You are on page 1of 12

See discussions, stats, and author profiles for this publication at: https://www.researchgate.

net/publication/337178217

ُ‫وأﺳﺒﺎب ازدﻫﺎرﻫﺎ وﻣﻨﺠﺰاﺗُﻬﺎ‬


ُ ‫ﺼﻬﺎ‬
ُ ‫ﺔ رﻛﺎﺋ ُﺰﻫﺎ وﺧﺼﺎﺋ‬
ُ ‫اﻟﺤﻀﺎرة ُ اﻹﺳﻼﻣﻴ‬

Conference Paper · November 2019

CITATIONS READS
0 18,244

1 author:

Syed ABDUL MAJID Ghouri


Universiti Sains Islam Malaysia (USIM)
186 PUBLICATIONS 5 CITATIONS

SEE PROFILE

All content following this page was uploaded by Syed ABDUL MAJID Ghouri on 12 November 2019.

The user has requested enhancement of the downloaded file.


‫)‪5th International Seminar on Islamiyyat Studies (IRSYAD 2019 || eISBN 978-967-2122-82-1‬‬
‫‪5th & 6th November 2019 || Tenera Hotel, Bangi, Selangor, Malaysia‬‬
‫‪Organized by Faculty of Islamic Civilisation Studeis. International Islamic University College,‬‬
‫‪Selangor, Malaysia‬‬

‫‪3008‬‬

‫نجزاتُها‬ ‫وأسباب ازدها ِرها ُ‬


‫وم َ‬ ‫ُ‬ ‫وخصائصها‬
‫ُ‬ ‫كائزها‬
‫الحضارةُ اإلسالميةُ‪ :‬ر ُ‬

‫د‪ .‬سيد عبد الماجد الغَ ْوري‬


‫معهد دراسات الحديث الشريف (إنهاد)‬
‫الكلية الجامعية اإلسالمية العالمية (كويس) بسالنجور ‪ -‬ماليزيا‬
‫‪syedabdulmajid@kuis.edu.my‬‬

‫ملخَّص البحث‪:‬‬
‫َّإن "أمَّة اإلسالم" خري أمٍَّة أخرجت للنَّاس‪ ،‬تؤمن باهلل ورسله وكتبه واليوم اآلخر‪ ،‬وتأمر باملعروف‪ ،‬وت ن هى عن المنكر‪ ،‬ومن أبرر خصائص‬
‫هذه األمَّة أهنا أولت اهتمامها بالعلم‪ ،‬وسامهت يف نشره مسامهةً فعالةً ليس هلا نظريٌ يف تاريخ األمم‪ ،‬فلذلك استطاعت هذه األمَّة أن تقيم‬
‫كثرية يف الطب واهلندسة والفلك والفيزياء والرياضيات واألدب الشعر والفلسفة وغريها‪ .‬وهذا‬ ‫وفنون ٍ‬ ‫حضارةً عظيمةً أث رت العاَل ٍ‬
‫بعلوم ٍ‬
‫البحث يتناول أهمَّ ركائز هذه احلضارة وخصائصها وأسباب ازدهارها ومنجزاهتا‪ ،‬مث يعرض أبرز النتائج‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬احلضارة‪ .‬اإلسالم‪ .‬العلم‪ .‬االزدهار‪ .‬املنجزات‪ .‬اخلصائص‪.‬‬

‫مقدمة البحث‪:‬‬
‫حتتل مكانةً رفيعةً بني احلضارات الكربى اليت ظهرت يف تاريخ البشرية‪ ،‬كما َّأهنا أطول احلضارات العالمية‬
‫إن احلضارة اإلسالمية ّ‬
‫عمراً‪ ،‬وأعظمها أثراً يف احلضارة العالمية‪ ،‬وأكثرهاً عطاءاً للعاَل‪ .‬ومن أه َّم وأبرز خصائص هذه احلضارة أهنا إنسانية النَّزعة‬
‫واهلدف‪ ،‬عاملية األفق والرسالة؛ ألهنا أزالت احلواجز النفسية واملكانية واملسافات اجلغرافية بني أبنائها ىف خمتلف أحناء العاَل‪،‬‬
‫حبق إنسانية عاملية‪.‬‬
‫ب؛ فلذلك كانت هذه احلضارة ٍّ‬ ‫تعص ٍ‬
‫أي ُّ‬‫ونشرت بينهم العلوم والفنون دون َّ‬
‫فعرفت يف أوهلا كلمة‬
‫ووزعت حمتوياته يف مبحثني‪ّ ،‬‬
‫أهم جوانبها‪ّ ،‬‬ ‫ويف هذا البحث حتدثّت عن هذه احلضارة من ّ‬
‫تعرجت يف املبحث الثا ي على تعريف‬
‫أهم احلضارات القدمية يف العاَل‪ .‬مث ّ‬
‫"احلضارة" تعريفاً لغويّاً واصطالحياً‪ ،‬مث ذكرت نبذةً عن ّ‬
‫احلضارة اإلسالمية‪ ،‬وب يَّنت أه َّم أسسها وركائزها وأسباب ازدهارها ومنجزاته اليت ما زال العاَل يستفيد منها‪ .‬مث ختمت البحث‬
‫توصلت إليها من خالل هذا البحث‪.‬‬ ‫بذكر أهم النتائج اليت ّ‬

‫تعريف "الحضارة" ونبذة عن َأهم الحضارات القديمة في العالَم‪:‬‬


‫ُ‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف "الحضارة" لغ ًة واصطالحاً‪:‬‬
‫( أ ) تعريف "الحضارة" في اللغة‪:‬‬

‫‪883‬‬
‫)‪5th International Seminar on Islamiyyat Studies (IRSYAD 2019 || eISBN 978-967-2122-82-1‬‬
‫‪5th & 6th November 2019 || Tenera Hotel, Bangi, Selangor, Malaysia‬‬
‫‪Organized by Faculty of Islamic Civilisation Studeis. International Islamic University College,‬‬
‫‪Selangor, Malaysia‬‬

‫السكن يف احلضر‪ .‬وكذلك‬ ‫ات‪ ،‬ومعناها‪ :‬اإلقامة و َّ‬‫كلمة "احلضارة" يف اللغة مأخوذةٌ من الفعل "حضر حيضر"‪ ،‬ومجعها‪ :‬حضار ٌ‬
‫الرقي العلمي والفّن واألدب‬
‫َّطور اإلنسا ي‪ ،‬ومظاهر ُّ‬
‫من معانيها‪ :‬التَّمدُّن‪ ،‬وهو عكس البداوة‪ ،‬وهي مرحلةٌ سابقةٌ من مراحل الت ُّ‬
‫واالجتماعي يف احلضر‪.1‬‬
‫ٍ‬
‫منطقة إىل أخرى‬ ‫فاحلضارة هي عكس البداوة اليت يعيش فيها النَّاس حياةً ق بليّةً‪ ،‬حيث ينتهجون من حياة الت ُّنقل من‬
‫نطاً للحياة‪ ،‬وهذا ‪ -‬كما قلت آنفاً ‪ -‬عكس احلياة املدنيّة أو احلضريّة اليت ميارس النَّاس فيها الزراعة‪ ،‬وغريها من النَّشاطات‬
‫احلضرية‪ ،‬ويعيشون يف املدن‪ ،‬فاحلضارة هنا تعّن‪ :‬االستقرار‪.2‬‬
‫( ب ) تعريف "الحضارة" في االصطالح‪:‬‬
‫"احلضارة" يف االصطالح تعّن جمموعة المظاهر العلمية واألدبية والفنية وكذلك االجتماعية‪ ،‬املوجودة يف اجملتم ‪ .‬وتعتمد‬
‫فكل حضارٍة جاءت متمم ًة للحضارة اليت سبقتها‪ ،‬وتسهم هذه احلضارات يف‬ ‫احلضارات اإلنسانية املختلفة على بعضها البعض‪ُّ ،‬‬
‫البناء احلضاري اإلنسا ي للعاَل بأكمله‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪َّ :‬‬
‫أن احلضارة اليونانية وغريها من احلضارات القدمية اليت تيَّزت بوض‬
‫أساسات البناء احلضاري‪ ،‬وجاءت احلضارة اإلسالمية وعملت على ازدهار هذا البناء احلضاري‪ ،‬ومن بعد املسلمني جاء‬
‫وطوروا هذا البناء احلضاري‪.3‬‬
‫األوروبيون َّ‬
‫الرقي العلمي والفّن واألدب واالجتماعي يف جمتم ٍ من اجملتمعات‪ ،‬أو يف جمتمعات‬
‫فاحلضارة هي‪ :‬مجلة مظاهر ُّ‬
‫طور اإلنسا ي‪.‬‬
‫متشاهبة‪ ..‬فهي مرحلةٌ ساميةٌ من مراحل التَّ ُّ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نبذة عن َأهم الحضارات في العالَم‪:‬‬
‫الراقية املشهورة يف‬
‫الضروري أن أقدم نبذةً عن أهم وأقدم احلضارات َّ‬
‫قبل أن أحتدَّث عن املوضوع الرئيسي هلذا البحث أرى من َّ‬
‫كبري يف بناء ورسم مالمح التاريخ‪ ،‬فمن تلك احلضارات‪:‬‬
‫دور ٌ‬‫العاَل عرب التاريخ‪ ،‬اليت كان هلا ٌ‬

