You are on page 1of 46

‫الظاهرة العلمية في‬

‫فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫حياة مشاط‬
‫قسم الفلسفة‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة البويرة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬


‫حياة مشاط‬
‫‪.‬قسم الفلسفة‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة البويرة‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ :‬البريد االلكتروني ‪lenamechat@outlook.fr‬‬
‫الملخص‪:‬‬
‫تهدف هذه الدراسة الى تسليط الضوء على التحليل الذي قدمه ايمري‬
‫الكاتوس للظاهرة العلمية‪ ،‬وذلك لما أحدثته نظريته من تغيير في ركائز‬
‫فلسفة العلم‪ ،‬إذ تناول إشكالية نمو المعرفة العلمية من زاوية ابستيمولوجية‬
‫جديدة أدت إلى صورة جديدة للعلم وتاريخه‪ .‬فالكاتوس ينتمي إلى ذلك‬
‫االتجاه الذي يأخذ بالوعي التاريخي‪ K‬مأخذا جاداً‪ ،‬حيث ركز في تحليالته‬
‫على وضع العلم بين فلسفته وتاريخه‪ .‬كان مفهوم برامج البحث مفهوما‬
‫قاعديا في نظريته‪ ،‬حيث يرى ان اإلنجازات العلمية الكبرى ليست سوى‬
‫برامج بحث يمكن تقييمها بحسب درجات التقدم والتراجع‪ ،‬إذ تنتج عن‬
‫الثورات العلمية برامج بحث أكثر تقدما تحل محل برامج بالية استنفذت‬
‫محتوياتها‪ .‬والتقدم الذي يحرزه العلم ال يكون إالّ من خالل التنافس‬
‫المفتوح بين البرامج المختلفة‪  .‬كما يؤكد الكاتوس أن نمو العلم يخضع‬
‫لعقالنية بطيئة وهادئة وليس لعقالنية عاجلة مثلما نجدها عند بوبر‪ .‬إن‬
‫األداة المنهجيــة التي تم اعتمــادها تجمــع ما أمكـن بين أربعــة منــاهـج‪:‬‬
‫المنهـج التحليــلي في التعــامل مع نصــوص الكاتوس‪ .‬والمنهـج المقــارن‬
‫وذلك بمقــارنته بفالسفة آخرين‪ .‬والمنهـج التــاريخي بالعـودة الى تــاريخ‬
‫العـلـم واالستعــانــة بشــواهد علميــة لتبري ـر‪ K‬آرائه‪ .‬والمنهـج الـنقدي بوصـفـه‬
‫منهجاً يعصمنا من الوقوع في والمزالت واألحكام‪ K‬المسبقة‪ ،‬وهو يضطلع‬
‫ٍ‪K‬‬
‫بدور أساسي في اظهار مثالب ومناقب‪ K‬نظريته‪ .‬إن تنوع هذه المنــاهج‬
‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫فرضه طبيعــة الموضوع‪ ،‬وبال شك يوجد‪ K‬ارتباط بين هذه المناهج في أداء‬
‫المعنى‪ .‬وخلصت الدراسة الى نتائج مفادها ان الكاتوس قد أسس التجاه‬
‫جديد يعنى بمنطق للعلم ويحيط‪ K‬باآللية الفعلية إلنتاج المعارف العلمية‪،‬‬
‫وقدم‪ K‬تفسيرا لمختلف مكونات العلم‪ ،‬واقترب من طبيعة العلم أكثر من أي‬
‫ّ‬
‫والجدة‬
‫ّ‬ ‫فيلسوف علم آخر قبله‪ ،‬ووجدنا‪ K‬في مقاربته من األصالة واالبتكار‪K‬‬
‫ما لم نجده في مقاربات أخرى‪ ،‬كونها فتحت آفاقا منهجية واستبصارات‪K‬‬
‫جديدة في دراسة الظاهرة العلمية‪ .‬وكل ما نطمح إليه هو أن نثير اهتمام‬
‫الباحثين العرب الى هذه الموضوعات الجديدة‪ ،‬فبالرغم من أهميته الكبيرة‬
‫إالّ انه لم يعط حقه من الدراسة والبحث الذي يستحقه في حقل الثقافة‬
‫العربية‪.‬‬
‫الكلم""ات المفتاحي""ة‪ :‬ب ‪KK‬رامج البحث‪ ،‬تق ‪KK‬دم العلم‪ ،‬الث ‪KK‬ورات العلمي ‪KK‬ة‪ ،‬العقالني ‪KK‬ة‬
‫الهادئة‪ ،‬الوعي بالتاريخ العلم‪.‬‬

‫‪276‬‬
)‫م‬2020 ‫العدد الخامس والعشرون (يونيه‬

The scientific phenomenon in the philosophy of Emre


Lakatos
Hayat MECHAT
Department of Philosophy, Faculty of Social Sciences,
Bouira university,Algeria
Email:lenamechat@outlook.fr

Abstract:
This study aims to highlight on the analysis given by
Emre Lakatos to the scientific phenomenon, because his
theory changed the foundations of the science philosophy,
he treated the problematic of the growth of scientific
knowledge from a new epistemological angle leding to a
new image of science and its history. He belongs to this
tendency which takes historical awareness seriously, as he
focused his analyzes on placing science between his
philosophy and history. The concept of "research
programs" was a basic concept in his theory. He believes
that the major scientific achievements are only research
programs that can be evaluated according to the degrees
of progress and regression, as scientific revolutions result
in more advanced research programs that replace obsolete
programs that have exhausted their Contents.The progress
of science is only through open competition between
different programs Lakatos emphasizes that the growth of
science is subject to slow and quiet rationality and not to
urgent rationality as is the case with Popper. The
methodological tool that has been adopted combines as
many as possible four methods: The analytical method in
dealing with the lakatos texts.The comparative method by
comparing lakatos with other philosophers. And the
historical method, to return to the history of science and
use scientific examples in order to justify its views. The
275
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

critical method as a method protects us from falling into


prejudices, it plays an essential role in showing flaws
(Defects) and the merits(virtues )of his theory. The
diversity of these methods is imposed by the nature of the
topics.There is no doubt that there is a link between these
approaches in the performance of meaning This study
concluded that Lakatos has established a new trend that is
concerned with the logic of science surrounding the real
mechanism for producing scientific knowledge. He gave
an explanation of the various components of science. He
approached the nature of science more than any other
philosopher of science before him.We found in his
approach to originality, innovation and novelty what we
did not find in other approaches. It opened up new
methodological perspectives and insights into the study of
the scientific phenomenon. All we aspire to is to raise the
interest of Arab researchers to these new topics. Despite
his great importance, he did not take his share of the study
and research that he deserves in the field of Arab culture.

Key words : research programs ; progress of science;;


Scientific revolutions; Quiet rationality ; awareness of the
history of science

276
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫مقدمة‬
‫رغم أن نظرية إيمري الكاتوس(‪)1922-1974( )Imre Lakatos‬‬
‫شيده كارل بوبر‬
‫هي رؤية جديدة تنتمي الى االتجاه الالوضعاني الذي ّ‬
‫)‪ Karl Popper)(1902-1994‬وتوماس كون(‪( )1996-1922‬‬
‫‪ )Thomas Kuhn‬وبعض االبستيمولوجيين المعاصرين‪ .‬إال أن‬
‫الكاتوس سعى إلى معالجة اشكالية تقدم المعرفة العلمية من منظور‪ K‬آخر‪،‬‬
‫حيث بحث عن مواطن قصور نظرية توماس كون وتكذيبية كارل بوبر‬
‫فتجاوزهما‪ K‬ببلورة مشروع‪ K‬فلسفي جديد هو ""برامج األبحاث العلمية" الذي‬
‫شيده بعد ان استعار من كليهما عناصر أساسية كانت بمثابة االرهاصات‬‫ّ‬
‫األولى لنسقه النظري لكن دون أن يذوب تماما في فلسفتيهما‪ K‬ألنه ثار‬
‫عليهما في النهاية‪ ،‬حيث تكمن عبقريته في أنه استطاع بتحليالته العقالنية‬
‫المدعومة بنظرة تاريخية أن يوظف‪ K‬أفكارهما‪ K‬المتقابلة بصورة تتسق مع‬
‫اآلفاق‪ K‬التي يتطلع إليها الفكر العلمي المعاصر‪ .‬فزود‪ K‬االبستيمولوجيا‬
‫بميتودولوجية جديدة قدمت صورة مغايرة عن العلم وتاريخه‪ .‬انطالقا من‬
‫هذا التصور‪ K‬نتساءل عن االستبصارات الجديدة التي تحملها نظرية‬
‫الكاتوس لتفسير الظاهرة العلمية؟ أو كيف ينمو العلم ويتواتر في ظل‬
‫منهجية "برامج األبحاث العلمية" الالكاتوسية؟‬
‫‪-1‬الخلفية الفكرية للمشروع الفلسفي لالكاتوس‪:‬‬
‫قب ‪KK‬ل الخ ‪KK‬وض في نظري ‪KK‬ة فيلس ‪KK‬وف‪ K‬العلم المج ‪KK‬ري إيم""ري الك""اتوس‬
‫البد من المرور‪ K‬على األصول الفكرية والعلمية التي انحدر منها والمشارب‬
‫الفلس‪KK‬فية ال‪KK‬تي نه‪KK‬ل منه‪KK‬ا‪ .‬خصوص ‪K‬ا‪ K‬أن عص‪KK‬ره ق‪KK‬د ش‪KK‬هد فلس‪KK‬فات ع‪KK‬دة‪ ،‬لع‪KK‬ل‬
‫أبرزه ‪KK K K‬ا العقالني ‪KK K K‬ة النقدي ‪KK K K‬ة لكــــارل بـــــوـبر (‪ Karl Popper‬وفلسف ـــة‬
‫النم ـ ـــوذج لتوم""اس ك""ون اللت‪KK‬ان ك‪KK‬ان لهم‪KK‬ا ت‪KK‬أثيرا عميق‪KK‬ا على ابس‪KK‬تيمولوجيا‪K‬‬
‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫النص‪KK K‬ف الث‪KK K‬اني من الق‪KK K‬رن العش‪KK K‬رين‪ ،‬كونهم‪KK K‬ا يطرح‪KK K‬ان رؤي‪KK K‬تين متق‪KK K‬ابلتين‬
‫مث‪KK‬يرتين للج‪KK‬دل‪ .‬والمن‪KK‬اظرة الش‪KK‬هيرة ال‪KK‬تي ج‪KK‬رت وقائعه‪KK‬ا في كلي‪KK‬ة لن‪KK‬دن في‬
‫ع‪KK K K‬ام ‪ 1965‬ض‪KK K K‬من وق‪KK K K‬ائع الم‪KK K K‬ؤتمر‪ K‬الع‪KK K K‬المي ح‪KK K K‬ول فلس‪KK K K‬فة العلم ص‪KK K K‬ممها‬
‫الكاتوس خصيص‪KK‬ا لمواجه‪KK‬ة ه‪KK‬ذين المنظ‪KK‬رين الب‪KK‬ارزين‪ :‬توماس كون ال‪KK‬ذي‬
‫حظي كتابه" بني ‪KK‬ة الث ‪KK‬ورات العلمية" الص ‪KK‬ادر‪ 1962 K‬بالثن ‪KK‬اء والم ‪KK‬دح وت ‪KK‬رجم‪K‬‬
‫لما ت‪KK‬رجم كتاب‪KK‬ه‬
‫الى مختلف لغات العالم ضد فيلسوف العلم كارل بوبر الذي ّ‬
‫"منط‪KK‬ق الكش‪KK‬ف العلمي" إلى اإلنجليزي‪KK‬ة ع‪KK‬ام ‪ 1959‬أح‪KK‬دث ج‪KK‬دال س‪KK‬اخنا في‬
‫الوس ‪K K‬ط‪ K‬الفلس‪KK K‬في العلمي‪ .‬حظيت ه‪KK K‬ذه المن‪KK K‬اظرة بأهمي‪KK K‬ة ط‪KK K‬ال أجله‪KK K‬ا وبينت‬
‫م ‪KK K K K K‬دى اختالف نظرتيهم‪K K K K K K‬ا‪ K‬إلى المش ‪KK K K K K‬روع العلمي‪ .‬لخص الك ‪KK K K K K‬اتوس أهم‬
‫االنتق‪KK K K K‬ادات المتبادل‪KK K K K‬ة بين الط‪KK K K K‬رفين في كت‪KK K K K‬اب طبع‪KK K K K‬ه م‪KK K K K‬ع تلمي‪KK K K K‬ذه" أالن‬
‫ماسجريف" عنوانه نقد ونمو المعرفة‪.‬‬
‫ط ‪Kّ K‬ور الك""اتوس مش ‪KK‬روعه الفلس ‪KK‬في انطالق ‪K‬ا‪ K‬من نق ‪KK‬ده لنظ ‪KK‬رتي‪ K‬ك""ون‬
‫وبوبر‪ ،‬حيث ّبين مث‪KK‬الب ومن‪KK‬اقب‪ K‬ك‪KK‬ل نظري‪KK‬ة‪ .‬وك‪KK‬انت البداي‪KK‬ة ب‪KK‬رفض موق‪KK‬ف‬
‫ك""ون‪ ،‬ف‪KK‬رغم أن الك""اتوس ك‪KK‬ان ض‪KK‬د التك‪KK‬ذيب الب‪KK‬وبري إالّ أن‪KK‬ه يواف ‪K‬ق‪ K‬ب""وبر‬
‫على ض ‪KK‬رورة تأس ‪KK‬يس المعرف ‪KK‬ة العلمي ‪KK‬ة على مع ‪KK‬ايير عقالني ‪KK‬ة‪ ،‬االم ‪KK‬ر ال ‪KK‬ذي‬
‫تفتق‪KK‬ده مقارب‪KK‬ة كون بع‪KK‬دما جع‪KK‬ل مس‪KK‬ألة االختي‪KK‬ار‪ K‬بين النظريـات العلمي‪KK‬ة تق‪KK‬وم‬
‫على مجموع‪KK K K K‬ة من القيم الذاتي‪KK K K K‬ة المتمثل‪KK K K K‬ة‪ :‬الض‪KK K K K‬بط والدق ‪KK K K K‬ة‪ ،‬التماس ‪KK K K K‬ك‬
‫واالنس‪KK‬جام‪ ،‬البس‪KK‬اطة‪ ،‬الخص‪KK‬وبة‪ ،‬االتس‪KK‬اع«‪.1‬في حين ه‪KK‬ذه القيم في نظ‪KK‬ر‬
‫الك‪KKK‬اتوس ترتب‪KKK‬ط ب‪KKK‬األذواق الشخص‪KKK‬ية‪ .‬ألن األحك ‪KK‬ام المتعلق ‪KK‬ة بالبس‪KKK‬اطة‬
‫واالتس‪KK K‬اق المنطقي والدق‪KK K‬ة والض‪KK K‬بط ليس‪KK K‬ت قيم‪KK K‬ا عقلي‪KK K‬ة في ذاته‪KK K‬ا‪ ،‬فمب‪KK K‬دأ‬
‫البس‪KK K‬اطة مثال ليس معي‪KK K‬ارا موض‪KK K‬وعيا‪ K‬للحس‪KK K‬م في مس‪KK K‬ألة االختي‪KK K‬ار‪ ،‬ألن م‪KK K‬ا‬
‫يب ‪KK K‬دو له ‪KK K‬ذا الش ‪KK K‬خص بس ‪KK K‬يطا‪ K‬يب ‪KK K‬دو‪ K‬آلخ ‪KK K‬ر معق ‪KK K‬دا‪ .‬فك ‪KK K‬ون في منظ ‪KK K‬ور‪K‬‬
‫الك ‪KK‬اتوس أقحم اعتب ‪KK‬ارات ذاتي ‪KK‬ة وجمالي ‪KK‬ة في ق ‪KK‬رار‪ K‬المفاض ‪KK‬لة بين النظري ‪KK‬ات‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫العلمية‪ .‬و الذوق ليس معيارا‪ K‬عقالنيا يمكن ان نؤسس عليه تفوق نظرية على‬
‫اخ ‪KK‬رى‪ .‬أي أن ه ‪KK‬ذه الجمالي ‪KK‬ة الص ‪KK‬وفية ال يمكنه ‪KK‬ا أن تك ‪KK‬ون المح ‪KK‬ك الختي ‪KK‬ار‬
‫نظرية ما‪ ،‬ب‪K‬ل يحت‪K‬اج العلم‪K‬اء الى مع‪K‬ايير ثابت‪K‬ة وموض‪KK‬وعية يؤسس‪K‬ون عليه‪K‬ا‬
‫ق ‪KK‬راراتهم العلمي ‪KK‬ة‪ .‬لكن رؤي ‪KK‬ة ك""ون جعلت من النظري ‪KK‬ات العلمي ‪KK‬ة نظري ‪KK‬ات‬
‫خاض‪KKK‬عة ل‪KKK‬ذواتنا وأذواقن‪KKK‬ا الشخص‪KKK‬ية‪ .‬اعت ‪KK‬بر الك ‪KK‬اتوس ه ‪KK‬ذا الموق‪KKK‬ف نقط‪KKK‬ة‬
‫ضعف في نظري‪KK‬ة كون ألن‪KK‬ه ي‪KK‬ؤدي إلى انع‪KK‬دام الموض‪KK‬وعية ال‪KK‬تي هي أس‪KK‬اس‬
‫الرئيس‪KK‬ية‪ ،‬فم‪KK‬ادام االختي‪KK‬ار‪ K‬بين النظري‪KK‬ات العلمية عن‪KK‬ده ال‬
‫قي‪KK‬ام العلم وميزت‪KK‬ه ّ‬
‫ي‪KK K‬ركن إلى معي‪KK K‬ار عقالني وحجج منطقي‪KK K‬ة ف‪KK K‬إن وق‪KK K‬وع‪ K‬ك ""ون في فخ الذاتي‪KK K‬ة‬
‫يصبح أمرا ال مفر منه‪.‬‬
‫كم‪KK‬ا ان نظري ‪K‬ة كــون أض‪KK‬حت في أزم‪Kٍ K‬ة حقيقي ٍ‬
‫ــة في نظ‪KK‬ر الك‪KK‬اتوس‬
‫بع‪KK K K‬د اق‪KK K K‬راره للالقياسيـة ال‪KK K K‬تي تع‪KK K K‬ني انع‪KK K K‬دام وس‪KK K K‬يلة اتص‪KK K K‬ال بين النم‪KK K K‬اذج‬
‫اإلرشادية واستحالة المقارنة بينه‪KK‬ا‪ ،‬وانع‪KK‬دام الح‪KK‬وار بين األش‪KK‬خاص المنتمين‬
‫الى أط ‪KK K K‬ر فكري ‪KK K K‬ة مختلف ‪KK K K‬ة‪ ،‬سيقض ‪KK K K‬ي على إمكانيــة االتفـاق على معي ‪KK K K‬ار‬
‫موضوعي‪ K‬لتقييــم المعرفة‪ ،‬أي من المتعذر تقييــم النظري‪K‬ات أو الحكــم عليهـا‬
‫بمعاييــر‪ K‬عقالنيــة عامــة تك ‪KK‬ون موض ‪KK‬وع اجمـاع كـل العلم ‪KK‬اء‪ .‬وبالت ‪KK‬الي ال‬
‫يمكن الوق‪KK‬وف عن‪KK‬د مع‪KK‬ايير موض‪KK‬وعية كفيل‪KK‬ة بالكش‪KK‬ف عن الص‪KK‬ورة الحقيقي‪KK‬ة‬
‫للع ‪KK K‬الم وم ‪KK K‬ادام‪ K‬مصيـر العلـم مرهـون بالنمـوذج‪ ،‬ولكـل نمـوذج معيـاره‬
‫الخـاص‪ ،‬وعلي‪KK‬ه س‪KK‬يكون الح‪KK‬وار مج‪KK‬ديا في إط‪KK‬ار النم‪KK‬وذج ذات‪KK‬ه‪ ،‬ه‪KK‬ذا الن‪KK‬وع‬
‫من الح‪KK‬وار‪ K‬ه‪KK‬و ح‪KK‬وار داخلي يفهم‪KK‬ه أعض‪KK‬اؤه فق‪KK‬ط‪ ..‬أي أن أنص‪KK‬ار النم‪KK‬اذج‬
‫المتنافس ‪KK‬ة يعيش ‪KK‬ون في ع ‪KK‬والم غ ‪KK‬ير قابل ‪KK‬ة للقي ‪KK‬اس‪ ،‬وال قاس‪K K‬م‪ K‬مش ‪KK‬ترك‪ K‬بينهم‪.‬‬
‫وعلي ‪KKK‬ه ال يمكنهم أن يكون ‪KKK‬وا أطراف ‪KKK‬ا حقيق‪KK K‬يين في الح‪KK K‬وار‪ ،‬ألن ل ‪KKK‬ديهم لغ‪KK K‬ة‬
‫ومفاهيم مغايرة‪ ،‬ومعايير مختلفة لقياس الحقيقة‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫إن العيب الذي تعاني منه مقاربة كون حسب الكاتوس ه‪KK‬و اإلف‪KK‬راط‬
‫في ه ‪KK‬ذه الالقياس ‪KK‬ية‪ ،‬وخاص ‪KK‬ة انه ‪KK‬ا فك ‪KK‬رة غريب ‪KK‬ة عن الفك ‪KK‬ر اإلبس ‪KK‬تمولوجي‪K،‬‬
‫واألخ ‪KK‬ذ به ‪KK‬ا يفض‪KK‬ي حتم ‪KK‬ا إلى انع‪KK‬دام المع‪KK‬ايير العقالني‪KK‬ة ال ‪KK‬تي ت‪KK‬تيح المقارن‪KK‬ة‬
‫الموض‪KK K‬وعية بين النم‪KK K‬اذج والمفاض‪KK K‬لة بينه‪KK K‬ا‪ ،‬ألن ك‪KK K‬ل نم‪KK K‬وذج يمث‪KK K‬ل عالم‪KK K‬ا‬
‫خاص‪KK‬ا ال يجمع‪KK‬ه م‪KK‬ع النم‪KK‬اذج األخ‪KK‬رى مع‪KK‬ايير مش‪KK‬تركة‪ .‬فال يمكن للنم‪KK‬وذج‬
‫الجدي‪KK K‬د أن يقص‪KK K‬ي الق‪KK K‬ديم ألن ك ""ون ي‪KK K‬رفض فك‪KK K‬رة التن‪KK K‬اقض بين النظري‪KK K‬ات‪K‬‬
‫العلمي‪KK‬ة ال‪KK‬تي يق‪KK‬ول به‪KK‬ا ب""وبر‪ ،‬ب‪KK‬ل يعت‪KK‬بر ك‪KK‬ل النظري‪KK‬ات ص‪KK‬حيحة في إط‪KK‬ار‬
‫نس‪KK K‬قها‪ ،‬وعلي‪KK K‬ه ال يجب أن نحكم على النظري ‪KK‬ة القديم‪KK K‬ة من خالل إنج‪KKK‬ازات‬
‫النظري ‪KK‬ة الجدي ‪KK‬دة‪ ،‬ب ‪KK‬ل نحكم على خط ‪KK‬أ أو ص ‪KK‬واب النظري ‪KK‬ات ب ‪KK‬الرجوع إلى‬
‫نماذجه‪KK‬ا‪ ،‬وال معي‪KK‬ار خ‪KK‬ارج س‪KK‬لطة النم‪KK‬وذج‪ .‬فأقص‪K‬ى‪ K‬ب‪KK‬ذلك" ك‪KK‬ل إمكاني‪KK‬ة بن‪KK‬اء‬
‫عقالني لنمو العلم"‪.2‬‬
‫ينجم عن هذه الالقياسية في العلم نتيجة أساس‪K‬ية هي النس‪K‬بانية‪ .‬ع‪K‬ني‬
‫الكاتوس كثيرا بفكرة النسبانية المترتبة على اعتبار النماذج اإلرش‪K‬ادية غ‪K‬ير‬
‫متقايس‪KK‬ة‪ ،‬وعلي‪KK‬ه ال يمكن الحكم على النظري‪KK‬ة القديم‪KK‬ة بالقي‪KK‬اس إلى النظري‪KK‬ة‬
‫الجديدة‪ ،‬بل يجب النظر إليها في حدود‪ K‬نس‪KK‬قها وعص‪KK‬رها وظروفه‪K‬ا‪ K‬العلمي‪KK‬ة‪.‬‬
‫فتص‪KK‬بح ك‪KK‬ل نظري‪KK‬ة حس‪KK‬ب ه‪KK‬ذا المنظ‪KK‬ور ص‪KK‬حيحة في إط‪KK‬ار نموذجه‪KK‬ا‪ .‬وه‪KK‬ذا‬
‫الموق‪K‬ف‪ K‬ي‪KK‬ؤدي‪ K‬الى انع‪KK‬دام الحقيق‪KK‬ة الواح‪KK‬دة‪ ،‬وبالت‪KK‬الي‪ K‬نج‪KK‬د أنفس‪KK‬نا أم‪KK‬ام حق‪KK‬ائق‬
‫متع ‪KK‬ددة م ‪KK‬ادام لك ‪KK‬ل نم ‪KK‬وذج معي ‪KK‬اره لقب ‪KK‬اس الحقيق ‪KK‬ة‪ .‬إن فك ‪KK‬رة النس ‪KK‬بانية ال ‪KK‬تي‬
‫تحي ‪KK‬ل إلى بق ‪KK‬اء جمي ‪KK‬ع النظري ‪KK‬ات ص ‪KK‬حيحة‪ ،‬هي فك ‪KK‬رة ال تتالءم م ‪KK‬ع منط ‪KK‬ق‬
‫العلم في نظ‪KK K K‬ر الك" ""اتوس ألن النظري‪KK K K‬ات العلمي‪KK K K‬ة تخض‪KK K K‬ع لمب‪KK K K‬دأ التن‪KK K K‬افس‬
‫فالنظرية القوية تقص‪K‬ي الض‪K‬عيفة‪ .‬والنس‪K‬بانية بالنس‪K‬بة الي‪K‬ه تمث‪K‬ل ذروة التل‪K‬وث‬
‫الفكري كونها‪ K‬تؤدي الى استفحال الذاتية التي تتناقض مع الموضوعية ال‪KK‬تي‬
‫تمث‪KK‬ل روح العلم وماهيت‪KK‬ه‪.3‬وي"رى ان ك"ون خفض كث‪KK‬يرا من دور العقالني‪KK‬ة‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫عن‪KK K‬د تحليل‪KK K‬ه للظ‪KK K‬اهرة العلمي‪KK K‬ة‪ ،‬وه‪KK K‬ذه النقط‪KK K‬ة هي أك‪KK K‬بر فج‪KK K‬وة في نظريت‪KK K‬ه‪،‬‬
‫وإ قراره بالالقياسية أوقعه في مشكالت ال سبيل للخالص منها‪.‬‬
‫إذا ك ‪KK‬ان ب""وبر عقالني ‪KK‬ا ال اس ‪KK‬تقرائيا ف ‪KK‬إن ك""ون حس ‪KK‬ب الك""اتوس "‬
‫العقالني وال اس‪KK K K‬تقرائي‪ ،‬ففي نظ‪KK K K‬ره ال يوج‪KK K K‬د منط‪KK K K‬ق للكش‪KK K K‬ف ب‪KK K K‬ل يوج‪KK K K‬د‬
‫س‪KK‬يكولوجيا‪ K‬االكش‪KK‬ف" ‪ .4‬وإ ذا ك‪KK‬ان ب""وبر يعت‪KK‬بر أن التح‪KK‬ول العلمي تحدث‪KK‬ه‬
‫كون ي‪KK‬رى أن الث‪KK‬ورة‬
‫عوامل عقالنية وبالتالي هو ينتمي إلى منطق الكشف‪ ،‬ف‪KK‬إن‬
‫العلم هي وثب‪KK‬ة ال عقلي‪KK‬ة من نم‪KK‬وذج إلى آخ ‪KK‬ر وهي تح ‪KK‬ول جش‪KK‬طالتي‪ K‬ال يمكن‬
‫تبريره منطقيا‪ ،‬وكأنها‪ K‬نوع من التحول الصوفي‪ K‬ال يخضع لقوانين العقل‪.‬‬
‫واألم‪K‬ر‪ K‬الب‪K‬ارز ه‪K‬و حض‪K‬ور فك‪K‬رة "التح‪K‬ول ال‪K‬ديني" في تحلي‪K‬ل توم‪K‬اس ك‪K‬ون‬
‫لمفه‪KK K‬وم الث‪KK K‬ورة العلمي‪KK K‬ة‪ .‬إذ اعت‪KK K‬بر التح‪KK K‬ول الث‪KK K‬وري‪ K‬في العلم فع‪KK K‬ل مماث‪KK K‬ل‬
‫للتح‪KKK‬ول ال‪KKK‬ديني‪ ،‬فالنظري‪KKK‬ة الجدي‪KKK‬دة في منظ ‪KK‬وره تعتن ‪KK‬ق كعقي ‪KK‬دة جدي‪KKK‬دة‪.‬‬
‫ويؤك ‪KK‬د ذل ‪KK‬ك باس ‪KK‬تعماله كلم ‪KK‬ة "اعتن ‪KK‬اق" واعتق ‪KK‬اد لوص‪K K‬ف‪ K‬تح ‪KK‬ول العلم ‪KK‬اء الى‬
‫النظرية الجديدة‪ ،‬وهو بذلك س‪KK‬يحول الب‪KK‬احث العلمي إلى معتق‪KK‬د‪ ،‬أو إلى إنس‪KK‬ان‬
‫وث‪KK‬وقي‪ ،‬ال يمل‪KK‬ك على اإلطالق روح النق‪KK‬د‪ ،‬يغ‪KK‬ير والءه من نظري‪KK‬ة إلى أخ‪KK‬رى‬
‫ألسباب ذاتي‪KK‬ة وعلي‪KK‬ه فه‪KK‬و ينتمي إلى مج‪KK‬ال س‪K‬يكولوجيا الكش‪K‬ف‪ ،‬أي أن الث‪K‬ورات‬
‫العلمي‪K‬ة في نظ‪K‬ره هي" أم‪K‬ر العقالني ويع‪K‬ود‪ K‬إلى ش‪K‬يء س‪K‬يكولوجي" ‪.5‬ي‪K‬رفض‬
‫الك‪KK‬اتوس اخ‪KK‬تزال الث‪KK‬ورات العلمي‪KK‬ة في بعض التح‪KK‬والت النفس‪KK‬ية ال‪KK‬تي تط‪KK‬رأ‬
‫على المجتمع العلمي من حين آلخر‪.‬‬
‫يرى الكاتوس أن حسب نظرية كون " يجب أوال أن نخترع األزمة‬
‫في وس‪K‬ط النخب‪K‬ة العلمي‪K‬ة"‪ 6‬لتح‪K‬دث الث‪K‬ورة‪ ،‬أي أن األزم‪K‬ة يجب أن تس‪K‬بق الث‪K‬ورة‬
‫العلمي‪KK‬ة كم‪KK‬ا نج‪KK‬د عن‪KK‬د التك‪KK‬ذيبين أن ال‪KK‬دحض يجب أن يس‪KK‬بق التخمين الجدي‪KK‬د‪.‬‬
‫وهذا ما يعارض‪KK‬ه الكاتوس ال‪KK‬ذي ي‪KK‬رى أن النظري‪KK‬ة القوي‪KK‬ة ال تحت‪KK‬اج إلى أن‬
‫تس‪KK K‬بقها أزم‪KK K‬ة أو تحطم النظري‪KK K‬ة المنافس‪KK K‬ة لتف‪KK K‬رض نفس‪KK K‬ها على الس‪KK K‬احة‬
‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫قدم‪KK‬ه كون لألزم‪KK‬ات ال‪KK‬تي تثيره‪KK‬ا الح‪KK‬االت‬


