Professional Documents
Culture Documents
الموسم الجامعي
2016/2017
إلى روح الفقي ــد "بن نحي
زكريا"
طيّـ ــب اهلل ث ـ ـ ــراه وتغمـ ـ ــده
برحمت ـ ـ ـ ـ ــه الواسعـ ـ ـ ــة
اإلهداء
إشCC Cكالية القطيعCC Cة والتواصCC Cل يف الفكCC Cر العلمي ليسCC Cت قضCC Cية جديCC Cدة يف سCC Cاحة الفكCC Cر
الفلس CCفي واإلبس CCتمولوجي C.إال أن احلديث عنهم CCا جتدد يف الس CCنوات Cاألخ CCرية بكيفي CCة ش CCاملة
وعميقCCة تعكس التحCCوالت اجلذريCCة الCCيت طCCرأت على اجملاالت العلميCCة الدقيقCCة مثCCل الرياضCCيات
والبيولوجيا والفيزياء بل وانتقل احلديث عنهما إىل جماالت العلوم اإلنسانية واالجتماعية.
لق CCد تول CCد مفه CCوم القطيعC Cة Cاالبس CCتمولوجية م CCع غاس CCتون Cباش CCالر .فال أح CCد ينك CCر تأثيC CلC
صCCاحب الفكCCر العلمي اجلديCCد هلذا املفهCCوم .CوالCCذي يَعتCCرب أن املعرفCCة العلميCCة دائمCCا معرفCCة ضد
أي أهنا ال تنشأ من تراكم معريف وإمنا تأيت على أنقاض معرفة ال علمية ،وهي تتأسCCس تارخييCCا
بانفصCC Cاهلا عن ماضCC Cيها قبCC Cل العلمي ،وبلغCC Cة آلتوسCC Cري "مCC Cا قبCC Cل تCC Cاريخ علم مCC Cا هCC Cو تCC Cاريخ
ايديولوجيته"C.
وبقي مفهCوم القطيعCة حاضCرا يف التCداول الفلسCفي ،عCابرا بني احلقCول املعرفيCة ،ومتحCوال يف
استعماالته Cاللغوية واالشتقاقية .بل وجعله كثCري من العلمCاء والفالسCCفة عكCCازا منهجيCا يف بنCاء
نظرياهتم بكامل عدهتا املفاهيمية واملنهجيةC.
ويأيت يف هذا السياق كتاب (زمن القطيعات ..حCCول األصCCول الثقافيCCة والعلميCة للقCرن احلادي
والعش CCرين) والص CCادر سCCنة (2004م) ،ملؤلف CCه الفيزيCCائي CالفرنسCCي بيCCري ب CCابون ،والCCذي حCCاول
التأكيCCد فيCCه على أن مCCا حصCCل منCCذ مطلCCع القCCرن العشCCرين من كشCCوفات وتطCCورات متعاظمCCة
ومذهلة يف شىت اجملاالت ،أدى إىل ثورة فعليCة يف أمناط الفكCر وأمناط احليCCاة عموما .وأحCدثت
هذه التطورات قطائع حقيقيCة مCع مفCاهيم العCامل املتوارثCة Cمن املاضCي ،وأعلنت عن والدة فكCر
علمي جديCCد ،وأمناط جديCCدة لإلنتCCاج املنهجي للمعرفCCة العلميCCة واكتشCCافاهتا ،وهي تصCCلح يف
نظر بابون أن تكون مبثابة األصول الثقافية Cوالعلمية للقرن احلادي والعشرين.
إن موقCCف بCCابون الفيزيCCائي Cيثمن املوقCCف الباشCCالري ،هCCذا األخCCري الCCذي انطلCCق من تشCCخيص
أزمCCة العقالني Cة CالعلميCCة املعاصCCرة واملتولCCد عن التفCCاوت القCCائم بني الفلسCCفة والعلم ،ومCCا تCCرتب
عنها من هوة سحيقة بني العقالنية الصورية والعقالنية التجريبية ،وتباعCCد منهجي بني منظومCCة
الغايات ومنظومة الوسCائل .إن هCذا الالّ انطبCاق بني االجتاهني يقCف وراءه التشCبث CباملطلقCات
وتضCCييق جمال التأسCCيس يف عناصCCر حمدودة ومقولبCCة C،واالرتكCCاز على أنسCCاق مغلقCCة واالسCCتناد
اىل قيم تقليديCCة ورفض التجديCCد والتقCCدم .وأعلن باشCCالر وبلغCCة صCCرحية ال حتتمCCل تCCأويال عن
هCCذه األزمCCة الCCيت أصCابت املدونCة CالعلميCCة املعاصCCرة ،وأكد على تعCثر حماوالت اخلروج من هCCذه
املآزق بالتعويل على اجتاه ابستيمولوجي دون آخر أو باالحنياز إىل مذهب فكCCري دون غCCريه.
ومض CCى حياجج ب CCأن العقائ CCد أو النظري CCات اجلدي CCدة مل تتط CCور من القدمية إىل اجلدي CCدة ،ب CCل إن
اجلديد احتوى على القدمي واألجيال الفكرية يعشش أحدها ضمن اآلخر.
ومن منظCCور باشCCالري حنن حني ننتقCCل من فيزيCCاء ال نيوتنيCCة إىل فيزيCCاء نيوتني Cة Cال نواجCCه
التناقض Cوإمنا منر بتجربة التناقض C.وهنا يربز الالتواصل أو القطيعة يف التCأريخ للعلم وبوضCوح
تام حيث نالحظ وجود فرق كبري بني مواجهة التناقض Cوبني املرور بتجربة التناقض .وساهم
يف جتس CC Cيد ه CC Cذا البع CC Cد غ CC Cري املعه CC Cود األف CC Cق اجلدي CC Cد للعلم ال CC Cذي ارتسم م CC Cع نظري CC Cيت النسCC CبيةC
والكوانتم .إن هذا التفكCري غCري العCادي الCذي قفCز بCالعلم هCذه القفCزات حيتCاج يف نظCر باشCالر
إىل أفCCق فلسCCفي جديCCد مياثل CCه .ولن يك CCون غ CCري فك CCر الفكCCر العلمي اجلدي CCد ،أي فك CCر القطيعCCة
والتجاوز.
ويف املقابل شهد النصف الثاين من القرن العشCرين وبCCدايات القCرن احلادي والعشCCرين والدة
فCC Cروع علميCC Cة جديCC Cدة على غCC Cرار الفوضCC Cى والإعالم والCC Cيت ال تقCC Cل يف أمهيتهCC Cا عن الكCC Cوانتم
والنسCC Cبية Cحيث اعت CC Cربت CنظريCC Cة الفوضC C Cى Cث CC Cالث أعظم نظريCC Cة فيزيائيCC Cة بعCC Cد نظري CC Cة النسCC CبيةC
والكوانت CCا C.فهي رم CCز للتح CCول الت CCارخيي يف العلم املعاص CCر .كم CCا ميث CCل ظه CCور نظري CCة املعلوم CCات
إعالن Cميالد عصCCر جديCCد يكCCون CفيCCه االنتقCCال من جمتمCCع صCCناعي إىل جمتمCCع معلومCCايت .إذ مت
وضع نظم لنقل املعلومات
وضبطها والتحكم هبا .وبلغ مشول هذه النظرية إىل حدود أهنا تطبق حCCىت على الإشCCارات الCCيت
تبثهCCا الشCCبكات العصCCبية CلCCدى الإنسCCان واحليCCوان .وتعتمCCد لفهم آليCCة النظCCام املعلومCCايت الCCدقيق
الCC Cذي ينظم انتقCC Cال املعلومCC Cات ،مبعناهCC Cا الCC Cوراثي Cيف الكائنCC Cات Cمن جي CCل آلخCC Cر .ومن نظري CCة
املعلومCCات ونظريCCة الفوضCCى وكCCل املفCCاهيم املرتبطCCة هبم Cا كالتعقيCCد والضCCبط الCCذايت واالنرتوبيCCا
باالضCCافة إىل نظريCCة الفراكتCCال اهلندسCCية CوالCCيت تقودنCCا إىل البCCىن اجلزئيCCة الCCيت حتتCCوي على حقيقCCة
األش CC Cكال الكامل CC Cة والش CC Cاملة .نتج حتول يف اهتم CC Cام العلم من املنهج اخلطي إىل منهج جدي CC Cد
دين CC Cاميكي ال خطي ( )Non- linear Dynamicsوتالزم م CC Cع ه CC Cذا التح CC Cول بCC Cروز
تقارب متعدد األشكال بني العلوم قاطبة دون أن تستثىن منCه العلCوم اإلنسCانية وخاصCة يف ظCل
ما يعرف بعلم التحكم اآليل أو السيربنطيقا.
ومل تكن فلسCCفة العلم املعاصCCرة مبنCCأى عن هCCذه التحCCوالت العلمية .بCCل كCCانت دومCCا العقCCل
الCCذي يقبCCع خلCCف املنجCCز العلمي .فقCCدوم عصCCر املعلومCCات والكCCايوس ميثCCل بالنسCCبة CللفيلسCCوف
الفرنسCCي املعاصCCر ميشCCال سCCري شCCكال جديCCدا لتمثيCCل العلم .وهCCو منوذج االتصCCال أو التواصCCل.
وهو توجه جاءت االكتشافات العلمية األخرية لتCCبني مCCدى صCCدقيته وصCحة طرحCCه .واهتمCCام
ميشCCال سCCري بالتواصCCل قCCاده إىل الرتمجة بني ميCCادين معرفيCCة خمتلفCCة .رغبCCة منCCه يف رسCCم جسCCور
التواصل بينهCCا على غCCرار معCرب مشال-غCرب حيث يCدعو إىل مCCد جسCCور تواصCل وتقCارب بني
العلوم اإلنسانية Cوالعلوم الدقيقة.
ومل يعCC Cد ذلCC Cك ممكنCC Cا إال بفضCC Cل اإلمكانCC Cات CالنظريCC Cة واملنهجي C Cة CالكبCC Cرية املتاح CCة بفض CCل
التصCC Cورات CالعلميCC Cة اجلديCC Cدة والقائمCC Cة على املنهج الCC Cديناميكي Cالالخطي الCC Cذي هCC Cو جCC Cوهر
ومضCCمون التفCCاعالت C.إن الفكCCر العلمي اجلديCCد مبنظCCور ميشCCال سCCري هCCو فلسCCفة للتواصCCل بني
العلوم ،وهو مبثابة روح علمية جديدة تعلن نفسها بديال للCروح العلميCة الباشCالرية C.إن العقCCل
العلمي اجلديد املتجدد ( le nouveau nouvel esprit scientifiqueكمفهوم
ولد مع ميشال
خاصة األكثر جدة زمنيا أبرزت فعال تواصليا وإن كان بصورة تفاعل ال تراكم.
ومن هذه الفرضية العامة نستطيع أن نستخلص جمموعة من الفرضيات اجلزئية هي:
-تأسCCيس CباشCCالر لفلسCCفة الفكCCر العلمي اجلديCCد على القطيع Cة CكفعCCل ابسCCتمولوجي معCCريف ال
بد منه لقيام علم ما.
-الفكCCر العلمي اجلديCCد هCCو فكCCر تواصCCل وعقCCل تفاعCCل ،فCCاقرتاب حقلني معرفCCيني يولCCد علمCCا
جديدا.
-هنCC C Cاك اختالفCC C Cات يف حتديCC C Cد مالمح الفكCC C Cر العلمي اجلديCC C Cد إن على مسCC C Cتوى املفه CC Cوم أو
املوضوع Cواملنهج بني النموذج الباشالري والنموذج السريي.
خطة البحث:
قمنا بإجناز هذا البحث وفقا ملنهجية اشCCتملت على مقدمCة وأربعCCة فصCول وخامتة .تناولنCا
يف الفصل األول الثورات العلميCة للقCCرن العشCCرين ،وتعرضCنا فيCه إىل الثCCورة العلميCة مCع النسCبيةC
والكوانتCCا يف النصCCف األول من القCCرن العشCCرين مث التطCCورات العلميCCة الالحقCCة وظهCCور نظريCCة
الفوض CC Cى واملعلوم CC Cات Cبداي CC Cة م CC Cع النص CC Cف الث CC Cاين من نفس الق CC Cرن وب CC Cدايات الق CC Cرن الواح CC Cد
والعش CC Cرين .وك CC Cان ه CC Cدفنا من توظي CC Cف النظري CC Cات العلمي CC Cة املعاص CC Cرة يف مي CC Cادين الرياضCC Cيات
والفيزي CCاء والعل CCوم الطبيعي CCة بص CCفة عام CCة ه CCو االس CCتفادة من تص CCوراهتا اجلدي CCدة ومبا حتمل CCه من
مف CCاهيم وأدوات معرفي CCة تس CCاعدنا يف فهم وض CCبط الكث CCري من املعطي CCات املرتبط CCة حبرك CCة تط CCور
الفكر العلمي اجلديد.
أما الفصل الثاين فقد أفردناه خلصائص الفكر العلمي اجلديد عند غاستون Cباشالر وبينCCا موقفCه
الCCذي يفسCCر حتوالت املعرفCCة العلميCCة بتفجCCر ثCCورات وأن مسCCار العلCCوم هCCو حركCCة ديناميكي CةC
وتارخيه ليس تقCC Cدما متصCC Cال أو تنضCC Cيدا CلطبقCC Cات تراكميCC Cة بCC Cل جCC Cدل بني العوائCC Cق والقطCC Cائع
االبستيمولوجية.
أما الفصل الثالث Cفقد عرضنا فيه تصور ميشال سCCري للعقCCل العلمي اجلديCCد الCCذي يسCCتقي قيمCCه
االبستمولوجية Cمن نظريات العلم املعاصر واليت تبىن على فعل التواصل والتفاعل.
أمCCا الفصCCل الثCCالث فهCCو ميثCCل مقارنCCة حتاول رصCCد االختالفCCات القائمCCة والتقاربCCات املمكنCCة بني
النموذجني وحماولة الوقوف على مظاهر التجديد االبستمولوجي لدى الفيلسوفني.
أما اخلامتة فكانت خالصة ألهم نتائج البحث.
منهج الدراسCCة :املنهج الCCذي رأينCCاه مناسCCبا لتنCCاول هCCذا املوضCCوع CهCCو املنهج التحليلي املقCCارن
وظفناه Cللكشف عن املوقف العلمي االبستمولوجي Cواخللفية الفلسفية إلشكالية الفكر العلمي
اجلديCCد واخلصCCائص CاملمCCيزة لCCه عنCCد كال النمCCوذجني .أمCCا املنهج املقCCارن CكCCان أداة للتميCCيز بني
خصائص الفكر العلمي اجلديد يف بعده االنفصايل أو التواصلي.
وه CCدفنا يف ذل CCك مع CCريف بالدرج CCة األوىل ي CCرتجم الرغب CCة يف معرف CCة جتلي CCات نظري CCات العلم
املعاصCC Cر يف اخلطCC Cاب االبسCC Cتمولوجي لCC Cدى النمCC Cوذجني ومن جهCC Cة أخCC Cرى مCC Cدى قCC Cدرة ه CCذا
اخلطاب على استيعاب هذه النظريات واآلثار الفلسفية املرتتبة Cعن ذلك.
أم CCا عن ال CCدوافع ال CCيت ك CCانت وراء اختي CCار ه CCذا املوض CCوع فهي عدي CCدة ،تنطل CCق أوال من تل CCك
النتCCائج الCCيت توصCCلنا إليهCCا يف حبث مCCذكرة املاجسCCتري ،والCتي تناولنCCا فيهCا إشCCكالية االتصCCال يف
العلم عند ميشال سري .وتشكلت لدينا قناعة أن فهم ابستمولوجيا التواصل عند ميشال سCCري
يقتضCCي املرور عCCرب ابسCCتمولوجيا القطيعCCة عنCCد باشCCالر .ليس ألن األول إنعكCCاس للثCCاين وإمنا
فلسCCفة ميشCCال سCCري التواصCCلية تتأسCCس انطالق من نقCCد ونقض لكثCCري من املفCCاهيم الباشCCالرية،C
وكم CCا يق CCال ف CCإن الض CCد بالض CCد يع CCرف .خاص CCة وأن س CCري ينتمي إىل املدرس CCة الفرنس CCية وقد
عاصCC C Cر باشCC C Cالر كطCC C Cالب يف اجلامعة ،وكالمها ختص CC Cص يف العلم الCC C Cدقيق وانتهى Cهبم CC Cا املقCC Cام
كفالسفة Cابستمولوجيني .فجاءت هذه الدراسة تبحث وتتقصى Cوتقارن حىت نتCCبني التقCCارب
من التباعد والتشابه Cمن االختالف.
باإلض CC C Cافة إىل أسCC C C Cباب أخCC C C Cرى ذاتيCC C C Cة ،ترتبCC C C Cط بالرغب CC C Cة الشخصCC C C Cية يف ول CC C Cوج الدراسCC C Cات
االبس CCتمولوجية املعاص CCرة الرتباطه CCا الوثي CCق بنظري CCات العلم املعاص CCر وكمحاول CCة لرف CCع ره CCان
التحدي ملواكبة Cالثقافة العلمية املعاصرة.
إن االعتب CCارات الس CCابقة أدت بن CCا إىل خ CCوض غم CCار ه CCذه احملاول CCة الش CCاقة .فهي ش CCاقة لطبيع CCة
املوض CCوع Cالعلمي ال CCدقيق واملتخص Cص Cال CCذي اش CCتغل علي CCه النموذج CCان س CCواء يف الرياض CCيات أو
الفيزيCC Cاء ،ومCC Cا يفرضCC Cه من دقCC Cة وصCC Cرامة لفهم نظريCC Cات علميCC Cة ال تستسCC Cلم لقارئهCC Cا بس CCهولة
وسالسة.
ثانيCCا قلCCة الدراسCCات – يف حCCدود علمنCCا واطالعنCCا – باللغCCة العربيCCة عنCCدما يتعلCCق األمCCر بفلسCCفة
ميشCCال سCCري .مما دفعنCCا خلوض غمCCار الرتمجة مCCع مCCا حتملCCه هCCذه احملاول Cة Cمن حماذير وصCCعوبات
وخاصCCة إذا أخCCذ بعني االعتبCCار متيز أسCCلوب ميشCCال سCCري يف الكتابCة CالفلسCCفية حيث يقCCول عن
نفسه أنا أكتب بالصور ال باملفاهيم .فأغلب نصوصه صور وتشبيهات يتداخل فيهCCا العلم مCCع
الفلسCCفة واألدب .ولكن رغم هCCذه الصCCعوبات CحاولنCCا املضCCي قCCدما يف هCCذا العمCCل مسرتشCCدين
بالتوجيهCCات املنهجيCCة لألسCCتاذة املشCCرفة الCCدكتورة دراس شCCهرزاد فلهCCا منCCا كCCل آيCCات الشCCكر
والعرفان.
واهلل املوفق
الفصل األول :الفكر العلمي اجلديد ونظريات العلم املعاصر
املبحث الثCC C Cاين :نظريCC C Cة النسCC C Cبية والكوانتCC C Cا ،الفوضCC C Cى ونظريCC C Cة
املعلومات
متهيد :خصصنا الفصل األول للحديث عن نظريات العلم املعاصر .وليس ذلCCك من قبيCCل
الصCC C Cدفة أو االعتباطية،CبCC C Cل ألهنا شCC C Cكلت مصCC C Cدر دهشة وتسCC C Cاؤل عميCC C Cق حCC C Cول التحCC Cوالت
والتقلبات السريعة اليت ميزت الربع األول من القرن العشرين وما تالها ،كمCا أهنا مثلت دافCع
تفلسف ومنبع مادة فلسفية علمية جديدة تؤلف جمموعCة من الدراسCات الابسCتمولوجية ،على
شاكلة املفاهيم Cالثورية اليت اختذها باشالر أساسا لبناء صرحه الفلسفي اجلديد ،واليت أظهCCرت
املسحة الفلسفية اجلديدة للعلم املعاصر .ونسCCتطيع القCCول بأنCه ميثCCل طفCرة فكريCة وسCيكولوجيةC
جذرية جعلت العقل الفلسفي اجلديد حيكم بأن" Cالعلم حقيقة خيلق الفلسفة" .
9
املبحث األول :اهلندسات الالإقليدية واهلندسة الفراكتالية
/1اهلندسات الالإقليدية
متيزت الریاض C C Cیات مع إقلیدس بطCC C Cابع برهCC C Cاين ومنطقي ،حيث كCC C Cان قوامها عملیات
جتریدیة كالتحلیل وال CCرتكیب ،وقواعد منطقیة هي مبثابة قضایا ینطلق منها الربه CCان .وأدرج
إقلي CC Cدس أص CC Cول ه CC Cذا العلم يف كتاب C Cه األص CC Cول .وفيه أكد على ضCC Cرورة بن CC Cاء املف CC CاهCیم على
منطلق CCات أولیة كمف CCاهیم ومنطلق CCات ثابتة أق CCام علیها اهلندسة .و « ميّز أوقلي CCدس نفسه يف
هندسته بني ثالثة أنواع Cمن املبادئ » 1وهي :
-البدیهیات :وهي قضایا واضCC C C C Cحة بCC C C C Cذاهتا ال حتتCC C C C Cاج إىل برهCC C C C Cان ،فهي أبسط القضایا
ومثاهلا:الكل أعظم من جزئه،الكمان املساویان لثالث متساویان...اخل.
-املسلمات :وهي قضایا غیر واضحة بCذاهتا ،یضCعها الریاضي لیقیم علیها الربهCان C،فهي
عبCC C Cارة عن مواضCC C Cعة مفرتضة ليس إال .ومن أشCC C Cهرها املسCC C Cلمة اخلامسة اليت عCC C Cرفت مبس CC Cلمة
التوازي ونصها :من نقطة خCارج مسCCتقیم یمكن رسم مCCواز واحد لCCه ،وهي الصCیاغة املكافئةC
(.)John Playfair اليت وضعها االجنلیزي :جون بال یفر
-التعCC C Cاریف :وهي احلدود أو القضایا اليت توضCC C Cحها ،و « التعريفCC C Cات مرتبطة باألشCC Cياء
2
اخلارجية ودورها ،إهنا ختتزل إىل وصف بسيط ،جترييب مقارنة بتلك املوجودة يف املعاجم »
ومن أمثلتها عند إقلیدس :املس CC CتقCیم جمموعة من النق CC Cاط غ C Cیر املنتهیة على اس CC CتقامةC
واحدة ،النقطة ما لیس له أبعاد.
حممد عابد اجلابري ،مدخل اىل فلسCفة CالعلCوم ،العقالنية املعاصCرة وتطCور الفكر العلمي ،مركز دراسCات الوحCدة 1
ساهل بوعزة ،علم اهلندسة بني العلماء والفالسفة ،دار القرويني ،ط ،1الدار البيضاء ،2002 ،ص 77 1
11
انتبه Cإلیها الریاضي األملاين جCC C C C Cوس .وبین أنها تتضCC C C C Cمن أفكCC C C C Cارا خمتلفة عن رياضCC C C Cيات
إقلیدس 1واس CCتمرت اجله CCود بعد ساكشیري للربهنة على املس CCلمة اخلامسة مع ع CCدة ریاض Cیین
أمثال الغرانج وداملبیر الذي اعترب مطلب إقليCCدس « عن املوازاة مبثابة نظرية حتتCCاج إىل برهCCان
2
»
ظهور اهلندسات Cالالإقلیدیة :
بدأ احلديث عن اهلندسCات الال إقليدية يف أعمCCال الریاضCیین وأحباثهم ،عنCدما أصCبح النظر إىل
ع CCدم ض CCرورة اهلندسة الإقلیدیة أم CCرا ممكنا .وخاصة مع الثلث األول من الق CCرن التاسع عشر.
فكل « األنظمة اهلندس CCية Cاليت ختتلف عن النظ CCام اهلندسي Cاإلقلي CCدي هي عب CCارة عن هندسة ال
إقليدي CCة» 3والبداية CكCCانت مع اكتش Cاف جCCون بولیاي ب Cأن مس CCلمة الت CCوازي الإقلیدیة لیست
عنصCC Cرا ضCC Cروریا وأحل حملها مسCC Cلمة جدیدة يف املتوازیات وذهب إىل أنه حدسCC Cيا « ميكن
رسم أكثر من مCCواز ملسCCتقيم معلCCوم من نقطة معلومة » 4نفس الفكCCرة تبلCCورت يف ذهن العCCامل
األملاين كارل جوس .والCCذي قCCام « مبحاولة يف الطبيعة لقيCCاس جممCCوع زوايا مثلث تتكCCون Cمن
رؤوس ثالثة جبال اعتقادا Cمنه أنه سيحقق هندسة غري إقليدية يف الطبيعة 5» Cوأبان عن موقفه
یؤكد فيها أن النتCCائج اليت توصل إلیها ابنه هو نفسه قد 1832 برسCCالة إىل بولیاي الوالد سCCنة
« توصل إىل ه CC C Cذه النت CC C Cائج منذ 35س CC C Cنة ولكن مل يقم بنش CC C Cرها» 6وجند أن ج CC C Cاوس اعتقد
حممود فهمي زیدان ،املنطق الرمزي ،نشأته وتطوره ،دار النهضة العربیة ،بریوت ، 1979ص 108 1
غاستون باشالر ،الفكر العلمي Cاجلديد ،تر :عادل العوا ،املؤسسة اجلامعية للدراسCCات والنشر والتوزيCCع ،بCريوت، 2
1982ص 24
3
هانز رايشنباخ :نشأة الفلسفة العلمية C،ترمجة فؤاد زكرياء ،املؤسسة العربية للدراسات والنشر ،ط 1979 ،2ص123
جون بولياي ) 1802-1860( ،ریاضي جمري ،واحد من مؤسسي اهلندسة Cالالإقليدية
4
ساهل بوعزة ،مرجع سابق ،ص 79
ميىن طريف اخلويل ،العلم االغرتاب واحلرية ،اهليئة املصرية العامة للكتاب ،1987 ،ص 361 5
6
Jean Dieudonné : abrégé d’histoire des mathématiques, Hermann, Paris, 1996, p11
12
بإمكانیة حتقیق
تصCCوراته Cاهلندس Cیة اجلدیدة يف الطبیعة لCCذلك قCCام مبحاولة لقیاس جممCCوع زوایا املثلث املكCCونC
من رؤوس ثالث Cة جبCCال ،يف هضCCبة وقميت جبلین یمكن رؤیتهما من أعلى هCCذه اهلضCCبة قCCرب
مدینة ج CC C Cوتنجن ،ووجد أن جمم CC C Cوع زوایا املثلث مل تكن مس CC C Cاویة متاما لق CC C Cائمتین ،بل هي
منحرفة قلیال عن مس CC Cافة اخلطأ احملتمل .وتعترب أحباث جاوس منطلق الشCC Cكوك CحCC Cول بداهة
اهلندسة الإقلیدیة واالعتقاد السائد حبدسیتها.
إذ ويف رسالته إىل "باسCیل" يف 1829عرب جCوس عن قناعته يف « أن علم اهلندسة عامة
لدیها مكانة خمتلفة يف معرفتنا القبلیة من احلساب » .1
األنساق اهلندسیة الالإقلیدیة:
ومن أعم CCال"جC Cوس" أص CCبح جليا أن مس CCلمة إقلیدس اخلامسة مس CCتقلة عن بقیة املس CCلمات
حبیث یمكن وضع مسCC Cلمة أخCC Cرى تنكرها ض CCمن النسق الإقلیدي .وهو عمل رياضي أجنزه
كل من "لوباتشفسCCكي" و"ریمCCان" واللCCذان أعلنا بهCCذا العمل ظهCCور أول األنسCCاق اهلندس Cیة
الالإقلیدیة.
/1نیقوالي ایفانوفیتش لوباتشفسكي Cلقد اهتم لوباتشفسكي « CمبشCCكلة التCCوازي منذ سCCنة
1815ولكن مل يسCC Cتطع إجياد حل هلذه املشCC Cكلة ،فغري طريقة التحليCC Cل،إذ يف سCC Cنة 1825
وجهت أفك CC C C C Cاره حنو هندسة مبنية Cعلى نفي املت CC C C C Cوازي الوحيد » 2وإس CC C C C Cتطاع أن جيد نظاما
يوهCC Cان كCC Cارل فريCC Cدريش جCC Cاوس ( )1855-1777رياضي وفيزيCC Cائي أملاين .سCC Cاهم بأعمCC Cال حCC Cول نظرية األعCC Cداد واإلحصCC Cاء
والتحليل الرياضي واهلندسة Cالتفاضلية وعلم االستاتيكا الكهربائية وعلم الفلك والبصريات.
1
ibid ,p53
نیقCCوالي ایفCCانوفیتش لوباتشفسCCكي ( ،) 1793 C-1856ریاضCي روسي من مؤلفاتCه "حبوث نظریة املتوازیات " عین أسCCتاذا
للریاضة جبامعة ق CC Cازان ، 1816ومدیرا للجامعة .1827نشر مذكراته حCC Cول مبCC Cادئ اهلندسة يف جامعة "قCC Cازان" عCC Cام 1829
،كأول Cعرض منهجي هلندسة Cالإقلیدیة.
2
Paul Barbarin : La géométrie non euclidienne, Ed Jacques Gabay, Paris, 3 meédition, 1990, p6
13
هندس Cیا خيالف متاما الف CCرض اخلامس ألقلیدس .ففي الفصل الس CCابع من كت CCاب"حبوث نظریة
املتوازیات
اف CCرتض « أنه من نقطة خ CCارج مس CCتقيم معل CCوم ميكن رسم أك CCثر من م CCواز واحد للمس CCتقيم
األول عكس ما ق CC Cال به إقلي CC Cدس» 1لقد أوص CC Cله اس CC Cتدالله الرياضي إىل نظري CC Cات هندس CC Cية
جدي CC C C Cدة دومنا تن CC C C Cاقض ،مث توصل إىل جمموعة من املربهن CC C C Cات والنت CC C C Cائج اليت ختتلف كليا عن
هندسة إقلیدس ودون أن ي CC Cؤدي ذلك إىل بطالن فرضCC C Cه .وب CC Cالرغم من أننا جند ص CC Cعوبة يف
إدراكها لأهنا « مختلفCة اختالفا كبCCريا عن تلك اليت ألفناها وهي -إمجاال – حتمل على بعض
احلرية يف أول األمر » 2فإنه انتهى إىل بن CCاء نسق هندسي جديد جبانب النسق اإلقلي CCدي يق CCوم
على قيم رياضية جديدة منها:
-جمم CC Cوع زوایا املثلث أص CC Cغر دائما من زاویتین ق CC Cائمتین ،ویتناسب الف CC Cرق بین ذلك
اجملموع
وزاویتین قائمتین من مساحة املثلث.
-من غري املمكن بناء شكل مشابه لشكل آخر معطى مع اختالف األبعاد.
-عند قسمة حمیط الCC Cدائرة إىل أجCC Cزاء متسCC Cاویة عCC Cددها nورمسنا مماسCC Cات من نقCC Cاط
التقس Cیم شCCكلت تلك املماسCCات وعCCددها nمضCCلعا ،إذا ما كCCان شCCعاع الCCدائرة على درجة
كافیة من الصغر ،أما إذا كان ذلك الشعاع كبیرا نوعا ما ،فان املماسات ال تلتقي.
Riemann /2برهنارد ریمان
2
هCC C Cنري بوانكاریه ،العلم والفرضCC C Cیة ،ترمجة د .محادي بن جCC C Cاب اهلل ،الطبعة األوىل ،مركز دراس CC Cات الوح CC Cدة العربیة،ب CC CریوتC
2002ص 117
جCC Cورج فریدیریش برهنارد ریمCC Cان( ، C C) 1866-1826رياضي أملاين ،كCC Cان يف بدایته مهتما بدراسة الالهCC Cوت ،مث حتول إىل
الریاضC Cیات ش CCغل كرسي الریاضC Cیات يف جامعة غ CCوتنجن ع CCام 1857بعد وف CCاة دیرش CCله ،كما أنتخب بع CCدها عض CCوا يف أكادیمیة
.Zeta Function. العلوم يف برلین ،اليت قدم هلا أهم حبوثه اجلدیدة حول األعداد األولیة اليت تقل عن عدد معین ،ودالة زیتا
14
متثل هندسة ریم CCان ش CCكلا آخرا للهندسة الال إقلیدیة .ففي مقالC Cه املنش CCور س CCنة 1854
اعترب « املكCC C C Cان احلقيقي Cليس المتناهيا ولكنه هو ال حمدود ،واملس CC C Cافة بني نقطCC C C Cتني ميكن أن
تصل إىل هناية قص CC C C C Cوى ،وهلذا ميكن تأس CC C C C Cيس Cهندسة مماثلة للهندسة الدائرية » 1ومن خالل
حتقیقه لفرض C Cیة ساكشیري حCC Cول الزاویة احلادة ،اليت تالئم تغ C Cیر املسCC Cلمات الإقلیدیة األوىل
والثانCیة واخلامسة على
النحو التايل:
-من نقطتین یوجد مستقیم على األقل.
-اخلط غیر حمدود.
-أي خطین يف فضاء سیلتقیان.
قCC C C Cام هو اآلخر ب C C C Cرد املسCC C C Cلمة القائلة ،بأنه ال یمكن أن یمر بنقطتین مفروضتین إال مسCC C Cتقیم
واحد واملكCCان Cاهلندسي الCCذي تصCCوره كCCان مغCCايرا متاما ملكCCان إقلیدس ولوباشفسCCكي .حيث
اف CCرتض فیه وج CCود أحیاء خمتلفة عنا ق CCادر ة على ختیل مك CCان متع CCدد األبع CCاد ،حبیث تص CCبح
اهلندسة القائمة على ثالثة أبعاد حالة خاصة منها.
ويُبَسط لنا بوانكاري C Cه املعىن لتق CC Cريب الفهم ،مبث CC Cال عن « ع CC Cامل ال تس CC Cكنه إال كائن CC Cات
سطيحة
ولنفرتض Cأن تلك احليوانات " الالمتناهية Cالتسطيح" موجودة مجيعا .ولنسلم -إضCافة لCذلك
ب CCأن Cذلك الع CCامل بعيد مبا فيه الكفاية Cعن الع CCوامل األخ CCرى حبيث ال يلحقه منها ت CCأثري وليس
علينا من حرج أن نضيف إىل تلك الكائنات Cفكرا ،وأن نعتربها Cقادرة على صناعة اهلندسة .
فلن تض CCفي تلك الكائن CCات Cيف ه CCذه احلالة على املك CCان إال بع CCدين » 2إن ه CCذه الكائن CCات Cالىت
1
Op cit, p 13.
هنري بوانكاريه ،العلم والفرضية ،مرجع سابق ،ص 118 2
15
نس CCجها اخلي CCال الرياضي لبوانكاريه حمكومة مبس CCتوى واحد ال تس CCتطيع اخلروج من CCه .واملك CCانC
عندها يتحدد ببعدين فقط .لكن مCاذا لو أهنا مل تتخCذ -مع بقائها سطیحة -شCكال مسCطحا
بل شCC C Cكال كرویا فأي هندسة س CC C Cتكون Cلتلك الكائن CC C Cات C؟ األكيد أهنا « لن تضCC C Cفي Cعلى
املك CCان إال بع CCدين وأن ما س CCيقوم Cعن CCدها مق CCام اخلط املس CCتقيم إمنا هو أقصر الس CCبل املؤدية من
نقطة إىل أخرى من الكرة ،وأعين به قوس دائرة كبCCرية ،أي أن هندسCCتها سCCتكون باختصCCار-
هندسة كروية» 1ومن هذا املثال نستنتج خصائص اهلندسة الرميانية إذا یصبح:
-اخلط املستقیم قوسا على كرة.
-ویمر عدد غیر حمدود من املستقیمات بنقطتین.
-أن تكون Cالنقطتان يف طريف قطر الكرة ،یمر منهما عدد غیر حمدود من الدوائر.
وهكCCذا تبCCدو القضایا اهلندس Cیة عند ریمCCان خمتلفة متاما عن قضایا إقلیدس ولوباتشفسCCكي Cمعا
واجلدول :التايل یبین بعض الفروق بینها.
نسبة حمیط
مقیاس در جة الدائرة إىل عدد املتوازیات جمموع زوایا نوع اهلندسة
االحنناء قطرها املثلث
< صفر < π٭ < 180 أكثر من مواز لوباتشفسكي
صفر π = 180 واحد إقلیدس
> صفر >π > 180 صفر ریمان
*اهلندسة Cالرياضية
ترتب عن ظهور اهلندسات الال إقلیدیة نتائج هامة يف مقدمتها حترر الریاضیات واهلندسة
من األشكال املكانCیة نتیجة التمییز بین اهلندسة النظریة أو اهلندسة الریاضCیة البحتة اليت یمكن
املرجع السابق ،ص118 1
16
إرجاعها إىل مف CCاهیم عقلیة جمردة ،واهلندس C Cیة الفیزیائیة وهي اهلندسة التجریبیة ألهنا تط CCبيق
للهندسة على الع CC Cامل .ويف CC Cرق بينهما اينش CC Cتني « معت CC Cربا Cأن اهلندسة الرياض CC Cية يقينية واهلندسة
الفيزيائية Cغري يقينية Cألهنا تتحCCدث عن الواقع » 1وكCCان كارنCCاب يعترب أن مصCCدر اخلطأ الCCذي
وقع
فيه كانط هو عCCدم التميCCيز بني هندسCCتني خمتلفCCتني هندسة رياضCCية وأخCCرى فيزيائية فال وجCCود
من وجهة نظر كانط لـ ـــ « هندسة أخ CCرى غري اهلندسة اإلقليدي CCة ،فهي اهلندسة بال CCذات ،ألن
ضCC C Cرورهتا مفروضة علينا بطبيعة تركيبنا الCC C Cذهين» 2ومل يكن ذلك التميCC C Cيز ممكنا قبل ظهCC C Cور
اهلندسات الالإقليدية .وعلى اعتبار أنه أصبح لدینا عدة هندسات ال تسCCتند إىل حCCدس مكCCاين
واح CC Cد ،أي تعCC Cدد املمكن CC Cات اهلندسC C Cیة أو املفرتض CC Cة ،فلم یعد علم اهلندسة یعىن مبدى مطابقة
النسق اهلندسي للواقع اخلارجي .ولقد كCC Cان ذلك حمط اهتمCC Cام العدید من الریاض C Cیین ،حیث
حCCاول الریاضي "كالین" تنس Cیق اهلندسCCات املمكنCCة ،معتمCCدا على نظریة اجملموعCCات ،فCCانتهى
إىل
3
أن عددها ال منتهي Cوأننا مل ندرس منها إال القلیل
وهكCCذا حتول علمCCاء اهلندسة للنظر يف اخلواص اهلندس Cیة نظCCرة جمردة بعیدا عن اتفاقها مع
الواقع أو عدم CCه ،لتتح CCول اهلندسة إىل علم ب CCاخلواص اهلندس C Cیة املمكنة Cعقال ال خبواص الواقع
املوجCCود .ویتجلى ذلك يف تعCCدد األنسCCاق اهلندسCیة غCیر الإقلیدیة كما رأینا من خالل هندسة
وهندسة ریم CCان اهلندسة hyperbolique لوباتشفسCC Cكي Cاليت تع CCرف باهلندسة الزائCC Cدة املقطع
االهلیجیة (. )Elliptique
وداد احلاج حسCCن ،رودولف كارنCCاب هناية الوضCCعية املنطقيCCة ،املركز الثقCCايف العCCريب ،الCCدار البيضCCاء ،املغCCرب ،ط 1
17
إن التصور اجلدید لطبیعة املبادئ الریاضCیة أحCدث حتوال على مسCCتوى احلقیقة الریاضCیة بصCCفة
عامة وعلى اهلندسة بصCCفة خاصة .واقCCرتن هCCذا التحCCول بظهCCور هندسCCات الإقلیدیة ،واليت مل
تعد تنظر للنظریات اهلندسیة على أهنا حقیقة واقعیة وعقلیة معا ،بل حقیقة عقلیة على أساس
عدم التناقض الداخلي بین قضایا النسق اهلندسي C،وهو یعرب عن الصCCدق املنطقي CالCCذي أصCCبح
االجتاه السائد منذ ذلك الوقت ،وختلت عن الصدق الواقعي للهندسة التطبیقیة أو التجریبیة
الفیزیائیة.
*أكسيوماتيك Cاهلندسة
أفرزت الهندسات الالإقلیدیة نتائج غريت من نظرة الریاضیین املعاصرين إىل املبادئ اليت
يؤسس CCون علیها بني CCاهنم الریاضC Cی .وأض CCحت ه CCذه املب CCادئ جمرد مس CCلمات أولية ال غري« إهنا
فروض ال خيامر واضعها شك يف صحتها أو عدم صحتها .فهو يضعها خارج منطقة الصCCدق
والكCCذب أو الصCCحة واخلطCCأ ،إهنا بتعبري بوانكاريه Cجمرد مواضCCعات » 1والتمییز الCCذي سCCاد يف
الفكر الإقليدي على اعتبار البدیهیة قضیة واضCحة بCذاهتا ،تفCرض نفسCها على العقCل ،يف حین
أن املسCC C Cلمة ال تتصف بCC C Cذلك ،مل يعد صCC C Cاحلا يف الریاض C C Cیات املعاصCC C Cرة .فليس هنCC C Cاك قضایا
تتصف
بالبداه CCة C،ففك CCرة الكل أكرب من اجلزء ،لا تب CCدو صحیحة إال يف میدان اجملموع CCات املتناهCیة.
وكل ما يوجد مواضعات واتفاقات ليس إالّ.
إن منطق احملاكمة الرياضCCية بعد ظهCCور اهلندسCCات الالإقلیدیة ،يتأسس على الCCدور الCCذي
تلعبه القضCايا Cوليس وضCCوحها وبCداهتها .Cومل يعد باإلمكCCان التميCيز بني املبCادئ الرياضCية على
أسCC Cاس أن بعضCC Cها أصCC Cدق من البعض CاآلخCC Cر ،و إمنا أصCC Cبحت جمرد فCC Cروض بCC Cاملعىن الرياضي
للكلم CC Cة ،وتكCC C Cون املبCC C Cادئ مشCC C Cروعة « يف نظر التفكري الرياضي احلديث إذا ك CC Cانت تسCC Cمح
18
بتش CC C C Cييد علم متماسك منتج ،ال ألهنا تنط CC C C Cوي يف ذاهتا على بداهة مطلقة» 1وه CC C C Cذا يش CC C Cكل
حتوال ج CCذریا يف الفكر الریاضي املعاص CCر ،ألنه فتح أفاقا واسعا لتص CCور جدید لطبیعة املب CCادئ
واألسس اليت أصCC C C Cبحت أكCC C C Cثر صCC C C Cوریة من خالل حتول الضCC C C Cرورة يف الربهCC C C Cان Cالریاضي إىل
الرابطة املنطقیة داخل النسق .وهو ما أصCC Cبح یطلق علیه النظCC Cام الفرضي االسCC Cتنباطي Cالق CCائم
على منظومة من األولیات أو البدیهیات ،یختارها الریاضي لتشC C C C Cیید ص CC C C Cرح ریاضي معین.
وهو ما يعرف كذلك باسم
19
مجیع احلدود األخرى.
-یجب النص ص CCراحة على القضایا األولیة اليت نع CCتزم أن ن CCربهن بواس CCطتها على مجیع
القضایا األخرى.
-یجب أن تكCCون العالقCCات القائمCة بین احلدود األولیة عالقCCات منطقیة ،تبقى مسCCتقلة
عن املعىن املشخص الذي یمكن إعطاؤه لتلك احلدود.
-یجب أن تكون هCCذه العالقCCات هي وحCدها اليت تتCCدخل يف الربهCCان ،وذلك باسCCتقالل
تام
1
عن معاين احلدود.
ویتضح لنا أن كل نظریة ریاضیة أكسیومیة تنطلق من:
* حCC C C Cدود أولیة :أو القضایا الالمعرفة تؤكد كوسC C C Cیلة وأداة لتعریف بCC C C Cاقي احلدود،
كالنقطة واملستقیم ،املستوي Cيف اهلندسة ،واجملموعة Cوالعنصر واالنتماء يف نظریة اجملموعات.
* املسCC C C C Cلمات :أو القضایا األولیة اليت نعتربها صحیحة بCC C C C Cالتعریف .ویعين ذلك أن
األلف CCاظ اهلندس Cیة املألوفة Cكالنقطة واملس CCتقCیم والس CCطح ،قد فق CCدت معانیه Cا العادیة املألوفة Cيف
القCCوامCیس أعين أهنا فقCCدت صCCفة كوهنا حدوسا هندس Cیة أي أشCCكاال مكانیة هلا صCCلة باملكCCانC
حملهCC C Cا ،فأصCC C Cبحت تلك األلفCC C Cاظ واحلدود طوائفC Class وحل التصCC C Cور املنطقي " طائفCC C Cة"
خمتلف CC Cة ،حتكمها عالق CC Cات ،االنتم CC Cاء واالحت CC Cواء 2وأص CC Cبحت حماولة ب CC Cاش يف اكسCC Cيوماتيك
اهلندسة طریقC C C Cة يف خمتلف صCC C C Cور اهلندسة .واجته الریاضC C C Cیون املعاصCC C C Cرون الذین عملCC C Cوا على
تأسC C Cیس اهلندس CC Cات على األسس الص CC Cوریة املنطقیة إىل االبتع CC Cاد عن األش CC Cكال إىل النظر يف
العالقات المنطقیة ،ویمكن جتلية ذلك مع أكسيوماتيك هلربت .
20
- 2صیاغة هلربت الكسیوماتیك اهلندسة:
من احملاوالت الرائCCدة يف تأسCیس الریاضCیات على الطریقة األكسCیومیة يف میدان اهلندسة
العمل ال CCذي أجنزه الریاضي دفید هل CCربت ح CCول اهلندسة الإقلیدیة س CCنة .1899وال CCذي اعترب
«اهلندسة مثل علم احلسCC Cاب تشCC Cرتط االنتقCC Cال من عCC Cدد صCC Cغري من القضCC Cايا األولية Cالبس CCيطة،
وهي عبCCارة عن أكسCCيومات اهلندسCCة» 1Cوأقامها على إحCCدى وعشرین أولية ،واعتربها كافیة
وض CCروریة للربهنة على القضایا املعروفة يف هندسة إقلیدس بص CCورة دقیقة وص CCارمة .وب CCالرغم
من أن أوليات
هل CCربت حتتفظ مبع CCان هندس CCية كالنقطة واملس CCتوي Cمثال ،ف CCإن «ذلك ال مينع من اس CCتبدال
ه CCذه املف CCاهيم اهلندس CCية Cبكلم CCات أخ CCرى ،مثل طاولة كرس CCي ،ك CCأس ش CCريطة أن تقبل ه CCذه
2
الكلمات نفس العالقات اليت تربط تلك األوليات»
وب CC Cدأ هل CC Cربت بالتص CC Cريح بجمیع أولیات اهلندسة الإقلیدیة ،وكشف له ذلك عن أولیات
كCCانت تسCCتعمل يف هCCذه اهلندسة بصCCورة ضCCمنیة ودون التصریح هبا .وبعد ذلك قCCام بتصنCیف
3
جمموع هذه املسلمات فصنفها إىل مخس هي:
1أولیات الرتابط : Cوهي اليت تقيم رابطة معینة بین املف CC Cاهیم اهلندسC C Cیة الثالث CC Cة( النقطة
املسCC Cتقیم ،املسCC Cتوي) ،ومن هCC Cذه األولیات على سبیل املثCC Cال :النقطتCC Cان املتمایزتCC Cان حتددان
مستقیما ،النقط الثالث اليت تقع على مستقیم حتدد مستویا دوما .
2-أولیات التوزیع :وهي حتدد العالقة اليت نعرب علیها بكلمة (بین) واليت تس CC C C Cمح
بتوزیع النقط على املستقCیم واملستوي والفراغ.
1
– D.Hilbert : Les principes fondamentaux de la géométrie traduction L.Laugel Gautier
Villars, Paris, 1900, p7
حممد عابد اجلابري ،مرجع سابق ،ص 88 2
21
3-أولیة التوازي :ختص مسلمة إقلیدس املعروفة.
4-أولیة التطابق :تتعلق بالتساوي اهلندسيC.
5-أولیة االتصCCال :وترتبط مبا یعCCرف ببدیهیة أرمخدیس القائلCCة :بCCأن كل طCCول معطى،
إذا ض CCرب يف ع CCدد صحیح كب Cیر مبا فیه الكفایة ،فانه ینتهي Cإىل جتاوز أي ط CCول آخر معطى
1
مهما كان كبیرا ،فجمیع نقاط .هندستنا العادیة موجودة على اخلط الالارمشیدي
وانطالقا من ه CC Cذه األولي CC Cات یتم الربهنة Cعلى مجیع النظریات املعروفة يف اهلندسة الإقلیدیة،
وقد حCC C Cرص على بیان عCC C Cدم وجCC C Cود تنCC C Cاقض بین أولیاهتا والربهنة Cعلى اسCC C Cتقالهلا C،مسCC Cتعینا
باحلساب مما أعطى تأویال حسابیا لنظامه االكسیومي مربزا بذلك عدم تناقضها.
لكن هذه الفكرة تعرضت لبعض االعرتاضCات C،ألن اسCCتقالل مسCCلمة عن أخCرى ،یمتنع معها
هنري بوانكاریه ،مرجع سابق127 ، 1
22
1
االستنباط ،بسبب عدم االشرتاك أو االتصال من مسلمات كل طائفة.
2-عدم التنCCاقض C:یعد عCCدم التنCCاقض من أهم الشCCروط املنطقیة يف إقامة النسق الریاضي
االكس Cیومي ،ویع CCرف هل CCربت ع CCدم التن CCاقض Cبأن CCه :اس CCتحالة اس CCتنباط Cقض Cیة ما تن CCاقض تلك
املسCCلمات أي تكCCون Cنفیا كلیا أو جزئیا إلحCCدى املسCCلمات .فهي « تتلخص يف الربهنة على
2
نظرية ما وعلى عكسها داخل بناء أكسيومي معني»
3-اإلشCC C Cباع :یعين هCC C Cذا الشCC C Cرط عند هلCC C Cربت أن طائفة معینة من املسCC C Cلمات تكفيC
مبفردها للقیام مبهمة اسCCتنباط قضایا أو نظریات فCرع معین من فCروع الریاضCيات.ويقCCال عن
نسق ما إنه مشبع « عندما اليكCCون يف اإلمكCان CإضCافة أولية مسCCتقلة جديCدة إىل أولياتCه ،وإال
أدى ذلك إىل
/2الهندسة الفراكتالية
/مفهومه CCا :يف سCC Cبعينيات CالقCC Cرن العشCC Cرين توصل العلمCC Cاء الرياضCC Cيون إىل مكCC CونC أ
رياضي هندسي جديد أطلق عليه هندسة الفراكتال .وتعCC C C C C C C C C C C C C Cرف كCC C C C C C C C C C C C C Cذلك باسم هندسة
التشعباتC.
4
ومص CCطلح الفراكت CCال «اش CCتقاق من كلمة " كسر عش CCري" بالالتيني CCة ،وهو " فراكت CCوس"«
)Benoitس CC Cنة (Mandelbrot
اس CC Cتعمله للم CC Cرة األوىل يف الرياض CC Cيات بين CC Cوا مان CC Cديلربوت
1
D.Hilbert, op cit, p 32
حممد عابد اجلابري ،مرجع سابق ،ص 85 2
جCCاميس غليCCك ،نظرية الفوضCCى ،علم الال متوقCCع ،ت CCر :أمحد مغ CCريب ،دار السCCاقي ،ط ،1بCCريوت ،2008 ،ص 4
122
بنCCوا مانCCدلربوت ( C )2010 C - 1924عCCامل رياض Cيات فرنسي -أمCCريكي .ولد يف بولنCCدا ،وانتقلت CأسCCرته اىل
23
1974وهو من أطلق على تلك اهلندسة اجلدي CC Cدة اسم "فراكت CC Cال" ول CC Cذلك عّ C C Cد مؤسسC C Cا
للهندسة الفراكتالية .Cح CCدد من CCدلربوت هلذه اهلندسة اجلدي CCدة جمموعة من املس CCلمات اليت ميكن
أن ختتص هبا األشCCكال الفراكتالية Cدون غريها يف األنسCCاق اهلندسCCية .CوضCّ Cمن هCCذه األفكCCار يف
كتابه الذي أعيد تنقيحه وإصداره بعنوان " الفراكتال هندسة يف الطبيعة".
أما عن نش CC C C Cأهتا وتطورها فCC C C C Cإن هندسة الفراكتCC C C C Cال تعترب ش CC C C Cكال جدي CC C C Cدا من أش CC C Cكال
الرياض CC C Cيات املعاص CC C Cرة اليت هتدف إىل دراسة األش CC C Cكال اهلندس CC C Cية املؤلفة Cمن ُك َسC C C Cرْي يات غري
منتظمة ومعقCCدة واليت ال ميكن دراسCCتها من خالل اهلندسة اإلقليدية الكالسCCيكية C.فCCإذا كCCانت
أش CC Cكال اهلندسة التقليدية تت CC Cألف من اخلط والس CC Cطح املثلث والك CC Cرة والقم CC Cع...وص CC Cنع منها
إقليدس هندسة دامت
ألفي عام ،ومل يدرس كثريون سواها...ولكن تلك التجريدات التصCلح يف فهم الظCواهر
املعقCCدة C.ال تشCCبه الغيCCوم CالكCCرات ،وال اجلبCCال القمCCع ،وال يسري الCCربق يف خط مسCCتقيم ،كما
أًلِف مانCCدلربوت القCCول .إن اهلندسة اجلديCCدة تعكس «كونا خشCCنا وليس ناعمCCا ،قاسCCيا وليس
كرويا.
إهنا هندسة املتقطّع واملشCC C C Cوش واملشرشر واملتCC C C Cداخل واملعقد وامللتCC C C Cوي .لكي يظهر فهم
جديد عن الطبيعة « 1إن الرياضCCيات السCCابقة واليت كنا نسCCتخدمها ،ولCCزمن طويل يف دراسة
حركة الكواكب Cوبناء األهرامCات وما إىل ذلCك ،كCانت توجهها فكCرة أساسCية وهي أن كل
شCCيء منتظم وخيضع للخط املسCCتقيم والCCدوائر واملثلثCCات .لكن الواقع أن األشCCكال يف الطبيعة
فرنسا عنCC C Cدما كCC C Cان طفال ،وتلقى تعليمه يف فرنسCC C Cا .وحيمل اجلنسCC Cيتني الفرنسCC Cية واالمريكيCC Cة .عمل بالعديد Cمن
احلقول الرياضياتية مثل الفيزياء الرياضية والرياضيات املالية ،ولكن أكثر ما يعرف به هو انه مؤسس علم اهلندسة
الفراكتالية حيث ابتكر جمموعة ماندلربوت.
املرجع نفسه ،ص 118 ، 117 1
24
هي خارج الرياضيات التقليدية.
ولذلك جاءت هندسة الفراكتال أو التشعبات لتCCدقق النظر يف األشCCكال املوجCودة يف
الطبيعCC Cة.فوجCC Cود « هCC Cذه األشCC Cكال ،مثّل حتديا لنا لدراسة تلك النمCC Cاذج اليت تركها إقليCC Cدس
باعتبارها Cليست أش CCكاال « 1فهن CCاك نظCC Cام يف الفوضى الظاهريCC Cة ،وميكن تطCC Cبيق الرياض CCيات
عليهCCا .إن التعقيد يف نظر مانCCدلربوت «يظهر كأنه استعصCCاء Cال يCCرام ،إذا نظر إليه من وجهة
نظر اهلندسة اإلقليديCC C Cة .ورأى أن وصف ذلك التعقيد من منظCC C Cار الفراكتCC C Cال ،يبCC C Cدو ش CC Cفافا
وبس CCيطا ،فكل ما يل CCزم هو حفنة من املعلوم CCات « 2ف CCإذا ك CCان الش CCكل اإلقلي CCدي كال CCدائرة
مثال ،يبCCدو أكCCثر تسCCطحاً بزيCCادة التكبCCري ،وعنCCدما يصCCبح التكبري الهنائيCاً يصCCبح من املسCCتحيل
التمي CCيز فيما إذا ك CCان أصل الش CCكل دائ CCرة أو خط مس CCتقيم ،ف CCإن يف الكس CCرييات Cتنع CCدم ه CCذه
اخلاصة .ألن زيادة تكبري الكسرييات يظهر تفاصيل أكثر وأكثر كانت غائبة سابقاً.
وظهCCرت هCCذه اهلندسة نتيجة لنظريCCات حديثة يف جماالت وأفCCرع التوبولCCوجي ومنت بتقCCدم
علوم الكمبيوتر وأساليبه Cوتطبيقاته يف الرسوم والنمذجة ألنه يسمح بتكCرار املعCادالت ماليني
املرات وهCCذا مCCاال ميكن القيCCام به يCCدويا .وتتمCCيز هCCذه الرياضCCيات بتطبيقاهتا الواسCCعة وبCCدورها
األساسي Cيف منو نظري CC C C C C C Cات علمية ورياض CC C C C C C Cية معاص CC C C C C C Cرة مثل نظرية الفوضى ،ونظرية النظم
الديناميكية غري اخلطي CC C C C C C Cة .وهلذه الرياض CC C C C C C Cيات دور يف منو الرس CC C C C C C Cوم البيانية الكمبيوترية مثل
األشكال الفرضية.
1
Mandelbrot, Benoit. The Fractal Geometry of Nature. W.H. Freeman and Company,
usa,1983 p1
جاميس غليك ،مرجع سابق ،ص 124 2
التوبولوجيا فCCرع من أفCCرع الرياضCCيات املعاصCCرة .أصل الكلمة يونCCاين من toposوتعين مكCCان و logosتعين
دراسة .وهي دراسة اجملموعات املتغرية اليت ال تتغري طبيعة حمتوياهتا .مما دفع بعض علماء الرياضCCيات واهلندسة إىل
تس CCميتها اهلندسة املطاطية .وميكن الق CCول أن ه CCذا العلم يهتم باخلص CCائص الرياض CCية اليت ال تت CCأثر عند التح CCول من
فضاء رياضي إىل آخر.
25
وتبحث هندسة الفراكت CCال يف وصف خص CCائص األش CCكال يف الطبيع CCة ،ول CCذلك فهي
هتتم بCC Cالتحقق من اخلصCC Cائص الرياضCC Cية لبعض األشCC Cكال والظCC Cواهر الطبيعية Cوحماولة تفس CCريها
وفق Cاً خلصائصCCها الفراكتالية .CوتCCرك مانCCدلربوت « هلندسCCتة اجلديCCدة حرية العمل على األمناط
غري املنتظمة اليت الحظ وجودها يف الطبيعة C.ويف تلك اهلندسة عينها ،بدا أن درجة الالانتظامC
تبقى Cثابت CCة ،عرب مق CCاييس متفاوت CCة .وس CCرعان ما اس CCتطاع إثب CCات تلك املقولة 1 « Cول CCذلك ف CCإن
هندسة الفراكتال تربطنا وبشكل كبري بالعامل احمليط بنا وتغرياCت األشكال يف الطبيعة.C
وكبCCرية جCCدا رسCCوم الطبيعة من جبCCال ووديCCان وتفرعCCات أغصCCان شCCجر« 2وهي تطCCبيق
لنمط هندسي معني على أحد األشكال اهلندسية Cعدة مرات ،وأبCCرز خصCCائص هCCذه األشCCكال
خاصيتان مها:
أ /خاصية التشابه الذايت ( )Self- Similarity
وتعين التشابه بني األجCCزاء املكونة CللشCCكل ،أي أن اجلزء من الكل يشCCبه متامCاً ذلك الكل فCCإذا
أض CCفنا ج CCزءاً متك CCامالً Cمن األج CCزاء املتكونة للش CCكل الف CCراكتلي ،مث قمنا بتكب CCريه ع CCدة م CCرات
انطCCوان بطCCرس ،الثCCورات العلمية يف القCCرن العشCCرين ،شCCركة املطبوعCCات للتوزيع CوالنشCCر ،ط ،2لبنCCان،1997، 2
ص 115
26
فإننا يف
النهاية Cسنحصل على الشCCكل األصCCلي ،فالشCCكل الكسCCوري مليء« بالتفاصCCيل املتشCCاهبة مبعىن
أن كل تفص CCيل دقيق منها هو تك CCرار للص CCورة األم مما جيعلها متش CCاهبة ذاتيا « 1وهي ش CCبيهة
للشCCكل الCCذي هي جCCزء منه .وعن طريق اختيارنا ألي جCCزء من الشCCكل وتكبCCريه CعCCدة مCCرات
فإننا نصل إىل االقتن CCاع Cبوج CCود خاص CCية التش CCابه ال CCذايت للش CCكل .وتوجد ثالثة أن CCواع للتش CCابه
الذايت يف الفراكتاالت:
تشCCابه ذايت متطCCابق :يعد أقCCوى أنCCواع CالتشCCابه الCCذايت ،إن األشCCكال « اليت وصCCفت بأهنا
وحCC Cوش هندسة التكCC Cرار املتغري ( الفراكتCC Cال) مثل شCC Cكل كCC Cوخ ،بينت مفهCC Cوم الشCC Cبه املتغري
للشيء مع نفسه ،ألهنا بدت بالشكل نفسه« 2حيث تبدو الكسCCرييات Cذاهتا على أي مقيCCاس
تكبري إن الكس CCرييات املعرفة باس CCتخدام أنظمة التوابع التكرارية غالبC Cاً ما تك CCون ذات تش CCابه
ذايت متطابق.
-تشCC Cابه ذايت ظCC Cاهري :وهو منط غري حمكم من التشCC Cابه الCC Cذايت ،تبCC Cدو الكسCC CريياتC
متطابقة إىل حد ما (ولكن ليس متام Cاً) على مقCCاييس تكبري خمتلفCCة ،حتتCCوي كسCCرييات التشCCابه
الذايت الظاهري على نسخ مصغرة من كامل الفركتال ولكن بأشكال منحلة مشوهة ،إن
الكس CCرييات Cاملعرفة بعالق CCات تكرارية غالب Cاً ما تك CCون ذات تش CCابه ذايت ظ CCاهري وليست
ذات تشابه ذايت متطابق.
-التش CCابه ال CCذايت اإلحص CCائي :Cيعد من أض CCعف أن CCواع التش CCابه ال CCذايت ،يب CCدي الكس CCريية
قياسات رقمية أو إحصائية ثابتة على اختالف مقاييس التكبري.
ب /خاصية البعد الفراكتلي ( )Fracty Dimension
إذا علمنا أنه يف اهلندسة التقليدية النقطة ترسم يف البعد الصCCفري ،أي ليس هلا بعCCد ،وأن
املرجع نفسه ،ص 115 1
27
اخلطCCوط املسCCتقيمة هلا بعد واحCCد ،بينما ترسم املربعCCات واألشCCكال اهلندسCCية املسCCتوية األخCCرى
يف بعدين ،وكذلك نعرف أن املكعب والأسطوانة والكرة ترسم يف ثالثة أبعاد ،فما هو البعد
الفراكتلي ؟.
إن األبع CCاد الس CCابقة يف اهلندسة اإلقليدية ال تعترب مناس CCبة مع ت CCركيب الش CCكل الف CCراكتلي
ألن البعد الفCC Cراكتلي بشCC Cكل عCC Cام ليس عCC Cدد وال قيمة عددية .ومنحىن الفراكتCC Cال يعترب أحد
األبع CC Cاد لألش CC Cياء يف املس CC Cتوى Cال CC Cذي له بع CC Cدين ويقع بني 2.1باملثل كما الس CC Cطح الفCC Cراكتلي
Fractly Surfaecله بعدين ويقع بني 3.2فالقيمة تعتمد على كيفية إنشاء الفراكتال .
وميكن تصCC C C C Cنيف الفCC C C C Cراكتالت أو الكسCC C C C Cرييات CوباالعتمCC C C C Cاد على طريقة توليCC C C C Cدها يف ثالث
جمموعات رئيسة .هي:
/1أنظمة الدوال املتكررة :وحتتوي هذه اجملموعة على قاعدة استبدال هندسي واضحة
لكل كسCCريية .ومن هCCذه األشCCكال «منحىن بيCCانو ،ومرسة سCCريبنسC-كي ،ونقطة فCCون كCCوخ
الثلجية وخط كCC C Cانتور وكلها أشCC C Cكال ناجتة عن عمليCC C Cات حسCC C Cابية منطقية معقCC C Cدة ح CC Cريت
1
الرياضيني«
/2كسCC C C Cرييات االنفالت Cالوقيت :وتعCC C C Cرف الكسCC C C Cرييات يف هCC C C Cذه اجملموعة عرب عالقة
تكرارية
من أجل كل نقطة يف الفCC C C C Cراغ (كما يف املسCC C C C Cتوى CالعقCC C C C Cدي) .أمثلة على ذلك جمموعة
مانCC C C C Cدلربوت وجمموعة جوليا ،وهو « االسم الCC C C C Cذي أطلقه عليها مانCC C C C Cدلربوت تيمنا بالع CC C Cامل
الرياضي الفرنسي غاسCCتون CجوليCCا ،وال CCذي تص CCورها رياضCCيا يف أوائل القCCرن العش CCرين ،وج CCاا
2
ماندلربوت ليحققها اآلن تصويريا«
/3الكسرييات العشوائية :وتولد من خالل إجCCراءات خمتCCارة بشCCكل عشCCوائي بCCدالً من
املرجع السابق ،ص 121 1
28
أن تكون Cحمددة ،أمثلة على ذلك املناظر الكسريية ،Cورحلة ليفي.
وأربكت Cه CCذه النتيجة علم CCاء الرياض CCيات يف مطلع الق CCرن العش CCرين ،حيث تلقت اجله CCات
العلمية والرياضCC C Cية نظرية مانCC C Cدلربوت بكثري من االسCC C Cتخفاف ،واعتربوها Cجمرد أكذوبة لفقها
الكومCCبيوتر وبCCدأت املقCCاالت الناقCCدة تتCCواىل وهي تصف "بنCCوا" Cبأنه Cرياضي سCCيئ وأن هندسة
التشعبات Cجمرد هراء وكأن Cعني العلم عميق كما يقول بنوا. C
بل وحكم عليها أن ال ت CCرى األش CCياء كما هي .فالرياض CCيون ي CCألفون ما عايش CCوه خصوصا
اخلط CC C Cوط املس CC C Cتقيمة واملنحنية واليت ميكنهم عمل العديد من األش CC C Cياء هبا حىت ج CC C Cاءت ه CC Cذه
اهلندسة لتب CCدد احلدس املنطقي عن اخلط CCوط واألش CCكال .وهبا توصل بعض علم CCاء الرياض CCيات
إىل ختيل «أشCCكال أشد غرائبية من منحىن كCCوخ .فظهر شCCكل بايCCانو ،وسCCجادة سCCريبنزكي،
وحشCCية سCCريبنزكي .ولصCCنع سCCجادة ،ميكن البCCدأ مبربCCع ،مث ق ّسCمه إىل تسCCعة أقسCCام متسCCاوية،
مث أزال القسم ال CC Cذي يف منتص CC Cفها .مث ك CC Cرر العملية عينها مع كل املربع CC Cات الثمانية املتبقيCC Cة،
ودوما مع إزالة القسم الCC C Cذي يف الوسCC C Cط ...مما يولد شCC C Cكال يصCC C Cعب Cختيله ألنه يثبت Cأن أي
نقطة اعتباطية تصبح نقطة متفرعة وبرتكيب Cشبيه بشوكة الطعام« .1
إن األش CCكال اليت وص CCفت بأهنا وح CCوش هندسة التك CCرار املتغري (الفراكت CCال) ،مثل ش CCكل
كوخ،
بينت Cمفه CC Cوم الشCC Cبه املتغري للش CC Cيء مع نفس CC Cه ،ألهنا بCC Cدت بالش CC Cكل نفس CC Cه ،حىت مع التكبري
العCCايل .وغCCدا الشCCبه املتغري تقنية CلبنCCاء األشCCكال اهلائلة اليت تنتج من تكCCرار التحCCول نفسه مثل
تقسCCيم املربع وحCCذف أحد األقسCCام ،على مسCCتويات أصCCغر فأصCCغر...مثل االنعكCCاس CاملتكCCرر
بصورة ال هنائية لشخص يقف بني مرآتني متوازيتني .
29
ومن خالل كتاب الفراكتال ملاندلربوت حاول أحد الباحثني األمريكيني (سكولز)
والمهتمني بشؤون اهلزات األرضCCية البحث عن « سCCبل لالسCCتفادة من كتCCاب مانCCدلربوت عن
اهلندسة التكرارية Cاملتغ CCرية للطبيع CCة .وجذبه اهتمامه باألس CCطح إىل الكت CCاب ال CCذي جعله ب CCؤرة
اهتمامه « 1وخباصة ما تعلق منه باألسCC Cطح ووصف اهلزات األرضCC Cية وتصCC Cنيفها CوقياسCC Cاهتا.
ومثلت هندسة الفراكتCC C C C Cال نقطة التقCC C C C Cاء بني علمCC C C C Cاء شىت التخصصCC C C C Cات ،والحظ CC C C Cوا أهنا قد
تس CCاعدهم على فهم نظ CCام الظ CCواهر اليت يدرس CCوهنا ،واليت ش CCكلت فوضى فيما مضى .بل أن
كتCC C C Cاب هندسة الفراكتCC C C Cال "لبنCC C C Cوا" كCC C C Cان مليئا باألمثلة والتطبيقCC C C Cات النافعة يف اجملال العلمي
وبرياضCC Cيات التشCC Cعبات ميكن قي CC Cاس األش CC Cكال الطبيعية Cابت CC Cدء من جف CC Cاف األهنار إىل حركة
الغيCCوم Cيف السCCماء وسCCاعد مفهCCوم التكCCرار املتغري العلمCCاء على درس الطريقة اليت تتقCCارب فيها
األشCCياء بعضCCها من بعض ،وأيضا سCCبل تشCCعبها وتفككها وتشCظّيها ،و« بCCدا كطريقة جديCCدة
للنظر إىل املادة وللتفكري يف أسCC C C C C C C C C C Cطح املواد املعدنية اليت تظهر شCC C C C C C C C C C Cديدة التشCC C C C C C C C C C Cعب حتت
امليكروسكوب ،وللتأمل يف الفتحات والقنCCوات Cيف الصCCخور احملتوية Cعلى البCCرتول ،وللنظر إىل
اهلزات األرضية« .2
ويف التس CCعينيات من الق CCرن املاضي اس CCتخدم الفلكي ناث CCان ك CCوهني هندسة التش CCعباتC
ليحقق اجنازا كب CCريا يف مي CCدان االتص CCاالت االلكرتوني CCة C،عن CCدما ابتكر هوائيا من وحي هندسة
التشCC Cعبات CوكCC Cانت النتيجة هCC Cوائي Cجيد وأصCC Cغر بكثري من اهلوائي CالعCC Cادي وزيCC Cادة عن ذلك
كان
أكCC Cثر كفCC Cاءة ألن الراديو أصCC Cبح يلتقط موجCC Cات أكCC Cثر وأبعد مما كCC Cان عليه يف الس CCابق.
وأصبحت هوائيات التشعبات Cتستخدم يف اهلواتف Cاخللوية واألجهCCزة الالسCCلكية .ومن االمثلة
30
األخ CC C Cرى الس CC C Cتخدامات هندسة الفراكت CC C Cال هو طب القلب ،فقد « أظهCC C Cرت البح CC Cوث عن
أمراض القلب وسCCالمته األمهية احلامسة ملعرفة الطريقة اليت تنسق هبا انقباضCCات اخلاليا العضCCلية
يف األقسCC C C C C C Cام املختلفة من القلب ،مما يكفل ضخ الCC C C C C C Cدم ودورانه يف اجلسم « 1حيث كCC C C C Cان
االعتقCC Cاد أن أجسCC Cامنا آلة ودقCC Cات القلب منظم للCC Cوقت ،وهي تشCC Cبه عمل رق CCاس الس CCاعة يف
إيقاعه.
إال أن الطب املعاصر مع غولCC Cدبرغر أثبت أن النظرية القدمية كCC Cانت خاطئCC Cة ،ألن
صCCورة دقCCات قلب سCCليم بينت Cخطوطا غري منتظمة تتCCأرجح كثCCريا صCCعودا وهبوطCCا C،وكCCانت
تCCرددات نبضCCات القلب شCCبيهة بسالسل اجلبCCال اليت أوردها مانCCدلربوت يف كتابه عن هندسة
التشCCعبات C.ووجد غولCCدبرغر أن القلب السCCليم يتمتع بتموجCCات واضCCحة قد تسCCاعد يوما يف
تشCC C C Cخيص أمCC C C Cراض القلب يف وقت مبكCC C C Cر .ويف جامعة أوريغCC C C Cون Cاألمريكية وجد فريق من
األطب CC C Cاء تطبيقا آخر يف جمال طب العي CC C Cون Cودلت االختب CC C Cارات اليت ق CC C Cام هبا على أن العني ال
تنظر إىل األش CCياء بطريقة منتظمة أو ناعم CCة ،بل الرسم البي CCاين ال CCذي يظه CCره الكوم CCبيوتر يب CCدو
كتشعبات هندسية دقيقCCة .ورأى آخCCرون ،أن هندسة التشCCعبات Cأو الفراكتCCال ميكن أن تكCCون
أداة عملية لتطCCوير بعض األمCCور الرياضCCية اليت تسCCاعد يف تشCCخيص مCCرض السCCرطان يف وقت
مبكCCر .إذ أن املنحى التشCCعيب قد يكCCون فعCCاال يف التميCCيز بني عضو سCCليم وآخر مصCCاب وبCCدأ
العلماء يف حتقيق خطوات كبرية يف هذا اجملال.
وتوصل العلماء إىل معرفة كيفية توزيع الغذاء على اخلاليا ونظام الدورة الدموية ونظام
التنفس Cوالنظ CCام العص CCيب ،ويف كل م CCرة وجد العلم CCاء أن نظ CCام التش CCعب اهلندسي Cالفراكت CCايل
يCCواجههم .ووجCدوا أن األنظمة البيولوجية تتبع قاعCCدة واحCCدة وهي التشCCعبات وهCCذا يعين أهنا
تتبع
31
قواعد رياضCC C C C Cية بسCC C C C Cيطة قد تقودنا إىل معرفة كيفية عملهCC C C C Cا.ويف عCC C C C Cام 1997أعلن عاملان
(وست ب CC Cرون وأنكويس CC Cت) Cأن التشCC Cعبات Cهي اليت حتكم العالقة بني الكتلة أمريكي CC Cان
والطاقة عند الكائن CC C Cات Cاحلية وإلثب CC C Cات ذلك قاما بتج CC C Cارب ومعرفة إذا ما ك CC C Cانت تش CC Cعبات
شCCجرة واحCCدة قد تقCCود ملعرفة كيفية عمل غابة بأسCCرها .و اسCCتغال « مفهCCوم هندسة التكCCرار
املتغري لفهم ال CC Cرتكيب Cالب CC Cنيوي Cلألش CC Cجار ،اليت حتتCC C Cاج إىل ش CC Cبكات متشCC C Cعبة ال متناهيCC Cة ،يف
أغص CCاهنا وأوراقه CCا ،اللتق CCاط الطاقة من الش CCمس وملقاومة Cال CCريح «1وأج CCريت التج CCارب بغابة
هي حممية طبيعية Cبكوستاريكا Cملا تلعبه من دور يف تعديل املناخ على األرض .وذلك بسCCحب
ثCCاين أكسCCيد الكربCCون يف اجلو .ومبا أن معCCدل الكربCCون يتزايد يف العCCامل فكم ميكن هلذه الغابة
أن متتص منه؟
أف CCرزت نت CCائج البحث أن توزيع األش CCجار يف الغابة وحجمها يب CCدو مطابقا حلجم وتوزيع
األغص CCان يف الش CCجرة الواح CCدة .وإذا ك CCان ه CCذا ص CCحيحا ف CCإن دراسة ش CCجرة واح CCدة يس CCهل
إمكانية Cالتنبؤ بكمية ثاين أكسيد الكربون الذي ميكن للغابة أن متتصه من اجلو.
واملذهل أن أرق CCام الدراسة يف الش CCجرة الواح CCدة ك CCانت متقاربة ج CCدا مع الغابة كك CCل .وه CCذا
جناح آخر هلذه اهلندسة ميكن اإلنسان Cاملعاصر من التخفيف من ظاهرة االحتباس احلراري.
لقد متكن العلم CC Cاء وبفضل اهلندسة الفراكتالية من إخض CC Cاع الطبيعة للرياض CC Cيات وفق مفه CC Cوم
هندسي جديد .فما كنا نعتقد بأنه حمض فوضى طبيعية Cثبت أنه نظCC C Cام شCC C Cديد الدق CC Cة ،ميكن
قياسه ووضع اخلرائط له باسCCتخدام هندسة التشCCعبات .وإذا كCCانت الرياضCCيات وسCCيلتنا لفهم
تعقي CC Cدات Cالطبيعة ف CC Cإن هندسة الفراكت CC Cال والتش CC Cعبات هي من أعطتنا املف CC Cرادات واللغة اليت
متكننا من فهم وتفسري غCCرائب الطبيعCCة .وهCCذا ما أقنع العلمCCاء يف خمتلف التخصصCCات بCCأن «
هندسة التكرار املتغري إمنا متثل هندسة الطبيعة نفسها « .2
32
املبحث الثاين :النسبية والكوانتا ،الفوضى ونظرية Cاملعلومات
/1نظرية النسبية
احلديث عن نظريCC Cة النسCC Cبية CيفCC Cرتض اسCC Cتذكارا ألهم أسCC Cس الفيزياء الكالسCC Cيكية .ليس
باعتبCCار األوىل امتCCدادا للثانيCCة ،بCCل ألن صCCاحب نظريCCة النسCCبية CاينشCCتني بCCىن تصCCوراته CاجلديCCدة
انطالقا من مناقشة مفاهيم نيوتن الفيزيائية.
تأسست Cالفيزياء النيوتونية أو الكالسCC Cيكية Cعلى جمموعة من مف CC Cاهيم وف CC Cروض وقCC Cوانني
أساسCية تفCرض اإلطالق أمههCا ،الزمCان املطلCق ،املكCان CاملطلCق ،الكتلCة ،األثري وقCانون اجلاذبيCة.
وحCC C Cددها نيCC C Cوتن خبصCC C Cائص أمههCC C Cا ،االسCC C Cتقالل C،التجCC C Cانس ،الثبCC C Cات ،الالتنCC C Cاهي واملطلقي CC Cة.
وجCCدير بالCCذكر أن الصCCرح الفيزيCCائي Cعند نيCCوتن له خلفيCCات علمية سCCابقة عنه حيث إنه عمل
على توس CC C C Cيع ق CC C C Cوانني كبلر يف احلركة و« ب CC C C Cدأ يفكر يف وج CC C C Cود ق CC C C Cوة جاذبة بني الش CC C Cمس
والكCC Cواكب CوكCC Cانت أمامه مصCC Cادر عCC Cدة هلذه الفكCC Cرة أشCC Cهرها ظCC Cاهرة املغناطيسCC Cية املعروفة
والق CCوة » ش CCبه املغناطيس CCية « بني الش CCمس والك CCواكب Cاليت اف CCرتض كبلر وجوده CCا.اجلمع بني
»الCCروح احملركة« وهCCذه املغناطيسCCية CلCCدى كبلر أسCCفر عن املدارات البيضCCاوية CللكCCواكب C.أما
ل CCدى ني CCوتن ،فرمبا يك CCون Cالت CCوازن Cبني القص CCور ال CCذايت وبني ق CCوة اجلذب جتاه الش CCمس هو ما
ينتج املدارات البيضاوية Cالثابتة« .1
وعمل ني CCوتن على دس CCرتة ه CCذه الف CCروض والق CCوانني يف عمله املعن CCون Cبــ املب CCادئ الرياض CCية
للفلسCC Cفة الطبيعية CوالCC Cذي يعCC Cرف عCC Cادة باملبCC Cادئ األساسCC Cية C.وكCC Cان ذلك سCC Cنة .1686و«
املبCC C Cادئ األساسCC C Cية تتCC C Cألف من ثالثة كتب ،األول يتنCC C Cاول مسCC C Cائل احلركة دون احتك CC Cاك أو
ل CCورنس إم برينس CCيبيه ،الث CCورة العلمية مقدمة Cقص CCرية ج CCدا ،ت CCر :حممد عبد ال CCرمحن إمساعيل ،مؤسسة هن CCداوي 1
جيل كريستيانسCCن ،اسCCحاق نيCCوتن والثCCورة العلميCCة ،تCCر :مCCروان البCCواب ،مكتبة العبيكCCان ،الريCCاض ،ط،1،2005 1
ص 113
فريد آالن وولف ،مع القفزة الكمومية ،تر :أدهم السمان ،مكتبة دار طالس ،دمشق ،ط ،2002 ،2ص 45 2
جيل كريستيانسن ،اسحاق نيوتن والثورة العلمية ،مرجع نفسه ،ص 113 3
34
خمتلفني فالزمان واملكان يكونان Cحقيقة موضوعية Cواحدة بالنسبة إىل مجيع الناس .إن إميان
نيCCوتن باملكCCان CوالزمCCان املطلقني يعكس قناعة نيوتونية مفادها أن الكCCون CثCCابت أو سCCاكن غري
متحرك وأن الزمان موجود حىت ومل توجد احلركة .
لقد صارت قوانني نيوتن يف احلركة وفرضياته حCCول الزمCCان واملكCCان حمور العلم بل العلم
الفيزي CC Cائي Cكله يف الق CC Cرنني الث CC Cامن عشر والتاسع عشر ،حيث هيمنت على الفكر العلمي ملدة
ثالث قCC C C C C C C C Cرون كاملة إىل درجة اعتقد العلماء يف تلك الفCC C C C C C C C Cرتة Cأن الفيزياء شCC C C C C C C C Cارفت على
هنايتها.وكانت« Cاالفكار والنظريات العلمية اليت ظهرت خالل املدة املذكورة ،مل تكن تقبل،
أو على األقل مل يكن ينظر إليها بعني االرتي CC Cاح والرض CC Cى ،إال إذا كCC Cانت مندرجة يف النظCC Cام
العام الذي أقامه صاحب نظرية اجلاذبية» 1مبعىن أن مجيع منCCاطق البحث الواقعة ضCCمن نطاقها
قد أص CCبحت معروفة ومل يبق هن CCاك إال الق CCدر اليسري من املسCC Cائل وبإدراكها تكتمل الفيزياء.
لكن مع أواخر القرن التاسع عشر اصطدمت فيزياء نيوتن الكالسيكية بعدد من الصعوبات.C
حف CC Cزت العلماء يف تلك الف CC Cرتة للقي CC Cام مبزيد من التج CC Cارب والتحقق CC Cات حىت تتبCC Cدد
الش CCكوك وتثبت Cأرك CCان ق CCوانني ني CCوتن الفيزيائي CCة .من أهم تلك التج CCارب ما ق CCام به العاملانC
ميكلسCCون CومCCوريل إلثبCCات وجCCود األثري وهي نقطة حتول بالغة األمهية ألنه تCCؤدي إىل صCCرف
الفيزياء. النظر عن فرضية األثري يف
35
يُدرك وال حُي س هو األثري » 1مبعىن أن هذه الدراسة قامت أساسا إلثبات فرضCية وجCود األثري
كوسط تنتشر فيه األمواج الضCCوئية واليت تنتقل عربه إىل األرض .وتعتمد فكCCرة التجربة على
قي CCاس الف CCرق ىف س CCرعة اض CCوء بالنس CCبة لألثري وذلك من خالل جه CCاز يسري فيه الض CCوء مس CCافة
معلومة مرة مع تيار األثري مث ينعكس على سطح مرآة ويعCCود ليتCCداخل مع شCCعاع ضCCوئى آخر
قد انعكس عن م CC C Cرآة تبعد نفس املس CC C Cافة حبيث أن الش CC C Cعاع الث CC C Cاىن يسري عموديC C C Cاً على إجتاه
األثري.
وي CCؤدي ذلك إىل ت CCداخل للش CCعاعني مما ُينتج للمش CCاهد أه CCداب ت CCداخل عب CCارة عن
من CCاطق مض CCيئة Cومن CCاطق معتمة تتغري بتغري س CCرعة الض CCوء .وب CCإجراء حس CCابات بس CCيطة جند أن
الشCC Cعاع الضCC Cوئى املوازى لألثري يسCC Cتغرق زمن C Cا أطCC Cولا إلكمCC Cال رحلة الCC Cذهاب واإلي CCاب من
الزمن الالزم للشCعاع الCذى يسري عموديا على األثCري .هCCذا الاختالف يتغري إذا أديCرت الطاولة
الىت حتمل التجربة حبيث يص CCبح الش CCعاع املوازى لألثري عموديا والش CCعاع ال CCذى ك CCان عموديا
يصبح موازيا لألثري.
توقع العلماء عند دوران التجربة بالنسCبة لألثCري أن حيدث تغيريا ىف األهCداب املتكونCة نتيجCة
للتCداخل بني الشCCعاعني الضCCوئيني .لكن نتيجCة التجربCة جCاءت على غCري املتوقCع .إذ مل حيدث
تغيريا ىف مواقع أهداب التداخل ،وتكررت التجربة مرات يف أمكنة خمتلفة وأزمنة متباينة لكن
النتيجCCة نفسCCها ،أي خبالف مCCا توقعCCه العCCاملني من نتCCائج التجربCCة يف ضCCوء امليكانيكCا CالنيوتونيCCة.