‫( أ ) الحضارة المصرية القديمة‪:‬‬


‫أهم احلضارات يف العاَل وأقدمها‪ ،‬وكانت هذه احلضارة ت تمركز على جانَب ن هر الن يل‪ ،‬وكانت بدايتها يف عام‬ ‫وهي واحدةٌ من ّ‬
‫‪ 0513‬قبل امليالد‪ ،‬حيث و َّحد امللك "مينا" يف ذلك الوقت مصر بعد أن كانت منقسم ًة إىل قسمني؛ مصر العليا ومصر‬
‫ات‬ ‫ٍ‬
‫ات حضاريةٌ بالغة األمهية‪ ،‬منها بناء أهرامات ومعابد‪ ،‬وكذلك كانت هلم بصم ٌ‬ ‫السفلى‪ .‬وكانت للمصريني القدماء إجناز ٌ‬ ‫ُّ‬
‫نظري يف تاريخ احلضارات يف العاَل إىل‬
‫الري واإلنتاج الزراعي‪ ،‬كما أ ّهنم تركوا إرثاً حضاريّاً وعلميّاً وفنيّاً ليس له ٌ‬ ‫واضحةٌ يف أنظمة َّ‬
‫يومنا هذا‪.4‬‬
‫( ب ) الحضارةُ ِ‬
‫الكْن َعانِيَّةُ‪:‬‬

‫‪ 1‬انظر‪" :‬املعجم الوسيط"‪ ،‬ص‪ ،585 :‬مادة‪" :‬حضر"‪.‬‬


‫‪ 2‬انظر للتفصيل‪" :‬منهج احلضارة اإلنسانية يف القرآن" للدكتور سعيد رمضان البوطي‪ ،‬ص‪.51 :‬‬
‫‪ 3‬انظر‪" :‬تعريف احلضارة وأسسها يف اإلسالم" لألستاذ ياسر تاج الدين حامد‪ ،‬مقال مودع يف موق "األلوكة"‪.‬‬
‫‪ 4‬انظر‪" :‬أقدم احلضارات يف العاَل بالرتتيب" لألستاذة أمساء أمحد حممد‪ ،‬يف موق "املوسوعة العربية الشاملة"‪.‬‬

‫‪884‬‬
‫)‪5th International Seminar on Islamiyyat Studies (IRSYAD 2019 || eISBN 978-967-2122-82-1‬‬
‫‪5th & 6th November 2019 || Tenera Hotel, Bangi, Selangor, Malaysia‬‬
‫‪Organized by Faculty of Islamic Civilisation Studeis. International Islamic University College,‬‬
‫‪Selangor, Malaysia‬‬

‫السامية اليت‬
‫هذه أعرق احلضارات اليت تيَّزت بالكثري من املميَّزات عن غريها من احلضارات‪ ،‬كما تيَّزت هذه احلضارة باللغة َّ‬
‫ظهرت فيها‪ ،‬وكانت هلا هلجةٌ ختتلف عن غريها‪ ،‬كما اعتمد أصحاب هذه احلضارة على الكتابة التصويرية قبل اكتشاف‬
‫األجبدية‪.1‬‬
‫الرافِ َدين‪:‬‬
‫( ج ) حضارةُ بالد َّ‬
‫الزمان والتاريخ يف العاَل‪ ،‬وهي تعترب "أ َّم احلضارات"؛ وتس َّمى هذه احلضارة "حضارة‬ ‫هذه من أقدم وأعظم احلضارات على مّر َّ‬
‫الرافدان مها النَّهران املعروفان "دجلة" و"الفرات" اللَّتان َتريان يف العراق‪ ،‬وألجل ذلك كانت تس َّمى هذه البالد قدمياً‬ ‫الرافدين"‪ ،‬و َّ‬
‫َّ‬
‫الزمن على يد اليونانيني والفرس واملسلمني‪ ،‬و نقلت اإلنسان من عصور‬ ‫الرافدين"‪ .‬وقد حكمت هذه احلضارة م مرور َّ‬ ‫"بالد َّ‬
‫قبل التاريخ إىل احلضارة اإلنسانيّة املتحضرة‪.2‬‬
‫( د ) الحضارةُ اليُ ْونانِيَّةُ (أو اإلغريقية)‪:‬‬
‫درجات‪ ،‬والمعابد‪،‬‬ ‫اهتموا بإنشاء الم َّ‬
‫أن أصحاهبا ّ‬ ‫املعماري يف هذه احلضارة بالبساطة والطاب الكالسيكي‪ ،‬فنجد َّ‬ ‫ُّ‬ ‫الفن‬
‫تيَّز ُّ‬
‫آهلة على سبيل املثال‪ :‬أثينا‪ ،‬زيوس‪ ،‬ديونيسوس‪،‬‬ ‫والمالعب‪ ،‬والمسارح اهتماماً كبرياً‪ .‬وجند أن تلك احلضارة كانت هلا ع َّدة ٍ‬
‫أفروديت‪ .‬كما تيّزت هذه احلضارة بإجنازاهتا السياسيّة والفلسفيّة والعلميّة والفنيّة الكبرية‪ ،‬ومن أبرز الفالسفة يف هذه احلضارة‪:‬‬
‫أفالطون‪ ،‬أرسطو‪ ،‬سقراط‪ ،‬وغريهم من العلماء واحلكماء والعبقريني‪ ،‬الذين تزهو بآثارهم مكتبات العاَل‪.3‬‬
‫الرْوَمانِيَّةُ‪:‬‬
‫( ه ) الحضارةُ ُّ‬
‫تعود هذه احلضارة إىل القرن السادس قبل امليالد‪ ،‬حيث كانت قويًّة لدرجة ّأهنا سيطرت على املنطقة احمليطة بالبحر األبيض‬
‫املتوسط احلايل‪ .‬وقد برز يف هذه احلضارة العديد من السياسيّني‪ ،‬ورجال الدولة‪ ،‬واجلنود‪ ،‬والكتَّاب‪ ،‬وال تزال بصمة هذه احلضارة‬
‫حّت اآلن‪ .‬وقد امتازت هاتان احلضارتان بروح االستعمار‬ ‫الرومانيَّة الكالسيكية قائم ًة َّ‬
‫واضح ًة يف أوربة‪ ،‬حيث ال تزال اآلثار ُّ‬
‫والنظر املادي البحت إىل احلياة‪.4‬‬
‫( و ) الحضارةُ الفاِرِسيَّةُ‪:‬‬
‫امتداد من جنوب مصر حّت شرق اهلند واليونان‪ ،‬وتيَّزت هذه‬
‫ٌ‬ ‫هي واحدةٌ من أعظم احلضارات على مستوى العاَل‪ ،‬كان هلا‬
‫احلضارة بالق َّوة العسكرية‪ ،‬لكن اختفى الكثري من معاَل هذه احلضارة بعد سقوط الدولة الفارسية سنة ‪ 103‬قبل امليالد‪.5‬‬
‫الص ْين‪:‬‬
‫( ز ) حضارةُ ِّ‬
‫ط مبنطقة البحر األصفر كما يقول الكثري من اآلراء‪ ،‬وت ع ُّد هذه احلضارة من احلضارات العريقة إبداعاً‬
‫أساس هذه احلضارة مرتب ٌ‬
‫ّن المميَّز بالربونزيات‬
‫كل احلقب التارخيية‪ ،‬ومن مظاهر آثار هذه احلضارة‪ :‬سور الصني العظيم‪ ،‬واخلزف الصي ُّ‬
‫وفلسفةً وعمارةً يف ّ‬

