Professional Documents
Culture Documents
تقدم:
سلسلة األحباث املعمقة الباحث بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
جملةسلسلة تهتم
1
ردمك ISBN: 978-9920-36-139-2 ردمد ISSN: 2550 – 603X
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
2 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
مينح لكل حبث معمق وارد على السلسلة عــدد خاص ينشر فيه بعده............................................. -5
- 6تنشر السلسلة بشكل دوري يف آجال خمتلفة ال تتعدى يف جمملها شهر..............................................
3 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
4 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
مــقـدمة:
على شاكلة الدول الصاعدة عرف المغرب منذ اإلستقالل تحوال جذريا ،حيث إنخرط في
سياسة تهدف إلى جعل اإلستثمار الوطني أو األجنبي دعامة إستراتجيتة للتنمية اإلقتصادية
واإلجتماعية.
حيث يعد اإلستثمار عصب التقدم اإلقتصادي ،والعمود الفقري للتنمية الشاملة ،إذ بواسطته
يتم إخراج المال من دائرة الركود إلى الحركة النافعة وبه يتم دفع عجلة تقدم وإزدهار المجتمع.1
وفي هذا اإلتجاه قام المشرع المغربي بسن مجموعة من القوانين اإلستثمارية ذات طبيعة
مالية وإقتصادية وضريبية ،وقد تم تتويج الصرح التشريعي لإلستثمار بإصدار القانون اإلطار رقم
18.95بمثابة ميثاق لإلستثمار.2
ولقد تضمنت هذه القوانين مجموعة من التدابير التحفيزية لفائدة المستثمرين المغاربة
واألجانب على حد السواء ،ومن بين هذه التدابير واإلجراءات تحتل المادة الضريبية مكانة متميزة
ذلك أن الضريبة تعتبر وسيلة هامة بيد الدولة ،تؤثر بشكل مباشر على مسلسل اإلنتاج وتشجيع
اإلدخار ،وبالتالي دعم إستثمار األموال المدخرة في مشاريع تحقق التنمية اإلقتصادية ،وفي المقابل
فعدم وجود قضاء فعال ونزيه يضمن األمن القضائي في المجال الضريبي للمستثمرين ،قد يجعل
صاحب الرأسمال يتردد في إتخاذ قرار اإلستثمار.
كما أن القوة التنافسية لبلد ما ال تحدد فقط بإمكانياته اإلقتصادية ،وإنما أيضا بقوانينه ،وعدالته،
فالسياسة الضريبية واألمن القضائي عنصران أساسيان في تدعيم القدرة التنافسية ،وترسيخ مكانة
الدولة كمصدر لتشجيع اإلستثمار الوطني واألجنبي ،علما أن الهدف ليس فقط تشجيع وتحفيز
اإلستثمارات وإنما الحفاظ عليها وحمايتها ،وذلك من أجل تحقيق تنمية إقتصادية مستدامة.3
وتعتبر السياسة الضريبية أهم هذه اإلجراءات حيث يعمد المشرع المغربي بين الفينة
واآلخرى سواء في إطار قوانين المالية أو نصوص ضريبية متفرقة إلى النص على إعفاءات كلية
-جواد النوحي ،مقاربة سياسية لإلستثمارات األجنبية في المغرب" أطروحة لنيل الدكتوراة في الحقوق تخصص العلوم السياسية ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
1
5 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
أو جزئية للضرائب ،وتقديم إستشارات ضريبية مسبقة والعمل على تبسيط المساطر من خالل
الرقمنة الضريبية خدمة لإلستثمار ،والتخفيف من العبء الضريبي على المستثمرين ،إضافة إلى
إبرام إتفاقيات دولية من أجل تفادي حدوث اإلزدواج الضريبي بالنسبة للمشاريع اإلستثمارية في
سياق نظرة شمولية للواقع اإلقتصادي 1واإلجتماعي.
ووعيا بأهمية السياسة الضريبية 2في العملية التنموية ،عمل المغرب منذ الستينات على سن
قوانين ضريبية خاصة بتشجيع اإلستثمار الوطني واألجنبي على حد سواء ،والشك أن اإلستثمار
األجنبي يلعب دورا ديناميكيا مكمال لإلستثمارات المحلية ،فهو ال يسهم فقط في تدفق الرأسمال
ولكن عادة ما يكون مصحوبا بمنتجات حديثة ،وكذلك مهارات إدارية وتنظيمية وخبرات تفتقر لها
الدول النامية.
وميثاق اإلستثمار الذي صاغه المشرع المغربي بمقتضى القانون اإلطار رقم ،18.953
والذي حاول فيه تدارك عيب التشتت الذي طال النصوص السابقة وطابعها القطاعي مع مطابقته
للمعايير الدولية - 4ونخص بالذكر قانون اإلستثمارات لسنة ،1958قانون اإلستثمارات لسنة
19605ثم قانون اإلستثمارات لسنة 61973ـ يندرج في سياق تحسين مناخ اإلستثمار في
المغرب عن طريق إتخاذ تدابير يمكن إجمالها في:
تخفيض العبء الضريبي المتعلق بعمليات شراء المعدات واآلالت والسلع التجهيزية
واألراضي الالزمة إلنجاز اإلستثمار.
تخفيض نسب الضريبة المفروضة على الدخول واألرباح.
سن نظام ضريبي تفضيلي لفائدة التنمية الجهوية.
-1رجاء التازي ،المراكز الجهوية لالستثمار أداة لبلورة سياسة القرب ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ،64شتنبر -أكتوبر ،2005ص .122
2 - Bakkali Hassan, investissement direct étranger et attractivité- Repères et perspective N°5-2004.
-ظهير شريف رقم 1-95-213بتاريخ 8نونبر ،1995يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم 18-95بمثابة ميثاق اإلستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد
3
-6ظهير شريف رقم 1.73.413بتاريخ 13غشت 1973بمثابة قانون يتعلق بإتخاد تدابير خاصة بتشجيع االستثمار ،الجريدة الرسمية عدد 3172بتاريخ 15غشت
.1973
6 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تعزيز الضمانات الممنوحة للمستثمرين بتيسير طرق الطعن فيما يتعلق بالنظام الضريبي
الوطني والمحلي.
إنعاش المناطق المالية الحرة ،ومناطق التصدير الحرة ونظام المستودعات الحرة.
تحقيق توزيع أفضل للعبء الضريبي وتطبيق أحسن للقواعد المتعلقة بالمنافسة الحرة
وخاصة عن طريق مراجعة نطاق تطبيق اإلعفاء من الضريبة.
غير أنه مهما كانت أهمية النصوص والمواثيق الهادفة إلى جلب اإلستثمار فإن فاعليتها
رهينة بكيفية تطبيقها فالتشريع الجيد يحتاج إلى تنفيذ سليم ،وضمان حسن التنفيذ يتوقف على رقابة
قضائية فاعلة ومبدعة ،وداخل هذا المركب الثالثي األضالع ( المشرع -اإلدارة -القضاء)،
ودرجة العالقة التكاملية واإلتساق في الرؤى بين أطرافه الفاعلة ،يقع تجاوز العثرات واإلخفاقات،
وبالتالي تحقيق األهداف المرسومة.1
وترتيبا على ما سبق ،يتضح دور العمل القضائي في المادة الضريبية في تحقيق حماية
اإلستثمار وهذا ما نبه إليه الملك الحسن الثاني رحمه هللا حينما قال " :ونطلب من المستثمرين أن
يأتوا ليستثمروا عندنا ،ولكن إذا لم يعرفوا أن بالدنا تنعم بالسلم والضمان الجبائي فإنهم لن يأتوا،
وبقطع النظر عن المعامالت التي يحظى بها األجانب علينا على األقل أن ننصف قبل كل شيء
رعايانا ومواطنينا ،2"...ولعل أهم المجاالت التي يكتسي فيها هذا الدور طابعا متميزا هو مجال
المنازعات الضريبية.
فأي سياسة تهدف إلى اإلصالح اإلقتصادي والسياسي واإلجتماعي يتطلب إصالح حقيقي
للمؤسسة القضائية المتشبعة بمبادئ العدل واإلنصاف حتى تستطيع تحقيق التنمية الشاملة
المنشودة.
ولهذا اإلعتبار تأتي أهمية حماية المستثمر من ظلم اإلدارة الضريبية التي قد تفرض عليه
ضرائب هو في األصل معفى من أدائها أو من خالل التعسف في إستعمال الحق من طرف اإلدارة
الضريبية ،والشك أن الحماية القضائية هي الكفيلة بفعالية أي سياسة محفزة على اإلستثمار.
-1عبد العزيز اليعكوبي " ،القضاء الجبائي وحماية االستثمار من خالل قرارات المجلس األعلى" ،الندوة الجهـوية -4محكمة االستئناف التجارية الدار البيضاء ،18
19أبريل ،2007مطبعة األمنية ،الرباط ص .179
-2خطاب الملك الحسن الثاني يوم 8ماي ،1990بمناسبة إنشاء المجلس اإل ستشاري لحقوق اإلنسان ،المصدر انبعاث أمة ،الجزء الخامس والثالثون ،1990 ،ص
.126
7 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
غير أن الحماية القضائية التي يركن إليها المستثمر في حالة نزاع ضريبي والتي تعد من
محاور هذا البحث هي حماية القاضي الضريبي لإلستثمار بإعتباره المختص بالنظر في هذه
القضايا.
وباإلنتقال إلى الحديث عن السياق التاريخي للعمل القضائي في المادة الضريبية ،فإننا نجد
أنه قبل إنشاء المحاكم اإلدارية كانت المحاكم اإلبتدائية هي المختصة بالنظر في جميع المنازعات
اإلدارية بما فيها المنازعات الضريبية وذلك بمقتضى الفصل 18من قانون المسطرة المدنية،1
أما من حيث اإلختصاص المحلي فقد نظمه الفصل 28من قانون المسطرة المدنية الذي يشير إلى
كون الدعاوى المتعلقة بالضرائب تباشر أمام محكمة المكان الذي يتعين فيه تأدية الضريبة.
أما بعد إحداث المحاكم اإلدارية بموجب القانون رقم ،412-90فقد أصبحت الوريث
3
الشرعي للعديد من اإلختصاصات التي كانت موكولة للمحاكم اإلبتدائية ومنها النزاعات الضريبية
بموجب المادة 8من هذا القانون.
كما خص المواد من 28إلى 36من قانون 441-90لذكر بعض الضرائب ،إال أن المالحظ
من إستقراء هذه المواد إهمال التطرق ألنواع آخرى من الضرائب ،كالضريبة المهنية ،الضريبة
على األرباح العقارية...هذا التعداد الوارد جاء على سبيل المثال ال على سبيل الحصر وذلك
بإعتبار المادة 8من قانون 415-90منحت لهذه المحاكم إختصاص البت في النزاعات الضريبية.
إال أنه وبالرغم من هذا الغموض الذي إكتنف هذه المواد فما يجب توضيحه هو أن جميع
المحاكم اإلدارية تعتبر نفسها مختصة إختصاصا كامال ومطلقا في هذا النوع من النزاعات ،إذ لم
يسبق لها لحد اآلن أن دفعت بعدم اإلختصاص النوعي لمحكمة إدارية إذا ما عرض عليها نزاع
يتعلق بضريبة غير وارد تعدادها في المواد المشار إليها سابقا.
-تختص المحاكم االبتدائية – مع مراعاة االختصاصات الخاصة المخولة إلى أقسام القرب – بالنظر في جميع القضايا المدنية وقضايا االسرة والتجارية واالدارية
1
-ظهير شريف رقم 1.91.225صادر في الجريدة الرسمية عدد 4227بتاريخ 22من ربيع االول 10(1414سبتمبر )1993بتنفيذ القانون رقم 41.90المحدث
4
8 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
1- francois dennis, « le capital d’investissement : guide juridique et fiscal », edition 5 poit rinal, paris, 20 novembre 2015, p :20 .
-2عيسى بلخضر" ،سياسة تمويل االستثمار في الجزائر وتحديات التنمية في ظل التطورات العالمية الراهنة ( ،")2015-1988أطروحة لنيل شهادة
الكتوراه في العلوم االقتصادي ة ،بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سيدي بلعباس ،السنة الجامعية ،2019-2018ص .16
-3أحمد شوقي شاهدي ،المراكز الجهوية لالستثمار بالمغرب"مكامن الخلل ومداخل االصالح" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص التدبير االداري
والمالي ،بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بأكدال ،السنة الجامعية ،2020-2019ص .5
-4محمد الحالق ،التشريع الضريبي ،الجامعة االفتراضية السورية ،ص .20
5-Michel Bouvier , introduction au droit fiscal general et à la théorie de l’impots , 10émé editition,2010, lgdj l’extenso
editions .
-6خالد الشرقاوي السموني ،أي دور للبرلمان في وضع قانون المالية ،المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية ،عدد يناير-فبراير ،2002ص 71وما يليها.
9 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
-1الطاهري توفيق ،إتخاذ القرار الجبائي والعدالة الجبائية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية أكدال ،السنة الجامعية ،2009-2008ص .105
-2يونس أحمد البطريق ،المرسي السيّد حجازي :النظم الضريبية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر2004، ،ص.24
-ظهير شريف رقم 1.91.225صادر في الجريدة الرسمية عدد 4227بتاريخ 22من ربيع االول 10(1414سبتمبر )1993بتنفيذ القانون رقم 41.90المحدث
3
10 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ومجموع اإلجراءات التي تسمح بحله ،1كما عرفت المنازعة الضريبية بأنها " :مجموعة
النازعات التي تثيرها اإلقتطاعات الضريبية".2
وعلى الرغم من أن المنازعات الضريبية تتسم بكثير من الخصوصيات أهمها المراحل التي
قد تمر منها ،فهي ال ترفع مباشرة أمام القضاء بل البد من مرورها من مرحلة الطعن اإلداري
من جهة ،ومن جهة آخرى أمام اللجان الضريبية ،3إال أن غالبية الطعون المقدمة تحال أمام
القضاء ،وذلك في حالة استمرار النزاع أمام الملزم واالدارة الضريبية.4
ومن هنا يتم اللجوء إلى المؤسسة القضائية عبر آلية الطعن القضائي التي خولها المشرع
للملزم ،حيث تجسد الرقابة القضائية المفهوم الحقيقي للمنازعات المتعارف عليه ،ذلك أن المنازعة
أمام القضاء تشكل أنجع الوسائل لتسوية المنازعات الضريبية ،الن الفائدة الحقيقية من الرقابة
القضائية على أعمال االدارة الضريبية هي ضمان تحقيق التوازن بين أطراف النزاع الضريبي
أي المحافظة على المال العام من جهة ،ومن جهة آخرى حماية حقوق الملزمين ثم تكريس
الضمانات الممنوحة لهم قانونا من جهة آخرى.
أهمية الموضوع:
لقد تم تحديد الموضوع بدقة من خالل التطرق للجانب المتعلق بكل من دور السياسة
الضريبية وما تحتوي عليه من آليات وأدوات مهمة في تحفيز اإلستثمار من قبيل منح المستثمرين
لإلستشارات الضريبية المسبقة ،وكذلك من خالل التحفيزات الضريبية سواء في الضرائب
المباشرة والغير المباشرة ،إضافة إلى العمل التخفيف من العبء الضريبي الذي غالبا ما يؤدي
الى نفور المستثمرين ورقمنة اإلدارة الضريبية وتبسيط مساطرها .إلى جانب العمل على تفادي
حدوث اإلزدواج الضريبي من أجل تحقيق مناخ أعمال جيد إلستقطاب اإلستثمارات األجنبية ودعم
التنافسية بالنسبة لإلستثمارات الداخلية ،ومن جهة أخرى توضيح الدور الحمائي الذي يلعبه العمل
القضائي في الميدان الضريبي بإعتباره المكلف بفض النزاعات الضريبية التي تقوم بين اإلدارة
الضريبية والمستثمرين ،وذلك حتى يتم ضبط مختلف العناصر الموجهة للبحث مما يفضي إلى
1
- LAMARQUE Jean, Répertoire de contentieux administratif (Contentieux fiscal), Dalloz 2003, p 03.
2 -DEBBASCH Charles, Contentieux administratif, 7 éme édition, Dalloz, 1999, p 99.
- 3في حالة سلوك اإلدارة الضريبية مسطرة الفحص الضريبي المنصوص عليها في المادة 212من المدونة العامة للضرائب المحدثة بقانون رقم
06.43الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5487بتاريخ 31دجنبر .2007
- 4نجيب جيري ،المنازعات الضريبية بالمغرب ،النظام القانوني واالشكاالت التطبيقية ،مقال منشور بمجلة القضاء االداري ،عدد ،2016 8ص .78
11 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تحقيق إضافة علمية متميزة في هذا المجال المهم والذي ما أحوجنا إليه من أجل تحقيق تنمية
إقتصادية شاملة ومستديمة.
كما تفيد هذه الدراسة في التعريف بحقوق المستثمر المسطرة في ميثاق اإلستثمار والقوانين
الخاصة -التشريع الضريبي -بتشجيعه في شتى المجاالت (القطاع العقاري ،الصناعي،)...
وحقوق اإلدارة الضريبية في ممارسة الرقابة الضريبية والتحصيل وإجبار الملزم ـ المستثمرـ
على دفع الضريبة المشروعة ولو بصفة جبرية وفق اإلجراءات الواجب إتباعها ،والجزاءات التي
يرتبها القانون في حالة خرق المسطرة القانونية ،ومن جهة آخرى توضيح العمل الذي يقوم به
القاضي الضريبي في حماية الضمانات القانونية المخولة للمستثمر من خالل المحافظة على
المراكز القانونية ،والبحث عن عناصر الخلل التي مازالت تطبع عالقة المستثمر باإلدارة
الضريبية وتشخيص المشاكل القانونية والواقعية التي تميز هذه العالقة ،وبالتالي تنبيه الجهات
المختصة لمعالجة هذه المعوقات.
اإلشكالية:
~ بناءا على ما سبق ،فإن اإلشكالية المطروحة في هذا البحث تتجلى في :
ما مدى نجاعة وفعالية التشريع الضريبي والعمل القضائي في تشجيع
وحماية اإلستثمار؟
~ وكما يتفرع عن اإلشكالية المركزية مجموعة من األسئلة الفرعية والتي ستمثل المحاور
األساسية لبحثنا التالي:
12 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
13 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
14 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
-ظهير شريف رقم 1-95-213بتاريخ 8نونبر ،1995يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم 18-95بمثابة ميثاق اإلستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد
1
15 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
باإلستثمار سنة 11958ثم توالى بعد ذلك إتخاذ جملة من اإلجراءات في هذا اإلتجاه خالل السنوات
الالحقة إلى أن تم إصدار قانون إطار بمثابة ميثاق لإلستثمار سنة .19952كان الهدف منه إنعاش
التنمية في األ قاليم والمناطق التي تشكو من التخلف والتهميش ،وخلق نشاط مالي وإقتصادي في
جميع ربوع المملكة ،وذلك عن طريق جذب رأسمال الخواص وتحفيزهم على اإلستثمار في أفق
تكوين قطاع خاص مؤهل يقوم بدوره كامال في مسلسل النمو اإلقتصادي (المطلب الثاني).
وقبل التطرق لمضامين هذه القوانين اإل ستثمارية التي أتى بها المشرع المغربي نخوض في
بعض الجوانب النظرية المرتبطة بالعملية اإلستثمارية ( المطلب األول).
- 1ظهير الشريف رقم 1.58.263الصادر في الجريدة الرسمية عدد 2477بتاريخ 28صفر 1378الموافق لـ 13شتنبر .1958
- 2ظهير شريف رقم 1-95-213بتاريخ 8نونبر ،1995يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم 18-95بمثابة ميثاق االستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد
4335بتاريخ 19نونبر .1995
16 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الفاعلين اإلقتصاديين ،مستهدفة من ذلك حث القطاع الخاص على أن يتخذ له موقعا في السوق
العالمية حتى يتسنى له تمويل عملياته التجارية.
وقد ساهمت هذه الجهود في بث الثقة لدى المستثمرين والتدفق المتزايد لإلستثمارات الخارحية
الشيء الذي يدفعنا للبحث ومعرفة ماهية اإلسثمار ليخول لنا فهم أغوار هذا المفهوم المهم في
المجال اإلقتصادي (الفقرة األولى) ،لنقوم بعد ذلك بالبحث عن أهم اآلليات اإلقتصادية والتشريعية
التي إستخدمتها السلطات العامة المغربية وفعاليتها في مجال اإلستثمار (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :ماهية اإلستثمار أنواعه وعوامل تطوره
يعد اإلستثمار من أهم العوامل المحركة لإلقتصاد ،لما له من تأثير مباشر على معدالت التكوين
الرأسمالي للدولة ،والتحسين من مستوى معيشة المواطنين عن طريق توفير فرص عمل والتقليل
من نسب البطالة ،باإلضافة إلى دوره في الرفع من إنتاج السلع والخدمات التي تشبع حاجات
المواطنين وتصدير الفائض منها للخارج ،مما يوفر العمالت األجنبية الالزمة لشراء اآلالت
والمعدات وزيادة التكوين الرأسمالي ،فهو إذن العنصر القادر على الدفع بعجلة التنمية اإلقتصادية
في الدول النامية بإعتبار تأثيراته على النشاطات االقتصادية ،وبإرتباطه باإلطار التأسيسي
اإلقتصادي واإلجتماعي للدولة ،إذ هو الوحيد القادر على خلق مسلسل تغيير هيكلي لتنمية مستدامة،
فالتنمية اإلقتصادية ألي دولة تعني تطوير إمكانيات الدخل الحقيقي في مختلف المناطق ،باإلعتماد
على األهمية اإلنتاجية للرأسمال إلحداث تغييرات ولزيادة الموارد اإلنتاجية ،وبالتالي الرفع من
الدخل اإلجمالي ،وفي هذا اإلطار يعتبر اإلستثمار وسيلة ضرورية لبلوغ هذا الهدف.
وبمعنى آخر ،اإلستثمار هو أحد الركائز األساسية للتنمية اإلقتصادية الحديثة ،وأيضا لتحقيق
اإلختيارات في مجال اإلنتاج والخطط المتبعة لتحقيق السياسات التنموية للدولة.
أوال :تعريف اإلستثمار وأنواعه
أ) تعريف اإلستثمار:
اإلستثمار لغة :مصدر إستثمر يستثمر وهو الطلب بمعنى طلب اإلستثمار ،أي إستثمر المال أو
1
نحو منه ،أي جعله يثمر.
- 1مجلة مجمع الفقه االسالمي ،عن الموقع االلتكروني المكتبة الشاملة ،تاريخ الزيارة ،2020-5-28على الساعة .15:45
17 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
أما اإلستثمار في التحليل اإلقتصادي ،فالمالحظ أن الخبراء الذين تناولوا مسألة اإلستثمار
بالدراسة والبحث قد فشلوا في صياغة تعريف جامع مانع للمفهوم ،رغم ذلك فالمساهمات المتقدمة
في هذا المجال تبقى متكاملة ومتداخلة ،ولم يكن رجال القانون أوفر حظا من علماء اإلقتصاد ألجل
اإلجماع على تعريف موحد لإلستثمار.
وهكذا نجد معجم اإلصطالح اإلقتصادي والمالي ،يرى أن اإلستثمار هو"إكتساب الموجدات
المالية واإلنتاج هو ما يضيف منفعة أو يخلق منفعة تكون على شكل سلع وخدمات ،وهذا اإلنتاج
له عناصر مادية وبشرية ومالية ،فإن كان المال عنصر إنتاج فال بد أن يكون على شكل خلق
طاقة إنتاجية جديدة أو توسيع طاقة إنتاجية موجودة ،وهو التعريف الذي جاء به غالبية الفقه
الليبرالي.1
أما الموسوعة اإلقتصادية فقد جاء فيها أن اإلستثمار هو مصروف يقوم به رب العمل كي يحفظ
أو يطور جهاز إنتاجه الذي يعبر عن إنتقال الرأسمال النقدي إلى رأسمال منتج.
فاإلستثمار إذن هو الذي يحدد الرأسمال ويوجهه ،بمعنى آخر هو تخصيص الموارد لتوسيع قدرة
إنتاج المقاولة أو اإلقتصاد ،وذلك عن طريق تطوير وسائل اإلنتاج المادية ،أي أنه ذلك التجهيز
الذي ليس له منفعة في حد ذاته ،وإنما هو الذي يؤدي إلى إنتاج السلع والخدمات التي لها منفعة
نهائية.
هكذا يتبين أن تعريف اإلستثمار ليس باألمر الهين خاصة إذا ما تمت مقاربته بعيدا عن المحيط
العام ،وإشكاالته العميقة فهو -أي اإلستثمار -مفهوم كأغلب مفاهيم العلوم اإلنسانية متطور ونسبي
يتغير مغزاه بتبدل الزمان والعالقات اإلجتماعية.
ب) أنواع اإلستثمار
تم إعتماد العديد من المعايير والمقاييس لتقسيم اإلستثمارات:
• حسب مساهمة اإل ستثمار في نمو القدرات مثل شراء اآلالت أو يساعد فقط في تحسين جودة
مجموعة من اآلآلت المستعملة ،هنا نجد إستثمارات القدرة أي اإلستثمارات اإلنتاجية.
• بحسب األنشطة القطاعية التي تتم فيها االستثمارات ،فتميز بين االستثمارات الفالحية ،الصناعية،
والخدماتية.
1 -francois denis, le capital d’investissement : guide jurdique rt fiscale, édition 5 poit rinal, paris, 20 novembre 2015, p :20 .
18 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
• تبعا لطابعه الحقوقي ،إذ نميز بين اإلستثمار الخاص واإلستثمار العمومي ،ويجعل هذا التصنيف
ظاهرة اإلستثمار عملية جوهرية ومعقدة في ذات الوقت ،إذ أن الجانب المالي والدولي أصبح يأخذ
أهمية كبيرة في تحديد أهدافه ،ويعرف أبعاد سياسية على الصعيد المحلي للصعوبة في التمييز بين
ما هو خاص وما هو عام.
• وقد أضاف البعض تصنيفا آخر هو إستثمار رأس المال وإستثمار العمل ،فالثاني يعوض األول
في قطاعات عديدة وخاصة في إقتصاد مختلف ،منها القطاع الفالحي وإستثمار رأس المال هو
الذي تأخذه المحاسبة الوطنية بعين االعتبار ،وهو التكوين الخام للرأسمال الثابت ،1وجدير بالذكر
أن هذه المحاسبة تصنف اإلستثمارات إلى :
اإلستثمارات الصافية وخلق إستثمار صافي.
إستهالك رأس المال وإستثمارات التعويض المعدة للحفاظ على قيمة رأس المال ثابتة.
تغييرات المخزون.
وعادة ما يتم التعبير عن إستهالك رأس المال واإلستثمارات الصافية 2باإلستثمار اإلجمالي وال
تخفى أهمية هذا في مدى تأثيره في عملية النمو اإلقتصادي خاصة في المجتمعات السائرة في
طريق النمو ،فقد ينتج تشكل رأس المال عن نشاط األفراد والمقاوالت والدولة ويبرر ذلك من خالل
عمليات اإلدخار والتمويل واإلستثمار.
• ويتم التمييز أيضا بين اإلستثمار المباشر والغير المباشر الذي يسمى كذلك " إستثمار المحفظة
( ،" )investiment en portefeuilleوهو شراء حقوق خاصة أو أسهم أو سندات دون هدف
ممارسة رقابة ،أما اإلستثمار المباشر فهو يقتضي رقابة على المقاولة ،ويأخذ شكل المقاولة تؤسس
من طرف المستثمر إما لوحده أو بمساهمة متساوية أو بشراء جزئي أو كلي لمقاولة موجودة أو
بتوسيع مشروع قائم بإعادة إستثمار األرباح مثال ،ومعيار الرقابة الذي يعتد به يعد نسبيا ومختلفا
بشأنه.
- 1عبد الحق أبو الوفا ،االستثمار العمومي بين التراجع وإجراءات الخوصصة ،رسالة لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية لإلدارة الرباط ،السنة الجامعية
،1991-1999الرباط ،ص.28-27:
- 2فاطمة الحمدان بحير ،السياسة الجمركية المغربية وإشكاالت المبادالت التجارية الدولية ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،المغرب ،طبعة ،2005ص
.129
19 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
• تبعا لجنسية اإلستثمار :يتحدد اإلستثمار األجنبي في هذا اإلتجاه بجنسية المستثمر ،فإن كان
الشخص طبيعيا تحدد قواعد الجنسية بالنسبة لقوانين دولته ،ويأخذ الفقه الدولي بمعيار الجنسية
الفعلية ،فالشخص األجنبي هو الذي ال يحمل جنسية البلد الذي يقوم باإلستثمار فيه ،أما إذا كان
الشخص معنويا أي الشركات أحيانا وهي قد تختلف عن جنسية الشركة على حساب جنسية
المساهين وفي هذه النقطة نجد إختالفا بين آراء الفقهاء وأفكار اإلقتصاديين حيث أن هؤالء يعتدون
بمسألة الرقابة اإلقتصادية على المقاولة لتقرير والئها السياسي.
ثانيا :عوامل تطوير وإستقرار اإلستثمار
العوامل التي دفعت إلى تطور هذا النمط من اإلستثمار والتي يمكن تحديدها في ثالثة عوامل
رئيسية ،علما أن ظاهرة االستثمار األجنبي ليست في الواقع بالظاهرة القديمة جدا إذ أنها إرتبطت
بقيم الثورة الصناعية في مستهل القرن التاسع ،ثم نمت وتطورت حتى بلغت ذروتها في األعوام
1996-1997وسنتولى بحث هذه العوامل فيما يلي:
أ) العوامل اإلقتصادية:
إن هدف أي مشروع إقتصادي هو إستمرارية النشاط التجاري وتطوير اإلستغالل والحصول
على أكبر قدر ممكن من األسواق مما يحقق (ربح مالئم) وألجل تحقيق ذلك فإن المستثمر يبحث
عن سبل متباينة تؤدي إلى زيادة اإلنتاج وعوائده.
ومن هذا المنطلق فقد إتجهت الشركات التجارية المختلفة إلى اإلستثمار في دول أخرى ،سعيا
وراء تحقيق األرباح من خالل اإلنتاج بأقل تكلفة ،معتمدة على إختالف الدرجات ومستويات نمو
اإلقتصاديات الوطنية المتنوعة وعلى إختالف تكاليف اإلنتاج في الدول األخرى ،ويتجسد ذلك في
معايير منها مثال " إختالف أجرة العمل ،وتباينها بين الدول المصدرة التي تعاني من ندرة في
العمالة ،وإرتفاع أجرها بين الدول الضعيفة إقتصاديا والتي غالبا ما تكون بحاجة إلى ذلك الرأسمال
الوافد ،والتي تتوافر فيه العمالة المنخفضة األجر.
