Professional Documents
Culture Documents
4الظاهرة العلمیة فی فلسفة ایمری لاکاتوس
4الظاهرة العلمیة فی فلسفة ایمری لاکاتوس
حياة مشاط
قسم الفلسفة ،كلية العلوم االجتماعية ،جامعة البويرة ،الجزائر.
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
فرضه طبيعــة الموضوع ،وبال شك يوجد Kارتباط بين هذه المناهج في أداء
المعنى .وخلصت الدراسة الى نتائج مفادها ان الكاتوس قد أسس التجاه
جديد يعنى بمنطق للعلم ويحيط Kباآللية الفعلية إلنتاج المعارف العلمية،
وقدم Kتفسيرا لمختلف مكونات العلم ،واقترب من طبيعة العلم أكثر من أي
ّ
والجدة
ّ فيلسوف علم آخر قبله ،ووجدنا Kفي مقاربته من األصالة واالبتكارK
ما لم نجده في مقاربات أخرى ،كونها فتحت آفاقا منهجية واستبصاراتK
جديدة في دراسة الظاهرة العلمية .وكل ما نطمح إليه هو أن نثير اهتمام
الباحثين العرب الى هذه الموضوعات الجديدة ،فبالرغم من أهميته الكبيرة
إالّ انه لم يعط حقه من الدراسة والبحث الذي يستحقه في حقل الثقافة
العربية.
الكلم""ات المفتاحي""ة :ب KKرامج البحث ،تق KKدم العلم ،الث KKورات العلمي KKة ،العقالني KKة
الهادئة ،الوعي بالتاريخ العلم.
276
)م2020 العدد الخامس والعشرون (يونيه
Abstract:
This study aims to highlight on the analysis given by
Emre Lakatos to the scientific phenomenon, because his
theory changed the foundations of the science philosophy,
he treated the problematic of the growth of scientific
knowledge from a new epistemological angle leding to a
new image of science and its history. He belongs to this
tendency which takes historical awareness seriously, as he
focused his analyzes on placing science between his
philosophy and history. The concept of "research
programs" was a basic concept in his theory. He believes
that the major scientific achievements are only research
programs that can be evaluated according to the degrees
of progress and regression, as scientific revolutions result
in more advanced research programs that replace obsolete
programs that have exhausted their Contents.The progress
of science is only through open competition between
different programs Lakatos emphasizes that the growth of
science is subject to slow and quiet rationality and not to
urgent rationality as is the case with Popper. The
methodological tool that has been adopted combines as
many as possible four methods: The analytical method in
dealing with the lakatos texts.The comparative method by
comparing lakatos with other philosophers. And the
historical method, to return to the history of science and
use scientific examples in order to justify its views. The
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
مقدمة
رغم أن نظرية إيمري الكاتوس()1922-1974( )Imre Lakatos
شيده كارل بوبر
هي رؤية جديدة تنتمي الى االتجاه الالوضعاني الذي ّ
) Karl Popper)(1902-1994وتوماس كون(( )1996-1922
)Thomas Kuhnوبعض االبستيمولوجيين المعاصرين .إال أن
الكاتوس سعى إلى معالجة اشكالية تقدم المعرفة العلمية من منظور Kآخر،
حيث بحث عن مواطن قصور نظرية توماس كون وتكذيبية كارل بوبر
فتجاوزهما Kببلورة مشروع Kفلسفي جديد هو ""برامج األبحاث العلمية" الذي
شيده بعد ان استعار من كليهما عناصر أساسية كانت بمثابة االرهاصاتّ
األولى لنسقه النظري لكن دون أن يذوب تماما في فلسفتيهما Kألنه ثار
عليهما في النهاية ،حيث تكمن عبقريته في أنه استطاع بتحليالته العقالنية
المدعومة بنظرة تاريخية أن يوظف Kأفكارهما Kالمتقابلة بصورة تتسق مع
اآلفاق Kالتي يتطلع إليها الفكر العلمي المعاصر .فزود Kاالبستيمولوجيا
بميتودولوجية جديدة قدمت صورة مغايرة عن العلم وتاريخه .انطالقا من
هذا التصور Kنتساءل عن االستبصارات الجديدة التي تحملها نظرية
الكاتوس لتفسير الظاهرة العلمية؟ أو كيف ينمو العلم ويتواتر في ظل
منهجية "برامج األبحاث العلمية" الالكاتوسية؟
-1الخلفية الفكرية للمشروع الفلسفي لالكاتوس:
قب KKل الخ KKوض في نظري KKة فيلس KKوف Kالعلم المج KKري إيم""ري الك""اتوس
البد من المرور Kعلى األصول الفكرية والعلمية التي انحدر منها والمشارب
الفلسKKفية الKKتي نهKKل منهKKا .خصوص Kا Kأن عصKKره قKKد شKKهد فلسKKفات عKKدة ،لعKKل
أبرزه KK K Kا العقالني KK K Kة النقدي KK K Kة لكــــارل بـــــوـبر ( Karl Popperوفلسف ـــة
النم ـ ـــوذج لتوم""اس ك""ون اللتKKان كKKان لهمKKا تKKأثيرا عميقKKا على ابسKKتيمولوجياK
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
النصKK Kف الثKK Kاني من القKK Kرن العشKK Kرين ،كونهمKK Kا يطرحKK Kان رؤيKK Kتين متقKK Kابلتين
مثKKيرتين للجKKدل .والمنKKاظرة الشKKهيرة الKKتي جKKرت وقائعهKKا في كليKKة لنKKدن في
عKK K Kام 1965ضKK K Kمن وقKK K Kائع المKK K Kؤتمر KالعKK K Kالمي حKK K Kول فلسKK K Kفة العلم صKK K Kممها
الكاتوس خصيصKKا لمواجهKKة هKKذين المنظKKرين البKKارزين :توماس كون الKKذي
حظي كتابه" بني KKة الث KKورات العلمية" الص KKادر 1962 Kبالثن KKاء والم KKدح وت KKرجمK
لما تKKرجم كتابKKه
الى مختلف لغات العالم ضد فيلسوف العلم كارل بوبر الذي ّ
"منطKKق الكشKKف العلمي" إلى اإلنجليزيKKة عKKام 1959أحKKدث جKKدال سKKاخنا في
الوس K Kط KالفلسKK Kفي العلمي .حظيت هKK Kذه المنKK Kاظرة بأهميKK Kة طKK Kال أجلهKK Kا وبينت
م KK K K K Kدى اختالف نظرتيهمK K K K K Kا Kإلى المش KK K K K Kروع العلمي .لخص الك KK K K K Kاتوس أهم
االنتقKK K K Kادات المتبادلKK K K Kة بين الطKK K K Kرفين في كتKK K K Kاب طبعKK K K Kه مKK K K Kع تلميKK K K Kذه" أالن
ماسجريف" عنوانه نقد ونمو المعرفة.
ط Kّ Kور الك""اتوس مش KKروعه الفلس KKفي انطالق Kا Kمن نق KKده لنظ KKرتي Kك""ون
وبوبر ،حيث ّبين مثKKالب ومنKKاقب KكKKل نظريKKة .وكKKانت البدايKKة بKKرفض موقKKف
ك""ون ،فKKرغم أن الك""اتوس كKKان ضKKد التكKKذيب البKKوبري إالّ أنKKه يواف Kق Kب""وبر
على ض KKرورة تأس KKيس المعرف KKة العلمي KKة على مع KKايير عقالني KKة ،االم KKر ال KKذي
تفتقKKده مقاربKKة كون بعKKدما جعKKل مسKKألة االختيKKار Kبين النظريـات العلميKKة تقKKوم
على مجموعKK K K Kة من القيم الذاتيKK K K Kة المتمثلKK K K Kة :الضKK K K Kبط والدق KK K K Kة ،التماس KK K K Kك
واالنسKKجام ،البسKKاطة ،الخصKKوبة ،االتسKKاع«.1في حين هKKذه القيم في نظKKر
الكKKKاتوس ترتبKKKط بKKKاألذواق الشخصKKKية .ألن األحك KKام المتعلق KKة بالبسKKKاطة
واالتسKK Kاق المنطقي والدقKK Kة والضKK Kبط ليسKK Kت قيمKK Kا عقليKK Kة في ذاتهKK Kا ،فمبKK Kدأ
البسKK Kاطة مثال ليس معيKK Kارا موضKK Kوعيا KللحسKK Kم في مسKK Kألة االختيKK Kار ،ألن مKK Kا
يب KK Kدو له KK Kذا الش KK Kخص بس KK Kيطا Kيب KK Kدو Kآلخ KK Kر معق KK Kدا .فك KK Kون في منظ KK KورK
الك KKاتوس أقحم اعتب KKارات ذاتي KKة وجمالي KKة في ق KKرار Kالمفاض KKلة بين النظري KKات
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
العلمية .و الذوق ليس معيارا Kعقالنيا يمكن ان نؤسس عليه تفوق نظرية على
اخ KKرى .أي أن ه KKذه الجمالي KKة الص KKوفية ال يمكنه KKا أن تك KKون المح KKك الختي KKار
نظرية ما ،بKل يحتKاج العلمKاء الى معKايير ثابتKة وموضKKوعية يؤسسKون عليهKا
ق KKراراتهم العلمي KKة .لكن رؤي KKة ك""ون جعلت من النظري KKات العلمي KKة نظري KKات
خاضKKKعة لKKKذواتنا وأذواقنKKKا الشخصKKKية .اعت KKبر الك KKاتوس ه KKذا الموقKKKف نقطKKKة
ضعف في نظريKKة كون ألنKKه يKKؤدي إلى انعKKدام الموضKKوعية الKKتي هي أسKKاس
الرئيسKKية ،فمKKادام االختيKKار Kبين النظريKKات العلمية عنKKده ال
قيKKام العلم وميزتKKه ّ
يKK Kركن إلى معيKK Kار عقالني وحجج منطقيKK Kة فKK Kإن وقKK Kوع Kك ""ون في فخ الذاتيKK Kة
يصبح أمرا ال مفر منه.