‫‪ 1‬انظر‪ :‬املرج السابق‪.‬‬


‫‪ 2‬انظر‪" :‬أقدم احلضارات يف العاَل بالرتتيب" لألستاذة أمساء أمحد حممد‪ ،‬يف موق "املوسوعة العربية الشاملة"‪.‬‬
‫‪ 3‬انظر‪" :‬تاريخ احلضارة اإلسالمية والفكر اإلسالمي" للدكتور أب زيد شلَب‪ ،‬ص‪ ،51 :‬و"ماذا خسر العاَل باحنطاط املسلمني؟" للشيخ أب احلسن الندوي‪ ،‬ص‪.140 ،145 :‬‬
‫‪ 4‬انظر‪ :‬انظر‪" :‬تاريخ احل ضارة اإلسالمية والفكر اإلسالمي" للدكتور أب زيد شلَب‪ ،‬ص‪ ، 51 :‬و"ماذا خسر العاَل باحنطاط املسلمني؟" للشيخ أب احلسن الندوي‪ ،‬ص‪،101 :‬‬
‫‪.145‬‬
‫‪ 5‬انظر‪" :‬تاريخ احلضارة اإلسالمية والفكر اإلسالمي" للدكتور أب زيد شلَب‪ ،‬ص‪.54 ،50 :‬‬

‫‪885‬‬
‫)‪5th International Seminar on Islamiyyat Studies (IRSYAD 2019 || eISBN 978-967-2122-82-1‬‬
‫‪5th & 6th November 2019 || Tenera Hotel, Bangi, Selangor, Malaysia‬‬
‫‪Organized by Faculty of Islamic Civilisation Studeis. International Islamic University College,‬‬
‫‪Selangor, Malaysia‬‬

‫الشواهد العمرانية واآلثار‬


‫ذات األشكال والزينة النوعيّة‪ ،‬والعمارة من الكهوف‪ ،‬وحنت وقصور األباطرة وقبورهم وغريها الكثري من َّ‬
‫التارخيية اليت تد ُّل على قدم هذه احلضارة‪.1‬‬
‫الس ْن ِد‪:‬‬
‫( ح ) حضارةُ وادي ِّ‬
‫كانت هذه احلضارة واحدةً من أوىل احلضارات العالمية العظيمة‪ ،‬وقد نشأت قبل ‪ 4133‬سن ًة‪ ،‬وازدهرت يف املناطق اليت تت ُّد من‬
‫مشال شرق أفغانستان حّت مشال غرب اهلند القدمية‪ ،‬وتركزت حول ن هر السند (الذي جيري يف منطقة باكستان حالياً) ومشال اهلند‬
‫الذهب‪ ،‬كما صنعوها من احلجارة‬ ‫ضة و َّ‬‫حول هنر السند‪ .‬حنت أهل هذه احلضارة األوا ي املنزلية‪ ،‬وصنعوا احلل َّي من الف َّ‬
‫بالصور على الفخار وغريه من األشياء اليت صنعها أصحاب هذه احلضارة‪ .‬لكن علماء‬ ‫واخلزف‪،‬كما وجد الكثري من الكتابات ُّ‬
‫فك رموز معىن تلك الكتابات‪.2‬‬ ‫اآلثار َل يستطيعوا حّت اآلن َّ‬
‫( ط ) حضارةُ ا ل َْمايَا‪:‬‬
‫ازدهرت هذه احلضارة يف ‪ 1533‬سنة قبل امليالد يف أمريكا الوسطى‪ ،‬وانتشرت وازدهرت بشكل سري ‪ ،‬وتيَّز أهل هذه احلضارة‬
‫حّت تعينهم على تدوين التقومي الشمسي‪ .‬وقامت هذه احلضارة ببناء الكثري من األهرامات‬ ‫بطريقة الكتابة اليت قاموا باخرتاعها َّ‬
‫فاجئ مَّا َّ‬
‫حري الكثري من‬ ‫ٍ‬
‫بشكل م ٍ‬ ‫أن أحدهم يكرب عن أهرامات مصر‪ ،‬لكن اهنارت هذه احلضارة يف القرن الثامن والتاس‬ ‫حّت َّ‬
‫علماء التاريخ واملؤرخون‪.3‬‬
‫( ي ) حضارةُ اإلنْ َكا واإلنْ ِديْز‪:‬‬
‫امتدت هذه احلضارة حّت وصلت "ب وليفيا"‬‫أسسها اهلنود احلمر‪ .‬و ّ‬ ‫تعترب "حضارة اإلنكا" من أكرب احلضارات يف أمريكا اجلنوبية‪َّ ،‬‬
‫و"البي رو" وكذلك "األرجنتني" و"اإلكوادور"‪ّ .‬أما "حضارة اإلنديز" فقد كانت نشأهتا سنة ‪ 5533‬قبل امليالد يف جبال اإلنديز‪،‬‬
‫أن هذه احلضارة قد زالت على يد اإلسبان أثناء غزوهم ألمريكا اجلنوبية عام ‪5101‬م‪.‬‬ ‫إالَّ َّ‬
‫( ن ) الحضارة اإلسالمية‪:‬‬
‫الروح‬
‫اهتمت هذه احلضارة باجلانب الديّن‪ ،‬ومزجت بني ُّ‬ ‫هذه من أعظم وأكرب حضارات العاَل وأرقاها على اإلطالق‪ ،‬لقد َّ‬
‫السابقة‪ ،‬وسيأيت احلديث عن هذه احلضارة بشيء من التفصيل يف املبحث الالحق‪.‬‬ ‫والعقل مَّا ميَّزها عن غريها من احلضارات َّ‬
‫أمة إىل ٍ‬
‫أمة‪ ،‬فاحلضارة اليونانية‬ ‫كل منها كانت تتنقَّل من ٍ‬ ‫أن أفكار ٍّ‬ ‫خالصة ما سبق من الكالم على تلك احلضارات‪َّ :‬‬
‫الرومية احلضارة اليونانية يف أمور كثرية‪ ،‬وتأثَّرت احلضارة الصينية‬
‫تعلَّمت الكثري من احلضارات املصرية والبابليَّة‪ ،‬وقلَّدت احلضارة ُّ‬
‫الشرقية‪ ،‬وكذلك تأثَّرت احلضارة اإلسالمية بالفكر العلمي اليونا ي واهلندي والفارسي‪ ،‬إالَّ أنه َل تتهافت على مل ّذات‬‫باحلضارات َّ‬
‫احلياة‪ ،‬وَل تدع إىل الشَّك يف الدين‪ ،‬واالضطراب يف العقيدة‪ ،‬واالستخاف بالنظام الديّن وشعائره كما كان ذلك صني احلضارات‬
‫تفوقاً باهراً‪ ،‬وتركت بعلومها وثقافتها أثراً كبرياً يف‬
‫وتفوقت على سابقاهتا ُّ‬
‫السابقة‪ ،‬لذلك جنحت هذه احلضارة جناجاً عظيماً‪ّ ،‬‬
‫احلضارة الغربية كما سأحتدَّث عنه يف املبحث اآليت‪.‬‬

‫ُسسها وركائزها‪:‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف الحضارة اإلسالمية وأ ُ‬

‫‪ 1‬انظر‪" :‬أقدم احلضارات يف العاَل بالرتتيب" لألستاذة أمساء أمحد حممد‪ ،‬يف موق "املوسوعة العربية الشاملة"‪.‬‬
‫‪ 2‬انظر‪ :‬املرج السابق‪.‬‬
‫‪ 3‬انظر‪ :‬املرج السابق‪.‬‬

‫‪886‬‬
‫)‪5th International Seminar on Islamiyyat Studies (IRSYAD 2019 || eISBN 978-967-2122-82-1‬‬
‫‪5th & 6th November 2019 || Tenera Hotel, Bangi, Selangor, Malaysia‬‬
‫‪Organized by Faculty of Islamic Civilisation Studeis. International Islamic University College,‬‬
‫‪Selangor, Malaysia‬‬

