Professional Documents
Culture Documents
سعيدة نيس.د
اجلزائر- الوادي،جامعة الشهيد محه خلضر
saidanisse@yahoo.fr
:ملخص
متثل الصحة عنصرا هاما يف التنمية االقتصادية حيث تعترب مفتاحا لزيادة اإلنتاج ورفع اإلنتاجية ومن ثم زيادة الناتج
.الداخلي اخلام وذلك من خالل حتسني وتطوير الوضع الصحي لإلنسان الذي يعترب هدف التنمية ووسيلتها يف الوقت ذاته
لكن رغم التحسن النسيب للمؤشرات الصحية،لقد شهد اجملتمع اجلزائري حتسنا يف الوضع الصحي للسكان
واالجنازات احملققة يف جمال الصحة إال أنه مازال يعاني من نقائص كبرية أثرت سلبا على مردوده مما جعله يعيق مسار،الكمية
هذه النقائص تتمثل خاصة يف ضعف املوارد املالية املخصصة له وسوء استعماهلا وسوء التوزيع اجلهوي للمؤسسات.العملية التنموية
.االستشفائية وسوء اخلدمات الصحية املقدمة
. متويل الصحة، اإلنفاق على الصحة، الوضع الصحي، اقتصاد الصحة:الكلمات املفتاحية
Abstract:
Health can be considered as an important component in the economic development for the key role it plays
in increasing production, raising productivity, and thus increasing the gross domestic product by
improving and developing the health status of the human being. This, of course, represents both the goal of
development and the means for its implementation.
The Algerian community has witnessed an improvement in the health status of the population.
However, despite the relative improvement in the quantitative health indicators, and the achievements
accomplished in the field of health, it still suffers from significant deficiencies that negatively affected its
outcome, which slows down the development process. These deficiencies specifically include the lack and
misuse of the financial resources allocated for development, the disproportionate regional distribution of
medical institutions in the country, as well as the poor medical services provided.
Keywords: health economics, health status, health expenditure, health financing .
:املقدمة
إن الوضع الصحي للسكان يؤثر بشكل مباشر وواضح على النمو االقتصادي ألن القدرات العضلية
ومن ثم تساعدها على،والذهنية لليد العاملة تساعدها أو تعيقها على أداء عملها وبالتالي حتفزها على اإلنتاج
ولضمان واستمرار التأثري االجيابي للصحة على النمو االقتصادي فإن.رفع اإلنتاجية أو تتسبب يف اخنفاضها
البلدان تتحمل نفقات باهظة الثمن ومتزايدة عرب الزمن من أجل احملافظة على املوارد البشرية وتنميتها ومن ثم
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
زيادة إنتاجية األفراد وبالتالي زيادة الناتج الداخلي اخلام ،وهذا ما جعل االستثمار يف جمال الصحة الشغل
الشاغل لدى حكومات البلدان املتقدمة والبلدان النامية.
من خالل ماسبق ذكره فإن إشكالية هذه الورقة البحثية تدور حول كيفية تقويم املوارد املالية املخصصة
لتمويل نفقات الصحة يف اجلزائر ومدى استجابتها وتطابقها مع األهداف املوكلة هلذا القطاع.
سنعاجل إشكالية هذا املوضوع من خالل حمورين :
-أوال :الصحة يف األدبيات االقتصادية
-ثانيا :واقع الصحة يف اجلزائر
أوال :الصحة يف األدبيات االقتصادية
مل يهتم علماء االقتصاد يف دراساتهم بالنشاطات االجتماعية لألفراد كالرتبية والتكوين والصحة بشكل
واضح ومباشر إال بعد احلرب العاملية األوىل ،حيث همش التحليل االقتصادي الصحة واعتربها نشاطا اجتماعيا
ليس له عالقة بالنشاطات االقتصادية وال يساهم يف خلق الثروة ومنوها.
.1مفهوم الصحة
يرتبط مفهوم الصحة مبفاهيم أخرى متشابهة الداللة ،تتمثل يف الصحة ،اخلدمة الصحية والنظام الصحي.
وللتمييز بني املفاهيم الثالثة سنعرف كل واحد منها.
.1.1الصحة :تعرّف الصحة بأنها وصف حلالة الفرد سليم ،وباعتبار أنها عملية معقدة فإن أغلبية املختصني يفضلون
تعريف العلة ومن ثم يستنتجون أن الصحة هي غياب العلة .1وال تقتصر الصحة على غياب العلة لدى األفراد فقط،
لكنها متتد لتحتوي الصحة الشخصية وصحة البيئة والصحة االجتماعية ومكافحة األمراض املعدية وتنظيم
اخلدمات الطبية والتمريض والعمل على التشخيص املبكر لألمراض وتعليم أفراد اجملتمع كيفية تطوير احلياة
الصحية ،وذلك مبجهودات منظمة يف اجملتمع من أجل الوقاية من األمراض وترقية الصحة.2
من خالل هذا التعريف نستنتج أن الصحة ال تقتصر على معاجلة األمراض فقط ،لكنها تشمل صحة اجلسم
والعقل وصحة اجملتمع والبيئة اليت تتكون من عوامل فزيائية وبيولوجية واجتماعية ونفسية .وعليه ميكن التمييز
بني ثالثة أقسام للصحة :الصحة الوقائية ،الصحة العالجية ،الصحة املهنية.
حيلل املختصون يف اقتصاد الصحة مفهوم الصحة كمنتج نهائي غري قابل لالجتار مصدره عدة مدخالت
نلخصها فيما يلي:
مدخالت على مستوى الفرد تتكون من الوعي بأهمية الصحة والعادات الصحية الشخصية؛
مدخالت على مستوى البيئة اليت نعيش فيها تتمثل يف نوعية السكن وجودة الغذاء وسالمة البيئة واحمليط؛
«مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمة خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202 263
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
مدخالت على مستوى اجلهات الصحية واليت تتكون من اخلدمات الصحية اليت يقدمها النظام الصحي
لألفراد.
تعرف اخلدمات الصحية بأنها مجيع اخلدمات اليت يقدمها النظام الصحي على مستوى الدولة .1.1اخلدمة الصحية:
سواء كانت عالجات موجهة لألفراد أو وقائية موجهة للمجتمع والبيئة أو إنتاجية كإنتاج األدوية والتجهيزات
الطبية وغريها ،بهدف حتسني الوضع الصحي ألفراد اجملتمع وعالجهم ووقايتهم من األمراض.3
نستنتج من التعريف أن اخلدمة الصحية تنقسم إىل ثالثة أقسام:
خدمات عالجية مرتبطة مباشرة باألفراد هدفها القضاء على العلة وحتسني الصحة بعد اإلصابة باملرض؛
خدمات وقائية مرتبطة باألفراد والبيئة واحمليط هدفها الوقاية من اإلصابة باملرض؛
خدمات إنتاجية مرتبطة باألفراد.
تتميز اخلدمة الصحية مبجموعة من اخلصائص جتعلها خمتلفة عن خدمات األنشطة االقتصادية األخرى ،هذه
اخلصائص مرتبطة مبفهوم الصحة وحنصل عليها من خالل دراسة الطلب والعرض على الصحة.
تعترب اخلدمة الصحية خدمة مجاعية ومن مدخالت الصحة ،لذلك فإن الطلب عليها مشتق من الطلب على
الصحة ككل .4أما فيما يتعلق بعرض اخلدمات الصحية فإنها ختضع إىل حد كبري إىل تدخل وتنظيم الدولة.5
نستنتج إذن أن اخلدمة الصحية متاع اقتصادي يباع ويشرتى يف سوق اخلدمات الصحية وتنتج من عدة مدخالت
(املدخالت الكالسيكية املعروفة)
.1.1النظام الصحي :لقد عرّفت منظمة الصحة العاملية النظام الصحي يف تقريرها لسنة 2222بأنه "جمموع املوارد
واملنظمات واألطراف اليت تساهم يف القيام بأنشطة صحية ،والنشاط الصحي عبارة على كل جمهود هدفه
األساسي محاية وحتسني الصحة سواء كان ذلك يف إطار الصحة الفردية أو الصحة العمومية أو يف إطار متعدد
القطاعات" .6النظام الصحي يشمل جمهودات كل الوحدات والتنظيمات اليت تبذل من أجل العناية بالشؤون
الصحية بهدف حتسني الوضع الصحي للسكان سواء تعلقت هذه اجملهودات بالرعاية الصحية لألفراد أو بتقديم
اخلدمات الصحية العامة من خالل البيئة واحمليط الذي يعيشون فيه.
