You are on page 1of 5

‫‪ -3‬ما أصناف األبستمولوجيا‪:‬‬

‫وتنقسم االبستمولوجي إلى‪:‬‬


‫‪ -1‬الفلسفة الوضعية (‪ )Positivism‬وهي فلسفة تعتمد على االرقام الن االرقام ال تكذب بنظرهم‪.‬‬
‫الفلسفة الوضعية شكل مغاير للنظرية الفلسفية المسماة بالتجريبية‪ ،‬والتي تقول بأن كل أنواع المعرفة ترتكز على‬
‫التجربة‪ .‬وهناك شكالن رئيسيان للفلسفة الوضعية‪ .‬وقد طور الفيلسوف الفرنسي أوجوست كونت (ت‪1274‬هـ‪،‬‬
‫‪ 1857‬م) الشكل األول للفلسفة الوضعية في القرن التاسع عشر الميالدي‪ .‬أما الشكل الثاني ويعرف باسم الوضعية‬
‫المنطقية‪ ،‬فقد ظهر في العشرينيات من القرن العشرين الميالدي بين مجموعة من الفالسفة يسمون بدائرة فيينا‪.‬‬
‫فلسفة كونت الوضعية‪ .‬تقوم على وصف تطوري للتاريخ من ثالث مراحل‪ .‬ووف ًقا لكونت‪ ،‬فإن الفكر اإلنساني يمر عبر‬
‫ثالث مراحل عرضها في مجلداته الس ّتة بعنوان مسار الفلسفة الوضعية (‪1842-1830‬م)‪ .‬وهذه المراحل هي‪-1:‬‬
‫المرحلة الالهوتية‪ -2 .‬المرحلة الميتافيزيقية‪ -3 .‬المرحلة الوضعية أو العلمية‪.‬‬
‫وفي المرحلة الالهوتية يفسر الناس الوجود في عالقته بتصرفات الكائنات المقدسة‪ .‬وخالل المرحلة الميتافيزيقية فإن‬
‫التفسيرات يتم البحث عنها في عالقتها باألسباب والمبادئ األساسية‪ .‬وفي المرحلة الوضعية يستخدم الناس المنهج‬
‫الوضعي في تفسير الوجود‪ .‬ويتكون هذا المنهج من االستنتاج اعتمادً ا على المالحظة وحدها‪.‬‬
‫شرح المراحل الثالثة شرح أدق‪:‬‬
‫المرحلة الالهوتية‪:‬‬
‫هي مرحلة أولى مرت بها االنسانية ‪ ،‬كان االنسان يفكر فيها ‪ ،‬بطريقة غيبية حيث يعتقد ان الطبيعة تسير وفق أهواء‬
‫ورغبات قوى خفية مفارقة للطبيعة وتتحكم فيها ‪ ،‬ومن ثم لم يكن هناك اعتقاد بخضوع الطبيعة للحتمية ‪ ،‬بل فقط‬
‫الصدفة هي القانون الوحيد الذي تعرفه ‪.‬‬
‫المرحلة الميتافيزيقية‪:‬‬
‫هي الحالة الثانية التي عرفها تاريخ االنسان ‪،‬وقد حصل تطور هام بالنسبة للمرحلة السابقة ‪ ،‬حيث انتقل االنسان من‬
‫التفكير بطريقة غيبية تعتمد الخيال ‪ ،‬الى التفكير بطريقة تأملــــــــــيــــــة مجردة تعتمد على العــــــــــقــــــــل بدل‬
‫االسطورة وفي هذه المرحلة كف العقل البشري عن تفسير الظواهر بقوى غيبية مفارقة لها وافترض ان هناك قوى‬
‫خاصة بكل ظاهرة كامنة فيها ومالزمة لها ‪.‬فاذا كان االنسان في مرحلة الالهوتية يعتقد أن ظاهرةو نمو النبات او‬
‫احتراق الخشب ترجع الى اله النماء او اله النار ‪ ،‬فانه في مرحلة الميتافزيقية يفسرها بقوى كامنة فيها ‪ ،‬فالنبات ينمو‬
‫الن به قوة النماء ‪ ،‬والخشب يحترق الن به قوة االحتراق‪..‬الخـ‬
‫المرحلة الوضعية‪:‬‬
‫وهذه المرحلة هي التي عرف فيها العقل االنساني مرحلة نضوجه حيث أطرح الطرق القديمة في تفسير الظواهر وبدا‬
‫يفسرها طبيعيا علميا يقوم على المالحظة والتجربة ‪ ،‬مسترشدا في ذلك بالعقل المرتبط بما هو عيني ومحسوس‪.‬‬
‫واذا كان االنسان من قبل يطرح عل نفسه اسئلة من نوع‪:‬ما طبيعة وكنه االشياء ‪ ،‬وما هي أسباب حدوث الظواهر ؟"‬
‫مرحلة ميتافزيقية " هادفا الى تحديد العلل الكامنة "المباطنة والمحايثة "في االشياء ‪ .‬فان االنسان في المرحلة العلمية‬