‫الركائز اليت‬
‫يشتمل هذا املبحث على ثالثة مطالب‪ ،‬يعرف ّأوهلا "احلضارة اإلسالمية" من أبرز جوانبها‪ ،‬وبيني ثانيها أه َّم األسس و َّ‬
‫أهم أسباب ازدهار هذه احلضارة‪.‬‬‫قامت عليها هذه احلضارة‪ ،‬ويذكر ثالثها َّ‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الحضارة اإلسالمية‪:‬‬
‫إن الفكر اإلسالمي هو الذي ب ناها وشيَّدها‪ ،‬وهي حريّةٌ بأن تس َّمى "حضارةً إنسانيّةً"‬ ‫تقوم هذه احلضارة على اإلسالم؛ حيث َّ‬
‫تستحق أيضاً جبدارٍة أن تس َّمى ب ‪" :‬حضارٍة ربانيٍّة"‪َّ ،‬‬
‫ألهنا تعود إىل العلم الذي جاء‬ ‫ّ‬ ‫لكوهنا تشمل خمتلف جوانب احلياة‪ ،‬كما أهنا‬
‫به الرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪.‬‬
‫جمموعة من الثقافات اخلاصة بالشعوب اليت دخلت يف دين اإلسالم‪ ،‬كما أهنا‬ ‫ٍ‬ ‫وقد نتجت هذه احلضارة من تفاعل‬
‫خالصة تفاعل احلضارات املوجودة يف املناطق اليت وصل إليها اإلسالم أثناء الفتوحات اإلسالميّة‪.‬‬
‫انضمت هلا‪ ،‬وسامهت يف بنائها وازدهارها‪ ،‬لذلك‬
‫لذلك ت ع ُّد هذه احلضارة إرثاً يشارك فيه مجي الشعوب واألمم اليت ّ‬
‫وإنا هي حضارةٌ شامل ٌة جلمي األجناس اليت كانت‬ ‫س مع َّ ٍ‬
‫ني من البشر أو األقوام‪َّ ،‬‬ ‫فمن اخلطأ جعل هذه احلضارة مقتصرًة على جن ٍ‬
‫هلا مسامهةٌ يف بنائها‪.1‬‬

‫الركائز للحضارة اإلسالمية‪:‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬أ ََه ُّم َّ‬
‫الركائز اليت قامت عليها هذه احلضارة هي كاآليت‪:‬‬
‫ومن أبرز َّ‬
‫َّأوالً‪ :‬عقيدةُ التوحيد‪:‬‬
‫شيء‪ ،‬فيعبد املسلمون وحده‪ ،‬وال يشركون معه‬ ‫شيء وخالق كل ٍ‬ ‫ب كل ٍ‬ ‫لقد أرسى اإلسالم مفهوماً للتوحيد‪ ،‬وأق َّر َّ‬
‫بأن اهلل هو ر ُّ‬
‫أحداً من خملوقاته‪ .‬وهذه العقيدة أعظم ما منحه اإلسالم لإلنسانية‪ ،‬فهي عقيدةٌ ثائرةٌ معجزةٌ متدفقةٌ بالق ّوة واحلياة‪ ،‬مقلبةٌ‬
‫لألوضاع‪ ،‬ومدمرةٌ لآلهلة الباطلة‪َ،‬ل تنل ولن تنال اإلنسانية مثلها إىل يوم القيامة‪ .‬واألمم اليت ال عهد هلا بعقيدة التوحيد َل تكد‬
‫تعرف معىن اإلنسانية‪ ،‬وكانت ت ع ُّد نفسها يف عبودية خاضعة لكل مظه ٍر من مظاهر الق َّوة‪.2‬‬
‫الع ْد ُل‪:‬‬
‫ثانياً‪َ :‬‬
‫املودة بني النَّاس؛ لذلك يع ّد‬
‫فالعدل له أمهيةٌ كبريةٌ يف حتقيق األمن واالستقرار يف اجملتم ‪ ،‬واحلث على الطاعات‪ ،‬وحتقيق األلفة و َّ‬
‫السياسي يف اجملتم اإلسالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العدل قاعد ًة من أهم قواعد النظام‬
‫السنة على قضية العدل‪ ،‬فمن األمثلة القرآنية قول اهلل تبارك وتعاىل‪ ﴿ :‬إ َّن اللَّه يأمر‬ ‫وقد رَّكزت نصوص القرآن و ُّ‬
‫بالعدل﴾ [النحل‪ ،]13 :‬وقوله سبحانه وتعاىل‪ ﴿ :‬إذا حكمتم ب ني النَّاس أن حتكموا بالعدل ﴾ [النساء‪ ،]18 :‬وقوله ج َّل يف‬
‫عاله‪ ﴿ :‬يا أيُّها الَّذين آمنوا كون وا ق َّوامني للَّه شهداء بالقسط‪ ،‬وال جيرمنَّكم شنآن ق وٍم على أالَّ ت عدلوا‪ ،‬اعدلوا هو أق رب للتَّقوى‪،‬‬
‫واتَّقوا اللَّه‪ ،‬إ َّن اللَّه خبي ٌر مبا ت عملون ﴾ [املائدة‪.]8 :‬‬

‫‪1‬‬
‫بتصرف واختصار‪ .‬و"احلضارة اإلسالمية حضارة إنسانية" للدكتور‬
‫انظر‪" :‬خصائص احلضارة اإلسالمية وآفاق املستقبل" للدكتور عبد العزيز بن عثمان التوجريي‪ ،‬ص‪ّ ،58 ،55 :‬‬
‫بتصرف‪.‬‬
‫صادق آئينهوند‪ ،‬املنشور يف جملة "آفاق احلضارة اإلسالمية"‪ ،‬العدد الثا ي‪ ،‬صفحة ‪ّ .5‬‬
‫‪ 2‬انظر‪" :‬اإلسالم أثره يف احلضارة وفضله على اإلنسانية" للشيخ أب احلسن الندوي‪ ،‬ص‪.15 ،51 :‬‬

‫‪887‬‬
‫)‪5th International Seminar on Islamiyyat Studies (IRSYAD 2019 || eISBN 978-967-2122-82-1‬‬
‫‪5th & 6th November 2019 || Tenera Hotel, Bangi, Selangor, Malaysia‬‬
‫‪Organized by Faculty of Islamic Civilisation Studeis. International Islamic University College,‬‬
‫‪Selangor, Malaysia‬‬