كمKKا ان نظري Kة كــون أضKKحت في أزمKٍ Kة حقيقي ٍ
ــة في نظKKر الكKKاتوس
بعKK K Kد اقKK K Kراره للالقياسيـة الKK K Kتي تعKK K Kني انعKK K Kدام وسKK K Kيلة اتصKK K Kال بين النمKK K Kاذج
اإلرشادية واستحالة المقارنة بينهKKا ،وانعKKدام الحKKوار بين األشKKخاص المنتمين
الى أط KK K Kر فكري KK K Kة مختلف KK K Kة ،سيقض KK K Kي على إمكانيــة االتفـاق على معي KK K Kار
موضوعي Kلتقييــم المعرفة ،أي من المتعذر تقييــم النظريKات أو الحكــم عليهـا
بمعاييــر Kعقالنيــة عامــة تك KKون موض KKوع اجمـاع كـل العلم KKاء .وبالت KKالي ال
يمكن الوقKKوف عنKKد معKKايير موضKKوعية كفيلKKة بالكشKKف عن الصKKورة الحقيقيKKة
للع KK Kالم وم KK Kادام Kمصيـر العلـم مرهـون بالنمـوذج ،ولكـل نمـوذج معيـاره
الخـاص ،وعليKKه سKKيكون الحKKوار مجKKديا في إطKKار النمKKوذج ذاتKKه ،هKKذا النKKوع
من الحKKوار KهKKو حKKوار داخلي يفهمKKه أعضKKاؤه فقKKط ..أي أن أنصKKار النمKKاذج
المتنافس KKة يعيش KKون في ع KKوالم غ KKير قابل KKة للقي KKاس ،وال قاسK Kم Kمش KKترك Kبينهم.
وعلي KKKه ال يمكنهم أن يكون KKKوا أطراف KKKا حقيقKK Kيين في الحKK Kوار ،ألن ل KKKديهم لغKK Kة
ومفاهيم مغايرة ،ومعايير مختلفة لقياس الحقيقة.
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
إن العيب الذي تعاني منه مقاربة كون حسب الكاتوس هKKو اإلفKKراط
في ه KKذه الالقياس KKية ،وخاص KKة انه KKا فك KKرة غريب KKة عن الفك KKر اإلبس KKتمولوجيK،
واألخ KKذ به KKا يفضKKي حتم KKا إلى انعKKدام المعKKايير العقالنيKKة ال KKتي تKKتيح المقارنKKة
الموضKK Kوعية بين النمKK Kاذج والمفاضKK Kلة بينهKK Kا ،ألن كKK Kل نمKK Kوذج يمثKK Kل عالمKK Kا
خاصKKا ال يجمعKKه مKKع النمKKاذج األخKKرى معKKايير مشKKتركة .فال يمكن للنمKKوذج
الجديKK Kد أن يقصKK Kي القKK Kديم ألن ك ""ون يKK Kرفض فكKK Kرة التنKK Kاقض بين النظريKK KاتK
العلميKKة الKKتي يقKKول بهKKا ب""وبر ،بKKل يعتKKبر كKKل النظريKKات صKKحيحة في إطKKار
نسKK Kقها ،وعليKK Kه ال يجب أن نحكم على النظري KKة القديمKK Kة من خالل إنجKKKازات
النظري KKة الجدي KKدة ،ب KKل نحكم على خط KKأ أو ص KKواب النظري KKات ب KKالرجوع إلى
نماذجهKKا ،وال معيKKار خKKارج سKKلطة النمKKوذج .فأقصKى KبKKذلك" كKKل إمكانيKKة بنKKاء
عقالني لنمو العلم".2
ينجم عن هذه الالقياسية في العلم نتيجة أساسKية هي النسKبانية .عKني
الكاتوس كثيرا بفكرة النسبانية المترتبة على اعتبار النماذج اإلرشKادية غKير
متقايسKKة ،وعليKKه ال يمكن الحكم على النظريKKة القديمKKة بالقيKKاس إلى النظريKKة
الجديدة ،بل يجب النظر إليها في حدود KنسKKقها وعصKKرها وظروفهKا KالعلميKKة.
فتصKKبح كKKل نظريKKة حسKKب هKKذا المنظKKور صKKحيحة في إطKKار نموذجهKKا .وهKKذا
الموقKف KيKKؤدي Kالى انعKKدام الحقيقKKة الواحKKدة ،وبالتKKالي KنجKKد أنفسKKنا أمKKام حقKKائق
متع KKددة م KKادام لك KKل نم KKوذج معي KKاره لقب KKاس الحقيق KKة .إن فك KKرة النس KKبانية ال KKتي
تحي KKل إلى بق KKاء جمي KKع النظري KKات ص KKحيحة ،هي فك KKرة ال تتالءم م KKع منط KKق
العلم في نظKK K Kر الك" ""اتوس ألن النظريKK K Kات العلميKK K Kة تخضKK K Kع لمبKK K Kدأ التنKK K Kافس
فالنظرية القوية تقصKي الضKعيفة .والنسKبانية بالنسKبة اليKه تمثKل ذروة التلKوث
الفكري كونها Kتؤدي الى استفحال الذاتية التي تتناقض مع الموضوعية الKKتي
تمثKKل روح العلم وماهيتKKه.3وي"رى ان ك"ون خفض كثKKيرا من دور العقالنيKKة
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
عنKK Kد تحليلKK Kه للظKK Kاهرة العلميKK Kة ،وهKK Kذه النقطKK Kة هي أكKK Kبر فجKK Kوة في نظريتKK Kه،
وإ قراره بالالقياسية أوقعه في مشكالت ال سبيل للخالص منها.
إذا ك KKان ب""وبر عقالني KKا ال اس KKتقرائيا ف KKإن ك""ون حس KKب الك""اتوس "
العقالني وال اسKK K Kتقرائي ،ففي نظKK K Kره ال يوجKK K Kد منطKK K Kق للكشKK K Kف بKK K Kل يوجKK K Kد
سKKيكولوجيا KاالكشKKف" .4وإ ذا كKKان ب""وبر يعتKKبر أن التحKKول العلمي تحدثKKه
كون يKKرى أن الثKKورة
عوامل عقالنية وبالتالي هو ينتمي إلى منطق الكشف ،فKKإن
العلم هي وثبKKة ال عقليKKة من نمKKوذج إلى آخ KKر وهي تح KKول جشKKطالتي Kال يمكن
تبريره منطقيا ،وكأنها Kنوع من التحول الصوفي Kال يخضع لقوانين العقل.
واألمKر KالبKارز هKو حضKور فكKرة "التحKول الKديني" في تحليKل تومKاس كKون
لمفهKK Kوم الثKK Kورة العلميKK Kة .إذ اعتKK Kبر التحKK Kول الثKK Kوري Kفي العلم فعKK Kل مماثKK Kل
للتحKKKول الKKKديني ،فالنظريKKKة الجديKKKدة في منظ KKوره تعتن KKق كعقي KKدة جديKKKدة.
ويؤك KKد ذل KKك باس KKتعماله كلم KKة "اعتن KKاق" واعتق KKاد لوصK Kف Kتح KKول العلم KKاء الى
النظرية الجديدة ،وهو بذلك سKKيحول البKKاحث العلمي إلى معتقKKد ،أو إلى إنسKKان
وثKKوقي ،ال يملKKك على اإلطالق روح النقKKد ،يغKKير والءه من نظريKKة إلى أخKKرى
ألسباب ذاتيKKة وعليKKه فهKKو ينتمي إلى مجKKال سKيكولوجيا الكشKف ،أي أن الثKورات
العلميKة في نظKره هي" أمKر العقالني ويعKود Kإلى شKيء سKيكولوجي" .5يKرفض
الكKKاتوس اخKKتزال الثKKورات العلميKKة في بعض التحKKوالت النفسKKية الKKتي تطKKرأ
على المجتمع العلمي من حين آلخر.
يرى الكاتوس أن حسب نظرية كون " يجب أوال أن نخترع األزمة
في وسKط النخبKة العلميKة" 6لتحKدث الثKورة ،أي أن األزمKة يجب أن تسKبق الثKورة
العلميKKة كمKKا نجKKد عنKKد التكKKذيبين أن الKKدحض يجب أن يسKKبق التخمين الجديKKد.
وهذا ما يعارضKKه الكاتوس الKKذي يKKرى أن النظريKKة القويKKة ال تحتKKاج إلى أن
تسKK Kبقها أزمKK Kة أو تحطم النظريKK Kة المنافسKK Kة لتفKK Kرض نفسKK Kها على السKK Kاحة
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
مادامت ال تشKكل خطKKرا حقيقيKKا على النظريKة القائمKKة .من غKير المعقKول الحكم
على نظرية بالموت لمجرد بزوغ KحالKة سKالبة تناقضKKها .فلKKو اتبعنKKا المنهجيKة
البوبرية لتوقف العلم ألن مختلف النظريKKات العلميKKة سKKتفند ال محالKKة .أي أن
الكاتوس يKKرفض فكKرة إلغKKاء نظريKKة علميKة لمجKKرد ظهKKور حKاالت تناقضKKها،
ويKKرى أن النقKKد ال يجب أن يلغي النظريKKات KالعلميKKة بتلKKك الطريقKKة المتطرفKKة
التي يصفها بوبر.
كان كون محقا حسب الكاتوس في بعض االعتراضKKات الKKتي قKّ Kدمها
لبوبر ،وخاصKKة في ورفضKKه لشKKعار "الثKKورة الدائمKKة" وإ صKKراره على وجKKود
مراحKKل اسKKتقرار وثبKKات يمKKر بهKKا العلم ليحقKKق نضKKجه وتأكيKKده على صKKالبة
بعض النظري KKKات العلمي KKKة ،لكنKK Kه كKK Kان مخطئKK Kا حين تصKK Kور أنKK Kه يمكن ه KKKدم
التكذيبيKKة البوبريKKة من أساسKKها ،ألنKKه بKKذلك يقصKKي كKKل احتمKKال بنKKاء عقالني
للعلم وتاريخه.
يرى الكاتوس إذا كKKان تKKاريخ العلم ال يؤيKKد التصKKور العقالني للعلم
فإننKKا سKKنكون بين خيKKارين ،إمKKا أن نقلKKع عن تقKKديم تفسKKيرات عقالنيKKة للتطKKورK
الKKذي يحققKKه العلم وبالتKKالي نتنKKازل عن منطKKق الكشKKف والتحليKKل الموضKKوعيK
لبني KK Kة العلم ،ونلج KK Kأ إلى " تفس KK Kير تح KK Kوالت النم KK Kاذج ب KK Kالعودة إلى علم النفس
12
االجتمKK Kاعي مثلمKK Kا فعKK Kل ك ""ون ،أو نلجKK Kأ إلى تعKK Kديل التكذيبيKK Kة البوبريKK Kة"
بتعKKويض تأويالتهKKا السKKاذجة بتكذيبيKKة منهجيKKة تقKKدم فهمKKا أفضKKل لبنيKKة
العلم ،ألن مبدأ التكKKذيب في صKورته الحKادة ال يسKKاعد على تفسKKير حركKة
العلم في تطKKوره .لKKذا نKKادى الكKKاتوس بالتكKKذيب المنهجي الKKذي نلجKKأ إليKKه
عند الضKرورة ،فيكKون ذلKKك سKببا قويKا لبقKاء التكذيبيKة تفسKر نمKو العلم
وتقدمه.