وأصبح حمتما القول بأن الطبيعة Cال تسري حسب قوانني امليكانيكا Cفقط،وهذه النتيجة كافية
«ل CCدحض التص CCور امليك CCانيكي للك CCون مث إن اهلزمية اليت حلقت ذلك التص CCور أص CCبحت كاملة
حينما انكشف الطCC Cابع اخلرايف يف األثير وظهر للعيCC Cان«2وهCC Cذه النتيجة السCC Cلبية أفCC Cرزت خيبة
العلم CC Cاء ىف صCC Cحة نظريCC Cاهتم الكالس CC Cيكية ،Cوإن كCC Cان من الصCC Cعب Cالتخلي عن فرضCC Cية األثري
أرتCC C C Cور مCC C C Cارش ،التفكري اجلديد يف الفيزيCC C C Cاء احلديثCC C C Cة ،تCC C C Cر :بلحCC C Cاج علي ،املؤسسة الوطنية للرتمجة والتحقيق 1
36
حيث وج CC C Cدت حماوالت يائسة لتربيرها ت CC C Cارة ب CC C Cالقول إن األثري يسري مع األرض ،وت CC Cارة أن
األجسCCام تنكمش ىف اجتاه حركتها خالل األثري إىل أن جCCاء آينشCCتني مبحاولة شCCكلت منطلقا
لبناء أسس
اينشتاين Cوالنسبية
سCC Cلك اينشCC Cتاين Cطريقا معاكسا لعلمCC Cاء زمانه حيث اعترب أن ما ج CCاءت به جتربة ميكلس CCون
شCC Cيئا جديدا اسCC Cتثمره يف مراجعة املفCC Cاهيم واألسس النظري C Cة لفيزياء نيوتن .واعتربها مؤش CCرا
قويا على ضCCيق صCCالحية امليكانيكا الكالسCCيكية .Cوعرب عن هCCذا القصCCور بوانكاريه يف حماضCرة
ألقاها س CC Cنة 1904عن CC Cدما ص CC Cرح بضرورة قي CC Cام ميكانيكا Cجدي CC Cدة ،ميكانيكا يتصCC Cاعد فيها
القص CC Cور مع الس CC Cرعة وتصل فيها س CC Cرعة الض CC Cوء ح CC Cدا ال ميكن جتاوزه ،أما امليكانيكا Cاملألوفة
وهي األكCCثر بسCCاطة فقد تبقى جمرد تقCCريب أويل ،لأهنا سCCتكون CصCCحيحة بالنسCCبة لسCCرعات لا
تكون Cكبرية جدا.
ولتفسري هذه التجربة مبنظور النسبية وظف اينشتاين فرضCCية هامCCة تعCCرف بتحCويالت لورنCتز.
وهي التحCCويالت البديلCCة لتحCCويالت غCCاليليو الCCذي كCCان ي Cؤمن بوجCCود الCCزمن املطلCCق والثCCابت
الذي ال يتغري باختالف احلدث وال املرجع القصوري .جديد لورنتز أنه ثCCار على عCCداد الCCزمن
الثCCابت CوحCCدد مرجع Cا جديدا بني الأطCCر القصCCورية Cاملختلفة .ألا وهي سCCرعة الضCCوء ،فمن هنا
أصCCبحت سCCرعة الضوء حCCدا لا ميكن جتاوزه ،وهي الCCيت سCCتكون CالنسCCبة الثابتCCة بني مجيCCع الأطر
القصCC C Cورية .يف الCC C Cوقت الCC C Cذي كCC C Cان فيه لورنCC C Cتز من أشد املعجCC C Cبني بفيزياء نيCC C Cوتن وما ه CC Cذه
واالهنيار. التحويالت إال حماولة منه إلنقاذ هذه الفيزياء من التصدع
وانطالقCC Cا من حتويالت لورنCC Cتز اقCC Cرتح آينشCC Cتاين « ثبCC Cات سCC Cرعة الضوء ،فالضوء ينتشCC Cر
بسرعة ثابتة يف الوسط الثابت والوسط املتحرك على السواء ،ومهمCCا كCCان اجتاه الوسCCط الCCذي
37
حيمله« 1فال شيء ثCابت يف الوجCود إال سCرعة الضCوء فقط .وميثCل ذلCك موقفCا جتاوزيا لنظريCة
األثري وتعليلا للتجربCCة الCCيت قCCام هبا العاملان (ميكلسCCون ومCCوريل) فالضCCوء ينتشCCر وبسCCرعة ثابتة
( 300000كلم/ثا) مهما كانت سرعة حركة املصدر.
انطلقت النظرية النس CCبية Cمن عالقة الس CCرعة باألش CCياء األخ CCرى ،وب CCذلك س CCجلت النس CCبيةC
اخلاصة اخلطوات األوىل لعالقة السرعة بالكتلة والزمان واملكان C.فمع السرعة حيدث تبCCدل يف
ثالثة اجتاه CCات :ت CCزداد الكتلة ،ينكمش ال CCزمن ،وتنكمش األط CCوال C.وق CCادت ه CCذه النت CCائج إىل
ثورة مفهومية واسCCعة يف العلم املعاصCCر .زلCزلت معها « فكCCرة النظCCام اجملرد الكالسCCيكية C،اليت
تبناها CنيCCوتن ومت التخلي عن قCCانون مجع السCCرعات الكالسCCيكي ،فسCCرعة جسم يسري يف قطCCار
متح CCرك بالنس CCبة لألرض مل تعد تس CCاوي جمم CCوع س CCرعته بالنس CCبة للقط CCار مض CCافة إىل س CCرعة
القطCC C Cار بالنسCC C Cبة لألرض ،ومن اسCC C Cتنتاجات النظرية النسCC C Cبية CاهلندسCC C Cية-الفيزيائية Cأن أط CC Cوال
األجسCCام تتقلص تبعا لسCCرعة حتركها» 2مبعCCىن ،إذا زادت السCCرعة مثالً لعمCCود يبلغ طوله مCCرتا
حىت بلغت نصف س CCرعة الض CCوء انض CCغط الط CCول إىل ح CCوايل 86س CCم ،ف CCإذا وصل إىل ح CCوايل
%90من سرعة الضوء مل يبقى من املرت إال 45سم ،فإذا وصل إىل سرعة % 99من سCCرعة
الضCCوء انكمش املرت إىل 14سم فقCCط ،فCCإذا وصCCلت السCCرعة إىل سCCرعة الضCCوء أصCCبح الطCCول
صCCفراً وال يشCCعر هبذا الشCCيء من هو داخل العمليCCة ،بل يشCCعر هبا املراقب من اخلارج فقCCط،
كما أهنا تنطبق على كل شCC C Cيء يف ه CC Cذا الوج CC Cود ،فكل ما يف الك CC Cون Cيف حركة وبس CC Cرعات
خمتلفة فاألرض تدور حول نفسها بسرعة ربع ميل يف الثانية C،وهي تCCدور بنفس الCCوقت حCCول
الشCC Cمس بسCC Cرعة 5.18ميل يف الثانية CوالشCC Cمس وكواكبها سCC Cائرة باجتاه نقطة يف اجملرة بني
جمموعة هرقل (اجلاثي) وجمموعة اللCC C C Cورا بسCC C C Cرعة 12ميل يف الثانيCC C C Cة ،وجمرة درب التبانة Cاليت
ننتمي إليها تCCدور حCCول نفسCCها دورة كاملة كل ربع مليCCار سCCنة بسCCرعة 120ميل يف الثانيCCةC،
نزار دندش ،ما هو العلم؟ رحلة التفكري العلمي ،دار الفارايب ،بريوت ،ط ،2009 ،1ص 134 1
38
وجمرتنا تبتعد عن أخواهتا اجملرات األخCCرى بسCCرعة تصل إىل ( 40000 C - 600ميل يف الثانيCCة)C
.
مل يبق ثبCCات لشCCيء ،فال األحجCCام تبقى CأحجامCاً ،وال األبعCCاد أو الزمCCان أو املكCCان ،فكل
ما يف الكون هو يف حالة ،فالزمان الذي يتدفق مفكك األوصال يف هذا العامل الذي نعيشه،
وتياره
الCCذي جيري خمتلف من مكCCان إىل آخCCر ،فCCالزمن يف مكCCان من الكCCون Cهو غري الCCزمن يف مكCCان
آخCCر ،ويتبع هCCذا تغري كل شCCيء من األبعCCاد واألحجCCام واألوزان CواحلركCCات ،وكل هCCذا يتبع
السرعة
اليت يتمتع هبا الكوكب Cأو املكان Cالذي يتدفق فيه الزمن ،بل هو حىت يف الكرة األرضية اليCCومC
ليس كالغد ،فبعد مخسة مليارات سCنة سCيكون CيCوم األرض 36سCCاعة ،كل هCCذا بفعل تبCاطؤC
حركة األرض بفعل االحتكCC C Cاك ،إذاً يبقى فهم العCC C Cامل ووضCC C Cعه بشCC C Cكل نسيب حسب مك CC Cان
املراقب .ومع النسبية Cيندمج املكان بالزمCCان ،ليتحCCول مفهCCوم الCCزمن إىل البعد الرابCCع ،وتتحCCول
عالقة الزم CC C Cان-املكCC C Cان Cإىل كينونة واح CC C Cدة ،وتنC C C Cدمج الطاقة باملادة ،فتتح CC C Cول كل منهما إىل
األخ CC C C Cرى وفق معادلة معين CC C C Cة .ومت « التخلي إىل األبد عن فك CC C C Cريت املك CC C C Cان املطلق والزم C C Cان
المطلق ،ذلك أن اينشCCتني أثبت أن عالقCCات املكCCان والزمCCان وقCCوانني احلركة ال ميكن تعريفها
إال بوصCC C Cفها املوقف الشخصي للمCC C Cراقب ولظروفه املادية » 1فهنCC C Cاك حتول عقلي ومفهCC CوميC
للعلم والعامل أطCاح بالنظCام القCدمي ،وشCقت الطريق إىل فهم جديد للعCامل لرسم معCامل حضCارة
جديCC Cدة .ومل تكن النسCC Cبية Cاخلاص C Cة هناية املسCC Cرية الفيزيائية CألينشCC Cتاين ،فقد أمت بنCC Cاءه بنظريته
النسبية Cالعامة.
روبCCرت اجCCروس وجCCورج ستانسCCيو ،العلم يف منظCCروه اجلديCCد ،تCCر :كمCCال خاليلى ،عCCامل املعرفCCة ،1989 ،ص 1
21
39
-املفاهيم األساسية لنظرية النسبية العامة
ف نظريCCة النسCCبية العامCCة قCCوة اجلاذبيCCة ،ومل يكن أينشCCتاين Cأول من جCCاء مبثCCل هCCذه النظرية ِ
تص ُ C
فقCCد صCCاغ إسCCحاق نيCCوتن من قبل قانون Cا يصCCف اجلاذبيCCة .لكن قCCانون نيCCوتن يصCCلح لألحجCCام
الصCCغرية حيث مُي كننCCا اسCCتعماله حلسCCاب سCCرعة سCCقوط جسCCم مCCا من مبCCىن مرتفCCع حنو األرض،
أو
اسCCتخدامه إلرسCCال البشCCر إىل القمCCر .لكن عند املسCCافات والسCCرعات الفائق Cة Cأو الكبCCرية جCCداً
ومCC Cع األجسCC Cام فائقCC Cة الكتلCC Cة ،يصCC Cري قCC Cانون نيCC Cوتن غCC Cري مناسCC Cب ألنCC Cه يفتقCC Cد الدقCC Cة يف ه CCذا
املستوىC.
ومتثلت إض CC Cافاهتا ،إىل جCC Cانب مراجعة مفه CC Cوم الCC Cزمن ،مراجعة يف خCC Cواص الفضCC Cاء اهلندسCC Cية
حيث اس CC C Cتطاع اينشتاين « ،أن يربط األفك CC C Cار الفيزيائية الرئيس CC C Cية باملخطط الرياضي هلندسة
عامة كCC Cان رميان طورهCC Cا .ومبا أن خCC Cواص املكCC Cان قد تغCC Cريت فيما يبCC Cدو على حنو مط CCرد مع
جماالت اجلاذبية فكCCان ال بد من مقارنة اهلندسة املسCCتوية Cباهلندسة على سCCطوح منحنية حيث
ينبغي CاسCC C Cتبدال اخلط املسCC C Cتقيم اخلاص هبندسة إقليCC C Cدس باخلط اجليوديسCC C Cي ،أي اخلط األقصر
مسCC C C Cافة ،وحيث يتغري املنحىن على حنو مطCC C C Cرد" 1وبCC C C Cذلك أعطت النظرية التعليل الصCC C Cحيح
للعCCدد احملدود من املالحظCCات الفلكية املتCCوفرة CلCCدينا يف الCCوقت احلاضر مما يؤكد وجCCود عالقة
بني اهلندسة وبني توزيع املادة يف الكCC C C C Cون ،فهCC C C C Cذه النظرية تقيم «عالقة بني اهلندسة يف ه CC C Cذا
اجملمCCوع وبني توزيع الكتل يف العCCامل .ولCCذلك فCCإن النظرية طCCرحت يف صCCيغة جديCCدة األسCCئلة
فCرينر هCايزينبريغ ،الفيزياء والفلسCفة ،تCر :صCالح حCامت ،دار احلوار للنشر والتوزيCع ،سCوريا ،ط ،2011 ،1ص 1
135
40
القدمية عن س CCلوك املك CCان والزم CCان يف أعظم األبع CCاد وأكربه CCا .واس CCتطاعت Cأن تق CCرتح أجوبة
كCان يف اإلمكCان Cالتحقق منها من طريق املراقبCة" 1وعلى هCذا فCإن هندسة " إقليCدس" ال ميكن
تطبيقها إال على منCCاطق صCCغرية احلجم يف الفضCCاء ،أما على النطCCاق الواسع فرمبا كCCان الفضCCاء
تCCركيب خمتلف متاما عن ذلك الCCذي نلحظه مباشCCرة .فهCCذه النظرية تثCCوير ملفهومنا Cعن املكCCانC
والزمان وذلك بإثبات أنه حيدث هلما اعوجاج وتشويه لثقل قوة اجلاذبية.
ومل تبCCدأ النظريCCة النسCCبية CالعامCCة مبالحظCCات وجتارب ،وإمنا بCCدأت مبجموعCCة فCCروض يف صCCيغة
رياضCCية ،ميكن أن تشCCتق منهCCا بطريCCق غCCري مباشCCر وقCCائع تقبCCل املالحظCCة بفضCCل بCCراهني رياضCCية
معينCCة .وبالتCايل فالنظريCCة النسCCبية العامCCة ترسCCم صCورة خياليCCة للكCون لCCذلك نسCتطيع أن نعتربهCCا
نظريCCة علميCCة تقCCدم تصCCورا جديCCدا للمCCادة ،كمCCا أهنا تقCCدم تفسCCريا جديCCدا حلركCCات األجسCCام
وجاذبيتها ،وفروضا جديدة عن نشأة الكونC.
/2ميكانيكا الكم
ميكانيكا الكم هي جمموعة من النظريCC C Cات الفيزيائية Cاليت ظهCC C Cرت يف القCC C Cرن العشCC C Cرين،
وذلك لتفسري الظ CCواهر على مس CCتوى ال CCذرة واجلس CCيمات دون الذرية وقد دجمت بني اخلاص CCية
اجلسCCيمية واخلاصCCية املوجية ليظهر مصCCطلح ازدواجية املوجة واجلسCCيم .وهبذا تصCCبح ميكانيكاC
الكم مسؤولة عن التفسري الفيزيائي Cعلى املستوى CالCCذري كما أهنا تطبق أيضCاً على امليكانيكا
الكالسCC C C C Cيكية Cولكن ال يظهر تأثريها Cعلى هCC C C C Cذا املسCC C C C Cتوى « فقد وجد أنه من املمكن بن CC C Cاء
مشروع جديد يعرف مبيكانيكا الكم ،أكثر مناسبة لوصف الظواهر يف املدى الCCذري ويكCCون
يف بعض جوانبه أشد أناقة وأكCC Cثر قب C Cواًل من املشCC Cروع التقليCC Cدي .وترجع هCC Cذه اإلمكانية إىل
41
التغيCC Cريات Cاليت يتضCC Cمنها املشCC Cروع اجلديد ذات خصCC Cائص عميقة وال تتعCC Cارض مع املالمح يف
املشCCروع التقليCCدي اليت جتعله شCCديد اجلاذبيCCة ،ونتيجة لCCذلك فCCإن هCCذه املالمح ميكن تضCCمينها
يف املشروع اجلديد » 1لذلك ميكانيكا الكم هي تعميم للفيزياء الكالسيكية. C
وتسميتها مبيكانيكCا الكم يعCود إىل أمهيّCة الكم يف بنائهCا وهCو المصCطلح الفيزيCائي الCذي
كميCة من الطاقCة ميكن تبادهلا بني اجلسCيمات ،ويسCتخدم لإلشCارة إىل
يسCتخدم لوصCف أصCغر ّ
كميات الطاقة احملددة اليت تنبعث بشكل متقطع وليس بشكل مستمر .وكثريا ما يستخدم
مصطلح فيزيCاء الكم والنظريCة الكميCة كمرادفCCات مليكانيكCCا الكم ،يف حني البعض اآلخر
يستخدم مصطلح ميكانيكا Cالكم لإلشارة إىل ميكانيكا الكم غري النسبيةC.
أما عن ب CC Cدايات نظرية الكم فك CC Cانت مع الق CC Cرن العش CC Cرين ،يف ت CC Cزامن مع نظرية النسCC CبيةC
حيث «ك CCان الفيزي CCائيون Cمقتنعني ب CCأن مثة نظرية جدي CCدة تنط CCوي يف ثنايا مس CCلماهتا وقوانينهC Cا
اخلاصة والبد من إظهاره CCا ،ولكن ما من أحد ك CCان يع CCرف كيف يبين ه CCذه النظرية قبل ع CCام
1924أي عنCC Cدما بCC Cدأ لCC Cوي دوبCC Cروي ثورتCC Cه ،ولكن املنحCC Cىى الCC Cذي جيب أن يسري فيه املرء
لكي يتوصل إىل هCCذه النظرية كCCان قد أشCCار إليه سCCابقا أينشCCتاين يف عCCام 1909عنCCدما أثبت
أن لإلشCC C C Cعاع احلراري داخل جCC C C Cوف (أو فCC C C Cرن) خاصة جسCC C C Cيمية وأخCC C C Cرى موجية يف وقت
2
واح CC Cد ،وأن هCC Cذين ال CC Cوجهني حيدثان متواك CC Cبني فال ميكن ألحCC Cدمها أن ينفصل عن اآلخCC Cر»
وق CC C Cدم حل إلش CC C Cكاليات مل تسCC C Cتطع الفيزي CC C Cاء الكالس CC C Cيكية CتفسCC C Cريها ،وميكن تلخيص ه CC Cذه
اإلشكاليات Cفيما يلي:
/1ع CCدم التناسق بني التص CCور املوضCC Cوع حينها لش CCكل ال CCذرة ،حيث كCC Cان يتم اعتبارها
بCC Cول ديCC Cراك ،مبCC Cادئ ميكانيكا الكم ،تCC Cر :حممد أمحد العقر وعبد الش CCايف فهمي عب CCادة ،كلم CCات عربية للرتمجة 1
/2تعترب النظرية الكالسيكية Cأيضاً أن ألوان الطيف الذري جيب أن تغطي مجيع األطCCوالC
املوجيCCة بنفس الشCCدة ،لكن الحCCظ الفيزيCCائيون Cأن النتCCائج التجريبيCCة تنCCاقض ذلCCك بشCCدة حيث
تصدر الذرات املختلفة أطيافاً(موجات ضوئية)هلا أطوال موجية خاصة وحمددة جداً.
/3تنشCCأ مشCCكلة أخCCرى عنCCدما نتأمCCل إشCCكالية اجلسCCم األسCCود "وهCCو جسCCم ميتص كامCCل
اإلشCC Cعاع الس CCاقط علي CCه ليعيCC Cد إص CCداره بالكامCC Cل مCC Cرة آخ CCرى" حيث فش CCلت كCC Cل احملاوالت
املستندة Cإىل الفيزياء التقليدية يف تفسري منحىن إشCعاع اجلسCم األسCود خصوصCاً عنCد الCرتددات
العالي CCة وه CCذا م CCا ع CCرف الحق Cاً باس CCم الكارث CCة ف CCوق البنفس CCجية وهبذا ظه CCر للعلم CCاء أن ق CCوانني
الديناميكا احلرارية أصبحت عاجزة عن تفسري هذه الظاهرة .
وميكن القCC Cول أن نظرية الكCC Cوانتم Cهي حصCC Cيلة ألفكCC Cار جمموعة من العلمCC Cاء أوهلم م CCاكس
بالنك إذ « مل يظهر إىل الوجCCود قبل بالنك مفهCCوم أن الطاقة تCCأيت على هيئة قطع أو كمCCات
43
quantaب CCدال من أن يك CCون Cمن املمكن تناوهلا بأية مق CCدار نش CCاء ،بل ومل تكن هن CCاك أية
خربات يف التعامل مع نظم ميكانيكية Cمن شCCأهنا إثCارة أية أسCCباب للشك يف هCCذا » 1مث سCCاهم
كCCل واحCCد منهم بقCCدر يف حماولCCة اخلروج عن املألوف CوصCCياغة مبCCادئ تأسس Cت CعليهCCا نظريCCة
من أهم النظريات العلمية يف القرن العشرين.
كانت الفكرة السائدة يف الفيزياء الكالسيكية عن انبعاث Cالطاقة حCCىت 1900أهنا تنتج
بشكل متصل من داخل الذرة .وتفرتض أن الCذرات واجلزيئCات ميكنهCا أن متتص أو تبعث أي
كمية من الطاقة .إال أن الفيزيائي Cاألملاين ماكس بالنك قدم تفسريا راديكاليا حول ما يعرف
بإش CCعاع اجلسم األس CCود .وق CCرر ب CCأن Cال CCذرات ال تتح CCرك بش CCكل متصل بل تتح CCرك بكمي CCات
حمددة فقط خالفا لالعتقCC C Cاد السCC C Cائد يف ميكانيكا نيCC C Cوتن .وصCC C Cيغ التفسري يف نظرية عCC C Cرفت
بنظرية الكم واليت تنص على « وج CCود كمي CCات ص CCغرية ج CCدا من الطاقة غري قابلة لالنقس CCام.
أي أنه ال بد من إض CC C Cفاء هيكلة ذرية على اإلش CC C Cعاع Cعلى غ CC C Cرار املادة وب CC C Cذلك تنتفي Cص CC Cفة
التواصل يف إصCCدار الCCذرة لإلشCCعاع الضCCوئي فتشع على قفCCزات فجائية يف شCCكل كمية طاقCCة.
وكCCذلك األمر بالنسCCبة لالمتصCCاص Cفهو أيضا حيصل بطريقة غري متواصCCلة من حيث إن الطاقة
فري CCديك ب CCوش ،ودايفيد ج CCريد ،أساس CCيات الفيزي CCاء ،ج ،5الفيزي CCاء احلديث CCة ،ت CCر :س CCعيد اجلزي CCري وحممد أمني 1
سليمان ،الدار الدولية لالستثمارات الثقافية ،مصر ،ط ، ،1د.س ،ص 1005
44
املش CC Cعة متر فج CC Cأة من الفض CC Cاء إىل ال CC Cذرة » 1فالطاقة تنبعث على ش CC Cكل كمي CC Cات أو دفعCC Cات
صغرية متتالية Cتتوقف على مقدار اهتزاز اجلسيمات اليت تنتجها ،وانبعاث Cالطاقة يتم بكميCات
حمددة ،وأطلق بالنك على ه CC C C Cذه القطع الص CC C C Cغرية من الطاقة اسم كم CC C C Cات quantumوتعين
أصغر كمية من الطاقة ميكن أن تبعثها أو متتصها املادة بصورة إشعاع كهرومغناطيسيC.
مث وضع املعادلة اليت تعطي طاقة الإشCC Cعاع الكهرومغناطيسCC Cي حسCC Cب القCC Cانون Cاآليت:
(الكمية الواحدة = ثابت بالنك × تردد اجلسيم).
وتعترب هCCذه النظرية نتاجا لتجربة تسCCمى جتربة اجلسم األسCCود ،واليت قCCام هبا " بالنCCك"
عن طريق تسCC Cخني جسم أسCC Cود جموف .الحظ أثنCC Cاء القيCC Cام Cهبذه العملية انبعCC Cاث إشCC Cعاعات
ضوئية
موجCC C Cات كهرومغناطيسCC C Cية من اجلسCC C Cم ،افCC C Cرتض أهنا نتيجة حركية إلكرتونCC C Cات ذرات
اجلسم األس CCود .لكن Cه وجد أن املنحىن الطCCاقي للموجCCات ليس متصCCال .وع CCزا ذلك إىل ك CCون
إلكرتون CC Cات Cال CC Cذرات ال حتتل س CC Cوى مس CC Cتويات طاقية معينة Cوليس كله CC Cا .الش CC Cيء ال CC Cذي مل
تستطع امليكانيك الكالسيكية Cتفسريه .حيث كانت تفرتض أن الذرات واجلزيئCCات ميكنها أن
متتص أو تبعث أي كمية من الطاق CCة .وب CCذلك اق CCرتح بالنك تفس CCريا مغ CCايرا متاما ي CCرى « ب CCأن
اإلشعاع Cينبعث ،ال على شCCكل تيCCار متصCCل ،وإمنا على شCCكل دفقCCات منفصCCلة ،ميثل كل منها
جزءا ال يتجزأ من الطاقة ». 2
فالت CCدفقات قيم متقطعة وليست متص CCلة كما ك CCانت الفيزي CCاء من قب CCل .إن الع CCامل ال CCذري
متقطع يف كل شيء يف املوقع ،الطاقة ،الشحنة ،الدوران املغزيل..اخل .إن امتصاص أو انبعاث
quantum الطاقة حسب بالنك جيب أن يتم بكمي CC C C C C Cات حمددة فقط من الطاقة أو كم CC C C C C Cات
أرتور مارش ،التفكري اجلديد يف الفيزياء احلديثة ،مرجع سابق ،ص 85 1
صCCالح حمم CCود عثمCCان حمم CCد ،مش CCكلة االتص CCال والالتنCCاهي بني العلم والفلس CCفة ،منشCCأة املع CCارف ،مصCCر ،د.ط، 2
2000ص 222
45
وهي أص CC C C C C C C C C C Cغر كمية من الطاقة ميكن أن تبعثها Cأو متتص CC C C C C C C C C C Cها املادة بص CC C C C C C C C C C Cورة إشCC C C C C C C Cعاع
كهرومغناطيسي .وصاغ معادلة طاقة الإشعاع الكهرومغناطيسي كمايلي:
E = hν
حيث hثابت بالنك ν ،هو تردد اإلشعاع Cوتبلغ قيمة ثابت بالنك :
j.s 34
10 6.63
حيث ν = c/λ
E = h c/λ وبذلك تصبح معادلة بالنك على الصورة
ومن القيم اليت أفرزهتا نظرية الكم ،أن الطاقة جيب أن تبعث دائما على هيئة مضCC C C C C C C C C C C Cاعفات
ص CCحيحة للقيمة hνمبعىن أن املض CCاعفات املس CCموحة هي ، 2hν ، 3hν 4hνوهك CCذا.
ولكن القيمة 1.55hνأو القيمة 4.92hνغري مسموحتان.
ورغم جناح هذا التفسري إال أن بالنك مل يكن قادرا على إعطCCاء السCCبب CالCCذي جيعل الطاقة
تبعث Cعلى شCC C C C Cكل كمC C C C C Cات .حيث « كCC C C C Cانت فكرته عن الكم من اجلدة حبيث مل يكن من
املسCC C C C Cتطاع تكييفها داخل اهليكل التقليCC C C C Cدي للفيزياء ،ورغم حماوالته املتتالية ملصCC C C C Cاحلة ه CC C Cذه
الفكCCرة مع القCCوانني األقCCدم لإلشCCعاع ،إال أهنا كCCانت تطل برأسCCها يف كل مCCرة معلنة جCCدارهتا
1
ب CCالتبين وهك CCذا عاشت فك CCرة الكم بال اس CCتقرار ملدة مخس س CCنوات ،تنتظر ال CCدعم والتأييد» C
ورغم ال CCرتدد واالنتظ CCار الل CCذان طبعا ظه CCور ه CCذه النظرية إال أهنا القت جناحا كب CCريا يف تفسري
نت CCائج جتريبية .Cإذ اس CCتخدمها اينشتاين حلل مش CCكلة أخ CCرى ك CCانت تواجه علم CCاء الفيزي CCاء يف
تلك األيام ،وهي الظاهرة الكهروضوئية .
46
يف عCC C Cام 1905اسCC C Cتخدم ألCC C Cربت أينشتاين نظرية بالنك يف الكم حلل مشCC C Cكلة ك CC Cانت
تواجه علماء الفيزيCCاء آنCCذاك وهي ظCCاهرة « األثر الكهروضCCوئي ،Cوهو انبعCCاث إلكرتوناCت من
معCC Cادن حتت تCC Cأثري الضوء .فالتجCC Cارب اليت كCC Cان لينCC Cارد أجراها بدقة فائقة أظهCC Cرت أن طاقة
اإللكرتونCات املنبعثة Cليست وقفا على شCدة الضوء ،بل هي وقف على اللCون فقCط ،أو بتعبري
أدق ،هي على تردد الضوء أو الطول املوجي للضوء ومل يكن يف اإلمكان Cتفسري هCذا اسCتنادا
إىل نظرية اإلشCC Cعاع CالسCC Cابقة » 2ف C Cاملفعول الكهروضCC Cوئي Cهو حترير اإللكرتونCC Cات من ط CCرف
مادة ما ،وعادة ما تكون معدنية عندما يُسCCلط عليها شCCعاع كهرومغنطيسي Cأو شCCعاع ضCCوئي
عال ،وذلك حسب كل مادة .ويكون انبعCCاث CاإللكرتونCCات نتيجة امتصاصCCها لطاقةذو تردد ٍ
الضوء.
الحظ العلمCCاء أن اإللكرتونCCات تتحCCرر فقط إذا كCCان تCCردد الضCCوء عاليا مبا فيه الكفايCCةC،
ويتجاوز قيمة حمددة تسمى العتبة .هذه القيمة القصوى للCCرتدد أو العتبة ختتلف من معCCدن إىل
آخC C C Cر ،وترتبط مباشCC C C Cرة بطاقة الربط لإللكرتونCC C C Cات Cاحلرة .هCC C C Cذه الظCC C C Cاهرة ال ميكن أن تفسر
باالعتقCCاد الCCذي كCCان سCCائدا حينها حCCول طبيعة الضCCوء ،بكون Cه موجCCة ،وإذا ما اعتربنا CالضCCوء
موجة ،ونزيد من كثافته نكون Cقد منحنا اإللكرتونات طاقة كافية لكي تتحرر .لكن التجربة
تؤكد أيضا أن كثافة الضCC C Cوء ليست العامل الوحيد النبعCC C Cاث اإللكرتونCC C Cات كما أن انتقCC C Cال
الطاقة بني الضCCوء واإللكرتونCCات Cال يتم إال عند تCCردد معني وهو مCCأزق أوقع العلماء يف حCCرية
.
قCCدم انشCCتاين تفسCCرياً مقبCCوالً مسCCتفيداً يف ذلك من أفكCCار بالنك واقCCرتح « فرضCCية جديCCدة
اعترب فيها أن كم CC C C C C C Cات طاقة االه CC C C C C C Cزاز مرتبطة ارتباطا وثيقا بتلك احلقيقة Cاليت تنص على أن
اإلش CCعاع الكهرطيسي نفسه يت CCألف من جس CCيمات منفص CCلة عن بعض CCها البعض Cهي فوتون CCات
47
حتمل الطاقة
وطبقا لفرضCC Cية أينشCC Cتاين Cميكن تصCC Cور اجملال الكهرطيسي كجملة من اجلسCC Cيمات» 1فحسب
مكن متاما من تفسري مجيع خاص CC Cيات ه CC Cذه الظ CC Cاهرة .إن
تق CC Cديره امتص CC Cاص فوت CC Cون واحد ُي ّ
فوتونات املصدر الضCCوئي Cمتتلك طاقة مميزة حمددة بCCرتدد الضCCوء .فعنCCدما ميتص إلكCCرتون Cواحد
فوتونا واحدا ،حبيث تكون طاقة هذا األخري كافية ،فإن اإللكرتون Cيتحرر.
أما إذا كCCانت طاقة الفوتCCون Cغري كافية لتحرير اإللكCCرتون فإنه ال يغCCادر املادة .أما الكثافة
فهي مرتبطة فقط بع CCدد الفوتون CCات ال بطاقاهتا .ومنه ف CCإن طاقة اإللكرتون CCات احملررة ال ترتبط
بكثافة املص CC C Cدر الض CC C Cوئي C.وعلى ض CC C Cوء نظرية بالنك الكمومية Cأعطى اينشتاين لكل فوت CC Cون
طاقة تعطى مبعادلة بالنكE = hν :
حيث νهي تردد الضوء.
إن النتCCائج الCCيت توصCCل إليهCCا إنشCCتاين اسCCتخدم معها النتCCائج والعالقCCات الرياضCCية الCCيت توصCCل
إليها
م CCاكس بالن CCك لق CCد « ك CCانت تقطع CCات بالن CCك ،حتتCCل مكان CCة الصCCدارة عن CCده .وق CCد ادعى أن
سCCبب التقطCCع يف إصCCدار احلرارة والضوء وامتصاصCCهما ال يكمن يف القطCCع املاديCCة املهCCتزة الCCيت
تصدر الضوء واحلرارة بل يف طبيعة Cالطاقة الضوئية واحلرارية نفسها .وشعر بطريقة ما ،ورغم
مCC C Cا أحرزتCC C Cه النظريCC C Cة املوجيCC C Cة يف الضوء من جناح ،أن الضوء ليس مصCC C Cنوعا Cيف األس CC Cاس من
أمواج وهو ال يظهر كأمواج إال إذا رصد يف أثناء فرتات زمنية طويلة.
لكن إذا أمكن جتميد اللحظة وإيقاف املوجات الضوئية عن متابعة سريها ملدة كافيCCة لَCُCرؤي
أن هذه املوجات مصنوعة من حبيبات ضCوئية صCCغرية » 2فمع إنشCتاين الضCCوء هو عبCCارة عن
سوكولوف وآخرون ،امليكانيكا الكوانتية ،تر :حسن سلمان ،دار مري ،موسكو،د.ط ،د.س ،ص 10 1
فريد آالن وولف ،مع القفCCزة الكموميCCة ،تCCر:أدهم السCCمان، ،طالس للدراسCCات والنشCCر ،دمشCCق ،ط 2002 ،2 2
ص 66
48
حبيبات طاقية تسمى فوتونات يف نظرية تسمى التأثري الكهروضوئي C،ترى أ ّن األشCعة بشCكل
"كمCCات" الطاق CCة ،أو س CCيل من "ح CCزم" طاقة ص CCغرية تت CCواىل الواحد تلو
ع CCام إمنا هي س CCيل من ّ
كم Cاً من الطاقة مق CCداره .hνوعليه ف CCإ ّن طاقة
اآلخ CCر ،ك Cّ Cل "حزم CCة" من ه CCذه "احلزم" حيمل ّ
الفوتون الواحد هي .E= hνوبناءً على هذا التصور لألشعة فإ ّن شّ Cدة الضCوء تكCCون عCCدد
متر خالل سم ..2وهCذا ما مكن صCاحب
الفوتونات املنبعثة Cمن املصدر يف الثانية الواحدة واليت ّ
.1921 نظرية النسبية Cمن الظفر جبائزة نوبل للفيزياء سنة
بعCCد جناح تفسCCري أينشتاين للظCCاهرة الكهروضCCوئية Cانفتح الطريCCق أمCCام حCCل مشCCكلة أخCCرى هي
من أهم املش CCكالت Cال CCيت واجهت الفيزي CCائني يف الق CCرن التاس CCع عش CCر وع CCرفت بظ CCاهرة طي CCف
عن CCدما قCCام الع CCامل ال CCدامنركي نيلز بCCور بتطCCوير 1913 االنبع CCاث ال CCذري .وتب CCدأ القصة مع ع CCام
نظرية دجمت
أفكCC C C C C C Cار كل من بالنك واينشCC C C C C C Cتاين .وتعد نظريته أول نظرية وضCC C C C C C Cعت لتفسري الCC C C C CرتكيبC
االلكCCرتوين لCCذرة اهليCCدروجني .وسCCامهت يف تفسري طيف هCCذه الCCذرة .ونظCCرا لبسCCاطة تركيبها
املكونة من بروتCC C C Cون واحد وإلكCC C C Cرتون مت البCC C C Cدء بدراسة الضCC C C Cوء املنبعث منها عند هتيجهCC C Cا.
واسCCتند بCCور يف أعماله على مبCCدأين أساسCCيني :أحCCدمها مبCCدأ بالنCCك يف كم الطاقة الCCذي يقCCرر
أن طاقCC C C Cة اإلشCC C C Cعاع CالكهرومغناطيسCC C C Cي املنبعثCC C C Cة من املادة هلا كميCC C C Cات حمددة .واآلخر مبCC C Cدأ
أينشCC Cتاين Cيف كم طاقCC Cة الفوتCC Cون CالCC Cذي ينص على أن الضCC Cوء عبCC Cارة عن جسCC Cيمات تسCC Cمى
« انبعCC Cاث طاقCC Cة االلكCC Cرتون Cمن داخCC Cل الCC Cذرة ،الميكن أن يتم فوتونCC Cات .مث افCC Cرتض أن
49
بطريقCCة متصCCلة ،وإمنا بطريقة منفصCCلة ،قوامها املقCCدار( ه ،د) املسCCاوي لطاقة الفوتCCون ،بعبCCارة
أخCCرى ،قCCرر ب CCور تكمية طاقة الCCذرة اقتCCداء ببالنك CالCCذي كمم طاقة االش CCعاع » 1واس CCتنتج
من ذلك أن إلكCC C Cرتون CالCC C Cذرة ميكنه أن يتواجد يف مسCC C Cتوى واحد فقط من مسCC C Cتويات حمددة
(مكمCC C C C Cاه) من الطاقة ،وأن طاقة االلكCC C C C Cرتون Cهي اليت حتدد مسCC C C C Cتوى تواجCC C C C Cده .وال يتواجد
اإللكCCرتون CأبCCدا بني املسCCتويات C.وقد مسى بCCور هCCذه املسCCتويات Cباملدارات ،حيث إن املدارات
املختلفة يف الCCذرة الواحCCدة تكCون Cخمتلفة عن بعضCCها يف طاقتها ويف قرهبا من النCواة ويف سCعتها
من اإللكرتونات .لذا يعترب املدار كأنه قشرة كروية ذات مسك متناهي الدقة وقطر حمدد.
وعمل بCور على صCياغة هCذه األفكCار يف منوذج جديد مسي بنمCوذج بCور للCذرة « وكCان
ال بد من قب CCول منوذج ال CCذرة ه CCذا ألنه ك CCان يفسر إح CCدى املش CCاهدات التجريبية اهلامة ج CCدا
واليت مل يسCCتطع أي منوذج آخر أن يبCCادر إىل تفسCCريها ،وهي طيف ذرة اهليCCدروجني املرصCCود
» 2ومن أهم بنوده:
أوال :توجد االلكرتونات يف مستويات متعددة داخل الذرة تسمى مستويات الطاقة.
ثاني CCا :االلكرتون CCات ال تش CCع طاق Cة وال متتص CCها م CCا دامت ت CCدور يف املس CCتوى Cاملوج CCودة في CCه وال
تغريه.
ثالث CCا :ميكن أن ترتف CCع االلكرتون CCات Cإىل مس CCتويات طاق CCه أعلى بامتص CCاص Cكمي CCات ثابت CCة من
الطاقCCة تسCCاوي الفCCرق بني طCCاقيت املسCCتويني اللCCذين سCCتنتقل بينهمCCا وذلCCك عنCCد تعCCريض الCCذرة
لطاقه فتصبح الذرة مهيجة.
رابعCCا :عنCCدما يعCCود االلكCCرتون CمCCرة أخCCرى إىل مسCCتوى طاقة أقل من مسCCتوى الطاقة املوجCCود
فيه فانه يفقد ج CCزءا حمددا من طاقته وينطلق على ش CCكل ض CCوء له ت CCردد معني يظهر يف ص CCورة
موريس دوكني ،املادة وضد املادة ،تر :رمسيس شحاتة ،دار املعارف ،مصر ،ط ،1998 ،1ص42 : 1
لويد متز وجيفرسون هني ويغر ،قصة الفيزياء ،مرجع سابق ،ص 274
2
50
طيف خطي وبذلك يعد كل خط طيفي Cمميزا النتقCCال الكCCرتوين من مسCCتوى إىل آخر أقل منه
طاقة.
ومل يسلم منوذج بور الذري من أوجه قصور تعرتيه ،وهCCذا ما جعل نظريته اليCCوم Cتنحصر
أمهيتها يف التفسري ال CCذي قدمه لطبيعة اخلط CCوط الطيفية ،Cوجتاوزه لق CCوانني ماكس CCويل يف حركة
الشCCحنات الكهربائية و« جعل الCCذرة تبCCدوا ال كCCرتكيب دائب التغCCري ،يتسCCرب منه اإلشCCعاع
كما يتسCCرب الغCCاز من البCCالون املثقCCوب C،بل كCCرتكيب يطلق وميتص اإلشCCعاع Cعلى هيئة حCCزم
عرب حلظ CC Cات حمددة من ال CC Cزمن ،وعلى ه CC Cذا ف CC Cإن طاقة ال CC Cذرة ال تتغري باس CC Cتمرار ولكنها تقفز
فج CCأة عند تلك اللحظ CCات من قيمة ألخ CCرى » 1وب CCذلك ح ّققت نظرية ب CCور جناحC Cاً ب CCاهراً يف
ذرة اهليدروجني ،إال أهنا أخفقت حماوالت بور يف تطبيقها على أطيCCاف العناصر
تفسري طيف ّ
Cذرات اليت حتتCCوي على إلكCCرتون
األخCCرى رغم حماوالته املتكCCررة ،واقتصCCرت صCCالحيتها إالّ للّ C
ذرة اهليCCدروجني ..وألمهية االكتشCCاف أكسCCبت هCCذه
ذرة اهليCCدروجني وشCCبيهات ّ
واحد وهي ّ
.1922 النظرية بور جائزة نوبل للفيزياء عام
بعCCدما افCCرتض اينشCCتاين أن الضCCوء عبCCارة عن جسCCيمات " أو كمCCات " ومس Cى كCCل جسCCيم "
كم " بCCالفوتون وجنح يف تفسCCري الظCCاهرة الكهروضCCوئية ،CتCCرتب عن ذلك تنCCاقض وغمCCوض يف
طبيعة Cالضوء هل هو موجة أم جسيم؟
200-199 جيمس جينز ،الفيزياء والفلسفة ،تر :جعفر رجب ،دار املعارف ،مصر( ،د.ط) ،1981ص.ص: 1
51
دام هذا التناقض حىت عام 1924عندما تقدم العامل الفرنسي لويس دي بCرويل “Louis
. ”de Broglieبفكرته الثورية وهي « أن املعادلة اليت تربط بني الشCCكل اجلسCCيمي واملوجيC
لإلشCCعاع ،جيب أن تطبق أيضا على اإللكرتونCCات" 1فهو يتسCCاءل ملاذا ال تتصCCرف اجلسCCيمات
بازدواجية مثلها مثل الفوتونات؟ وبناء على هذا التسCCاؤل وضع فرضCCيته املشCCهورة Cواليت تنص
على أن للجسيمات أيضا سلوكا موجيا وأن للجسيم طولا موجيا يعطي بالعالقة:
حيث إن P :كمية حركة اجلسCCيمة m ،كتلته v ،سCCرعة اجلسCCيم h ،ثCCابت بالنCCك.
واف CCرتض اخلاص CCية الثنائي Cة Cللم CCادة وفيه CCا أوض CCح أن للض CCوء ص CCفة مزدوج CCة فه CCو يس CCلك س CCلوك
موجة حتت بعض الظروف ،مما يتفق ونظرية هيجنز ،وجسيم أو فوتون حتت ظروف أخرى،
مما يتف CCق م CCع نظري CCة اينش CCتاين C،أي أن اخلاص CCية الثنائي Cة Cعن CCد دي ب CCرويل تتلخص يف أن اجلس CCيم
واملوجة وجهان لعملCCة واحCدة .إن املادة يمكن هلا أن تسCCلك سCلوكا إزدواجيا كما هو احلال
يف الضوء.
وانطالقا من ه CCذه الفرض CCية ب CCدأت تتضح مع CCامل ال CCرتكيب Cال CCذري أك CCثر ف CCأكثر .واملعادلة اليت
وضعها
تع CCرف بط CCول موجة دي ب CCرويل للجس CCيم.ففي س CCنة 1924ح CCاول دي ب CCرويل " أن يس CCحب
الثنائية( االزدواجية ) بني وصف املوجات ووصف اجلسيمات على اجلسيمات األولية للمCادة
أيضا ،وخباصة على اإللكرتونCات" 2وسCCامهت هCذه الفرضCية يف تفسري تكميم مسCتويات الطاقة
اليت أدخلها العامل بور على منوذجه لذرة اهليدروجني وكانت الأساس الذي اعتمد عليه العامل
يب.ثي ،ماسCيوز ،مقدمة Cيف ميكانيكا الكم ،تCر :أسCامة زيد إبCراهيم نCاجي ،الCدار الدولية للنشر والتوزيCع ،مصCر، 1
52
شرودجنر يف العام 1925لوضع معادلة شرودجنر.
إن األفكار اليت جاء هبا دي برويل مل تلق قبوال واسعا يف بدايتها ،إىل غاية عCام 1927
حيث حترى دافيس CCون وج CCريمر عن موج CCات جس CCيمات املادة اليت اقرتحها دي ب CCرويل ،مثلما
حترى كومتون من قبل عن جسيمات األمواج الضوئية Cاليت اقرتحها اينشتCاين .
والفكCCرة الرئيسة للتجربة تقCCوم على دراسة تCCداخل أمCCواج الإلكرتونCCات املنعكسة من سCCطح
برويل. بلورة من النيكل .وكانت تلك التجربة أول دليل جترييب لصدق فرضيةٌ دي
وبع CCد التج CCارب الكثC Cيرة التي أجريت للتأك CCد من ص CCحة فرضC Cيةٌ األم CCواج املاديC Cةٌ ،ب CCات
إنكاره CCا يك CCاد يك CCون مس CCتحيال .وتك CCرر الس CCؤال من جديد ما هي الطبيع CCة النهائيC Cةٌ Cللم CCادة؟
موجات أم جسيمات؟ وبأكثر إحلاح من ذي قبل .واجلواب الذي أفرزته التجCCارب ،إن املادة
والطاقCCة وجهCCان لعملCCة واحCCدة ،يتصCCرفان حتت ظCCروف معينٌة وكأهنمCCا موجCCات ،ويف أحيCCان
أخرى يتصرفان على أهنمCCا سCيل من اجلسCCيمات ,مثCل التCأثري الكهروضCوئي CبالنسCبة لإلشCCعاع،
ومجيع التصادمات الذرية بالنسبة للجسيمات املادية.
وتعت CCرب ظ CCاهرة اإلنت CCاج ال CCزوجي ال CCيت تنب CCأ به CCا دي CCراك عن CCدما دمج نظري CCة النس CCبية Cاخلاص CCة م CCع
ميكانيكا الكم دليال واضحا لصدق هذا املبدأ .واليت تتنبأ باحنالل اإلشعاع CالكهرومغناطيسCيC
(الفوت CCون) حتت ظ CCروف معين CCة إىل إلك CCرتون Cوبوزي CCرتون ،وه CCذا الأخ CCري يش CCارك االلك CCرتون يف
مجيع خصائصه إال أن شحنته موجبة ومن املمكن أيضا أن حيدث العكس
ن CCواة ال CCذرة وال CCنيوترون ،ويعترب اجلس CCيم املض CCاد لإللك CCرتون أو نقيض اإللك CCرتون .وهو يتط CCابق مع اإللك CCرتون يف
ُ
الصCCفات واخلصCCائص الفيزيائية كاف Cةً ،فيما عCCدا الشCCحنة الكهربائيCCة؛ إذ حيمل البوزيCCرتون شCCحنة كهربائية موجبة
مسCCاوية لشCCحنة اإللكCCرتون ،ولكن على عكس اإللكCCرتون الCCذي حيمل شCCحنة كهربائية سCCالبة ،.يف حCCال اصCCطدام
البوزيرتون باإللكرتون حيدث ما يعرف بإبادة إلكCCرتون-بوزيCCرتون أي يتحCCوالن يتحCCوالن إىل طاقة ويظهCCران على
هيئة موجتني كهرومغناطيسيتني هلما نفس الرتدد
53
احلل األمث CCل إذن هو قب CCول الإثن CCان مع CCا ،وه CCذا م CCا مٌس ي بالطبيع CCة املثنويC Cة Cللموج CCة واجلس CCيم.
وهاتCCان CالطبيعتCCان متممتCCان لبعض وليسCCتا متناقضCCتني ،فتظهCCر إحCCدامها يف غيCCاب األخCCرى على
حسCCب الظCCروف املتاحCCة ،وال ميكن رؤيCCة الإثنCCتني معCCا يف وقت واحCCد .إن األمCCر يشCCبه كثCCريٌا
قطعCC Cة النقCC Cود املعدنيCC Cة C،فال ميكننCC Cا رؤيCC Cة الCC Cوجهني دفعCC Cة واحCC Cدة ،وكلمCC Cا رأينCC Cا صCC Cورة أح CCد
الوجهني بشكل أفضل ساءت رؤية الوجه اآلخر حىت خيتفي متاما.
ٌ
لقد أدى اكتش CC Cاف املوج CC Cات املص CC Cاحبة للإلكرتون CC Cات إىل أمر يف غاية األمهية ،وهو ضCC Cرورة
وج CCود حتديد رياضي يتٌيح لإللك CCرتون االنتق CCال من م CCدار إىل آخر ،ويشع ف CCائض طاقته على
شCC Cكل فوتCC Cون ضCC Cوئي .مثلما حCC Cدث متاما مع انشتاين يف الضCC Cوء عنCC Cدما وضح أن املوجCC Cات
الض CCوئية Cهي من حيٌ CCدد كيفية انتق CCال الفوت CCون Cمن مك CCان إىل آخ CCر .فبنفس الطريقة جيب أن
حتدد موجCCات املادة كيفية انتقCCال اإللكCCرتون من مCCدار إىل آخر داخل الCCذرة .ومن املؤكد أن
ذلك ال يتحقق بواسطة امليكانيكا الكالسيكية Cللموجات .وكCCان ال بد من معCCادالت أخCCرى
تنسCCجم مع أفكCCار الكم اجلديCCدة .ومت ذلك فعال عCCام 1926مع معادلة الفيزيCCائي النمسCCاوي
"ارفن ش CCرودجنر" ال CCذي اس CCتطاع « أن يش CCيد املعادلة املوجية اليت تصف الطريقة اليت تتغري هبا
املوجة املرتبطة باجلس CCيم أو الفوت CCون Cمن حيث الزم CCان واملك CCان C.ه CCذه املعادلة اليت متثل املدخل
األساسي Cمليكانيكا Cالكم تشCC C C C C C Cبه من حيث األمهية إىل حد بعيد قCC C C C C C Cانون نيCC C C C C C Cوتن للحركة يف
امليكانيكا CالكالسCCيكية 1» Cوهي معادلة تفاضCCلية من الدرجة الثانية حتدد تطCCور الدالة املوجية
عند أي حلظة من الCC C C C C C C Cزمن ،بمعرفة الشCC C C C C C C Cروط االبتدائية .Cوألمهيتها أصCC C C C C C C Cبحت متثل عصب
119 جاسم حسن العلوي ،العامل بني العلم والفلسفة ،مرجع سابق ،ص 1
54
ميكانيكا الكم « كCC Cانت صCC Cورة شCC Cرودنغر الذرية تبCC Cدو معقولة متاما بCC Cالرغم من أهنا معقCC Cدة
1
تصوره» . وتعتمد على تابع رياضي موجي قلما يستطيع أحد
لقد أسCCفر البحث الفيزيCCائي بعد ذلك عن مبCCدأ من شCCأنه أن يغري أفكارنا متاما عن الكCCون Cإنه
مبCC Cدأ الالحتديد ،والCC Cذي ينٌص على أنCC Cه :عنCC Cدما توجد احلركة خيٌتفي املوضع ،وعنCC Cدما يوجد
املوضع ختتفي احلركة ،أو ماعرف بـ ـ « مبCCدأ هCCايزنربغ األرتيCCايب ،أو مبCCدأ الالحتميCCة .وهو ذو
شأن ضئيل يف دنيا احملسوسات ،ألهنا نCادرا ما تأبه بالتشويشCات النامجة عن عمليCات الرصCد.
لكن مبCدأ االرتيCاب شئ خطري عنCدما يتCدخل يف شCؤون اإللكرتونCات .لقد كCان بالفعل شCيئا
2
لقد متكن العCC Cامل » خط CC Cريا لدرجة جعل الوج CC Cود نفس CC Cه ،وج CC Cود اإللك CC Cرتون ،موضع شك
هيزنربغ « من أن يتنبأ باسCCتحالة قيCCاس سCCرعة اجلسCCيم وموقعه يف آن واحCCد .نعم ميكننا قيCCاس
س CCرعة اجلس CCيم ( أو كمية حركت CCه) بالدقة اليت نري CCدها ولكننا يف ال CCوقت ذاته س CCنرتكب Cخطأ
يف حتديد موقع ذلك
اجلس CCيم » 3وق CCدم ص CCياغة للمب CCدأ الش CCهري والC Cذي ينص على أنه "من املس CCتحيل أن حندد بدقة
تامة ع CCزم ومك CCان وج CCود اإللك CCرتون Cيف نفس ال CCوقت" أي كلما رص CCدت أح CCدمها بدقة أكرب
ك CCان على حس CCاب األخر بنفس الدق CCة .ف Cاالقرتاب من القيمة احلقيقية Cللموقع تبعدنا عن قيمة
كمية الدفع بقدر اقرتابنا من معرفة املوقع .وفق الصياغة Cالرياضية التاليةC:
فريد آالن وولف ،مع القفزة الكمومية ،مرجع سابق ،ص95 : 1
جاسم حسن العلوي ،العامل بني العلم والفلسفة ،املركز الثقايف العريب ،املغرب ،ط ،2005 ،1ص 121 3
55
h
x p ( x )m ( u )
4
وب CC Cذلك مت إع CC Cادة النظر يف معاجلة ذرة اهلي CC Cدروجني ،انطالقا من نظرية 1
ال CC Cواقعي»C االمك CC Cان
الكم احلديثة (ميكانيكا Cالكم) حتديدا من معادلة شرودجنر ،وتفسCير بCCورن االحتمCCايل ،ومبCCدأ
حممود عثمCان حممCد(صCالح) ،مشCكلة CاالتصCال والالتنCاهي بني العلم والفلسCCفة ،منشCأة املعCارف ،مصCر( ،د.ط)، 1
2000ص .237
56
هيزن CCربغ االرتيCCايب .وباسCCتخدام هCCذه املفCCاهيم اجلديCCدة حنصل على شCCكل جديد للCCذرة ،ليس
هو بنم CCوذج ب CCور ،إال أنه ال يتن CCاقض مع التج CCارب .والنتيجة Cاملرص CCودة أن منوذج ب CCور م CCزيج
بني الفيزيCC C C C C C C Cاء الكالسCC C C C C C C Cيكية CوالكموميCC C C C C C C Cة .أما مع ميكانيكا Cالكم ،فقد مت جتاوز امليكانيكا
الكالس CC Cيكية وأص CC Cبح منوذج ب CC Cور ،كحالة من إح CC Cدى احلاالت الكث CC Cرية Cاليت تظهر من نتCC Cائج
نظرية الميكانيكا الكمومية.
ومع مبدأ عدم اليقني مت القضاء متاما على الصورة اآللية واحلتمية للكون ،ورفCCع هيزنCCربغ
السCCتار« عن اجلدار الرفيCCع الCCذي يفصCCل امليكانيكCCا الكوانتي Cة Cعن مثيلتهCCا النيوتونيCCة ،فمCCا تCCراه
امليكانيك Cا CالنيوتونيCCة ممكنCCا من حيث قابليتهCCا لقيCCاس كCCل من املوقCCع والسCCرعة يف الCCوقت ذاتCCه
أصبح
مسCC C C Cتحيال يف امليكانيكا CالكوانتيCC C C Cة ،حىت يومنا احلاضر » 1مبعىن هنCC C C Cاك حتول هائل يف مسCC C Cار
الفيزياء خصوصا ،ويف العلوم الطبيعية عمومCCا ،واتسم بطCCابع ثCCوري ،تCCرتب عنه زعزعة أسس
الفيزياء الكالسيكية C،وتبديل اعتباراهتا النظرية ،لتصCCبح قCCادرة على مسCCايرة واقع علمي جديد
كل اجلدة.
وكان هلذه النتائج انعكاس مباشر على املستوى الفلسفي .فإذا كانت هناك عالقة مباشرة
بني الراصد واملرصCC C C C Cود ،حيث يكCC C C C Cون الراصد هو املتحكم فيما حيدث للتجربة من نتCC C C Cائج،
والواقع ال ينشأ إال عن CCدما حنس به ونستحض CCره يف أذهاننا ،فه CCذا حييلنا مباش CCرة إىل مش CCكلة
عالقة الوعي Cبالوجود.
مما أسفر عن نقاشات علمية وفلسفية حCادة ،جعلت إنشCتاين يقCول عبارته املشCهورة إن اهلل
ال
يلعب ال CCنرد ،تعب CCريا عن رفضه وامتعاضه Cمن تفسري مدرسة كوبنه CCاغن Cيف س CCلوك اإللك CCرتونC
جاسم حسن العلوي ،العامل بني العلم والفلسفة ،مرجع سابق ،ص .122 1
57
ال CCذي يعترب الكمي CCات املتغ CCرية Cليست هلا قيمة حمددة قبل عملية القي CCاس ،فاحلالة البدئية Cعب CCارة
عن تCCراكب من عCCدة حCCاالت .ويقCCدم شCCرودجنر جتربة ذهنية اشCCتهرت مبفارقة قطة شCCرودجنر
ليعرب هو اآلخر عن انزعاجه من هCCذا التفسCCري .وفتح اكتشCCاف هيزنCCربغ االرتيCايب البCاب جلدل
علمي وفلسCC Cفي مادته نظرية الكCC Cوانتم Cاليت أحيت « الصCC Cراع الفلسCC Cفي حCC Cول نظرية املعرفة
وأقحمت الفيزيCCاء يف قلب البحث الفلسCCفي» 1وهو الصCCراع الCCذي يرجع إىل بCCدايات النهضةC
األوربيةC.
ما نس CCتنتجه هو أن هن CCاك بع CCديا ثوريC Cا حقيقيC Cا ج CCاءت به ميكانيكا الكم ،فص CCورة الفيزي CCاء
الكالس CCيكية Cالقائمة على احلس الع CCام للحقيقة املوض CCوعية C،أي وج CCود الع CCامل اخلارجي ،بغض
النظر عن دور املراقب أو املشCC C Cاهد ،واالعتقCC C Cاد بإمكانية Cالتنبؤ حبركة أكرب اجملرات إىل أصCC Cغر
الCC Cذرات ،باعتبCC Cار الكCC Cون Cآلة قائم C Cة على السCC Cببية واحلتمية ،قد تزلCC Cزلت باكتشCC Cاف ميكانيكا
الكم.
وقصفت مفاهيم احلس العام حول احلقيقة Cاملوضوعية C.وحتول اإلنسان من جمرد جCCزء من آلة
عمالقة إىل فاعل نشيط يف هذا الكون C،والفضل األكرب يف ذلك يعود إىل مبدأ الال تعيني
مفارقة قطة شرودجنر :لكي يبني شرودجنر مدى سخافة تفسري تطابق الرتاكب الCCذي جCاء مع مبCدأ الال حتدد عند
هيزنCC Cربغ اقCC Cرتح مفارقة اشCC Cتهرت مبفارقة قطة شCC Cرودينجر وفحواهCC Cا :لو نتخيل بأنه لCC Cدينا مصCC Cدر اشCC Cعاع يقCC Cوم
بارس CCال الك CCرتون واحد اىل مقسم Cش CCعاع حبيث جيرب االلك CCرتون إىل السري اما اىل جهة Aأو جهة ،Bمث ي CCذهب
اىل صندوق فيه مطرقة وقنينة غاز سام وقطة ،فCCإذا سCCار الإلكCCرتون إىل املسCار Aفلن حيدث شCئ ،أما اذا سCار إىل
املسCCار BفسCCيلحظه اجلهCCاز الكاشف ومن مث يرسل إشCCارة لتهCCوي املطرقة وتكسر قنينة الغCCاز السCCام ومن مث متوت
القطCC Cة .إذن اذا سCC Cار الإلكCC Cرتون اىل املسCC Cار Aتعيش القطCC Cة ،واذا س CCار إىل املس CCار Bمتوت القط CCة .اآلن حسب
التفكري الكالسCC C Cيكي جيب أن يسCC C Cلك االلكCC C Cرتون إما اجلهة Aأو ،Bإما أن متوت القطة أو تعيش ،لكنك اآلن
أصCCبحت كمCCومي التفكري وتعCCرف بأنه سCCيتجه إىل Aو Bيف نفس الCCوقت والسCCبب هو "تطCCابق الCCرتاكب" وهCCذا
يعين أن االلكCCرتون سCCيمر ب Aو .BوااللكCCرتون سيضCCرب اجلهCCاز الكاشف ولن يضCCربه ،املطرقة سCCتهوي ولن
هتوي ،الغاز السام سينطلق ولن ينطلق ،القطة متوت وتعيش.
املرجع السابق ،ص . 127 1
58
العمود الفقري مليكانيكا Cالكم.
ورغم االنتق CCادات Cاملتالحقة هلذه النظري CCة ،نظ CCرا لغرابتها وع CCدم توافقها مع احلس الع CCام ،إال
أهنا ع CC Cرفت امت CC Cدادا معاص CC Cرا ،فميكانيكا Cالكم « منتش CC Cرة إىل حد بعيد حىت يف إط CC Cار احليCC Cاة
اليومية Cكما
تعد احملور الرئيس C C C Cي جملاالت عديCC C C Cدة للتكنولوجيا CاملتقدمCC C C Cة C،مبا يف ذلك أجهCC C C Cزة الكمCC C Cبيوتر
اإللكرتونيCC Cة C.أيضCC Cا ،فCC Cإن نظرية اجملال الكمي – وهي احتاد ميكانيكا الكم مع نظرية النس CCبيةC
ألينشتاين -نظرية جوهرية لفهم فيزياء اجلسيمات » 1واملسCCألة Cمل تبق على مسCCتوى االفCCرتاضC
بل يسCC Cعى العCC Cامل ريشCC Cار فينمCC Cان وهو أول من قCC Cدم فكCC Cرة احلاسCC Cوب الكمى والCC Cذى وظف
النظرية الكمومية الىت تصف اإللكرتون CCات على أهنا توجد ىف أك CCثر من حالة ىف نفس اللحظة
( 00او ولكن يكCCون بـ بـ( 0و )1 وأنتج نظريCCات احلسCCاب الكمى .حيث ال يكCCون Cالتعامل
على Bit ىف نفس اللحظة وىف نفس الCCوقت وأصCCبح يتعامل مع ما نسCCميه 10او )01 او 11
أهنا قد تكCCون CأكCCثر من قيمة ىف نفس الCCوقت وتسCCتطيع هنا تطCCبيق نظريCCات االحتمCCال وما إىل
وهي qubit سCCواها من النظريCCات الىت تتعامل مع اجملهCCوالت CمتعCCددة القيم ،فأصCCبحت تسCCمى
(.)Quantum Bit اختصار لـ
جند أن إخ CCرتاع احلاس CCوب .qubit وأما على مس CCتوى املم CCيزات والنت CCائج Cالىت س CCتحدثها الـ
الكمي إذا ما مت ،سيكون طفرة عظيمة يف مستقبل املعرفة البشرية.
ففي الوقت الذي يقوم فيه احلاسوب العادي بعملية حسابية واحدة ميكن للحاسوب الكمي
ان يق CCوم ماليني العملي CCات احلس CCابية يف نفس ال CCوقت .وتتص CCدر نظرية األك CCوان Cاملتوازية Cأو ما
يعCC Cرف بنظرية "ايفCC Cريت" نسCC Cبة إىل واضCC Cعها الفيزيCC Cائي" Cهيو ايفCC Cريت الثCC Cالث" املشCC Cهد لتفسر
مفارقات نظرية الكم حيث يدخل الراصد واملرصود يف وحدة واحدة غري متجزئة .ولنا أن
روجر برونز وآخ CCرون ،فيزي CCاء العقل البش CCري والع CCامل من منظ CCورين ،ت CCر :عن CCان علي الش CCهاوي ،كلم CCات عربية 1
كلمة فوضى يف املعجم الفلسCC C C C Cفي لصCC C C C Cليبا هي « اخللل الCC C C C Cذي ينشأ عن فقCC C C C Cدان السCC C C Cلطة
1
املوجه CCة...وهي Cضد النظ CCام وال CCرتتيب يق CCال :ق CCوم فوض CCى ،أي ليس هلم رئيس يسوس CCهم»
ويرتبط املفهCC C C C C Cوم هنا بالبعد السياسي CخصوصCC C C C C Cا ،والCC C C C C Cذي يعىن بتنظيم اجملتمع وجتاوز حالة
الفوضCC Cى C.ويف موسCC Cوعة Cالالند الفوضى « CفCC Cراغ مظلم بال حCC Cدود ،كCC Cان قائما قبل وج CCود
العCC C Cامل احلايل ...خليط غCC C Cامض من كل عناصر الكCC C Cون Cقبل أن تقCC C Cوم قCC C Cوة ناظمة بتنظيمها
وترتيبه CC Cا...جمم CC Cوع Cفوض CC Cوي منفلت » 2ويس CC Cتند ه CC Cذا التعريف إىل تص CC Cورات قدمية شCC Cرقية
ويونانية Cيف تصCCوراهتا ملشCCكلة اخللق والوجCCود.ومما يتCCوجب ذكCCره أن « قبيل الثCCورة العلمية يف
القCC Cرن السCC Cابع عشر امليالدي ،كCC Cان الشCC Cواش Cحيكم العCC Cامل بشCC Cكل خيتلف اختالفا كبCC Cريا عن
168 ،167 مجيل صليبا ،املعجم الفلسفي Cج ،2الشركة العاملية للكتاب،ط ،بريوت ،1994 ،ص 1
أندريه الالن CCد ،موس CCوعة الالند الفلس CCفية ،ج ،1ت CCر :خليل أمحد خلي CCل ،منش CCورات عوي CCدات ،ب CCريوت ،ط،2 2
،2001ص 168
60
الطريقة اليت يستخدمها العلماء اآلن هلذا
اللفظ ».1كما اسCC C C Cتخدمت كلمة فوضى يف العربية كمCC C C Cرادف لكلمة ( )chaosوعرب عنها
كCC C C Cذلك بالشCC C C Cواش أو كCC C C Cايوس وهي «خالف كلمة cosmosاليونانية اليت تعين النظCC C Cام
الكوين ».2
أما عن الداللة االصCC C C Cطالحية العلمية لعلم الفوضى Cأو الكCC C C Cايوس ،فهي تلك النظرية اليت
تسCC C Cعى إىل « صCC C Cوغ مع CC Cادالت رياضCC C Cية بسCC C Cيطة لكي تشCC C Cرح مظCC C Cاهر ك CC Cربى وعنيفة مثل
الشالالت.
ورصد ظ CCاهرة قوامها أن ح CCدوث تغ CCريات بس CCيطة يف املعطي CCات األولية اليت تتعامل معها تلك
املعادالت ،تفضي إىل نتCCائج هائلة عند احلسCCاب النهCCائي C.ومست نظرية الكCCاوس تلك الظCCاهرة
"االعتم CCاد احل ّسC Cاس على املعطي CCات األولي CCة"» 3والفوضى Cهبذا املعىن تبت CCدئ « من احلدود اليت
يتوقف عنCCدها العلم التقليCCدي ويعجCCز .فمنذ شCCرع العلم يف حل ألغCCاز الكCCون C،عCCاىن دوما من
اجلهل بش CCأن Cظ CCاهرة االض CCطراب ،مثل تقلب CCات املن CCاخ ،وحركة أم CCواج البح CCر ،والتقلب CCات يف
األنCC C C Cواع احلية وأعCC C C Cدادها ،والتذبCC C C Cذب يف عمل القلب والCC C C Cدماغ ،إن اجلاذب غري املنظم من
الطبيعCC C C Cة ،غري املنسCC C C Cجم وغري املتناسق واملفCC C C Cاجئ واالنقاليب ،أعجز العلم دوما » 4فهو ذلك
العلم الذي خيتص بدراسة القوانني اخلفية اليت حتكم البيئات العشCCوائية غري املتوقعة املنتشCCرة Cيف
« الدراسة الوص CC C C Cفية للس CC C C Cلوك الالمنتظم لألنظمة احلتمية أوالديناميكية الك CC C C Cون ،أو هو
جCC Cون جريCC Cبني ،البسCC Cاطة العميقCC Cة ،تCC Cر :صCC Cبحي رجب عطا اهلل ،اهلي CCأة املص CCرية العامة للكت CCاب ،د.ط ،مصCC Cر، 1
2013ص13
ميىن طريف اخلويل ،فلسفة العلم يف القرن العشرين ،سلسلة عامل املعرفة ،العدد ،264ص 228
2
61
الالخطيCC C Cة ،فهو دراسة الس CC Cلوك املعقد غري املتنبأ Cبه كCC C Cالطقس واألرصCC C Cاد » 1فهCC C Cذه النظرية
تؤكد على أن ما يب CCدو فوضى هو عب CCارة عن نظم معق CCدة وغري متوقعة ميكن تفس CCريها وإجياد
أمناط هلا عن طريق مالحظة
ب CC Cداياهتا .والفوضى Cمن ه CC Cذا املنظ CC Cور ليست منتش CC Cرة يف الطبيعة فقط ولكنها (أي الفوضCC Cى)C
ضرورية لتنامي Cالتعقيد يف الكون.
وتعترب أعمال الرياضي وعامل األرصاد األمCCريكي لCCورنز بدايCCة فعليCCة لظهCCور نظريCCة الفوضCىC.
وبCCالرغم من وجCCود ارهاصCCات سCCابقة مCCع الرياضCCي بوانكاريCCه باخلصCCوص ،عنCCدما حCاول حCCل
مشCCكلة األجسCCام الثالث Cة CوالCCيت حCّ Cولت النظCCر عن التصCCور اخلطي الCCنيوتوين الCCذي كCCان يهمCCل
التغريات Cالطفيفة اليت تربز بروزا غري متوقع.
كCCان االعتقCCاد عنCCد لCCورنز أن تغCCريا CطفيفCCا يف الشCCروط األوليCCة ال يCCؤدي إال إىل تغCCريات بسCCيطة
وخفيفة يف النتائج النهائية .لكن هذا االعتقاد بدأ يتهاوى عندما قCام بإدخCال معCادالت خمتلفCة
ليحCCاكي األحCCوال اجلوية مسCCتخدما رياضCCيات بوانكاريCCه ،مث يCCرى مCCاذا حيصل عنCCدما تتفاعل
هذه الظروف فيما بينها .وملا أراد أن يتفحص جزءاً من املخطط البياين بتفاصيل أكCCثر ،كCCرر
دورة احلاسCC Cوب ،إال أن النتيجة كCC Cانت هCC Cذه املرة خمتلفة عن املرة السCC Cابقة ،رغم أهنا كCC Cانت
ذات البيانCC Cات CالسCC Cابقة .اعتقد لورنCC Cتز يف البداية Cمن وجCC Cود خلل يف آلية عمل اجلهCC Cاز ،لكنه
تأكد بعد جتارب أخCرى أن هنCاك ظCاهرة اسCتثنائية ،وهي أن تغCريا طفيفا Cيف املدخالت يCؤدي
إىل حتول جذري يف املخرجات .أي أن تغيCCريا صCCغريا يف املعطيCCات األوىل ألحCCوال اجلو ميكن
أن ينتج عنه تغيرات ضCC Cخمة وكبCC Cرية يف أحCC Cوال الطقس اجلويCC Cة .وعنCC Cدما طبع تلك الرسCC Cوم
البيانية بCCدت على شCCكل فراشCة ،فعCCرف هCCذا األثر بCأثر الفراشة .فاخلطأ احلسCايب البسCCيط كCان
كلفحة ه CCواء بس CCيطة ولكن تلك اللفحة ميكن أن تتن CCامى لتُح CCدث إعص CCاراً .وبعب CCارة أخ CCرى
ايCCان سCCتيوارت ،من يلعب الCCنرد :الرياضCCيات اجلديCCدة للظCCواهر العشCCوائية ،تCCر :بسCCام امحد املغCCريب ،دار طالس 1
62
1
«االختالفCCات الدقيقة حني االدخCCال قد تصCCبح وبسCCرعة اختالفCCات سCCاحقة عند االخCCراج »
وهي املالحظة اليت ولد منها علم جديCC C C Cد ،مسي الفوضى والشCC C C Cواش .ونشر لCC C C Cورنز حبثC C Cاً عن
مالحظاته عنونه" CبالتوقعCC C C Cات :هل يCC C C Cؤدي رفيف جنCC C C Cاحي فراشة يف الربازيل إىل حCC C Cدوث
إعصار يف تكساس؟" ومن ذلك العنوان
أنطوان بطرس ،الثورات العلمية يف القرن العشرين ،شCركة املطبوعCات للتوزيع والنشCر ،لبنCان ،ط ،1997 ،2 1
ص103
جاميس ،غليك ،مرجع سابق ،ص 16 2
63
جCC C C C C C C C C C C C Cداً .ومما ال جيب إغفاله هو أن نظرية الفوضى Cمَتُت بصCC C C C C C C C C C C C Cلة لدراسة النظم الدينامية
الالخطية وهي نظم ذات خ CCواص حمددة ج CCرت دراس CCتها من قبل علم CCاء الرياض CCيات ألك CCثر
من قرن.
وخالل الثالثCCون CسCCنة املاضCCية ،لوحظ اهتمCCام البCCاحثني بدراسة هCCذه النظم يف احلقCCول
العلمية املختلفة وعلى سCCبيل املثCCال الفيزيCCاء ،والكيميCCاء C،واالقتصCCاد .وكCCان االهتمCCام مركCً Cزا
على
قCCدرة هCCذه النظم يف تفسري األشCCياء اليت تبCCدو غريبCCة ،وتوصف بأهنا عشCCوائية CوضوضCCاء ،وال
ميكن توضCCيحها بالنمCCاذج التقليديCCة .وعCCرفت نظرية الفوضى Cيف اآلونة األخCCرية انتشCCارا على
نطCC C C C C Cاق واسع يف جمال العلCC C C C C Cوم الطبيعية بل وامتد تطبيقها إىل العلCC C C C C Cوم االجتماعية .وحتولت
النظرية إىل« ما يش CCبه الث CCورة يف العل CCوم الطبيعية (الفيزي CCاء خصوص CCا) قبل أن ينتقل تأثريها Cإىل
كC Cل من الفكر الفلس CCفي والسياسي واالجتم CCاعي» .1إن الC Cرباهين واألدلة اليت ق CCدمها علم CCاء
الفوضى Cمن خالل جتاربهم وباس CC Cتخدام احلاس CC Cوب أك CC Cدت أن ما قد يب CC Cدو اختالفC C Cاً يف غاية
الصCCغر يف مCCدخالت نظCCام ما ،ميكن أن يكCCون Cله نتCCائج ضCCخمة يف املدى البعيد على النظCCام،
وأن النش CC Cاط العش CC Cوائي Cالظ CC Cاهر ملنظومة الفوضى ليس عش CC Cوائياً متامC C Cاً ،ولكنه ينتج من أمناط
معق CCدة حتت CCاج إىل حس CCاب زادت يف امت CCداد فكر الفوضى Cالعلمي إىل جل النش CCاطات البحثية
والعلمية املعاصCC Cرة ،وأصCC Cبح مصCC Cطلح (الفوضCC Cى) Cميثل «اختصCC Cارا حلركة متصCC Cاعدة أعCC Cادت
صوغ املؤسسة العلمية عامليا.
تكCCاثرت منتCCديات الكCCايوس CوجمالتCCه .وخصص املسCCؤولون عن التمويCCل ،يف اجليش األمCCريكي
تقع املشكالت الالخطية يف دائرة اهتمام املهندسني ،والفيزيCائيني ،والرياضCيني نظ ًCرا ألن معظم األنظمة الفيزيائية
هي أنظمة الخطية متأص CCلة يف الطبيع CCة .ويص CCعُب حل املع CCادالت الالخطي CCة ،كما أهنا ت CCؤدي إىل ح CCدوث ظ CCواهر
مثرية لالهتمام مثل الشواش.
سامي خشبة ،مصطلحات الفكر احلديث ،ج 2اهليئة املصرية العامة للكتاب ،القاهرة ،د.ط ،2006 ،ص149
1
64
و"سي آي إي CCه" ووزارة الطاقة أم CCواال متعاظمة للبح CCوث عن نظرية الفوض CCى C.ويف اجلامع CCات
ومراكز البحثُ ،ش C Cغلت أعCC Cداد متزايCC Cدة من البCC Cاحثني يف فهم الكCC Cايوس ،وجعلته يف املوضع
األول من اهتمامها ،مهما كانت طبيعة اختصاصاهتا األكادميية». 1
وما مييز نظرية الفوضى Cعبورها للحCCدود الفاصCCلة بني التخصصCCات العلميCCة ،ألهنا تبحث
يف الطبيعة الكلية للنظم .وب CC Cذلك اس CC Cتطاعت أن جتمع علم CC Cاء ومفك CC Cرين من حق CC Cول علمية
متنوعة CكCC C C Cانت تعترب فيما مضى فروعا متباعCC C C Cدة .أما امليزة الثانية CللكCC C C Cايوس اهتمامها بعCC C Cامل
األش CC C Cياء ،ظ CC C Cواهر احلي CC C Cاة اليومية Cالعادية اليت حجبت عن جمال املمارسة الفيزيائية « ومن بني
تلك الثCCورات الثالث تتمCCيز الكCCاوس بأهنا تتنCCاول العCCامل املباشر الCCذي نCCراه وحنسCCه ،وتنظر إىل
أشياء على مقاس
اإلنس CCان C.وللمقارن CCة ،تتعامل النس CCبية Cمع املقي CCاس الكبري (الك CCون) ،يف ما تفكر الكموميةC
على املقيCCاس األصCCغر (الCCذرة ودواخلهCCا).وأما الكCCايوس C،فيتأمل يف التجCCارب اليومية Cوالعادية
للبشر...
لCC Cذا بCC Cدت نظرية الفوضى Cوكأهنا عCC Cودة إىل ما تركته الفيزيCC Cاء طCC Cويال C.وقد أطلت دراسCC Cاهتا
األوىل برأس CC Cها من ه CC Cوامش Cعلم الفيزي CC Cاء يف الق CC Cرن العش CC Cرين» . 2وب CC Cالنظر إىل اخلص CC Cائص
األساس CC Cية Cلنظرية الفوضى ميكن أن حنددها يف ثالثة عناصر هامة هي :التش CC Cعبات ،واجلاذب،
والتنظيم الذايت.
() Bifurcations /1التشعبات
عن CCدما تص CCبح منظومة دينامي CCة ،فوض CCوية معق CCدة غري مس CCتقرة يف بيئتها بس CCبب االض CCطراب أو
الض CCغط ،ف CCان حالة جاذبة تق CCود مسارات ه CCذا الض CCغط إىل نقطة معينة تس CCمى بنقطة التح CCول
65
الطCC Cوري وتتشCC Cعب Cاملنظومة وتُCC Cدفع إما إىل حالة من نظCC Cام جديد عرب التنظيم الCC Cذايت ،أو إىل
حالة
الالنظ CC Cام .فاملنظومة ت CC Cدخل مرحلة التش CC Cعب Cإىل منطقة افتراض CC Cية (جمال افتراض CC Cي) إذ تصCC Cنع
اخليارات ،فقد ختت CC C Cار املنظومة هنا اجلاذب األك CC C Cثر ت CC C CأثيCرا ،أو ميكن أن تقفز من جCC C Cاذب إىل
ج CC C C C Cاذب آخر ففي ه CC C C C Cذه املرحلة تتخذ اخليارات املس CC C C C Cتقبلية Cللمنظوم CC C C C Cة ،وتس CC C C C Cمى املرحلة
(بالفوضى العميق CC Cة) فإما أن تعيد املنظومة Cتنظيم ذاهتا يف مس CC Cتوى أعلى من التعقيد أو تنحل
وتتالشى وهذه العملية تعرف حبافة الفوضى .Cوتوجد ثالثة أنواع من التشعبات Cهي:
-هادئ :ويكون Cالتحول فيه هادئا وسلساً.
-كارثي :ويكون التحول فيه حاداً والنتيجة Cمزيداً من االضطراب.
-انفج CC Cاري :ويك CC Cون التح CC Cول مفاجئC C Cاً ،وتتحكم فيه عوامل متقطعة تقلب املنظومة
وتدفعها من نظام إىل أخر .فنقطة التشعب Cهي النقطة اليت تظهر بالنظCCام يف عملية تطCCوره ،اذ
أن كل واح CCدة حتاول أن ت CCربهن أهنا نقطة حامسة تع ُقد عليها االجتاه CCات املس CCتقبلية Cوالنج CCاح
احملتمل
للتطور.
http://www.jalalalhajabed.com/nonlinear_systems.pdf
66
والال اسCCتقرار وضCCمن حCCدود معينCCة.ويرتبط اجلاذب باألشCCكال اليت صCCنعها كمCCبيوتر لCCورنز و
« اشتهرت تلك األشكال احللزونية باسم "جاذب لCورنز" وللمCرة األوىل أظهCرت الصCور اليت
1
للكCCايوس» يصنعها Cكمبيوتر لورنز ،أن ما تعرب عنه يشCCكل أمCCرا معقCCدا ألهنا تضم الغىن اهلائل
وهناك ثالثة أنواع Cمن اجلواذب هي:
-1اجلاذب النقطي :يتعلق باملنظومات اليت تصل إىل توازن مستقر ،ويرجع ليتوقف يف نقطة
واحدة.
-2اجلاذب ال CCدوري :يتعلق باملنظوم CCات اليت تك CCرر ذاهتا يف تأرجح CCات دوري CCة ،مثل بن CCدول
الساعة .
-3اجلاذب الغريب :يتعلق بالنظام العشوائي إذ يدل من امسه على أنه يطرأ على املنظومةC
عندما تدخل مرحلة حافة الفوضى ،بشكل غري متوقع وغري قابل للتنبؤ Cبه مما يوحي بأنه
غريب فضاء الطور اخلاص باملنظومة .Cولقد برهن العامل لورنز تأثري الجاذب الغريب
املعروف باسم تأثري الفراشة.
-4التنظيم الذايت هي قدرة النظام الفوضوي على تنظيم وٕاعادة ترتيب ذاته يف سلسلة مماثلة
النمو بالرغم من تعقيد النظام فالتنظيم الذايت عملية انتظام جملموعة من القواعد البسيطة يف
شبكة مرتابطة ،قادر على احلصول على املعلومات اليت يولدها
تنظيما ذاتيًّا حيدث تلقائيًّا
بنفسه واستخدامها كمدخل له .إن « التعقيد (أو حافة الشواش)ً C
يف املنظومة البعيدة Cعن التوازن » 2ومصطلح التنظيم الذايت ذو صلة مبفهوم نظم التكيف
املعقدة C،ألهنا متكنه من التحول والتطور أو التكيف Cللتالؤم مع البيئة Cأو التفاعل معها.
فالسلوك الدينامي Cالذي متتاز به نظم التنظيم الذايت ،ينتج من سلوكيات متفاعلة بعضها مع
معني روميCC C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C Cة ،مCC C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C Cدخل إىل نظرية التعقيد والشCC C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C Cواش، 2
/http://maaber.50megs.com/issue_december03
epistemology_1.htm
67
البعض Cاآلخر يف أجزاء النظام .وكما أن التنظيم الذايت يشري إىل قدرة املنظومة على التكيفC
مع الظروف احمليطة هبا من أجل البقاء على قيد احلياة .فإعادة التنظيم ينتج من تغيري يف البيئةC
اخلارجية أو من اختالف جزئي يؤدي إىل تضخم النظام ،فإذا كان التعامل مع التغيرات
البيئية جيد ،فإن إعادة التشكيل اجلديدة تكون متوافقة Cمع هذه التغيCيرات ،أما الفشل يف
هذه األنظمة يكون Cبعدم القدرة على التعامل بشكل أفضل مع متغيرات البيئة .Cوهنا يلعب
اجلاذب الغريب دوًرا كبيًرا يف حتقق املسار الفعلي الذي تسلكه املنظومة ،مما يساعدها يف
البحث عن الفرص اليت حتاول هبا استخدام مناذج دينامية داخلية لتوقع املستقبل.
1
جيمس غليك ،مرجع سابق ،ص250
68
يتألف من عدد من املكونات املتفاعلة ،وكلما ازدادت درجة التعقيد كلما أصبح سلوك
النظام قابلا للتعديل والتنبؤ.
وما خنلص إليه أن نظرية الفوضى متثل منوذجا علميا جديدا للتفكري يف املعلومات القدمية
واليت أُمهلت بسبب خروجها عن املألوف ،وجذرت توجها يرى بأن Cاإلفراط يف تفرع
التخصصات العلمية يشكل عائقا أمام حبوث العلماء ،فمن غري اجملدي الرتكيز على األجزاء،
مبعزل عن الصورة الكلية .إن نظرية الكايوس أهنت األسلوب االختزايل يف التفكري العلمي
وأقنعت Cالعلماء بأهنم يسامهون يف والدة علم جديد ،سواء ختصصوا يف البيولوجيا أو
الرياضيات أو الفيزياء ،أيا كان حقل اختصاصهم ،فإن مهمتهم تتمثل يف فهم التعقيدC
كظاهرة يف ذاهتا .
/4نظرية املعلومات
تعترب نظرية املعلومات ثورة ثالثة بعد اكتشاف الكتابة والطباعة .حيث أتاحت هذه
الثورة يف النصف الثاين من القرن العشرين وباندماج ظاهرة تفجر املعلومات وتعدد وسائل
االتصال وقنواته Cوأساليبه بتنامي النتاج الفكري مبختلف أشكاله واللغات اليت يصدر فيها.
وبفضل ختزين واسرتجاع املعلومات .واملعلومات مبنظور هذه النظرية « جمموعة من الرسائل
املمكنة C.مبعىن أهنا حمكومة خبيارات .واخليارات اليت تتوقف عليها هذه اإلمكانات تعتمد
1
» على األرجحيات
وتكتسي Cهذه النظرية أمهية بالغة ألهنا « مكنت Cللمرة األوىل ،من وضع تعريف رياضي
ملفهوم Cاملعلومات ،واليت هي كمية جمردة غري ملموسة ،وبالتايل من وضع نظم لنقل
املعلومات وضبطها والتحكم هبا ،باإلضافة إىل توفري األسس الحتساب مدى قدرة األنظمة
على بث املعلومات وخزهنا» 2وهذا ما مكن من إعطاء ِسعة ملفهوم املعلومات وانسحابه
69
على حقول كثرية .