20 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تحتل العوامل القانونية مركزا متميزا ،لما لها من دور في نمو وتطور وجذب االستثمارات
األجنبية ،وذلك ألن المستثمر األجنبي سواء أكان فردا أم شركة ال يقدم على االستثمار في دولة
أخرى إال إذا توفرت له الضمانات والتسهيالت والحماية القانونية الكافية.
فتعامل الدولة المضيفة مع المخاطر غير التجارية بالمرونة والشفافية 1له أهمية كبيرة لتعزيز
الثقة واالطمئنان في نفوس المستثمرين ،وذلك ألن هذا النمط من المخاطر يقلق المستثمرين ،ألنه
غالبا ما يكون غير معروف ،على خالف المخاطر التجارية التي تصاحب بشكل طبيعي العملية
االستثمارية وتقوم بالتأمين عليها بصورها المختلفة.
ج) العوامل السياسية واإلجتماعية:
يعتبر اإلستقرار السياسي عنصرا أساسيا في قرار االستثمار األجنبي ،وذلك يشعر المستثمرين
األجانب بالمزيد من األمان واإلطمئنان ،فالمستثمر ال يخاطر برأسماله أو خبرته في دولة ال تتسم
أجواؤها باالستقرار السياسي مما ال شك فيه أن هدف المشروع االقتصادي هو ديمومة المشروع
التجاري وتطوير االستغالل والحصول على أكبر قدر ممكن من األسواق مما يحقق (ربح مالئم)
وألجل تحقيق ذلك فإن المستثمر يبحث عن سبل متباينة تؤدي إلى زيادة اإلنتاج وعوائده.
وكلما كانت هناك شفافية وعدم المضاربة في سياسات الدول ،كلما كانت فرص اإلستثمار
وإنتقال رؤوس األموال بين الدول كبيرة وسهلة ،ألن المجتمعات التي تسود أجواؤها أزمات
سياسية وإجتماعية تهاجر منها رؤوس األموال األجنبية ،كما أن إستمرار اإلضطرابات في بلد ما
ال يؤدي إلى هجرة رؤوس األموال األجنبية فقط ،بل يطرد األموال الوطنية أيضا.
وبذلك فإن اإلستقرار السياسي في الدولة يعد عامال فعاال في تشجيع اإلستثمار األجنبي وإقبال
المستثمر على المساهمة في عملية تنمية إقتصاديات تلك الدول ،أما العوامل اإلجتماعية فتعكس
ما لدى جمهور المستهلكين في بلد ما من تفضيل للمنتج المحلي على غيره وقد تلعب هذه العوامل
دورا إيجابيا في جذب رؤوس األموال األجنبية ،وتشجيع المستثمر من خالل إنشاء وحدات إنتاجية
في البلد المستورد لهذه األموال.
ويتضح مما تقدم أن العوامل الثالثة تكمل إحداها األخرى ألنها مرتبطة وتؤثر في بعضها
البعض ،بحيث تؤدي بالنتيجة إلى خلق مناخ إستثماري وجذب رؤوس األموال األجنبية ألن هذه
- 1سلسلة دراسات األونكتاد بشأن مسائل إتفاقات اإلستثمارات الدولية ،تقرير األ مم المتحدة للتجارة والتنمية حول موضوع الحوافز سنة التقرير ، 2008ص.60
21 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
العوامل تشكل عوامل جذب وإستقطاب وعوامل نفور وطرد لرأسمال ولهذا بدأ اإلستثمار األجنبي
المباشر بالتدفق على مناطق جذبه ،وقد صنفت إلى ما يأتي " إستثمار يبحث عن السوق ،وآخر
يبحث عن الموارد وهناك من يبحث عن الكفاءة ".
الفقرة الثانية :أهمية اإلستثمار في مسألة التنمية
للتنمية مفاهيم عدة تختلف بإختالف المجال التي تنشده ،غير أن ما يهمنا هنا هو التنمية
اإلقتصادية قبل ذلك يجب توضيح بين مفهومين متقاربين وهما النمو ،Croissance
والتنمية ،Développementفالنمو يعتبر من بين األهداف األسياسية للسياسات اإلقتصادية
الظرفية بعد التحكم في نسبتي التضخم والبطالة زيادة على خفض عجز ميزان الحساب الجاري
لميزان األداءات ،كما يعرف النمو اإلقتصادي كمفهوم كمي أضيق من التنمية اإلقتصادية للزيادة
المستمرة في خلق الثروة االقتصادية Richesseمن خالل الرفع من الناتج الداخلي الخام وبمعنى
آخر هي الزيادة في قيمة السلع والخدمات التي يكون مصدرها األنشطة األقتصادية المختلفة ،أما
التنمية فتعرف كمفهوم كيفي أكثر منه كمي ،وأوسع من النمو وتعتبر على أنها مجموعة من
المتغيرات اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية التي يشهدها اإلقتصاد نوعيا وكميا ،فالتنمية
اإل قتصادية ليست تغييرا ماليا ،جزئيا ،مرحليا ،عابر يقتصر على زيادة في الناتج الداخلي الخام
لكنها خطة وسياسة معقدة متشابكة تستهدف تغيير جوهري في البنيان اإلقتصادي.
فمن غير الممكن أن يتناول الباحث دراسته بعيدا عن بعض العناصر اإلقتصادية الهامة ،كمفهوم
اإلدخار فما طبيعة العالقة بين هذين العنصرين والتنمية ؟
أوال :عالقة اإلستثمار باإلدخار والتنمية
اإلدخار هو مجموع المبالغ التي يحتفظ بها األفراد لإلحتياط أو اإلستثمار عندما يضغطون على
اإلستهالك إلى مستوى دون مستوى الدخل ،1وبناءا على هذا يصح القول أن قرار اإلستثمار
مرتبط أشد االرتباط بتواجد اإلدخار ،وهو ما يؤمن به المنظرون اإلقتصاديون الكالسيكيون فكل
إدخار وجب إستثماره ولكن اإلدخار وحده ال يمكن أن يؤدي إلى اإلستثمار ،إذ هناك عوامل أخرى
-1أحمد زكي بدوي ،معجم المصطلحات االقتصادية ،دار الكتاب المصري القاهرة ،ص.261
22 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تتحكم في ذلك ،وبصيغة أخرى ال توجد عالقة حتمية بين اإلدخار واإلستثمار ،وبناءا عليه إذا
كان اإلدخار ضعيفا فلن يكون اإلستثمار ضعيفا أوتوماتيكيا.
كما أن المالحظ بالنسبة للبلدان النامية تجد صعوبة في الربط بين اإلدخار واإلستثمار ألن
الدخل غالبا ما يتم توجيهه نحو األنشطة المضاربية بدال عن خلق فرص اإلستثمارات المنتجة،
زيادة على مشكل محدودية السوق الداخلية وضيقها في هذه البلدان الشيء الذي ال يشجع اإلستثمار
ويعيقه ،ومما يزيد الوضع تعقيدا هو تداخل التجهيزات اإلقتصادية واإلجتماعية من جهة والبنيات
التحتية والمردودية المباشرة من جهة أخرى.
كما أن اآلراء حول اإلستثمار في عالقته باإلدخار عرفت سلسلة من التطورات ،والتي حددها
برادل PRADEL 1في ثالثة مراحل:
المرحلة األولى :كانت مع األزمة اإلقتصادية لسنة 1929ونتائجها الجسيمة على المستويات
اإلجماعية واإل قتصادية والتي جعلت النظام الرأسمالي عاجزا عن العمل بصورة عادية وبين
حاجته إلى إجراء إصالحات عميقة بدأت بوادرها األولى مع سياسة " نيودل " التي تميزت
بالقوانين اإلجتماعية للرفع من دخول األفراد وتحسين أوضاعهم،غير أن عالج األزمة كان هو
ضرورة تدخل الحكومة للقيام باإلستثمارات.
المرحلة الثانية :تزامنت مع نشر كتاب " النظرية العامة " للعالم كينز الذي وصف كتابه بثورة
اإلقتصاد الجديد ،فقد حاول نسف مجموعة من المفاهيم السائدة أنذاك ،ورأت نظريته الجديدة أن
أسباب أزمة أمريكا لسنة 1929والغرب الرأسمالي عامة تعود إلى نقص إستثمارات المقاوالت،
األمر الذي يحتم على جهاز الدولة أن يتدخل لتحريك آليات اإلستثمار وتنشيطه.
المرحلة الثالثة :فتم إدراك دور اإل ستثمار وأهميته على المدى البعيد كعامل أساسي للنمو،
وكأحد المحركات الرئيسية لتنشيط اإلقتصاد على المدى القصير ،ولكن المشكل الذي يظل قائما
سواء في البلدان المتقدمة أو المتخلفة هو مسألة اإلدخار وكذا التوازن بينه وبين اإلستثمار،
فميكانيزمات السوق واإلختبارات الحرة للفاعلين اإلقتصاديين تتحكم في نصيب مهم من الحركة
اإلقتصادية ،وعليه فإن عملية اإلدخار واإل ستثمار ال تتحقق بصفة تلقائية والبحث عن نمو مهم
في هذه الحالة يتطلب ان يكون مستوى اإلستثمارات مرتفعا ،أما في األقطار النامية فيسجل غياب
23 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ميكانيزمات السوق ،وحتى إن وجدت فهي لم تعط النتائج المنتظرة منها ،وهذا ما يفسر كون
الدولة هي أول من يملك المبادرة في مجال التنمية وال سيما وأن هذه البلدان تواجه نقصا حادا في
رؤوس األموال.
نستنتج مما سبق أنه ال يمكن اإلعتماد على اإلدخار الوطني مادام أن هناك إنخفاض في مستوى
دخل األفراد ،ولذلك نبه المهتمون والدارسون إلى ضرورة تشخيص السياسات المطبقة في الدول
المتقدمة وتجنبها ألنها ببساطة ال تناسب إقتصاديات الدول السائرة في طريق النمو ،وألن مسألة
التنمية من جهة أخرى هي ترتبط بشكل وثيق بأهمية اإلستثمار وبنيته ومدى فعاليته وقد عرف
هذا االرتباط تغيرات كبرى أمام متطلبات التنمية المتزايدة وبالخصوص بعد الثورة التكنولوجية
والعملية اللتين شاهدتهما الدول المصنعة.
لقد تطور مفهوم اإلستثمار بإنتقاله من مجرد إيداع مالي خاص إلى مفهوم يعتبر اإلستثمار
كتخصيص وطني للموارد من أجل إنعاش النمو ،لذلك يالحظ أن هذه الدول حالما تريد المحافظة
على مواردها اإلقتصادية في مستوى التقدم التقني تلتزم بتكريس 10 %إلى 15%من ناتجها
1
الخام سنويا إل ستثمارات جديدة بالنظر لتدهور التجهيز المتوفر وإنتاجية التجهيز الجديد.
ومن هذا المنطلق فإن توجيه اإلستثمار بالنسبة لإلقتصاد معين كان يشكل أكثر من حجمه
وخاصة في القطاعات األساسية داخل الدول النامية كالمغرب والتي تتميز بكون اقتصادها منفتح
على الخارج ومسيطر عليه من طرفه ،ويخضع حتما لتقلبات االقتصاد العالمي ومتغيراته وكذا
التقسيم العمل على المستوى الدولي ،مما يصعب تحديد أهمية االستثمار في المسيرة التنموية.
ثانيا :اإلستثمار من مؤشرات التنمية
ال شك أن اإلستثمار في العصر الحالي يعد مقياسا أساسيا لتقييم التطور االقتصادي والتاريخي
للمجتمعات اإلنسانية ،ولذلك تحاول معظم دول النامية أن تحقق أملها في اللحاق بركب الدول
المتقدمة كي تتجاوز التأخر اإلقتصادي بشكل عام.
فيعتبر إنعاش اإلستثمار وسيلة لتحقيق طموحات اإلستقالل الصناعي في الدول النامية التي
تلجأ العديد منها إلى سن إجراءات مالية وجبائية وجمركية وعقارية قصد جلب وإستقطاب أكبر
1 -Petter frank : « le rôle de l’investissement privé dans les pays en voie de déveleppement » étude publiée dans la revue
M.F.P.E.N °3 1987-1988 P :20-21.
24 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
قدر من اإلستثمارات المحلية واألجنبية ،1ولكن هذه اآلليات لوحدها تظل غير كافية ،فالبلدان
المتقدمة إنطلقت سياستها التصنيعية منذ أكثر من قرن ،وقطعت أشواطا ومراحل صعبة وإعتمدت
على الوسائل التي تالءمت مع واقعها السياسي واإلجتماعي واإلقتصادي ،وواكب تطور األدوات
المستعملة تقدم أوضاعها ،ونستنتج من ذلك أن إستعداد دول النامية لتجاوز بعض المراحل وحرقها
2
أمر مشكوك فيه وصعب المنال.
بحيث أن إ عتبار األنشطة االستثمارية كمكون من مكونات العملية التنموية رهين بمدى توفر
أو وجود طبقة إجتماعية مؤهلة وقادرة على تبوءها لزيادة األعمال ،فالنشاطات اإلستثمارية
محكومة بظروف التجربة وحيثياتها والتراث الثقافي للمجتمع ،وعلى سبيل المثال فإن البرجوازية
األوروبية لعبت دورها في تطوير اإلستثمار واإلنتاج في أواخر القرن ،19ويقف التاريخ
اإل قتصادي شاهدا على براعة اليد العاملة الصينية ومثيلتها اليابانية والتي كانت من أهم العوامل
المساهمة في األداء اإلقتصادي المتميز لبلدان شرق آسيا ونشوء مثل هذه العوامل والفعاليات
المحركة لإلستثمار ال يحتاج إلى تمويل مبادرتها ومشاريعها ،وقبل ذلك فهي في حاجة إلى توفير
قوات دفع مؤسساتية ترتبط بطبيعة النظام السياسي واإلقتصادي والمالي واإلجتماعي نظام يتعين
عليه إيجاد أرضية خصبة صالحة لممارسة األنشطة االستثمارية.
ومما ال شك فيه أن المغرب من الدول التي تجد مشاكل متعددة في رفع إيقاع أو مستوى
اإلستثمار وتوجيهه نحو القطاعات المنتجة التي تمكن من خلق مناصب الشغل وتشييد المشاريع
اإلقتصادية المبرمجة في مخططات التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية ،وقد كانت أول خطوة هي
خلق مؤسسات التدخل في القطاعات اإلقتصادية أي هيئات ذات طبيعة تقنية كمكتب التنمية
الصناعية على سبيل المثال ومؤسسات لها صيغة مالية كالبنك الوطني لإلنماء اإلقتصادي والبنك
الشعبي أما الخطوة الثانية فتتجلى في إصدار قانوني يهدف إلى إنعاش اإلستثمارات وتحفيز
المستثمرين للرفع من مستوى اإلنتاج ،عالوة على تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية المرتبطة
بمنح االمتيازات المقررة في قوانين اإلستثمار.
- 1الشريف تيست ،تشجيع اإلستثمار بين دور االدارة وحماية القاضي االداري ،مجلة المغربية لإلدارة المحليةوالتنمية،عدد ،140سنة ،2018
مطبعة البيضاوي سال،ص.127
- 2محمد بلعوشي ،اإلعفاءات الضريبية لتشجيع االستثمار الصناعي ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ،بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء،
السنة الجامعية ،1990-1989ص.27
25 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
-الحبيب العطشان" :مساهمة القا ضي الضريبي المغربي في حماية االستثمار " أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
1
26 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
واألجنبية على حد سواء وذلك من خالل منح العديد من المزايا الضريبية ومن هذه القوانين نجد
أربع مدونات أساسية والتي عكست بصورة أو بأخرى السياسة اإلقتصادية للدولة.1
وقد عمدت هذه األخيرة من خاللها على تشجيع الرأسمال الخاص وخلق نشاط مالي وإقتصادي
والعمل على خلق مناصب الشغل والنهوض باألنشطة اإلقتصادية ذات األولوية وقد ركزت بشكل
3
أساسي على خلق نظام تحفيزي ضريبي بدءا بقانون ( 21958أوال) ،وصوال إلى قانون 1983
(ثانيا).
-1عادل الخصاصي" ،التنافسية المعيارية ،صراع جديد بين األنظمة القانونية الوطنية "المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت ،عدد ،14-15شتنبر ،2008
ص .112
ظهير الشريف رقم 1.58.263الصادر في الجريدة الرسمية عدد 2477بتاريخ 28صفر 1378الموافق لـ 13شتنبر .1958 -2
-3ظهير شريف رقم 1.82.220صادر في الجريدة الرسمية عدد 3664بتاريخ 1983/01/19بتاريخ 2ربيع اآلخر 17( 1403يناير .)1983
-4ظهير الشريف رقم 1.60.059الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2478في بتاريخ 28شعبان 1379الموافق ل 26فبراير .1960
27 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
المغرب إلى مجموعة من التدابير اإلصالحية بهدف وضع حد لنزيف تهريب رؤوس األموال
1
األجنبية.
أما على مستوى اإلمتيازات التي نص عليها هذا القانون ،همت بالخصوص النشاطات الصناعية
وقد حدد قرار وزاري ،هذه األخيرة في نوعين من الصناعات المستفيدة وهي :
-1صناعات األساس :وقد أقر لهذا الصنف بجميع التشجيعات المنصوص عليها في هذا القانون،
وتهم بالخصوص مجال صناعة الصلب والحديد ،والصناعات الكيماوية والمعدنية وإنتاج وتصفية
الطاقة والمعادن.
-2الصناعات اإلنتاجية :وتتكون من صناعات تقويم وإستغالل المواد األولية المغربية ،تقويم
المنتجات الفالحية ،صناعة المواد االستهالكية الموجهة باألساس للسوق الداخلية كالصناعات
2
المرتبطة بالنسيج ،السكر ،والصيدلة.
وقد بقى المجال مفتوحا أمام وزير االقتصاد الوطني والمالية إلضافة أحد الصناعات لهذا أدخل
تعديالت عليها ،وذلك بعد اإلستشارة وأخد الرأي من طرف اللجنة المكلفة باالستثمار والتي كان
يترأسها الوزير األول.
وعموما فما يمكن إستخالصه من مدونة اإلستثمار لسنة 19583أنها كانت تهدف باألساس إلى
التصدي لإلنخفاض المهول لإلستثمار ،لكنها لم تحقق النتائج المرجوة المتوخاة منها على إعتبار
أنها ركزت على اإلستثمار الوطني بالدرجة األولى أكثر من نظيره األجنبي.
وأنها كانت تلزم المقاوالت التي تقدم ملفات استثمارها أن تمر عبر عدة لجان مصغرة ومصالح
تقنية بين الوزارات المتداخلة في الميدان وفي بعض األحيان بين أقسام ولجان داخل نفس الوزارة،
4
وذلك قصد التأكد من مدى مطابقتها لسياسة التنمية المعتمدة من طرف الحكومة.
ولهذه األسباب وألسباب أخرى ،تم التفكير في إعداد إطار قانوني جديد ،قانون 31دجنبر
1960يتجاوز ويتخطى اإلشكاالت التي قد عرفتها مدونة 1958فما هو مضمون القانون الجديد
-1سهلية أقلعي" ،إشكالية تحفيز االستثمار في المغرب"رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،2008-2007ص.14
-2القرار الوزاري الصادر في نفس السنة والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 2369بتاريخ 26شتنبر.1958
-3ظهير الشريف رقم 1.58.263الصادر في الجريدة الرسمية عدد 2477بتاريخ 28صفر 1378الموافق لـ 13شتنبر .1958
-4عبد الحي البكدوري الطراف" ،سياسة االستثمار بالمغرب والحماية القانونية للمستثمر األجنبي" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،وحدة القانون والعلوم
اإلدارية للتنمية ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطبنجة ،السنة ،2011-2010ص.13
28 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ظهير الشريف رقم 1.60.059الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2478في بتاريخ 28شعبان 1379الموافق ل 26فبراير .1960 -1
-2المخطط الخماسي 1964-1960ترمي إستراتيجية إلى تحقيق االستقالل االقتصادي عن طريق التقليل نحو هيمنة الرأسمال األجنبي على المرافق الحيوية للبالد
وقد اهتم بالقطاع لفالحي والتعليم والتصنيع معتبرا تدخل الدولة في هذه المجاالت أمرا ضروريا نظرا لضعف البنيات الموجودة.
-3حميد النهري بن محمد" ،إشكالية التدخل الجبائي في المغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية،أكدال،الرباط ،السنة الجامعية ،2001-2000ص .58
29 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تشجيع اإلستثمارات خارج منطقة الدار البيضاء ،وقد إستمر العمل بهذا القانون لمدة 13سنة تم
خاللها تبني 3مخططات للتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية ،وعرف عدة إصالحات.1
ومجمل ما يمكن قوله عن هذا القانون أنه إتسم بالنزعة اإلقتصادية الليبرالية القوية المشجعة
لإلستثمار األجنبي الخاص ،وأيضا مساعدة المقاولة الخاصة والشبه العامة في مرحلة تكوينها أو
في مرحلة عملها.
لكن ما يعاب عليه -أي قانون -1960أنه لم يفرق بين القطاعات اإلقتصادية ،بل اهتم بها في
شموليتها دون التمييز بين الصناعة العصرية والتقليدية والسياحية ،إضافة إلى غياب المبادرة
الخاصة وضعف معدل اإلستثمارات 2المحققة ،وبقيت الدولة في الواقع هي المهيمنة ،حيث لم يتمكن
المغرب من تجاوز النزعة التدخلية التي إتسم بها أول قانون إستثماري.
هذه العوامل وأخرى جعلت مراجعة هذا القانون أمرا ضروريا بتصحيح الهفوات وسد الثغرات
وإزالة العوائق ،وفي سبيل ذلك صدرت سنة 19733مدونة االستثمار الجديدة.
ثانيا :المرحلة التالية لصدور قوانين اإلستثمار
بفعل الفشل الذي عرفته قوانين اإلستثمار السابقة قام المغرب بنهج سياسة إستثمارية مغايرة بدءا
بقانون 1973والذي هم مجموعة من القطاعات والمجاالت حيث نجد المجال الصناعي والسياحي
والصناعة التقليدية والقطاع المعدني والبحري (أ) ،كما عرف المغرب إصدار مدونة عصرية
لتشجيع االستثمار سنة ( 19834ب).
أ) قانون 1973وسياسة التشجيع القطاعي
جاء قانون اإلستثمار لسنة 1973مواكبا لثالث مخططات تنموية اهتمت بالقطاعات الصناعية
والفالحية والسياحية ،حيث بات من الضروري النهوض بالتصنيع خاصة الصناعات التصديرية
المرتبط بالفالحة والتصدير ،وإحالل المنتوجات المصنوعة محليا مكان المواد المستوردة من
الخارج.
-1عبد اللطيف لفرحي" ،السياسة الجبائية وقرار االستثمار في المغرب"رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام المعمق ،القانون اإلداري والمالية العامة ،كلية
العلوم القانونية واإلقتصادية واالجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية ،2008-2007ص .14:
-2عبد الحي البكدوري الطراف ،مرجع سابق ،ص .14
-3ظهير شريف رقم 1.73.413بتاريخ 13غشت 1973بمثابة قانون يتعلق بإتخاد تدابير خاصة بتشجيع االستثمار ،الجريدة الرسمية عدد 3172بتاريخ 15غشت .1973
ظهير شريف رقم 1.82.220صادر في الجريدة الرسمية عدد 3664بتاريخ 1983/01/19بتاريخ 2ربيع اآلخر 17( 1403يناير .)1983 -4
30 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ولقد صدر هذا القانون بعد ستة أشهر من صدور قانون المغربة ،1الذي يركز على الرجوع إلى
المصادر الوطنية ،وبالتالي إبعاد العنصر األجنبي الذي نتج عنه قلت تدفق اإلستثمارات األجنبية
التي تعتبر المصدر الرئيسي لإلنتاج فشل هذا المخطط اإلستثماري.
حيث أدى فشل قانون اإلستثمارات لسنة ،1973إلى دفع المشرع المغربي نحو التفكير في
تعديله ألن هذا القانون كان في نظر المستثمرين يتضمن حوافز ضعيفة لم تصل إلى مستوى الحوافز
اإلستثمارية المعمول بها في باقي الدول المنافسة ،وإنطالقا من هذا التهميش كان الرفع من المزايا
اإلستثمارية في مدونة 1983هو األساس باإلضافة إلى تكريس اإلتجاه الليبرالي.
هذا القانون عرف هو اآلخر حصيلة سلبية على العموم ،ويرجع ذلك إلى الظروف اإلقتصادية
التي عرفتها سنوات ا لسبعينات والتي تميزت بتدهور سعر المواد األولية وتعميق العجز المالي،
واختالل الميزان التجاري ،وزيادة الديون الخارجية ،رغم فشل قانون استثمارات ،1973إال أنه
شكل خطوة أولى في مرحلة جديدة ستحاول تقويم وتصحيح أخطاء الماضي عن طريق وضع
قوانين استثمارية جديدة تهدف إلى الرفع من االمتيازات بشكل جديد ومعقلن.
ب) قانون 19832ومحاولة عصرنة تشجيع اإلستثمار
أمام النتائج السلبية المحققة من طرف قانون 1973ونظرا لتميزه بمبدأ المغربة الذي رفضه
بشكل كبير المستثمرون األجانب ،حيث إعتبروه حجرعثرة كبيرة أمام اإلستثمار في المغرب ،جاء
قانون اإلستثمار لسنة 1983ليستهدف كل من المبادرة الخاصة الوطنية وأيضا اإلستثمارات
األجنبية على حد سواء ،وقد جاء أيضا لتدعيم سياسة الجهوية وذلك عبر توزيع اإلعفاءات حسب
المناطق التي إ عتمدها .باإلضافة إلى مسعاه لتشجيع الشغل وإتاحة الفرصة أمام الجميع للحصول
على منصب شغل وذلك بمنح مكافأة مالية قدرها 5000درهم عن كل منصب شغل محدث بشكل
قار.
فقانون اإلستثمارات لسنة 1983جاء بمجموعة من اإلجراءات لتحقيق بعض األهداف:
-1ظهير شريف رقم 1.73.413بتاريخ 13غشت 1973بمثابة قانون يتعلق بإتخاد تدابير خاصة بتشجيع االستثمار ،الجريدة الرسمية عدد 3172بتاريخ 15
غشت .1973
ظهير شريف رقم 1.82.220صادر في الجريدة الرسمية عدد 3664بتاريخ 1983/01/19بتاريخ 2ربيع اآلخر 17( 1403يناير .)1983 -2
31 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
• التخلي نهائيا وبكيفية صريحة عن قانون المغربة ،وتبسيط مسطرة تحويل األرباح من أجل جلب
االستثمارات األجنبية.
• الحد من ظاهرة تمركز اإلستثمارات في محور الدار البيضاء/المحمدية وتوزيعها بشكل جديد.
• التشجيع على إحداث مناصب الشغل.
• تشجيع اإلستثمارات الصناعية.
لقد تناولت التعديالت التي جاء بها هذا القانون جميع القطاعات وركزت بالخصوص على تشجيع
االستثمارات التي توجه إنتاجها نحو الصناعات التصديرية ،وأعطت المزيد من اإلمتيازات
لإلستثمارات المحلية إال أنها قلصت من مدة اإلستفادة من هذه اإلمتيازات وتطرق كذلك هذا القانون
إلى مجموعة من التعديالت الخاصة باألحكام والمزايا لكل قطاع من القطاعات المنصوص عليها
في قانون اإلستثمارات.1
رغم كل ذلك خضعت قوانين االستثمارات القطاعية لعدة انتقادات ترتكز في مجملها على التفرقة
بين القطاعات االقتصادية والتوزيع غير العادل للتحمالت الضريبية .باإلضافة إلى عدم مراعاة
هذه القوانين لسنوات طويلة قبل أن ينتبه المشرع لعدم مسايرتها للظرفية االقتصادية الوطنية
والعالمية الشيء الذي دفع به إلى إحداث قانون جديد ألغى القوانين االستثمارية السابقة وحل مكانها
ما سمي بميثاق االستثمارات والذي يعتبر كقانون إطار ،والذي أحدث سنة .1995
الفقرة الثانية :ميثاق اإلستثمار 218-95بمثابة قانون إطار
ال بد من اإلشارة أن هذا القانون إعتبرته الحكومة من أهم القوانين التي تأمل من ورائه تحقيق
إنطالقة تنموية جديدة بإنعاش اإلقتصاد الوطني ،واإلسهامات التي إعتمدتها لتحقيق أهداف معينة
تحسبها كفيلة بخلق مناخ جديد من شأنه أن يعمل على جلب رؤوس األموال الخارجية وذلك بخلق
تشجيعات جديدة من شأنها أن تلفت نظر المستثمر ليبادر من أجل اإلستثمار ببالدنا وتحفزه على
إنجاز مشاريع ذات عوائد إقتصادية وإجتماعية.3
- 1إدريس الكراوي وعبد العزيز النويضي ":االقتصاد المغربي نموذجا الفالحة واالستثمار األجنبي" دار توبقال للنشر الطبعة االولى ،1988 ،ص.74
- 2ظهير شريف رقم 1-95-213بتاريخ 8نونبر ،1995يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم 18-95بمثابة ميثاق االستثمار الصادر في الجريدة الرسمية
عدد 4335بتاريخ 19نونبر .1995
- 3قاعدة محمد" ،مدى استجابة اإلدارة لمتطلبات تشجيع االس تثمار"أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،وحدة التكوين البحث،القانون اإلداري وعلم اإلدارة،
جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط ،أكدال ،السنة الجامعية 2011-2010ص.37:
32 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
-1عادل الفراح ،االستثمار والتنمية الجهوية بالمغرب جهة طنجة -تطوان نموذجا ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،وحدة البحث والتكوين"اإلدارة
والتنمية" كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة ،السنة الجامعية ،2013-2012:ص.57
-2حنان القطان" ،واقع التنمية بالمغرب من خالل المراكز الجهوية لالستثما ر"أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العامة ،وحدة التكوين والبحث في اإلدارة والتنمية
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية ،2011-2010ص.67:
33 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ظهير شريف رقم 1-95-213بتاريخ 8نونبر ،1995يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم 18-95بمثابة ميثاق االستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد -1
4335بتاريخ 19نونبر .1995
34 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ت -توجيه ومساعدة المستثمرين في إنجاز مشاريعهم وذلك بإحداث جهاز وطني موحد.