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
عمل الك" ""اتوس على التوفي K K Kق Kبين البعKK K Kد التKK K Kاريخي لك" ""ون والبعKK K Kد
المنطقي المعيKKKاري لب""وبر ،فرب KKط Kس KKياق الكش KKف بت KKاريخ العل KKوم .واسKKKتعان
بنظريKK Kة ك ""ون بعKK Kد إزالKK Kة النقKK Kائص الKK Kذي تعKK Kاني منهKK Kا وخاصKK Kة في مسKK Kألة
الالقياسية ،كما عوض التكذيبية البوبرية االمتطرفة بالتكذيبية المنهجيKة الKتي
تضKKمن للعلم موضKKوعيته .وعليKKه فKKإن ابسKKتيمولوجيا Kالكاتوس تمخضKKت عن
قراءة متقاطعKKة ألعمKKال بوبر وكون لتفKKترق عنهمKKا الحقKKا لتقKKدم رؤيKKة جديKKدة
عن تقدم المعرفة العلمية ليسميها KميتودولوجيKKة بKرامج األبحKKاث العلميKة .فمKKا
هي ميتودولوجيKKة بKKرامج البحث عنKKد الك""اتوس ومKKاهي بنيتهKKا؟ وكيKKف ف ّس KرK
من خاللها نمو المعرفة العلمية وتقدمها؟
-2مفهوم ميتودولوجية برامج األبحاث العلمية عند الكاتوس.
يقول الكاتوس" عنKKدما يKKرى كون نماذجKKا أنKKا أرى بKKرامج بحث
عقالنية" ،13فوضع نظرية علم جديدة تسمى "ميتودولوجية برامج البحث"
وهي منهجية جديدة تهتم بإشKكالية نمKو العلم وبمشKكلة التميKيز بين العلم
وال العلم .ويKKرى أنهKKا المنهجيKKة األصKKلح مقارنKKة مKKع المنKKاهج السKKابقة كونهKKا
األق KKل تعرضKKا Kللنق KKد وتب KKني المعرف KKة العلمي KKة على أس KKس موض KKوعية .تتك KKون
برامج البحث من سلسلة من النظريKات العلميKة الوثيقKة الصKلة الKKتي تعمKل على
ويق KK K Kول في ه KK K Kذا الص KK K Kدد" :ال ينبغي أن تك KK K Kون وحKK K Kداتنا تفس KK K Kير الواق KK K Kع،
األساسية للتقسيم نظرية منعزلة أو حشدا من نظريات مبعثرة ،وإ نما يجب أن
14
تكون "برنامج بحث[متكامل]"K
إن ميتودولوجيKK K K K K K Kة بKK K K K K K Kرامج البحث تتعKK K K K K K Kارض مKK K K K K K Kع التكذيبيKK K K K K K Kة
واالصKKطالحية ،مKKع أنهKKا تسKKتعير Kمن كلتيهمKKا عناصKKر أساسKKية .فهي تسKKتعير
من المKKذهب االصKKطالحي KالسKKماح عقالنيKKا بKKأن نقبKKل عن طريKق KاالصKKطالح
نظريKKات كليKKة أو بKKاألحرى بKKرامج بحث تعمKKل على تفسKKير الواقKKع ونمنحه KاK
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
نوجKKه النقKKد إلى النKKواة الصKKلبة ،ألن في ذلKKك اقصKKاء وهKKدم للبرنKKامج القKKائم،
وخاصKKة إذا كKKان هKKذا البرنKKامج فKKتي وفي KطKKور KالتكKKوين ولم نكن قKKد منحنKKاه
الKKوقت الكKKافي ليحقKKق نضKKجه ويثبت وجKKوده .فبKKدال من هKKدم النKKواة الصKKلبة و
تحطيم KالفرضKK Kيات المشKK Kكلة لهKK Kا ،يجب أن نوجKK Kه النقKK Kد إلى جKK Kزء آخKK Kر من
مكون KK Kات البرن KK Kامج وال KK Kذي يطل KK Kق علي KK Kه اس KK Kم ح KK Kزام األم KK Kان .18فم KK Kاذا يع KK Kني
الكاتوس بحزام األمان أو الحزام الواقي؟K
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
ب-حزام األمان:
كKK K Kل برنKK K Kامج بحث مجهKK K Kز بحKK K Kزام واق يوجKK K Kد بين النKK K Kواة الصKK K Kلبة
والظKKواهر الخارجيKKة ،وهKKو دومKKا الKKذي يتصKKدى KلنKKار االختبKKارات التجريبيKKة،
ويتش KKكل Kمن فرض KKيات Kمس KKاعدة هي ال KKتي تواج KKه ح KKدة االختب KKارات القاس KKية،
Kرارا من اجKK Kل ان تحمي النKK Kواة الصKK Kلبة من كKK Kل التكKK Kذيبات الKK Kتي
فتتعKK Kدل مً K K
تهKKددها .وأي قصKKور KللمطابقKKة بين برنKKامج البحث والوقKKائع KالتجريبيKKة ينبغي
أن ينسKK Kب ال إلى الفرضKK Kيات المشKK Kكلة لنواتKK Kه الصKK Kلبة ،بKK Kل إلى الفرضKK Kيات
المكونKKة لحزامKKه الKKواقي .هKKذا الحKKزام الKKواقي KعبKKارة عن شKKبكة متشKKعبة من ّ
الفKK K Kروض المسKK K Kاعدة الKK K Kتي تلتKK K Kف حKK K Kول النKK K Kواة الصKK K Kلبة بغKK K Kرض صKK K KيانتهاK
وحمايتهKKKا K.ان مKKKيزة الفKKKروض المسKKKاعدة الموج KKودة في الح KKزام الKKKواقي هي
قابليته Kا KللتفنيKKد ،إذ يحKKق للبKKاحث تعKKديلها أو اسKKتبدالها كلمKKا اقتضKKت الحاجKKة
الى تحص KK Kين الن KK Kواة الص KK Kلبة من ال KK Kدحض والتك KK Kذيب .يح KK Kوي ه KK Kذا الح KK Kزام
فرضKKيات مسKKاعدة صKKريحة تكمKKل النKKواة الصKKلبة ،وفرضKKيات ضKKمنية تزيKKد
من المضمون المعرفي للبرنامج وقوته التفسيرية.
تكمن مهارة العKKالم وعبقريتKKه في نظKKر الكاتوس في قدرتKKه على
تجديد الفKروض المسKاعدة المحيطKة بKالنواة الصKلبة لتكKون بمثابKة حKزام أمKان
له KKا .فه KKذا الح KKزام ه KKو ال KKذي يواج KKه قس KKوة االختب KKارات التجريبي KKة التكذيبي KKة،
وعليKKه تجKKرى KمختلKKف التعKKديالت والتصKKويبات ،ويKKزداد برنKKامج البحث قKKوة
ومتانة وصالبة بفضل هذه التعديالت المتواصلة .أما النواة الصلبة غالبKKا ال
تتغ KK Kير وال تتع KK Kدل ،وإ ذا نس KK Kب الخط KK Kأ اليه KK Kا تم التخلي عنه KK Kا وانه KK Kار Kمعه KK Kا
البرنامج الذي تمثله .فمهام KحKزام األمKان هKو إبعKاد الخطKر قKدر اإلمكKان عن
النواة الصلبة ،لذلك نجده يتحمل أقوى Kوأعنف الضربات بKدال عنهKKا ،ويKدافعK
عنه KKا لض KKمان اس KKتمرار Kبرنامجه KKا .فتجدي KKد ح KKزام األم KKان بف KKروض مس KKاعدة
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
جديKKدة أمKKر ضKKروري KلنجKKاح البرنKKامج واسKKتمراره ،ولكنKKه إذا فشKKل في أداء
دوره وبل KKغ التفني KKد إلى الن KKواة الص KKلبة ،فه KKذا يع KKني إخف KKاق وتقهق KKر وتالش KKي
برنامج بحث برمته.
مثال غ " ""اليلي(G Galilei " " ")1642-1564قKK K K Kام بتعKK K K Kديل بعض
الفرض KK K Kيات المس KK K Kاعدة في برن KK K Kامج كوبرنيك عن طري KK K Kق تع KK K Kديل م KK K Kدارات
الكKK Kواكب حيث جعلهKK Kا غKK Kاليلي اهليلجيKK Kة عKK Kوض دائريKK Kة ،كمKK Kا أعKK Kاد تقKK Kدير
المس KKافات بين النج KKوم واألرض لكن دون المس KKاس ب KKالنواة الص KKلبة لبرن KKامج
كوبرنيKك Kالمتمثلة في حركKة األرض .19فأدى KهKذا التعKديل إلى تطوير KالنسKق
الكوبرنيكي .لكن إذا طرأ تعديل على النواة الصلبة فهKKذا اعالن صKKريح عن
مغادرة هذا البرنامج لالنخراط في آخKKر .وهKKذا مKKا الحظنKKاه مKKع تيكوبراهي(
Tycho Brahe)1601-1546حينما تخلى عن النواة الصKKلبة للبرنKKامج
الكKKوبرنيكي KواعتKKبر جميKKع الكKKواكب تتحKKرك إالّ األرض وأن الشKKمس ذاتهKKا
تدور Kحول األرض الثابتة معلنا تمسكه بالفلك القديم لبطليموس.
وف Kق Kالك""اتوس بين النزع KKة االتص KKالية واالنفص KKالية في العلم عن KKدما
قKKKال " :إن الحKKKاالت المناقضKKKة الKKKتي ته KKاجم ب KKرامج البحث يمكنه KKا أن تKKKدمر
بعض الفرضKKيات الموجKKودة في حKKزام األمKKان وتبقى النKKواة الصKKلبة سKKليمة"
.20واعتKKبر هKKذه األخKKيرة من العناصKKر األساسKKية الثابتKKة في برنKKامج البحث،
وجع KK Kل ح KK Kزام األم KK Kان يتغ KK Kير بتغ KK Kير الظ KK Kواهر Kال KK Kتي تط KK Kرأ على الع KK Kالم
الخارجي.