ويرجع الفضل يف ظهCCور نظرية املعلومCCات « إىل كتCCاب النظرية الرياضCCية لالتصCCال لكلCCود
شCCانون وواين ويفر الصCCادر سCCنة .1948فقد اقCCرتح هCCذان املهندسCCان صCCيغة متكن من االنتقCCال
من القص CCور احلراري إىل املعلوم CCة .ه CCذه األخ CCرية ،تق CCوم على بث عالم CCات ورس CCائل وبالت CCايل
تبطل أو تقلص من القص CC Cور احلراري ،كما أن املعلومة اليت يسCC Cتقبلها نظ CC Cام مفت CC Cوح تش CC Cكل
(claude مقياسا لتقلص الاليقني أو االختالل» 1ومن هCC C C C C Cذا املنطلق يعترب كلCC C C C C Cود شCC C C C C Cانون
)Shannonـ عامل الرياضيات مؤسسCا لعلم املعلومCات احلديث .حيث تعCرض نظريته النمCوذج
العام لنظام االتصال.
وأدرك الكيفية اليت ميكن التعبري فيها عن املعلومCCات بشCCكل رقمي ثنCCائي Cوأثبت أن األدلة اليت
تنفذ تعليمCC C C Cات منطقية ميكن أن تعCC C C Cاجل املعلومCC C C Cات وكCC C C Cان حمور فكرته كيف ميكن لCC C Cدوائر
احلاسCC Cوب املغلقة واملفتوحة أن تقCC Cوم بعمليCC Cات منطقية مسCC Cتخدمة النظCC Cام الثنCC Cائي فما أن يتم
تحويل املعلومCCات إىل أرقCCام تسCCمى األرقCCام الثنائية .) 0 .. 1 ( Cفإنه يصCCبح باإلمكCCان ترمجة
كل املعلومات وختزينها
واستخدامها داخل حاسوب ما.
إن هذه النظرية كانت هتدف أساسا إىل« معاجلة ظواهر مشوشة هي عبارة عن أنواع من
التشويش Cموجودة يف كل قناة لالتصال ،واقرتاح نظرية متكن من حتسني مردودية الشبكة
اإلعالمية » 2ويتم ذلك من خالل امتالك ما ميكن من التزويد باملعلومات واستعماهلا
وختزينها ونقلها ،وقد احتاج شانون أن يتعرف بدقة على كمية املعلومات املطلوب إرساهلا
عرب قنوات اتصال لتحديد كفاءة القناة بدقة لذلك وجد ضرورة يف صياغة مفهوم املعلومات
بصورة كمية وهذا ما فعله يف سنة ( .)1949ويتكون Cنظام االتصاالت Cوفقاً ملا يراه شانون
بيرينCCار ،مCCييج ،الفكر االتصCCايل من التأسCCيس إىل منعطف األلفية الثالثCCة ،تCCر :أمحد القصCCوار ،دار توبقCCال للنشCCر، 1
70
ويرتكز املفهوم األساسي للمعلومات من وجهة نظر شانون «كل مصدر إعالمي يولد رسالة
وأن هذه الرسالة ينبغي تشفريها ليصبح باالمكان Cحتويلها إىل إشارات عرب قناة .وخالل
عملية البث Cهذه يتولد داخل القناة اضطرابا غري مرغوب فيه يطلق عليه ضجيجأو صوت.
ويتم مترير االشارة مع الصوت أو الضجيج عرب مفكك للرموز يعيد الرسالة إىل شكلها
األصلي ويوصلها إىل وجهتها بأقل درجة ممكنة من التشويه » 1فمكوناته الأساسية هي :
املرسل ( ) émetteurو هو الشخص أو احلاسوب الذي يتوىل مهمة إرسال 1
اإلشارات أو الرسائل .
-2املشCCفر ( .) Le codeو هو اجلهCCاز الCCذي يقCCوم بتشCCفري الرسCCالة ( تغيري شCCكلها )
لغCCرض نقلها من خالل االتصCCال .فالرسCCالة اليت يبعثها احلاسCCوب بالصCCيغة ( ) 0 . 1تغري
إىل الصيغة Cالقياسية لغرض نقلها .
-5املسCC Cتقبل ( . . ) récepteurوهو املرسل نفسه ،ولكنه يقCC Cوم مبهمة تسCC Cلم الرسCC Cالة أو
2
استقباهلا Cو حني يبعثها Cفإنه يتحول إىل مرسل
لقد وضع شانون األساس الرياضي لكمية املعلومات واليت عرفها على أهنا قياس
( عنصر املفاجأة ) فكلما كانت املعلومات مفاجئة كانت كميتها أكرب فكان من الطبيعيC
أنظCCر ،حممد حممCCود احليلة ،تكنولوجيا التعليم بني النظرية والتطCCبيق ،دار املسCCرية للتوزيع والنشر والطباعCCة ،ط،9 2
71
أن جتد نظرية املعلومات يف نظرية االحتماالت وسيلتها يف حتديد مدى
املفاجئة كمياً .لقد بني « شانون بطريقة ال لبس فيها ،ضرورة هذا املفهوم ،من خالل،
ربط كمية املعلومات املرسلة إىل إحتمال الرتكيب بني لعبة العالمات اليت تتجزأ إىل وحدات
فردية أو ثنائية C،إهنا البت » 1و لتوضيح ما قصد شانون مبفهوم كمية املعلومات فاملثال
التقليدي هنا هو حرف ( )Uالذي البد أن يتبع حرف( )Qيف مجيع الكلمات اإلجنليزية
وبالتايل فهو ال ينطوي على أي قدر من املفاجأة Cو عليه فكمية املعلومات اليت حيملها
مساوية للصفر و الشيء نفسه بالنسبة لعالمة االستفهام Cيف هناية اجلمل اليت تبدأ بأداة
االستفهام فمن املمكن إسقاطها Cدون أي خلل يف املعىن ( مثال :ملاذا تفعل هذا ) .لكن
كمية املعلومات اليت تنطوي عليها صورة مساء صافية تقل عن تلك اليت لسماء تسودها
السحب والغيوم .
التشويش parasite((Cمهما كان نوع العملية االتصالية Cومشواها ،أما نوع الوسيلة -6
املستخدمة ،فإن هناك بعض عناصر التشويش Cاليت حيتمل أن تتداخل يف العملية االتصالية مما
يتمكن أن تؤثر جناح العملية االتصاليةC.
وامتد مشول نظرية املعلومات يف استخداماهتا إىل «درجة أهنا تطبق اليوم Cعلى االشارات اليت
تبثها الشبكات العصبية لدى االنسان واحليوان C،كما أهنا تعتمد لفهم آلية النظام املعلومايت
2
» الدقيق الذي ينظم انتقال املعلومات ،مبعناها الوراثي ،يف الكائنات Cمن جيل آلخر
ولذلك أصبح التعامل مع املعلومات بصفتها احلقيقة الثالثة Cللكون بعد املادة والطاقة.
اإلعالم والسيربنيتيقا
الس CCيربنتيك كلمة جدي CCدة ظه CCرت مبعناها احلايل يف س CCنة 1948عن طريق الع CCامل األم CCريكيC
ن CCوربرت في CCنر ( )Norbert Weinerيف كتابه "الس CCيربنتيك" Cأو التحكم واالتص CCاالت يف
1
Daniel parrochia, philosophie des réseau, press universitaires de France 1993, p60-
61
انطوان بطرس ،مرجع سابق ،ص 210 2
72
الكCCائن احلي ويف اآللة " .و« أصل هCCذا اللفظ يونCCاين (...)KubernétikéومعنCCاه فن احلكم
أو التوجيه واإلدارة » 1وك CC Cان يقصد هبا قيCC C Cادة الرب CC Cان للس CC Cفينة .واسCC C Cتخدمت ه CC Cذه الكلمة
سCCابقاً من قبل أفالطCCون أثنCCاء حماوراته عن فن قيCCادة السCCفينة .ومن أفالطCCون غCCاب اسCCتعمال
هذا املصطلح إىل غاية بدايات القرن التاسع عشر حيث وظفه العامل الفرنسي ((أندريه مCCاري
أمبCCري)) يف كتابه (مقCCاالت يف فلسCCفة العلCCوم) واعتCCربه Cعلم إدارة اجملتمعCCات الCCذي يهCCيئ CللعCCامل
فرصة االس CCتمتاع بالع CCامل .ومنذ ذلك ال CCوقت مل يت CCداول ه CCذا املص CCطلح إىل غاية نشر الع CCامل
األم CCريكي (في CCنر) لكتابه الس CCيربنتك )cybernetic( Cبوص CCفه علم يربط العل CCوم مع بعض CCها
البعض Cداخل إط CC Cار نظرية التحكم .و « وصف بأنه العلم ال CC Cذي يش CC Cرح فيه الفس CC CيولوجيونC
2
للمهندسني كيف يبنCCون Cاآلالت ويشCCرح فيه املهندسCCون CللفيزيولوجCCيني كيف تسري احليCCاة »
ويف العصر احلايل أص CCبح الس CCيربنتيك نظرية فلس CCفية وعلمية ش CCاملة اس CCتطاعت Cأن تك CCون جمالا
للحوار بني الفلاسفة
وعلم CCاء الرياضC Cيات وال CCذرة والفيزيولوجيا Cواالقتص CCاد واحلرب إخل … أي أهنا أص CCبحت لغة
عصرنا.
والسيربنيتك بمفهومها احلايل هي « العلم الذي يدرس النظريات العامة للتحكم يف
النظم املختلفة سوا كانت بيولوجية أو تكنولوجية ،ويعرف أيضا بأنه علم نقل اإلشارات أو
علم التحكم الذايت » 3فهي احملاكاة Cاملنطقية بني اإلنسان Cووسطه للتوصل إىل هدف معني
ومرسوم ميكن من بذل جمهود أقل للحصول على نتائج أفضل .ولذلك بدأ علم السيربنتيك
باستعاضة اإلنسان Cباآللة يف كثري من األعمال وخاصة اخلطرة واجملهدة منها واليت حتتاج إىل
قوى كبرية .وبالعودة إىل كتاب العامل فينر عن السيربنتيك وكوهنا اجملال الكامل لنظرية
حممد مصCCطفى CالفCCويل ،السCCيربنطيقا(لنCCوربرت فيCCنر) ،اهليئة املصCCرية العامة للكتCCاب ،دط ،القCCاهرة ،1994 ،ص 2
137
املرجع السابق ،ص 137 3
73
التحكم واالتصال يف اآللة ويف احليوان Cعلى السواء .نرى أن السيربنيCطيقا اليت وضع أسسها
وينر .هي يف آن علم لألجهزة العضوية Cالبشرية وغري البشريه ولد بفعل التقريب بني
1
سلوكات األجهزة العضوية البيولوجية Cواملعدات التقنية ،وفن حلكم أو قيادة شؤون العامل»
فهي ليست سوى حمصلة لتطور اآللة واإلنسان Cعرب الزمن .وقد سعى فينر إىل إجياد آالت
قادرة على حماكاته(أي االنسان) وأن تنوب عنه يف عمله.
وعليه ميكن القول بأن فينر استطاع اجلمع بني علوم متعددة واستطاع أن يوجد الصلة
بينها .بل وأكد «على أمهية طرق املواضيع Cاليت جتمع بني التخصصات املختلفة املعروفة يف
وقت ما ،مع الربط بني هذه التخصصات » 2وخاصة املتعلقة بعلوم الوظائف وعلم النفس
واالجتماع مع علوم التحكم والقيادة وذلك بعرضه لنظريات الفيزياء احلديثة كامليكانيكا
اإلحصائية Cونظرية السالسل الزمنية ونظرية األعالم ونظرية املفعول Cالرجعي يف امليكانيكا
باعتبار أن ذلك مطابق لروح السيربنتيك ألن «التصدي للمسائل املعقدة يوحد أهداف مجيع
االختصاصيني يف سائر اجملاالت هلذا فهم يستخدمون اللغة نفسها لكنهم يسلكون طرقا
متباينة Cتعتمد على مصطلحات خمتلفة...استجابة Cهلذه الرغبة واحلاجة امللحة لتوحيد املسائل
3
والطرق املستخدمة لتفسري العمليات املعقدة C،فقد نشأ علم ثوري جديد هو السيربنتيك»
فهو علم مجع حتت تسمية واحدة عدة مذاهب أصبحت راسخة األساس و أثبت Cكل منها
قيمته الفعالة يف جماله اخلاص .إن اجملال السيربنطيقي Cقد تتجه فيه « الدراسات يف بعض
فروع العلم اجتاهات متعددة مثل دراسة اجلهاز العصيب .فهناك دراسات رياضية وأخرى
احصائية أو كهربائية أو فيسيولوجية ويف كل من هذه االجتاهات املختلفة لفروع العلم اليت
تنطبق عليها هذه احلالة جند أن كل اصطالح يف أي من هذه االجتاهات له اسم ومعىن
مظفر ش CCعبان ،ومسري ش CCعبان ،الس CCيربنتيك ،فكر مب CCدع جيسد وح CCدة الطبيع CCة ،منش CCورات وزارة الثقاف CCة ،د.ط، 3
75
املعلومCC C Cات بني أعضCC C Cائه Cالفكرية واحلسCC C Cية وحماكاهتا عند اآلالت اليت تقCC C Cوم بوظCC C Cائف ه CC Cذه
األعضCCاء الفكرية واحلسCCية .فهCCذا العلم يسCCعى إىل التقCCريب Cبني نظCCامني للتحكم .ألنه يCCدرس
طريقة تفكري اإلنسCCان ويف الCCوقت ذاته يCCدرس مبCCادئ بنCCاء األجهCCزة اآلليCCة .واهلدف من ذلك
حماولة مكننة العمل الCC Cذهين لإلنسCC Cان بواسCC Cطة هCC Cذه األجهCC Cزة .والسCC Cيربنيتية تعتمد وبشCC Cكل
أساسي على نظرية الإعالم اليت وض CC C C Cعها الرياضي كل CC C C Cود ش CC C C Cانون .ألن «ختزين املعلوم CC C Cات
ومعاجلة املعلومCCات وغريهCCا ...ترتبط ارتباطا وثيقا بالسCCيربنتيك Cوال ميكن إدخاهلا يف أي فCCرع
آخر من ف CCروع العلم » 1إذ تعترب معاجلة املعلوم CCات وأجه CCزة معاجلة املعلوم CCات من األدوات
األساسية CللسيربنتيكC.
يف كل مجلة أو نظ CC C Cام هنCC C C Cاك مفهوم CC C Cان خاص CC C Cان ،املدخالت واملخرج CC Cات .املدخالت متثل املواد واملعطيCC C C Cات
واألرقCC Cام...أخل الداخلة إىل اجلملCC Cة .أما املخرجCC Cات فهي املعطيCC Cات أو املواد اخلارجة من اجلملCC Cة .مثال مCC Cدخالت
اآللة البخارية هو البخار الذي يقوم بدفع مكبس اآللة .أما خمرجات اآللة تتمثل يف حركة املكبس.
املرجع السابق ،ص 152 ،150 2
76
ويتضح مفهوم املفعCCول CالCCرجعي يف تقنية CضCCبط اآلالت عنCCدما نطبق على نظCCام آيل بعض
األعمال الفيزيائية احملسوبة .Cحبيث تأيت بنتيجة مطلوبة وال متكننا شCCوائب احلسCCاب أو شCوائبC
التحقيق CCات املادية من احلص CCول على نتيجة مقاربة نقيس الف CCرق بني النتيجة املطلوبة والنتيجة
احلاصCCلة ومن مث حنسب التعCCديالت CالCCواجب إدخاهلا على األعمCCال الفيزيائية Cاليت طبقناها على
النظ CCام لنزيل ه CCذا الف CCرق وحنمل النظ CCام على أن ي CCؤثر على ذات CCه .ألن أي «نظ CCام س CCيربنتيكي
حيتوي
على أنظمة السCCتقبال املعلومCCات القادمة وتفهمها (مبعىن أن يكCCون CالنظCCام املسCCتقبل قCCادرا على
حل شCCفرة املسCCائل القادمCCة) وبعد تفهم املعلومCCات املرسCCلة ووضCCعها يف املكCCان CاملناسCCب C،يتم
ربطها باملعلوم CCات الس CCابقة املوج CCودة يف النظم الس CCيربنتيكية األخ CCرى ،حىت ميكن إح CCداث رد
الفعل
املناسب واملطلCC C Cوب بنCC C Cاء على اإلش CC Cارة املرسCC C Cلة أساسا» 1ونسCC C Cتطيع أن نكتشف مفعCC Cوالت
رجعية يف مجيع تص CC C Cرفات الكائن CC C Cات احلية احلس CC C Cية منها والنفس CC C Cية وميكن أن تك CC C Cون« Cحلقة
التغذية قد تكون موجبة أو سالبة» 2وعليه ميكن التمييز بني:
/1تغذية راجعة سلبية وهي الرد بشكل خطي ( ) liniearوهي عبارة عن استجابة آلية
ملنبه ما ،وهدا النوع من االستجابة موجود يف اجليل األول من األنظمة السيربنيطيقية. C
/2التغذية الراجعة اإلجيابية Cوهي الخطية ( ) nolinearمبعىن ميكن أن يكون الرد متنوعا
فهو رد ذكي يتبدل حسب إمكانات متعددة.
وأمثرت تطبيقات السيربنتيك Cإخرتاعات عدة منها :نظام املدفعية املضادة للطائرات خاصة
بعد احلرب العاملية الثانية Cحيث تتابعت Cالدراسات هبذا االجتاه وتطورت األسلحة بصورة مل
تشهدها من ذي قبل .فظهرت الصواريخ املوجهة تلقائيا والطائرات املسرية ذاتيا وإىل ما
77
هنالك من أسلحة أوتوماتيكية ذاتية كثرية.
ويف خامتة الفصل ميكن أن نرصد النتائج التالية:
إن العلم اجلديد يف القCCرن العشCCرين وما بعCCده صCCنعته عCCدة نظريCCات :رياضCCيات ال إقليدية
وفراكتاليCC Cة C،وفيزيCC Cاء النسCC Cبية ،و الكCC Cوانتم C،ونظرية الفوضCC Cى C،واالعالم .وهي أعمCC Cال علمية
إبداعية تتخللها طCC C C C C C Cرق تفكري جديCC C C C C C Cدة وجذرية ،حتمل رؤى جديCC C C C C C Cدة للواقع الفيزيCC C C C CائيC
والCC Cبيولوجي .وجCC Cاء التحCC Cول يف التفكري مفاجئا وعميقا إىل درجة دفعت البعض إىل تس CCميته
بثورة العلم الثانيةC.
إن اهلندسCCات الال إقليديCCة متثCCل جتاوزا للهندسCCة اإلقليديCCة ومفاهيمهCCا األساسCCية Cويف املقابCCل
جند أن هندسCC Cة الفراكتCC Cال هي األخCC Cرى تعCC Cرب عن حتول ىف اهتمCC Cام الرياضCC Cيني املتCC Cأخرين من
طرائ CC Cق احلس CC Cاب الكالس CC Cيكية يف رياض CC Cيات اجملموع CC Cات ،النظامي CC Cة وامللس CC Cاء إىل رياض CC Cيات
اجملموعCC Cات غCC Cري امللسCC Cاء وغCC Cري النظامية .CوالCC Cيت اسCC Cتطاعت أن متدنا بتمثيCC Cل جديCC Cد لكث CCري من
الظواهر واألشCكال CالطبيعيCة CاملعقCCدة .والCCيت اعتُCربت CولCوقت طويCل جمرد حCاالت فرديCCة وشCCاذة
ال تستحق أن يُنظر إليها كفئة تنطبق عليها نظرية عامة.
وإذا اس CCتطاعت Cنظرية النس CCبية Cوالكوانتا يف الفيزي CCاء حتطيم مب CCدأ وج CCود احلقيقة Cاملوض CCوعية
الواحدة والنظCرة املتعالية Cاليت ميكن أن متنحنا منظCورا مطلقا إىل كل شCيء .وحل بCدال عنها
نوع جديد يطلق عليه "احلقيقة ضمن املوقCف" أو احلقيقة Cالعالئقية ،CباعتبCار البCCاحث واملراقب
يف نظرية الك CCوانتم يقف يف قلب ما يراقبه ،ف CCإن تط CCور الك CCون أعيد تعريفه يف ض CCوء الفوضىC
واالعالم Cباجتاه حمدد متواصل حنو تCC Cركيب أكCC Cثر تعقيCC Cدا .ومت النظر إىل الظCC Cواهر الطبيعية Cيف
الكCCون باعتبارها CتتCCألف من مجل الخطية وأصCCبحت اجلمل اخلطية ال تشCCكل إال نCCزرا يسCCريا
من تك CCوين الع CCامل .وه CCذا ما منح طريقة جدي CCدة للتفكري يف املعلوم CCات القدمية خصوصا تلك
اليت أُمهلت بسبب خروجها عن املألوف.
78
الفصـ ـ ـ ـ ـل Cالثان ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي
الثنائية املفهومية املميزة لعمله 1ويشري هنا إىل ثنائية االبستمولوجي Cوالشعري.
مؤلفاته
عندما نتناول مؤلفات باشالر جند أنفسنا أمام ضرورة التمييز بني مرحلتني فكريتني
حامستني :املرحلة األوىل ،واليت ميكن أن نصفها باملوضوعية C،تبىن فيها باشCCالر تصCCورات ذات
نزعة علمية حيث أج CC C C C Cاب « على املكتش CC C C C Cفات العلمية اهلائلة بنشر جمموعة من الكتب بني
عام 1927و 2» 1953وتركز اهتمامه هنا على املادية العقلية والبحث يف التفكري العلمي
ودراسة العلCCوم ،وأسCCفرت هCCذه املرحلة عن ثالثية CمهمCCة :هي"العقل العلمي اجلديCCد"" ،فلسCCفة
الال"" ،تك CC Cوين العقل العلمي" باإلض CC Cافة إىل أعمCC Cال أخCC Cرى مثل "دراسة يف تط CC Cور املشCC Cكلة
الفيزيائية"" C،القيمة االستقرائية Cللنظرية النسبية"" C،جدلية الزمن" ...اخل
أما المرحلة الثانية فهي ذاتية ،كسر فيها باشالر الصرامة العلمية ليصCCغي Cإىل نCCداءات
ال CCذات والنفس ويتع CCاطى فلس CCفة الإب CCداع الفين .وعمل على تط CCوير آلي CCات احلاسة الذوقية من
خالل انس CCياب اخلي CCال يف ت CCأمالت ش CCاردة ألعم CCاق الظ CCواهر الطبيعية كالن CCار ،واملاء ،واهلواءC،
واحتف مجهوره بأعمال يف فلسفة الإبCداع الفين منهCا:مجاليCات املكCان C،شCاعرية أحالم اليقظCة،
هلب مشعة واستعان Cحبقل التحليل النفسي لتعميق املعرفة اجلمالية للمواد والظواهر.
ومتاشCC C Cيا مع طبيعة البحث فCC C Cإن تركيزنا سCC C Cيكون حCC C Cول أعمCC C Cال باشCC C Cالر الفيلسCC C Cوف
االبستمولوجي Cوليس األديب الشاعر التصويري.
تبCCدأ األعمCCال االبسCCتمولوجية CلباشCCالر مع البحCCثني اللCCذين تقCCدما هبما لنيل شCCهادة
ال CCدكتوراه يف الفلس CCفة ،األول :حبث يف املعرفة التقريبي CCة C،والث CCاين دراسة يف تط CCور مش CCكل يف
الفيزيCC Cاء :االنتشCC Cار احلراري يف اجلوامCC Cد .وكCC Cان هCC Cذا األخري ميثل أسCC Cلوبا جديCC Cدا يف دراسة
تCC C Cاريخ العلCC C Cوم ،أما يف البحث األول يبين الفCC C Cرق الفاصل بني اخلطCC C Cاب الفلسCC C Cفي واخلطCC Cاب
1
املرجع السابق ،ص152
2
باتريك هيلي ،صور املعرفة ،ترمجة نور الدين شيخ عبيد،املنظمة Cالعربية للرتمجة ،ط ،1بريوت ،2008 ،ص 176
80
العلمي فإذا كان الفيلسCوف يشCحن الكلمة " كينونة " فCإن العCامل يسCتعملها كمفهCوم والCذي
ال يكسب معنCC Cاه يف العلم املعاصر إال ضCC Cمن شCC Cبكة من العالقCC Cات وهي الفكCC Cرة اليت سCC Cيمتد
توظيفها إىل جل أعماله االبستمولوجية الالحقة.
ويف 1929أصدر كتاب" القيمة اإلستقرائية لنظرية النسبية" Cويقول عنه باشالر«
لقد ألفنا منذ سCC C C Cنوات كتابا خاصا إلبCC C C Cراز طCC C C Cابع اجلدة اجلوهرية اليت تتمCC C C Cيز هبا النظريCC C Cات
النسبانية وأكدنا باخلصوص على القيمة الاستقرائية اليت تكتسبها Cالرياضيات اجلديCCدة ،مCCربزين
1
باخلص CCوص أن احلس CCاب التانس CCوري le calcul tensorielطريقة اكتش CCاف حقيقية»
وقد أظهر باشالر من خالل هذا املؤلف حرصه على تتبع التطورات العلمية اجلديدة .ولبيانC
خصCC C C C C Cائص الكميCC C C C C Cاء احلديثة يؤلف كتCC C C C C Cاب " التعددية املتسCC C C C C Cقة Cيف الكميCC C C C C Cاء احلديثة (le
)pluralisme cohérent de la chimie moderneوكان يهدف من خالله
إىل ختليص الكمي CCاء من الط CCابع اجلوهراين وهو التص CCور التقلي CCدي ال CCذي عشش يف ه CCذا العلم
زمنا طويال.
ويسCCتمر العطCCاء الباشCCالري يف الكتابة Cبنشر جمموعة مقCCاالت ،فمن اخلصCCوبة االسCCتنباطيةC
يف الفيزي CC Cاء الرياض CC Cية إىل س CC Cيكولوجية Cالعقل وبينهما النوم CC Cان وامليكروفيزي CC Cاء ،الفوعقالنيCC Cة،
املثالية Cاالس CCتداللية C،وكلها دراس CCات ابس CCتمولوجية ح CCاولت الكشف عن مالمح عل CCوم الق CCرن
العشرين .
ويف عCCام 1934يCCربز باشCCالر املسCCحة الفلسCCفية اجلديCCدة للعلم املعاصر يف كتابه
اهلام الفكر العلمي اجلديد .فعلوم القرن العشرين متمCCيزة يف جCCدهتا عن علCCوم القCCرنني الثCCامن
عشر والتاسع عشCC C Cر ،لCC C Cذلك البد على الفلسCC C Cفة أن تراجع عCC C Cدهتا املفاهيمية حىت تتمكن من
تعقل اجلديد العلمي املعاصر « إن إدراك الفكر املعاصر يف جدليته وبيCC Cان Cجدته اجلوهرية هبذا
1
G. Bachelard, Le nouvel esprit scientifique, Paris, Presses Universitaires de
France, 1960, p36.
81
1
الشكل ،تلك هي الغاية الفلسفية من تأليف هذا الكتيب »
أما عن أهم املبادئ األساسية اليت احتواها Cالفكر العلمي اجلديد تتعلق بفلسCفة
العلCC C Cوم الفيزيائي CC Cة C،وامليكانيك واهلندسة واملنطCC C Cق .م CC Cربزا أن التح CC Cول ال CC Cذي شCC C Cهدته العلCC Cوم
املعاص CC Cرة حتول فك CC Cري س CC Cيكولوجي Cقبل أن يك CC Cون حتوال مادي CC Cا .مث حياول أن يثبت الط CC Cابع
التجديدي الذي مييز الفكر يف الفيزياء املعاصرة والذي يتجلى على مستوى تفاصCCيل املعCCارف
ويف البنية العامة هلذه املعCC Cارف « إننا سCC Cنغتنم كل الفCC Cرص للتأكيد من صCC Cفحة ألخCC Cرى على
الط CCابع التجدي CCدي للفكر العلمي املعاص CCر ،إذ غالبا ما يتضح ه CCذا الط CCابع التجدي CCدي بش CCكل
كCCاف مبجCCرد أن نقCCارن بني مثCCالني :أحCCدمها نأخCCذه من فيزيCCاء القCCرن الثCCامن العاشر أو القCCرن
التاسع عشر واآلخر من فيزي CC Cاء الق CC Cرن العش CC Cرين .هبذه الكيفية Cيتضح لنا أن العلم الفيزي CC Cائي
املعاصر يكشف عن ذاته يف تفاصCC C Cيل املعلومCC C Cات أو يف البنية العامة للمعرفة على الس CC Cواء ،يف
2
حلة جديدة ال جمال للشك فيها»
وما ي CCرتتب Cعن ه CCذا الق CCول ،أن العقل العلمي اجلديد يف آخر األمر« ال هو مبنهج ،وال
بشبكة مفCاهيم ،وليس تطبيقا جتريبيا أيضCا ،بل هو قبل كل شCيء عقل العCامِل ،فكتCاب باشCالر
حول الفكر العلمي اجلديد هو مؤلف حول سيكولوجيا Cالعامل ،أي حول البيداغوجيا.3» C
يتواصل العط CCاء الفك CCري لباش CCالر بكت CCاب جدلية ال CCزمن ال CCذي ي CCدحض فيه فك CCرة
الدميومة واالتصCC Cال عند برغسCC Cون ،إال أن احلراك الفكCC Cري القCC Cوي يتCC CأتCى مع كتCC Cاب تكCC Cوين
()la formation de l esprit scientifique الفكر العلمي
) ،وإذا (la psychanalyse du feu وكت CCاب التحليل النفسي للن CCار
كCC Cان الكتCC Cاب األول يف االبسCC Cتمولوجيا CفCC Cإن الثCC Cاين يتعلق باالبCC Cداع الفCC Cين ،مما ميثل إزدواجية
1
Op.cit. p16
2
Ibid, p 19
روي ،أوليفي ،العقل العلمي Cاجلدي CCد ،ترمجة مجال ال CCدين ق CCوعيش ،اجمللس األعلى للغة العربي CCة ،اجلزائ CCر ،ط،1 3
2013ص 20
82
االبستمولوجي Cوالشعري عند باشالر يف نظر النقاد والدارسني.
واسCCتطاع باشCCالر من خالل كتCCاب تكCCوين الفكر العلمي – مسCCامهة يف التحليل
النفسCC C C C Cاين للمعرفة املوضCC C C C Cوعية C،تتبع تطCC C C C Cور الفيزيCC C C C Cاء والكيميCC C C C Cاء CوإثبCC C C C Cات فكCC C C C Cرة الع CC C Cائق
االبسCCتمولوجي والعCCائق البيCCداغوجي وقCCانون احلاالت الثالث ،وهي مفCCاهيم باشCCالرية أصCCيلة
تضCC Cاف إىل مفهCC Cوم القطيعة االبسCC Cتمولوجية كظCC Cاهرة تارخييCC Cة ،علمية وسCC Cيكولوجية حامسة،
تفصل بني الفكر العلمي اجلديد والمعرفة العامة أو الفكر العلمي السابق عنه.
أما كت CCاب "فلس CCفة الال" أو ال CCرفض وال CCذي ص CCدر ع CCام 1940ك CCان مبثابة حماولة
تأسCC Cيس Cللفكر العلمي اجلديCC Cد ،وهو ميثل عصCC Cارة وممارسة فلسCC Cفية يف موضCC Cوعات علمية أو
لنقل أنه رسم لفلسفة علمية مفتوحة مسايرة لعلوم عصرها .وميكن القول بأن فلسCCفة الCCرفض
أص CC C Cبحت عنوانا لإلبس CC C Cتمولوجيا الباش CC C Cالرية C.وما تال ه CC C Cذا الكت CC C Cاب من مؤلف CC C Cات أخ CC Cرى
كالعقالنية Cاملطبقة والنش CCاط العقلي للفيزي CCاء املعاص CCرة وكت CCاب املادية العقالني CCة C،كلها ك CCانت
شCC Cرحا وتوضCC Cيحا وتعميقا ملا ورد يف كتCC Cاب فلسCC Cفة الCC Cرفض .حيث أضCC Cحت هCC Cذه الفلس CCفة
جديCC Cدة ألهنا من إفCC Cرازات العلCC Cوم الرياضCC Cية والفيزيائيCC Cة ،والكيميائية أي أهنا يف حالة مراجعة
ملبادئها وتصحيح لقوانينها ومفاهيمها.
سCCبق لنا وأن أشCCرنا بCCأن Cميالد كتCCاب التحليل النفسي CللنCCار ميثل مفارقة باشCCالرية
على األقل عند نق CC C Cاده ،مفارقة جتلت يف ازدواجية العلمي االبس CC C Cتمولوجي Cوالش CC C Cعري األديب
وأمثرت ه CCذه املرحلة األخ CCرية بسلس CCلة مؤلف CCات يف االب CCداع الفين وهي :املاء واألحالم اهلواء
األرض.
إن باش CC Cالر كما ي CC Cرى االبس CC Cتمولوجي Cالفرنسي فرانس CC Cوا داغ CC Cوين ك CC Cان عاملا
ابسCCتومولوجيا Cمع العلمCCاء وأديبا شCCاعرا مع الشCCعراء فهل هCCذه نزعة اتصCCالية أفقية بني الشCCعر
والعلم؟ يف ذلك يقول باشالر يف مؤلفه التحليل النفسي Cللنار « :حمور الشعر وحمور العلم مها
صC Cنعه هو أن جتعل الش CCعر
قبل كل شC Cئ حموران متعاكس CCان Cوكل ما تق CCدر الفلس CCفة أن تأمل ُ
83
والعلم ُمتكCCاملني ،وأن جتمع بينهما كما جُي مع بني ضCCدين حُم كمني ،فال بد إذا من املقابلة بني
صCموت الCCذي يعتمد النفCCور /االعCCرتاض
الفكر الشCCعري الفيCCاض والفكر العلمي ال َسCكوت /ال َ
املس CC Cبق لكونه إحتياطا س CC Cليما ». 1فنحن أم CC Cام فيلس CC Cوف العلم ال CC Cذي شَ C C Cكلته الرياض CC Cيات
وصCC C C Cهرته التجCC C C Cارب العلمية يف الفيزياء والكيمياCء ،يف ذات الCC C C Cوقت يتعCC C C Cاطى الفن والشCC C Cعر
ويسرح به اخليال ،دون أن خيلط بني األمرين ،فالصورة ال تفسر حبشد من األفكار ،والفكرة
ال تفسر بوفرة من الصور إنه التمايز الذي ال يرتتب عنه تناقض وفصل .
باش CCالر ،غاس CCتون ،النCCار يف التحليل النفس CCي ،ترمجة هناد خياط CCة ،دار األن CCدلس للطباعة والنشر والتوزي CCع ،ط،1 1
بريوت ،1984ص6
غاستون باشالر ،فلسفة الرفض ،ص 16 2
84
املع CCريف واالي CCديولوجي» 1إن باش CCالر ص CCاحب دع CCوة ص CCرحية لمس CCايرة العلم املعاصر ويش CCرتط
ه CCذا املس CCعى إب CCرازا للقيم االبس CCتمولوجية Cاملتج CCددة للعلم ،من العلم وليس من الفلس CCفة ،وأن
تبحث عن أثر املعارف العلمية يف بنية العقل وتطوره ،القابل للتشكل باستمرار ،ويتأتى ذلك
إثر القيام Cبتحليل نفسي للمعرفة املوضوعية ،Cوحيدد باشالر لفلسفة العلوم مهاما ثالثا أساسCCية
هي:
1
زهري اخلويل CC C C C Cدي C،ال CC C C C Cروح العلمي اجلديد عند غاس CC C C C Cتون باش CC C C C Cالر ،احلوار املتم CC C C C Cدن-الع CC C C C Cدد4496 :
/http://www.ahewar.org
ط ،1لبنان ،2010 ،ص122 : علي حسني كركي ،االبستمولوجيا يف ميدان املعرفة ،شبكة املعارف، 2
85
إن إجناز فيلسوف العلم ملهمة إبCCراز القيم االبسCCتمولوجية ال يتCCأتى Cمن فCراغ ،إذ ال
بد من متثل شCC C C C C C C Cروط أساسCC C C C C C C Cية ،أوهلا :أن يتخذ فيلسCC C C C C C C Cوف العلم موقف اليقظة من العلم
املعاص CCر« على فيلس CCوف العلم ال CCذي يعاصر فرتتنا من ت CCاريخ العلم أن ينتبه Cإىل مظ CCاهر اجلدة
اخلصوصCCية فيها .فهنCCاك سCCيدرك معىن القيم االبسCCتمولوجية C،ألنه سCCيجد يف خصCCائص العلم
املعاصر قيما ابس CCتمولوجية Cجدي CCدة ينبغي Cإب CCراز دالالهتا» وحتقق ه CCذا الش CCرط يتطلب االل CCتزام
مبسألتني مها :
املسCCألة األوىل :ضCCرورة جتاوز االعتقCCاد القائل بCCأن األويل دائما أساسCCي ،الوجCCود
ىف العلم ألصول وبدايات مطلقة ،ويتحقق ذلك بCCالبحث يف قيمة النظريCCة ،وليس البحث عن
أص CCول أو ب CCدايات النظرية « غري أنه س CCيكون على الفيلس CCوف ،إن هو أراد ،أن يس CCتويف كل
دروس العلم املعاصCCر ،أن يتخذ الطريق املعCCاكس Cهلذا املبCCدأ االبسCCتمولوجي C.سCCيكون عليه أن
ين CCاهض Cتارخيية التجرب CCة ،بل وتارخيية م CCاهو عقالين ...وما أن يعي الفكر العلمي ه CCذه املهمة
األساس CC Cية يف إع CC Cادة تنظيم املع CC Cارف ،حىت تب CC Cدو النزعة إىل أن نس CC Cجل به املعطي CC Cات التارخيية
األولية Cبلبلة حقيقي CCة .ال CCوعي العقالين إذن وعي جديد متام CCا.إنه وعي حياكم معرفته ويريد أن
يتعCC C C Cاىل على اخلطيئة األصCC C Cلية للنزعة التجريبية » 1إن النظريCC C C Cات العلمية اجلديCC C Cدة حتمل قيما
جديCC C C C C Cدة ال أصل وال نظري هلا فيما سCC C C C C Cبق ،فمن اخلطأ مثال أن نبحث عن أصل اهلندسCC C C Cات
الالإقليدية يف اهلندسة الإقليدية أو أصل النظري CC C C C C C C C Cات الفيزيائية املعاص CC C C C C C C C Cرة يف الفيزياء القدمية
أرسطية مثال أو ديكارتية بل وحىت نيوتونية ،ألن نظريات العلم املعاصر جديدة ودون أجداد
أو أسالف.
أما املسألة الثانية C:أن إدراك القيم اجلديدة للعلم تقتضى Cاالنتباه Cإىل مظاهر التجديد
واخلصوص CCية Cفيه « ألنه س CCيجد يف خص CCائص العلم املعاصر قيما إبس CCتمولوجية جدي CCدة ينبغي
1
BACHELARD .G : l‘ activité rationaliste de la physique Contemporaine p,resses
universitaires De France, paris, 1971 , p3
86
إبCCراز داللتها» 1حقيقة يؤكCCدها التحCCول والتطCCور الCCذي عرفته العلCCوم املعاصCCرة ،فعلCCوم القCCرن
العشرين متتاز بقيم جديدة إذا ما قورنت بعلوم القرن الثامن عشر والتاسع عشCCر ،لCCذلك على
الفلس CCفة أن تق CCوم مبراجعة مفاهيمه CCا ،تص CCحيحا وجتدي CCدا وابتك CCارا C،لتتمكن من إدراك اجلدة
العلمية املعاص CCرة .يق CCول باش CCالر موض CCحا« إننا س CCنغتنم كل الف CCرص للتأكيد من ص CCفحة إىل
أخرى على الطابع التجديدي للفكر العلمي املعاصر.إذ غالبا ما يتضح هذا الطابع التجديديي
بشCCكل كCCاف مبجCCرد ما نقCCارن بني مثCCالني :أحCCدمها نأخCCذه من فيزياء القCCرن الثCCامن عشر أو
القCC C C C Cرن التاسع عشر واآلخCC C C C Cرمن فيزياء القCC C C C Cرن العشCC C C C Cرين .هبذه الكيفية يتضح لنا أن العلم
الفيزيCC C Cائي املعاصر يكشف عن ذاتCC C Cه ،يف تفاص CC Cيل املعلوم CC Cات أو يف البنية Cالعامة للمعرفة على
فيها».2 السواء يف حلة جديدة ال جمال للشك
لكن ما هي القيم اجلديدة للعلم املعاصر؟
حيددها لنا باشالر بوضوح وجالء ،منها ،أن الواقع يف العلم املعاصر مبين وليس
معطى واقع يتصف باالصCCطناع .إن الواقع المعطى عن طريق التجربة املباشCرة CإعتقCاد فلسCCفي
جترييب والواقع الCC C C Cذي تؤسسه ال C C C Cذات العارفة انطالقا من المبCC C C Cادئ القبلية الجCC C C Cاهزة اعتقCC C Cاد
وي CC Cرفض باش CC Cالر اعتب CC Cار الواقع العلمي معطى من معطي CC Cات التجربة فلس CC Cفي مث CC Cايل.
املباش CCرة ،Cألن النظرية العلمية املعاص CCرة ال تكتفي بوصف ما هو ج CCاهز واالقتص CCار يف التفكري
على ما تقدمه احلواس ،بل تتعCC Cداه للتفكري يف إمكانCC Cات أخCC Cرى للواقع ال واقعية ،Cوعلى هCC Cذا
األساس ينتقد النزعة الوضCعية Cاالختبارية فالوضCعيون « CبطCرحهم ملبCدأ التحقق داخل إشCكاليةC
اختبارية تنظر إىل املعرف CC C C Cة ،على أهنا استنسCC C C Cاخ للواقCC C C Cع ،وتنظر إىل قيمتها من خالل مCC C Cدى
مطابقتها للواق CCع ،تس CCقط مباش CCرة أو ال مباش CCرة يف الفهم ال CCذرائعي الربغم CCايت للحقيقة ولقيمة
القضايا Cالعلمية» 3إن الفكر العلمي اجلديد فلسCCفة تهCدف للكشف عن الواقع وإضCفاء الصCبغةC
1
وقيدي ،محمد ،فلسفة المعرفة .عند غاستون باشالر ،مرجع سابق ص69
2
BACHELARD .G , Le nouvel esprit scientifique,puf,1966, p:17,18
3
سالم یافوت :فلسفة العلم المعاصر ومفهومها للواقع ،دار الطليعة للطباعة والنشر ،ط ،1لبنان ،1986 ،ص 149
87
املوض CCوعية علي CCه ،وه CCذا ال يت CCأتى إال ببن CCاء عقالين من املف CCاهيم املتكامل CCة ،ينتظيم فيها الواقع
رياض CCيا والواقع املباشر ليس إال دافع للتفكري العلمي وال ميكن أن يك CCون Cموض CCوعا للمعرفة .
إن دور الآلة يؤكد هCC C C Cذه القيمة اجلديCC C C Cدة للعلم املعاصCC C C Cر« حيث مل تعد اآللة تCC C C Cدقق إدراكنا
للواقع فحسب بل أصبحت ما جيعلنا ندرك هذا الواقع الCCذي ال ميكن إدراكه دوهنا .إن العلم
».1 املعاصر أكثر من العلم السابق قد أصبح علم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا آليا
وهن CCاك Cخاص CCية جدي CCدة أخCCرى من خص CCائص العلم املعاصر يستخلص CCها باش CCالر،
وهي ال CCدور ال CCذي يلعبه الكت CCاب يف املعرفC Cة العلمية املعاص CCرة .أي أن الفكر العلمي كت CCاب
فع CCال وكت CCاب جس CCور وح CCذر يف نفس ال CCوقت كت CCاب يف التجربة كت CCاب ي CCراد طبعC Cه ،طبعة
جدي CC C C Cدة متفتحة تع CC C C Cاد تنظيمها .أي ن CC C C Cدرك ال CC C C Cدور املهم ال CC C C Cذي يلعبه الكت CC C C Cاب يف املعرفة
املوضوعية.
والقيمة األخرى هي أن النشاط العلمي أصبح مجاعيا ،ويصفها باشالر باخلاصية
اجملتمعية Cللعلم املعاصر .فكC C C Cل االكتشCC C C Cافات العلمية املعاصCC C C Cرة ناجتة عن تعCC C C Cاون وتكامل بني
جهد مجع العلماء ،كالتعCCاون بني العلمCCاء النظCريني .وعالمته Cأنه ليس هنCCاك يف الCوقت احلاضر
عملا علمي Cا نظري Cا يوقع باسم واحد ،وكل إجناز تقين يتطلب اش CCرتاك ع CCدد كبري من التقن CCيني
مما يفرتض وجود مدينة تقنية Cأو هكذا يريد باشالر .كما أن التعاون يتوسع ليشCCمل النظCCريني
والتقنCC Cيني .إن املدينة العلمية املعاصرة تك CCرس مب CCدأ التكامل بني النظ CCري والتقين ففي «املدينة
العلمية املعاصCC Cرة ال يوجد عمل نظCC Cري منفصل عن عمل تقين .وبCC Cالنظر إىل كل إجناز علمي
معاصر سنجد أنه كان نتيجة تكامل مسCCتمر بني الCدليل النظCري والCCدليل التقين » .2إن القيم
االبسCCتمولوجية اجلديCCدة والىت على فيلسCCوف العلم كشCCفها ،ثالثة متكاملCCة ،موضCCوعية Cعقلية
وموض CC C C Cوعية تقني CC C C Cة ،مث موضCC C C Cوعية CجمتمعيCC C C Cة .وهي مرتابطة فيما بينها إىل درجة أنه ال ميكن
1
محمد ،وقيدي ،فلسفة المعرفة .عند غاستون باشالر ،مرجع سابق ،ص 69
2
المرجع نفسه ،ص 70
88
جتاهل عنصر منها.
إن القي CC Cام هبذه امله CC Cام وعلى تلك الص CC Cورة جيعل فيلس CC Cوف العلم يف تع CC Cارض مع صCC Cورة
املهمة التقليدية للفلس CCفة ،دون أن يوقع نفسه يف تع CCارض مع العلم ،فهو يعمل على إب CCراز أثر
القيم االبستمولوجية Cيف بنيتنا Cالعارفة ،وبذلك يسري يف نفس اجتاه العلم.
ثانيا :إبراز أثر تطور املعارف العلمية على بنية الفكر.
حبث باشCCالر عن األسCCباب اليت تعCCوق التفلسف الصCCحيح ومتنعCCه ،وحCCددها يف
عقبة أغفلها الفالسCC Cفة CوالعلمCC Cاء مع CC Cا ،وهي مش CC Cكلة بنية وتط CC Cور الفكر « وعندئCC Cذ ،فكيف
نتعCC C C Cامى Cعن أنه يتعني على فلسCC C C Cفة تسCC C C Cعى حقيقة لتكCC C C Cون مالئمة للفكر العلمي يف تطCC C Cوره
الدائب C،أن تراعي انعكاس املعارف العلمية على البنية الفكرية؟ فهكCذا ،منذ بداية تأمالتنا يف
دور فلسCC C C C Cفة العلCC C C C Cوم وحنن نصCC C C C Cطدم مبشCC C C C Cكل يظهر لنا أنه مل حيسن طرحه ال العلم CC C Cاء وال
الفالسCCفة على حد سCCواء .إنه مشCCكل بنية وتطCCور الفكر ».1فغيCCاب الفلسCCفة العلمية احلقة من
وجهة نظر باش CCالر يرجع إىل س CCوء ط CCرح مش CCكل بنية وتط CCور الفكر ل CCذلك ين CCاقش كال من
العامل والفيلسوف ليقدم الحقا موقفه من املسألة .فماهي نظرة العلماء للمسألة؟
يعتقد العلمCCاء أن املعرفة تCCبزغ من اجلهل كما يCCبزغ النCCور من الظالم ،لكن هCCذا
املعىن جيانب الصواب يف نظر باشالر ،ألنه غاب عن العامل أن « اجلهل نسيج أخطاء إجيابيCCة،
عنيCCدة ومتضCCامنة C،وهو اليCCدرك بCCأن CللظلمCCات الفكرية بنيCCة ،ويف هCCذه احلالة ينبغي Cلكل جتربة
موضCCوعية حقة أن جتري تصCCحيحا خلطأ ذايت » 2ويقصد بCCذلك أن األفكCCار املسCCبقة متجCCذرة
فينا وليس من السهل التخلص منها ،ولذلك هي شكل من أشكال العوائق االبستمولوجيةC.
وال ميكن« للعقل العلمي أن يتكCC Cون إال وهو حيطم العقل غري العلمي» 3بCC Cذلك
باشCCالر ،غاسCCتون ،فلسCCفة الCCرفض ،مبحث فلسCفي Cيف العقل العلمي اجلديCCد ،تCCر :خليل أمحد خليCCل ،دار احلداثCCة، 1
89
يصCC C Cبح التقCC C Cدم العلمي مشCC C Cروطا بتحCC C Cول سCC C Cيكولوجي Cج CC Cذري يسCC C Cميه باشCC C Cالر ب CC Cالردة "
"conversionويشCCكل هCCذا التحCCول قطيعة جذرية مع األفكCCار املسCCبقة CالدفينCCة ،بل أكCCثر
من ذلك « تطCC Cورات الفكر العلمي املعاصر قد أح CCدثت حتوالت حىت يف مبCC Cادئ املعرفة ذاهتا
» 1واإلشCC C C C C Cارة هنا إىل امليكانيكا الالنيوتونيCC C C C C Cة C،والكيميCC C C C C Cاء CالالفوازيCC C C C C Cة ،واالبسCC C C C C Cتمولوجيا
الالديكارتية Cواملنطق الال أرسCC Cطي باعتبارها علCC Cوم تأسست Cوفقا ملبCC Cادئ مغCC Cايرة متاما للعلCC Cوم
الكالس CCيكية C.نظCCرة العلم CCاء إذن ب CCالرغم من أهنا تس CCتأنس Cبثقافة العلم املعاصر لكنها من جهة
ثانية تقع يف براثني نظرة فلسفية كالسيكية Cمتحجرة.
أما إذا تعلق األمر بالفالس CCفة ف CCإن النقد الباش CCالري س CCيزداد ق CCوة وح CCدة .إن
الفيلسCC C C C C Cوف مكبل بأفكCC C C C C Cار مسCC C C C C Cبقة ،ومعتقCC C C C C Cدات خاطئة هي مرجعيته يف التفكري واحلكم
واالس CCتنتاج ،واليشك حلظة فيه CCا ،بل يقيم عليها ص CCرحا فلس CCفيا حمكما « إن حقيقة واح CCدة
كافية إلخراجه من الشك ومن اجلهCCل ،ومن الالمعقوليCCة ،وهي كافية إلنCCارة النفس وإهلامهCCا،
فبCCداهتها تشع إشCCعاعات ال هناية هلا .هCCذه البداهة نCCور فريد من نوعCCه .إن الفكر يعيش بداهة
واح CCدة واليس CCعى خللق ب CCداهات أخ CCرى» .2إنه ال CCوهم ال CCذي يغلف عقي CCدة الفيلس CCوف كما
يتصCC Cوره باشCC Cالر ،إن حتليل سCC Cيكولوجية الفيلسCC Cوف تكشف بع CC Cدا س CC Cلبيا آخر يف تفكCC CريهC،
ومنهجه ويف تص CC Cوره لبنية الفك CC Cر .يعتقد الفيلس CC Cوف أن « هوية الفكر يف األنا أفكر شCC Cديدة
الوضCCوح لدرجة أن معرفة هCCذا الشCCعور الواضح هي مباشCCرة شCCعور مبعرفة ويقني من تأسCCيس
فلس CC Cفة للمعرف CC Cة .فالش CC Cعور هبوية الفكر يف خمتلف معارف CC Cه ،هو وح CC Cده كفيل بض CC Cمان منهج
معول اهلدم الباشالري يقع مباشرة على الكوجيتو CالCCديكاريت،
هنا َ
3
» دائم ،أساسي ،وهنائي
وال CCذي يعتقد أن ال CCذات ت CCدرك ذاهتا ب CCذاهتا وهو اعتق CCاد فلس CCفي تقلي CCدي ميت CCافيزيقي C،ال CCذي
1
ibidem
2
ibidem
3
G.Bachelard : La philosophie du non , op-cit. p14
90
بسط نفوذه وأصبح املنهج الدائم والنهائي.
إن الفيلسCCوف يCCرى أنه « مهما تنCCوعت املنهجيCCات ومهما كCCانت حركيتها يف
خمتلف العلCC C C Cوم ،فإهنا تنسب مع ذلك إىل منهج أويل ،منهج عCC C C Cام يفCC C C Cرتض فيه تشCC C C Cكيل كل
املعرفCCة ،وملCCزم مبعاجلة كل املوضCCوعات بنفس الكيفية» 1لقد أصCCبح التصCCور الفلسCCفي مرهونا
باالعتقCC C Cاد املنهجي CالCC C Cديكاريت الCC C Cذي يوجه البحث لبلCC C Cوغ احلقيقCC C Cة C.إن الكشCC C Cوفات العلمية
املعاصCC Cرة تCC Cرفض التصCC Cور املنهجي األحCC Cادي ،ألنه وليد وهم وخيCC Cال ،ويغلق آفCC Cاق اإلبCC Cداع
املع CCريف .والبد من وج CCود فلس CCفة جدي CCدة للعل CCوم تنس CCجم مع خص CCائص الفكر العلمي اجلديد
الذي قطع صلته مع الفكر العلمي فكل علم يفرز فلسفته.
ما يتكCCرس لCCدى باشCCالر كقناعCCة ،أن بنية الفكر تطCCرح مشCCكلة لCCدى الفيلسCCوف
والعCCامل معا بCCالرغم من مظCCاهر التبCCاين واالختالف بينهمCCا ،وأصل املشCCكلة ،اعتقCCادهم بوجCCود
عقل مطلق وثCC C Cابت خيتزن مقCC C Cوالت تتمCC C Cيز باملطلقية والثبCC C Cات C،تفهم الواقع وتفسCC C Cره ،وهCC Cذا
االعتقCC Cاد إرث أرسCC Cطي إقليCC Cدي قCC Cدمي ،وجتذر مع الفالسCC Cفة Cعرب العصCC Cور ،من ديكCC Cارت إىل
كانط ومن سار على منهجهم.
ينتقل باشCCالر يف عملية نسج تصCCور جديد لبنية الفكر وأثر تطCCور املعCCارف فيه قCCائال
« فأطروحة كأطروحتنا اليت تضع املعرفة على أهنا تط CC C C C C C C C Cور للفك CC C C C C C C C Cر ،واليت تقبل :
التغCCريات Cاليت متس وحCCدة ودوام األنا أفكCCر ،البد وأن تقلق الفيلسCCوف .ومع ذلك فCCإىل هCCذه
النتيجة ينبغي Cلنا أن نتوصل إذا أردنا حتديد فلسCC C C C Cفة املعرفة العلمية على أهنا فلسCC C C C Cفة مفتوحة
وعلى أهنا وعي فكر يتأسس وهو يش CCتغل يف اجمله CCول ،وه CCويبحث ض CCمن الواقع عما ين CCاقض
ويقCCول بدقة ووضCCوح « إن الفلسCCفة الىت تسCCعى حقيقة ألن تكCCون Cمالئمة 2
سCCابقة» معCCارف
للفكر العلمي الذي هو يف تطور دائب ،يلزمها أن تراعي إنعكاس املعCCارف العلمية على البنيةC
1
Ibid, p 13
2
G.Bachelard : La philosophie du non , op-cit. p 13
91
1
الفكرية»
إن البنية Cالعقلية ليست ثابتة ،بل متطورة بفعل أثر املعارف العلمية عليها ،وال بد
من إبCC Cرزا القيم املعرفية اجلديCC Cدة اليت يفرضCC Cها تطCC Cور الفكر العلمي «على فيلسCC Cوف العلم أن
يCC C C Cبني لنا يف كل مرحلة من تطCC C C Cور الفكر العلمي حالة املعCC C C Cارف العلمية مCC C C Cربزا القيم املعرفية
اجلدي CC C Cدة اليت ت CC C Cربز مع كل مرحل CC C Cة ،وأن عليه أيضا أن ي CC C Cربز لنا مع ذلك األثر ال CC C Cذي حتدثه
املعCCارف العلمية على بنيتنا العارفة» 2هبذا يصCCبح إبراز األثر الCCذي حتدثه املعCCارف العلمية على
بنيتنا Cالعارفة العالمة Cالبارزة للروح العلمية اجلديدة.
ويستخدم باشالر" ال " النفي للداللة على أطروحته اجلديدة « وقبل كل شئ ،فال
بد من إدراك أن التجربة اجلديCC C C C C Cدة تقCC C C C C Cول ال للتجربة القدمية ،وإال بطبيعة احلال فهي ليست
بتجربة جدي CC Cدة» .3إن اجلديد يف العلم يق CC Cول ال للق CC Cدمي ،مع العلم أن "ال" ليست هنائية وإال
أص CCبحت التجربة اجلدي CCدة قدمية بفعل ال CCزمن ،وتتح CCول إىل حتجر وانغالق C،وال يك CCون Cالفكر
العلمي اجلديد منغلقCCا ،بل يتجCCدد من حني آلخCCر ،والCCدليل حيصCCله باشCCالر من واقع املمارسة
العلمية املعاصCC C C Cرة .يف الفيزيCC C C Cاء مثال ،جتربة ميكلسCC C C Cون Cيف األثري مل تنجح يف منظومة نيCC C Cوتن
الفيزيائيCC C Cة ،وملا أعCC C Cاد أتباعه Cالتجربة يف منظومة أينشCC C Cتاين Cالفيزيائية قCC C Cالوا ال ملنظومة نيCC C Cوتن
وتبنت Cهندسة رميان اليت ق CCالت ال هلندسة إقلي CCدس اليت ك CCانت أس CCاس منظومة فيزي CCاء ني CCوتن،
جديدة. فالفكر العلمي اجلديد جيدل مبادئه ويعرف كذلك كيف ينشئ بداهات
وقبل أن ننهي Cه CCذه املس CCألة C،علينا أن نشري إىل س CCعي بعض الفالس CCفة يف البحث
الفلسفي لقدراتنا العارفة ،إال أن ما يقول به باشCالر يف أثر املعCارف يف بنية الفكر ال ميكن
أن يوضع يف نفس السCC C C C Cياق مع تلك الCC C C C Cدعوات مثلما جنده عند كانط يف نقد العقل اخلالص
الذي يهدف « إىل دراسة الفكر من أجل معرفة طبيعته وحدوده ،يف حني أن باشالر الجيعل
1
ibidem
2
وقيدي ،محمد ،فلسفة المعرفة عند غاستون باشالر ،مرجع سابق ص73
3
G.Bachelard : La philosophie du non , op-cit. p 13
92
ال ننفي Cأن باش CCالر 1
ح CCدوده» من مهمة فيلس CCوف العلم ال البحث يف طبيعة الفكر وال بي CCان
يتفق مع كانط يف أن العقل ال يتعامل مع امليتافيزيقا Cإال أن فلس CC C C C Cفته ب CC C C C Cالرغم من ذلك تضل
بالنسبة إليه يف نفس جمال الفلسفات األخرى ،ألن مفهوم الفكر يبقى ثابتا عندها بCCالرغم من
تطور معارفه
املقارنة الثانية يف هذا املضمار تتجه حنو الفيلسوف ( برانشفيك ) الذي ينتمي إىل
س CC Cياق ت CC Cارخيي مش CC Cابه لل CC Cذي ينتمي إليه باش CC Cالر ،حيث عاصرا معا الث CC Cورة العلمية .بالنسCC Cبة
لربانش CCفيك الفلس CCفة عب CCارة عن « تأمل للفكر يف ذاته ،من حيث إن الفكر حني يتأمل تCCاريخ
العلCCوم وتCCاريخ الفلسCCفة والفكر بصCCفة عامة يتعCCرف على ذاته يف هCCذا البحث عرب املراحل اليت
خيطوها العلم والفلسCC Cفة يف تطورهمC Cا» ،2إن الفكر ليس معطى قبلي C Cا بل يتمCC Cيز بفاعليته كما
يتن CC C C Cاول برانش CC C C Cفيك الفكر كموض CC C C Cوع للفلس CC C C Cفة ال من حيث طبيعته ،بل من حي نش CC C Cاطه
وفعاليتCC Cه ،لCC Cذلك جنده أقCC Cرب إىل باشCC Cالر يف هCC Cذه املسCC Cألة . Cلكن بCC Cالرغم من ذلك ص CCاحب
. الروح العلمية اجلديدة تأثره بربانشفيك Cتأثر جتاوز وليس تأثر تكرار وإعادة
فبCCالرغم من أن برانشCCفيك اسCCتجاب للثCCورة العلمية وأصCCغى إليهCCا ،إال أن باشCCالر
استجابته هلذه الثورة كان أبلCغ ،وذهب بتلك االسCتجابة إىل أبعد حCدودها .باإلضCافة إال أن
برانش CCفيك ك CCان يق CCول بفكر جيد ذاته يف كل مرحلة من مراحل إنتاجه العلمية والفلس CCفية أو
غريها .أما باشCC C C Cالر يعلن عن فكر متطCC C C Cور يف بنيته تطCC C C Cور املعرفة العلميCC C C Cة ،ويتطCC C C Cور بفعل
. 3
النظريات اليت متثل فيها ثورة علمية واليت تفرض قيما ابستمولوجية جديدة
ويف خامتة كتاب فلسفة الال يؤكد باشالر موقفه وبلغة ساخرة «العقل مرة أخرى
،يلزمه أن يطيع العلم ،اهلندسCCة ،والفيزيCCاء ،وعلCCوم احلسCCاب ،فاملذهب التقليCCدي الCCذي يCCؤمن
1
وقيدي ،فلسفة المعرفة .عند باشالر ،مرجع سابق ص74
2
المرجع السابق ،ص 74
3
المرجع نفسه ،ص ص 75 ،74
93
بعقل مطلق وث CCابت ليس إال فلس CCفة .إهنا فلس CCفة بالي CCة ،وبائ CCدة» 1تلك هي النتيجة اليت رسى
عليها باشCC Cالر بعد جمادالت ونقاقاشCC Cات لألطروحCC Cات السCC Cابقة ،واليت كCC Cان تصCC Cورها للعقل
سCCببا يف غيCCاب فلسCCفة حقة للعلCCوم .إن العقل الثCCابت Cواملطلق ليس إال ومها فلسCCفيا قيد الفكر
البشري ولقرون عديدة مببادئ ومقCCوالت املنطق األرسCCطي ،واحلقيقة Cأن العقل اإلنسCCاين طاقة
تتشكل بتشكل معارفه والتأثري بينهما متبادل .هبذه الصورة فقط تكCون Cمهمة فيلسCوف العلم
مسCC C Cايرة للعلم ومتعارضة مع املهمة التقليدية للفلسCC C Cفة ،مهمة فيلسCC C Cوف العلم هي إب CC Cراز أثر
القيم االبستمولوجية Cيف بنيتنا Cالعارفة.
-3التحليل النفسي Cللمعرفة املوضوعية :
التحليل النفسي Cكمنهج مسCCتحدث ينتمي إىل الدراسCCات اإلنسCCانية Cيف علم النفس .وهو
« إصCC C C Cطالح حCC C C Cديث أطلقه (فرويCC C C Cد) على إحCC C C Cدى طCC C C Cرق البحث والعالج يف علم النفس
املرض CCي .وقد انتشر ه CCذا االص CCطالح يف علم النفس احلديث ،حىت أطلق على مجيع التقني CCات
ويقCC Cوم على فرضية 2
الشCC Cعورية» املسCC Cتعملة يف دراسة األفعCC Cال النفسCC Cية شCC Cعورية كCC Cانت أو
عامة ،تقول بوجود حياة نفسية ال شعورية تؤثر يف حياتنا النفسية Cالشعورية.
إن احمللل النفساني يتجه إىل افCرتاض Cدوافع الشCعورية تCربر السCلوك اإلنسCاين ،واكتشCاف
الCC C Cدوافع يفسر أسCC C Cباب الشCC C Cذوذ واملرض يف السCC C Cلوك .لكن ما شCC C Cأن منهج التحليل النفسيC
الباشالري؟. ضمن سياق البحث االبستمولوجي
عالقة باشCCالر بالتحليل النفسي Cال ميكن اختزاهلا يف اسCCتعادة بسCCيطة ألطروحCCات
علم النفس التحليلي .فهو مل يتقيد حرفيا مبفاهيمه كلية على أص CCلها وحرفيته CCا .بل ما متيز به
يف تعامله « مع هCذه النظريCة ،قCراءة واسCتخداما ،هو احلرية الواسCعة C،اليت هبا يتنCاول ويسCتثمر
املفCC Cاهيم التحليلية األساسCC Cية 3»Cإنه يعطي للمفCC Cاهيم التحليلية مضCC Cامني خمتلفة تسCC Cتجيب أك CCثر
1
G.Bachelard : La philosophie du non , op-cit. p 134
2
جميل ،صليبا ،المعجم الفلسفي ،ج ،1دار الكتاب اللبناني ،دون طبعة 1982 ،لبنان ،ص 257
3
محمد هشام ،تكوين مفهوم الممارسة االبس.تمولوجية عن..د باش.الر ،إفريقي..ا الش..رق ،دون طبع..ة ،المغ.رب ،2006 ،ص
94
ملوضCC C Cوعات حبثCC C Cه .مثال ،عنCC C Cدما يتحCC C Cدث عن العقد يف التحليل النفسي CللنCC C Cار ،حتديداته ال
تتط CC C Cابق مع التحليل النفس CC C Cي ،إذ جنده ي CC C Cذكر عق CC C Cدة بروميت CC C Cوس ،أمب CC C Cادوقليس ،نوف CC Cاليس،
هوفمان .وال وجود هلذه األخرية يف منظومة التحليل النفسي يف علم النفس.
وميكن الق CCول أن باش CCالر يأخذ بالفرض CCية العامة ح CCول وج CCود حي CCاة نفس CCية ال
شCC Cعورية تCC Cؤثر يف احليCC Cاة الشCC Cعورية مبعىن« أن احليCC Cاة النفسCC Cية حتكمها يف الصCC Cميم سCC Cريورات
1
املكبوتة» نفسية الشعورية ،هي جممل الرغبات( بالتمثالت املصاحبة هلا)
وملا يوظف صاحب "فلسفة الال" عبارة التحليل النفسي للمعرفة املوضCCوعية Cفهو
يقصد هبا عملية فحص وتشCC C C C C Cخيص وتطهري عقلي وعCC C C C C Cاطفي يقCC C C C C Cوم هبا االبسCC C C C C Cتمولوجي
وباسCCتمرار تسCCتهدف الفكر كCCذات عارفة من جهة وموضCCوع معرفتها من جهة أخCCرى.هCCذا
التحديد يؤكCC C C C Cده باشCC C C C Cالر قCC C C C Cائال « بصCC C C C Cدد أي مفهCC C C C Cوم علمي ،يوجد يف نظرنا خطأ جيب
تصحيحه .فقبل أن يتعاطى Cالفكر إىل معرفة موضCCوعية CمCCا ،البد من إخضCCاعه لتحليل نفسCCاين
ليس فقط على املسCC C Cتوى CالعCC C Cام ،ولكن أيضCC C Cا ،على مسCC C Cتوى كل املفCC C Cاهيم اخلاصCC C Cة .ومبا أن
املفه CCوم العلمي مل خيضع للتحليل النفس CCاين يف كل اس CCتعماالته إال ن CCادرا ،ومبا أنه خُي شى دائما
من تس CC Cرب الع CC Cدوى من اس CC Cتعمال آلخ CC Cر ،فإنه يتعني علين CC Cا ،يف كل املف CC Cاهيم العلميCC Cة ،ذكر
إن املفه CCوم العلمي قد يتض CCمن خطأ يص CCعب الكشف عن CCه، 2
نفس CCانيا» املع CCاين اليت مل حتلل
ويتمثل أحيانا يف س CCوء فهم أو تأوي CCل ،ل CCذلك ي CCربز التحليل النفس CCاين كض CCرورة ملحة يش CCتغل
على الفكر كذات عارفة واملفهوم Cالعلمي كموضوع معرفة له.
ويتحدث "دومينيك لوكور"عن استخدام باشالر للتحليل النفسي Cقائال « :عندما
أتى باشCCالر إىل تفكري تCCدخل القيم اخلاطئة اليت حيملها األفCCراد -الCCذوات يف سCCريورة املمارسة
209
1
المرجع السابق ،ص210
2
G.Bachelard : La philosophie du non , op.cit, p25
95
العلمية فإنه قد أحCCال هCCذه القيم اخلاطئة على الطبيعة 1» CوبقCCراءة "لوكCCور" أن هCCدف التحليل
النفسي Cللمعرفة املوضCC C Cوعية C،الكشف عن القيم اإليديولوجيCC C Cة ،اليت تقف عقبة أمCC C Cام تطCC C Cور
العلم ،وهي قيم ال تعرب عن الطبيعة Cبل متثل ايCC C C C C C C C C C C C C C Cديولوجي معني عن الطبيعة « CتطCC C C C C C C C C Cبيع
الي CCديولوجيا معين CCة C،وه CCذا ما يتمثل بوض CCوح يف الوظيفة النظرية اليت يوكل باش CCالر ممارس CCتها
إىل الق CCرن الث CCامن عش CCر ،مبعىن أن كل النص CCوص Cاليت يس CCتعملها باش CCالر واليت تع CCود إىل الق CCرن
الث CCامن عش CCر ،وهي كث CCرية ،إمنا ترسم لنا ص CCورة ميثولوجية حلالة طبيعية للفكر العلمي ،حالة
أصلية وما فوق -تارخيية ،تظهر الصراع بني الفكر العلمي الناشئ وبني انCCدفاع الطبيعة CالCCذي
كCCان اليCCزال قويCCا .لCCذلك يكCCرر باشCCالر القCCول بCCأن الفكر العلمي ال ميكنه أن يتكCCون Cإال ضCCدا
على ما يشده طبيعيا إىل الطبيعة .وهكذا ،يف كل هذه النصوص اليت يعتقد باشالر أنه يسCCمع
فيها صCCوت الطبيعة نفسCCها تتكلم نقCCرأ حنن التمثل الCCذي متنحه لنفسCCها إيCCديولوجيا معينة عن
2
الطبيعة»C
تكCC C Cون Cالقيم االيديولوجية دائما من خCC C Cارج العلم ،تنتمي إىل بنية العالق CC Cات
االجتماعية لكنها تتلبس بالطبيع CC Cة .ه CC Cذه االخ CC Cرية إذن هي مبثابة ع CC Cامل ال CC Cدوافع والغرائز عند
فرويCC Cد ،والتحليل النفسي الباشCC Cالري يسCC Cتهدف « بناء مفهCC Cوم العCC Cائق لتفكري التوقفCC Cات أو
التباطئات اليت تعرفها سريورة العمل العلمي ،وذلك بارجاعها ال إىل قصور ملكCCات التفكCCريC،
ولكن إجيابيا إىل ال CC C C C Cرأي احملال هو نفسه على واقع الغرائز» 3فالع CC C C C Cائق يقتضي حتليال نفسCC C C Cيا
للمعرفة العلمية لكشف نزوعه اإلي CCديولوجي يف ص CCورة الطبيع CCة C.بل إن ه CCذا ال CCنزوع – مثلما
يوضحه -يربز يف ميدان املمارسة العلمية ،بثوب مقوالت فلسفية كCCاجلوهر واحليCCاة والنفس
« واحلال ،أن أحسن وس CC C C Cيلة لله CC C C Cروب من املناقش CC C C Cات املوض CC C C Cوعية تتجلى يف التخفي وراء
اجلواهر ،ويف شحن اجلواهر بشىت السCCمات األكCCثر دقCCة ،ويف اختاذها مرايا عاكسة النطباعاتناC
1
Dominique lecourt, Bachelard ou le jour et la nuit, Grasset, 1974, p:126
2
Ibid, p: 131
تكوين مفهوم الممارسة .االبستمولوجية عند باشالر ،مرجع سابق ،ص 213 حممد هشام، 3
96
الذاتية C.إن الصور الومهية Cاليت يشكلها الرجل الواقعي Cهبذه الكيفية ،وهو معجب بCCوفرة تنCCوع
دقCCائق انطباعاته الشخصCCية ،ملن مجلة الصCCور اليت من الصCCعب إزالته» 1فباشCCالر يفCCرتض لCدى
الباحث العلمي مكبوتCات Cعقلية على االبسCتمولوجي Cإن يبحث يف أثرها على العمل العلمي.
كال CC C Cذهنيات الواقعية احملكومة ب CC C Cالنظرة اجلوهرانية ومل تس CC C Cتطع أن تتع CC C Cدى عقبة الفكر ماقبل
العلمي .وأمهية هCC Cذا التحليل أنه يكشف اجلانب البCC Cاطن للعمل العلمي ،وما يريده باشCC Cالر
من التحليل النفسي Cللمعرفة املوض CCوعية هو بي CCان الش CCروط اخلفي CCة ،والدينامية Cاليت تتش CCكل يف
سياقها المعرفة الموضوعية .
وخالصة املبحث أن املهCC Cام اليت يقرتحها باشCC Cالر لالبسCC Cتمولوجيا متثل بCC Cديال للصCC Cورة
التقليدية اليت عهCCدها اخلطCCاب الفلسCCفي حCCول العلم وهي مبثابة عناصر لربنCCامج متقCCدم بالنسCCبة
ملا كانت تتصوره تلك الفلسفات.
1
G.Bachelard, La Formation de l'esprit scientifique, Contribution à une psychanalyse de la
connaissance objective, Vrin, 1967, p: 148
هشام محمد ،تكوين مفهوم الممارسة .االبستمولوجية عند باشالر ،مرجع سابق ،ص192
2
97
ال بد من اإلقCCرار بتلك الص CCلة بني االبس CCتمولوجيا وت Cاريخ العلم ،بل هي مش CCكلة
ابسCCتمولوجية يف حد ذاهتا تطCرح استشCCكاالت متعCCددة من قبيل هل املفCاهيم العلمية يف تطCور
" متصل " أم تطCC C C Cور "منفصل " .بل أصCC C C Cبحت قضCC C C Cية القطيعة أو االسCC C C Cتمراررية يف املعرفة
العلمية مسألة حيوية تفرض نفسها وأمهيتها يف أية دراسة ابستمولوجية معاصرة.
يوظف باشCC Cالر مفهCC Cوم الع CCائق االبسCC Cتمولوجي ليفسر املظCC Cاهر املتعلقة Cب CCالركود
والنكCCوص CالCCذي يطبع املعرفة العلمية يف مرحلة من مراحلهCCا ،فهو يCCرفض إعتبCCار تCCاريخ العلم
بأنه سلسلة من املشاكل يؤدي بعضها إىل بعض أو أن حاضCCرها تطCCوير وإضCCافة ملاضCCيها ،بل
إن هCCذا التCCاريخ يشCCهد تعطالت وإضCCطرابات ،ركCCودا ونكوصCCا ،كما يشCCهد كCCذلك ثCCورات
وقفCC Cزات كيفيCC Cة.أما القطيعة االبسCC Cتمولوجية CكمفهCC Cوم أساسي ىف ابسCC Cتمولوجيا باش CCالر فإنه
يفسر مظCCاهر الثCCورة والتجCCاوز ىف الفكر العلمي لCCذلك يعرب اجلدل ىف تCCاريخ العلم عن عوائقهC
وقطيعاتCC Cه .فباشCC Cالر «يريد أن يCC Cبني بCC Cأن Cهنالك يف تCC Cاريخ العلCC Cوم قفCC Cزات كيفية جتعل العلم
ينتقل بفضCC Cلها إىل نظري CC Cات جديCC Cدة ال ميكن أب CC Cدا النظر إليها على أهنا جمرد اسCC Cتمرار للفكر
السCCابق هلا ،وبقCCدر ما حتقق هCCذه القفCCزات الكيفية جCCدة مطلقة يف الفكر العلمي ،فأهنا حتقق
قطيعة بني هذا الفكر العلمي واملعرفة العامة ».1
أ /اﻟﻌﺎﺋق اﻻﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﻲ :مفهومه وأشكاله:
إن املعرفة العلمية عند باشCCالر عملية تتم ضCCمن شCCروط نفسCCية تCCرتك بصCCماهتا على طبيعةC
املعرفة ذاهتا بشCC Cكل أو بCC Cآخر ،وتتجلى هCC Cذه التCC Cأثريات Cيف صCC Cيغة عوائق تعCC Cرتض طريق هCC Cذه
املعرفة .
والعائق اإلبستمولوجي Cمفهوم وظفه غاستون Cباشالر ضمن املنهج الذي اقرتحه
لفهم تاريخ العلوم يف حقيقته وواقعيته « فعندما نبحث عن الشCCروط السCCيكولوجية لتطCCورات
1
وقيدي محمد ،فلسفة المعرفةعند باشالر ،مرجع سابق ،ص 130
يكش..ف باش..الر عن ع..ائق آخ..ر ه..و ت..وأم الع..ائق االبس..تمولوجي ،يس..ميه بالع..ائق البي..داغوجي ،يرتب..ط بفلس..فة التربي..ة
98
العلم سرعان ما نتوصل إىل االعتقاد التايل أال وهو :أن مشكل املعرفة العلمية جيب طرحه يف
شCCكل عوائق» .1لCCذلك صCCاغ باشCCالر مفهCCوم العCCائق اإلبسCCتمولوجي C،ورصد أشCCكاله بالنسCCبة
(La formation de l esprit للمعرفة العلميCC C C Cة ،ضCC C C Cمن كتابه تكCC C C Cوين الفكر العلمي
. )scientifiqueيف فصل عنوانه " فكCCرة العCCائق االبسCCتمولوجي" C.وهو مفهCCوم إجCCرائي قابل
لالس CCتثمار حىت خ CCارج الفكر الباش CCالري نفس CCه .إذ طبقه ب CCاحثون يف جمال العل CCوم اإلنس CCانية
لرصد عوائق املعرفة العلمية فيها أو إلب CC Cراز أشCC C Cكال جدي CC Cدة من العوائق CاإلبسCC C Cتمولوجية Cمل
يتحدث عنها باشالر ،ألن املشروع الباشالري مل ميتد بالدراسة للعلوم اإلنسانية. C
فماهو العائق االبستمولوجي؟ كيف ينشأ؟ وكيف يتم جتاوزه؟
يف معجم الفلسCCفة « عاقه عن الشئ منعه وشCCغله عنCCه ،وعوائق الCCدهر شCCواغله وأحداثCCه.
والعCCائق مCCايعوق الفكر أو اإلرادة من شCCواغل داخلية أو خارجية وعوائق Cالنمو هي األسCCباب
اليت متنع الكائن احلي من بلوغ الكمCCال اخلاص بنوعCCه C،من هCCذه العوائق CمCCاهو طCCبيعي...ومنها
م CCاهو اجتم CCاعي...ومنها م CCاهو سياس CCي...ومنها Cم CCاهو نفس CCي» 2فالع CCائق هبذا املعىن يتض CCمن
املنع والتوقف عن التقCC C C C Cدم ألجل االكتمCC C C C Cال ،مهما تعCC C C C Cددت مصCC C C C Cادره ،داخلية ك CC C Cانت أو
خارجي CC Cة .والع CC Cائق مايس CC Cبب Cش CC Cلال لإلرادة والفك CC Cر ،على اعتب CC Cار أن اإلرادة تنجز م CC Cايقرره
التفكريC.
لكن هل املفهوم الباشالري للعائق االبستمولوجي Cيتطابق مع التعريف املعجمي؟.
يق CCول باش CCالر يف التك CCوين « إن األمر ليس ىف اعتب CCار عوائق خارجي CCة ،مثل تعقد
الظ CCواهر وس CCرعة زواهلا ،وال باهتام احلواس والفكر البش CCري بالض CCعف والقص CCور :ففي عملية
اكتسCاب املعرفة ذاهتا يف صCميمها تCربز ،بنCوع من الضCرورة الوظيفيCة ،تبCاطؤات C،وغشCاوات.
فس CCنبني على ه CCذا املس CCتوى Cأس CCباب الرك CCود ،بل وحىت أس CCباب التقهقر وسنكشف على ه CCذا
1
G.Bachelard, La Formation de l'esprit scientifique, op.cit.p 13
مجيل صليبا،املعجم الفلسفي ،مرجع سابق ،ص 39 2
99
املستوى Cعن األسباب املعطلة اليت نطلق عليها تسمية العوائق االبستمولوجية». 1
وهبذا املع CCىن ،يشري الع CCائق االبس CCتمولوجي Cإىل تلك املظ CCاهر املتعلقة Cب CCالركود والنك CCوص
الCC C C Cذي مييز املعرفة العلمية يف مرحلة من مراحلهCC C C Cا ،فتطCC C C Cور العلCC C C Cوم وتباطؤهCC C C Cا ،وعطالتهCC C Cا،
وانبعاثها من جديد مشCC C Cكل يطCC C Cرح يف صCC C Cورة عوائق تعCC C Cرتض العCC C Cامل ىف اكتسCC C Cاب املعرف CC Cة،
وبCCذلك ميكن القCCول إن العCCائق االبسCCتمولوجي مفهCCوم باشCCالري بامتيCCاز فهو الCCذي أدرجه يف
ق CC Cاموس الفلس CC Cفة املعاص CC Cرة .ح CC Cدد طبيعت CC Cه ،ومص CC Cدر نش CC Cأته كما أحصىأش CC Cكاله .إن التمCC Cيز
الباش CC Cالري يف التأثيل هلذا املفه CC Cوم ب CC Cأن العوائق CاالبسCC C Cتمولوجية CمصCC C Cدرها ليس خارجا عن
العلCC C Cوم بل نامجة عنها وألسCC C Cباب طبيعية Cتوجد بCC C Cداخلها ،فCC C Cاألمر اليتعلق بشCC C Cروط خارجية
للمعرفة مثل تعقد الظ CC C C Cواهر ،أو ض CC C C Cعف احلواس والفكر اإلنس CC C C Cانيني ،بل يتعلق بفعل املعرفة
ذات CCه .وب CCذلك تك CCون Cالعوائق اإلبس CCتمولوجية Cمش CCكلة لل CCذات العارفة يف عالقتها مبوض CCوعات
تفكريها C.ويتجه البحث ضرورة إىل فحص املعرفة العلمية من داخلها ال من خارجها فالعائق
يوجد صميميا يف هذا الفكر نفسه.
وعن مصCC Cدر العCC Cائق االبسCC Cتمولوجي يCC Cرى باشCC Cالر أنه متخف وقCC Cابع يف كل
املع CCارف ،علمية وعامي CCة ،فقد يولد مع املعرفة العامية ويرتسخ فيه CCا ،وه CCذا مايس CCمى ب CCالرأي
واملعرفة العلمية تف CCرز عوائقها ك CCذلك ،حيث تتق CCادم وتص CCبح عائقا أم CCام تطورها « إن معرفة
من املعارف اليت حيصل عليها مبجهود علمي تستطيع هي ذاهتا أن تضعف وتنحرف والسؤال
اجملرد الص CC C Cريح يبلى ويتن CC C Cاقص C،فتبقى اإلجابة احلس CC C Cية .ومنذئ CC C Cذ ،ينقلب النش CC C Cاط الفك CC Cري
ويتوقف .فيرتسخ عCCائق ابسCCتمولوجي يف املعرفة اليت مل تسCCائل ،وتتحCCول العCCادات الذهنية Cاليت
ك CC Cانت نافعة وس CC Cليمة ،مع ط CC Cول ال CC Cزمن ،إىل ع CC Cائق يف وجه البحث» .2فاألفك CC Cار بتقادمها
تتحجCC C C Cر ،ويتوقف الفكر عن اإلبCC C C Cداع ،بل يفضل معرفته على مايناقضCC C C Cها ،ويفضل األجوبة
غاسCCتون باشCCالر ،تكCCوين الفكر العلمي ،تCCر :خليل أمحد خليCCل ،املؤسسة اجلامعية للدراسة والنشCCر،ط ،2بCريوت، 1
1982ص 13
2
G.Bachelard, La Formation de l'esprit scientifique, op.cit.p 14
100
على األسCCئلة ،وتتغلب الغريCCزة احملافظة على الغريCCزة املكونة بفعل تقCCادم الCCزمن ويتوقف النمو
الفكري.
إن فيلسCC Cوف العلم ومهما كCC Cان ميتلك من ثقافة علمية هو جيمع بني منطني أو
ص CCورتني إنس CCان مثقف ثقافة علمية حق CCة ،وإنس CCان ع CCادي حتكمه مع CCارف عامية ألنه س CCجني
ثقافة سCC Cاكنة مجدها االسCC Cتعمال وعCC Cادات ذهنية راسCC Cخة وثابتCC Cة .لCC Cذلك يCC Cدعونا باش CCالر إىل
اليقظة إذا ما تعلق األمر باألفكCCار املسCCبقة Cألهنا تشCCكل رداء يسCCترت من خلفه العCCائق « عنCCدما
يتع CC Cاطى الفكر الثقافة العلمية اليك CC Cون Cأب CC Cدا فتي CC Cا ،بل يك CC Cون قد طعن يف الس CC Cن ،س CC Cنه سن
أفك CC Cاره املس CC Cبقة .1Cيتضح لنا أن الع CC Cائق االبس CC Cتمولوجي Cهو كل معرفة س CC Cابقة ،وكل ع CC Cادة
فكرية ،تشكل عقبة أمام العلم ،يف صياغته ملشكالته Cصياغة صحيحة.
النتيجة اليت يس CC Cتقر عليها باش CC Cالر ،أن التحليل اإلبس CC Cتمولوجي يك CC Cون Cحتليال نفس CC Cيا
للمعرفة املوضCC Cوعية C،أي حتليل لفعل املعرفة وللCC Cذات العارفCC Cة ،وذلك بCC Cالبحث يف الشCC Cعورها
عما حيجب املوض CCوعية C،لك CCون الع CCائق اإلبس CCتمولوجي Cمتعلق بال CCذات العارفة يف تعاطيها مع
موضوع معرفتها.