‫" الوضعية " يطرح على نفسه اسئلة من نوع ماهي العالقة السائدة بين الظواهر الطبيعية ؟ هادفا اللى تحديد القوانين‬
‫المتحكمة في الطبيعة لنه يؤمن بخضوع الطبيعة الى حـــــــتــــــمــــــيـة اذا عرفنا شروطها نستطيع التأثير عى الظواهر‬
‫أو التنبؤ بما قد يطرأ عليها من تغير فذا كان االنسان مثال يفسر ظاهرة " الندى" في المرحلة االولى تفسيرا أسطوريا‬
‫باعتباره دموعا اللهة الصباح ‪ ،‬واذا فسر الندى في المرحلة الثانية بطريقة ميتافزيقية اعتقد فيها االنسان انه يتساقط‬
‫من السماء ليال فانه في المرحلة الوضعية استطاع االنسان ان يدرك ان العالقة الثابتة بين اختالف درجة الحرارة بين‬
‫الليل والنهار وبين تولد الندى في النبات وكذلك االمر بالنسبة لظواهر طبيعية اخرى كسقوطاالجسام وصعود السوائل ‪..‬‬
‫الفلسفة الوضعية المنطقية‪:‬‬
‫الفلسفة الوضعية المنطقية هي امتداد للفلسفة الوضعية (الشكلية) التي أسسها أوغست كونت‪ .‬وهي فلسفة ظهرت في‬
‫القرن العشرين‪ .‬أسسها موريس شليك عام ‪ ,1929‬وتبناها عدد من المفكرين والفالسفة من أبرزهم رودولف كارتاب‪,‬‬
‫وبرتراند راسل‪.‬‬
‫حملت هذه الفلسفة أسما ًء عدة منها‪ :‬التجريبية العلمية‪ ,‬التجريبية المنطقية‪ ,‬حركة وحدة العلم والتجريبية الحديثة‪,‬‬
‫الفلسفة التحليلية‪.‬‬
‫إن أبرز ما يطرحه دعاة هذا التيار الوضعي الحديث أو المنطقي‪ ,‬هو تأكيد أن معرفتنا عن العالم تأتي عن طريق‬
‫(التجربة) وحدها‪ ,‬وأن الفلسفة تقوم بالتحليل المنطقي‪ ،‬شأنها شأن بقية العلوم‪ ,‬معتمدين في ذلك على المنطق الرياضي‬
‫المعاصر آنذاك‪( ,‬نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين)‪ ,‬فقد ظهر في تلك الفترة ما سمي (بالمنطق الرياضي‬
‫أو الرمزي)‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫يظهر مصطلح "اإلبستمولوجياـ‪ Epistomologie ‬في اللغة الفرنسية‪ Epistemology ‬في اللغة‬
‫اإلنجليزية ‪ ،‬ويتضح عالقته بنظرية المعرفة عند تحليله لغو ًيا ‪ ..‬فمصطلح‪ Epistemologie ‬في اللغة‬
‫الفرنسية مشتق من الكلمة اليونانية‪ Episteme ‬التي تعني "العلم" أو "المعرفة العلمية" والمقطع‪" ‬‬
‫‪ "Logie‬الذي يعني في أصله اليوناني‪ "Logos" ‬أي "نظرية" ‪ ،‬وبالتالي فإن كلمة "إبستمولوجيا"ـ‬
‫تعني حرف ًيا "نظرية العلم" ‪.‬‬
‫ويقدم "أندريه الالند" تعريفا ً لإلبستمولوجيا يرى فيه أن هذه الكلمة تعني فلسفة العلوم ‪ ،‬والتي تعني‬
‫دراسة نقدية لمبادئ العلوم وفروضها ونتائجها بغية تحديد أيها المنطقي "ال النفساني" ‪ ،‬وقيمتها‬
‫ومداها الموضوعي‪. ‬‬
‫نظرية المعرفةأواإلبستمولوجياـ‪ Epistemology ‬كلمة مؤلفة من جمع كلمتين‬
‫يونانيتين‪ episteme  : ‬بمعنىعلم و ‪logos‬بمعنى ‪ :‬حديث ‪ ،‬علم ‪ ،‬نقد ‪ ،‬دراسة فهي اذا دراسة العلوم‬
‫النقدية‪ . ‬تعتبرنظريةالمعرفةأحد فروع الفلسفةالذيـ يدرس طبيعة و منظورالمعرفة‪ ،‬المصطلح بحد‬
‫ذاته‪(  ‬إبستمولوجيا) يعتقد أن من صاغه هو الفيلسوف االسكتلندي جيمس فريدريك فيرير‪. ‬‬
‫يعرفها الالند في معجمه الفلسفي بأنها فلسفة العلوم ‪ ،‬وهي تختلف بهذا عن علممناهج العلوم‬
‫( ميثودولوجيا ) ألن االيبستمولوجيا تدرس بشكل نقدي مبادئ كافة انواعالعلوم و فروضها و نتائجها‬
‫لتحديد أصلها المنطقي و بيان قيمتها‪. ‬‬