وقد شهدت األنظمة الصحية يف العامل ثالثة أجيال من اإلصالح:7
اجليل األول :تأسيس أنظمة وطنية للرعاية الطبية وانتشار الضمان االجتماعي تدرجييا يف البلدان املتقدمة ثم
يف البلدان املتوسطة الدخل وأخريا يف البلدان النامية.
262 «مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمه خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
اجليل الثاني :مت إصالح النظام السائد وذلك بتوفري الرعاية الصحية األولية للسكان ( توفري مستوى أساسي
من العناية الصحية ومستوى مالئم من التغذية ونشر التعليم وتوفري املياه النظيفة والصرف الصحي لكل
السكان).
اجليل الثالث :تعرضت مقاربة الرعاية الصحية األولية للسكان للنقد ألنها مل تعر اهتماما إىل الطلب على
اخلدمات الصحية وإمنا ركزت على جانب العرض لذا ظهر اجليل الثالث لإلصالح ليهتم بالطلب ،استند هذا
األخري على تقديم خدمة أساسية عالية النوعية لكل أفراد اجملتمع يركز على التمويل العام والتمويل اخلاص
املنظم واملراقب.
.1الصحة من خالل الفكر االقتصادي
كانت البداية احلقيقية العتبار الصحية نشاطا خاضعا للتحليل االقتصادي مع ظهور نظرية رأس املال البشري
يف بداية عقد الستينات حيث ظهر علم جديد يهتم باجلوانب املتعلقة باملهارات واحلالة الصحية لليد العاملة أطلق
عليه "اقتصاد الصحة" ،لكن قبل ذلك مل تلق اهتماما اقتصاديا مباشرا وواضحا لدى االقتصاديني ألنهم اعتربوا
أن اإلنفاق على الصحة غري منتج غري أنه ضروري ألنه ميكّن الدولة من القيام بوظائفها وذلك لضمان محايتها
باعتبار أن هذه احلماية ضرورية للتنمية .كما اعتربوا أن هذا النوع من اإلنفاق عبئ على الدولة لكنه يضمن
السلم االجتماعي لذا فان الدور االجيابي للصحة على النمو االقتصادي مل يكن موجودا يف مؤلفاتهم.8
يشري البعض إىل أن البدايات النظرية األوىل اليت عاجلت الصحة من .1.1الصحة قبل ظهور نظرية رأس املال البشري:
الناحية االقتصادية ترجع لالقتصادي آدم مسيث يف كتابه ثروة األمم سنة 0771عند حتليله حملددات الصحة
وسريورة سوق اخلدمات الصحية .9ويف منتصف القرن 01متت اإلشارة للعالقة اجلدلية بني التنمية والرأمسالية
والصحة حيث أشار جدول الوضع العضلي والذهين لعمال مانفكتورة القطن والصوف واحلرير سنة 0482يف
مدينة Villerméإىل العالقة بني ظروف العمل وتدني األجور وسوء الوضع الصحي للعمال ،حيث اعترب أن مرض أو
وفاة عامل يطرح مشكال أخالقيا واجتماعيا ،وميثل يف نفس الوقت خسارة اقتصادية للمجتمع.10
لكن غالبية املفكرين اعتربوا أن نشأة "اقتصاد الصحة" وظهوره كعلم مستقل بذاته كان سنة 0111يف
املقال الذي نشره Kenneth J. ARROWبعنوان "Uncertainly and the welfrare economics of medical
.care"11وجتدر اإلشارة إىل أن تكوين اخلربة االقتصادية ملشاكل وسياسات الصحة متت يف فرنسا سنة 0122
من طرف أطباء يهتمون بـ "اقتصاد الطب" لكن احلاجة إىل خربة اقتصادية ملسائل الصحة مل تتطور إال يف سنوات
الثمانينات وذلك من أجل التحكم يف النفقات املتزايدة للصحة وكيفية متويلها .وهكذا تدرجييا تطور هذا العلم
واستقل على االعتبارات اإلدارية والطبية وأصبح علما قائما بذاته يدرس اجلانب االقتصادي للصحة.
«مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمة خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202 263
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
مع بداية عقد الستينات من القرن العشرين ويف الواليات املتحدة األمريكية .1.1البدايات احلقيقية القتصاد الصحة:
أخذت الدراسات االقتصادية منحى آخر خاصة مع تطور نظرية رأس املال البشري لشولتز وبايكر وأورو ،اليت
اهتمت بالنشاطات االجتماعية مثل التعليم والتكوين والصحة وأدخلتها يف حقل التحليل االقتصادي .ثم عمت
واتسعت خمتلف حماوالت التحليل االقتصادي للصحة يف بلدان أوروبا الغربية.
لقد تطور علم اقتصاد الصحة يف بداية سبعينات القرن العشرين يف فرنسا مع ظهور احملاوالت األوىل جلمع
األفكار واألحباث اليت متيزت باالختالف وعدم التالحم ،لكنها كانت تتفق على اعتبار الصحة جماال خاضعا
للتحليل االقتصادي.
حسب J. Debourbon BUSSETميكن تفسري علم اقتصاد الصحة مبيزته "علم -مفرتق" Science-
) )carrefourحيث يقول يف هذا الشأن "أن خلق وتطوير عالقات متينة بني جمالت البحث املختلفة أمر هام.......فإذا
كانت العلوم املركبة من امسني تتطور بسرعة ،فإن هذا ليس جمرد صدفة حيث بينت التجربة أن التقاء مفهومني
متباعدين أمر اجيابي جدا".12
يهتم التحليل االقتصادي أساسا بقيد املوارد الكلية املتاحة حيث يتمثل موضوعه يف كيفية حتديد اخليارات
األفضل من أجل االستخدام األمثل للموارد النادرة ،أي كيفية ختصيص هذه األخرية بطريقة عقالنية بني خمتلف
األنشطة املتنافسة فيما بينها مبا فيها النشاط الصحي .وهكذا اعرتف علماء االقتصاد بعالقة الصحة بالنمو
االقتصادي حيث اعتربوا يف البداية أن النمو االقتصادي هو الذي يؤثر بشكل اجيابي على الصحة وذلك من خالل
ثالث قنوات:13
النمو االقتصادي يؤثر على الصحة من خالل ارتفاع املداخيل ومن ثم حتسني املستوى املعيشي؛
النمو االقتصادي يؤثر على الصحة بشكل اجيابي من خالل التطور التقين؛
النمو االقتصادي يؤثر على الصحة بشكل اجيابي من خالل التمدن.
كما أن سولو 0121قد سبق رواد نظرية رأس املال البشري يف دراسته لالرتباط القوي بني املداخيل والصحة
حيث توصل إىل عالقة سببية بني املتغريتني ،تتمثل يف كون املداخيل هي اليت تؤثر على الصحة من خالل سهولة
احلصول على السلع واخلدمات اليت تؤدي إىل حتسني التغذية والصحة ،وكذلك من خالل احلصول على
مستويات أفضل للرتبية اليت تعزز هي بدورها سلوك األفراد فيما خيص النظافة والصحة .ضف إىل هذا فان
املداخيل متثل محاية ضد الصدمات اخلارجية منها الصحية مثل األوبئة.14
لكن مع مرور الوقت وبظهور نظريات النمو النابع من الداخل (ROMER 1986, LUCAS 1988, BARRO
) 1990والنظريات التجريبية اليت حتلل ألول مرة العالقة بني الصحة والنمو االقتصادي يف عدة بلدان (BARRO
263 «مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمه خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
) 1991, MANKIN et autres 1992بدأت األحباث تدمج الصحة يف مناذج النمو ويف السياسات االقتصادية على
املستوى الكلي .وهكذا فإن هذه الدراسات ساعدت على ظهور حقل جديد للبحث يدرس دور الصحة يف النمو
االقتصادي.15
لكن يف بداية عقد التسعينات من القرن العشرين بينت أحباث Robert W. FOGELأن اجتاه العالقة السببية
قد انعكس حيث توصل إىل أن حتسني النظام الغذائي يفسر تقريبا نصف النمو الربيطاني ما بني سنيت -0142
،0142هذه اآلثار ميكن إرجاعها إىل املداخيل أو إىل الصحة .16ومنه فان الصحة تعترب عامال من عوامل النمو
االقتصادي من خالل رفع اإلنتاجية الذي يتحقق باخنفاض الوفيات ومتتع العمال بصحة جيدة.