‫العلمي‪KK‬ة‪ .‬وفي‪ K‬نظ‪KK‬ره الوص‪KK‬ف ال‪KK‬ذي ّ‬
‫الشاذة التي ال تتفق مع النم‪K‬وذج الق‪K‬ائم وال‪K‬تي غالب‪K‬ا م‪K‬ا ينبث‪K‬ق عنه‪K‬ا اكتش‪K‬افات‬
‫جدي‪KKK‬دة ك‪KKK‬ان وص‪KKK‬فا نفس‪KKK‬يا ك‪KKK‬أن »عن‪KKK‬د ك""ون ال يوج ‪KK‬د س ‪KK‬بب عقالني لظه‪KKK‬ور‬
‫األزم‪KK K‬ة‪ ،‬فهي مفهـوم س‪KK K‬يكولوجي"‪ 7K‬يق‪KK K‬ترن ب‪KK K‬القلق والت‪KK K‬وتر‪ K‬ال‪KK K‬ذي يعيش‪KK K‬ه‬
‫الب ‪KK‬احثون عن ‪KK‬د احت ‪KK‬دام المش ‪KK‬كلة‪ .‬فاألزم ‪KK‬ة في نظ ‪KK‬ره ال ت ‪KK‬ؤدي فق ‪KK‬ط إلى‬
‫تغي ‪KK‬ير النظري ‪KK‬ات والقواع ‪KK‬د الس ‪KK‬ابقة‪ ،‬ب ‪KK‬ل ح ‪KK‬تى س ‪KK‬لوك العلم ‪KK‬اء وتص ‪KK‬رفاتهم‬
‫تتغير حيال الوضع العلمي الجديد‪.‬‬
‫كم‪KK K‬ا انص‪KK K‬ب اهتم‪KK K‬ام ك ""ون حس‪KK K‬ب الك ""اتوس على المجتم‪KK K‬ع العلمي‪،‬‬
‫ورك ‪KK‬ز كث‪KK‬يرا على القيم والمع‪KK‬ايير‪ K‬ال ‪KK‬تي ت‪KK‬ؤطر‪ K‬الممارس ‪KK‬ة العلمي‪KK‬ة في ح‪KK‬دود‪K‬‬
‫ه‪KK‬ذا المجتم‪KK‬ع‪ ،‬ويك‪KK‬ون ب‪KK‬ذلك قد " نق‪KK‬ل دراس‪KK‬ة ال‪KK‬روح العلمي‪KK‬ة من رج‪KK‬ل العلم‬
‫إلى الجماع‪KK K‬ة العلمي‪KK K‬ة"‪ ،8‬ويق‪KK K‬ول بوج‪KK K‬وب إخض‪KK K‬اع عبقري‪KK K‬ة العلم‪KK K‬اء لحكم‪KK K‬ة‬
‫الجماع‪KK‬ة العلمي‪KK‬ة‪ ،‬وه‪KK‬ذا يمث‪KK‬ل انتق‪KK‬ال من علم النفس إلى علم النفس االجتم‪KK‬اعي‪،‬‬
‫كم‪KK K‬ا‬ ‫فه‪KK K‬و يع‪KK K‬الج إش‪KK K‬كالية تق‪KK K‬دم العلم في إط‪KK K‬ار سوسيوس‪KK K‬يكولوجي‪.‬‬
‫عارض الكاتوس بشدة فكرة هيمنة المجتمع العلمي على الممارسة العلمية‬
‫جراء االلتزام المطلق بالنموذج‪ ،‬ألن ذلك يؤدي‪ K‬الى شلل االبداع وتقيي‪KK‬د‬ ‫من ّ‬
‫حري‪KK‬ة الفك‪KK‬ر‪ .‬أم‪KK‬ا فيم‪KK‬ا يخص العلم الع‪KK‬ادي ف‪KK‬يرى أن الوثوقي‪KK‬ة ال‪KK‬تي يتم‪KK‬يز‪K‬‬
‫به‪KK K‬ا ال تعيق‪KK K‬ه عن النم‪KK K‬و‪" ،‬لكن يجب االع‪KK K‬تراف بوج‪KK K‬ود‪ K‬علم ع‪KK K‬ادي متق‪KK K‬دم‬
‫وآخر متدهور" ‪ 9‬ويجب التخلص من هذا األخير بموجب توفر‪ K‬ظروف‪ K‬مناسبة‪.‬‬
‫اعتم‪KK‬د ك""ون كث‪KK‬يرا على الس‪KK‬يكولوجيا في تفس‪KK‬ير نم‪KK‬و العلم وه‪KK‬ذا م‪KK‬ا‬
‫يرفض‪KK‬ه الكاتوس ال‪KK‬ذي يؤك‪KK‬د "أن بن‪KK‬اء العلم يك‪KK‬ون بطريق‪KK‬ة عقالني‪KK‬ة ويتم في‬
‫الع‪KK‬الم الث‪K‬الث"‪ 10‬بلغ‪KK‬ة ب"وبر‪ ،‬وه‪K‬و ع‪K‬الم المعرف‪K‬ة الموض‪KK‬وعية ال‪KK‬ذي تك‪K‬ون‬
‫في ‪KK‬ه المعرف ‪KK‬ة مس ‪KK‬تقلة عن ال ‪KK‬ذات العارف ‪KK‬ة‪ .‬له ‪KK‬ذا ك ‪KK‬انت نظري ‪KK‬ة ب""وبر وص ‪KK‬فا‬
‫للتط‪KK K‬ور‪ K‬الموض‪KK K‬وعي‪ K‬للمعرف‪KK K‬ة العلمي‪KK K‬ة‪ ،‬في حين تحليالت ك ""ون للظ‪KK K‬اهرة‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫العلمي‪KK‬ة ك‪KK‬انت في إط‪KK‬ار عالق‪KK‬ة ال‪KK‬ذات العارف‪KK‬ة بموض‪KK‬وع المعرف‪KK‬ة‪ ،‬فابتع‪KK‬د‬


‫عن الموض‪KK K‬وعية الض‪KK K‬رورية لقي‪KK K‬ام العلم‪ .‬تج‪KK K‬در االش‪KK K‬ارة الى أن الك‪KK K‬اتوس‬
‫س‪KK‬اند النزع‪KK‬ة الموض‪KK‬وعية كم‪KK‬ا هي عن‪KK‬د ب‪KK‬وبر‪ ،‬ويعت‪KK‬بر‪ K‬منهجيت‪KK‬ه في "ب‪KK‬رامج‬
‫األبحاث العلمية" تنتمي هذه النزعة الموضوعية‪ ،‬وان كانت تقود الى نس‪KK‬خة‬
‫أكثر اعتداال لقابلي‪KK‬ة ال‪KK‬دحض البوبري‪KK‬ة‪ .‬فه‪KK‬و يع‪KK‬ارض موق‪K‬ف‪ K‬بوبر المتط‪KK‬رف‬
‫ال ‪KK‬ذي ي ‪KK‬رفض النظري ‪KK‬ات دون س ‪KK‬ابق ان ‪KK‬ذار عن ‪KK‬د اول تف ‪KK‬اوت م ‪KK‬ع المالحظ ‪KK‬ة‬
‫التجريبية فيقص‪KK K K‬يها‪ K‬من أول ش‪KK K K‬اهد من‪KK K K‬اقض‪ ،‬ألن ت‪KK K K‬اريخ العلم يش‪KK K K‬ير ب‪KK K K‬أن‬
‫التجربة في الغالب األعم تقضي بتأييد الفرض أكثر من تكذيبه‪ ،‬وهنا يزكي‬
‫موق ‪KK‬ف "ك""ون"‪ ،‬لكن ‪KK‬ه يع ‪KK‬ترف بأن ‪KK‬ه م ‪KK‬دين لب ‪KK‬وبر ب ‪KK‬الكثير‪ ،‬إذ اس ‪KK‬تلهم من ‪KK‬ه أن‬
‫فلسفة العلم هي نظرية المنهج أو "ميتودولوجيا‪ K‬وال‪KK‬تي أكس‪KK‬بها الكاتوس فيم‪KK‬ا‬
‫بعد فعالية وحركية تاريخية في مشروعه "برامج األبحاث العلمية"‪.‬‬
‫تطور‪ K‬العلم بنظارات بوبرية"‪،11‬‬ ‫يقول الكاتوس ‪" :‬أنظر إلى‬
‫ويؤك ‪K‬د‪ K‬أن وص‪KK‬فه للعقالني‪KK‬ة العلمي‪KK‬ة يق‪KK‬وم أساس‪KK‬ا على عقالني‪KK‬ةب"وبر وإ ن ك‪KK‬ان‬
‫يخالفه في بعض األفكار‪ ،‬إذ يوافق‪ K‬كون في بعض االنتقادات التي وجهها‬
‫لبوبر‪ K‬كرفضه للنق‪K‬د الح‪K‬اد والتج‪K‬ارب الحاس‪K‬مة ال‪K‬تي تس‪K‬عى إلى ه‪K‬دم العلم‪.‬‬
‫فالنقد في نظره ال يعني إبعاد النظرية من مجال العلم واقصائها‪ K‬تماما‪،‬‬
‫فالتكذيبية البوبرية على ما فيها من مزايا تبقى نزع‪KK‬ة متطرف‪KK‬ة وال يمكنه‪KK‬ا‬
‫اإلحاطة باآللية الحقيقي‪K‬ة لتق‪KK‬دم العلم‪ ،‬ألن ت‪KK‬اريخ العلم ينط‪K‬وي‪ K‬على أمثل‪KK‬ة‬
‫كث‪KK‬يرة ت‪KK‬بين أن معظم النظري‪KK‬ات العلمي‪KK‬ة ق‪KK‬د اس‪KK‬تمرت في البق‪KK‬اء رغم ظه‪KK‬ور‬
‫ح ‪KK‬االت تناقض ‪KK‬ها‪ K،‬أي أن معي ‪KK‬ار القابلي ‪KK‬ة للتك ‪KK‬ذيب عن ‪KK‬د ب ‪KK‬وبر يتجاه ‪KK‬ل المتان ‪KK‬ة‬
‫والص‪KK‬البة الش‪KK‬ديدة ال‪KK‬تي تم‪KK‬يز النظري‪KK‬ات العلمي‪KK‬ة‪ .‬إن وج‪KK‬ود‪ K‬الح‪KK‬االت الس‪KK‬البة‬
‫حس‪KK‬بالك"اتوس أم‪KK‬ر ط‪KK‬بيعي [‪]...‬فال يمكن لنظري‪KK‬ة أي‪KK‬ا ك‪KK‬انت أن تع‪KK‬الج ك‪KK‬ل‬
‫ح ‪KK‬االت الش‪KK‬ذوذ ال‪KK‬تي تواجهه ‪KK‬ا‪ ،‬فهي أم‪KK‬ور ينبغي غض الط‪KK‬رف عنه‪KK‬ا أحيان‪KK‬ا‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫مادامت ال تش‪K‬كل خط‪KK‬را حقيقي‪KK‬ا على النظري‪K‬ة القائم‪KK‬ة‪ .‬من غ‪K‬ير المعق‪K‬ول الحكم‬
‫على نظرية بالموت لمجرد بزوغ‪ K‬حال‪K‬ة س‪K‬البة تناقض‪KK‬ها‪ .‬فل‪KK‬و اتبعن‪KK‬ا المنهجي‪K‬ة‬
‫البوبرية لتوقف العلم ألن مختلف النظري‪KK‬ات العلمي‪KK‬ة س‪KK‬تفند ال محال‪KK‬ة‪ .‬أي أن‬
‫الكاتوس ي‪KK‬رفض فك‪K‬رة إلغ‪KK‬اء نظري‪KK‬ة علمي‪K‬ة لمج‪KK‬رد ظه‪KK‬ور ح‪K‬االت تناقض‪KK‬ها‪،‬‬
‫وي‪KK‬رى أن النق‪KK‬د ال يجب أن يلغي النظري‪KK‬ات‪ K‬العلمي‪KK‬ة بتل‪KK‬ك الطريق‪KK‬ة المتطرف‪KK‬ة‬
‫التي يصفها بوبر‪.‬‬
‫كان كون محقا حسب الكاتوس في بعض االعتراض‪KK‬ات ال‪KK‬تي ق‪Kّ K‬دمها‬
‫لبوبر‪ ،‬وخاص‪KK‬ة في ورفض‪KK‬ه لش‪KK‬عار "الث‪KK‬ورة الدائم‪KK‬ة" وإ ص‪KK‬راره على وج‪KK‬ود‬
‫مراح‪KK‬ل اس‪KK‬تقرار وثب‪KK‬ات يم‪KK‬ر به‪KK‬ا العلم ليحق‪KK‬ق نض‪KK‬جه وتأكي‪KK‬ده على ص‪KK‬البة‬
‫بعض النظري ‪KKK‬ات العلمي ‪KKK‬ة‪ ،‬لكن‪KK K‬ه ك‪KK K‬ان مخطئ‪KK K‬ا حين تص‪KK K‬ور أن‪KK K‬ه يمكن ه ‪KKK‬دم‬
‫التكذيبي‪KK‬ة البوبري‪KK‬ة من أساس‪KK‬ها‪ ،‬ألن‪KK‬ه ب‪KK‬ذلك يقص‪KK‬ي ك‪KK‬ل احتم‪KK‬ال بن‪KK‬اء عقالني‬
‫للعلم وتاريخه‪.‬‬
‫يرى الكاتوس إذا ك‪KK‬ان ت‪KK‬اريخ العلم ال يؤي‪KK‬د التص‪KK‬ور العقالني للعلم‬
‫فإنن‪KK‬ا س‪KK‬نكون بين خي‪KK‬ارين‪ ،‬إم‪KK‬ا أن نقل‪KK‬ع عن تق‪KK‬ديم تفس‪KK‬يرات عقالني‪KK‬ة للتط‪KK‬ور‪K‬‬
‫ال‪KK‬ذي يحقق‪KK‬ه العلم وبالت‪KK‬الي نتن‪KK‬ازل عن منط‪KK‬ق الكش‪KK‬ف والتحلي‪KK‬ل الموض‪KK‬وعي‪K‬‬
‫لبني ‪KK K‬ة العلم‪ ،‬ونلج ‪KK K‬أ إلى " تفس ‪KK K‬ير تح ‪KK K‬والت النم ‪KK K‬اذج ب ‪KK K‬العودة إلى علم النفس‬
‫‪12‬‬
‫االجتم‪KK K‬اعي مثلم‪KK K‬ا فع‪KK K‬ل ك ""ون‪ ،‬أو نلج‪KK K‬أ إلى تع‪KK K‬ديل التكذيبي‪KK K‬ة البوبري‪KK K‬ة"‬
‫بتع‪KK‬ويض تأويالته‪KK‬ا الس‪KK‬اذجة بتكذيبي‪KK‬ة منهجي‪KK‬ة تق‪KK‬دم فهم‪KK‬ا أفض‪KK‬ل لبني‪KK‬ة‬
‫العلم‪ ،‬ألن مبدأ التك‪KK‬ذيب في ص‪K‬ورته الح‪K‬ادة ال يس‪KK‬اعد على تفس‪KK‬ير حرك‪K‬ة‬
‫العلم في تط‪KK‬وره‪ .‬ل‪KK‬ذا ن‪KK‬ادى الك‪KK‬اتوس بالتك‪KK‬ذيب المنهجي ال‪KK‬ذي نلج‪KK‬أ إلي‪KK‬ه‬
‫عند الض‪K‬رورة‪ ،‬فيك‪K‬ون ذل‪KK‬ك س‪K‬ببا قوي‪K‬ا لبق‪K‬اء التكذيبي‪K‬ة تفس‪K‬ر نم‪K‬و العلم‬
‫وتقدمه‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫عمل الك" ""اتوس على التوفي ‪K K K‬ق‪ K‬بين البع‪KK K K‬د الت‪KK K K‬اريخي لك" ""ون والبع‪KK K K‬د‬
‫المنطقي المعي‪KKK‬اري لب""وبر‪ ،‬فرب ‪KK‬ط‪ K‬س ‪KK‬ياق الكش ‪KK‬ف بت ‪KK‬اريخ العل ‪KK‬وم‪ .‬واس‪KKK‬تعان‬
‫بنظري‪KK K‬ة ك ""ون بع‪KK K‬د إزال‪KK K‬ة النق‪KK K‬ائص ال‪KK K‬ذي تع‪KK K‬اني منه‪KK K‬ا وخاص‪KK K‬ة في مس‪KK K‬ألة‬
‫الالقياسية‪ ،‬كما عوض التكذيبية البوبرية االمتطرفة بالتكذيبية المنهجي‪K‬ة ال‪K‬تي‬
‫تض‪KK‬من للعلم موض‪KK‬وعيته‪ .‬وعلي‪KK‬ه ف‪KK‬إن ابس‪KK‬تيمولوجيا‪ K‬الكاتوس تمخض‪KK‬ت عن‬
‫قراءة متقاطع‪KK‬ة ألعم‪KK‬ال بوبر وكون لتف‪KK‬ترق عنهم‪KK‬ا الحق‪KK‬ا لتق‪KK‬دم رؤي‪KK‬ة جدي‪KK‬دة‬
‫عن تقدم المعرفة العلمية ليسميها‪ K‬ميتودولوجي‪KK‬ة ب‪K‬رامج األبح‪KK‬اث العلمي‪K‬ة‪ .‬فم‪KK‬ا‬
‫هي ميتودولوجي‪KK‬ة ب‪KK‬رامج البحث عن‪KK‬د الك""اتوس وم‪KK‬اهي بنيته‪KK‬ا؟ وكي‪KK‬ف ف ّس ‪K‬ر‪K‬‬
‫من خاللها نمو المعرفة العلمية وتقدمها؟‬
‫‪-2‬مفهوم ميتودولوجية برامج األبحاث العلمية عند الكاتوس‪.‬‬
‫يقول الكاتوس" عن‪KK‬دما ي‪KK‬رى كون نماذج‪KK‬ا أن‪KK‬ا أرى ب‪KK‬رامج بحث‬
‫عقالنية"‪ ،13‬فوضع نظرية علم جديدة تسمى "ميتودولوجية برامج البحث"‬
‫وهي منهجية جديدة تهتم بإش‪K‬كالية نم‪K‬و العلم وبمش‪K‬كلة التمي‪K‬يز بين العلم‬
‫وال العلم‪ .‬وي‪KK‬رى أنه‪KK‬ا المنهجي‪KK‬ة األص‪KK‬لح مقارن‪KK‬ة م‪KK‬ع المن‪KK‬اهج الس‪KK‬ابقة كونه‪KK‬ا‬
‫األق ‪KK‬ل تعرض‪KK‬ا‪ K‬للنق ‪KK‬د وتب ‪KK‬ني المعرف ‪KK‬ة العلمي ‪KK‬ة على أس ‪KK‬س موض ‪KK‬وعية‪ .‬تتك ‪KK‬ون‬
‫برامج البحث من سلسلة من النظري‪K‬ات العلمي‪K‬ة الوثيق‪K‬ة الص‪K‬لة ال‪KK‬تي تعم‪K‬ل على‬
‫ويق ‪KK K K‬ول في ه ‪KK K K‬ذا الص ‪KK K K‬دد‪" :‬ال ينبغي أن تك ‪KK K K‬ون وح‪KK K K‬داتنا‬ ‫تفس ‪KK K K‬ير الواق ‪KK K K‬ع‪،‬‬
‫األساسية للتقسيم نظرية منعزلة أو حشدا من نظريات مبعثرة‪ ،‬وإ نما يجب أن‬
‫‪14‬‬
‫تكون "برنامج بحث[متكامل]"‪K‬‬
‫إن ميتودولوجي‪KK K K K K K K‬ة ب‪KK K K K K K K‬رامج البحث تتع‪KK K K K K K K‬ارض م‪KK K K K K K K‬ع التكذيبي‪KK K K K K K K‬ة‬
‫واالص‪KK‬طالحية‪ ،‬م‪KK‬ع أنه‪KK‬ا تس‪KK‬تعير‪ K‬من كلتيهم‪KK‬ا عناص‪KK‬ر أساس‪KK‬ية‪ .‬فهي تس‪KK‬تعير‬
‫من الم‪KK‬ذهب االص‪KK‬طالحي‪ K‬الس‪KK‬ماح عقالني‪KK‬ا ب‪KK‬أن نقب‪KK‬ل عن طري‪K‬ق‪ K‬االص‪KK‬طالح‬
‫نظري‪KK‬ات كلي‪KK‬ة أو ب‪KK‬األحرى ب‪KK‬رامج بحث تعم‪KK‬ل على تفس‪KK‬ير الواق‪KK‬ع ونمنحه ‪K‬ا‪K‬‬
‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫فرص‪K‬ة ال‪K‬دفاع عن نفس‪K‬ها من اج‪K‬ل االس‪K‬تمرارية والبق‪K‬اء‪ ،‬ل‪K‬ذا يجب أن "تك‪K‬ون‬