إذن الفرضKK Kيات الKK Kتي يتKK Kألف منهKK Kا برنKK Kامج بحث ليسKK Kت في مرتبKK Kة
واحKKدة وليسKKت متكافئKKة ،فبعضKKها KثابتKKة ال تقبKKل التغKKير وهي الKKتي تنتمي الى
الن KKواة الص KKلبة ،أخ KKرى عرض KKة للتع KKديل وهي تل KKك ال KKتي نج KKدها في الح KKزام
الواقي ،فالتعKديالت الKتي تعرفهKا Kمن حين إلى آخKر هي الKتي تسKمح لبرنKامج
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
البحث بKKالنمو KوالتقKKدم .ألن الحKKزام الKKواقي يقبKKل التعKKديل والتكKKييف والتطKKوير
وحتى االستبدال ليصون النواة الصلبة ،لكن تعديل الحزام الKKواقي Kليس أمKKرا
عشوائيا بل يجري وفق اسKKتراتيجية يسKKميها الكاتوس الموجKKه المسKKاعد على
الكشف .فما المقصود Kبه؟ وكيف يشتغل داخل برنامج بحث ما؟
ج-الموجه المساعد على الكشف:
إن الموج KK Kه ألعم KK Kال البرن KK Kامج وأبحاث KK Kه يس KK Kميه الك KK Kاتوس "الموج KK Kه
المسKK Kاعد على الكشKK Kف" أوـ«الكشKK Kافة» .وينقسKK Kم إلى كشKK Kافه سKK Kلبية وكشKK Kافة
إيجابيKKة ،فKKاألول مرتبKط KبKKالنواة الصKKلبة ،أمKKا الثKKاني فمتعلKق KبKKالحزام الKKواقي.
فم KKا ال KKذي نعني KKه بالكش KKافة؟ وكيKKف Kيعم KKل على توجي KKه البحث بكيفي KKة ايجابي KKة
وسلبية في آن واحد؟
يق KK Kول الك ""اتوس " :إن برن KK Kامج البحث يتم KK Kيز بالمحاول KK Kة التجريبي KK Kة
الموجKه المسKKاعد
ّK الموجبKKة بجKKانب المحاولKKة التجريبيKKة السKKالبة" .21فه Kو KيقسKKم
على الكشKK Kف إلى نKK Kوعين :موجKK Kه سKK Kلبي يحمي النKK Kواة الصKK Kلبة ويمنعن K Kا Kمن
تفنيدها ،لذا يوجه االنتقادات ناحية الحزام الواقي .وموجه إيجابي يقوم على
مجموع KKة من االقتراح KKات والقواع KKد االرش KKادية تس KKاعد على تط KKوير الح KKزام
الواقي ،كما يزود النواة الصلبة بفروض إضافية تدعمها وتقويها ،فهو الذي
يسKKتقبل المشKKكالت ويوجKKه البKKاحثين نحKKو تنميKKة برنKKامجهم لمواجهتهKKا .اي أن
كKل برنKامج بحث يتكKون من قواعKد منهجيKة بعضKها يوجKه إلى طKرق البحث
التي يجب تجنبها وتتمثل في "المسKاعد على الكشKف السKلبي" ،وعمله مرتبKطK
بالدرجKKة األولى بKKالنواة الصKKلبة ،ومهامKKه األولى هي صKKيانتها وابعKKاد خطKKر
الحKKاالت الشKKاذة عنهKKا وارسKKالها KناحيKKة الحKKزام الKKواقي .وقواعKKد أخKKرى توجKKه
إلى طKK K K Kرق البحث الKK K K Kتي ينبغي اتباعهKK K K Kا وتسKK K K Kمى KالمسKK K K Kاعد على الكشKK K K Kف
اإليجابي ،وعمله متعلق بالحزام الواقي وكيفية تدعيمه لحماية النواة الصKKلبة
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
الوقائع ،وتفشل إذا أفضت إلى برنامج بحث تقهقKKري فيتخلKف KنمKKوه النظKKري
عن نمKKKوه التجريKKKبي" .ولكن إذا توق KKف Kالبرن KKامج عن التنب KKؤ بوق KKائع جديKKKدة،
فيمكن إهمال الجوهر الصلب". 23
Kبين الكاتوس دور الكشKKافة السKKلبية في حمايKKة بKKرامج البحث يعKKود ليّ K
إلى تKKاريخ العلKKوم ويستشKKهد ببرنKKامج نيKKوتن .إذ حKّ Kولت الكشKKافة السKKلبية لهKKذا
البرن KKامج جمي KKع التفني KKدات الموجه KKة لق KKوانين ني KKوتن في الجاذبي KKة وال KKديناميكاK
والKتي تمثKل نواتKه الصKلبة إلى الفرضKيات المسKاعدة لحKزام األمKان .24فنظريKة
نيKKوتن( I.Newton)1727-1642واجهت الكثKKير من األمثلKKة المضKKادة من
بينه KKا انح KKراف ك KKوكب اوران KKوس Kعن م KKداره ،وف ّس Kره ني KKوتن بوج KKود ك KKوكب
اخKK Kر يعيKK Kق حركتKK Kه .هKK Kذا التفسKK Kير آنKK Kذاك لقي معارضKK Kة ،لكن أتبKK Kاع نيKK Kوتن
حولKوا بKذكاء الشKواهد المضKادة واحKدا بعKد اآلخKر إلى أدلKة مؤيKدة لنظKريتهم، ّ
فحولKK Kوا كKK Kل
وتم فعال اكتشKK Kاف هKK Kذا الكKK Kوكب الجديKK Kد وهKK Kو كKK Kوكب "نبتKK Kون" ّ
صعوبة جديدة إلى نصر جديد لبرنKامجهم .يعKKد هKذا االكتشKاف KنجاحKKا مKذهال
ألنه أثبت ان برنامج البحث النيوتوني Kال يزال تقدميا وواعدا.25
ومKKKادام أن وجKKKود الكشKKKافة الس KKلبية في برن KKامج بحث علمي هKKKو مKKKا
يمنعنKKا من توجيKKه التفنيKKد إلى النKKواة الصKKلبة ألنهKKا جKKوهر البرنKKامج وماهيتKKه.
وبالتالي Kال يسمح للتفنيدات أن تتسرب إلى إليها ،لKKذلك يوجKKه الخطKKأ مباشKKرة
الى حKKKزام األمKKKان .ونخلص الى أن دور الكش KKافة الس KKلبية يكمن في الحفKKKاظ
على النKKواة الصKKلبة ،لKKذا تعمKKل على ارسKKال كKKل الصKKعوبات والمخKKاطر KالKKتي
تهKKددها إلى حKKزام األمKKان .إذا كKKان هKKذه هي مهKKام الكشKKافة السKKلبية فمKKاذا عن
الكشافة اإليجابية؟
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
Kيرا رغم ذل KK Kك دامت نظريت KK Kه ق KK Kرنين من الزم KK Kان.
لم يج KK Kد له KK Kا ني KK Kوتن تفس ً K K
فالتأييKKدات Kأهم من التفنيKKدات ،كونهKا KتجعKKل البرنKKامج يسKKتمر في طريقKKه على
الرغم من بعض الحاالت المستعصية .27إذا كان الدور األساسي الذي تلعبه
الكشافة السلبية هKو إقصKاء الشKذوذ KالKذي يتحKدى النKواة الصKلبة .فKإن الكشKافة
اإليجابية ترشد العلماء إلى ما ينبغي أن يتجنبوه لإلبقKاء على برنKامج البحث
بالمحافظKKKة على نواتKKKه الصKKKلبة .بينم KKا إذا ط KKرأ تغي KKير KفهK Kو Kيص KKيب الحKKKزام
ال KKKواقي Kوذل KKKك بتع KKKديل بعض فروضKK Kه المسKK Kاعدة أو بتعويضKK Kه بح KKKزام واق
آخ KKر .أي أن المحاول KKة الس KKلبية تعم KKل على ابع KKاد الش KKذوذ Kق KKدر اإلمك KKان عن
الجKKوهر الصKKلب ،أمKKا الكشKKافة االيجابيKKة فتهتم بمواجهKKة الشKKذوذ بKKالبحث عن
آليKKات جديKKدة تسKKمح لبرنKKامج البحث القKKائم باسKKتيعاب المسKKتجدات والتKKأقلم مKKع
الوضع العلمي الجديد .ومادامت الحاالت الشKاذة هي قKدر KكKل بKرامج البحث
ف KKإن الكش KKافة االيجابي KKة تف KKرض على الب KKاحث المنظ KKر ع KKدم االهتم KKام المف KKرط
بالشذوذ Kوخاصة إذا كان برنامج البحث في طور التكوين.
يقول الكاتوس ":نادرون هم العلماء الملتزمون ببرنKKامج بحث معين
يولKون اهتمامKا للحKاالت المناقضKة" .28KفالكشKافة االيجابيKة للبرنKامج تنقKذ العKالم ّ
من الح KKيرة عن KKدما يك KKون محيط KKا بح KKاالت الش KKذوذ ،فتجع KKل اهتمام KKه منص KKباK
على تطKKوير ابحاثKKه باالسترشKKاد بالتعليمKKات الKKتي توجKKد في الموجKKه االيجKKابي
لبرنامجKK K Kه ،فيتجاهKK K Kل هKK K Kذه األمثلKK K Kة المضKK K Kادة .يوصKK K Kي الك" ""اتوس البKK K Kاحثين
ويدعوهم Kإلى عدم االنسياق Kكثيرا إلى المالحظKKة التجريبيKKة العارضKKة ،ألنهم
قKد يتعرضKKون إلى خيبKة أمKل من ج ّKراء مKا تكشKف عنKه من قصKور KالمطابقKة
مع النظرية .لذا على العالم السير وفق مKا ترشKده إليKه الكشKافة اإليجابيKة في
سKK Kعيه الى تنميKK Kة برنامجKK Kه ،لكن إذا كKK Kانت هKK Kذه الشKK Kواهد المناقضKK Kة تتكKK Kرر
وتعKKود الى الواجهKKة باسKKتمرار فيجب اخKKذ التKKدابير KالالزمKKة لمواجهتهKKا وعKKدم
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
االستسKKالم لليKKأس واإلحبKKاط K.كKKان نيKKوتن نفسKKه يحتقKKر أولئKKك الKKذين يتعKKثرون
في أول ص KK Kعوبة ت KK Kواجههم وال يمتلك KK Kون اإلص KK Kرار على تنمي KK Kة ب KK Kرامجهم.
فالنجاح KK Kات الكث KK Kيرة ال KK Kتي حققه KK Kا تع KK Kزى إلى التع KK Kديالت ال KK Kتي أدخله KK Kا على
برنامجKKKه باالسKKKتعانة بالكشKKKافة االيجابي KKة ،وال KKتي بفض KKلها قضK Kى Kعلى معظم
المعضKKالت الKKتي كKKانت تواجKKه نسKKقه .كمKKا أدت هKKذه اإلضKKافات KوالتعKKديالت
إلى تنوعKK K Kات في النمKK K Kوذج الKK K Kنيوتوني ممKK K Kا سKK K Kاهمت في توسKK K Kيع المحتKK K Kوى
المعرفي Kلبرنامجه.29
إن الكشKK K Kافة االيجابيKK K Kة هي أكKK K Kثر مرونKK K Kة بوجKK K Kه عKK K Kام من الكشKK K Kافة
السKKالبة ،هKKذه المرونKKة تظهKKر جلّيKKا حسKKب الك""اتوس عنKKدما يبKKدأ برنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــامج
بحث في ال KK K Kتراجع والتقهق KK K Kر ،حيث أن كش KK K Kفا ابتكاري KK K Kا ص KK K Kغيرا Kبواس KK K Kطة
30
المحاول KKة التجريبيKKة للموج KKه االيجKKابي قKKد يدفع KKه دفعKKا قويـ ـــا Kإلى األم ـ ـ ـــام.
