Professional Documents
Culture Documents
تمهيد:
إن من الخص ائص األساس ية ال تي يتم يز به ا البحث العلمي إتب اع منهجي ة معين ة في
الحكم على مص داقية املعرف ة ونوعيته ا من خالل إتب اع خط وات عقلي ة منظم ة يتم من
خالله ا تفس ير العالق ات بين الظ واهر وربطه ا ببعض ها البعض بق وانين نظري ة تمكن
الب احث من التعميم والتق ييم والتفس ير والتوق ع ،وكله ا عملي ات تس تلزم التحكم في
استعمال منهجية معينة ،وفق مناهج تتالءم والظاهرة املدروسة.
-)1املنهجية العلمية:
ترتبط املعالم التأسيسية األولى للمنهجية باملعالم النظرية األولى للفلسفة باعتبار
أن للفلس فة الفض ل في االرتق اء ب الفكر اإلنس اني من مرحل ة التفك ير ال ذاتي إلى مرحل ة
التفكير الفلسفي ثم مرحلة التفكير العلمي ،وقد مرت نشأة املنهجية باملراحل التالية:
عمل الفالسفة قديما على محاولة التعرف على خبايا الظواهر الكونية التي تحكم
الوج ود واملجتم ع ،وك ان الفالس فة يبحث ون في إط ار قض ايا :الوج ود والخ ير ،والحب،
والشر ،واملنطق ،واملعرفة ،والجمال ،فكان أول ما يقوم به الفيلسوف هو تحديد نوع
البحث واملوض وع املبح وث في ه ليؤس س فيم ا بع د املنهج املناس ب ملوض وعه ،وه ذا م ا
يفسر تسمية املناهج آنذاك بأصحابها "منهج أفالطون" منهج سقراط ،منهج كانظ ،منهج
دورك ايم.....إلخ س عيا منهم ملعرف ة العوام ل الكامن ة وراء الظ واهر س واء ك انت ه ذه
الظ واهر أو العوام ل نفس ية أو طبيعي ة أو اجتماعي ة أو روحي ة ،ومحاول ة فهم العل ل
الخفية املاورائية في إطار السؤال الكبير ملاذا؟ قصد الوصول إلى الحقيقة املطلقة.
1
وق د تم يز الفالس فة باس تخدام املنهج العقلي الق ائم على الفلس فة التأملي ة وال تي
يطغى عليها طابع التأمل عن طابع التفكير املنطقي الذي ينطلق من عدد قليل من الفروض
الواسعة وفقا لقواعد الفكر السليم ،ال عن طريق االتجاه املباشر أي التجريب ثم بناء
املعرف ة ذل ك أنهم ك انوا يحتق رون ك ل م ا ه و ق ائم على التجرب ة أو مبادئه ا وه و م ا يم يز
"النظري ة الفلس فية" حيث ت زعم على أن ه من خالل االس تدالل العقلي الخ الص ودون
اللج وء إلى أي مق دمات تجريبي ة يمكنن ا الوص ول إلى معرف ة جوهري ة عن طبيع ة الع الم
وذل ك ن ابع عن إيم ان الفيلس وف آن ذاك أن املنهج الص حيح يعكس الواق ع بش كل مطل ق
وغير نسبي ،ولهذا السبب فشل الفيلسوف في معرفة حقائق الكون وظواهره ألنه درسها
في إطار ما يجب أن يكون ،بدل دراستها كما هي عليه في الواقع أي بعيدا عن عاملي الخبرة
والتجربة.