‫مقبول‪K‬ة أو غير قابل‪K‬ة للتنفيذ بقرار مؤقت" ‪ .15‬كما تس‪K‬تعير من بوبر فكرة أن‬
‫النظري‪KK K K‬ة يمكن انقاذه‪KK K K‬ا دائم‪KK K K‬ا من م‪KK K K‬أزق التك‪KK K K‬ذيب إذا عززناه‪KK K K‬ا بف‪KK K K‬روض‬
‫اض‪KK‬افية مس‪KK‬اعدة‪ .‬وطبق‪KK‬ا لنظري‪KK‬ة ب‪KK‬وبر يك‪KK‬ون ه‪KK‬ذا االج‪KK‬راء مس‪KK‬موحا‪ K‬ب‪KK‬ه إذا‬
‫ك‪KK‬ان ه‪KK‬ذا الف‪KK‬رض المس‪KK‬اعد يزي‪KK‬د من المض‪KK‬مون االمب‪KK‬يريقي‪ K‬للنظري‪KK‬ة وقوته‪KK‬ا‬
‫التنبؤي‪KK K‬ة‪ ،‬وإ الّ ينظ‪KK K‬ر الى ه‪KK K‬ذا الف‪KK K‬رض بأن‪KK K‬ه وض‪KK K‬ع لغ‪KK K‬رض تح‪KK K‬ايلي هدف‪KK K‬ه‬
‫تحصين النظرية من التكذيب‪ ،‬وهو أمر غ‪K‬ير مقب‪K‬ول في المنهجي‪KK‬ة البوبري‪K‬ة‪.‬‬
‫وعلى أس ‪KK‬اس ه ‪KK‬ذه النقط ‪KK‬ة بال ‪KK‬ذات ب ‪KK‬نى الك""اتوس مش ‪KK‬روعه العلمي‪ .‬فه‪K K‬و‪ K‬لم‬
‫يحل‪KK‬ل فق‪KK‬ط بني‪KK‬ة ب‪KK‬رامج البحث والطريق‪KK‬ة ال‪KK‬تي تك‪KK‬ذب به‪KK‬ا‪ ،‬وانم‪KK‬ا ح‪KK‬دد أيض‪KK‬ا‬
‫العملي ‪KK‬ات اإلجرائي ‪KK‬ة ال ‪KK‬تي من خالله ‪KK‬ا تفس ‪KK‬ح نظري ‪KK‬ة المج ‪KK‬ال لنظري ‪KK‬ة أخ ‪KK‬رى‬
‫اق‪KK K‬وى منه‪KK K‬ا في نفس برن‪KK K‬امج البحث‪ .‬وهدف‪KK K‬ه من ذل‪KK K‬ك ه‪KK K‬و تج‪KK K‬اوز النزع‪KK K‬ة‬
‫التكذيبية البوبرية والتغلب على االعتراضات التي وجهت اليها‪.‬‬
‫‪-3‬مكونات برامج البحث العلمية‪:‬‬
‫تتك‪KK‬ون ب‪KK‬رامج البحث من مجموع‪KK‬ة من النظري‪KK‬ات العلمي‪KK‬ة المترابط‪KK‬ة‬
‫مش ‪KK‬كلة م ‪KK‬ا يس ‪KK‬مى "البني ‪KK‬ة"‪ ،‬وال ‪KK‬تي تتض ‪KK‬من ج ‪KK‬زءا ثابت ‪KK‬ا مقاوم ‪KK‬ا يس ‪KK‬مى الن ‪KK‬واة‬
‫الص ‪KK‬لبة وج ‪KK‬زءا متغ ‪KK‬يرا ي ‪KK‬دعى ح ‪KK‬زام األم ‪KK‬ان أو الح ‪KK‬زام ال ‪KK‬واقي‪ K‬ألن ‪KK‬ه يحمي‬
‫الن‪KK‬واة الص‪KK‬لبة من ال‪KK‬دحض بم‪KK‬ا يح‪KK‬وي علي‪KK‬ه من فرض‪KK‬يات‪ K‬عمله‪KK‬ا ه‪KK‬و تقوي‪KK‬ة‬
‫برامج البحث والدفاع عنها‪ .‬يتضمن برنامج البحث عن‪KK‬د الكاتوس مجموع‪KK‬ة‬
‫توض ‪KK K K‬ح ط ‪KK K K‬رق البحث ال ‪KK K K‬تي ينبغي اتباعه ‪KK K K‬ا‬
‫من القواع ‪KK K K‬د المنهجي ‪KK K K‬ة ال ‪KK K K‬تي ّ‬
‫والمس ‪KK‬ارات‪ K‬ال ‪KK‬تي يجب تجنبه ‪KK‬ا‪ ،‬وه ‪KK‬ذا ي ‪KK‬ذكرنا بالمه ‪KK‬ام ال ‪KK‬تي أس ‪KK‬ندها توم""اس‬
‫كون للنماذج االرشادية‪ .‬فما هي الوحدات األساسية لبرنامج بحث‪ ،‬وما هي‬
‫قواعده المنهجية؟‬
‫أ‪ -‬النواة الصلبة‪:‬‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫يرى الكاتوس أن لك‪K‬ل برن‪K‬امج بحث ج‪K‬وهر ص‪K‬لب يم‪K‬يزه عن غ‪K‬يره‬


‫ويتمث‪K‬ل في الن‪K‬واة الص‪K‬لبة‪ .‬ف‪K‬النواة الص‪K‬لبة هي هوي‪K‬ة البرن‪K‬امج وماهيت‪K‬ه وهي‬
‫قاع‪KK K‬دة غ ‪KKK‬ير قابلي‪KK K‬ة للتك‪KK K‬ذيب‪ ،‬مح‪KK K‬ددة بواس‪KK K‬طة ق‪KK K‬رار ميتودول‪KK K‬وجي م‪KK K‬ؤقت‬
‫لمتبنيه‪KK‬ا‪ .16‬وهي مجموع‪KK‬ة من الفرض‪KK‬يات العام‪KK‬ة ال‪K‬تي تش‪KK‬كل األس‪K‬س الهام‪KK‬ة‬
‫‪17‬‬
‫وهي‬ ‫والمنطلقات األساسية التي بها ينمو برنامج البحث ويتطور‪،‬‬
‫ض ‪KK K‬رورية في بل ‪KK K‬ورة أي مش ‪KK K‬روع‪ K‬علمي جدي ‪KK K‬د‪ ،‬ومطلوب ‪KK K‬ة في اح ‪KK K‬داث أي‬
‫تح ‪KK K‬ول مفه ‪KK K‬ومي‪ K‬في نم ‪KK K‬ط مع ‪KK K‬رفي‪ K‬ق ‪KK K‬ديم‪ ،‬ألن الن ‪KK K‬واة الص ‪KK K‬لبة هي األس ‪KK K‬اس‬
‫المنهجي ال‪KK‬ذي يس‪KK‬ير وفق‪KK‬ه أف‪KK‬راد الجماع‪KK‬ة العلمي‪KK‬ة التابع‪KK‬ة له‪KK‬ذا البرن‪KK‬امج أو‬
‫ذاك‪ .‬وهي تتك‪KKK‬ون من مف‪KKK‬اهيم وقض‪KKK‬ايا ثابت ‪KK‬ة ال تقب ‪KK‬ل نقاش ‪KK‬ا أو ج ‪KK‬داال‪ ،‬فمن‬
‫ص‪KK‬فاتها األساس‪KK‬ية أنه‪KK‬ا غ‪KK‬ير قابل‪KK‬ة للتنفي‪KK‬ذ‪ ،‬طالم‪KK‬ا أن البرن‪KK‬امج ال‪KK‬ذي يحمله‪KK‬ا‬
‫الزال فع‪KK‬اّال ونش‪KKK‬طا وي ‪KK‬ؤدي‪ K‬ال‪KKK‬دور المن ‪KK‬وط ب ‪KK‬ه‪ .‬ألن ‪KK‬ه إذا ط ‪KK‬ال النق ‪KK‬د الن ‪KK‬واة‬
‫الصلب ـ ـــة وفن ‪KK‬دت فسيتالش‪K K‬ى‪ K‬معه ‪KK‬ا البرن ‪KK‬امج برمت ‪KK‬ه‪ .‬وق ‪KK‬د ق ‪Kّ K‬دم الكـــــــــاتوس‬
‫أمثل‪KK K K K K K K‬ة من تاريـ ـ ـ ـ ـ ـــخ العـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـــم عن النـ ـ ـ ـ ـــواة الصلبـ ـ ـ ـ ـــة في بعض‬
‫النظريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــات العلميـ ـ ـ ـ ـ ـــة‪ ،‬فمث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــالً النـ ـ ـ ـ ـــواة الصلبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــة في علم الف ـ ـ ـــلك‬
‫البطلمي هي أن األرض ثابت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة وباقي األج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرام السم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاوية االخرى‬
‫ت‪KK‬دور‪ K‬ح ـ ـ ـ ـ ـ ـــولها باعتبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــارها مرك‪KK‬ز الك‪KK‬ون‪ .‬إن الن‪KK‬واة الص‪KK‬لبة ال يمكن أن‬
‫تدحض وال يمكن مراجعتها‪ ،‬ألننا إذا حاولنا تغييرها‪ K‬فسوف‪ K‬يتغير البرنامج‬
‫كك‪KK K‬ل‪ ،‬مثلم‪KK K‬ا فع‪KK K‬ل كوبرني‪KK K‬ك(‪ N.Copernicus)1543-1473‬ال‪KK K‬ذي فن‪KK K‬د‬
‫الن ‪KK‬واة الص ‪KK‬لبة لبرن ‪KK‬امح بطليم ‪KK‬وس(‪283-368‬ق م) ‪ Ptolemy‬حين اعت ‪KK‬بر‬
‫ان األرض غ‪KK‬ير ثابت‪KK‬ة وت‪KK‬دور‪ K‬ح‪KK‬ول الش‪KK‬مس ال‪KK‬ذي ه‪KK‬و مرك‪KK‬ز الك‪KK‬ون‪ .‬ف‪KK‬النواة‬
‫الصلبة تشكل جوهر البرنامج وعلى أساسها تبنى كل الفروض المساعدة‪.‬‬
‫وبما أن النواة الصلبة ثابتة ال تقبل التفنيد‪ ،‬فأية محاولة لتع‪KK‬ديلها ه‪KK‬و‬
‫خ ‪KK‬روج عن برن ‪KK‬امج البحث ذات ‪KK‬ه‪ ،‬ل ‪KK‬ذلك عن ‪KK‬د ظه ‪KK‬ور‪ K‬ح ‪KK‬االت ش ‪KK‬اذة مه ‪KK‬ددة ال‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫نوج‪KK‬ه النق‪KK‬د إلى الن‪KK‬واة الص‪KK‬لبة‪ ،‬ألن في ذل‪KK‬ك اقص‪KK‬اء وه‪KK‬دم للبرن‪KK‬امج الق‪KK‬ائم‪،‬‬
‫وخاص‪KK‬ة إذا ك‪KK‬ان ه‪KK‬ذا البرن‪KK‬امج ف‪KK‬تي وفي‪ K‬ط‪KK‬ور‪ K‬التك‪KK‬وين ولم نكن ق‪KK‬د منحن‪KK‬اه‬
‫ال‪KK‬وقت الك‪KK‬افي ليحق‪KK‬ق نض‪KK‬جه ويثبت وج‪KK‬وده‪ .‬فب‪KK‬دال من ه‪KK‬دم الن‪KK‬واة الص‪KK‬لبة و‬
‫تحطيم‪ K‬الفرض‪KK K‬يات المش‪KK K‬كلة له‪KK K‬ا‪ ،‬يجب أن نوج‪KK K‬ه النق‪KK K‬د إلى ج‪KK K‬زء آخ‪KK K‬ر من‬
‫مكون ‪KK K‬ات البرن ‪KK K‬امج وال ‪KK K‬ذي يطل ‪KK K‬ق علي ‪KK K‬ه اس ‪KK K‬م ح ‪KK K‬زام األم ‪KK K‬ان‪ .18‬فم ‪KK K‬اذا يع ‪KK K‬ني‬
‫الكاتوس بحزام األمان أو الحزام الواقي؟‪K‬‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫ب‪-‬حزام األمان‪:‬‬
‫ك‪KK K K‬ل برن‪KK K K‬امج بحث مجه‪KK K K‬ز بح‪KK K K‬زام واق يوج‪KK K K‬د بين الن‪KK K K‬واة الص‪KK K K‬لبة‬
‫والظ‪KK‬واهر الخارجي‪KK‬ة‪ ،‬وه‪KK‬و دوم‪KK‬ا ال‪KK‬ذي يتص‪KK‬دى‪ K‬لن‪KK‬ار االختب‪KK‬ارات التجريبي‪KK‬ة‪،‬‬
‫ويتش ‪KK‬كل‪ K‬من فرض ‪KK‬يات‪ K‬مس ‪KK‬اعدة هي ال ‪KK‬تي تواج ‪KK‬ه ح ‪KK‬دة االختب ‪KK‬ارات القاس ‪KK‬ية‪،‬‬
‫‪K‬رارا من اج‪KK K‬ل ان تحمي الن‪KK K‬واة الص‪KK K‬لبة من ك‪KK K‬ل التك‪KK K‬ذيبات ال‪KK K‬تي‬
‫فتتع‪KK K‬دل م‪ً K K‬‬
‫ته‪KK‬ددها‪ .‬وأي قص‪KK‬ور‪ K‬للمطابق‪KK‬ة بين برن‪KK‬امج البحث والوق‪KK‬ائع‪ K‬التجريبي‪KK‬ة ينبغي‬
‫أن ينس‪KK K‬ب ال إلى الفرض‪KK K‬يات المش‪KK K‬كلة لنوات‪KK K‬ه الص‪KK K‬لبة‪ ،‬ب‪KK K‬ل إلى الفرض‪KK K‬يات‬
‫المكون‪KK‬ة لحزام‪KK‬ه ال‪KK‬واقي‪ .‬ه‪KK‬ذا الح‪KK‬زام ال‪KK‬واقي‪ K‬عب‪KK‬ارة عن ش‪KK‬بكة متش‪KK‬عبة من‬ ‫ّ‬
‫الف‪KK K K‬روض المس‪KK K K‬اعدة ال‪KK K K‬تي تلت‪KK K K‬ف ح‪KK K K‬ول الن‪KK K K‬واة الص‪KK K K‬لبة بغ‪KK K K‬رض ص‪KK K K‬يانتها‪K‬‬
‫وحمايته‪KKK‬ا‪ K.‬ان م‪KKK‬يزة الف‪KKK‬روض المس‪KKK‬اعدة الموج ‪KK‬ودة في الح ‪KK‬زام ال‪KKK‬واقي هي‬
‫قابليته ‪K‬ا‪ K‬للتفني‪KK‬د‪ ،‬إذ يح‪KK‬ق للب‪KK‬احث تع‪KK‬ديلها أو اس‪KK‬تبدالها كلم‪KK‬ا اقتض‪KK‬ت الحاج‪KK‬ة‬
‫الى تحص ‪KK K‬ين الن ‪KK K‬واة الص ‪KK K‬لبة من ال ‪KK K‬دحض والتك ‪KK K‬ذيب‪ .‬يح ‪KK K‬وي ه ‪KK K‬ذا الح ‪KK K‬زام‬
‫فرض‪KK‬يات مس‪KK‬اعدة ص‪KK‬ريحة تكم‪KK‬ل الن‪KK‬واة الص‪KK‬لبة‪ ،‬وفرض‪KK‬يات ض‪KK‬منية تزي‪KK‬د‬
‫من المضمون المعرفي للبرنامج وقوته التفسيرية‪.‬‬
‫تكمن مهارة الع‪KK‬الم وعبقريت‪KK‬ه في نظ‪KK‬ر الكاتوس في قدرت‪KK‬ه على‬
‫تجديد الف‪K‬روض المس‪K‬اعدة المحيط‪K‬ة ب‪K‬النواة الص‪K‬لبة لتك‪K‬ون بمثاب‪K‬ة ح‪K‬زام أم‪K‬ان‬
‫له ‪KK‬ا‪ .‬فه ‪KK‬ذا الح ‪KK‬زام ه ‪KK‬و ال ‪KK‬ذي يواج ‪KK‬ه قس ‪KK‬وة االختب ‪KK‬ارات التجريبي ‪KK‬ة التكذيبي ‪KK‬ة‪،‬‬
‫وعلي‪KK‬ه تج‪KK‬رى‪ K‬مختل‪KK‬ف التع‪KK‬ديالت والتص‪KK‬ويبات‪ ،‬وي‪KK‬زداد برن‪KK‬امج البحث ق‪KK‬وة‬
‫ومتانة وصالبة بفضل هذه التعديالت المتواصلة‪ .‬أما النواة الصلبة غالب‪KK‬ا ال‬
‫تتغ ‪KK K‬ير وال تتع ‪KK K‬دل‪ ،‬وإ ذا نس ‪KK K‬ب الخط ‪KK K‬أ اليه ‪KK K‬ا تم التخلي عنه ‪KK K‬ا وانه ‪KK K‬ار‪ K‬معه ‪KK K‬ا‬
‫البرنامج الذي تمثله‪ .‬فمهام‪ K‬ح‪K‬زام األم‪K‬ان ه‪K‬و إبع‪K‬اد الخط‪K‬ر ق‪K‬در اإلمك‪K‬ان عن‬
‫النواة الصلبة‪ ،‬لذلك نجده يتحمل أقوى‪ K‬وأعنف الضربات ب‪K‬دال عنه‪KK‬ا‪ ،‬وي‪K‬دافع‪K‬‬
‫عنه ‪KK‬ا لض ‪KK‬مان اس ‪KK‬تمرار‪ K‬برنامجه ‪KK‬ا‪ .‬فتجدي ‪KK‬د ح ‪KK‬زام األم ‪KK‬ان بف ‪KK‬روض مس ‪KK‬اعدة‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫جدي‪KK‬دة أم‪KK‬ر ض‪KK‬روري‪ K‬لنج‪KK‬اح البرن‪KK‬امج واس‪KK‬تمراره‪ ،‬ولكن‪KK‬ه إذا فش‪KK‬ل في أداء‬
‫دوره وبل ‪KK‬غ التفني ‪KK‬د إلى الن ‪KK‬واة الص ‪KK‬لبة‪ ،‬فه ‪KK‬ذا يع ‪KK‬ني إخف ‪KK‬اق وتقهق ‪KK‬ر وتالش ‪KK‬ي‬
‫برنامج بحث برمته‪.‬‬
‫مثال غ " ""اليلي(‪G Galilei " " ")1642-1564‬ق‪KK K K K‬ام بتع‪KK K K K‬ديل بعض‬
‫الفرض ‪KK K K‬يات المس ‪KK K K‬اعدة في برن ‪KK K K‬امج كوبرنيك عن طري ‪KK K K‬ق تع ‪KK K K‬ديل م ‪KK K K‬دارات‬
‫الك‪KK K‬واكب حيث جعله‪KK K‬ا غ‪KK K‬اليلي اهليلجي‪KK K‬ة ع‪KK K‬وض دائري‪KK K‬ة‪ ،‬كم‪KK K‬ا أع‪KK K‬اد تق‪KK K‬دير‬
‫المس ‪KK‬افات بين النج ‪KK‬وم واألرض لكن دون المس ‪KK‬اس ب ‪KK‬النواة الص ‪KK‬لبة لبرن ‪KK‬امج‬
‫كوبرني‪K‬ك‪ K‬المتمثلة في حرك‪K‬ة األرض‪ .19‬فأدى‪ K‬ه‪K‬ذا التع‪K‬ديل إلى تطوير‪ K‬النس‪K‬ق‬
‫الكوبرنيكي‪ .‬لكن إذا طرأ تعديل على النواة الصلبة فه‪KK‬ذا اعالن ص‪KK‬ريح عن‬
‫مغادرة هذا البرنامج لالنخراط في آخ‪KK‬ر‪ .‬وه‪KK‬ذا م‪KK‬ا الحظن‪KK‬اه م‪KK‬ع تيكوبراهي(‬
‫‪ Tycho Brahe)1601-1546‬حينما تخلى عن النواة الص‪KK‬لبة للبرن‪KK‬امج‬
‫الك‪KK‬وبرنيكي‪ K‬واعت‪KK‬بر جمي‪KK‬ع الك‪KK‬واكب تتح‪KK‬رك إالّ األرض وأن الش‪KK‬مس ذاته‪KK‬ا‬
‫تدور‪ K‬حول األرض الثابتة معلنا تمسكه بالفلك القديم لبطليموس‪.‬‬
‫وف ‪K‬ق‪ K‬الك""اتوس بين النزع ‪KK‬ة االتص ‪KK‬الية واالنفص ‪KK‬الية في العلم عن ‪KK‬دما‬
‫ق‪KKK‬ال‪ " :‬إن الح‪KKK‬االت المناقض‪KKK‬ة ال‪KKK‬تي ته ‪KK‬اجم ب ‪KK‬رامج البحث يمكنه ‪KK‬ا أن ت‪KKK‬دمر‬
‫بعض الفرض‪KK‬يات الموج‪KK‬ودة في ح‪KK‬زام األم‪KK‬ان وتبقى الن‪KK‬واة الص‪KK‬لبة س‪KK‬ليمة"‬
‫‪ .20‬واعت‪KK‬بر ه‪KK‬ذه األخ‪KK‬يرة من العناص‪KK‬ر األساس‪KK‬ية الثابت‪KK‬ة في برن‪KK‬امج البحث‪،‬‬
‫وجع ‪KK K‬ل ح ‪KK K‬زام األم ‪KK K‬ان يتغ ‪KK K‬ير بتغ ‪KK K‬ير الظ ‪KK K‬واهر‪ K‬ال ‪KK K‬تي تط ‪KK K‬رأ على الع ‪KK K‬الم‬
‫الخارجي‪.‬‬
‫إذن الفرض‪KK K‬يات ال‪KK K‬تي يت‪KK K‬ألف منه‪KK K‬ا برن‪KK K‬امج بحث ليس‪KK K‬ت في مرتب‪KK K‬ة‬
‫واح‪KK‬دة وليس‪KK‬ت متكافئ‪KK‬ة‪ ،‬فبعض‪KK‬ها‪ K‬ثابت‪KK‬ة ال تقب‪KK‬ل التغ‪KK‬ير وهي ال‪KK‬تي تنتمي الى‬
‫الن ‪KK‬واة الص ‪KK‬لبة‪ ،‬أخ ‪KK‬رى عرض ‪KK‬ة للتع ‪KK‬ديل وهي تل ‪KK‬ك ال ‪KK‬تي نج ‪KK‬دها في الح ‪KK‬زام‬
‫الواقي‪ ،‬فالتع‪K‬ديالت ال‪K‬تي تعرفه‪K‬ا‪ K‬من حين إلى آخ‪K‬ر هي ال‪K‬تي تس‪K‬مح لبرن‪K‬امج‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫البحث ب‪KK‬النمو‪ K‬والتق‪KK‬دم‪ .‬ألن الح‪KK‬زام ال‪KK‬واقي يقب‪KK‬ل التع‪KK‬ديل والتك‪KK‬ييف والتط‪KK‬وير‬
‫وحتى االستبدال ليصون النواة الصلبة‪ ،‬لكن تعديل الحزام ال‪KK‬واقي‪ K‬ليس أم‪KK‬را‬
‫عشوائيا بل يجري وفق اس‪KK‬تراتيجية يس‪KK‬ميها الكاتوس الموج‪KK‬ه المس‪KK‬اعد على‬
‫الكشف‪ .‬فما المقصود‪ K‬به؟ وكيف يشتغل داخل برنامج بحث ما؟‬
‫ج‪-‬الموجه المساعد على الكشف‪:‬‬
‫إن الموج ‪KK K‬ه ألعم ‪KK K‬ال البرن ‪KK K‬امج وأبحاث ‪KK K‬ه يس ‪KK K‬ميه الك ‪KK K‬اتوس "الموج ‪KK K‬ه‬
‫المس‪KK K‬اعد على الكش‪KK K‬ف" أوـ«الكش‪KK K‬افة»‪ .‬وينقس‪KK K‬م إلى كش‪KK K‬افه س‪KK K‬لبية وكش‪KK K‬افة‬
‫إيجابي‪KK‬ة‪ ،‬ف‪KK‬األول مرتب‪K‬ط‪ K‬ب‪KK‬النواة الص‪KK‬لبة‪ ،‬أم‪KK‬ا الث‪KK‬اني فمتعل‪K‬ق‪ K‬ب‪KK‬الحزام ال‪KK‬واقي‪.‬‬
‫فم ‪KK‬ا ال ‪KK‬ذي نعني ‪KK‬ه بالكش ‪KK‬افة؟ وكي‪KK‬ف‪ K‬يعم ‪KK‬ل على توجي ‪KK‬ه البحث بكيفي ‪KK‬ة ايجابي ‪KK‬ة‬
‫وسلبية في آن واحد؟‬
‫يق ‪KK K‬ول الك ""اتوس‪ " :‬إن برن ‪KK K‬امج البحث يتم ‪KK K‬يز بالمحاول ‪KK K‬ة التجريبي ‪KK K‬ة‬
‫الموج‪K‬ه المس‪KK‬اعد‬
‫ّ‪K‬‬ ‫الموجب‪KK‬ة بج‪KK‬انب المحاول‪KK‬ة التجريبي‪KK‬ة الس‪KK‬البة"‪ .21‬فه ‪K‬و‪ K‬يقس‪KK‬م‬
‫على الكش‪KK K‬ف إلى ن‪KK K‬وعين‪ :‬موج‪KK K‬ه س‪KK K‬لبي يحمي الن‪KK K‬واة الص‪KK K‬لبة ويمنعن ‪K K‬ا‪ K‬من‬
‫تفنيدها‪ ،‬لذا يوجه االنتقادات ناحية الحزام الواقي‪ .‬وموجه إيجابي يقوم على‬
‫مجموع ‪KK‬ة من االقتراح ‪KK‬ات والقواع ‪KK‬د االرش ‪KK‬ادية تس ‪KK‬اعد على تط ‪KK‬وير الح ‪KK‬زام‬
‫الواقي‪ ،‬كما يزود النواة الصلبة بفروض إضافية تدعمها وتقويها‪ ،‬فهو الذي‬
‫يس‪KK‬تقبل المش‪KK‬كالت ويوج‪KK‬ه الب‪KK‬احثين نح‪KK‬و تنمي‪KK‬ة برن‪KK‬امجهم لمواجهته‪KK‬ا‪ .‬اي أن‬
‫ك‪K‬ل برن‪K‬امج بحث يتك‪K‬ون من قواع‪K‬د منهجي‪K‬ة بعض‪K‬ها يوج‪K‬ه إلى ط‪K‬رق البحث‬
‫التي يجب تجنبها وتتمثل في "المس‪K‬اعد على الكش‪K‬ف الس‪K‬لبي"‪ ،‬وعمله مرتب‪K‬ط‪K‬‬
‫بالدرج‪KK‬ة األولى ب‪KK‬النواة الص‪KK‬لبة‪ ،‬ومهام‪KK‬ه األولى هي ص‪KK‬يانتها وابع‪KK‬اد خط‪KK‬ر‬
‫الح‪KK‬االت الش‪KK‬اذة عنه‪KK‬ا وارس‪KK‬الها‪ K‬ناحي‪KK‬ة الح‪KK‬زام ال‪KK‬واقي‪ .‬وقواع‪KK‬د أخ‪KK‬رى توج‪KK‬ه‬
‫إلى ط‪KK K K K‬رق البحث ال‪KK K K K‬تي ينبغي اتباعه‪KK K K K‬ا وتس‪KK K K K‬مى‪ K‬المس‪KK K K K‬اعد على الكش‪KK K K K‬ف‬
‫اإليجابي‪ ،‬وعمله متعلق بالحزام الواقي وكيفية تدعيمه لحماية النواة الص‪KK‬لبة‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫وبرنامجه‪KK‬ا‪ K.‬فالكش‪KK‬افة أو المس‪KK‬اعد على الكش‪KK‬ف ه‪KK‬و نظري‪KK‬ة في الكش‪KK‬ف ت‪KK‬بين‬


