيميائية أبعاد الشخصيات36.......................................................................
مقدم EEة ،ثم م EEدخال تناولن EEا في EEه مفه EEوم الس EEميائية ومج EEال تطبيقه EEا أم EEا الفص EEل األول وال EEذي
عنون EE E Eاه بمف EE E Eاهيم ح EE E Eول العن EE E Eوان والشخص EE E Eية تناولن EE E Eا في EE E Eه كال من ه EE E Eذين المص EE E Eطلحين
(تعريفا،أنواعا،وظائفا ،أهمية وأبعادا)
أما الفصل الثاني فخصصناه للدراسة التطبيقية حول سميائية العنوان وتمظهرات الشخصية
في الرواية ،حيث بدأنا بدراسة العنوان من الجانب المعجمي والصوتي Eوالنحوي والEEداللي،
ثم تطرقنا لدراسة الشخصيات بدءا بأنواعها ثم أبعادها و سيميائية أسمائها في الرواية
Résumé :
ملـخــص
Le titre de notre étude est la sémiotique du titre et de la
personnalité concernant le roman "La tranchée sombre" écrit par
Souhil Idris,c'est une recherche qui se base sur les deux éléments
les plus importants du roman (Le titre et la personnalité), nous avons
suivi le plan suivant :