‫معظم الجدلو النقاش في هذا الفرع الفلسفي يدور حول تحليل طبيعةالمعرفةو ارتباطهابالترميزات و‬
‫المصطلحات مثل الحقيقة ‪ ،‬االعتقاد ‪ ،‬و التعليل (التبرير) ‪ .‬تدرساإلبستمولوجيا أيضا وسائل‬
‫إنتاجالمعرفة‪ ،‬كما تهتم بالشكوكحول إدعاءاتالمعرفةالمختلفة ‪ .‬بكلمات اخرى تحاول اإلبستمولوجيا أن‬
‫تجيب عن األسئلة ‪" :‬ماهيالمعرفة؟" "كيف يتم الحصول على المعرفة؟" ‪ .‬و مع ان طرق اإلجابة عن‬
‫هذه األسئلة يتمباستخدام نظريات مترابطة فإنه يمكن عمليا فحص كل من هذه النظريات على حدة‪. ‬‬
‫الفصل األول ‪:‬‬

‫"اإلبستمولوجيا" مدلول المصطلح‬

‫اختلف الباحثون في المعنى الدقيق‪ ،‬إن ُوجد‪ ،‬لكلمة إبستمولوجيا فإذا رجعنا إلى األصل االشتقاقي لهذا‬
‫اللفظ وجدنا أنه مر ّكب من (ابستيمه)‪ EPISTÉMÉ‬ومعناه(العلم)‪ ،‬ومن(لوجيا)‪ LOGIE ‬وهي تدل‬
‫على(المقال) ‪ ،‬أو علم ‪ ،‬نقد ‪ ،‬نظرية ‪ ،‬دراسة … ‪ .‬وفي هذا المستوى اللغوي رأىالمعجمـ العام للعلوم‬
‫االجتماعية‪ ،‬أنها تعني(علم العلم)‪ ،‬لكن ال ُمصطلح يغدو –هنا‪ -‬أكثر التباسا ً ‪.‬‬