‫لن‪KK K‬ا الطريق‪KKK‬ة المناس‪KKK‬بة لمعالج‪KK K‬ة المش‪KK K‬كالت المطروحة‪ .‬لكن م ""ا الف ""رق بين‬
‫الكشافة السلبية وااليجابية؟‬
‫أوال‪ -‬المساعد على الكشف السلبي‪:‬‬
‫المس‪KK‬اعد على الكش‪KK‬ف الس‪KK‬لبي أو الكش‪KK‬افة الس‪KK‬لبية في أي برن‪KK‬امج‬
‫بحث تعم‪KK K‬ل على الحف‪KK K‬اظ على الن‪KK K‬واة الص‪KK K‬لبة‪ .‬فالفرض‪KK K‬يات‪ K‬األساس‪KK K‬ية ال‪KK K‬تي‬
‫تشكل النواة الصلبة يجب أال تكذب أو تفند‪ .‬فالكشافة السلبية هي إقصاء لما‬
‫يمكن أن يه ‪KK K‬دم الن ‪KK K‬واة الص ‪KK K‬لبة‪ ،‬وتعم ‪KK K‬ل على ابع ‪KK K‬اد التك ‪KK K‬ذيبات عن برن ‪KK K‬امج‬
‫البحث وارس‪KK‬الها إلى ح‪KK‬زام األم‪KK‬ان وفرض‪KK‬ياته المس‪KK‬اعدة‪ .‬أي أن المش‪KK‬كالت‬
‫يجب أال تعترض النواة الصلبة بل الح‪KK‬زام ال‪KK‬واقي‪ .‬ف‪KK‬أنجح برن‪KK‬امج بحث ه‪KK‬و‬
‫الذي يتمكن من تجديد حزامه الواقي‪ K‬بتع‪KK‬ديل فرض‪KK‬ياته المس‪KK‬اعدة أو تغييره‪K‬ا‪K‬‬
‫من اج‪KK K‬ل اس‪KK K‬تيعاب المس‪KK K‬تجدات العلمي‪KK K‬ة‪ ،‬فيتس‪KK K‬ع ب‪KK K‬ذلك مض‪KK K‬مونه التجري‪KK K‬بي‬
‫‪K‬دما من منافس ‪KK‬يه‪ .‬أي أن الكش ‪KK‬افة الس ‪KK‬لبية هي ال ‪KK‬تي تس ‪KK‬اعد‬ ‫فيك ‪KK‬ون أك ‪KK‬ثر تق ‪ً K‬‬
‫برن ‪KK K‬امج بحث على الحف ‪KK K‬اظ على فرض ‪KK K‬ياته األساس ‪KK K‬ية المتض ‪KK K‬منة في نوات ‪KK K‬ه‬
‫الصلبة‪ .‬ألنه إذا اراد باحث ما تعديل هذه األخيرة فهو مج‪KK‬بر على الخ‪KK‬روج‬
‫من هذا البرنامج واالنضمام إلى آخر‪.‬‬
‫يق‪KK K‬ول الك ""اتوس‪" :‬تتم‪KK K‬يز جمي‪KK K‬ع ب‪KK K‬رامج البحث العلمي‪KK K‬ة بجوهره‪KKK‬ا‪K‬‬
‫الص ‪KK‬لب‪ ،‬والمحاول ‪KK‬ة التجريبي ‪KK‬ة الس ‪KK‬لبية للبحث تمنعن ‪KK‬ا من توجي ‪KK‬ه التفني ‪KK‬د إلى‬
‫ه‪KK‬ذا الج‪KK‬وهر الص‪KK‬لب‪ ...‬له‪KK‬ذا يجب أن نعي‪KK‬د التفني‪KK‬د إلى الفرض‪KK‬يات المس‪KK‬اعدة‬
‫المكون ‪KK‬ة لح ‪KK‬زام األم ‪KK‬ان"‪ .22‬فح ‪KK‬زام‪ K‬األم ‪KK‬ان ه ‪KK‬و ال ‪KK‬ذي يجب أن يتحم ‪KK‬ل ح ‪KK‬دة‬
‫صدمة االختبارات‪ ،‬ويتعدل مرة بعد أخرى حتى يستبدل كلية دون المس‪KK‬اس‬
‫ب ‪KK‬النواة الص ‪KK‬لبة ال ‪KK‬تي تبقى بمن ‪KK‬أى عن ك ‪KK‬ل تغي ‪KK‬ير‪ .‬تنجح ه ‪KK‬ذه التع ‪KK‬ديالت إذا‬
‫أدت إلى برن‪K‬امج بحث تق‪K‬دمي يتمت‪K‬ع بق‪K‬وة تنبؤي‪K‬ة هائل‪K‬ة ويفس‪K‬ر أك‪K‬بر ق‪K‬در من‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫الوقائع‪ ،‬وتفشل إذا أفضت إلى برنامج بحث تقهق‪KK‬ري فيتخل‪K‬ف‪ K‬نم‪KK‬وه النظ‪KK‬ري‬
‫عن نم‪KKK‬وه التجري‪KKK‬بي‪" .‬ولكن إذا توق ‪KK‬ف‪ K‬البرن ‪KK‬امج عن التنب ‪KK‬ؤ بوق ‪KK‬ائع جدي‪KKK‬دة‪،‬‬
‫فيمكن إهمال الجوهر الصلب"‪. 23‬‬
‫‪K‬بين الكاتوس دور الكش‪KK‬افة الس‪KK‬لبية في حماي‪KK‬ة ب‪KK‬رامج البحث يع‪KK‬ود‬ ‫لي‪ّ K‬‬
‫إلى ت‪KK‬اريخ العل‪KK‬وم ويستش‪KK‬هد ببرن‪KK‬امج ني‪KK‬وتن‪ .‬إذ ح‪Kّ K‬ولت الكش‪KK‬افة الس‪KK‬لبية له‪KK‬ذا‬
‫البرن ‪KK‬امج جمي ‪KK‬ع التفني ‪KK‬دات الموجه ‪KK‬ة لق ‪KK‬وانين ني ‪KK‬وتن في الجاذبي ‪KK‬ة وال ‪KK‬ديناميكا‪K‬‬
‫وال‪K‬تي تمث‪K‬ل نوات‪K‬ه الص‪K‬لبة إلى الفرض‪K‬يات المس‪K‬اعدة لح‪K‬زام األم‪K‬ان‪ .24‬فنظري‪K‬ة‬
‫ني‪KK‬وتن(‪ I.Newton)1727-1642‬واجهت الكث‪KK‬ير من األمثل‪KK‬ة المض‪KK‬ادة من‬
‫بينه ‪KK‬ا انح ‪KK‬راف ك ‪KK‬وكب اوران ‪KK‬وس‪ K‬عن م ‪KK‬داره‪ ،‬وف ّس ‪K‬ره ني ‪KK‬وتن بوج ‪KK‬ود ك ‪KK‬وكب‬
‫اخ‪KK K‬ر يعي‪KK K‬ق حركت‪KK K‬ه‪ .‬ه‪KK K‬ذا التفس‪KK K‬ير آن‪KK K‬ذاك لقي معارض‪KK K‬ة‪ ،‬لكن أتب‪KK K‬اع ني‪KK K‬وتن‬
‫حول‪K‬وا ب‪K‬ذكاء الش‪K‬واهد المض‪K‬ادة واح‪K‬دا بع‪K‬د اآلخ‪K‬ر إلى أدل‪K‬ة مؤي‪K‬دة لنظ‪K‬ريتهم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فحول‪KK K‬وا ك‪KK K‬ل‬
‫وتم فعال اكتش‪KK K‬اف ه‪KK K‬ذا الك‪KK K‬وكب الجدي‪KK K‬د وه‪KK K‬و ك‪KK K‬وكب "نبت‪KK K‬ون" ّ‬
‫صعوبة جديدة إلى نصر جديد لبرن‪K‬امجهم‪ .‬يع‪KK‬د ه‪K‬ذا االكتش‪K‬اف‪ K‬نجاح‪KK‬ا م‪K‬ذهال‬
‫ألنه أثبت ان برنامج البحث النيوتوني‪ K‬ال يزال تقدميا وواعدا‪.25‬‬
‫وم‪KKK‬ادام أن وج‪KKK‬ود الكش‪KKK‬افة الس ‪KK‬لبية في برن ‪KK‬امج بحث علمي ه‪KKK‬و م‪KKK‬ا‬
‫يمنعن‪KK‬ا من توجي‪KK‬ه التفني‪KK‬د إلى الن‪KK‬واة الص‪KK‬لبة ألنه‪KK‬ا ج‪KK‬وهر البرن‪KK‬امج وماهيت‪KK‬ه‪.‬‬
‫وبالتالي‪ K‬ال يسمح للتفنيدات أن تتسرب إلى إليها‪ ،‬ل‪KK‬ذلك يوج‪KK‬ه الخط‪KK‬أ مباش‪KK‬رة‬
‫الى ح‪KKK‬زام األم‪KKK‬ان‪ .‬ونخلص الى أن دور الكش ‪KK‬افة الس ‪KK‬لبية يكمن في الحف‪KKK‬اظ‬
‫على الن‪KK‬واة الص‪KK‬لبة‪ ،‬ل‪KK‬ذا تعم‪KK‬ل على ارس‪KK‬ال ك‪KK‬ل الص‪KK‬عوبات والمخ‪KK‬اطر‪ K‬ال‪KK‬تي‬
‫ته‪KK‬ددها إلى ح‪KK‬زام األم‪KK‬ان‪ .‬إذا ك‪KK‬ان ه‪KK‬ذه هي مه‪KK‬ام الكش‪KK‬افة الس‪KK‬لبية فم‪KK‬اذا عن‬
‫الكشافة اإليجابية؟‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫ثانيا‪ -‬المساعد على الكشف اإليجابي‪:‬‬