رغم كل الصعوبات والقيود اليت واجهت هذا اجملال من التحليل فان اقتصاد الصحة ظهر وتطور بسرعة من
أجل إجياد حلول للتناقض القائم بني املتطلبات االجتماعية والقيود االقتصادية ،17حيث يهتم بتخصيص املوارد
االقتصادية النادرة بني خمتلف استخداماتها املتنافسة واليت من بينها الصحة اليت تتميز بندرة مواردها يف حني
تزداد احلاجة إليها عرب الزمن ،ومن هنا ظهرت احلاجة إىل ظهور فرع جديد يف علم االقتصاد يهتم بالقضايا
الصحية وحتليلها وتقييم سياستها وربطها بالنمو االقتصادي مسي "اقتصاد الصحة".
.1التحليل االقتصادي للصحة
يعتقد علماء االقتصاد يف البلدان الليربالية أن تقديم اخلدمات الصحية ال خيتلف عن خدمات األنشطة
االقتصادية األخرى إذ يعتربونها مثل اخلدمات السوقية األخرى كالنقل والتامني......اخل ،لكن وجهة النظر هذه
جزئية ألن اخلدمات الصحية ليست كلها قابلة لالجتار حيث ال خيضع جزء منها لقانون السوق.
يتكون سوق اخلدمات الصحية من اخلدمة املتداولة (اخلدمة الصحية) والعرض (اجلهة املقدمة للخدمة
الصحية) والطلب (املريض) وسعر اخلدمة الصحية .تتميز هذه السوق عن سوق خدمات األنشطة األخرى ،حيث
عادة ما جيهل املستهلك (املربض) علته وطبيعة العالج املالئم حلالته ،عدم جتانس اخلدمات الصحية املعروضة،
الطبيعة اخلاصة هلذه اخلدمة جتعل من الضروري تدخل الدولة لتحمل جزء من التكاليف ،غياب توليفة األسعار
السائدة ومدى تعبريها عن جودة اخلدمة الصحية املقدمة .18هذا كله يعين أن عملية اختاذ القرار ال تتم يف بيئة من
اليقني بتفضيالت املستهلك وإمنا تعتمد على احتماالت حدوث خمتلف احلاالت الصحية.19
يتكون الطلب على الصحة من الطلب على العالج والوقاية ،ويتكون الطلب على العالج من خدمات .1.1الطلب:
التشخيص واألدوية من خالل العالج املباشر يف املنازل أو عن طريق اخلدمات الصحية اليت تقدمها املؤسسات
االستشفائية ،يهدف هذا النوع من اخلدمات إىل ختليص املريض من املرض أو ختفيف معاناته من األمل .أما الطلب
على الوقاية فيشمل اخلدمات الصحية املرتبطة بصحة اجملتمع وهو ما يطلق عليه اخلدمات الصحية البيئية ،ترتبط
«مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمة خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202 266
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
هذه األخرية باحلماية من األمراض املعدية واألوبئة واحلماية من التدهور الصحي الناتج عن سلوك األفراد
واملؤسسات اليت متارس نشطات ملوثة للبيئة.20
.1.1العرض :يتميز عرض اخلدمات الصحية بكونه يتم من خالل منافذ حمدودة تتميز يف الغالب باالحتكار من
خالل إمكانية التحكم يف األسعار نظرا خلصوصية اخلدمة الصحية ،ومن ثم غياب حافز الربح بالنسبة
للمؤسسات االستشفائية التابعة للقطاع العام .ضف إىل هذا فانه تتوفر لدى العارضني (األطباء) معلومات تتحدد
على أساسها نوعية اخلدمة املمنوحة واليت ال تتوفر لدى املستهلك (املريض).
.1.1السعر :ال يتحدد سعر اخلدمة الصحية من خالل آلية السوق وإمنا خيضع يف الغالب للمؤسسات احلكومية اليت
ال تهدف إىل الربح وإمنا إىل حتقيق املصلحة العامة ،حيث تتدخل الدولة بوضع قيود على السعر وذلك بتحديد
سقف أعلى أو أدنى.21
ثانيا :واقع الصحة يف اجلزائر
يتطرق هذا احملور لتحليل الصحة يف اجلزائر من خالل دراسة الوضع الصحي للسكان والنفقات املرتتبة على
ضمان مستوي صحي مالئم ،وكذلك مصادر املوارد اليت متول هذه النفقات.
.1حملة تارخيية عن الصحة يف اجلزائر
ميكن تقسيم املراحل اليت عرفها النظام الصحي يف اجلزائر إىل أربعة مراحل:
.1.1مرحلة إعادة بناء النظام الصحي الذي دمره االستعمار :0171 -0112غداة حصول اجلزائر على االستقالل متيز الوضع
الصحي للسكان مبستويات متدهورة نتيجة السياسة االستعمارية املنتهجة يف هذا اجملال وخاصة بعد الرحيل
املكثف لألطباء والسلك شبه طبيي ،وكان يتميز بانتشار األمراض املرتبطة بنقص التغذية وغياب النظافة
والوقاية إذ مل يتجاوز مؤشر األمل يف احلياة بعد الوالدة 81سنة ،22وكانت اهلياكل الصحية وعدد املستخدمني
حمدود جدا ومتمركز يف املدن الشمالية الكربى (طبيب واحد لكل 4181ساكن ،وفيات األطفال قدرت بـ082
لكل 0222طفل).23
.1.1تأسيس الطب اجملاني :0141-0178إن القيود والصعوبات اليت ميزت النظام الصحي سابقا جعلت السلطات تتبنى
سياسة صحية عمومية جديدة تتمثل يف تكفل الدولة بشكل كامل ومكثف للوضع الصحي للسكان.