‫المصور"‪.‬‬
‫َّ‬ ‫إنها كلمة مستحدثة‪ .‬فهي ال توجد في معجم(ليترة)‪ ،‬وال في معجم"الروس الجديد‬
‫المصور"‬
‫َّ‬ ‫ويذهب(روبرت) إلى أنها ظهرت أول ما ظهرت في المعاجم الفرنسية في"ملحق الروس‬
‫سنة‪ .1906‬وقد كان(جدل الشيله) في حوالي ذاك التاريخ‪ ،‬حيث كان معجم(الالند) الفلسفي يهيأ‬
‫للظهور‪ ،‬يعد هذه الكلمة كلمة جديدة مؤسفة‪.‬‬

‫و قد قال مؤلفا تعريف "اإلبستمولوجيا"ـ في"معجمـ اونيفرساليس" إنها كلمة قديمة جداً‪ ،‬أو إنها على‬
‫األقل مؤلفة من مواد قديمة جداً‪ ،‬ولكن استعمالها حديث ال يسبق القرن التاسع عشر ضمن مفردات‬
‫الفلسفة المتخصصة‪ .‬وهذه الكلمة يقابل ظهورها تاريخ الفلسفة وتاريخ العلوم‪ ،‬فيما يذهب (الالند)‬
‫في"معجمه"ـ إلى أنها تدل على فلسفة العلوم‪ .‬فهي ليست بوجه خاص دراسة الطرائق العلمية‪ ،‬ألن‬
‫هذه الدراسة موضوع علم المناهج (الميثودولوجيا)‪ ،‬و األخيرة جزء من المنطق‪ ،‬كما تتوافق عليها‬
‫المدرسة الفرنسية في الفلسفة‪ ،‬كما أنها ليس تركيب قوانين علمية أو استباقها باالفتراض‪.‬‬

‫اإلبستمولوجيا‪ ،‬بالدرجة األولى‪ ،‬دراسة نقدية لمبادئ مختلف العلوم وفرضياتها ونتائجها بغية تحديد‬
‫أصلها المنطقي(ال النفسي) وقيمتها ومداها الموضوعي‪ .‬ويرى العوا أن من الموائم ترجمة هذا اللفظ‬
‫األعجمي بعبارة"نقد العلوم"‪ ،‬باعتبار النقد إيضاح تقويم يصدر حكما ً في أمر بما له وما عليه معاً‪ ،‬إن‬
‫لم يكن من األفضل الحفاظ في اللغة العربية على اللفظ بصيغته األجنبية بوجه اإلطالق‪ ،‬ونحن نميل‬
‫لهذا االتفاق ‪ ،‬فهي نقد للعلم أكثر منها علم للعلم ‪ ،‬فاألخير ينزع عنها صفتها الفلسفية‪،‬وكذلك فإن‬
‫نظرية العلم تبدو حطا ً من قدرها الفلسفي‪ ،‬إذ ُيلحقها بالعلم وال تبدو –كما هي عليه فعالً‪ -‬رؤية فلسفية‬
‫وليست نظرية فحسب للعلم‪.‬‬

‫ويجب أن نتذكر دائما ً أن المصطلح بدا بهذا الشكل من اإلشكالية نظراً لعدم القدرة على إيجاد الفواصل‬
‫أو الحدود النهائية بين اإلبستمولوجيا والعديد من المجاالت كالميتودولوجيا(علن المناهج) أو‬
‫الغنيزيولوجيا( نظرية المعرفة) أو الكريتيريولوجيا (علم المعايير)‪.‬‬

‫ولئن كانت الكلمة جديدة فإن روبرت بالنشيه يرى أن ما تدل عليه لم يكن بالشيء القديم جداً‪ .‬فكل‬
‫فلسفة تنطوي على بعض تصور للمعرفة‪،‬و مثال ذلك(أفالطون) الذي يعرض منذ وقت بعيد‬
‫في(تيتاوس) نظرية عن العلم بالمعنى الواسع‪.‬‬