‫السنة النبوية فمنها هذا احلديث الذي رواه عبد اهلل بن عمرو ‪ -‬رضي اهلل عنهما ‪ -‬عن رسول اهلل‬ ‫َّأما األمثلة الواردة يف ُّ‬
‫ني‪،-‬‬ ‫إن المقسطني‪ ،‬عند اهلل‪ ،‬على منابر من ن وٍر‪ ،‬عن ميني َّ‬
‫الرمحان عَّز وج َّل‪ - ،‬وكلتا يديه مي ٌ‬ ‫صلَّى اهلل عليه وسلَّم أنه قال‪َّ « :‬‬
‫الَّذين ي عدلون يف حكمهم وأهليهم وما ولوا »‪.1‬‬
‫فالعدل كان من أهم ميزات احلضارة اإلسالميّة‪ ،‬فإنه طبق فيها بني مجي األفراد‪ ،‬سواء كانوا أغنياءً أم فقراءً‪ ،‬أو‬
‫حّت إن كانوا غري مسلمني‪ ،‬فتحقيق العدل الشامل يساهم يف ازدهار البالد ون ّوها وعمراهنا‪.2‬‬ ‫حاكمني أم حمكومني‪َّ ،‬‬
‫ثالثاً‪ِ :‬‬
‫العلْ ُم‪:‬‬
‫وفخم شأن‬ ‫إن من أعظم خصائص دين "اإلسالم" أنه أنشأ بينه وبني العلم الرباط املقدَّس الدائم‪ ،‬وربط مصري أحدمها باآلخر‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫السالم ‪ -‬هو قوله‪:‬‬ ‫الصالة و َّ‬
‫ث عليه حثّاً كبرياً‪ ،‬إذ ّأول ما أن زل به اهلل ‪ -‬سبحانه وتعاىل ‪ -‬الوحي على رسوله ‪ -‬عليه َّ‬ ‫العلم‪ ،‬وح َّ‬
‫ص بالعلم‪ ،‬مث قوله‪ ﴿ :‬علَّم اإلنسان ما َل ي علم ﴾ [العلق‪ ،]1 :‬ويف‬ ‫﴿ اق رأ باسم ربك الَّذي خلق ﴾ [العلق‪ ،]5 :‬وهو خيت ُّ‬
‫هذه اآلية الكرمية أشار سبحانه وتعاىل إىل صالحية اإلنسان للعلم احلديث األحدث من احلقائق الدينية والكونيَّة والعلوم‬
‫اإلهلي‪ ،‬وهتيئة اإلنسان للعلم اجملهول‬
‫ُّ‬ ‫أن مصدر كل ذلك هو التعليم‬ ‫والصنائ ‪ ،‬واالكتشافات واالخرتاعات‪ ،‬وتوسي العلم‪ ،‬و َّ‬
‫واكتشاف املفقود‪.‬‬
‫أثر‬
‫وغري ذلك فقد ورد الكثري من اآليات القرآنية واألحاديث النبوية يف احلث على حتصيل العلم الناف ‪ ،‬ما كان له ٌ‬
‫ٍ‬
‫وتأليفية ال يوجد مثيلها يف تاريخ األدوار واملدنيّات اليت قامت على أساس‬ ‫كة ٍ‬
‫علمية‬ ‫ال يف بناء احلضارة اإلسالمية‪ ،‬ووجود حر ٍ‬ ‫ف عَّ ٌ‬
‫السماوية‪.3‬‬
‫الدين والرساالت َّ‬
‫رابعاً‪ :‬األخال ُق ِ‬
‫الفاضلةُ‪:‬‬
‫النَب صلَّى اهلل عليه وسلَّم‬
‫شامل لرتبية األفراد واجلماعات تربيةً صحيحةً يف ش َّّت جماالت احلياة‪ ،‬و ُّ‬
‫ٌ‬ ‫دستور‬
‫ٌ‬ ‫إذ َّ‬
‫أن القرآن الكرمي‬
‫السالم ‪ -‬إتام مكارم األخالق هدفاً لبعثته المباركة‪.5‬‬ ‫يقول‪َّ « :‬إنا بعثت ألتم مكارم األخالق»‪ ،4‬فجعل ‪ -‬عليه َّ‬
‫الصالة و َّ‬
‫الع َم ُل‪:‬‬
‫خامساً‪َ :‬‬
‫عوذ من العجز‬ ‫دين عملي‪ ،‬ورسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم كان ي ت َّ‬
‫وهو الذي يبّن صرح احلضارة ويشيده‪ ،‬وكيف ال‪ ،‬فاإلسالم ٌ‬
‫والكسل‪ ،‬كما يف حديث‪« :‬اللَّه َّم إ ي أعوذ بك من العجز والكسل‪.6»...‬‬
‫ث اإلسالم النَّاس على عمارة األرض يف ش َّّت امليادين‪ ،‬فقال اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬هو الَّذي جعل لكم األرض ذلوالً‪،‬‬ ‫ولقد ح َّ‬
‫السالم‪ ﴿ :‬قل‬‫الصالة و َّ‬‫فامشوا يف مناكبها‪ ،‬وكلوا من رزقه‪ ،‬وإليه النُّشور ﴾ [امللك‪ ،]51 :‬وقال اهلل تعاىل خماطباً لرسول عليه َّ‬
‫السعي من‬‫اعملوا فسي رى اللَّه عملكم ورسوله والمؤمنون ﴾ [التوبة‪ ،]51 :‬وكذلك فقد دعا العديد من األحاديث النبوية للعمل و َّ‬

‫‪1‬‬
‫مسلم يف الصحيح‪ ،‬كتاب‪ :‬اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬فضيلة األمري العادل وعقوبة اجلائر‪ ،‬برقم‪.)5811( :‬‬
‫أخرجه ٌ‬
‫‪ 2‬انظر للتفصيل‪" :‬احلضارة اإلسالمية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات املسلمني هلا وحملات من تأثريها يف سائر األمم" للدكتور عبد الرمحن حبنكة‪.‬‬
‫‪ 3‬انظر‪" :‬اإلسالم أثره يف احلضارة وفضله على اإلنسانية" للشيخ أب احلسن الندوي‪ ،‬ص‪.83 ،11 :‬‬
‫‪ 4‬أخرجه البخاري يف األدب املفرد‪ ،‬برقم (‪ ،)110‬وهو حديث حسن‪.‬‬
‫‪ 5‬انظر‪" :‬اإلسالم والغرب" للدكتور صفوت مصطفى خليلوفيتش‪ ،‬ص‪ .534 :‬و"تعريف احلضارة وأسسها يف اإلسالم" لألستاذ ياسر تاج الدين‪ ،‬موق "األلوكة"‪.‬‬
‫‪ 6‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب‪ :‬الذكر والدعاء‪ ،‬باب‪ :‬يف األدعية‪ ،‬برقم‪.)1111( :‬‬

‫‪888‬‬
‫)‪5th International Seminar on Islamiyyat Studies (IRSYAD 2019 || eISBN 978-967-2122-82-1‬‬
‫‪5th & 6th November 2019 || Tenera Hotel, Bangi, Selangor, Malaysia‬‬
‫‪Organized by Faculty of Islamic Civilisation Studeis. International Islamic University College,‬‬
‫‪Selangor, Malaysia‬‬

‫أجل طلب الرزق وعمارة األرض‪ ،‬فعمالً بتلك اآليات القرآنية الكرمية واألحاديث النبوية الشريفة قد اندف املسملون إلقامة‬
‫الشعوب احلضارية‪.1‬‬‫مية جعلتهم يف طليعة ُّ‬ ‫حضارٍة عال ٍ‬
‫سادساً‪ :‬األُ ُخ َّوةُ اإلنسانيَّةُ‪:‬‬
‫عرب‬
‫غرب‪ ،‬أو ٍّ‬‫قي أو ٍّ‬‫لقد قضى اإلسالم على الفروقات اجلنسيّة والتفريق العنصري‪ ،‬وأح َّل حملَّها األخ َّوة اإلنسانيّة‪ ،‬فال ف رق بني شر ٍّ‬
‫ب على‬‫أعجمي‪ ،‬فقال رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪« :‬يا أيُّها النَّاس! أال إ َّن ربَّكم واح ٌد‪ ،‬وإ َّن أباكم واح ٌد‪ ،‬أال ال فضل لعر ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫أو‬
‫ب‪ ،‬وال ألمحر على أسود‪ ،‬وال أسود على أمحر إالَّ بالتَّقوى«‪ ،2‬فجاءت رسالة اإلسالم عاملي ًة جلمي‬ ‫أعجم ٍّي‪ ،‬وال لعجم ٍّي على عر ٍّ‬
‫السالم‪.3‬‬ ‫الشعوب‪ ،‬ودعت إىل ٍ‬
‫عاَل تسود فيه العدالة‪ ،‬واحلريَّة‪ ،‬والطُّمأني نة‪ ،‬و َّ‬ ‫األمم و ُّ‬
‫والر ْح َمةُ‪:‬‬
‫السالَ ُم َّ‬
‫سابعاً‪َّ :‬‬
‫الرمحة جلمي البشر واإلنسانية؛ وقد بعث الرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم رمح ًة‬ ‫السالم و َّ‬
‫اإلسالم هو دين العالميَّة؛ لذا فهو دين َّ‬
‫للعالمني‪ ،‬فعن أب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قيل يا رسول اللَّه! ادع على المشركني‪ .‬قال‪« :‬إ ي َل أب عث ل َّعاناً‪ ،‬وإَّنا بعثت‬
‫الرمحة يف نفوس املسلمني‪.5‬‬‫وإن أحكام اإلسالم وشعائره تبعث َّ‬ ‫رمحةً»‪َّ ،4‬‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫تضمنها الدين‬
‫الركائز للحضارة اإلسالمية‪ ،‬وهي تثل املبادئ اإلصالحية اليت َّ‬
‫فهذه أه ُّم األسس و َّ‬

‫أسباب ازدهار الحضارة اإلسالمية‪:‬‬


‫ُ‬ ‫المطلب الثالث‪:‬‬
‫أسباب عديدةٌ‪ ،‬ومن أبرزها وأمهها كاآليت‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫والزدهار هذه احلضارة‬
‫ث على طلبه‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬دعوةُ اإلسالم إلى ِ‬
‫العلْم والْ َح ِّ‬
‫ث على طلب العلم ويدعو إليه‪ ،‬ويفخم شأنه وشأن من يطلبه‪ ،‬وكانت أوىل آيات القرآن الكرمي اليت نزلت على‬ ‫جاء اإلسالم حي ُّ‬
‫ث على طلبه حثّاً ال مزيد عليه‪ ،‬وهي‪( :‬اق رأ باسم ربك الَّذي خلق‪ ،‬خلق‬ ‫الرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم فهي ختت ُّ‬
‫ص بالعلم‪ ،‬وحت ُّ‬ ‫َّ‬
‫اإلنسان من عل ٍق‪ ،‬اق رأ وربُّك األكرم‪ ،‬الَّذي علَّم بالقلم ) [العلق‪ ،]4 ،5 :‬مث تتاب نزول القرآن‪ ،‬ووردت به آ ٌ‬
‫يات كثريةٌ تدعو إىل‬
‫الدرجات‪.‬‬ ‫العلم‪ ،‬وتكرم أهله‪ ،‬وترفعهم إىل أعلى َّ‬
‫ث فيها رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم على العلم وفضله‪ ،‬ومنها‬ ‫كما ورد يف األحاديث النبوية الكثري من النصوص اليت ح َّ‬
‫قوله‪« :‬طلب العلم فريضةٌ على كل مسل ٍم»‪ ،6‬وقوله‪« :‬من سلك طريقاً ي لتمس فيه علماً؛ س َّهل اهلل له طريقاً إىل اجلنَّة‪،7»...‬‬
‫وقوله‪« :‬إذا مات اإلنسان ان قط عنه عمله إالَّ من ثالث ٍة‪ :‬إالَّ من صدق ٍة جاري ٍة‪ ،‬أو عل ٍم ي نت ف به‪ ،‬أو ول ٍد صال ٍح يدعو له»‪،8‬‬