في ظ ل انع دام منهج ش امل وتن اقض املع ارف الفلس فية املج ردة م ع ع الم الواق ع
املحس وس وإخفاقه ا في اإلجاب ة عن كث ير من التس اؤالت الدقيق ة (في كث ير من األحي ان)
ح دث ص راع عمي ق بين الفالس فة أدى إلى نش وب ح رب فكري ة انقس م على إثره ا
الفالسفة على حد قول "أندروز كيلوز" وجماعته إلى معسكرين :معسكر النزعة التأملية
ومعسكر النزعة التجريبية حيث اتجه مؤيدي النزعة التجريبية إلى الطبيعة مباشرة أي
التج ريب في اإلجاب ة على تس اؤالتهم منتهجين أس لوب الش ك لع دم اقتن اعهم باملعرف ة
املطلقة الشاملة والثابتة مبررين ذلك بقصور العقل البشري عن إدراك الحقائق املطلقة
غير املجردة ،ومن ثم فإن هؤالء لم يقروا بفكرة وجود منهج خالي من األخطاء يبنى وفق
منطق القياس (املنهج االستنباطي) في الحكم على صحة النتائج بل عملوا على اختبار تلك
النت ائج باملالحظ ة والتج ريب وبه ذا املنحى انتق ل البحث من الع ام إلى الخ اص وذل ك
باس تعمال املنهج االس تقرائي كقاع دة للبحث ،مم ا أدى إلى تحوي ل مس ار البحث من
الس ؤال الع ام املج رد :ملاذا تح دث الظ واهر ؟ إلى الس ؤال املح دد ال دقيق :كي ف تح دث
2
الظواهر؟ إليمان الفالسفة الجدد بمبدأ املساءلة املباشرة للطبيعة لإلجابة عن تساؤالتهم
الدقيقة.
3
-)3مرحلة نقد النظريات العلمية االستقرائية:
اتسعت في هذه املرحلة دائرة الدراسات النقدية للنظريات العلمية املتوصل إليها
في العلوم االستقرائية ،وجه خاص مع استثناء أي نوع أخر من املعرفة إذا انصب هذا
النوع من الدراسات على دراسة ما بعد علم من العلوم وتنصب عليه متخذة إياه موضعا
للتس اؤل على مس توى أعلى ،عن مبادئ ه ،وأص وله وبنيان ه وش روط ص حته ،وبع د ق رنين
من الزمن شهد تطور وازدهار هذه العلوم والتخلي عن التصور القبلي مع تبني التصور
القائم على التحليل املنطقي للطرق التي تم استعمالها بالفعل.
وفي الق رن العش رين ،وبالض بط ابت داء من ( )1900اتس عت ه ذه الحرك ة النقدي ة
أك ثر في إط ار حرك ة ك برى س ميت آن ذاك بنق د العل وم ،وال تي اهتمت في ب دايتها ،بدراس ة
طبيع ة ق وانين ونظري ات الفيزي اء ،ك ان من بين رواده ا ش .بونك اري ( )H.poincarréفي
فرنسا "وماخ" ( )Mackفي أملاني وبيرس ( )G.S peirceفي البلدان الناطقة باإلنجليزية ،وفي
ظ ل أزم ة األس س ال تي أثاره ا العلم اء املختص ين في األس س النظري ة له ذا العلم النق دي
الجديد ألزم هذا الوضع الرياضيتين العودة من جديد إلى مجالهم لحل أسس هذه األزمة
نذكر منهم ج .فريخة ( )G. fregeب .راسل ()B.Russell
وباجتم اع الكف اءة العلمي ة م ع الكف اءة الفلس فية ب رزت إلى الوج ود تخصص ات
نقدي ة علمي ة إلى ج انب "االبس تمولوجيا" ()Epistémologieأو نظري ة العل وم أو فلس فة
العلوم ،وكذا امليتودولوجيا ( )Methodologieوالتي تدخل كلها في مجال نظرية املعرفة
بكل أنواعها ،والتي يجمعها كلها البحث في صحة النتائج العلمية ،للنظريات العلمية وذلك
عن طري ق دراس ة منهجه ا ومبادؤه ا وأسس ها ،وفرض ياتها وطرقه ا ونتائجه ا دراس ة
منطقية.
4
-)4مرحلة علم املناهج أو املنهجية<:
ونظ را للتغ يرات الس ابقة في نظري ة املعرف ة نش أ علم جديد ظه ر بأس ماء متع ددة:
علم املن اهج أو املنهجي ة أو امليتودولوجي ا ال تي تقابله ا باللغ ة الفرنس ية ()Méthodologie
وباإلنجليزية ( )Méthodologyذلك أن البحث العلمي عند العلماء الذين اختصوا بدراسة
ه ذا العلم ال ينتهي بمج رد الوص ول إلى نت ائج معين ة ب ل ه و عملي ة مس تمرة ومتواص لة
حيث أن ك ل دراس ة جدي دة تب دأ من حيث انتهت الدراس ة األولى ،أي أن نت ائج أي دراسة
تعتبر بداية دراسات أخرى مقبلة ،وبهذا تزداد القيمة العلمية ألي بحث كلما أمكن ربط
النت ائج ال تي توص ل إليه ا الب احث باملادة العلمي ة النظري ة والتطبيقي ة ح ول املوض وع
املبح وث في ه ،وهك ذا ب رزة الحاج ة إلى تأس يس نظ ري له ذه املن اهج التطبيقي ة ال تي تم
اكتشافها باملمارسة والتجريب اللذين كانا مهمشان فيما سبق .