-أنواعه:
يقدم باشالر أشكاال عديدة للعائق اإلبستمولوجي .فهو يتحدث عن عCCائق الCCرأي أو
االعتق CCاد الشخصي ( )opinionفليست املعرفة العلمية رأيا أو وجهة نظر شخص CCية ،وحىت
حني يتفق الرأي مع املعرفة العلمية ،فإنه يكCCون Cعلى أسس خمتلفCCة .من حيث منفعتها Cوقيمتها
العمليCCة ،ومينع ذاته من معرفتهCCا .وهلذا كله يكCCون Cعلى املعرفة العلمية أن تتكCCون Cضد الCCرأي،
أي أن تقوم هبدمه وجتاوزه من أجل تأسيس األفكار العلمية على أسس موضوعيةC.
يقاب.. . .ل باش.. . .الر بين مايس.. . .ميه " .الغري .. . .زة المكون .. . .ة" " "l instinct formatifوالغري.. . .زة المحافظ .. . .ة " l instinct
"conservatifإذا كانت األولى مصدر االبداع واالبتكار للفك.ر ف.إن الثاني.ة مص.در تحج.ر وتوق.ف ،فهي الغري.زة ال.تي
تسمح بتشكل العائق االبستمولوجي.
G.Bachelard, La Formation de l'esprit scientifique, op.cit.p p 14
1
101
يCذكر باشCالر أيضا التجربة األوىل كعCائق إبسCتمولوجي .فالتجربة األوىل التشCكل
يف نظر باشCC C C Cالر معرفة موضCC C C Cوعية ،وذلك ألن الCC C C Cذات العارفة تنCC C C Cدفع يف هCC C C Cذه التجربة حنو
موضCC Cوعها بكل ما حتمله من أفكCC Cار علميCC Cة ،ولكن أيضا بكل ماحتمله من أفكCC Cار مسCC Cبقة أو
خاطئة وغير مطابقة لموضوعية الظواهر.
املثCC Cال الثCC Cالث CللعCC Cائق اإلبسCC Cتمولوجي هو التعميم املتسCC Cرع والسCC Cهل .ويتCC Cداخل العCC Cائق
اإلبس CCتمولوجي Cيف ه CCذه احلالة مع خط CCوة طبيعية يف العلم هي التعميم ،وي CCؤدي إىل مايس CCميه
باش CC C C C Cالر بالتعميم CC C C C Cات الزائفة و «يتم عربها ازدراء التفاص CC C C C Cيل وإمهال الف CC C C C Cروق الدقيقة بني
الظ CC Cاهرات...إن احتق CC Cارا كهCC C Cذا للتفاص CC Cيل وللدقة ينCC C Cبئ Cإىل أي مCC C Cدى يعيق التعميم املعرفة
العلمية» 1إن انCCدفاع الفكر يف بعض احلاالت حنو تعميمCCات متسCCرعة وسCCهلة ،يقتضي Cحتليلا
نفسيا للCCذات العارفة ،يفحص فيها الشCCعور هCCذه الCCذات للكشف عن كل إغCCراءات السCCهولة
اليت ت CCدفعها إىل التس CCرع يف إص CCدار تعميم CCات غري موض CCوعية C.ويف ه CCذا اإلط CCار ت CCدخل أيضا
املمCC Cاثالت الزائفة اليت جتعل فهم بعض الظCC Cواهر يتم يف ضCC Cوء ظCC Cواهر أخCC Cرى يأخCC Cذها العقل
على أهنا مماثلة هلا ،مع أهنا ليست كذلك موضوعيا.
وكتاب باشالر عن تشCكل الفكر العلمي مليء باألمثلة املتنوعة Cمن العلCوم الرياضCية
والفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للعوائق اإلبس CC C C Cتمولوجية اليت تلقي الض CC C C Cوء على حلظ CC C Cات
امليادين. التعطل والنكوص Cيف تاريخ املعرفة العلمية يف تلك
أشكاله:
العائق االبستمولوجي Cمتعدد األشكال ،فمن طبيعته أن يكون Cغامضا ومتعدد األشCCكال،
ه CCذا ما يؤك CCده باش CCالر ل CCذلك جلأ إىل وص CCفه وتص CCنيفه ض CCمن كتابه تك CCوين الفكر العلمي.
والذي جعل كل فصل منه شرحا لنوع من أنواع Cالعوائق اليت ميكن أن يتخCذها ضCمن تCCاريخ
ت َك ُون Cاملعرفة العلمية.
علي حسني كركي ،اإلبستمولوجيا يف ميدان املعرفة ،مرجع سابق ،ص 124 1
102
/1التجربة األوىل () la première expérience
التجربة األوىل هي املعرفة املباشCC C C Cرة باألشCC C C Cياء تعتمد على معطيCC C C Cات احلواس ىف اتصCC C Cاهلا
بالطبيعة وبالكCCاد تصCCنف بأهنا معرفة حدسCCية خالية من النقد « إن أول عCCائق يف تكCCوين فكر
علمي ،هو التجربة األوىل ،التجربة اليت سبقت Cالنقد ومل تتعرض له ،ألن النقد هو بالضCCرورة
عنصر متض CC C C C C Cمن يف الفكر العلمي .ومبا أن النقد مل يلعب دوره علنا ف CC C C C C Cإن التجربة األوىل ال
ميكنها ،بأي حال من األحوال أن تكون Cسندا يعتمد عليه». 1
إن الواقع املباشر اليؤدي إىل معرفة علميCCة ،ألن االتصCCال املباشر باملعطيCCات احلسCCية،
يلغي وظيفة التفكري والنقد لدى العقل مما يفرض عليه تصCCديقا كليا ملا تقدمه احلواس ،لتعيش
ال CC C C Cذات ف CC C C Cرتة األحالم والتخيالت التمثيلية مثل الكCC C C Cواكب املذكرة واملؤنثة CواملعCC C C Cادن اخلرية
واألخ CCرى الش CCريرة ول CCذلك ف CCإن املعرفة العلمية هي«ه CCدم ملعارفنا اخلاطئة الس CCابقة الناجتة عن
جتربة أوىل .فاملعرفة العلمية املوضوعية Cتكون ضCCدا على التجربة األوىل وجتاوزا لكل ما يعCCوق
العقلنة». 2
ويف قراءته النقدية للفكر العلمي يف القCCرن الثCCامن عشر يقCCدم لنا باشCCالر مثCCاال عن
الظاهرة الكهربائية حيث كانت « الكهرباء تندرج ضمن نظر طبيعي بسCCيط جيعل منها علما
مسليا سهال ،ينشCCغل به قطCCاع معني من النCCاس االجتمCCاعيني ،علم هتيمن عليه جتريبية Cجوهرية
ال حبث فيها عن القCC C Cانون ،تعتمد املالحظة املباشCC C Cرة وتتجه إىل إحCC C Cداث الدهشة والتسCC C Cلية.
وهكCC Cذا ك CCانت الكهربCC Cاء جتمع داخلها كل حجج اخلرافة واحلكاية Cواملله CCاة واملأسCC Cاة .3» Cإن
عCCائق التجربة األوىل يف هCذا املثCال يتمثل يف االختبارية والواقعية الصCCرفة ىف النظر إىل الظCاهرة
الكهربائي CC C Cة ،إذا ال بد من عقلنة التجرب CC C Cة ،وه CC C Cذا يص CC C Cطدم بالقناع CC C Cات األولية Cاليت جتعل من
التجربة األوىل حقيقة أوىل.
1
G.bachelard, Formation de l esprit scientifique, opcit. P23
حممد وقيدي ،فلسفة املعرفة عند غاستون باشالر ،مرجع سابق ،ص 112 2
حممد هشام ،تكوين مفهوم الممارسة .االبستمولوجية عند باشالر ،مرجع سابق ،ص197 ،
3
103
/2املعرفة العامة
التعميم خاصCC Cية من خصCC Cائص املعرفة العلمية فهو يسCC Cاعد يف تقCC Cدم العلم ،و يف فهم
الظCCواهر ألنه ينقل الفكر من تبCCدد الوقCCائع إىل وحCCدة القCCوانني اليت تفسCCرها .لكنه قد يتحCCول
إىل عائق إيبستيمولوجي C،يؤثر سلبا يف املعرفة.
ول CC Cذلك ينظر باش CC Cالر إىل املعرفة العامة على أهنا معرفة مظللة وزائفة ،وخاصة إذا
كCC C Cانت اسCC C Cتجابة ملتعة عقلية خطCC C Cرية ،وتدعونا اليقظة الفكرية إىل جتنب كل تعميم متسCC Cرع
وسهل ألنه حيجب حقيقة الظواهر « إن املعرفة اليت تنقصها CالدقCCة ،أو بعبCCارة أدق إن املعرفة
اليت مل متنح بشروطها احملددة حتديدا دقيقا ليست معرفة علمية .املعرفة العامة هي تقريبا حتما
معرفة غامضة مبهمة ».1
ومن األمثلة املع CCربة عن الع CCائق التعميمي الق CCول ،يف الف CCراغ تس CCقط كل األجس CCام
بنفس السرعة .وبالرغم من أنه تعميم نCCاتج عن جتارب فيزيائية لكنه قد يسCCبب تعطل التفكري
إذا ما تس CCاهل الفكر معه وتس CCرع ىف اعتب CCاره Cقانونا عاما يغنيه عن حبث أعمق وأدق .ويب CCدوا
أن هناك عالقة مباشرة بني التعميم والنتائج النفعية اليت كانت تCCرجى من جتارب الفكر ماقبل
العلمي خبالف العلم احلديث ،فما مييزه املوضوعية Cوليس الشمولية.
ويCCرى باشCCالر أن التعميم الCCذي سCCاد الفكر الفلسCCفي مع أرسCCطو وحىت بيكCCون عمل
ككCCابح أمCCام املعرفة العلميCCة ،ألنه غالب Cاً ما يسCCقط يف التسCCرع والتبسCCيط ،ويسCCتجيب إلغCCراء
القCCوانني اجملردة اليت تُصCCبح بCCدورها عائقCاً أمCCام فهم الوقCCائع املعقCCدة « CللفلسCCفة علم خCCاص هبا
وحدها هو علم العمومية» . 2Cوملواجهة هذه املعرفة املضCCللة يCCدعونا باشCCالر إىل حتليل نفسCCاين
للمعرفة املوضCC C C C Cوعية Cحتليل يكشف عن املتعة Cالفكرية السCC C C C Cيئة CاملتولCC C C C Cدة Cعن التعميم البس CC C Cيط
وفحص كل إغراءات السهولة.
1
G.Bachlard, F.e.s, opcit, p. 72
2
غاستون باشالر ،تكوين الفكر العلمي ،مصدر سابق ،ص47
104
/3العائق اللغويC
يتقCCدم العCCائق اللغCCوي يف صCCورة اللفظ الواحد أو الكلمة الواحCCدة ،اليت تقCCوم مقCCام تفسري
كامل وكلمة واحCC Cدة تعرب عن عCC Cدة حCC Cوادث وتصCC Cبح أساسا لتفسري شCC Cامل وعCC Cام .فالعCC Cائق
1
اللغ CCوي أو اللفظي« حالة تش CCكل فيها صCCورة واحCCدة وحىت كلمة واحCCدة ،التفسري برمته »
إنه امتCC C C Cداد غري موضCC C C Cوعي للفCC C C Cظ ،جنعله يعرب عن ظCC C C Cواهر غري تلك اليت وضع ألجلهCC C Cا .إن
الع CCادات اللفظية إغ CCراءات للمم CCاثالت الزائف CCة .وامتث CCاال لش CCروط ال CCروح العلمية فال بد للفكر
العلمي من جتاوزها ألن لغة العلم لغة متخصصة ال يفهمها إال املتخصصون.C
ويسCCوق باشCCالر أمثلة عديCCدة عن العCCائق اللفظي لكن حسCCبنا أن نأخذ مثCCاال واحCCدا
"رومري" ( هو لفظ اإلس CC C C Cفنجة .وينقله من م CC C C Cذكرات األكادميية امللكية للعل CC C C Cوم على لس CC C C Cان
حيث إن خاص CCية التش CCرب يف اإلس CCفنجة ،ميتد خ CCارج ه CCذا النط CCاق ويعرب عن
)Réaumur
ظCC C C Cواهر أخCC C C Cرى من قبيل اهلواء الCC C C Cذي يوجد باملاء بCC C C Cدون قابليلة للضCC C C Cغط .فكل األجسCC C Cام
إسفنجية نتيجة ملا يتميز به اإلسفنج من خاصيت التشرب والقابلية للتشكل.
وسيطرت الصCورة اإلسCفنجية Cحىت على صCاحب الكوجيتو ( CديكCارت) وعCدها
مفهوما واضCC C Cحا ومتمCC C Cيزا ال ينبغي التشCC C Cكيك فيها « إن ثقة ديكCC C Cارت يف وضCC C Cوح ص CC Cورة
اإلسCC C C Cفنجة هلو دليل قCC C C Cاطع على ذلك العجز عن إرساء الشك يف مسCC C C Cتوى تفاصCC C C Cيل املعرفة
املوضCCوعية . 2»Cوقد يتخلى الفكر ما قبل العلمي عن اللفظ لكنه حيتفظ بوظيفتCCه C.وبCCدال من
اس CCتخدام اإلس CCفنجة يس CCتخدم العلم ح CCديثا التش CCرب كوظيفة Cلإلس CCفنجة للتعبري عن الظ CCواهر
اليت تتكهرب ( تتشCCرب الكهرباء ) معCدن مCا ،مثال احلديCCد ،وهCذه مماثلة باإلسCفنجة ،فاحلديد
هو إسفنجة للسائل املغاطيسي ،وهي عبارات مغلوطة لكنها توظف يف تفسري جتارب علمية.
1
المصدر نفسه ،ص 61
رنيه أنتوان دي رومير ( )1757 .-1683فيزيائي وطبيعي فرنسي ،عضو األكاديمية الفرنسية للعل..وم س..نة 1708
105
ويتح CCدث باشCCالر بكل أسف عن هCCذا االسCCتغالل CالالمشCCروع للغة يف جمال العلم قCCائال« إننا
نشCC Cعر باحلاجة إىل االعتCC Cذار من القCC Cارئ ،إليرادنا هCC Cذه الصCC Cفحة الطويلCC Cة ،املكتوبة بأس CCلوب
رديء بيد مؤلف شCCهري ،لكننا وفرنا عليه صCCفحات كثCCرية جCCدا من نفس الطCCراز ،يفسر فيها
"روم CCري" تفس CCريا ال متناهيا Cالظ CCواهر بواس CCطة املص CCفة Cاإلس CCفنجية 1» Cإن الفكر ما قبل العلمي
يسيء التفكCC C C C Cري C،ألنه ال مييز بني املفهCC C C C Cوم واللفCC C C C Cظ ،ونفس اللفظ يقع توظيفه على مف CC C Cاهيم
متباينCC Cة C،يصCC Cفها ،يشCC Cرحها والتعCC Cيني يكCC Cون Cنفسه لكن الشCC Cرح خمتلCC Cف .إن احلاضCC Cرة العلمية
تفرض على العامل أن يتكلم لغة علمية دون سواها.
/4العائق اجلوهراين
يتح CCدث بش CCالر عن العقبة اجلوهرانية Cيف كت CCاب التك CCوين ،ويف نفس ال CCوقت خيصص له
فصال ك CCامال يف كت CCاب فلس CCفة الال عنونه Cبــ الال -جوهراني CCة ،أم CCارات كيميا ال-لفوازيي CCة.
وهCC C C Cذا يعكس اخلطCC C C Cورة واملدى الCC C C Cذي يشCC C C Cكله العCC C C Cائق اجلوهري كعقبة يف تأسCC C C Cيس Cاملعرفة
املوضوعية .فماهو العائق اجلوهري؟ وماهي متظهراته يف املعرفة؟.
حيدد باش CCالر الع CCائق اجلوهراين ق CCائال « الع CCائق اجلوهراين ،ككل العوائق Cاالبس CCتمولوجيةC
متعدد األشكال ،إنه يتكون Cمن جتميع احلدوس األكثر تشCCتتا ،واألكCCثر تعارضCCا .ومبيل طCCبيعي
جCC Cدا يوقف التفكري ماقبCC Cل -علمي ،حCC Cول موضCC Cوع معني ،كل املعCC Cارف اليت هلذا املوض CCوعC
فيها دور دون االهتمCCام بCCرتاتب Cاألدوار التجريبيCCة .فهو يوحد مباشCCرة بCCاجلوهر كل الكيفيCCات
املتنوعة الس CC C C C Cطحية منها والعميق CC C C C Cة ،الظ CC C C C Cاهرة منها واخلفية» .2إن الفكر اجلوهراين فلسCC C C Cفة
ميتافيزيقية Cعقيمة وهي تفسري رتيب خلصائص اجلوهر يعتقد أن للظاهرة خفي وجلي ،باطن
وظCCاهر .وجتليCCات هCCذه العقبة يف الفكر ماقبCCل-العلمي ،انشCCغال علماء وفالسCCفة تلك املرحلة
بالبCCاطن أو الCCداخل اعتقCCادا منهم أن املعرفة الصCCحيحة تكمن يف اسCCتخراج البCCاطن ودراسCCته.
2
G.Bachelard, La Formation de l'esprit scientifique, op.cit.p p 97
106
ويتولد لدى هؤالء مايسميه باشالر "وهم الداخل " أو أسطورة "الذات األعمق".
وتتمثل فك CC Cرة اجلوهر مبفه CC Cوم االحت CC Cواء ،اجلوهر له غالف حيتويه وحيفظه .ومن األمثلة
اليت يق CCدمها باش CCالر الط CCبيب ال CCذي يعتقد ب CCأن Cالكيفية " Cاحلرارة " حتفظ يف جوهرها بغالف
من الربودة مينعها من التالشCCي C،والكCاتب الCCذي يعتقد أن االبتعCاد عن سCCطح احلجر يقربنا من
صCC Cالبته وشCC Cفافيته C.اجلوهر إذن مرتبط مباهو صCC Cميمي وداخلي ويصCC Cبح الغCC Cوص يف الCC Cداخل
ملعرفة جواهر األشياء ضرورة البد منها يف فلسفة الفكر ماقبل-العلمي.
( هنCC C C C C C C C Cاك صCC C C C C C C C Cورة أخCC C C C C C C C Cرى يتمظهر هبا اجلوهر يسCC C C C C C C C Cميها باشCC C C C C C C C Cالر "التجCC C C C C C Cوهر"
« الرتك CC Cيز على ج CC Cانب معني يف الظ CC Cاهرة ،املدرك حسCC Cيا، . . .)substantialisationوهو
وحتويله إىل اجلوهر ،أي إىل ماهية يف الظCCاهرة » 1فالظCCاهرة املباشCCرة CتتحCCول إىل دليل خلاصCCية
جوهريCC Cة .ويصCC Cفه بالتفسري املختصر واملتسCC Cرع الCC Cذي يCC Cؤدي إىل توقف كل استقصاCء علمي
لCCذلك يشCCكل عائقيا حقيقيا أمCCام تقCCدم الفكر العلمي ،ألهنا فاقCCدة للCCدور النظCCري االسCCتداليل
الناقد لالحسCCاس ،إذ «ال ميكن للعقل العلمي االكتفCCاء مبجCCرد ربط العناصر الوصCCفية للظCCاهرة
مع ج CCوهر م CCا ،ب CCدون أي جمه CCود ترات CCيب ،ب CCدون تع CCيني واضح مفصل للعالق CCات مع األش CCياء
األخCC C C C Cرى» 2فمن العالمCC C C C Cات البCC C C C Cارزة للCC C C C Cروح العلمي حتديد دقيق ومفصل للعالقCC C C Cات بني
املوضوعاتC.
ومث CCال ذلك الص CCورة املباش CCرة لبعض االجس CCام اخلفيفة اليت تعلق باجلسم املكه CCرب
تتح CC C C Cول إىل مب CC C C Cدأ ع CC C C Cام للتفسري ب CC C C Cالرغم من أهنا ص CC C C Cورة ناقصة لبعض االجنذابات ،الميكن
حتديدها. اعتمادها يف وصف دقيق إال بعد
1
تكوين مفهوم الممارسة .االبستمولوجية عند باشالر ،مرجع سابق ،ص 202
تكوين الفكر العلمي ،مصدر سابق ،ص 83 2
107
/4العائق اإلحيائي البيولوجي
الع CC Cائق اإلحي CC Cائي Cهو ح CC Cدس عن احلي CC Cاة امتد حض CC Cوره إىل العلم الفيزي CC Cائي وهو امتCC Cداد
اعتبCC C C C Cاطي Cغري مشCC C C C Cروع ،حيث متتد « معCC C C C Cارف بيولوجية أو فيزيولوجية إىل غري ميCC C C Cداهنا،
فاملع CC C C Cادن مترض كاإلنس CC C C Cان وختضع ل CC C C Cدورة احلي CC C C Cاة واملوت مثله » 1مبعىن أن الأمر ال يتعلق
بدراسة احليCC Cاة يف احلقل املعCC Cريف الCC Cبيولوجي إمنا عنCC Cدما ينح CCرف هCC Cذا العلم ليقCC Cدم جوابا على
أس CCئلة مل تط CCرح عليه ويضع تفس CCريات معينة لظ CCواهر فيزيائية أو كيميائية« س CCوف نبتعد عن
كل انتقاد خاص بشCCرعية حCدس حيCCوي عنCدما يتوجه هCCذا احلدس إىل ظCCواهر احليCاة ذاهتا .إن
املعCC C Cارف البيولوجيCC C Cة(االحيائيCC C Cة) ال تسCC C Cرتعي انتباهنا إال بوصCC C Cفها عقبCC C Cات أمCC C Cام موض CC CوعيةC
الفنومنولوجيا الفيزيائي CCة ،وبالت CCايل لن هنتم ب CCالظواهر اإلحيائية إال يف اجملاالت اليت خيطئ العلم
فيها » 2وهي السمة الغالبة للفكر ما قبل العلمي يف القCرن السCابع عشر والثCامن عشر الواقع
حتت وطأة التفسري اإلحيائي ،الذي استخدم الظواهر البيولوجية كوسائل تفسريية بالنسبة إىل
الظواهر الطبيعيةC.
ومل يس CC Cلم من ه CC Cذا الع CC Cائق حىت العلماء على ش CC Cاكلة الفوازييCC Cه ،كل CC Cود برنCC Cار
وأوجست كCCونت .لCCذلك ينبهنا باشCCالر إىل أن فكCCرة احليCCاة إذا علقت بسCCذاجة فسينشأ عنها
تقييم CCات ال م CCربر هلا يف الفيزياء ،تضر ب CCالقيم احلقيقية للفكر العلمي .أوغست ك CCونت مثال،
كCC C Cان يعتقد أنه ال ميكن فهم مبCC C Cادئ تصCC C Cنيف العلCC C Cوم إذا مل يكن لنا إملام دقيق بعلم احلي CC Cاة،
ويدعو عامل الكمياء ليستخلص الدروس من علوم احلياة .
ويظهر احلضCCور السيء للنزعة اإلحيائية من وجهة نظر باشCCالر يف الفكCCرة السCCائدة
ىف الق CCرن الث CCامن عشر ح CCول تص CCنيف الطبيعة Cإىل :النباتي CCة ،احليواني CCة ،املعدنية Cويتمتع الك CCائن
احلي فيها بنوع من الرفعة واهليمنة بالنظر إىل اململكة املعدنية .ونظCCرا للسCCطوة اإلحيائية Cاعتقد
علي حسني كركي ،االبستمولوجيا يف ميدان املعرفة ،مرجع سابق ،ص 126 1
108
الكيميCCائيون بCCأن املواد احلية أكCCثر بسCCاطة من املواد اجلامCCدة ،ودراسة مCCاهو عضCCوي حي أهم
من دراسة غري العضوي اجلامد.
كما تعرب النزعة اإلحيائية Cعن نفس CCها بص CCورة س CCيئة يف االعتق CCاد بوج CCود مب CCدأ ع CCام
للحيCC C Cاة يتحكم يف منو الظCC C Cواهر الطبيعية وتطورها ويعCC C Cرف بفكCC C Cرة " التنبت « " Cيب CC Cدوا أن
التنبت يشCCكل موضCCوعا جيله الالوعي C،فهو ميثل ملوضCCوعه صCCريورة هادئة وحتميCCة .ولو أردنا
أن نCCدرس منهجيا هCCذه الصCCورة املتمCCيزة للصCCريورة ،فإننا سCCندرك بعمق مثال املنظCCور احلقيقيC
لفلسCCفة إحيائية ونباتية كما تتجلى لنا ىف فلسCCفة شCCوبنهور» 1.إن األخذ باملبCCدأ اإلحيCCائي أفCCرز
أحكاما تزيد املسافة هوة عن العلم وال تقود إال إىل أطروحCCات فلسCCفية مغريCCة ،كCCالقول بCCأن
اجلنني نتCC Cاج العCC Cامل كلCC Cه ،واحليCC Cاة تنتشر يف الزمCC Cان من جيل إىل جيCC Cل ،لتمنح احلركة والنمو
لس CCائر كائن CCات الطبيع CCة « .من هنا إختذت كلمة حي CCاة طابعها الس CCحري الس CCاحر واكتس CCبت
».2 قيمة عامة هي ىف أصل اإلحيائية Cنفسها
وحسبنا مثال آخر عن النزعة اإلحيائية Cباعتبارها عCCائق معCCريف ابسCCتمولوجي سCCيطر
على ثقافة الفكر ماقب CCل-العلمي ،إهنا فك CCرة احلي CCاة ىف املع CCادن ،فاملع CCدن ىف ب CCاطن األرض حييا
حي CC Cاة طبيعية Cمثله مثل اجلنني وإذا ما أخ CC Cرج من باطنها تع CC Cرض لألم CC Cراض بفقدانه الكثري من
خصائصه ه CC Cذا التعليل ت CC Cرتتب Cعنه تقوميات أخالقية قيمية ك CC Cالقول بالتوالد والتناسل املعCC Cدين
شأهنا شأن الكائنات Cاحلية ،فالطبيعة حتافظ على نفس دور الCوالدة واملوت يف املعCادن كما يف
النباتCCات Cويف احليوانCCات C.ومن مث الينبغي اسCCتخراج معCCدن قبل أن يسCCتكمل منوه ،حبيث « لو
تركنا منجما معرضا للتهويCC C Cة ،يقCC C Cول أحCC C Cدهم ،ألمكننا Cأن جند داخله معCC C Cادن مل تكتمل بعد
وبس CCبب أن فتحة املنجم س CCتوقف فعل الطبيع CCة C،ف CCإن ه CCذه املع CCادن س CCتظل ناقصة ولن تكتمل
أبدا ،وبالتايل فإن البذار املعCدين الCذي حيتCوي عليه هCذا املنجم سCيفقد قوته وفضCيلته حبيث أنه
1
G.Bachelard, La Formation de l'esprit scientifique, op.cit.p 153
2
هشام محمد ،تكوين مفهوم الممارسة .االبستمولوجيةعند باشالر ،مرجع سابق،ص.205
109
س CCيغدو عقيما» .1باإلض CCافة إىل تط CCبيق مفه CCوم املرض على أش CCياء الع CCامل املادي ،حيث ك CCثرة
الكتَاب الذين يعتربون Cالصدأ نقصCا ،وهي تقوميات تCCؤدي إىل تصCورات أخالقيCCة ،ومن اخلطر
أن ميتد مبدأ احلياة من جمال إىل آخر خمتلف ألن ذلك ال يتوافق مع الروح العلمية.
/2القطيعة االبستمولوجية:
إن تأس CCيس الفكر العلمي اجلديد يتطلب ع CCدة مفهومية Cح CCددها باش CCالر يف مفه CCوم
القطيعة االبسCCتمولوجية Cوهي مفهCCوم باشCCالري بامتيCCاز ،فهو الCCذي أسس له يف جماله العلمي.
إن فلسCCفة العلCCوم مع صCCاحب "فلسCCفة الال" تCCروم تأسCCيس CتCCاريخ جديد للعلم ،لCCذلك جCCاءت
فلس CCفته املعرفية كإجابة عن طبيعة املعرفة املهيمنة على عل CCوم عص CCره .القطيعة االبس CCتمولوجية
وجتاوزا للخلط بني مص CC C Cطلح القطيعة ىف اس CC C Cتعماله الع CC C Cادي يف حياتنا اليومية Cوبني املفه CC Cوم
بداللته العلمية والفلس CCفية نع CCود به إىل بداياته ومرجعيته اليت نشأ منه CCا .فما هو املعىن اللغ CCوي
والCCداليل هلذا املفهCCوم اإلجCCرائي وكيف وظفه باشCCالر يف التعبري عن حركة العلم املعاصر على
اخلصوص؟.
يف اللغة العربية لفظ القطيعة مشCCتق من قطع يقطع قطعCCا .فنقCCول « قطCCع ،القطع :
إبانة بعض أجزاء اجلِرم من بعض فصال .قطعه يقطعه قطعا وقطيعة وقطوعا .وال َقطCCع :مصCCدر
عت احلبل قطعا ف CC Cانقطع .وانقطع الش CC Cيء :ذهب وقت CC Cه ،ومنه ق CC Cوهلم انقطع ال CC Cربد واحلر.
قَطَ ُ
وانقطع الكالم :وقف فلم ِ
ميض» 2والقطع هنا مبعىن الفصل،كفصل Cشيء عن بعضه.
أما اص CC Cطالحا القطيعة ب CC Cاملعىن الباش CC Cالري هي تعبري عن الفصل الق CC Cاطع بني معرفة قدمية
ومعرفة جديدة ،فهي"املفهCCوم CالCذي يعرب يف نظر باشCCالر عن فCCرتات االنتقCCال الكيفي Cيف تطCCور
العل CCوم " 3حيث يتم التخلي عن معرفة جارية عن CCدما ش CCاعت وتعممت وص CCارت س CCببا يف
1
G. bachelard, La formation de l esprit scientifique,op cit, p.18
ابن منظ CCور ،لس CCان الع CCرب ،مج ،5ب CCاب الق CCاف ،دار املع CCارف ،الق CCاهرة ،ط ،1998 ،1ص ص ،3674 2
3676 ،3675
وقيدي ،حممد ،فلسفة املعرفة عند غاستون باشالر ،مرجع سابق ،ص 130 3
110
حتجر الفكر وتأزم العلم.
وتعكس القطيعة االبسCC Cتمولوجية CبCC Cاملعىن الباشCC Cالري انتقCC Cاال نوعيا وطفCC Cرة فكرية
س CC C C Cيكولوجية تعرب عن قطيعة فاصCC C C Cلة بني منطني يف التفك CC C C Cري ،فكر علمي قCC C C Cدمي وفكر علمي
جديCCد .إن « العلم املعاصر حني ف ّسCر الطبيعة Cالكيميائية Cلعنصر ما بواسCCطة انتظCCام اجلسCCيمات
الكهربائيCCة C،إمنا حقق قطيعة معرفية جديCCدة» 1والعلCCوم اجلديCCدة ليست تطCCويرا مباشCCرا للعلCCوم
السCCابقة « وإلدراكنا الطCCابع التجديCCدي الCCذي يتمCCيز به الفكر املعاصCCر ،الفكر العلمي اجلديCCد،
يكفينا Cأن جنري مقارنة بني مث CC Cالني ،األول نأخ CC Cذه من فيزياء الق CC Cرن الث CC Cامن عشر أو الق CC Cرن
التاسع عش CCر ،والث CCاين من فيزياء الق CCرن العش CCرين .هبذه الكيفية س CCنرى ب CCأن Cالفيزياء املعاص CCرة
متثل أمامنا بطابعها التجديCC Cدي األكيد ليس فقط يف تفاصCC Cيل املعلومCC Cات ولكن أيضا يف البنيةC
العامة للمعرفة » .2الفCCرق واضح وجلي بني علCCوم القCCرنني الثCCامن والتاسع عشر فهي معCCارف
تقCC C Cريب من الدرجة األوىل وبني علم القCC C Cرن العشCC C Cرين الCC C Cذي هو معرفة تقCC C Cريب من الدرجة
الثانية CوالفCC C C Cرق ميتد إىل مسCC C C Cتوى البنية Cالعامة للمعرفة من جهCC C C Cة ،وإىل تفاصCC C C Cيلها وجزئياهتا
كعناصر مكونة Cهلذه البنيةC.
لكن كيف تتم القطيعة بني حاضر العلم وماضيه؟ وماهي مستوياهتا وأشكاهلا؟
إن حتديد ص CCور القطيعة وأشCC Cكاهلا يف العلم يCC Cدفعنا إىل استحضCC Cار قCC Cانون احلاالت
الثالث الباش CCالري والتحقيب Cال CCذي يض CCعه ملراحل تط CCور الفكر العلمي « انطالقا من توجهه
االبس CC Cتمولوجي Cالعقالين اجلديل النق CC Cدي » 3فكيف تط CC Cور التفكري العلمي وم CC Cاهي حلظ CC Cات
2
Le nouvel esprit scintifique, op.cit. p.p 17,18
معرفة تقCC Cريب من الدرجة األوىل ومعرفة تقCC Cريب من الدرجة الثانية مفهCC Cوم Cيوظفه باشCC Cالر للتميCC Cيز بني نCC Cوعي
املعرفة األوىل معرفة الفكر ماقبل العلمي Cواليت امت CCدت إىل الفكر العلمي بتطويرها وتع CCديلها ،أما الثانية فهي ن CCوع
جديد من املعرفة مل يظهر إال مع مرحلة الفكر العلمي Cاجلديد.
بناصر البعزايت ،خصوبة املفاهيم يف بناء املعرفة ،دراسات ابستمولوجية ،منشورات دار االميان ،الرباط ،املغCرب، 3
2
Formation de l ésprit scientifique, op.cit, p31
112
املع CC Cارف البس CC Cيطة » 1مبعىن العلم الكالس CC Cيكي معرفة منقحة ومهذبة ص CC Cاغها الع CC Cامل يف
ق CCوانني علميةباالس CCتناد إىل العقالنية Cالكالس CCيكية Cاحلتمي CCة ،ول CCذلك يص CCنف باش CCالر مرحلة
الفكر ماقبل العلميومرحلةالفكر العلميكمعرفة تقCC C C C C C C Cريب منالدرجة األوىل علىاعتبCC C C C C Cار أن
معرفة الفكر العلميتص CCحيح وتنقيح ملعرفة الفكر ما قبل العلمي .إنموض CCوع علم الق CCرن
التاسع عشر ( مرحلةالفكر العلمي) ينحصر يف فحص وتش CC C C Cخيصالظ CC C C Cواهر والوق CC C Cائع
كمعطى ط CCبيعي والكشفعنعالقاهتا الثابتة Cباالس CCتناد إىل مب CCدأ احلتمي CCة ،وحماولة « تق CCنني
البحثالعلميوإقامة حواجز أمامه ال جيوز ختطيها ،حاصCCرة جمال املعرفة البشCCرية يف
الظCCواهر والعالقCCاتاليت تقCCوم بينها » 2وكCCذا حتقيق للفرضCCيات األوىل وفقا ملراحل املنهج
االس CCتقرائي ( مالحظ CCة ،فرض CCية جتريب) .وك CCانت املف CCاهيم العلمية والفلس CCفية حمددة حتدي CCدا
ثابتا على أس CCاس أهنا جتسد مع CCارف ق CCارة ثابتة كالكتلة والزم CCان واملك CCان C.وهي مف CCاهيم ال
تتغري ،مCC C C Cادامت CأسسCC C C Cها القائمة عليها من قبيل البCC C C Cديهي املتمCC C C Cرد عن النقد والشك .وميكن
القCC C C Cول مع باشCC C C Cالر أن علم القCC C C Cرن التاسع عشر كCC C C Cان يقع حتت جتريبية CباكونيCC C C Cة C،وعقالنيةC
كالس CCيكية( CوضCCعية ونقدي CCة) ،وهي اجتاهCCات تك CCرس نظCCرة أحادية إىل األشCCياء وتقيد الفكر
املب CCدع واخلي CCال اخلالق .ل CCذلك يعترب ه CCذا العلم تط CCويرا وامت CCدادا للمعرفة العامة م CCادام أنه
يوضحها ويدققها .إن معرفة التقريب Cاألوىل تشهد أوجها مع علم القCCرن التاسع عشر اليت ال
زالت حتكم الفيلسCC C Cوف التقليCC C Cدى املعاصر الCC C Cذي يتجاهل الثCC C Cورة العلمية املعاصCC C Cرة ،حتج CC Cرا
وكسال.
أما اللحظة الثالثة Cفهي حلظة الCCوعي CالتجريCCدي اليت يبCCدع فيها العقل العلمي اجلديد
مفاهيمه ونظرياته على حنو يقطع مع التجربة املباشرة C،وينشئ بناءاته Cالنظرية يف اسCCتقالل Cعن
ض CCغط احلاجة والنزعة النفعية « Cس CCيعود العقل إىل وظيفته Cالتحويلي CCة ،وس CCيفيد ،يف حتول CCه ،من
1
La philosophie du non, op.cit, p: 143
حممدعابد اجلابري ،مدخل إىل فلسفة العلوم C،مرجع سابق ،ص 276 2
113
كل التحCC C C Cوالت ،فهو سCC C C Cيدرك أن العلم املعاصر وهو يCC C C Cدعوه إىل فكر جديCC C C Cد ،إمنا يكسCC C Cبه
منوذجا متثيليا جديدا ،إذا يكسبه عاملا جديدا »1وهبذا هو ميثل معرفة مغايرة للمعرفة السCCابقة،
إهنا معرفة التق CCريب Cالثاني CCة .وهي طف CCرة نوعية تتج CCاوز مب CCادئ العلم الكالس CCيكي Cإىل مب CCادئ
ولذلك يربز مفهCCوم القطيعة االبسCCتمولوجية CكشCCكل آخر من أشCCكال كلها جدة.
التجCC C C Cاوز وكفعل يعرب عن حالة االنتقCC C C Cال الكيفي Cمن املرحلة السCC C C Cابقة إىل املرحلة اجلديCC C Cدة.
فالكتلة كمفه CC Cوم يف الفلس CC Cفة الواقعية والفلس CC Cفة التجريبي CC Cة ،هي معرفة تق CC Cريب من الدرجة
األوىل ( فكر ماقبل علمي) ،ومع الفلسCC C Cفة العقالنية Cيف امليكانيك العقلية النيوتنيCC C Cة C،هي أيضا
(الفكر العلمي) ،باعتبCCار أهنا تصCCحيح وتطCCوير للمعرفة معرفة تقCCريب من الدرجة األوىل
السCC C C C C C C Cابقة .أما الكتلة يف الفكر العلمي اجلديد مل تعد معرفة تقCC C C C C C C Cريب من الدرجة األوىل بل
غCC C Cدت معرفة تقCC C Cريب من الدرجة الثانيCC C Cة ،حيث « جCC C Cاءت حقبة مع عصر النسCC C Cبية ،حيث
سCCتنفتح العقالنية املغلقة جوهريا يف تصCCورات نيCCوتن وكانCCط ،ولCCنر كيف مت هCCذا االنفتCCاح يف
شCC C C Cأن مفهCC C C Cوم الكتلة الCC C C Cذي يسCC C C Cرتعي Cحاليا انتباهنا 2» Cفهي حمكومة بعقالنية CجديCC C Cدة هي
عقالنية Cالنظرية النسبية Cمع اينشتاين ،والنظرية الكمومية مع ديراك ،واملوجية Cمع دوبروي.
ويف مثCC C C Cال الكتلة ميكننا أن نقف على البعد التجديCC C C Cدي ىف الفكر العلمي .حيث كCC C Cان
التعبري النيوتين للكتلة بالصيغة الرمزية التاليةC:
.) )y FYأي الكتلة( )mتساوي القوة ( )fعلى التسارع =m
الكتلة هنا تعرب عن صفة ثابتة ،وموجبة جلسم متحرك ،فهي كتلة مادة حمسوسة.
لكن مع النظرية النس CCبية القيم ختتلف حيث « تق CCدم الربه CCان على أن كتلة متح CCرك تتبع
سرعته» 3أي أن الكتلة مرتبطة بالسرعة ( سرعة اجلسم املتحرك) ،وبسرعة الضوء كذلك(3
00000كلم/ث CC Cا) ،وبكتلة املتح CC Cرك يف حالة وقوف CC Cه .وعرب عنها اينش CC Cتاين Cبالص CC Cيغة Cالرمزية
غاستون باشالر ،فلسفة الرفض ،مصدر Cسابق ،ص 132 1
114
التاليةC:
m 0
:) )v الكتلة يف حالة وق CCوف، :))m0 حيث أن ( . :)mمتثل الكتل CCة، 1
v2 =m
c2
سCCرعة الضوء .وميكننا « أن نضع القCCانون بالكلمCCات التاليCCة C:إذا ما :))c سCCرعة املتحCCرك
حترك جسم بالنس CCبة ملش CCاهد ،ف CCإن كتلة اجلسم س CCتزداد ويعتمد مق CCدار الزي CCادة على الس CCرعة
النسCC Cبية بني املشCC Cاهد واجلسم » .1يتضح لنا من صCC Cيغة اينشCC Cتاين Cأن الكتلة تتغري بتغري سCC Cرعة
املتحCC Cرك ،وهي ليست ثابتة دائمCC Cا .ف CCإذا انعCC Cدمت سCC Cرعة املتحCC Cرك كCC Cانت الكتلة ثابت CCة ،وإذا
قCC Cاربت سCC Cرعته سCC Cرعة الضوء صCC Cارت تقCC Cرتب من الالهنايCC Cة ،وهCC Cذا مCC Cاال يCC Cدرك إال يف جمال
الظCCواهر املتناهية Cيف الصCCغر (امليكروفيزياء) تصCCور خيتلف متاما مع ما يعتقCCده CنيCCوتن « إذا جCCاز
القول فالكتلة...من املمتنع تعريفها بالطريقة البسيطة اليت كان جيريها ديناميك نيوتن .وهنCCاك
تCC C Cركيب مفه CC Cومي Cآخ CC Cر :يف الفيزي CC Cاء النسCC C Cيب ،مل تعد الكتلة خمتلفة عن الطاقة» 2أي مل تعد
الكتلة تنفصل عن الطاقة فحاصل ض CCرب الكتلة يف مربع س CCرعة الض CCوء يس CCاوي طاقته وه CCذا
ماعرب عنه اينشتاين Cيف قانون النسبية Cاخلاصة.
ولCCذلك يعترب باشCCالر مفهCCوم الكتلة يف منظومة نيCCوتن معرفة تقCCريب من الدرجة
األوىل ،يف حني مفهومها يف منظومة اينشCC C C C C C C C C C Cتاين معرفة تقCC C C C C C C C C C Cريب من الدرجة الثانية « Cلقد
اكتشCC Cفت النظرية النس CCبية Cأن الكتلة اليت وض CCعت بCC Cالتعريف ( مسCC Cبقا) على أهنا مس CCتقلة عن
الس CC Cرعة ،على أهنا مطلقة يف ال CC Cزمن واملك CC Cان C،على أهنا قاع CC Cدة ص CC Cحيحة ملنظومة وح CC Cدات
مطلق CCة ،وظيفة معق CCدة للس CCرعة .فكتلة موض CCوع ما إذن تابعة لتح CCرك ه CCذا املوض CCوع C.وعبثا
نظن أننا نسسCCتطيع تعريف كتلة سCCاكنة ميلكها هCCذا املوضCCوع CوحCCده .إن السCCكون Cاملطلق ال
معىن لCCه ،وأيضCCا ،فال معىن ملفهCCوم Cكتلة مطلقCCة .إذ يسCCتحيل اإلفالت من النسCCبانية وذلك جتاه
عبد الرحيم بدر ،الكون األحدب ،قصة النسبية ،مؤسسة مصري للتوزيع C،مصر ،ط،1986 ،1ص 111 1
115
الكتلة وجتاه تعريف CCات الزمك CCان على الس CCواء» .1هبذا املفه CCوم Cتص CCبح فيزياء النس CCبية Cمتج CCاوزة
لفيزياء نيوتن اليت ال متثل إال حالة خاصة بالنسبة إليها.
إن فكر نظرية النسبية Cميثل عهد فكر علمي جديدَ ،غرّي املفاهيم األساسCCية للعلم .إذ
ض CCاعف العقل من اعرتاض CCاته Cعلى املف CCاهيم الس CCابقة ،وأسس ملف CCاهيم وأفك CCار جدي CCدة واح CCدة
منها كافية لتمثيل ق CC Cرن بأكمله كما يؤكد على ذلك باش CC Cالر .وش CC Cهدت العل CC Cوم الرياض CC Cية
والفيزيائية والكيميائية قف CCزة إبس CCتمولوجية أح CCدثت حتوال من الفكر العلمي إىل الفكر العلمي
اجلديCC C C C C Cد ،ومن عقالنية كالسCC C C C C Cيكية CنيوتونيCC C C C C Cة C-كانطية إىل عقالنية Cحديثة أمساها باش CC C C Cالر
بالفوعقالنية «Cمل نعد نشCCتغل يف العلCCوم األوىل ،إننا نشCCتغل يف العلم املعاصCCر ،العلم هنا ينتظر
الع CCامِل ب CCدون ش CCك ،الع CCامِل هو ال CCذي يص CCنع العلم ،ولكن العلم أيضا هو ال CCذي يص CCنع الع CCامِل ،
».2 العِلم هو الذي يريب العامِل
إن الواقع العلمي مع علوم القCرن العشCرين ،واقع معقد وليس بسCيطا ،وهCذا إثبCات
ملعقوليته واقع التمثيل املعقلن ،ال CC Cذي حتكمه عالق CC Cات االرتي CC Cاب هليزن CC Cربغ وهك CC Cذا يصCC Cبح «
العلم الطCC C Cبيعي Cاملعاصر بنCC C Cاء عقالين إنه يزيل الال معقولية من مCC C Cواد بنائCC C Cه .وال بد أن حتمي
الظاهرة املتحققة يف مواجهة كل اضطراب ال عقالين». 3
إن الفكر العلمي اجلدي CCد ،كمص CCطلح يوظفه باش CCالر ي CCدل على مظ CCاهر التفكري
اجلديدة والنظريCات اليت تCرتبت عن الثCCورة العلمية املعاصCCرة ،واليت متيزت جبدة جعلت العلماء
1
La philosophie du non, p: 31
ال َفCCوق-عقالنية " ،"le surrationalismeتس CCمية يطلقها باش CCالر على العقالني CCتني اجلدي CCدتني ،العقالنية التامة
واملعقCC Cدة ( )rationalisme complet et complexeواليت أسست نظرية النس CCبية ،والثاني CCة ،العقالنية اجلدلية
االس CC C C Cتداللية ( ( rationalisme dialictique discursifاليت حكمت النظرية الكمومي CC C Cة ،ول CC C Cتزامن ه CC C C Cاتني
العقالنCC Cتني ،وتCC Cداخلهما يف العلCC Cوم املعاصCC Cرة ،مجع باشCC Cالر بينهما حتت مسCC Cمى الفCC Cوق -عقالنيCC Cة .فهي عقالنية
معاص CCرة تتج CCاوز العقالنية التقليدية من حيث املوض CCوع واملن CCاهج .وج CCات ه CCذه التس CCمية على غ CCرار ما ج CCرى يف
األدب حيث جاءت ما فوق الواقعية ( (le surréalismeوترمجت يف األدب العريب السريالية .
2
G, bachelard, l engagement rationaliste,p.u.f, 1972.Etudes, Ed Vrin, 1970 , p:44
غاستون باشالر ،فلسفة الرفض ،مصدر Cسابق ،ص 10 3
116
أنفسهم يف حرية ،وجتلت مظاهرها ،يف نظرية النسCبية ،والنظرية الكموميCة ،والنظرية املوجيCة،
كل ذلك بفضل تط CCور الرياض CCيات وما أفرزته من نت CCائج دفعت العلماء إىل مراجعة املق CCوالت
التقليدية يف العلم وتتجلى هCCذه« الصCCفة اجملددة على وجه كCCاف جملرد تقCCريب مثCCالني نسCCتقي
أحCC C C Cدمها من فيزيCC C C Cاء القCC C C Cرن الثCC C C Cامن عشر أو القCC C C Cرن التاسع عشر واآلخر من فيزيCC C C Cاء القCC C Cرن
العشCCرين .وسCCنرى على هCCذا املنCCوال ،أن علم الفيزيCاء املعاصر يظهر اليCوم Cمتحليا جبدة حقيقية
من حيث تفاصCC C Cيل املعرفة وبنيتها Cالعامة على قCC C Cدر سCC C Cوأء» .1وكCC C Cانت القطيعة اليت أع CC Cادت
النظر يف املفاهيم األساسية Cوأعادت بناء العلوم على صرح جديد.
وانطالقا من قCCانون احلاالت الثالث لباشCCالر ،إذا كCCانت اهلندسة اإلقليديCCة ،والفيزياء
النيوتونية Cوالكمياء الفوازيCCة C،واملنطق األرسCCطي ،فكCCرا علميا حتكمه عقالنية كالسCCيكية C،فCCإن
اهلندسة الالإقليدي CCة ،والفيزياء الال نيوتوني CCة ،والكيمياCء الال فوازي CCة ،واملنطق الالأرس CCطي ،فكر
علمي جديد حتكمه الفوعقالني CC Cة .عقالنية Cالنس CC Cبية C،والكوانت CC Cا C،و امليكانيكا املوجي CC Cة .ومCC Cيزة
العلCCوم اجلديCCدة أهنا أمشل من العلCCوم السCCابقة باعتبارها CتنطCCوي على العلCCوم القدمية كحCCاالت
خاصة .وميكننا القCول إن القطيعة بني الفكر العلمي والفكر العلمي اجلديد هلا مظCاهر ثالثة «
القطيعة االبسCC C C C C C Cتمولوجية Cتعين أوال قيCC C C C C C Cام فكر علمي أكCC C C C C C Cثر مشوال ،وهي تعين ثانيا مراجعة
للمف CCاهيم األساس CCية Cللعلم الس CCابق عليه CCا ،وتعين أخ CCريا قي CCام فكر علمي أك CCثر تفتحا» 2فهي:
أوال :قيCC C C Cام فكر علمي أكCC C C Cثر مشوال وتكCC C C Cون عند تأسCC C C Cيس نظرية أو فCC C C Cرض علمي جديCC C Cد،
فيحت CC C C C Cوي الفكر اجلديد الفكر الس CC C C C Cابق عنه والقطيعة Cوهبذا املعىن ال تعين االنفص CC C C C Cال التCC C C Cام
والنه CCائي ،بني العلم اجلديد والعلم الق CCدمي بل يك CCون Cالتج CCاوز واالحت CCواء .واألمثلة على ذلك
عديCC C C C Cدة منهCC C C C Cا :اهلندسة الالإقليدية اليت تعرب عن فكر هندسي أكCC C C C Cثر مشوال يف مقابل اهلندسة
اإلقليدية وإذا كCC C C C C C C C C C Cان من املمكن فهم اهلندسة اإلقليدية إنطالقا من اهلندسة الال إقليدية ألهنا
غاس CCتون باش CCالر ،الفكر العلمي Cاجلدي CCد ،ت CCر :ع CCادا الع CCوا ،املؤسسة اجلامعية للدراس CCات والنشر والتوزي CCع ،ط،2 1
117
متثل حالة خاصة ضCC C Cمن الفكر اهلندسي CفCC C Cإن العكس Cغري صCC C Cحيح ،ألن األنسCC C Cاق اهلندس CC CيةC
املعاصCC C Cرة متج CC C Cاوزة هلا ،واألمر نفسه ينطبق على مث CC C Cال الكتلة يف الفيزياء والCC C Cذي سCC C Cبق لنا
احلديث عنCCه .ومع نظرية النسCCبية الينشCCتاين حتدد الكتلة بالنسCCبة إىل سCCرعة املتحCCرك وسCCرعة
الضوء ،والكتلة يف حالة وقوف خبالف منظومة نيوتن الفيزيائية Cاليت حتدد الكتلة يف تآلف مع
الق CCوة والتس CCارع ،وهي مف CCاهيم متماس CCكة .إن اينش CCتاين مل ينطلق من فيزياء ني CCوتن للكشف
عن ص CC Cيغته اجلدي CC Cدة ،مع أن ص CC Cيغة كتلة ني CC Cوتن ميكن أن تس CC Cتنتج من ص CC Cيغة كتلة اينشCC CتاينC
باعتبارها Cحالة خاصة لكن العكس غري صCC C C C Cحيح .وهنا تCC C C C Cربز مظCC C C C Cاهر اجلدة واملراجعة اليت
جاءت مع الفكر العلمي اجلديد ،وهي صCورة صCرحية للقطيعة االبسCتمولوجية Cيف العلم ،واليت
تعين أن اجلديد أمشل من القCCدمي « فCCالنفي يلزمه أن يبقى Cيف اتصCCال بالتشCCكيلة األوىل ،وبالتCCايل
يلزمه أن ميّكن من تعميم ج CC Cديل ،فه CC Cذا التعميم بالــ "ال" يلزمه أن حيوي ما ينفي CC Cه C.يف الواقع
كل التقCCدم الCCذي أحCCرزه الفكر العلمي منذ قCCرن نCCاجم عن هCCذا النCCوع Cمن التعميمCCات اجلدلية
تنفيه».1 اليت احتضنت Cما
1
La philosophie du non, opcit, p: 137
118
ثاني CC C Cا :القطيعة مبعىن مراجعة مف CC C Cاهيم العلم الكالس CC C Cيكي Cالىت كCC C Cانت تب CC C Cدوا مبCC C Cادئ أولي CC Cة.
كاملراجعة الىت قCC Cامت هبا الرياضCC Cيات املعاصCC Cرة ملفهCC Cوم CاملكCC Cان واخلط ،الCC Cذي مل يعد مس CCتويا
بأبع CCاد ثالثة وهCCذه «األش CCكال األولية جCCدا لالأوقليديCCة ،ت CCتيح لنا سCCلفا أن نس CCتخلص الفكCCرة
الفلسفيةالعامة للحرية الرياضCCية اجلديCCدة» 1واألمر نفسه حCدث يف الفيزيCاء ،فمع النسCبية Cحتول
املفهوم Cالنيوتين للزمان المطلق إىل نسبية زمكانية .
ثالثCCا :القطيعة تعين انتقCCاال إىل فكر علمي أكCCثر تفتحCCا ،نظرية الكوانتا مثال ،أعلنت قيCCام
فكر علمي متفتح ،يقبل باحلتمية واالحتمCC Cال معCC Cا ،فلكل منها جماله اخلاص ،خبالف العقالنية
الكالسيكية Cاليت حصرت األمر يف جمال حتمي فقط .
ويرتبط مفهوم القطيعة اإلبستمولوجية Cعند غاستون Cباشالر بتصوره CلتCاريخ العلCوم،
فهو يط CC Cرح «تفس CC Cريا غري ارتق CC Cائي لبي CC Cان تط CC Cور العلم حيث إن التط CC Cورات الس CC Cابقة ال تفسر
بالضCC C C Cرورة احلالة الراهنة Cللعلم » 2أي أن ماضي العلم ال يفسر حاضCC C C Cره ،وهو يعCC C C Cارض هبذا
ط CC Cرح النظرية االسCC Cتمرارية لت CC Cاريخ العلم .وارتبط كCC Cذلك –مفه CC Cوم القطيعCC Cة C-بCC Cالطفرة الىت
أحدثتها التطورات العلمية املعاصCCرة « االنقالبCCات العلمية اليت شCCهدها الثلث األول من القCCرن
العشCC Cرين دفعت بباشCC Cالر إىل اإلحسCC Cاس بضCC Cرورة تشCC Cكيل منهجية جديCC Cدة تتجCC Cاوز كتCC Cاب
ديك CC C C C Cارت الش CC C C C Cهري مق CC C C C Cال يف املنهج » 3ولإب CC C C C Cراز ه CC C C C Cذه التح CC C C C Cوالت اهلائلة ت CC C C C Cأيت القطيعة
االبسCC C Cتمولوجية كمفهCC C Cوم إج CC Cرائي خيلخل بنية التفكري العلمي املعاصر ويؤسس لت CC Cاريخ فكر
أن مفهCC Cوم القطيعة االبسCC Cتمولوجية يتج CCادل مع علمي جديد .ومما تنبغي CاإلشCC Cارة إليه
مفهوم العائق االبستمولوجي Cعلى وزن ( عائق -قطيعة) فCCإذا كCCانت العوائق CسCCببا يف نكCCوصC
املعرفة العلمية ومجودها ف CC C C Cإن القطيعة هي الفعل الابس CC C C Cتيمولوجي ال CC C C Cذي يتم به جتاوز ه CC C Cذه
جCCون ليشCCته ،مخسCCون مفكCCرا أساسCCيا معاصCCرا من البنيوية إىل ما بعد احلداثCCة ،تCCر :فCCاتن البسCCتاين ،املنظمة العربية 2
110
املرصCC Cود أن اجلديد يف العلم ال يكCC Cون من التCC Cاريخ السCC Cابق له يف جمالCC Cه ،ألن تCC Cاريخ العلم هو
تCC C C Cاريخ أخطCC C C Cاء العلCC C C Cوم « ففي رأينا هنCC C C Cاك بالنسCC C C Cبة إىل أي مفهCC C C Cوم علمي خطأ يتCC C Cوجب
تصويبه. 1»C
وحيدد باش CCالر للقطيعة االبس CCتمولوجية ص CCفة التج CCدد ،مبعىن أهنا فعل متج CCدد باس CCتمرار
وال وجCC C C Cود لقطيعة ابسCC C C Cتمولوجية Cحامسة وهنائيCC C C Cة .إذ لكل فCC C C Cرتة من تCC C C Cاريخ املعرفة العلمية
عوائقهCC Cا ،وعنCC Cدما حتدث قطيعة ابسCC Cتمولوجية داخل الفكر العلمي فCC Cإن ذلك يسCC Cمح بقي CCام
فمثال عند االنتقال من فيزياء نيوتن إىل فيزياء النسCCبية ،هCCذا ال . فكر علمي جديد.
يكون Cمانعا هنائيا لظهور عوائق ابستمولوجية CجديCCدة داخل الفكر العلمي اجلديد ذاتCCه ،وهCCذا
ما يعنية Cباش CC C C C Cالر بC C C C C Cأن ت CC C C C Cاريخ العل CC C C C Cوم جCC C C C Cدل بني العوائق االبس CC C C C Cتمولوجية CوالقطيعCC C C Cات
االبسCCتمولوجية « ولCذلك كCCان العلم وتCCاريخ العلم ال ينفصCالن ،باعتبCCار أن العلم حماولة دائبة
للكشف عن احلقيق CC C Cة ،وأن ت CC C Cاريخ العلم هو ت CC C Cاريخ أخطاء العلم » 2حيث أدت التط CC Cورات
الكربى إىل اكتشافات علمية أفرزت مراجعة لمفCاهيم ومبCادئ كCانت تؤخذ على أهنا ثCوابت
عقلية مثل مفاهيم املكان ،Cالزمان ،السرعة ،طبيعة املادة واحلتمية ،بل ومفهوم العقل ذاته.
وإذا كان مفهوم القطع والالتواصل عند باشالر يتلخص يف أن األفكار العلمية هي
قف CCزات نوعية وليست انتق CCاالً ميكانيكيًا Cمن مسCCتوى إىل آخر عرب الفCCرتات Cالزمنية املتالحقCCةC،
ف CCإن ذلك ال يعين رفض الق CCدمي دائم CCا ،بل هو ك CCذلك االنطالق من العلم اجلديد ذي العقلية
وانفتاحا يف تفسري األفكCCار العلمية القدمية « إن القطيعة االبسCCتمولوجية Cتعين أن
ً األكثر مرونة
االنطالق يكون Cمن النظريات العلمية املعاصرة ألهنا أمشل لكي نفهم العلم السابق الذي يبCCدو
يف هCC Cذه احلالة بعضا من العلم اجلديد » 3فمثالً ميكانيكا CنيCC Cوتن ليست خاطئة إذا ما فُ ِّس C Cرت
قوانينها يف نسق املاكروفيزياء ،لكن الفيزي CCاء الكوانتية Cجتاوزهتا ،واحتوهتا ألهنا معرفة جدي CCدة
فلسفة Cالرفض ،مصدر سابق ،ص 26 1
اجلابري ،حممد عابد ،مدخل إىل فلسفة Cالعلوم ،مرجع سابق ،ص 37 2
حممد وقيدي ،فلسفة املعرفة عند غاستون باشالر ،مرجع سابق ،ص 137 3
112
انفتاحا ومرونة.
ً تُفسر يف نسق امليكروفيزياء ويف مناذج أكثر
وهذا التمييز يدفعنا إىل القCCول بCCأن القطيعة االبسCتمولوجية CبCاملفهوم CالباشCالري تتم
على مسCC C Cتويني :قطيعة بني املعرفة العامية واملعرفة العلميCC C Cة ،وأخCC C Cرى تتم داخل الفكر العلمي
ذاته أي بني األنساق والنظريات العلمية أو بني الفكر العلمي اجلديد والفكر العلمي.
أوال :القطيعة االبستمولوجية بني املعرفة العلمية واملعرفة العامة.
تتخذ القطيعة يف املس CCتوى Cاألول ش CCكل « االنفص CCال الت CCام بني العلم كعلم وبني كل
مسCCبقات الفكر الطبيعيCCة .ويتقCدم هCCذا االنفصCCال ))ruptureعلى أنه احلد الفاصل بني نCCوعني
من املعرفة املعرفة العامة املش CC Cرتكة واملعرفة العلمي CC Cة ،إنفص CC Cال يعت CC Cربه Cباش CC Cالر مبثابة مص CC Cادرة
أساس CCية بالنس CCبة للتفكري االبس CCتمولوجي » 1ويعترب ه CCذا املوقف ك Cرد فعل نق CCدي ضد النظرية
االسCتمرارية يف العلم كما سCطّرها مايرسCون على اخلصCوص C،والCذي يشCدد « على أن هنCاك
اس CCتمرارا من التفكري الع CCامي إىل التفكري العلمي ،واس CCتمرارا بني العقل العلمي اجلديد والعقل
السابق » 2فتاريخ العلوم يف نظر دعاة االستمرارية هو جزء اليتجCCزأ من التCCاريخ العCCام ،ووفقا
هلذا املنطCC C Cق ،العلCC C Cوم املعاصCC C Cرة هلا أصCC C Cول قدمية انبثقت منها ولو بصCC C Cفة بطيئة مبعىن أن للعلم
أصCCوال وأسCCالف .إال أن هCCذا الموقف يرفضه باشCCالر رفضا قاطعا ألنه ال يتطCCابق يف نظ Cره
مع واقع العلم املعاصر« لقد كان يبCCدوا لنا بوضCCوح كCان يCزداد باسCتمرار كلما كنا نتقCCدم يف
دراسCC C C Cتنا بCC C C Cأن الفكر العلمي املعاصر ال ميكن أن يوضع ىف اتصCC C C Cال مباشر مع احلس السCC C Cليم
البس CC Cيط( )...وحنن نعتقد بCC Cأن CالتقCC Cدم العلمي يفصح دوما عن انفص CC Cال ،بل عن انفصCC CاالتC
دائمة متجCCددة بني املعرفة املشCCرتكة Cواملعرفة العلميCCة ،وذلك مبجCCرد ما ننظر إىل علم متطCCور،
علم حيمCCل ،بفعل هCCذه االنفصCCاالت Cذاهتا عالمة احلداثة » 3فال ميكن أن تتشCCكل معرفة علمية
حقيقية من احلس املش CCرتك Cألنه بني ما قبل Cه وما بعده قطيعة هنائي CCة .ومث CCال ذل CCك ،القطيعة يف
تكوين مفهوم Cاملمارسة االبستمولوجية عند باشالر ،مرجع سابق ،ص 215 1
علي حسني كركي ،اإلبستمولوجيا يف ميدان املعرفة ،مرجع سابق ،ص 127 2
3
G.bahelard. Le matérialisme rationnel, op cit, p. 207
113
علم الفلك واليت ح CCدثت بني كومسوس كوبرنيك وكومسوس أرس CCطو وبطليم CCوس ،وك CCانت
القطيعة انفصCC C CالCا تام C C Cا .ألن فلك كوبرنيك معرفة علمية أما تصCC C Cورات أرسCC C Cطو وبطليم CC Cوس
الفلكية فهي ليسC C C C Cت علمC C C C Cا ،على اعتبCC C C C Cار أن العلم مبفهومه احلديث مل يظهر إال مع الق CC C Cرن
الس CC C C C Cابع عشر .إن باش CC C C C Cالر يضع هنا « تق CC C C C Cابال يف املعرفة بني معرفة عامة ومعرفة علميCC C C Cة،
تتعارضCC Cان من حيث خصائصCC Cهما األساسCC Cية Cحيث تشCC Cوب األوىل أعCC Cراض الصCC Cور وامليCC CولC
العقيدية CواألحكCC C C C C C Cام املسCC C C C C C Cبقة واإلسCC C C C C C Cقاطات Cالذاتية بينما تتجه الثانية حنو التجريد املنطقي
والرياضي والعقالين» 1وانطالقا من ذلك يسCCتخلص درسا ابسCCتمولوجيا مCCؤاداه أن بني هCCذين
النمطني من التفكري قطيعة إبستمولوجية شاملة متتد من املنهج إىل التصورات واملفاهيم.
بناصر البعزايت ،خصوبة املفاهيم يف بناء املعرفة ،مرجع سابق ،ص 93 1
كرمي موسى ،فلسفة Cالعلم من العقالنية إىل الال عقالنية ،مرجع سابق ،ص 203 2
114
البشري أمام ثالثة أنسCCاق ،أمCام ثالثة أمكنCة C،وهو انتقCال من فكر إىل فكر آخر أوسع وأمشل
» 1وعليه أصCC C Cبحت هندسة إقليCC C Cدس جCC C Cزء من هندسة رميان ولوبانشوفسCC C Cكي .Cدرس آخر
لقطيعة االحتواء االبستمولوجية Cيظهر مع العالقة بني ميكانيكا Cنيوتن من جهة وميكانيكا C
بالنك وهيزن CC C Cربغ ودي CC C Cراك من جه CC C Cة ،ألن كل ميكانيكا Cهنا هي علم ،والعلم اجلديد
يتض CCمن العلم الس CCابق لكن مع إع CCادة الس CCبك .تلك هي تص CCنيفات باش CCالر ملفه CCوم القطيعة
االبسCCتمولوجية Cمبظهريها األول والثCCاين ،وذلك بعد عملية اسCCقرائية لتCCاريخ العلCCوم احلديثة
واملعاصرة.
/3جدل املعرفة يف الفكر العلمي اجلديد
إن الفكر العلمي اجلديد فلسCC C C C Cفة مفتوحCC C C C Cة ،تقCC C C C Cوم على جتديل خمتلف أطCC C C C Cراف النظرية
العلمية ومفاهيمها إذ « يتCC C C C C Cوجب احلذر دائما من مفهCC C C C C Cوم مل نتمكن بعد من جعله مفهوما
جCC C C Cدليا » .2ومفهCC C C Cوم Cاجلدل املعCC C C Cريف يف فلسCC C C Cفة الفكر العلمي اجلديد ،يختلف عن املفهCC C CومC
التقلي CCدي للج CCدل ال CCذي ع CCربت عنه الفلس CCفات التقليدي CCة ،وذلك لتميّ Cز اجلدل العلمي املعاصر
عن أمناط اجلدل الفلسفي« إن فلسCC C C C C C C C C C C Cفة الال ال عالقة هلا أصال جبدلية قبلية مس CC C C C C C C C C Cبقة ».3
فاجلدليات الفلسCCفية كجدلية هيغل مثال ،بنCCاء تCCأملي قبلي جمرد ،أو بنCCاء تركييب مغلق له نقطة
حمددة ينتهي Cإليها .فهو يقCC C C C Cوم على أطروحCC C C C Cات ثالث ،األطروحة الثانية تنCC C C C Cاقض األطروحة
األوىل ،واألطروحة الثالثة Cتؤلف بينهما عنCC C Cدما يبلغ التنCC C Cاقض مCC C Cداه .وعليه ال ميكن تأس CC Cيس
عالقة بني ج CC Cدل العل CC Cوم الفيزيائية Cاملعاص CC Cرة واجلدل اهليغلي ال CC Cذي ال يعرب عن الواقع ال CC Cذي
يCC C Cدعي متثيله « إن جدلية النفي CهCC C Cذه اليت تتكامل فيها املتناقضCC C Cات مشCC C Cتقة من املس CC Cرية Cاليت
ينهجها العقل يف معرفة الطبيعCC C Cة ،والCC C Cذي تَوصل إىل أن املفCC C Cاهيم الفيزيائية CاألصCC C Cلية يف ع CC Cامل
سCCاهل ،بCCوعزة ،علم اهلندسة بني العلمCCاء والفالسCCفة من مرحلة التأسCCيس إىل ما بعد األزمCCة ،دار القCCرويني ،الCCدار 1
3
La philosophie du non, op cit p 126
115
الطبيعة CتتنCC C Cاقض CوتتكامCC C Cل ،وال تنصCC C Cهر يف توليف أرقى كما ذهب إىل ذلك اجلدل اهليغيلي
1
الذي وصفه باشالر بالقبلي اجلامد »
فاجلدل الباش CCالري « يس CCتمده من ال CCدروس اليت ميكن أن نتلقاها حني نك CCون على يقظة
فلس CC Cفة إزاء معطيCC C Cات الفكر العلمي املعاصر » 2وهو يتح CC Cرك على إيق CC Cاع عCC C Cائق -قطيع CC Cة،
ولCCذلك ميكن Cه أن يتوقف نتيجة اعCCرتاض CعCCائق ،وميكن له أن يصCCحح طريقه انطالًقا من الّنظر
إىل الوراء.
ويثمن باشCCالر منظCCور بيالوبزبسCCكي )Bialobzebski ( للجCCدل ففي نظCCره « جدلية
العلم املعاصر تتمCC C C Cيز بوضCC C C Cوح عن اجلدليات الفلسCC C C Cفية ألهنا ليست بناءا قبليا وألهنا تعرب عن
املسCCار الCCذي سCCلكه الفكر يف معرفته للطبيعCCة .يف الفيزياء ،املفهومCCان املتحCCدان ليسا متناقضني
كما هو احلال عند هيغCC C C C C C C C C C C C Cل ،بل األطروحة ونفيها متكCC C C C C C C C C C C C Cامالن 3» Cإن األطروحة ونفيها
متكCC C C C C Cامالن Cيف هCC C C C C Cذا اجلدل ،ألن نفي األطروحة ليس نقضا هلا .مبعىن أن اجلدل يف العلم هو
التكامل ،وهو درس مستخلص من الفيزياء املعاصرة .
إن القطيعة االبسCC Cتمولوجية Cكفعل معCC Cريف تنسج خيوطها بتبين جدلية علمية « ونعتقد
من جانبنا أن اجلدلية صCC C C Cارت من اآلن فصCC C C Cاعدا مترينا روحيا ال مفر منه » 4فاجلدلية العلمية
هي اليت مكنت CالعCCامل من جتسCCيد فعل القطيعة االبسCCتمولوجية .وفلسCCفة الCCرفض غCCدت فلسCCفة
جتديلية مفتوحة حبكم تبنيها اجلدلية احلركي CCة .والنتيجة اليت يقررها باش CCالر أن االنتق CCال ال CCذي
كرمي موسى ،فلسفة Cالعلم من العقالنية إىل الال عقالنية ،مرجع سابق ،ص 204 1
حممد ،وقيدي ،فلسفة املعرفة عند غاستون باشالر ،مرجع سابق ،ص 147 2
بيالبزبس CC Cكي ،Czeslaw Bialobrzeski) ، (1878-1953فيزيCC Cائي بول CC Cوين ،اشCC Cتغل مبخرب الفيزياء
ببCC Cاريس ،تCC Cرأس اهليئة الدولية للفيزيCC Cائيني سCC Cنة .1938عضو األكادميية البولونية للعلCC Cوم.من مؤلفاتCC Cه :ميكانيكا
الكوانتا ،الديناميكا احلرارية النجوم ،النظريات اجلديدة يف الفيزيا الذي ألفه مبعية نيلز بور وآخرون
3
La philosophie du non, Op.cit. p: 126
فلسفة Cالرفض ،مصدر سابق ،ص .117 4
116
حCC C C C Cدث من العقالنية الكالسCC C C C Cيكية ،عقالنية Cالفكر العلمي ،إىل العقالنية CاملعاصCC C C C Cرة ،عقالنيةC
الفكر العلمي اجلديد متت باجلدلية العلمية املفتوحة Cوليس باجلدل الفلسCC C C C C Cفي القبلي املغل CC C C Cق.
لCC Cذلك تبقى Cاجلدلية العلمية هي الصCC Cفة اجملددة للمعرفة .ويسCC Cعى باشCC Cالر كي « يسCC Cتفيد من
ه CC Cذا ال CC Cدرس للتح CC Cدث عن ع CC Cدد من أن CC Cواع Cاجلدل يف الفكر العلمي املعاصر :التكامل بني
االجتاه العقالين واالجتاه Cالتجري CC C C C C Cيب ،التكامل بني القبلي والبعCC C C C C C Cدي ،التكامل بني احملسCC C C C Cوس
واجملرد ،التكامل بني العCCامل الرياضي والعCCامل التجرييب » 1ألنه يضCCفي منط Cا كيفي Cا على الّتطCCور
الCC C C C C Cذي تعرفه النظرية العلمية اليت حتافظ على قابليتها ملسCC C C C C Cايرة الواقع املتغري حبيويتها Cوحتققها
والعقل يقود املخطط العام للفكر العلمي.
ويصف باشCCالر اجلدل العلمي بأنه تعميم ( التعميم اجلديل) وهو مصCCطلح يسCCتخدمه
للتعبري عن فلسCC C C Cفة "الال" ويعين به احتضCC C C Cان اجلديد للقCC C C Cدمي ويضم إليه ما ينفيه « Cإن جدلية
النفي Cل CCدى باش CCالر جوهرها رفض الق CCدمي واالنفص CCال عن CCه ،ولكنها ت CCرمي إىل التعميم وليس
إىل التخطي التCC C C Cام عن كل مCC C C Cاهو قCC C C Cدمي » 2ومثCC C C Cال ذلك أن اهلندسة الال إقليدية احتضCC C CنتC
اهلندسة اإلقليدية والكيمياء الال-لفوازيه ض CC Cمت إليها الكيمياء الكالسCC Cيكية C،وامليكانيك الال
نيوتونية احتضنت امليكانيك Cالنيوتونية C.وما يثبت هذه اخلصوصية يف الفيزياء مثال ،إذا أعطينا
لثCCابت بالنك " "hالقيمة صCCفر( )0في صCCيغ امليكانيك املوجية فسنحصل على صCCيغ امليكانيكC
الكالسCC Cيكية جمددا .األمر نفسه ينطبق على املنطق الال أرسCC Cطي ،إذ يكفي Cأن حنذف مسCC Cلمة
هيزنربغ لنجد أنفسنا أمام منطق ثنCCائي القيمCCة .ويف فضاء فيزيCائي كالسCCيكي CكCذلك « ميكن
أن نCC C Cدرك بس CC Cهولة االحنالل الCC C Cذي يق CC Cود املنطق الثالثي القيم إىل املنطق األرس CC Cطي الثن CC CائيC
القيمCCة .فيكفي حCCذف مصCCادرة هCCايزنربغ لكي نقع جمددا يف الفيزياء الكالسCCيكية Cويف املنطق
األرسطوطاليس CC Cي C،ويكفي رياض CC Cيا اعتب CC Cار ثابتة بالنك ( )hبأهنا ثابتة عادمة حىت منحو كل
حممد وقيدي ،فلسفة املعرفة عند غاستون باشالر ،مرجع سابق ،ص 149 1
كرمي موسى ،فلسفة Cالعلم من العقالنية إىل الال عقالنية ،مرجع سابق ،ص 201 2
117
البناء الرياضي من املواجهة الثاني CC C C Cة ،وكل علم ج CC C C Cواهر امليكروفيزياCء .وهبذه الطريقة نع CC C Cاود
الفيزياء واملنطق الع CC Cاديني» 1ويت CC Cبني لنا أن التعميم اجلديل ب CC Cاملفهوم الباش CC Cالري ،هو التوسCC Cيع
واالمتCCداد ،الشCCمول واالحتCCواCء ،وانتقCCال من معرفة تقCCريب درجة أوىل إىل معرفة تقCCريب من
الدرجة الثاني CCة .ل CCذلك هو يعرب عن مظ CCاهر التجدي CCد ،اليت ص CCاحبت الفكر العلمي اجلديد يف
العلوم الرياضية واملنطقية CوالفيزيائيةC-الكيميائيةC.
كما تتمCC Cيز التعميمCC Cات اجلدلية مبجاالهتا املختلفة ( منطCC Cق ،رياضCC Cيات ،فيزياء وكيمياء)
ألهنا مسCC Cتقلة يف نشCC Cأهتا ،ولكن هCC Cذا ال مينع من احتادها ثالثا ثالثا كما يCC Cرى باشCC Cالر .فمثال
ميكانيك Cني CC C Cوتن تأسست على منطق أرس CC C Cطي ،وفضاء هندسي إقلي CC C Cدي ،يف حني امليكانيكC
الال نيوتونية تبنت Cمنطق ال أرسCC C C C C C C C Cطي وهندسة ال إقليديCC C C C C C C C Cة .مبعىن التعميم اجلديل ينتقل من
املس CCتوى Cاألول املتمثل يف التوس CCيع واالحت CCواCء ،إىل املس CCتوى الث CCاين وهو التنس CCيق بني جماالت
ثالثة خمتلفة مس CC C C Cتقلة يف البدء عن بعض CC C C Cها ،فال بد من ال CC C C Cدخول « كليا يف منظومة ثالثية
جدي CC C Cدة ،والبد من جتميع نظ CC C Cام ثالثي Cح CC C Cول كل جدلي CC C Cة ،مهما يكن اجملال املضCC C Cطرب يف
بدايت CCه ،عندئذ س CCيعود العقل إىل وظيفته Cالتحويلي CCة ،وس CCيفيد ،يف حتول CCه ،من كل التح CCوالت.
فهو سCCيدرك العلم املعاصر وهو يCCدعوه إىل فكر جديد إمنا يكسCCبه منوذجا متثيليا جديCCدا ،إذن
يكسCCبه عاملا جديCCدا » 2فهو ينسق بني املنطق وامليكانيك واهلندسCCة .وينشأ Cمبا أمساه باشCCالر "
اليت تعرب عن انتقال من إمكان Cواحد إىل أكثر " "les système ternaires األنساق الثالثيةC
من إمكان .Cإن الروح العلمية اجلديدة تفرض علينا ،أن نعيش الواقع اجلديد الCCذي أفCCرزه العلم
املعاصر ويت CCوجب على الفيلس CCوف أن يس CCتوعب ال CCدرس جي CCدا « ان ه CCذا االتس CCاق ينبغي Cأن
يعيشه الفيلسCC C C C C Cوف يف مقامه املناسCC C C C C Cب C،إنه ال جيري بصCC C C C C Cفة آلية وال يتحقق بسCC C C C C Cهولة ،إن
الفيلسوف الذي يريد أن يتعلم الفCوق C-عقالنية ال ينبغي Cله أن يسCتقر دفعة واحCدة يف الفCCوق
118
– عقالنية : Cفيلزمه أن جيرب انفتاح CC C C C C C C Cات العقالنية Cالواح CC C C C C C C Cدة تلو األخ CC C C C C C C Cرى ويبحث عن
فبديهية واحCCدة جم ّدلة تكفي إلجبCCار الطبيعة Cكلها البCCديهيات Cاليت جي ّدهلا واحCCدة واحCCدة .
على الكشف عن أسرارها». 1
ويCCرى باشCCالر أن الفكر العلمي اجلديد حل حمل الفكر العلمي ،والفوعقالنية Cحمل
العقالنية الكالسCC Cيكية C،وتCC Cرتب عن ذلك ظهCC Cور أنسCC Cاق ثالثية جديCC Cدة منهCC Cا ،نسق مجع بني
هندسة رميان وميكانيك CآينشCC C C C C Cتاين واملنطق الال أرسCC C C C C Cطي ،ونسق آخر مجع بني رياضCC C C Cيات
شCCرودجنر وفيزياء هيزنCCربغ ومنطق فيفCCريي .ويتCCبني لنا أن الفكر العلمي اجلديد فلسCCفة نشCCاط
موضوعاته. وعمل دائم ،لذا جيب على الفيلسوف أن يعانيها مثلما يفعل العامل مع
لكن ما هي أهم اجلدليات اليت قCCامت داخل النظرية العلميCCة؟ وكيف حققت التكامل
رغم تناقضها الظاهري؟
جتديل مسلمة معينة للتأليف بني نظريتني متعارضتني
يتحCدث باشCالر عن أحباث ديتCوش حCول الفيزياء النظرية ونظرية بوانكCاري يف املالئمCة.
فيع CCرض لنظرية ديت CCوش ق CCائال « إذا أنش CCأنا نظري CCتني فيزي CCائيتني ،فبإمكاننا إنشاء نظرية واح CCدة
تضCC Cمهما أو توحد بينهما» .2وبالنس CC Cبة إىل" ديت CC Cوش" هنا النظري CC Cات متج CC Cاورة لكنها ليست
متطابق CC C C C C Cة ،فهي تظهر للوهلة األوىل متعارضة وبعد ذلك تتماسك وتتناسق أو تتوح CC C C Cد .أما
بوانكCCاري فإنه يCCربهن على القاعCCدة التاليCCة « C:إذا تضCCمنت ظCCاهرة ما تفسCCريا ميكانيكيا تامCCا،
فإهنا تتضCC C C C Cمن عCC C C C Cددا ال هنائيا من التفسCC C C C Cريات اليت ختربنا هي أيضا عن كل اخلصCC C C C Cائص Cاليت
تكشف عنها التجربة» 3إن برهنة بوانكCCاري Cتنشئ قاموسا يسCCمح لنا باالنتقCCال من عبCCارة إىل
أخرى ،ونستطيع أن خنتار التفسري امليكانيكي Cالذي يبدوا لنا مالئما.
ويسCCتنتج باش CCالر من املث CCالني السCCابقني :أن كلتا العبCCارتني تتعلق باملعرفة وطريقة التعبري
1
La philosophie du non, Op.cit. p: 138
2
La philosophie du non, Op.cit p: 130
فلسفة Cالرفض ،مصدر سابق ،ص 160 ،159 3
119
عنهCCا .وإذا كCCان بوانكCCاري Cيعترب موضCCوع املعرفة واحCCدا وثابتا ال يتحCCرك وال يتغCCري ،بCCالرغم
من تعCC Cدد كيفي CCات التعبري عن CCه ،وهCC Cذا يعيCC Cدنا القهق CCرى إىل مرحلة الفكر العلمي ،ف CCإن األمر
خيتلف مع "ديتCC Cوش" إن موضCC Cوع املعرفة أشCC Cياء والشCC Cيء يتعCC Cدد ،والعلCC Cوم املعاصCC Cرة تريد أن
تع CCرف الظ CCواهر ال األش CCياء ،فهي ليست ش CCيئية على اإلطالق وال بد للمنطق أن يتح CCول وال
يبقى Cأسري الشCC C C C Cيئية وعليه أن يCC C C C Cدمج األشCC C C C Cياء يف حركة الظCC C C C Cاهرة ،أي تعقل املوض CC C Cوعات
متحركة.
ولذلك يبحث ديدوش يف شروط التماسك املنطقي بني النظريCات املختلفة اليت تعرب
عن وجCC C C Cود تعددية عقلية وإمكانCC C C Cات CخمتلفCC C C Cة .ومع ذلك يؤكد على إمكانية حتقيق ربط بني
نظري CC C Cتني تب CC C Cدوان Cص CC C Cحيحتني منطقيا يف ذاهتم CC C Cا ،مع أهنما متعارض CC C Cتان فيما بينهما لكن مع
تع CC Cديل مس CC Cلمة حيسن إختياره CC Cا .ويس CC Cتخلص باش CC Cالر ق CC Cائال « :وبني ه CC Cذا وذاك ،ننتقل من
فلسفة كما لو إىل فلسCCفة الال ،إننا ننتقل من ابسCCتمولوجيا اسCCتنتاجية حتليلية إىل ابسCCتمولوجيا
».1 استقرائية تركيبية
إن املقارنة الباشCC Cالرية أسCC Cفرت عن تبنيه لقاعCC Cدة ديتCC Cوش بCC Cالرغم من أهنا مزعجة
للفالسفة ويصفها باخليار املعقCCول ،ألهنا تعرب عن جتارب الفكر العلمي اجلديد .وينطلق هبا يف
فضاء فلسCC Cفة "الال" ويتخلى عن قاعCC Cدة بوانكCC Cاري ،ألهنا من وحي العلم الكالسCC Cيكي وتعرب
عن جتارب الفكر العلمي يف فيزياء نيوتن.
إن نظرية ديتوش تدعونا إىل مراجعة نظرتنا عن بنية العقل ومقوالته Cفمع « مصادرة
ديتCCوش النظرية يتكCّ Cون ضCCمان روحي خمتلف متامCCا .فالنظريCCات هنا غري مرتاكبCCة C،بل متواجهة
فهي للوهلة األوىل متعاكسة ومتناسCCقة من جCCراء نشCCاط فلسCCفة الCCرفض» 2فهنCCاك واقع علمي
جديد ال ميكن جتاهلCC Cه ،إنه عCC Cامل امليكروفيزياء حيث تعجز الفيزياء الكالسCC Cيكية عن اإلجابة
على املشCكالت CاجلديCدة املطروحCة .ولنأخذ على سCCبيل املثCCال النظريCتني اجلسCيمية واملوجية Cيف
1
La philosophie du non, Op.cit .p, 131
فلسفة Cالرفض ،مصدر سابق ،ص 160 2
120
الضوء ،حيث هتدف الفيزياء الرياضCC C Cية املعاصCC C Cرة وفقا لفلسCC C Cفة الال إىل مالمحة النظري CC Cتني يف
تطبيقاهتا الدقيق CC C C C C C Cة .لكن التوحيد بينها ال يتم إال إذا غرينا طرائق االس CC C C C C C Cتدالل اليت كنا
نسCC C C Cتدل هبا « لكي حتصل املعرفة على كل فعاليتهCC C C Cا ،يتحتم اآلن على الفكر أن يتحCC C Cول يف
جذوره ليسCCتطيع التمثل يف براعمه » 1فوحCدة حيCCاة الفكر تقتضي حتوال يف حيCCاة الفكر وهCCذا
كله ال يكتسب Cإال يف فضاء البحث العلمي.