‫‪ 1‬انظر‪" :‬اإلسالم والغرب" للدكتور صفوت مصطفى خليلوفيتش‪ ،‬ص‪ .534 :‬و"تعريف احلضارة وأسسها يف اإلسالم" لألستاذ ياسر تاج الدين‪ ،‬موق "األلوكة"‪.‬‬
‫‪ 2‬أخرجه اإلمام أمحد يف مسنده (‪ )51/51‬برقم‪ ،)10085( :‬وهو حديث صحيح‪.‬‬
‫‪ 3‬انظر‪" :‬اإلسالم والغرب" للدكتور صفوت مصطفى خليلوفيتش‪ ،‬ص‪ .534 :‬و"تعريف احلضارة وأسسها يف اإلسالم" لألستاذ ياسر تاج الدين‪ ،‬موق "األلوكة"‪.‬‬
‫‪ 4‬أخرجه اإلمام مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب‪ :‬الرب والصلة‪ ،‬باب‪ :‬النهي عن لعن الدواب وغريها‪ ،‬برقم‪.)1111( :‬‬
‫‪ 5‬انظر‪" :‬اإلسالم والغرب" للدكتور صفوت مصطفى خليلوفيتش‪ ،‬ص‪ .534 :‬و"تعريف احلضارة وأسسها يف اإلسالم" لألستاذ ياسر تاج الدين‪ ،‬موق "األلوكة"‪.‬‬
‫السيوطي يف جزء مفرد بعنوان "جزء طلب العلم فريضة على كل‬
‫ُّ‬ ‫‪ 6‬أخرجه أبو يعلى املوصلي يف مسنده‪ ،)110/1( ،‬برقم‪ ،)1801( :‬وللحديث ٌ‬
‫طرق متكاثرةٌ مجعها احلافظ‬
‫مسلم"‪ ،‬وح َّسنه‪.‬‬
‫‪ 7‬أخرجه الرتمذي يف اجلام ‪ ،‬أبواب‪ :‬العلم‪ ،‬باب‪ :‬فضل العلم‪ ،‬برقم‪ ،)1545( :‬وقال‪" :‬هذا حديث حسن"‪.‬‬
‫‪ 8‬أخرجه مسلم يف الصحيح‪ ،‬كتاب‪ :‬الوصية‪ ،‬باب‪ :‬ما يلحق اإلنسان من الثواب بعد وفاته‪ ،‬برقم‪.)5505( :‬‬

‫‪889‬‬
‫)‪5th International Seminar on Islamiyyat Studies (IRSYAD 2019 || eISBN 978-967-2122-82-1‬‬
‫‪5th & 6th November 2019 || Tenera Hotel, Bangi, Selangor, Malaysia‬‬
‫‪Organized by Faculty of Islamic Civilisation Studeis. International Islamic University College,‬‬
‫‪Selangor, Malaysia‬‬

‫وغري ذلك من األحاديث اليت تبني فضل العلم وأمهيّته‪ ،‬وفضل العلماء ومكانتهم العالية‪ ،‬األمر الذي يد ُّل على حرص هذا الدين‬
‫فضل اهلل سبحانه أهله على غريهم‪.1‬‬ ‫على نشر العلم واحلث على طلبه‪ ،‬حيث َّ‬
‫ثانياً‪ :‬اهتمام الخلفاء ب ِ‬
‫العلْم والعلماء‪:‬‬ ‫ُ‬
‫وشجعوا‬ ‫ٍ‬
‫اهتمام سواء كانت هي دينيةً أم غريها‪َّ ،‬‬ ‫خاصةً بنشر العلوم أميَّا‬
‫عامةً والعبَّاسي ني ّ‬
‫لقد اهت َّم اخللفاء املسلمون من األموي ني َّ‬
‫الربط بني تعاليم الدين والعلم‪ ،‬مث كلَّفوا العلماء برتمجة علوم األمم السابقة إىل العربية‪،‬‬ ‫روح اإلبداع واالبتكار والبحث العلمي و َّ‬
‫فشج العلماء‪ ،‬ووفَّر‬
‫وكان املأمون عبد اهلل بن هارون الرشيد (ت‪158‬ه) من أعظم خلفاء بّن العبَّاس اهتماماً بالعلم واألدب‪َّ ،‬‬
‫املكتبات‪ ،‬وأنشأ املدارس اإلسالمية يف مجي البلدان اليت كانت حيكمها؛ ونتيج ًة لذلك قامت يف عهده هنضةٌ علميةٌ عظيمةٌ‪،‬‬
‫وأصبحت بغداد مقصد العلماء والطالب‪.‬‬
‫وشجعوا املسلمني على طلبه‪ ،‬األمر‬‫السنَّة النبوية واخللفاء املسلمني قد اهتموا بالعلم‪َّ ،‬‬ ‫أن القرآن الكرمي و ُّ‬ ‫وهكذا جند َّ‬
‫الذي ساعد على ازدهار احلضارة اإلسالمية‪ ،‬وظهور علماء أفذاذ يف خمتلف العلوم‪.2‬‬

‫نجزات الحضارة اإلسالمية‪:‬‬ ‫أبرُز ُم َ‬


‫المبحث الثالث‪َ :‬‬
‫ات ٍ‬
‫كثرية يف خمتلف جماالت العلم واملعرفة‪ ،‬أكتفي هنا بذكر بعض أبرزها باختصا ٍر‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫لقد قامت هذه احلضارة بإجناز ٍ‬
‫أوالً‪ :‬في مجال ال َفلَك‪:‬‬
‫السماويَّة‪.‬‬ ‫لقد عَّرف املسلمون العاَل بشكل األرض َّأهنا كرويَّةٌ‪ ،‬وكذلك َّ‬
‫عرفوا كيفية دوراهنا‪ ،‬إضاف ًة إىل معرفتهم حلركة األجرام َّ‬
‫ثانياً‪ :‬في مجال الطِّ ِّ‬
‫ب‪:‬‬
‫عالجات جديد ًة‪ ،‬كما ألَّفوا فيه العديد من الكتب‪ ،‬منها‪" :‬احلاوي يف‬‫ٍ‬ ‫إسهام ميَّ ٌز‪ ،‬فقد اكتشفوا فيه‬ ‫وللمسلمني يف هذا اجملال‬
‫ٌ‬
‫علي احلسني بن عبد اهلل (ت‪418‬ه)‪،‬‬ ‫الرازي (ت‪055‬ه)‪ ،‬و"القانون يف الطب" البن سينا أب ّ‬ ‫الطب" ألب بكر حممد بن حيىي َّ‬
‫درس يف جامعاته‬ ‫ٍ‬
‫اهتمام‪ ،‬وقام برتمجتها إىل اللغات الالَّتينيّة‪ ،‬وما زالت هذه الكتب ت َّ‬ ‫اهتم الغرب هبذه الكتب أميَّا‬
‫وغريمها‪ ،‬وقد ّ‬
‫يف املصادر القدمية للطب‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬في مجال ال َفلْ َس َفة‪:‬‬
‫ويف هذا اجملال قد تأثَّر الكثري من الباحثني الغربي ني بالفالسفة املسلمني‪ ،‬كما اعتمد الكثري من اجلامعات األوروبيّة على ما كتبه‬
‫اب (ت‪001‬ه)‪ ،‬وابن‬ ‫ي (ت‪115‬ه)‪ ،‬وأب نصر حممد بن حممد الفار ّ‬ ‫الفالسفة املسلمون من أمثال‪ :‬يعقوب بن إسحاق الكند ّ‬
‫حممد الغزايل الطُّوس ّي (ت‪131‬ه)‪ ،‬وابن باجه حممد بن‬‫سينا‪ ،‬وابن اهليثم أب علي احلسن بن احلسن (ت‪403‬ه)‪ ،‬وأب حامد َّ‬
‫حيىي التُّجيَب األندلس ّي (ت‪100‬ه)‪ ،‬وابن طفيل حممد بن عبد امللك األندلس ّي (ت‪185‬ه)‪ ،‬وابن رشد أبو الوليد حممد بن أمحد‬
‫األندلس ّي (ت‪111‬ه)‪ ،‬وغريهم من فالسفة املسلمني الذين نشأ على أيديهم علم الفلسفة‪ ،‬وقد نافس هؤالء الفلسفة اليونانية‬
‫بآرائهم ومؤلَّفاهتم وأحباثهم‪.‬‬
‫الرياضيات‪:‬‬
‫رابعاً‪ :‬في مجال ِّ‬