فالكشافة االيجابية لبرنKامج البحث تKKزود البKKاحث بالتوجيهKات KالمناسKKبة وتفتح
لKه المجKال أمKKام الكشKف واالبKKداع .عكس الكشKKافة السKKالبة الKKتي تكبلKه وتجعلKKه
حارسا Kمدرعا يتلقى السهام والرماح الKتي قKد تفتKك بKالنواة الصKلبة .فالكشKافة
السKKالبة اشKKبه بخKKط الKKدفاع Kفي فريKق KكKKرة القKKدم والKKذي غايتKKه حمايKKة المKKرمىK
من الخصKKKوم K،أمKKKا الكشKKKافة االيجابيKKKة فتش KKبه خ KKط الهج KKوم ال KKذي يسKKKعى الى
تحقيق الفوز والتقدم لفريقه.
إن برن KK Kامج البحث في مس KK Kيرته يجاب KK Kه الع KK Kالم الخ KK Kارجي بظ KK Kواهره
المختلف KKة وفي Kاآلن ذات KKه ين KKافس ب KKرامج بحث أخ KKرى ،فق KKد ينتص Kر Kأو ينه KKزم
بحسKK Kب محدداتKK Kه وموجهاتKK Kه المتمثلKK Kة أوال في الكشKK Kافة السKK Kلبية الKK Kتي ترش K KدK
العلمKK K K Kاء إلى مKK K K Kا يجب أن يتجنبKK K K Kوه ليحKK K K Kافظوا على النKK K K Kواة الصKK K K Kلبة ليبقى
برنKKامجهم KسKKاري KالمفعKKول وثانيKKا في الكشKKافة االيجابيKKة الKKتي تKKدلهم على مKKا
يجب أن يتبعKKوه من اجKKل تحقيKKق النم KKو والتقKKدم لبرنKKامج بحثهم حKKتى يتوف KقK
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
على ال KK Kبرامج المنافس KK Kة ل KK Kه .ألن تق KK Kدم العلم في نظ KK Kر الك"""اتوس " يجب أن
تكKKKون تنافس KKا Kبين بKKKرامج البحث" ، 31أي أن منط KKق نم KKو المعرف KKة العلميKKKة
يخضع لمبدأ التنافس المفتوح وليس لمبKKدأ التعKKاقب بين النمKKاذج اإلرشKKادية
مثلمKKا يKّ Kدعي تومKKاس كون .إن إعKKادة صKKياغة تقKKدم العلم على أسKKاس التنKKافس
يعطي صورة جديدة عن العلم وتاريخه ،صورة تختلف في جميع جوانبهاK
عن نظKKرة كون الKKتي تKKرى في نمKKو العلم تعاقبKKا لنظريKKات تتخللهKKا أحيانKKا
Kرة"وبر ال KKتي رفعت ش KKعار "الث KKورة الدائم KKة" .فكي KKف
انقالب KKات مفاجئ KKة ،ونظ Kب"
يفسKK Kر الك ""اتوس تقKK Kدم المعKK Kارف العلميKK Kة من خالل التنافسKK Kية المفتوحKK Kة بين
بKK Kرامج البحث؟ ومKK Kتى ينتصKK Kر برنKK Kامج على آخKK Kر؟ وكيKK Kف يأخKK Kذ برنKK Kامج
بحث موقعه في تاريخ العلم؟
-4التنافس""ية المفتوح""ة بين ب""رامج األبح""اث العلمي""ة ومآله""ا بين
التقدم والتقهقر:
يرى الكاتوس أن أهمية برنامج بحث ما تتأتى من قKKوة بنيتKه المفاهيميKة
وثKKراء محتKKواه المعKKرفي ،ممKKا يKّ Kدعم قوتKKه الكشKKفية وقدرتKKه التوجيهيKKة ،سKKواء
باكتش KKاف Kالحجج المؤي KKدة ل KKه وهي من مه KKام الكش KKافة اإليجابي KKة أو بإقص KKائه
لحKKاالت الشKKذوذ حKKتى يواصKKل البرنKKامج مسKKيرته وهKKذا دور الكشKKافة السKKالبة.
إن الك"اتوس ال تهمKKه الحKKاالت السKKالبة الKKتي تعKKترض كKKل برنKKامج بحث ألن
وجودهKKا Kال يسKKKتدعي بالضKKKرورة دحض البرن KKامج وهج KKره ،بق KKدر مKKKا يهمKKKه
وجKKود KالحKKاالت الموجبKKة الKKتي تKKدعم البرنKKامج وتؤيKKد تنبؤاتKKه ،ألن هKKذا يعKKني
أن المعرفة في نمKو وتزايKد مطKرد .فمنهجيKة بKرامج األبحKاث الالكاتوسKية ال
تKولي اهتمامKا كبKيرا للتكKذيب مثKل ك"ارل ب"وبر 32.ويوضKح ذلKك بقولKه" :ليسKت
التناقضات Kالتي تثير القلق في النفس...أو هي التي تحدد أي المشKKاكل يمكن
للعلمKK K Kاء أن يختاروهK K Kا KللعمKK K Kل بواقعيKK K Kة في بKK K Kرامج البحث [...بKK K Kل] تسKK K KتبعدK
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
التناقضKKات ،وتوض Kع KجانبKKا على أمKKل أنهKKا سKKتتحول إلى تعزيKKزات KللبرنKKامج
33
ل KKذا ي KKرفض الك""اتوس فك KKرة التخلي عن النظري KKة في ال KKوقت المناس KKب".
بش KKكل س KKريع لمج KKرد ظه KKور Kمفن KKدات له KKا ،ألن ت KKاريخ العلم يزخ KKر بش KKواهد
علمية تؤكد أن الكثير من النظريات العلمية قKKد ولKد ونشKKأ وتطKور في محيKط
مليء بح KKاالت الش KKذوذ .فال وج KKود Kلنظري KKة تنس KKجم م KKع ك KKل الوق KKائع دون أن
يع KKترض طريقه KKا بعض الع KKثرات .وأغلب النظري KKات Kق KKد نجحت في تج KKاوزK
وحولتهKا Kمن معيقKKات إلى عوامKKل تقKKدم ،وتمكنت من
الحKKاالت الKKتي تناقضKKها ّ
اسKKتيعابها KبعKKد تعKKديل بعض قواعKKد برنامجهKKا .فالكاتوس يشKKجع كKKل الKKبرامج
العلمي KKة ب KKدون اس KKتثناء ،وه KKو م KKا يمنح الب KKاحث أو جم KKوع الب KKاحثين حظوظ KKا
متكافئة ،ويبعث فيهم Kحافزا نفسيا قويا ويبعدهم عن اليKأس .ألنKه من الممكن
34
أن يعKKود برنKKامج متهالKKك ويشKKتغل مكانKKه ثانيKKة على مسKKرح البحث العلمي
ويبعث األمKKل في نفKKوس البKKاحثين إلحيKKاء بKKرامجهم Kمن خالل اقKKراره لثبKKات
النواة الصلبة ،على عكس "بوبر" الذي يقصKي الفرضKية بمجKرد ظهKور KمفنKد
لها.
يKKKرى الك""اتوس أن كKKKل برنKKKامج بحث مس KKموح ل KKه ببعض الهKKKزائم،
ولكن حKKتى يعKKود إلى سKKاحة المنافسKKة فيحتKKاج الى إثبKKات صKKحة تنبؤاتKKه .وإ ذا
ك KKانت ه KKذه الع KKودة دون إض KKافة في محت KKواه المع KKرفي Kأو قوت KKه التنبؤي KKة ف KKإن
الحKKرب سKKتكون خاسKKرة .ولكن البرنKKامج المهKKزوم KبإمكانKKه المقاومKKة والعKKودة
الى الواجهKKة إذا كKKان يشKKرف KعليKKه " علمKKاء ذوي KخيKKال وموهبKKة .كمKKا يمكن
للمKKدافعين عن البرنKKامج المهKKزوم أن يقKّ Kدموا تفسKKيرات ذكيKKة بغKKرض اإلقالل
من البرنKKامج المنتصKKر" .35اذ يسKKتمر برنKKامج مKKا في الممارسKKة العلميKKة إذا
كKKKان قKKKادرا على تحقيKKKق انتصKKKارات جدي KKدة وذل KKك يك KKون بص KKياغة فKKKروض
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
مسKKاعدة تعKKزز قوتKKه التفسKKيرية .أمKKا إذا كKKانت هKKذه الفKKروض تقلKKل من قدرتKKه
على اسKKتنباط تنبKKؤات مسKKتقبلية ،فيمكن القKKول هنKKا إن هKKذا البرنKKامج البحKKثي
في تقهقKKر وتراجKKع .فKKالعلم حسKKب الكاتوس ينمKKو بشKKكل عقالني عKKبر بKKرامج
البحث الKتي تKزيح بعضKها بعضKا ،والبرنKامج األكKثر اسKتيعابا للوضKع العلمي
الجديد هو الذي سيظفر Kباالنتصار K،لكن سيستغرق وقتا طKKويال ليفKKوز بKKوالء
المجتمع العلمي.
كي KKKف يق KKKود ه KKKذا التن KKKافس إلى اسKK Kتبعاد بعض الKK Kبرامج عن الس KKKاحة
العلمي KKة؟ وه KKل يوجK Kد Kس KKبب موض KKوعي له KKذا االس KKتبعاد؟ يك KKون ه KKذا الس KKبب
موضوعيا Kفي نطر الكاتوس اذا كKKان برنKKامج البحث المنتصKKر يف ّسKر كKKل مKKا
نجح فيKKه منافسKKه ومKKا عجKKز عن تفسKKيره ،فيحKKل محلKKه بفضKKل قKKوة محاولتKKه
التجريبيKة وكشKافته االيجابيKة" .36وقKوة محاولتKه التجريبيKة تكمن في الطريقKة
Kؤول به KKا الوق KKائع ،فتفس KKيراته عليه KKا أن تتض KKمن فروض KKا جدي KKدة غ KKير
ال KKتي ي ّ K
معروفة .ولكن جدة الفرض ترى غالبا بعد فترة طويلة ،ألن برنامج البحث
الجديKK Kد الKK Kذي دخKK Kل حKK Kديثا في المنافسKK Kة يمكن أن يأخKK Kذ وقتKK Kا ليثبت جدارتKK Kه
وينال تأييد المجتمع العلمي.