إن الميثاق الجديد أكد على إحداث نظام صرف خاص يسمح للمستثمر بحرية تحويل األرباح
والرساميل إلى الخارج وذلك بهدف تشجيع المستثمرين األجانب والمغاربة المقيمين بالخارج على
االستثمار بالمغرب.
لكن هذا التدبير إشترط على المستثمرين أن تكون هذه االستثمارات بعمالت أجنبية ،لكي
يستفيدوا من:
• تحويل األرباح الخالصة من الضرائب دون تحديد للمبلغ أو المدة.
• تحويل حصيلة بيع اإلستثمار أو تصفية كال أو بعض منه بما في ذلك زائد القيمة.
ومن بين التدابير التي جاء بها هذا القانون هناك إمكانية كفالة الدولة بنفقات الرصيد العقاري
والبنيات األساسية الخارجية وبمصاريف التكوين المهني الالزمة ،وذلك عن طريق عقود خاصة
بالنسبة لالستثمارات الكبرى المساهمة سواء من حيث حجمها او مستوى تشغيلها أو رأسمالها في
التنمية الجهوية أو في الحفاظ على البيئة أو تحويل التكنولوجيا.
كما أحدث القانون اإلستثمار لسنة 1995صندوق إنعاش اإلستثمارات وذلك بهدف ضبط
حسابات العمليات المتعلقة بتكفل الدولة بتكلفة المنافع الممنوحة للمستثمرين في إطار نظام عقود
اإلستثمار المشار إليها سابقا.
وكذلك بالنسبة للنفقات التي يتطلبها إنعاش عملية جلب اإلستثمارات ،وأقر القانون على أن
الدولة تتكفل بتكلفة جزء من تكلفة إعداد المناطق الصناعية في األقاليم والعمالت التي يحتاج
مستوى نهوضها اإلقتصادي إعانة خاصة.
وحيث أنه تعتبر السياسة الضريبية من بين أهم المرتكزات التي يقوم عليها القانون اإلطار
181-95بمثابة ميثاق اإلستثمار سوف نسلط الدور من خالل المبحث أسلفه عن األدوار التي
تقوم بها السياسة الضريبيية من أجل تشجيع اإلستثمار سواء الوطني أو األجنبي.
ظهير شريف رقم 1-95-213بتاريخ 8نونبر ،1995يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم 18-95بمثابة ميثاق االستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد -1
4335بتاريخ 19نونبر .1995
35 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
1 - Brachet bernard , le systéme fiscal francais, 7eme edition, aout 1997, paris , p 14 .
-2الوليد بن صالح عبد العزيز ،دور السياسة الضريبية في تحفيز االستثمارات في ظل التطورات العالمية المعاصرة ،مطبعة دار النهضة العربية ،الطبعة األولى،
2002،ص.71
-3الحجازي مرسي السيد ،النظم الضريبية بين النظرية والتطبيق ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية، 1998 ،ص 145.
4 OECD, Investment Policy, POLICY FRAMEWORK FOR INVESTMENT, 2011 Edition, p08, on line
at:www.oecd.org/investment/pfitoolkit-
مرسي السيد الحجازي ،النظم والقضايا الضريبية المعاصرة ،إليكس لتكنولوجيا المعلومات ،اإلسكندرية 2004، ،ص .27 -5
36 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
-3صباح نعوش ،الضرائب المباشرة في المغرب الضرائب الحالية لماذا اإلصالح؟ ،الجزء األول ،شركة النشر والتوزيع المدارس ،الدار البيضاء الطبعة األولى
،1986ص .39
37 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الجبائي لسنة 19841والذي أقام التمييز بين دخول األشخاص العاديين ودخول األشخاص
المعنويين وأحدث لكل منهما أحكام ضريبية خاصة به ،غير أن ما يحسب فعال لهذا القانون هو
تجميع هذه الضريبة لمجموع دخول المكلف الوطني داخل كثلة جبائية موحدة تخضع لنفس النظام
ونفس القواعد الجبائية ،2وبالتالي حلت هذه الضريبة محل الضرائب النوعية 3التي عجزت عن
اإلحاطة بكل دخول الملزمين ،4السيما أن نظام الضرائب النوعية يفتقر إلى اإلنسجام فيما يتعلق
بطرق وكيفيات تحديد أساس الضريبة خصوصا بالنسبة ألسعار الضريبة وتصاعديتها
واإلسقاطات من أجل التحمالت العائلية ،5أي أن الضريبة على الدخل حاولت الجمع بين مطلبين
أساسيين هما العدالة الضريبية والمردودية دون الزيادة في الضغط الضريبي الفردي ،مع العمل
في نفس الوقت على توسيع الوعاء الضريبي لرفع مداخيل الدولة 6ولعل هذا المطلب األخير هو
ما أملته الضغوطات الخارجية وتبلور في شكل إصالحات جبائية.
وبالرجوع إلى موضوعنا فإن الضريبة على الدخل تستعمل دائما كأداة لتحفيز النشاط
اإلقتصادي بشكل عام وتكوين اإلدخار بشكل خاص 7هذا اإلدخار الذي يوجه حتما نحو اإلستثمار
لذا تعمل معظم البلدان المتقدمة على تبني تحفيزات جبائية تهدف لتشجيع بعض أنواع اإلدخار
- 1وهو إصالح أملته تبعات األزمة االقتصادية التي عاشتها البالد ،وتمثل هدفه الرئيسي في االنتقال من نظام صار حينها معقداً وضعيف النجاعة ،إلى نظام جبائي
جديد يكون متجانسا ً وناجعا ً وأكثر شمولية .وهكذا ،أصبح النظام الجبائي المغربي أقرب ،في هندسته العامة ،إلى األنظمة الضريبية الرئيسية التي تشكل مرجعية على
الصعيد الدولي.
-2المصطفى معمر ،السياسة المالية ونظام التمويل العمومي في ظرفية التقويم الهيكلي 1993- 1983محاولة في التحليل ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق،
جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،1999/1998ص. 85
-3وذلك بمقتضى الظهير رقم 1-89-116بتاريخ 12نونبر 1989المتعلق بتنفيذ القانون رقم 17-98المحدث للضريبة العامة على الدخل ،الجريدة الرسمية عدد
4023بتارخ 6ديسمبر ،1989ولكنها لم تدخل حيز التنفيذ إال في 1يناير 1990طبقا للفصل 118من القانون المذكور رغم إن مشروع القانون هذا كان ومجودا
-4خالد العسالي ،صناعة القرار السياسي الجبائي في المغرب محاولة تقويم السياسات العامة -نموذج االمتيازات الضريبة -أطروحة لنيل الدكتوراه ،جامعة محمد
-5عبد السالم أديب ،السياسة الضريبية وإستراتيجية التنمية (دراسة تحليلية للنظام الجبائي المغربي ،) 2000-1956إفريقيا الشرق ،الطبعة األولى ،1998ص
.265
6 -Najib Akesbi « L’impôt, l’Etat et l’ajustement » Edition Actes, Rabat, 1993،p 182.
7-Anass ben Saleh zemrani « fiscalité face au développement économique et sociale au Maroc », édition la porte, rabat, 1982.,
p 311.
38 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
خصوصا الذي يهم األفراد والذي يشكل ما بين %60و %70من اإلدخار الداخلي للبلدان
النامية.1
والمدونة العامة للضرائب في المغرب تتضمن هي األخرى مجموعة من التحفيزات الضريبية
اإلقتصادية التي تستهدف إنعاش التنمية اإلقتصادية عن طريق تحفيز اإلدخار والذي يعتبر من
أهم العوامل التي تحفز على االستثمار ومن أمثلة هذا النوع من التحفيزات:
-1حميد النهري بن محمد ،إشكالية التدخل الجبائي في المغرب ،أ طروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس أكدال-الرباط -السنة الجامعية
،2001/2000ص .28
-2والتي عرفتها المادة 2من الظهير رقم 1-93-211بتاريخ 21ديسمبر 1993المتعلق ببورصة القيم .
-3ولعل الهدف من وراء هذا اإلجراء هو التشجيع على تملك هذا النوع من القيم والسندات والتشجيع التداول بها.
39 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الذي يهدف بحق لتشجيع لتعامل في البورصة غير أن السقف المعطى يبقى سقفا يستغرق فقط
العمليات الصغرى وصغار المضاربين في البورصة تأكيدا من المشرع على تشجيعه للطبقة
الوسطى لولوج هذا المجال قصد توفير رساميل في البورصة قادرة على الرفع من نسبة االدخار
الوطني والزيادة بالتالي في نسبة االستثمار.
أما في الفقرة الثالثة من المادة 68من نفس القانون فإنها تشجع باألساس رأس المال األجنبي
1 على التوجه للبورصة وذلك بنصها على إعفاء تام ألرباح وعوائد المساهمة في رأسمال الشركات
الواقعة في مناطق التصدير الحرة (مناطق التسريع الصناعي حاليا) ،2ونالحظ على هذا اإلجراء
أنه إجراء غالى في تقديم اإلعفاءات والتسهيالت للرساميل األجنبية إلى درجة أنه لم يفرض سقفا
لهذه األرباح المعفية وذلك ضدا على عادة المشرع الضريبي المغربي ،وحتى لو كان الهدف
تشجيعيا باألساس فلماذا يخصص لرأس المال األجنبي دون الوطني علما أن هناك رساميل وطنية
يمكن أن تستفيد من هذا النظام المتسامح جدا ،إذ أنه وبتشجيع الرأسمال الوطني نكون إزاء أمرين
إيجابيين األول هو الزيادة في نسبة االدخار الداخلي والثاني هو تشجيع هذه األموال المدخرة
وتوجيهها نحو اإلستثمار عكس الرأسمال األجنبي الذي أثبتت كل التجارب اإلقتصادية أن المستثمر
األجنبي يقوم بترحيل األرباح نحو بلده األصل وبالتالي ال يستفيد موطن اإلستثمار في هذه الحالة
من إمكانية تحويل األرباح لإلستثمارات جديدة ،3ولعل تخصيص هذا اإلجراء لألجانب هو ضرب
لمبدأ العدالة الضريبية الذي يجب أن يطبع كل األنظمة الضريبية الناجحة ،كما أن ربط هذا اإلعفاء
بالمناطق التسريع الصناعي يمكن أن نقول عنه أنه يمس بهاجس تحقيق التوزيع العادل بين الجهات
بالرغم من الوعي األكيد بأهمية المناطق الحرة في إنعاش االقتصاد الوطني.
40 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الضريبة المستحقة عن معاشهم وذلك بعد تحويل هذه المبالغ للعملة الوطنية ،وبذلك يكون المشرع
المغربي قد ساهم في تشجيع مصدر دخل خارجي بالعملة الصعبة ،وشجع على اإلدخار بالمغرب
خصوصا أن هذا اإلجراء يشمل سواء المتقاعدين المغاربة أو األجانب أي كل من له موطن جبائي
في المغرب ،1غير أن ما يدعو لإلستغراب هو هذا التمييز الفادح بين المعاشات ذات المنشأ
الخارجي واألخرى ذات المنشأ المغربي حيث خصص القانون لهذه األخيرة نسبة تخفيض قدرها
2 %80مع العلم أن مستوى المعاشات في المغرب جد متواضع بل هزيل في بعض األحيان رغم
التحسن النسبي الذي طرأ على معاشات موظفي الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية،3
ليبقى بالتالي الهاجس االقتصادي في هذا المعطى طاغيا على الهاجس اإلجتماعي ،غير أن هذا
الرأي ال يبقى صحيحا على إطالقيته ألنه إن كان الهدف الحقيقي من وراء تشجيع المعاشات
األجنبية راجع للرغبة في تشجيع اإلدخار فإن المعاشات المغربية هي األخرى يمكنها تحقيق هدف
اإلدخار 4أيضا ليبقى هاجس جلب العملة الصعبة هو المسيطر من وراء هذه التحفيزات بوصفه
حاجة إقتصادية ملحة.
ومن خالل التعرض ألبرز التحفيزات الضريبية الموجهة للتنمية اإلقتصادية المتضمنة في
المدونة العامة للضرائب يمكن القول أن المشرع الضريبي ومن خالل تشريع الضريبي على
الدخل حرص على توجيه اإلمتيازات ذات الطابع اإلقتصادي لخدمة االدخار الوطني وبالتالي
الزيادة في حجم اإلستثمار وتجنب منح التحفيزات الضريبية واإلمتيازات العشوائية 5التي ال
تربطها أية سياسة ضريبية واضحة ،رغم ما يمكن أن يقال على هذه التحفيزات من أنها تبقى
ضعيفة من حيث تشجيعها لإلدخار الداخلي مقارنة بحجم اإلعفاءات التي يتضمنها قانون الشركات،
فهل حاولت المدونة مراعاة األهداف اإلقتصادية الكبرى في توزيعها لهذه التحفيزات؟
-1وذلك حسب مدلول المادة 23من المدونة العامة للضرائب وفق تعديالت قانون المالية لسنة 2020أي إما أن المغرب يشكل مركز مصالحه االقتصادية أو لديه في
المغرب محل سكنى دائم أو انه يقيم فيه سواء بصفة متقطعة أو متصلة مدة تصل إلى 183يوم على . 365
-2بعدما كانت %25سنة 1989ثم %35سنة ،1994لتصل إلى نسبة %80سنة 2020وذلك حسب المدونة العامة للضرائب.
-3عبد السالم أديب ،مرجع سابق ،ص .276
-4ولعل تشجيع المعاشات المغربية سيؤدي إلى االدخار وا الستثمار أفضل من المعاشات األجنبية ألن األجانب الذين يستقرون في المغرب ال يحملون قيم التضامن
التي يحملها المغاربة وبالتالي يتجه سلوكهم االقتصادي نحو الميل الحدي لالستهالك دون االدخار وذلك عكس العقلية المغربية التي تسيطر عليها هواجس االدخار
واالكتناز.
- 5حميد النهيري بن محمد ،المدخل لداراسة النظرية العامة للضريبة والسياسة الجبائية ،مطبعة سليكي أخوين ،طبعة مارس ،2018ص 22ومايلها.
41 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
42 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
كما أن المدونة وهي تسعى لتنظيم الضريبة على الشركات وموائمتها مع التوجهات اإلقتصادية
واإلجتماعية أقرت مجموعة من التحفيزات الضريبية على غرار الضريبة على الدخل وذلك قصد
تشجيع الشركات على اإلدخار ولكن باألساس لتشجيعها على االستثمار وفي ما يلي رصد ألهم
هذه الحوافز :
تعتبر الفالحة في المغرب عصب اإلقتصاد والقطاع الذي يقوم بتشغيل أكبر قدر من اليد
العاملة ،لذلك فإن هذا القطاع يحظى بمعاملة جبائية خاصة بدءا من اإلعفاءات الضريبية النهائية
من الضريبة على الدخل والتي أعلنت المدونة العامة للضرائب إستمرارها حتى 2013وتم
تمديدها إلى سنة 2014بأوامر ملكية ،وعلى الرغم من تضريب هذا القطاع بشكل نسبي إال إنه
ال يزال يعتبر من أهم القطاعات الضريبية التي تحظى بنسبة عالية من التحفيزات نظرا للدور
الذي يلعبه هذا القطاع في مجال اإلستثمار الفالحي ومن بين التحفيزات الخاصة التي يملكها هذا
القطاع فيما يتعلق بالضريبة على الدخل والضريبة على الشركات والهادفة لتشجيع الشركات
الفالحية حيث يستفيدون من:1
اإلعفاء الكلي والدائم من الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات بالنسبة للخاضعين
للضريبة برسم الدخول الفالحية ،والذين يحققون رقم أعمال سنوي برسم هذه الدخول يقل عن
خمسة ماليين ( )5.000.000درهـم .غير أنه ال يمنح هذا اإلعفاء إال إذا ظل رقم األعمال المذكور
أدنى من هذا المبلغ لمدة ثالث ( ) 3سنوات محاسبية متتالية.2
اإلعفاء من الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل بصفة إنتقالية ابتداء من فاتح يناير
2018إلى غاية 31دجنبر ،2019بالنسبة للمستغلين الفالحيين الذيـن يحققون رقم أعمال يقل
عن 10.000.000درهم.3
-دليل التحفيزات الجبائية ،صادر عن المديرية العمة للضرائب ،الطبعة ،2019ص 1.52
-2دليل الحتفيزات الضريبية،طبعة ،2019مرجع سابق ،ص .52
-3دليل الحتفيزات الضريبية ،طبعة ،2019مرجع سابق ،ص .52
43 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الفرض المؤقت األسعار المخفضة تستفيد المستغالت الزراعية الخاضعة للضريبة على
الشركات مـن تطبيق السعرين المخفضين المحددين بالجدول التصاعدي عوض السعر النوعي
مع تسقيف السعر في % 17,50؛
-1وهي المادة التي تؤطر مجموع اإلعفاءات التي تمنحها المدونة العامة من اإلعفاءات دائمة وأخرى متبوعة بضريبة مخفضة وتنظم التخفيضات التي تمنحها الضريبة
على الشركات أيضا.
44 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
البورصة ،1وكذلك الشأن بالنسبة لشركات المساهمة التي تلعب دورا أساسيا في تحريك اإلقتصاد
الوطني والتي يسعى المشرع دوما من وراءها تشجيع المساهمين فيها عبر إحداث تحفيزات خاصة
بعائدات وأرباح أسهمهم والتي تعفى بنسبة 2 %100من حاصالت هذه الشركات حسب الشروط
المنصوص عليها في المادة 6من المدونة (-1جيم )1-كما تنص هذه الفقرة على جملة من
اإلعفاءات األخرى المتعلقة بمؤسسات االئتمان والهيآت المعتبرة في حكمها المنظمة بقانون
343.03خصوصا في شكل إعفاءات دائمة تخص الضريبة على الشركات المحجوزة في المنبع.
-1تم إداراج هذا التدبير بمقتضى البند Iمن المادة 6من قانون المالية لسنة .2017
-2تم إداراج هذا التدبير بمقتضى البند Iمن المادة 8من قانون المالية لسنة .2008
-3الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.05.178بتاريخ 15محرم 14( 1427فبراير ،)2006برسم القروض والتسبيقات الممنوحة من طرف هذه المؤسسات.
-4تم رفع السعر من 17,5%إلى %20بمقتضى Iمن المادة 6من قانون المالية .2020
-5تم رفع السعر من 17,5%إلى %20بمقتضى Iمن المادة 6من قانون المالية .2020
45 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
اإلعفاء السابق وهو ما يدعوا إلى التساؤل حول الحكمة من إعفاء الشركات التي تبيع المنتجات
وعدم إعفاء الشركات التي تتحمل تكلفة ومخاطر التصدير1؟ أم أن هذا اإلعفاء يبقى محاباة لفئة
إقتصادية على حساب فئة أخرى؟
الفقرة الثانية :التحفيزات الضريبية المتضمنة في الضرائب غير المباشرة
بعدما حاولنا في المطلب السابق اإلطالع على مجموع التحفيزات الضريبية المتضمنة في
الضرائب المباشرة ،البد لنا أن نبحث أيضا عن مثيالتها في الضرائب غير المباشرة والتي تشكل
الجزء الثاني والمهم في النظام الضريبي ،وذلك من خالل الفقرتين التاليتين:
أوال :الضريبة على القيمة المضافة
يسود اإلعتقاد بأن تاريخ ظهور الضريبة على القيمة المضافة يعود إلى سنة 1918حينما
طرحها " فون سيمسن" لتعويض النظام الضريبي التراكمي على رقم المعامالت لذلك لجأت لها
فرنسا سنة 1948ومنها إنتشر إستعمال هذه الضريبة 2في جميع أنحاء العالم ،وقد جاءت في
المغرب كبديل عن الضريبة على المنتوجات والضريبة على الخدمات ودخلت حيز التنفيذ في
فاتح أبريل ،31986وهي ضريبة شكلت جزءا مهما من مضمون اإلصالح الجبائي لسنة ،1984
كما أكدت بشكل واضح على أن المسؤولين رأوا أن بعض الشروط قد توافرت في بلدنا لتحقيق
قفزة جديدة في المجال الضريبي واإلقتراب أكثر من النظم الجبائية األوروبية ،4وقد هدفت باألساس
تجاوز محدودية تطبيق الضرائب على رقم األعمال وتجنب اإلزدواجية في النظم الضريبية
وتعويض نظام اإلسقاطات الذي كان يتسم بالتعقيد.
والضريبة على القيمة المضافة هي ضريبة تفرض على جميع العمليات المنجزة في المغرب
سواء أكانت هذه العمليات بطبيعتها صناعية أو تجارية أو حرفية أو خدماتية ،وبوصفها ضريبة
غير مباشرة فإن المستهلك النهائي هو الذي يتحمل عبئها مدمجا في ثمن السلع أو الخدمات المقدمة
له ،بينما تحصل هذه الضريبة من قبل الدولة من لدن المنتج أو مقدم الخدمة ،وهذه الضريبة جديرة
-1حيث ال يتم هذا اإلعفاء إال في حدود العمليات المنجزة بالعملة الصعبة.
-2عبد السالم أديب ،مرجع سابق ،ص .218
-3وذلك بموجب الظهير الشريف رقم 1-85-347الصادر في 20دجنبر 1985بتنفيذ القانون رقم 30-85القاضي بفرض الضريبة على القيمة المضافة ،الجريدة
الرسمية عدد 3818الصادرة بتاريخ 1يناير .1986
4- A.B.Zemrani, op cit, p 108.
46 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
بتسمية الضريبة العمياء إذ أنها ال تقيم قدرا ال لمراكز الملزمين أو مقدرتهم التكليفية وبذلك فإنها
توصف بالضريبة األقل عدالة ولكن األكثر مردودية.1
والشك أن الضريبة على القيمة المضافة وبوصفها جزءا من السياسة الضريبية ككل تحاول
هي األخرى اإلنسجام مع المتطلبات العامة الداعية إلى تحقيق النمو االقتصادي وأداء دور فعال
في القيام بذلك ،وهو الشيء الذي ال يمكن أن يتأتى لها إال من خالل تقديم تحفيزات جبائية خاصة
بالقطاعات الحساسة بالنسبة لالقتصاد الوطني فما هو حجم ونوع هذه التحفيزات المقدمة من قبل
الضريبة على القيمة المضافة؟
-1التحفيزات الضريبية الخاصة بالقطاع السياحي:
بالنظر لألهمية البالغة التي يحتلها هذا القطاع داخل اإلقتصاد المغربي الذي يراهن عليه كثيرا
فإن الضريبة على القيمة المضافة شأنها في ذلك شأن باقي الضرائب حاولت تشجيع هذا القطاع
ومنحه عدة إمتيازات ضريبية ،حيث خصته المدونة بسعر تحفيزي في المادة 99منها والتي تنص
على سعر 2 %10مع الحق في الخصم بالنسبة لعمليات اإليواء التي تنجزها الفنادق المعدة
للمسافرين والمطاعم و الخدمات المقدمة من طرف المقاهي.3
كما تخضع لهذا السعر أيضا كل عمليات إيجار العقارات المعدة إلستعمالها كالفنادق أو
المنتجعات أو قرى لإلصطياف أو المجموعات العقارية المعدة لألغراض السياحية كال أو بعضا،
مع إدخال المطعم والحانة والمسبح والمرقص إذا كانت جزءا ال يتجزأ من المجموعة السياحية،
ولعل المشرع وهو يقوم بإعفاء هذه العمليات سواء المتدخلة بشكل مباشر أو غير مباشر في
العملية السياحية فإن هدفها هو تشجيع اإلستثمار في هذا المجال رغم النفقات الضريبية التي
سيتحملها في مقابل هذا اإلعفاء.
-2التحفيزات الضريبية الموجهة للقطاع الفالحي:
نظرا ألن القطاع الفالحي يتمتع بإعفاء جبائي إلى غاية 2013والذي تم تمديده إلى سنة
،2014فإن ا لضريبة على القيمة المضافة وهي تحاول حصر اإلعفاءات التي تقدمها البد وأن
-1وهو ما يدعو للقول أن هذه الضريبة جاءت استجابة أيضا لسياسة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي الهادفة لتوسيع الوعاء الجبائي وتبسيط معيار الضريبة
وهو الشيء الذي عجزت عنه الضريبة على المنتوجات والضريبة على الخدمات .
-2تمت إعادة صياغة هذه الفقرة بمقتضى البند Iمن المادة 6من قانون المالية .2017
-3تم تتميم هذه الفقرة بمقتضى البند Iمن المادة 6من قانون المالية .2015
47 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تكون منسجمة مع السياسة الضريبية العامة للمغرب والهادفة في هذا المجال لتشجيع القطاع
الفالحي الذي يعاني لعنة أزمات الجفاف المتكررة ،بالتالي فإن تصفح المدونة العامة للضرائب
وبالتحديد المادة 92التي تنص على حق االعفاء مع الحق في الخصم ،تضع الئحة باألدوات
والمعدات والمواد الخاصة بالفالحة ،تحيلنا على حجم اإلعفاءات التي تتمتع بها الفالحة سواء من
ناحية إعفاء العمليات المنجزة في المغرب كالبيع المتعلق بهذه المواد أو برسم عمليات إستيراد
هذه المواد والتي تبقى كلها معفية من الضريبة على القيمة المضافة.
تتمتع هذه األدوات والمنتجات الفالحية من إعفاء مع الحق في الخصم وذلك منذ سنة ،11986
غير أنها لم تكن تبلغ آنذاك سوى 30آلة وأداة لتضاف لها 26آلية أخرى برسم قانون المالية لسنة
،1992في قانون المالية لسنة 2008على ، 53لتستقر في قانون المالية لسنة 2020على 26
من المنتجات والمعدات المخصصة ألغراض فالحية ،2هذا باإلضافة إلعفاء األغذية المعدة لتغذية
البهائم والدواجن وكذا الكسب المستعمل في صنعها ماعدا األغذية البسيطة مثل الحبوب والنفايات
واللباب وحثالة الشعير والتبن.
ليتبين تبعا لكرونولوجية هذه اإلعفاءات نسبة التطور التي تخضع لها حسب تطور الفالحة
المغربية ،ليتزايد معها بالتالي حجم النفقات الجبائية التي تدفعها الدولة على مجموعة من المعدات،
أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ال تتناسب وطبيعة الفالحة التقليدية الغالبة في المغرب ،وأنها تخدم
باألساس في الضيعات الكبرى والفالحات التسويقية التي تحقق أرباح أكثر من الشركات
والمقاوالت الصناعية ،هذا مع العلم أن المستفيدين من هذه التحفيزات الضريبية ،يحق لهم
إسترجاع الضريبة التي تلحق مختلف عناصرها االستهالكية ،ويستوجب هذا االمر التفريق حتما
بين الفالح الصغير المعدم صاحب الفالحة المعيشية الذي يستحق اإلعفاء وما بين الضيعات
الفالحية المتطورة والتي يجب أن تخضع وجوبا للضريبة حتى يتحقق التوازن االجتماعي،
وبالتالي توسيع الوعاء الضريبي وخلق دينامكية مهمة داخل المجال االقتصادي بالمغرب.
48 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
يدخل القطاع البحري هو اآلخر ضمن القطاعات الحساسة التي ال يمكن أن تتقدم قاطرة التنمية
بدون الدفع به ،لذلك فالمدونة العامة للضرائب عملت على تخصيص إعفاءات لهذا القطاع قصد
تشجيعه طالما أنه يشغل عددا اليستهان به من اليد العاملة إلى جانب مركزيته في النظام االقتصادي
المغربي بطبيعة الحال.
وتتجلى هذه التحفيزات في اإلعفاء من الضريبة على القيمة المضافة مع الحق في الخصم،
بخصوص العمليات المنجزة على أدوات وشباك الصيد المعدة لمحترفي الصيد البحري ،أي إعفاء
جميع المنتجات واآلالت المستعملة لإلجتذاب السمك أو إغرائه بطعم أو صيده أو حفظه ،1ليتبين
من خالل هذه الفقرة 2أن المدونة أعطت تفسيرا واسعا جدا ألدوات الصيد البحري لتصبح غير
محصورة عكس ما قامت به على المستوى المنتجات المتعلقة بالفالحة ،فهل هذا ناتج عن عدم
إلمام المشرع الضريبي باألدوات والمنتجات الضرورية للصيد البحري؟ أم أن المشرع الضريبي
ــ وهذا هو الراجح ــ قصد التوسيع من دائرة هذه المنتجات المعفية لحماية التوازنات الماكرو
سياسية التي تتحكم في سن اإلعفاءات الضريبية.
وإلى جانب اإلعفاء األول نجد إعفاءا ثانيا في غاية األهمية ،رصدته الفقرة 33من المادة 92
والذي يتعلق بعمليات البيع واإلصالح والتحويل المتعلقة بالمراكب البحرية ،وتفسر نفس المادة
المراد بالمراكب البحرية والتي يدخل فيها السفن والمراكب والبواخر والزوارق ،أي أن المشرع
لم يذهب في اتجاه إعفاء مراكب الصيد الساحلي والعادي التي تعتبر معيشية فقط ،ولكن مدد هذه
النظم لتطال حتى بواخر الصيد الكبرى التي يمكن أن تكلف خزينة الدولة ماليين الدراهم سنويا
إذا هي أعفيت ،وتؤكد هذا التوجه الفقرة 35من نفس المادة والتي تعفي عمليات النقل الدولي
والخدمات المرتبطة بها وكذا عمليات الصيانة والتعهد واإلصالح والتحويل واالستئجار والكراء،
المتعلقة بمختلف الوسائل المذكورة سابقا ،لتتعمق الهوة بالتالي بين اإلعفاءات الهادفة لتحقيق
سياسة ضريبية محددة وما بين هذا النوع من اإلعفاءات الذي ال يسعى سوى إلرضاء فئة على
حساب أخرى.
-4التحفيزات الضريبية الخاصة بالتصدير:
-1تم إدراج أحكام هذه الفقرة بمقتضى البند Iمن المادة 4من قانون المالية لسنة .2014
-2الفقرة 3من المادة 92من المدونة العامة للضرائب .2020
49 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ال بد أن نعلم على أن ولوج األسواق الخارجية يبدأ من تشجيع قطاع التصدير ،ومنحه تحفيزات
جبائية تساعده على أن يصبح أكثر تنافسية في السوق الدولية وبالتالي يحقق دوره في الحفاظ على
توازن الميزان التجاري ،وتبعا لذلك نجد الفقرة األولى من المادة 92من المدونة العامة تنص
على اإل عفاء من الضريبة على القيمة المضافة مع الحق في الخصم بالنسبة للمنتجات والخدمات
المقدمة من لدن الخاضعين للضريبة ،1وذلك ألجل التصدير شريطة أن ينتج عنه التصدير بصورة
مباشرة وفورية ،كما وضعت هذه المادة شروطا ذات طبيعة إدارية لالستفادة من اإلعفاء تتعلق
بإثبات العمليات عبر الوثائق وعبر مسك محاسبة منتظمة.