‫‪ 1‬انظر كتاب "إىل طالب العلم" للباحث ُّ‬


‫للتوس فيما ذكر يف فضل العلم والعاَل‪ ،‬ص‪.03 ،51 :‬‬
‫‪ 2‬انظر‪" :‬تاريخ العلم ودور العلماء العرب يف تقدُّمه" للدكتور عبد احلليم منتصر‪ ،‬ص‪ ، 01 ،01 :‬و"أثر احلضارة اإلسالمية يف الغرب" للدكتور إمساعيل أمحد باغي‪ ،‬ص‪،53 :‬‬
‫‪.50‬‬

‫‪890‬‬
‫)‪5th International Seminar on Islamiyyat Studies (IRSYAD 2019 || eISBN 978-967-2122-82-1‬‬
‫‪5th & 6th November 2019 || Tenera Hotel, Bangi, Selangor, Malaysia‬‬
‫‪Organized by Faculty of Islamic Civilisation Studeis. International Islamic University College,‬‬
‫‪Selangor, Malaysia‬‬

‫أحد‪ ،‬حيث تأثَّر هبم علماؤه كثرياً يف "علم اجلرب"‪،‬‬‫ويف هذا اجملال ما للمسلمني من تأث ٍري كب ٍري على الغرب فهو ال خيفى على ٍ‬
‫حممد بن موسى اخلوارزم ّي (ت ويف بعد ‪101‬ه)‪.‬‬ ‫ونقلوه إىل لغاته‪ ،‬ال سيَّما كتب وآراء َّ‬
‫خامساً‪ :‬في مجال ِ‬
‫الع َمارة‪:‬‬
‫نشأت العمارة وتط َّورت بفضل املسلمني يف مجي املناطق اليت فتحوها كشبه جزيرة العرب‪ ،‬ومصر‪ ،‬والعراق‪ ،‬وبالد الشَّام‪ ،‬واليمن‪،‬‬
‫واملغرب العرب‪ ،‬وتركيا‪ ،‬وإيران‪ ،‬وبالد ما وراء النَّهر‪ ،‬باإلضافة إىل املناطق اليت حكمها املسملون لمد ٍد ٍ‬
‫طويلة مثل اهلند واألندلس‪،‬‬
‫الزمن‪ ،‬وما زالت تشهد على ذلك اآلثار العمرانية يف مجي تلك البلدان‪.‬‬ ‫حيث أبدعوا يف تلك املناطق ناذج معماري ًة خالد ًة عرب َّ‬
‫وقد تأثَّر هبا الغرب تأثراً كبرياً يف تشييد البناءات‪ ،‬وتقنية القباب‪ ،‬كما تد ُّل على ذلك اآلثار املوجودة يف كث ٍري من بالده‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬في مجال اللغة‪:‬‬
‫لقد تأثَّرت لغات الغرب باللغة العربية تأثُّراً كبرياً‪ ،‬ال سيما اللغة اإلجنليزية واإلسبانية‪ ،‬فقد استعملت تلك اللغات الكثري من‬
‫الشهادة اجلامعية املعروفة‪ ،‬وهي يف األصل‬
‫الكلمات العربية‪ ،‬فعلى سبيل املثال ال احلصر‪ :‬كلمة "بكالوريوس" ‪َّ Baccalareus‬‬
‫"حبق الرواية"‪.‬‬
‫حمَّرفةٌ من اللغة العربية ّ‬
‫وكذلك من الكلمات العربية اليت دخلت اإلنكليزية‪ ،Algebra :‬وهذه الكلمة مأخوذة من كلمة "اجلرب" اليت تعّن‬
‫إعادة وصل األجزاء املكسورة‪.‬‬
‫ويف علم الكيمياء أضي فت العديد من الكلمات منها كلمتا ‪" Elixir‬إكسري"‪ ،‬و ‪" Talisman‬طلسم" مها يف‬
‫األصل كلمتان عربيتان استخدمتا يف علم الكيمياء القدمية‪.‬‬
‫كلمة عربيٍّة يف الطب والكيمياء والفلك والبيولوجيا واجلراحة قد دخلت اللغة اإلجنليزية‪.1‬‬ ‫وهنالك ما يزيد على ألف ٍ‬
‫وهذه بعض اجملاالت العلمية اليت تأثَّر فيها الغرب باملسلمني أميَّا تأثٍُّر‪ ،‬وَل تقم فيه النهضة العلمية إالَّ بعد انتقال هذه‬
‫العلوم إليه بعد ترمجتها ودراستها وهضم ما فيها‪ .‬فكان املسلمون هم األوائل يف اكتشاف تلك العلوم وتطويرها‪ ،‬مث خبست منهم‬
‫زوراً وب هتاناً‪ ،‬وتَّت نسبة هذه االكتشافات إىل الغرب!!!‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫وتوصلت‬
‫املهمة على تعريف احلضارة اإلسالمية من ركائزها وخصائصها وأهم أسباب ازدهارها وأبرز منجزاهتا‪ّ ،‬‬ ‫هذه بعض األضواء ّ‬
‫من خالهلا إىل عدَّة نتائج تنتج عن هذا البحث‪ ،‬وهي كاآليت‪:‬‬
‫أهم األسس اليت قامت‬ ‫السنَّة النبوية‪ ،‬وكذلك من َّ‬
‫احلقيقي لسائر مظاهر هذه احلضارة هو القرآن الكرمي و ُّ‬
‫َّ‬ ‫أن األساس‬‫‪َّ )5‬‬
‫عليها هذه احلضارة هي‪ :‬عقيدة التّوحيد‪ ،‬والعلم‪ ،‬والعدل‪ ،‬والعمل‪ ،‬واألخالق الفاضلة‪ ،‬واألخ َّوة اإلنسانية‪،‬‬
‫الرمحة‪.‬‬
‫السالم و َّ‬
‫والمساواة‪ ،‬و َّ‬
‫ازدهار ورقي‪ ،‬وال‬
‫ٌ‬ ‫‪ )1‬لوال اهتمام اإلسالم البالغ بالعلم‪ ،‬وحثُّه الشديد على طلبه ونشره؛ لما كانت هلذه احلضارة‬
‫للمسلمني ت ف ُّوق وريادةٌ على غريهم من الشعوب‪.‬‬
‫بالسماحة والعدل واألخ َّوة‪ ،‬واحرتمت مجي األديان األخرى‪ ،‬ونشرت بينها العلوم والفنون دون‬
‫‪ )0‬تيَّزت هذه احلضارة َّ‬
‫تعصب‪.‬‬
‫أي ُّ‬

‫‪ 1‬انظر املقال‪" :‬كلمات إجنليزية أصلها عرب" املنشور يف جريدة "الرأي" الكويتية‪ ،‬عدد‪1350 ،35 ،15 :‬م‪.‬‬

‫‪891‬‬
‫)‪5th International Seminar on Islamiyyat Studies (IRSYAD 2019 || eISBN 978-967-2122-82-1‬‬
‫‪5th & 6th November 2019 || Tenera Hotel, Bangi, Selangor, Malaysia‬‬
‫‪Organized by Faculty of Islamic Civilisation Studeis. International Islamic University College,‬‬
‫‪Selangor, Malaysia‬‬