يمKK Kيز الك ""اتوس بين الKK Kبرامج التقدميKK Kة القويKK Kة والKK Kبرامج المتراجعKK Kة
الراك KK Kدة .أي ان ك KK Kل برن KK Kامج بحث إم KK Kا أن يك KK Kون متق KK Kدما وإ م KK Kا أن يك KK Kون
متراجعKKا ،بحيث "يكKKون برنKKامج بحث تقKKدميا إذا كKKان كKKل تعKKديل فيKKه يKKؤديK
إلى تنبKKؤات جديKدة غKير منتظKKرة" 37يمكن إثبKKات صKKحتها تجريبيKا ،فتعKززK
برنامج البحث وتزيد من محتواه المعرفي Kوقدرته الكشفية .ويكKKون برنKKامج
بحث مت KK Kدهورا أو متراجع KK Kا إذا فش KK Kلت تنبؤات KK Kه المس KK Kتقبلية في اإلحاط KK Kة
بالوقKKKائع KالموجKKKودة .فنقطKKKة الفصKKKل بين ب KKرامج البحث هي الق KKدرة على
التنبKKؤ .ينقلنKKا ذلKKك إلى فكKKرة مهمKKة تتعلKKق بالمشKKكلة األساسKKية في فلسKKفة
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
العلم في نظKKر الكKKاتوس وهي مشKKكلة التميKKيز بين العلم والالعلم ،ويKKرى Kان
برنKKKامج البحث يبKKKدأ يافع KKا Kمحماًل بالعدي KKد من التنب KKؤات الواض KKحة لكنKKKه مKKKع
مرور KالKوقت يKتراجع ويتوقKKف عن العطKاء ،فيخKرج من دائKرة العلم ليصKنف
في الالعلم.
إن برن KKامج البحث ال KKذي سينتصر Kحسب الك""اتوس ه KKو ال KKذي يمتل KKك
القKK Kدرة المسKK Kتمرة على وضKK Kع تنبKK Kؤات مسKK Kتقبلية يمكن اثباتهKK Kا بالتجربKK Kة أو
الرصد .فإذا كان برنامج البحث خصبا قادرا Kعلى وضع تنبؤات جديدة فهو
متق KK Kدم ،أم KK Kا إذا ك KK Kانت فرض KK Kياته ال تس KK Kاعده على وض KK Kع تنب KK Kؤات مس KK Kتقبلية
واضKKحة ،فيمكن القKKول إن هKKذا البرنKKامج البحKKثي مKKتراجع وعليKKه أن يتجهKKز
للرحيل ليحل مكانه برنامج بحث آخKKر.فمثال تراجKKع البرنKامج الKKنيوتوني KبعKKد
مائتي عKام من النجKKاح المتKKوالي وذلKKك حين فشKKلت تنبؤاتKKه في تفسKKير ظKKاهرة
ش KKذوذ ك KKوكب عط KKارد عن م KKداره ،حيث ك KKذبت المالحظ KKات الفلكي KKة فرض KKه
عن وجود كوكب آخر مجهول يعيق حركته ،فأصبح برنامجا KمتKKدهورا K،لKKذا
حKKل محلKKه برنKKامج آخKKر هKKو برنKKامج انشKKتاين الKKذي تم ّكن من تفسKKير سKKلوك
عطارد بفضل نظريته الجديKدة في "مجKKاالت الجاذبيKة " ،فKKأحرز بKذلك نجاحKKا
مKKذهال .38وهKKذا مKKا حKKدث أيضKKا مKKع الثKKورة الكوبرنيكيKKة حين أخKKذ البرنKKامج
الك KKوبرنيكي مك KKان النس KKق األرس KKطي بع KKدما تراج KKع ه KKذا األخ KKير عن وض KKع
تنبؤات جديدة واضKKحة .هKذا االنتقKال من برنKKامج مKتراجع الى برنKKامج متقKدم
يمثل ثورة علمية في نظر الكاتوس.
يعتبر الكاتوس اإلنجازات العلمية الكبرى ليست سوى بKKرامج بحث
يمكن تقييمه KK Kا بحس KK Kب درج KK Kات التق KK Kدم وال KK Kتراجع ،حيث تنتج عن الث KK Kورات
العلمية برامج بحث أكثر تقدما تحل محKل بKرامج باليKة اسKتنفذت مقتضKياتهاK.
ويKK K Kرى أن االنتقKK K Kال من برنKK K Kامج بحث إلى آخKK K Kر ليس تحKK K Kوال جشKK K Kطالتيا Kال
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
عالقKKة لKKه بKKالمنطق مثلمKKا كKKان يتصKّ Kور كون .ويؤكKKد مKKع بوبر على أن العلم
ينمو بشكل عقالني عKبر بKKرامج البحث المتنافسKة الKتي تKKزيح بعضKها بعضKا،
فKK Kالتحوالت الثوريKK Kة في نظKK Kره عقالنيKK Kة ومنطقيKK Kة .يؤكKK Kد الكKK Kاتوس هنKK Kا أن
الKKبرامج التقدميKKة تُفضKKل عقالنيKKا على الKKبرامج المتراجعKKة ،لكن البرنKKامج ال
ُيKKزاح فKKور Kأن يبKKدأ بKKالتراجع مثلمKKا يKّ Kدعي بوبر ألنKKه قKKد يتعKKافى بعمليKKة صKKقل
أو تعديل .كذلك يقول –على عكس كون -إنKKه يمكن لعKKدد من بKKرامج البحث
المتنافسKKة أن تتواجKKد معKKا في نفس الفKKترة دون ينفي أحKKدهما اآلخKKر ،والKKدليل
على ذلKK Kك تKK Kزامن مدرسKK Kتين معاصKK Kرتين فسKK Kرتا الظKK Kاهرة الضKK Kوئية بطKK Kرق
مختلفة ،وهما المدرسة الذرية والمدرسة الطاقوية.
هذه المقارنKKة بين الKKبرامج المتنافسKKة وتقييمهKKا جعلت الكاتوس يضKKع
مع KKايير Kتح KKدد م KKدى تق KKدم أو رك KKود Kبرن KKامج م KKا ،حيث يعت KKبر أن برنامج KKا م KKا
متقدما عن نموه التجريبي Kومحتفظ بقدرتKه على
ً متقدم إذا كان نموه النظري
راكدا أو متفسخا إذا تخلف نموه النظKري عن نمKKوه التجريKبيK
التنبؤ .ويكون ً
وبالتالي Kعليه أن يفسح المجال لبرنامج أفضKKل منKKه ليقKKود الممارسKKة العلميKKة.
وهذا التنKKافس المتواصKKل بين بKKرامج البحث هKKو الKKذي يKKدفع عجلKKة العلم دومKKا
الى األم KKام .إن التق KKدم ال KKذي يح KKرزه العلم حس KKب الك""اتوس ال يك KKون إالّ من
خالل التن KKافس المفت KKوح بين ال KKبرامج المختلف KKة ،ويعت KKبر Kميتديولوجي KKة ب KKرامج
األبحاث العلمية أحسن أداة لفهم ميكانيزمات Kانتاج المعرفة العلمية.
يعب KKر عن ح KKرب خفي KKة بين ب KKرامج البحث
أثن KKاء ه KKذا التن KKافس ال KKذي ّ
يتطKKور KبرنKKامج معين ويقKKوى حين يKKتراجع منافسKKه .يKKرى الك""اتوس انKKه من
الخط KK K Kأ أن نعتKK K Kبر KبرنKK K Kامج بحث م KK K Kا عقيKK K Kدة راسKK K Kخة ال تتغ KK K Kير ونواصK K K KلK
االستمرار Kعليه وقد استهلكت قوته التجريبية ،كما ال يجب أن يقبKل أعضKاء
المجتمع العلمي برنامجا KجديKدا قبKل أن يتأكKدوا ان البرنKامج القKديم قKد وصKل
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
إلى نقطة االنهيار .39Kألن االلتزام Kببرنامج واحد يعني تكبيل العلماء وقتلK
روح االبداع فيهم ودفعهم إلى السكون والجمKKود .بينمKKا التنKKافس المفتKKوح بين
ال KKبرامج العلمي KKة يفس KKح المج KKال االبتك KKار العلمي ،مم KKا يس KKمح بنم KKو المعرف KKة
وتق KK Kدمها ،ألن التمس KK Kك األعمى بنظري KK Kة اس KK Kتنفذت مقتض KK Kياتها ليس فض KK Kيلة
علمية وإ نما هو جريمة فكرية ألنها تؤدي الى عقم العقل وشلل االبداع.
رغم أن التمسKك ببرنKKامج بحث والKدفاع KعنKه باسKKتماتة ليس عيبKKا في
نظر الكاتوس بKل هKو أمKر مبKاح ومشKروع K،ألنKه من الصKعوبة الحكم بKأفول
برنامج بحث ما بمجرد مواجهته لشKذوذ Kفي صKورة أمثلKة سKالبة ال تتفKق مKع
مضKK K Kامينه ،ومن ثمKK K Kة االسKK K Kتعجال بتكذيبKK K Kه ورفضKK K Kه مثلمKK K Kا تنص التكذيبيKK K Kة
البوبريKة .فلKو اتبعنKا مبKدأ التكKذيب البKوبري KوأبعKدنا ميكKانيزم KحKل المشKكالت
المسKKاعدة على الكشKKف لتKKوقفت نظريKKات كثKKيرة لحظKKة والدتهKا KلمKKا يعترضKKهاK
من ش KKواذ Kمكذب KKة له KKا .ألن KKه ال وج KKود لنظري KKة كامل KKة منزه KKة من ك KKل نقص،
فاألمثل KK K Kة المض KK K Kادة وح KK K Kاالت الش KK K Kذوذ هي أم KK K Kور محايث KK K Kة للنش KK K Kاط العلمي،
فبKK K Kدونهما تتوق K K Kف KحركيKK K Kة العلم ،ورفض Kوجوده K K Kا KيعKK K Kني وأد كKK K Kل بKK K Kرامج
األبحاث العلمية قبل أن نمنحها فرصة لتحقق نجاحها.