إن سياسة تامني احملروقات اليت تبنتها اجلزائر آنذاك أدت إىل حتسني املوارد املالية للدولة وهذا ما ساعدها
على إطالق برنامج واسع للتنمية يف مجيع اجملالت ،ويف جمال الصحة فقد ترجم هذا الربنامج ببعض القرارات
السياسية مثل جمانية العالج مبوجب مرسوم رقم 71-12بتاريخ ،0171/02/24هذا القرار مشل كل املؤسسات
العمومية واإلسعافات الوقائية ونفقات اإلقامة واألكل .هذه اإلجراءات أدت إىل حتسن حمسوس للوضع الصحي
263 «مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمه خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
للسكان حيث ارتفع عدد اهلياكل االستشفائية وعدد املستخدمني -مع اختالل مابني املناطق احلضرية واملناطق
الريفية -ومن ثم حتسنت املؤشرات الصحية حيث قدر األمل يف احلياة بعد الوالدة 27سنة ،وطبيب لكل 0781
ساكن واخنفض معدل وفيات األطفال إذ أصبح 4لكل 0222طفل سنة .240148
إن األزمة االقتصادية واألمنية اليت عرفتها .1.1عدم تطابق النظام الصحي مع التحوالت الدميغرافية والوبائية :2222-0147
اجلزائر يف تلك الفرتة جعلت من الصحة أولوية ثانوية بالنسبة للسلطات احلكومية ،مما انعكس سلبا على
القطاع الصحي حيث عرف صعوبات كبرية (تسيري املؤسسات االستشفائية وصيانة التجهيزات) وهذا ما جعل
السلطات حتوّل جزء من صالحياتها يف جمال الصحة إىل القطاع اخلاص مع العلم أن حترير هذا األخري مت دون
تأطري قانوني.25
إن التحوالت اليت عرفتها اجلزائر يف تلك الفرتة أثرت بدرجة قوية على القطاع الصحي ،وميكن تلخيص هذه
التحوالت يف العناصر التالية:
حتوالت وبائية :مثل استمرار األمراض املتنقلة عن طريق املياه وارتفاع األمراض املزمنة غري املعدية26؛
حتوالت دميغرافية :متيزت هذه الفرتة باخنفاض حمسوس يف معدالت الوالدة وانتشار الشيخوخة27؛
حتوالت اقتصادية اجتماعية :إن االنتقال من االقتصاد املخطط إىل اقتصاد السوق أدى إىل اخنفاض املداخيل
وارتفاع الدين اخلارجي ونقص موارد الدولة الذي أدى إىل تقليص تطور القطاعات االجتماعية مبا فيها الصحة
وانتشار الفقر ،فعلى سبيل املثال قدر األمل يف احلياة عند الوالدة 17سنة يف ،0112معدل وفيات األطفال
دون سن اخلامسة 87لكل 0222طفل ،وطبيب واحد لكل 0211ساكن.28
.1.1إعادة تنشيط اإلرادة السياسية يف جمال الصحة :2202 -2221تتميز هذه الفرتة بإعادة االعتبار للقطاع الصحي وجعله من
أولويات السلطات احلكومية لكن دون وضع خطة حقيقية طويلة املدى .هذه املبادرة كانت نتيجة لوفرة املوارد
املالية اليت عرفتها هذه الفرتة مما أثر إجيابيا على املوارد املخصصة للصحة حيث عرفت مؤشرات الصحة حتسنا
معتربا إذ انتقلت نفقات الصحة من %1484من الناتج الداخلي اخلام سنة 2222إىل %141سنة ،2200وارتفع
مؤشر األمل يف احلياة من %7242سنة 2222إىل %7740سنة ،2202كما مت إنشاء هياكل استشفائية متعددة
واستثمارات ضخمة يف التجهيزات خاصة يف ميدان التصوير الطيب ،وأصبح لكل طبيب 722ساكن.29
يف هذه الفرتة استمرت تقريبا نفس التحوالت الوبائية والدميغرافية حيث ارتفعت األعباء املرتبطة باألمراض
غري املتنقلة واملزمنة مع استمرار األمراض املتنقلة.30
«مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمة خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202 263
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
تقيس منظمة الصحة العاملية الوضع الصحي للسكان من خالل عدد من املؤشرات نلخصها يف العناصر التالية:
يظهر حتسن الوضع الصحي للسكان من خالل مؤشر األمل يف احلياة عند .0.2مؤشر األمل يف احلياة عند الوالدة:
الوالدة الذي ارتفع بسبع سنوات خالل الفرتة ،2202-2222هذا التحسن مرده التطور يف ظروف املعيشة
واجملهودات املسجلة يف جمال اخلدمات الصحية واجلدول التالي يوضح ذلك.
جدول ( :)20تطور مؤشر األمل يف احلياة عند الوالدة للفرتة ( 1212 -1222السنوات)
2202 2201 2202 2224 2221 2228 2222 السنوات
7740 77 7141 7241 7048 7048 7242 املؤشر
املصدر :إعداد الباحثة اعتمادا على املراجع التالية:
82حالة لكل 0222طفل سنة 2222إىل 28حالة سنة 2202أي اخنفض خالل هذه الفرتة بنسبة %1141واجلدول
التالي يوضح ذلك.
جدول ( :)22معدل وفيات األطفال األقل من مخس سنوات خالل للفرتة )‰( 1212 -1222
2202 2201 2202 2224 2228 2222 2222 السنة
28 28412 2241 2741 1847 1847 11412 املؤشر
املصدر :إعداد الباحثة اعتمادا على معطيات الديوان الوطين لإلحصائيات.
هذا التحسن املعترب مرده اجلهود املبذولة والربامج الصحية املعتمدة من قبل السلطات ،لكن هذه النتائج
ختفي الفوارق اجلهوية بني املناطق الريفية واحلضرية خاصة واليات اجلنوب واهلضاب العليا.32
رغم هذا التحسن يف املؤشر غري أنه يبقى مرتفعا مقارنة بنظريه يف بلدان أخري مثل تونس 08حالة سنة ،2202
كوبا 1حاالت سنة .332202
263 «مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمه خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
.1.1معدل وفيات األمهات :رغم اجلهود املبذولة فيما خيص تكفل الدولة بصحة الطفل واألم وذلك من خالل إنشاء
مراكز حلماية األمومة والطفولة إال أن معدل وفيات األمهات يبقى مرتفعا يف اجلزائر حيث ميثل من جمموع
وفيات األمهات يف الفئة العمرية 81-02سنة .34 %02ومع ذلك فان هذا املؤشر سجل تراجعا يف الفرتة 2202-2222
حيث انتقل من 082حالة لكل 022222والدة سنة 2222إىل 17حالة سنة ،352202إذ قدر الرتاجع بنسبة .%80
إن بقاء هذا املؤشر مرتفعا يرجع إىل جمموعة من النقائص املرتبطة مبستويات الرتبية الصحية لألمهات ومتابعة
أطوار احلمل وكذلك مستويات التغطية الصحية وفعالياتها.
رغم الرتاجع امللحوظ ملعدل وفيات األمهات غري أنه يبقى مرتفعا مقارنة مع البلدان املتقدمة وحتى بعض البلدان
العربية حيث قدر بـ 4حاالت يف فرنسا و 08حالة يف الكويت و 22حالة يف لبنان و 21حالة يف تونس سنة .362202
.1.1التغطية الصحية :عرف القطاع الصحي كغريه من القطاعات االقتصادية إصالحات لتحسني أدائه ورفع فعاليته
وذلك من خالل توفري اإلمكانيات املادية والبشرية الالزمة لتغطية احتياجات السكان من اخلدمات الصحية،
وتعترب اهلياكل القاعدية وجتهيزاتها املادية والبشرية من أهم املنجزات اليت حتققت يف هذا اجملال.
واملالحظ هو أن التحوالت االقتصادية اليت عرفها االقتصاد اجلزائري واملتمثلة يف حترير االقتصاد يف سنوات
التسعينات ساعد على ظهور القطاع اخلاص يف جمال الصحة.
إن كم اهلياكل القاعدية االستشفائية ال يعطينا داللة موضوعية خاصة وأن طريقة تنظيم وهيكلة هذه
املؤسسات ليست متجانسة بالنسبة لكل السنوات حيث ختتلف من سنة إىل أخرى وهذا ما يفسر أحيانا العدد
املتناقص هلذه املؤسسات .واهلدف من إحصاء عدد اهلياكل القاعدية االستشفائية هو معرفة قدرة تغطية هذه
اهلياكل لعدد السكان اإلمجالي من خالل معرفة عدد األسرة واإلمكانيات البشرية لكل 02222ساكن
ومقارنته بنظريه يف البلدان ذات الدخل املتوسط ،واجلدول التالي يوضح التغطية املادية والبشرية االستشفائية
للسكان خالل فرتة الدراسة.
جدول ( :)21تطور التغطية الصحية لكل 02222ساكن خالل الفرتة 2202-2222
2202 2201 2202 2224 2221 2228 2222 2222 السنوات
0747 0742 0747 0744 0442 0142 0447 0142 عدد األسرة
0248 2240 0442 01 0141 0142 0241 0242 عدد األطباء
142 148 140 140 244 247 242 247 عدد جراحي األسنان
1040 --- 2441 2742 2141 2741 2741 2441 عدد عمال السلك شبه طيب
241 248 241 248 241 240 041 044 عدد الصيادلة
املصدر :إعداد الباحثة اعتمادا على املراجع التالية :
- Ministère de la santé, Statistiques sanitaires, 2016.
- Office National des Statistiques.
«مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمة خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202 233
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
- MAHFOUD Nacera et autres, Consommation des médicaments et maîtrise des dépenses de
, p 46جملة أداء املؤسسات اجلزائرية العدد ، 2207/00جامعة ورقلة santé en Algérie,
نالحظ من اجلدول أن اإلمكانيات املادية املوضوعة حتت تصرف السكان مل تتماشى مع النمـو الـدميغرايف
حيث سجل عدد األسرة لكل 02222ساكن اخنفاضا قدر بـ %744خالل اخلمسة عشر سنة املاضـية ،ومبقارنـة
هذا املؤشر بنظريه يف البلدان املتقدمة ويف بعض البلدان العربية جنده أقل بكثري ،حيث قدر يف مصر بــ 22سـرير
ضـف إىل هـذا سـوء توزيـع املؤسسـات االستشـفائية عـرب الـرتاب سنة 2222ويف تركيا بـ 24سرير سنة .372228
الــوطين حيــث تســتحوذ العاصــمة لوحــدها علــى %22مــن اهلياكــل االستشــفائية يف حــني ال يتعــدى ذلــك يف الشــرق
، %22الغرب ،%22اجلنوب الشرقي ،%2اجلنوب الغربي .38 %0
وميكن تأكيد هذا اخللل يف توزيع املؤسسات االستشفائية باملسافة املتوسطة اليت تفصل بني مقرات سكن
السكان وأقرب مؤسسة حيث نسبة كبرية من سكان اهلضاب العليا والريف ( )%74تقيم على بعد أكثر من
2كلم من أقرب مركز صحي.39
إن قلة اهلياكل الصحية وسوء توزيعها يؤثر سلبا على كمية وجودة اخلدمات الصحية املمنوحة مما يؤدي
إىل خلل يف توزيع اخلدمات الصحية على السكان وبالتالي تدهور وضعهم الصحي ومن ثم اخنفاض اليد العاملة
املساهمة يف عملية اإلنتاج واخنفاض اإلنتاجية وهذا ما يؤثر سلبا على النمو االقتصادي.
-بالنسبة للموارد البشرية فقد سجلت مؤشرات التغطية باألطباء والسلك شبه طيب خالل اخلمسة عشر سنة
املاضية حتسنا ملحوظا حيث ارتفع عدد األطباء لكل 02222ساكن بـ ،%21لكن رغم هذا التحسن فإنه
يبقى غري كايف باملقارنة مع بلدان أخرى عربية مثل األردن اليت سجلت مؤشرات تتقارب مع مثيالتها يف البلدان
املتقدمة حيث قدر املؤشر بـ 2842لكل 02222ساكن سنة ،2221وقدر نفس املؤشر يف اسبانيا بـ .401141ضف
إىل هذا اخللل اجلهوي يف التغطية الطبية حيث يوجد يف مناطق الوسط 0242طبيب لكل 02222ساكن مقابل
440يف اجلنوب الشرقي ،وطبيب واحد خمتص لـ 711ساكن يف العاصمة مقابل طبيب واحد لـ 02427ساكن يف
اجللفة.41
أما بالنسبة للتغطية شبه طبية يالحظ حتسن حيث ارتفع هذا املؤشر بـ ، %447ومع ذلك يبقى أقل من نظريه
يف البلدان املتقدمة وبعض البلدان العربية حيث قدر سنة 2221يف اسبانيا بـ %2040لكل 02222ساكن ويف
األردن %8241ويف تونس .421244
233 «مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمه خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
إن اهلدف من اإلنفاق على اخلدمات الصحية هو الوقاية من األمراض والشفاء منها من أجل ضمان احملافظة
على املوارد البشرية وتنميتها ومن ثم زيادة إنتاجية األفراد ومنه زيادة الناتج الداخلي اخلام ،لذا فان اإلنفاق على
الصحة ال يعترب ضرورة إنسانية فقط بل ضرورة اقتصادية تتطلب البحث يف مصادر متويلها.
تشمل النفقة الوطنية للصحة جمموع النفقات املرتبطة بتأسيس املؤسسات .1.1اإلنفاق على اخلدمات الصحية:
االستشفائية وجتهيزها وتسيريها ،وتتكون من نفقات التسيري للهيئات العمومية ،ونفقات الوقاية وتباعد
الوالدات ،ونفقات اقتناء األدوية ،واملبالغ املنفقة مقابل اخلدمات الصحية املقدمة من طرف القطاع اخلاص،
والنفقات اليت تتحماهلا املراكز الصحية االجتماعية ،ونفقات االستثمارات الصحية.
.1.1.1عوامل زيادة نفقات اخلدمات الصحية :إن التغريات االقتصادية واالجتماعية اليت عرفها اجملتمع اجلزائري تطرح
مشكل منو احتياجات األفراد للخدمات الصحية واإلنفاق عليها ،وميكن تلخيص هذه التغريات يف العناصر
التالية:
التغريات االقتصادية واملتمثلة يف االنتقال من االقتصاد املخطط إىل اقتصاد السوق وخمتلف اإلصالحات اليت
عرفها االقتصاد اجلزائري اليت أثرت على القطاع الصحي؛
التغريات الدميغرافية واملتمثلة يف اخنفاض معدالت الوالدة وارتفاع مؤشر األمل يف احلياة عند الوالدة وبالتالي
اخنفاض الفئة العمرية صغرية السن وبداية ظهور الشيخوخة اليت حتتاج إىل إنفاق متزايد على احتياجاتها
الصحية حيث انتقلت الفئة العمرية أكرب من 12سنة من %141سنة 0114إىل %442سنة 432208؛
تغريات اخلريطة الصحية واملتمثلة يف اخنفاض األمراض املتنقلة مع استمرارها باإلضافة إىل استمرار األمراض
غري املتنقلة واملزمنة اليت تتطلب إنفاقا ضخما نظرا لغالء األدوية اليت تتطلبها (السرطان وأمراض القلب
وضغط الدم...اخل )؛
حتسن مستوى معيشة السكان وارتفاع األسعار والتقدم التقين الذي ساهم يف ابتكار التكنولوجيات
املتقدمة للعالج.44
.1.1.1تطور حجم اإلنفاق على الصحة :خيضع حجم اإلنفاق على الصحة إىل ضرورتني أساسيتني :الطلب االجتماعي
على الصحة املرتبط باالحتياجات الدميغرافية احملددة بالطاقة البشرية اليت ينبغي احملافظة عليها من خالل توفري
الرعاية الصحية الضرورية ،والطلب االقتصادي على الصحة والناجم عن وضع سياسة تنموية اقتصادية واختيار
تكنولوجي واحتياجات اجملتمع للموارد البشرية القادرة على تأطري االقتصاد الوطين.
«مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمة خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202 233
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
لتحديد وحتليل حجم اإلنفاق على الصحة ميكن االعتماد على مؤشرين :نسبة ما خيصص للصحة من امليزانية
العامة للدولة ،وحصة اإلنفاق على الصحة يف الناتج الداخلي اخلام.
* اإلنفاق على الصحة يف امليزانية العامة للدولة :هذا املؤشر يبني كيف تتنافس الصحة كل سنة مع خمتلف القطاعات
اليت تتطلب إنفاقا عموميا ،أي األولويات اليت متنحها السلطات العمومية للصحة يف جمموع نشاطاتها.
جدول ( :)28نصيب نفقات الصحة يف امليزانية العامة للدولة للفرتة ( 2202-2224مليون دج )
الصحة يف اإلنفاق العام % النفقات العامة للدولة نفقات الصحة السنة
التجهيز التسيري اجملموع اجملموع التسيري التجهيز اجملموع التسيري التجهيز
140 148 242 8122111 2207111 2122222 012412 021220 1141 2224
147 144 241 2010780 2211780 2214222 011012 074121 08417 2221
148 141 248 1011122 2414222 1110122 224272 012202 01211 2202
141 141 248 1104827 1818127 1048022 280172 227421 01401 2200
242 444 240 7824117 8124222 2422807 824121 828182 1700 2202
841 740 242 1471420 8112108 2288227 101102 121121 02148 2201
2 744 241 7121011 8708822 2180708 141222 112187 07224 2208
841 747 240 4424211 8172274 1442742 148120 140172 2181 2202
املصدر :إعداد الباحثة اعتمادا على قوانني املالية ووثائق مقدمة من طرف مصاحل اخلزينة العمومية.