‫‪ )4‬وقد سبق هذه احلضارة الكثري من احلضارات اإلنسانية‪ ،‬فاعتمدت على بعضها البعض‪ ،‬فكانت كل منها متممةً‬
‫لكن احلضارة‬‫احلضاري اإلنسا ي للعاَل بأكمله‪َّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫للحضارة اليت سبقتها‪ ،‬وساهم مجي هذه احلضارات يف البناء‬
‫اإلسالمية َل تكن مقلد ًة للحضارات السابقة تقليداً أعمى؛ بل هي أخذت من تلك احلضارات الصحيح الناف ‪،‬‬
‫َّار‪.‬‬
‫وتركت اخلاطئ الض َّ‬
‫حّت قيل فيها‪ :‬إنه ال توجد حضارةٌ يف الوجود قدَّمت‬‫‪ )1‬تيَّزت هذه احلضارة بإجنازاهتا العظيمة يف ش َّّت اجملاالت العلمية َّ‬
‫للبشريَّة مثل ما قدَّمته احلضارة اإلسالميّة‪.‬‬
‫بأن الغرب قد ن هل من هذه احلضارة يف كث ٍري من اجملاالت العلمية‬ ‫أن الكثري من املؤرخني الغربيني ي تّفقون ويعرتفون َّ‬ ‫‪َّ )5‬‬
‫ٍ‬
‫استفادة‪ ،‬بينما حياول بعضهم طمس هذه احلقائق‪ ،‬وينكروهنا إنكاراً صرحياً‪.‬‬ ‫والفنون األدبية‪ ،‬واستفاد منها أميَّا‬
‫هذه بعض أهم نتائج البحث‪ ،‬أسأل اهلل تبارك وتعاىل أن يكتب له النف ‪ ،‬وما ذلك عليه بعزيز‪.‬‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪ )5‬أثر الحضارة اإلسالمية في الغرب‪ :‬للدكتور إمساعيل أمحد ياغي‪ .‬مكتبة العبيكان ‪ -‬الرياض‪ .‬ط‪5458 .5‬ه‬
‫(‪5111‬م)‪.‬‬
‫‪ )1‬األدب المفرد‪ :‬لإلمام أب عبد اهلل حممد بن إمساعيل البخاري اجلعفي‪ .‬دار البشائر اإلسالمية ‪ -‬بريوت‪ .‬ط‪.0‬‬
‫‪5431‬ه (‪5181‬م)‪.‬‬
‫‪ )0‬اإلسالم أثره في الحضارة وفضله على اإلنسانية‪ :‬للشيخ أب احلسن علي احلسّن الندوي‪ .‬دار الصحوة ‪ -‬القاهرة‪.‬‬
‫ط‪5435 .5‬ه (‪5185‬م)‪.‬‬
‫‪ )4‬اإلسالم والغرب‪ :‬للدكتور صفوت مصطفى خليلوفتيش‪ .‬ترمجة‪ :‬الدكتورة هدير أب النجاء‪ .‬دار السالم ‪ -‬القاهرة‪.‬‬
‫ط‪1331 .5‬م‪.‬‬
‫‪ )1‬أقدم الحضارات في العالم بالترتيب‪ :‬لألستاذة أمساء أمحد حممد‪ ،‬موق "املوسوعة العربية الشاملة"‪.‬‬
‫‪ )5‬إلى طالب العلم‪ :‬سيد عبد املاجد الغوري‪ .‬دار ابن كثري ‪ -‬بريوت‪ .‬ط‪5445 .1‬ه (‪1313‬م)‪.‬‬
‫‪ )1‬تاريخ الحضارة اإلسالمية في العصور الوسطى‪ :‬للدكتور عبد املنعم ماجد‪ .‬مكتبة اإلجنلو املصرية ‪ -‬القاهرة‪ .‬ط‪.5‬‬
‫‪1353‬م‪.‬‬
‫العلم ودور العلماء العرب في تقدُّمه‪ :‬للدكتور عبد احلليم منتصر‪ .‬مؤسسة املعارف ‪ -‬القاهرة‪ .‬ط‪.5‬‬ ‫‪ )8‬تاريخ ِ‬
‫‪5111‬م‪.‬‬
‫‪ )1‬تعريف الحضارة وأسسها في اإلسالم‪ :‬لألستاذ ياسر تاج الدين حامد‪ ،‬موق "األلوكة"‪.‬‬
‫‪ )53‬الجامع الصحيح (صحيح البخاري)‪ :‬لإلمام البخاري أب عبد اهلل حممد بن إمساعيل اجلعفي‪ ،‬دار السالم –‬
‫الرياض‪ .‬ط‪5415 .1‬ه‪.‬‬
‫‪ )55‬الجامع الصحيح (صحيح مسلم)‪ :‬لإلمام مسلم أب احلسني مسلم بن احلجاج القشريي‪ ،‬دار السالم – الرياض‪.‬‬
‫ط‪5451 .5‬ه‪.‬‬

‫‪892‬‬
‫)‪5th International Seminar on Islamiyyat Studies (IRSYAD 2019 || eISBN 978-967-2122-82-1‬‬
‫‪5th & 6th November 2019 || Tenera Hotel, Bangi, Selangor, Malaysia‬‬
‫‪Organized by Faculty of Islamic Civilisation Studeis. International Islamic University College,‬‬
‫‪Selangor, Malaysia‬‬

‫‪ )51‬الحضارة اإلسالمية‪ :‬أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر األمم‪:‬‬
‫للدكتور عبد الرمحن حبنكة‪ .‬دار القلم ‪ -‬بريوت‪ .‬ط‪5118 .5‬م‪.‬‬
‫‪ )50‬الحضارة اإلسالمية حضارة إنسانية‪ :‬للدكتور صادق آئينهوند‪ ،‬املنشور يف جملة "آفاق احلضارة اإلسالمية"‪ ،‬العدد‬
‫الثا ي‪ ،‬تصدر عن "أكادميية العلوم اإلنسانية والدراسات الثقافية" يف هتران (إيران)‪.‬‬
‫‪ )54‬الحضارة العربية اإلسالمية‪ :‬دراسة في تاريخ النظم‪ :‬لألستاذ رحيم كاظم حممد اهلامشي‪ .‬الدار املصرية اللبنانية ‪-‬‬
‫القاهرة‪ .‬ط‪1331 .5‬م‪.‬‬
‫‪ )51‬خصائص الحضارة اإلسالمية وآفاق المستقبل‪ :‬للدكتور عبد العزيز بن عثمان التوجريي‪ .‬املنظمة اإلسالمية للرتبية‬
‫والعلوم والثقافة (اإليسسكو) الرباط (املغرب)‪ .‬ط‪1331 .5‬م‪.‬‬
‫‪ )55‬سنن الترمذي‪ :‬لإلمام أب عيسى حممد بن عسى بن سورة الرتمذي‪ .‬دار السالم ‪ -‬الرياض‪ .‬ط‪5413 .5‬ه‬
‫(‪5111‬م)‪.‬‬
‫‪ )51‬كلمات إنجليزية أصلها عربي‪ :‬مقال منشور يف جريد "الرأي" الكويتية‪ ،‬عدد‪ ،35 ،15:‬عام ‪1350‬م‪.‬‬
‫‪ )58‬ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟‪ :‬للشيخ أب احلسن علي احلسّن الندوي‪ .‬دار ابن كثري ‪ -‬بريوت‪ .‬ط‪.1‬‬
‫‪5411‬ه (‪5118‬م)‪.‬‬
‫‪ )51‬المسند‪ :‬لإلمام أمحد بن حنبل الشيبا ي‪ .‬دار احلديث ‪ -‬القاهرة‪ .‬ط‪5455 .5‬ه (‪5111‬م)‪.‬‬
‫‪ُ )13‬مسنَد أبي يعلى الموصلي‪ :‬لإلمام أب يعلى أمحد بن علي بن املثىن التميمي املوصلي‪ .‬حتقيق‪ :‬حسني سليم أسد‪.‬‬
‫دار املأمون للرتاث ‪ -‬دمشق‪ .‬ط‪5453 .1‬ه (‪5181‬م)‪.‬‬
‫‪ )15‬المعجم الوسيط‪ :‬جمم اللغة العربية ‪ -‬القاهرة‪ .‬ط‪5011 .1‬ه‪.‬‬
‫‪ )11‬منهج الحضارة اإلنسانية في القرآن‪ :‬للدكتور سعيد رمضان البوطي‪ .‬دار الفكر ‪ -‬دمشق‪ .‬ط‪5181 .5‬م‪.‬‬
‫*******‬

‫‪893‬‬

‫‪View publication stats‬‬

You might also like