‫ولكن كلمة"علم"ـ قد تحلت منذ القرن الثامن عشر بمعنى أضيق وأدق‪ ،‬وهو المعنى الذي نرمي إليه‬
‫عندما نتحدث اليوم عن"أكاديمية العلوم"‪ ،‬أو عن الثقافة العلمية‪ ،‬أو عن تطبيقات العلم‪..‬الخ‪ .‬ففي‬
‫القرن الثامن عشر‪ ،‬وبعد الدفع الذي حققه(غاليله)‪ ،‬وهو دفع حاسم‪ ،‬غدا العلم غير مستقل استقالالً‬
‫كافيا ً عن الفلسفة‪ .‬وكذلك الحال لدى(نيوتن)‪ ،‬فضالً عن(ديكارت)‪ ،‬إذ كان العلم ُيعرض بعنوان"مبادئـ‬
‫الفلسفة"ـ وستستمر عبارة"الفلسفة الطبيعية"ـ ذائعة لدى اإلنكليز حتى نهاية القرن التاسع عشر للداللة‬
‫على الفيزياء‪ .‬وكذلك كان اللفظ األلماني لمعنى العلم‪ WISSENSCHAFT ‬ال يزال على العكس يحتفظ‬
‫ببعض المعنى األوسع الذي كان يميل فيه سابقا ً إلى االمتزاج بمعنى الفلسفة‪.‬‬

‫ويرى بالنشيه أن أفضل كتاب في القرن الثامن عشر يشكل إرهاص ما سيصبح اإلبستمولوجيافي‬
‫هو"المقالة التمهيدية للموسوعة" بقلم(دالمبر)‪ .‬وفي مستهل القرن التالي يمكن عدّ الممهدَّ ات اآلتية‬
‫وهي الجزء الثاني من كتاب(دوغالن ستورت) بعنوان"فلسفةـ الفكر اإلنساني"(‪)1814‬‬
‫وكتاب(اوغست كونت)"دروس الفلسفة الوضعية وكتاب(جون هرشل) بعنوان"المقالة التمهيدية‬
‫للفلسفة الطبيعية"(‪ .)1830‬ولكن الكتابين الرئيسين اللذين نختار عدّ هما طوعا ً مما ندعوه اليوم‬
‫اإلبستمولوجيا‪ ،‬ولو أن الكلمة لما توجد آنذاك‪ ،‬فقد ظهرا في وقت واحد بوجه التقريب في الثلث الثاني‬
‫من القرن التاسع عشر‪ :‬األول يتصل بالعلوم الصورية‪ ،‬المنطق والرياضيات‪ ،‬وهو كتاب(برنار‬
‫بوالزانو) بعنوان‪ ،WISSENSCHAFTSLEHRE ‬والكتاب اآلخر يتصل بعلوم الطبيعة وعنوانه"فلسفة‬
‫العلوم االستقرائية"ـ وقد وضعه(ويليام وهويل) سنة‪.1840‬‬

‫إن كلمة‪ WISSENCHAFTSLHRE ‬التي كتبها(بوالزنو) في مقدمة كتابه تسمح باإلمعان‪ ،‬فهي تقابل‬


‫من الناحية الحرفية في اللغة األلمانية ما تعني كلمة االبستمولوجيا المستلهمة من اإلغريقية في اللغة‬
‫الفرنسية أي‪ :‬نظرية العلم‪ .‬وعلى الرغم من ذلك فإن اللفظين‪ ،‬األلماني والفرنسي‪(،‬أو كلمة‬
‫‪  EPISTEMOMGY‬باللغة اإلنكليزية) ليسا مما يمكن استبدال أحدهما باآلخر بدقة‪ .‬ألن اللفظ األول لم‬
‫يكن يحتفظ من أصوله األقدم في الغالب إال ببعض معنى أوسع من المعنى الذي تحلى به اللفظ اآلخر‬
‫من رسم داللة على مجال أضيق فهو ال يتميز على الدوام تميزاً جليا ً عن لفظ‬
‫‪ ERKENNTNISCHTHEORIE‬الذي يدل على"نظرية المعرفة" بوجه عام‪ .‬وإذن فإنه يتسم بسمة‬
‫فلسفية أجلى‪ .‬بل أنه قد يحظى بتوسيع أكبر جداً ما دام هذا اللفظ‬
‫ذاته‪ WISSENSCHAFTSLEHRE ‬هو الذي اختاره(فيخته) حوالي سنة(‪ )1800‬عنوانا ً لعرض‪ -‬أو‬
‫بالحري للعروض المتعاقبة لفلسفته بأسرها‬