‫يق ‪KK K‬ول الك ""اتوس ‪ " :‬إن المحاول ‪KK K‬ة اإليجابي ‪KK K‬ة[هي] ‪ ...‬مجموع ‪KK K‬ة من‬
‫التلميحات أو االقتراحات‪ K‬مص‪KK‬وغة جزئي‪KK‬ا عن طري‪KK‬ق تغي‪KK‬ير وتط‪KK‬وير أج‪KK‬زاء‬
‫قابل ‪KK‬ة للتفني ‪KK‬د لبرن ‪KK‬امج البحث‪ ،‬والطريق ‪KK‬ة ال ‪KK‬تي يتم به ‪KK‬ا تع ‪KK‬ديل وإ خف ‪KK‬اء مع ‪KK‬الم‬
‫ح‪KK‬زام األم‪KK‬ان القاب‪KK‬ل للتفني‪KK‬د"‪ .26‬فالمس‪KK‬اعد على الكش‪KK‬ف اإليج‪KK‬ابي أو الكش‪KK‬افة‬
‫اإليجابي‪KK‬ة تتمث‪KK‬ل في السياس‪KK‬ة الش‪KK‬املة أو النظ‪KK‬ام الع‪KK‬ام ال‪KK‬ذي يتبن‪KK‬اه فري‪KK‬ق من‬
‫العلم ‪KK‬اء قص ‪KK‬د تحدي ‪KK‬د طبيع ‪KK‬ة المش ‪KK‬كالت الم ‪KK‬راد دراس ‪KK‬تها‪ K‬وط ‪KK‬رق‪ K‬معالجته ‪KK‬ا‪.‬‬
‫وهي مجموع ‪KK‬ة من الت ‪KK‬دابير أو اإلج ‪KK‬راءات ال ‪KK‬تي تح ‪KK‬دد ط ‪KK‬رق تع ‪KK‬ديل بعض‬
‫عناص‪KK‬ر الح‪KK‬زام ال‪KK‬واقي القابل‪KK‬ة للتفني‪KK‬د وكيفي‪KK‬ة تط‪KK‬ويره‪ .‬لكن إذا ب‪KK‬اءت جمي‪KK‬ع‬
‫مح‪KKK‬اوالت التع‪KKK‬ديل بالفش‪KKK‬ل فس‪KKK‬يتم اس ‪KK‬تبدال ه ‪KK‬ذا الح ‪KK‬زام بح ‪KK‬زام آخ‪KKK‬ر‪ ،‬ك‪KKK‬ون‬
‫الحزام الواقي هو الجزء القابل للتفنيد في برنامج البحث‪.‬‬
‫تس‪KK‬عى الكش‪KK‬افة اإليجابي‪KK‬ة أو الموج‪KK‬ه اإليج‪KK‬ابي المس‪KK‬اعد على الكشف‬
‫الى إنقاذ العلماء من كثرة الشواذ عن طريق‪ K‬تطوير‪ K‬تقنيات البحث‪ .‬وقد‪ K‬أكد‬
‫الك""اتوس على أهميته ‪KK‬ا في تط ‪KK‬ور النظري ‪KK‬ات العلمي ‪KK‬ة‪ ،‬ألنه ‪KK‬ا ت ‪KK‬زود‪ K‬الب ‪KK‬احثين‬
‫بجمل ‪KK‬ة من االج ‪KK‬راءات والتعليم ‪KK‬ات ال ‪KK‬تي توج ‪KK‬ه مس ‪KK‬ارهم العلمي‪ ،‬وترش ‪KK‬دهم‬
‫على م‪KK‬ا يجب أن يفعل‪KK‬وه بغ‪KK‬رض المحافظ‪KK‬ة على برن‪KK‬امج البحث‪ ،‬وتح‪KK‬دد‪ K‬لهم‬
‫الش‪KK K‬روط الض‪KK K‬رورية ليحق‪KK K‬ق ه‪KK K‬ذا البرن‪KK K‬امج نم‪KK K‬وه وتقدم‪KK K‬ه‪ .‬فتع‪KK K‬ديل الح‪KK K‬زام‬
‫ال‪KK‬واقي وتكييف‪KK‬ه أو اس‪KK‬تبداله ه‪KK‬و من مه‪KK‬ام الكش‪KK‬افة اإليجابي‪KK‬ة ال‪KK‬تي تعم‪KK‬ل على‬
‫المحافظ‪KK‬ة على البرن‪KK‬امج الق‪KK‬ائم وتنميت‪KK‬ه بابتك‪KK‬ار‪ K‬فرض‪KK‬يات‪ K‬جدي‪KK‬دة ت‪KK‬دعم ح‪KK‬زام‬
‫األمان وتقويه لحماية النواة الصلبة‪.‬‬
‫إن الكش‪KK K‬افة اإليجابي‪KK K‬ة اس‪KK K‬تراتيجية تعم‪KK K‬ل على إنت‪KK K‬اج وإ ع‪KK K‬ادة إنت‪KK K‬اج‬
‫الوق‪K‬ائع‪ K‬وزي‪K‬ادة الق‪K‬درة التنبؤي‪K‬ة ل‪K‬برامج البحثوت‪K‬دفع‪ K‬به‪K‬ا ق‪K‬دما إلى األم‪K‬ام‪ ،‬على‬
‫الرغم من الص‪K‬عوبات‪ K‬المس‪K‬تمرة ال‪K‬تي تع‪K‬ترض طريقه‪K‬ا‪ .‬فهن‪K‬اك من الظ‪K‬واهر‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫‪K‬يرا رغم ذل ‪KK K‬ك دامت نظريت ‪KK K‬ه ق ‪KK K‬رنين من الزم ‪KK K‬ان‪.‬‬
‫لم يج ‪KK K‬د له ‪KK K‬ا ني ‪KK K‬وتن تفس ‪ً K K‬‬
‫فالتأيي‪KK‬دات‪ K‬أهم من التفني‪KK‬دات‪ ،‬كونه‪K‬ا‪ K‬تجع‪KK‬ل البرن‪KK‬امج يس‪KK‬تمر في طريق‪KK‬ه على‬
‫الرغم من بعض الحاالت المستعصية‪ .27‬إذا كان الدور األساسي الذي تلعبه‬
‫الكشافة السلبية ه‪K‬و إقص‪K‬اء الش‪K‬ذوذ‪ K‬ال‪K‬ذي يتح‪K‬دى الن‪K‬واة الص‪K‬لبة‪ .‬ف‪K‬إن الكش‪K‬افة‬
‫اإليجابية ترشد العلماء إلى ما ينبغي أن يتجنبوه لإلبق‪K‬اء على برن‪K‬امج البحث‬
‫بالمحافظ‪KKK‬ة على نوات‪KKK‬ه الص‪KKK‬لبة‪ .‬بينم ‪KK‬ا إذا ط ‪KK‬رأ تغي ‪KK‬ير‪ K‬فه‪K K‬و‪ K‬يص ‪KK‬يب الح‪KKK‬زام‬
‫ال ‪KKK‬واقي‪ K‬وذل ‪KKK‬ك بتع ‪KKK‬ديل بعض فروض‪KK K‬ه المس‪KK K‬اعدة أو بتعويض‪KK K‬ه بح ‪KKK‬زام واق‬
‫آخ ‪KK‬ر‪ .‬أي أن المحاول ‪KK‬ة الس ‪KK‬لبية تعم ‪KK‬ل على ابع ‪KK‬اد الش ‪KK‬ذوذ‪ K‬ق ‪KK‬در اإلمك ‪KK‬ان عن‬
‫الج‪KK‬وهر الص‪KK‬لب‪ ،‬أم‪KK‬ا الكش‪KK‬افة االيجابي‪KK‬ة فتهتم بمواجه‪KK‬ة الش‪KK‬ذوذ ب‪KK‬البحث عن‬
‫آلي‪KK‬ات جدي‪KK‬دة تس‪KK‬مح لبرن‪KK‬امج البحث الق‪KK‬ائم باس‪KK‬تيعاب المس‪KK‬تجدات والت‪KK‬أقلم م‪KK‬ع‬
‫الوضع العلمي الجديد‪ .‬ومادامت الحاالت الش‪K‬اذة هي ق‪K‬در‪ K‬ك‪K‬ل ب‪K‬رامج البحث‬
‫ف ‪KK‬إن الكش ‪KK‬افة االيجابي ‪KK‬ة تف ‪KK‬رض على الب ‪KK‬احث المنظ ‪KK‬ر ع ‪KK‬دم االهتم ‪KK‬ام المف ‪KK‬رط‬
‫بالشذوذ‪ K‬وخاصة إذا كان برنامج البحث في طور التكوين‪.‬‬
‫يقول الكاتوس‪ ":‬نادرون هم العلماء الملتزمون ببرن‪KK‬امج بحث معين‬
‫يول‪K‬ون اهتمام‪K‬ا للح‪K‬االت المناقض‪K‬ة"‪ .28K‬فالكش‪K‬افة االيجابي‪K‬ة للبرن‪K‬امج تنق‪K‬ذ الع‪K‬الم‬ ‫ّ‬
‫من الح ‪KK‬يرة عن ‪KK‬دما يك ‪KK‬ون محيط ‪KK‬ا بح ‪KK‬االت الش ‪KK‬ذوذ‪ ،‬فتجع ‪KK‬ل اهتمام ‪KK‬ه منص ‪KK‬با‪K‬‬
‫على تط‪KK‬وير ابحاث‪KK‬ه باالسترش‪KK‬اد بالتعليم‪KK‬ات ال‪KK‬تي توج‪KK‬د في الموج‪KK‬ه االيج‪KK‬ابي‬
‫لبرنامج‪KK K K‬ه‪ ،‬فيتجاه‪KK K K‬ل ه‪KK K K‬ذه األمثل‪KK K K‬ة المض‪KK K K‬ادة‪ .‬يوص‪KK K K‬ي الك" ""اتوس الب‪KK K K‬احثين‬
‫ويدعوهم‪ K‬إلى عدم االنسياق‪ K‬كثيرا إلى المالحظ‪KK‬ة التجريبي‪KK‬ة العارض‪KK‬ة‪ ،‬ألنهم‬
‫ق‪K‬د يتعرض‪KK‬ون إلى خيب‪K‬ة أم‪K‬ل من ج ّ‪K‬راء م‪K‬ا تكش‪K‬ف عن‪K‬ه من قص‪K‬ور‪ K‬المطابق‪K‬ة‬
‫مع النظرية‪ .‬لذا على العالم السير وفق م‪K‬ا ترش‪K‬ده إلي‪K‬ه الكش‪K‬افة اإليجابي‪K‬ة في‬
‫س‪KK K‬عيه الى تنمي‪KK K‬ة برنامج‪KK K‬ه‪ ،‬لكن إذا ك‪KK K‬انت ه‪KK K‬ذه الش‪KK K‬واهد المناقض‪KK K‬ة تتك‪KK K‬رر‬
‫وتع‪KK‬ود الى الواجه‪KK‬ة باس‪KK‬تمرار فيجب اخ‪KK‬ذ الت‪KK‬دابير‪ K‬الالزم‪KK‬ة لمواجهته‪KK‬ا وع‪KK‬دم‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫االستس‪KK‬الم للي‪KK‬أس واإلحب‪KK‬اط‪ K.‬ك‪KK‬ان ني‪KK‬وتن نفس‪KK‬ه يحتق‪KK‬ر أولئ‪KK‬ك ال‪KK‬ذين يتع‪KK‬ثرون‬
‫في أول ص ‪KK K‬عوبة ت ‪KK K‬واجههم وال يمتلك ‪KK K‬ون اإلص ‪KK K‬رار على تنمي ‪KK K‬ة ب ‪KK K‬رامجهم‪.‬‬
‫فالنجاح ‪KK K‬ات الكث ‪KK K‬يرة ال ‪KK K‬تي حققه ‪KK K‬ا تع ‪KK K‬زى إلى التع ‪KK K‬ديالت ال ‪KK K‬تي أدخله ‪KK K‬ا على‬
‫برنامج‪KKK‬ه باالس‪KKK‬تعانة بالكش‪KKK‬افة االيجابي ‪KK‬ة‪ ،‬وال ‪KK‬تي بفض ‪KK‬لها قض‪K K‬ى‪ K‬على معظم‬
‫المعض‪KK‬الت ال‪KK‬تي ك‪KK‬انت تواج‪KK‬ه نس‪KK‬قه‪ .‬كم‪KK‬ا أدت ه‪KK‬ذه اإلض‪KK‬افات‪ K‬والتع‪KK‬ديالت‬
‫إلى تنوع‪KK K K‬ات في النم‪KK K K‬وذج ال‪KK K K‬نيوتوني مم‪KK K K‬ا س‪KK K K‬اهمت في توس‪KK K K‬يع المحت‪KK K K‬وى‬
‫المعرفي‪ K‬لبرنامجه‪.29‬‬
‫إن الكش‪KK K K‬افة االيجابي‪KK K K‬ة هي أك‪KK K K‬ثر مرون‪KK K K‬ة بوج‪KK K K‬ه ع‪KK K K‬ام من الكش‪KK K K‬افة‬
‫الس‪KK‬البة‪ ،‬ه‪KK‬ذه المرون‪KK‬ة تظه‪KK‬ر جلّي‪KK‬ا حس‪KK‬ب الك""اتوس عن‪KK‬دما يب‪KK‬دأ برنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــامج‬
‫بحث في ال ‪KK K K‬تراجع والتقهق ‪KK K K‬ر‪ ،‬حيث أن كش ‪KK K K‬فا ابتكاري ‪KK K K‬ا ص ‪KK K K‬غيرا‪ K‬بواس ‪KK K K‬طة‬
‫‪30‬‬
‫المحاول ‪KK‬ة التجريبي‪KK‬ة للموج ‪KK‬ه االيج‪KK‬ابي ق‪KK‬د يدفع ‪KK‬ه دفع‪KK‬ا قويـ ـــا‪ K‬إلى األم ـ ـ ـــام‪.‬‬
‫فالكشافة االيجابية لبرن‪K‬امج البحث ت‪KK‬زود الب‪KK‬احث بالتوجيه‪K‬ات‪ K‬المناس‪KK‬بة وتفتح‬
‫ل‪K‬ه المج‪K‬ال أم‪KK‬ام الكش‪K‬ف واالب‪KK‬داع‪ .‬عكس الكش‪KK‬افة الس‪KK‬البة ال‪KK‬تي تكبل‪K‬ه وتجعل‪KK‬ه‬
‫حارسا‪ K‬مدرعا يتلقى السهام والرماح ال‪K‬تي ق‪K‬د تفت‪K‬ك ب‪K‬النواة الص‪K‬لبة‪ .‬فالكش‪K‬افة‬
‫الس‪KK‬البة اش‪KK‬به بخ‪KK‬ط ال‪KK‬دفاع‪ K‬في فري‪K‬ق‪ K‬ك‪KK‬رة الق‪KK‬دم وال‪KK‬ذي غايت‪KK‬ه حماي‪KK‬ة الم‪KK‬رمى‪K‬‬
‫من الخص‪KKK‬وم‪ K،‬أم‪KKK‬ا الكش‪KKK‬افة االيجابي‪KKK‬ة فتش ‪KK‬به خ ‪KK‬ط الهج ‪KK‬وم ال ‪KK‬ذي يس‪KKK‬عى الى‬
‫تحقيق الفوز والتقدم لفريقه‪.‬‬
‫إن برن ‪KK K‬امج البحث في مس ‪KK K‬يرته يجاب ‪KK K‬ه الع ‪KK K‬الم الخ ‪KK K‬ارجي بظ ‪KK K‬واهره‬
‫المختلف ‪KK‬ة وفي‪ K‬اآلن ذات ‪KK‬ه ين ‪KK‬افس ب ‪KK‬رامج بحث أخ ‪KK‬رى‪ ،‬فق ‪KK‬د ينتص ‪K‬ر‪ K‬أو ينه ‪KK‬زم‬
‫بحس‪KK K‬ب محددات‪KK K‬ه وموجهات‪KK K‬ه المتمثل‪KK K‬ة أوال في الكش‪KK K‬افة الس‪KK K‬لبية ال‪KK K‬تي ترش ‪K K‬د‪K‬‬
‫العلم‪KK K K K‬اء إلى م‪KK K K K‬ا يجب أن يتجنب‪KK K K K‬وه ليح‪KK K K K‬افظوا على الن‪KK K K K‬واة الص‪KK K K K‬لبة ليبقى‬
‫برن‪KK‬امجهم‪ K‬س‪KK‬اري‪ K‬المفع‪KK‬ول وثاني‪KK‬ا في الكش‪KK‬افة االيجابي‪KK‬ة ال‪KK‬تي ت‪KK‬دلهم على م‪KK‬ا‬
‫يجب أن يتبع‪KK‬وه من اج‪KK‬ل تحقي‪KK‬ق النم ‪KK‬و والتق‪KK‬دم لبرن‪KK‬امج بحثهم ح‪KK‬تى يتوف ‪K‬ق‪K‬‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫على ال ‪KK K‬برامج المنافس ‪KK K‬ة ل ‪KK K‬ه‪ .‬ألن تق ‪KK K‬دم العلم في نظ ‪KK K‬ر الك"""اتوس " يجب أن‬
‫تك‪KKK‬ون تنافس ‪KK‬ا‪ K‬بين ب‪KKK‬رامج البحث"‪ ، 31‬أي أن منط ‪KK‬ق نم ‪KK‬و المعرف ‪KK‬ة العلمي‪KKK‬ة‬
‫يخضع لمبدأ التنافس المفتوح وليس لمب‪KK‬دأ التع‪KK‬اقب بين النم‪KK‬اذج اإلرش‪KK‬ادية‬
‫مثلم‪KK‬ا ي‪Kّ K‬دعي توم‪KK‬اس كون‪ .‬إن إع‪KK‬ادة ص‪KK‬ياغة تق‪KK‬دم العلم على أس‪KK‬اس التن‪KK‬افس‬
‫يعطي صورة جديدة عن العلم وتاريخه‪ ،‬صورة تختلف في جميع جوانبها‪K‬‬
‫عن نظ‪KK‬رة كون ال‪KK‬تي ت‪KK‬رى في نم‪KK‬و العلم تعاقب‪KK‬ا لنظري‪KK‬ات تتخلله‪KK‬ا أحيان‪KK‬ا‬
‫‪K‬رة"وبر ال ‪KK‬تي رفعت ش ‪KK‬عار "الث ‪KK‬ورة الدائم ‪KK‬ة"‪ .‬فكي ‪KK‬ف‬
‫انقالب ‪KK‬ات مفاجئ ‪KK‬ة‪ ،‬ونظ ‪ K‬ب"‬
‫يفس‪KK K‬ر الك ""اتوس تق‪KK K‬دم المع‪KK K‬ارف العلمي‪KK K‬ة من خالل التنافس‪KK K‬ية المفتوح‪KK K‬ة بين‬
‫ب‪KK K‬رامج البحث؟ وم‪KK K‬تى ينتص‪KK K‬ر برن‪KK K‬امج على آخ‪KK K‬ر؟ وكي‪KK K‬ف يأخ‪KK K‬ذ برن‪KK K‬امج‬
‫بحث موقعه في تاريخ العلم؟‬
‫‪-4‬التنافس""ية المفتوح""ة بين ب""رامج األبح""اث العلمي""ة ومآله""ا بين‬
‫التقدم والتقهقر‪:‬‬
‫يرى الكاتوس أن أهمية برنامج بحث ما تتأتى من ق‪KK‬وة بنيت‪K‬ه المفاهيمي‪K‬ة‬
‫وث‪KK‬راء محت‪KK‬واه المع‪KK‬رفي‪ ،‬مم‪KK‬ا ي‪Kّ K‬دعم قوت‪KK‬ه الكش‪KK‬فية وقدرت‪KK‬ه التوجيهي‪KK‬ة‪ ،‬س‪KK‬واء‬
‫باكتش ‪KK‬اف‪ K‬الحجج المؤي ‪KK‬دة ل ‪KK‬ه وهي من مه ‪KK‬ام الكش ‪KK‬افة اإليجابي ‪KK‬ة أو بإقص ‪KK‬ائه‬
‫لح‪KK‬االت الش‪KK‬ذوذ ح‪KK‬تى يواص‪KK‬ل البرن‪KK‬امج مس‪KK‬يرته وه‪KK‬ذا دور الكش‪KK‬افة الس‪KK‬البة‪.‬‬
‫إن الك"اتوس ال تهم‪KK‬ه الح‪KK‬االت الس‪KK‬البة ال‪KK‬تي تع‪KK‬ترض ك‪KK‬ل برن‪KK‬امج بحث ألن‬
‫وجوده‪KK‬ا‪ K‬ال يس‪KKK‬تدعي بالض‪KKK‬رورة دحض البرن ‪KK‬امج وهج ‪KK‬ره‪ ،‬بق ‪KK‬در م‪KKK‬ا يهم‪KKK‬ه‬
‫وج‪KK‬ود‪ K‬الح‪KK‬االت الموجب‪KK‬ة ال‪KK‬تي ت‪KK‬دعم البرن‪KK‬امج وتؤي‪KK‬د تنبؤات‪KK‬ه‪ ،‬ألن ه‪KK‬ذا يع‪KK‬ني‬
‫أن المعرفة في نم‪K‬و وتزاي‪K‬د مط‪K‬رد‪ .‬فمنهجي‪K‬ة ب‪K‬رامج األبح‪K‬اث الالكاتوس‪K‬ية ال‬
‫ت‪K‬ولي اهتمام‪K‬ا كب‪K‬يرا للتك‪K‬ذيب مث‪K‬ل ك"ارل ب"وبر‪ 32.‬ويوض‪K‬ح ذل‪K‬ك بقول‪K‬ه‪" :‬ليس‪K‬ت‬
‫التناقضات‪ K‬التي تثير القلق في النفس‪...‬أو هي التي تحدد أي المش‪KK‬اكل يمكن‬
‫للعلم‪KK K K‬اء أن يختاروه‪K K K‬ا‪ K‬للعم‪KK K K‬ل بواقعي‪KK K K‬ة في ب‪KK K K‬رامج البحث ‪[...‬ب‪KK K K‬ل] تس‪KK K K‬تبعد‪K‬‬
‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫التناقض‪KK‬ات‪ ،‬وتوض ‪K‬ع‪ K‬جانب‪KK‬ا على أم‪KK‬ل أنه‪KK‬ا س‪KK‬تتحول إلى تعزي‪KK‬زات‪ K‬للبرن‪KK‬امج‬
‫‪33‬‬
‫ل ‪KK‬ذا ي ‪KK‬رفض الك""اتوس فك ‪KK‬رة التخلي عن النظري ‪KK‬ة‬ ‫في ال ‪KK‬وقت المناس ‪KK‬ب"‪.‬‬
‫بش ‪KK‬كل س ‪KK‬ريع لمج ‪KK‬رد ظه ‪KK‬ور‪ K‬مفن ‪KK‬دات له ‪KK‬ا‪ ،‬ألن ت ‪KK‬اريخ العلم يزخ ‪KK‬ر بش ‪KK‬واهد‬
‫علمية تؤكد أن الكثير من النظريات العلمية ق‪KK‬د ول‪K‬د ونش‪KK‬أ وتط‪K‬ور في محي‪K‬ط‬
‫مليء بح ‪KK‬االت الش ‪KK‬ذوذ‪ .‬فال وج ‪KK‬ود‪ K‬لنظري ‪KK‬ة تنس ‪KK‬جم م ‪KK‬ع ك ‪KK‬ل الوق ‪KK‬ائع دون أن‬
‫يع ‪KK‬ترض طريقه ‪KK‬ا بعض الع ‪KK‬ثرات‪ .‬وأغلب النظري ‪KK‬ات‪ K‬ق ‪KK‬د نجحت في تج ‪KK‬اوز‪K‬‬
‫وحولته‪K‬ا‪ K‬من معيق‪KK‬ات إلى عوام‪KK‬ل تق‪KK‬دم‪ ،‬وتمكنت من‬
‫الح‪KK‬االت ال‪KK‬تي تناقض‪KK‬ها ّ‬
‫اس‪KK‬تيعابها‪ K‬بع‪KK‬د تع‪KK‬ديل بعض قواع‪KK‬د برنامجه‪KK‬ا‪ .‬فالكاتوس يش‪KK‬جع ك‪KK‬ل ال‪KK‬برامج‬
‫العلمي ‪KK‬ة ب ‪KK‬دون اس ‪KK‬تثناء‪ ،‬وه ‪KK‬و م ‪KK‬ا يمنح الب ‪KK‬احث أو جم ‪KK‬وع الب ‪KK‬احثين حظوظ ‪KK‬ا‬
‫متكافئة‪ ،‬ويبعث فيهم‪ K‬حافزا نفسيا قويا ويبعدهم عن الي‪K‬أس‪ .‬ألن‪K‬ه من الممكن‬
‫‪34‬‬
‫أن يع‪KK‬ود برن‪KK‬امج متهال‪KK‬ك ويش‪KK‬تغل مكان‪KK‬ه ثاني‪KK‬ة على مس‪KK‬رح البحث العلمي‬
‫ويبعث األم‪KK‬ل في نف‪KK‬وس الب‪KK‬احثين إلحي‪KK‬اء ب‪KK‬رامجهم‪ K‬من خالل اق‪KK‬راره لثب‪KK‬ات‬
‫النواة الصلبة‪ ،‬على عكس "بوبر" الذي يقص‪K‬ي الفرض‪K‬ية بمج‪K‬رد ظه‪K‬ور‪ K‬مفن‪K‬د‬
‫لها‪.‬‬
‫ي‪KKK‬رى الك""اتوس أن ك‪KKK‬ل برن‪KKK‬امج بحث مس ‪KK‬موح ل ‪KK‬ه ببعض اله‪KKK‬زائم‪،‬‬
‫ولكن ح‪KK‬تى يع‪KK‬ود إلى س‪KK‬احة المنافس‪KK‬ة فيحت‪KK‬اج الى إثب‪KK‬ات ص‪KK‬حة تنبؤات‪KK‬ه‪ .‬وإ ذا‬
‫ك ‪KK‬انت ه ‪KK‬ذه الع ‪KK‬ودة دون إض ‪KK‬افة في محت ‪KK‬واه المع ‪KK‬رفي‪ K‬أو قوت ‪KK‬ه التنبؤي ‪KK‬ة ف ‪KK‬إن‬
‫الح‪KK‬رب س‪KK‬تكون خاس‪KK‬رة‪ .‬ولكن البرن‪KK‬امج المه‪KK‬زوم‪ K‬بإمكان‪KK‬ه المقاوم‪KK‬ة والع‪KK‬ودة‬
‫الى الواجه‪KK‬ة إذا ك‪KK‬ان يش‪KK‬رف‪ K‬علي‪KK‬ه " علم‪KK‬اء ذوي‪ K‬خي‪KK‬ال وموهب‪KK‬ة‪ .‬كم‪KK‬ا يمكن‬
‫للم‪KK‬دافعين عن البرن‪KK‬امج المه‪KK‬زوم أن يق‪Kّ K‬دموا تفس‪KK‬يرات ذكي‪KK‬ة بغ‪KK‬رض اإلقالل‬
‫من البرن‪KK‬امج المنتص‪KK‬ر"‪ .35‬اذ يس‪KK‬تمر برن‪KK‬امج م‪KK‬ا في الممارس‪KK‬ة العلمي‪KK‬ة إذا‬
‫ك‪KKK‬ان ق‪KKK‬ادرا على تحقي‪KKK‬ق انتص‪KKK‬ارات جدي ‪KK‬دة وذل ‪KK‬ك يك ‪KK‬ون بص ‪KK‬ياغة ف‪KKK‬روض‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫مس‪KK‬اعدة تع‪KK‬زز قوت‪KK‬ه التفس‪KK‬يرية‪ .‬أم‪KK‬ا إذا ك‪KK‬انت ه‪KK‬ذه الف‪KK‬روض تقل‪KK‬ل من قدرت‪KK‬ه‬
‫على اس‪KK‬تنباط تنب‪KK‬ؤات مس‪KK‬تقبلية‪ ،‬فيمكن الق‪KK‬ول هن‪KK‬ا إن ه‪KK‬ذا البرن‪KK‬امج البح‪KK‬ثي‬
‫في تقهق‪KK‬ر وتراج‪KK‬ع‪ .‬ف‪KK‬العلم حس‪KK‬ب الكاتوس ينم‪KK‬و بش‪KK‬كل عقالني ع‪KK‬بر ب‪KK‬رامج‬
‫البحث ال‪K‬تي ت‪K‬زيح بعض‪K‬ها بعض‪K‬ا‪ ،‬والبرن‪K‬امج األك‪K‬ثر اس‪K‬تيعابا للوض‪K‬ع العلمي‬
‫الجديد هو الذي سيظفر‪ K‬باالنتصار‪ K،‬لكن سيستغرق وقتا ط‪KK‬ويال ليف‪KK‬وز ب‪KK‬والء‬
‫المجتمع العلمي‪.‬‬
‫كي ‪KKK‬ف يق ‪KKK‬ود ه ‪KKK‬ذا التن ‪KKK‬افس إلى اس‪KK K‬تبعاد بعض ال‪KK K‬برامج عن الس ‪KKK‬احة‬
‫العلمي ‪KK‬ة؟ وه ‪KK‬ل يوج‪K K‬د‪ K‬س ‪KK‬بب موض ‪KK‬وعي له ‪KK‬ذا االس ‪KK‬تبعاد؟ يك ‪KK‬ون ه ‪KK‬ذا الس ‪KK‬بب‬
‫موضوعيا‪ K‬في نطر الكاتوس اذا ك‪KK‬ان برن‪KK‬امج البحث المنتص‪KK‬ر يف ّس‪K‬ر ك‪KK‬ل م‪KK‬ا‬
‫نجح في‪KK‬ه منافس‪KK‬ه وم‪KK‬ا عج‪KK‬ز عن تفس‪KK‬يره‪ ،‬فيح‪KK‬ل محل‪KK‬ه بفض‪KK‬ل ق‪KK‬وة محاولت‪KK‬ه‬
‫التجريبي‪K‬ة وكش‪K‬افته االيجابي‪K‬ة"‪ .36‬وق‪K‬وة محاولت‪K‬ه التجريبي‪K‬ة تكمن في الطريق‪K‬ة‬
‫‪K‬ؤول به ‪KK‬ا الوق ‪KK‬ائع‪ ،‬فتفس ‪KK‬يراته عليه ‪KK‬ا أن تتض ‪KK‬من فروض ‪KK‬ا جدي ‪KK‬دة غ ‪KK‬ير‬
‫ال ‪KK‬تي ي ‪ّ K‬‬
‫معروفة‪ .‬ولكن جدة الفرض ترى غالبا بعد فترة طويلة‪ ،‬ألن برنامج البحث‬
‫الجدي‪KK K‬د ال‪KK K‬ذي دخ‪KK K‬ل ح‪KK K‬ديثا في المنافس‪KK K‬ة يمكن أن يأخ‪KK K‬ذ وقت‪KK K‬ا ليثبت جدارت‪KK K‬ه‬
‫وينال تأييد المجتمع العلمي‪.‬‬
‫يم‪KK K‬يز الك ""اتوس بين ال‪KK K‬برامج التقدمي‪KK K‬ة القوي‪KK K‬ة وال‪KK K‬برامج المتراجع‪KK K‬ة‬
‫الراك ‪KK K‬دة‪ .‬أي ان ك ‪KK K‬ل برن ‪KK K‬امج بحث إم ‪KK K‬ا أن يك ‪KK K‬ون متق ‪KK K‬دما وإ م ‪KK K‬ا أن يك ‪KK K‬ون‬
‫متراجع‪KK‬ا‪ ،‬بحيث "يك‪KK‬ون برن‪KK‬امج بحث تق‪KK‬دميا إذا ك‪KK‬ان ك‪KK‬ل تع‪KK‬ديل في‪KK‬ه ي‪KK‬ؤدي‪K‬‬
‫إلى تنب‪KK‬ؤات جدي‪K‬دة غ‪K‬ير منتظ‪KK‬رة"‪ 37‬يمكن إثب‪KK‬ات ص‪KK‬حتها تجريبي‪K‬ا‪ ،‬فتع‪K‬زز‪K‬‬
‫برنامج البحث وتزيد من محتواه المعرفي‪ K‬وقدرته الكشفية‪ .‬ويك‪KK‬ون برن‪KK‬امج‬
‫بحث مت ‪KK K‬دهورا أو متراجع ‪KK K‬ا إذا فش ‪KK K‬لت تنبؤات ‪KK K‬ه المس ‪KK K‬تقبلية في اإلحاط ‪KK K‬ة‬
‫بالوق‪KKK‬ائع‪ K‬الموج‪KKK‬ودة‪ .‬فنقط‪KKK‬ة الفص‪KKK‬ل بين ب ‪KK‬رامج البحث هي الق ‪KK‬درة على‬
‫التنب‪KK‬ؤ‪ .‬ينقلن‪KK‬ا ذل‪KK‬ك إلى فك‪KK‬رة مهم‪KK‬ة تتعل‪KK‬ق بالمش‪KK‬كلة األساس‪KK‬ية في فلس‪KK‬فة‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫العلم في نظ‪KK‬ر الك‪KK‬اتوس وهي مش‪KK‬كلة التمي‪KK‬يز بين العلم والالعلم‪ ،‬وي‪KK‬رى‪ K‬ان‬
‫برن‪KKK‬امج البحث يب‪KKK‬دأ يافع ‪KK‬ا‪ K‬محماًل بالعدي ‪KK‬د من التنب ‪KK‬ؤات الواض ‪KK‬حة لكن‪KKK‬ه م‪KKK‬ع‬
‫مرور‪ K‬ال‪K‬وقت ي‪K‬تراجع ويتوق‪KK‬ف عن العط‪K‬اء‪ ،‬فيخ‪K‬رج من دائ‪K‬رة العلم ليص‪K‬نف‬
‫في الالعلم‪.‬‬
‫إن برن ‪KK‬امج البحث ال ‪KK‬ذي سينتصر‪ K‬حسب الك""اتوس ه ‪KK‬و ال ‪KK‬ذي يمتل ‪KK‬ك‬
‫الق‪KK K‬درة المس‪KK K‬تمرة على وض‪KK K‬ع تنب‪KK K‬ؤات مس‪KK K‬تقبلية يمكن اثباته‪KK K‬ا بالتجرب‪KK K‬ة أو‬
‫الرصد‪ .‬فإذا كان برنامج البحث خصبا قادرا‪ K‬على وضع تنبؤات جديدة فهو‬
‫متق ‪KK K‬دم‪ ،‬أم ‪KK K‬ا إذا ك ‪KK K‬انت فرض ‪KK K‬ياته ال تس ‪KK K‬اعده على وض ‪KK K‬ع تنب ‪KK K‬ؤات مس ‪KK K‬تقبلية‬
‫واض‪KK‬حة‪ ،‬فيمكن الق‪KK‬ول إن ه‪KK‬ذا البرن‪KK‬امج البح‪KK‬ثي م‪KK‬تراجع وعلي‪KK‬ه أن يتجه‪KK‬ز‬
‫للرحيل ليحل مكانه برنامج بحث آخ‪KK‬ر‪.‬فمثال تراج‪KK‬ع البرن‪K‬امج ال‪KK‬نيوتوني‪ K‬بع‪KK‬د‬
‫مائتي ع‪K‬ام من النج‪KK‬اح المت‪KK‬والي وذل‪KK‬ك حين فش‪KK‬لت تنبؤات‪KK‬ه في تفس‪KK‬ير ظ‪KK‬اهرة‬
‫ش ‪KK‬ذوذ ك ‪KK‬وكب عط ‪KK‬ارد عن م ‪KK‬داره‪ ،‬حيث ك ‪KK‬ذبت المالحظ ‪KK‬ات الفلكي ‪KK‬ة فرض ‪KK‬ه‬
‫عن وجود كوكب آخر مجهول يعيق حركته‪ ،‬فأصبح برنامجا‪ K‬مت‪KK‬دهورا‪ K،‬ل‪KK‬ذا‬
‫ح‪KK‬ل محل‪KK‬ه برن‪KK‬امج آخ‪KK‬ر ه‪KK‬و برن‪KK‬امج انش‪KK‬تاين ال‪KK‬ذي تم ّكن من تفس‪KK‬ير س‪KK‬لوك‬
‫عطارد بفضل نظريته الجدي‪K‬دة في "مج‪KK‬االت الجاذبي‪K‬ة "‪ ،‬ف‪KK‬أحرز ب‪K‬ذلك نجاح‪KK‬ا‬
‫م‪KK‬ذهال‪ .38‬وه‪KK‬ذا م‪KK‬ا ح‪KK‬دث أيض‪KK‬ا م‪KK‬ع الث‪KK‬ورة الكوبرنيكي‪KK‬ة حين أخ‪KK‬ذ البرن‪KK‬امج‬
‫الك ‪KK‬وبرنيكي مك ‪KK‬ان النس ‪KK‬ق األرس ‪KK‬طي بع ‪KK‬دما تراج ‪KK‬ع ه ‪KK‬ذا األخ ‪KK‬ير عن وض ‪KK‬ع‬
‫تنبؤات جديدة واض‪KK‬حة‪ .‬ه‪K‬ذا االنتق‪K‬ال من برن‪KK‬امج م‪K‬تراجع الى برن‪KK‬امج متق‪K‬دم‬
‫يمثل ثورة علمية في نظر الكاتوس‪.‬‬
‫يعتبر الكاتوس اإلنجازات العلمية الكبرى ليست سوى ب‪KK‬رامج بحث‬
‫يمكن تقييمه ‪KK K‬ا بحس ‪KK K‬ب درج ‪KK K‬ات التق ‪KK K‬دم وال ‪KK K‬تراجع‪ ،‬حيث تنتج عن الث ‪KK K‬ورات‬
‫العلمية برامج بحث أكثر تقدما تحل مح‪K‬ل ب‪K‬رامج بالي‪K‬ة اس‪K‬تنفذت مقتض‪K‬ياتها‪K.‬‬
‫وي‪KK K K‬رى أن االنتق‪KK K K‬ال من برن‪KK K K‬امج بحث إلى آخ‪KK K K‬ر ليس تح‪KK K K‬وال جش‪KK K K‬طالتيا‪ K‬ال‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫عالق‪KK‬ة ل‪KK‬ه ب‪KK‬المنطق مثلم‪KK‬ا ك‪KK‬ان يتص‪Kّ K‬ور كون‪ .‬ويؤك‪KK‬د م‪KK‬ع بوبر على أن العلم‬
‫ينمو بشكل عقالني ع‪K‬بر ب‪KK‬رامج البحث المتنافس‪K‬ة ال‪K‬تي ت‪KK‬زيح بعض‪K‬ها بعض‪K‬ا‪،‬‬
‫ف‪KK K‬التحوالت الثوري‪KK K‬ة في نظ‪KK K‬ره عقالني‪KK K‬ة ومنطقي‪KK K‬ة‪ .‬يؤك‪KK K‬د الك‪KK K‬اتوس هن‪KK K‬ا أن‬
‫ال‪KK‬برامج التقدمي‪KK‬ة تُفض‪KK‬ل عقالني‪KK‬ا على ال‪KK‬برامج المتراجع‪KK‬ة‪ ،‬لكن البرن‪KK‬امج ال‬
‫ُي‪KK‬زاح ف‪KK‬ور‪ K‬أن يب‪KK‬دأ ب‪KK‬التراجع مثلم‪KK‬ا ي‪Kّ K‬دعي بوبر ألن‪KK‬ه ق‪KK‬د يتع‪KK‬افى بعملي‪KK‬ة ص‪KK‬قل‬
‫أو تعديل‪ .‬كذلك يقول –على عكس كون‪ -‬إن‪KK‬ه يمكن لع‪KK‬دد من ب‪KK‬رامج البحث‬
‫المتنافس‪KK‬ة أن تتواج‪KK‬د مع‪KK‬ا في نفس الف‪KK‬ترة دون ينفي أح‪KK‬دهما اآلخ‪KK‬ر‪ ،‬وال‪KK‬دليل‬
‫على ذل‪KK K‬ك ت‪KK K‬زامن مدرس‪KK K‬تين معاص‪KK K‬رتين فس‪KK K‬رتا الظ‪KK K‬اهرة الض‪KK K‬وئية بط‪KK K‬رق‬
‫مختلفة‪ ،‬وهما المدرسة الذرية والمدرسة الطاقوية‪.‬‬
‫هذه المقارن‪KK‬ة بين ال‪KK‬برامج المتنافس‪KK‬ة وتقييمه‪KK‬ا جعلت الكاتوس يض‪KK‬ع‬
‫مع ‪KK‬ايير‪ K‬تح ‪KK‬دد م ‪KK‬دى تق ‪KK‬دم أو رك ‪KK‬ود‪ K‬برن ‪KK‬امج م ‪KK‬ا‪ ،‬حيث يعت ‪KK‬بر أن برنامج ‪KK‬ا م ‪KK‬ا‬
‫متقدما عن نموه التجريبي‪ K‬ومحتفظ بقدرت‪K‬ه على‬
‫ً‬ ‫متقدم إذا كان نموه النظري‬
‫راكدا أو متفسخا إذا تخلف نموه النظ‪K‬ري عن نم‪KK‬وه التجري‪K‬بي‪K‬‬
‫التنبؤ‪ .‬ويكون ً‬
‫وبالتالي‪ K‬عليه أن يفسح المجال لبرنامج أفض‪KK‬ل من‪KK‬ه ليق‪KK‬ود الممارس‪KK‬ة العلمي‪KK‬ة‪.‬‬
‫وهذا التن‪KK‬افس المتواص‪KK‬ل بين ب‪KK‬رامج البحث ه‪KK‬و ال‪KK‬ذي ي‪KK‬دفع عجل‪KK‬ة العلم دوم‪KK‬ا‬
‫الى األم ‪KK‬ام‪ .‬إن التق ‪KK‬دم ال ‪KK‬ذي يح ‪KK‬رزه العلم حس ‪KK‬ب الك""اتوس ال يك ‪KK‬ون إالّ من‬
‫خالل التن ‪KK‬افس المفت ‪KK‬وح بين ال ‪KK‬برامج المختلف ‪KK‬ة‪ ،‬ويعت ‪KK‬بر‪ K‬ميتديولوجي ‪KK‬ة ب ‪KK‬رامج‬
‫األبحاث العلمية أحسن أداة لفهم ميكانيزمات‪ K‬انتاج المعرفة العلمية‪.‬‬
‫يعب ‪KK‬ر عن ح ‪KK‬رب خفي ‪KK‬ة بين ب ‪KK‬رامج البحث‬
‫أثن ‪KK‬اء ه ‪KK‬ذا التن ‪KK‬افس ال ‪KK‬ذي ّ‬
‫يتط‪KK‬ور‪ K‬برن‪KK‬امج معين ويق‪KK‬وى حين ي‪KK‬تراجع منافس‪KK‬ه‪ .‬ي‪KK‬رى الك""اتوس ان‪KK‬ه من‬
‫الخط ‪KK K K‬أ أن نعت‪KK K K‬بر‪ K‬برن‪KK K K‬امج بحث م ‪KK K K‬ا عقي‪KK K K‬دة راس‪KK K K‬خة ال تتغ ‪KK K K‬ير ونواص‪K K K K‬ل‪K‬‬
‫االستمرار‪ K‬عليه وقد استهلكت قوته التجريبية‪ ،‬كما ال يجب أن يقب‪K‬ل أعض‪K‬اء‬
‫المجتمع العلمي برنامجا‪ K‬جدي‪K‬دا قب‪K‬ل أن يتأك‪K‬دوا ان البرن‪K‬امج الق‪K‬ديم ق‪K‬د وص‪K‬ل‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫إلى نقطة االنهيار‪ .39K‬ألن االلتزام‪ K‬ببرنامج واحد يعني تكبيل العلماء وقتل‪K‬‬
‫روح االبداع فيهم ودفعهم إلى السكون والجم‪KK‬ود‪ .‬بينم‪KK‬ا التن‪KK‬افس المفت‪KK‬وح بين‬
‫ال ‪KK‬برامج العلمي ‪KK‬ة يفس ‪KK‬ح المج ‪KK‬ال االبتك ‪KK‬ار العلمي‪ ،‬مم ‪KK‬ا يس ‪KK‬مح بنم ‪KK‬و المعرف ‪KK‬ة‬
‫وتق ‪KK K‬دمها‪ ،‬ألن التمس ‪KK K‬ك األعمى بنظري ‪KK K‬ة اس ‪KK K‬تنفذت مقتض ‪KK K‬ياتها ليس فض ‪KK K‬يلة‬
‫علمية وإ نما هو جريمة فكرية ألنها تؤدي الى عقم العقل وشلل االبداع‪.‬‬
‫رغم أن التمس‪K‬ك ببرن‪KK‬امج بحث وال‪K‬دفاع‪ K‬عن‪K‬ه باس‪KK‬تماتة ليس عيب‪KK‬ا في‬
‫نظر الكاتوس ب‪K‬ل ه‪K‬و أم‪K‬ر مب‪K‬اح ومش‪K‬روع‪ K،‬ألن‪K‬ه من الص‪K‬عوبة الحكم ب‪K‬أفول‬
‫برنامج بحث ما بمجرد مواجهته لش‪K‬ذوذ‪ K‬في ص‪K‬ورة أمثل‪K‬ة س‪K‬البة ال تتف‪K‬ق م‪K‬ع‬
‫مض‪KK K K‬امينه‪ ،‬ومن ثم‪KK K K‬ة االس‪KK K K‬تعجال بتكذيب‪KK K K‬ه ورفض‪KK K K‬ه مثلم‪KK K K‬ا تنص التكذيبي‪KK K K‬ة‬
‫البوبري‪K‬ة‪ .‬فل‪K‬و اتبعن‪K‬ا مب‪K‬دأ التك‪K‬ذيب الب‪K‬وبري‪ K‬وأبع‪K‬دنا ميك‪K‬انيزم‪ K‬ح‪K‬ل المش‪K‬كالت‬
‫المس‪KK‬اعدة على الكش‪KK‬ف لت‪KK‬وقفت نظري‪KK‬ات كث‪KK‬يرة لحظ‪KK‬ة والدته‪K‬ا‪ K‬لم‪KK‬ا يعترض‪KK‬ها‪K‬‬
‫من ش ‪KK‬واذ‪ K‬مكذب ‪KK‬ة له ‪KK‬ا‪ .‬ألن ‪KK‬ه ال وج ‪KK‬ود لنظري ‪KK‬ة كامل ‪KK‬ة منزه ‪KK‬ة من ك ‪KK‬ل نقص‪،‬‬
‫فاألمثل ‪KK K K‬ة المض ‪KK K K‬ادة وح ‪KK K K‬االت الش ‪KK K K‬ذوذ هي أم ‪KK K K‬ور محايث ‪KK K K‬ة للنش ‪KK K K‬اط العلمي‪،‬‬
‫فب‪KK K K‬دونهما تتوق ‪K K K‬ف‪ K‬حركي‪KK K K‬ة العلم‪ ،‬ورفض‪ K‬وجوده ‪K K K‬ا‪ K‬يع‪KK K K‬ني وأد ك‪KK K K‬ل ب‪KK K K‬رامج‬
‫األبحاث العلمية قبل أن نمنحها فرصة لتحقق نجاحها‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫ألنه دحض وهدم‬ ‫يقول الكاتوس " إن النقد البوبري‪ K‬سلبي"‬
‫للنظريات العلمية‪ .‬فأراد أن يخفض من ح‪K‬دة ه‪K‬ذا النق‪K‬د‪ ،‬له‪K‬ذا رأى أن‪K‬ه عن‪K‬دما‬
‫يتعل ‪KK‬ق األم ‪KK‬ر بنق ‪KK‬د ب ‪KK‬رامج جدي ‪KK‬دة يجب أن نأخ ‪KK‬ذ بعين االعتب ‪KK‬ار أنه ‪KK‬ا في‬
‫ط‪KK‬ور التك‪KK‬وين ولم تحق‪KK‬ق نض‪KK‬جها بع‪KK‬د‪ ،‬وال نتس‪KK‬رع في دحض‪KK‬ها‪ ،‬ألنن‪KK‬ا‬
‫لو أقصيناها‪ K‬ألول حالة ال تتوافق‪ K‬معه‪KK‬ا ف‪KK‬إن ه‪KK‬ذا حكم بموته‪KK‬ا‪ ،‬مم‪KK‬ا يعي‪KK‬ق‬
‫نم ‪KK‬و المع ‪KK‬ارف العلمي ‪KK‬ة ويمن ‪KK‬ع تق ‪KK‬دمها‪ .‬نحن في العلم "نحت ‪KK‬اج إلى نق ‪KK‬د‬
‫ّبن ‪KK K‬اء وإ يج ‪KK K‬ابي"‪ ،41 K‬نق ‪KK K‬د يس ‪KK K‬مح لل ‪KK K‬برامج المتنافس ‪KK K‬ة من تحقي ‪KK K‬ق نض ‪KK K‬جها‪K‬‬
‫ونجاحها‪ K‬واالستمرار في مسيرتها‪ K‬قدر االمكان‪ .‬هذا النوع من النقد يمكن‪KK‬ه‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫التمييز بين البرامج القوية والض‪KK‬عيفة‪ ،‬إذ " يح‪KK‬ل برن‪KK‬امج بحث مح‪KK‬ل آخ‪KK‬ر‬
‫عندما يتجاوز‪ K‬منافسه في محتوى الحقيقة"‪ ،42‬ويكون برنامج بحث أفضل من‬
‫منافس ‪KK‬ه إذا ك ‪KK‬ان يكتس ‪KK‬ي طابع ‪KK‬ا تق ‪KK‬دميا‪ ،‬وه ‪KK‬ذا يتوق ‪KK‬ف على درج ‪KK‬ة تماس ‪KK‬كه‪،‬‬
‫البناء يؤدي إلى البناء العقالني‬
‫وعلى عدد التنبؤات التي يؤدي إليها‪ .‬هذا النقد ّ‬
‫للمعرفة العلمية ويحفظ لها موضوعيتها‪K.‬‬
‫إن النقد الذي يتحدث عنه الكاتوس يختل‪KK‬ف عن النق‪KK‬د الب‪KK‬وبري‪ ،‬فه‪K‬و‪K‬‬
‫ليس إقصاء وهدم ب‪K‬ل ه‪K‬و عم‪K‬ل ّبن‪K‬اء يس‪K‬عى الى إحي‪K‬اء البرن‪K‬امج المعم‪KK‬ول ب‪K‬ه‬
‫ودعم‪KKK‬ه ليتج‪KKK‬اوز الع ‪KK‬ثرات ومختل‪KKK‬ف التناقض ‪KK‬ات‪ ،‬وذل ‪KK‬ك عن طري‪KKK‬ق إج‪KKK‬راء‬
‫تعديل في حزام أمانه‪ .‬ألن هذا االخير يتميز بنوع من المرونةـ‪ ،‬مم‪KK‬ا يجعل‪KK‬ه‬
‫قابال للتعديل مرارا‪ ،‬وإ ذا باءت جميع محاوالت التعديل بالفشل سيتم تغي‪KK‬يره‬
‫بح ‪KK K‬زام واق اخ ‪KK K‬ر باس ‪KK K‬تحداث فرض ‪KK K‬يات مس ‪KK K‬اعدة جدي ‪KK K‬دة تعطي دفع ‪KK K‬ا قوي ‪KK K‬ا‬
‫لبرنامج البحث‪ ،‬فيواصل في أداء مهامه‪.‬‬
‫‪ -5‬العقالنية الهادئة‪:‬‬
‫يش ‪KK‬اطر الك""اتوس توم""اس ك""ون في بعض االنتق ‪KK‬ادات ال ‪KK‬تي وجهه ‪KK‬ا‬
‫لكارل بوبر كمعارضته للنقد الحاد والتج‪KK‬ارب‪ K‬الحاس‪KK‬مة ال‪KK‬تي تس‪KK‬عى إلى ه‪KK‬دم‬
‫العلم‪ .‬فه‪KK K‬و أيض‪KK K‬ا ض‪KK K‬د فك‪KK K‬رة إقص‪KK K‬اء ب‪KK K‬رامج بحث بمج‪KK K‬رد ظه‪KK K‬ور‪ K‬ح‪KK K‬االت‬
‫تناقضها‪ ،‬ويؤكد‪ K‬أن النقد ال يلغي وال يجب أن يلغي النظري‪KK‬ات العلمي‪KK‬ة بتل‪KK‬ك‬
‫الطريقة الحادة والمتطرفة التي حددها بوبر‪.‬‬
‫تعمل التجارب الحاسمة وف‪K‬ق الطريق‪K‬ة البوبري‪K‬ة على ه‪K‬دم النظري‪K‬ات‬
‫العلمي ‪KK K‬ة وخاص ‪KK K‬ة الفتي ‪KK K‬ة منه ‪KK K‬ا‪ ،‬مم ‪KK K‬ا ي ‪KK K‬ؤدي الى وأد الكث ‪KK K‬ير منه ‪KK K‬ا وهي في‬
‫مه‪KK K‬دها‪ .‬ومن وجه‪KK K‬ة نظ‪KK K‬ر الك ""اتوس ه‪KK K‬ذه العقالني‪KK K‬ة القائم‪KK K‬ة على التج‪KK K‬ارب‬
‫الحاسمة ال تمثل سوى‪ K‬صورة لعقالنية عاجلة‪ ،‬لذا ينادي في "ميتدودولوجية‬
‫ب ‪KK‬رامج األبح ‪KK‬اث العلمي ‪KK‬ة" إلى ع ‪KK‬دم إقص ‪KK‬اء ب ‪KK‬رامج البحث لظه ‪KK‬ور أول مفن ‪KK‬د‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫له‪KK‬ا‪ ،‬فع‪KK‬وض اس‪KK‬تبعادها ينبغي منحه‪KK‬ا فرص‪KK‬ة ال‪KK‬دفاع عن نفس‪KK‬ها من أج‪KK‬ل أن‬
‫تبقى وتس‪KK‬تمر في المنافس‪KK‬ة‪ .‬فالك""اتوس يؤك‪KK‬د أن تق‪KK‬دم العلم يخض‪KK‬ع لعقالني‪KK‬ة‬
‫بطيئ ‪KK‬ة هادئ ‪KK‬ة‪ ،‬وهي على عكس مم ‪KK‬ا يتص ‪KK‬وره ب""وبر وغ ‪KK‬يره من التك ‪KK‬ذيبيين‪،‬‬
‫ألن عقالنيتهم العاجل‪KK K K‬ة تفش‪KK K K‬ل في ق ‪KK K K‬راءة أح ‪KK K K‬داث العلم‪ .‬فبنظ‪KK K K‬رة فاحص‪KK K K‬ة‬
‫‪K‬بين لن ‪KK‬ا أن التّكذيبي ‪KK‬ة البوبري ‪KK‬ة ال تحي ‪KK‬ط‬
‫ودراس ‪KK‬ة متأني ‪KK‬ة ال تتس ‪KK‬م بالهرول ‪KK‬ة يت ‪ّ K‬‬
‫باالس‪KK‬تراتيجية الفعلي‪KK‬ة لتق‪KK‬دم المع‪KK‬ارف‪ K‬العلمي‪KK‬ة‪ .‬ألن‪KK‬ه ال يوج‪KK‬د في منط‪KK‬ق العلم‬
‫ما يمكن أن نسميه "عقالنية آنية أو لحظية"‪ ،‬كوننا ال نس‪KK‬تطيع‪ K‬تحدي‪KK‬د مص‪KK‬ير‬
‫برامج البحث بشكل آني‪ ،‬وال يمكننا تقييم تقدمها والحكم عليه‪KK‬ا بطريق‪KK‬ة آني‪KK‬ة‬
‫عاجلة‪.‬‬
‫إن التج‪KK‬ارب الحاس‪KK‬مة ال أهمي‪KK‬ة له‪KK‬ا أم‪KK‬ام عبقري‪KK‬ة العلم‪KK‬اء ومه‪KK‬ارتهم‬
‫حسب الكاتوس‪ ،‬ألن التجرب‪KK‬ة الحاس‪KK‬مة تبحث عن ح‪K‬االت الش‪KK‬ذوذ والش‪KK‬واهد‪K‬‬
‫المناقض ‪KK‬ة بع ‪KK‬د أن ي ‪KK‬دب الض ‪KK‬عف في برن ‪KK‬امج البحث بم ‪KK‬دة طويل ‪KK‬ة‪ ،‬وبع ‪KK‬د أن‬
‫يكون قد هزم من قبل برنامج آخر‪ .‬إن الميتودولوجية الالكاتوسية ت‪KK‬رى أن‪KK‬ه‬
‫ترخص للع‪KK‬الم دحض النظري‪KK‬ة‬‫ال وجود لمالحظة تجريبية أو تجربة حاسمة ّ‬
‫دفع‪KK‬ة واح‪KK‬دة‪ ،‬فأي‪KK‬ة نظري‪KK‬ة يمكن ال‪KK‬دفاع‪ K‬عنه‪KK‬ا ل‪KK‬زمن طوي‪KK‬ل ح‪KK‬تى ول‪KK‬و ك‪KK‬انت‬
‫كاذب‪KK K‬ة‪ .‬فبرن‪KK K‬امج م‪KK K‬ا يتف‪KK K‬وق بع‪KK K‬د االنهي‪KK K‬ار‪ K‬الت‪KK K‬ام لبرن‪KK K‬امج ق‪KK K‬د ولّى وال‪KK K‬ذي ال‬
‫يستغرق‪ K‬مدة وجيزة‪ .‬أي حتى وإ ن سلمنا بوجود‪ K‬تجارب حاسمة فإن آثاره‪KK‬ا‬
‫‪43‬‬
‫ال تستوعب إالّ بعد عقود من الزمن‪.‬‬
‫ال نطل‪KK‬ق لف‪KK‬ظ "تجرب‪KK‬ة حاس‪KK‬مة" على اختب‪KK‬ار إالّ إذا أمكن‪KK‬ه أن يعطين‪KK‬ا‬
‫أدل ‪KK‬ة كث ‪KK‬يرة مع ‪KK‬ززة للبرن ‪KK‬امج الجدي ‪KK‬د وش ‪KK‬واهد مقنع ‪KK‬ة على إخف ‪KK‬اق البرن ‪KK‬امج‬
‫القديم‪ .‬وليس بوس‪KK‬ع التج‪KK‬ارب الحاس‪KK‬مة ان تك‪KK‬ذب نظري‪KK‬ة أو ح‪KK‬تى أن تمنحه‪KK‬ا‬
‫درجة عالية من التعزيز في نظر الكاتوس‪ ،‬واعتمد على تاريخ العلم لي‪KK‬برر‬
‫موقف‪KK‬ه‪ ،‬وع‪KK‬اد إلى المث‪KK‬ال ال‪KK‬ذي ك‪KK‬ان ب"وبر ي‪KK‬ردده كث‪KK‬يرا‪ :‬وه‪KK‬و ش‪KK‬ذوذ ك‪KK‬وكب‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫أورانوس‪ K‬عن مس‪K‬اره وال‪KK‬ذي ف ّس‪K‬ره ني‪KK‬وتن بوج‪K‬ود‪ K‬ك‪KK‬وكب آخ‪K‬ر غ‪K‬ير مكتش‪KK‬ف‬
‫يعي‪KK‬ق حركت‪KK‬ه‪ .‬وه‪KK‬ذا الك‪KK‬وكب الجدي‪KK‬د تم ّكن العلم‪KK‬اء من رص‪KK‬ده وه‪KK‬و ك‪KK‬وكب‬
‫نبتون‪ .‬اعت‪K‬بر ب‪K‬وبر ه‪K‬ذا االكتش‪K‬اف نص‪K‬را وتعزي‪KK‬زا قوي‪K‬ا لنظري‪K‬ة ني‪K‬وتن‪ ،‬ألن‬
‫في منظ‪KK K K‬وره ه‪KK K K‬ذه النظري‪KK K K‬ة ق‪KK K K‬د تعرض‪KK K K‬ت الختب‪KK K K‬ار حاس‪KK K K‬م وخ‪KK K K‬رجت من‪KK K K‬ه‬
‫منتص ‪KK‬رة‪ .‬غ ‪KK‬ير أن الك""اتوس ينك ‪KK‬ر بص ‪KK‬ريح العب ‪KK‬ارة وج ‪KK‬ود‪ K‬تج ‪KK‬ارب حاس ‪KK‬مة‬
‫‪K‬بين هي‪KK‬ف‬
‫ب‪KK‬المعنى الب‪KK‬وبري‪ ،‬إذ يقلب المث‪KK‬ال الس‪KK‬ابق رأس‪KK‬ا على عقب حتّى ي‪ّ K‬‬
‫هذه التجارب وزيفها‪ ،‬حيث تساءل م‪KK‬اذا ك‪K‬ان يمكن أن يح‪KK‬دث ل‪KK‬و أن العلم‪K‬اء‬
‫لم يجدوا كوكب نبتون‪ .‬هل سيكذب البرنامج النيوتوني‪ K‬برمت‪KK‬ه؟ ب‪KK‬الطبع "ال"‪.‬‬
‫ألن الفشل سيعزي حينئذ إلى أسباب كثيرة غير كذب نسق نيوتن‪ ،‬وخاص‪KK‬ة‬
‫أن قوانين‪KK‬ه ق‪KK‬د حققت نجاح‪KK‬ات ب‪KK‬اهرة في مج‪KK‬االت ع‪Kّ K‬دة‪ .‬فالتج‪KK‬ارب الحاس‪KK‬مة‬
‫حس‪KK‬ب م‪KK‬ا يعتق‪KK‬ده الكاتوس ال يمكنه‪KK‬ا أن تقص‪KK‬ي برن‪KK‬امج بحث دفع‪KK‬ة واح‪KK‬دة‪.‬‬
‫وبالت ‪KK‬الي ليس ‪KK‬ت ع ‪KK‬امال أساس ‪KK‬يا‪ K‬للحس ‪KK‬م بين النظري ‪KK‬ات المتنافس ‪KK‬ة‪ ،‬فاختب ‪KK‬ارات‪K‬‬
‫بوبر الفاص‪KK‬لة م‪K‬ا هي إالّ عنوان‪K‬ا لتكذيبي‪K‬ة عاجل‪K‬ة ال تلم باآللي‪K‬ة الحقيقي‪K‬ة لتق‪KK‬دم‬
‫العلم‪.‬‬
‫إذا م‪KK K‬ا اض‪KK K‬طررنا للتس‪KK K‬ليم بالتج‪KK K‬ارب الحاس‪KK K‬مة فعلين ‪K K‬ا‪ K‬أن نض‪KK K‬ع في‬
‫الحس ‪KK‬بان إنه ‪KK‬ا متوقف ‪KK‬ة على ج ‪KK‬ودة ب ‪KK‬رامج البحث‪ ،‬ألن درج ‪KK‬ة قوته ‪K‬ا‪ K‬عرض ‪KK‬ة‬
‫يفن‪KK‬د ب ‪KK‬ه غ ‪KK‬يره‪ .‬يق ‪KK‬ول‬
‫للت ‪KK‬أرجح‪ ،‬والس ‪KK‬يما ان ك ‪KK‬ل برن ‪KK‬امج ل ‪KK‬ه من الحجج م ‪KK‬ا ّ‬
‫الكاتوس في هذا القبيل‪ ":‬ال توجد تج ـ ـ ـ ـ ـ ــارب حاسم ـ ـ ـ ـ ــة بالمعنى الذي يجع‪KK‬ل‬
‫منه ‪KK K‬ا تح ‪KK K‬دث انقالب ‪KK K‬ا‪ ...‬في برن ‪KK K‬امج البحث"‪ .44‬وليس ك ‪KK K‬ل تجرب ‪KK K‬ة تك ‪KK K‬ذب‬
‫برنامج‪K K K‬ا‪ K‬م‪KK K‬ا ت‪KK K‬ؤدي إلى إلغائ‪KK K‬ه‪ .‬تك‪KK K‬ون التجرب‪KK K‬ة حاس‪KK K‬مة إذا ق‪KK K‬دمت حجج‪KK K‬ا‬
‫تدحض البرنامج القديم وتثبت في اآلن ذاته صحة البرنامج الجدي‪KK‬د‪ .‬لكن إذا‬
‫تمكن أح‪KK‬د أعض‪KK‬اء البرن‪KK‬امج الق‪KK‬ديم من إثب‪KK‬ات زي‪KK‬ف ه‪KK‬ذه التجرب‪KK‬ة من داخـل‬
‫ه‪KK‬ذا البرن‪KK‬امج ذات‪KK‬ه‪ ،‬ف‪KK‬إن اس‪KK‬م "التجرب‪KK‬ة الحاس‪KK‬مة" يتالش‪KK‬ى ويس‪KK‬تعيد‪ K‬البرن‪KK‬امج‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫الق‪KK‬ديم مكانت‪KK‬ه‪ .‬وه‪KK‬ذا يع‪KK‬نى ه‪KK‬ذا أن مفه‪KK‬وم التجرب‪KK‬ة الحاس‪KK‬مة م‪KK‬رن ومط‪KK‬اطي‪K،‬‬
‫ومن الص ‪KK K‬عب أن نح ‪KK K‬دد م ‪KK K‬ا هي التجرب ‪KK K‬ة الحاس ‪KK K‬مة ال ‪KK K‬تي نس ‪KK K‬تعين به ‪KK K‬ا في‬
‫المفاض ‪KK‬لة بين النظري‪KK‬ات العلمي‪KK‬ة‪ 45.‬وك ‪KK‬ان ك""ون محق‪KK‬ا حس‪KK‬ب الك""اتوس في‬
‫بعض االعتراض ‪KK‬ات ال ‪KK‬تي ق ‪Kّ K‬دمها‪ K‬لب""وبر وخاص ‪KK‬ة في إص ‪KK‬راره على ص ‪KK‬البة‬
‫بعض النظري‪KK K K‬ات العلمي‪KK K K‬ة ومقاومته ‪KK K K‬ا للتج ‪KK K K‬ارب الحاس ‪KK K K‬مة‪ .‬وب‪KK K K‬ذلك تك‪KK K K‬ون‬
‫ميتودولوجية ب‪KK‬رامج األبح‪KK‬اث العلمي‪KK‬ة لالك""اتوس ق‪KK‬د وض‪KK‬عت ح‪KK‬دا للتج‪KK‬ارب‬
‫الحاسمة التي تعمل على إقصاء النظري‪KK‬ات‪ K‬العلمي‪KK‬ة ألول تع‪KK‬ثر له‪KK‬ا‪ ،‬وأفض‪K‬ت‪K‬‬
‫إلى نهاية العقالنية العاجلة لتحل محلها العقالنية المتأنية‪.‬‬
‫‪ -6‬تاريخ العلم من منظور الكاتوس‪:‬‬
‫ك‪KKK‬انت المقول‪KKK‬ة المش‪KKK‬هورة لالك""اتوس "فلس ‪KK‬فة العلم من دون تاريخ‪KKK‬ه‬
‫خ‪KK‬واء وت‪KK‬اريخ العلم من دون فلس‪KK‬فته عم‪KK‬اء "‪ .‬وبه‪KK‬ذا‪ K‬ح‪Kّ K‬ور مقول‪KK‬ة كانط ‪ ":‬إن‬
‫الم‪KK‬دركات الحس‪KK‬ية من دون تص‪KK‬ورات‪ K‬عقلي‪KK‬ة عم‪KK‬اء والتص‪KK‬ورات العقلي‪KK‬ة من‬
‫دون م ‪KK K‬دركات حس ‪KK K‬ية خ ‪KK K‬واء"‪ .‬أي أن وق ‪KK K‬ائع ت ‪KK K‬اريخ العلم دون فلس ‪KK K‬فته هي‬
‫مدركات عمياء‪ ،‬ونظريات فلسفة العلم ال تلم بتاريخ العلوم ليست إالّ أنساق‬
‫خاوي ‪KK K K‬ة‪ ،‬ل ‪KK K K‬ذا الص‪KK K K‬لة بينهم ‪KK K K‬ا وثيق ‪KK K K‬ة‪ ،‬فال قيم ‪KK K K‬ة ألح ‪KK K K‬دهما من دون اآلخ ‪KK K K‬ر‬
‫فالكاتوس ينتمي إلى ذلك االتجاه الذي يأخ‪K‬ذ ب‪K‬الوعي الت‪K‬اريخي مأخ‪K‬ذا ج‪K‬اداً‪،‬‬
‫حيث رك ‪KK‬ز في تحليالت ‪KK‬ه على وض ‪KK‬ع العلم بين فلس ‪KK‬فته وتاريخ ‪KK‬ه‪ ،‬إليمان ‪KK‬ه أن‬
‫فصله عنهم‪K‬ا ي‪K‬ؤدي إلى فج‪K‬وة فكري‪K‬ة من العس‪K‬ير س ّ‪K‬دها‪ ،‬وه‪K‬و الخط‪K‬أ الجس‪K‬يم‬
‫الذي وقع فيه الوضعيون المناطقة‪ .‬لذا سعى إلى إعادة بناء المعرفة العلمي‪KK‬ة‬
‫بناء عقالنيا عن طري‪K‬ق‪ K‬الرب‪KK‬ط بين تاريخه‪KK‬ا وفلس‪K‬فتها‪ K،‬وه‪K‬و م‪K‬الم تعم‪KK‬ل على‬
‫تحقيقه فلسفات العلم السابقة‪.‬‬
‫جعل الك ""اتوس من ت‪KK K‬اريخ العلم نبراس‪KK K‬ا لمش‪KK K‬روعه "ميتودودلوجي‪KK K‬ة‬
‫برامج البحث العلمية"‪ ،‬ألنه الوسيلة الوحيدة لفهم طبيعة برامج البحث وآلي‪KK‬ة‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫تقدمها وأسباب تقهقرها‪ .‬والتاريخ الحقيقي هو الذي يكشف عن تلك الح‪KK‬رب‬