باإلضافة لما سبق فعمليات التصدير تحضى بنظام خاص يسمى النظام الواقف
» ،« le régime suspensifالذي نظمته المدونة في المادة 94منها ،وهو يسمح بالنسبة
للمقاوالت المصدرة للمنتجات والخدمات بإقتناء مشترياتها وخدماتها المتعلقة بعمليات التصدير
مع إمكانية وقف إستيفاء الضريبة داخل المغرب.
ثـانـيـا :ضــريــبـة الــتســجــيــل
إضافة للضريبة على القيمة المضافة نرى من الضرورة الحديث عن ضريبة أخرى تنتمي
للضرائب غير المباشرة والتي ال تخلو من تحفيزات جبائية بغيت تشجيع االستثمار من أجل تحقيق
تنمية إقتصادية ،وال يمكن أن تكتمل معالم خريطة التحفيزات واالمتيازات التي نبحث فيها دون
أن نعرج على هذه الضريبة التي نظمتها المدونة العامة للضرائب هي األخرى في القسم الرابع
منها.
يقصد بضريبة التسجيل مجموع الواجبات التي تؤدى من أجل إجراء التسجيل الذي عرفته
2 المدونة العامة للضرائب في المادة 126منها بكونه إجراء تخضع له المحررات واالتفاقات
وتستوفى بموجبه ضريبة تسمى واجب التسجيل ،والتسجيل يشكل إجراءا مهما للعقود حيث يكسبها
50 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تاريخا ثابتا ويضمن حفظها ،كما أ ن التسجيل 1يمكن إعتباره قرينة على وجود المحرر وتاريخه
وعلى أنه صحيح من حيث تعيين األطراف والبنود المتضمنة فيه ،2وباعتبار واجب التسجيل من
ضمن الضرائب غير المباشرة فإنه هو اآلخر يتضمن بعض التحفيزات الضريبية ذات الطبيعة
اإلقتصادية المشجعة على اإلستثمار.
يحتوي التنظيم القانوني لضريبة التسجيل إعفاءات صريحة تهدف المساهمة في إرساء دعائم
سياسة التنمية اإلقتصادية ،وذلك من خالل تقديم معاملة خاصة لتسجيل العقود والمحررات المتعلقة
بالمعامالت اإلستثمارية ،وفي ما يلي نماذج أهم هذه التحفيزات:
نبدأ بنظام تشجيعي تقدمه ضريبة التسجيل وذلك باإلعفاء من هذا الواجب بالنسبة لكل شخص
طبيعي أو معنوي قام باقتناء أراض سواء عارية أو عليها بنايات سيتم هدمها وذلك قصد إنجاز
مشروع إ ستثماري غير التجزيء والبناء ،غير أن القانون وخوفا من التماطل في إقامة المشاريع
االستثمارية حدد لها أجل 36شهرا إبتداء من تاريخ عقد االقتناء ،3والمالحظ أن المدونة في هذا
اإلعفاء لم تحدد سقفا يمكن على أساسه طلب االستفادة من النظام المذكور ،فهل يمكن القول أنه
نظام شامل يعفي كل إقتناء يهدف إلقامة مشروع إستثماري؟
كما تظهر رغبة المشرع في تشجيع االستثمار العقاري من خالل القانون التعديلي وذلك
بتخفيض بنسبة 50%من واجبات التسجيل العقود المتعلقة باإلقتناء بعوض لمحالت مبنية
مخصصة للسكنى ال يتجاوز مبلغ أساسها الخاضع للضريبة مليون درهم .ويهم هذا التحفيز كذلك
في حالة إقتناء المحالت من قبل البنوك التشاركية في إطار عقود المرابحة واإلجارة المنتهية
بالتمليك.4
تعفى من واجبات التسجيل عقود تأسيس التي تهدف إلى الزيادة في رأسمال الشركات الواقعة
في مناطق التصدير الحرة ،كما تستفيد هذه االخيرة من اإلعفاءات بخصوص اإلقتناءات الواقعة
داخل مناطق التصدير الحرة لإلراضي الضرورية إلنجاز المشاريع ذات الطابع االستثماري.
-1وهي تكتسب هذا التاريخ من خالل تسجيلها في سجل خاص يدعى سجل اإليداع.
-2ولكن هذا ال يمكن أن يقود للقول بإمكانية االستدالل بهذا التسجيل في مواجهة الغير وإستعماله كحجة كاملة أو حتى إعتباره بداية حجة.
-3كما تنص المادة 130المؤطرة لشروط اإلعفاء على أنه وفي حالة وجود قوة قاهرة يمكن تمديد هذا األجل من قبل وزير المالية أو من ينوب عنه.
- 4تم إداراج هذا المقتضى إستثناء من أحكام المادة (133ياء-و واو )°1-من خالل المادة 3من قانون المالية المعدل 35.20المالية المالية .2020
51 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تعفى من واجب التسجيل العقود الرامية إلى إندماج شركات األسهم أو الشركات ذات المسؤولية
المحدودة ،سواء تم هذا االندماج عن طريق الضم أو بإحداث شركة جديدة ،ولعل هذا اإلجراء
يهدف باألساس لتشجيع الشركات الصغرى على االتحاد واالندماج وبالتالي خلق شركات قادرة
على مواجهة التحديات االقتصادية.
وإنسجاما مع السياسة اإلقتصادية الرامية لتشجيع اإلستثمارمن خالل التعامل في البورصة،
وتقوية هذا المصدر المالي المهم ،قامت ضريبة التسجيل بإعفاء العمليات المنصبة على الزيادة
في رأس مال الشركات التي أدرجت أسهمها في جدول أسعار بورصة القيم ،أو قامت بطلب ذلك،
شريطة أن تمثل األسهم ما ال يقل عن %20من رأسمال الشركة.
كما تعفى من واجب التسجيل عقود إقتناء أراضي فضاء معدة لبناء مؤسسات فندقية ،مع
مراعات الشروط المنصوص عليها في المادة 130من الفقرة السابعة ،التي تنص على أنه في
حالة االخالل بهذه الشروط يتم توقيف هذه االعفاءات.
باإلضافة لمجموع اإلعفاءات السابقة خصصت المادة 129من المدونة العامة للضرائب
جزءها الخامس لجرد النظم الخاصة بالمحررات المتعلقة بعمليات القرض ،والتي تشمل مجموع
العمليات التي يقوم بها البنك اإلفريقي للتنمية ،والبنك اإلسالمي للتنمية وفروعه ،كما تعفى عقود
القروض المبرمة بين الخواص ومؤسسات االئتمان ،والهيئات المعتبرة في حكمها ،وتشجيعا
لالستثمار العقاري تعفى عقود القروض العقارية المبرمة ما بين الخواص وشركات التمويل ،أو
بين المقاوالت ومأجوريها أو بين جمعيات األعمال االجتماعية وبين المنخرطين فيها ،شريطة أن
تكون هذه القروض بهدف تملك أو بناء سكن رئيسي حسب ماهو منصوص عليه في الفقرة
الرابعة.
وتأسيسا على ما سبق يمكن القول أن واجب التسجيل وبوصفه ضريبة لها تكوينها وتنظيمها
القانوني داخل المدونة العامة للضرائب ،فإنها تنخرط هي األخرى بمجموع هذه التحفيزات من
داخل السياسة الضريبية المغربية للمساهمة في الدفع بإقالع االقتصاد الوطني ،وذلك بتقديم
مجموعة من اإلعفاءات النهائية والتامة من واجبات التسجيل برسم زخم ال يستهان به من العقود
التي تحفل بها التعامالت االقتصادية اليومية ،أمال في أن تساهم ضريبة التسجيل ولو بقدر بسيط
52 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
في الدفع بعجلة التنمية االقتصادية ،رغم ما يمكن أن يالحظ على خارطة هذه التحفيزات
المخصصة لتشجيع قطاعات دون أخرى ،ألن ضريبة التسجيل تركز وبشكل جلي إعفاءاتها على
قطاع اإل ستثمارات العقارية والقطاع المالي ،بما فيه النشاط البنكي ونشاط بورصة القيم ،ولعلنا
يمكن أن نعزو هذا التركيز لشدة إستعمال هذين القطاعين للمحررات واإلتفاقات والتي ـ نظرا
لحساسيتها وقيمتها ـ يجب أن تمر وجوبا عبر إجراء التسجيل الذي يضمن حقوق األفراد في قطاع
يعتمد باألساس على الثقة واالئتمان.
المطلب الثاني :آليات السياسة الضريبية لتحسين مناخ اإلستثمار
تعتمد السياسة الضريبية لتحقيق أهدافها اإلقتصادية 1تشجيع اإلستثمار المنتج ،وباإلضافة إلى
منح تحفيزات ضريبية كوسيلة لتشجيع بغض القطاعات اإلنتاجية ،2والعمل على تفادي وقوع
المستثمرين في مشكلة اإلزدواج الضريبي ،وما إلى ذلك من تخفيف للعبء الضريبي الذي يعتبر
من األساسيات التي تحفز المقاوالت على اإلستثمار (الفقرة الثانية) ،كما إعتمد على مجموعة
من األدوات األخرى كمنح المستثمرين إلستشارات ضريبية قبل البدء في ممارسة مشروعه،
وتسهيل وتبسيط المساطر ذات الطابع الضريبي من خالل اإلعتماد على إدارة إلكترونية عصرية
(الفقرة االولى).
الفقرة األولى :أدوات النظام الضريبي ودورها في تجويد مناخ اإلستثمار
إن اإلدارة الضريبية أصبحت اليوم مدعوة لتبني مفاهيم وقيم جديدة ،حيث أصبح مفهوم السلطة
يضمحل لفائدة مقاربات جديدة كالثقة التشارك والشفافية ،ذلك أن هذه اإلدارة يجب أن تعمل بتنسيق
مع مختلف الفاعلين والمتدخلين في المنظومة الضريبية ،3فالتشاركية أصبحت ضرورية أثناء إعداد
المقتضيات الضريبية ،كما أن اإلدارة الضريبية يجب أن ال تعتبر الضريبة كوسيلة لضمان الموارد
المالية للدولة ،وإنما كوسيلة لتحقيق أهداف السياسة االقتصادية وتشجيع االستثمارات المنتجة،
وتأمين الفعل العمومي .وهذا لن يتم إال بمراجعة العالقة مع الملزمين ،فهذه العالقة يجب أن تنطلق
-1أحمد عبد الصبور الدبلجاوي ،مفاهيم أساسية حول السياسة الضريبية ،مجلة الميزان ،ص.54
-2سعيد جفري ،الضريبة والنظام الضريبي المغربي ،سلسلة اريد ان اعرف العدد 9الطبعة االولى ،2013مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص .22
-3مجلة المالية ،الصادرة عن وزارة االقتصاد و المالية-وزارة االقتصاد و المالية و إصالح االدارة حاليا -العدد 23سنة .2013
53 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
من الواقع السياسي واإلقتصادي واإلجتماعي والثقافي .فالعالقة يجب أن تكون متبادلة فالملزم يجب
أن يحترم إلتزاماته واإلدارة تقوم بواجبها ،للسعي وراء تحضر ضريبي إنمائي.
إن السمة البارزة في عالقة الملزم باإلدارة الضريبية وهي عملية الفرض الضريبي عن طريق
اإلقتطاع من الذمة المالية للملزمين ،وأبرز صور حاالت التوثر هاته ،تتجلى في الصعوبات التي
يواجهها الملزم حين إنتظار موقف من اإلدارة الضريبية في تفسير بعض المقتضيات الضريبية،
أو معرفة وضعيته القانونية تجاه اإلدارة (فقه اإلدارة) ،وذلك راجع باألساس إلى عدم إستقرار
التشريع الضريبي وتعقده ،وبالتالي يكون الملزم رهين تأويالت اإلدارة الضريبية ،إضافة إلى طول
المساطر المراقبة الضريبية.
في هذا الصدد ،عملت النظم الضريبية المقارنة النموذجية ،على إقرار مجموعة من اآلليات،
للحد من هيمنة فقه اإلدارة ،وتغيير هذا المعطى باإلنفتاح على مسطرة اإلستشارة القانونية المسبقة
لإلدارة الضريبية( 1أوال) ،للحد من مظاهر إختالل العالقة الجبائية ،وتقوية الثقة بين الملزم واإلدارة
الضريبية ،وضمان جودة الخدمات المقدمة للمستثمرين/الملزم الضريبي ،إلى جانب العمل على
تكريس وخلق روح جديدة للمعمالت بين اإلدارة الضريبية والمستثمر والذي يعتبر بطبيعة الحال
مكلف خاضع للضريبة عن طريق رقمنة اإلدارة الضريبية وتبسيط المساطر (ثانيا).
أوال :اإلستشارة الضريبية المسبقة كآلية لتشجيع اإلستثمار
تدخل مسطرة اإلستشارة القانونية المسبقة لإلدارة الضريبية « RESCRIT FISCAL »2
ضمن فقه اإلدارة أو الفقه الضريبي ،بحيث ينقسم هذا األخير بين فقه اإلدارة الذي له طابع عام أي
مجموع ما يصدر عن إدارة الضرائب من وثائق ومذكرات دورية ،وأجوبة وزارية ،تهدف من
خاللها اإلدارة الضريبية شرح وتأويل النصوص القانونية الضريبية ،وفقه االدارة ذو الطابع
الخاص الذي من خالله تعمل اإلدارة الضريبية على تحديد الوضعية القانونية للملزم/المستثمر تجاه
االدارة الجبائية 3والقانون الضريبي ،من قبيل اإلستشارة الضريبية المسبقة.
أ) مفهوم اإلستشارة الضريبية المسبقة:
-1اإلستشارة الضريبية المسبقة وهي آلية تم كن المستثمرين /المقاوالت من التعرف على النظام الجبائي المطبق على وضعيتهم ،والمخاطر الضريبية ومخاطر عدم
األداء للمقاوالت ،وبنية الظرفية االقتصادية الوطنية.
2- Tax rulling, en anglais.
3- Marie christine esclassane, « l’accessbillité de la doctrine administrative fiscale »Reep n°140-2017, p105.
54 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
1 - le mot rescrit vient du latin « rescriptura » qui signifie litteralement réponse par ecrit du prince.
-2للمزيد من التفاصيل ،فيما يخص االطار التاريخي لنظام االستشارة الضريية المسبقة ،يراجع في هذا الشأن:
Frederic douet, « contribution à l’etude de la sécruité juridique en droit fiscale interne francais ».p216.
Gilles Bacheler , « le rescrit fiscal », Rffp n°130-2015, p:59 et suivantes.
3- Benoit Plessix, « le rescrit en matiere administrative »,R.j.e.p ,2008 , p: 3-11.
4- Frederic douet, op,cit,p :262 .
- 5تعد االستشارة االدارية وسيلة مساعدة في إحداث التنمية االدارية بجميع أشكالها وأنواعها ،ومن أهم الموضوعات التي تحتاج إلى عناية خاصة ودفعة كبيرة من
الجهات المعنية سواء كانت حكومية أو غير حكومية ،لنظرا للدور الكبير ال ذي تلعبه في إجداث التنمية و تطوير القدرات االدارية ،حيث يقوم العمل االستشاري
أساسا على توجيه الجهود نحو دراسة مشكلة قائمة أو متوقعة و تقديم الحلول التي تساهم بشكل فعال في معالجة تلك المشكلة للمزيد في هذا الشأن يراجع:
المكي السراجي ،عبد القادر الطالبي"الرأي االستشاري" ،المجلة المغربية لالدارة المحليةو التنمية ،العدد ،54يناير،2004ص.149
حكيمة بومحمدي" ،اإلستشارة في التشريع المغربي" ،المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية ،العدد ،55يناير،2005ص.163
-6حكيمة بومحمدي" ،اإلستشارة في التشريع المغربي" ،المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية ،العدد ،55يناير،2005ص.163
7- Le rescrit fiscal : une prise de position opposable a l’administration sur la demande d’un contribuable relatif a l’apllication
de le régle fiscale à un sitution.
8 - Gilles Bacheler , « le rescrit fiscal », Rffp n°130-2015, p:57.
55 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي48 العدد
كما ظهرت تقنية اإلستشارة الرسمية المسبقة في المادة الضريبية منذ الثمانينات من القرن الماضي
،1 وتم إستعمال هذه المسطرة ألول مرة في النظام الضريبي الفرنسي،في النظم الضريبية المعاصرة
الذي تم سنه من أجل تحسين العالقة بين الملزم و اإلدارةAicardi2 في قانون1987 سنة
إما عن طريق التعديالت التي تطرأ على القوانين، وتطورت هذه المسطرة عبر سنوات،3الضريبية
.4 أو التعديالت التي تطرأ على كتاب المساطر الفرنسية،المالية
لتكريس،فالنمودج الفرنسي تبنى وطور مسطرة اإلستشارة الضريبية المسبقة لإلدارة الضريبية
وإقرار تحضر ضريبي محفز على االستثمار وتحسين العالقة بينهما وذلك باالستفادة من التجارب
وحتى النظام6 من قبيل النظام الضريبي األمريكي واإلنجليزي والياباني،5الفضلى في هذا المجال
الجزائي الذي كان له السبق في إعتماد اإلستشارة الضريبية المسبقة عن النظام المغربي الذي يعتبر
.7في المراحل األولى من هذه التجربة
حبيس نوع واحد لنظام االستشارات،1996 وظل النظام الضريبي الفرنسي إال حدود سنة
إذا أنه حاليا يتوفر على إستشارة ضريبية مسبقة ذات طبيعة عامة وتطبق على جميع أنواع،8القبلية
الضرائب والرسوم ،وتم التنصيص عليها في المادة /80ب ،من كتاب المساطر الضريبية الفرنسي،
وهذه المسطرة محكومة بمجموعة من الشروط واآلجال بالنسبة لالدارة والملزم ،1و أنواع أخرى
من نظام االستشارات القبلية متخصصة ،وتطبق محددة بنص القانون 2وهي:
إستشارة مسبقة تتعلق "بأثمان التحويل"3؛
لقد تم تبني هذه المسطرة كذلك في النظام المغربي"مسطرة اإلتفاق المسبق حول أثمان التحويل"،4
التي تهدف هذه المسطرة باألساس إلى تكريس األمن الضريبي وإستقرار المحيط الضريبي من
أجل تكوين ضمانات مهمة تغري المستثمرين ،خصوصا بالنسبة للشركات المتعددة الجنسية التي
تمارس نشاطها في المغرب 5وجل دول األعضاء في "منظمة التعاون والتنمية" تعمل بهذه
المسطرة ،وكان النظام الفرنسي أول من تبنى هذه المسطرة سنة ،61987وتهدف هذه المسطرة
إلى تمكين المنشأت التي لها عالقات مباشرة أو غير مباشرة بمنشأت توجد خارج المغرب ،أن
تطلب إبرام إتفاق مسبق مع االدارة الضريبية حول طريقة تحديد أثمنة العمليات.7
وفي األونة االخيرة لوحظ إهتمام بمبدأ االمن الضريبي بالمغرب من قبل االدارة الضريبية،
وهذا ما تجلى في أخر مذكرتين لوزارة االقتصاد والمالية بشأن قوانين المالية ،ففي مذكرتها الدورية
رقم 724المتعلقة باالحكام الضريبية لقانون المالية رقم 100-14لسنة المالية ،82015تتحدث
عن األمن الضريبيي وإستقرار المحيط الضريبي ،خصوصا بالنسبة للشركات المتعددة الجنسيات
57 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
التي تمارس نشاطها بالمغرب ،فيما يخص االجراءات المتعلقة بمسطرة االتفاق المسبق حول أثمان
التحويل.1
إستشارة القبلية تتعلق "بالقيمة".2
إستشارة القبلية تتعلق "بالتعسف في إستعمال الحق".3
إن اإلستشارة الضريبية القبلية بشتى أنواعها ،4من الركائز التي تكرس األمن الضريبي ،ومدخل
أساسي للقبول بالضريبة لما توفره من إستقرار في فقه االدارة .والمحيط الضريبي عامة ،وتمنح
رؤية واضحة للمستثمرين فيما يتعلق بمعالجة الضريبية المتوقعة لمشاريعهم االستثمارية ،وفي هذا
الصدد نصت المدونة العامة للضرائب لسنة ،2018على تمكين الخاضعين للضريبة من تقديم
طلب لإلدارة الضريبية للبث في النظام الضريبي المطبق على وضعيتهم الواقعية في ضوء االحكام
التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل .5ويهم هذا الطلب التركيبات القانونية و المالية التي تهم
مشاريع اإلستثمارية المزمع إنجازها ،وكذا عمليات إعادة الهيكلة المتوقعة للمنشآت ولمجموعات
الشركات ،والعمليات المزمع إنجازها بين منشآت لديها عالقة تبعية مباشرة وغير مباشرة متواجدة
بالمغرب ،وستمكن هذه المسطرة أصحاب الطلب من إستجالء موقف االدارة حول الوضعية
الواقعية ،بإستثناء الملفات التي هي في طور المراقبة أو المنازعة.6
ب) تدعيم العمل باإلستشارة الرسمية في المادة الضريبية
عند النظر بالنسبة للتجارب المغربية مع التجارب المقارنة ،خاصة فرنسا وإنجلترا ،يستشف
مدى محدودية التجربة المغربية في هذا المجال ،غير أنه من أجل فعالية هذه المسطرة ،يجب على
-1تم التنصيص على مسطرة االتفاق المسبق حول اثمان التحويل في المواد 214،234المكررة 234،المكررة مرتين،من المدونة العامة للضرائب
-2تم التنصيص عليها في المادة 18من كتاب المساطر الضريبية الفرنسي.
-3تم التنصيص عليها في المادة 64من كتاب المساطر الضريبية الفرنسي.
-4للمزيد من التفاصيل فيما يتعلق بأنواع مسطرة االستشارة الضريبية القبلية يراجع في هذا الشأن:
Guy Geste, « les évolutions du rescrit », REFP N°112-2010 , p.92 , et suivantes.
-5من أهم المستجدات التي جاء بها قانون المالية لسنة ،2018المادة 234المكررة ثالث مرات ،التي تسمح للخاضعين بطلب االستشارة الضريبية المسبقة ،و
نصت أحكام المادة السلفة الذكرعلى أنه":يمكن للخاضعين أن يطلبوا من إدارة الضر ائب أن تبث في النظام الجبائي المطبق على وضعيتهم الواقعية على ضوء
االحكام التشريعية المنصوص عليها في هذه المدونة و كذا المقتضيات الصادرة لتطبيقها .وقد عرفت بعد التعديالت بخصوص قانون المالية لسنة ،2020حيث
وسعت من المادة لتشمل حتى إعطاء إستشارة بخصوص التعسف في إستعمال الحق.
-6عرض محدد العناصر القانونية و الواقعية الملتمس من موقف االدارة بشآنها .ويجب أن يكون جواب االدارة مكتوبا ومعلال ويرسل للمعني باالمر خالل أجل ال
يتعدى ثالثة أشهر إبتداءا من تاريخ التوصل ،وفي حالة وجود نقص في العناصر االزمة فإن االدارة تدعوه الكمال الوثائق قبل إنصرام أجل الثالثة أشهر السالفة
الذكر.
58 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
"المديرية العامة للضرائب" العمل على تقوية هذه المسطرة في ضوء التجارب المقارنة النموذجية،
والعمل على تفعيل توصيات المنظمات المختصة إضافة إلى توصيات المناظرات الجبائية 1التي
تعنى بإصالح الشأن الجبائي ،2من خالل إقرار تدابير من قبيل:
-1تسهيل الولوج إلى هذه المسطرة:
حيث يجب التقليص من شروط االستفادة من هذه المسطرة ،والتوسيع من نطاق تطبيق مسطرة
اإلستشارات القبلية في النظام الضريبي المغربي ،فالنظام الضريبي الفرنسي شرع في تسهيل
الولوج إلى هذه اآللية منذ سنة .1987من حيث توسيع نطاق تطبيق هذه المسطرة ،والتقليص من
شروط االستفادة 1997هذه اآللية منذ سنة منها ،أما النظام الضريبي المغربي ،مازال يعاني من
محدودية هذه اآللية.
فمنذ الشروع في تطبيقها -فاتح دجنبر -2018في النظام الضريبي المغربي ،لم تتلقى المديرية
العامة للضرائب سوى طلبات قليلة ،وهذا ما أكده التقرير السنوي ألنشطة المديرية العامة للضرائب
لسنة .2018فيما يخص هذه اإلستشارة.
جدول توضيحي الإلستشارات الضريبية المسبقة التي قامت بها المديرية العامة للضرائب سنة .32018
- 1خصوصا مخرجات المناظرتين الثانية والثالثة التي تم عقدهما من أجل إصالح النظام الضريبي ومواكبته للتطورات التي تعرفها التشريعات الجبائية المقارنة.
- 2عموما تتجلى أهمية الشكايات و االستشارات ،في إقامة عالقة ثقة مع المرتفقين و خصوصا المستثمرين نظرا للدور الذي يلعبونه في تنمية العجلة
االقتصادية،وحددت بغض المنظمات المبادئ و التوجيهات في مجال الشكايات من بينها :المنظمة الدولية للمعايير(إيزو)،
THE INTERNATIONAL ORGANISATION FOR STANDARDISATION وباالنجليزية:
ORGANISATION INTRENATIONAL DE NORMALISATION وبالفرنسية:
ومنظمة التعاون و التنمية االقتصاديةTHE ORGANISATION FOR ECONOMIQUE COOPERTION AND DEVELOPEMEN. :
مثال بانسبة لمنظمة المعايير الدولية إيزو وفق معيار ISO 1002-2004حدد المبادئ التوجيهية لمعالم الشكاوى وهو جزء ال يتجزء من معالجة الجودة ISO
، 9000فهذا المعيار يحدد الشروط االساسية لتدبير مسلسل معالجة الشكايات بنجاح وهو يملي بهذا الصدد تسعة مبادئ أساسية توجيهية و هي-1 :الرؤية-2،
الولوجية-3،التفاعلية-4،الموضوعية-5،المصاريف-6،السرية-7،المقاربة الموجهة نحو الزبون-8،تحديد المسؤوليات-9،التحسين المستمر.
- 3التقرير السنوي حول أنشطة المديرية العامة للضرائب لسنة ،2018ص.49
59 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ما يمكن قوله عن تجربة المغرب بخصوص اإلستشارة الضريبية المسبقة ،فإن مدة ستة أشهر
على الشروع في تطبيق هذه المسطرة ،غير كافية ويصعب تقييمها ،حيث وضعت شروط يصعب
على عموم الملزمين الولوج إلى هذه المسطرة ،في المقابل سمحت باللجوء إليها في الحاالت اآلتية
على سبيل الحصر وهذا ما يوضح بأن هذه المسطرة تهم باالساس خدمة المستثمرين نظرا للدور
الكبير الذي يلعبه االستثمار في التنمية االقتصادية:
-التركيبات القانونية والمالية التي تهم مشاريع اإلستثمار المزمع إنجازها.
-إعادة الهيكلة للمنشآت ولمجموعات الشركات بالنسبة للشركات المقيمة في المغرب.
العمليات المزمع إنجازها بين منشآت متواجدة في المغرب والتي لديها عالقة تبعية مباشرة أو
غير مباشرة.1
العمليات التي من شأنها أن تشكل تعسفا في إستعمال حق يخوله القانون كما هو منصوص عليها
في المادة.V- 213 2
وبالتالي ،فالمدونة العامة للضرائب بالرغم من أنها قلصت من سهولة الولوج إلى هذه المسطرة
بالنسبة لعموم الملزمين ،فأنها في المقابل منحت كل من المقاوالت والمستثمرين آلية اللجوء إلى
هذه المسطرة من أجل دعم التنمية اإلقتصادية والتشجيع على اإلستثمار.
كما أن قانون المالية ،2020جاء بمستجد بهذا الخصوص فيما يخص العمليات التي من شأنها
أن تدخل في نطاق تطبيق طلب اإلستشارة الضريبية المسبقة حيث نجد كذلك العمليات التي من
شأنها أن تشكل تعسفا في إستعمال حق يخوله القانون كما هو منصوص عليه في المادة ،V213
وهذا في حد ذاته يعتبر تقدم ملحوظ بالنسبة للمادة 234مكررة ثالث مرات ،في إنتظار أن يتم
توسيع نطاق تطبيق هذه المادة كما هو معمول به في فرنسا.
-2تعميم مسطرة اإلستشارة الضريبية المسبقة على المستوى الترابي :
عود إلى بدء أي تجربة النظام الضريبي الفرنسي ،يتضح أنه يتم تقسيم معالجة اإلستشارات
الضريبية القبلية بين اإلدارة المركزية والالمركزية والمصالح الخارجية لإلدارة المركزية،
- 1المادة 234مكررة ثالث مرات من المدونة العامة للضرائب ،تم إدراجها بمقتضى أحكام البند IIمن المادة 8من قانون المالية لسنة . 2018
- 2تم إدراج هذه الفقرة بمقتضى البند Iمن المادة 6من قانون المالية لسنة ،)70.19( 2020من خالل الظهير الشريف رقم 1.19.125صادر في ربيع االخر
13( 1441ديسمبر .)2019
60 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
باختالف نوع اإلستشارة ،وإختالف نوع الضرائب والرسوم ،وهذا من شأنه تجويد العمل اإلداري،
وتقريب اإلدارة الضريبية من الملزم/المستثمر.
إن تعزيز الطابع الجهوي للخدمات الضريبية سيؤدي إلى بناء ثقة بين الملزم واإلدارة الضريبية،
فالنظام الضربيي المغربي مازال يحتاج لتطوير هذه اآللية سواء على المستوى المركزي
والالمركزي وخصوصا أن المغرب يسعى لتوجه نحو الجهوية المتقدمة التي تستتبعها تنمية مجالية
تساعد على إنجاح مشروع الجهوية المتقدمة ،من خالل إحداث نظام إستشارات ضريبية قبلية على
شاكلة النظم الضريبية النموذجية المعاصرة ،إضافة إلى تسهيل الولوج لها والعمل على نشرها.