ومن هنا برز بشكل كبير الدور الرئيسي الذي تحتله املنهجية في البحث وتطويره
وازده اره املس تمر ،مم ا أدى ب العلوم األخ رى إلى االهتم ام به ذا العلم الجدي د ومحاول ة
تكييف أسسه ومبادئه العامة وفق ماهية كل تخصص إليمان العلماء والباحثين بأهمية
املنهج واملنهجي ة في تط وير نت ائج األبح اث العلمي ة وتق دمها بش كل مس تمر ومتواص ل
ومتجدد.
5
كث يرا م ا يتم الخل ط بين املنهجي ة ومص طلحات قريب ة منه ا ك املنهج والطريق ة
والتتناول ،واألسلوب.....إلخ والتي تستلزم التوضيح لتحديد كل مصطلح.
ومن هن ا ف إن املنهجي ة تع ني العلم ال ذي ي درس كيفي ة بن اء املن اهج واختباره ا وتع ديلها
وإعادة بناؤها.
أما إصطالحا :فقد عرفها صالح مصطفى الفوال قائال " :يشير مصطلح املنهجية
س واء بالنس بة للعل وم الطبيعي ة أو االجتماعي ة إلى العملي ة...ويقص د بالعملي ة إتب اع
خط وات وش روط معين ة في س بيل تحقي ق غاي ات العلم ،وه ذه الخط وات والش روط هي
املنهجية.
في حين عرفها رابح تركي بأنها الطريقة التي يسلكها العلماء في بحوثهم ،أما خالد
حامد فقد عرفها بأنها :تعني الطريق الذي يجب أن يسلكه الباحث للوصول إلى الحقيقة
العلمية.
وبه ذا نج د أن ه ذين املفه ومين يرك زان على اعتب ار املنهجي ة هي الطريق ة وق د
اعتبره ا طلعت هم ام أيض ا (عمال مس تقال بذات ه أو هي ط رق وص ول العق ل إلى الحقيق ة
وهذه الطرق تسمى بعلم املناهج وبهذا فإن الطريقة هي جزء من املنهج وليست كل املنهج.
أما "روزنتال" و"بودين" فقد عرف املنهجية من خالل تعريفهما للمنهج قائلين" :إن
املنهج م ا ه و في الحقيق ة إال نظري ة في املعرف ة العلمي ة وه و يتض من مجموع ة الط رق
املتبع ة في علم معين" وق د اتبعهم في ذل ك عب د الرحم ان ب دوي "ف اعتبر املنهج واملنهجي ة
نفس الشيء محددا معنى املنهجية باملنهج ،والذي يعني بالنسبة إليه" :طائفة من القواعد
العامة التي توصلنا إلى الحقيقة في العلم ،وتعتبر هذه القواعد بمثابة إشارات وتوجيهات
كلية يهتدي بها الباحث أثناء قيامه بالبحث.
6
وفي األخير نستنتج أن املنهجية أو علم املناهج ال يمكن عده مجرد منهج أو طريقة
أو أداة أو أسلوب أو تناول فقط بل هو كل هذا ،فاملنهجية تشمل املنهج فهي أجزاء تكون
علما مستقال بذاته يسمى "املنهجية" فهي ليست مجرد مقياس أو وحدة فالطريقة "تعني
املس لك اإلج رائي الواض ح ،ال بين ال ذي يتبع ه الب احث للتحقي ق من ك ل مس ألة م ا في ك ل
خط وة من خط وات البحث ،التي تس تلزمها دراس ة اإلشكالية البحثي ة في إطاره ا املرجعي
النظري أو التطبيقي.