نالحظ من خالل اجلدول أن املتوسط السنوي لنصيب الصحة من إمجالي اإلنفاق العام للدولة قدر بـ
%840وتستحوذ نفقات التسيري على اجلزء األكرب حيث بلغت قيمتها %742من نفقات التسيري العامة خالل الثمن
سنوات املاضية ( مل نستطيع احلصول على بيانات ميزانية التجهيز املخصصة للصحة للفرتة 2227-2222لذا
اقتصر التحليل على الفرتة ،)2202-2224مع العلم أن متوسط اعتمادات الدفع املخصصة لتجهيز قطاع الصحة ال
تتجاوز %8سنويا من إمجالي ميزانية الصحة.
لقد عرفت الفرتة 2202-2224تطورا غري منتظم جملموع نفقات الصحة حيث متيزت بالتناقص أحيانا وبالتزايد
أحيانا أخرى إذ سجلت أقصى زيادة سنة ،)%11( 2202أما سنة 2201فقد سجلت اخنفاضا ملحوظا (.)%22-
بالنسبة لبنية نفقات التسيري فإن املعروف أن العامل البشري يف املؤسسات االستشفائية ميثل أهم عنصر وخاصة
السلك شبه طيب ،وهكذا فإن نفقات املستخدمني متثل حوالي ثلثي نفقات التسيري ،وإذا أضفنا هذه األخرية إىل
نفقات الدواء فان هذين العنصرين ميثالن .45%42أما بالنسبة لنفقات التجهيز (اعتمادات الدفع املفتوحة) لنفس
الفرتة فنموها كذلك غري منتظم ،مع العلم أن الوضعية املالية لالعتمادات املفتوحة تبني أن نسبة استهالكها
ضعيفة حيث قدرت يف املتوسط بـ %22سنويا وكانت أعلى نسبة سنة )%21( 2202وأدنى نسبة سنة 2202
( .)%1هذا الوضع يدل على خلل يف تسيري هذه األموال الطائلة املرصودة لبناء وجتهيز املؤسسات االستشفائية
وعدم االلتزام باجناز الربامج املسطرة يف آجاهلا.
232 «مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمه خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
* نصيب نفقات الصحة يف الناتج الداخلي اخلام :هذا املؤشر ميثل اجلهد الذي يبذله اجملتمع لصاحل الصحة ،كما يعترب
من ضروريات التخطيط والتنمية للربط بني خمتلف االستثمارات يف اجملاالت االقتصادية واالجتماعية املختلفة.
إن نسبة اإلنفاق العمومي على اخلدمات الصحية من الناتج الداخلي اخلام يف اجلزائر قدرت يف املتوسط بـ %2
سنويا ،46وهي نسبة ضئيلة جدا على الرغم من الوفرات املالية النامجة عن ارتفاع أسعار النفط.
إن عجز القطاع الصحي العمومي على تغطية احتياجات السكان من اخلدمات الصحية أدى إىل تطور القطاع
الصحي اخلاص ،وهكذا فان صعوبة احلصول على اخلدمات الصحية العمومية واليت ترجع أساسا لعدة أسباب
كسوء االستقبال وبعد املؤسسات االستشفائية عن مقر سكن املريض واملواعيد الطويلة ....اخل ،ساعد على
انتشار العيادات واملصحات اخلاصة .لكن هذا التطور الكبري للقطاع الصحي اخلاص مل يتم بشكل منظم ويف
إطار مشروع تنموي صحي وطين حيث مل تعرّف أهدافه بشكل واضح ومل حتدد عالقته بالقطاع العمومي ،ضف
إىل هذا فان التعريفة املطبقة غري خاضعة للرقابة .واجلدول التالي ينب لنا نصيب نفقات الصحة الكلية (القطاعني
العمومي واخلاص) يف الناتج الداخلي اخلام يف اجلزائر وبعض البلدان املتقدمة والنامية.
جدول ( :)22نفقات الصحة الكلية يف الناتج الداخلي اخلام يف بعض البلدان للفرتة ) % ( 2200-2222
2200 2221 2221 2228 2222 2222 البلد
141 841 842 141 142 142 اجلزائر
--- 242 --- 240 2 847 املغرب
--- 141 --- 248 241 241 تونس
--- --- 444 --- 0244 0241 لبنان
--- 0041 00 --- 147 0240 فرنسا
--- --- 0241 --- 0244 0241 أملانيا
املصدر :إعداد الباحثة اعتمادا على :
- OMS, statistiques sanitaires 2009, pp108-110.
- NABNI, opcit, p30.
- OMS, La santé dans le monde, Genève, 2006, pp199-201.
-عياشى نورالدين ،تطور املنظومة الصحية اجلزائرية ،جملة العلوم اإلنسانية حبوث اقتصادية ،عدد 10جوان
،2221جملد ب ،جامعة قسنطينة ،ص .122
من خالل اجلدول أعاله نالحظ أن املتوسط السنوي لنسبة اإلنفاق الصحي الوطين يف الناتج الداخلي اخلام ال
يتجاوز %144وهي أقل بكثري مما ختصصه بعض البلدان العربية مثل تونس ولبنان والالتي يتجاوز نسبة إنفاقهما
على اخلدمات الصحية ،%2هذا رغم أن عدد السكان يف هذه البلدان أقل من عدد السكان يف اجلزائر ،أما
بالنسبة للبلدان املتقدمة فال وجه للمقارنة .مع العلم أن منظمة الصحة العاملية تشري إىل ضرورة ختصيص نسبة %2
على األقل من الناتج الداخلي اخلام ،47وجتدر اإلشارة إىل أن مصدر األموال املخصصة للصحة الوطنية من الناتج
«مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمة خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202 233
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
الداخلي اخلام يف اجلزائر تقريبا كلها من القطاع العمومي حيث كانت متثل %71سنة 2222و %42سنة
.482202
إن نسبة اإلنفاق الوطين على الصحة يف الناتج الداخلي اخلام ارتفعت خالل الفرتة 2200-2222بنسبة %00
بينما ارتفع عدد السكان بـ ،%12ضف إىل هذا استمرار األمراض املتنقلة واألمراض غري املتنقلة املزمنة املتزايدة
نتيجة تزايد الشيخوخة اليت تتطلب إنفاقا متزايدا ،هذا كله داللة على عدم متاشي النفقات الوطنية للصحة
واالحتياجات املتزايدة للسكان ،ومن ثم تدهور اخلدمات الصحية كما ونوعا.
إن نصيب النفقات الكلية للصحة يف الناتج الداخلي اخلام يعكس مدى اهتمام البلدان بسكانها يف اجملال
الصحي لكنه ال يعطي مدلوال على عدالة توزيع اإلنفاق الصحي على السكان ،لذا نكمل هذا التحليل بدراسة
متوسط نصيب الفرد من اإلنفاق الصحي يف اجلزائر ونقارنه بنظريه يف بلدان أخرى عربية ومتقدمة.
جدول ( :)27النفقات الصحية للفرد يف بعض البلدان مقيمة مبتوسط معدل صرف الدوالر األمريكي للفرتة 2202-2222
2202 2221 2221 2228 2222 2222 البلد
014 04242 00042 7748 1741 11 اجلزائر
021 --- --- 218 041 074 املغرب
280 --- --- --- 022 008 تونس
--- --- 818 --- 211 278 لبنان
--- --- 1117 --- 2117 2828 فرنسا
--- --- 1704 --- 8222 1272 أملانيا
املصدر :إعداد الباحثة اعتمادا على :
- OMS, 2006, opcit, pp 199-201.
- OMS, 2009, pp 109-111.
- NABNI, opcit, p 32.
-عياشي نورالدين ،مرجع سابق ،ص .122
يبني اجلدول أنه ال جمال للمقارنة بني نصيب الفرد من اإلنفاق الصحي يف اجلزائر ويف البلدان املتقدمة ،وحتى
بالنسبة لبعض البلدان العربية فإن الفارق كبري جدا فعلى سبيل املثال قدر سنة 2202يف اجلزائر بـ 014دوالر
بينما يف تونس 280دوالر .ومع ذلك فقد سجل حتسنا ملحوظا خالل هذه الفرتة حيث تضاعف بأكثر من مخس
مرات ونصف .وميكن إرجاع هذا التطور للعوامل التالية: 49
حتسن تغطية الضمان االجتماعي لنفقات الصحة؛
حتسن نظام الدفع الذي يسمح لألشخاص املصابني بأمراض مزمنة احلصول على األدوية بسهولة.