فحسب تقرير" "FOUQUETالذي حمل في طياته توصيات ومقترحات لتكريس األمن
الضريبي الذي يعتبر من بين أهم الدعمات التي تجعل من التشريع الضريبي يعتبر ألية من أليات
إستقطاب وجذب االستثمارات سواء المحلية أو االجنبية أبرزها في هذا الشأن:
إحداث أنواع جديدة من نظام اإلستشارات الضريبية القبلية.
إعطاء الملزمين إمكانية الطعن في نظام االستشارات الضريبية القبلية.1
ثانيا :الرقمنة الضريبية ودورها في تحسين مناخ اإلستثمار
إن تحقيق التطلعات اإلقتصادية يحتم تحديث اإلدارة العمومية وأساليب تدبيرها ومالئمة نظامها
اإلداري بمستلزمات التنافسية واالنفتاح ،وتتوخا اإلدارة االلكترونية الضريبية في هذا اإلطار
تبسيط المساطر لمرتفقيها ،وكذا تحقيق تعاون تداخلي بين اإلدارات العمومية وبناء الثقة معهم.
تدخل اإلدارة اإللكترونية الضريبية في إطار الحكومة اإللكترونية ،وهي أوال وقبل كل شيء
نظام يعتمد على تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت من قبل اإلدارات العمومية في عالقاتها مع
المرتفقين والشركاء من القطاع العام والخاص .وقد تم إعتماد برنامج الحكومة اإللكترونية من أجل
إستغالل التكنولوجيات الحديثة كاإلعالم والتواصل إلعادة تشكيل عميق للمساطر اإلدارية حتى
تصبح أكثر فعالية وموجهة كليا لخدمة الملزمين بصفة عامة من جهة ،والمستثمرين من جهة
أخرى.
فاإلدارة اإللكترونية هي اإلنتقال من تقديم الخدمات اإلدارية بالطريقة التقليدية اليدوية إلى
الطريقة اإللكترونية ،ومن خالل ما تتيحه التكنولوجيا الحديثة من إستخدام أمثل للوقت والمال
-1أوسامة المرابط ،رسالة ماستر في القانون العام تحت عن عنوان" :االمن القانوني وإشكالية الثقة الضريبية" ،كلية أكدال بالرباط ،السنة الجامعية .2018-2017
61 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
والجهد ،وعملت وزارة االقتصاد والمالية في إطار االستراتيجية الحكومية الخاصة بتكنولوجيا
المعلومات واالتصاالت على تنزيل إستراتيجيتها الخاصة في مجال نظم المعلومات والتي يطلق
عليها إستراتيجية المالية اإللكترونية ."e-finance "1وفي إطار تفعيل إستراتيجية مالية
إلكترونية عملت المديرية العامة للضرائب على تفعيل خدمات جبائية إلكترونية سمحت للملزمين
من الولوج إلى خدمات على الخط بواسطة شبكة االنترنيت ،وتخص كل من التصريح االلكتروني
وإستخالص الضرائب " ،2"SIMPL-TAXوذلك لتحقيق هدفين:
بناء عالقة شراكة مع الملزمين/المستثمرين متسمة بالثقة.
التحول نحو إدارة إلكترونية.
وفي إطار سياسة التحديث التي تنهجها المديرية العامة للضرائب ،تم إحداث مجموعة من الخدمات
اإللكترونية التي تمكن مرتفقي هذه اإلدارة من القيام تدريجيا بإجراءاتهم اإلدارية عن بعد ،وتبعا
لذلك يشكل التصريح واألداء اإللكترونيين للضريبة ،أهم المداخل المعتمدة في هذا الورش
اإلصالحي لرقمنة المساطر الضريبية.
إن إعتماد اإلدارة اإللكترونية في تدبير المرافق العمومية بصفة عامة ،واإلدارة الضريبية بصفة
خاصة ،يتماشى مع الدور الكبير الذي يمكن أن تقوم به في تجويد وتحسين الخدمات اإلدارية
العمومية المقدمة من أجل تشجيع اإلستثمار .كما تعتبر خدمة اإلقرار واألداء اإللكترونيين
للضريبة ،إحدى أهم صور اإلدارة اإللكترونية في المادة الضريبية .وتهدف باألساس اإلدارة
اإللكترونية الضريبية من هذه الخدمة إلى تبسيط المساطر ،وتقريب اإلدارة من المستثمر الذي
يعتبر بدوره خاضع للضريبة.
أ) تبسيط المساطر الضريبية كرافعة أساسية للنهوض بمناخ األعمال بالمغرب
إن اتباع نهج اإلدارة التقليدية في التعامل مع المواطنين جعل خدماتها تتصف بالتعقيد الذي يبرز
باألساس على المستويين ،األول يتمثل في جمود المساطر اإلدارية ،فكما هو معروف أن المساطر
التي تتبعها اإلدارة المغربية في تعاملها مع الملزمين /المستثمرين ،ال تتصف بالمرونة بل تتسم
-1تهدف استراتيجية المالية االلكترونية " " e-financeإلى إدماج و حوسبة العمليات و ذلك بتوفير خدمات جيدة و مشخصنة لمستعملي االنترنيت كما ترمي إلى
تسهيل و تحسين تبا دل المعلومات مع الشركاء ،وكدا قياد المهن بوزارة االقتصاد و المالية-وزارة االقتصاد و المالية و إصالح االدارة حاليا -من أجل تسهيل أتخاد
القرار ،باإلضافة إى ضمان استمرارية العمل و الحفاظ على رصيد المعلوماتي للوزارة.
- 2مجلة المالية ،صادرة عن وزارة االقتصاد والمالية وإصالح االدارة ،عدد 32مارس ،2017ص.13
62 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
بالتعقيد والتكرار أو التداخل أو التبذير في الوقت والجهد والمال أما المستوى الثاني فيتمثل في تعدد
المصالح المرتبطة بالمسطرة الواحدة ،فقد يتطلب إنجاز معاملة معينة ،إنتقال المرتفق إلى مصالح
متعددة قد تكون متباعدة ،بغية الحصول على توقيعات عدة في وثيقة إدارية واحدة ،بالرغم من
وجود وثائق ذات حمولة متشابهة مما كان يشكل أهم االسباب التي تعرقل بدء المشاريع االستثمارية
وقد يصل االمر إلى حد النفور.
ولهذا فإن المقصود بتبسيط المساطر هو التخفيف ومن االجراءات الرامية الى الحصول على
المطلوب ،وهو ما ينسجم مع مع المفهوم الجديد للسلطة ،الذي أواله الملك محمد السادس أهمية
بالغة من خالل توجيهاته المتظمنة في الرسالة الملكية التالية" :1إن هدف اإلجراءات اإلدارية
التسهيل واليسر وليس التعقيد والتعسير ،وهو منهاج لترسيخ روح اإلستقامة والشفافية والتعجيل
في إيصال النفع للناس ...لذلك أمرنا بتبسيط اإلجراءات وتحيين النصوص االدارية وتحديث وسائل
التدبير والعمل على التوفيق المستمر بين مقتضيات اإلدارية وروح العصر التي طبعت اليوم كل
العالقات البشرية...ملحين على ضرورة إصالح أساليب التدبير وترشيده وتحسين إستغالل الميدان،
ورفع كل الحواجز عن طريق التجاوب الضروري بين المستثمر والمصالح المختصة".
وهكذا ،وإنسجاما مع التعليمات الملكية السامية تم إعتماد اإلدارة العمومية على الرقمنة والتي
تتيح مكننة المساطر اإلدارية (رخصة -شواهد -وثائق ،)...والعمل بتقنية المساطر عن بعد ،التي
تضع رهن إشارة العموم نماذج الطلبات واإلستمارات التي يجب تعبئتها بعناية للحصول على وثيقة
معينة.
في هذا الصدد ،تم إحداث الشباك اإللكتروني للمديرية العامة للضرائب في 2007بإطالق
تصاريح واألداءات المرتبطة بالضريبة على القيمة المضافة على الخط SIMPL-TVAوفي
سنة 2009إضافة التصاريح واألداءات المرتبطة بالضريبة على الشركات على الخط SIMPL-
، ISوفي سنة 2011تم إغناء الشباك االلكتروني بإدماج االجراءات المتعلقة بالتصاريح
واالداءات المتعلقة بالضريبة على الدخل .SIMPL-IRبإالضافة إلى إمكانية التصريح واالداء
على الخط 24/24و 7/7دون تحمل عناء التنقل ،ويقدم الشباك االلكتروني مجموعة من الوظائف
- 1الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في الندوة الوطنية حول"دعم األخالقيات بالمرفق العام"المنظمة من طرف وزارة الوظيفة العمومية وإصالح
االدارة،بتاريخ 29أكتوبر ،1999عبر البوابة الوطنية ، www.maroc.maتاريخ الزيارة 2020/06/02على الساعة .15:21
63 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
التي تضمن تسهيل المساطر المعمول بها وذلك بالقيام ببعض العمليات من قبل التحقق من تناسق
المعلومات والملئ المسبق لإلستمارات والمساعدة على العمليات الحسابية كما تم تسهيل وتدعيم
وتوثيق التصاريح واألداءات الماديين إلى الصيغة اإللكترونية.1
عموما فإستعمال المعلوميات يساهم في الحد من شخصنة المعامالت المادية المباشرة إلى
الصيغة اإللكترونية ما بين أعوان اإلدارة والمتعاملين من خالل التعيين األوتوماتيكي للمفتشين
وتوجه نحو إدارة جبائية عصرية تساهم في تجويد الخدمات المقدمة للزبناء وخصوصا المستثمرين
التي تساهم بشكل كبير في عملية التنمية االقتصادية.
ب) تقريب اإلدارة الضريبية من الملزمين/المستثمرين:
إن الفلسفة الرئيسية لإلدارة اإللكترونية هي نظرتها إلى اإلدارة كمصدر للخدمات لكل من
المرتفقين والشركات ،وبالتالي يكون تقريب اإلدارة من الملزمين /المستثمرين وزيادة كفاءتها في
ذلك رهين ببناء عالقة شراكة مع الملزم/المستثمر الخاضع بالضريبة ،إال أننا في النظام اإلداري
المغربي يجب اإلختيار ما بين اإلصالح الجذري واإلجراءات التجميلية ،هل نريد إدارة إلكترونية؟
أو واجهة إلكترونية؟ هناك مقاربتين لإلدارة في هذا المجال ،األولى ترتكز على تقديم خدمات
للمستعملين ومقاربة ترتكز على البحث عن إدارة أحسن ،فإذا كانت المقاربة األولى تمكن من إتاحة
إمكانية جديدة كما وكيفا ،فالثانية تعتبر جد طموحة فهي تؤسس لنمط إداري جديد ،ألن اإلدارة
المعلوماتية تبقى محايدة ،وال تمكن من حل القصور الوظيفي ،وال تمكن من تجاوز اإلختالالت
اإلدارية القائمة ،بل قد تفضي إلى تكريسها والرفع من حدتها ،إذ يتعين إصالح القصور الكامل
ومواجهة مكامن الخلل قبل تبني اإلدارة اإللكترونية بإإلضافة إلى الفجوة الرقمية ،2التي تعتبر عائقا
أمام الملزمين للولوج إلى النظام المعلوماتي ،وهذا ما قد يمس بأمنهم الضريبي ،بل قد تمس الفجوة
الرقمية بمبدأ المساواة أمام المرافق العمومية ،في ظل التكريس التدريجي عبر قوانين المالية ،لكل
من التصريح واألداء وحتى التبليغ اإللكترونيين ،حيث أن الملزمين يجب عليهم القيام بالتصريح
واألداء بالطريقة االلكترونية ،وهنا يجب التوفيق بين رقمنة اإلدارة الضريبية واألمن الضريبي
للملزمين ،ومراعاة خصوصية النظام االقتصادي واالجتماعي ،والمستوى المعرفي للملزمين في
- 1مجلة المالية ،لوزارة االقتصاد والمالية -وزارة االقتصاد والمالية وإصالح االدارة حاليا-العدد 21يناير ،2014ص.4
- 2الفجوة الرقمية ،هي الفجوة المعرفية والمعلوماتية بين البشر ،وبين من يملكون القدرة على الحصول على المعلومة ببساطة ،وبين من يحصلون عليها بمشقة،
وبين من ال يحصلون عليها إطالقا.
64 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
النظام الضريبي المغربي ،إلجتناب إنعدام مبدأ مساواة الملزمين أمام المرافق العمومية ،وصعوبة
ولوجهم لها ،وهذا ما يشكل مس بأمنهم الضريبي.
إذن ،يتحتم على اإلدارة الضريبية اليوم التوجه نحو الملزم دون أحكام مسبقة ،وأن تتوقف عن
النظر إليه كغشاش أو مناوئ محتمل .وعملها في الوقت الراهن ال يقتصر على تبسيط النظام
الضريبي ،بل يتعين تمكين الملزم من فهم توجهات اإلدارة الضريبية عبر إقرار تبادل مشترك
بينهما ،فإقرار الشفافية اإلدارية يمر بتقليص الثوتر وإرساء االنسجام مع الملزم/المستثمر ،1فاإلدارة
الضريبية اليوم ملزمة على اإلنخراط في تكريس األمن الضريبي ،من أجل ضمان نظام جبائي
متحضر يقوم على الشفافية والثقة وهذه تعتبر من أهم توصيات االونكتاد 2من خالل تقريرها الموجه
من أجل تجويد البيئة المالئمة لتشجيع االسنثمار في البلدان النامية.
ومن الضروري اليوم على اإلدارة الضريبية تحسين عالقتها وإهتمامها بمحيطها الداخلي ،وكذا
محاولة ربط جسور الثقة مع محيطها الخارجي ،إال أن التحديث يقتضي إدخال العديد من
الممارسات والعقليات حتى يتم إستيعابها من طرف الجميع ويضمن ممارسات كفيلة بتشجيع التعامل
بين االدارة والملزمين ،وخاصة بالنسبة للقطاع المقاوالتي الذي يلعب دور كبيرا في عملية التنمية
اإلقتصادية.
الفقرة الثانية :أهمية السياسة الضريبية في تحفيز المقاولة على اإلستثمار
لقد أملت الرغبة الملحة إلى الدفع بعجلة اإلقتصاد الوطني ،وضمان اإلستمرار والتوازن
اإلجتماعي إلى حماية كل القطاعات المكونة للنشاط اإلقتصادي والمالي دون تغليب أحدها على
اآلخر ،نظرا إلرتباطها ببعضها البعض ،فمن هنا تبرز ضرورة حماية المقاولة ليس فقط لدورها
في اإلنتاج والتشغيل وتنشيط الحركة التجارية والصناعية ،وإنما بإعتبارها موردا مهما لخزينة
الدولة ،فمزاولة نشاط المقاولة ،يقتضي فرض مجموعة من الضرائب عليها ،وبدون هذه األخيرة
تتوقف البرامج اإلصالحية لسياسات الدولة االقتصادية.
- 1سي محمد البقالي ،المدخل الوجيز لدراسة القانون الضريبي-مقارنة قانونية و إجتماعية-مطبعة البصيرة ،الرباط ،الطبعة االولى ،2020ص.4
-2سلسلة دراسات االونكتاد بشأن مسائل اتفاقات االستثمارات ا لدولية ،تقرير االمم المتحدة للتجارة والتنمية حول الحوافز سنة .2008
65 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ولهذا الغرض قام المشرع بتعزيز اآلليات والضمانات الهادفة إلى الحفاظ على موارد الدولة،1
حيث تغيرت الرؤية التي كان ينظر بها إتجاه المقاولة حيث عرفت تطورا مهما أماله منطق التنمية
اإلقتصادية المستديمة.
ومواكبة أيضا للطفرة اإلقتصادية التي يشهدها المغرب أصبحت الحاجة ملحة لتوفير اآلليات
الضرورية لضمان استمرارية المقاولة مع مراعاة المصالح المرتبطة بها ،وذلك باالعتماد على
تخفيف العبئ الضريبي على المقاولة من أجل تشجيعها على اإلستثمار ثم االنتاجية (أوال) ،كما
يتعين على المشرع المغربي ومن أجل تحفيز االستثمار المحلي واالجنبي التوجه نحو إبرام
إتفاقيات جبائية دولية كوسيلة للحد من اإلزدواج الضريبي (ثانيا).
أوال :العبء الضريبي ودوره في تشجيع المقاولة على االستثمار
إن المفهوم الحديث للضريبة يقوم على إعتبارها ليست فقط أحد أهم مصادر موراد الدولة بل
لكونها أحد األدوات المالية التي تمكن الدولة من التدخل في النشاط اإلقتصادي واإلجتماعي أو
السياسي لتحقيق بعض األهداف المسطرة ضمن السياسة العامة للبالد .وإنطالقا من هذا المفهوم
ال يمكن أن تجبى الضرية أو الرسم دون أن يكون لهما إنعكاسات على اإلستهالك واإلدخار
واإلنتاج واإلستثمار ،ومن ثم تعتبر الجباية أحد المتغيرات المهمة في تحقيق التوازن والتنمية
اإلقتصادية للدولة.
ويؤثر اإلقتطاع الضريبي على مختلف مظاهر الحياة اإلقتصادية وهذا ما يعبر عنه بالضغط
الضريبي ،فالضغط الضريبي يقيس القدرة التكليفية واالقتصادية التي يحدثها فرض الضريبة أو
الرسوم ،ومن تم فهو مؤشر للتقدير الكلي للجباية على مستوى اإلقتصاد الوطني ،ويعد كذلك من
أهم المؤشرات الكمية المستخدمة لتقييم مدى تأثير الضرائب على اإلستثمارات.
وتكمن أهمية مؤشر الضغط الضريبي في كونه مقياس يبحث عن اإلمكانية المتاحة لالقتطاعات
الضريبية للوصول ألكبر حصيلة جبائية ممكنة دون إحداث أضرار باالقتصاد الوطني ،وخاصة
المقاولة التي تلعب دور مهم في التنمية االقتصادية للدولة ،أي أن االخالل بهذا المقتضى يمكن أن
يخلق أثار سلبية على االستثمار.
1- YVES CHAPUT droit du redressement et de liquidation judiciares des entreprises, 2ème éd 2012-2013, P 6-7.
66 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وإذا كانت المقاوالت الخاصة العصرية تطلع بدور مهم في تحقيق التنمية االقتصادية
واالجتماعية وتحريك مجموع الطاقات التي يختزنها كل مجتمع ،بل المساهمة كذلك في تحديث
نمط االنتاج وخلق الثروات ومحاربة البطالة لذلك فإنه من الضروري على الحكومة تخفيف
الضغط الضريبي على المقاولة.
أ) تطور مفهوم العبء الضريبي
إذا كانت الضريبة بشكل عام توظف لتحقيق أهداف إقتصادية وإجتماعية فضال عن هدفها
األساسي المالي"تغطية النفقات العمومية" فإن الضغط الضريبي وسيلة أساسية لقياس حجم تدخل
الدولة وإبراز موقع الجباية داخل االقتصاد الوطني ،هذا الضغط الضريبي الذي يختلف حسب تنوع
األنظمة المالية مما يكون معه التنوع في نسبة الضغط الضريبي المقبولة وخاصة في االقتصادات
والمجتمعات المختلفة البنية.1
فمثال في ظل المالية العامة التقليدية والمحايدة ،كانت نسبة الضغط الضريبي منخفضة بالنظر
إلى الدور المحدود للدولة وللنفقات العمومية ،مما يتطلب إقتطاعات ضريبية محدودة ،غير أن
التحول في مفهوم ودور الدولة وتزايد تدخلها ووظائفها إرتبط بالضرورة باإلرتفاع المتواصل
للنفقات العمومية ،وبالتالي الزيادة في الموارد العمومية الالزمة لتغطية هذه النفقات 2وإختفاء مبدأ
حياد الضريبة وحلول مبدأ الضريبة التدخلية حيث أصبح للضربية أهداف اجتماعية وإقتصادية
باإلضافة إلى أهدافها المالية.3
ويعد الضغط الضريبي كمفهوم على أنه العالقة التي تقوم بين االقتطاع الذي يتحمله شخص
طبيعي أو معنوي أو مجموعة إجتماعية أو جماعة ترابية ،والدخل الذي يحصل عليه هذا الشخص
أو هذه المجموعة أو هذه الجماعة الترابية ،وعلى هذا األساس يرتبط الضغط الضريبي بالبنيات
السياسية واالقتصادية ،كالنظام القائم والمستوى االقتصادي ،كما يرتبط ببعض البنيات االجتماعية
كالعقلية الجماعية.
-محمد قزيبر ،واقع الضغط الجبائي بالمغرب-المجلة المغربية لإلدارة المحلية للتنمية-عدد-2008-83ص1.95
-2محمد قزيبر ،مرجع سابق ،ص .96
-3خالد الخطيب-التهرب الضريبي -مجلة جامعة دمشق-المجلد – 2000-16جامعة دمشق – كلية االقتصاد -ص. 158
67 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
كما أن الضغط الضريبي يعبر عن السياسة الضريبية وما تحدثه من تأثيرات على سلوك األفراد
و على خططهم فيما يخص اإلستهالك واإلدخار الذي يلبع دورا مهما في مبادرات اإلستثمار.
أما فيما يتعلق بتطور الضغط الضريبي في المغرب فلم يبدأ في اإلرتفاع إال مع بداية عهد اإلستقالل،
فطيلة عهد الحماية ظلت نسبة اإلقتطاع الضريبي ضعيفة جدا ،حيث تراوحت بين 7%و ،% 8
لكن بعد اإلستقالل إرتفعت هذه النسبة إلى %10و % 11على الرغم من إرتفاع النفقات العمومية
المترتبة عن األعباء الجديدة للسيادة ،فالدولة فضلت فرض نوعا من التقشف المالي بدل الزيادة في
الضغط الضريبيي.1
ولقد إعتمد المغرب مجموعة من اإلصالحات الضريبية منذ عهد اإلستقالل ،خاصة بعد
اإلحساس باألزمة المالية إنطالقا من سنة 1961على الرغم من إستقرار الضغط الضريبي بنسبة
% 11حتى سنة ،1965-1964إال أن إتساع حجم األزمة رافقه زيادة في معدالت الضرائب،
خاصة الضرائب على مواد االستهالك ،وسيزيد ارتفاع الضغط الضريبي عاما بعد آخر سنة 1972
بـ % 16و ،% 18.2وسنة ،%19.8 1974ليستمر سنة 1979ارتفاع الضغط الضريبي 2حيث
سيضطر المغرب إلى إعتماد إصالحات جبائية في الثمانينات عبر مجموعة من المخططات التي
تندرج في السياق النيوليبرالي الذي إنتهجه المغرب حيث تطرق مخطط ( )1977-1973إلى مسألة
تخفيض العبء الضريبي ،والمالحظ أنه مرتفع مقارنة مع التوقعات األصلية وذلك لبلوغه نسبة
%21عوض % 19.3المتوقعة ،كما الحظ تقرير بنك المغرب لسنة 1991ميل اإلقتطاع
الضريبي نحو اإلرتفاع منذ سنة 1986وهي السنة التي تم فيها الشروع في التطبيق التدريجي
لإلصالح الضريبي 3وإستمر الضغط الضريبي في نفس المعدل الى حدود سنة ، 42019وهو ما
يشكل عائق أمام المبادرة نحو اإلستثمار ،وال يمكن الحسم في مستوى الضعف الضريبي إال في
إطار نظرة شمولية وخاصة ضمن توزيع الضغط على أنواع الضرائب وحسب القطاعات.
ب) أساليب تخفيف العبء الضريبي لتشجيع تنافسية المقاولة
-1عبد السالم أديب-السياسة الضريبية واستراتيجية التنمية-دراسة تحليلية للنظام الجبائي المغربي ( )2000-1956افريقيا الشرق -الطبعة االولى -ص. 54
-2عبد السالم أديب-مرجع سابق -ص.54
-3محمد قزيبر-واقع الضغط الجبائي بالمغرب-مرجع سابق -ص .98
-4تقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي ،بعنوان "من أجل نظام جبائي يشكل دعامة أساسية لبناء النمودج التنموي الجديد ،إحالة ذاتية رقم ،2019/39ص.53
68 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
لقد عمل المشرع على سن مجموعة من القوانين وإتخاذ بعض الحوافز الضريبية خاصة في
مجال اإلستثمار .تهدف إلى تشجيع المقاوالت الوطنية واألجنبية على اإلستثمار ،فإنها تشكل في
نفس الوقت حدودا على المداخيل الضريبية خصوصا إذا ما إتسعت الحوافز الضريبية نحو تشجيع
اإلستثمار لتعم كافة القطاعات لكن في المقابل تستفيد الدولة عبر هذه المقتضيات من توسيع الوعاء
الضريبي بخصوص الضريبة على الدخل والحد من البطالة وحماية السلم االجتماعي .وعلى هذا
المنوال إتجه المغرب منذ بداية االستقالل إلى تشجيع نمو المقاوالت الخاصة في إطار إقتصاد
ليبرالي عبر مجموعة من مدونات اإلستثمار والتي تخول العديد من المزايا الضريبية للمستثمرين
الخواص سواء المغاربة واألجانب.1
والمغرب كسائر البلدان السائرة في طريق النمو تواجهه عدة صعوبات لتمويل اإلستثمارات
وإيجاد اإلمكانيات والرساميل والمشاريع إلنعاش إقتصاده ،وقد عمل على هذا األساس عبر سن
جملة من قوانين اإلستثمارية التي إنتهجها المغرب منذ أول قانون لإلستثمار سنة 1958وصوال
إلى قانون اإلطار بمثابة ميثاق اإلستثمار لسنة 1995باإلضافة إلى بعض التعديالت في بنوذها
من خالل قوانين مالية كل من سنة 1996و ،2 2003على جلب الرأسمال الخاص مستهدفا من
وراء ذلك خلق رأسمال وطني بإمكانه أن ينشئ قطاعا خاصا قادرا على لعب دور مهم في دعم
اإلستثمار الذي يتماشى مع النهج الليبرالي الذي إعتمده المغرب في إطار تنمية إقتصادية شاملة.3
ويعد اإلستثمار خاصة منه اإلستثمار األجنبي المباشر مصدرا مهما من مصادر التمويل في
الدول المضيفة من خالل دفع بعجلة التنمية االقتصادية ،ويتميز االستثمار األجنبي المباشر مقارنة
بوسائل التمويل الخارجي األخرى مثل المنح واإلعانات والقروض بكثير من المزايا ،فهو تمويل
غير مكلف فهو ال يولد أقساط أو فوائد كما في حالة القروض ،كذلك يترتب على نفقات اإلستثمار
األجنبي المباشر إنتقال القدرات التكنولوجية والخبرات اإلدارية والتسويقية والتي تكون الدول
النامية في أمس الحاجة إليها لتحقيق تنميتها اإلقتصادية.
69 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
كما يسعى النظام الضريبي المغربي من خالل التدابير التي يعتمدها والتي من شأنها العمل في
آن واحد على تحفيز االستثمار وتخفيف العبء الضريبي الذي يعتبر من محفزات النشاط
االقتصادي والدفع بالنظام الضريبي قدما ليصبح أكثر عدالة وإنصافا.
وبذلك تلعب التدابير الضريبية دورا مهما فهي من محددات قياس مناخ االستثمار لدى
المستثمرين حيث جاء من بين الستة عوامل التي رصدها البنك الدولي" بعنوان قضايا نظام اإلدارة
العامة ،1"2006ومن األساليب التي تساعد على تجاوز العبء الضريبي المرتفع تعمد الدولة
إلى توفير التجهيزات األساسية للحفاظ على إستمرارية المقاولة وذلك بتبني مجموعة من
التحفيزات والتدابير التي تساهم في التنمية اإلقتصادية والتشجيع على تجويد مناخ األعمال
واإلستثمار بالنسبة للمقاوالت وتتجلى هذه التدابير الضريبية في التخفيف من العبء الضريبي
وذلك عبر حزمة من اإلجراءات التي تعتبر من أهم أليات تحفيز االستثمار وتتمثل في :
۞ تخفيض سعر الضريبة على الشركات
تم تخفيض سعر الضريبة على الشركات وذلك بتحديده في 228%بالنسبة لمؤسسات االئتمان
والهيئات المعتبرة في حكمها ،و %37بالنسبة لبنك المغرب وصندوق اإليداع والتدبير وشركات
التأمين وإعادة التأمين.
كما تم إحداث سعر مخفض نسبته % 15برسم الضريبة على الشركات لفائدة المقاوالت التي
تمارس نشاطها في مناطق التسريع الصناعي نظرا ألهمية هذه المقاوالت في النسيج االقتصادي
الوطني و رغبة في تحسين مناخ األعمال.3
- 1طالبي محمد-أثر الحوافز الضريبية وسبل تفعيلها في جلب االستثمار األجنبي المباشر في الجزائر-مجلة اقتصاديات -عدد -6جامعة البليدة ،لسنة .2018
- 2تم إدراج هذه الفقرة بمقتضى البند Iمن المادة 6من قانون المالية لسنة .2020
-2تم إستبدال عبارة "شركات" بعبارة "مقاوالت" بمقتضى البند Iمن المادة 6من قانون المالية لسنة .2020
70 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وهكذا ،تم منح إعفاء تام للدخول واألرباح الناشئة عن رؤوس األموال المنقولة المحققة في إطار
مخطط االدخار في المقاولة ،شريطة االحتفاظ بها في المخطط السالف الذكر لمدة 5سنوات وأن
ال يتجاوز مبلغ الدفعات المنجزة في إطار المخطط المذكور1 2.000.000درهم.
-1تم تغيير هذه الفقرة بمقتضى البنذ Iمن المادة 6من قانون المالية لسنة .2020
-2ظهيرشريف رقم 1.15.06صادر في 29ربيع االخر 19( 1436فبراير ،)2015بتنفيذ القانون رقم 114.13المتعلق بالمقاول الذاتي.
-3لبنى حماني ،طالبة باحثة في القانون كلية الحقوق مكناس ،نظام ا لمقاول الذاتي بين القانون والواقع أي إستجابة لالهداف المسطرة ،مجلة المنازعات واالعمال.