‫الخفي‪KK K‬ة بين ال‪KK K‬برامج المتنافس‪KK K‬ة‪ ،‬ألن االلتف‪KK K‬ات إلى ماض‪KK K‬ي العلم يعينن‪KK K‬ا على‬
‫تحدي‪K‬د العوام‪K‬ل المتحكم‪K‬ة في انت‪K‬اج المعرف‪K‬ة العلمي‪K‬ة‪ .‬أي أن دراس‪K‬ة الظ‪K‬اهرة‬
‫العلمية حسب الكاتوس تستدعي استحضار‪ K‬البحث التاريخي‪ ،‬فالباحث ال‪KK‬ذي‬
‫يس‪K‬ير وف‪K‬ق منط‪K‬ق ميتودولوجي‪K‬ة ب‪K‬رامج البحث علي‪K‬ه أن يتمت‪K‬ع بحس ت‪K‬اريخي‬
‫نق‪KK‬دي‪ ،‬ألن ووظيفت‪KK‬ه هي إع‪KK‬ادة البن‪KK‬اء العقالني ألح‪KK‬داث العلم ع‪KK‬بر امت‪KK‬دادها‬
‫التاريخي‪.‬‬
‫إن الك""اتوس يتح ‪KK‬دث عن ميتودولوجي ‪KK‬ة تاريخي ‪KK‬ة ترس ‪K‬م‪ K‬الح ‪KK‬دود بين‬
‫ت ‪KK‬اريخ داخلي يح ‪KK‬دد منط ‪KK‬ق الكش ‪KK‬ف العلمي والنم ‪KK‬ط العقالني لنم ‪KK‬و المع ‪KK‬ارف‪K‬‬
‫العلمي‪KK‬ة‪ ،‬وت‪KK‬اريخ خ‪KK‬ارجي‪ K‬يتن‪KK‬اول‪ K‬العوام‪KK‬ل ال‪KK‬تي ت‪KK‬ؤطر الظ‪KK‬اهرة العلمي‪KK‬ة وإ ن‬
‫ك ‪KK‬انت ال ت ‪KK‬دخل في محت ‪KK‬وى العلم وبني ‪KK‬ة النظري ‪KK‬ات‪ K‬العلمي ‪KK‬ة ولكن له ‪KK‬ا ت ‪KK‬أثير‬
‫غ‪KK K K‬ير مباش‪KK K K‬ر على مس‪KK K K‬تقبلها ومص‪KK K K‬يرها‪ .‬فم‪KK K K‬اذا يقص‪KK K K‬د الك‪KK K K‬اتوس به‪KK K K‬ذين‬
‫الصنفين من التاريخ؟‬
‫أوال‪ :‬التاريخ الخارجي‪ :‬إن األحداث العلمية تحيط بها مجموعة من‬
‫العوام ‪KK‬ل الخارجي ‪KK‬ة مث ‪KK‬ل العوام ‪KK‬ل االقتص ‪KK‬ادية واالجتماعي ‪KK‬ة والس ‪KK‬يكولوجية‪.‬‬
‫وهي عوام ‪KK‬ل تس ‪KK‬اعد على فهم خلفي ‪KK‬ة االكتش ‪KK‬افات العلمي ‪KK‬ة واألس ‪KK‬باب الخفي ‪KK‬ة‬
‫لتق‪KK‬دم ب‪KK‬رامج بحث وتقهق‪KK‬ر أخ‪KK‬رى‪ .‬فمثال كي‪KK‬ف أن معارض‪KK‬ة الكنيس‪KK‬ة لنظري‪KK‬ة‬
‫كوبرنيك قد ساهم في تخلف علم الفلك قرون‪K‬ا‪ K‬من الزم‪KK‬ان‪ ،‬وكي‪KK‬ف أن مح‪KK‬اكم‬
‫طلت تق ‪KK‬دم المعرف ‪KK‬ة وكبلت العق ‪KK‬ل األوروبي‬
‫التف ‪KK‬تيش في العص ‪KK‬ر الوس ‪KK‬يط‪ K‬ع ّ‬
‫وحري‪KK‬ة الفك‪KK‬ر‪ .‬فه‪KK‬ذا الت‪KK‬اريخ يع‪KK‬نى بتحدي‪K‬د‪ K‬مختل‪KK‬ف الظ‪KK‬روف الخارجي‪KK‬ة ال‪KK‬تي‬
‫ت‪KK K‬ؤثر‪ K‬على نش‪KK K‬اط العلم‪KK K‬اء‪ ،‬وه‪KK K‬و م‪KK K‬ا يس‪KK K‬ميه الك ""اتوس بالت‪KK K‬اريخ السوس‪KK K‬يو‪-‬‬
‫سيكولوجي للعلم أو ما يسمى بأدبيات العص‪KK‬ر "سوس‪KK‬يولوجيا‪ K‬العلم"‪ ،‬واله‪KK‬دف‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫منه هو دراسة العوامل المتحكمة في انتاج المعارف‪ K‬العلمية من أج‪KK‬ل توف‪KK‬ير‪K‬‬