‫إن عبارة نظرية العلم‪ WISSENSCHAFTSLCHRE ‬تدل لدى(بولزانو) على معنى أدق‪ ،‬هو المعنى‬
‫الذي تشير فيه كلمة‪ WISSENSCHAFT ‬داللة دقيقة على المعرفة العلمية‪ ،‬بصرف النظر عن أي شكل‬
‫آخر من أشكال المعرفة‪ ،‬وإن دراسته تتناول‪ ،‬أكثر ما تتناول‪ ،‬بكثير من االنتباه الدقيق‪ ،‬بحرص ج ّم‬
‫شر على هذا النحو‬‫على الصرامة‪ ،‬بحث مفاهيم المنطق الرئيسة مثل قابلية االشتقاق‪ .‬وهي تب ّ‬
‫باألسلوب‪ ،‬وتستبق إلى بعض المشكالت مما يطالعنا اليوم في بحوث ما وراء المنطق‪.‬‬

‫ويذ ّك رنا بالنشيه بأننا نطلق اآلن تعبير"ما وراء العلم"‪ ،‬من أجل حاالت أخص لكلمتي"ما وراء‬
‫الرياضيات" و"ما وراء المنطق"‪ ،‬فنطلقه على دراسة"تلي" العلم وهي تتناول العلم فتتخذه بدوره‬
‫موضوعا ً‪ ،‬وتتساءل‪ ،‬وهي ترقى إلى مستوى أعلى‪ ،‬عن مبادئه‪ ،‬وأسه‪ ،‬وبنياته‪ ،‬وشروط صحته‪،‬الخ‪.‬‬
‫ولهذا يرى أن اإلبستمولوجيا‪ ،‬وهي تفكير في العلم‪ ،‬إنما تدخل هي ذاتها‪ ،‬بهذا الوصف‪ ،‬في"ما وراء‬
‫العلم"‪ ،‬وال يمكن تمييزها عن"ما وراء العلم" إال بفويرقات أن ما وراء العلم يبين في العادة حرصا ً‬
‫أقصى على أن ينقل إلى مضماره أسلوب العلم ذاته ومقتضياته‪ ،‬فال يكاد يكون من الممكن إذن أن‬
‫يتصدى لممارسته إال العلماء االختصاصيون‪ ،‬في حين أن االبستمولوجيا تقف في الغالب باإلضافة إلى‬
‫العلم على بعض مسافة‪ ،‬وهي ال تزال تحتفظ بسمة فلسفية متميزة إلى حد كبير أو صغير‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫من مساعيها للتقليل من شأنها‪.‬‬

‫وفي حوالي سنة(‪ ،)1900‬عندما بدأ التساؤل بجد عن بعض مبادئ ما سيدعى العلم"المدرسي"‪ ،‬نمت‬
‫الحركة الكبيرة المسماة"نقد العلوم"كانتقادـ موجه ضد الوثوقية العلمية‪ ،‬حيث تناولت طبيعة القوانين‪،‬‬
‫ونظريات الفيزياء‪.‬‬