71 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
-1المادة 6من المدونة العامة للضرائب حسب آخر تعديل وفق قانون المالية لسنة 2020رقم .70.19
-2تم إداراج هذا المقتضى بموجب المادة 3قانون المعدل 35.20للسنة المالية .2020
72 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تعد العالقات التجارية بين الدول قاصرة على تبادل المواد األولية والمعادن والسلع المصنعة ،بل
أصبحت تلك العالقات تحت تأثير ظاهرة العولمة ورهاناتها المتشابكة ،وفرضت توسيع نشاط
المقاوالت خارج حدودها الجغرافية للبحث عن أسواق جديدة لترويج منتجاتها .مما دفع جل الدول
إلى تكييف تشريعاتها في مجال االستثمار ،النقذ ،الضرائب والقوانين التجارية ،بهدف اإللغاء
التدريجي للحوافز التي قد تعترض إنتقال األشخاص ،البضائع والرساميل وجلب اإلستثمارات
وتوفير مناخ مشجع للشركات الوطنية وعبر الوطنية التي تبحث عن جنات ضريبية لجني األرباح
في هذا البلد أو ذاك.1
وتعتبر ظاهرة االزدواج الضريبي محط إهتمام الباحثين في المجالين االقتصادي والضريبي
على المستوى الدولي والداخلي ،وقد تم التنديد بها والمطالبة بإلغائها أو على األقل الحد من آثارها
ألسباب إقتصادية وخصوصا قانونية ،بحيث أن االزدواج الضريبي ينتج عنه توزيع غير عادل
للتكلفة الضريبية ما بين ملزمين يتوفرون على أنشطة خارج بلدهم وملزمين ينحصر نشاطهم
داخله ،باإلضافة إلى أنها تشكل عرقلة في وجه توسيع التجارة واالستثمارات الدولية خاصة من
طرف الشركات عبر الوطنية ومجموعة الشركات الدولية group de sociétéالتي تتدخل
خارج حدودها من خالل عدة آليات ،وتجدر اإلشارة إلى أن االتفاقيات الضريبية التي تبرمها
الدول تحد من سلطاتها في فرض الضرائب فوق ترابها ،حيث إن التعاون الدولي في المجال
الضريبي يفرض على الدول التنازل جزئيا عن تلك السيادة ،ويمكن لهذه االتفاقيات أن تكون ثنائية
أو متعددة األطراف ،كما أن بمجرد التصديق عليها تصبح سارية المفعول وتسمو على التشريع
الضريبي الداخلي وتساهم بشكل كبير على منع وتفادي حدوث إزدواج الضريبي وتشجيع على
جذب االستثمارات.2
1 - Pheuiphanh Ngaosyvathn, le rôle de l’impôt dans les pays en voie de développement ,librairie générale de droit et
jurisprudence paris,1980, p260 et suivant.
-2رشيدة سيف الدين ،سؤال اإلصالح الضريبي بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،مسلك العلوم والتقنيات الضريبية جامعة الحسن األول
بسطات ،السنة الجامعية 2012-2013ص .178
73 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
قبل الدول النامية ،نظرا للوضعية الحرجة التي كانت تعيشها إقتصاديات هذه األخيرة نتيجة للتذبذب
المستمر ألسعار الموارد النفطية .مما جعل الدول تتنبه إلى ضرورة تشجيع اإلستثمار األجنبي
كمصدر بديل للعملة الصعبة ،وكذلك من كون فعالية التي يلعبها االستثمار األجنبي كآلية لتحقيق
التنمية .ولكن في ظل تمسك الدول بسيادتها الضريبية وعدم مالءمة تشريعاتها وقوانينها الضريبية
للمستجدات اإلقتصادية العالمية ،سرعان ما إصطدمت بما يعرف بإشكالية اإلزدواج الضريبي،1
وعليه يجدر بنا توضيح مفهوم اإلزدواج الضريبي(أوال) ،أنواعه (ثانيا) ،وآثاره (ثالثا).
أوال :مفهوم اإلزدواج الضريبي:
يعرف االزدواج الضريبي لدى العديد من مختصي المالية العامة بمشكلة تعدد فرض الضريبية
على المكلف بأدائها .ففي االزدواج الضريبي يدفع المكلف بالضريبة على نفس الوعاء أكثر من
مرة ،ألكثر من إدارة ضريبية و قد يحدث االزدواج الضريبي على المستوى الداخلي أو على
المستوى الدولي.2
حاالت:3 وحسب تعريف هيأة األمم المتحدة فإن االزدواج الضريبي يتجلى في ثالث
الحالة األولى :وهي أن الشخص نفسه يخضع للضريبة على دخله وعلى ثروته بصفة عامة
من طرف كل الدول المتعاقدة.
الحالة الثانية :عندما يكون الشخص مقيما في دولة ما ويحصل على دخل أو ثروة من دولة
أخرى ،فإن الدولتين المتعاقدتين تخضعان دخله وثروته للضريبة.
الحالة الثالثة :وتتجلى عندما تخضع الدولتين الشخص الغير مقيم بها لضريبة على دخله المحصل
يملكها.4 عليه من إحدى الدولتين أو ثروة
و يترجم االزدواج الضريبي في القانون الدولي لخضوع نفس الدخل أو الربح لضريبتين أو عدة
ضرائب متشابهة أو متماثلة في دول مختلفة ،تحت تأثير قواعد اإلقليم التي تتضمنها القوانين
-1لعجال ياسمينة ،اشكالية االزدواج ااضريبي الدولي بين اآلثار السلبية وفعالية الحلول الوطنية،مقال منشور بمجلة دفاتر السياسة والقانون ،العدد الخامس عشر،
يناير 2016ص.115
-2محمد عباس حرزي ”،اقتصاديات المالية العامة" ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،الطبعة الثانية 2005ص.329
3- NATIONS UNIES, MODELLE de convention unies concernant des doubles imposition entre pays développés et pays en
développement ST/ESA/102, NEW YORK, 1980.
-4ولتوضيح هذه الحالة نضرب مثاال يتجلى في أنه عندما يحصل شخص غير مقيم على دخل قار من إحدى الدول،ويحصل على دخل من الدولة الثانية.
74 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الداخلية لهذه الدول ،1وعرفه بعضهم بأنه فرض الضريبة نفسها أكثر من مرة على المكلف نفسه
وعلى المال نفسه الخاضع للضريبة وفي المدة الزمنية نفسها.
ويالحظ أن إصطالح اإلزدواج الضريبي غير مقصور على دفع الضريبة مرتين فقط كما يفهـم
مـن تفسير كلمة " إزدواج " تفسيرا حرفيا ،وإنما يقصد بهذا االصطالح دفع المكلف للضريبة
أكثر من مرة سواء تحديد دفعها مرتين أو ثالث مرات أو أربع أو أكثر .وقد سميت هذه الحالة
باالزدواج الضريبي كونها الحالة الغالبة ،إذ يغلب أن تتحدد الضريبة مرتين.
وعليه فإن اإل زدواج الضريبي يحصل عندما تفرض أكثر من ضريبة واحدة من نوع واحد
على مصدر واحد للدخل في فترة زمنية معينة ،لذا فإن ال ازدواج إذا تعددت مصادر الدخل
وفرضت عليها أنواع مختلفة 2من الضرائب ،رغم تعدد التعاريف التي أعطيت لالزدواج
الضريبي ،إال أنه يشترط في كل منها توافر األركان اآلتية مجتمعة:
-1وحدة الشخص المكلف بالضريبة
أي يخضع نفس المكلف بالضريبة ألدائها مرتين أو أكثر ،3وبالرغم من أن األمر يبدو بسيطا
بالنسبة للشخص الطبيعي ،إال أن األراء قد تختلف في تكييف االزدواج الضريبي من عدمه بالنسبة
لألشخاص المعنويين (الشركات) الذين يتميزون بشخصية قانونية ومالية مستقلة عن شخصية
الشركاء (كشركة المساهمة مثال) ،ففي حالة فرض الضريبة على إحدى هذه الشركات باعتبارها
شخصا معنويا منفصال عن شخصية مساهميها ثم فرضت الضريبة على توزيعات هذه الشركة
لمساهميها ،ال تتوف ر ظاهرة االزدواج الضريبي من الناحية القانونية رغم وحدة المال الخاضع
للضريبة وهو ربح الشركة ،وفي الوقت نفسه يتحقق االزدواج الضريبي من الناحية االقتصادية
نظرا لتحمل المساهمين عبء الضريبتين عند تحقيق الربح وعند توزيعه.4
-2وحدة الضريبة أو الضرائب المفروضة
-1عزوز علي ،آليات ومتطلبات تفعيل التنسيق الضريبي العربي"الواقع والتحديات" ،أطروحة لنيل درجة دكتوراه علوم في العلوم االقتصادية،جامعة “حسيبة بن
بوعلي” الشلف كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير قسم :العلوم االقتصادية ،السنة الجامعية 2013/2014 :ص.61
- 2سالم محمد الشوابكة ،االزدواج الضريبي في الضرائب على الدخل و طرائق تجنبه،مقال منشور بمجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية و القانونية المجلد،21
العدد ،20ص .21
- 3خصاونة جهاد -سعيد ناصر ،مطرح الضريبة على الدخل في التشريع الضريبي األردني ،دراسة تحليليـة ،رسـالة ماجستير -الجامعة األردنية1994 ،عمان –
األردن وعصام بشور ،المالية العامة والتشريع الضريبي ،جامعـة دمـشق ،1989-1990 ،ص198.
- 4يونس احمد بطريق ،اقتصاديات المالية العامة ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر 1985ص 212أشار إليه علي عزوز مرجع سبق ذكره ،ص.64
75 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وحدة الضريبة المفروضة :أي أن تكون الضريبة التي تفرض على المكلف في المرة األولى
هي الضريبة نفسها التي تفرض على المكلف في المرة الثانية ،وهذا يعني أن المكلف يدفع أكثر
من ضريبة على مطرح أو وعاء المال نفسه الخاضع للضريبة ،على الرغم من أن الواقعة المنشئة
للضريبة هي نفسها وتحققت لمرة واحدة فقط ،أما إذا تحققت تلك الواقعة أكثر من مرة وتكررت.
تبعا لذلك فإن فرض الضريبة على المكلف أكثر من مرة أيضا فإن األمر لن يتعلق بإزدواج
ضريبي وإنما تسمى هذه الظاهرة بتكرار الضريبة ،ومثال ذلك الضرائب الجمركية فهي تفرض
عند عبور البضاعة حدود الدولة الواحدة ،فإذا عبرت البضاعة نفسها حدود ثالث أو أربع دول
فرضت عليها الضريبة الجمركية في كل دولة ،وبالتالي ال يمكن القول أننا في حالة ازدواج
ضريبي على الرغم من وحدة الوعاء الضريبي ووحدة الضريبة نفسها كون الواقعة المنشئة
للضريبة تكررت عند عبور السلعة إلقليم كل دولة ،ونظرا لصعوبة تحديد الضرائب المتشابهة أو
الضرائب من نفس النوع فقد لجأت االتفاقيات الدولية الخاصة بتجنب االزدواج الضريبي إلى
تحديد الضرائب التي تعد من نوع واحد ،كما يجب اإلشارة إلى كون أن تحديد الضرائب المتشابهة
يخضع لوجهتي نظر ،وجهة نظر قانونية ووجهة نظر إقتصادية ،فوجهة النظر القانونية تأخذ
بالتنظيم الفني والقانوني للضريبة ،فالضرائب المختلفة في تنظيمها الفني والقانوني ال تعتبر
متشابهة وبالتالي فهي ال تحقق االزدواج الضريبي ،أما وجهة النظر االقتصادية فتأخذ بالنتيجة
النهائية أي بالعبء الضريبي الذي يكون على نفس المادة الخاضعة للضريبة.1
-3وحدة المادة الخاضعة للضريبة
يقصد بوحدة المادة الخاضعة للضريبة في حالة االزدواج الضريبي أن يكون المال الخاضع
للضريبة هو نفسه في الضريبتين ،ومن تم فاختالف المال الخاضع للضريبة يؤدي إلى انتفاء
االزدواج الضريبي ،فلو فرضنا أن المكلف دفع الضريبة من دخله إلى سلطة مركزية ،وفي نفس
الوقت قام بدفع الضريبة على الدخل نفسه إلى هيئة محلية ،ففي هذه الحالة نكون أمام االزدواج
الضريبي .أما لو قام المكلف بدفع ضريبة عن عقار يملكه ومرة أخرى عن دخله من نشاط
76 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تجاري ،ومرة أخرى عن دخله أو أجرته كموظف فهنا تكون المادة الخاضعة للضريبة مختلفة
وبالتالي ال يتحقق االزدواج الضريبي.1
-4وحدة المدة المفروض عنها الضريبة
لتحقق االزدواج الضريبي يجب أن تكون المدة التي تدفع عنها الضريبة واحدة ،يعني في نفس
السنة أو نفس الدورة الضريبية ،أما مثال إذا قام شخص بنشاط تجاري في دولة معينة خالل سنة
معينة وسدد الضريبة على األرباح على تلك السنة لتلك الدولة ،ثم انتقل في السنة الموالية إلى
دولة أخرى فال يمكن الحديث في هذه الحالة عن االزدواج الضريبي.2
ثانيا :أنواع اإلزدواج الضريبي
نميز في االزدواج الضريبي من حيث المكان بين ازدواج داخلي وازدواج دولي ،ومن حيث
معيار طبيعة االزدواج إلى ازدواج ضريبي قانوني وآخر اقتصادي.
من حيث المكان -1
اإلزدواج الضريبي الداخلي :يتحقق اإلزدواج الضريبي داخليا عندما تتوافر عناصره داخل
الحدود اإلقليمية للدولة ،وهذا إذا كانت السلطات المالية التي تفرض الضرائب على الوعاء تابعة
لدولة واحدة ،أو بعبارة أخرى فإن االزدواج الضريبي الداخلي هو ذلك االزدواج الذي يتحقق
داخل إقليم الدولة الجغرافي والسياسي وذلك بتطبيق كل من السلطات المالية التابعة لهذه الدولة
ضريبة واحدة على نفس الشخص وعلى نفس الوعاء ،وعن نفس المدة الزمنية.
ويظهر هذا االزدواج بشكل واضح في الدول االتحادية ،حيث توجد سلطة االتحاد وسلطة الدول
الداخلة في االتحاد ،إذ تقوم الحكومة الفدرالية بفرض ضريبة من الضرائب ،وتقوم إحدى الواليات
بفرض الضريبة نفسها على المال نفسه العائد لشخص مقيم فيها.3
االزدواج الضريبي الدولي :يحدث نتيجة تطبيق الدول تشريعاتها الضريبية المختلفة-4التي
قد تتعدى نطاق إقليمها -وفقا لما تقتضيه مصالحها الوطنية إلى ظهور االزدواج الضريبي الدولي
77 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
بما ينطـوي عليه من زيادة العبء الضريبي نتيجة عدد مرات إخضاع الدخل أو المال للضرائب،
ومن الحد مـن الميزات المالية التي تسعى الدول في تحقيقها من وراء تشجيع االستثمارات الدولية
وتدعيم عالقاتها االقتصادية التجارية ،وذلك عندما تقوم دولتان أو اكثر بفرض الضريبة نفسها
على الوعاء نفـسه ،وتكلف بها الشخص نفسه نتيجة الختالف األسس التي تعتمد عليها الـدول
المختلفـة فـي فـرض الضريبة الواحدة.
ومثال ذلك ،قد يقيم شخص في األردن ويمتلك أسهما وسندات في المغرب ،فتقوم اإلدارة الماليـة
فـي األردن بفرض الضريبة على هذه األسهم والسندات بصفتها دولـة المـوطن التبعيـة االجتماعية
والسياسية(،وكذلك تقوم المغرب بصفتها دولة مصدر الدخل) التبعية االقتصادية بفـرض الـضريبة
على األسهم والسندات نفسها وهكذا يتحقق االزدواج الضريبي ،ويظهر جليا في الشركات المتعـددة
الجنسيات التي يمتد نشاطها إلى أكثر من دولة.1
-2حسب معيار طبيعة اإلزدواج
اإلزدواج الضريبي القانوني :يتحقق هذا االزدواج عندما تقوم الهيئات الضريبية داخل الدولة
أو لدولتين أو أكثر بفرض ضريبة من طبيعة واحدة على نفس المكلف سواء كان شخصا طبيعيا
أو معنويا بخصوص نفس الفترة الزمنية ،حيث يعتبر هذا المكلف إما مقيما في كلتا الدولتين وهنا
يكون من حق الدولتين أن تفرض ضريبة عليه فيتعرض لالزدواج الضريبي ،أو أنه مقيم في دولة
ويمارس نشاطه في دولة ألخرى ،فيتعرض لالزدواج الضريبي أيضا من طرف الدولتين دولة
الموطن و دولة المصدر.
اإلزدواج الضريبي اإلقتصادي :ينتج االزدواج الضريبي االقتصادي في حالة ما إذا تعرض
شخصين ،مختلفين لفرض الضريبة من طبيعة واحدة بخصوص نفس الدخل أو المادة الخاضعة
للضريبة ،وهذا خالل نفس الفترة الزمنية ،ويمكن مالحظة ذلك في العالقات التي تربط الشركة
األم و فروعها ،فيما يتعلق بالضريبة أو أرباح الشركات ،فقد يكون لمؤسسة ما فروع في دول
ألخرى ،فتقوم الدولة الموجود فيها كل فرع للشركة بفرض ضريبة على أرباح هذا الفرع ،و في
نفس الوقت تقوم الدولة الموجود فيها المركز الرئيسي لهذه المؤسسة بفرض الضريبة نفسها على
- 1سالم ،محمد الشوابكة"،االزدواج الضريبي في الضرائب على الدخل و طرائق تجنبه " ،مرجع سبق ذكره ،ص.25
78 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
مجموع أرباح هذه األخيرة ،فمن الناحية القانونية ال يتحقق االزدواج الضريبي النفصال شخصية
الشركة األم أو الفرع ،أما من الناحية االقتصادية فإن االزدواج الضريبي يتحقق ألن مطرح
الضريبة أو مصدرها واحد.1
ثالثا :أثار اإلزدواج الضريبي
ينتج عن اإلزدواج الضريبي بعض اآلثار السلبية التي تضر بمصلحة اقتصاد الدولة أو بالعدالة
الضريبية بين األفراد ،وتتجلى هذه اآلثار في النواحي االجتماعية واالقتصادية والمالية.
اآلثار االجتماعية :ينال االزدواج الضريبي من العدالة الضريبية التي تعتبر أحد األركان
األساسية في الضريبة ويكون ذلك بتحميل المكلف أكثر من طاقته ،ويجعل المساواة في التضحية
شعارا نظريا.2
اآلثار االقتصادية :يؤدي االزدواج الضريبي إلى عرقلة النشاط االقتصادي وتقليل حـوافز
األفراد على الرغبة في العمل واإلنتاج ،كما انه سيؤدي إلـى عرقلـة انتقـال رؤوس األمـوال
واأليدي العاملة والمبادالت التجارية والعالقات االقتصادية الدولية مما يضر بمـصالح كـل مـن
البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء .فالبلدان المتقدمة لن توظف مـدخراتها الوطنيـة فـي
االستثمارات خارجية ،والبلدان النامية لن تستطيع الحصول على األموال الالزمة والـضرورية
لتمويل مشاريعها للقيام بعملية التنمية.3
اآلثار المالية :تتمثل ظاهرة االزدواج الضريبي في فرض ضريبتين أو أكثر من النوع نفسه
على الوعاء نفسه ،فذلك يؤدي من الناحية العملية إلى تكرار إجراءات تحقق و تحصيل الضريبة
مما يدفع بالعديد من المكلفين إلى التهرب من الضريبة ،وبالتالي فإن ذلك يؤثر بصفة سلبية على
الحصيلة الضريبية المتوقعة ،ولهذا يمكن القول بأن االزدواج الضريبي سواء أكان داخليا أو
خارجيا ،مقصود أو غير مقصود تنتج عنه آثارعديدة يمكن تجنبها ،فبالنسبة لالزدواج الضريبي
الداخلي فإنه يعتبر عائقا لالستثمارات التي تخضع اإليرادات المحققة عنها ألكثر من ضريبة ،أم
79 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
االزدواج الضريبي الدولي فإنه يعرقل حركة التجارة و حرية انتقال رؤوس األموال من دولة
ألخرى.
وإذا كان اإلزدواج الضريبي الداخلي يمكن معالجته عن طريق التشريع الداخلي للدولة ،فإن
تجنـب اإلزدواج الضريبي الدولي ال يتحقق إال بإبرام اتفاقيات 1لتجنب االزدواج الضريبي الدولي.
لذا ،فإن الدول قد تنبهت على معالجة مسألة االزدواج الضريبي في ظل اقتصاد عالمي أصبح
العـالم فيه قرية صغيرة ،لما للضرائب من أهمية في التأثير في عمليـة االسـتثمار ،والتبـادل
التجـاري واإلقليمي والدولي .لذلك ونظرا لخطورة هذه الظاهرة عمد العديد من الفقهاء إلى دراسة
األسـاليب التي يمكن بواسطتها تجنب االزدواج الضريبي على الصعيدين الدولي والداخلي ،وهو
ما سيتم بحثـه في الفقرة الموالية.
ب) فعالية اإلتفاقيات الضريبية الدولية في منع اإلزدواج الضريبي وتشجيع اإلستثمار
تعتبر اإلتفاقيات الضريبية بين الدول بمثابة مواثيق دبلوماسية diplomatiques Traités
ذات طبيعة خاصة إذ أنها وثائق تقنية ومفصلة ،تسعى إلى تفادي كل حاالت االزدواج الضريبي
بين الدول وذلك من أجل بلوغ الغاية األهم وهو تشجيع اإستثمار ،كما أن التفاوض بشأنها ال يتم
من طرف دبلوماسيين بل من طرف أطر تقنية تابعة لإلدارة الضريبية نظرا لطابعها التقني.2
وعليه سنتطرق في هذه الفقرة إلى مفهوم االتفاقات الضريبية الدولية ،ومدى فعالية االتفاقيات
الضريبية وضمانات المستثمر في منع االزدواج الضريبي وتحفيز االستثمار.
أوال :أهمية اإلتفاقيات الضريبية الدولية لمنع اإلزداوج الضريبي
تمثل المعاهدات الضريبية جانبا مهما من القواعد الضريبية الدولية لكثير من البلدان ،وهناك
حاليا أكثر من 3000معاهدة ثنائية نافذة بشأن الضريبة على الدخل ،وتعتبر المعاهدات موجب
المادة 26من إتفاقية فيينا ،ملزمة للدول المتعاقدة وعلى هذه األخيرة تنفيذها بحسن النية،وهذا هو
مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ،وإذا لم يحترم بلد ما المعاهدات الضريبية التي التزم بها ،فقد تجد
البلدان األخرى أنه ليس لها مصلحة في الدخول معه في معاهدات ضريبية ،ويعتبر مبدأ المعاملة
بالمثل أساسيا في المعاهدات الضريبية ،فعلى المستوى األوروبي هناك عدة إتفاقيات أبرمها
-1وقد عمل المغرب على إبرام عدة اتفاقيات ،وذلك من أجل منع حدوث ازدواج الضريبي و تشجيع االستثمار.
- 2محمد شكيري ،القانون الضريبي المغربي ،دراسة تحليلية ونقدية ،الطبعة الثانية 2005ص.84
80 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
المغرب مع الدول األوروبية ،ونذكر من بينها اإلتفاقية الدولية بين المملكة المغربية والدولة
البلجيكية لتجنب اإلزدواج الضريبي ومنع التهرب والغش الضريبي في ميدان الضرائب على
الدخل ،الموقعة ببروكسيل في 31ماي ،2006حيث نصت في مادتها 23على طرق تفادي
اإلزدواج الضريبي في المغرب عندما يحصل مقيم بالمغرب على مداخيل تفرض عليها الضريبة
في بلجيكا طبقا لمقتضيات هذه االتفاقية ،فان المغرب يمنح على الضريبة التي يستخلصها عن
مداخيل هذا المقيم خصما يساوي مبلغ الضريبة على الدخل المؤدى في بلجيكا إال ان هذا الخصم
ال يمكنه ان يتجاوز الجزء من الضريبة على الدخل المغربي ،المحسوبة قبل الخصم والمطابقة
للمداخيل المفروضة عليها الضريبة في بلجيكا ،وعندما تكون المداخيل التي يحصل عليها مقيم
بالمغرب معفاة من الضريبة وفقا إلى مقتضى من هذه اإلتفاقية ،فإن المغرب من أجل احتساب
مبلغ الضريبة على باقي مداخيل هذا المقيم يأخذ بعين االعتبار المداخيل المعفاة في حالة بلجيكا،
ويتم تفادي االزدواح الضريبي بالطريقة االتية:
عندما يحصل مقيم في بلجيكا على مداخيل ،غير أرباح األسهم أو الفوائد أو االتاوات التي
تفرض عليها الضريبة في المغرب طبقا لمقتضيات هذه االتفاقية والتي خضعت فيه للضريبة فان
بلجيكا تعفي هذه المداخيل من الضريبة ،لكن يجوز لها عند احتساب مبلغ الضريبة على باقي
مداخيل هذا المقيم تطبيق نفس السعر كما لو ان تلك المداخيل لم تكن معفاة.
غير ان بلجيكا تعفي أيضا أرباح المقاوالت التي تفرض عليها الضريبة في المغرب طبقا
لمقتضيات االتفاقية والتي يعفيها التشريع المغربي الحالي المتعلق بالحوافز الضريبية لمدة 5
سنوات متتالية ابتداء من السنة الضربية التي أنجزت فيها اول عملية أدت الى االعفاء ،وتتخذ
السلطات المختصة في الدولتين المتعاقدتين التدابير الالزمة لتجنب االستعمال المفرط او المخالف
للمقتضيات المشار إليه أعاله.1
وأبرمت الدولة المغربية على المستوى العربي عدة إتفاقيات لتجنب اإلزدواج الضريبي ومنع
التهرب والغش الضريبيي ،منها موريتانيا ،السعودية والكويت واالمارات ...ونأخذ كنموذج
االتفاقية الموقعة بأكادير مع دولة قطر 17مارس 2006فيما يتعلق بالضريبة على الدخل. 2
81 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وقع المغرب على سلسلة من اإلتفاقيات الثنائية مع عدد كبير من الدول االفريقية الواقعة جنوب
الصحراء تهم الجانب االستثماري وتأخذ شكل اتفاقيات التجارة أو اتفاقيات لتعزيز وحماية
االستثمارات أو إتفاقيات لتجنب اإلزدواج الضريبي ،1وتعتبر اإلتفاقيات الضريبية كأداة قانونية
فعالة ليس فقط لتفادي االزدواج الضريبي على مستوى الدولي ،وإنما أيضا لمكافحة التهرب
الضريبي الدولي من خالل تبادل المعلومات الضريبية حول المكلفين بين الدول المتعاقدة
والمساعدة المتبادلة في تحصيل الضرائب.2
ثانيا :طرق تفادي اإلزدواج الضريبي نمودج االتفاقية المغربية البلجيكية
إعتمدنا من خالل االتفاقية المغربية البلجيكية بعض الطرق سواء بالنسبة للمغرب و بلجيكا التي
إعتمدت من طرفها لتجنب االزدواج الضريبيويتم على الشكبل التالي:
أوال :في حالة المغرب
-عندما يحصل مقيم بالمغرب على مداخيل تفرض عليها الضريبة في بلجيكا طبقا لمقتضيات هذه
االتفاقية ،فإن المغرب يضع على الضريبة التي يستخلصها عن مداخيل هذا المقيم خصما يساوي
مبلغ الضريبة على الدخل المغربي المحسوبة قبل الخصم والمطابقة للمداخيل المفروضة عليها
الضريبة في بلجيكا.
-عندما تكون المداخيل التي يحصل عليها مقيم بالمغرب معفاة من الضريبة في المغرب وفقا ألي
مقتضى من هذ ه االتفاقية ،فإن المغرب من أول احتساب مبلغ الضريبة مع باقي مداخيل المقيم،
يأخذ بعين اإلعتبار المداخيل المعفاة.
ثانيا :في حالة بلجيكا
عندما يحصل مقيم في بلجيكا على مداخيل غير أرباح االسهم أو الفوائد أو اإلتاوات التي تفرض
عليها الضريبة في المغرب طبقا لمقتضيات هذه االتفاقية والتي خضعت فيها الضريبة ،فإن
بلجيكا تعفي هذه المداخيل من الضريبة لكن يجوز لها عند إحتساب مبلغ الضريبة عن باقي
مداخيل المقيم تطبق نفس السعر كما لو أن تلك المداخيل لم تكن معفاة.
-1غربي فوزية :تفادي االزدواج الضريبي في إطار االتفاقيات الجبائية الدولية دراسة حالة اإلتفاقية الجبائية الجزائرية الفرنسية سنة الجامعية ،2010-2009
جامعة سكيكدة رسالة لنيل شهادة الماجيستير التخصص المالية العامة.
-2صباح نعوش ،المالية العامة للدول النامية ،مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء الطبعة األولى ،1983ص .197
82 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
غير أن بلجيكا تعفي أيضا أرباح المقاوالت التي تفرض عليها الضريبة في المغرب طبقا
لمقتضيات االتفاقية والتي يعفيها التشريع الجيائي المغربي المالي المتعلق بالحوافز الضريبية لمدة
( )5خمس سنوات متتالية ابتداءا من السنة الضريبية التي أنجزت فيها أول عملية أدت إلى االعفاء،
وتتحد السلطات المختصة في الدولتين المتعاقدتين التدابير االزمة لتجنب االستعمال المفرط.
إن أرباح األسهم التي تحصل عليها شركة مقيمة في بلجيكا من شركة مقيمة في المغرب تعفى
من الضريبة على الشركات في بلجيكا في الشروط والحدود المنصوص عليها في التشريع
الضريبي البلجيكي.
83 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
84 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
-1محمد حسيني عبد العادل ،الرقابة القضائية على قرارات الضبط اإلداري ،دار النهضة العربية ،مصر الطبعة الثانية ،1991ص .1
-2عبد العزيز يعكوبي ،القضاء الجبائي وحماية االستثمار من خالل قرارات المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) ،مطبعة األمنية بالرباط ،طبعة ،2007ص .201
85 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
يختاروا فليس معنى ذلك أن يفعلوا ما يشاؤون .1وعليه فالبعد الحمائي الذي تكفله هذه الرقابة
يتجسد في كيفية مراقبة القضاء الضريبي للمعطيات المسطرية المتعلقة بالنزاع الضريبي سواء
تعلق األمر بمسطرة المنازعة في الوعاء والتحصيل أو القضاء االستعجالي (المبحث األول)،
لنعرج بعض ذلك ونسلط الحديث عن محدودية العمل القضائي في المادة الضريبية وآفاق تسوية
المنازعات الضريبية في ضوء الوسائل البديلة (المبحث الثاني).