وللت CCدليل على بنية وتط CCور الفكر يعتمد باش CCالر على فك CCرة ديت CCوش ح CCول تط CCور
احلساب وفحواها أنه إذا تطور احلساب مستقبال C،وتبني تناقضCCه ،ينبغي Cأن نكّ Cذب العقل حملو
التن CCاقض وحنتفظ باحلس CCاب ونتائج CCه ،رغم التن CCاقض Cال CCذي يب CCدوا علي CCه .وهي فك CCرة جريئة ال
يتقبلها عقل العلم الكالسيكي ،لكنها من صميم العقل العلمي اجلديد .وهبذه الفكرة اجلديدة
ط CCرحت مش CCكلة تأس CCيس الال -حس CCاب (حس CCاب أمشل يضم إليه املذهب الق CCدمي ) ال CCذي هو
امتCC Cداد ج CCديل لفك CCرة الع CCدد « إن احلسCC Cاب مل يتأسس Cعلى العقل فم CCذهب العقل هو ال CCذي
ضC Cل ،فقبل أن أُحسن الع ّ C Cد ،مل أكن ضC Cل وأ ّتأسس على احلس CCاب البس CCيط فتحجر وحج CCرّ ،
أع CCرف إطالقا م CCاهو العق CCل .فعلى العم CCوم ،جيب على العقل أن خيضع لش CCروط املعرف CCة ،جيب
عليه أن ينشئ يف ذاته بنية موازية لبنية املعرفة » 2واملعىن املسCC C C C Cتفاد هنا أن فكCC C C C Cرة الشCC C C Cمولية
احلاض CC Cنة ،والتعميم اجلديل وفك CC Cرة القطيعة قيم س CC Cيطرت على باش CC Cالر وجعلته يقتنع مبا قدمه
ديتوش.
وكخالصة هلذا الفصل ميكن القCC C C C C Cول أن الفكر العلمي اجلديد عند غاسCC C C C C Cتون Cباش CC C C Cالر
يتأسس Cعلى خصائص مبتكرة هي - :أساسه الفلسفة املتحاورة واجلهويات العلمية.
-عقالنية Cتطبيقية وجدلية منفتحة بني الرياضيات والفيزياء.
-العقل ليس بنية ثابتة ومطلقة بل هو مثرة للتطور العلمي.
-ال يوجد منهج ش CC C Cامل للمعرفة وإمنا يتم خلقه بطريقة جزئية من داخل العمل العلمي
ذاته.
-االبستيمولوجيا هي دراسة نقدية لتكون املفاهيم العلمية ،وحبث يف العمل العلمي من
1
Ibid, p: 133
2
La philosophie du non, Op.cit .p, 133
121
داخله أي التخلص من العوائق وتثمني املكاسب من القطائع والثورات.
122
املبحث األول :االبستمولوجيا Cالسريية ..مهامها وأهدافهاC
/1فلسفة ميشال سري وعوامل نشأهتا
ح CCري بن CCا قب CCل أن نلج يف املش CCروع االبس CCتمولوجي الس CCريي أن نس CCتهل احلديث ح CCول
الفيلسوف ذاته ،هدفنا من ذلك رصد للمقدمات العلمية والفلسفية اليت شكلت فلسفته.
ميشC Cال س CCري ،فيلس CCوف وم CCؤرخ عل CCوم فرنس CCي ،ول CCد ع CCام 1930يف مدين CCة آجن
بفرنس CCا التح CCق بكلي CCة البحري CCة مث دخ CCل كلي CCة الرتبي CCة أو دار املعلمني العلي CCا ( ش CCارع أومل) ،
وحصل منها على شهادة التأهيل يف الفلسفة عام .1955قدم أطروحة حول فلسفة اليبنCCتز
درس مCCع ميشCCال فوكCCو يف سCCتينيات القCCرن
نCCال هبا درجCCة الCCدكتوراه ىف الفلسCCفة (َ . )1968
املاض CCي مث ش CCغل الحق CCا كرس CCي أس CCتاذ ت CCاريخ العلم يف جامع CCة الس CCوربون ،كم CCا حص CCل على
لقب األس CCتاذية من جامع CCة س CCتانفورد األمريكيC Cة Cمن CCذ ع CCام .1984ومت انتخاب CCه لألكادميي CCة
الفرنسية عام .1990
مؤلفاتCCه عديCCدة فهCCو مل يتوقCCف عن الكتابCCة بعد .ومؤلفاتCCه ،تغطي مجيCCع جCCوانب املعرفCCة،
الدقيقCCة واإلنسCCانية C.وباإلضCCافة إىل مؤلفاتCCه الفلسCCفية ،لCCه كCCذلك كتابCCات أدبيCCة ،وشCCارك يف
إخراج قاموس العلوم ( ) Le Trésorمع مؤرخ العلوم ،نائلة فاروقي .والقاموس حيتCCوي
على 850مقCCاالت عن العلCCوم الدقيقCCة .وكتب أيضCCا مقCCاالت عن أوغسCCت كCCونت ،إميCCل
زوال ،وج CCول ف CCرين ه CCريجي .ويعت CCرب ميش CCال س CCري فيلس CCوف ص CCعب املراس ،فه CCو ص CCاحب
اختصاص « علمي يف األصل مث أصCبحت فيلسCCوفا فيمCا بعCCد ...تكويCين علمي وأديب يف نفس
الوقت » 1ولذلك أعماله تستدعي
ميشيل سري وآخرون ،مسارات فلسفية ،تر :حممد ميالد ،دار احلوار للنشر والتوزيع ،ط ،1سوريا ،2004 ،ص 138
1
123
جهدا ومشقة من قارئها .إنه يتجول عCCرب الزمCCان واملكCCان C،ويسCافر بني العلCوم واآلداب،
« الرياضCCيات والفيزيCCاء والبيولوجيCCا والتCCاريخ واللغCCات ( الالتينيCCة واليونانيCCة) وعلم من
االجتمCCاع واألخالق والعلCCوم اإلنسCCانية CوتCCاريخ األديCCان » 1وانعكسCCت هCCذه الCCروح املوسCCوعية
على أس CCلوبه يف الكتابC Cة ،فلغته رمزي CCة ،وش CCاعرية .ورمبا يع CCد ذل CCك من األس CCباب ال CCيت جعلت
الكث CC Cري من كتب س CC Cري غ CC Cري مرتمجة إىل اللغ CC Cة العربي CC Cة ع CC Cدا كت CC Cابني اث CC Cنني رغم غ CC Cزارة إنتاجه
الفلسCCفي واألديب .ويعتCCرب سCCري حمبا ومCCدافعا كبCCريا عن اللغCCة الفرنسCCية ،ومن طرائفCCه أنCCه دعى
الفرنسيني إىل مقاطعة Cاالنتاج السينمائي Cالناطق باإلجنليزية نصCرة للفرنسCCية .كمCا يعتقCد بأمهيCCة
دور الفالسCCفة Cيف معاجلة املشCCاكل االجتماعيCCة األساسCCية C،إذ كCCان لCCه إسCCهام يف حتليCCل أسCCباب
األزمCC Cة االقتصCC Cادية واملاليC Cة CالعامليC Cة CاألخCC Cرية بكتCC Cاب زمن احملنة .وخبالف كثCC Cري من جمايليه،
حيم CCل س CCري نزعة تفاؤلي CCة مبس CCتقبل االنس CCان والع CCامل املعاص CCر .فهو يعتق CCد أن العلم ق CCد أدى إىل
تغيCCريات إجيابيCCة وأن عاملنCCا اليCCوم هCCو أقCCل صCCعوبة وشCCقاء من الCCذي عايشCCه أجCCدادنا .وهCCذا ال
يعين مطلقا عدم توخي الحذر من استخدامات العلم والتكنولوجيا Cفهو يدعو إيل حتكم آخر
يتحكم يف حتكمنا يف الطبيعة ،وأغلب تدخالته الراهنة تصب يف هذا امليدان CباخلصوصC.
واجلانب اآلخر من شبابه الذي كان له تأثري قوي يف مساره الفكري هCCو زمن وذاكCCرة
احلرب ،لق CCد ول CCد يف زمن احلروب والص CCراعات Cالدامي CCة مثلم CCا يص CCفها .وك CCان ش CCاهدا على
آثCCار احلرب األهليCCة اإلسCCبانية C،ومآس Cي معسCCكرات االعتقCCال إبCCان احلرب العامليCCة الثانيCCة C،ومCCا
خلفتCCه من من قتCCل ودمCCار « لقCCد عشCCت طفولCCيت يف أجCCواء احلرب ،بCCدءا من حCCرب اسCCبانياC
ع CC Cام ،1936وب CC Cدايات احلرب العامليC C Cة Cالثاني CC Cة ،1939وعاص CC Cرت العن CC Cف االقص CC Cي الCC Cذي
اختتمت به هذه احلرب فظائعها بالقائها
قنابل نوويCة علي هريوشCCيما وجنازاكي ،حيث اآلف القتلي واجلرحي .وهنCCا بCCدأ تفكCCريي
1
املرجع السابق ،ص 140
124
يف أزمCCة العلم ،الCCذي انتج مثCCل هCCذه القنابCCل ،وعالقتCCه بCCاجملتمع ،ودوره يف العنCCف السCCائد بني
1
1947 درس ميش CCيل س CCري يف املدرس CCة البحري CCة بفرنس CCا من الش CCعوب »
،1958حيث غCCري مسCCاره حCCىت ،1949مث عمCCل كضCCابط يف البحريCCة الفرنسCCية حCCىت سCCنة
امله CCين واألك CCادميي ،ليواص CCل دراس CCة الفلس CCفة يف جامع CCة ،ال CCيت ت CCوجت مبناقش CCة رس CCالة
الدكتوراه Cيف الفلسفة حول فلسفة اليبنتز عنواهنا ( فلسفة اليبنتز ومناذجهCCا الرياضCCية
) ،وام CCتزج التكCCوين العلمي مCCع الدراس CCة الفلس CCفية والCCذي يلقي بظالل CCه على االهتم CCام وامليCCل
األكادميي للفيلسوف ،ليتحول بصورة طبيعيCة Cحنو تCاريخ العلCوم ضCمن الدراسCات الفلسCفية
وكان من األوائل الذين دافعوا عن تدريس تاريخ العلوم باجلامعات الفرنسية .
يعت CCرب ح CCدث هريوش CCيما ،بالنس CCبة مليش CCيل س CCري ،أهم ح CCدث يف ت CCاريخ العلم يف الق CCرن
العش CCرين ألن املش CCكلة األخالقيC Cة ك CCانت ق CCد بلغت ذروهتا م CCع إق CCدام جمموع CCة من الفيزي CCائيني
العCC C Cاملني يف مشCC C Cروع "منهCC C Cاتن" على إنتCC C Cاج القنبلCC C Cة الذريCC C Cة وتفجريهCC C Cا باملدينتني الياب CC Cانيتني
(هريوش CCيما وناغ CCازاكي) C،وخل CCق ه CCذا الفع CCل الت CCدمريي أزم CCة ض CCمري ألقت بظالهلا على جي CCل
كامل من العلماء على حد تعبري سري.
إن احلديث عن روافCC Cد فلسCC Cفة ميشCC Cيل سCC Cري ،يقودنCC Cا إىل اإلشCC Cارة حلدث هCC Cام يف ت CCاريخ
العلم ،وهو الCCديناميكا احلراريCCة ومCCا تالهCCا من جتاوز النظCCام املغلCCق و « هCCو يف نظCCر سCCري مبثابCCة
تزوي CCد االخ CCرتاع ب CCالوقود » . 2ال CCديناميكا احلراري CCة أو الرتموديناميك CCا ،علم ي CCدرس انتق CCاالتC
الطاقة من شكل إىل آخر واآلثCCار الطاقيCة الCيت ترافCق خمتلCCف العمليCات الفيزيائيCة Cأو الكيميائيCCة
وعالقة هذه اآلثار بشروط سري العمليات ،مث إمكانية واجتاه و حدود اجلريان التلقائي .3
1
http://www.revue-projet.com/articles/2003-2-interview
ليشCCته جCCون ،مخسCCون مفكCCرا أساسCCيا معاصCCرا ،من البنيويCCة إىل مCCا بعCCد احلداثCCة ،ترمجة فCCاتن البسCCتاين ،املنظمCCة 2
125
هنCCاك ثالث قCCوانني أساسCCية يف علم الCCديناميكا احلراريCCة ،األول منهCCا ينص على حفCCظ
الطاقCC Cة فكميCC Cة الطاقCC Cة يف العCC Cامل تبقى ثابتCC Cة ،والقCC Cانون CالثCC Cاين منهCC Cا ،والCC Cذي يسCC Cمى بقCC Cانون
الCCديناميكا احلراريCCة الثCCاين ( )Le second principe de la ThermodynamiqueويعCCرف
كذلك باألنثروبيا يرمز له باحلرف ( )sوينص على أن عشوائية النظام املعCزول تتجCه لالزديCاد
مCCع تقCCدم الCCزمن .إن االنثروبيCCا يف العCCامل متيCCل حنو احلد األقصى .واالنثروبي Cا Cهي أيضCCا امليCCل
حنو الفوضى يف النظام .أما القانون Cالثالث فهو خيتص بتعريف احلرارة املطلقة .بالنسCCبة لسري،
من األمهية مبكان الفرق بني الفكرة امليكانيكية Cالبسيطة للطاقة وتلك الCCيت جندها يف الCCديناميكا
احلراريCCة ،يف منوذج نيCCوتن امليكCCانيكي حيث ليس هنCCاك طاقCCة يفقCCدها النظCCام من حيث املبCCدأ،
وال توجCCد نتCCائج حتدث بالصCCدفة ،لكن باالسCCتناد إىل القCCانون الثCCاين يف الCCديناميكا احلراريCCة »
احلركة أحادية االجتاه للقذيفة تتحول باستمرار إىل حرارة ،بسبب مقاومة اهلواء االحتكاكيةC،
أي إىل حركCCات عشCCوائية فوضCCوية جلزيئCCات اهلواء والقذيفة « 1إن هCCذا القCCانون CيشCCري إىل أن
العمليات التلقائية تسري حنو التحلل والتفكك C،ويسري من النظام إىل الفوضى -ألن جزءا من
الطاقCCة يتحCCول إىل شCCكل ال ميكن االسCCتفادة منه -ومن التعقيCCد إىل البسCCاطة ،CلوجCCود عمليCCة
حتلCC Cل ،وال نقصCC Cد العمليCC Cات الCC Cيت يتCC Cدخل فيهCC Cا الCC Cذكاء واإلرادة الواعية ،فمثال :املاء جيري
تلقائي CCا من األعلى إىل األس CCفل -أي باجتاه ق CCوة اجلاذبي CCة يف األرض -وال حيدث العكس،
ولكننا Cنستطيع باستخدام مضخة دفCع املاء إىل أعلى أن حندث ذلك ،لكن هنCا مل تعCد العمليCCة
تلقائيCCة ،بCCل عمليCCة تَCدخل فيهCCا الCCذكاء اإلنسCCاين واإلرادة اإلنسCCانية .هCCذه الفوضCCى أو الالنظCCام
ب CCدأت توض CCع قي CCد الدراس CCة يف نظري CCة الفوضى ( )chaos theoryحيث » تبت CCدئ نظري CCة
الفوضCى ( CكCCايوس) من احلدود الCCيت يتوقCCف عنCCدها العلم التقليCCدي ويعجCCز ،فمنCCذ شCCرع العلم
يف حCCل ألغCCاز الكCCون C،عCCاىن دومCCا من اجلهCCل بشCCأن CظCCاهرة االضCCطراب ،مثCCل تقلبCCات املنCCاخ ،
االنرتويب هو مقيCاس طCاقي يتم حسCابه بعCد حتول نظCام معني من حالCة بدائيCة اىل حالCة هنائيCة ملعرفCة هCل كCان هنCاك فقCدان للطاقCة أو
كسبها عند هذا التحول ،و هذا ما يعرب كذالك عن مفهوم الرتتيب ومفهوم الفوضى .
1
ليشتة ،جون املرجع السابق ص179
126
وحرك CCة أم CCواج البح CCر والتقلب CCات يف األن CCواع Cاحلي CCة وأع CCدادها ،والتذب CCذب يف أعم CCال القلب
والدماغ .إن
اجلانب غCCري املنظم من الطبيعCCة ،غCCري املنسCCجم وغCCري املتناسCCق واملفCCاجئ واالنقاليب أعجCCز
العلم دوما « 1فثم CCة أح CCداث كث CCرية وخمتلفة يف الطبيع CCة ُت َعCُّ Cد مث CCاالً للحرك CCة الفوض CCوية منه CCا
تشCُّ Cكل الغيCCوم وحركاهتا ،وتبخCCر احمليطCCات ،وانفجCCار الCCرباكني ،وتشCCكل السCCواحل واجلبCCال،
ومنو األش CC Cجار ،وتقلُّب املن CC Cاخ ،وال CC Cدوامات النهري CC Cة ،وت CC Cوزع اإللكرتون CC Cات احلرة يف املواد
الصCC Cلبة ،وانطالق غCC Cاز مCC Cا ،وانتشCC Cار حريCC Cق أو وبCC Cاء .وميتCC Cد األمCC Cر إىل الظCC Cواهر االجتماعي CCة
واالقتصCCادية والعالقCCات CالبشCCرية والطبيعيCCة .غCCري أن علم الفوضى أو الكCCاوس يتجه إىل حماولة
دراسCCة هCCذه الظCCواهر ،واسCCتخالص قCCوانني هلذه الفوضCCى احملددة لتسCCاعد على فهمهCCا بشCCكل
أفضل ،و» ب CCدت نظري CCة الفوض CCى وكأهنا تس CCتطيع أن تص CCوغ ق CCوانني مش CCرتكة ترب CCط أن CCواعC
الظCCواهر املرتبطCCة بعضCCها ببعض « .2وهكCCذا جند أن نظريCCة الكCCاوس تعCCرب عن احلدود الفاصCCلة
بني االختصاصCCات العلميCCة فهي نظريCCة عن الطبيعCCة الكليCCة للنظم اسCCتطاعت أن جتمCCع مفكCCرين
من حقCCول علميCCة اعتCCربت CمتباعCCدة Cمن قبCCل ،فCCإذا كCCان العلم يتCCوزع إىل اختصاصCCات تتفCCرع
منه CCا اختصاص CCات أخ CCرى ف CCإن نظري CCة الك CCاوس غ CCريت تل CCك الص CCورة ج CCذريا ،حيث س CCارت
بCCالعلم يف االجتاه املعCCاكس CوبأسCCلوب حيقCCق التكامCCل بني التخصصCCات اجملزأة ،لقCCد سCCعت هCCذه
النظريCCة (الكCCاوس) إىل »صCCوغ معCCادالت رياضCCية بسCCيطة لكي تشCCرح مظCCاهر كCCربى وعنيف CةC
مثل الشالالت ،ورصدت ظCاهرة قوامهCا أن حCدوث تغCريات CبسCCيطة يف املعطيCات األوليCCة الCيت
تتعام CCل معه CCا تل CCك املع CCادالت تفض CCي إىل نت CCائج هائل CCة عن CCد احلس CCاب النه CCائي Cومست نظري CCة
الكاوس تلك الظاهرة ،االعتمCCاد احلسCCاس على املعطيCCات األوليCة C،وسCCرعان مCا اشCCتهرت باسCCم
1
ج..ايمس غلي..ك ،نظري..ة الفوض..ى ،علم الالمتوق..ع ،ت..ع :أحم..د مغ..ربي ،الطبع..ة العربي..ة ،دار الس..اقي باالش..تراك مع مرك..ز
البابطين للترجمة ،ط 2008 ، 1ص16
2
المرجع نفسه ،ص18
127
الفراشة « 1وميكن القCCول بلغCCة تومCCاس كCCون الثوريCCة أن نظريCCة الفوضCCى متثCCل أثCCر جنCCاح
براديغمCCا جديCCدا ،فCCإذا كCCانت نظريCCة النسCCبية CتبCCدد فكCCرة الزمCCان واملكCCان املطلقني عنCCد نيCCوتن،
وأطCCاحت فيزيCCاء الكم بالقياسCCات الدقيقCCة واملضCCبوطة Cهلا فCCإن نظريCCة الفوضCCى بCCددت إمكCCانC
التوقع احلتمي واحملكم .ما
خنلص إليه أن نظري CC Cة الفوضC C Cى Cكامت CC Cداد لق CC Cانون األنثروبيC C Cا Cيف ال CC Cديناميكا احلراريCC Cة متنح
طريقCCة جديCCدة للتفكCCري يف املعلومCCات القدمية ،خصوصCCا تلCCك الCCيت أُمهلت بسCCبب خروجهCCا عن
املألوف C،وانتشر إحساس بCأن CاإلفCراط يف تفريCع التخصصCCات علميCCا يشCكل عائقCا أمCCام حبوث
العلم CC Cاء ،فمن العبث Cيف رأيهم الرتك CC Cيز على األج CC Cزاء ،مبع CC Cزل عن الص CC Cورة الكلي CC Cة ،فنظري CC Cة
الكCC Cاوس أهنت األسCC Cلوب االخCC Cتزايل يف التفكCC Cري العلمي وأقنعت CكCC Cل أولئCC Cك العلمCC Cاء بCC Cأهنم
يسCCامهون يف والدة علم جديCCد ،سCCواء ختصصCCوا Cيف البيولوجيCCا أو الرياضCCيات أو الفيزيCCاء ،أيCCا
كCC Cان حقCC Cل اختصاصCC Cهم ،فCC Cإن مهمتهم تتمثCC Cل يف فهم التعقيCC Cد كظCC Cاهرة يف ذاهتا 2.الفكCC Cرة
التقطه CCا ،ميش CCيل س CCري ،لتك CCون Cبرهان CCا علمي CCا وس CCندا يؤك CCد مس CCار التواص Cل Cبني التخصص CCات
العلمية واملعارف بصفة عامة واليت هي حمور فلسفة سري االتصالية .
ومن الروافCCد الفلسCCفية الCCيت شCCكلت فلسCCفة سCCري العلميCCة تCCأثره بالفيلسCCوف ليبنتز وفكرتCCه
حول إتصالية املعرفة ،فأول كتاب مليشيل سري كان حول " فلسفة ليبنتز ومناذجها الرياضCCية "
وهCCو يف األصCCل أطروحCCة تقCCدم هبا لنيCCل الCCدكتوراه يف الفلسCCفة .والسCCؤال الCCذي نطرحCCه هنCCا مCCا
ال CCذي دفع CCه إيل اختي CCار ه CCذا الفيلس CCوف بال CCذات ؟ .يق CCول ميش CCيل سري» وص CCادف أن وقعت
على اليبنCCتز أب الرياضCCيات والفيزيCCاء املعاصCCرة وكCCذلك فكCCرة التواصCCل .إنCCه فيلسCCوف أكCCثر
1
المرجع نفسه ،ص 22
-أنظر جاميس غليك ،نظرية الفوضى ،علم الالمتوقع ،مرجع سابق ،ص ص 361 ،360 : 2
128
حداثة بالنسبة لنا من الكثري من الفالسفة احلاليني « .1إذا فكرة التواصCCل بني العلCCوم هلا امتCCداد
فلس CCفي ،وجيد ميش CCيل س CCري ض CCالته م CCع اليبن CCتز ،وال CCذي ي CCرى أن لك CCل العل CCوم أص CCوالً جوهري CCة
مشرتكة ،وعندما يتمكن اإلنسCCان من تشCCكيل عالمCCات تCCدل على هCCذه األصCCول يكCCون CبCCذلك
قد أمت موسوعة العلوم .واستعان ليبنتز بالرياضCيات واجلرب ،ونفس الشCيء بالنسCCبة مليشCيل سCري
الذي رأى يف بورباكي منوذجCCا رياضCيا جيCدا كشCCف لCه عن دور العالمCات يف املنهج العلمي.
و أكد يف حبوثه الرياضية -أي ليبنتز -على أن
احلساب العاملي Cلالستدالل العقلي ميكن أن يكون CاخرتاعCاً مفيCCداً يف حتقيCCق منهج آيل يتم
فيCCه حCCل كCCل املشCCكالت الCCيت يعCCرب عنهCCا باللغCCة العامليCCة ،ونCCادى بإنشCCاء لغCCة علميCCة عامليCة Cميكن
بواسCC Cطتها CمتثيCC Cل كافCC Cة التصCC Cورات CالعلميCC Cة ،وذلCC Cك من خالل التواف C Cق CوالتCC Cأليف بني الرم CCوز
العقلي CCة .فبعدما رأى أن لغ CCة العلم أخ CCذت تتململ بتع CCدد اللغ CCات ،فك CCر يف مجع "أل CCف ب CCاء"
الفكر " إذ ال بد أن تكون اللغة العاملية أداة املوسوعة Cومفتاح كل العلوم «. 2
هناك مسألة أخرى تشغل حيزا هاما يف نشأة وتكوين فلسفة ميشال سري وهي البنيوية.
3
لكن ملاذا تعتCCرب البنيةC إذ يقCCول « كنت يف تلCCك الفCCرتة 55/56 CمشCCدودا إىل مفهCCوم البنية«C
واملنهج الب CC Cنيوي من املف CC Cاهيم األساس CC Cية Cيف فلسفتة ؟ وإذا ك CC Cانت البنيوي CC Cة ،بنيوي CC Cات وليس
بنيوي Cة CواحCCدة ،فمن البنيوي Cة CاللسCCانية مCCع دي سوس Cير ،إىل بنيويCCة نفسCCية مCCع جCCاك الكCCان ،مث
بنيوية Cأنرتوبولوجية CمCع كلCود ليفي شCرتاوس ،وبنيويCة CفلسCفية مCع جCان بياجيCه وميشCيل فوكCو
وجCCاك دريCCدا ولCCوي ألتوسCCري .فCCأي بنيويCCة ينتهج الفيلسCCوف ميشCCال سCCري ؟ .ليس هCCدفنا هنCCا
اخلوض يف البنيوي CCة واجتهاهتا بق CCدر م CCا يقتص CCر احلديث على النم CCوذج الب CCنيوي ال CCذي سيش CCكل
2
Louis Couturat La logique de Leibniz : d'après des documents inédits Felix alcan,
éditur, paris, 1901,P 134.
حوارات فلسفية ،مرجع سابق ،ص 141 3
129
ركيزة مهة يف املنهج الفلسفي عند م.سري.
البنيوية يف الفلسCCفة السCCريية هلا مرتكCCز علمي وإبسCCتيمولوجي .CفالبنيويCCة الCCيت يسCCتند إليهCCا
م.سري هي بنيوية رياضية أي مستمدة من علم الرياضيات .وملا كان «متأثر جبماعCCة بوربCCاكي
لعلماء الرياضيات أكثر من تأثره بدي سوسCري فإنCه جيد يف التحليCل البCCنيوي وسCCيلة للسCفر بني
مي CCادين خمتلف CCة ،فالتحلي CCل الب CCنيوي Cي CCؤدي حتم CCا اىل املقارن CCة وهلذا الس CCبب يُ ٌكن س CCري احرتام CCا
عظيم CC Cا لعمCC Cل جCC Cورج دوميزي CC Cل ألنCC Cه اسCC Cتطاع ان يCC Cربهن من خالل مقارن CC Cة جمموعCC Cات من
العالقات ،بأن األساطري
اهلنCCدو -أوروبيCCة متتلCCك البني CCة نفسCCها ،بCCالرغم من تنCCوع احملتويCCات».1إن طبيعCCة البني Cة Cيف
هCCذا السCCياق عقليCCة رياضCCية ،إي باعتبارهCCا عناصCCر جمردة بينهCCا عالقCCات متبادلCCة لCCذلك كCCانت
ميزهتا الكCC Cربى الشCC Cكلية .والبنيويC Cة CكمCC Cا يف الرياضCC Cيات تتعCC Cارض مCC Cع جتزئCC Cة الفصCC Cول غCC Cري
املتجانسة وتحاول إجياد الوحدة بواسطة التشCCاكالت .حيث تCCدمج بني مواضCCيع رياضCCية عCCدة
كانت يف املاضي CوحCدات مسCتقلة ،فجعلت منهCا كال متماسCCكا .ومما تنبغي CاالشCارة إليCه أن
مصطلح البنية استقر استعماله يف جمال الرياضيات مع « أواخر الثالثينات من هCCذا القCCرن ،أمCCا
مفهومها ،فقد أخذ أهل اجلرب وأهل اهلندسة يتداولونه منذ هنايCCة القCCرن املاضي وكCCانوا يعCCربونC
"النس CCق" .ويب CCدو أن أول تعري CCف رياض CCي ملص CCطلح " البني CCة " عن ه CCذا املدلول بلف CCظ
جCCاء عنCCد "بوربCCاكي" الCCذي هCCو اسCCم مسCCتعار جلماعCCة من الرياضCCيني الفرنسCCيني املرمCCوقني يف
كتاهبم املشرتك :أصCول الرياضCيات I:نظريCة اجملموعCات املنشCور سCنة C.2«1939ومت حتديCد
مفهوم البنية Cانطالقا من جمموع خصائصCها وهي البنCاء والعالقCات والCرتتيب C.فليسCت البنيCة «
جون ليشته ،مخسCون مفكCرا أساسCيا معاصCرا من البنيويCة إىل مCا بعCد احلداثCة ،ترمجة فCاتن البسCتاين ،مراجعCة حممCد 1
175
130
عناصCCر متفرقCCة يقCCع النظCCر يف خصائصCCها واحCCدا واحCCدا ،وال هي عناصCCر متكدسCCة تؤخCCذ أخCCذ
الكCCل املصCCمت الCCذي اليتجCCزأ وال يتفCCرع ،وإمنا هي عناصCCر مبني Cة CبنCCاءا ،إذ تنتظم يف ارتباطهCCا
خترجها من وصف االنعزال كمCا خترج اجملموعCCة الCيت تCCدخل فيهCCا عن وصCCف اجلمCCود ،وتتخCذ
ه CCذه االرتباط CCات صCCورتني اثن CCتني :إح CCدامها " العالقCCات" والثاني CCة " العملي CCات« 1إن البنية هبذا
املعىن ال تت CCألف من عناص CCر خارجي CCة تراكمي CCة مس CCتقلة عن الك CCل ب CCل هي تتك CCون Cمن عناص CCر
خاضعة لقوانني النسق ،واملهم يف النسق ليس العنصر أو الكل بل العالقات كارتباطات جتمCCع
بني األفCCراد مثCCىن أو ثالث ،أو أربCCع...أخل .أمCCا العمليCCات فهي كCCذلك ارتباطCCات جتعCCل األفCCراد
يتولد بعضها من بعض.
أما اخلاصية الرتتيبية تشCري إىل أن جمموعCة « من األفCراد املرتبطCة فيمCا بينهCا بواسCطة عالقCات
وعمليCCات ...هي أيضCCا جمموعCCة مرتبCCة ترتيبا « 2فCإذا حCCدد الرياضCCيون للبنيCCة أربCCع جمموعCCات
هي جمموع CCة األف CCراد أو اجملموع CCة اجملالي CCة ،وجمموع CCة العملي CCات أو ال CCدوال والتواب CCع ،وجمموع CCة
العالقCCات ،مث جمموعCCة األفCCراد املتمCCيزة ،فإنCCه ال بCCد من ترتيبهCCا يف البنيCCة حCCىت نتCCبني وظيفCCة كCCل
منها.
ويركCCز الرياضCCيون على التصCCنيف التشCCاهبي كخاصCCية للبنيCCة فهي « تقتضCCي أيضCCا حتديCCد
الصنف التشCاهبي الCذي ختتص بCه ،فقCد منيز يف البنيCة Cبني جCانبني إثCنني ،نسCمي أحCدمها اجلانب
العCاملي ونسCمي الثCاين اجلانب املعمCويل « 3ورياضCيا تكCون CالبنيتCان CمتشCاهبتان صCنفا مCىت كCان
هلمCC C C C Cا نفس اجلانب العCC C C C Cاملي ونفس اجلانب املعمCC C C C Cويل .واحلديث عن البنيC C C C Cة Cيف الرياض CC C Cيات
يس CCتدعى استحض CCار مفهوم CCا آخ CCرا وه CCو التن CCوع الب CCنيوي ،مبع CCىن أن الب CCين متنوع CCة وخمتلف CCة،
ولذلك قامت مجاعة بورباكي الرياضية بوضCع نظريCة يف البCىن الرياضCية تعمCل على التميCCيز بني
أنواعهCCا املختلفة و أقCCدمت على عCCزل « البنيCCات CاألساسCCية CلكCCل الفCCروع الرياضCCية .فتوصCCلت
املرجع نفسه ،ص .176 1
131
إىل تش CCييد ثالت بني CCات أص CCلية :بني CCة جربي CCة ،وبني CCة ت CCرتيب ،وبني CCة توبولوجي CCة وهي تل CCك ال CCيت
اعتمCCدت عليهCCا املدرسCCة البنيويCة CللرياضCCيات « 1وتسCCمي هCCذه اجلماعCCة تلCCك البنيCCات CبأمهCCات
البىن أو البنيات األم.
ويعلن ميشCCال سري صCCراحة بأنCCه هنل من مجاعCCة البوربCCاكيني يف الرياضCCيات على مسCCتوى
املنهج خصوصCCا « إذاكCCان لCCدينا حمتCCوى ثقCCايف معني ،سCCواء كCCان اهلل أو طاولCCة أو مغسCCلة فCCإن
التحليل يكون Cبنيويا ( وبنيويا وفقط ) عندما جيعل هذا احملتوى Cيبدوا وكأنه Cمنوذج » .2فغاية
النم CCاذج هي الكش CCف عن البنيC Cة Cوابرازه CCا .وحتق CCق البنيويC Cة Cمس CCألتني يف غاي CCة األمهيC Cة Cبالنس CCبةC
مليشال سري ،األوىل
هي « البحث عن املتشCCابه CداخCCل املختلCCف واملتنCCوع ،ففي ميCCدان األسCCاطري مثال ،يقتضCCي
البحث أن ن CCربهن على أن األس CCاطري ال CCيت ال تتش CCابه ،أو ال CCيت يك CCون فيه CCا التش CCابه عرض CCيا ،أي
تلCCك األسCCاطري الCCيت تظهCCر اختالفCCا وتنوعCCا ،ميكن إرجاعهCCا إىل بنيCCة واحCCدة وثابتCCة ،وذلCCك بعCCد
إج CCراء سلس CCلة من االس CCتدالالت والتح CCويالت Cلعناص CCر تل CCك األس CCاطري « 3وه CCذا م CCا ق CCام ب CCه
دوميزيCCل وأثCCىن عليCCه ميشCCال سCCري كمCCا سCCبق االشCCارة إىل ذلCCك من قبCCل.أمCCا املسCCألة CالثانيCCة فهي
املقارنة ألجل البحث عن الثCCابت C.إن املقارنCCة يف املنهج البCCنيوي غايتهCCا « البحث عن الثCCابت،
ما دامت قاعدة التحويل والتبديل تتكفل بالتغريات اليت تطCCرأ على العناصCCر ،لCCذا وجب القCCول
بقاعدة املقارنة ،كي نكشف عن الثابت Cضمن فوارق مصطنعة «.4
وباعتبار مجاعة البورباكيني الرياضية مصدرا يستلهم منه ميشال سري ،سواء تعلق األمر
ب CCاملنهج أو النت CCائج فما هي أه CCداف ه CCذه ه CCذه اجلماعة الرياض CCية ؟ بورب CCاكي اس CCم إغ CCريقي
جان بياجيه ،االبستمولوجيا التكوينية ،تر :السيد نفادي ،دار التكوين ،ط ،1دمشق ،2004 ،ص 37 1
2
Michel Serres, la communication, minuit,paris,1991 p 32
الزواوي ،بغورة ،البنيوية منهج أم حمتوى؟ ،عامل الفكCر ،العCدد ،4اجمللد ،30أبريCل-يونيCو ،اجمللس الوطCين للثقافCة 3
132
اسCCتعارته مجاعCCة من الرياضCCيني الشCCباب للتسCCرت وراءه ،ويتكCCون CهCCذا الفريCCق من خCCرجيي كليCCة
املعلمني العليCCا يف بCCاريس ويتكCCون هCCذا الفريCCق من حCCوايل عشCCرين عضCCوا Cجلهم فرنسCCيني ،وال
تتجCCاوز أعمCCارهم مخسCCني سCCنة حيث يسCCتقيل كCCل عضCCو من اجلماعCCة إذا جتاوز هCCذا السن.مث
يتج CCدد أعض CCاء الفري CCق باالنتخ CCاب وس CCر ذل CCك اعتق CCادهم أن CCه قلم CCا جند نظري CCة رياض CCية مجيل CCة
يكتش CCفها ص CCاحبها وه CCو يف س CCن الس CCتني .ومن أب CCرز البورب CCاكيني جند ج CCون دال CCزرت ،ج CCون
دي CCودوين ،أن CCدري ف CCاي ،كل CCود ش CCوفاليي ،وآخ CCرون .وك CCان ه CCدف الفري CCق ه CCو إع CCادة كتاب CCة
الرياضCCيات على أسCCس صCCلبة بعCCدما كCCثر التخصCCص وتشCCعبت CمسCCالك العلCCوم الرياضCCية « لقCCد
ك CCانت للرياض CCيني الفرنس CCيني من جيلي مناس CCبات ،خالل أوىل احتكاكاتن CCا باخلارج ،جعلتن CCا
نCدرك كم كنCا جنهCل التطCورات اخلصCبة الCيت جCددت آنCذاك اجلرب والتبولوجيCا CوالتحليCل الCدايل
1
يف أملانيا وبولندا وروسيا ،وكنا نتمىن أن تستعيد الرياضيات الفرنسية عامليتها Cالتليدة »
وك CCان ه CCدف اجلماعة الربهن CCة على وح CCدة الرياض CCيات ب CCإبراز اهلياك CCل األساس CCية ال CCيت
تش CC Cرتك فيه CC Cا خمتل CC Cف فروعه CC Cا ،حيث أق CC Cدم بورب CC Cاكي على ع CC Cرض خمتل CC Cف املف CC Cاهيم بأخ CC Cذ
الرياض CCيات من منطلقه CCا يف ت CCرتيب منطقي ،وك CCانت طريق CCة العم CCل تق CCوم على تكلي CCف ك CCل
عضCCو من أعضCCاء الفريCCق بإجياد األرضCCية املناسCCبة لنظريCCة أو عCCدة نظريCCات رياضCCية ،وجيتمعCCون
لتبCCادل وجهCCات النظCCر يف املسCCائل الCCيت حتتCCاج إىل النقCCاش ومن الثمCCار الCCيت أفرزهCCا هCCذا العمCCل
اجلم CCاعي ،إص CCدار سلس CCلة من الكتب Cبعن CCوان Cأص CCول الرياض CCيات مثلم CCا وضع إقلي CCدس كتاب CCه
الشهري يف اهلندسة بعنوان أصول إقليدس 2.وهبذا العمل استطاع فريق بورباكي إعادة عCCرض
الرياض CC Cيات بأخ CC Cذها من نقط CC Cة انطالقها املنطقيC C Cة Cوليس التارخيي CC Cة ،وإع CC Cادة بنائه CC Cا مبواد بنCC Cاء
أجCCريت عليهCCا كCCل التجCCارب والتحاليCCل الCCيت تضCCمن صCCالحيتها .وبCالرغم من االنتقCCادات CالCCيت
1
نقال عن مقال Dieudonné J. : OEuvres mathématiques, tome 1, Hermann, Paris, 1981 :
.نيكوال بورباكي وهشاشة الرياضيات ،أبو بكر خالد سعد اهلل ،املدرسة Cالعليا لألساتذة ،قسم الرياضيات ،القبة ،اجلزائر
أنظCر ،أبCCوبكر خالCCد سCCعد اهلل ،بوربCCاكي وهشاشCCة الرياضCCيات ،املدرسCCة العليCCا لألسCCاتذة ،قسCCم الرياضCيات ،القبCCة 2
اجلزائر
133
وجهت للفريق إلفراطه يف النظرة التجريدية مما يصعب الرياضيات على دارسيها .فإن سCCري ال
خيفي ت CCأثره الش CCديد هبذا العم CCل الرياض CCي وأراد أن جيد ل CCه م CCثيال ليس بني ف CCروع الرياض CCات
وفقط وإمنا بني خمتلف فروع املعرفة العلمية واإلنسانيةC
أمCCا عن إنتاجCCه الفكCCري والفلسCCفي فيمكن القCCول أن مسCCرية ميشCCيل سCCري الفلسCCفية قCCد
بدأت بكتابه Cاالول "فلسفة اليبنCتز ومناذجهCا الرياضCية"' يف جCزأين' وكCان أول مقCال فلسCفي
لCCه عن مفهCCوم شCCبكة التواصل عCCام ،1961مث واصCCل االهتمCCام بقضCCية Cالتواصل عCCرب كتبCCه عن
هرمس وهو إله التواصل عنCCد االغريCCق يف مخسCCة أجCزاء «كنت أقCCول ل ـــ ألتوسCري C:إن إلCCه العCامل
احلديث ليس بروميتCه إلCه االنتCاج بCل هCرمس إلCه التواصCل 1» CوصCدر علي فCرتات متقطعCة منCذ
ع CCام 1969وح CCيت 1980كم CCا أص CCدر "أوجس CCت ك CCونت ودروس يف الفلس CCفة الوض CCعية"C
و"الطفيلي"الCCذي تCCرك فيCCه العلCCوم الصCCلبة متجهCCا إىل العلCCوم اإلنسCCانية .ورومCCا كتCCاب األصCCول
واحلواس اخلمس ،ومبCCادئ تCCاريخ العلCCوم" و"العقCCد الطCCبيعي" الCCذي تCCرجم ايل أكCCثر من عشCCر
لغات ليس بينها اللغة العربية ،وإيضاحات ،وأصول اهلندسة الذي ترجم إىل العربية وأسطورة
املالئكة ،وأطلس والكنز قاموس العلوم باالشرتاك مع نائلة فCCاروقي وحنو انسCCانية مث زمن احملنCةC
الCCذي صCCدر سCCنة 2009الCCذي حيلCCل فيCCه االزمCCة املاليCCة العامليCCة األخCCرية ،وآخCCر مCCا صCCدر لCCه
كتيب Cحيمل اسم اإلصبع الصغرية .يتطرق فيه إىل اإلصبع الصغرية وهو اإلنسان اجلديد الCCذي
نشأ يف ظل تطور التكنولوجيا احلديثة.
فبعدما عاشت االنسانية Cثورة االنتقCCال من الشCفوي ايل املكتCوب C،مث من املكتCCوب ايل
املطبCCوع CهCCا هي ثCCورة ثالثCCة ،ثCCورة التكنولوجيCCا احلديثCCة والCCيت تCCزامنت مCCع حتوالت سياسCCية،
واجتماعي CCة ومعرفي CCة ش CCكلت مراح CCل أزم CCة من وجه CCة نظ CCر س CCري .وم CCع املرحل CCة اجلدي CCدة نش CCأ
إنسCCان جديCCد :يسCCميه ميشCCال سCCري " اإلصCCبع الصCCغرية " وهي إشCCارة ايل الطريقCCة الCCيت ترسCCل
134
الرس CCائل بواس CCطة األص CCابع .إن األص CCبع الص CCغرية س CCتجد نفس CCها أم CCام واجب إع CCادة اكتش CCاف
طريق CCة الوج CCود واملعرف CCة وتب CCدأ عه CCدا جدي CCداً سيش CCهد انتص CCار التع CCدد اجمله CCول ،عن CCد النخب CCة
املسCCرية ،احملددة سCCلفاً ،وتشCCهد املعرفCCة املتسCCائلة حCCول النظريCCات املدرسCCة ،واجملتمCCع غCCري املادي
املرتبط حبرية ،مبجتمع الفرجة ذي املعىن الواحد .والكتاب يقرتح علي االصبع الصغرية Cتعاوناً
م CCا بني األجي CCال « من دون أن نالح CCظ حنن أي ش CCيء ،فق CCد ُولِ CCد اإلنس CCان اجلدي CCد ،اإلنس CCانC
ال CCذي يفص CCلنا عن س CCنوات الس CCبعينات C.ه CCو أو هي ،مل يع CCد ل CCديهما اجلس CCم نفس CCه ،والعم CCر
املتوقَّع نفسCCه ،ومل يعCCودا يعيشCCان يف املكCCان نفسCCه ،وال يتواصCCالن بالطريقCCة نفسCCها ،وال يريCCان
1
العامل نفسه ،وال يعيشان Cيف الطبيعة نفسها وال يسكنان Cالفضاء نفسه »
14 ،13
حممد ،وقيدي ،االبستمولوجيا التكوينية عند جان بياجيه ،افريقيا الشرق ،د.ط ،املغرب ،2007 ،ص65
2
135
للتيارات اليت عرفها تاريخ العلم والفلسCCفة وهي « ثالثCة أنCCواع :االبسCتمولوجيات CامليتافيزيقيCCة
أو مابعد العلمية واالبستمولوجيات Cاملوازية للعلم ،مث االبستمولوجيات العلمية ». 1
مCCا عنCCاه بياجيCCه باالبسCCتمولوجيا امليتافيزيقيCCة نظريCCات املعرفCCة الCCيت « إذ تنطلCCق من تفكCCري
يف العلCCوم متيCCل إىل أن جتعCCل هCCذا التفكCCري يتسCCع لكي يصCCبح نظريCCة عامCCة يف املعرفCCة » 2وتعتCCرب
الص CCيغة Cاألوىل للتفك CCري يف العلم ،إذ حتم CCل يف ثناياه CCا نظري CCات ميتافيزيقي CCة حول CCه .وميث CCل ه CCذا
التوجه ديدن الكثري من املذاهب Cاليت عرفها تCCاريخ الفكCCر الفلسCCفي قدميه وحديثCCه.وعلى سCCبيل
الذكر ال احلصر « ما فعله كانط ،مثال ،يف كتابه األساسي نقد العقل اخلالص ».3
أمCCا االبسCCتمولوجيا املوازيCة Cللعلم وإن كCCانت تشCCكل منوذجCCا مغCCايرا من التفكCCري الفلسCCفي
يف العلم ،إال أهنا مل تنفصCCل عن سCCابقاهتا يف غاياهتا الفلسCCفية وامليتافيزيقيCCة.ألهنا تفكCCر يف العلم
من أجل وضع حدود له يف مقابل معرفCة أخCرى موازيCة لCه .فهي « ال تقCوم أبCدا على أسCاس
التفكCCري يف شCCروط التفكCCري العلمي هبدف الوصCCول إىل نظريCCة عامCCة يف املعرفCCة ،بCCل إهنا جتتهCCد
انطالقا من نقد يضع حدودا للعلم لكي تؤسس خارج حCCدود العلم صCCورة أخCCرى من املعرفCCة
املختلف CCة عن CCه » 4ان نق CCد العلم يس CCتهدف إب CCراز ح CCدوده وقص CCور حقائق CCه ومناهج CCه مث حماول CCة
إثبCC Cات معرفCC Cة أخCC Cرى أمسى منCC Cه وأقCC Cدر على بلCC Cوغ احلقيقCC Cة املطلقCC Cة .وأفضCC Cل من مثCC Cل هCC Cذه
االبستمولوجيا Cاالجتاه الروحاين خصوصا مع رافسون ،الشولييه C،بوترو ،وبرغسون.
أم CCا الش CCكل الث CCالث متثل CCه االبس CCتمولوجيا العلمي CCة وهي أك CCثر متيزا عن س CCابقاهتا فهي ال
تتناول املعرفCCة بصCCفة عامCة بCل تقتصCCر على املعرفCة العلميCة حصCرا « إهنا االبسCتمولوجيات CالCيت
حتصر هدفها اخلاص يف تفسCCري املعرفCCة العلميCة ،وال هتدف أبCدا إىل دراسCة املعرفCة بصCفة عامCCة،
إمCCا ألهنا تعتCCرب أن املعرفCCة العلميCCة هي املعرفCCة املمكنCCة الوحيCCدة ،أو ألهنا جتعCCل من اختصاصCCها
2
Piaget, jean, logique et connaissance scientifique, édition Gallimard, 1967, p15
3
محمد وقيدي ،االبستمولوجيا التكوينية عند جان بياجيه ،مرجع سابق ،ص 72
4
Piaget, jean, logique et connaissance scientifique, op cit, p 26
136
تأويCC Cل هCC Cذه املعرفCC Cة يف ذاهتا » 1وتنبثCC Cق هCC Cذه االبسCC Cتمولوجيا Cمن التفكCC Cري يف العلم باعتبCC CارهC
متطCCورا وليس ثابتCCا وهنائيCCا .ولCCذلك ارتبطت باملمارسCCة العلميCCة ،وميكن تصCCنيفها يف اجتاهCCات
ثالثة « فقد صدرت أوال عن حماولة وضع مبادئ للعلوم وهو ما قامت به الفلسفة الوضعية.
كمCCا صCCدرت ثانيCCا عن البحث ضCCمن تطCCور املعرفCCة العلميCCة عن معطيCCات حCCول تطCCور
املعرف CCة العام CCة مل جيدها الفالس CCفة خ CCارج املعرف CCة العلمي CCة ،وه CCذا م CCا ك CCان ميثل CCه برانش CCفيك ،مث
التفكري الذي مارسه كثري من العلماء يف وسائل علمهم ومناهجهم ،وهCCو مCCا مل يكن يهCCدف
باألسCCاس إىل تأسCCيس CفلسCCفة حCCول العلم ،بCCل كCCان هدفCCه جتاوز األزمCCات الCCيت عرفهCCا العلم يف
تطوره » 2ففي نطاق هذا االجتاه تبلور موقف ابستمولوجي يؤكCCد أمهيCCة النقCCد الفلسCCفي للعلم
وانص Cب Cتفك CCريه ح CCول مس CCتقبل العلم ومن داخ CCل تط CCور العل CCوم ويع CCد غاس CCتون باش CCالر أب CCرز
ممثليه.
لكن ميشال سري يريد لالبستمولوجيا أن تتم خارج الفلسCCفة ومن دوهنا ،وذلCCك بفضCCل
تش CCكل ن CCوع جدي CCد من االبس CCتمولوجيا احملايث CCة للعلم يس CCميها االبس CCتمولوجيا املوجب CCة .وال CCيت
تريد أن تنفرط من عقد التبعية Cللتأمل الفلسفي كي تصCCري علمCCا لCCه موضCCوعه اخلاص ومناهجCCه
النوعية.
لق CCد اس CCتورد العلم املعاص CCر إش CCكاليات االبس CCتمولوجيا الكالس CCيكية C،لكن CCه خلّص CCها من
صفتها اإلنعكاسية C،إذ جعلها تقنية حبتة ،ومصورنة « إن املشكالت بقيت Cهي نفسها لكنها
أص CCبحت تقني CCة ومص CCورنة ومطه CCرة من نس CCمة انعكاس CCيتها » 3إن خط CCأ االبس CCتمولوجيا
1
Ibid, p 41
حممد وقيدي ،االبستمولوجيا التكوينية ،مرجع سابق ،ص 78
2
3
:serres michel, la communication, minuit, paris, p 75
137
الكالس CCيكية ه CCو جتاوزه CCا وظيف CCة الوص CCف إىل فع CCل احلكم واملعياري CCة وه CCذا م CCا جعله CCا تش CCيخ
وتص CC Cبح كالس CC Cيكية C،إن الفيلس CC Cوف يبقى دائم CC Cا كالس CC Cيكيا ب CC Cالنظر إىل العل CC Cوم املعاصCC Cرة -
املعاصCCرة إذ يتعني -حبسCCب سCCري -على اخلطCCاب االبسCCتمولوجي التقليCCدي االحتفCCاظ مبهمتCCه
كخطCC C Cاب حCC C Cول العلم لكن مCC C Cع ضCC C Cرورة جتديCC C Cد موضCC C Cوعه وهCC C Cو مطابقCC C Cة االبسCC C CتمولوجياC
ملوضوعها املتجدد.
ويتخCCذ ميشCCال سCCري من العلCCوم الرياضCCية مثCCاال لتوضCCيح أبعCCاد هCCذا املشCCروع وتبيCCان كيفيCCة
انبث CCاق Cاالبس CCتمولوجيا من داخ CCل املمارس CCة العلمي CCة .حيث أن العلم CCاء املش CCتغلون ب CCالعلم هم
أنفس CC Cهم س CC Cامهوا يف تط CC Cوير علCC Cومهم ومي CC Cادين ختصصCC Cهم .ويتس CC Cاءل س CC Cري إمكاني CC Cة امت CC Cداد
االبس CC Cتمولوجيا CالتقليديC C Cة Cإىل الرياض CC Cيات املعاص CC Cرة .وفع CC Cل االمت CC Cداد يتواف CC Cق متام CC Cا مCC Cع فعCC Cل
االسCCترياد كمفهCCوم مركCCزي يف فلسCCفة سCCري التواصCCلية.حيث Cان الرياضCCيات املعاصCCرة تسCCتورد
مشCCكالت االبسCCتمولوجيا التقليديCCة وهCCذه االخCCرية تفCCرغ من حمتواهCCا ومن إشCCكالياهتا األصCCلية
اليت تتمحور حول الذات العارفة.
ويتح CCول احلوار داخ CCل العلم الرياض CCي بني النظري CCات الرياض CCية ،أو ح CCوار بني رياض CCيني
ق CCدامى وج CCدد من جه CCة ومناطق CCة معاص CCرين من جه CCة ثاني CCة .أم CCا االبس CCتمولوجيا فهي خ CCارج
الدائرة حتافظ على بنيتها Cالتقليدية « إذن ليس هناك تطور فعلي ،واكتشاف حقيقي غCCري هCCذه
املش CCاجرات املتواص CCلة بني ق CCدماء ومعاص CCرين وال CCيت تنفي Cبعم CCق إتص CCالية الرتاكم CCات الص CCغرية
ملتواليCCة جزئيCCة من النتCCائج املسCCتنبطة هكCCذا فإننCCا نقلب النظCCام ونعيCCد رسCCم وجCCه مCCا ،إننCCا نتكلم
لغCCة جديCCدة ،ففيمCCا يتعلCCق بنCCا يستحسCCن أن نضCCع قاموسCCا مقارنCCا مييز بني اللهجCCة الكالسCCيكيةC
واللغة املعاصرة ».1
إن الق CC Cاموس Cال CC Cذي يقرتح CC Cه س CC Cري ه CC Cو أداة للمقارن CC Cة والتمي CC Cيز بني مف CC Cاهيم العلم
وصف ينسبه ميشيل سري للعلوم Cاملعاصرة وللتطورات املتالحقة والسريعة اليت تشهدها.
1
s.michel, la communication, op citp: 72
138
الكالسCCيكي CومفCCاهيم العلم املعاصCCر ألن املعرفCCة تتطCCور وتتقCCدم حنو األحسCCن .وعنCCدما يوظCCف
سCC Cري عبCC Cارة هلجCC Cة لوصCC Cف لغCC Cة العلم الكالسCC Cيكي Cيف مقابCC Cل لغCC Cة العلم املعاصCC Cر تأكيCC Cد هلذه
احلقيقCCة .ويف كCCل حلظCCة إعCCادة بنCCاء النسCCق يصCCبح الرياضCCيون CابسCCتمولوجيني ملعCCرفتهم اخلاصCCة
وهنا تربز حمايثة االبستمولوجيا للعلم.
إن الرياضCيات املعاصCرة حتاول أن تتأسCس CكابسCCتمولوجيا علميCCة أو موجبCCة ،ولCCذلك هي
تتكلم عن نفسCCها ،وفقCCا خلصائصCCا متيزهCCا .إهنا ابسCCتمولوجيا ناشCCئة عن طبيعCة CاملوضCCوع الCCذي
تتحCCدث عنCCه مبعCCىن أهنا داخليCCة ،تتأسCCس من داخCCل العلم ذاتCCه ،وليس من خارجCCه ،وتسCCتعمل
لغته نفسها ،أي علم العلم « فإن علم العلم يعين نسخا هلذا على نفسه ،ألنه شبه انعكاسيC،
وليس افCCرتاق خطCCاب عن موضCCوعه إنCCه إعالء داخلي وانعكاسCCية جهويCCة » 1وهي معممCCة
ألهنا متت CCد حنو املوض CCوع واملنهج ،تتم CCيز يف كوهنا ابس CCتمولوجيا ص CCارمة حيث تس CCتمد دقته CCا
وصرامتها من الرياضيات كعلم ،وكل علم يتحدث عن نفسه بأكثر ما ميكن من الصرامة.
وميكن القول أهنا رياضCيات الرياضCCيات ،حيث تنعكس الرياضCيات على نفسCCها « إن
املهمة الوصفية التقليدية لالبستمولوجيا الكالسيكية Cقد امتصها Cهذا الوصف الصارم » 2فبعCCد
أن تعمم هذه االبستمولوجيا يف الرياضCCيات تسCCند إليهCCا مجيCCع مهCCام االبسCCتمولوجيا CالتقليديCCة .
وألهنا تس CCاعد على انفت CCاح العلم وتقدم CCه حبل مش CCكالته وجتاوز أزمات CCه وإع CCادة بنائ CCه ،يص CCفها
سري بأهنا إبستمولوجيا موجبة.
وهبذا ختلت االبستمولوجيا وبال رجعة عن املهمة املعيارية والنقدية Cاليت ميزت اخلطاب
االبستمولوجي Cاجتاه العلوم والذي تتمثل أساسا يف املشCكل الفلسCفي للحقيقCة وبنCاء نظريCة يف
املعرف CC Cة والس CC Cعي حنو أي تأوي CC Cل ميتCC Cافيزيقي خCC Cارج حCC Cدود العلم .ان مهم CC Cة االبسCC CتمولوجياC
1
ibid, 65
:p
:ibid, p 61
2
139
املوجبة ال تعدو أن تكون Cمهمة وصفية « وهكذا فإنCه من اجلوهري أن تصCCبح فلسCفة العلCوم،
فلسفة تاريخ
العل CC Cوم ،أو تأرخيه CC Cا للعل CC Cوم ،أو أيض CC Cا ت CC Cاريخ فلس CC Cفة العل CC Cوم ،إن من اجلوهري أن تصCC Cب يف
التارخيانية 1»CفCC Cإذا حCC Cافظت فلسCC Cفة العلCC Cوم على خطاهبا كفCC Cرع من فCC Cروع الفلسCC Cفة فال بCC Cد
لالبستمولوجيا أن تؤسس بوصفها علما.
وال ينكر ميشCCال سCري تعدديCCة اجلهويCCات العلميCCة بCCل يقCر بCCالتبعثر واالختالف .وهCو األمCر
الذي يشرعن التساؤل حول طبيعة Cاخلطاب االبستمولوجي فهل يتعدد بتعددها؟
يريCCد سCCري أن جيعCCل من كCCل جهويCCة علميCCة إبسCCتمولوجيا منعكسCCة على جماهلا اخلاص.
أي تنكفئ على نفسCCها وهCCذا ال يتعCCارض مCCع ضCCرورة انفتاحهCCا التواصCCلي .فهي منغلقCCة داخCCل
جماهلا اخلاص ،ومنفتحCCة على بCCاقي العلCCوم ،واالنفتCCاح يكCCون تواصCCال أو تفCCاعال عCCرب فعCCل النقCCل
والتصCCدير « إهنا إذن إبسCCتمولوجيا جهويCCة مCCرتني :لنفسCCها حسCCب النسCCخ واالنغالق ،وللعلم
على العموم انطالقا من نفسها وداخل لغتهCا اخلاصCCة حسCCب الرتابCCط واالنفتCCاح » 2فلكCل علم
جمال CCه اخلاص وحقيقت CCه املس CCتقلة وبالت CCايل ميتل CCك خطاب CCا يعكس عالقات CCه الداخلي CCة ويف ال CCوقتC
نفسه ينفتح على باقي اجلهويات العلمية .فكل علم هو علم العلوم.
أما موضوع االبستمولوجيا Cاملوجبة Cبالنسبة CإليCCه هCCو جمهCCول العلم « إنCCين أتبCCىن كأطروحCCة
أن موضCCوع االبسCCتمولوجيا هCCو جمهCCول العلم رمبا أكCCثر من العلم نفسCCه إذا كCCانت على األقCCل
تCCرفض أن تبقى نسCCخة خالصCCة لالبسCCتمولوجيا اجلهويCCة ،الCCيت – كمCCا سCCنرى – ميارسCCها كCCل
علم منCCذ اآلن على نفسه» 3إن موسCCوعة املعرفCCة كمCCا يتصCCورها سCCري تتضCCمن يف مجيCCع نقاطهCCا
2
Serres Michel . l interference, les editions de minuit, collection critique, paris, 1992, p : 11
140
على جمهCC Cول مCC Cا تغطيCC Cه املعرفCC Cة ،فهCC Cو ال معرفCC Cة داخCC Cل املعرفCC Cة ،وبCC Cذلك نقCC Cول أن موضCC Cوع
االبس CCتمولوجيا البحث يف جمه CCول العلم باعتب CCاره Cعلم CCا داخ CCل االنس CCيكلوبيديا C.وتف CCرض ه CCذه
األخرية – االنسيكلوبيديا – على االبسCتمولوجي أن جيول ويتحCرك وسCط املعCارف ،وجتعلCه
يف وض CCع ال متمرك CCز وغ CCري ث CCابت ،هن CCا – هن CCاك ويف ك CCل مك CCان وه CCو وض CCع تفرض CCها طبيع CCة
العلCCوم املعاصCCرة ،وانعكCCاس CكCCل علم على نفسCCه وانفتاحCCه على العلCCوم األخCCرى عCCرب عمليCCات
النقل والتحويCل والتفاعCل .ويبCدو أن الرؤيCة السCريية تريCد تأسCيس CحقيقCة علميCة ضCمن نطCاق
املوس CCوعية Cال CCيت تتج CCاوز النظ CCرة التخصص CCية املفرط CCة ع CCرب فع CCل التواص CCل بني املع CCارف « هن CCاك
بالطبع ابستمولوجيا جهوية ،ولكن االبستمولوجيا النسCCبية CوحCCدها ختلص إىل إطالقيCCة احلقيقCةC
1
العلمية بشكل عام ،حقيقة مابني – مرجعية يف كل موضع »
إن العلم يريد توليفا بني حقيقتني ،حقيقة جهوية ،مرجعيتها جهويتها ونسCCقها الCCداخلي،
وحقيقة شاملة مستقلة عن كل مرجعية خارج األنسيكلوبيديا.
إن م CC Cا بقي لالبس CC Cتمولوجيا املعاص CC Cرة من مه CC Cام ه CC Cو البحث يف اجلهوي CC Cات العلمي CC Cة ،يف
ت CCداخلها وتأم CCل تفاعله CCا ،حيث تتمكن من قي CCاس ه CCذه اجلهوي CCات ووض CCع احلدود ،ووص CCف
عمليات التبCCادل داخCCل املوسCوعة علمCا أن االبسCتمولوجيا هنCCا تتصCCف خبصCائص العلم من دقCCة
وصرامة وتعميم .ويف هذا كله ،االبستمولوجي Cتائه بال وضع ،يرفض الثبات واملرجعية.
إذاكCCانت هCCذه مهCCام االبسCCتمولوجيا املوجبCCة أو العلميCCة كمCCا نظّCر هلا سCCري ،فمCCا هCCو وضCCع
فلسCC C C Cفة العلCC C C Cوم؟ إن فلسCC C C Cفة العلCC C C Cوم تتحCC C C Cول إىل إبسCC C C Cتمولوجيا عامة«إن عليهCC C C Cا أن تكCC C Cون
إبسCC Cتمولوجيا عامCC Cة لالبسCC Cتمولوجيات املوجبCC Cة اجلهويCC Cة ،هCC Cذه هي مهمCC Cة الفلسCC Cفة املعاص CCرة
للعلCCوم » 2فلسCCفة العلCCوم إذن متثCCل دور إبسCCتمولوجيا عامCCة وشCCاملة ،وظيفتهCCا أهنا تؤلCCف بني
نتائج االبستمولوجيات املوجبة وتراقب انتقال املشCكالت من علم آلخCر حبسCب مCا تقدمCه هلا
:op cit, p 157 1
2
serres, la communication, op cit, 76
.p: m
141
االبس CCتمولوجيات Cاملوجب CCة C،ف CCإذا ك CCانت االبس CCتمولوجيا املوجب CCة خطاب CCا دقيق CCا وص CCارما ح CCول
العلم فCCإن فلسCCفة العلCCوم هي خطCCاب حCCول خطCCاب االبسCCتمولوجيا وليس من وظيف Cة CفلسCCفة
العلوم أن تتحCدث عن العلم مباشCرة من داخلCه أو يف كليتCه .وهبذا املعCىن تصCبح فلسCفة العلCوم
مبثابة ابستمولوجيا خارجية ،تتحدث عن العلم من خارجCه ،يتوسCط بينهCا وبني العلم خطCاب
ابستمولوجي Cداخلي علمي وصارم.
نصCCل مCCع ميشCCال سCCري إىل نتيجCCة مفادهCCا أن االبسCCتمولوجيا Cحتولت من خطCCاب خCCارجي
ح CC Cول العلم إىل خط CC Cاب يتم داخ CC Cل العلم ،فالعلمCC Cاء أنفس CC Cهم هم أق CC Cدر على معاجلة القضCC Cايا
النظريCCة واملنهجيCCة املتعلقCCة بتخصصCCاهتم .خاصCCة مCCع التطCCورات العلميCCة ومCCا نتج عنهCCا من دقCCة
وتعقد األحباث العلمية اليت بCدأت تنفلت من قبضCCة الفيلسCCوف شCCيئا فشCيئا فأمCام « التطCورات
العلمي CCة ال CCيت عرفته CCا العل CCوم املختلف CCة من CCذ هناي CCة الق CCرن املاض CCي ،وخالل الق CCرن العش CCرين ذات CCه،
أصCCبح العلمCCاء أنفسCCهم هم الCCذين يقومCCون CبتحليCCل مCCا يطCCرح عليهم من مشCCكالت يف سCCريورة
عملهم » .1وتتح CC C Cول فلس CC C Cفة العل CC C Cوم إىل ابس CC C Cتمولوجيا عام CC C Cة راص CC C Cدة جملم CC C Cل التواص CC CالتC
واالنتقاالت املمكنة بني مشكالت االبستمولوجيات اخلاصة أو املوجبة.
أورد يوسCCف تيبس ترمجة هلذا املفهCوم بصCCيغة :العقCل العلمي CاجلديCد -اجلديد يف دراسCة نشCCرهتا جملCCة عCامل الفكCر
بعنCوان ،تCاريخ وفلسCفة العلCوم عنCد ميشCيل سCري ،وذلCك متيCيزا لCه عن العقCل العلمي اجلديCد عنCد باشCالر ،وترمجهCا
عمر مهيبل إىل الفكر العلمي Cاجلديد ،يف مقال بعنوان مبحث النسقوية نشر مبجلة دراسCات فلسCفية CالصCادرة عن
معهCCد الفلسCCفة جبامعCCة اجلزائر .وفضCCلنا اسCCتخدام العقCCل العلمي CاجلديCCد املتجCCدد إلبCCراز الCCروح التجديديCCة الCCىت أراد
ميشال سري أن يصبغها على مشروعه االبستمولوجي.
142
يقCCوم على فلسCCفة للتواصCCل ال القطيعCCة ،بالسCCعي لإقامCCة جسCور للتواصCCل بني العلCCوم واملعCCارف
على اختالفها ،فك CCل العل CCوم مهم CCا ك CCان نوعه CCا أو ش CCكلها ال ب CCد أن جتد نقاط CCا للتالمس م CCع
العلCوم األخCرى يف صCورة ترابCط شCبكي ضCمن فضCاء معCريف يسCميه ميشCال سCري أنسCيكلوبيديا
العل CCوم أو موس CCوعة Cاملع CCارف .فبك CCورة املش CCروع االبس CCتمولوجي عن CCد س CCري وال CCذي ض CCمنه يف
مخاسية هCرمس بصCCورة أخص ،يهCCدف إىل الكشCف عن كيفيCCة وطCابع التقاطعCات Cبني امليCادين
واجلهوي CCات العلمية .ان فلس CCفة التواصل الس CCريية تتح CCدث عن التفاع CCل والت CCداخل بني العل CCوم
واجلهوي CCات أو التفاع CCل بني النظري CCات مث التفاع CCل والتواص Cل Cبني املواض CCيع Cوال CCذوات العارف CCة،
وهذا ما سنتطرق إليه يف هذا الفصل .
كل األجسام تتكون من المادة ،و هي على ثالث حاالت فيزيائية :الحال.ة الص.لبة ،الحال.ة الس.ائلة و الحال.ة الغازي.ة ،تك.ون
جزيئات الجسم الصلب متالصقة أكثر لبعضها عنها في المائع ( غاز أو سائل ) ،و قوى الجذب بين جزيئات الص..لب تك..ون من
الكبر بحيث يظل محتفظا بشكله وهذه ليست الحالة بالنسبة إلى المائع حيث أن قوى التجاذب أصغر بين جزيئاته فعندما يتغ..ير.
شكل جامد ما بتأثير .القوى الخارجية ،فإن االجهادات المماسية بين الجزيئ.ات المتقارب.ة تح.اول أن تعي.د الجس.م إلى ش.كله األص.لى
وبالنس.بة للم.ائع ف.إن ه.ذه االجه.ادات المماس.ية تعتم.د على س.رعة ح.دوث التغي.ير .وتتالش.ى عن.دما تص.ل ه.ذه الس.رعة إلى الص.فر.
وعندما تتوقف الحركة ،تختفى االجهادات المماسية وال يحاول المائع استعادة شكله األصلى .
143
لتوضيح هذه املسألة Cينطلق ميشCCال سCCري وكعادته من منوذج للتحليل ،ويقCCع االختيCCار هنCCا
على الفيزياء .وال يعين ذلك بأي حCال من األحCوال أنCه جيعCل من الفيزيCاء علمCا ملكيCا ،يتقCدم
العلوم األخرى يف األمهية واملكانةC.
فهCC Cو ينكCC Cر فكCC Cرة املرجعيCC Cة واألسCC Cاس األول إنكCC Cارا تامCC Cا ويعتCC Cربه خلال الزم الفكCC Cر
الفلسCCفي لCردح طويCل من الCزمن وهCCذا مCCا « يCCدل على عCدم تفضCCيله لعلم على آخCر أو إعطCاء
متييزا معينا ،كما يفعل غاستون باشالر ،الذي جعل الفيزياء النظرية علمCCا ملكيا» 1فمشCCروعه
الفلس CCفي يتن CCاقض م CCع ه CCذا االعتق CCاد ب CCل هو يعم CCل على ه CCدم فك CCرة العلم امللكي C،وال يفض CCل
علمCC Cا على آخCC Cر .ويتجلى هCC Cذا املسCC Cلك عنCC Cد سCC Cري من تتبCC Cع خمتلCC Cف حتليالتCC Cه للعقCC Cل العلمي
التجديدي.
فمثال عنCCدما يتحCCدث عن اجلهوي CCات العلمي CCة خيت CCار النم CCوذج الرياضCCي ويف موض CCع آخCCرا
يكCCون النمCCوذج فلكيا أو كيميائيا.أمCCا اختيCCاره للموضCCوع الفيزيCCائي CفهCCو يرجع باألسCCاس إىل
أن الفيزي CCاء متث CCل ع CCامل االتص CCالية ،وتت CCوفر على خص CCائص العل CCوم املعاص CCرة كالنق CCل واالس CCترياد
والتص CCدير كمف CCاهيم حموري CCة لعملي CCة التواص CCل .إن اجلس CCم الص CCلب أص CCبح موض CCوعا للفيزي CCاء
املعاصرة املتزامنة Cمع نظريات االعالم Cوالفوضى خالفا ملا كان عليه االعتقاد الباشالري الCCذي
حصره يف السوائل والغازات بتأثري من فيزياء النسبية Cوالكوانتا Cخصوصا.
إن اجلس CC Cم الص CC Cلب هو الش CC Cيء املوض CC Cوعي Cال CC Cذي تتمث CC Cل مفاهيم CC Cه النظري CC Cة يف مفCC Cاهيم
البن CCاءات Cوالنم CCاذج واهلندس CCات املعماري CCة « م CCا ال CCذي يوج CCد موض CCوعيا يف ه CCذا الع CCامل ال CCذي
وصفته منذ قليل بسرعة ،يف هذا العامل ذي االتصالية الCCيت تCCؤمن بCCالتوافق ،ميتCCد هCCذا إىل علCCوم
احلي CCاة واالنس CCان C؟ م CCا املواض CCيع التجريبي CCة يف ه CCذا الش CCكل؟ م CCا املواض CCيع CاملنتخبC Cة Cيف عملي CCة
التجرب CCة ال CCيت جيعله CCا ه CCذا اجملم CCع ممكن CCة ؟ م CCا ال CCذي جيع CCل ه CCذا الع CCامل موض CCوعيا ؟ » 2إن ه CCذا
يوسف ،تيبس ،التص.. .ورات العلمية للع.. .الم :قض.. .ايا واتجاه.. .ات في فلس.. .فة العلم المعاص.. .رة ،ابن الن.. .ديم للنشر والتوزيع ،ط،1 1
68
1
ibid, p : 72
145
بعد حتديده ملوضوع العلم املعاصر يباشر سري درسه االبستمولوجي منتقدا للفلسفات
السابقة واليت مل تعن باملوضوع كمعطى يف العلم املعاصر بCCل أكCCثر من ذلCCك جعلت املوضCCوع
العلمي خارج الدائرة ،يف تأسيسها ألطCراف املعرفCة .فهي إمCCا تؤسCCس لعالقCCة ذات – ذات أو
ذات– موض CC Cوع لكن اجلديد ال CC Cيت أكدت CC Cه الدراس CC Cات العلمي CC Cة املعاص CC Cرة ويؤس CC Cس له سري
ابس CCتمولوجيا العالق CCة بني املواض CCيع فاحلديث بني املواض CCيع Cواألدوات أم CCا ال CCذات فإن CCه خترج
مبدئيا من الدائرة لتضطلع مبهام منهجية وهي قراءة االعالم أو حديث املواضيع « الشCCيء هCCو
جتري CC Cيب ألن CC Cه يوج CC Cد كمحتفظ وكمر ِسC C Cل لالعالم ،ألن CC Cين أوج CC Cد كق CC Cارئ ،ومتل CC Cق وحمتفCC Cظ
بCCاإلعالم CنفسCCه أو املماثCCل له » 1دور الCCذات العارفCCة يكمن يف كوهنا ذاكCCرة لتخCCزين االعالمC،
إهنا منبع للطاقة واالعالم.
إن العالقة ( موضوع -موضCوع ) تزحCزح الCذات كمركز وصCانع للمعرفCة لتتحCول إىل
راصCCد يتلقى االعالم C.لCCذلك يوظCCف سري مبCCدأ االيبCCوخي أو التعليCCق للتعبCCري عن هCCذه العالقCCة،
لكن ليس باملعىن الفينومينولوجي عند هوسرل أي ما يعرف بالوضCع بني األقCواس الCذي يضCع
العCCامل خCCارج الCCدائرة أو « وضCCع الوجCCود بني أقCCواس أي البحث يف املاهيCCات بغض النظCCر عن
وجودهCCا واالمتنCCاع – CمؤقتًCCا عن أحكCCام وجCCود ،املتعلق Cة CباملاهيCCات CحCCىت لوكCCان الوجCCود بينًCCا
جدا مثل وجود األنا » 2إمنا الCCذات العارفCCة هي الCCيت تكCCون خCCارج الCCدائرة وال تCCدخل الCCدائرة
ً
إال بعCC Cد أن تCC Cدخل يف الشCC Cبكة التواصCC Cلية CالCC Cيت رمستها عالقCC Cة موضCC Cوع – موضCC Cوع « .هنCC Cا
العالق CC Cة موض CC Cوع – موض CC Cوع أساس CC Cية ،وال CC Cذات خ CC Cارج ال CC Cدائرة ،على عكس اإليبوخي CC Cة
الفينومينولوجية اليت جتعل العامل خارج الدائرة ». 3
1
p 98
,op cit
اإلبوخية كلمة يونانية معناها التوقف عن إصدار الحكم أو إرجائه ،و يطلق عليها هوسرل وضع اآلراء والمعتق..دات واألحك..ام
بين قوسين وهي نقطة البداية في منهجه الفلسفي.
2
عبد الرحمان بدوي ،مدخل جديد إلى الفلسفة ،وكالة المطبوعات ،ط ،1الكويت ،1975 .ص132 :
3
Serres Michel . l interference, op cit, p: 98
146
لقد نظر الفالسفة Cسابقا إىل العالقة Cمن جهة واحدة فإما أن العالقة ذات – موضوع
،أو موضوع – ذات ،وهي نفسها العالقة Cذات – ذات يف نظر ميشال سري ألن كال منهما
يضCCع املوضCCوع خCCارج الCCدائرة ،إن النزعCCة املثاليCCة أو الواقعيCCة أو االختباريCCة كلهCCا ودون
اسCCتناء تقص Cي CاملوضCCوع من التجربCCة أمCCا احلالCCة السCCريية فإهنا تCCربز لنCCا التواصCCل والحCCوار الCCذي
جيري بني املواضCCيع واألشCCياء يف الطبيعة .إن العCCودة إىل األشCCياء تعCCين « نسCCيان الرياضCCيات
الكالس CC Cيكية C،وأفقه CC Cا ال CC Cوظيفي Cللع CC Cودة إيل اجملموع CC Cات م CC Cع تس CC Cليح ه CC Cذه األخ CC Cرية ببني CC Cات
أكس CCيومية حمددة ،وإعط CCاء املنط CCق وظيف Cة Cابس CCتيمولوجية C،مث إدراك أن الرياض CCيات تس CCعى إىل
تكCCوين قCCاموس وبنCCاء مناذج تشCCكل يف زمن معني هندسCCة الظCCواهر الذريCCة النوويCCة ،واجلسCCيمية
والكيميائي CCة اجلوي CCة وعلم البلوري CCات مث تعطي للنظري CCة الفيزيائيC Cة Cوظيف CCة إبس CCتمولوجية ،ح CCىت
تتمكن من التفكري يف شروط التجربة بدقة ،فتتمكن يف األخCCري من رسCCم دوائCCر التواصCCل الCCيت
على طوهلا يتم نقCل اإلعالم.1» Cإن الرياضCيات املعاصCرة ختتلCف يف توجهاهتا عن الرياضCيات
الكالسيكية Cفإذا كانت هذه األخرية ذات توجه أنطولوجي يشتغل بالكائنCCات املقداريCCة لCCذاهتا
فCC Cإن املعاصCC Cرة اسCC Cتبدلت CبCC Cذلك توجهCC Cا بنيويCC Cا يهتم بالعالقCC Cات الCC Cيت تتم بني هCC Cذه الكائن CCات
املقداريCCة .ويتضح من ذلك أن أفCCق هCCذه العالقCCة أفCCق علمي معاصCCر ميتCCد إىل نظريCCة اجملموعCCات
والتبولوجي CCا يف الرياض CCيات واهلندس CCة بتفرعاهتا الذري CCة النووي CCة C،اجلس CCيمية ،الكيميائي CCة ،وعلم
البلوريات وكأهنا نظرة تأليفية Cللعلوم املعاصرة تعكس فعل التواصل فيما بينها.
النقCCد السCCريي يتخذ من جتربCCة ديكCCارت على قطعCCة الشCCمع منوذجا للتحليل هبدف
إح CCداث مقارن CCة م CCع جترب CCة العق CCل العلمي جديد المتج CCدد .إن جترب CCة ص CCاحب الكوجيت Cو Cعلى
1
تاريخ و فلسفة العلوم عند ميشيل سير ،مرجع سابق
علم البل .. .ورات يختص بدراسة البل .. .ورات من حيث ش .. .كلها الظ .. .اهري أو الخ .. .ارجي وتركيبها والتع .. .رف عليها وعلى الص .. .خور
والمع..ادن ال..تي تحويها ..ويس..تخدم علم البل..ورات اآلن باس..تمرار وب..اطراد مس..تمر .في حل كث..ير من المش..اكل الكيميائية والفيزيائية
وفي الدراسات البيولوجية
147
قطعة الشمع حتدث عنهCا يف مناقشCاته ملعرفتنCا بوجCود املوضCوعات اخلارجيCة (العCامل الفيزيCائي)
وتتلخص يف تقCC Cريب القطعCC Cة من النCC Cار« سCC Cتجد أن مCC Cا يبقى من طعمهCC Cا يCC Cذهب ،وتتالش C CىC
الرائحة ،ويتغري لوهنا ،ويضيع شكلها ،ويزيد حجمها ،وتصCCبح سCCائال ،وتسCخن ،ومهمCا ننقCCر
عليهCCا فلن ينبعث منهCCا صCCوت .ال شCCيء يبقى من كCCل مCCا الحظنCCاه عن طريCCق احلواس .ومCCع
ذلCCك فCCإن الشCCمعة نفسCCها تبقى .فمCCا الCCذي يبقى منهCCا بدقCCة؟ مCCا يبقى CهCCو شCCيء ممتCCد ،مCCرن،
ومتحرك .ما يبقى Cهو
شيء ال نعرفه عن طريق احلواس ،بل عن طريق العقل وحCده » 1يعتCرب سCري جتربة الشCمع
الديكارتية ،CحتتفCC C Cظ بتارخيها ،فهي تتلقى االعالم CالCC C Cذي يتغCC C Cري بطريقCC C Cة غCC C Cري مرئيCC C Cة ،غ CC Cري أن
ديكCCارت –حبسCCب سCCري -مل حياول قCCراءة هCCذا اإلعالم ،ألن Cه جعل دائCCرة الفهم أو العقل هي
الالمتغ CCري الوحي CCد ال CCذي ميكن اس CCتيعابه C،ويC Cرفض التجرب CCة .ول CCذلك يC Cدخل يف منط وج CCودي
يرتبCCط بالCCذات أمCCا العCCامل املوضCCوعي فيCCه يرجCCع إىل الفكCCر ومن مث يؤكCCد ديكCCارت على « أن
اخلصCC Cائص CالعاديCC Cة احملسوسCC Cة للشCC Cمعة ال ختربنCC Cا بشCC Cيء عن طبيعته C Cا CاجلوهريCC Cة ،ويتضCC Cح أن
اخلصيصCة CاجلوهريCCة الوحيCCدة للشCCمعة هي امتCCدادها :إهنا ببسCCاطة شCCيء ممتCCد لCCه طCCول وعCCرض
وعم CCق وه CCو قاب CCل أن يتخ CCذ ع CCددا غ CCري حمدود من األش CCكال اهلندس CCية ولكن ذل CCك ليس ش CCيئا
ندركه باحلواس أو التخيل ...ومن مث نعلم أن األجسام ال يتم إدراكها بدقة بواسCCطة احلواس
أو ملكة التخيل بل بالعقل وحده».2
إن املعرفة العقلية اخلالصCCة هي نCCور الطبيعCCة ،والقCدرة الفطريCة الCيت غرسCCها اهلل فينCا ،وينتج
عن املنطCCق الCCديكاريت أن اإلدراكCCات الواضCCحة ال عالقCCة هلا بإدراكCCات احلواس ،بCCل هي نCCوع
1
وليم كيلي رايت ،تاريخ الفلسفة احلديثة ،تر:حممود سيد أمحد ،التنوير للطباعة والنشر ،لبنان ،ط ،2010 ،1ص 101،102
2
جورج كوتنغهام ،العقالنية فلسفة متجددة ،ترمجة حممد منقذ اهلامشي ،مركز اإلمناء احلضاري ،حلب ،سوريا ،ط ،1997 ،1ص 51
148
من اإلدراكات العقلية اليت نتمتع هبا حني نتأمل قضايا الرياضيات البديهيCة CواألوليCCة C،فخCCواص
الشمعة اليت ندركها بوضوح إمنا هي خواص رياضية هندسية ،فالشمعة شيء قابل للتمCCدد يف
ثالثة أبعاد ،وتكتسي هذه النقطة أمهية كبرية لفهم الفيزيCCاء الديكارتيCCة « فالربنCCامج الCCديكاريت
للعلCCوم الفيزيائيCCة C،هCCو اإلخضCCاع للرياضCCيات ،أي جعلهCCا رياضCCية ،ويقCCرتح ديكCCارت التخلص
النظCCامي من اخلصCائص CاحملسوسCCة لصCCاحل اخلصCCائص القابلCة للقيCاس الCدقيق يف التفكCري الرياضCي
» .1
إن ه CCذا التحلي CCل حييل ميش Cال سCCري إىل اعتب CCار التجرب CCة الديكارتي Cة Cحال CCة هندس CCية أو
احلالة الذاتية – الذاتية ،اليت تقصCي CاملوضCوع Cمن جمال اهتمامها ،وميتCد احلكم ليشCمل التجربCCة
املوضCCوعية والتكنولوجيCCة الفيزيائيCCة C،فاملوضCCوع ولكCCثرة حتوالتCCه وتغرياتCه Cال يوجد .واملتحCCول
وكثري التغري ليس جديرا بالثقة ،أما الثبات والال تغCCري فيوجCد يف الفكCCر .وكCCل مCا يوجCCد شCيء
ما يفكر،
يفك CCر يف االمت CCداد ،وبالنس CCبة ل CCديكارت ختتزل العالق CCة يف أن CCا واهلندس CCة كم CCا أفهم CCا ،أي
اهلندسة والذاتية C،ومع الكوجيتو الCCديكاريت حتول السCؤال حCCول شCCروط التجربCCة وإمكاناهتا يف
الCCذات ،واملنجCCز األساسCي Cهلذه الفلسCCفة هCو إعCادة املعرفCة لإلنسCان CبوصCCفه منتجCا هلا .واملعرفCة
حتصلها على ثقة العقل .باعتباره Cمصدرا للمعرفة.
تكتسب Cقيمتها من خالل ّ
مث ميت CC Cد مع CC Cول النق CC Cد الس CC Cريي إىل حال CC Cة ثانية يس CC Cميها ،احلال CC Cة الباش CC Cالرية C،ووحمورهCC Cا
الموض CC Cوعي والC C Cذايت أو احلال CC Cة الفيزيائي CC Cة ،وهي فيزيائي CC Cة ألن باش CC Cالر يس CC Cتقي مفاهيمهCC Cا من
نظريات الفيزياء املعاصرة على وجه اخلصCوص ،حيث تشCهد الفيزيCاء فيها حCوارا ال هنائيCا بني
العقالين واملادي ،النظري والتطCCبيقي .إن بنCCاء املعرفCCة العلميCCة املعاصCCرة يف نظCCر باشCCالر يتم يف
إطار حوار متكامل بني العقل والتجربة.