233 «مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمه خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
.1.1موارد متويل اخلدمات الصحية :إن التزايد السريع لإلنفاق الصحي الناتج عن ارتفاع معدل النمو الدميغرايف وتغيري
اهلرم السكاني وارتفاع عرض اخلدمات الصحية ينتج عنه مشكل متويل نفقات الصحة والبحث يف مصادر
املوارد اليت تغطي هذه النفقات.
يف اجلزائر يعتمد متويل نفقات الصحة بدرجة كبرية على خزينة الدولة والضمان االجتماعي (االقتطاعات
اإلجبارية للعمال) ومساهمة ضعيفة لألسر .واجلدول التالي يوضح ذلك.
جدول ( :)27بنية متويل نفقات الصحة الوطنية يف اجلزائر للفرتة )%( 2202-2222
األسر الضمان االجتماعي اخلزينة العمومية السنة
2147 1242 1744 2222
2847 1247 1141 2222
2742 1142 1141 2228
0441 2147 2848 2221
01 10 2240 2224
2240 12 8141 2202
Source : BRAHMIA Brahim, Transition sanitaire en Algérie et défis de financement de l'assurance maladie, Colloque
international sur les politiques de santé, Alger, 18-19 janvier 2014.
.1.1.1خزينة الدولة :يتم تغطية اجلزء األكرب من نفقات الصحة باالعتمادات اليت ختصصها الدولة للصحة يف إطار
امليزانية العامة للدولة .تنقسم هذه االعتمادات إىل قسمني :االعتمادات اليت تغطي نفقات التسيري ومتثل اجلزء
األكرب من نفقات الصحة ،وتتكون بدرجة كبرية من نفقات املستخدمني ونفقات األدوية واالعتمادات اليت
تغطي نفقات التجهيز واليت تتحملها بالكامل الدولة.
يقدر متوسط مساهمة الدولة يف متويل النفقة الوطنية للصحة بـ %81سنويا ،مع العلم أن هذه املساهمة سجلت
تزايدا مستمرا حتى سنة 2224ثم بدأت تتناقص سنة 2202على حساب مساهمة األسر اليت بدأت يف التزايد يف
هذه السنة .وتقدر نسبة منو مساهمة الدولة يف تغطية نفقات الصحة خالل الفرتة 2202-2222بـ .%12
يعترب نظام الضمان االجتماعي يف اجلزائر جزءا ال يتجزأ من السياسة االقتصادية للبلد .1.1.1الضمان االجتماعي:
حيث دوره يف التنمية الوطنية ضروري جدا ألنه ميثل الرافعة األساسية إلعادة توزيع الدخل الوطين.
إن أموال الضمان االجتماعي اليت يستعملها لتغطية نفقات الصحة مصدرها االقتطاعات اإلجبارية لألجور
واليت حتدد مستواها الدولة ،ومن ثم فهي عبارة على أجور غري موزعة مؤجلة ملواجهة صدف احلياة وتغطية
األخطار الصحية ،باإلضافة إىل اشرتاكات عمال القطاع اخلاص يف صندوق الضمان االجتماعي لغري األجراء.
يعترب الضمان االجتماعي املساهم الثاني بعد الدولة يف متويل النفقات الصحية حيث ميول اخلدمات الصحية
يف القطاعني العمومي واخلاص عن طريق التعويض اجلزئي للنفقات الطبية والعالجية للمؤمنني ،مع العلم أن
«مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمة خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202 236
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
تعويض نفقات العالج يتم بناء على تعريفة حددت من طرف وزارة الصحة سنة 0147مل تتغري حلد اآلن ،50كما أن
تأمني املرض يتكون أساسا من مبلغ جزايف استشفائي والذي ال يكاد يغطي ربع ما يتحمله املريض.51
تعرف صناديق الضمان االجتماعي (التامني على املرض) صعوبات مالية نتيجة النمو املستمر لنفقات الصحة
الناتج عن تغيري بنية اهلرم السكاني وارتفاع األسعار ،يف ظل الوضع االقتصادي الذي يتميز مبعدل بطالة مرتفع
وصل إىل حدود % 0141 -%0848يف الفرتة 522202-2221والذي يؤدي إىل اخنفاض األجور وبالتالي اخنفاض
االقتطاعات االجتماعية .ضف إىل هذا ضعف مستويات التصريح بالعمال بالنسبة ملؤسسات القطاع االقتصادي
اخلاص وارتفاع النشاط االقتصادي غري املنظم حيث ال تتجاوز نفقات الصحة اليت يغطيها الضمان االجتماعي لغري
األجراء يف املتوسط %1سنويا ،هذه العوامل تؤثر سلبا على موارد الضمان االجتماعي .وتقدر متوسط مساهمة
الضمان االجتماعي يف متويل نفقات الصحة الوطنية بـ %12سنويا ،مع العلم أن وترية منو هذه املساهمات غري
منتظمة ،لكن ميكن القول أنها قد اخنفضت بنسبة %0242خالل الفرتة .2202-2222
تغطي موارد الضمان االجتماعي للعمال األجراء التأمني االجتماعي والتكفل باملرض خارج الوطن واجلزايف
االستشفائي وحوادث العمل واألمراض املهنية ،باإلضافة إىل نفقات تسيري وجتهيز صندوق الضمان االجتماعي.
ومتثل نفقات األدوية 53%12من جمموع النفقات اليت يغطيها هذا الصندوق وهذا طبيعي بالنظر للتحوالت
الدميغرافية واملرضية اليت عرفها اجملتمع اجلزائري.
متثل النفقة الوطنية للصحة اليت تتحملها األسرة يف املتوسط %22سنويا وهي أكرب مما تتحمله .1.1.1األسر:
األسر يف البلدان املتقدمة واليت تتميز بدخل فردي مرتفع ،فعلى سبيل املثال قدرت مساهمة األسر يف فرنسا سنيت
2222و 2200على التوالي %02و .54%22ومع ذلك فقد اخنفضت مساهمة األسر خالل هذه الفرتة بـ.%2847
تفسر مساهمات األسر يف متويل نفقات الصحة بالتجاوزات يف قيمة التعريفة الطبية يف القطاع اخلاص واليت ال
ختضع للمراقبة من طرف أي جهاز ،ضف إىل هذا فان بعض املؤمنني ال يطالبون بالتعويض من طرف صندوق
الضمان االجتماعي ،وكذلك ظاهرة العالج دون اللجوء إىل طبيب حيث يتجه املريض مباشرة إىل الصيدليات
ويقتين ما يعتقد انه حباجة إليه دون وصفة طبية.
اخلامتة
يؤكد الفكر االقتصادي دور الصحة يف التنمية االقتصادية ألنها تدعم وتعزز القدرات العضلية والذهنية لليد
العاملة وبالتالي تساهم يف احملافظة عليها وترقيتها ،ومن ثم تساعدها على مواصلة عملية اإلنتاج وجتعلها أكثر
إنتاجية .ويعتربها استثمارا يستفيد منه الفرد واجملتمع ،وهكذا فان املستفيد من هذا االستثمار هو الذي يتحمل
أعباءه.
233 «مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمه خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202
متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة 2202-2222
تتميز اخلدمة الصحية ببعض اخلصوصيات جتعل من الصعب إخضاعها لكل املفاهيم االقتصادية املطبقة على
خدمات القطاعات االقتصادية األخرى ،وبالتالي فهي ليست خاضعة كلها لقوى السوق.
لقد عرف الوضع الصحي للسكان يف اجلزائر حتسنا خالل فرتة الدراسة ،ويظهر ذلك من خالل حتسن
املؤشرات الصحية الكمية الناجم عن اجلهود اليت بذلت .لكن مازال القطاع الصحي يعاني من معوقات مقارنة
ببلدان أخرى متوسطة الدخل ،خاصة بالنسبة لألمراض املزمنة واخلطرية اليت تكلف اجملتمع أمواال طائلة،
وكذلك اخللل اجلهوي يف توزيع املنشآت االستشفائية الذي يتسبب يف صعوبة احلصول عل اخلدمات الصحية
بالنسبة للبعض ،واالنقطاعات املستمرة يف التموين باألدوية ،ضف إىل هذا سوء اخلدمات الصحية املقدمة.