المبحث األول :رقابة القاضي اإلداري على أعمال االدارة الضريبية
إن القاضي اإلداري عليه أن يضمن الحماية الالزمة للمستثمرين ،وأن يصون حقوقهم في ظل
سيادة القانون ،وإذا لم يكن منصفا في ذلك عم شطط اإلدارة وإستشرى في جميع المراحل التي
تقطعها الضريبة من وعاء وتصفية وتحصيل ،الشيء الذي يجعل المستثمرين يشعرون بالحيف
والتعسف ،لذلك فال إ ستثمار بدون حماية قضائية واضحة سواء عندما يبت قاضي الموضوع في
النزاع الضريبي (المطلب األول) ،أو عندما ينعقد االختصاص بالنسبة للقضاء اإلستعجالي
(المطلب الثاني).
المطلب األول :دور قاضي الموضوع في حماية اإلستثمار
إذا كانت المنازعات الضريبية ترتبط بوجود خالف بين طرفي العالقة الضريبية بمناسبة قيام
اإل دارة الضريبية بتحديد الوعاء ضريبة أو تصفيتها أو تحصيلها ،فإن التدبير الجيد لواقع الضريبة
في التشريع المغربي يتطلب الوصول إلى توافق بين االدارة الضريبية و الملزمين/المستثمرين
حول ربط الضريبة بطريقة سليمة الشيء الذي يتطلب أن تتوافر فيه الواقعة المنشئة للضريبية،
وتقدير وعائه وتطبيق السعر المناسب المنصوص عليه قانونا ،وبعد اإلنتهاء من إجراءات هذا
الربط يتم اللجوء إلى التحصيل .وفي حالة تخلف الملزمين عن أداء الضريبة المستحقة ،تقوم
االدارة بإتباع إجراءات المتابعة والتنفيذ على أموال المتخلفين بمقتضى الطرق الخاصة
المنصوص عليها في القوانين الصادرة في هذا الشأن.2
- 1سليمان الطماوي" ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية" ،دراسة مقارنة ،الطبعة السادسة ،ص .83
- 2كريم لحرش ،المنازعات الضريبية في القانون المغربي ،ص.13:
86 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
لذلك يشكل التدخل القضائي في المنازعات الضريبية آلية أساسية إلقرار مختلف الضمانات
الممنوحة للمستثمرين نظرا للطابع الذي يلعبه اإلستثمار في التنمية اإلقتصادية والحفاظ على السلم
اإلجتماعي ،كما يجب عليه في نفس الوقت الحفاظ على المصالح المالية للدولة.1
ومن هذا المنطلق فإن القاضي اإلداري دائما يلعب دورا هاما في توفير الضمانات الالزمة لحماية
المستثمر سواء في مسطرة الوعاء(الفقرة االولى) ،ومن جهة ثانية تجدر االشارة إلى الدور
الحمائي الذي يقدمه القاضي االداري للمستثمرين في مسطرة التحصيل (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :رقابة القاضي الموضوع على مسطرة الوعاء
تعتبر مرحلة تحديد الوعاء الضريبي هي مجموع العمليات التي تتم بين اإلدارة والمواطن من
أجل تحديد الوعاء الضريبي لتصفية الضريبة من خالله ،وقد أحاطها المشرع بمجموعة من القيود
منعا لكل تعسف محتمل وتفاديا ألي مفاجأة قد تمس المركز المالي للملزم( ،)2ويقصد بالمنازعات
في الوعاء الضريبي كل النزاعات التي تثار بشأن تأسيس الضرائب والرسوم الضريبية سواء
تعلق االمر باألساس القانوني أو الواقعي لهذا التأسيس.3
فحينما ال يتم اإلتفاق على أساس فرض الضريبة بين اإلدارة الضريبية والمستثمر الخاضع
للضريبة ،أو يشعر هذا األخير بخرق حقوقه من خالل إنتهاك مسطرة فرض الضريبة والرقابة
عليها فإن المسألة تتطور ليتم التنازع بشأنها أمام إدارة الضرائب نفسها أو داخل اللجان الضريبية،
أو أمام القضاء بإعتبار أن اإلجراءات المتعلقة بالمنازعات الضريبية على مستوى فرض الضريبة
وإحتسابها يشتمل على عدة أحكام .الغاية منها تخويل الملزمين/المستثمرين ضمانات مهمة علما
بأن الهد ف المتوخى من هذه اإلجراءات هو إقرار توازن أكثر بين الواجبات المفروضة على
الخاضعين للضريبة وبين السلطة التي يخولها القانون لإلدارة(.)4
هذه السلطة ليست مطلقة وإنما مقيدة بشروط كلما أخلت بها تتعرض لجزاء بطالن اإلجراء
الممارس ،وتتم عملية فرض الضريبة بصفة أولية إستنادا إلى ما تم التصريح به من قبل الخاضعين
-1عبد المولى مموري ،مساطر المنازعات الضريبية ،حدود التوازن بين اإلدارة الضريبية وضمانات الملزم ،ص.106:
-2خالد النميلي ،مرجع سابق ،ص .135
-3هشام الوزايكي ،دور القاضي الجيائي المغربي في حماية االستثمار ،مجلة محاكمة عدد 11-12أكتوبر/دجنبر ،2016ص.153
-4عبد العالي بنبريك ،المنازعات الجبائية على مستوى فرض الضريبة وإحتسابها ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة عدد 1سنة
،1995ص .85
87 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
للضريبة تسمى بعملية الفحص الضريبي (أوال) ،وال يتم اللجوء إلى الفرض التلقائي (ثانيا) إال
إذا تقاعس الملزم عن القيام بإلتزامه القانوني.
أوال :التصريح بالضريبة
يتم ربط الضريبة بناءا على تصريح تلقائي يصدر عن المكلف بأداء الضريبة داخل آجال
قانونية محددة إ ستنادا على معطيات توفرها اإلقرارات المضمنة في التصريح في ظل النظام
اإلقراري بدل نظام الفرض التلقائي الذي كان معتمدا في السابق.1
وتتجلى أهمية التصريح بالدرجة األولى في التعبير عن رغبة المكلف في تحمل األعباء العامة
وإستعداده للمشاركة في النفع العام ،األمر الذي سيحد من تدخل اإلدارة في تحديد األساس
الضريبي ،لما يفترض فيه من وقوعه صحيحا بناءا على حسن نية الملزم/المستثمر ،لكن إذا تبين
لإلدارة من خالل البيانات المقيدة فيه ،ومقارنتها بالمعطيات المتوفرة لديها ،التدخل لتغيير األساس
()2
تتنوع بين مسطرة الفحص الضريبي الضريبي فإن المشرع قد ألزمها باتباع مساطر قانونية
(أ) ومسطرة المراجعة أو التصحيح (ب).
عرف القضاء الفرنسي مفهوم فحص المحاسبة من خالل قرار بالنيير الصادر بتاريخ
1967/3/13بأنه مراقبة صدق إقرارات الخاضع للضريبة وذلك من خالل مقارنتها مع البيانات
المحاسبية من أجل ضمان فرض عادل للضريبة.3
وفي القانون الضريبي المغربي فتعرف هذه المسطرة بأنها مجموعة من العمليات التي تقوم
بها اإلدارة الضريبية لفحص التناسق بين المداخيل المصرح بها من طرف الخاضع للضريبة من
جهة وو ضعية هذا األخير المادية من جهة أخرى ،من أجل الحفاظ على القدرة التنافسية داخل
السوق بين الملزمين.
-1جواد لعسري ،مداخلة بعنوان قراءة في المادة 247من ال مدونة العامة للضرائب على ضوء مشروع قانون المالية لسنة ،2020بالندوة الوطنية التي أقيمت
برحاب كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالمحمدية.
-2حسن العفوي" ،المناز عة الضريبية أمام القضاء بين التأسيس والتحصيل" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية" ،دراسات" ،عدد 70شتنبر -أكتوبر ،2006
ص .13
- 3أحمد رفيع ،إشكالية توازن العالقة الجبائية بين اإلدارة الضريبية والمكلف ،مرجع سابق ،ص .18
88 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وتبتدئ هذه المسطرة بتوجيه إشعار بالفحص (أوال) ،لتمر بعد ذلك لمراقبة الوثائق المحاسبية
والوجود المادي لكل المعطيات القانونية والواقعية ذات الصلة بتحديد األساس الضريبي (ثانيا).
أوال :اإلشعار بالفحص الضريبي
يعد التبليغ عماد التوجيب الضريبي وركيزته التي يستمد منها شرعيته في األحوال التي يتخلف
فيها الخاضع للضريبة عن تقديم إقراره الضريبي أو تقديمه إلقرار تنقصه المعلومات الالزمة
لربط الضريبة أو عند إقدام اإلدارة الضريبية بفحص محاسبة الخاضع للضريبة أو بمناسبة
مراجعتها إلقراره(.)1
وفي نفس السياق تنص المادة 212من المدونة العامة للضرائب على ضرورة قيام اإلدارة
الجضريبية بإرسال إشعار إلى الملزم تخبره فيه بنيتها في فحص محاسبته في أجل ال يقل عن 15
يوما من التاريخ المحدد على أال يتجاوز حضور المفتش داخل المقاولة أجل 5ايام عمل وإال
إعتبرت المسطرة باطلة.
← ويجب أن يتضمن ذلك اإلشعار البيانات التالية:
إسم العون الفاحص ورتبته بحيث يكون على األقل في درجة مفتش مساعد
المدة التي يعنيها الفحص.
طبيعة الضرائب المعنية بالفحص.
تاريخ بداية عمليات الفحص.
ميثاق الملزم الذي يعرفه بحقوقه وواجباته.2
إن عمليات الفحص ال يمكن أن تبدأ إال بعد نهاية أجل 15يوما من تاريخ التبليغ على أال يتعدى
حضور المفتش للفحص داخل أجل 53أيام عمل ،وأي ممارسة من طرف اإلدارة تخل بهذا الشرط
تؤدي إلى بطالن مسطرة الفحص ،في هذه الحالة ال يمكن أن تقوم بهذه العملية إال بعد إرسال
إشعار جديد غير أن الفحص الجديد ال يمكنه أن يتضمن أسسا جديدة لفرض الضريبة .إال أن
- 1محمد صقلي حسيني" ،إشكالية التبليغ في الوعاء الضريبي" ،مجلة المعيار ،عدد ،31ص .41
- 2تم إحداث هذه الفقرة بمقتضى البند Iمن المادة 8من قانون المالية لسنة .2018
- 3تم إدراج هذه الفقرة بمقتضى البند Iمن المادة 7من قانون المالية لسنة .2011
89 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
اإلشكال المطروح يتمثل في مدة 15يوما ،هل يتم االحتساب من تاريخ إرسال اإلشعار أو من
تاريخ التوصل به.
وفي هذا الصدد ،ذهبت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى سابقا -محكمة النقض حاليا -وهي
تكرس هذه الضمانة التي من شأنها تمكين الملزم من تهيئ دفاعه والدفاع عن مراكزه القانونية
إزاء عملية الفحص ،إلى القول بإلغاء مسطرة فرض الضريبة إلخالل اإلدارة الضريبية بمقتضيات
تلك الضمانة ،جاء في قرارها ما يلي" :1اآلجال الفاصلة بين تاريخ التوصل باإلشعار بإجراء
التفتيش وتاريخ حضور المفتش المحقق أمام الشركة المعنية لفحص المستندات يجب أال تقل عن
15يوما وإن العبرة في ذلك بتاريخ التوصل باإلشعار وليس بتاريخ اإلرسال لما في ذلك من
ضمانات لفائدة الملزم ليتمكن من تهيئ دفاعه".
وجاء أيضا في قرار لمحكمة النقض مايلي:
"حيث صح ما عابته الطالبة على القرار المطعون فيه ذلك أن الغاية من تقرير أجل بين توجيه
الرسالة بخصوص إجراء الفحص المحاسباتي للملزم وإجراءها فعليا هو تمكين هذا االخير من
إعداد دفاعه وعدم مباغتثه ،والطالبة أثبتت أن اإلعالم بالفحص تم التوصل به بتاريخ
2002/07/23وبداية الفحص كانت بتاريخ 2002/08/09وذلك حسب مذكرتها المؤرخة 08
يونيو 2007أمام المحكمة اإلدارية ولم تتحتفظ المطلوبة في النقض -حسب الوثائق المعروضة
عليها عند إجراء الفحص بمساس حق من حقوق الدفاع بل أذعنت طوعا وإختيارا لعلملية الفحص
المحاسباتي ولما كان األمر كذلك فإن المحكمة بإبطالها لمسطرة التحقيق للسبب أعاله تكون بذلك
لم تراعي نية المشرع من األجل المذكور أعاله مما يستلزم معه نقض القرار"2
وهذا ما حدا بالمشرع المغربي ورغبة منه في حماية االستثمار وضمان إستمرارية المقاولة
في ممارسة نشاطها كان منه أن حدد أجل 15يوما من تاريخ التبليغ على أال يتعدى حضور
- 1قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى في الملف رقم ،02/4/4/866بتاريخ 2003/1/3أورده محمد قصري"،المنازعة الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة
أمام القضاء اإلداري" ،مرجع سابق ،ص .95
- 2قرار محكمة النقض عدد ،953المؤرخ في 2012/11/29ملف إداري عدد 2011/1/4/1383 :غير منشور ،أورده عمر أزوكار في الماسطر الضريبية بين فقه
االدارة الضريبية والعمل القضائي المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،طبعة ،2016ص.43
90 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
المفتش للفحص داخل أجل 5أيام عمل ،وأي ممارسة من طرف اإلدارة تخل بهذا الشرط تؤدي
إلى بطالن مسطرة الفحص.1
وعلى سبيل المقارنة فإن التشريع الفرنسي لم يشر إلى أية مدة من هذا النوع ولكن القضاء(،)2
هو الذي قدرها وجعل ما يفصل عن تاريخ التسلم وبداية عمليات الفحص ينبغي أن يكون في حدود
ال تقل عن 6أيام كمدة معقولة إلستعداد المكلف ،مع ضرورة إرفاق اإلشعار بميثاق للملزم يوضح
له حقوقه وواجباته.
وتجدر اإلشارة إلى أن المادة 219من المدونة العامة للضرائب تؤكد على أن يتم التبليغ
بالعنوان المحدد من قبل الخاضع للضريبة في إقراراته أو عقوده أو مراسالته المدلى بها إلى
مفتش الضرائب التابع له مكان فرض الضريبة عليه ،وذلك إما برسالة مضمونة الوصول مع
إشعار بالتسلم ،أو أن يكون التسليم بواسطة المأمورين المحلفين التابعين إلدارة الضرائب أو أعوان
كتابه الضبط أو األعوان القضائيين أو بالطريقة اإلدارية ويعتبر التبليغ صحيحا إلى األشخاص
اآلتين:
إلى الملزم نفسه.
إلى ممثله القانوني.
أو إلى أحد أقاربه.
أو إلى المستخدمين عنده.
إلى أي شخص يسكن أو يعمل مع الموجهة إليه الوثيقة .وفي جميع األحوال فإنه يثبت التسليم
بشهادة تحرر في نسختين بمطبوع تقدمه اإلدارة ،وتسلم نسخة من هذه الشهادة إلى المعني باألمر
على أن تتضمن البيانات التالية:
اسم العون المبلغ وصفته.
تاريخ التبليغ.
الشخص الذي تسلم الوثيقة.
- 1تم إحداث هذه الفقرة بمقتضى البند 1من المادة 8من قانون المالية السنة ،2018رقم ،68-17ظهير شريف رقم 1.17.110صادر في ربيع اآلخر 25(1439
ديسمبر .)2017
- 2مجلس الدولة الفرنسي ،قرار بتاريخ 7أبريل ،2004أورده أحمد رفيع ،مرجع سابق ،ص .22
91 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
اإلشارة إلى رفض توقيع شهادة التبليغ ممن تسلمه أو عدم استطاعته ذلك.
توقيع الشهادة من لدن العون.
ومعلوم أنه سواء تم التبليغ أو تعذر إنجازه لزم العون توجيه الشهادة إلى مفتش الضرائب
المباشرة والرسوم التي في حكمها ،واإلشارة فيها إلى النتيجة التي آلت إليها مسطرة التبليغ ،خاصة
عند عدم إمكان االتصال بالملزم أو ممثله القانوني.1
وعليه فإذا إتضح ما سبق ذكره ،فقد أكدت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى" :2على أنه ال يكفي
توجيه اإلدارة الضريبية لإلشعار المنصوص عليه بالفصل 42من القانون رقم 30.85المتعلق
موضوعه بقيامها بالتحقق من محاسبة ما .بل ضرورة إثباتها تبليغ الخاضع للضريبة بهذا اإلشعار
خصوصا وأن هذا األخير ينفي توصله به وأن شهادة التسليم المعتمدة من لدنها مجرد صورة
شمسية لم تدل بأصلها وال يمكن التعرف من خاللها أو التأكد من توصله باإلشعار المشار إليه،
وفي ضوء ذلك يعتبر اإلشعار المذكور غير مبلغ للطاعن تبليغا قانونيا ذلك أن التبليغ بواسطة
البريد المضمون ال يكون قانونيا إال بالتوقيع أو باإلشارة إلى رفض التسليم أو التوقيع".
وفي نفس االتجاه فقد قضت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى -محكمة النقض حاليا -في قرار
لها" :3يرفض التبليغ الحاصل لحارس العمارة باعتباره ليس مستخدما لدى الملزم ،وال يسكن معه
وال يعمل عنده ،وبالتالي فالتبليغ لحارس العمارة ال يعد تبليغا قانونيا على أساس أنه ليس من بين
األشخاص الذين يصح التبليغ إليهم".
فمن خالل هذه القرارات يمكن استجالء البعد الحمائي للقاضي اإلداري للضمانات القانونية
المخولة للملزم بصفة عامة وللمستثمر بصفة خاصة ،من خالل بسط رقابته على مدى احترام
اإلدارة للمقتضيات المنظمة إلجراء التبليغ.
وفي السياق ذاته وارتباطا بأهم الضمانات المنصوص عليها خالل عملية الفحص ،نجد المادة
212من المدونة العامة للضرائب " تنص على أنه يحق للملزم االستعانة بمستشار من اختياره
92 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الشخصي ليعينه في التعامل مع المفتش المراقب لوضع حد لبعض الممارسات غير القانونية التي
كان يحتمل حدوثها ".1
ثانيا :إجراءات المراقبة الضريبية
تنص المادة 212من المدونة العامة للضرائب على أن "مدة الفحص ال يمكن أن تتجاوز ثالثة
أشهر( 2)3بالنسبة للمقاوالت التي يعادل أو يقل رقم معامالتها المصرح به عن 50مليون درهم
دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة ،وستة أشهر( 3)6بالنسبة للمنشآت التي يفوق رقم
معامالتها ذلك القدر".
ويمكن تعريف المراقبة الضريبية 4بكونها العملية التي تهدف إلى التثبت من صحة المعطيات
التي تضمنتها إقرارات الخاضع للضريبة ومدى مطابقتها لوثائقه المحاسبية.
وال يجب أن يفهم من هذا التعريف أن المراقبة الضريبية تقتصر فقط على فحص الوثائق
المحاسبية ،إذ تشمل البحث الميداني ومختلف التحريات لإلطالع على المعلومات التي توجد في
حوزة الغير مادامت قد تفيد في تحديد الدخل أو الربح الخاضع للضريبة.
وعليه يجب أن تكون الدفاتر المحاسبية 5مدعمة بمختلف اإلثباتات من فاتورات المشتريات
واألوراق المثبتة للنفقات ونسخ من الفاتورات المسلمة للزبناء أو أوراق الصندوق ،وأن تكون
خ الية من أي بياض بين السطور وأن ال تتضمن أية إضافة أو محو أو تشطيب مما قد يدفع
للتشكيك في صحة بياناتها.
وإذا تعلق األمر بمحاسبة ممسوكة بطريقة إعالمية ،فيتعين على الملزم تسهيل مهمة المفتش
بتمكينه من الولوج لهذه المحاسبة ،وتسهيل حصوله على مختلف المعطيات المتعلقة بها .وينصب
الفحص في هذه الحالة على المعالجات اإلعالمية التي أفضت إلى تكوين رقم األعمال والنتيجة
الجبائية.
1 - Lazrak(R), le contrôle et le contentieux de l’impôt au Maroc, édition la porte, 2007, P 157.
- 2تم تقليص مدة الفحص من 6إلى 3أشهر بمقتضى البند Iمن المادة 8من قانون المالية لسنة .2016
- 3تم تقليص مدة الفحص من 12إلى 6أشهر بمقتضى البند Iمن المادة 8من قانون المالية لسنة .2016
- 4القرقوري محمد ،وعاء ومنازعات الضرائب على القيمة المضافة والشركات والدخل ،طبعة ،2002ص .254
- 5طبقا للقانون رقم 9.88المتعلق بالوجبات المحاسبية ،فإن الوثائق التي يتعين مسكها وجوبا هي دفت ر اليومية ،الدفتر األستاذ ،دفتر الجرد ،كما يتعين إعداد القوائم
التركيبية عند اختتام السنة المحاسبية.
93 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
غير أن فحص المحاسبة ال يقف عند الدفاتر والوثائق المحاسبية كما سبقت اإلشارة بل يمتد
لمراقبة المخزون السلعي والتثبت من الوجود الفعلي لألصول الثابتة وغير الثابتة ،إضافة إلى
اإلطالع على ما يوجد لدى الغير المتعامل مع الملزم من وثائق المصلحة والوثائق المحاسبية التي
قد تفيد في ضبط الدخل المستحق عنه الضريبة ،وذلك للتأكد من جدية أو عدم جدية البيانات
الواردة بالمحاسبة.1
وفي نفس السياق ،تجدر اإلشارة إلى خصوصية مسطرة فحص محاسبة المقاوالت والتي تتجسد
في:
إنتقال المفتش المحقق إلى مكاتب المقاولة إلجراء تحقيق معمق على مضمون المحاسبة لمقارنته
مع مضامين التصريحات ،وكذلك معاينة النشاط المهني ووسائله واإلطالع على جميع الوثائق
الثبوتية وذلك لمدة زمنية قد تمتد ما بين 3أشهر إلى 62حسب الحجم االقتصادي للمقاولة الخاضعة
للفحص يتخللها حوار شفوي وتواجهي ما بين المحقق ومسؤولي المقاولة أو محاسبها أو
مستشارها .وبعد االنتهاء من عمليات الفحص يقوم المحقق بتبليغ نتائجه في إطار مسطرة تواجهية
أطرتها المدونة بصورة دقيقة من خالل شكليات تتجسد في تعليل وتفصيل جميع التصحيحات وفق
أجال معينة يترتب عن عدم احترامها بطالن مسطرة التصحيح برمتها.3
إشكالية صدق المحاسبة أو القوة الثبوتية للمحاسبة ،ذلك أن مسك محاسبة منتظمة وفقا
للمقتضيات المحاسبية والضريبية يعد حجة ودعامة ووسيلة "دفاع لصالح المقاولة إلثبات صحة
األسس المصرح بها".
أما إذا كانت تلك المحاسبة غير ممسوكة بصورة منتظمة وتشكو من إخالالت جسيمة مما يدفع
اإلدارة إلى الشك في صدقها وبالتالي إعادة مراقبة رقم األعمال والنتيجة الجبائية باالعتماد على
معطيات متوفرة ووثائق محاسبية إلثبات نقصان النتائج .وقد عالجت هذه المسألة المدونة العامة
94 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
في باب المساطر الضريبية ،حيث حرصت على ضرورة التقيد بالسجالت المحاسبية التي تضمن
الشفافية والصورة الصادقة.1
ومن خالل تتبع العمل القضائي بالنسبة للملفات التي كانت موضوع فحص المحاسبة بعد مرحلة
اللجن ،نسجل لجوء المحكمة في %90من الحاالت إلى تعيين خبير محسباتي لحل هذا اإلشكال.
هذا ما تم تأكيده من خالل موقف إدارية وجدة" :2حيث تقدم السيد مدير الضرائب إلى هذه
المحكمة بطلب يعرض فيه أنه في إطار الصالحيات المخولة لإلدارة قامت بفحص جبائي يشمل
إقرارات الشركة المدعى عليها المتعلقة بالضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة
برسم سنتي 98و ،99وخالل هذا الفحص تم الوقوف على عدة إخالالت تشوب الوثائق المحاسبية
للشركة ،كيفها المشرع بالخطيرة ،وهو ما يعطي الحق لإلدارة في إستبعاد المحاسبة المصرح
بها ،وإعادة تقدير األسس الضريبية بناءا على المعطيات المتوفرة.
وسعيا لتأكد المحكمة التي حصرت النزاع في معرفة نسبة إستهالك الوقود المتعلقة بتسخين
األفرنة والمنشفات المستعملة ونسبة الكسور المتعلقة باألجور الواجب تخفيضها من األساس
الضريبي الواجب إعتماده ،أمرت بإجراء خبرة في الموضوع ،حيث أجاب خبير في تقريره على
جميع النقط وأوضح بشكل جلي كيفية إحتساب مادة الوقود المستعمل في صناعة األجور وذلك
من خالل تحديده ألنواع األجور التي تنتجه الشركة وكمية الوقود الذي يحتاجه كل نوع من أنواع
األجور ،وخلص في األخير إلى نفس النسبة التي أقرتها اللجنة الوطنية".
يمكن لإلدارة الضريبية أن تباشر عملية تصحيح األساس الضريبي مباشرة بعد عملية الفحص،
كما يمكنها أن تقوم بذلك دون اللجوء إلى مسطرة الفحص أو المراقبة الضريبية 3وبهذا فأنها تعتبر
من بين االدوات التي تضمنتها المدونة العامة للضرائب لضمان إستمرارية وعدم عرقلة سير
95 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
المقاولة ،وذلك بناءا على المعطيات التي تحصل عليها من خالل إجراءات التحري والمراقبة التي
تقوم بها أو من خالل عملية فحصها للوضعية الضريبية للخاضع للضريبة.1
وتبرز أهمية هذه المسطرة في تكريس مبدأ مساهمة الملزم مع اإلدارة الضريبية في ربط
الضريبة ،له ذا قرر المشرع الضريبي مجموعة من الضوابط اآلمرة لفائدة الملزم يترتب على
عدم إحترامها بطالن عملية الربط الضريبي ،باعتبارها تنطوي على مفهوم الشفافية ،2حيث يجب
على اإلدارة الضريبية إشعار الملزم قبل مباشرة التصحيح (أوال) ومواصلة سير هذه المسطرة
من طرف اإلدارة الضريبية (ثانيا).
أوال :إشعار الملزم قبل مباشرة التصحيح
تعتبر إجراءات تصحيح أسس فرض الضريبة من أهم الضمانات القانونية التي إكتنفها التشريع
الضريبي الذي عمل على تقنين هذه اإلجراءات في المادة 220من المدونة العامة للضرائب حيث
جاء فيها:
" عند ما يرتأي مفتش الضرائب تصحيح أسس فرض الضريبة يبلغ إلى الخاضعين للضريبة
وفقا إلجراءات التبليغ أسباب التصحيح المزمع القيام به وتفاصيل مبلغه فيما يخص الضريبة على
الشركات أو الضريبة العامة على الدخل أو الضريبة على القيمة المضافة ،وكذا األساس الجديد
الواجب اعتماده ،ويدعوهم إلى اإلدالء بمالحظاتهم خالل أجل الثالثين ( )30يوما التالي لتاريخ
تسلم التبليغ .في حالة عدم الجواب داخل األجل المضروب لذلك يتم وضع الواجبات التكميلية
موضع التحصيل.
أما إذا تلقى المفتش مالحظات المعنيين باألمر داخل األجل المضروب ورأى أن جميعها أو
بعضها ال يستند إلى أي أساس صحيح ،وجب عليه أن يقوم خالل أجل ال يتجاوز ستين ()60
يوما من تاريخ تسلم الجواب بتبليغهم وفقا لإلجراءات المتعلقة بالتبليغ أسباب رفضه الجزئي أو
الكلي وأساس فرض الضريبة الذي يرى من الواجب إعتماده ،مع إخبارهم بأن هذا األساس
سيصير نهائيا إن لم يقدموا طعنا في ذلك إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أو اللجنة الوطنية
- 1حسن العفوي" ،المنازعة الضريبية أمام القضاء بين التأسيس والتحصيل" ،مرجع سابق ،ص .15
- 2وداد ألمو ،دور القاضي الجبائي في حماية االستثمار ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام بجامعة سيدي محمد بن عبدهللا بفاس ،السنة الجامعية -2008
،2009ص.74
96 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
للنظر في الطعون الضريبية حسب رقم األعمال داخل أجل الثالثين( )30يوما التالي لتاريخ تسلم
رسالة التبليغ الثانية".
فإذا كانت مسطرة تصحيح األساس الضريبي تشكل ضمانة حقيقية لفائدة الملزم ،فإن كل إخالل
بها يؤدي إلى بطالنها ،وفي االطار يتبين الدور اإليجابي الذي يقوم به العمل القضائي في المادة
الضريبية في حماية الضمانات التي سنها القانون الضريبي للملزم في مسطرة التصحيح ،وهكذا
1
إستقر على إن كل إخالل لمسطرة تصحيح الضريبة يقضي إلى إعتبار مسطرة التصحيح باطلة
.
وهذا ما ذهبت إليه المحكمة االدارية بأكادير في حكم لها بتاريخ 2007/11/15جاء فيه
"حيث أن التابث من الرسالة الثانية الصادرة عن إدارة الضرائب أن هذه االخيرة توصلت بجواب
من الملزم عن الرسالة األولى بتاريخ ،2004/06/02وحيث أن الثابت كذلك ممن شهادة التبليغ
أن الملزم توصل بالرسالة بتاريخ ،2004/09/18أي بعد إنصرام أجل ستين يوما المذكور
أعاله ،مما يجعل مسطرة التصحيح باطلة.2
وهو نفس التوجه ذهبت إليه محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط في أحد قراراتها ،3حيث جاء
فيه"...على أنه يترتب سقوط حق االدارة في التصحيح الضريبي إذا لم يتم تبليغ نسخة فحص
المحاسبة داخل أجل أقصاه سنة تبتدئ من تاريخ إيداع التصريح بالنتيجة النهائية للتصفية حسب
ما يستفاد من المادة 42من القانون المنظم للشركات".
يتضح من خالل ما سبق أن التبليغ يعتبر ضمانة أساسية للملزم حيث يفسح له المجال للدفاع
عن مركزه القانوني والمالي في إطار المسطرة التواجهية.