40
ألنه دحض وهدم يقول الكاتوس " إن النقد البوبري Kسلبي"
للنظريات العلمية .فأراد أن يخفض من حKدة هKذا النقKد ،لهKذا رأى أنKه عنKدما
يتعل KKق األم KKر بنق KKد ب KKرامج جدي KKدة يجب أن نأخ KKذ بعين االعتب KKار أنه KKا في
طKKور التكKKوين ولم تحقKKق نضKKجها بعKKد ،وال نتسKKرع في دحضKKها ،ألننKKا
لو أقصيناها Kألول حالة ال تتوافق KمعهKKا فKKإن هKKذا حكم بموتهKKا ،ممKKا يعيKKق
نم KKو المع KKارف العلمي KKة ويمن KKع تق KKدمها .نحن في العلم "نحت KKاج إلى نق KKد
ّبن KK Kاء وإ يج KK Kابي" ،41 Kنق KK Kد يس KK Kمح لل KK Kبرامج المتنافس KK Kة من تحقي KK Kق نض KK KجهاK
ونجاحها Kواالستمرار في مسيرتها Kقدر االمكان .هذا النوع من النقد يمكنKKه
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
التمييز بين البرامج القوية والضKKعيفة ،إذ " يحKKل برنKKامج بحث محKKل آخKKر
عندما يتجاوز Kمنافسه في محتوى الحقيقة" ،42ويكون برنامج بحث أفضل من
منافس KKه إذا ك KKان يكتس KKي طابع KKا تق KKدميا ،وه KKذا يتوق KKف على درج KKة تماس KKكه،
البناء يؤدي إلى البناء العقالني
وعلى عدد التنبؤات التي يؤدي إليها .هذا النقد ّ
للمعرفة العلمية ويحفظ لها موضوعيتهاK.
إن النقد الذي يتحدث عنه الكاتوس يختلKKف عن النقKKد البKKوبري ،فهKوK
ليس إقصاء وهدم بKل هKو عمKل ّبنKاء يسKعى الى إحيKاء البرنKامج المعمKKول بKه
ودعمKKKه ليتجKKKاوز الع KKثرات ومختلKKKف التناقض KKات ،وذل KKك عن طريKKKق إجKKKراء
تعديل في حزام أمانه .ألن هذا االخير يتميز بنوع من المرونةـ ،ممKKا يجعلKKه
قابال للتعديل مرارا ،وإ ذا باءت جميع محاوالت التعديل بالفشل سيتم تغيKKيره
بح KK Kزام واق اخ KK Kر باس KK Kتحداث فرض KK Kيات مس KK Kاعدة جدي KK Kدة تعطي دفع KK Kا قوي KK Kا
لبرنامج البحث ،فيواصل في أداء مهامه.
-5العقالنية الهادئة:
يش KKاطر الك""اتوس توم""اس ك""ون في بعض االنتق KKادات ال KKتي وجهه KKا
لكارل بوبر كمعارضته للنقد الحاد والتجKKارب KالحاسKKمة الKKتي تسKKعى إلى هKKدم
العلم .فهKK Kو أيضKK Kا ضKK Kد فكKK Kرة إقصKK Kاء بKK Kرامج بحث بمجKK Kرد ظهKK Kور KحKK Kاالت
تناقضها ،ويؤكد Kأن النقد ال يلغي وال يجب أن يلغي النظريKKات العلميKKة بتلKKك
الطريقة الحادة والمتطرفة التي حددها بوبر.
تعمل التجارب الحاسمة وفKق الطريقKة البوبريKة على هKدم النظريKات
العلمي KK Kة وخاص KK Kة الفتي KK Kة منه KK Kا ،مم KK Kا ي KK Kؤدي الى وأد الكث KK Kير منه KK Kا وهي في
مهKK Kدها .ومن وجهKK Kة نظKK Kر الك ""اتوس هKK Kذه العقالنيKK Kة القائمKK Kة على التجKK Kارب
الحاسمة ال تمثل سوى Kصورة لعقالنية عاجلة ،لذا ينادي في "ميتدودولوجية
ب KKرامج األبح KKاث العلمي KKة" إلى ع KKدم إقص KKاء ب KKرامج البحث لظه KKور أول مفن KKد
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
لهKKا ،فعKKوض اسKKتبعادها ينبغي منحهKKا فرصKKة الKKدفاع عن نفسKKها من أجKKل أن
تبقى وتسKKتمر في المنافسKKة .فالك""اتوس يؤكKKد أن تقKKدم العلم يخضKKع لعقالنيKKة
بطيئ KKة هادئ KKة ،وهي على عكس مم KKا يتص KKوره ب""وبر وغ KKيره من التك KKذيبيين،
ألن عقالنيتهم العاجلKK K Kة تفشKK K Kل في ق KK K Kراءة أح KK K Kداث العلم .فبنظKK K Kرة فاحصKK K Kة
Kبين لن KKا أن التّكذيبي KKة البوبري KKة ال تحي KKط
ودراس KKة متأني KKة ال تتس KKم بالهرول KKة يت ّ K
باالسKKتراتيجية الفعليKKة لتقKKدم المعKKارف KالعلميKKة .ألنKKه ال يوجKKد في منطKKق العلم
ما يمكن أن نسميه "عقالنية آنية أو لحظية" ،كوننا ال نسKKتطيع KتحديKKد مصKKير
برامج البحث بشكل آني ،وال يمكننا تقييم تقدمها والحكم عليهKKا بطريقKKة آنيKKة
عاجلة.
إن التجKKارب الحاسKKمة ال أهميKKة لهKKا أمKKام عبقريKKة العلمKKاء ومهKKارتهم
حسب الكاتوس ،ألن التجربKKة الحاسKKمة تبحث عن حKاالت الشKKذوذ والشKKواهدK
المناقض KKة بع KKد أن ي KKدب الض KKعف في برن KKامج البحث بم KKدة طويل KKة ،وبع KKد أن
يكون قد هزم من قبل برنامج آخر .إن الميتودولوجية الالكاتوسية تKKرى أنKKه
ترخص للعKKالم دحض النظريKKةال وجود لمالحظة تجريبية أو تجربة حاسمة ّ
دفعKKة واحKKدة ،فأيKKة نظريKKة يمكن الKKدفاع KعنهKKا لKKزمن طويKKل حKKتى ولKKو كKKانت
كاذبKK Kة .فبرنKK Kامج مKK Kا يتفKK Kوق بعKK Kد االنهيKK Kار KالتKK Kام لبرنKK Kامج قKK Kد ولّى والKK Kذي ال
يستغرق Kمدة وجيزة .أي حتى وإ ن سلمنا بوجود Kتجارب حاسمة فإن آثارهKKا
43
ال تستوعب إالّ بعد عقود من الزمن.
ال نطلKKق لفKKظ "تجربKKة حاسKKمة" على اختبKKار إالّ إذا أمكنKKه أن يعطينKKا
أدل KKة كث KKيرة مع KKززة للبرن KKامج الجدي KKد وش KKواهد مقنع KKة على إخف KKاق البرن KKامج
القديم .وليس بوسKKع التجKKارب الحاسKKمة ان تكKKذب نظريKKة أو حKKتى أن تمنحهKKا
درجة عالية من التعزيز في نظر الكاتوس ،واعتمد على تاريخ العلم ليKKبرر
موقفKKه ،وعKKاد إلى المثKKال الKKذي كKKان ب"وبر يKKردده كثKKيرا :وهKKو شKKذوذ كKKوكب
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
أورانوس Kعن مسKاره والKKذي ف ّسKره نيKKوتن بوجKود KكKKوكب آخKر غKير مكتشKKف
يعيKKق حركتKKه .وهKKذا الكKKوكب الجديKKد تم ّكن العلمKKاء من رصKKده وهKKو كKKوكب
نبتون .اعتKبر بKوبر هKذا االكتشKاف نصKرا وتعزيKKزا قويKا لنظريKة نيKوتن ،ألن
في منظKK K Kوره هKK K Kذه النظريKK K Kة قKK K Kد تعرضKK K Kت الختبKK K Kار حاسKK K Kم وخKK K Kرجت منKK K Kه
منتص KKرة .غ KKير أن الك""اتوس ينك KKر بص KKريح العب KKارة وج KKود Kتج KKارب حاس KKمة
Kبين هيKKف
بKKالمعنى البKKوبري ،إذ يقلب المثKKال السKKابق رأسKKا على عقب حتّى يّ K
هذه التجارب وزيفها ،حيث تساءل مKKاذا كKان يمكن أن يحKKدث لKKو أن العلمKاء
لم يجدوا كوكب نبتون .هل سيكذب البرنامج النيوتوني KبرمتKKه؟ بKKالطبع "ال".
ألن الفشل سيعزي حينئذ إلى أسباب كثيرة غير كذب نسق نيوتن ،وخاصKKة
أن قوانينKKه قKKد حققت نجاحKKات بKKاهرة في مجKKاالت عKّ Kدة .فالتجKKارب الحاسKKمة
حسKKب مKKا يعتقKKده الكاتوس ال يمكنهKKا أن تقصKKي برنKKامج بحث دفعKKة واحKKدة.
وبالت KKالي ليس KKت ع KKامال أساس KKيا Kللحس KKم بين النظري KKات المتنافس KKة ،فاختب KKاراتK
بوبر الفاصKKلة مKا هي إالّ عنوانKا لتكذيبيKة عاجلKة ال تلم باآلليKة الحقيقيKة لتقKKدم
العلم.
إذا مKK Kا اضKK Kطررنا للتسKK Kليم بالتجKK Kارب الحاسKK Kمة فعلين K Kا Kأن نضKK Kع في
الحس KKبان إنه KKا متوقف KKة على ج KKودة ب KKرامج البحث ،ألن درج KKة قوته Kا Kعرض KKة
يفنKKد ب KKه غ KKيره .يق KKول
للت KKأرجح ،والس KKيما ان ك KKل برن KKامج ل KKه من الحجج م KKا ّ
الكاتوس في هذا القبيل ":ال توجد تج ـ ـ ـ ـ ـ ــارب حاسم ـ ـ ـ ـ ــة بالمعنى الذي يجعKKل
منه KK Kا تح KK Kدث انقالب KK Kا ...في برن KK Kامج البحث" .44وليس ك KK Kل تجرب KK Kة تك KK Kذب
برنامجK K Kا KمKK Kا تKK Kؤدي إلى إلغائKK Kه .تكKK Kون التجربKK Kة حاسKK Kمة إذا قKK Kدمت حججKK Kا
تدحض البرنامج القديم وتثبت في اآلن ذاته صحة البرنامج الجديKKد .لكن إذا
تمكن أحKKد أعضKKاء البرنKKامج القKKديم من إثبKKات زيKKف هKKذه التجربKKة من داخـل
هKKذا البرنKKامج ذاتKKه ،فKKإن اسKKم "التجربKKة الحاسKKمة" يتالشKKى ويسKKتعيد KالبرنKKامج
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
القKKديم مكانتKKه .وهKKذا يعKKنى هKKذا أن مفهKKوم التجربKKة الحاسKKمة مKKرن ومطKKاطيK،
ومن الص KK Kعب أن نح KK Kدد م KK Kا هي التجرب KK Kة الحاس KK Kمة ال KK Kتي نس KK Kتعين به KK Kا في
المفاض KKلة بين النظريKKات العلميKKة 45.وك KKان ك""ون محقKKا حسKKب الك""اتوس في
بعض االعتراض KKات ال KKتي ق Kّ Kدمها Kلب""وبر وخاص KKة في إص KKراره على ص KKالبة
بعض النظريKK K Kات العلميKK K Kة ومقاومته KK K Kا للتج KK K Kارب الحاس KK K Kمة .وبKK K Kذلك تكKK K Kون
ميتودولوجية بKKرامج األبحKKاث العلميKKة لالك""اتوس قKKد وضKKعت حKKدا للتجKKارب
الحاسمة التي تعمل على إقصاء النظريKKات KالعلميKKة ألول تعKKثر لهKKا ،وأفضKتK
إلى نهاية العقالنية العاجلة لتحل محلها العقالنية المتأنية.