‫وقد كانت"أزمة األسس" التي انطلقت من متناقضات الفئات ترغم علماء الرياضيات في الوقت ذاته‬
‫على التساؤل‪ ،‬هم أنفسهم‪،‬ـ عن مبادئ علمهم‪ .‬وقد انصرف إلى هذا التساؤل‪ ،‬أكثر من‬
‫انصرف(كوتلوب فريجه) في ألمانية و(برتراند رسل) في انكلترة‪ .‬وباتصال الكفاءة العلمية والتفكير‬
‫الفلسفي على هذا النحو‪ ،‬وهو اتصال توجيه بصورة قاهرة حال العلم ذاتها وقد جعله االختصاص‬
‫العلمي الناجم عن نمو العلم أمراً نادراً باطراد‪ ،‬وجدت اإلبستمولوجياذاتها‪ ،‬وقد تكونت بوصفها مبحثا ً‬
‫أصيالً‪ .‬وهذا الوضع الراهن هو الذي جاء داعما ً عمادها‪.‬‬

‫ويرى العوا أن الطريف في األمر‪ ،‬وهو غير مباغت حقاً‪ ،‬أن الباحثين اإلبستمولوجيين من‬
‫أمثال(مايرسون)و(دوهم) و(برنشفيك) و(بوانكاره) و(رسل) والوضعيين وأصحب(نادي فيينا)‬
‫و(باشالر) وأتباعه من طراز(بانكليم) و(داكوني) و(كرانجر) يمضون وراء أهدف متباينة بشأن تعريف‬
‫وموضع تطبيق االبستمولوجيا‪ ،‬كذلك يفعل (بوبر) في مقدمة الطبعة اإلنكليزية للكتاب"منطق االكتشاف‬
‫العلمي" (‪ )1958‬معتبراً ‪ ":‬أن المشكلة المركزية في االبستمولوجيا كانت وتبقى مشكلة نمو المعرفة‬
‫والسبيل األفضل لدراستها هي دراسة نمو المعرفة العلمية"‪.‬‬

‫ويذهب(جان بياجه) إلى هذا الوضع بالذات عندما يقول ‪":‬إن المشكلة المركزية في االبستمولوجيا هي‬
‫تبيان هل تنحل ّ المعرفة إلى مجرد تسجيل المرء معطيات منتظمة سلفا ً بصرف النظر عنه في العالم‬
‫الخارجي(الفيزيائي أو المثالي) أم أن المرء يتدخل في المعرفة وفي تنظيم موضوعاتها كما‬
‫حسب(كانت)"‪.‬‬

‫فاإلبستومولوجيا التكوينية هي نوع خاص من اإلبستمولوجيات حيث رأى بياجيه أن الخطأ العقيمـ الذي‬
‫ارتكبه الفالسفة قد كمن في نظرتهم إلى المعرفة كواقعة نهائية وليس كسيرورة‪ ،‬وقد ذهب بدوره إلى‬
‫أن جميع القضايا العلمية قابلة للمراجعة والتصحيح (والنقطة األخيرة يوافقه عليها باشالر عندما يعتبر‬
‫أن العلم هو تاريخ تصحيح أخطاء العلم) وبالتالي فالمنهج التكويني في اإلبستمولوجيا يستلزم النظر‬
‫إلى المعرفة من زاوية تطورها في الزمان أي كتكوين من ناحية وباعتباره لم ولن يكتمل من ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬وهذه األخير تتطابق مع رؤية باشالر لما يسميه الفلسفة المفتوحة‬

‫وال بد عندما نود أن نوغل أكثر في تعيين المفهوم أن ُنالحظ أنه س ُتطالعنا مشكلتان أساسيتان‪ :‬األولى‬
‫مشكلة وحدة العلوم‪ ،‬وهي مطروحة لدى(كونت) و(مايرسون) مثالً‪ ،‬وقد زعزعها (باشالر)‪ ،‬ثم مشكلة‬
‫وحدة أشكال المعرفة‪ :‬إذ يرى باحثون مثل(مايرسون) أن هناك استمراراً بين المعرفة العامية والعلم‪،‬‬
‫ويرى آخرون مثل(باشالر) وأتباعه أن ثمة انقطاعا ً بل انقصاما ً بين المعرفة والحس المشترك إزاء‬
‫العلم هو ما يدعوه بالعقبة اإلبستمولوجية‪.‬‬

You might also like