أما املنهج فهو" مجموع مختلف الطرق ،التي يستخدمها الباحث في مختلف
العمليات التي يشملها البحث نظريا أو تطبيقيا ،والتي تسمح للباحث بالتبين والتحقيق من
كل قضية فرعية تدخل ضمن فروع البحث العامة ،ولهذا فإن املنهج أعم من الطريقة إذ
يض م سلس لة منظم ة من العملي ات ال تي تس اعد الب احث على تحقي ق أهداف ه مس تغال في
ذلك شتى اإلجراءات واألساليب والتقنيات واملقاييس واإلحصائيات التي تسمح للباحث
ببلوغ أهدافه بدقة علمية ،وبتالي فالطريقة ما هي إال جزء من املنهج.
-)1املنهجية العامة:
وتهتم بدراسة القواعد املنهجية العامة التي يجب إتباعها في كل البحوث العلمية،
إذ ت دخل املنهجي ة العام ة في إط ار املنط ق املعي اري الع ام ال ذي تخض ع ل ه العل وم في ك ل
تخصصاتها املختلفة واملتنوعة.
ويخص هذا النوع من املنهجية بالبحث في الخطوات العامة العلمية املتبعة في أي
بحث علمي في ك ل التخصص ات العلمي ة ،إبت داء من اختي ار موض وع الدراس ة واملش كلة
واإلش كالية والفرض يات واملنهج وتحدي د املف اهيم.....إلى خاتم ة البحث تماش يا م ع نوعي ة
التخصص واإلشكالية البحثية التي يتبناها الباحث في دراسته.
7
-)2املنهجية الخاصة:
وتختص املنهجية الخاصة بدراسة املنهجية املتميزة التي تميز كل تخصص عن أخر
في جانبيها النظري والتطبيقي ،ذلك أنه ب الرغم من اشتراك كل التخصصات العلمية في
الخطوات العلمية العامة التي يخضع لها كل بحث علمي ،فإن طريقة البحث واإلجراءات
والتن اوالت....تختل ف من تخص ص ألخ ر ،وذل ك بس بب اختالف طبيع ة املواض يع ال تي
يختص بدراستها والبحث فيها كل تخصص ألخر من جانب الطرق والعمليات والتحليالت
والتفسيرات.
وبن اء على م ا س بق يجب أن نش ير إلى أن التم ايز بين املنهجي ة العام ة واملنهجي ة
الخاص ة ال يع ني الفص ل بينهم ا كلي ا فاملنهجي ة الخاص ة تن درج ض من التط ور الع ام
للمنهجية.
-)2املنهج العلمي:
-)1املنهج Methodوه و الطري ق أو األس لوب ال ذي ينتهج ه الب احث في معالج ة مش كلة
البحث بقصد الوصول إلى حلول لها.
8
-)2املنهج ه و الطريق ة ال تي يس ير عليه ا الب احث لدراس ة موض وع املش كلة ،وه و طريق ة
موض وعية منطقي ة يتبعه ا الب احث لدراس ة ظ اهرة من الظ واهر بغ رض اإلملام به ا
وتحديدها ومعرفة أسبابها بقصد الوصول إلى عالجها واستخالص نتائج يمكن تعميمها.
-)3املنهج هو الطريقة العلمية املنظمة التي يسلكها العقل ،أو برنامج العمل املستخدم في
دراس ة موض وع م ا أو إلج راء البح وث العلمي ة بقص د الوص ول إلى ح ل للمش كالت
البحثية.
-)4املنهج ه و الطريق ة ال تي يتبعه ا الب احث-مس تخدما بعض القواع د العام ة املرتبط ة
بتجميع البيانات وتحليلها-إلثبات صحة الفروض التي وضعها لإلجابة على التساؤالت التي
طرحها للكشف عن الحقائق والوصول إلى حل مشكلة البحث.
تع ددت من اهج البحث العلمي وتن وعت بش كل كب ير بس بب تع دد املنهج يين وتن وع
مدارس هم الفكري ة وأيض ا بس بب اختالف املع ارف واملج االت العلمي ة ،فلكل مج ال علمي
طبيعت ه في البحث واملنهج العلمي املناس ب ل ه ،ومهم ا اختلفت وتن وعت املن اهج العلمي ة
املستخدمة فإنها جميعا تتفق في الخطوات والوظائف األساسية إلعداد البحوث وهي:
9
-)1تصنيف ويتني :Whitenyويشتمل على املناهج األتية:
10
املنهج الوصفي.
املسح الوصفي.
املنهج التجريبي.
منهج دراسة الحالة والدراسات ا إكلينيكية.
11
12