-6تاريخ العلم من منظور الكاتوس:
كKKKانت المقولKKKة المشKKKهورة لالك""اتوس "فلس KKفة العلم من دون تاريخKKKه
خKKواء وتKKاريخ العلم من دون فلسKKفته عمKKاء " .وبهKKذا KحKّ Kور مقولKKة كانط ":إن
المKKدركات الحسKKية من دون تصKKورات KعقليKKة عمKKاء والتصKKورات العقليKKة من
دون م KK Kدركات حس KK Kية خ KK Kواء" .أي أن وق KK Kائع ت KK Kاريخ العلم دون فلس KK Kفته هي
مدركات عمياء ،ونظريات فلسفة العلم ال تلم بتاريخ العلوم ليست إالّ أنساق
خاوي KK K Kة ،ل KK K Kذا الصKK K Kلة بينهم KK K Kا وثيق KK K Kة ،فال قيم KK K Kة ألح KK K Kدهما من دون اآلخ KK K Kر
فالكاتوس ينتمي إلى ذلك االتجاه الذي يأخKذ بKالوعي التKاريخي مأخKذا جKاداً،
حيث رك KKز في تحليالت KKه على وض KKع العلم بين فلس KKفته وتاريخ KKه ،إليمان KKه أن
فصله عنهمKا يKؤدي إلى فجKوة فكريKة من العسKير س ّKدها ،وهKو الخطKأ الجسKيم
الذي وقع فيه الوضعيون المناطقة .لذا سعى إلى إعادة بناء المعرفة العلميKKة
بناء عقالنيا عن طريKق KالربKKط بين تاريخهKKا وفلسKفتها K،وهKو مKالم تعمKKل على
تحقيقه فلسفات العلم السابقة.
جعل الك ""اتوس من تKK Kاريخ العلم نبراسKK Kا لمشKK Kروعه "ميتودودلوجيKK Kة
برامج البحث العلمية" ،ألنه الوسيلة الوحيدة لفهم طبيعة برامج البحث وآليKKة
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
تؤكدها Kالتنافس المفتوح بين البرامج المختلفة .أي لم يفلح "الكKKاتوس" في
تحديKKد معKKايير صKKارمة لتميKKيز برنKKامج البحث المتقدمKKة عن المتراجعKKة ،لم
يحسKKم األمKKر بوضKKوح مثلمKKا فعKKل ذلKKك "باشKKالر" مسKKتخدما القطيعKKة و" بوبر
مس KK Kتعمال التك KK Kذيب مKK Kادام كKK Kل برنKK Kامج متهال KK Kك يمكنKK Kه اس KK Kتئناف الممارس KK Kة
52
العلمية.
ومKK K Kا دامت ميتودولوجيKK K Kة "الك" ""اتوس" تحث البKK K Kاحث على التمسKK K Kك
ببرنKKامج بحثKKه وذلKKك بتطعيمKKه بفKKروض إضKKافية ليسKKتمر في البقKKاء رغم مKKا
يواجه KK Kه من انتكاس KK Kات ،ويحث دائم KK Kا على التش KK Kبث بجمي KK Kع ب KK Kرامج البحث
والمحافظKKة على "نواتهKا KالصKKلبة" ،وهKKذا مKKا يمثKKل دعKKوة صKKريحة الى نKKوع
53
من الدوغماتية في العلم.
ميز الكاتوس" بين التاريخ الداخلي والتاريخ الخارجي KبشKKكل حKKاد،
وأشKKاد KبقيمKKة وحيويKKة التKKاريخ الKKداخلي مقارنKKة بالتKKاريخ الخKKارجي ،لكن العلم
في األخير ليس سوى Kنشاط انساني ،وهKKو كيKKان تKKاريخي وفعاليKKة اجتماعيKKة،
فKK Kالوعي بKK Kالعلم كفعاليKK Kة ومتناميKK Kة مرتبطKK Kة بKK Kالتغيرات السوسيوسKK Kيكولوجية
وبالتالي Kالبد من استحضار Kهذا التاريخ الخارجي فهو على درجة بالغة من
54
األهمية في اإلحاطة بالظاهرة العلمية .
رغم ك KK K K K Kل االنتق KK K K K Kادات الموجه KK K K K Kة لميتودولوجي KK K K K Kة ب KK K K K Kرامج البحث
الالكاتوسKK K K K K Kية إال أن هKK K K K K Kذا ال يفقKK K K K K Kدها مكانتهKK K K K K Kا في مصK K K K K Kف KالمقاربKK K K K K Kات
االبستيمولوجية المهمة في الحقل الفلسفي العلمي .
خاتمة
من أهم النتائج التي خلصنا اليها من خالل هذه الدراسة فيمKKا يخص
هKKذا الفيلسKKوف الKKذي ال نغلKKو إن وصKKفناه بالموسKKوعي ،كونKKه حKKاول االلمKKام
بجميKKKع جKKKوانب الظKKKاهرة العلميKKKة من خالل "ميتودولوجي KKة ب KKرامج األبحKKKاث
275
الظاهرة العلمية في فلسفة ايمري الكاتوس
العلمي KK Kة ،وحقKK Kا ق KK Kد خلّفت بص KK Kمتها في الفك KK Kر العلمي المعاص KK Kر .وأض KK Kحت
ميتودولوجت KKة ب KKرامج األبحKKاث العلميKKة" من المقارب KKات االبسKKتيمولوجية الKKتي
قKKدمت تحليال وافيKا Kعن بنيKKة العلم .رغم ان الكKKاتوس ال يتمتKKع بشKKهرة عاليKKة
مثKKل كKKون أو بKKوبر ،لكن العديKKد من المفكKKرين المعاصKKرين ممن كKKانوا على
دراي KKة بأعمال KKه رأوا أن مقاربت KKه أك KKثر ص KKوابا من وجه KKة نظ KKر ب""وبر وأك KKثر
عقالنيKKة من نظريKKة توماس ك"ون ،ألنKKه تجنب تطKKرف KبKKوبر " التكKKذيب عنKKد
أول وهلة" ،وتجنب أيضا مفارقة توماس كون الخاصة بالنماذج غKKير القابلKKة
للقي KKاس المتك KKافئ واس KKتحالة المفاض KKلة العقالني KKة بينه KKا وم KKا انج KKر عن فك KKرة
الالقياس KKية من ذاتي KKة ونس KKبانية وانع KKدام الموض KKوعية .فك KKانت ميتودولوجي KKة
متمKKيزة قKKادت إلى صKKورة جديKKدة عن العلم وتاريخKKه ،وال نبKKالغ إذا قلنKKا إنهKKا
تمثKKل قمKKة استحضKKار الKKوعي التKKاريخي وخاصKKة بعKKد الربKKط بين تKKاريخ العلم
وفلس KKفته .أض KKف الى ذل KKك م KKا س KKاهمت ب KKه نظريت KKه من استبص KKارات Kجدي KKدة
ألقت الضوء على بنية العلم وأبرزت العوامل المتحكمة في تقدمKKه ،إذ أدخKKل
مفKKاهيم جديKKدة الى أدبيKKات فلسKKفة العلم المعاصKKرة :كKKالنواة الصKKلبة والحKKزام
ال KKواقي Kوالمس KKاعد على الكش KKف اإليج KKابي والس KKلبي وال KKتي تع KKد من المف KKاهيم
القاعديKKة في نظريتKKه .وك KKانت ميتودولوجيت KKه قائم KKة على التنافسKKية المفتوحKKة
بين بKKرامج األبحKKاث المتعKKددة ،ممKKا جعلهKKا تKKواكب جميKKع الKKبرامج بإيجابيته KاK
وسKK K Kلبياتها ،بنجاحاته K K Kا Kوإ خفاقاتهKK K Kا K،وقKK K Kادرة على مسKK K Kايرة كKK K Kل التطKK K Kورات
والمستجدات .وإ قرار Kالكاتوس بالتعددية والتنافس KالمفتKKوح يعKد انفتاحKKا على
الحوار والمناقشة النقدية ..كان اهتمامنا بأفكار الكاتوس لما وجدنا KفيهKKا من
منKKا على إث KKراء المكتب KKة العربي KKة به KKذا
األص KKالة واالبتك KKار Kوالج Kّ Kدة ،وحرص KKا ّ
النKKوع من المواضKKيع المهمKKة في الفلسKKفة المعاصKKرة ،وسKKنعمل الحقKKا التوسKKع
276
العدد الخامس والعشرون (يونيه 2020م)
أكKKثر في حقKKل فلسKKفة العلKKوم للتعKKرف Kعلى أقطKKاب آخKKرين من سKKفراء الفكKKر
االبستيمولوجي K.
275
1
T.S Kuhn, the essential tension, the essential tension : selected studies in scientific
tradition and change, Chicago and London : University of Chicago press wd.
p. 322.
2
Lakatos, Imre, histoire et méthodologie des sciences, introduction, Luce Giard, Trad : Catherine
Malamoud et Jean Fabien,) Paris : puf, 1994(,pp.157-162 .
3إيمري الكاتوس ،برامج األبحاث العلمية ،ترجمة ماهر عبد القادر محمد علي ،دط(،بيروت :دار النهضة العربية ،دت) ،ص ص
181-180
4
- Ibid p129.
5
- Ibid, p,p129.
6
– Ibid, p,p162
7
– Ibid, p 129.
8
– Ibid, p, 130.
9
– Ibid, p, 128
10
– Ibid, p, 132
11
- Ibid p. 128
12
- Ibid,,p. 163
13
– I. Lakatos, op. cit, p. 128
إيمري الكاتوس ،برامج األبحاث العلمية ،ص118 14