كل هذه املعوقات سببها سوء التنظيم وضعف األموال املخصصة للصحة وسوء استعمال املوارد املالية واملادية
حيث بينت الدراسة أن الناتج الداخلي اخلام املخصص للصحة الوطنية مل يتجاوز يف املتوسط %144سنويا ،هذه
النسبة تعترب ضعيفة مقارنة ببعض البلدان األخرى ذات الدخل املتوسط مثل تونس ولبنان رغم أن عدد سكانها أقل
من عدد السكان يف اجلزائر ،مع العلم أن منظمة الصحة العاملية توصي بتخصيص حصة ال تقل على %2من
الناتج الداخلي اخلام.
بالنسبة لتمويل نفقات الصحة الوطنية فقد بينت الدراسة أن خزينة الدولة تغطي اجلزء األكرب %14ويليها
الضمان االجتماعي %12ثم األسر .%22ومع ذلك فان النفقة الوطنية للصحة اليت تتحملها األسرة أكرب مما
تتحمله األسر يف البلدان املتقدمة رغم أنها تتميز بدخل فردي أكرب بكثري من الدخل الفردي يف اجلزائر،
وميكن تفسري ذلك بالتجاوزات يف قيمة التعريفة املطبقة يف القطاع اخلاص وغري اخلاضعة للمراقبة ،مع العلم أن
تعويضات الضمان االجتماعي تتم على أساس تعريفة حددت سنة ،0147واليت ال تتجاوز ربع ما تتحمله األسرة.
اهلوامش واإلحاالت:
1
NYS T. F., La santé consommation ou investissement ?, Economica, Paris, 1980, p 264.
2أمحد بدح وآخرون ،الثقافة الصحية ،دار وائل ،عمان األردن ،2222 ،ص ص .01-01
3
عدمان مريزيق ،واقع جودة اخلدمات يف املؤسسات الصحية العمومية ،دراسة حالة املؤسسات الصحية يف اجلزائر ،أطروحة دكتوراه ،جامعة اجلزائر،
،2224ص.01
4مذكور فوزي ،تسويق اخلدمات الصحية ،الرتاك للنشر والتوزيع ،القاهرة ،0114 ،ص .014
5فريد كوثر ،تسويق اخلدمات ،كنوز املعرفة للنشر ،عمان ،األردن ،2224 ،ص .102
6بومعراف إلياس ،عماري عمار ،من أجل تنمية صحية مستدامة يف اجلزائر ،جملة الباحث ،جامعة ورقلة ،عدد ،2202-2221/7ص .12
7
علي عبد القادر ،اقتصاديات الصحة ،سلسلة دورية تعين بقضايا التنمية يف األقطار العربية ،الكويت ،العدد 22أكتوبر 2221السنة الثانية ص ص .2-8
8
ULMANN Philippe, La santé facteur de croissance économique, in Pierre- Louis Bras et al, Traité d'économie et de gestion de la
santé, Presses de sciences Po (P.E.N.S.P.)H.C., 2009, p 53.
9
ROCHAIX Lise, Petite histoire de l'économie de la santé, in Pierre-Louis Bras et al., Traité d'économie et de gestion de la santé,
Presses de sciences Po (P.E.N.S.P.) H. C. 2009, p 29.
10
FARGEON Valery, Introduction à l'économie de la santé, Presse Universitaire, Grenoble, France, sans date, p 9.
11
Idem.
12
DELANDE Gary, Introduction à l'économie de la santé, CESEG, Paris, 1991, p p 9-10.
«مجلة الدراسات املالية واحملاسبية» ،جامعة الشهيد حمة خلضر-الوادي ،اجلزائر ،العدد السابع ،السنة السابعة 0202 233
2202-2222 متويل نفقات الصحة يف اجلزائر للفرتة
13
ULMANN Philipe, opcit, p 54.
14
MOATTI Jean-Paul, Economie de la santé dans les pays en développement : Les apports de la lutte contre le SIDA, la tuberculose,
et la malaria, Traité d'économie et de gestion de la santé, in Presses de sciences Po (P.F.N.S.), 2009, p 533.
15
ULMANN Philipe, opcit, p 55.
16
MOATTI Jean-Paul, opcit, p 533.
17
DELANDE Gary, opcit, p 10.
18
THIREAU Véronique, Politique de santé et théories économiques, Séminaire pluridisciplinaire. Cra Chrome sur la santé publique,
2/7/2015, Université Marseille.
.7 ص، مرجع سابق، علي عبد القادر19
20
.21-22 ص ص،0111 ، مصر، الزقازيق، مكتبة القدس، اقتصاديات اخلدمات الصحية،طلعت الدمرداش
21
.28-20 ص ص،2202 ، اإلسكندرية، املكتب العربي احلديث، اقتصاديات الصحة، ترمجة جالل البنا،فيليبس تشارلز
22
NABNI, Cinquantaine de l'indépendance enseignement et vision pour l'Algérie : Santé, Alger, janvier 2013, p 22.
23
ZIANI Lila, ACHOUCHE Mohamed, Les systèmes de santés dans les payes du Maghreb central : Quelques éléments de
comparaison, la revue des sciences commerciales, n° 20 2015, Ecole des hautes études commerciales, Alger, p 244.
24
NABNI, opcit, p 24.
25
Idem.
26
Idem.
27
BRAHMIA Brahim, Transition sanitaire en Algérie et défis de financement de l'assurance maladie, Colloque international sur les
politiques de santé, Alger, 18/19 janvier 2014.
28
ONS, Prospective statistique 1962-2011, p 34.
29
ONS, opcit, p 34.
. 212 ص،0 جامعة قسنطينة، اجمللد ب،2221 جوان10 العدد، جملة العلوم اإلنسانية، تطور املنظومة الصحية اجلزائرية، عياشي نورالدين30
31
ZIANI Lila, ACHOUCHE Mohamed, opcit, p 243.
.214 ص، مرجع سابق،عياشي نوالدين32
33
NABNI, opcit, p 28.
. نفس املرجع34
35
ZIANI Lila, ACHOUCHE Mohamed, opcit, p 245.
36
Idem, p 246.
37
NABNI, opcit, p 29.
.18 ص، مرجع سابق، بومعراف الياس عماري عمار38
39
BRAHMIA Brahim, opcit, p 27.
40
ZIANI Lila, ACHOUCHE Mohamed, opcit, p 247.
41
NABNI, opcit, p 36.
42
ZIANI Lila, ACHOUCHE Mohamed, opcit, p 247.
43
BRAHMIA Brahim, opcit, p 10.
44
OCDE, Quel avenir pour les dépenses de santé, Département des affaires économiques, Note de politique économique n° 19
06/2013, p 3.
45
CHAOUCHE Ali, Le financement de système de santé, Colloque international sur les politiques de santé, Alger, 18-19 janvier
2014.
. مت حسابه باالعتماد على بيانات قوانني املالية والديوان الوطين لإلحصائيات46
.122 ص، مرجع سابق، عياشي نورالدين47
48
ZIANI Lila,ACHOUCHE Mohamed, opcit, p 303.
49
MAHFOUD Nacera, BRAHMIA Brahim, Impact du vieillissement futur de la population algérienne sur les dépenses de santé :
Projection à l'horizon 2060, 2017, p 74. https://www.asjp.cerist.dz/en/article/8045, consulté le 13/09/2017
50
CHAOUCHE Ali, opci.
51
LAMRI Larbi, Changeons le système de santé algérien, revue éditorial, p 60.
www.inpfp.dz/spip.php?action=acceder_document&arg=96&cle...file...consulté le 13/09/2017
233 0202 السنة السابعة، العدد السابع، اجلزائر،الوادي- جامعة الشهيد حمه خلضر،»«مجلة الدراسات املالية واحملاسبية