‫الشروط‪ K‬الضرورية لجعل التقدم العلمي ممكنا‪.‬‬
‫ثاني" ""ا‪ :‬الت" ""اريخ ال" ""داخلي‪ :‬ه ‪KK K K‬و الت ‪KK K K‬اريخ ال ‪KK K K‬ذي يهتم بمف ‪KK K K‬اهيم العلم‬
‫ونظريات‪KK K‬ه وفروض‪KK K‬ه وإ جراءات‪KK K‬ه المنهجي‪KK K‬ة في البرهن‪KK K‬ة والتج‪KK K‬ريب‪ .‬أي هو‬
‫بمثابة القراءة الداخلية للعناص‪K‬ر‪ K‬المكون‪KK‬ة ل‪KK‬برامج البحث‪ ،‬ودوره ه‪KK‬و التحلي‪KK‬ل‬
‫المنطقي ألح ‪KK K K‬داث العلم‪ .‬ه ‪KK K K‬ذا الت ‪KK K K‬اريخ يتص ‪KK K K‬ف بالص ‪KK K K‬رامة والموض ‪KK K K‬وعية‬
‫ويه‪KK K K K K‬دف‪ K‬الى إع‪KK K K K K‬ادة البن‪KK K K K K‬اء العقالني للمع‪KK K K K K‬ارف‪ K‬العلمي‪KK K K K K‬ة‪ .‬وه‪KK K K K K‬و نش‪KK K K K K‬اط‬
‫ابس‪KK K‬تيمولوجي‪ K‬وثي‪KK K‬ق الص‪KK K‬لة بفلس‪KK K‬فة العلم‪ ،‬ألن فلس‪KK K‬فة العلم هي ال‪KK K‬تي تح‪KK K‬دد‬
‫المنهج المناس ‪KK‬ب ال ‪KK‬ذي يس ‪KK‬اعد الم ‪KK‬ؤرخ على إع ‪KK‬ادة بن ‪KK‬اء ت ‪KK‬اريخ العلم بش ‪KK‬كل‬
‫عقالني يضمن للعلم نموه وموضوعيته‪.‬‬
‫إن الت‪KKK‬اريخ ال‪KKK‬داخلي ليس ت‪KKK‬اريخ األفك ‪KK‬ار والمف ‪KK‬اهيم‪ ،‬وإ نم‪KKK‬ا ت‪KKK‬اريخ‬
‫المناقش‪KK‬ات النقدي‪KK‬ة المحايث‪KK‬ة للتن‪KK‬افس المفت‪KK‬وح بين ب‪KK‬رامج البحث‪ .‬فه‪KK‬و ت‪KK‬اريخ‬
‫يتن‪KK‬اول بالتحلي‪KK‬ل بني‪KK‬ة ب‪KK‬رامج البحث المش ‪ّ K‬كلة من عناص‪KK‬ر متفاوت‪KK‬ة األهمي‪KK‬ة‪،‬‬
‫ألن هن‪KK‬اك ف‪KK‬ارق‪ K‬بين الن‪KK‬واة الص‪KK‬لبة والح‪KK‬زام ال‪KK‬واقي والموج‪KK‬ه المس‪KK‬اعد على‬
‫الكش‪KK‬ف الس‪KK‬لبي أو اإليج‪KK‬ابي‪ .‬ه‪KK‬ذا الت‪KK‬اريخ يبحث عن األس‪KK‬باب الموض‪KK‬وعية‬
‫لتفسخ برنامج بحث‪ ،‬ويحدد موقع الخلل هل في نواته الصلبة أم في حزام‪KK‬ه‬
‫الواقي‪ K‬أو إحدى فرضياته المساعدة؟‬
‫بن‪KK‬اء على م‪KK‬ا س‪KK‬بق يم‪KK‬يز الكاتوس بين ت‪KK‬اريخين للعلم‪ ،‬ت‪KK‬اريخ داخلي‬
‫يتعل‪KK‬ق بالش‪KK‬روط‪ K‬الض‪KK‬رورية لنش‪KK‬أة العلم‪ ،‬وت‪KK‬اريخ خ‪KK‬ارجي يتعل‪KK‬ق ب‪KK‬الظروف‪K‬‬
‫الخارجي ‪KK‬ة ال ‪KK‬تي ت ‪KK‬ؤثر في نش ‪KK‬أة العلم وتط ‪KK‬وره‪ .‬تس ‪KK‬تند العقالني ‪KK‬ة العلمي ‪KK‬ة في‬
‫نظ‪KK K K‬ره على الت‪KK K K‬اريخين مع‪KK K K‬ا‪ ،‬وإ ن ك‪KK K K‬ان يعطي القي‪KK K K‬ادة واألولوي‪KK K K‬ة للت‪KK K K‬اريخ‬
‫ال ‪KK‬داخلي ال ‪KK‬ذي ه ‪KK‬و الت ‪KK‬اريخ األص ‪KK‬يل‪ ،‬وي ‪KK‬رفض التحليالت التاريخي ‪KK‬ة ال ‪KK‬تي ال‬
‫تتالءم م‪KKK‬ع الممارس‪KKK‬ة الفعلي‪KKK‬ة للعلم‪ ،‬بينم ‪KK‬ا يعت ‪KK‬بر الت ‪KK‬اريخ الخ ‪KK‬ارجي تاريخ‪KKK‬ا‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫يعب ‪KK‬ر ال عن‬


‫ثانوي ‪KK‬ا وفي نظ ‪KK‬ره ه ‪KK‬و في مرتب ‪KK‬ة أدنى ألن ليس في وس ‪KK‬عه أن ّ‬
‫طبيع ‪KK‬ة العلم و ال عن آلي ‪KK‬ة تقدم ‪KK‬ه‪ ،‬كون ‪KK‬ه ال يحي ‪KK‬ط بم ‪KK‬ا يج ‪KK‬ري على مس ‪KK‬توى‪K‬‬
‫بنيت‪K‬ه الداخلي‪K‬ة‪ ،‬ل‪K‬ذا فه‪K‬و ث‪K‬انوي‪ K‬بالمقارن‪K‬ة م‪K‬ع االول‪ .46‬ألن الت‪K‬اريخ الخ‪K‬ارجي‪K‬‬
‫ه ‪KK‬و ت ‪KK‬اريخ سوس ‪KK‬يو‪K-‬س ‪KK‬يكولوجي‪ K‬يتن ‪KK‬اول ب ‪KK‬البحث عوام ‪KK‬ل ترتب ‪KK‬ط بال ‪KK‬ذات‬
‫العارفة ال موضوع‪ K‬المعرف‪KK‬ة له‪K‬ذا يظ‪KK‬ل ثانوي‪K‬ا‪ ،‬وال يمكن ل‪KK‬برامج البحث‬
‫أن تتطور‪ K‬باالرتكاز عليه بمفرده‪.‬‬
‫ولكن من أج ‪KK‬ل نظ ‪KK‬رة متكامل ‪KK‬ة إلى ب ‪KK‬رامج البحث الب ‪KK‬د من الت ‪KK‬اريخ‬
‫الخ‪KK‬ارجي إلى ج‪KK‬انب الت‪KK‬اريخ ال‪KK‬داخلي‪ .‬ف‪KK‬إذا ك‪KK‬ان ه‪KK‬ذا األخ‪KK‬ير يهتم بالتفس‪KK‬ير‬
‫العقالني لألحداث العلمية ويلّم بجمي‪K‬ع جوانبه‪KK‬ا االبس‪K‬تيمولوجية‪ ،‬ف‪KK‬إن الت‪KK‬اريخ‬
‫الخ ‪KK K‬ارجي‪ K‬يزودن‪K K K‬ا‪ K‬باألس ‪KK K‬باب الخفي ‪KK K‬ة ل ‪KK K‬تراجع ب ‪KK K‬رامج بحث وتق ‪KK K‬دم أخ ‪KK K‬رى‪،‬‬
‫وعوام‪KK K‬ل تس‪KK K‬ارعها أو تباطئه‪KK K‬ا‪ ،‬ونت‪KK K‬ائج انتص‪KK K‬اراتها‪ K‬وانهياراته‪KK K‬ا‪ .‬ل‪KK K‬ذا على‬
‫العلماء أن ي‪KK‬دركوا أف‪KK‬ق الت‪KK‬اريخ الخ‪KK‬ارجي للعلم‪ ،‬وال يتج‪KK‬اهلون أن نظري‪KK‬اتهم‪K‬‬
‫أتت في س‪KKK‬ياق‪ K‬نظري‪KKK‬ات‪ K‬أخ‪KK K‬رى س‪KKK‬ابقة ك ‪KK‬انت تمث ‪KK‬ل يوم‪KK K‬ا مع‪KK K‬الم ب‪KKK‬ارزة في‬
‫تاريخ الحضارة والعلم‪.47‬‬
‫نج ‪KK K K‬د الك" ""اتوس يع ‪KK K K‬ارض توم ‪KK K K‬اس ك""""ون الس ‪Kّ K K K‬باق إلى رف ‪KK K K‬ع ل ‪KK K K‬واء‬
‫سوس‪KK K‬يولوجيا‪ K‬العلم‪ 48‬ألن ترك‪KK K‬يزه ك‪KK K‬ان منص‪KK K‬با‪ K‬فق‪KK K‬ط على أهمي‪KK K‬ة العوام‪KK K‬ل‬
‫الخارجية في تحليل الظاهرة العلمية وأهمل عناصر‪ K‬جوهرية تدخل في بنية‬
‫العلم ذات‪KK K‬ه‪ ،‬ويج‪KK K‬د في فلس‪KK K‬فته تراجع‪KK K‬ا للعقالني‪KK K‬ة الض‪KK K‬رورية لقي‪KK K‬ام المعرف‪KK K‬ة‬
‫العلمي‪KK‬ة‪ ،‬وهن‪KK‬ا يظه‪KK‬ر بوض‪KK‬وح‪ K‬ت‪KK‬أثر الك""اتوس ببـوبر‪ ،‬اذ يس ‪K‬لّم م‪KK‬ع ب""وبر أن‬
‫التق‪KK K‬دم في العلم أم‪KK K‬ر حاص‪KK K‬ل ومط‪KK K‬رد وال مج‪KK K‬ال إلنك‪KK K‬اره‪ .‬ويق‪KK K‬ول في ه‪KK K‬ذا‬
‫الص ‪KK‬دد‪ ":‬ت ‪KK‬اريخ العلم ك ‪KK‬ان ويجب أن يك ‪KK‬ون ت‪KK‬اريخ ب ‪KK‬رامج بحث متنافس‪KK‬ة‪...‬‬
‫وليس تتابع‪KK‬ا لف‪KK‬ترات من العلم الس‪KK‬وي [الع‪KK‬ادي]كم‪KK‬ا يعتق‪KK‬د كون‪ .‬فكلم‪KK‬ا ك‪KK‬انت‬
‫المنافسة قوية كلما كان ذلك أفضل لتقدم المعارف العلمية"‪.49‬‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫‪-7‬نظرية الكاتوس على محك النقد‪:‬‬