1
املرجع السابق ،ص53
149
فالعقCCل يف العلم املعاصCCر مشCCروط بطبيعCCة املوض CCوعات ال CCيت يري CCد معرفتهCCا ،ليس عقال
منغلق CCا وثابت CCا ب CCل منفتح CCا على الواق CCع ال CCذي يتناول CCه .من هن CCا أخ CCذت ه CCذه الفلس CCفة مس CCمى
العقالنية املطبقة .اليت تتم داخل وعي غري معزول عن الواقع .علمCCا أن هCCذا الواقCCع نفسCCه واقCCع
متحCCول ومبCCين بنCCاءا نظريCCا وعقليCCا .إن مCCا كCCان يCCرمي إليCCه غاسCCتون باشCCالر هCCو حماولCCة إقامCCة
فلسCفة تتالءم وطبيعCة Cالعلم املعاصر فلسCCفة ذات طCرفني ،عقالين وواقعي Cيف الCCوقت ذاتCCه « إذا
ج CCاز لن CCا أن ن CCرتجم إىل اللغ CCة الفلس CCفية تل CCك احلرك CCة املزدوج CCة ال CCيت تغ CCدي الفك CCر العلمي ،يف
الوقت الراهن ،قلنا إهنا حركة تتCأرجح لزومCا بني مCCا هCو قبلي ومCCا بعCدي ،حركCة ترتبCCط فيهCCا
النزعة التجريبية بالنزعة العقالنية ،يف الفكر العلمي ارتباطا غريبا،ال يقل قوة عن ارتبCCاط اللCCذة
بCCاألمل .والواقCCع أن كCCل واحCCدة منهمCCا تعCCزز األخCCرى وتربرهCCا :إن النزعCCة التجريبيCCة يف حاجCCة
إىل أن تتعقCل ،والنزعCة العقالنيCة Cيف حاجCCة إىل أن تطبCCق» 1وإذا كCCان املشCCروع االبسCتمولوجيC
الباشCC C Cالري يرتكCC C Cز باألسCC C Cاس على بنCC C Cاء فلسCC C Cفة ذات حمورين عقالين وواقعي لكن يف نفس
الCCوقت يقCCول بCCأن فلسCCفته عقالني Cة CبصCCفة أساسCCية CإنCCه االجتاه الCCذي يCCذهب من العقالني Cة Cإىل
التجربة.
وه CCذا ال يع CCين أن فلس CCفته عقالنيC Cة Cديكارتي CCة ،وإال كي CCف يؤس CCس إلبس CCتمولوجيا ال
ديكارتية « ومن اجللي أن (الديكارتية) اإلبسCCتيمولوجيا املعاصCCرة ال حتملنCا على جتاهCل أمهيCCة
الفكر
(الCC C C C C C C C C Cديكاريت) ،كمCC C C C C C C C C Cا أن (الالأوقليديCC C C C C C C C C Cة) ال ميكن أن جتعلنCC C C C C C C C C Cا نتجاهCC C C C C C C C Cل تنظيم
الفك CCر(الالأوقلي CCدي).ولكن من ال CCواجب على ه CCذه األمثل CCة التنظيمي Cة Cاملختلف CCة أن ت CCوحي إلينا
بتنظيم أعم يشمل الفكر املتعطش Cللكلية » 2الفلسفة الديكارتية Cوباألخص يف مسCCألة احلدس
1
حممد Cعابد اجلابري ،مدخل إىل فلسفة العلوم ،مرجع سابق ،ص 468
2
غاستون باشالر،الفكر العلمي اجلديد،ترمجة الدكتورعادل العوا،مراجعة الدكتور عبد اهلل عبد الدائم ،املؤسسة اجلامعية للدراسCات
و النشر
150
الفك CCري -والكوجيت CCو C-فك CCرة حمروم CCة من فرض CCيتها املكونC Cة Cأو املنتج CCة لوج CCود مقول CCة ،أن CCا
أفكCCر ،الCCذي ال يتعلم فيCCه اإلنسCCان شCCيئا بCCل ومل يعCCد ميثCCل فيCCه شCCيئا نظCCرا حلرمانCCه من فرضCCياته
املسبقة Cاملكونة Cواملوجهة .
لكن هCC Cل حقيقCC Cة باشCC Cالر متجCC Cاوز لعقالني C Cة CديكCC Cارت من وجهCC Cة نظCC Cر ميشCC Cيل سCC Cري ؟
ما يوجد بالنسبة للحالة الباشCCالرية شCCيء مCCا ينتشCر يف مواضCيع بCCدون ذاكCرة ،يوجCد ظCواهر
انتشارية يف عامل ال تارخيي « إن هناك من دون شك بنية خفية للمواضCCيع ،و لكن ال يتوصCCل
إليه CCا إال عCCرب العالقCCة ،ال CCيت هي بالض CCبط انتشCCار ،إن الفيزيCCاء كليCCة تص CCبح فزيCCاء املنتشCCر :علم
البصريات الكهرباء املغناطيسية الكهرباء الالسلكية ،الديناميكا احلرارية ،علم اإلشعاعية C،علم
األصوات » 1إهتمام باشCCالر تركCز على ظCاهرة االنتشCار ،وأسCCئلة فيزيCCاءه األساسCCية ،مCا الCCذي
ينتشر ؟ كيف ينتشر ؟ و يف أي شيء ينتشر ؟
االنتشار هو ما يوجد بالنسبة له ،أما املوضوع املدروس فيأيت يف الدرجة الثانية C،يتبني
إذا -و ال CCرأي هن CCا مليش CCيل س CCري -أن باش CCالر ه CCو اآلخ CCر مل يلتح CCق بالش CCيء ذات CCه أو اجلس CCم
الص CCلب ،فك CCل م CCا يوج CCد بالنس CCبة إلي CCه الظ CCواهر االنتش CCارية ل CCذلك يفض CCل املواد الس CCائلة ألهنا
متسح تارخيها وتفقده وال تتوافر على ذاكرة .
أما احلالة السريية فهي تتميز عن سابقاهتا الديكارتية الباشالرية ،فإذا كانت اهلندسة
واحلركCCة مCCا متيز احلالCCة الديكارتيCCة والسCCوائل CوظCCواهر االنتشCCار مCCا مييز احلالCCة الباشCCالرية C،فCCإن
العالقة موضCوع – موضCوع هي مCا مييز احلالCة السCريية ،هنCاك إتصCال أو تواصCل ينقCل االعالم
من
موضCCوع آلخCCر ،وينقشCCه على األجسCCام الصCCلبة لتحتفCCظ بCCه هCCذه األخCCرية يعCCرب عنهCCا سCCري
والتوزيع-بريوت ، -ط ،1982 ، 2ص144
1
Serres Michel . l interference, op
cit, p87
151
« ثالث حاالت :حركات انتشار تواصل ،ثالث حاالت :أشCكال أجسCام صCلبة ،إن احلالCة
1
الثالثة : Cجسم صلب ،تواصل أو إعالم ميكن أن يقال عنها كذلك بنية – تطبيق»
إن اجلسCCم الصCCلب يتقCCدم كموضCCوع يتصCCف خباصCCية االحتفCCاظ وذي أولويCCة يف العلم
املعاصCCر .ولCCذلك يCCويل سري اهتمامCCا باجلسCCم الصCCلب والتواصCCل الCCذي يتم بني هCCذه املواضCCيع.
ومتيCC Cيزا هلا عن احلاالت السCC Cابقة يصCC Cفها بحالCC Cة املوضCC Cوعي C-املوضCC Cوعي ،حالCC Cة حتاول ق CCراءة
حديث املواضيع Cوإعادة تكوين هذا احلديث املوضوعي ،إذا ما يوجد هCCو اإلعالم CالCCذي ميكن
أن يثبت يف اجلس CCم الص CCلب و خباص CCة يف ذاكرت CCه و يق CCول يف ذلك « بطريق CCة م CCا ،إهنا املرة
األوىل يف الت CCاريخ ال CCيت ميكن فيه CCا أن نعني موض CCوعا يط CCرد الش CCيطان االختب CCاري» 2والش CCيطان
هنCC Cا هCC Cو كCC Cل مCC Cا يعيCC Cق عمليCC Cة التواصCC Cل املعCC Cريف ( اإلرسCC Cالية والضCC Cجيج ) وعCC Cده ديك CCارت
( الص CC C Cحيح و اخلاطئ ) ومع باش CC C Cالر ش CC C Cيطان التحلي CC C Cل النفسيC كش CC C Cيطان للمعرف CC C Cة
( الشعور والالشعور ).
إن إهتم CCام العل CCوم املعاص CCرة باجلس CCم الص CCلب كموض CCوع ،موض CCوعي م CCع ب CCروز هندس CCة
الفراكت CCال وفيزي CCاء الفوض CCى واملعلوم CCات يظه CCر هتافت العالق CCة بني ال CCذات واملوض CCوع Cأو بني
املوضوع Cوالذات ويرسم لعالقة جديدة طرافاها موضوع – موضوع .
فمن " شك جذري يف األسلوب الديكاريت ،القائم على الكل والال شئ ،إىل اجلدال
الباش CCالري الق CCائم على النفي Cالش CCامل ملا قب CCل الت CCاريخ ،والنفي اجلزئي للت CCاريخ ال CCرتاجعي C،إىل
االسCCتيعاب الشCCامل للفكCCر التجريCCيب كصCCراع ضCCد تشCCويش الضCCجيج مCCع ميشCCال سCCري" 3إن
جديCCد العالقCCة السCCريية كموضCCوع – موضCCوع ،خترج الCCذات من الCCدائرة واحلديث يكCCون Cبني
املواض CCيع واألدوات ،ل CCذلك ي CCدعونا -س CCري -إىل إجياد حتلي CCل للموض CCوع التق CCين فمثال عن CCدما
1
ibid p 91
2
Op cit, p
95
3
يوسف ،تيبس ،التصورات العلمية Cللعامل ،مرجع سابق ،ص 374
152
نق CCول إن الس CCدود تنتج الكهرب CCاء فإنن CCا نقصC Cي Cالعنص CCر القبلي وهي ال CCذات ،ال CCيت تتح CCول إيل
شيء ما يعلم خيتزن اإلعالم Cويتلقاه ،فهي ذاكرة لتخزين اإلعالم Cوقطب للحوار بني املواضيع
وال CCذوات « إن الش CCيء ه CCو جتري CCيب ألن CCه يوج CCد كمحتف CCظ وكمرس CCل لإلعالم Cوألن CCين أوج CCد
كقارىء ،ومتلق وحمتفظ باإلعالم نفسه أو املماثل له » . 1
إن احلالة الديكارتية Cو الباشالرية من وجهCة نظCر ميشCيل سCري تضCعان CاملوضCوع خCارج
الدائرة لكن العالقCة السCريية موضCوع – موضCوع تضCع الCذات خCارج الCدائرة هCذا التعليCق أو
الوض CCع خ CCارج ال CCدائرة ه CCو م CCا يص CCفه س CCري ب CCاإليبوخي وال CCيت تع CCين التوق CCف والتوقيف Cفال CCذات
تتوقCC Cف عن احلكم لتCC Cرتك اجملال للمواضCC Cيع تتواصCC Cل وتتبCC Cادل فيمCC Cا بينهCC Cا االعالم ودوره CCا أن
تص CCغي لتتلقى االعالم .أم CCا املواض CCيع فيت CCذكر بعض CCها البعض و ينقش بعض CCها البعض Cلتتب CCادل
اإلعالم Cفيما بينها.
ولكن هCC Cل اإلعالم املتبCC Cادل بني املواضCC Cيع يقتصCC Cر على نCC Cوع منهCC Cا أم ميتCC Cد إىل املواضCC Cيع
العلميCC Cة على العمCC Cوم؟ جCC Cواب ميشCC Cال سCC Cري أهنا تشCC Cمل كCC Cل املوجCC Cودات ،اجلمCC Cاد ،النبCC Cات
واحليوان فحىت العضوية Cفيها شبكة من احلفظ والتخCCزين النقCل والتواصCCل ،فCالنواة مثال ،تقCCوم
بتخCCزين املعلومCCات املهمCCة النقسCCام اخلليCCة وهCCذا مCCا بينت Cه الكيميCCاء احليويCCة يف حتليلهCCا للعناصCCر
الدقيقCة يف اخلليCة كاحلامض الريCيب النCووي ( « C)A.D.NيوجCد يف اجلهCاز العضCوي شCيء مCا
ك CCاحلروف ،ش CCيء م CCا كالق CCاموس ،ش CCيء ما كش CCبكة النق CCل ،إن فك CCرة الرتمجة ال تتوق CCف عن
العودة » 2فكل املوجودات متثل ركيزة لإلعالم الذي تتلقاه وحتتفظ به و ترجعه .ونضع هنCCا
خطاطCCة تلخيصية أوردهCCا سCCري يف كتCCاب التفاعCCل ،يف معCCرض حديثCCه عن التفاعCل CاملوضCCوعي،
للعالق CC C C Cات ذات – ذات ذات -موض CC C C Cوع ،موض CC C C Cوع – ذات ،مث العالق CC C C Cة موض CC C Cوع –
1
ibid p 98
2
Serres Michel . l interference, op cit, p 105
153
موضوع ،اليت يطرحها ميشيل سري كبديل للعالقات السابقة .
الواقعية ( أرسطو )
ذات موضوع
أفالطون ( أنا – اآلخر ،مذهب الفطرة ملينون) االختبارية
ديكCC C C C Cارت ( أنCC C C C Cا – أنCC C C C Cا ،مCC C C C Cذهب الفطري CC C Cة) ذات لCC C C C Cوك ،كونCC C C C Cدياك)
املثالية
1
خطاطة ()1
ذات موضوع
العالقة موضوع -موضوع
موضوع ذات
2
اخلطاطة ()2
154
الهنائي بني املواضيع .ويشCكل هCذا احلوار النسCيج التCارخيي لألحCداث والقCوانني الCيت تعCد األنCا
العارفة شاذة يف وسطها فهي قطيعة داخل االتصالية ،مع التأكيد على أن الذات العارفCCة تشCCري
إىل النحن أو الذات اإلنسCCانية .واللحظCCة الال متغCCرية CفCCري احلالCCة السCCريية هي « إن املورفيCCه هي
على العمCCوم اجملموع Cة Cاملثالي Cة CللمورفيهCCات الفردي CCة املرس CCلة واملنقول CCة واملتلق CCاة واحملتف CCظ هبا من
موضCCوع إىل آخCCر» 1يعCCين ذلCCك أن املورفيه CالعامCCة تتشCCكل من جمموعCCة املورفيهCCات الفرديCCة
ال CCيت ختض CCع لفع CCل النق CCل وتطب CCع على س CCطح املواض CCيع ،فتمث CCل ه CCذه األخ CCرية قن CCاة من ش CCبكة
التواصل واإلعالم C،كما حتمل بصمات التجارب فتصبح بCCذلك قطبCCا يف هCCذه الشCCبكة CويصCCبح
العلم بذلك هو علم املورفولوجيا من الرياضيات إىل التاريخ .
1
ibid p
110
المورفولوجيCCا علم CدراسCCة الشCCكل والبنية ( حيوانيCCة ،نباتيCCة ،صCCخرية ،لغويCCة) ويسCCتخدمه ميشCCيل سCCري ليعCCرب بCCه عن كCCل مCCا هCCو
مكتوب عن موضوع العلم ،مع اإلشارة إىل إمكان وجود جمموعة Cمن املورفيهات يف موضوع واحد .
هرمس رسول اآلهلة عند اليونان ،منه استوحى ميشيل سري عنوانا لسلسلة كتبه يف التواصل بني العلومC
يوسف تيبس ،تاريخ وفلسفة Cالعلم عند ميشيل سري ،مرجع سابق ،ص 164 2
155
كليهما .فال جيب أن تكون الفلسفة ناقلة ومتطفلة ألهنا بذلك تشوش على العلم ،فليس
هناك فلسفة داخل العلم بل « الفلسفة تفكر مع العلوم ،ولكن خارجها ،إن الفلسفة تفكر
فيما مل تفكر فيه العلوم أو فيما نسيته العلوم أو فيما مل تقدر على التفكري فيه ،أو مهشته،
أو فيما منعت Cالتفكري فيه أو فيما مل تفكر فيه العلوم بعد ،و أخريا فيما غطته و أخفته
العلوم».1
الفلسفة إذا ،مدعوة ألن تساهم جبانب العلم لكن مع احملافظة على هويتهاC
وخصوصيتها ،يف كتابه األصل ،يقول سري « :إن الفلسفة ليس هلا الواجب Cألن تفكر
فيما تفكر فيه العلوم وبالطريقة نفسها اليت تفكر فيها إن بإمكاهنا أن تفعل ذلك باختيار،
ولكن عليها أن تعلم بوضوح أهنا بذلك عبد وتقليد ،متطفلة وناقلة ،هناك من يفضل هذا
وهناك Cمن يرفض ذلك ...إن الفلسفة ليس من واجبها االمتيازي أن تفرتق عن العلم ميكنها
أن تكون كذلك حسب اختيارها ،ولكن جيب أن تعلم بوضوح أهنا إذن ،جاهلة مؤرخة،
منغلقة يف مؤسساهتا اخلاصة ،هناك Cمن يفضل هذه املهمة التارخيية و هناك من حيزن هلا ».2
إن املوقف السريي يرفض أن تصري الفلسفة علما ويف ذلك رفض صريح للفلسفات
العلموية ،كالوضعية املنطقية اليت اختذت منطق العلم سبيال يف بناء أطروحاهتا ،يف مقابل تيار
املثالية Cالذي ظل حمافظا على تعايل نزعته املاورائية اليت تلخص أصل الوجود يف الفكر .ورمبا
كان جململ التطورات واالكتشافات العلمية املتالحقة يف مجيع ميادين العلم وتعزيز مواقعه
وهيمنته Cعلى مجيع املعارف األخرى أثر بالغ أدى اىل تعميق االختالفات بني أنصار العلم –
باملعىن الضيق -وأنصار العلوم األخرى املختلفة ،وقد انعكست Cهذه االختالفات على العالقة
القائمة بني الفلسفة والعلم واليت شهدت أشكاال للصراع الذي مت فيه احلسم اإلبستمي
المرجع السابق ،ص164 : 1
2
serres michel, Genèse, Grasset
Paris,1982,p:169
156
باالنفصال بني الفلسفة والعلم يف كثري من االحيان .فمثال ،يذهب "كرناب" كأحد رواد
الوضعية Cاملنطقية مبينا بدقة علمية صارمة مفهوم الفلسفة العلمية كنظرية للمعرفة ،خالية من
كل انطولوجيا ومن كل سيكولوجيا ،هذه النظرية اجلديدة للمعرفة تقوم على حتليل منطقي
للغة العلم على أسس حنوية ،ويف حدود هذا املعىن يقيم كارناب ،تفرقة علمية بني القضاياC
اليت هلا معىن وهي القضايا اليت ميكن التحقق منها مخربيا والقضايا Cامليتافيزيقية Cاخلالية من
املعىن ويطلق عليها (أشباه -القضايا) الهنا ال ختضع للنظام النحوي املنطقي ،Cوان هذا الفصل
الذي يقيمه كارناب ،بني القضايا العلمية والقضايا Cامليتافيزيقية( Cأشباه -القضايا) ،سيدفع به
اىل إحداث قطيعة جذرية بني امليتافيزيقا وفلسفة العلم مما سيدفع حبلقة فيينا إىل اعتبار« C
امليتافيزيقا ال تنطوي على نظريات ،كما أهنا ال تشمل على قضايا علمية ».1
ولذلك يؤكد آير على ضرورة إبعاد كل تفكري ميتافيزيقي وفلسفة تأملية وننظر إىل
الفلسفة من وجهة علمية .فمن واجب الفيلسوف أن خيترب مدى صحة فرضياته العلمية
ويربرها ويبني املقاييس Cاليت يستعملها لكي يؤكد حقيقة اخلطأ أو الصواب Cألي فرض.
و تفضيل الفروض العلمية على الفروض امليتافيزيقية يرجع إىل أن األوىل جتريبية وأكثر
دقة .كما ال جيب على الفلسفة أن تكون متأخرة عن التطورات احلاصلة يف العلم ،ولعل
هذا ما كان يرمي إليه الفيلسوف الفرنسي "غاستون باشالر" يف حماولة إقامة نظرة فلسفية
صحيحة ،تتالءم وتتماشى Cمع العلم املعاصر ،وهي حماولة إزالة اهلوة اليت تفصل الفلسفات
اسCCم أطلقCCه بلومCCربج وفاجيل عCCام 1931م على األفكCCار الفلسCCفية CالصCCادرة عن اجلماعCCة الCCيت أطلقت على نفسCCها
(مجاعة فينا) .وقد أنشأت هذه اجلماعة يف أوائل العشرينات من القCCرن العشCرين حلقCةً للمناقشCCة غCري رمسية جبامعCCة
فينCا ،يتزعمهCا مCوريس شCليك(1882م ـ 1936م) أسCتاذ كرسCي العلCوم CاالسCتقرائية يف هCذه اجلامعCة .من أعضCاء
هCCذه اجلماعCCة البCCارزين رودلCCف كارنCCاب ،وفردريCCك فايزمCCان ،وكCCارل بCCوبر ،فيليب فرانCCك أمCCا سCCبب لقCCاء هCCذه
اجلماعCCة يف حلقCCة معرفيCCة مشCCرتكة ،فيعCCود اىل توحCCدها يف االهتمCCام بCCاملنهج كمCCدخل أساسCCي ،والسCCعي لتأسCCيس
الفلس CCفة العلميCCة أو التنظCCري للفلس CCفة علمي Cاً من خالل ممارسCCة التحلي CCل املنطقي ،فض Cالً عن السCCعي لتوحيCCد العلCCومC
مجيعا .
زكريا إبراهيم ،دراسات يف الفلسفة املعاصرة ،مكتبة مصر ،مصر ،د.س ،د.ط ،ص 274 1
157
املعاصرة عن العلم املعاصر هلا .يف حني يرى سري أن باشالر متأخر عن علوم العصر ونظرياته
املتجددة.
لقد أصبح احلديث عن العلم ومن مث االبستمولوجيا ،يف الفلسفة املعاصرة ،ضرورة ،
ألنه يربز ارتباط الفيلسوف بالعلم كممثل للسلطة املعرفية يف العصر احلاضر .وعند احلديث
عن عالقة الفلسفة بالعلم يبزر لنا ميشيل سري دور الفلسفة ليس فقط يف تطور العلم بل
كذلك يف تأسسيه .
ويف هذا السياق يتخذ من الرياضيات منوذجا للتحليل ،واليت تتصف – من وجهة
نظره– بخاصية التجريد والصرامة ،الدقة والعمومية Cوالصورنة ،إن احملاورات األفالطونيةC
كامتداد فلسفي سابق للعلم كانت تسعى حنو التجريد ،يف حماولة لإزالة عنصر التشويش
والذي يسميه ميشيل سري الثالث املرفوع أو الشيطان أو الضجيج ،باعتباره Cعائق املعرفة
والتواصل .
إن م نهج احلوار األفالطوين يشرك احملاور يف مهمة التوليد وطرد الشيطان لنجاح
التواصل .ويتبني لنا أن املنهج اجلديل للحوار كمنبع للتجريد يأخذ منابعه Cمن اجلهويات
نفسها اليت يأخذ منها املنهج الرياضي « إن كال املنهجني يستقي فعله من جمال واحد ،إن
جماهلما هو األسطورة وحركتهما هي اجلدال ،أما هدفهما فهو إزاحة الضجيج كعنصر
يشوش على التواصل ويكدر صفاء التجريد» . 1فمادامت الرياضيات أساسها جتريد
وصورنة وهي صفات ناجتة عن حركة احلوار األفالطوين فإن الرياضيات نشأت من داخل
هذا احلوار « إن املعجزة اإلغريقية ،املتعلقة Cبالرياضيات ،جيب أن تولد يف الزمان نفسه،
الزمان التارخيي ،الزمان املنطقي والزمان الفكري ،مع فلسفة احلوار ومن خالل احلوار». 2
فقط علينا أن نستدرك القول بأن املعجزة اإلغريقية ال متثل أصل الرياضيات
تاريخ و فلسفة العلوم عند ميشيل سري ،مرجع سابق ،ص 159 1
2
serres michel, la communication, p
45
158
ومصدرها ،نقول ذلك ألن سري يتميز مبوقفه يف هذه املسألة Cوخالفا ملواقف املركزية املعرفية
الغربية اليت ترجع أصل العلوم ونشأهتا إىل االغريق .فظهور العقالنية اليونانية Cيف نظر
هؤالء املنظرين يؤرخ النطالق العقالنية Cالغربية ،خارج إطار املسامهات اليت بلورهتا
احلضارات القدمية وهناك منوذج واحد للمعرفة والعقل ،هو النموذج الغريب وما عداه صور
وأشباه . Cوعند معاينة
تطور الفكر والعقالنية Cعرب التاريخ يتم هتميش الدور احلضاري اإلسالمي C،أو ينظر إليه
أحيانا كرتمجة حمرفة ومشوهة للعقالنية Cاليونانية Cاملنظور إليها كأصل أول للعقل ،وللعقل
الغريب بالذات .فمعجزة اليونان عند "سري" متثلت يف بداية جهوية علمية خاصة باهلندسة و
ِسبقهم جتلى يف أهنم أوجدوا خطابا واخرتعوا لوجوسا ((logosخاصا بتحليالهتم ،إهنا متثل
نقطة االنطالق لتاريخ نوع من الرياضيات أما أصل الرياضيات فيوجد يف كل حلظات تطور
وثورة هذا العلم « لنعد إىل هذه املعجزة االغريقية ،اليت مل تعد بالفعل سوى كالم انفلت
من رينان يف حلظة حبور ...إن األشكال اهلندسية ( Cاملربع ،املثلث ،الدائرة ) اليت تعرف منذ
اآلن أن الكمال يف القياس ليس شرطا ضروريا لتارخييتها الرياضية إن هذه اإلشكالية Cكانت
معروفة ومطبقة قبل طاليس بكثري ،كما تشهد على ذلك وفرة الفنون Cالتزيينية وتكنولوجياC
صناعة اخلزف صناعة السالل ،واملذاري ،والنقل والبناء املتعلقة باحلضارات السابقة من مصر
إىل السومريني ...ولكن ما هو يقيين بالنسبة هو أن اإلغريقيني قد بدأوا يف احلديث حوهلا
ويأخذوهنا كمواضيع خلطاباهتم».1
يريد سري للفلسفة إذا أن تنفتح على العلم ،فلم تعد مهمتها التأمل يف اجلوهر واملاهية
وال أن تتحصن داخل أنساق فلسفية تأملية ومرجعيات ثابتة ،فمن واجب الفلسفة « أن
حتقق ثورة فلكية » .2إن وظيفة Cالفلسفة األساسية Cأن تتساءل حول التحويل والنقل
1
op cit, p.
106
2
serres.m, genese, paris, 1982 , p:
159
كمفاهيم خاصة بشبكة التواصل بني اجلهويات العلمية وبذلك تصبح الفلسفة خطابا
إبستمولوجيا حول العلم لكن من داخل العلم « إن الفلسفة ال ميكنها إال أن تنزل إىل العلم
حيث تنتظرها ،كما رأينا االبستمولوجيا ». 1
معىن ذلك أن تقارب الفلسفة مع العلم حيدث تقاطعا مضمونه اإلبستومولوجيا
وكل حقل معريف هو فلسفة تنعكس على جهويتها اخلاصة وفعلها اخلاص ،مث على العلم
عموما .إن عقم الفلسفة وعدم مسايرهتا للركب املعريف ،وتأخرها عن أدائها لدورها
الطالئعي Cيف الوقت الراهن ،هو ما دعا سري إىل جتديد دور الفلسفة « إذا كنا مل نعد نتمكن
من رؤية حقل علمي
ما إال كفلسفة الربيق ،فإن هذا يؤدي بالبداهة إىل أنه ال يوجد ،على األقل يف اللحظة
الراهنة Cفلسفة جتعل من هذا الربيق املرايا املتعددة لتأمل وحيد ،وأنه ال يوجد ،على األقل يف
اللحظة الراهنة فلسفة هلذا العامل من أجل عاملنا ،مما أدى إىل أننا نسكن أسوأ من العصور
2
األوىل ،عاملا غري مسكون ،ومن مث فإن الفلسفة تعتذر عن مهمتها »
نستخلص أن وظيفة العلم هي التفكري وإنتاج خطاب يتصف بالصرامة والدقة ،أما
وظيفة Cالفلسفة هي حماولة حترير العلم من سجنه املؤسسايت الذي يقتل قوة االبداع
واالكتشاف العلمي بتبنيه لفكر دون مرجعية وملفاهيم Cالفوضى Cوالتعدد والالنظام «
ليتحطم النظام بضربة مطرقة » 3تتجلى النزعة البنيوية يف فلسفة ميشيل سري بكل وضوح،
و اليت تقوم على أساس أن التقدم ال يعين تراكماً تدرجيياً ملكتسبات Cيضاف اجلديد منها إىل
169
1
serres .m , la communication, op cit, p p : 69,70
2
serres. m, l interference, op cit, p:47
3
serres, michel, la distribution . paris,minuit, 1977, p:
97
160
القدمي إضافة خارجية وإمنا يقوم على أساس أن األفكار اجلديدة هي جمرد توسيع ألفكار
سبق ظهورها من قبل فالعقل اإلنساين ال يسري بطريقة جيولوجية ،أي انه ال يضيف طبقةC
من املعرفة فوق طبقة أخرى وإمنا يسري بطريقة عضوية ،يعيد فيها مَت ثُّل القدمي بطريقة أصعب
وأعقد ،وحيتفظ فيها ببنائه القدمي وان كان يدرك خالل تطوره أن ذلك البناء الذي كان يعد
صحيحاً صحة مطلقة يف وقت مضى ال ميثل إال جانباً من احلقيقة Cهو ذلك اجلانب الذي
كان عقلنا يستطيع بلوغه يف ذلك الوقت.
بناء على ذلك ميكن القول أن كل تقدم يظل حمتفظاً بالنواة Cاملركزية ،وأن طريق
املستقبل مير باملاضي وأ ن طريق الوصول إىل الغد يتم من خالل مراجعة ما كان مت باألمس.
فالبذور القدمية موجودة دائماً ،وكل ما يفعله اإلنسان Cانه ينميها دائماً ،والعلوم يف نظر سري،
تتطور وتتقدم حنو األحسن أي تزداد دقة وضبطا.
إن احلديث عن التواصل بني العلوم و النظريات ،والذي يأخذ معاين متعدد عند سري،
التفاعل الرتمجة ،النقل ،االسترياد ،يقودنا إىل احلديث عن اجلهويات العلمية وما يتأسس
بينها
من تداخل وتبادل ليس فقط بني حقل علمي وآخر بل وحىت داخل احلقل الواحد
كالبيولوجيا والرياضيات والفيزياء يوجد تواصل وتفاعل « منذ وجود علوم تتوزع جيدا
وتنفصل بعناية C،كيف تريدون أن نتخيل العالقة بني التاريخ العام وتاريخ التخصصات إنه
اليوجد عالقة بني احلقول اخلاصة للمعرفة » 1ويقصد باجلهويات العلمية تلك الفروع
العلمية اجلزئية القدمية والناشئة Cاليت تلغي املفهوم Cالعام للعلم.
أي فكرة العلم بألف التعريف مثلما كان يرى العلماء والفالسفة يف العصور
الكالسيكية .Cفالعلم يف نظرهم وحدة كلية ألن الذات العارفة هي األخرى واحدة ،فوحدة
املعرفة من وحدة الذات العارفة ويف ذلك يرى ديكارت كممثل بارز هلذه الوجهة من
1
op cit, p 18
161
النظر إن كل العلوم ليست شيئا آخر غري احلكمة اإلنسانية ،اليت تظل دائما واحدة
ودائما هي نفسها ،مهما كانت املواضيع Cاليت تطبق عليها واليت تتلقى تغيريا من هذه املواضيع
أكثر مما يتلقاه ضوء الشمس من تنوع األشياء اليت يضيئها .أ ّكد ديكارت و ذلك منذ
املؤسسة على وحدة الفكر
األول املتمثّل يف " قواعد لقيادة الفكر " على وحدة املعرفة ّ
مؤلّفه ّ
اإلنساين.
الشاملة وهو العلم الكوين بالنّظام
الرياضيّات ّ
فكل العلوم هي تابعة لعلم ّأول هو ّ
ّ
وبالقياس وتعكس التّسمية األوىل لكتاب مقالة يف الطّريقة " أمهّية مسلّمة وحدة املعرفة يف
الفلسفة الديكارتيّة.
مو بطبيعتنا إىل
الس ّ
فالعنوان Cاألصلي للكتاب هو " :مشروع علم شامل قادر على ّ
أعلى درجات الكمال " .كتاب " مبادئ الفلسفة " يش ّدد هو اآلخر ،على الرّت ابط
والتّماسك الوثيق بني خمتلف فروع املعرفة الفلسفيّة اليّت متثّل حينئذ شجرة جذورها
امليتافيزيقا ،جذعها الفيزياء وفروعها بقيّة العلوم األخرى اليّت ميكن إرجاعها إىل ثالث
أساسيّة :الطّب و امليكانيكا واألخالق .لكن التعدد والكثرة Cيف العلوم أبطلت هذا االعتقاد.
ومن وحي فكرة تعدد العلوم ،وضع أوغست كونت تصنيفا Cوترتيبا هرميا للعلوم
خلصها يف ستة علوم تبدأ بالرياضيات وتنتهي إىل السوسيولوجيا حيث الميكن تقليص أي
علم إىل آخر
لكن تطور العلوم املعاصرة أفرز تعددية ختصصية Cمفرطة ،حيت داخل العلم الواحد
تأسست Cفروع خمتلفة ،وكل علم يتضمن علوما جزئية وتكرس االنقسام التخصصي Cداخل
كتب كونت اساسCيات مذهبCة الوضCعى يف مؤلCف "دراسCات ىف الفلسCفة الوضCعية" وأبCدى فيCه نوعCا من التعصCب هلذا العلم اجلديCد
فوضعه على رأس سلسله Cمن العلوم من ناحية االمهية والتعقيد ،قسم العلوم حسب درجة التعقيد واحلداثCة واالمهيCة ودرجCة العمCوم :
علم CالرياضCCيات ،علم CالفلCCك ،علم الطبيعCCه ،علم CالكيميCCاء ،علم احليCCاة وعلم االجتمCCاع ،واقتصCCر ىف هCCذا التصCCنيف على ما إصCCطلح
عليه" Cالعل CCوم االساس CCية Cالنظرية" ال CCىت تس CCتهدف التوص CCل اىل الق CCوانني الوض CCعية ال CCىت حتكم الظ CCواهر ،وتس CCري ه CCذة السلس CCله Cمن االعم
واالبسط اىل االخص واملركب ومن اشدها جتريدا حنو أقلها جتريدا .ويعتمد كل علم على ما بعده وىف هذا االطCار تCربز قيمCة وأمهيCة
وصعوبة علم Cاالجتماع من حيث هو اعقد العلوم ومن حيث اعتماده على كافة العلوم السابقه.
162
كل علم على حدة وأصبح فكر الوضعية كما يرى بعض الدارسني يمثل مرحلة الطفولة يف
العلم .لقد بدأ كل علم خيرج عن وحدته اخلاصة « فتكونت Cعلوم جديدة إنطالقا من هذا
التحرر وانطالقا من تظافر واجتماع علمني أو أكثر كازدواج الرياضيات والفيزياء يف
الفيزياء الرياضية ،وازدواج البيولوجيا Cبالكيمياء يف الكيمياء احليوية ،إىل غريها من العلوم
اليت مل تكتف هبذا الرتابط Cبل إهنا كوّنت جماهلا وموضوعها اخلاص ».1
لقد تعددت العلوم وتفرعت يف العصر احلاضر ،وبصورة مدهشة لذلك يدعونا سري
إىل فلسفة للفوضى ( )chaosوالتبعثر والتعددية كمفاهيم مفتوحة .لكن إذا كان سري يؤمن
بفكرة االتصال بني اجلهويات العلمية فكيف يتم هذا االتصال ؟ إن االتصال بني اجلهويات
العلمية أو تفاعل التخصصات العلمية تتم انطالقا من فعل النقل أي نقل املفاهيم واملناهجC
من جمال معريف إىل جمل معريف آخر إن فعل النقل هو تلخيص لعملييت التصدير واالسترياد
اليت تتم بني اجلهويات فيما بينها ،فبني الفروع والتخصصات العلمية عالقات منهجية
ومفهومية Cتؤسس لفعل النقل والرتمجة واالتصال كما يصفها سري « فال يوجد علم متفرد
من دون عالقات مع باقي العلوم سواء عرب عملية النقل أو التبادل ،أو عرب االزدواج
واالجتماع بعلوم أخرى ،مما يسمح باحلديث عن وحدة علمية أو انسيكلوبيديا Cكما
2
يفضل أن يسميها م.سري »
إن املفاهيم اليت اليت حتدد عالقات العلوم هي إسترياد و تصدير نقل و حتويل و تبادل
للمفاهيم واملناهج Cويسمي م.سري هذه العالقات وخواصها باملكان Cالمتعايل (
)TRANSCENDANTALمبجال العلم ،ليصبح كل جمال علمي جهوية من هذا املكانC
« مهما يكن يف هذه الغائية ،فإن التبادل هو قاعدة ،وإن مل تكن شاملة :استرياد وتصدير
تعلن يف نظري هناية عصر املتخصصني ،إن اجملتمع العلمي هو منذ اآلن متعدد اللغات ،فكلما
ص170 تاريخ وفلسفة Cالعلوم عند ميشيل سري ،مرجع سابق، 1
163
اجتهنا حنو البيداغوجي واإلبالغ C،سرنا حنو االختصاص :اإلطار السوسيوسياسي ،املكانC
اإليكولوجي وكلما اجتهنا حنو االخرتاع إلتقينا بالتبادل والرتمجة » 1فال وجود
لـ"البيولوجيا" Cبألف التعريف مثال بل هناك Cعلوم بيولوجية قطاعية تتواصل معرفيا بني
جهوياهتا الداخلية ،حيث أن نظام املعارف ووضعها ليس نظاما أو وضعا هرميا من األعلى
إىل األدىن ،بل هو حسب تشبيه ميشيل سري أشبه بشبكة Cطرقية يصبح فيها تدفق املعارف
متموجا يف عدة اجتاهات.
إن تاريخ العلوم ليس أحاديا ،وليس خطيا يف توجهات معارفه بل هو« :شبكة
تتدفق منها عدة طرق متعددة ومعقدة ،وتتشابك فيها عدة تبادالت ،وتتقاطع فيها عدة
2
متفصالت ،كقمم ومنعطفات ،إهنا تشعب لطريقني أو أكثر »
هلذا إذا ما تساءلنا عن شبكة متوج العلوم البيولوجية Cوتقاطعها ومنعطفاهتا أمكن
القول إهنا التوجهات األساسية Cالتالية:
أ -شبكة التوجه الفيزيو كيميائي ( ،)Physico-chimiqueواليت يوجهها اليوم
الربادجيم السائد يف البيولوجية اجلزيئية ))La biologie-moléculaireوخاصة كل األحباث
( اليت جتري داخل نواة اخللية ابتداء Cمن احلامض النووي ))AcideNucleiqueإىل بنية
)A.D.Nإىل األساسي الربوتيين واألنزميي.
ب -ـ شبكة التوجه الفيزيولوجي Cاجلديد ( )La tendance Néo-physiologiqueواليت
ترى أن املشكالت الرئيسية الكربى داخل العلوم البيولوجية Cاملعاصرة لن حتلها "بيولوجيا
اجلزيئات اجلينية"
1
M.Serres, l interference, minuit, Paris,1992, p:
27
2
M.Serres, Préface, Eléments d’histoire des sciences, collectif, sous la direction
164
بتوجه ينصب على حماولة املعادلة اجلينية Cوحدها ،ذلك أن هناك معادالت أخرى ال
نعرف عنها الشيء الكثري ،وعلى اخلصوص" Cأشكال منو اجلنني" ()Mophrogénèse
والوظائف Cالفيزيولوجية الكربى للكائن احلي وخاصة فيزيولوجية األعضاء وكيفية منوها ،أو
فيزيولوجية املخ ووظائفه Cاألساسية.
ج -شبكة التوجه النسقي Cالبيئي )Ecosystème( Cواليت تندرج اليوم ضمن جمال العلوم
البيولوجية ،Cوتطرح يف توجهها الرئيسي معضلة العالقة بني الكائنات احلية ،يف تعدد أنواعها،
ويف اختالف أجناسها ،مع بيئتها وحميطها ،حيث أن البيئة Cكمحيط طبيعي Cتشكل نسقا يف
عالقته مع
احمليط الكوكيب ( )Biosphèreباعتبار أن الكائنات احلية تستقي أنواع Cطاقاهتا من
داخل هذا الوسط أو احمليط.
د -شبكة التوجه البيوC-تقين ( )Biotechnologiesحيث أن هذه العلوم ومنها،
اهلندسة الوراثية Cفرضت وضعا معرفيا جديدا على العلوم البيولوجية ،اليت مل تعد جمرد علوم
نظرية حبتة ،بل دخلت جمال الصناعة التقنية ،Cلتغطي جماالت تطبيقية واسعة ،تبتدأ بالقطاعات
الصيدلية/الطبيةوالقطاعات Cالفالحية C،والقطاعات الصناعية الكربى وغريها.
وهناك Cمثال آخر هلذا التداخل هو علم اخللية «فقد كان من الواضح آنذاك أن هذا
اجملال الوليد ما هو إال فرع جديد من علم الشكل الوصفي Cخاصة أن ازدهار دراسته مت عن
1
طريق الفحص باجملهر اإللكرتوين ...ولكن بعد استحداث علم بيولوجيا اخللية »
فاملقصود بالعلوم البيولوجية Cإذن ،هو هذه الشبكة الواسعة Cمن التموجات الالهنائية ،واليت
تتحدد كنظام تناهجي تلتقي وتتداخل فيه ،وبينه طرق معقدة هي خالصة سلسلة من
التحوالت النظرية اليت حيدثها بني الفينة Cواألخرى هذا العلم أو ذاك ،فيكون Cهو الربادجيم
أرنست ماير ،هذا هو علم البيولوجيا ،تر :عفيفي حممود عفيفي ،سلسلة عامل املعرفة ،العدد ،277:الكويت، 1
2002
ص 137 - 136
165
السائد داخل شبكة التوجه
العلمي.
إن احلديث عن االتصال والتفاعل بني النظريات يقود "ميشيل سري" إيل احلديث عن
احلدود بني العلوم ونظام ترتيبها ،ويف ذلك يرى سري أن روابط التفاعل وعالقات التداخل
بني اجلهويات العلمية تؤكد خطأ وهتافت الرتتيب اهلرمي للعلوم كما نسجه أوغست كونت
املوجه ب معيار التعقيد املتزايد والتعميم التنازيل ،فرتبها من األدىن إىل األعلى من حيث درجة
جتريدها وتعقيدها C.وجعل كل علم يؤسس ملا بعده وفقا للرتتيب اهلرمي التايل:
فأول وأوىل العلوم هي الرياضيات ،إهنا مبثابة ركيزة العلوم وعمودها الفقري ولغتها.
ويلي يف الرتتيب Cعلم الفلك ألنه يقوم على احلسابات الرياضية ،مث الفيزياء وهي يف األساس
حاصل علمي الفلك والرياضيات ،وتتبعها Cالكيمياء ألهنا تستند إىل معطيات الفيزياء وما
قبله .أما ذروة ما سبق من عناصر طبيعية Cوفيزيائية وكيميائية Cعلم البيولوجيا C،وذروة
السلسلة قاطبة وما بلغته من مباحث ونتائج ،هي السوسيولوجيا ،ويف تعبري كونت "الفيزياء
االجتماعية" « إن النظام العقالين للمعارف ،كما ظهر بواسطة الفلسفة الوضعية ،يأخذ
شكل عالقة اعتماد و سلطة ...وبقدر ما حيتل علم من العلوم وضعا متدنيا و بعيدا يف
السلسلة ،بقدر ما الظواهر اليت يدرسها هي خاصة معقدة صعبة وتنتمي هكذا إىل دراسة
الظواهر األكثر عمومية ،األكثر بساطة واألكثر جتريدا واليت متاثل العلوم اليت تسبقها يف
التصنيف». 1
يتبني لنا ان التبعية Cاملوجودة بني حلقات سلسلة العلوم غري قابلة للعكس واالرتداد،
ووضع النظام اهلرمي للعلوم يأيت من النظر إليها بصفتها سلسلة متصلة ،تتجه حنو غاية معينة
.لكن هذه الفكرة ال تلقى قبوال يف العلوم املعاصرة اليت أصبحت أكثر بساطة من العلوم
بيار ماشريي ،كونت الفلسفة والعلوم ،تر:سامي أدهم ،املؤسسCة اجلامعيCة للدراسCات والنشCر والتوزيCع ،بCريوت، 1
166
املاضية كما يؤكد ذلك باشالر ،حيث ميكننا القيام بفعل تراجعى يف تاريخ العلم .
إن العلم املعاصر يهدم التصنيف الوضعي للعلم ،الذي أسسه كونت على أسس يقينية
ووثوقية C،فالعلوم اليت كان ينظر إليها باعتبارها كبرية تفرعت إىل علوم جزئية ونشأت فيما
بينها عالقات وكسرت احلدود املرسومة هلا بل نشأت علوم جديدة من ترابطها وتكاملها
كالسربنطيقا اليت نشأت من تظافر جمموعة من العلوم و أدت إىل نشأت علم آخر
جديد يسمى االعالميات. C
إن فكرة تصنيف أو ترتيب Cالعلوم تؤدي بنا يف نظر سري إىل خلق علم تصنيفي Cيكون
علم العلوم أو العلم امللكي ،لكن إجياد مثل هذا العلم املصنف Cيطرح إحراجا إذ سيكونC
علما ومن مث يكون Cمن الالزم تصنيفه Cمع بقي العلوم اليت يصنفها ،مما يتطلب بدوره علما
آخر يصنفه C،فنقع يف دور ليس له هناية ،يقول سري « إن من يتكلم عن النظام هو داخل
النظام أو أن حديثه سيء التكوين إما أن علم العلوم هو واحد منها ،مضافا إليها مقسما،
وإما ليس علما إنه سياسة». 1
األمر نفسه يسري على إميانويل كانط ،حيث يرى سري أن التناقض املوجود عند
كونت يف تصنيف العلوم ،يوجد عند كانط يف قوله بوجود علم خاص يسميه نقد العقل
« النقدية Cتزعم نفس الوضع ،يوجد علم خاص يسمى نقد العقل اخلالص». 2 اخلالص
ف بحث كانط يف مصادر املعرفة البشرية ،يهدف إىل حتديد قدرات الذهن البشري يف
املعرفة فهو « يبدأ باملعرفة اليقينية بصورة مطلقة اليت ميتلكها االنسان يف الرياضيات ،و
ولذلك يبين كانط نظرية جديدة للذهن البشري يعتقد أهنا تكفي لتفسري إجنازاته الفيزياء
1
M.Serres, l interference, op cit, p.
20
2
Ibid, p:
21
167
» 3إذا سري ينفي وجود أي علم ملكي ميكن االرتكاز عليه و الرجوع إليه كمرجعية
أساسية ،وما يرتتب عن ذلك من ترتيب هرمي للعلوم « لن يكون هناك علم ملكي أو
نظرية النظريات ،اليت بالرجوع إليها تتمكن املعرفة يف مشوليتها املتحركة من رسم شجرهتا
كملكة و كعلم ». 4
إن العلم امللكي أو علم العلوم يرتتب عنه أن يكون Cالتقاطع Cبني العلوم فارغا وهذا
غري صحيح يف نظر سري ،ألن تقاطع العلوم تنشأ عنها علوما جديدة كما متارس العلوم فيما
بينها تصديرا
واستريادا للمناهج واملفاهيم ،فنجد الكيمياء مثال استوردت منهجها من الفيزياء.
وبذلك يصبح احلديث عن علم أكرب وأقدر من علم آخر حديث بال معىن من وجهة نظر
سري ،فالعلوم كلها تتقارب وتتفاعل مع بعضها داخل املوسوعة العلمية اليت تسري حنو الوحدة
.
إن كل علم هو علم العلوم ألنه مفتوح على باقي العلوم ويتعامل معها من خالل
ويف نفس الوقت كل علم يدير نوعا مستقال من احلقيقة فعل النقل والتصدير واالسترياد
داخل نسقه أو نظامه اخلاص هكذا تصبح كل جهوية علمية فلسفة عامة من جهة انفتاحها
على باقي اجلهويات العلمية وفلسفة خاصة أو انعكاسية من جهة ممارستها و متارينها
اخلاصة .
وهذا ما يؤسس إلبستمولوجيا داخلية أو موجبة كما سبقت Cاإلشارة إىل ذلك من
قبل .وتكون Cمرتبطة بطبيعة املوضوع الذي تنسج خطاهبا حوله ويعتربها Cموجبة ألهنا
تتمكن من حل مشكالت العلم وجتاوز أزماته خبالف االبستمولوجيا Cالسالبة اليت تنتقل من
لغة تقنية وعلمية إىل لغة عامة وفلسفية ،مما جيعلها غري دقيقة وخائنة وتعمل على انغالقC
260 وليم كلي رايت ،تاريخ الفلسفة Cاحلديثة ،مرجع سابق ،ص 3
4
Ibid, p:
20
168
العلم وتوقفه.
إن هدف ميشيل سري من وراء ذلك كله « جعل كل جهوية علمية يف العلم
املعاصر إبستمولوجيا منعكسة Cعلى جماهلا اخلاص ،و بذلك تكون منغلقة من جهة ومنفتحة
من جهة أخرى » 1فهي منغلقة على جماهلا التخصصي C،تنعكس عليه دراسة ونقدا،
ومنفتحة على باقي العلوم األخرى من خالل فعل النقل واالسترياد والتصدير ويف ذلك
يقول سري « :إهنا إذن ابستمولوجيا جهوية مرتني :لنفسها حسب النسخ واالنغالق وللعلم
على العموم انطالقا من نفسها وداخل لغتها اخلاصة حسب الرتابط واالنفتاح » 2إال أن
االبستمولوجيا Cالشاملة اليت أشار إليها سري تعين فقط إمكانية انفتاحها على بقية العلوم
انطالقا من العالقات اليت تتم
بينها ،فال جمال للحديث عن االبستمولوجيا العامة مادامت كل جهوية علمية تنعكس
على نفسها .
ما نستنتجه مع سري أن التفاعل فعل ينتشر عرب كل االجتاهات يف العالقة بني العلوم
وهذا ما قاده « إىل الرتمجة بني ميادين متغايرة و متنافرة على ما يبدوا ،يف حماولة إلنشاء
ممرات /معابر ( مثال ممر الشمال – الغرب ) بينها » 3إن مفهوم النقل والتحويل ،التصدير
واالسترياد مفاهيم تلغي وتنفي فكرة املرجعية اليت اعتمدها الفالسفة كمعيار لتصنيفC
العلوم .
وهنا يضعنا ميشيل سري أمام مفهوم آخر كإطار لتفاعل العلوم و التقائها إهنا موسوعة
العلوم أو اإلنسكلوبيديا .فهل ميكن تأسيس Cاملوسوعة العلمية يف ظل التشظي املعريف
املعاصر؟
ص207 تاريخ و فلسفة العلوم عند ميشيل سري ،مرجع سابق ، 1
2
l interference, op cit,
p:11
مخسون مفكرا أساسيا من البنيوية إىل مابعد احلداثة ،مرجع سابق ،ص 182 3
169
منوذج الشبكة وأنسكلوبيديا املعرفة
يوظCCف ميشCCال سCCري الشCCبكة كمفهCCوم مركCCزي وجCCوهري داخCCل منظومتCCة الفلسCCفية،
وكCCان ذلCCك منCCذ بدايCCة مسCCريته الفلسCCفية والفكريCCة ،إال أن هCCذا املفهCCوم إزداد انتشCCارا CوعمقCCا
ومشوال عن CCده م CCع هناي CCة الثمانين CCات .ورمبا اق CCرتن ذل CCك ب CCالطفرة العلمي CCة والتكنولوجي CCة يف ه CCذا
ويعت CCرب داني CCال باروش CCيا ص CCاحب كت CCاب فلس CCفة الش CCبكات ال CCذي اجملال.
ص CCدر س CCنة 1993من أب CCرز املفك CCرين املعاص CCرين ال CCذي تن CCاول التط CCور الت CCارخيي للنم CCوذج
الشCCبكي Cيف خمتلCCف ميCCادين العلCCوم واملعCCارف من العلCCوم الدقيقCCة( رياضCCية ،جتريبيCCة ) إىل العلCCوم
اإلنس CCانية Cواآلداب والفلس CCفة .ويف مقدم CCة كتاب CCه يض CCبط باروش CCيا ،مفه CCوم الش CCبكة Cإش CCتقاقياC
وال CCيت « ت CCأيت من الفرنس CCية القدمية " " réseuilوالالتيني Cة "rétiolus " Cوهي من كلم CCة "
" rétsأو " " " filetمبعCCىن تCCداخل خيCCوط الغCCزل يف قطعCCة القمCCاش أو القطن .مث تطCCور هCCذا
املفهCCوم وتعCCددت إسCCتعماالته منهCCا :الشCCبكة تشCCري إىل جمموعCCة اخلطCCوط املتداخلCCة ،والشCCبكةC
كCCذلك مبثابCCة عقCCدة ( )noeudوالCCيت متثCCل كCCل تقCCاطع هCCذه اخلطCCوط» 1ويف معCCىن آخCCر تشCCري
الشبكة Cإىل اخلطوط اليت هي مبثابة طرق عبور تنتقل عربها العناصر حيCCة كCCانت أو ماديCCة ،إهنا
متثCCل منبCCع الطاقCCة واملعلومCCات C.إن هCCذه التعCCاريف على تعCCددها فهي ال خترج عن سCCياق يؤكCCد
أن مفهوم الشبكة يتضمن خطوطا وعقد.
أمCCا الفكCCر الشCCبكي CبالنسCCبة إىل سCCري فCCإن يبCCدأ مCCع أطروحتCCه حCCول فكCCرة النمCCاذج
الرياض CCية عن CCد ليبن CCتز ،ألن فن ال CCرتكيب Cأو الت CCأليف كمفه CCوم مركCCزي عن CCد ليبن CCتز ه CCو تفك CCري
ش CCبكي بامتي CCاز ،وه CCو من طبيع CCة ص CCورية شCCكالنية ،ورياضCCية ،مما يسCCمح لن CCا باالسCCتنتاج أهنا
تنب CC Cع من تفك CC Cري نظCC Cري وجمرد إىل حCC Cد بعي CC Cد .ويعطي س CC Cري اعتب CC Cارا لنم CC Cوذج الشCC Cبكة CألنCC Cه
النمCC Cوذج األقCC Cدر على اسCC Cتيعاب أنظمCC Cة العلCC Cوم وأنسCC Cاقها يف تعCC Cددها واختالفهCC Cا .ويق CCول يف
1
Daniel parrochia, philosophie des réseaux, presse universitaire de France, 1993, p 5
170
وصفها « لنتخيل ،رمسا يف مكان متثيلي ،خمطط شCبكي C،يتشCكل مؤقتCا ( ألهنا متثCل حالCCة أي
ك CCانت ،يف وض CCع متح CCرك) ،ع CCدد من النق CCط ( قمم ) مرتابط CCة فيم CCا بينه CCا بواس CCطة ع CCدد من
املعابر( طرق) .كل نقطة متثل إما فرضية ،أو متثل عنصرا يعرف فعال جمموعCCة جتريبيCCة حمددة
.كل معرب ميثل رابط أو عالقة بني فرضيتني أو أكثر ،أو سيل من التعريفات بني عنصCCرين أو
أك CCثر هلذه احلال CCة التجريبية » 1هبذا الوص CCف ميكن الق CCول أن م CCا مييز الش CCبكة ،تع CCدد جهاهتا،
فهي تعدديCCة ،وكCCل جهCCة فيهCCا تشCCكل عقCCدة أو قمCCة كنقطCCة لالتصCCال تسCCتقبل قنCCوات متعCCددة
ورسائل ومواضيع خمتلفة ،مث تعيد بدورها توزيع هذه التعدديCCة فهي مبثابCCة خCCط ناقCCل ،أو غCCري
ناق CCل ،متقاطعC Cة Cومتداخل CCة كلي CCا أو جزئي CCا يف جمموع CCة القمم األخ CCرى .باإلض CCافة إىل مرونته CCا
العقالنية ،ألهنا تسمح بتعدد األنظمة والتنقل ذهابا وإيابا.
لق CC Cد س CC Cبق وأن أش CC Cرنا ،ب CC Cأن س CC Cري يس CC Cلك الطريق CC Cة البنيوي C Cة Cالرياض CC Cية كم CC Cا نظّ CC Cر هلا
البورباكيون ،فهل هذا يتعارض مع مسلك النموذج الشبكي؟ إن النمCCوذجني مCCع ميشCCيل سCCري
يتك CCامالن أثناء التحلي CCل وه CCذا ال يع CCين أهنم CCا يتطابق CCان .ف CCإذا ك CCان منوذج البنيC Cة Cخطي CCا ،ف CCإن
النمCCوذج الشCCبكي CتعCCددي ال خطي يسCCمح مبرونCCة عقليCCة أكCCرب للعالقCCات واالنتقCCاالت C،ذهابCCا
ورجوع CCا وع CCودة من جدي CCد .وه CCذا م CCا ك CCانت متثل CCه أنظم CCة ليبن CCتز الفلس CCفية حيث نس CCتطيع أن
ننتقل من أي عقدة ( ) nœudوتتبع خط ناقل لنصل إىل اجملموع.
ويتحدد منوذج الشبكة Cعند ميشيل سري خبصائص ميكن تلخيصها يف :
أوال نظامه CCا اللوح CCة ال CCيت هتم CCل أي ت CCرتيب أو تص CCنيف للعل CCوم .لكن م CCع مراع CCاة لوح CCة
معين CCة ترس CCم جمموع CCة من املراح CCل تش CCبه مفه CCوم االبس CCتيمي عن CCد فوك CCو .فهي تتم CCيز برتابطاهتا
املتعددة ،بتعدد قممها وعقدها.
ثانيCC Cا :أهنا تقCC Cدم للفكCC Cر طرقCC Cا جديCC Cدة للتفكCC Cري السCC Cبيب وفقCC Cا ملبCC Cدأ التغذيCC Cة الراجعCC Cة أو
1
M.serres, la communiation, op
cit, p: 11
171
املرتدة.الذي ظهر يف السيربناطيقا لكنه امتد لباقي احلقول املعرفية.
ثالثCCا أهنا « بنيCCة فلسCCفية جمردة »1حيث نعطي لعناصCCرها ( قمم ومعCCابر) أي حمتCCوى حمدد
جمرد أو جترييب حىت تتحول اىل طريقة للتحويل بالفعل .ويتكرس منوذج التفكCCري الشCCبكي عنCCد
سري بصورة أكثر وضوحا مع صدور اجلزئني الثاين والثالث Cيف سلسCلة هCرمس ومها :التفاعCل
( ) interferenceوالرتمجة ( ) la traductionحيث يربز وبشCكل جلي تCCأثري نظريCة
اإلعالم Cخصوصا باإلضافة إىل تأثره بالفلسفة الليبنيزية « هذه هي الفلسفة الطبيعيCCة C،طبعتC
بنظرية اإلعالم ،الىت البد منها » .2واليت يواصل فيها حتديد العقCCد كنقطCCة اتصCCال تلتقي عCCدة
قنCCوات ورسCCائل مث تعيCCد توزيCCع هCCذه التعCCدديات .ويتخCCذ مثCCاال تشCCبيهيا يف ذلCCك فيمCCا يسCCميه بـ
"مب CCادل الطري CCق" ( C C) léchangeur routierال CCذي يس CCتقبل ويعي CCد التوزي CCع ،فمن CCه
3
نستطيع أن ننشئ خمطط شبكي.إن « العلم املعاصر يف كليته ،نظرية يف التواصل»
ومن التحديCCدات الCCيت يضCCعها سCCري ،تصCCنيفه للشCCبكات يف ثالث رئيسCCية ،عامCCة ومطلقCCة،
وهي شبكة املعرفة ،شبكة العامل ،مث شبكة املدينة اإلنسانية « هذه التقنيات CالسCCائدة تعممت
على ثالث شبكات أساسية ،عامة ومطلقة :املعرفة ،العCCامل ،املدينCCة اإلنسCCانية» 4إهنا األشCCكال
مفه CCوم أساس CCي يف عمليC Cة Cاالتص CCال .تتداول CCه ف CCروع علمي CCة ومعرفي CCة متع CCددة ،كالفيزي CCاء ،الكيمي CCاء ،اجليولوجي CCا ،واهلندس CCة C،عل CCوم
االتصCCال ،والرتبي Cة Cوعلم النفس ...اخل .ويس CCتخدم لوصCCف الت CCأثري املتبCCادل بني ن CCوعني أو أك CCثر من األح CCداث حيث يس CCتطيع ح CCدث
معني مثل :استجابة املتعلم أن يبعث نشاطاً الحقاً مثل ( تقومي االستجابة ) .وهذا األخري يؤثر بدوره بطريقة راجعة
يف االسCCتجابة السCCابقة ،فيعيCCد توجيههCCا وضCCبطها إذا حCCادت عن اهلدف .أطلCCق عليCCه الCCبيولوجي الفرنسCCي "التيCCل"
"سر االنتظام العام" ،ويعتربه آخرون "املبدأ العام يف السربنتيك والطبيعة احلية".
1
p: 20 l
interference
2
La traduction, minuit, paris, 1989, p: 71
,M.serres
3
Op cit, p: 41
4
l interference, op cit, p:
159
172
األساسية Cللمعرفة عرب تاريخ العلوم ،وهي قراءة متصلة للعامل .
إن موس CCوعة املعرف CCة أو االنس CCيكلوبيديا متث CCل مش CCروعا علمي CCا يس CCعى "ميش CCيل س CCري" إىل
حتقيق CCه .وم CCا تبني CCه للفك CCر الش CCبكي Cإال حتقيق CCا هلذا الغ CCرض ال CCذي يس CCتهدف جمم CCوع املع CCارف
العلمي CCة .فاملوس CCوعة ب CCاملنظور الس CCريي تتض CCمن جمم CCوع العل CCوم ال CCيت ترتاب CCط فيم CCا بينه CCا تف CCاعال
وتبCCادال ،إسCCتريادا وتصCCديرا للمنCCاهج واملفCCاهيم واملصCCطلحات فهي عالقCCات عCCابرة للجهويCCات
تتج CCاوز الثنائي CCات Cالفلس CCفية ك CCاجملرد واحملس CCوس العقالين وال CCواقعي...اخل .وك CCل شيء يص CCبح
نسCCبيا داخCCل هCCذه املوسCCوعة C.فاخلاص مثال هCCو شCCامل يف الCCوقت CذاتCCه ،ألن أي جهويCCة علميCCة،
تعكس حقيقتهCC Cا اخلاصCC Cة وتعكس Cيف الCC Cوقت نفسCC Cه حقيقCC Cة بCC Cاقي اجلهويCC Cات العلميCC Cة داخCC Cل
املوسوعة ألهنا متفاعلة معها عCCرب عمليCCات النقCCل والتحويCCل والتبCCادل .يCCرتتب عن ذلCCك ان كCCل
جهوية ال ميكن ان تكون Cجمردة متامCا أو جتريبيCة CكليCا ألن بني العنصCرين تCداخال فالرياضCيات،
قمCة العلCوم التجريديCة تشCتمل على عناصCر جتريبيCة يف حالتهCا الراهنCة .االنسCيكلوبيديا إذن هي
إطCCار واسCCع ومعقCCد للعالقCCات والتفCCاعالت CاملتواصCCلة بني العلCCوم ،إهنا « بعبCCارة دقيقCCة ،انضCCمام
العلCC Cوم حتت مساا معرفCC Cة معينCC Cة تتسCC Cم بصCC Cيغة أو بطCC Cابع عCC Cام خيرتق مجيCC Cع جماالهتا» 1لCC Cذلك
يسميها ميشيل سري ندوة املعىن .) ) conférence du sensوهي تتجاوز كل مركزية
وثبCCات كمرجعيCCة للعلم.فهCCو حياول« أن يهCCدم كCCل مرجعيCCة وكCCل نقطCCة ارتكCCاز ثابتCCة يسCCتند
إليهCCا الفكCCر أو العلم» 2إن املوسCCوعة CالعلميCCة كنظCCام شCCبكي تتنCCاقض متامCCا مCCع فكCCرة املرجعيCCة
كنقطCCة ثابتCCة والCCيت سCCبقت اإلشCCارة إليCCه من قبCCل .ومن جتليCCات املرجعيCCة الثابتCCة يف هCCذا التCCاريخ
العلمي والفلسCCفي فكCCرة العلم امللكي أو علم العلCCوم فCCأغلب التصCCنيفات العلميCCة كCCانت تنطلCCق
منها .مع كونت مثال ،يف بنائه اهلرمي للعلم ،وقبله ديكارت والشCواهد CكثCرية يف تCاريخ العلم
والفلسفة .لذلك يعمل سCري على إقصاء هCذه الفكCرة وإظهCار هتافتهCا ،ألهنا تتنCايف وواقCع العلم
355 يوسف ،تيبس ،التصورات العلمية للعامل ،مرجع سابق ،ص 1
173
املعاصر .أما املوسوعة CالعلميCة الCيت يسCCعى سCCري لرسCم معاملهCCا هي مسCCتقلة ،تنفي CكCCل مرجعيCCة،
تتميز بالتعدد والتعددية وتنفتح على كل املرجعيات املعرفية املمكنة دون استثناCء.ونسCتطيع أن
حندد هلا وصCCفا مCCع سCCري بأهنا تفكCCري ال مركCCزي وال مCCرجعي ،عالقاهتا متعCCددة هنCCا-هنCCاك يف
كل مكان ،فكCل علم ميثCل مرجعيCة لنفسCه ولغCريه ولبCاقي العلCوم .إن نقطCة الثبCات واالرتكCاز
والبداية Cال جتد هلا موطأ قدم داخل فضاء األنسيكوبيديا Cاملنشودة.
ويستطرد ميشيل سري يف حتديد خصائص املوسوعة العلمية ،املتميزة برتابطاهتا
وتفاعالهتا ،فينبهنا إىل ضرورة التمييز بني موسوعة تراكمية جتمع علوما بطريقة إحصائية
تراكمية ،وبني موسوعة كإطار للتفاعل بني اجلهويات العلمية ،ويعتربها سري مبثابة لوحة
تلخيصية أو حصيلة للعلوم أساسها فلسفة للتواصل متمردة على الثبات وكل مرجعية .ومتثل
أفعال التقاطع Cبني احلهويات العلمية من خالل عمليات التصدير واالسترياد تأسيسا واجتاها
حنو املوسوعة العلمية « إن تعددية املعارف مدهشة ،ولكن مشكل األنسيكلوبيديا بدأ يرسم
نفسه » .1واليت تتسم بالالنظام يف نسقها الداخلي يقول سري « إن الرتاكم يرافق مولد
املوسوعة اجلديدة ،إن سعادة العلوم هي ال نظام » 2إن لوحة العلوم تتصف بكوهنا عامة
وموسوعية ،تتطابق مع صورة العلوم يف العصر احلاضر فاملعارف سيل متوحد ،وهنر واحد
وليست جمموعة من اجلداول املتفرقة والقول بأن Cعلما ما مستقل عن غريه هو نفي له .لكن
سري ال يقصد بفكرة املوسوعية وحدة العلوم وتطابقها واليت ظهرت عند السابقني من
الفالسفة Cوالعلماء ألن هناك تعددية وتبعثر بني املعارف والعلوم ،إن االنسيكلوبيديا تتضمن
جمموعة من العلوم اليت تتفرع إىل ختصصات وفروع جتمع بينها ترابطات وتفاعالت.
174
احلديث عن العالقCCات داخ CCل املوسCCوعة العلميCCة الCCيت تتش CCكل وفق CCا لنم CCط شCCبكي Cتفض Cي Cإىل
التسCC Cاؤل عن وضCC Cع العCC Cامل واملفكCC Cر داخCC Cل هCC Cذه الشCC Cبكة ،ونCC Cوع العالقCC Cات الCC Cيت تسCC Cود بني
املفكرين والعلماء .ووضعهم داخCل الشCCبكة االعالميCCة والتواصCCلية .فكيCCف تكCCون العالقCCة بني
الذوات العارف؟.
يعت CCرب التفاع CCل بني ال CCذوات العارف CCة خاص CCية أخ CCرى من خص CCائص العق CCل العلمي اجلدي CCد
املتج CCدد عن CCد ميش CCال س CCري .وتتمث CCل يف تل CCك العالق CCات ال CCىت تنش CCأ بني العلم CCاء واملفك CCرين .إن
العCCامل أو املفكCCر يوجCCد يف حالCCة تفاعCCل «كلي الوجCCود ،مبعCCىن مCCا إنCCين متحCCرك جبميCCع الطCCرق
املتخيل CCة أو املس CCتوعبة ،إن CCين موض CCع عدي CCد من التب CCادالت أو التوقيف CCات . 1» Cويتح CCول ش CCكل
العالقCCة من قاعCCدة ( اهلنCCا -اآلن) كتعبCCري عن مركزيCCة وثبCCات املعرفCCة إىل قاعCCدة ( هنCCا -هنCCاك
– يف كل مكان) Cوميثل هذا التحول نسف ملشكلة املرجعية والنقطة الثابثة الCCيت الزمت الفكCCر
الفلس CCفي ع CCرب ت CCاريخ طوي CCل ،من ديك CCارت إىل كان CCط وليبن CCتز وغ CCريهم من فالس CCفة وعلم CCاء
العصCCر احلديث .فاحلديث عن التفاعCCل الCCذوايت يسCCتلزم مCCع ميشCCال سCCري ضCCرورة إقصCCاء فكCCرة
املرجعية يف املعرفة .فالطبيعة الالمرجعية للشCبكة تفCرض عليCه أن يلغي هCذه الفكCرة ألن العCالِم
داخ CCل الش CCبكة االعالمي Cة Cب CCدون مرجعية .فه CCو ي CCرفض أن يك CCون للع CCامل أو املفك CCر وض CCعا ثابت CCا
داخ CCل الش CCبكة أو لنق CCل إنه من دون وضع مبع CCىن يتح CCرك وينتق CCل ،ج CCوال ،إن CCه هن CCا وهن CCاك
يفضل حالCCة الضCCياع يف الشCCبكة حCىت يCدركها كمCا هي « إن املفكCر يسCCري وينسCCج سCCريه إنCCه
غري مCرجعي يف سCكون Cويف حركCCة ،نسCيب ومطلCق :نسCيب يف عالقتCه بالشCCبكات الCCيت يوقفهCا،
و يفهم تل CCك ال CCيت يكوهنا ،يعي ويعيش ع CCامل التف CCاعالت» 2Cفه CCو ال ي CCدري اجتاهه .واذا ك CCان
مفهوم املرجعيCة يشCري إىل اهلنCا – اآلن ،فCإن الشCبكة CحتيلنCا إىل أشCكال أخCري من العالقCات
اهلنCCا – هنCCاك ،اهلو نفسCCه – اآلخCCر « إن الشCCبكة CعمومCCا متنحنCCا شCCكال ميثCCل لعبCCة مشCCروعة
1
Serres michel, lacommunication, op cit, p 69
2
p :135 , op cit, l
interference
175
للرتمجة ،وه CCذا ليس غريب CCا إذا علمن CCا أن العق CCل العلمي (اجلديد) اجلدي CCد ص CCوري البنيC Cة Cونق CCل
لإلعالم C،ولCC Cذلك فبإمكان C Cه Cأن يلتمس – انطالقCC Cا من هCC Cذين املفهCC Cومني األخCC Cريين – جمم CCوع
األحكCCام التوقيفيCCة أو املوقفCCة C،حسCCب املفهCCوم األحCCادي للرتمجة الCCذي ميثCCل شCCكال بنيويCCا لكCCل
نقل عموما » . 1أص CCبح جلي CCا أن ميش CCيل س CCري ينظ CCر إيل الع CCامل ببعدي CCه النظ CCري والتط CCبيقي من
خالل مفهCC C Cوم الرتمجة والتفاعCC C Cل املتعCC C Cدد ،وبCC C Cذلك تنخCC C Cرط الCC C Cذات العارفCC C Cة الهائمCC C Cة يف فعل
للتواصل عCCرب شCCبكات النظريCCات والعCCوامل .ومتتCCد هCCذه العالقCCة الشCCبكية Cإىل كCCل ميCCادين املعرفCCة
دون إقص CCاء ول CCذلك نق CCد العق CCل عن CCد س CCري جيب أن ميتد ع CCرب مص CCفاة العل CCوم وت CCاريخ األدي CCان
واألساطري يف آن واحد .
ويقدم لنا سري مثاال عن أفعال التفاعCل والتبCCادل من اللسCCانيات باسCCتعمال الضCمائر :أنCا
– أنت – هCCو – هي إىل غCCري ذلCCك من الضCCمائر الCCيت تعتCCرب موضCCوعا للتبCCادل ألهنا مسCCتخدمة
من طرف مجيع الناس أما الالمتغري يف هذا التغري هو " النحن " فالذات الوحيدة املوجCCودة يف
الذات االنسانية هي التفاعل بني الذوات .
إن العCCامل أو املفكCCر منغمس يف املكCCان املتعCCايل للتواصCCل « إننCCا نفكCCر إذن عCCرب التوقيCCف،
إنين أفكر عرب التوقيف ومن خالل اإلقCرار االتفCاقي للتفاعCل الCذوايت من أنCا ( )...إنCين موقCف
للنحن ،إن الCCوعي CهCCو املعرفCCة الCCيت تكCCون ذاهتا هي مجاعCCة النحن ،إن التواصCCل خيلCCق االنسCCانC
وبإمكCCان االنسCCان أن يقلصCCه وليس إقصCCاءه من دون أن يقصCي CنفسCCه» 2يعCCين ذلCCك أن املفكCCر
يص CCبح عق CCدة من التلقي Cواإلرس CCال والتب CCادل داخCCل الشCCبكة C.هCCذه الشCCبكة ال CCيت يقرتحهCCا سCCري
كمنهج ج CCدويل حتاول أن تتواف CCق م CCع طبيع Cة Cالعل CCوم املعاص CCرة وتارخيه CCا فهي تتج CCاوز املن CCاهج
اخلطي CCة ال CCيت ك CCانت س CCائدة من قب CCل حيث ك CCانت حتدد مس CCار العلم يف اجتاه أح CCادي ،وح CCىت
املنهج اجلديل خطي ألنCC C Cه ينحصCC C Cر يف حتميCC C Cة النفي CوالتجCC C Cاوز.إن املنهج اجلدويل عن CC Cد س CC Cري
تاريخ و فلسفة العلوم عند ميشيل سري ،مرجع سابق ،ص 177 1
2
Serres Michel . l interferene, op cit,
p:155
176
يسمح بالتعددية وتعدد الرتابطات كما أن العملية فيه تكCون عكسCية Cألن التCأثري متبCادل يأخCذ
صورة تفاعل ،حيت أنCCه « يشCبه عالقCات القمم يف الشCCبكة بعالقCCات البيCCادق يف الشCطرنج ».3
إن االبستيمولوجي Cومعه املفكر أو الفيلسوف ختلى وبصورة هنائيCة عن فكCرة املرجعيCة فهم ال
خيضعون Cألي مرجعية ما ،بل أصبحوا من دون وضع إهنم هنا – هناك ويف كل مكان.
وكنتيجة هلذا الفصل نسجل:
-تتحCCول االبسCCتمولوجيا CمCCع سCCري من خطCCاب عCCام و شCCامل حCCول العلCCوم ،إيل خطCCاب
خاص أو ما يسميه باالبستومولوجيا Cاملوجبة أو الداخلية ،حيث ترتك مهمتها لكCCل علم على
حدى ،فكل جهوية علمية متثل ابستيمولوجيا Cجملاهلا اخلاص.
-يتبCC Cىن فلسCC Cفة للتفاعCC Cل تCC Cدعو إىل التواصCC Cل والنقCC Cل بني خمتلCC Cف التخصصCC Cات املعرفيCC Cة
والبحث عن نقاط التقاطعات و االتصال بني ميادين املعرفة املختلفة.
-إن خاص CCية التفاع CCل بن العل CCوم تتط CCور إىل تفاع CCل بني ال CCذوات العارف CCة ،أو م CCا يس CCميه
سCCري النحن إنCCه تفاعCCل داخCCل الشCCبكة اإلعالميCCة و التواصCCلية و يCCرتتب Cعن ذلCCك هCCدم وجتاوز
لفكرة املرجعية و النقطة الثابتة. C
-ال CCدعوة Cإىل تأس CCيس Cموس CCوعة علمي CCة أو أنس CCيكلوبيديا Cتتج CCاوز التص CCنيف الكالس CCيكيC
للعلوم.
3
يوسف تيبس ،التصورات العلمية للعامل ،مرجع سابق ،ص 386
177
الفص ـ ـ ـ ـ ـ ـــل الراب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع:ج CCدل القطيع CCة والتواص CCل يف الفك CCر العلمي
اجلديد
178
املبحث الثاين :العقالنية املعاصرة وجدل الذات واملوضوع
179
لكن ويف املقابCC Cل نرصCC Cد اختالفCC Cا عميقCC Cا على مسCC Cتوى املنهج والنتCC Cائج .والCC Cيت تتلخص
أساسCCا يف عقCCل علمي يتأسCCس على فلسCCفة للنفي والقطيعCCة واآلخCCر يCCروم فلسCCفة للتواصCCل
والتفاعل.
180
املبحث األول :تاريخ العلم بني القطيعة والتواصل
قCCام باشCCالر بتفسCCري مسCCار العلم باعتبCCاره حركCCة ديناميكيCCة وتارخيية ال تراكميCة تسCCلك
بطريقة منفص C Cلة .وهي جCC Cدل بني العوائ C Cق CوالقطCC Cائع االبسCC Cتيمولوجية CتعCC Cرتف بنقديCC Cة العلم
وإتي CCان Cال CCذات العارف CCة للخط CCأ وتفتح العق CCل العلمي على إب CCداعات الفك CCر والتخي CCل وانتص CCار
االرتيCC Cاب على الوثوقية Cوهي فلسCC Cفة « مطابقCC Cة لنتCC Cائج العلم وقوانينCC Cه وآخCC Cر اكتشCC Cافاته .إهنا
مضCC Cادة للفلس CCفة الروحانيCC Cة مث للفلسفةالوضCC Cعية املتطرفCC Cة اللCC Cتني كانت CCا تعت CCربان فلس CCفتني غ CCري
مطCCابقتني لوضCCعية العلم احلديث » 1وهلذا جCCاءت العقالني Cة CالباشCCالرية CتطبيقيCCة بامتيCCاز ،على
األقCCل من وجهCCة نظCCر صCCاحبها ألهنا تتأسCCس على عالقCCة جدليCCة منفتحة بني الCCذات واملوضCCوعC
وبني الرياض CCيات والفيزي CCاء وجيع CCل من الفيزي CCاء منوذج CCا يف ج CCل دراس CCاته ،فمواض CCيع االنتش CCار
اجملال األفضل لتطبيقاته.C
إن هCCذه الفكCCرة مبا حتملCه من محولCة إديولوجيCCة اجتاه علCCوم أخCرى ،مرفوضCCة قطعCا من
ط CC Cرف ميش CC Cال سري .ف CC Cالفكر العلمي اجلدي CC Cد املتج CC Cدد خيرتق احلدود ويؤس CC Cس لش CC Cبكة من
التواصCCل واحلوار بني كCCل العلCCوم واملعCCارف دون إقCCرار لرتاتبي Cة CعلميCCة يCCرتبع فيهCCا العلم امللكي
الص CCدارة ،ألن العلم املعاص CCر يؤك CCد روح التق CCارب والت CCداخل بني العل CCوم يف عالق CCة انعكاس CCية
ومتعدي CCة ض CCمن فض CCاء ش CCبكي .لق CCد ك CCان ليبن CCتز آخ CCر فيلس CCوف وع CCامل س CCعى جلم CCع ش CCتات
املع CCارف املوزع CCة بنزعت CCه املوس CCوعية ،ول CCذلك ال خيفي س CCري إعجاب CCه هبذا الفيلس CCوف ،لكن م CCع
التقCCدم العلمي املتسCCارع واالنفجCار التخصصCCي « ومن أجCل تCدارك أخطCار هCذا التفتت بوجCCه
الدقCCة ،ازداد شCCعور التطلCCع إىل نCCوع من التوحيCCد ،غCCري أنCCه توحيCCد خيتلCCف عمCCا تصCCوره كCCونت
بإقامCCة مجلCCة املختصني بالعموميCCات العلميCCة :ذلCCك أن الوضCCعية تبCCدو اليCCوم – هبذا االعتبCCار–C
وكCCذلك فيمCCا يتصCCل بتصCCورها احلواجز النهائيCCة ،مرحلCCة طفوليCCة العلم ،كمCCا يقCCول لكCCزوفيتش
هاشم صاحل ،خماضات احلداثة التنويرية ،مرجع سابق ،ص 73 1
178
والتقارب أو مبثابة عقد شبكية منابع للسCيالن والتبCادل للمفCاهيم « النقCل جيدد التكنولوجيCاC،
الفن السياسة بل وحىت الدين ،ال شئ ينفك عن تأثريه ».1
إن خطأ باشالر يف نظر سري أنه جيعل التقاطع بني العلوم فارغCCا ،إنطالقCا من مبCدأ جهويCCة
االبس CCتمولوجيا « إن اإلبس CCتمولوجيا Cب CCذاهتا تغ CCدو متخصص CCة .أي حتليال لقض CCايا وإش CCكاالت
علم معني بعينCCه C.بCCل وقCCد تكCCون جمرد حتليCCل نظريCCة علميCCة واحCCدة يف تشCCعباهتا وتطوراهتا .هCCذا
املستوى Cمن التحليCCل هCو الCذي نCCدعوه هنCا باالبسCتمولوجيا اجلهويCCة ،حيث تكCCون اجلهCة علمCا
من العلCCوم املعاصCCرة » 2وتعCCرب هCCذه املسCCألة Cعن قضCCية خالف جوهريCCة بني النمCCوذجني لCCذلك
تتطلب منا مزيدا من التحليل واملقارنة.
/1من العقالنية اإلقليمية إىل التواصل بني اجلهويات العلمية
يف كتابCCه " العقالنيCCة التطبيقيCCة " يتحCCدث باشCCالر عن املعرفCCة العلميCCة كجهويCCات للتنظيم
العقالين أو ما يصطلح عليه بالعقالنية Cالإقليمية «عقالنيات إقليمية هي على أكرب قدر ممكن
من التنظيم ،ومعاص CC Cرة إلقام CC Cة العالق CC Cات بني ظ CC Cواهر خاض CC Cعة ألن CC Cواع حمددة جيCC Cدا من
التجCC Cارب» 3وهبذا نسCC Cتنتج أن االبسCC Cتمولوجيا الباشCC Cالرية جهويCC Cة تفصCC Cل بني التخصصCC Cات
العلمية ،ويكCCون CالتعامCCل مCCع كCCل علم بشCCكل مسCCتقل عن العلCCوم األخCCرى ،وال ميكن احلديث
عن العلم كوحCCدة متشCCابكة Cأو كليCCة مشولية ألن « البحث عن وحCدة العلCCوم هCCو سCCراب :فمCCا
هو موجود هو تنوع منتج ،إذ إن املناطقيCة CتقCCاوم مثCل هCذا اهلدف يف توحيCد املعرفة »4ونفهم
من هCCذا الCCنزوع حنو االسCCتقاللية والتجزيئيCCة ثCCورة على نظريCCة املعرفCCة التقليديCCة ببنياهتا املوروثCةC
واحملكومة بنظرة ٌكليانية للمعرفة واحلقيقةC.
1
François Dagognet, philosophie du transfert, presses de l'imprimerie chirat édition
michalon, france, 2006. P 87
حممد ،وقيدي ،حنو ابسCتمولوجيا جهويCة ،جملCة الثقافCة املغربيCة العCدد ،06دار املناهCل للطباعCة والنشCر،1992 ، 2
املغرب ص5
غاستون باشالر العقالنية التطبيقية ،مصدر Cسابق ،ص 236 3
180
فقCCد شCCبه ديكCCارت مثال ،الفلسCCفة بالشCCجرة جعCCل من امليتافيزيق Cا CجCCذورا هلا ،والعلم
الطCC Cبيعي جCC Cذعها أمCC Cا أغصCC Cاهنا الCC Cيت تتفCC Cرع من هCC Cذا اجلذع فهي ثالثCC Cة علCC Cوم كCC Cربى :الطب
وامليكانيكا واألخالق ،ولكوهنا تقتضي Cمعرفة كاملCة عن العلCوم األخCرى ومتثCل آخCر درجCات
املعرفة اليت تعطي لنا مثار هذه الشجرة جعلها يف آخر الCرتتيب .مث اقCرتح منهجCا شCامال جلميCع
العلوم رأى أن يستقيه Cمن الرياضيات إلعجابCCه هبا ،فهي متثCCل الوضCCوح واليقني ويف حججهCCا
يقني وبداهة.
يرفض باشالر مثل هذه النزعات الوثوقية ،لCذلك تنبCأ أن هCذه الCدعوة لكلمCة املعرفCة
املوضوعية تالقي امتعاضاً واعرتاضا من قبل التقليد الفلسفي للعقالنية CاملولعCCة بالوحCCدة الكليCCة.
إن املسلك اجلهوي التخصصي للعلم املعاصر له مCCا يCCربره يف نظCر باشCCالر ،فهCCو ال يفيCCد علميCاً
فحسب ،أي فهم املعرف CCة العلمي CCة املعاص CCرة ،ب CCل فلس CCفياً أيضC Cاً ،ألن االبس CCتمولوجيا Cاملعاص CCرة
تس CC Cعى إىل إجياد األس CC Cس اخلاص CC Cة بك CC Cل علم مث CC Cل انش CC Cغال علم CC Cاء الرياض CC Cيات داخ CC Cل إقليم
الرياضCCيات مبسCCألة األسCCس .لCCذا فCCإن مهمCCة االبسCCتمولوجيا اجلهويCCة ،تتمثCCل يف وضCCع األسCCس
لكل علم خاص
مثل الفيزياء والكيمياء...أخل « فما أن ينظر إىل العلم عن شCيء من القCرب ،حCىت تCزداد
وظائفه الفلسفية » 1ونقف مع باشالر على أن مسCCألة وضCCع الأسCCاس من قبCCل عقالنيCCة إقليميCCة
لعلم خاص تصبح مسألة فلسفية حمددة .