‫وجهت لنظري ‪KK‬ة الك""اتوس ع ‪KK‬دة االنتق ‪KK‬ادات ط ‪KK‬الت بعض مفاهيم ‪KK‬ه إذ‬
‫يرى نقاده أن هذه المقومات الثالثة‪ :‬النواة الصلبة‪ ،‬حزام األمان‪ ،‬والمس‪KK‬اعد‬
‫على الكش ‪KK‬ف وكله ‪KK‬ا مف ‪KK‬اهيم متداخل ‪KK‬ة يص ‪KK‬عب التمي ‪KK‬يز بينه ‪KK‬ا‪ .‬فه ‪KK‬و لم يوض ‪KK‬ح‬
‫بالق ‪KK‬در الك‪KK‬افي‪ K‬كيفي‪KK‬ة تطبيقه‪KK‬ا في العم‪KK‬ل المي ‪KK‬داني‪ .‬وعلي‪KK‬ه ميثودولوجيت ‪KK‬ه لم‬
‫تصل إلى درجة أن تكون مرشدا يهتدي ب‪K‬ه المش‪KK‬تغلون ب‪KK‬العلم‪ ،‬ألنه‪KK‬ا لم تق‪KK‬دم‬
‫القواعد التي تحدد لهم ما ينبغي فعله‪ .‬ولذلك فميتودولوجيت‪KK‬ه تت‪KK‬أرجح م‪KK‬ا بين‬
‫‪50‬‬
‫التقريرية والمعيارية وهي أقرب إلى الثانية منها إلى األولى‪.‬‬
‫كم‪K‬ا أن إق‪KK‬رار الك‪KK‬اتوس بثب‪K‬ات الن‪K‬واة الص‪KK‬لبة وع‪KK‬دم قابليته‪K‬ا‪ K‬لل‪KK‬دحض‬
‫تص‪KK‬ور ال يزكيه‪KK‬ا ت‪KK‬اريخ العل‪KK‬وم الحاف‪KK‬ل بش‪KK‬واهد ان‪KK‬دثار ب‪KK‬رامج بحث برمته‪KK‬ا‪،‬‬
‫وعلى سبيل المثال ال الحصر أن النواة الصلبة لـنسق بطليم‪KK‬وس ال‪KK‬ذي يق‪KK‬ول‬
‫بمركزية األرض قد فندها كوبرنيك‪ K‬بنظرية مركزية الشمس‪.‬‬
‫يتح‪KK‬دث "الك‪KK‬اتوس" عن تعددي‪KK‬ة ال‪KK‬برامج والتنافس‪KK‬ية المفتوح‪KK‬ة بينه‪KK‬ا‪،‬‬
‫رغم ان ه‪KK K K‬ذا األم‪KK K K‬ر يض ‪KK K K‬في مرون ‪KK K K‬ة على نظريت ‪KK K K‬ه االبس‪KK K K‬تيمولوجية‪ ،‬لكن‬
‫يتض‪KK‬من ص‪KK‬عوبة ألن‪KK‬ه ينتهي إلى ن‪KK‬وع من الالأدري‪KK‬ة في نظ‪KK‬ر آالن ش‪KK‬المرز‪K‬‬
‫طالما أنه ال يم‪K‬دنا بمع‪K‬ايير واض‪K‬حة تحس‪K‬م بش‪K‬كل قطعي تقدمي‪K‬ة برن‪K‬امج على‬
‫حس‪KK‬اب تقهق‪KK‬ر آخ‪KK‬ر ‪ .‬فغي‪KK‬اب قواع‪KK‬د مرش‪KK‬دة‪ ،‬ومع‪KK‬ايير‪ K‬ملزم‪KK‬ة يزي‪KK‬د من تعقي‪KK‬د‬
‫مهم‪KK K‬ة الب‪KK K‬احث ويجع‪KK K‬ل الحس‪KK K‬م بين برن‪KK K‬امجين متنافس‪KK K‬ين أم‪KK K‬را ص‪KK K‬عبا‪ .‬ألن‬
‫"الكاتوس"‪ K‬يرفض التخلي عن البرامج المتقهقرة‪ ،‬ألنه في نظ‪KK‬ره من الممكن‬
‫أن يع ‪KK‬ود برن ‪KK‬امج متهال‪KK‬ك إلى مس ‪KK‬رح البحث العلمي ح‪KK‬تى وإ ن ابتع‪KK‬د مس ‪KK‬افة‬
‫كب‪KK‬يرة عن منافس‪KK‬ه‪ ،‬والص‪KK‬عوبة تكمن في كيفي‪KK‬ة اس‪KK‬تبعاد‪ K‬برن‪KK‬امج بحث ليفس‪KK‬ح‬
‫المج‪KK K‬ال آلخ‪KK K‬ر‪ 51.‬طالم‪KK K‬ا أن‪KK K‬ه يوج‪KK K‬د دائم‪KK K‬ا نوع‪KK K‬ا من التفاع‪KK K‬ل بين ال‪KK K‬برامج‬
‫المتعاقب ‪KK‬ة‪ .‬وه ‪KK‬ذا م ‪KK‬ا يط ‪KK‬رح مش ‪KK‬كلة مس ‪KK‬تقبل ب ‪KK‬رامج البحث ‪ .‬تل ‪KK‬ك الالأدري ‪KK‬ة‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫تؤكدها‪ K‬التنافس المفتوح بين البرامج المختلفة‪ .‬أي لم يفلح "الك‪KK‬اتوس" في‬
‫تحدي‪KK‬د مع‪KK‬ايير ص‪KK‬ارمة لتمي‪KK‬يز برن‪KK‬امج البحث المتقدم‪KK‬ة عن المتراجع‪KK‬ة‪ ،‬لم‬
‫يحس‪KK‬م األم‪KK‬ر بوض‪KK‬وح مثلم‪KK‬ا فع‪KK‬ل ذل‪KK‬ك "باش‪KK‬الر" مس‪KK‬تخدما القطيع‪KK‬ة و" بوبر‬
‫مس ‪KK K‬تعمال التك ‪KK K‬ذيب م‪KK K‬ادام ك‪KK K‬ل برن‪KK K‬امج متهال ‪KK K‬ك يمكن‪KK K‬ه اس ‪KK K‬تئناف الممارس ‪KK K‬ة‬
‫‪52‬‬
‫العلمية‪.‬‬
‫وم‪KK K K‬ا دامت ميتودولوجي‪KK K K‬ة "الك" ""اتوس" تحث الب‪KK K K‬احث على التمس‪KK K K‬ك‬
‫ببرن‪KK‬امج بحث‪KK‬ه وذل‪KK‬ك بتطعيم‪KK‬ه بف‪KK‬روض إض‪KK‬افية ليس‪KK‬تمر في البق‪KK‬اء رغم م‪KK‬ا‬
‫يواجه ‪KK K‬ه من انتكاس ‪KK K‬ات ‪ ،‬ويحث دائم ‪KK K‬ا على التش ‪KK K‬بث بجمي ‪KK K‬ع ب ‪KK K‬رامج البحث‬
‫والمحافظ‪KK‬ة على "نواته‪K‬ا‪ K‬الص‪KK‬لبة"‪ ،‬وه‪KK‬ذا م‪KK‬ا يمث‪KK‬ل دع‪KK‬وة ص‪KK‬ريحة الى ن‪KK‬وع‬
‫‪53‬‬
‫من الدوغماتية في العلم‪.‬‬
‫ميز الكاتوس" بين التاريخ الداخلي والتاريخ الخارجي‪ K‬بش‪KK‬كل ح‪KK‬اد‪،‬‬
‫وأش‪KK‬اد‪ K‬بقيم‪KK‬ة وحيوي‪KK‬ة الت‪KK‬اريخ ال‪KK‬داخلي مقارن‪KK‬ة بالت‪KK‬اريخ الخ‪KK‬ارجي‪ ،‬لكن العلم‬
‫في األخير ليس سوى‪ K‬نشاط انساني‪ ،‬وه‪KK‬و كي‪KK‬ان ت‪KK‬اريخي وفعالي‪KK‬ة اجتماعي‪KK‬ة‪،‬‬
‫ف‪KK K‬الوعي ب‪KK K‬العلم كفعالي‪KK K‬ة ومتنامي‪KK K‬ة مرتبط‪KK K‬ة ب‪KK K‬التغيرات السوسيوس‪KK K‬يكولوجية‬
‫وبالتالي‪ K‬البد من استحضار‪ K‬هذا التاريخ الخارجي فهو على درجة بالغة من‬
‫‪54‬‬
‫األهمية في اإلحاطة بالظاهرة العلمية ‪.‬‬
‫رغم ك ‪KK K K K K‬ل االنتق ‪KK K K K K‬ادات الموجه ‪KK K K K K‬ة لميتودولوجي ‪KK K K K K‬ة ب ‪KK K K K K‬رامج البحث‬
‫الالكاتوس‪KK K K K K K‬ية إال أن ه‪KK K K K K K‬ذا ال يفق‪KK K K K K K‬دها مكانته‪KK K K K K K‬ا في مص‪K K K K K K‬ف‪ K‬المقارب‪KK K K K K K‬ات‬
‫االبستيمولوجية المهمة في الحقل الفلسفي العلمي ‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫من أهم النتائج التي خلصنا اليها من خالل هذه الدراسة فيم‪KK‬ا يخص‬
‫ه‪KK‬ذا الفيلس‪KK‬وف ال‪KK‬ذي ال نغل‪KK‬و إن وص‪KK‬فناه بالموس‪KK‬وعي‪ ،‬كون‪KK‬ه ح‪KK‬اول االلم‪KK‬ام‬
‫بجمي‪KKK‬ع ج‪KKK‬وانب الظ‪KKK‬اهرة العلمي‪KKK‬ة من خالل "ميتودولوجي ‪KK‬ة ب ‪KK‬رامج األبح‪KKK‬اث‬

‫‪275‬‬
‫الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس‬

‫العلمي ‪KK K‬ة‪ ،‬وحق‪KK K‬ا ق ‪KK K‬د خلّفت بص ‪KK K‬متها في الفك ‪KK K‬ر العلمي المعاص ‪KK K‬ر‪ .‬وأض ‪KK K‬حت‬
‫ميتودولوجت ‪KK‬ة ب ‪KK‬رامج األبح‪KK‬اث العلمي‪KK‬ة" من المقارب ‪KK‬ات االبس‪KK‬تيمولوجية ال‪KK‬تي‬
‫ق‪KK‬دمت تحليال وافي‪K‬ا‪ K‬عن بني‪KK‬ة العلم‪ .‬رغم ان الك‪KK‬اتوس ال يتمت‪KK‬ع بش‪KK‬هرة عالي‪KK‬ة‬
‫مث‪KK‬ل ك‪KK‬ون أو ب‪KK‬وبر‪ ،‬لكن العدي‪KK‬د من المفك‪KK‬رين المعاص‪KK‬رين ممن ك‪KK‬انوا على‬
‫دراي ‪KK‬ة بأعمال ‪KK‬ه رأوا أن مقاربت ‪KK‬ه أك ‪KK‬ثر ص ‪KK‬وابا من وجه ‪KK‬ة نظ ‪KK‬ر ب""وبر وأك ‪KK‬ثر‬
‫عقالني‪KK‬ة من نظري‪KK‬ة توماس ك"ون‪ ،‬ألن‪KK‬ه تجنب تط‪KK‬رف‪ K‬ب‪KK‬وبر " التك‪KK‬ذيب عن‪KK‬د‬
‫أول وهلة"‪ ،‬وتجنب أيضا مفارقة توماس كون الخاصة بالنماذج غ‪KK‬ير القابل‪KK‬ة‬
‫للقي ‪KK‬اس المتك ‪KK‬افئ واس ‪KK‬تحالة المفاض ‪KK‬لة العقالني ‪KK‬ة بينه ‪KK‬ا وم ‪KK‬ا انج ‪KK‬ر عن فك ‪KK‬رة‬
‫الالقياس ‪KK‬ية من ذاتي ‪KK‬ة ونس ‪KK‬بانية وانع ‪KK‬دام الموض ‪KK‬وعية‪ .‬فك ‪KK‬انت ميتودولوجي ‪KK‬ة‬
‫متم‪KK‬يزة ق‪KK‬ادت إلى ص‪KK‬ورة جدي‪KK‬دة عن العلم وتاريخ‪KK‬ه‪ ،‬وال نب‪KK‬الغ إذا قلن‪KK‬ا إنه‪KK‬ا‬
‫تمث‪KK‬ل قم‪KK‬ة استحض‪KK‬ار ال‪KK‬وعي الت‪KK‬اريخي وخاص‪KK‬ة بع‪KK‬د الرب‪KK‬ط بين ت‪KK‬اريخ العلم‬
‫وفلس ‪KK‬فته‪ .‬أض ‪KK‬ف الى ذل ‪KK‬ك م ‪KK‬ا س ‪KK‬اهمت ب ‪KK‬ه نظريت ‪KK‬ه من استبص ‪KK‬ارات‪ K‬جدي ‪KK‬دة‬
‫ألقت الضوء على بنية العلم وأبرزت العوامل المتحكمة في تقدم‪KK‬ه‪ ،‬إذ أدخ‪KK‬ل‬
‫مف‪KK‬اهيم جدي‪KK‬دة الى أدبي‪KK‬ات فلس‪KK‬فة العلم المعاص‪KK‬رة‪ :‬ك‪KK‬النواة الص‪KK‬لبة والح‪KK‬زام‬
‫ال ‪KK‬واقي‪ K‬والمس ‪KK‬اعد على الكش ‪KK‬ف اإليج ‪KK‬ابي والس ‪KK‬لبي وال ‪KK‬تي تع ‪KK‬د من المف ‪KK‬اهيم‬
‫القاعدي‪KK‬ة في نظريت‪KK‬ه‪ .‬وك ‪KK‬انت ميتودولوجيت ‪KK‬ه قائم ‪KK‬ة على التنافس‪KK‬ية المفتوح‪KK‬ة‬
‫بين ب‪KK‬رامج األبح‪KK‬اث المتع‪KK‬ددة‪ ،‬مم‪KK‬ا جعله‪KK‬ا ت‪KK‬واكب جمي‪KK‬ع ال‪KK‬برامج بإيجابيته ‪K‬ا‪K‬‬
‫وس‪KK K K‬لبياتها‪ ،‬بنجاحاته ‪K K K‬ا‪ K‬وإ خفاقاته‪KK K K‬ا‪ K،‬وق‪KK K K‬ادرة على مس‪KK K K‬ايرة ك‪KK K K‬ل التط‪KK K K‬ورات‬
‫والمستجدات‪ .‬وإ قرار‪ K‬الكاتوس بالتعددية والتنافس‪ K‬المفت‪KK‬وح يع‪K‬د انفتاح‪KK‬ا على‬
‫الحوار والمناقشة النقدية‪ ..‬كان اهتمامنا بأفكار الكاتوس لما وجدنا‪ K‬فيه‪KK‬ا من‬
‫من‪KK‬ا على إث ‪KK‬راء المكتب ‪KK‬ة العربي ‪KK‬ة به ‪KK‬ذا‬
‫األص ‪KK‬الة واالبتك ‪KK‬ار‪ K‬والج ‪Kّ K‬دة‪ ،‬وحرص ‪KK‬ا ّ‬
‫الن‪KK‬وع من المواض‪KK‬يع المهم‪KK‬ة في الفلس‪KK‬فة المعاص‪KK‬رة‪ ،‬وس‪KK‬نعمل الحق‪KK‬ا التوس‪KK‬ع‬

‫‪276‬‬
‫العدد الخامس والعشرون (يونيه ‪2020‬م)‬

‫أك‪KK‬ثر في حق‪KK‬ل فلس‪KK‬فة العل‪KK‬وم للتع‪KK‬رف‪ K‬على أقط‪KK‬اب آخ‪KK‬رين من س‪KK‬فراء الفك‪KK‬ر‬
‫االبستيمولوجي‪ K.‬‬

‫‪275‬‬
‫‪1‬‬
‫‪T.S Kuhn, the essential tension, the essential tension : selected studies in‬‬ ‫‪scientific‬‬
‫‪tradition and change, Chicago and London : University of Chicago press wd.‬‬
‫‪p. 322.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Lakatos, Imre, histoire et méthodologie des sciences, introduction, Luce Giard, Trad : Catherine‬‬
‫‪Malamoud et Jean Fabien,) Paris : puf, 1994(,pp.157-162 .‬‬
‫‪ 3‬إيمري الكاتوس‪ ،‬برامج األبحاث العلمية‪ ،‬ترجمة ماهر عبد القادر محمد علي‪ ،‬دط‪(،‬بيروت‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،‬دت) ‪ ،‬ص ص‬
‫‪181-180‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Ibid p129.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Ibid, p,p129.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪– Ibid, p,p162‬‬
‫‪7‬‬
‫‪– Ibid, p 129.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪– Ibid, p, 130.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪– Ibid, p, 128‬‬
‫‪10‬‬
‫‪– Ibid, p, 132‬‬
‫‪11‬‬
‫‪- Ibid p. 128‬‬
‫‪12‬‬
‫‪- Ibid,,p. 163‬‬
‫‪13‬‬
‫‪– I. Lakatos, op. cit, p.‬‬ ‫‪128‬‬
‫إيمري الكاتوس‪ ،‬برامج األبحاث العلمية‪ ،‬ص‪118‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪ -15‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪118‬‬


‫‪ -16‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪119‬‬
‫‪ -17‬آالن شالمرز‪ ،‬نظريات العلم‪ ،‬تر‪ .‬الحسين سحبان وفؤاد الصفا‪ ،‬ط‪ (1‬المغرب‪ :‬دار التوبقان للنشر‪ .)1991 ،‬ص ص ‪87،86‬‬
‫‪ -18‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪125‬‬
‫‪ -19‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪87‬‬
‫‪20‬‬
‫‪Lakatos, Imre, histoire et méthodologie des sciences,,p, 164‬‬
‫‪ - -21‬إيمري الكاتوس‪ ،‬برامج األبحاث العلمية‪ ،‬ص‪119‬‬
‫‪ -22‬المصدر نفسه ‪،‬ص ص ‪117-116‬‬
‫‪-‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.119‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪- -24‬المصدر نفسه ص‪117‬‬


‫‪ -25‬جون بولكين هورن ‪ ،‬ما وراء العلم‪-‬السياق اإلنساني األرحب‪ ،‬ترجمة د يمنى طريف الخولي (القاهرة‪ :‬المكتبة االكاديمية‪،‬‬
‫‪ ،)2000‬ص‪21‬‬
‫‪-26‬‬
‫‪ -‬إمري الكاتوس‪ ،‬برامج األبحاث العلمية‪ ،‬ص‪120‬‬
‫‪--27‬أالن شالمرز‪ ،‬نظريات العلم‪ ،‬ص ص ‪.89-88‬‬
‫‪-28‬‬
‫‪ -‬إمري الكاتوس‪ ،‬برامج األبحاث العلمية‪ ،‬ص‪120‬‬
‫‪ -29‬المصدر نفسه ص‪.122‬‬
‫‪ -30‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ص‪123-122‬‬
‫‪31‬‬
‫‪Lakatos, Imre, histoire et méthodologie des sciences,p,p95‬‬
‫‪ - -32‬أالن شالمرز‪ ،‬نظريات العلم‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪-33‬‬
‫‪-‬إيمري الكاتوس‪ ،‬برامج األبحاث العلمية‪ ،‬ص ص‪.154-153‬‬
‫‪ - -34‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪192‬‬
‫‪ - -35‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪159‬‬
‫‪-36‬‬
‫‪-‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪154‬‬
‫‪37‬‬
‫‪Lakatos, Imre, histoire et méthodologie des sciences,,p.164‬‬
‫‪ - 38‬جون بولكين هورن‪ ،‬ما وراء العلم‪-‬السياق اإلنساني األرحب‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪- 39‬إيمري الكاتوس‪ ،‬برامج األبحاث العلمية‪ ،‬ص‪153‬‬
‫‪40‬‬
‫‪Lakatos, Imre, histoire et méthodologie des sciences,p, 131.‬‬
‫‪41‬‬
‫‪Ibid, p,132‬‬
‫‪42‬‬
‫‪Ibid, p, 131.‬‬
‫‪-43‬إيمري الكاتوس‪ ،‬برامج األبحاث العلمية‪ ،‬ص ص‪.161-160‬‬
‫‪.I. Lakatos, op. cit, p. 122 – 44‬‬
‫‪-45‬إيمري الكاتوس‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪. 189-184‬‬
‫‪46‬‬
‫‪Imre Lakatos, “falsification and the methodology of scientific research programmes”, in criticism‬‬
‫‪and the growth of knowledge edited by Imre lakatos and Alan Musgrave (USA: Cambridge university‬‬
‫‪press, 1982) p158‬‬
‫‪- 47‬يمني طريف الخولي ‪ :‬فلسفة العلم في القرن العشرين‪(،‬الكويت‪ :‬سلسلة عالم المعرفة‪،‬المجلس الوطنى للثقافة والفنون واألداب ‪،‬‬
‫‪ )2000‬ص‪. 443‬‬
‫‪-‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.420‬‬ ‫‪48‬‬

‫إيمري الكاتوس‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪154-153‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪ - -50‬آ‪.‬شالمرز‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪111‬‬


‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.110‬‬ ‫‪- -51‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.125‬‬ ‫‪- -52‬‬
‫‪ - -53‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫‪ --54‬يمنى طريف الخولي‪ ،‬فلسفة العلم يف القرن العشرين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.443‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫المصادر باللغة العربية ‪:‬‬
‫‪ -1‬الكاتوس‪ ،‬إيم"ري ب‪KK‬رامج األبح‪KK‬اث العلمية‪ ،‬ترجم‪KK‬ة م‪KK‬اهر عب‪KK‬د الق‪KK‬ادر محم‪KK‬د علي‪ ،‬دط‪ ،،‬ب‪KK‬يروت‪ :‬دار النهض‪KK‬ة‬
‫العربية‪ ،‬دت‬
‫المصادر باللغة األجنبية‪:‬‬
‫‪2-Lakatos Imre, “falsification and the methodology of scientific research programmes”,‬‬
‫‪in criticism and the growth of knowledge edited by Imre lakatos and Alan Musgrave,‬‬
‫‪USA: Cambridge university press, 1982.‬‬

‫‪3-____________, histoire et méthodologie des sciences, introduction, Luce Giard,‬‬


‫‪Trad : Catherine Malamoud et Jean Fabien, Paris : puf, 1994.‬‬
‫المراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫‪-4‬هورن جون بولكين ‪ ،‬ما وراء العلم‪-‬السياق اإلنساني‪ K‬األرحب‪ ،‬ترجمة د يمنى طريف الخولي القاهرة‪:‬‬
‫المكتبة االكاديمية‪2000 ،‬‬
‫‪ -5‬شالمرز‪ ،‬آالن‪ ،‬نظريات العلم‪ ،‬تر‪ .‬الحسين سحبان وفؤاد الصفا‪ ،‬ط‪ ،1‬المغرب‪ :‬دار التوبقان للنشر‪،‬‬
‫‪. 1991‬‬
‫‪ -6‬الخولي‪ ،‬يمني طريف‪ :‬فلسفة العلم في الق‪K‬رن العش‪K‬رين‪ ،‬الك‪K‬ويت‪ :‬سلس‪K‬لة ع‪K‬الم المعرف‪K‬ة‪،‬المجلس الوط‪K‬نى‪ K‬للثقاف‪K‬ة‬
‫والفنون واألداب ‪2000.،‬‬

‫‪:‬المراجع باللغة األجنية‬


‫‪7- T.S Kuhn, , the essential tension : selected studies in scientific tradition and change,‬‬
‫‪Chicago and London : University of Chicago press wd.‬‬

You might also like