يتحCول التخصص إذا رمCزا للثقافCة العلميCة وأبCرز خصCائص الفكCر العلمي اجلديد .بCل
مCيزة الفكCر حCىت يف مرحلتCه الشCمولية ،ومراجعCة ابسCتيمولوجية عميقCة حنو ماضCي املعرفCة الCيت
ك CC Cانت حبيس CC Cة لألفك CC Cار العامة .ويؤك CC Cد على « االع CC Cرتاف Cبتع CC Cدد العقالني CC Cات وبتأس CC CيسC
عقالني CCات جهوي CCة ،مبع CCىن حتدي CCد األس CCس لقط CCاع خمص CCوص Cمن املعرفة» 2فاالختص CCاص جيدد
جورج كانغيالم ،دراسات يف تاريخ العلوم وفلسفتها ،مرجع سابق ،ص 303 2
181
العمومية Cوحيضر لتجديلها ،ويعطي هلا شرعية حمددة بالتحقيقات املفصCلة .التخصCCص إذن هCو
مقاربة إبستيمولوجية ضرورية يف الفكر العلمي املعاصر من وجهة نظر باشالرية.
إال أن التوجه التخصصي Cيف العلم دون النظر يف العالقات املمكنة ،طرح يتعارض
مع راهينية Cالعلوم املعاصCCرة يف نظCر ميشCCال سCري ألن « النقل ال يعCرف حCدودا عنCد أي نقطCة
ويتجCC Cه أيضCC Cا بCC Cدوره بني اجلمCC Cع والنقل» 1لقCC Cد أدت احلدود النظريCC Cة واملوضCC Cوعية CواللغويCC Cة
لتخصCCص مCCا إىل عزلCCه عن التخصصCCات الCCيت تتCداخل وتتقCCاطع معCه بشCكل طCبيعي وجCوهري،
« يوج CCد ك CCذلك ح CCاالت إجتم CCاع التخصص CCات ،ال CCيت تع CCرب ح CCدود التخصص CCات حيث
القائم CCة .جمم CCوع املع CCارف ال CCيت تش CCكل ختصص CCا مل تكن أب CCدا بن CCاء مكتمال ،ال يتب CCدل ،فع CCاال
دائمCCا ،إنCCه من الضCCروري أن تتCCأثر بالسCCياق الCCذي تتحCCرك فيه» .إن روح التخصCCص أفCCرزت
2
مبالغة غري مربرة يف تقسيم بعض امليادين إىل ختصصCCات جديCدة مسCتقلة .كمCCا أن تطCCور العلم
والتكنولوجيا قد أدى إىل ظهور فروع علمية جديدة .وكلما ظهر فرع علمي جديد سCCرعان
م CCا يتح CCول إىل ختص CCص جدي CCد .والرؤي CCة الس CCريية تتج CCاوز ه CCذا الط CCرح التجزي Cئي ال CCذي جيزئ
العل CCوم إىل ختصص CCات متباع CCدة ال تل CCتئم فيم CCا بينه CCا ،ب CCل ال ميكن النظ CCر للعل CCوم إال من خالل
اتص CC C Cاالت وتف CC C Cاعالت Cقائم CC C Cة ،وحتويالت مفهومية ونظري CC C Cة ومنهجية متش CC C Cابكة Cومتفاعل CC Cة،
وتبCC Cادالت تأخCC Cذ شCC Cكل اسCC Cترياد وتصCC Cدير ،ترمجة وتوزيCC Cع ،الCC Cيت أفرزهتا التطCC Cورات املذهلCC Cة
واملتسCC Cارعة CللعلCC Cوم املعاصCC Cرة و « هنCC Cاك أمثلة وثيقCC Cة الصCC Cلة باملوضCC Cوع عن تCC Cداخل بCC Cرامج
األحباث ،االختصاصات الفرعية Cوما بعد الفرعية هلذا النCوع ميكن رؤيتهCا يف معظم التطCورات
احلديثة يف حقل التكنولوجيا Cالنانوية...تقع البىن اليت يتم تقصCCيها يف هCCذا السCCياق ضCCمن نطCCاق
ثالث CC C Cة اختصاص CC C Cات خمتلف CC C Cة من العل CC C Cوم الطبيعي CC C Cة C،حيث يعم CC C Cل الفيزي CC C Cائيون Cوالكيمي CC Cائيون
والبيولوجيون Cمعا لفهم وإنتاج تقع أبعادها يف جمال النانومرت». 3
1
François Dagognet, op cit, p 101
2
Joao caraca, science et communication, presses universitaires de France, 1999, p49
جهاد ملحم ،الفيزياء وقضايا العصر ،دار احلوار للنشر والتوزيع ،ط ،1سوريا ،2012 ،ص 290 3
182
إن عصر املعلوماتية فرض ضرورة االهتمام بتكامل املعرفة ،والتأكيد على أمهية تنCCاول
املعرفCCة ىف سCياق جديCCد وذلCCك بإحCداث التكامCCل بني التخصصCات وهCCو مCCا أطلCق عليCCه مCدخل
التخصصCCات أو الدراسCCات البينية )interdisciplinaire( CوالCCذى تبلCCورت مالحمه مCCع
عشCCرينيات القCCرن املاضCCي ،مث اسCCتخدم بشCCكل موسCCع ىف األزمنCCة الالحقCCة .وأعCCدت ىف ضCCوئه
بCCرامج ومقCCررات تكCCاملت فيهCCا فCCروع املعرفCCة املختلفCCة كامليكانيك Cا CاحليويCCة ،والعلCCوم الصCCحية
والطب الرياضي .وميكن أن نورد مع إ.موران ،أن مدرسة احلوليCCات بينت« أن تعاونCاً وثيقCاً
بني كCCل علCCوم اإلنسCCان( CالCCدميوغرافيا ،االقتصCCاديات ،علم االجتمCCاع ،إخل) وبني التCCاريخ و َّسCع
املنظور التارخيي الكالسي Cوأغناه بشكل ملحوظ» 1ومت تعريف التخصصCCات البينيCة Cبأهنا نCCوع
من التخصصCCات الناجتة عن حCCدوث تفاعCCل بني ختصCCص أو أكCCثر ،مCCرتبطني أو غCCري مCCرتبطني،
أو أهنا
العلCCوم والدراسCCات الCCيت تبحث يف إدراك العالقCCات بني فCCروع العلم واملعرفCCة على أسCCاس
مبدأ وحدة املعرفة وتكاملها ،للوصول إىل مفاهيم مشرتكة بني خمتلف العلوم والتخصصات.
إن تقCCدم العلCCوم وتنوعه Cا CوتشCCعبها أبCCان عن احلاجCCة أكCCثر من أي وقت مضCCى لفلسCCفة
جتمCCع شCCتات العلCCوم وفCCق رؤيCCة موسCCوعية C.فCCإذا كCCانت االبسCCتمولوجيا العلميCCة أو املوجبCCة يف
مرحلCC Cة أوىل تنكفئ Cعلى ذاهتا يف عالقCC Cة انعكاسCC Cية وبلغCC Cة صCC Cارمة ودقيقCC Cة لتنظيم موض CCوعها
العلمي مفاهيميا ومنهجيا ،فإهنا سرعان مCا تنفتح على اجلهويCات أو التخصصCات األخCرى يف
عالقة تبادليCة أخCذا وعطCاء للمفCاهيم واملصCطلحات واملنCاهج .فال بCد من تتبCع ترحCال املفCاهيم
العلميCC Cة من علم آلخCC Cر ويف فCC Cرتات تارخييCC Cة خمتلفة ،ألن جغرافيCC Cة العلم ليسCC Cت جCC Cزرا منعزل CCة
بعضCC C Cها عن بعض فالسCC C Cيربنطيقا « كاجتاه علمي جديCC C Cد صCC C Cاغه العCC C Cامل األمCC C Cريكي الرياض CC Cي
"ن CCوربرت في CCنر" ج CCاء نتيج CCة دراس CCة عميق CCة للتش CCابه بني عملي CCات التحكم يف األنظم CCة التقني CةC
1
27/09/2016 أندري CC C Cه بورغي CC C Cنيون ،من تعدُّدي CC C Cة املنCC C Cاهج إىل العرب مناهجية ،www.maaber.org ،ي CC Cوم
صباحا.
183
والبيولوجي CC Cة وللتق CC Cدم الش CC Cامل يف الف CC Cروع املناس CC Cبة من الرياض CC Cيات واملنط CC Cق واإللكرتونيCC Cات
والفيزيولوجيا. 1» C
إن ارهتان العلم يف حيز ختصصي ضيق ال حيقق بعده التواصلي وهو حكم عليCCه بCCالنفي
والعدميCC Cة.أمCC Cا الفهم السCC Cليم فإنCC Cه حياول حتليCC Cل الرتابطCC Cات املفهوميCC Cة بني العلCC Cوم نفس CCها .إن
االطار الذي تتواصل فيCCه ومن خاللCCه التخصصCCات العلميCCة يسCCميه ميشCCيل سري األنسCCيكلوبيديا
أو موسCCوعة العلCCوم ،فال علم يوجCCد مسCCتقال بذاتCCه ،بCCل هCCو يف عالقCCات متعCCددة ومتنوعCCة مCCع
باقي العلوم داخل هذه املوسوعة اليت حتتضن لعبة معقCCدة يسCCميها لعبCCة التفاعل حيث « ميكن
لك CCل عمCCال دول املعرف CCة أن يتالق CCوا .ليس من أج CCل االس CCتمتاع هبويCCة كاذبة ولكن من أجCCل
حتويل حقول جد مضطربة وجCد متباعCدة Cعن بعضCها البعض وتلقيحهCCا عن طريCCق النقCل ،لقCد
رفضنا
فيما أعتقد ،هذه التفاعالت .وهCCذا خطCCأ فضCيع يف املنطق » .2لكن هCCل معCCىن ذلCCك أن
سCري حييلنCا إىل االعتقCاد الكالسCCيكي لوحCدة املعرفCة ومشولية احلقيقCة؟ ال بCد من اإلقCرار مبCدئيا
أن الفكر املوسوعي Cسابق لزمن سري الفلسCCفي ،إال أنCCه متيز يف طرحCCه عن التصCCورات الفلسCCفية
السابقة .ولنا أن نتساءل ما هي عناصر التجديد يف موسوعة املعرفة عند ميشيل سري؟
إن موس CCوعة العل CCوم أو االنس CCيكلوبيديا معرف CCة بال مرجعي CCة ،حيث ي CCرفض س CCري ك CCل
مرجعي CCة أو نقط CCة ثابت CCة يس CCتند إليه CCا العلم أو الع CCامل .ألن ك CCل علم حيي CCل على ع CCدد آخ CCر من
العلوم يف إطار تفاعل تعددي ضCمن الشCبكة « Cإن الشCبكة Cهبذا الشCCكل ،تتكCCون CموضCCعيا ،إهنا
ال تعرف تغطيCCة وجتميCCد العلCوم يف جمموعها» .3وبالتCCايل ينتفي CكليCCا االعتقCاد بCCأن علمCا مCا هCو
مرجCCع للعلCCوم األخCCرى .وهCCذا حييلنCCا إىل فكCCرة تصCCنيف CالعلCCوم والعلم امللكي CالCCذي يCCرتبع هCCرم
مىن حممد عبد املعطي حممد ،يف الفلسفة Cواحلاسوب" دراسة يف نتائج علم السيربنطيقا" دار كلمة للنشر والتوزيع 1
3
Serres michel, l interfèrence, p 44
184
ترتيبه CCا ،مثلم CCا جنده عن أوغس CCت ك CCونت ال CCذي ي CCرى أن CCه من املمكن أن نCCرتب العل CCوم ترتيب CCا
هرمي CCا يف النظ CCام اآليت :الرياض CCيات ،الفل CCك ،الفيزياء ،البيولوجي CCا ،وعلم االجتم CCاع ...وذل CCك
هو النظام الذي ظهر فيه كل علم من الناحية التارخيية ،والذي بلغ فيه أيضا املرحلة الوضعية.
إن كل علم هو من الناحية املنطقية أكثر بساطة وأقل تعقيدا Cمن العلوم اليت تليه.
إن هذا املوقف يشتمل على ضعف ابستومولوجي Cوتارخيي يف نظر سري و« حيق لنا أن
نتس CCاءل هن CCا فيم CCا إذا ك CCان ه CCذا ال CCرتتيب Cالص CCارم احلايل لالختصاص CCات ميكن أن يس CCتمر ملدة
طويل CCة .م CCع ازده CCار املهم CCات ال CCيت ك CCانت تغ CCذي التوج CCه حنو تكام CCل الف CCروع .ب CCدأت تته CCدم
احلدود بني االختصاص CC C Cات املختلف CC C Cة .إهنم ،أي االختصاص CC C Cيون ،خيس CC C Cرون ت CC C Cدرجييا أمهيتهم
السCCابقة إزاء هبCCوط السCCتارة اخللفيCCة للنظCCام التقليCCدي للعلCCوم » 1ألنCCه نزعCCة اختزاليCCة وتبسCCيطية
جدا ،ترد العلم الالحCق إىل العلم السCابق يف عالقCة ال تراجعيCة .أي أن العكس اليصCح .وهCذا
يلغي اخلاص CCية التفاعليC Cة Cللعلم .وبع CCد أن أوش CCك العلم احلديث على أن يفق CCد بوص CCلته ،ف CCإن
فلسCC C Cفة العلم املعاصCC C Cرة اضCC C Cطلعت بCC C Cدور هCC C Cام وأساسCC C Cي يف توجيCC C Cه العلCC C Cوم واخلروج هبا من
اإلشكاالت Cواملآزق اليت واجهتها.
إن النزعة التخصصية Cيف العلم غالبCا مCا كCانت تتضCايف مCع االجتاه حنو االختزاليCة أو
ما يعرف كذلك بالردية .اليت اتسع نطاقها من العلوم الفيزيائية إىل الطبيعة واحلياة وصوال إىل
الفلسCCفة .وهي تنطCCوي على فكCCرة مفادهCCا أن بعض احلقCCائق أقCCل أساسCCية من األخCCرى وميكن
إحلاقهCCا هبا .وليس ذلCCك على سCCبيل التفاعCCل والتCCداخل وإمنا اإلرجCCاع واالخCCتزال مثلمCCا يعتقCCد
الفيزيائيون بإمكانية CإرجCاع الكيميCCاء إىل الفيزيCCاء .ونفس احلكم يسCري يف بCCاقي التخصصCCات
إذ يرى االختزاليون « أن علم النفس ميكن اختزاله حتت مظلة البيولوجيا Cوضمن الكيميCCاء...
أي أن سCCهم التفسCCري يتجCCه دومCCا حنو أعمCCق مسCCتويات احلقيقCCة ،إىل أن يتCCاح يف النهايCCة تفسCCري
185
كل شي بلغة املكونات Cاألساسية Cللمادة ».1
إن االختزاليCCة هبذا املعCCىن تتحCCول إىل عقبCة ابسCCتمولوجية بلغCة باشCCالر ،لكن املفارقCة أنCه
وقCC Cع ضCC Cحية هلا عنCC Cدما حصCC Cر اسCC Cقاطاته CاالبسCC Cتمولوجية Cيف تتبCC Cع معCC Cادالت ميكانيكCC Cا الكم
وقCC Cوانني النسCC Cبية ،غCC Cافال عن حقCC Cول علميCC Cة أخ CCرى غCC Cري فيزياء اجلسCC Cيمات على غCC Cرار عل CCوم
املاكروفيزي CCا ول CCذلك يعت CCرب علم CCاء املادة الكثيفC Cة Cأن « مطالب CCة فيزي CCائيي Cاجلس CCيمات العنص CCرية
باتباع خطاهم وتسCخري األرصCدة املاليCة لبحCوثهم فقCط( ،وعلى سCبيل املثCال البحCوث يف جمال
املصCCادمات) إمنا هي مبالغCCة شCCديدة يف أمهيCCة حبوثهم ،وهCCو نCCوع من الواحديCCة يف الرؤية» 2إن
ع CCدم االنفت CCاح على العل CCوم األخ CCرى ومواكبC Cة Cتطوراهتا دف CCع ميش CCال س CCري ألن يص CCف العق CCل
العلمي الباشCCالري بالقCCدمي «أعتقCCد ،من وجهCCة نظCCري ،أن هCCذا العقCCل العلمي اجلديCCد موضCCة
تلCCك احلقبCCة ،وضCCع متCCأخرا جCCدا عن العلCCوم :عن الرياضCCيات ،ألنCCه بCCدال من احلديث عن اجلرب
والتبولوجيCCا ونظريCCة اجملموعCCات كCCانت مرجعيتCCه اهلندسCCة الال إقليديCCة ،ليس هCCذا هCCو اجلديCCد.
عن الفيزياء ،نفس الش CC Cئ ،ألن CC Cه مل يق CC Cل كلم CC Cة يف نظري CC Cة املعلوم CC Cات ،ومل يس CC Cمع ض CC Cجيجا
هريوشCCيما :ونفس الشCCئ عن املنطCق وهكCذا ،إن النمCوذج الCCذي يقدمCه حCCول العلCCوم ال ميكن
3
أن مير إىل عيناي كمعاصرة ،إن هذا العقل العلمي اجلديد يبدو يل قدميا جدا »
لقCCد جCCاءت الكCCاوس أو الفوضCCى كمفهCCوم علمي جديCCد وكقرينCCة ضCCد الفكCCر
الاخ CCتزايل والإقص CCائي .فالنظ CCام والفوض CCى واالبتالع مف CCاهيم ت CCدخل يف ص CCلب تش CCكل احلي CCاة،
واليت ال ميكن تفسريها بعناصرها اجلزئية وإمنا بCCالرجوع إىل البنيCة CالكليCCة .وأظهCCر هCCذا التوجCCه
العلمي اجلديCC C Cد التنCC C Cاقض احلاصCC C Cل بني منهجيCC C Cة علميCC C Cة تعCC C Cزل اجلمCC C Cل الفيزيائيCC C Cة عن حميطهCC Cا
وخصوصCCية كونيCCة متداخلCCة أو مركبCCة ومعقCCدة بلغCCة إدغCCار مCCوران .يضCCاف إىل ذلCCك احنصCCار
عماد فوزي الشCعييب ،اإلختزاليCة من إبسCتمولوجيا الواحCد إىل نظريCة كCل شCئ ،جملCة جامعCة دمشCق ،اجمللCد ،22 1
3
Serres, Michel, ECLAIRCISSEMENTS. Entretiens avec Bruno Latour editions francois
bourin, paris, 1992, p23
186
البحث الباش CCالري يف أف CCق علمي ختصص CCي ض CCيق مل يتج CCاوزه .لق CCد تتب CCع تط CCور الرياض CCيات
والفيزياء بصفة خاصة دون أن يفرد اهتماما للعلوم اإلنسانية واليت جعلها ميشال سري خاصية
من خص CCائص الفك CCر العلمي اجلدي CCد املتج CCدد .فكت CCاب العب CCور مشال غ CCرب م CCا ه CCو إال خريط CCة
طريق يف رسم هذا التصور
التف CCاعلي بني العل CCوم احلق CCة والعل CCوم اإلنس CCانية « Cأن CCا أحبث عن العب CCور بني العل CCوم الدقيق CCة
والعلوم اإلنسانية. 1» C
إن هCCذا املوقCCف من املعرفCCة والعلم املعاصCCر ليس بدعCCة سCCريية ،بCCل أن مواطنCه CوأحCCد
جمايليCCه الفيلسCCوف وعCCامل االجتمCCاع إدغCCار مCCوران يقCCدم كCCذلك رؤيCCة شCCاملة ومتعCCددة الفCCروع
كإسهام نظري وفلسفي ضمن مشروع معريف ضCخم أمثر سCتة كتب عنوانCCه اجلامع " املنهج"
و« تش CCكل األج CCزاء األربع CCة من كت CCاب "املنهج " االق CCرتاح ال CCذي أع CCده م CCوران بش CCكل ص CCارم
لعلم مCC Cركب للتواصل» أي أنCC Cه مشCC Cروع موسCC Cوعي يريCC Cد مCC Cوران من خاللCC Cه التحليCC Cق عCC Cرب
2
التخصصات املعرفية ،هبدف فهم العCامل ورسCم وجهCة آمنCCة لإلنسCانية مثلمCCا يقCCول .وكCCان حبق
عقال موس CCوعيا ميتل CCك ج CCرأة القف CCز بني التخصص CCات وإرس CCاء اجلس CCور بينه CCا .وتعل CCق األم CCر
خاصCC Cة بـ ـ ـ ـ ـ ـ « محل هم إضCC Cاءة علCC Cوم الطبيعCC Cة بواسCC Cطة علCC Cوم اإلنسCC Cان ( Cأو بCC Cاألحرى علCC Cوم
اإلنسCCاين) والعكس صCCحيح » . 3لكن كيCCف ميكن أن يكCCون CالتواصCCل واالتصCCال بني العلCCوم
الدقيقة والعلوم االنسانية؟ إن على مستوى املناهج ،أو على مستوى املفاهيم واملصطلحات؟
الواق CC Cع أن هن CC Cاك خالف واس CC Cع جCC Cدا ح CC Cول طبيع CC Cة املنهج يف العل CC Cوم اإلنسCC Cانية« Cان
اجلداالت اليت يعرفها ميدان علوم االنسان C،واليت هي بالتأكيCCد عالمCCات صCحة ،رغم مظهرهCCا
املتنCCوع C،كCانت نوعCا من إعCCادة التسCاؤل حCول البCCديهيات املكتسCCبة أو التقليديCCة ،أي نوعCCا من
1
Serres michel. Le passage du nord-ouest. Les editions de minuit. Paris 1980. P 15
66 برينار مييج ،الفكر االتصايل من التأسيس إىل منعطف األلفية الثالثة ،مرجع سابق ،ص 2
187
الث CCورة الدائم CCة يف جمال الفكر» 1وهلذا ميكن الق CCول أهنا نش CCأت نش CCأة غ CCري مكتمل CCة ،فهي وٕان
اسCCتطاعت حتديCCد موضCCوعها وحصCره ،فإهنا مل تسCCتطع خلCق منهج يالءم طبيعCCة موضCCوعها بCل
و «أرادت أن
حترز تقدما مياثل ما أحرزته العلوم الطبيعيCCة باسCCتخدامها ملنCCاهج الدقCCة والضCCبط الرياضCCيني
وباعتمادها على املالحظة والتجربة». 2
إن الفرق بني العلوم االجتماعية والطبيعية Cمن وجهة نظر دلتاي يبدأ أوال مع املوضوعC
« إن الفارق بني العلوم االجتماعية والطبيعية Cيكمن عنده يف أن مادة العلوم االجتماعيCCة وهي
العقول البشرية مادة معطاة ،وليسCCت مشCCتقة من أي شCCيء خارجهCCا مثCCل مCCادة العلCCوم الطبيعيCCة
اليت هي مشتقة من الطبيعة ...إن اإلدراك الفين واإلنساين مها غاية العلCCوم االجتماعيCCة ،وميكن
الوص CCول إليهم CCا من خالل التحدي CCد ال CCدقيق للقيم واملع CCاين ال CCيت ندرس CCها يف عق CCول الف CCاعلني
االجتم CC Cاعيني وليس من خالل من CC Cاهج العل CC Cوم الطبيعية» وألج CC Cل التفرق CC Cة بني من CC Cاهج العلCC Cوم
3
الطبيعية Cواإلنسانية Cوظف دلتاي الفهم يف مقابل التفسCCري .والتعCCارض بني الفهم والتفسCCري ،هCCو
نفسCC Cه التعCC Cارض بني منهج العلCC Cوم الطبيعيCC Cة ومنهج العلCC Cوم اإلنسCC Cانية .CفCC Cإذا كCC Cان منهج عل CCوم
الطبيعة Cقوامه التفسCC C Cري ،ف CC C Cإن منهج عل CC C Cوم اإلنس CC C Cان أساسه الفهم « إن الكلمة األساس CC Cية يف
التأويCCل أو الدراسCCات اإلنسCCانية Cهي الفهم والفهم كلمCCة متمCCيزة من التعليCCل الCCذي يقCCوم عليCCه
العلم ال CCدقيق .الفهم معول CCه على الرب CCط بني اجلانب ال CCداخلي واجلانب اخلارجي.العلم يعل CCل،
جCCان دوفيCCنيو وآخCCرون ،إشCCكاليات الفكCCر املعاصCCر ،تCCر :حممCCد سCCبيال ،منشCCورات الCCزمن ،ط ،1الCCدار البيضCCاء، 1
2003ص113
نصCCر حامCCد أبCCو زيCCد" :إشCCكاليات القCCراءة وآليCCات التأويCCل" ،املركCCز الثقCCايف العCCريب ،الCCدار البيضCCاء ،د.ط2001 ،
3
ص24 :
188
والدراسCCات اإلنسCCانية تتفهم احليCCاة أو التجربCCة » 1إن الفهم يCCرفض تشCCبيه الظCCاهرة اإلنسCCانية
بالظ CCاهرة الطبيعي CCة ،فاإلنس CCان فردي CCة ذات خصوص CCيات ،وال ميكن تفس CCريها Cمن اخلارج ،وٕامنا
جيب دراستها من داخلها والعمل على تأويلها وفهمها ،والفهم عملية فردية وذاتية Cليس إال.
إن الفCCروق واالختالفCCات بني الظCCاهرتني الطبيعيCCة واإلنسCCانية ،عديCCدة وال ختفى على
كل دارس متأمل .ومنها على سبيل الذكر ال احلصر ،أنه يسهل حتديد العلCCل الCCيت تكCCون وراء
نشCCوء الظCCواهر الطبيعيCCة يف حني يصCCعب CحتديCCد وحصCCر كCCل أسCCباب الظCCاهرة اإلنسCCانية ،ألهنا
تتعCCدد وتتشCCابك .إن « البCCاحث يظCCل علي السCCطح فهCCو ينشCCغل باملالحCCظ واملرئي وال يتمكن
من التوغل يف األعماق يف حماولة للكشف عن اخلصائص الثابتة Cللطبيعة اإلنسانية Cومن مث تCCأيت
نتائج CCه قاص CCرة وعرج CCاء » . 2فالظ CCاهرة الطبيعي Cة Cيغيب عنها املك CCون الشخص CCي أو الثق CCايف أو
الCCرتاثي C،فهي بال شخصCCية وال ثقافCCة وال تCCراث ،وجمردة من الCCوعي CوالCCذاكرة واإلرادة .إال أن
بنية الظ CCاهرة اإلنس CCانية ،تعترب ه CCذه املكون CCات Cالشخص CCية والثقافي Cة Cوالرتاثي CCة مكونا أساسيا من
مكوناهتا.
باالضCCافة إىل ذلCCك تعCCدد هCCذه الثقافCCات ،وتعCCدد الشخصCCيات اإلنسCCانية ،وهCCذا مع
حضCCور الCCوعي Cواإلرادة احلرة والشCCعور والCCذاكرة ...يف الظCCاهرة اإلنسCCانية ولCCذلك « يظهCCر
أن من الوهم والسذاجة -رغم مزاعم العقالنCيني C-أن يعتقCد بإمكانيCة Cتعميم املنهج العلمي يف
مجي CCع اجملاالت ب CCزعم قدرت CCه على ح CCل مجي CCع املش CCكالت العاجل CCة واآلجلة » .3مث إن دراس CCة
الظواهر الطبيعية Cتقود إىل صCياغة قCوانني عامCة ميكن التحقق من صCحتها بCالرجوع إىل الواقع،
أمCCا « عCCدم خضCCوع الظCCواهر اإلنسCCانية للقيCCاس وعCCدم قابليتهCCا لCCذلك ،مينCCع من تطCCبيق املنCCاهجC
الكمية يف العلوم اليت تدرس هذه الظواهر..فالصياغة الرياضية للقوانني هي املعيCCار الCCذي جيعCCل
،2000 ،1ص65 : مصطفى Cناصف" :نظرية التأويل" ،النادي األديب الثقايف ،جدة ،ط 1
189
القCC C Cوانني احملصCC C Cلة يف أي علم تتمCC C Cيز بالدقة » 1لكن دراسCC C Cة الظCC C Cواهر اإلنسCC C Cانية توص CC Cلنا إىل
تعميمات تقريبية ،تتمرد على قاعدة التعميم إن حاولنا تطبيقها على مواقف إنسانية Cمغايرة.
كما ختتلCCف وقCCائع العلCCوم الطبيعيCة Cعن وقCCائع العلCCوم اإلنسCCانية Cيف كCCون األوىل أحCCداث
طبيعية أمCا الثانيCة إنسCانية CوشخصCية ،تتبCاين من فCرد إىل آخر .ألهنا مرتبطة باملشCاعر واألفكCار
والنيات .CولعCCل هCCذه الفCCروق ،وغريهCCا هي الCCيت دفعت املهتمني مبنCCاهج العلCCوم إىل التأكيCد Cعلى
أن « تشCCييد الدراسCCات اإلنسCCانية Cعلى غرار العلCCوم الطبيعي Cة Cحبيث تكCCون منوذجCCا متشCCاهبا هلا
متام CC Cا ،ه CC Cو ض CC Cالل عقلي ،وعقم علمي ،وخط CC Cر أخالقي :ه CC Cو ض CC Cالل عقلي ألن CC Cه يتجاه CC Cل
العمليCCات املعرفية املألوف Cة Cوعقم علمي ألنCCه ال ينتج املعرفCCة الCCيت حنتاجهCCا وخطCCر أخالقي ألنCCه
يقبل تصور اإلنسان Cعلى أنCه شCيء آخCر يف عCامل مCادي طCبيعي» 2.فال ميكن القCول إن العلCوم
اإلنسCCانية تسCCتطيع أن تصCCل إىل قCCوانني مماثلة لقCCوانني العلCCوم الطبيعيCة Cألن « االعرتاضCCات CالCCيت
كCCانت تقCCوم وتتجCCدد ضCCدا على العلCCوم االنسCCانية CقCCد كCCان مصCCدرها هCCذا النمCCوذج املنهجي.
فحCCىت االجتاهCCات الفلسCCفية املثاليCة CكCCانت تلجCCأ إىل اعتبCCار العلCCوم الفيزيائيCCة منوذجCCا منهجيCCا من
أجCCل أن تقCCاس العلCCوم اإلنسCCانية وتعCCرتض بنCCاء على ذلCCك على إمكCCان قيCCام هCCذه العلCCوم كعلCCوم
».3
مث هCCل حيق لنCCا احلديث عن تواصCCل منCCاهج الدراسCCات األدبيCCة مCCع منCCاهج العلCCوم
الطبيعية؟ وهل ميكن معاجلة العمل األديب ،والفين عموما ،معاجلة طبيعية CوعلميCCة؟ و هCCل ميكن
للحقول األدبية أن تساهم يف نشأة املعارف العلمية ؟.
إننCCا نتسCCاءل عن ذلCCك ألن ميشCال سري يصCCف نفسCCه بأنCCه رحالCCة يسCCافر بني الفنCCونC
واآلداب والعل CCوم وأعمال CCه ام CCتزجت بني الفلس CCفة والعلم والش CCعر وقراءت CCه جلول ف CCرين و إمي CCل
محمد وقيدي" :العلوم اإلنسانية واإليديولوجيا ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،ط ،2011 ،3ص127: 1
أنظCCر الفلسCCفة املاديCCة وتفكيCCك اإلنسCCان ،عبCCد الوهCCاب املسCCريي ،دار الفكCCر املعاصCCر للطباعCCة والنشCCر والتوزيCCع، 2
190
زوال ولوحات تورنر تؤكد ذلك.
إن تطور العلوم الطبيعية Cدفع ببعض نقCاد األدب إىل الCدعوة إلقامة النقCد األديب على
أسCCس وقCCوانني متاثCCل قCCوانني العلCCوم الطبيعيCCة يف دقتهCCا وصرامتها ،فتجCCاوز الناقCCد األديب حCCدود
األدب ليماثCCل عCامل الطبيعة .CوصCار البحث األدبي حبثCCا طبيعيا .CيكCون CفيCه التعامCل مع الظCاهرة
من
)) Saint Boeuf األدبيCCة تعامCCل عCCامل الطبيعCة CمCCع الظCCاهرة الطبيعيCCة .وكCCان سCCانت بCCوف
أوائCCل من نCCادوا إىل « إىل دراسCCة األدبCCاء دراسCCة علميCCة تقCCوم على حبوث تفصCCيلية CلعالقCCاهتم
بأوطCCاهنم وأممهم وعصCCورهم...وإذا مت كشCCف ذلCCك كلCCه يف األديب أمكن للمCCؤرخ األديب أن
مييز فيCC Cه بني الفCC Cردي الCC Cذايت واجلمCC Cاعي املشCC Cرتك CبينCC Cه وبني من على شCC Cاكلته من أدبCC Cاء بيئتCC Cه
وعصCCره ،حبيث ينحى عنCه كCل مCCا يتصCل بفرديتCه وذاتيتCCه ،حCىت يوضCع يف مكانCه الصCCحيح من
األسCCرة األدبيCCة اخلاصCCة يف أمتCCه ،وحCCىت يوصCCل علميCCا بينCCه وبني فصCCيلته األدبيCCة ومCCا األدبCCاء يف
(Bru
رأيه إال فصCائل كفصCائل النبCات واحليCCوان .. Cيف العلCوم الطبيعية 1» CوسCCار برونتيري
) netièreيف نفس املسار عندما « حاول أن يطبق ما كتبه دارون عن علم األحياء يف كتابه
" أصل األنواع" Cوما رمسه فيCCه من نظريCCة التطCCور أو نظريCCة النشCوء واالرتقCCاء ،حماوال أن جيسCد
هذه النظرية يف األدب وأنواعه » وهو ال خيتلCCف يف ذلCCك عن فعCCل سبنسCCر عنCCدما استنسCCخها
2
يف االجتم CCاع واألخالق .وجتلى أثره CCا يف مؤلف CCه تط CCور األن CCواع األدبي CCة .حيث وص CCفها بأهنا
تتط CCور وتنم CCو وتتك CCاثر متدرج CCة زمني CCا من البس CCيط إىل املركب ح CCىت تنض CCج وتتالشC Cى Cكم CCا
تتالشى Cفصائل احليواناتC.
كCCاتب وناقCCد فرنسCCي ( ،)1869-1804كتب العديCCد من الدراسCCات الCCيت كCCان هلا تCCأثري مهم يف تCCاريخ النقCCد
األديب ،عرف نقده بالنقد البناء ،وكان مبنيًا على التاريخ الطبيعي للفكرC
1
شوقى ضيف :البحث االدىب طبيعته-مناهجه-أصوله-مصCCادره ،دار املعCCارف ،القCCاهرة ،ط ،1992 C،7ص:
86
ناقد فرنسي ()1906 ،1849ختصص بكتابة تاريخ األدب وتاريخ النقد
191
وخياصم بعض النقاد هCذا الCنزوع انطالقCا من التميCيز بني العلم واألدب من زاويCة اللغCة
املستخدمة يف كل منهما .إذ مقارنة بسيطة بني اللغة العلمية واللغة األدبية تكشف عن فجوة
واسCCعة تفصCCل بينهما .فاللغCCة األدبيCCة لغة اجملاز واالسCCتعارة C،وهلا جانبها اإلشCCاري .بCCل إن
أما اللغة العلمية ،فهي لغة حمايدة وموضوعية .
وبني االجتاه املتشCCدد يف الCCرفض واالجتاه املوغCCل يف التقليCCد واحملاكCCاة حياول ميشCCال
سCC Cري أن يقCC Cدم رؤيCC Cة جديCC Cدة ال جتعCC Cل من األدب والشCC Cعر دراسCC Cة علميCC Cة وال من العلم أدبCC Cا
وشعرا .وإمنا هي تشتغل علي بعد التواصل .
ويعتق CCد سري« اعتق CCادا راس CCخا أن بق CCاء العلم وحيويت CCه بال CCذات يعتم CCدان على درج CCة
انفتاح CCه على اآلخ CCر الش CCعري بالنس CCبة إلي CCه ،ف CCالعلم يس CCتمر يف املس CCري فق CCط إذا تلقى إم CCدادا و"
تغذيCCة يف الوريCCد" من مصCCدر مCCا ،من شCCيء معجCCز وال ميكن التنبCCؤ بCCه.إن النبض الشCCعري هCCو
دم احلياة بالنسبة إىل العلم الطبيعي وليس نقمة عليه أو خصما رهيبا .الشعر هو السبيل الCCذي
يسCCلكه املسCCافر املنفتح ملا هCCو غCCري متوقCCع واملسCCتعد على الCCدوام إلقامCCة روابCCط غCCري متوقعCCة بني
األماكن واألشياء » 1فالشعر مصدر إهلام وإبداع ،وهو اعتقاد فلسفي جند له جCCذورا قدمية
م CCع أرس CCطو عن CCدما خ CCالف أس CCتاذه أفالط CCون ال CCذي ك CCان يعتق CCد أن الش CCعر مفسدة للم CCواطن
الصاحل ألنه ينمي عاطفة اخلوف والشفقة .لكن أرسCطو خالفه واعتCربه أداة لإعCادة بنCاء الواقCع
والتنبؤ به.
ويقCCدم لنCCا فيلسCCوف التواصCCل شCواهد كثCCرية من تCاريخ العلم ليؤكCCد وجاهCة رؤيتCCه .إذ يعّ Cد
تيت CCوس لوكري CCتيوس كواح CCداً من كب CCار الش CCعراء والفالس CCفة الروم CCان وص CCاحب س CCبق يف توق CCع
إطCCار الفيزيCCاء احلديثCCة وذلCCك من خالل قصCCيدته املطولCCة " يف طبيعCCة األشCCياء" .إن « كتCCاب
طبيعة Cاألشياء قد اعترب تقليديا قطعة شCعرية تكCاد ال متت بصCلة إىل العلم احلديث .ولكن سCري
حياجج ق CC C Cائال :إن CC C Cه من الواض CC C Cح أن االض CC C Cطراب بك CC C Cل أنواعC C C Cه Cأساس CC C Cي بالنس CC C Cبة إىل نظ CC Cام
ص185: جون ليشته ،مخسون مفكرا أساسيا معاصرا ،مرجع سابق، 1
192
لوكريتيوس.
إن فك CC Cرة ال ـــ " كلين CC Cامن" ( )clinamenأي تغيCC Cريات المتناهيC C Cة Cيف مس CC Cار اجلسCC Cم أو
الش CCيء -ال CCيت يطرحه CCا لوك CCرتيوس تس CCتبق نظري CCة األنثروبي CCا ،أو الال ت CCرتيب ،ال CCيت ظه CCرت يف
الفيزياء احلديثة » ففي ثنايا قصيدة شعرية قدمية عششت أفكار علمية أثبتها العلم احلديث « 1
فيزي CCاء لوكري CCتيوس تس CCتجيب لك CCل مق CCاييس الفيزي CCاء .على األق CCل تل CCك ال CCيت فكرن CCا فيه CCا من CCذ
العصCCر الكالسCCيكي .إهنا تتنCCاول النمCCاذج ،البCCىن ،خالصCCية ،ترييضCCها للمكCCان ،دقيقCCة ،وفائهCCا
لألشCCياء يف ذاهتا ميحص يف التجربة » 2إن هCCذا الكتCCاب CاشCCتمل قصCCيدة شCCعرية ،لكنهCCا تنبض
علم CCا .حCCىت إن س CCري يق CCر بإمكاني CCة اس CCتخراج ن CCوع من الرياض CCيات من ه CCذا الكت CCاب Cالش CCعري
الذي ينتمي إىل القرن األخري قبل امليالد.
وإذا عدنا إىل باشالر لوجدنا إنتاجا شعريا وأدبيا باإلضافة إىل إنتاجه االبستمولوجي.
حيث أغCCىن مسCCاره بمؤلفCCات يف الإبCCداع الفCCين من قبيCCل التحليCCل النفسCCي للنCCار ،املاء واألحالم
مجالي CC Cات املك CC Cان ،ش CC Cاعرية أحالم اليقظـة .فباش CC Cالر كم CC Cا يق CC Cول االبس CC Cتمولوجي الفرنس CC Cي
فرانس CCوا داغ CCوين ك CCان عاملا ابس CCتومولوجيا Cم CCع العلم CCاء وأديب CCا ش CCاعرا م CCع الش CCعراء فهل ميكن
اعتبCCار هذا التوجه نزعCCة اتصCCالية أفقيCCة بني الشCCعر والعلم ،مثلمCCا أراده ميشCCال سCCري ؟ يف ذلCCك
يقCCول باشCCالر يف مؤلفCCه التحليCCل النفسCCي للنCCار « :حمور الشCCعر وحمور العلم مها قبCCل كCCل ش Cئ
حموران متعاكسCCان Cيف مبCCدأ األمCCر ،والCCذي تطمح الفلسCCفة إليCCه هCCو أن جتعCCل من الشCCعر والعلم
مكمال أحCCدمها لآلخCCر ،وأن توحCCد بينهمCCا باعتبارمها نقيضCCني تCCامني » 3فنحن أمCCام فيلسCCوف
العلم الCC C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C Cذي شَ C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C Cكلته الرياضCC C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C Cيات
2
Serres, michel. La naissance de la physique dans le tete de lucrèce, fleuves et
turbulences, Collection Critique, ed.minuit. paris. 1977.p 167.
ط ،1 باشCCالر ،غاسCCتون ،النCCار يف التحليCCل النفسCCي ،ترمجة هناد خياطCCة ،دار األنCCدلس للطباعCCة والنشCCر والتوزيCCعC، 3
193
وص CC Cهرته التج CC Cارب العلمي CC Cة يف الفيزياء والكيمياCء ،يف ذات ال CC Cوقت يتع CC Cاطى Cالأدب والش CC Cعر
وعـد التخي CCل الش CCعري ذا أمهي CCة فلس CCفية كب CCرية .وال أدل على ذل CCك
ويس CCرح ب CCه اخلي CCال ،ب CCل َ
« نص CCوص الش CCعراء واالستش CCهاد بأنس CCقتهم ،وك CCان ص CCديقا كب CCريا هلم وقارئ CCا توظيفهC
جي CCدا وم CCدمنا ملت CCوهنم » 1وكتاب CCه األخ CCري (ش CCاعرية أحالم اليقظ CCة) تض CCمن دع CCوة ص CCرحية إىل
التخلص من مجيع القيود اليت حت ّد من تذوقنا للشعر واإلبداع عمومCاً ولكن دون أن خيلCCط بني
األمCCرين .ويف ذلCCك اختلCCف سCCري عن باشCCالر فشخصCCية هCCرمس الCCيت يتقمصCCها ميشCCال سري
كاس CCرة لك CCل احلدود « الوس CCطاء ه CCرمس ،املالئك CCة C،أن CCا ،باعتبارن CCا وس CCطاء بني العل CCوم ،وبني
العلوم واآلداب ،فنحن مظطرون للتحليق حول هذه املعامل ».2
إن اخCCرتاق احلدود بني العلCCوم الدقيقCCة والعلCCوم اإلنسCCانية CامتCCد أثCCره وفتح اآلفCCاق لتفكCCري
فلسCCفي حCCول مCCآل العلم وآثCCاره على اإلنسCCان CوالطبيعCCة .أو مCCا يعCCرف بCCالتفكري اإليكولوجCCىي
أو أخالق البيئCC Cة C.إن العبCC Cور حنو العلCC Cوم اإلنسCC Cانية CجCC Cاء « ليسCC Cتكمل حتليCC Cل األزمCC Cة البيئيCC CةC،
فيتجلى يف نشوء حبوث وفروع معرفية جديدة تتCداخل ،يف إطارهCا العلCوم اإلنسCانية CواملفCاهيم
االيكولوجي CC Cة فنش CC Cأ مثال علم النفس البي CC Cئي واالقتص CC Cاد البي CC Cئي Cوالت CC Cاريخ البي CC Cئي والدراسCC Cات
الالهوتية اإليكولوجية والنقد اإليكولوجي Cوغريها ».3
فاألخالقيCCات البيئيCCة هي املسCCلك الCCذي جعلCCه ميشCCال سCCري مطلبCCا ضCCروريا يف مسCCرية
العلم املعاصCCر .ويف هCCذا السCCياق أعCCاب على باشCCالر إمهالCCه هلذا املطلب بCCالرغم من أنCCه عاصCCر
حCC Cربني كونيCC Cتني مCC Cدمرتني «ال نسCC Cتطيع ىف تلCC Cك احلقبCC Cة العمCC Cل يف الفيزيCC Cاء والصCC Cمت عن
الضجيج الكوين
هلريوش CCيما .ىف حني االبس CCتمولوجيون التقلي CCديون Cمل يط CCرح األس CCئلة ح CCول العالق CCة بني العلم
سعيد بوخليط ،مرجع سابق ،ص 185 1
2
S.michel, ECLAIRCISSEMENTS, op cit, p 100
مايكل زميرمان ،الفلسفة البيئية من حقوق احليوان إىل اإليكولوجيا اجلذرية ،تر :معني شفيق رومية ،سلسلة عامل 3
املعرفة ج ،1المجلس الوطين للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت ، ،2006 ،ص 9
194
والعن CCف" ونس CCتطيع الق CCول أن األخالقي CCات البيئيC Cة Cتتح CCول م CCع س CCري من أهم مسات الفك CCر 1
العلمي والفلسCC Cفي املعاصCC Cر هبدف مواجهCC Cة التحCC Cديات اجلديCC Cدة املرتبطCC Cة بCC Cالتطور السCC Cريع
واملتزاي CCد للتكنولوجي CCات Cال CCيت هتدد اإلنس CCان ،والبيئ CCة C،والتن CCوع Cال CCبيولوجي C،وك CCوكب األرض
بأسCC C Cره « إن الواقCC C Cع الCC C Cذي تدرسCC C Cه االيكولوجيCC C Cا … يشCC C Cمل العالقCC C Cات املتبادلCC C Cة بني ثالثة
مسCCتويات متداخلCCة:املسCCتوى املادي (العناصCCر املاديCCة يف الطبيعCCة) واملسCCتوى احلي ( الكائنCCات
احليCCة) ومسCCتوى الإنسCCان الCCذي انبثCCق بCCالتوازي مCCع مCCا يسCCمى عصCCر اإلنسCCان ... CوارتباطCCا مCCع
تعقيد الواقCCع االيكولCCوجي CمCCر التفكCري يف األزمCCة البيئيCة C،سCعيا يف سCCبيل فهمهCCا ودرء لعواقبهCCا،
2
بثالث مراحل ،اخضرار العلوم واخضرار الدراسات اإلنسانية ،واخضرار الفلسفة »
ول CC Cذلك ي CC Cراقب س CC Cري ش CC Cىت مفاص CC Cل احلي CC Cاة ال CC Cيت نعيش CC Cها .يرص CC Cد املالحظ CC Cات ويCC Cدون
اإلحص CC C Cائيات والبيان CC C Cات Cيف االقتصCC C Cاد والسياسCC C Cة والبيئCC C Cة والتعليم والعالق CC C Cات االجتماعيCC C Cة
واألخالق واجلمCCال وغCCري ذلك .ويف مثانينيCCات القCCرن املاضCCي مت االعCCرتاف على نطCCاق واسCCع،
بت CCدهور البيئ CCة نتيج CCة للت CCأثري الس CCليب لألنش CCطة البش CCرية على تن CCوع الكائن CCات احلي CCة.فجاءالبع CCد
األخالقي لإلشCCكاليات البيئيCCة يُعCCىن بطريقCCة التعامCCل مCCع هCCذه التحCCديات إنطالقCCا « من جمموعCCة
من القواعCCد األخالقيCCة العمليCCة اجملاليCCة ،الCCيت تسCCعى لتنظيم املمارسCCة داخCCل خمتلCCف ميCCادين العلم
والتكنولوجيCC Cا ومCC Cا يرتبCC Cط هبا من أنشCC Cطة اجتماعيCC Cة واقتصCC Cادية ومهنيCC Cة C،كمCC Cا حتاول أن حتل
املشاكل األخالقية اليت تطرحها تلCCك امليCCادين ،ال انطالقCCا من معCCايري أخالقيCCة جCCاهزة ومطلقCCة،
بCC Cل اعتمCC Cادا على مCC Cا يتم التوصCC Cل إليCC Cه بواسCC Cطة التCC Cداول والتوافCC Cق C،وعلى املعاجلة األخالقيCC Cة
للحاالت اخلاصة واملعقدة أو املستعصية» مبعىن هي فلسفة جديدة تتصCCور اإلنسCCان يف إطCCار
3
وضCC Cع اجتمCC Cاعي وثقCC Cايف وبيCC Cئي متCC Cأزم ،وحتاول أن تقCC Cدم رؤيCC Cة جديCC Cدة لإلنسCC Cان يف عالقت CCه
مبحيطه البيئي.
1
S.michel, ECLAIRCISSEMENTS, op cit, p30
مايكل زميرمان ،مرجع سابق ،ص 10 2
195
لقد كتب ميشCال سCري العقCد الطCبيعي ،CوهCو املؤلCف الCذي أخCذ فيCه على عاتقCه مهمCة حتليCل
اجلوانب Cالفلسفية لألزمCة البيئيCCة ،وطCرح يف هCCذا السCCياق سCؤاال مركزيCا هCCو :مCCا مCدى حاجتنCCا
– حنن البشر إىل فهم جديد لعالقتنا مع العامل الطبيعي Cيف عصر التدهور البيئي Cالذي نعيشCCه؟
واملالحظ أن أهم تيCCارات الفلسCCفة البيئي Cة CتركCCزت خصوصCCا يف العCCامل األجنلوساكسCCوين الCCذي
يعت CCرب رائ CCدا يف ه CCذا املي CCدان عكس املدرس CCة الفرنس CCية ال CCيت مل ت CCول اهتمام CCا للموض CCوع إال يف
السنوات Cاألخرية حتت تأثري "السبق األجنلوساكسوين" ،ورفع لوائها Cالفيلسوف ميشال سري.
وتعود كلمة بيئة ( )Ecologieإىل الكلمة «اليونانية (( )Oikesمنزل األسرة)
ونق CCل داللته CCا إىل ك CCوكب األرض باعتب CCاره منزلن CCا حنن البش CCر وك CCان املص CCطلح يش CCري إىل ه CCذا
امليCC Cدان CاجلديCC Cد من البحث الCC Cبيولوجي CالCC Cذي يتنCC Cاول العالقCC Cات الCC Cيت تربCC Cط عناصCC Cر ك CCوكب
األرض» 1فاملصCC Cدر االشCC Cتقاقي يونCC Cاين وقصCC Cد بCC Cه اليونCC Cانيون CالCC Cبيت أو املنزل ،لكن يف س CCنة
1866م سيقوم عامل اإلحياء Cاألملاين إرنست هيكل ( )Ernest Haeckelبرتمجة علم
البيئ CC Cة إىل إيكولوجيC C Cا Cبع CC Cد دجمه للكلم CC Cتني اإلغريقي CC Cتني )Oikes( ال CC Cيت تع CC Cين املسCC Cكن و (
)LogosالCC Cيت تعCC Cين علم ومن هنCC Cا فعلم البيئCC Cة هCC Cو العلم الCC Cذي يبحث يف الكائنCC Cات احلي CCة
وعالقتها Cباحمليط الذي تعيش فيه مثل املناخ واهلواء واملوقع اجلغرايف .وإذا كCانت أصCل كلمCة
بيئة تعين املنزل فإهنا تطرح مفارقة عند اإلنسان املعاصر وهو غياب الوعي Cباملخاطر الCCيت هتدد
البيئة Cاخلارجية .ومن هنا ارتسم السؤال الفلسفي ألخالق البيئةC.
إن فهم أصCC Cول األزمCC Cة البيئي C Cة CالراهنCC Cة مير عCC Cرب العCC Cودة اىل اللحظCC Cة الفلسCC Cفية التأسيسCC Cية
للعصور احلديثة مع ديكارت ،والذي خط شعار السيطرة على الطبيعة حبثا عن سيادة إنسCCانية
يف الك CCون اعتق CCادا من CCه أن ك CCل ممارس CCة نظري CCة أو عملي CCة تنس CCجم م CCع حرك CCة الك CCون ونظامه.
وبت CCأثري من التط CCور التكنول CCوجي ازده CCرت احلض CCارة الغربية وظه CCرت املدن الك CCربى الص CCناعية
كبيئة Cجديدة مضادة للبيئة الطبيعيCة .وتCCرتب عن ذلCCك خطCر يتهCدد اإلنسCCان املعاصCCر يف حميطه
196
،وهو ما عرب عنه إدغCار مCوران C)Morin Edgar( بـــقوله ـ " إن اهليمنCة اجلاحمة للتقنيCة Cعلى
الطبيعة Cتق CCود اإلنس CCانية حنو االنتح CCار " Cإن اإلنتح CCار أخ CCذ أبش CCع ص CCوره يف أك CCثر من مث CCال
1
كحادثة تشرنوبل النووية Cحيث تويف العديد من األشخاص متأثرين باإلشعاع النووي وقبلها
التفجCC Cريات النووي C Cة Cيف هريوشCC Cيما ورقCC Cان اجلزائريCC Cة .وبينت اإلحصCC Cائيات اإليكولوجيCC Cة أن
معCCدل انقCCراض احليوانCCات CقCCد ارتفCCع أربعCCون CمCرة عمCCا كCCان عليCCه األمCCر من قبCCل ويCCرتاءى لنCCا «
أن موضCCع تركCCيز االيكولوجيCCا هCCو العالقCCات ،ومن خالل هCCذا املنظCCور تCCرى أن األزمCCة البيئيCCة
تعرب خلل ( اظطراب/تصCدع/خترب/دمCCار) يف العالقCCات الداخليCة للنطCCاق االيكولCوجي » 2إن
منظري الايكولوجيCC C Cا يؤكCC C Cدون على ضCC C Cرورة اإلسCC C Cراع يف إعCC C Cادة بنCC C Cاء العالقة بني اإلنس CC Cان
ومحيط Cه ويكCCون CذلCCك عرب خماطبة الCCوعي اإلنسCCاين ورفض الذهني Cة CالفردانيCCة املتمركCCزة حCCول
الذات (. )égocentrique
ومتتCCد احملاولCCة إىل إحيCCاء الCCوعي CاإلنسCCاين ورسم أخالق جديCCدة يشCCرتك فيهCCا اجلميCCع
ميكنها أن تتجCCاوز تناقضCات االنتمCاءات اإليديولوجية CواملذهبيCCة .وصCCوال إىل إدراك أن مصCري
الفCCرد يف العCCامل مير بالضCCرورة عCCرب قبولCCه االرتبCCاط بالطبيعCCة يف كليتها .لCCذلك يعتCCرب الكثCCري من
ِّ
املفكرين البيئيني أننا على مفرتق حاسم يف فهمنCCا التCCارخيي للطبيعCCة .وحCCىت جنتCCاز عصCCر التCCأزم
البيئي ال بد أن هنجر التصوراتِ C
املفتقCCرة عن الطبيعCة CاملوروثCCة عن الفلسCCفة الغربيCة ،الCCيت متتلCCك
نظCCرة « ال تنسCCجم مCCع أخالق بيئية ،فالطبيعCCة وف ًقCCا هلا تُعCُّ Cد ملكيCCة حصCCرية لإلنسCCان وننتقCCل
إىل صياغة أغىن وأكثر إرواءً من الوجهة الروحية ،للعامَل الطبيعي وملكانتنا Cفيه » .
3
(L’écologie إن أب CC Cرز قض CC Cايا الفلس CC Cفة البيئيC C Cة Cه CC Cو مفه CC Cوم اإليكولوجي CC Cا العميقة
فيلسوف وعامل اجتماع فرنسي معاصر ،له مشروع ابسCتمولوجي يعCرف بابسCتمولوجيا التعقيد واليت تقCدم لنا إدغار موران،)1921(،
197
عنCCدما 1973 ،)profondeوهي حركCCة بيئيCCة أطلقهCCا الفيلسCCوف الCCنروجيي "آرين نCCايس" عCCام
ت مصCC Cطلح "اإليكولوجيCC Cا العميقCC Cة" وسCC Cاعد على إعطائCC Cه أسا ًس C Cا نظريًّا .وتصCC Cف نفس CCها
حَنَ َ
بـ"العمCC Cق"؛ ألهنا تطCC Cرح أسCC Cئلة أعمCC Cق عن مكانCC Cة احليCC Cاة اإلنسCC Cانية C.وهي تقCC Cوم على مب CCدأين
تبصر علمي يف ترابط منظومات احلياة كافCCة على األرض ،إىل جCCانب
أساسيني :أحدمها :هو ُّ
فك CC Cرة أن املركزي CC Cة البش CC Cرية طريق CC Cة غ CC Cري موفَّق CC Cة يف رؤي CC Cة األش CC Cياء .ويق CC Cول اإليكولوجيCC CونC
Cجاما مCCع حقيقCCة
Cف أكCCثر انسً C
العميقCCون بCCأن موق ًفCCا إيكومركزيًّا écocentriqueهCCو موقٌ C
متامCCا يف الك CCون Cي CCرون
طبيعC Cة Cاحلي CCاة على األرض .إهنم ،ب CCدالً من اعتب CCار البش CCر كش CCيء فري CCد ً
البشCCر كخيCCوط ال تتجCCزأ من نسCCيج احليCCاة .واملكCِّ Cون الثCCاين للايكولوجيCCا العميقCCة هCCو مCCا يسCCميه
"آرين نايس" حاجة اإلنسان Cإىل التحقُّق الذايت .فبدالً من التماهي مع أنانيَّاتنا ،ينبغي Cعلينا أن
نتعلَّم التماهي Cمع الشجر واحليوان Cوالنبات ،ومع النطاق اإليكولCوجي ككCل .وهCذا من شCأنه
انسجاما مع ما خيربنا العلم بأنه ضروري من أجCCل احليCCاة على األرض:
ً أن جيعل سلوكنا أكثر
تضر باألرض.
أي أننا ينبغي Cأن منتنع عن فعل أشياء ُّ
إن مسألة املنهج يف الفكر العلمي اجلديد تشCغل حCيزا هامCا وتطCرح إشCكاال فلسCفيا
بني النم CCوذجني .وهي األخ CCرى مس CCألة خالفي CCة بامتي CCاز ت CCوجت بنحت مص CCطلحي جدي CCد من
لCC Cدن ميش CCال س CCري ،وهCC Cو " لوغان CCاليز" أو التحلي CCل املتعCC Cدد األداء يف مقابCC Cل التحليCC Cل النفسC CيC
للمعرفة املوضوعية .
التحليCC C Cل النفسCC C Cي للمعرفCC C Cة املوض CC Cوعية ( (psychanalyse من /2
198
والتغلب Cعلى املشكالت واستشCCراف اآلفCCاق املنطقيCCة وتثمني املكاسCCب من القطCCائع والثCCوراتC
حيث ال ختفى« االسCC C C Cتعارات الباشCC C C Cالرية من التحليCC C C Cل النفسCC C C Cي ،وهي اسCC C C Cتعارات حمدودة،
حمددة ،تصCCرف فيهCCا صCCاحبنا حبريCCة كاملة » 1ولCCذلك اسCCتخدم مفCCاهيم هCCذا العلم كاإلسCCقاط
والكبت والعق CCدة والتس CCامي Cيف قراءت CCه ألخط CCاء ت CCاريخ العلم وك CCان أدات CCه ك CCذلك يف حتلي CCل
املنظوم CCة املعرفي CCة املتمح CCورة ح CCول الن CCار .إذ حيي CCل دائم CCا يف كتابات CCه على املش CCتغلني بالتحلي CCل
النفسC Cي Cكفروي CCد ران CCك ،ألين CCدي .إال أن اس CCتثماره للتحلي CCل الي CCونغي Cك CCان أكرب .خاص CCة يف
أعمالCC C C C Cه الCC C C C Cيت أعقبت كتCC C C C Cاب النCC C C C Cار ،حيث وظCC C C C Cف منهجيCC C C C Cا مفCC C C C Cاهيم :الالوعي Cاجلمعي
األنيموس،األنيما والنموذج األصلي.
إن توظف باشالر التحليل النفسي Cللمعرفة العلمية هو حماولة لسرب ومعرفCة التباطئCاتC
اليت تعرفها سريورة العمل العلمي .واليت ال ترتبط بعجز ملكات التفكري بقدر ارتباطها اجيابيCCا
بCCالرأي احملال هCCو نفسCCه على واقCCع الغرائCCز الCCيت جيب حتليلهCCا نفسCCيا .فهي تتقCCدم يف املمارسCCة
العلميCC Cة مقنعCC Cة ومتخفيCC Cة يف مقCC Cوالت فلسCC Cفية « فكCC Cل املقCC Cوالت CالكCC Cربى لفلسCC Cفة الفالس CCفة
تتع CC C Cاقب Cفي CC C Cه كرتمجات ،مطه CC C Cرة يف جترده CC C Cا لغرائ CC C Cز أولية بس CC C Cيطة :الواق CC C Cع ،اجلوهر احلي CC Cاة
النفس...فهي ،يف تعاقبها عرب فصCول الكتCCاب ،هتيCأ وتسCاعد وت ّCؤمن إنسCالل موجCودات الليCCل
يف النهار املضي Cللعمل العلمي».2إن العلماء هلم فلسفة أخCCري غCCري العلميCCة ،فلسCCفة الفالسCCفةC،
ويصCCفها لوكCCور بالليليCCة ألهنا تنCCدس يف الCCوعي كرواسCCب غCCري معلنCCة لكنهCCا تعCCرتض سCCريورة
املمارسة العلمية.
لكن ميشال سري ينتقد منهج التحليل النفسي للمعرفة املوضوعية اليت أوردهCCا باشCCالر يف
كتاب تكوين الفكر العلمي « فبواسCطة ثCين كلمCة حتليCCل نفسCي ،فCإن كCل املوروث األخالقي
هCCو الCCذي سيتسCCارع إىل الCCربوز .ولنقلهCCا بكيفي Cة CواضCCحة ومباشCCرة :ليس هنCCاك كلمCCة واحCCدة
حممد هشام ،تكوين مفهوم Cاملمارسة االبستمولوجية عند باشالر ،مرجع سابق ،ص 211 1
2
D.lecourt, Bachelard, le jour et la nuit, op.cit, p;126
199
من التحليCCل النفس Cي Cيف "التكCCوين" ،فاللغCCة الCCيت يسCCتعملها ،عنCCدما نصCCغي إليهCCا بأمانCCة ،حتمCCل
وتفي CCد تص CCورا أخالقي CCا .أم CCا حتلي CCل املض CCمون C،فإن CCه مفحم :ذل CCك أن الكت CCاب ه CCو عب CCارة عن
"مطCC Cول يف اإلصCC Cالح" ،إصCC Cالح الفكCC Cر والقلب والنفس واجلسCC Cم واجملال اجلامعي C...تك CCوين
1
الفكر العلمي ،أخشى أال يعين هذا يف احلقيقة إصالحا للنفس املشتاقة إىل الصCCفا والتطهري »
ميثCCل هCCذا النص نقCCدا الذعCCا للتحليCCل النفسCCي كمCCا طبقCCه باشCCالر للكشCCف عن عوائCCق املعرفCCة
العلمية ،بل هو مستفز على حCد قCول دانيCال باروشCيا كيCف ال و"سCري" يعتCربه CتطهCريا أخالقيCا
وليس حتليال نفسيا فهذا األخري ال وجود له إال ذكرا باالسم ليس إال.
إن مش CCروع التحلي CCل النفس Cي Cللمعرف CCة العلمي CCة ال يع CCدو أن يك CCون « Cمهم CCة مص CCلح
أخالقي يعلن حربCCا شCCاملة على الCCذنوب اجلوهرية للمعرفCCة ،أو املعرفCCة املذنب Cة Cمن أجCCل املعرفCCة
املطهCCرة ،من أجCCل إصCCالح كامCCل وجCCذري للفكCCر الCCذي يريCCد أن يعCCرف ،ويCCرى ميشCCال سCCري
بأنCCه إذا كCCانت هCCذه هي مهمة التكCCوين فال منCCاص من أن يتضCCمن الكتCCاب الئحCCة باسCCم هCCذه
2
الذنوب كما هو الشأن يف التقليد الكنسي بني التائب وبني الذي يسمع إعرتافاته »
والخيفي سCCري هتكمCCه من هCCذه الوظيفCCة الCCيت ال تعكس مها ابسCCتمولوجيا بقCCدر مCCا تعكس
مها أخالقيا ال ينفصل عن أهداف الفلسفة األكثر تقليدية.
إن املعرف CCة املطه CCرة أو غ CCري املذنب Cة Cهي وهم ألن ك CCل « معرف CCة ب CCدون وهم ،هي وهم
خالص » هنا يكمن وجه االختالف بني سري وباشالر .فهCCذا األخCCري مييز يف تCCاريخ العلم بني 3
تCC Cاريخ مقصCC Cى وآخCC Cر منتقى وأن املنتقى هCC Cو العلم املوضCC Cوعى .لكن سCC Cري يعتCC Cرب أن الت CCاريخ
امللغي ميثل رواسبا ثقافية وتارخيية ميكن بعثها وتنشيطها .وعليه فإن التحليل النفسي Cال يصCCلح
كمنهج إقصائي لتحليل هCذه الرواسCب CالثقافيCة C،والبCديل الCذي يقرتحCه ميشCال سCري هCو منهج
1
L interférence, op,cit, p: 211
ص 211 حممد هشام ،تكوين مفهوم املمارسة االبستمولوجية عند باشالر ،مرجع سابق، 2
3
la tradution, op, cit, p:259
200
التحليل الشامل أو متعدد األداء .ويصطلح عليCه سCري باسCCم " "loganalyseوالCذي انبثCCق
عن «أطروحتCه يف الCدكتوراه C،وتطCور يف أطروحتCه التكميليCة ،إنCه لوغانCاليز ،نقCد املعCارف من
وجهة نظر فلسفية ،ونقد الفلسفة من خالل العلوم .ونتائج هCذا العمCل قCCادت سCCري ليس فقCCط
1
يف اجملال املتعCCايل لألسCCيكلوبيديا C،ولكن كCCذلك يف اجملال بني -ذوايت وبني املواضCCيع كCCذلك»
فمن خالله نستطيع أن حنلل النظام املنطقي داخل هذه الرواسب.هذه Cاملهمة يباشرها سري من
خالل حتليلCCه لألسCCاطري واخلرافCCات.مثCCل ألعCCاب الCCذئاب ،احلمامCCة والطفلCCة .وميتCCد هCCذا التحليCCل
إىل كCCل حقCCول املعرفCCة يف تعCCددها وثرائهCCا ،نظريCCة كCCانت أو تطبيقيCCة C،فمن العلم إىل الفلسCCفة
والسياسC Cة Cواألدب والت CCاريخ .وق CCد طبق CCه ك CCذلك يف تقص CCيه ملفه CCوم Cالنقط CCة الثابتC Cة Cيف العص CCر
الكالسيكيC.
فCC Cإذا كCC Cان منهج التحليCC Cل النفسCC Cي للمعرفCC Cة املوضCC Cوعية مCC Cع باشCC Cالر يبحث يف العقب CCاتC
والعوائCC Cق فCC Cإن منهج لوغانCC Cاليز أو املتعCC Cدد األداء مCC Cع سCC Cري يبحث يف العالقCC Cات والتف CCاعالتC
القائمCCة واملمكنCCة و« تبعCCا للعقCل اجلديCد الباشCCالري ،يف علم االنتشCCار ،وكCان املشCروع حتليCل
نفس CCي للمعرف CCة املوض CCوعية C،املش CCروع الس CCريي ي CCرمي من جهت CCه ،إىل فهم ألع CCاب التفاع CCل بني
املواض CC Cيع واملواض CC Cيع ومن املتع CC Cايل إىل اآلخ CC Cر .من أين ت CC Cأيت قدرت CC Cه ىف العالق CC Cة ،والتوقCC Cع أو
التفك CCري يف أش CCكال الت CCأثري هلذه العل CCوم ،ووظ CCف م CCا يس CCميه لوغان CCاليز .ليس فق CCط علم نفس
العقCC Cل العلمي ،ولكن وبصCC Cراحة كCC Cل أنCC Cواع اخلطCC Cاب » .2إن ضCC Cرورة البحث عن مفاص CCل
االلتقCC C C Cاء والتقCC C C Cاطع Cبني النظريCC C C Cات والCC C C Cذوات يقتضي أن يكCC C C Cون CالتحليCC C C Cل شCC C C Cاملا للمعرفCC C Cة
""loganalyseمبا فيها املضامني الثقافية وكل املعارف االنسانية اليت تشكلت عرب التاريخ
فاحلاضCC Cر ال ينفصCC Cل عن املاض C Cي CوالغCC Cد مير عCC Cرب احلاضCC Cر .وكمCC Cا أشCC Cرنا إىل ذلCC Cك من قب CCل،
1
Pierre-Marc Gendron, LE VOYAGE EXTRAORDINAIRE. LA
METHODE ET LE DISCOURS DE MICHEL SERRES, Mémoire
présenté à la Faculté des études supérieures de l'Université Laval, QUÉBEC,
p 248
2
Op cit, p: 235
201
فقصيدة لوكتوريوس مثال ،قصيدة شCعرية من املاضCي لكنهCا تضCمنت مبCادئ الفيزيCاء احلديثCة
ومنهج لوغاناليز مكننا Cمن إدراك ذلك وفقا للمنظور السريي.
وهي م CCأخوذة من املث CCال .أم CCا يف "اللغ CCات االوربي CCة مش CCتقة من كلمة (Idee, idea
وهذه الصفة Cتستخدم مبعنCيني خمتلفني متامCا :األول يقCال مثCايل idéalعلى كCل )idée
مCCا ينتسCب Cإىل الفكCCرة ،وبالتCCايل يوجCCد يف العقCCل مبا هCCو فكCCرة ...والثCCاين مبعCCىن كامCCل ،تCCام
فاملثال هو ما حيقق كمال النوع الذي ينCدرج فيCه ويعCرب عنCه ،يف حالCCة االمسية ،بــ املثCCل األعلى
ومنع CCا هلذا اخلل CCط اق CCرتح البعض اس CCتعمال idéelللمعىن االول ،وقصر idéalعلى املع CCىن
2
الثاين "
فCCاملعىن اللغCCوي للمثاليCCة يCCدور حCCول السCCمو حنو املثCCل العليCCا كمCCا يCCدل على معCCىن الفكر،
مع ضرورة التمييز بني املعىن األول والثاين.
أما املثالية Cاصطالحا تعCرف بأهنا :املذهب CالقائCل بCأن حقيقCة الكCون أفكCار وصCور
عقلية وأن العقل هو مصدر املعرفة « إن املثاليني ينسبون Cإىل العقل أو إىل الروح والفكر قيمة
رفيعCCة...فالبنCCاء املذهيب يCCنزع ،من األسCCاس ،إىل تسCCويغها...إن اإلحسCCاس بقيمCCة الفكCCر يوجCCه
كل الفلسفة املثالية ويرغمهCCا على أن تعCزو هلذه القيمCة الفكريCة مكانCCة مميزة يف املخطCط الCذي
بن منظور ،لسان العرب ،مرجع سابق ،ص 18 1
عبد الرمحان بدوي ،موسوعة الفلسفة ج ،2املؤسسة العربية للدراسات والنشر .ط .1984 .1ص439 2
203
ترمسه للواقع واحلقيقة 1» Cإن احلقيقة Cالنهائية للعامل عند املثاليني يعرب عنهCCا بلغCCة الفكCCرة .وهبذا
املعىن املثالية تقابل الواقعيةC.
إن النزعCC Cة املثاليC Cة CتتعCC Cدد اجتاهاهتا إال أهنا تنضCC Cوي حتت قواسCC Cم مشCC Cرتكة جتمعهCC Cا «
الفلس CCفات املثالي CCة وتل CCك ال CCيت انطبعت Cأش CCد انطب CCاع باملثالي CCة ،إمنا تش CCكل وح CCدة كافي CCة لكي
حتتف CCظ اللغ CCة باالس CCم املش CCرتك Cال CCذي كن CCا ق CCد واص CCلنا إطالق CCه عليه CCا .وهي وح CCدة مركبة من
جانب آخر ،ألنَّا ال جند يف كل الفلسCCفات األطروحCCات نفسCCها احملددة واملوقوفCCة .ومع ذلCCك
تناقلت أفكارا مهمة كCانت تعي مCداها تCارة وعيCا زائCدا ،وتعيCه تCارة وعيًCا ناقصCا ،وكCانت قCد
تعرضCCت لكثCCري من التقلبCCات...ولكنهCCا تCCردد الصCCوت األساسCCي ذاته » 2وينطلCCق هCCذا الصCCوت
من االعتقاد يف ثنائيCة اإلنسCان بأنCCه مكCون من عقCCل ومCCادة .وازدواجيCCة العCCامل ،حسCي ،وعCامل
األفكCCار.وأن احلقيقCCة ترتبCCط بعCCامل الفكCCر دون سCCواه « هCCاكم التمCCايزات الCCيت تبCCدو أهنا األعظم
يف ت CC Cاريخ الفلس CC Cفة املأثورة :التمي CC Cيز بني احلواس واإلدراك العقلي ،الفطري CC Cة ،االق CC Cرار حبقيق C CةC
الش CCكل ،ويف الفلس CCفة احلديث CCة ال CCيت تعم CCق على حنو أفض CCل من الفلس CCفة القدمية ،فك CCرة ال CCذات
الفاكرة ،ومتال الفكر بالوعي ».3
وأمCCا عن ظهCCور الفلسCCفة املثاليCCة نسCCتطيع القCCول أن نواهتا تبCCدأ مع أفالطCCون الCCذي يعد
رائدا قدميا هلا .حيث ميكن أن نقف على أرائه املثالية يف كتCCاب اجلمهورية والقCCوانني .واعتقCCد
أفالط CCون Cبوج CCود ع CCاملني ،الع CCامل احلقيقي وه CCو ع CCامل املثل واألفك CCار العام CCة احلقيقيC Cة Cوال CCيت هلا
وجودهCCا املسCCتقل ال تتبCCدل وال تتغCCري والعCCامل الCCواقعي CوهCCو ضل للعCCامل احلقيقي CولCCذلك فهCCو ال
ميثل احلقيقة النهائية .Cلكن املثالية مل تبق يف مسCCتوى التنظCCري األفالطCCوين بCCل تعرضCCت لتطCCورات
متالحقة افرزت مذاهبا مثالية متعددة نذكر منها:
اندريه الالند ،موسوعة الالند الفلسفية،اجمللCCد األول ،تعCريب خليCCل أمحد خليCل ،منشCCورات عويCCدات ،بCريوت - 1
204
أ -املثالية الذاتية Cوالالمادية :وظهرت هذه الفلسCفة يف العصCور احلديثCة مع أواخCر القCرن
السابع عشر بريادة جCCورج بCار كلي حيث أنكCر املادة متذرعا باسCCتحالة إدراك األشCCياء املادية
«فCCأي شCCيء موجCCود إمCCا أن يCCدرك ،أو يكCCون فكCCرة ،يكCCون CذهنCCا يCCدرك أفكCCارا .فليس هنCCاك
شCCيئ يوجد يف الواقCCع كمCCادة » 1وتعCCددت التسCCميات الCCيت وصCCف هبا هCCذا املذهب ،كاملثاليCCة
الذاتية Cومذهب الذهن.
ب -املثالية Cالنقدية :وهو مذهب الفيلسوف األملاين كانط الذي حاول إثبCCات « إن كCCل
املوضوعات Cال بد أن تتطابق مع تكCCوين أذهاننCا حCىت ميكن معرفتهCCا...ألنCه ذهب إىل أنCه حCىت
قCCوانني الرياضCCيات والفيزيCCاء تCCدين مبصCCدرها وصCCحتها إىل بنيCة CالCCذهن البشCCري .فأذهاننCCا مبعCCىن
ما– اليت كان كانط حريصا على تفسريها -تصنع العامل الفيزيائي CالCCذي نعيش فيه » 2وميكن
القول إن املثاليCة CالكانتيCCة متيزت بصCفتني ،أوال اهتمامها بوضCCع حCدود للعقCل حبيث ال يتعCCداها
إال يف ح CCدود التجرب CCة املمكن CCة C.وثاني CCا ،وض CCعت ش CCروطا عقلي CCة جتع CCل ه CCذه التجرب CCة ممكنة.
ووجه االختالف بني كانط والفالسفة اآلخرون اعتقاده بCCأن للعقCCل ناحيCCة باطنيCة CموجCCودة يف
املادية احلسية وأن العامل احلسي ال يستطيع الوقوف عليهCCا وحCده فهCو حباجCCة دائمCCة إىل املعرفCة
العقلية.
ج -املثالية املوضوعية :
وتعرف كذلك باملثالية CاملطلقCة ظهCرت مع الفيلسCوف الأملاين هيجل .وجCاءت كCرد فعCل
مقابCل املثاليCة الذاتية .Cومنطلقها اإلميان بوجCود عقCل مطلCق يف الطبيعة « Cان الواقCع النهCائي ،أو
الك CCون ،ه CCو روح مطل CCق ،أو روح متر خالل مراح CCل من التط CCور يف الزم CCان ،وتص CCبح واعي CCة
بنفسها يف العقل البشCCري ،مCع أن هCذا املطلCق ال زمCCاين ،وأزيل ،ويشCمل كCل شCCيء ،ومكتمCCل
بذاته » 3فاملطلق هو الوجود الواقعي Cكله وال وجود لحقيقة خارج العقل اإلنساين.
وليم كلي رايت ،مرجع سابق ص 187 1
205
د /املثالي Cة Cاجلدي CCدة :من أب CCرز أعالمه CCا يف اوروبا الفيلس CCوف الفرنس CCي لي CCون برنش CCفيك
وتعترب هذه املثالية Cجديدة بالنظر إىل املثالية Cاملطلقة أو اجلدلية اهليجلية Léon Brunschwig
وم CCا مييزه CCا أهنا « تنش CCد يف ت CCاريخ الفك CCر البش CCري نفس CCه مث CCل ه CCذا الط CCابع العقلي الس CCرمدي.
ومعىن
هCC Cذا أن مثاليCC Cة برنشCC Cفيك تقCC Cوم على أسCC Cاس من دراسCC Cة العلم ،والعلم الرياضCC Cي بص CCفة
خاصة » 1إن اهلدف الCCذي تنشCCده هCCذه املثاليCCة هCCو الفهم الصCCحيح للCCوعي البشCCري يف تطCCوره
الزمين ولذلك وصCفها الفيلسCوف لCوي الفيل L.LavelleبالعقالنيCة Cالعلمية .وتضCافر يف
تكوين هذا التوجه املثايل مشارب فلسفية عديدة من أفالطون Cإىل سبينوزا Cوصوال عنCCد كانCط
باإلضCC Cافة إىل تتبعCC Cه لتCC Cاريخ العلCC Cوم والفلسCC Cفة .وأبCC Cرز مCC Cا متيز بCC Cه برنشCC Cفيك رؤيتCC Cه احلركيCC Cة
والدينامية Cللعقل فهو ليس « حقيقة متحجرة جامدة ،بل قد جعل منه-على طريقة سCCبينوزاC-
حقيقة مرنة ،حركية دينامية .وهذا هو السبب Cيف أن البعض قد وجد يف مثاليته Cنزعة عقالني CةC
متفتحة» 2إن اعتب CC Cار العق CC Cل متط CC Cورا وليس مكتمال ،متحرك CC Cا وليس س CC Cاكنا ،هي مCC Cاجعلت
باشCCالر يشCCيد بربنشCCفيك يف هCCذه املسCCألة CباخلصCCوص CبCCالرغم من اخالفCCه اجلذري معCCه لتطCCور
املعرفة.
الفلسفة الواقعية) Realism (C
ووقَCَ Cع الشCCيءُ من ووقُوع Cاً :س َ Cق َطَ ، يف اللغCCة « وقع :وقَCCع على الشCCيء ومنCCه َي َقCُ Cع َوقْع Cاً ُ
3
ووقَ Cَ Cع املطCُ C Cر ب CCاألَرض»
ت من ك CCذا وعن ك CCذا َوقْع C Cاًَ ، وو َق ْع ُ
يCC Cدي ك CCذلك ،وأ َْو َق َع CCه غ CCريُه َ
« املنسCC C C Cوب Cإىل الواقCC C C Cع ،ويرادفCC C C Cه الوجCC C C Cودي ،واحلقيقي réelوالفعلي والCC C C Cواقعي هو
actuelويقابلCه اخليCايل والCومهي،تقCول CالرجCل الCواقعي C،أي الرجCل الCذي يCرى األشCياء كمCا
زكريا ابراهيم ،دراسات يف الفلسفة Cاملعاصرة ،مرجع سابق ،ص 80 1
206
1
هي يف الواقCC C Cع ،ويتخCC C Cذ إزائهCC C Cا مCC C Cا يناسCC C Cبها من التCC C Cدابري دون التCC C CأثCر باألوهCC C Cام واألحالم »
« تضCCاد املثالية idéalismeفعن السCCؤال :مCCا هCCو والواقعية باعتبارهCCا مCCذهبا فلسCCفيا
املوجود؟ ...جتيب الواقعية C:املوجود شئ
إمCCا روحي ( ألنCCه توجCCد واقعيCCة روحيCCة ) أو مCCادي » 2إن الفلسCCفة الواقعيCCة هي األخCCرى
تتأس C Cس Cيف مقابل الفلسCC Cفة املثالية وهي تتأس C Cس Cعلى اعتقCC Cاد مفCC Cاده أن مصCC Cدر كCC Cل احلق CCائق
الواقCC Cع أو هCC Cذا العCC Cامل .فال احلدس وال اإلهلام هCC Cو مصCC Cدر احلقيقCC Cة وإمنا عCC Cامل التجرب CCة واخلربة
اليومية ..Cويبدأ التأريخ الفلسCCفي هلا مع أرسCطو فهCCو يعتCCرب أبCا للواقعيCة ألنCCه حوَّل مسCCار الفكCر
اليوناين من عامل املثل إىل التفكري يف الواقع.
وأبCCرز مCCا مييز املذهب الCCواقعي CهCCو االعتقCCاد يف حقيقCCة املادة .فاحلقيقCCة موجCCودة يف هCCذا العCCامل
(ع CCامل االش CCياء الفيزيقي CCة) Cووجوده CCا حقيقي واقعي ،Cمل يص CCنعه Cأو خيلق CCه اإلنس CCان ،ومل يس CCبقه
وج CCود وأفك CCار مس CCبقة .وب CCالرغم من ه CCذه االعتق CCادات Cاملتف CCق عليه CCا عن CCد الواقع CCيني .إال أن
الفلسفة الواقعية Cخضعت لتطور فكري وتارخيي .
الواقعية الكالسيكيةclassical Realism( ) C -1
وتعCC Cرف أحيانCC Cا باسCC Cم الواقعيCC Cة اإلنسCC Cانية C،وتنسCC Cب عCC Cادة إىل أرسCC Cطو باعتبCC Cاره Cواقعي
النظCCرة ،جتريCCيب النزعCCة ،ويعتقCCد الCCواقعي الكالسCCيكي أن العCCامل اخلارجي موجCCود بالفعCCل حCCىت
وإن كCCان بعيCCدا عن تنCCاول إدراكنCCا ،كمCCا تCCؤمن الواقعيCCة الكاليسCCيكية Cمبدركات احلس وتثCCق
هبا ثقCCة ال حCCدود هلا .واعتربت واقعية سCCاذجة ألهنا متثCCل « مرحلCCة سCCابقة على مرحلCCة التفكCCري
العلمي والفلسفي وال خيضع للتفكري النقدي ،ويثق يف مدركات احلس ثقة ال حCد هلا ،مCع أن
3
جتربتنا يف كل يوم تزعزع ثقتنا يف صحة أحكامها»
توفيق الطويل ،أسس الفلسفة C،مكتبة النهضة املصرية ،ط ،3مصر ،1958ص .252 3
207
وبCC Cذلك هي تعكس موقCC Cف اإلنسCC Cان CاالعتيCC Cادي « املوقCC Cف التلقCC Cائي لالنسCC Cان ،ال CCذي
1
يدرك األشياء ويعتقد أهنا موجودة كما يدركها »
-الواقعية النقدية
الواقعي CCة النقدي CCة هي املذهب املع CCريف ال CCذي اس CCتند على العل CCوم الطبيعي CCة C.وت CCرى أن احلس
يCCدرك حقCCائق األشCCياء ،وهCCذه احلقCCائق يتم فحصCCها يف ضCCوء قCCوانني العلCCوم الطبيعيCCة ،فاملادة يف
نظCCر هCCذه العلCCوم شCCيء حقيقي لCCه وجCCود عيCCين خCCارجي ،إال أن الصCCور الCCيت تCCدركها احلواس
ليسCC Cت إال من عمCC Cل الCC Cذهن .إن الواقعي C Cة CالنقديCC Cة تCC Cرفض التسCC Cليم بCC Cالوجود احلقيقي لعCC Cامل
املدركات احلسCC Cية بغCC Cري فحص واختبCC Cار نقCC Cدي ،أهنا حتاول أن تثبت CاحلقيقC Cة CمبناقشCC Cة احلجج
املضادة وإبطاهلا حىت يتسق منطق الواقعية Cمع النتCCائج الCCيت ينتهي إليهCCا نقCCد املعرفCCة ،وتنتهي Cمن
مناقشتها إىل قرار املعرفة إقرارا قاطعا.
-ج-الواقعية Cاجلديدة
تعتCCرب املقالCCة شCCهرية الCCيت كتبهCCا جCCورج مCCور "دحض املثاليCCة" CباإلضCCافة إىل كتابCCات رسل
املمهد الذي فتح الطريق لظهور الواقعية Cاجلديدة.والىت حCاول مCCور أن يCCربهن فيها على بطالن
املذهب Cاملثايل .فقد « بدأت احلركة الواقعية Cاجلديدة يف اجنلرتا مبكCرا يف القCرن احلايل علي يCد
جوورج مور وبرترانCد رسCل وآخCرين» 2وكCان اهتمCام هCذا التيCار الفلسCفي منصCبا على حتليCل
العالقة اليت تربط بني الذات العارفة وموضوعها .ويف ذلك رفضت التسليم مبا رأته الواقعية
التقليديCCة من وجCCود وسCCيط بني الشCCيء املدرك والCCذات العارفCCة .ويتصCCدر نقCCد املعرفCCة يف
هذا املذهب المكانة األوىل مقارنة باملباحث الفلسفية األخرى .وكان اهتمامها بالعلم شديدا
إذ اسCتفادت يف مسCائل أساسCCية من العلCCوم الرياضCية ،والفيزيائيCCة وبدرجCCة أقCل من علCوم احليCاة
وعلم النفس .ونتيج CCة اهتمامه CCا ب CCالعلم أص CCبحت هتدف إىل معرف CCة األج CCزاء أك CCثر من الك CCل
ص .624 عبد الرمحان بدوي ،موسوعة الفلسفة ج ،2مرجع سابق، 1
208
والقيام Cبأعمال تفصيلية دقيقة أكثر مما هتتم باآلراء الشاملة لCCذلك حصCCرت نشCCاطها يف معاجلة
املشاكل الفلسفية اخلاصة وأظهرت عداء للنزعات املذهبية الشاملة.
ومن خصائصها كذلك االهتمCCام باملسCCائل النظريCCة اخلالصCCة فمعظم دراسCCاهتم حCCول
مسCC Cائل املنطCC Cق ونظريCC Cة املعرفCC Cة والفيزياء .والواقعيCC Cة اجلديCC Cدة بصCC Cفة عامCC Cة نقديCC Cة ال تأمليCC Cة
وموقفها من امليتافيزيقيCCا متشCCكك بCCل عCCدائي وهي ال تبCCدي اهتمامCاً بشCCيء جياوز التجربة ألن
املعرفCC Cة اإلنسCC Cانية كلها يف نظCC Cرهم تعتCC Cرب وليCC Cدة التجربCC Cة وأن التجربCC Cة ال يكمن أن خترج عن
قالبها احلسي.
-4الواقعية النقدية املعاصرة
فري CCق آخ CCر من ال CCواقعني اجتم CCع بنفس ال CCروح ال CCيت اجتم CCع هبا الواقعي CCون Cاجلدد .ووجد«
تعبCC Cريا عنCC Cه يف جملCC Cد مشCC Cرتك عنوانCC Cه ،مقCC Cاالت يف املذهب CالCC Cواقعي CالنقCC Cدي ،دراسCC Cة تعاونيCC Cة
ملشCCكالت املعرفCCة ظهCCر عCCام 1»1920ومن بني من شCCاركوا يف هCCذا العمCCل جCCورج سCCنتياناC
ودي CC Cراك ،ومما وص CC Cفت به ه CC Cذه اجلماع CC Cة نفس CC Cها بأهنا نقدي CC Cة مبعىن أهنا أك CC Cثر دق CC Cة يف عمليCC Cة
التحليل ،ويف نظCC Cرهم هCC Cذا مCC Cا كCC Cانت تفتقCC Cده الواقعي C Cة CاجلديCC Cدة أي روح النقCC Cد والتمحيص
والتحليل .وتنطلق هذه الفلسفة من رفض موقف الواقعية Cاجلديدة يف ضم العارف واملعروف
يف مسط واحCCد .باإلضCCافة إىل رفضCCهم القCCول بوجCCود فCCارق بني ظCCاهر الش Cيء وحقيقتCCه أو ما
يبدو من الشيء والشيء ذاته وعلى هذا فليس مثة شيء يقوم وراء الطبيعة Cأو فوقها أو يكCCونC
مفارقا هلا .وهذا ما متيزت به الواقعية النقدية املعاصرة .تشكل هذا االجتاه Cمن سبعة فالسفة
أمريكCCان هم " ديCCورنت دريCCك" و "أرثCCر لفجCCوي " و "جيمس بCCرات" و "أرثCCر روجCCز"
وجورج سCCنتيانا" و"سCCرتونج" تعCCاونوا على البحث املشCCرتك وخصوصCCا يف الفCCرتة الواقعCة Cبني
وشCCرحوا مبادئها يف كتCCاب مجاعي عنوانCه "مقCCاالت الواقعيCة CالنقديCCة C.1920-1916
فردريك كوبلس CCتون ،ت CCاريخ الفلس CCفة Cاحلديثة من بنت CCام إىل رس CCل ،ت CCر .حمم CCود س CCيد أمحد ،مج 8املركز الق CCومي 1
يعCد باشCالر واحCدا من أقطCاب العقالنيCة CاملعاصCرة وهCو حيدد هCذه العقالنية « CبCذكر
خصائصCC Cها وبالتCC Cايل ال خيرج عن التعري CCف الابيس CCتيمي العلمي مبع CCدا التعريف CCات األخ CCرى،
وليم كلي رايت ،تاريخ الفلسفة Cاحلديثة ،مرجع سابق ،ص 553 1
210
حيث أبCCرز خصCCائص عقالنيتCه CاالبيسCCتيمية Cأين نالحظ تطCCابق كCCل خاصCCية مCCع التسCCمية الCCيت
مساها هبا ...إن أكCC C C C C Cثر األمساء تCC C C C C Cداوال واسCC C C C C Cتعماال هي العقالنيCC C C C C Cة املطبقة Rationalité
1
إن العقالنيCC Cة املطبقة Cتتأس C Cس Cعلى االعCC Cرتاف بCC Cدور العقCC Cل والواقع يف بنCC Cاء »appliqué
النظرية العلمية املعاصرة.
ولق CCد انتهى Cباش CCالر إىل ه CCذا املوق CCف من خالل س CCجاله م CCع فلس CCفات عص CCره من
روحانية ووضعية حول مفهCوم العقCل ومفهCوم CالواقCع يف ظCل إفCرازات الثCورة العلميCة املعاصCرة
يف ميدان الرياضيات والفيزياء .حيث اهتمت الفلسفات الفرنسية مبا فيهCا الفلسCفات العلميCة،
ب CCالعلم املعاص CCر ،رغب CCة منه CCا إلجياد س CCند علمي ألطروحاهتا الفلس CCفية «إن النس CCق أو املذهب
الفلس CCفي ال يبحث يف القض CCايا العلمي CCة ،إال عم CCا يؤك CCد غايات CCه الفلس CCفية وي CCدعمها .ل CCذا فه CCو
وكم CC Cا س CC Cبق لن CC Cا وأن بين CC Cا يف هCC Cذه 2
بطبيعت CC Cه مغل CC Cق ،أما التفك CC Cري العلمي فيتم CC Cيز بتفتحه »
الدراس CCة ن CCالت فلس CCفة مريس CCون Cقس CCطا واف CCرا من الس CCجال الباش CCالري ب CCالرغم من أن نش CCاطها
الفكري انصب « على فحص
اهلندس CCات الال إقليدي CCة والفيزي CCاء الكوانطية » 3فهي تتخ CCذ من ه CCذه النظري CCات حجاج CCا
علميCC Cا لتCC Cربير أطروحCC Cات فلسCC Cفية ليس إال .إن الفلسCC Cفات التقليديCC Cة يف نظCC Cر"باشCC Cالر" قCC Cد
اسCC Cتنفذت Cذاهتا ملا جتاهلت الثCC Cورات CالعلميCC Cة املعاصCC Cرة وتأثريهCC Cا يف القيم املعرفيCC Cة ويف الفكCC Cر
نفسه «أما الفلسفتان Cالقصويان C،املثالنية Cوالوقعانية ،فال قوة هلما إال يف وثوقيتهمCCا C،فالوقعانيCةC
4
هنائي CCة واملثالني CCة مبس CCرتة .وليس CCت ألي CCة منهم CCا تل CCك احلالي CCة ال CCيت يط CCالب هبا الفك CCر العلمي»
1
علي بوقلي CCع ،العقالنية املعاص CCرة عنCCد روبCCري بالنشCCي ( وتطبيقه CCا على املنط CCق ) ،أطروحة مقدمة Cلنيل دكتCCوراه
الدولة يف الفلسفة ،Cكلية العلوم االجتماعية واالنسانية ،جامعة منتوري قسنطينة 2005/2006 ،ص 45
سامل يافوت ،العقالنية املعاصرة بني النقد واحلقيقة ،دار الطليعة للطباعة والنشر ،بريوت ،ط ،1989 ،2ص19 2
211
ولCCذلك دعCCا إىل ضCCرورة قيCCام إبسCCتيمولوجيا جديCCدة بإمكاهنا مواكبCCة التطCCورات املتالحق Cة Cيف
الفكر العلمي ،كما تستطيع التوفيق بني التجرييب والعقلي.
إن الفكCCر العلمي املعاصCر ال يفصCCل بني التجريبيCة والعقالنية « إن هCCذين النCوعني
امليتافيزيCCائيني الطبيعCCيني املضCCمرين الراسCCخني املقنعني مها متناقضCCان C،ولكي نسCCرع بتسCCميتهما
تسCCمية موقوتCCة ،نبCCادر إىل اإلشCCارة هلذين املوقفني الفلسCCفيني الCCذيني يرتبطCCان هبدوء يف الفكCCر
العلمي احلديث باملصCC Cطلحني املعCC Cروفني يف الفلسCC Cفة املدرسCC Cية باس CCم املذهب Cالعقلي واملذهبC
الCC Cواقعي» 1فCC Cاألوىل ،عنCC Cد "باشCC Cالر" حباجCC Cة إىل الCC Cدليل العقلي ،والثاني C Cة CحباجCC Cة إىل االختب CCار
والتجربة ،فال بCCد للتجCCريب من أن يCCذعن للربهCCان أو احلجCCة كمCCا ال بCCد للربهCCان أو احلجCCة من
أن يرجع إىل التجريب .ويف ذلك إقرار بعالقة جدلية وصلة وثيقة Cبني العلم والواقع «فلم يبق
من املمكن أن نتح CC Cدث عن جتارب صCC Cامتة بع CC Cد احلوار ال CC Cذي اس CC Cتمر خالل ع CC Cدد كبCC Cري من
القرون بني العامَل وبني الفكر»2وقد بني يف كتابه "الروح العلمية اجلديCCدة" ،أن هنCCاك قاعCCدتني
ميتافيزيقيتني
سCC Cائدتني مها العقالنيCC Cة والواقعيCC Cة.تشCC Cمل العقالنيCC Cة الفلسCC Cفة والنظريCC Cة وميCC Cداهنا التأويCC Cل
يف حني أن الواقعية Cتوفر للعقالنية Cمادهتا لتتمكن من بناء تأويالهتا. والعقل
ونب CCه "باش CCالر" إىل أن اإلعالء من أح CCد اجلانبني عائ CCد بالض CCرر على املعرف CCة حتم CCا.
فCCالتوقف عنCCد املسCCتوى CالتجريCCيب وحCCده يصCCيب Cالعلم بCCالركود ،ألنCCه يبقى حباجCCة إىل وعي مCCا
يفعلCCه .ومن ناحيCCة أخCCرى ،يCCؤدي االكتفCCاء باجلانب العلمي وتقديسCCه يف بنCCاء احلقCCائق وعقلنCCة
الظ CCواهر اجلدي CCدة ي CCؤدي إىل مثالي CCة متعالي CCة ال ج CCدوى منه CCا« .ال مف CCر من اإلش CCارة إىل عج CCز
املثالي CCة عن إع CCادة تك CCوين عقالني Cة Cمن الطCCراز احلديث ،عقالني Cة CفاعلCCة قابل CCة لتشCCكيل معCCارف
املنCCاطق CاجلديCCدة للتجربة» 3فاالجتاه املثCCايل منفصCCل عن الواقCCع وعن تتبCCع أحباث العلم التجريCCيب
باشالر غاستون ،الفكر العلمي اجلديد ،مصدر سابق ،ص 5 1
212
فال بد من اإلقرار بالعالقة الوثيقة بني الطCCرفني :الواقCCع/التجربCة والعلم/النظرية ،والتموقCCع على
حمور العقالنيCة CالتطبيقيCCة واملاديCCة املعلمCCة وال ميكن للفكCCر العلمي أن يبقى CمنعCCزال يف جهCCة على
حس CCاب أخ CCرى .و«ال ميكن تأس CCيس العل CCوم الطبيعي CCة ب CCدون ال CCدخول يف احلوار بني العقالين
1
واملخترب»
وأسCCهب يف مناقش Cة هذه املسCCألة يف كتCCاب "العقالني Cة CالتطبيقيCCة" حيث ي Cبني فيCCه
األسCCس النظريCCة للتجربCCة .إن الفكCCر العلمي تغذيCCه حركCCة طرفاهCCا مCCا هCCو قبلي ومCCا هCCو بعCCدي
وال ب CCد من موق CCف ابس CCتمولوجي يق CCر باالرتب CCاط بني النزع CCتني العقالنيC Cة CوالتجريبيC Cة Cارتب CCاط
يكتسي Cقوة ومتانة كارتباط اللذة واألمل .إن النزعة التجريبية يف حاجة إىل أن تتعقل والنزعة
العقالنيCC C Cة يف حاجCC C Cة إىل أن تطبCC C Cق ،ويف غيCC C Cاب قCC C Cوانني اسCC C Cتنتاجية CمرتابطCC C Cة ال ميكن للنزع CC Cة
التجريبية أن تكون موضوعا للتفكري وال مادة للتعليم ،ومن دون التطبيق على الواقع املباشر
ال ميكن للنزعCCة العقالني Cة Cأن تتCCوفر على قCCوة اإلقنCCاع التCCام إن االبسCCتمولوجي CيقCCف على
مفرتق طرق بني الواقعية والعقلية .وحينها يستطيع أن يدرك احلركيCCة اجلديCCدة هلذه الفلسCCفات
املتض CCادة C،الت ت CCربز حركة مزدوج CCة فيها يب ّس Cط العلم الواق CCع ويع ّقCCد العق CCل .وتتقلص املس CCافة
الCCيت تCCذهب من الواقCCع املف َّسCر إىل الفكCCر املطبّCCق .فالقCCانون التجريCCيب ال تتأكCCد قيمتCCه إال عنCCدما
يصبح أساساً للتجربCCة .إن العلم الCذي يCCذعن إىل الCرباهني والتجCCارب والقواعCCد والقCوانني ،هCو
يف حاجة إىل فلسفة ذات قطبني .وبعبارة أدق هCو يف حاجCة إىل منو ديCاليكتيكي ،ألن املفهCومC
ال يتضح إال بالنظر إليه نظرة متكاملة ومن وجهيت نظر فلسفتني خمتلفتني.
لقد استخلص باشالر الدرس االبسCتمولوجي Cوأيقن باسCتحالة التعويCل على اجتاه
دون آخر .ولذلك رفض اعتبار املعرفة أو احلقيقCCة كمعطى جCاهز أو تطCCابق شCCكلي بني العقCCل
والطبيعCة CبCCل اعتربهCCا بنCCاءا ختيليCCا ومسCCارا جCCدليا بني العقCCل والتجربCCة ضCCمن رؤيCCة ابسCCتيموجلية
منفتحة ومتطورة .إن فلسفة العقل العلمي اجلديد يعتربها Cباشالر فلسCCفة مفتوحCCة ،تسعى إىل
213
إقامCC C C Cة حCC C C Cوار بني العلم والفلسCC C C Cفة ،ومتخصC C C Cت عن ميالد عقالني C C Cة CمطبقCC C Cة ،تشCC C Cكل رؤيCC C Cة
إبسCCتمولوجية متفتحCCة ومتطCCورة و« واقعيCCة قوامهCCا العقCCل املتحقCCق ،العقCCل اجملرب »1حيث يتم
االنتق CCال من التجربCCة العفوي Cة Cاىل التجرب CCة التقني CCة وتتغ CCري بنيCCة العق CCل بتبCCدل مواض CCيعه وحقائقCCه
وتربز للعيان عقالنية Cتطبيقية جدليCة العالقCCة بني العقCل والتجربCة .وباسCم نظريCCات علم القCرن
العشCC Cرين الثورية والCC Cيت اسCC Cتجاب هلا باشCC Cالر إىل أبعCC Cد احلدود يعلن عن « عقالنيCC Cة تض CCاعف
فرص التفكري –العامل
الفيزيائي Cخيرب بطرق جديCدة عقCل جتريCيب قCادر على تنظيم فCوق عقالين للواقCع ،العقCل يف
عصCCرنا انقسCCم على نفسCCه جبدل داخلي » 2مبعCCىن أن احلقيقCCة العلميCCة ليسCCت معطى انطولوجيا
قابال لإلدراك وال جوهرا ثابتا تكتفي Cالذات بالكشف عنها وإمنا صناعة تقنيCCة وابتكCCار داليل
وإنشاء ختيلي يقوم على املراجعة املستمرة والتثبت Cالتجرييب.
ومن هذا املنطلق تعترب النزعة الواقعية Cهدفا مشCروعا للسCجال الباشCCالري ،فالطبيعCة
المتدنا بCC Cأي معرفCC Cة بCC Cل تكCC Cون CمبواجهتهCC Cا .وبCC Cالرغم من أن إبسCC Cتيمولوجية CباشCC Cالر يصCC Cفها
بالعقالنيCCة املطبقCCة ،إال أنCCه يغلب العقCCل على التجربة .حيث يقCCر بوجCCود عCCامل لألفكCCار خيتلCCف
عن العCCامل امللمCCوس املادي « ليس الفكCCر الCCواقعي أبCCدا هCCو الCCذي يثCCري من تلقCCاء نفسCCه أزماتCCه
اخلاصة وإمنا ينبجس االنCCدفاع الثCCوري من ناحيCCة أخCCرى .أنCCه يولCCد من مملكCCة اجملرد .ولCCذا فإنCCه
يف اجملال الرياضCCي توجCCد ينCCابيع الفكCCر التجريCCيب املعاصر» 3إن الفكCCر العلمي املعاصCCر منشCCغل
ببناء عامل على صورة العقل بدال من تشكيل العقل على صورة العامل.
ولذلك هو ال يكتفي بشرح وتفسري الواقع ،بCCل يهCدف أن يكCون Cأداة للكشCف عن
الواق CCع وإض CCفاء الص CCبغة املوض CCوعية Cعلي CCه ،ه CCذه املهم CCة ال تك CCون إال بفض CCل بن CCاء عقالين من
غاستون باشالر ،الفكر العلمي اجلديد ،مصدر Cسابق ،ص 9 1
2
l engagement rationaliste, op cit, ,p: 8
الفكر العلمي اجلديد ،مصدر سابق ،ص 55
3
214
املفاهيم املتكاملة وظيفيا فيما بينها مث يعمCCل على تنظيم الواقCCع رياضCCيا حيث يكCCون CفيCCه الواقCCع
املباشر جمرد حCال من احلاالت املمكنCCة للواقCع املباشCCر الCذي يعتCCربه باشCCالر ،جمرد دافCع للتفكCCري
العلمي وال ميكن أن يكCC C Cون موض CC Cوعا للمعرفCC C Cة ،ال ب CC Cد من االنتقCC C Cال من وص CC Cف الواقCC Cع إىل
تفسريه .وهنا
يتجلى التضCC C Cامن بني العقCC C Cل والتجربة إن « املذهب الCC C Cواقعي واملذهب العقلي يتب CC Cادالن
1
إن الواق CC Cع النصح بإسCC C Cتمرار وإن مCC C Cذهبا منهمCC C Cا ال يسCC C Cتطيع أن يؤلCC C Cف برهانCC C Cا علميCC C Cا »
الفيزيائي Cاملعاصر ليس معطى جتريCيب ندركCه بالتجربCCة املباشCرة CكمCCا أعتقCد التجريCبيون وال هCCو
ذايت ندرك CC Cه وفقC C Cا ملب CC Cادئ قبلي CC Cة ج CC Cاهزة كم CC Cا ذهب إلي CC Cه املث CC Cاليون ،Cب CC Cل ه CC Cو واق CC Cع يتصCC Cف
باالصطناع.
ويتحCCول العلم املعاصر يف منظCCور باشCCالر إىل عقالنيCCة مطبقCCة وجمربCCة ،أو جتريبيCCة موضCCحة
ومعقلنCCة .ومل خيف شCCغفه بالفيزيCCاء املعاصCCرة ،فيزيCCاء النسCCبية وفيزيCCاء الكCCوانتم ،فهي عقالني CةC
رياضCCيةُ ،من ّقبCCة جداليCCة دفاعيCCة ،تطبيقيCCة ،ال تCCؤمن بال معقCCول الواقCCع ،لCCذلك يصCCفها بالفلسCCفة
الوحيCدة املفتوحCة اهنا العلCوم امليكروفيزيائيCة CالCيت يعتربهCا صCاحب فلسCفة الCرفض أصCيلة بفضCل
القطيعة اليت فصلت بينها وبني الفيزياء الكالسيكية C.لذلك عدها علوم العقل العلمي اجلديد.
وعندما يتحدث فيلسوف القطيعة عن جتربة قطعة الشمع عند ديكارت فهCو يهتم
به كنموذج للعقل العلمي الكالسCCيكي « لنقCCارن ،مثال ،مالحظCCة قطعCCة الشCCمع عنCCد ديكCCارت
بتجرب CC Cة نقط CC Cة الش CC Cمع يف امليكروفيزي CC Cاء املعاص CC Cرة ،ول CC Cنر تن CC Cوع النت CC Cائج يف ميتافيزي CC Cاء اجلوهر
املوضCC C Cوعي Cأو اجلوهر الCC C Cذايت على السCC C Cواء» 2بالنسCC C Cبة إىل ديكCC C Cارت املوض CC C Cوعات Cاملادي CC Cة
ووجودهCCا احلقيقي ال يكمن يف كوهنا أشCCياء ذات لCCون أو رائحCCة أو صCCوت والCCيت نعتقCCد يف
أنفسنا أننا ندركها يف األشياء بل حقيقتها أهنا أشيا ممتدة فهي ال متلك لونا أو رائحة أو ذوقCCا
215
أو تركيبCCا ،بCCل جمرد شCCكل وصCCورة وامتCCداد أمCCا الصCCالبة واللCCون وبCCاقي الصCCفات الCCيت ننسCCبها
لألش CCياء اخلارجي CCة هي جمرد إحساس CCات فين CCا ناش CCئة عن خمتل CCف احلرك CCات والص CCور " طبيعC CةC
اجلسم ال تكمن يف الوزن .والصالبة واللون وغريها ،ولكن من امتCCداد وحسCCب ...يف جCCوهر
ممتCCد " إن كيفيCCات األشCCياء نوعCCان حبسCCب ديكCCارت كيفيCCات أوليCCة ،وتوجCCد يف األشCCياء ذاهتا
وكيفيات ثانوية C،وهي ذاتية ال
وجCCود هلا إال يف أذهاننCCا .الCCوردة مثال ،كيفياهتا األولية هي شCCكلها وحجمهCCا وحركتهCCا،
أم CCا لوهنا ورائحته CCا هي كيفي CCات ثانوي Cة Cوجمرد إحساس CCات يف ال CCذهن ال غ CCري .الع CCامل احلقيقيC
إذن هCCو عCCامل ممتCCد يف حركCCة دون لCCون أو صCCوت أو رائحCCة .وهCCذا التصCCور خيتلCCف عن العCCامل
ال CCذي يف CCرتض أنن CCا نعيش فيه .إن املوق CCف ال CCديكاريت يتأسس على نت CCائج العلم الطبيع CCىي لتل CCك
الف CCرتة وال CCيت ك CCان ينظ CCر فيه CCا للع CCامل الفيزي CCائي Cكع CCامل مؤل CCف من األجس CCام املمت CCدة واجلزئي CCات
املتحركة .وبسبب ذلك « توجCد يف الفلسCCفة الكالسCCيكية دائمCCا نظريCCة املعرفCة ،الCCيت تتمحCCور
وظيفتها يف سد اهلوة املوجودة بني القطبني » .
1
إن الفكر العلمي اجلديد يرفض ثنائية فكر وامتداد«ككائنCCات معرفCة هنائيCا وخCارج
املعرفCCة الCCيت حنصCCل عليهCCا ،مها منغلقني حCCول نفسCCهما ،ومتشCCيئني مCCرة أخCCرى ...بينمCCا حسCCب
باشCCالر ،تبقى Cالثنائي Cة CصCCحيحة يف حالCCة بقائنCCا على التعريCCف التقليCCدي للمصCCطلحني لكن إذا
أعCC Cدنا تعريCC Cف م CCا يس CCمى بالطبيعCC Cة يف العلم املعاصCC Cر ،سCC Cنعيد تعريCC Cف م CCا يس CCمى باملوض CCوع
وس CCتختفي الثنائي CCة ،هن CCا أيض CCا بالتأم CCل يف الفك CCرة للموض CCوع حظوظ CCا أك CCثر يف التعم CCق إن CCه يف
تCC Cرييض الطبيعCC Cة سCC Cيظهر موضCC Cوع العلم جبالء » 2إن التجربCC Cة الديكارتيCC Cة ختتزل املعرفCC Cة يف
الفهم أو الCCذكاء مبا أن العCCامل معطى ذايت انطالقCCا من أفكCCار قبليCCة .فمن فكCCرة االمتCCداد يكCCونC
االتصال باملوضوع وليس العكس ،فاملوضوع هنا يؤول إىل مفهوم فحسCCب ،باالضCCافة إىل أن
216
العالقCCة أحاديCCة االجتاه منطلقهCCا الفكCCر الCCذي يؤسCCس املعرفCCة احلقCCة دومCCا .ويصCCف باشCCالر هCCذه
التجربة بالغامضة Cأي ( جتربCCة قطعCة الشCمع ) «هCCذه التجربCCة الغامضة تCربهن يف نظCر ديكCCارت
على غمCCوض الكيفياتاملوضCCوعية C،إهنا مدرسCCة شك» 1فهي تتحCCدث عن موضCCوع بوجCCه عCCام
وهCCو العCCامل أو الطبيعCCة ،يف حني أن املوضCCوع العلمي مبCCين وليس معطى لCCذلك مييز بني طبيعCCة
كمعطى مباش CCرة ،وطبيعC Cة Cخمربي CCة « لننظ CCر إذن إىل العلم املعاص CCر من حيث مهمت CCه يف إنش CCاء
املوضCCوعية CالتدرجييCCة .إن الفيزيCCائي Cال يأخCCذ أبCCدا الشCCمع الCCذي يCCؤتى CبCCه من اخلليCCة ،بCCل الشCCمع
النقي Cجهد اإلمكان Cالشمع احملدد كيميائيا املعزول يف هناية سلسCلة من التCداول املنهجي...إنCCه
إن صح القCول ،قCد حتقCق يف جتربCة صCنعية .وال يبصCر مثCل هCذا الشCمع النCور -يف شCكله النقيC
ال CCذي ليس ه CCو بش CCكله الطCCبيعي -ل CCو ال التجربCCة الصCCنعية 2» Cإن التمي CCيز بني ه CCذين املسCCتويني
يضعنا أمام فكرتني:
فكCCرة سCCيكولوجية ذاتيCCة ،وفكCCرة علميCCة يف حني جند أن الثنائيCة CالديكارتيCة CختلCCط بني
الفكرتني .إذ ومع ظهور امليكروفيزياء ،تغري مفهوم الواقع «لقCد اصCCيب املفهCوم CاالنطولCوجي
امليت CCافيزيقي Cللواق CCع بض CCربة من الفيزي CCاء الكوانطي CCة فه CCو مل يع CCد فرض CCية ميتافيزيقيC Cة Cب CCل أص CCبح
فرضية منهجية اي وبعبارة أخCرى انسCCلخت الصCCبغة CالواقعيCة CاجلسCCمية واجلوهريCCة األنطولوجيCCة
عن املوض CCوعات Cيف الفيزي CCاء احلديثة» 3فه CCو مل يعد مفص CCوال عن ال CCذات .إذ ال نس CCتطيع اجلزم
ب CCأن الفوتون CCات واإللكرتون CCات موجية أو جس CCمية :فكلما ظه CCرت مبظهرها اجلس CCيمي اختفى
مظهرها املوجي والعكس Cصحيح .ومن مثة تصدق النظرية اجلسمية واملوجية Cمعا.
وهك CCذا أص CCبح – يف اعتق CCاد باش CCالر – االهتم CCام أك CCثر من ذي قبل بالفرض CCيات
وغدت الفيزيCاء أكCثر فCأكثر فرضCية-اسCتنباطية .والتجربCة – يف صCورهتا التقليديCة – أصCبحت
متج CCاوزة « ملا ك CCان غرض CCنا أن ن CCدرس فلس CCفة العل CCوم الفيزيائي Cة Cبوج CCه خ CCاص ،فإن CCه علين CCا أن
العقالنية التطبيقية ،مصدر سابق ،ص 164 1
سامل يفوت ،فلسفة العلم املعاصرة ومفهومها Cللواقع ،مرجع سابق ،ص 85
3
217
نسCCتخلص حتقCCق العقلي يف التجربCCة الفيزيائيCCة .وهCCذا التحقCCق الCCذي يقابCCل مCCذهبا واقعيCCا"تقنيCCا"C
إمنا ميثCCل يف نظرنCCا إحCCدى السCCمات الCCيت متيز الفكCCر العلمي املعاصر » 1فCالواقع أصCCبح مفهومCCا
عقليا ميكن متثله بصور متعددة ،خيتلف يف مفهومه عن الفكر العلمي السابق.
إن التصور Cالسريي للمشكلة ميثل جتاوزا للموقف الCديكاريت والباشCالري معCا .إن
ديك CC Cارت وباش CC Cالر بالنس CC Cبة إىل س CC Cري ،بقي CC Cا يف ت CC Cدحرج بني ال CC Cذات واملوض CC Cوع .فCC Cاألول –
ديكCCارت -رفض قCCراءة العCCامل األكCCرب ( ) le macrocosmeملا يعتCCرب حقيقCCة العCCامل امتداد يف
حرك CCة دون ل CCون أو ص CCوت أو رائحة باعتبارهC Cا Cكيفي CCات ثانويC Cة Cوجوده CCا مرتب CCط بأذهانن CCاC.
وهCCذا ميثCل إقصCCاء للموضCوع والتجربCCة .وتنعكس CالCذات على ذاهتا كأسCCاس للمعرفCة .ولCCذلك
يصCC Cفها سCC Cري باحلالCC Cة الذاتيCC Cة – الذاتيCC Cة ))subjectif-subjectifأو اهلندسCC Cية .أمCC Cا الث CCاين –
باشCCالر – ركCCز اهتمامCCه على الظCCاهرة االنتشCCارية كموضCCوع امتيCCازي يف املعرفCCة الفيزيائيCCةC،
) subjectifألهنا – objectif ويس CC Cميها س CC Cري باحلال CC Cة الفيزيائي CC Cة C،أو ذاتي CC Cة – موض CC Cوعية( C
تتلخص يف حCC Cوار بني العقالين واملادي « إن هنCC Cاك من دون شCC Cك بنيCC Cة خفيCC Cة للمواضCC Cيع
ولكن ال يتوصCCل إليهCCا إال عCCرب العالقCCة ،والعالقCCة هي بالضCCبط انتشCCار إن الفيزيCCاء كليCCة تصCCبح
فيزيCCاء املنتشCCر علم البصCCريات الكهربCCاء املغناطيسCCية CالكهربCCاء الالسCCلكية CالCCديناميكا احلراريCCة،
علم اإلشCCعاعية C،علم األصCCوات » ...فاالنتشCCار حيدث بسCCرعة يف الغCCازات والسCCوائل بسCCبب
2
حركCCة ذراهتا وجزيئاهتا املسCCتمرة والعشCCوائية ،وهCCو حيدث بسCCرعة أك CCرب يف الغCCازات عنه CCا يف
Cادما من جزيئCC Cات السCC Cوائل ،وهCC Cذه
السCC Cوائل .إن اجلزيئCC Cات الغازيCC Cة أكCC Cثر تباعCً C Cدا وأقCC Cل تصً C C
التصCC Cادمات هي الCC Cيت تعيCC Cق االنتشCC Cار بني جزيئCC Cات السCC Cوائل .وبالتCC Cايل تتحCC Cول أسCC Cئلة فيزي CCاء
غاستون ،باشالر ،الفكر العلمي اجلديد ،مصدر سابق ،ص ص 9 ،8 1
االنتشار ( )diffusionيف الفيزياء والكيمياء هي عملية توزيع جزيئات أو ذرات بشكل متسا ٍو يف فراغ أو يف
حيّCCز متCCاح .ويتم االنتشCCار بانتقCCال اجلزيئCCات أو الCCذرات من منطقCCة ذات تركCCيز عCCايل إىل منطقCCة ذات تركCCيز أقCCل
حCCىت يتسCCاوى تركCCيز اجلزيئCCات يف املنطقCCتني .وتنشCCأ ظCCاهرة االنتشCCار بسCCبب احلركCCة احلراريCCة العشCCوائية جلزيئCCات
املادة اليت تصطدم مع بعضها البعض وتتباعد لتشغل مجيع احليز املتاح هلا.
2
L interférence, op cit, p:87
218
االنتش CCار إىل البحث عن « م CCا ال CCذي ينتش CCر؟ وانطالق CCا مماذا ينتش CCر؟ كي CCف ينتش CCر؟ ويف أي
شيء ينتشر؟ وإىل أي مدى ينتشر؟ ».1
وحبسCCب سCCري اهتمCCام باشCCالر باالنتشCCار جيعلCCه يف دائCCرة هتمش املوضCCوع املدروس يف
ذاته وهو اجلسم الصلب .ألنه يدرجCCه يف املقCCام الثCCاين .إن احلالCCة الباشCCالرية CتؤكCCد على مCCا هCCو
ميكروكوزمي Cوسبق لنا التوضيح ،بأن املوضوع Cالعلمي عنCد باشCالر ليس معطCا من معطيCات
التجربCCة املباشCCرة Cحيث ال تكتفي CبوصCCف مCCا هCCو جCCاهز واالقتصCCار يف التفكCCري على مCCا تقدمCCه
احلواس ،بCC Cل تتعCC Cداه CللتفكCC Cري يف إمكانCC Cات أخ CC Cرى للواقCC Cع ال واقعية وبCC Cذلك باشCC Cالر ينتقCC Cد
ديكارت لكنه ال يقCدم حال – يف نظCر سCCري -بCCل يسCتبدل جمهCCوال (تغCCريات العCCامل الطCبيعي Cيف
مث CCال الش CCمعة) مبجه CCول آخ CCر ه CCو الال نظ CCام اجلس CCيمي(الاليقني امليكروفيزي CCائي) «إن جمه CCول
النزعCCة النسCCبية Cإىل احلواس(يعCCين الديكارتيCCة)قCCد عCCوض مبجهCCول الالنظCCام اجلسCCيمي ،أي الCCذي
يعCC C Cين ( عنCC C Cد باشCC C Cالر) » .ومن مث تصCC C Cبح احلالCC C Cة ذات -ذات أو ذات -موضCC C Cوع يف هنايCC Cة
2
املطCCاف تCCؤول إىل ذات -ذات .إن املوضCCوع يف ذاتCCه مهمش وملغى يف كلتCCا احلالتني .فكلمCCا
دخلنCCا البىن الدقيقCCة للجCCانب الفيزيCCائي Cزاد تCCدخل الCCذات يف املوضCCوع ،ومن مث فCCإن املعCCارف
ال CCيت تس CCتنتج مما س CCبق إمنا هي معارفن CCا وليس CCت مع CCارف موض CCوعية كم CCا تس CCعى التعميم CCات
االختزالية إلثباهتا.
إن احلالة السريية أو حالة العقل العلمي اجلديد املتجدد ،تطرح نفسCCها بCديال حلالCCة
العقل العلمي الباشالري وهذا ما يدفعنا إىل البحث والتنقيب Cعن عناصCCر التجديCCد يف البCCديل
الذي يقدمه ميشال سري.فما هو جديدها ؟.
إهنا متثCCل فلسCCفة عامCCة يف الطبيعCCة ،تCCدعو إىل العCCودة إىل األشCCياء يف ذاهتا ،العCCودة إىل
يوسف تيبس ،التصورات العلمية للعامل ،مرجع سابق ،ص 372 1
2
op cit, p:74
219
ق CCراءة الإعالم ال CCذي متدنا ب CCه جترب CCة قطع CCة الش CCمع ال CCيت أمهله CCا ديك CCارت ورفض CCها باش CCالر أي
«تصور الكون باعتباره نظاما ملعاجلة املعلومات ويف هذا التصور Cتكون كل املوجودات قادرة
على التعامل مCع البيئCة CاحمليطCة باعتبارهCCا مCدخالت معلوماتيCCة ،ويكCون CتفاعCل هCذه املوجCودات
مCCع الطبيعCCة مبثابCCة خمرجCCات معلوماتيCCة .والفCCرق بني مسCCتوى وآخCCر ليس سCCوى االختالف يف
مستوى التعقيد الذي تتم به معاجلة املعلومات».1
إنCCه موضCCوع العلم املعاصر ،اجلسCCم الصCCلب ،املتمCCيز باحلجميCCة واملقاومCCة والصCCالبةC.
فCCإذا كCCان السCCائل متغCCري الشCCكل بصCCفة ال هنائيCCة ،فاجلسCCم الصCCلب تغCCريه حمدود ،ويتCCوفر على
ذاكCC Cرة ختتزن املعلومCC Cات ،وبالتCC Cايل حيمCC Cل تارخييتCC Cه ،ألن« اجلسCC Cم الصCC Cلب ينكشCC Cف يف جماهلا
كموضوع منقوش يتصف خباصية االحتفاظ ،إهنا تعري اهتماما للجسم الصCCلب ،وللتواصCCالت
ال CCيت تتم بني املواضCCيع 2»Cواجلس CCم الصCCلب هن CCا جمال CCه ممتCCد ،من األرض إىل اإلنس CCان واحلي CCوان.
وم CC Cا مييز احلال CC Cة الس CC Cريية ك CC Cذلك أهنا نظري CC Cة يف اإلعالم Cتؤك CC Cد على أمهي CC Cة العالق CC Cة يف العلCC Cوم
"التص CCور البن CCاء ،إنت CCاج العالق CCات العالق CCات واالنتق CCاالت C،التواص CCل بص CCفة عامة " ففي ه CCذا
3
الفضاء العالئقي Cتوجد اتصاالت Cوتواصالت تنقل اإلعالم من موضوع إىل آخر وتنقشه على
األجس CCام الص CCلبة لتحتف CCظ ب CCه فهي تص CCور الك CCون باعتب CCاره نظام CCا ملعاجلة املعلوم CCات .وب CCذلك
objectif تنتفي Cالعالقات السCابقة لتفسCح اجملال أمCام العالقCة اجلديCدة موضCوع – موضCوع (
)objectifوخترج الذات من
ال CCدائرة أو تعل CCق وفق CCا ملب CCدأ االيب CCوخي ب CCاملفهوم Cالس CCريي .مث تس CCعى ه CCذه العالق CCة لق CCراءة
حديث املواضيع Cوإعادة تكوين هذا احلديث املوضوعي.
1
مسري أبوزيCC Cد ،من احلتميCC Cة إىل القCC Cدرة على االختيCC Cار ،حنو صCC Cياغة للنمCC Cوذج الال ميكCC Cانيكي اجلديCC Cد للطبيعCC Cة،
،www.arabphilosophers.comص 22
يوسف تيبس ،التصورات العلمية للعامل ،مرجع سابق ،ص 373 2
3
Serres, Michel, ECLAIRCISSEMENTS. Entretiens avec Bruno Latour editions
francois bourin, paris, 1992, p168
220
إن هCCذا الطCCرح أفرزتCCه النظريCCة الكاوسCCية CوثCCورة املعلومCCات الCCيت طغت على مجيCCع
أوج CCه احلي CCاة .ح CCىت أن رول CCف الن CCداور كأح CCد الفيزي CCائيني املعاص CCرين ذهب من خالل املب CCدأ
الذي وضعه (مبدأ النداور) إىل أن « املعلومات ميكن اعتبارها قيمة فيزيائية ملموسة وليسCCت
جمرد مفهوم وهذه القيمة مثل الطاقة ال تفىن بل تتحول من شكل آلخر» 1وأقصى معلومات
جندها يف « جزيء الدنا ،ذلك احللزون املزدوج املعروف ،الذي أصبح أيقونة القرن العشCCرين
» 2إن داخل اخللية يف جزئ ( ) DNAيتخذ اجملمع التخزيين الكيميائي شكل لولب مزدوج
حيتCC Cوي رمCC Cوزا ،هي الش CCيفرة الوراثيCC Cة الCC Cيت تنق CCل التعليم CCات للج CCنني ،فهي حتدد جمري حي CCاة
الكائن بأكملها .وحسب نظرية املعلومات كل رمز من رموز هذه الشCCيفرة متاثل ( )2بت
وأك CCدت التج CCارب ال CCيت ق CCامت هبا العاملة األمريكي Cة Cبارب CCارا م CCاكلينتوك أن طري CCق املعلوم CCات
ليس أحاديCا ال رجعCة منCه بCل املعلومCات تنتقCل من الCربوتني إىل ( ) DNAكCذلك .لقد أصCبح
علم األحيCC C Cاء يعتمCC C Cد بشCC C Cكل كبCC C Cري على املعلومCC C Cات ،بعCC C Cدما أدرك العلمCC C Cاء الكم الكبري من
املعلومات اليت تعتمد عليها الكائنات احلية .بCل أكCCثر من ذلCCك إن العمليCات البيولوجيCة CداخCل
اخلالي CCا احلي CCة هي عملي CCات معاجلة بيان CCات متام Cاً كتل CCك العملي CCات ال CCيت حتص CCل داخ CCل معاجلات
احلواسCCيب .CواسCCتمراريتها بشCCكل صCCحيح يعتمCCد على آليCCة دقيقCCة لقCCراءة البيانCCات CاملشCCفرة يف
صCCبغيات اخلليCCة .فCإذا كCCان « االنسCCان CيفخCر بأنCCه ابتCCدع بواسCCطة التكنولوجيCا CاحلديثCCة الشCCرحية
القCادرة على خCزن كميCات هائلCة من املعلومCات ،فCإن هCذا االجناز ليس يف احلقيقCة CشCيئا يCذكر
فيزيCCائي أملاين األصل ( ،)1999-1927يCCرى أن املعلومCCات عCCادة مCCا توجCCد مشCCفرة يف وسCCيط فيزيCCائي – ذاكCCرة
كمبيوتر مثالً – وأنه ملسح أصغر وحدة ممكنة من املعلومات – بتة واحدة – من الوسCيط الفيزيCائي الCذي حيتويهCا
فإنCCه ينتج عن ذلCCك كميCCة من الطاقCCة احلراريCCة ترفCCع من قيمCCة اإلنرتوبيCCة الفيزيائيCCة بقيمCCة حمددة ثابتCCة قCCام باسCCتنتاجها
ومسي هذا املبدأ مببدأ النداور
حنان الشرقي ،املعلومات لغة الكون ،القافلة ،جملة ثقافية إلكرتونية/http://qafilah.com ،
1
ستيف ،جونز ،لغة اجلينات ،تر :أمحد رمو ،دار طالس للدراسات والنشر ،ط ،1سوريا ،1999 ،ص 8 2
البت وحدة قياس املعلومة ، Cوضعها كلود شانون صاحب نظرية املعلومات ،وهبا مت تكميم وقياس املعلومات.
بCCاربرا مكلينتCCوك ( )1992 C-1902عاملة أمريكيCCة يف اختصCCاص الوراثيCCات اخللويCCة والCCيت حصCCلت على جCCائزة
انطوان بطرس ،الثورات العلمية يف القرن العشرين مرجع سابق ،ص 130 1
ب CCول ديف CCيز ( C C)1946( ،)Paul Charles William Daviesفيزي CCائي بريط CCاين ،جمال اهتمامات CCه البحثية:
الفيزياء الكونية والنظرية الكمومية وعلم الفلك البيولوجي ،اقرتح رحلة بال عودة إىل املريخ كخيار ممكن احلدوث)
222
حل CCول الق CCرن احلادي والعش CCرين يتجه « وبض CCغط من مراك CCز الثق CCل االقتص CCادي والتط CCورات
التكنولوجي CCة إىل مرحل CCة حض CCارية جدي CCدة تتس CCم ب CCالرتكيز على املعلوم CCات .وس CCيكون الط CCابع
1
الغالب القتصاديات الدول قطاع املعلومات من توليد وتوزيع ونقل وتبادل وحفظ»
كمCا ال خيفى أثCر نظريCة الفوضCى يف هCذا التصCور .فهي هتتم بالعCامل املنظCور احمليCط بنCا
ال بع CC Cوامل امليكروس CC Cكويب الكوان CC Cيت والك CC Cربي النس CC Cباوي ( Cالنس CC Cبية .) Cف CC Cالعلم مبجئ نظريCC Cة
الفوضCى CسCCلك مسCCارا جديCCدا جعلت واحCCدا من كبCCار الفيزيCCائيني املعاصCCرين سCCتيفن هوكينغC
يتساءل عن مستقبل الفيزياء النظرية وكأنه Cإعالن Cبعجز فيزيائي غCCري قCادر على تفسCCري مسCCائل
الطبيعة Cمثل املوائع والتنبؤات اجلوية والنظام الشمسي.
ل CC Cذلك ظه CC Cرت نظري CC Cة الفوضى ( C C C)chaosكث CC Cورة علمي CC Cة جدي CC Cدة بع CC Cد النسCC CبيةC
والكوانت CCا.ولق CCد أكCCدت ه CCذه النظري CCة « أن احلتميCCة امليكانيكي Cة Cليس CCت فقCCط غ CCري س CCارية على
مسCCتوى اجلسCCيمات دون الذريCCة ،واملسCCتوى CاحليCCوي واملسCCتوى CاإلنسCCاين ،وإمنا هي أيضCCا غCCري
سارية بالكامل حCىت يف املسCتوى الكCربي الفيزيCائي الطCبيعي CالCذي ظCل دومCا املثCال على حتقيCق
وحس CCب س CCتيفن وان CCربغ عن CCدما نتطل CCع إىل الطبيع CCة يف 2
احلتميCCة امليكانيكي Cة Cيف الطبيعCCة »
مستويات أكCCثر تعقيCدا CنCرى ظCواهر تنبثCCق دون أن يكCCون هلا مCCا يقابلهCا يف املسCCتويات األبسCCط
وأقله CCا مجيع CCا مس CCتوى اجلس CCيمات العنص CCرية .إن العلم املعاص CCر يتج CCاوز النم CCاذج اخلطي CCة إىل
النم CCاذج الالخطية .والعالق CCة اجلدي CCدة ال CCىت فرض CCتها تط CCورات العلم املعاص CCر هي موض CCوع –
ستيفن هوكينج ( .،)1942( C)Stephen Hawkingمن أبرز علماء الفيزيCاء النظريCCة املعاصCرين ،لCCه أحباث
نظريCC Cة يف علم الكCC Cون ،وأحباث يف العالقCC Cة بني الثقCC Cوب السCC Cوداء والCC Cديناميكا احلراري CCة ،باإلض CCافة إىل أحباث أخCC Cرى يف
التسلسل الزمين.
مسري أبوزيد C،العلم والنظرة العربية إىل العامَل ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بريوت ،ط ،2009 ، ،1ص 297 2
فيزيائي أمريكي ( )1933حائز على جائزة نوبل يف الفيزياء مناصفة مع شلدو غالشو والباكستاين عبد السالم .
دراسCC Cاته يف فيزيCC Cاء هتدف إىل البحث عن القCC Cوانني النهائيCC Cة للطبيعCC Cة ألن معظم األحباث احلاليCC Cة يف فيزيCC Cاء الطاقCC Cة
العالية تستوحي مربراهتا من احللم باحلصول على نظرية هنائية هبذا الصدد.
223
موض CCوع ،فينحص CCر احلديث بني املواض CCيع واألدوات ويص CCبح حتلي CCل املوض CCوع التق CCين ض CCرورة
ملحة حسب سري .وتعمCل األدوات التقنيCCة على نقCل اإلعالم Cمن موضCوع آلخCر .وهبذا املعCىن
« يصبح من غري املمكن افرتاض Cأن لكل حركة جلسم مCCا سCببا معينCCا وإمنا منظومCCة معقCدة من
األسباب اليت تتفاعل مع اجلسCم .وهCCذا بطبيعCCة احلال يتنCCاقض مCع الفCCروض األساسCCية للنمCوذج
امليكCCانيكي CالCCذي يفCCرتض أن هنCCاك أسCCبابا حمددة حلركCCة اجلسCCم ،وأن األسCCباب كلهCCا خارجيCCة
ليس هلا عالق CC Cة بالطبيع CC Cة الداخلي CC Cة للجس CC Cم س CC Cواء ك CC Cانت معاجلة للمعلوم CC Cات أم خالفه ».1
فاحلوار يتم بني املواضيع.
ويؤكد هذه احلقيقة Cالفيزيائي سيمون بريكوفيتش Cبأن « معرفتنا بكمية املعلومCات
اهلائلCCة الCCيت حتتاجهCا الكائنCCات احليCCة السCCتمرار احليCاة جتربنCCا على إعCCادة النظCCر يف طبيعCCة املشCCكلة
Cؤرق علمCCاء احليCCاة حيث عCCادة مCCا يسCCألون Cعن كيفيCة CنشCCوء احليCCاة ،يف حني أن
الكCCربى الCCيت تِّ C
السCCؤال األجCCدر ب Cأن ينشCCغلوا بCCه من وجهCCة نظCCر بCCريكوفيتش CهCCو :كيCCف تسCCتمر احليCCاة؟ الCCيت
اتضCCح لنCCا خالل العقCCود األخCCرية من القCCرن أن املعضCCلة يف أساسCCها هي مشCCكلة معاجلة بيانCCات
أكثر منها مشكلة التعرف إىل التفاعالت Cالفيزيائية والكيميائية داخل اخلاليا احلية
وحتديدها» 2فهل معCىن ذلCك أن سCري يلغي الCذات كقطب معCريف إلغCاء تامCا؟ .إن ميشCال
س CCري خيرج ال CCذات من دائ CCرة العالق CCة املعرفي CCة وال ت CCدخل من جدي CCد يف ه CCذه ال CCدائرة إال ضCCمن
الشCC C C C Cبكة CالتواصCC C C C Cلية ،كقCC C C C Cارئ لإلعالم فهي تتلقى اإلعالم CوختزنCC C C C Cه ،إهنا قطب لإلعالم Cبني
3
املواضيع Cوالذوات « وألنين أوجد كقارئ ومتلق وحمتفظ باإلعالم نفسه أو املماثل له »
وهكCCذا يتضCCح لنCCا الفCCرق بني احلالCCة الباشCCالرية CالCCيت تتأس Cس Cعلى حCCوار جCCديل بني
مسري أبوزيد C،من احلتمية Cإىل القدرة على االختيار ،مرجع سابق ،ص 21 1
2
حنان الشرقي ،املعلومات لغة الكون ،مرجع سابق/http://qafilah.com ،
3
Serres, Michel, ECLAIRCISSEMENTS, op cit, p:98
224
العقالين وال CCواقعي ،وال CCيت ال ي CCرى فيه CCا س CCري إال ح CCوارا ذاتي CCا – ذاتي CCا إلمهاهلا األش CCياء يف ذاهتا
وعCC C Cدم قCC C Cراءة اإلعالم املنقCC C Cوش عليهCC C Cا والرتكCC C Cيز على الواقCC C Cع كنظCC C Cام عالئقي عقالين ،حبكم
ارتباطهCCا مبوضCCوعات امليكروفيزيCCاء ،ويؤكCCد على حالCCة جديCCدة تتمCCاهى مCCع تطCCورات العلCCوم
املعاصCCرة يف زمن نظريCCة اإلعالم CونظريCCة الفوضCCى .ويتحCCول عCCائق املعرفCCة من شCCيطان التحليCCل
النفسي Cمع باشالر إىل شيطان التواصل مCCع ميشCCال سCCري.وننتقCCل كCCذلك من اجلدل الباشCCالري
الق CCائم على النفي Cالش CCامل ملا قب CCل الت CCاريخ ،والنفي اجلزئي للت CCاريخ ال CCرتاجعي C،إىل االس CCتيعاب
الشCC Cامل للفكCC Cر التجريCC Cيب كصCC Cراع ض CCد تشCC Cويش الضCC Cجيج مCC Cع سCC Cري .فاملوضCC Cوع الص CCلب
خبصائصه الفيزيائية Cواملادية واملعلوماتية هو موضوع احلالCCة السCCريية وهي شCاملة ال تقصCCي من
نطاقهCCا شCCيئا باعتبCCاره مCCا قبCCل علمي مثلمCCا هCCو الشCCأن مCCع باشCCالر فتCCاريخ العCCامل بCCدأ مCCع فجCCر
كتابCCة هCCذا العCCامل .والCCذات قطب قCCارئ لإلعالم يف املعرفCCة ،تتلقى ،ختتزن ،ومنبCCع للحCCوار بني
املوضوعات Cمن جهة والذوات العارفة من جهة أخرى.
225
خامت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
اخلـ ــامتة
بعCC Cد التحليCC Cل واملقارن C Cة CوالCC Cيت أردنCC Cا من خالهلا اسCC Cتجالء مكCC Cامن التقCC Cارب والتشCC Cابه ونق CCاط
االختالف والتبCC C Cاين Cبني خصCC C Cائص الفكCC C Cر العلمي اجلديCC C Cد بني منوذجني ينتميCC C Cان يف جغرافيCC Cا
الفلس CCفة إىل مدرس CCة فلس CCفة العل CCوم الفرنس CCية املعاص CCرة توصلنا إىل جمموع CCة من النت CCائج ال CCيت
نوجزها يف النقاط التالية:C
/1أفCCرزت هCCذه املقارنCCة اتفاقCCا بني النمCCوذجني على مسCCتوى النظCCر إىل فلسCCفة العلم املعاصCCرة
ورهاناهتا .فكل منهما أقر بتأخر الفلسفة عن عصرها وهو عصر تطور علمي ليس إال.
لكن أي علم تس CCايره الفلس CCفة ؟ وهن CCا جيب أن نرص CCد نقط CCة خالف جوهري CCة بينهما .إىل
درجة يعيب Cفيها الثاين ( سري ) على األول ( باشالر ) تCCأخره يف تتبع العلم املعاصCر ونظرياتCCه
املعاصCرة -املعاصCرة كمCا يفضCل أن يسCميها ،من اإلعالم CوصCوال إىل الفوضى .وكCأن باشCالر
وقع فيما كان يعيبه Cعلى الفالسفة ،إننا نعيش علوم ما بعد النسبية CوالكوانتاC.
مث ما عسى الفلسفة أن تفعل يف العلم؟ باشالر كان صCCرحيا ،من مهامهCCا اسCCتخالص القيم
االبستمولوجية Cللعلم املعاصر .واليت تنعكس Cالحقا يف مقوالت الفلسفة ومنهجها.
إذ جيب على الفلسCCفة أن تCCنزل إىل العلم حيث تنتظرهCCا مهCCام جسCCام ،وعليهCCا أن جتدد خطاهبا
وفقا حلقائقه .لكن ميشال سري يؤسCCس ملقاربCCة مغCCايرة تنطلCق من تصCCور عالقCCة حمددة للفلسCCفة
بCCالعلم .فالفلسCCفة ال تفكCCر يف العلم وإال أصCCبح الفالسCCفة CعلمCCاء ،فهCCذه المهCCام خاصCة العلمCCاء
دون سCCواهم .إن الفلسCCفة تفكCCر مCCع العلم ،وفيمCCا مل يفكCCر فيCCه العلم ،أو جتاهلCCه العلم أو منCCع
العلم من التفكCC Cري فيه .ع CCدا ذلCC Cك تص CCبح الفلس CCفة متطفل CCة أو مشوش CCة بالنس CCبة Cإىل العلم .إن
الفلسCCفة عنCCدما تسCCلم قيادهتا للعلم إىل احلد الCCذي وصCCل إليCCه باشCCالر تتعCCرض خلطCCر الخضCCوع
والسيطرة له .وتزداد ابتعادا عن مشكالهتا املركزية ويضيق افقها البحثي .لذلك
226
خالل CCه لل CCذات أن تك CCون خ CCارج نط CCاق املعادل CCة .وتتأس Cس Cعالق CCة جدي CCدة يف العلم هي عالق CCة
موضوع موضوع .كحالة جديدة تعCرب عن العقCل العلمي اجلديCد املتجCدد .وهCو توجCه تفرضCه
التطCCورات العلميCCة املعاصCCرة وخاصCCة ثCCورة املعلومCCات الCCيت طغت على مجيCCع أوجCCه احليCCاة الCCيت
جتعCCل الCCذات موقوفCCة لقCCراءة اإلعالم Cإهنا ذاكCCرة تقCCرأ وختزن تتلقى وترسCCل ،وهي تنخCCرط مCCرة
أخCCرى ضCCمن نطCCاق املوسCCوعة CالعلميCCة يف تفاعCCل ذوايت يعكس البعCCد اجلمCCاعي للعلم املعاصCCر.
فالذات العارفة هي حنن أو الذوات العاملة.
/4إن التحلي CCل النفس CCي للمعرف CCة املوض CCوعية ع CCدة مفاهيمي CCة اس CCتلها باش CCالر من علم النفس
املعاصCCر ونقلها إىل االبسCCتمولوجيا ،على افرتاض أن مثة جCCانب بCCاطين دينCCاميكي يف العلم على
االبس CC Cتمولوجي Cأن يكشف عن CC Cه ويجلي أث CC Cره يف البحث العلمي .وب CC Cه ميكن من فهم املعرفCC Cة
العلمية يف تطورها أو تعثرها وتوقفها .لكن ميشال سCCري يوسCCع نطCCاق التحليCCل كي ال ينحصCCر
يف أف CCق نفس CCي ض CCيق .ب CCل ينطل CCق يف أف CCق أرحب وأوس CCع يس CCميه بالتحلي CCل املتع CCدد األداء أو
الشامل وبلغة سري لوغاناليز .الذي ال ينفي ماضي العلم وإمنا هو حتليل يستقصي كل أصناف
املعرفCCة وميCCادين الثقافCCة املتنوعCCة مبا فيهCCا الفن والشCCعر .فنقCCد العقCCل عنCCد سCCري استقصCCاء CشCCامل
للعلوم وتاريخ األديان واألساطري كذلك.
/5متيز الفكر العلمي عند ميشال سري بالدعوة إىل ضرورة اخCرتاق احلدود بني العلCوم الدقيقCة
والعلوم اإلنسانية Cوفتح اآلفاق للتفكري الفلسفي حCول آثCCاره العلم على اإلنسCCان والطبيعCة . Cأو
مCا يعCرف بCأخالق البيئCة Cأو بCالتفكري اإليكولوجىي .مما فتح البCاب لCربوز فCروع معرفيCة جديCدة
تت CC Cداخل ،يف إطاره CC Cا العل CC Cوم اإلنس CC Cانية Cواملف CC Cاهيم االيكولوجي C Cة Cكعلم النفس Cالبي CC Cئي والنق CC Cد
اإليكولوجي وهي مسألة مل يعىن هبا الفكر العلمي اجلديد مع باشالر.
228
ولنا يف األخري أن نتساءل هل نظريCة الفوضCى واإلعالم CحقيقCة متثCل جتاوزا لثCورة الكوانتCاC
والنسبية ؟ ومن مث سيادة براديغم التواصل وانزياح منوذج القطيعة يف الفكر العلمي اجلديد
أم أهنما تكرسان لتعددية املعرفة وتنوعها؟.
الواقCCع العلمي اليCCزال حيتفي CبنظريCCات النصCCف األول من القCCرن العشCCرين .والبحCCوث املتقدم CةC
يف الفيزياء النظرية الراهنCة تتجCه حنو إجياد نظريCة واحCدة شCاملة لتفسCري الكCون CجبمCع النظريCتني
النسCCبية والكوانتCCا .إن هCCذه احلقCCائق العلميCCة حتكم بنسCCبية فعلي التواصCCل والقطيعCCة كخصCCائص
للفكر العلمي اجلديد .فالعلوم اليت استلهم منهCCا باشCCالر أساسCCه احلجCCاجي والإقنCCاعي مل تنCCدثر
أو تزول حبكم تقادمها .
إن القطيعة االبستمولوجية Cاليت نظّCر هلا باشCالر فعCل نسCCيب حتضCCر وتغيب عCCرب تCCاريخ العلم.
كمCCا أن التواصل بCCاملنظور السCCريي فعCCل ينتشCCر ويتبCCدد عCCرب نفس التCCاريخ .ورمبا هCCذا مCCا دفCCع
بأح CCد العلم CCاء املعاص CCرين (دانكن جي CCه واتس -يف كتاب CCه الش CCبكات ) إىل الق CCول ب CCأن Cلغ CCات
Cريا CمCCا جند حنن العلمCCاء صCCعوبة كبCCرية يف فهم بعضCCناC
متامCCا ،وكثً C
فCCروع املعرفCCة املتعCCددة خمتلفCCة ً
ض C Cا ب CCاالختالف ،ل CCذلك جيب على ك Cٍّ Cل من CCا أن يتعلم ليس فق CCط
البعض C،وتتس CCم اجتاهاتن CCا أي ً
أيضا كيف يفكرون.
كيف يتحدث اآلخرون ،بل ً
229
ملحق مصطلحات
230
ملحق املصطلحات
science .......................................................................العلم
relativité .C...................................................................النسبية
l'espace..................................................................... Cاملكان
le temps .....................................................................الزمان
quantum ...................................................................الكوانتا
231
.…………………………………microphysique... Cامليكروفيزياء
la matière ....................................................................املادة
complexité C.................................................................التعقيد
Bifurcations C.............................................................التشعبات
L'attracteur ................................................................اجلاذب
........................................................ذايتCC C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C التنظيم ال
autorégulation
feedback , ..............................................رجعيCC C C C C C C C C C C Cال CولCC C C C C C C C C C C Cاملفع
rétroaction
la philosophie du non ..................................................فلسفة الال
psychanalyse de la connaissance ......وعيةCC C C C C C C للمعرفة املوضCالتحليل النفسي
objective
loganalyse..........................................................الشامل التحليل
Le rationalisme appliqué ........................................التطبيقية العقالنية
Dialictique .................................................. ..…………اجلدل
232
l'obstacle épistémologique............................................. Cاالبستمولوجي العائق
.....................................................................رأيCC C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C Cال
L'opinion
التعميم
......................................................................................... generalisation
الواقعية
............................................................................................... Réalisme
.
Cاملثالية
............................................................................................... Idéalisme
.
Conscience C.................................................................الوعي
iterference…….……………………………………….’L التفاعل
233
LE transport ................................................................ النقل
تريادCC C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C Cاالس
...................................................................... importation
....................................................................... ديرCC C C C C C C C C C C C C C C C C C Cالتص
exportation
C..............................................................وعةCC C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C C Cاملوس
encyclopédie
Réseau de l'information............................................. Cاالعالم شبكة
parasite ....................................................................الطفيلي
réductive .................................................................االختزالية
املصادر واملراجع
234
قائمة املصادر واملراجع.
/1املصادر
أ /بالعربية
- .1باشالر غاستون .العقالنية التطبيقية ،تر :بسام اهلاشم.املؤسسة اجلامعية
للدراسات والنشر .ط 1بريوت 1984
.2باشCCالر غاسCCتون ،تكCCوين العقCCل العلمي ،تCCر :خليCCل أمحد خليCCل ،املؤسسCCة
اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،ط ،1بريوت ،لبنان 1983 ،
.3باشالر ،غاستون فلسفة الرفض ،املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر
والتوزيع ،ط ،1بريوت.1985 ،
.4باشالر ،غاستون ،الفكر العلمي اجلديد ،تر :عادل العوا ،منشورات
235
.1990 ، اجلزائر،،1االسس ط
ديوان املطبوعات، خليل أمحد خليل: تر، جدلية الزمن، غاستون، باشالر.5
.1983 ، اجلزائر،1 ط،اجلامعية
وزارة الثقافة، عبد الرمحان بوعلي: تر، اإلصبع الصغرية، ميشال سار.6
.2014 ، قطر،ط. د،والفنون والرتاث
: قائمة املراجع/2
باللغة العربية/أ
ة والرتمجةCC دار املاليني للطباع،ائلهاCC تمولوجيا وبعض مسCC االبس،ادCC عييب عمCC وزي شCC ف.1
.2010 ، دمشق،)ط.(د،والنشر والتوزيع
،رةCفة العلم املعاصCات يف فلسCايا واجتاهC قض:املCة للعC التصورات العلمي، تيبس يوسف.2
.2014 ،لبنان- بريوت،1 ط،دار الروافد الثقافية
237
.3إوالCC Cد فرانس CC Cوا وآخCC Cرون ،مس CC Cارات فلس CC Cفية ،ت CC Cر :حممCC Cد ميالد ،دار احلوار للنشCC Cر
والتوزيع ط ،1دمشق.2004 ،
.4جالل (مشس ال CC Cدين) البني CC Cة التكويني CC Cة لفلس CC Cفة العل CC Cوم ،م CC Cدخل لفلس CC Cفات العل CC Cوم،
مؤسسة الثقافة اجلامعية ،ط ،1اإلسكندرية.2009 ،
.5كلي رايت)وليم( ت CCاريخ الفلس CCفة احلديث CCة ،ت CCر :حمم CCود س CCيد أمحد ،التن CCوير للطباع CCة
والنشر والتوزيع ط 1بريوت لبنان.2010 ،
.6مهيبCCل )عمر( إشCCكالية التواصCCل يف الفلسCCفة الغربيCCة املعاصCCرة ،منشCCورات االختالف
ط ،1اجلزائر.2005 ،
.7سCC Cتيس (وولCC Cرت) ،تCC Cاريخ الفلسCC Cفة اليونانيCC Cة ،ترمجة جماهCC Cد عبCC Cد املنعم جماهCC Cد ،دار
الثقافة للنشر والتوزيع ،ط ،1القاهرة1984 ،
.8كCC C C Cرم(يوسCC C C Cف) تCC C C Cاريخ الفلسCC C C Cفة اليونانيCC C C Cة ،مطبعCC C C Cة جلنCC C C Cة التCC C C Cأليف والرتمجة
والنشر،مصر
1936
. 9حمم CCود عثم CCان حمم CCد )ص CCالح( مش CCكلة االتص CCال والالتن CCاهي بني العلم والفلس CCفة،
منشأة املعارف ط ،1اإلسكندرية . 1998
. 10زيCC C C C Cدان حمم CC C Cود )فهمي( االسCC C C C Cتقراء واملنهج العلمي ،مؤسسCC C C C Cة شCC C C C Cباب اجلامعة
ط ،4مصر1980 ،
. 11بش CCته )عب CCد الق CCادر( االبس CCتمولوجيا مث CCال فلس CCفة الفيزي CCاء النيوتوني CCة ،دار الطليع CCة
للطباعة والنشر ،ط ،1بريوت.1995 ،
. 12دن CCدش )ن CCزار( م CCا ه CCو العلم ،رحل CCة التفك CCري العلمي ،دار الف CCارايب ،ط ،1ب CCريوت،
لبنان .2009
238
.13البعCC C Cزايت )بناصر( خصCC C Cوبة املف CC C Cاهيم يف بنCC C Cاء املعرف CC C Cة ،دراسCC C Cات ابسCC C Cتمولوجية،
منشورات دار األمان ،ط ،1الرباط.2007 ،
.14ليشته )جون( مخسون مفكرا أساسيا معاصCCرا ،من البنيويCCة إىل مCCا بعCCد احلداثCCة ،تCCر:
فاتن البستاين ،املنظمة العربية للرتمجة ،ط ،1بريوت.2008 ،
. 15ك CCريييف .ف ،الكيمي CCاء الفيزيائي CCة ،الكت CCاب األول ،ت CCر :عيس CCى مس CCوح ،دار م CCري
للطباعة والنشر ،بدون طبعة ،موسكو.1979 ،
.16غلي CCك )ج CCاميس( نظري CCة الفوض CCى ،علم الالمتوق CCع ،ت CCر :أمحد مغ CCريب ،دار الس CCاقي
باالشرتاك مع مركز البابطني للرتمجة ،ط ،1الكويت.2008 ،
.17زكريCCا )فCCؤاد( آفCCاق الفلسCCفة ،دار الوفCCاء لCCدنيا الطباعCCة والنشCCر ،ط ،1االسCCكندرية
.2007
. 18بياجيه (جون) ،البنيوية ،تر:عارف منيمنة وبشري أوبري ،منشورات عويدات ،ط
4
بريوت لبنان.1985،
.19ج CCان بياجي CCه ،االبس CCتمولوجيا التكويني CCة ،ت CCر :الس CCيد نف CCادي ،دار التك CCوين ،ط1
دمشق.2004 ،
.20م CCاير )أرنست( ه CCذا ه CCو علم البيولوجي CCا ،ترمجة ،عفيفي حمم CCود عفيفي ،المجلس
الوطين للثقافة والفنون واآلداب ،سلسلة عامل املعرفة ،العدد ،277،الكويت .2002
.21م CCوي (ب CCول) ،املنط CCق وفلس CCفة العل CCوم ،ت CCر :ف CCؤاد زكري CCا ،دار هنض CCة مص CCر ،د.ط،
القاهرة د.س.
.22ماشCC Cريي )بيCC Cار( كCC Cونت الفلسCC Cفة والعلCC Cوم ،تCC Cر :سCC Cامي أدهم ،املؤسسCC Cة اجلامعيCC Cة
للدراسات والنشر والتوزيع ،ط ،1بريوت.1994 ،
239
.23فهمي زیدان(حمم CCود) ،املنط CCق الرم CCزي ،نش CCأته وتط CCوره ،دار النهض CCة العربیة ،ط1
بریوت .1979
.24كوتنغه CCام )ج CCورج( العقالنيC Cة Cفلس CCفة متج CCددة ،ت CCر :حمم CCد منق CCذ اهلامشي ،مرك CCز
اإلمناء احلضاري ط ،1حلب.1997 ،
.25اجلابري )حممCCد عابد( مCCدخل إىل فلسCCفة العلCCوم ،العقالنيCCة املعاصCCرة وتطCCور الفكCCر
العلمي ،مركز دراسات الوحدة العربية ،ط ،7بريوت.2011 ،
. 26وقيدي (حممد) ما هي االبستيمولوجيا؟ مكتبة املعارف ،ط 2الرباط.1984 ،
.27وقيدي (حممد) فلسفة املعرفة عند غاستون باشالر ،مكتبة املعارف للنشر والتوزيع
ط ،2الرباط.1984 ،
.28وقيCC C Cدي )حممد( العلCC C Cوم اإلنسCC C Cانية واإليCC C Cديولوجيا ،دار الكتب العلميCC C Cة ،ط ،3
. 2011 بريوت
.29بوشنسCCكي (جوزيCCف) الفلسCCفة املعاصCCرة يف أوربCCا تر:عCCزت قCCرين ،اجلهلس الوطCCين
للثقافة والفنون واآلداب عامل املعرفة ،الكويت.1992 ،
.30باليبCCار (فرانسCCوا) ،أنشCCتني غCCاليلو ونيCCوتن ،ترمجة :سCCامي أدهم ،املؤسسCCة ،اجلامعيCCة
للدراسات ،والنشر والتوزيع ،ط 1بريوت1993،
.31غرين )برايCCان( الكCCون األنيCCق ،األوتCCار الفائقCCة واألبعCCاد الCدفني والبحث عن النظريCCة
النهائية ،تر :فتح اهلل الشيخ ،مركز دراسات الوحدة العربية ،ط ،1بريوت .2005
.32جCC C C C Cاكوب (فرنسCC C C C Cوا) منطCC C C C Cق العCC C C C Cامل احلي ،ترمجة علي حCC C C C Cرب ،مركCC C C C Cز اإلمناء
القومي(د.ط) بريوت.1990 ،
.33هCC C C Cنري بوانكاریه ،العلم والفرضCC C C Cیة ،ترمجة د .محادي بن جCC C C Cاب اهلل ،مركCC C C Cز
دراسات الوحدة العربیة ،ط ،1بریوت .2002
240
.34س CCاهل (ب CCوعزة) ،جدلي CCة العلم والعق CCل من منظ CCور إبس CCتمولوجي ،منش CCورات دار
التوحيدي ،ط ،1املغرب.2007 ،
.35س CCاهل (ب CCوعزة) علم اهلندس CCة بني العلم CCاء والفالس CCفة ،دار الق CCرويني ،ط ،1ال CCدار
البيضاء2002 ،
. 36عوض (عادل) منطق النظرية العلمية املعاصرة وعالقتها بالواقع التجرييب دار الوفCCاء
للطباعة والنشر ،ط ،1االسكندرية2006 ،
.37املوص CCلي (أمحد س CCامي) األس CCئلة اخلال CCدة ،مط CCابع التعليم الع CCايل ،دون طبع CCة ،بغ CCداد
1989
.38البعCCزايت (بناصCCر)االسCCتدالل والبنCCاء ،حبث يف خصCCائص العقليCCة العلمية ،دار األمCCان
ط ،1الرباط1999 ،
.39بنعب CCد الع CCايل،عب CCد الس CCالم ،امليتافيزيق CCا والعلم واإلي CCديولوجيا ،دار الطليع CCة للطباع CCة
والنشر ،ط ،2بريوت. 1993 ،
.40بنعبد العايل(عبد السالم) املعرفة العلمية ،سلسلة دفاتر فلسفية ،ط ،2املغرب
1996
.41كانغيالم (جورج) دراسات يف تاريخ العلوم وفلسCCفتها تCCر :خليCCل أمحد خليCCل ،دار
الفكر للطباعة والنشر ،ط 2بريوت ،لبنان. 1992 ،
.42شاملز (آالن ) نظريات العلم ،تر :احلسني سحبان وفCCؤاد الصCCفا ،دار توبقCCال للنشCCر
ط ،1الدار البيضاء ،املغرب.1991 ،
.43حممCC C C Cد حممCC C C Cد قاسCC C C Cم ،املدخل إىل فلسCC C C Cفة العلCC C C Cوم .دار املعرفCC C C Cة اجلامعيCC C C Cة ،ط،1
االسكندرية
241
.2003
.44ميىن طري CCف اخلويل ،فلس CCفة العلم يف الق CCرن العش CCرين :األص CCول ،احلص CCاد ،اآلف CCاق
املسCC Cتقبلية .المجلس الوطCC Cين للثقافCC Cة والفنCC Cون واآلداب عCC Cامل املعرفCC Cة ،264الكCC Cويت،
. 2000
.45ش CCعبان حس CCن ( الس CCيد) برنشCC Cفيك وباشCC Cالر بني الفلس CCفة والعلم ،دراسCC Cة نقديCC Cة
مقارنة دار التنوير للطباعة والنشر .ط 1بريوت -لبنان . 1993
.46ديدييه (جيل) باشالر والثقافة العلمية ،تر :حممد عرب صاصيال ،املؤسسة اجلامعيCCة
للدراسات والنشر والتوزيع ،ط ،1بريوت1996 ،
.47كCC Cركي(علي حسCC Cني) االبسCC Cتمولوجيا يف ميCC Cدان املعرفCC Cة ،شCC Cبكة املعCC Cارف ،ط،1
بريوت .2010
.48بدوي(عبCدالرمحان) مCCدخل جديCد إىل الفلسCCفة ،وكالCة املطبوعCCات ،ط ،1الكCCويت
.1975
.49فرينش ،سCتيفن ،العلم مفCاهيم فلسCفية أساسCية ،ترمجة :صCاحل عبCد اهلل العبCد الكCرمي
جامعة امللك سعود( ،د.ط) ،الرياض.2012 ،
.50يCC Cو.ف.يCC Cاكوفيتش ،أعظم ثCC Cورة علميCC Cة يف القCC Cرن احلادي والعشCC Cرين ،تCC Cر :سCC Cعيد
الباكري دار عال الدين للنشر والتوزيع والرتمجة ،ط ،1دمشق.2012 ،
.51بوخليط سعيد ،غاستون باشCCالر ،حنو نظريCCة يف األدب ،دار الفCCارايب ،ط 1بCCريوت
لبنان .2011
.52روي أوليفCCيي ،العقCCل العلمي اجلديCCد ،تCCر :قCCوعيش مجال الCCدين ،منشCCورات اجمللس
األعلى للغة العربية( ،د.ط) اجلزائر.2013 ،
242
.53بن ميس عب CCد الس CCالم ،قض CCايا يف اإلبس CCتمولوجيا واملنط CCق ،ش CCركة النش CCر والتوزي CCع
املدارس ،ط ،1الدار البيضاء.2000 ،
.54موسى كرمي ،فلسCCفة العلم من العقالنيCCة إىل الالعقالنيCCة ،دار الفCCارايب ،ط 1بCCريوت
لبنان.2012 ،
.55إدغCCار مCCوران وآخCرون ،إشCCكاليات الفكCCر املعاصCCر ،منشCCورات الCCزمن ،ط C،1الCCدار
البيضاء املغرب.2009 ،
.56فليفCCل اجلابري (صCCالح) فلسCCفة العقCCل ،التكامCCل العلمي وامليتCCافيزيقي ،دار الفCCارايب
ط ،1بريوت -لبنان.2012 ،
.57وقيCCدي (حممCCد) اإلبسCCتمولوجيا التكوينيCCة عنCCد جCCان بياجيCCه ،افريقيCCا الشCCرق(،د.ط)
املغرب2007 ،
.58يف CCوت (س CCامل) فلس CCفة العلم املعاص CCرة ومفهومه CCا للواق CCع ،دار الطليع CCة ،ط 1لبن CCان
.1986
.69وداد احلاج حسن ،رودولف كارناب هناية الوضعية املنطقية ،املركCCز الثقCCايف العCCريب
ط ،1الدار البيضاء. 2001 ،
. 70جون جريبني ،البساطة العميقة ،تر :صبحي رجب عطا اهلل ،اهليأة املصCCرية العامCCة
للكتاب ،د.ط ،مصر.2013 ،
.71ه CC Cايزينبريغ (ف CC Cرينر) ،الفيزي CC Cاء والفلس CC Cفة ،ت CC Cر :ص CC Cالح ح CC Cامت ،دار احلوار للنش CC Cر
والتوزيع ط ،1سوريا .2011
.72ديCCراك (بCCول) ،مبCCادئ ميكانيكCCا الكم ،تCCر :حممCCد أمحد العقCCر وعبCCد الشCCايف فهمي
عبادة ،كلمات عربية للرتمجة والنشر ،ط ،1االمارات العربية املتحدة.2010 ،
244
.73لويد متز وجيفرسCون هني ويغCر ،قصCة الفيزيCاء ،تCر :طCاهر تربCدار ووائCل األتاسCي،
دار طالس للدراسات والرتمجة والنشر ،ط ،2دمشق.1999 ،
.74فري CCديك ب CCوش ،ودايفي CCد ج CCريد ،أساس CCيات الفيزي CCاء ،ج ،5الفيزي CCاء احلديث CCة ،ت CCر:
سCCعيد اجلزيCCري وحممCCد أمني سCCليمان ،الCCدار الدوليCCة لالسCCتثمارات الثقافيCCة ،ط ،1مصCCر،
د.س.
.75س CCوكولوف وآخ CCرون ،امليكانيك CCا الكوانتي CCة ،ت CCر :حس CCن س CCلمان ،دار م CCري ،د.ط
موسكو ،د.س.
.76روجر برونز وآخرون ،فيزياء العقل البشCCري والعCCامل من منظCCورين ،تCCر :عنCCان علي
الشهاوي كلمات عربية للرتمجة والنشر ،ط ،1اإلمارات العربية املتحدة .2009
.77سCCتيوارت (ايCCان) ،من يلعب الCCنرد :الرياضCCيات اجلديCCدة للظCCواهر العشCCوائية ،تCCر:
بسام امحد املغريب ،دار طالس للنشر سوريا.194 ،
( .78خشبة سامي) ،مصطلحات الفكر احلديث ،ج 2اهليئة املصرية العامة للكتاب
القاهرة .2006
.79غليCCك (جيمس) :اهليوليCCة تصCCنع علمCCا جديCCدا ،ترمجة علي يوسCCف علي ،املشCCروع
القومي للرتمجة ،اجمللس األعلى للثقافة.2000 ،
.80بيرينCCار ،مCCييج ،الفكCCر االتصCCايل من التأسCCيس إىل منعطCCف األلفيCCة الثالثCCة ،تCCر :أمحد
القصوار دار توبقال للنشر ،ط ،1.املغرب.2011 ،
.81مصطفى الفCCويل(حممCCد) ،السCCيربنطيقا(لنCوربرت فيCCنر) ،اهليئCة املصCرية العامCCة للكتCCاب
دط ،القاهرة.1994 ،
245
.82مظف CC Cر ش CC Cعبان ،ومسري ش CC Cعبان ،الس CC Cيربنتيك ،فك CC Cر مب CC Cدع جيس CC Cد وح CC Cدة الطبيعة
منشورات وزارة الثقافة ،د.ط ،دمشق.1991 ،
.83طCCه عبCCد الرمحان ،اللسCCان وامليزان ،أو التكCCوثر العقلي ،املركCCز االثقCCايف العCCريب ،ط1
الدار البيضاء.1998 ،
.84ملحم (جهCCاد) الفيزيCCاء وقضCCايا العصCCر ،دار احلوار للنشCCر والتوزيCCع ،ط ،1سCCوريا
.2012
.85حممCC Cد عبCC Cد املعطي حممCC Cد (مCC Cىن) يف الفلسCC Cفة واحلاسCC Cوب" دراسCC Cة يف نتCC Cائج علم
السيربنطيقا" دار كلمة للنشر والتوزيع احلضري للطباعة ،ط ،1مصر .2012
.86مصطفى ناصف" :نظرية التأويل" ،النادي األديب الثقايف ،ط ،1جدة.2000 ،
.87نصCCر حامCCد أبCCو زيCCد "إشCCكاليات القCCراءة وآليCCات التأويCCل" ،املركCCز الثقCCايف العCCريب،
د.ط ،الدار البيضاء2001 ،
.88جعفر(عبد الوهاب) خطاب الفلسفة املعاصرة ،أداؤه وإشCCكالياته ،دار الوفCCاء لCCدنيا
الطباعة والنشر ،د.ط ،مصر.2003 ،
.89املس CCريي (عب CCد الوه CCاب) الفلس CCفة املادي CCة وتفكي CCك اإلنس CCان ،دار الفك CCر املعاص CCر
للطباعة والنشر والتوزيع ،ط ،1دمشق.2002 ،
.90ضCCيف (شCCوقى) :البحث االدىب طبيعتCCه-مناهجCCه-أصCCوله-مصCCادره ،دار املعCCارف
ط ،7القاهرة . 1992
.91زميرمان (مايكل) الفلسفة البيئيCة من حقCوق احليCوان إىل اإليكولوجيCا اجلذريCCة ،تCر:
معني شCCفيق روميCCة ،المجلس الوطCCين للثقافCCة والفنCCون واآلداب ،سلسCCلة عCCامل املعرفCCة ج1
الكويت.2006 ،
246
،رCC مص، دط،رCC ة مصCC مكتب،رةCC فة املعاصCC ات يف الفلسCC دراس،)راهيمCC ا (ابCC زكري.92
.1967
1958 ، مصر،3 ط، مكتبة النهضة املصرية، الطويل (توفيق) أسس الفلسفة.93
ر طCCة والنشCC دار الطليعة للطباع، العقالنية املعاصرة بني النقد واحلقيقة، سامل يافوت.94
.1989 بريوت،2
،ةCCدة العربيCCات الوحCCز دراسCC مرك، امَلCCة إىل العCCرة العربيCCد ( مسري) العلم والنظCC أبوزي.95
.2009 ، بريوت1ط
باللغة األجنبية/ب
247
.XXe siècle, Paris, PUF, 1997
Parrochia Daniel, Philosophie des réseaux, presses .5
universitaire de France, 1993
parrohia,Daniel, la forme des crises, logique et .6
.épistémologie, édition champ vallon, 2008
Bernadette bensaude-vincent, les vertiges de la .7
technoscince, éditions la découverte, paris, 2009
Ben ahmed mohamed, nouveaux paradigms en science et en .8
.technologie, centre de publication universitaire,Tunis, 2008
Vincent Lemieux, Les nouvelles technologies et le .9
paradigme de la communication, en collaboration avec la
Bibliothèque Paul-Émile-Boulet de l'Université du Québec à
.Chicoutimi, 1985
Cécil guitart, tutoyer le savoire, Une économie solidaire de .10
la société de l'information et de la connaissance, édition la pensée
.sauvage, 2007
Fréderic worms, jean-jacques wunenburger, Bachelard et .11
Bergson continuité et discontinuité, presses Universitaires de
.France, 2006
Auguste Nsonsissa, recherches philosophiques sur les .12
.théories des formes complexes, L’Harmattan, 2015
Marie-Madeleine Varet-pietri, l ingénierie de la .13
connaissance, la nouvel épistémologie appliquée, presses
.Univrsitaires franc-comtoises,paris, 2000
Pierre Riffard, les méthodes des grands philosophes, .14
.chemins de pensée, les éditions ovadia, 2013
.Vincent Bontems, Bachelard, les belles lettres, 2010 .15
248
documents inédits, Source gallica.bnf.fr / Bibliothèque nationale
.de France
Pierssens, Michel. «Michel Serres et le mystère des .19
origines.» Savoirs à l'oeuvre: Essais d'épistémocritique. Lille:
.Presses Universitaires de Lille, 1990. 153-163
Michel Mansuy: Gaston Bachelard et les éléments, Librairie José .20
.corti, Paris, 1967
François Dagognet, philosophie du transfert, presses de .21
.l'imprimerie chirat édition michalon, france, 2006
املعاجم واملوسوعات/3
. اجملالت والدوريات/4
فصلية تصدر عن دار أمل للنشر والتوزيع، مبدأ: جملة البحوث والدراسات األدبية. 1
.2012 ربيع، العدد األول،تونس
249
.2جملة عامل الفكر ،العدد 4اجمللد ،30وزارة اإلعالم الكويت.2000 ،
.3جملة الثقافة املغربية العدد ،06دار املناهل للطباعة والنشر،املغرب.1992 ،
.4جملة جامعة دمشق ،اجمللد ،22العدد ( ،)4+3دمشق.2006 ،
/5الرسائل اجلامعية
أطروحCC Cة مقدمCC Cة لنيCC Cل دكتCC Cوراه الدولCC Cة يف الفلسCC Cفة ،كليCC Cة العلCC Cوم االجتماعيCC Cة
واالنسانية ،جامعة منتوري قسنطينة.2005/2006 ،
250
المواقع اإللكترونية/6
http://www.ahewar.org -1
http://www.revue-projet.com/articles/2003-2-interview -2
http://qafilah.com -3
www.anfasse.org -4
www.maaber.org -5
/http://www.hekmah.org -6
فهرس املوضوعات
251
252
فهرس املوضوعات
املقدمة.......................................................ص Cأ-ز
الفصل األول
.................ص71-8 الفكر العلمي اجلديد ونظريات العلم املعاصر
الفراكتال.............ص10C املبحث األول :اهلندسات الالأقليدية وهندسة
الالاقليدية...................................ص10C اهلندساتC -1
266
منوذج الشبكة وأنسيكلوبيديا املعرفة.....................صC -3
177
اخلامتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة......................................................ص239C
املصطلحات.............................................ص244C ملحق
قائمـ ــة املصادر واملراجع..........................................صC
248
268
فهرس املوضوعات..............................................صC
265
269