وقد أكدت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء( ،)4أيضا نفس المنحى" ،حيث تقدم المدعي بطلب
يهدف إلى إسقاط الضريبة العامة على الدخل المفروضة عليه بخصوص الدخل العقاري وذلك
لسقوط حق اإلدارة في تصحيح اإلقرار ولمبالغتها في تحديد األساس الخاضع للضريبة.
- 1عمر أبو الهمز ،رسالة الماستر بعنوان المنازعات الجبائية بين االدارة الضريبية والقضاء ،بكلية القانونية واالقتصادية واالجتماعية بأكدال ،الرباط ص.58
_ 2حكم المحكمة االدارية بأكادير عدد 405/07بتاريخ 2007/11/15ملف عدد ،2007/138غير منشور.
_ 3قرار صادر عن محكمة االستئناف االدارية بالرباط بتاريخ 12/11/12تحت عدد 4355في الملف عدد .9/11/508
_ 4حكم إدارية البيضاء ،ملف عدد 2006/23غ ،بتاريخ ،2006/10/2غير منشور.
97 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وحيث أنه بموجب البند Iمن المادة 108من قانون الضريبة العامة على الدخل فإنه يمكن لمفتش
الضرائب أن يقوم بتصحيح اإلقرارات المودعة من قبل الخاضعين للضريبة الذين باعوا ممتلكات
أو حقوقا عينية عقارية ،وإذ الحظ المفتش بعد اإلطالع على اإلقرار المذكور ما يستوجب القيام
بتصحيحات أو تقدير ثمن التملك أو نفقات االستثمار غير المثبتة ،وجب عليه داخل أجل أقصاه
60يوما من تاريخ اإلدالء باإلقرار المنصوص عليه في البند Iمن المادة ،100بتبليغ الخاضع
للضريبة وفق اإلجراءات المنصوص عليها في المادة 112باألساس الجديد للضريبة وكذا أسباب
مبلغ التصحيحات المزمع القيام بها.
وحيث يتبين باإلطالع على وثائق الملف أن اإلدارة لم تعمل على احترام المسطرة المذكورة
عند تصحيحها إقرار المدعي ،مما يشكل خرقا للضمانات المخولة قانونا للملزم وحرمانا من حق
الدفاع ،األمر الذي يكون معه فرض الضريبة باطال ويتعين تبعا لذلك الحكم بإلغائها".
ثانيا :مواصلة اإلدارة الضريبية لمسطرة التصحيح الضريبي
تشكل مسطرة تصحيح الضريبة كما هي منصوص عليها في التشريع الضريبي ضمانة أساسية
للملزم لما لها من إرتباط بحقوق الدفاع المخولة له في إطار هاته المسطرة التواجهية الحضورية،1
التي تهدف إلى إقرار حقه والمتمثل في إشراكه في عملية تصحيح الوعاء الضريبي ،لمعرفة
وسائله وحججه وموقفه من األساس المنوي إعتماده في تصفية الضريبة في إطار التصحيح ،إال
أن عدم مواصلة اإلدارة الضريبية لهذه المسطرة بعد الشروع في اإلجراءات المنظمة لها يؤدي
إلى التصريح ببطالنها.
وفي هذه الصدد جاء في حكم إلدارية البيضاء" :2التي إعتمدت على قاعدة" :شروع اإلدارة
الضريبية في مسطرة تصحيح الضريبة العامة على الدخل واألرباح العقارية ،وعدم مواصلتها
لذلك رغم توصلها بجواب الملزم على رسالتها األولى يقضي ببطالنها باعتبارها مسطرة معيبة".
حيث تقدم المدعين بطلب يرمي إلى الحكم بعدم أحقية إدارة الضرائب في فرض الواجب
التكميلي على األرباح العقارية.
- 1محمد قصري" ،المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضـاء اإلداري" ،مرجـع سابق ،ص .96
- 2إدارية البيضاء ،ملف إداري رقم 2007/20ق.ش بتاريخ ،2007/4/16غير منشور.
98 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
فمن خالل وثائق الملف يتبين أن المدعين توصلوا من إدارة الضرائب برسالة مؤرخة في 11
فبراير 2005تتعلق بتحديد األساس الجديد المصحح للضريبة على الدخل ،األرباح العقارية،
وأنهم أجابوا برسالة مؤرخة في 2005/3/4متمسكين باألساس المصرح به من طرفهم ،وأنه
رغم توصل اإلدارة بالرسالة المذكورة إال أنها لم تواصل اإلجراءات المشار إليها في المادة 15
من كتاب المساطر الجبائية المحدثة بقانون المالية لسنة -2005وهي نفس اإلجراءات المنظمة
لهذه المسطرة – األمر الذي تكون معه مسطرة التصحيح المباشرة من طرفها معيبة وينبغي
التصريح ببطالنها".
وفي معرض الحديث عن مسطرة التصحيح البد من التطرق إلى مسطرة التصحيح االستعجالية
المنصوص عليها في إطار الفصل 12كتاب المساطر الجبائية وتلجأ اإلدارة إليها في حالة تفويت
مقاولة أو إنقطاعها عن مزاولة نشاطها أو تغيير شكلها القانوني إذا كان ذلك يترتب عليه إخراجها
من نطاق الضريبة أو إحداث شخص معنوي جديد في هذه الحالة تقوم اإلدارة بتصحيح الحصيلة
الخاضعة للضريبة.
واإلجراءات المنصوص عليها في مسطرة التصحيح العادية هي نفسها المقررة في مسطرة
التصحيح اإلستثنائية ،والفرق بينهما يتجلى في كون مفتش الضرائب عندما يتلقى مالحظات الملزم
داخل األجل المحدد ويرى أن جميعها أو بعضها ال يستند إلى أساس صحيح ،يفرض الضريبة
باعتبار األسس التي يرى من الواجب إعتمادها ويبلغ ذلك إلى الخاضع للضريبة مع إخباره بأن
له أن يطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة خالل الشهرين التاليين لتاريخ وضع األمر
بالتحصيل موضع التنفيذ أما في حالة مسطرة التصحيح العادية فإن المفتش يخبر الملزم بأن له أن
يطعن أمام اللجنة المحلية أو الوطنية داخل أجل شهر ،وفي هذه الحالة ال تباشر إجراءات التحصيل
واالستخالص إال بعد استنفاذ مسطرة الطعن أمام اللجان المذكورة أو عدم تقديم الطعن داخل
األجل.1
فإذا إتضح ما قيل عن أهم الضمانات التي أقرها المشرع الضريبي لفائدة الملزم بخصوص
ضرورة إحترام اإلدارة لمسطرة التصريح التلقائي ،يطرح التساؤل :أين تكمن هيمنة اإلدارة
الضريبية في حالة تقاعس هذا الملزم عن وضع تصريحه أمام مصالحها ،أو تبين لها أن محاسبته
-1خالد النميلي"،حقوق الملزم بالضريبة من خالل مدونة المساطر الجبائية" ،مرجع سابق ،ص .140
99 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تشوبها بعض األخطاء الجسيمة ،خاصة ونحن نعلم أنه نادرا ما تقر اإلدارة أن المكلف قد إحترم
كل اإلجراءات القانونية وأن وضعيته سليمة ؟
ثانيا :الفرض التلقائي للضريبة
إن األصل في تحديد المادة الضريبية في النظام المغربي يكون بصورة تلقائية بتصريح أي
بتصريح عفوي 1من ال خاضع للضريبية داخل اآلجال المحددة قانونا بإعتباره من الضمانات
3
المخولة للملزم ،2وإما كجزاء نتيجة إخالله بإحدى التزاماته .فأما الفرض التلقائي كإجراء قانوني
فإنه ال يكون سوى في بعض الحاالت القليلة ،ألن فرض الضرائب بصفة عامة في مختلف األنظمة
العالمية إ ستقر حاليا على مبدأ التصريح مع احتفاظ اإلدارة بحق المراقبة والتحقيق ،4أما الفرض
التلقائي كجزاء وهو الذي يهمنا كونه يجسد قوة اإلدارة الضريبية في مواجهة الخاضع.
وبالرجوع إلى المواد 228و 229من المدونة العامة للضرائب نجد المشرع الضريبي حدد
الحاالت التي يلجأ إليها اإلدارة الضريبية إلى الفرض الضريبي التلقائي على سبيل الحصر ،وهما
فرض الضريبة بصورة تلقائية لعدم تقديم االقرار ،5ثم فرض الضريبة بصورة تلقائية على مخالفة
األحكام المتعلقة بتقديم الوثائق المحاسبية وحق المراقبة.6
فإذا كان األصل أن تفرض الضريبة في إطار إقرار مقدم من طرف الملزم بها يضمن فيه بكل
طواعيه وإ ختيار عن رغبته في تحمل المساهمة في النفقات العامة ويشكل ذلك ضمانة فعلية
وحقيقية للملزم بالضريبة ،فإنه وفي حالة عدم تقديم هذا اإلقرار أو تقديمه ناقصا من المعطيات
الالزمة ووفق الشروط المحددة قانونا يفضي إلى تدخل إدارة الضرائب بفرض الضريبة بشكل
تلقائي.
_ 1يعتبر االقرار أو التصريح من أهم لبنات السياسة الضريبية التي تقوم على العدالة الضريبية و الرغبة في المشاركة في تحمل االعباء العامة للدولة.
_ 2قزيبر محمد ،القانون الضريبي المغربي ،مطبعة سجلماسة مكناس ،طبعة ،2018ص.102
- 3محمد شكيري" ،القانون الضريبي المغربي ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية" ،عدد 49سـنة ،2003ص .356
- 4غير أن النظام الضريبي المغربي مازال يحتفظ ببعض أوجه التقدير من طرف اإلدارة ،وهو ما يعرف بالفرض التلقائي للضريبة كإجراء قانون ،نجد ذلك على
األخص في رسم النظافة حيث يحدد وعاء الضريبة بناءا على موقع السكن داخل المنطقة الحضرية.
- 5أنظر المادة 228من المدونة العامة للضرائب.
- 6أنظر المادة 229من المدونة العامة للضرائب.
100 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ونظرا ألهمية هذه المسطرة بإعتبارها تمثل هيمنة اإلدارة الضريبية بمقتضى القانون البد من
إستدراج نقطة أساسية تتمحور حول بسط رقابة القاضي اإلداري على إجراءات هذه المسطرة
(ب) ،لكن قبل ذلك ينبغي الحديث عن أوجه الفرض التلقائي للضريبة (أ).
يتم فرض الضريبة في إطار إقرار الملزم متى إستوفى البيانات الشكلية الالزمة لربط تلك
الضريبة ،وال ينتقل عبء تحديد الضريبة من الملزم إلى اإلدارة إال إذا تخلى الملزم نفسه عن
اإلضطالع بدوره في تقديم اإلقرار كأن لم يقدمه بالمرة ،وفي هذه الحالة تلجأ اإلدارة إلى فرض
الضريبة تلقائيا نتيجة غياب التصريح (أوال) ،أو قدم إقرار تنقصه البيانات الالزمة لتحديد وعاء
الضريبة (ثانيا).
أوال :الفرض التلقائي للضريبة بناء على غياب التصريح
تفرض الضريبة بصورة تلقائية في هذه الحالة كجزاء رتبه إخالل المكلف بواجباته الضريبية،
حيث خولت مقتضيات المادة 228من المدونة العامة للضرائب لإلدارة الضريبية صالحية تحديد
أسس الضريبة بشكل أحادي.
إن نظام التصريح يلزم المكلف بوضع إقراره داخل األجل القانوني بمصالح اإلدارة الضريبية،
فإذا ما إ نتهى األجل القانوني يعتبر الملزم كأنه لم يضع التصريح وإن وضعه بعد ذلك ،ومنه
فبمجرد نهاية األجل القانوني يمكن لإلدارة الضريبية أن تباشر في وضع األسس الجديدة للضريبة
لتفرضها بصورة معقولة وفق المسطرة المعمول بها.1
وحتى إذا قدم الملزم تصريحه داخل اآلجال القانونية ،وكان ذلك التصريح غير مكتمل من حيث
النتيجة الجبائية أو من حيث العائدات واألرباح ،أو رقم األعمال بالنسبة للضريبة على الشركات،
والضريبة على الدخل ،والضريبة على القيمة المضافة ،وحقوق التسجيل ،فمثل هذه التصريحات
تعتبر الغية.2
101 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وبصفة عامة فإن غياب التصريح أو وضعه خارج اآلجال القانونية أو افتقاده إلى العناصر
األساسية التي تمكن من معرفة األسس المفروضة عليها الضريبة ،يعرض المكلف إلى فرض
الضريبة عليه تلقائيا من طرف اإلدارة ،دون إشراكه في عملية تحديد الوعاء الضريبي .وهو ما
يؤكد أن لإلدارة سلطة الجزاء والعقوبة تجاه المكلف المخالف للنصوص التشريعية والتنظيمية
تمارسها حسب المقتضيات القانونية وال يحد من سلطتها سوى القانون نفسه الذي يفرض عليها
مساطر البد من إتباعها ،فهي قبل ذلك ملزمة بتوجيه رسالة التذكيرية األولى إلى الخاضع للضريبة
تدعوه من خاللها إلى إيداع إقراره المذكور داخل أجل محدد في ثالثين ( )30يوما ،وعند عدم
تقديمه ألي جواب يتم توجيه رسالة تذكيرية ثانية بنفس الطريقة إلى الملزم عند انصرام األجل
دون قيام الخاضع للضريبة بوضع اإلقرار تكون األسس التي حددتها اإلدارة في الرسالة الثانية
موضع فرض ضريبي.
وال يكون أمامه سوى وضع طلب نزاعي أمام اإلدارة الضريبية أو طلب استعطافي إذا كان ال
ينازع في األساس .وبعد أن ترد اإلدارة على طلبه النزاعي أو تنتهي مدة 3أشهر دون أن تجيبه
يمكن له آنذاك أن يطعن في قرارها أمام القضاء اإلداري.1
وفي هذا الصدد فقد ذهب االجتهاد القضائي الفرنسي 2في نفس منحى نظيره المغربي معتبرا
كذلك أن التأخر في وضع اإلقرار كعدم وضعه ،إال أن األخذ بحالة التأخر على إطالقها لتحريك
مسطرة الفرض التلقائي يعد أمرا غير منطقي ألن من شروط اللجوء إلى مسطرة الفرض التلقائي
هو عدم وضع اإلقرار وإن تقديم اإلقرار قبل استخراج الجدول الضريبي وتحديد أساس الضريبة
يوقف مسطرة الفرض التلقائي ويكتفي في هاته الحالة بفرض الغرامات المستحقة كجزاء عن
تقديم اإلقرار بشكل متأخر سيما وأن النصوص الضريبية لم تعمل على تنظيم الحاالت المانعة من
تقديم اإلقرار في إبانه كحالة القوة القاهرة أو الحادث الفجائي ،وإن مثل هاته الموانع المادية
والقانونية يجب أن تؤخذ بعين االعتبار في تحريك مسطرة الفرض التلقائي في إطار تحقيق عدالة
جبائية.3
-1المادة 243من المدونة العامة للضرائب والتي تم تتميمها وتعديلها بموجب قانون المالية رقم .70.19
-2قرار المجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ، 1981/1/9أشار إليه محمد قصري" ،مسطرة فرض الضريبة ،أية ضمانات ،مجلة المعيار" ،عدد ،33ص .18
-3محمد قصري" ،مسطرة فرض الضريبة ،أية ضمانات" ،مرجع سابق ،ص .18
102 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
كما يتجلى دور العمل القضائي في المادة الضريبية في حماية االستثمار من خالل تمتيع
المستثمرين باالمتيازات المخولة من طرف القانون ،حيث أنه وبموجب النازلة والتي تدور حول
عدم احترام اإلدارة الضريبية للمقتضيات القانونية والتي تعفى النشاط الفالحي من الضريبة ،حيث
قامت االدارة الضريبية بإقرار الغرامات على غياب االقرار على نشاط مدر أعفاه المشرع المشرع
الضريبي أصال من التضريب.
حيث جاء في قرار لمحكمة االستئناف اإلدارية بالرباط مايلي:
"حيث تعيب المستأنفة الحكم بمجانبته الصواب ومخالفة القانون ذلك أنه خالفا لما ذهبت إليه
المحكمة مصدرته فإن الغرامة المنازع فيها واجبة التطبيق إثر إدالء الشركة المستأنف عليها
بإقرار الحصيلة الجبائية خارج األجل القانوني المنصوص عليه في المادة 27من قانون الضريبة
على الشركات عمال بمقتضيات المادة 44من نفس القانون سواء خضعت الشركة للضريبة على
الشركات أم كانت معفاة منها ،سيما وأن المادة 44االمذكورة لم تتضمن أي إستثناء لفائدة الشركات
المعفاة ،لذا تلتمس المستأنف إلغاء الحكم لكونها غير ملزمة بتقديم اإلقرار وبالتالي تبقى الغرامات
المفروضة عليها غير مبنية على أساس قانوني ويتعين إلغائها والحكم لما نحا هذا المنحى صائبا
وواجب التأييد."1
-وال تستحق الزيادات في حالة إيداع الملزم إلقرارته الضريبية داخل األجل المقرر قانونا.
الشيء الذي تظهر معه أهمية الرقابة التي يقوم بها االجتهاد القضائي في المادة الضريبية من أجل
الحد من شطط االدارة الضريبية ،وحماية المسثتمر وتمتيعه بتطبيق القوانين على الوجه األكمل.
ثانيا :الفرض التلقائي للضريبة نتيجة الفحص الضريبي
بعد أن تباشر اإلدارة الضريبية عمليات الفحص ،فإن ذلك قد يترتب عنه فرض الضريبة
بصورة تلقائية في مجموعة من الحاالت ،فحينما يرفض المكلف إحضار الوثائق المحاسبية
المطلوبة ،أو يرفض الخضوع لمسطرة المراقبة ،فإن المادة 229من المدونة العامة للضرائب
تتيح إمكانية الفرض التلقائي بعد توجيه اإلدارة رسالة إلى الملزم تحته فيها على ضرورة الخضوع
للمراقبة أو إحضار الوثائق المطلوبة في أجل 15يوما ،فإذا أصر المكلف على الرفض ترسل له
-1قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد 1582 :المؤرخ في 2012/04/16 :ملف عدد 9/09/622 :غير منشور ،ذكره عمر أزوكار ،المساطر الضريبية
بين فقه اإلدارة الضريبية والعمل القضائي المغربي ،طبعة ،2016مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،ص .39
103 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
اإلدارة رسالة ثانية وفق االجراءات المنصوص عليها في المادة 219تخبره فيها ،بتطبيق غرامة
المقررة 1إما في المادة ، I-191وتمنحه أجل إضافي جديد مدته 15يوما فإذا ما إنتهى األجل
ولم يحضر المكلف الوثائق المطلوبة أو يبرر غيابها .أو لم يقبل الخضوع لمسطرة المراقبة فإنه
يتعرض للفرض التلقائي للضريبة من دون إشعار مسبق ،ويفقد الحق في النزاع أمام اللجان
الضريبة ،وال يمكنه اللجوء إلى القضاء إال بعد سلوك مسطرة الطلب النزاعي أمام اإلدارة
الضريبية.2
وقد يحدث أن يقبل المكلف الخضوع لحق الفحص ،ويحضر الوثائق المطلوبة ،لكن المفتش
الضريبي يكتشف وجوه إخالل جسيم في المحاسبة المقدمة ،فهل يحق للمفتش في هذه الحالة فرض
ضرائب تكميلية بصورة تلقائية؟
إستنادا إلى مقتضيات المدونة العامة للضرائب ،والقوانين المحاسبية ،فإن المكلف إذا التزم
باإلجراءات القانونية في عالقته مع اإلدارة الضريبية ،فإن عبء إثبات وجود إخالالت جسيمة
بمحاسبته يبقى على عاتق اإلدارة ،ومنه فال يمكن لهذه األخيرة فرض الضريبة بصورة تلقائية،
وإنما يمكن أن تفرضها بعد ولوج مسطرة التواجهية .لذلك فإن المفتش الفاحص ينبغي أن يوجه
إلى المكلف رسالة يخبره فيها باألخطاء الموجودة في محاسبته ،والتصحيحات الجديدة المزمع
القيام بها ،فيكون على المكلف أن يرد على رسالة المفتش في أجل 30يوم يقبل كل التصحيحات
أو يرفضها كليا أو جزئيا ،فإذا لم يرد داخل األجل تفرض الضريبة عليه تلقائيا .وإذا قبل كل
التصحيحات ،فرضت الضريبة وفق األسس التي اقترحها المفتش .وإذا ما رفض كليا أو جزئيا،
فإما أن تعدل اإلدارة عن اقتراحات التعديل وهي من الحاالت النادرة( ،)3وإما أن تفرض الضريبة
حسب القبول الجزئي للخاضع ،أو يحدث أال يقتنع المفتش بتبريرات المكلف فيعزم على فرض
الضريبة وفق األسس التي يراها مناسبة ،فيرسل رسالة ثانية إلى المكلف في أجل 60يوم من
تاريخ توصله برد الخاضع ،يخبره فيها باألسس الجديدة التي ستفرض الضريبة بناءا عليها ،كما
- 1المادة 229من المدونة العامة للضرائب التي تم تعديلها قانون المالية لسنة .2020
-2المادة 235من المد ونة العامة للضرائب كما تم تتميمها وتعديلها بموجب قانون المالية لسنة ،2020والتي تنظم حق وأجل المطالبة داخل أجل 6أشهر في حالة
أداء الضريبة بصورة تلقائية ،أو في حالة فرض الضريبة عن طريق جداول أو قوائم االيرادات أو أوامر باالستخالص.
-3محمد شكيري" ،القانون الضريبي المغربي " ،مرجع سابق ،ص .287
104 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
يخبره بحقه في الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة 1أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون
الضريبية 2داخل أجل 30يوم من تاريخ التوصل برسالته(.)3
لقد أجابت مسطرة الفرض التلقائي في كل األحوال عن الموقع المتميز لإلدارة الضريبية مقارنة
مع الملزم ،األمر الذي يعكس أن القرار النهائي الذي تتخذه اإلدارة سوف يكون نافذا في مواجهة
المكلف ،وال يمكن أن يحد من القوة التنفيذية لهذا القرار سوى لجوء الملزم إلى القضاء اإلداري.
وضع النظام الضريبي ،مجموعة من الضوابط يرتكز عليها الفرض التلقائي للضريبة ،تفاديا
للتعسف في استعمال سلطة الفرض الضريبي تتمحور أساسا حول ضرورة إشعار الملزم المعني
باألمر بهذا الفرض الضريبي عبر مراحل حتى يتسنى له اإلدالء بالحجج التي تدعم رأيه.
ويؤدي تغافل اإلدارة الضريبية عن تطبيق هذه اإلجراءات إلى التصريح ببطالن قراراتها من
طرف القضاء ،وهذا ما سيتم إبرازه من خالل موقف القضاء المغربي (ثانيا) وقبل ذلك البد من
اإلشارة لموقف القضاء الفرنسي (أوال).
أوال :موقف القضاء الفرنسي
تعامل القضاء الفرنسي فيما يخص الفرض التلقائي بنوع من الصرامة النابعة من إعمال مبدأ
أسبقية الخطأ ،وكذلك من وجود مبدأ اإلختصاص المقيد لإلدارة في تطبيق هذه المسطرة.
فمبدأ أسبقية الخطأ يقوم على أساس أن الخاضع للضريبة هو الذي كان سباقا إلى الخطأ حينما
لم يقم بالتزامه القانوني ،وأن أي خطأ من جانب اإلدارة سبقه خطأ من جانب الملزم(.)4
ويمكن اإلشارة إلى بعض تجليات موقف القضاء الفرنسي من خالل ما يلي:
-1الخلل الذي قد يطال الرسالة الثانية الموجهة للخاضع للضريبة ليس من شأنه التأثير على صحة
مسطرة الفرض التلقائي للضريبة.
-1المادة 225من المدونة العامة للضرائب المعدلة بموجب قانون المالية لسنة .2020
-2المادة 226من المدونة العامة للضرائب المعدلة بموجب قانون المالية لسنة .2020
-3المادة 220من المدونة العامة للضرائب المعدلة بموجب قانون المالية لسنة .2020
- 4حسن العفوي" ،المنازعة الضريبية أمام القضاء بين التأسيس والتحصيل" ،مرجع سابق ،ص .17
105 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
-2سجن الخاضع للضريبة عند تبليغ رسالة اإلدارة لتقديم اإلقرار ،ال يشكل قوة قاهرة لتسوية
وضعيته الضريبية طالما أنه لم يقم خالل الثالثين ( )30يوما المحددة له باإلجراءات الضرورية
من أجل الحصول على الوثائق أو المعلومات الضرورية لتعبئة اإلقرار.
-3إن االجتهاد القضائي الفرنسي قد سار على أنه في جميع الحاالت التي يكون فيها عدم التوصل
بطي التبليغ أو التأخير في التوصل به ،يرجع لظروف يتحملها فقط الخاضع للضريبة ،فهذا األخير
ال يمكنه أن يرتكز على ذلك الفعل بالتقادم.
كما ذهب في نفس اإل تجاه حينما قضى بأنه إذا رحل الخاضع للضريبة وغير مسكنه أو محل
استغالله ،أو حول مقره اإلجتماعي دون أن يقوم باإلجراءات الضرورية أمام إدارة البريد من
أجل إعادة إرسال رسالته أو تسليمها لمن ينوب عنه يكون التقادم قد تم قطعه بأول رسالة موجهة
إلى العنوان الذي يضمنه في آخر إقرار له.
وفي نفس اإلتجاه عبر القانون الفرنسي عن موقفه المتشدد في حالة الفرض التلقائي حينما
وضع عبء اإلثبات على الخاضع للضريبة متى وجد في حالة الفرض التلقائي ،وتفسير ذلك أن
الضريبة المفروضة تلقائيا تنبني على فرضية الصحة وينبغي على الخاضع للضريبة أن يدحض
هذه القرينة بإثبات العكس.1
لهذا نجد المشرع الفرنسي منع الحكم بالبطالن حتى ولو خالف الشكل نص القانون ،طالما لم
يتحقق ضرر من جراء ذلك ،حيث أجاز تصحيح اإلجراء الباطل مسايرا بذلك التشريعات الحديثة
التي تهدف إلى حماية مصالح الخصوم واالكتفاء بالنظر إلى الشكل على أنه مجرد وسيلة يقصد
من ورائها تحقيق غايات محددة.
أما في المغرب فقد سار االجتهاد القضائي للمحاكم اإلدارية على التصريح ببطالن مسطرة
الفرض كلما تبين له أن الخاضع للضريبة لم يبلغ بصفة قانونية كما اعتبر رجوع رسالة البريد
بعبارة "غير مطلوب" ال تفيد التبليغ قطعا.
106 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
رتب العمل القضائي في المادة الضريبية على اإلخالل بمقتضيات مسطرة الفرض التلقائي
للضريبة البطالن إعتبارا لتعلقها بحق من حقوق الدفاع الذي يعتبر من قبيل اإلجراءات الجوهرية
اآلمرة ،تطبيقا منه لقاعدة ما بني على باطل فهو باطل ،وهذا ما أكده حكم اإلدارية بالرباط(.)1
الذي قضى بأنه في غياب توصل الملزم بالضريبة العامة على الدخل بالرسالتين التذكيريتين
المنصوص عليهما في المادة 103من القانون رقم 17/89المتعلقة بالضريبة على الدخل يجعل
الفرض التلقائي لتلك الضريبة عليه باطال .وذلك في القضية اآلتية" :فقد قام المدعي بواسطة نائبه
بتسجيل مقال لدى كتابه الضبط بتاريخ 97/11/24والمؤدى عنه الرسوم القضائية يعرض فيه
أنه أنشأ شركة فعلية بقصد إنجاز تجزئة بمدينة الجديدة ،وتسهيال لعملية البيع حصل العارض على
توكيل من شركائه ،وصرح لإلدارة الضريبية بالبيانات المتعلقة بالضريبة العامة على الدخل ،إال
أنه فوجئ بإخضاعه لمبالغ جزافية محددة من طرف اإلدارة الضريبية دون األخذ بعين االعتبار
التصريحات المودعة.
وإعتبارا لكون العارض وضع تقريراته وعلى كون قانون اإلستثمارات العقارية المعدل لسنة
1988يمنح إعفاءا من الضريبة العامة على الدخل بإقليم الجديدة بنسبة 100/100فيما يتعلق
بالتجزئات فإنه يلتمس الحكم بإلغاء قرار مديرية الضرائب والتصريح بإعفاء العارض من
الضريبة العامة على الدخل عن سنوات .94.93.92
ولقد حكمت المحكمة اإلدارية في الموضوع بإلغاء الضريبة العامة على الدخل المفروضة على
المدعى برسم سنوات 94.93.92مع تحميل مديرية الضرائب الصائر ،وذلك بناءا على الحيثيات
التالية:
" حيث أنه بعد إطالع المحكمة على وثائق الملف تبين لها أنه ليس به ما يفيد توجيه
اإلدارية الضريبية رسالة أولى إلى المدعي موصى بها مع إشعار بالتسلم تدعوه فيها إلى تتميم
إقراره داخل أجل 30يوما من تاريخ التوصل ،كما أنها لم توجه إليه رسالة ثانية موصى بها مع
اإلشعار بالتسلم تخبره باألسس التي قدرتها وستعرض عليه تلقائيا باعتبار أنه لم يتمم إقراره داخل
- 1حكم إدارية الرباط رقم 360بتاريخ 98/3/24ملف رقم 97/376غ ،أورده الحبيب العطشان ،مساهمة القاضي الضريبي المغربي في حماية اإلستثمار ،مرجع
سابق ،ص .216
107 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
أجل ثان مدته 30يوما من تاريخ تسلم الرسالة المتضمنة إخباره بذلك طبقا للمادة 103من
القانون رقم .17/89
وحيث أن هذا اإلنذار يترتب على عدم احترامه انهيار بنيان الفرض الضريبي لكون اإلدارة ال
يمكنها أن تلجأ إلى عملية الفرض التلقائي إال بعد استنفاذ مسطرة توجيه اإلنذار عن طريق
الرسالتين معا:
وحيث أنه في غياب توصل المدعي بالرسالتين المنصوص عليهما في المادة 103من القانون
أعاله والمتطلبة إلزاما صحة اإلجراءات الموالية يعدو الفرض التلقائي للضريبة "عليه باطال".
وفي نفس اإلتجاه قضت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى في قرار لها( )1بإلغاء األمر المتعلق
بالضريبة التكميلية على األرباح العقارية الموكأ إليها مستندة في ذلك على خرق اإلدارة الضريبية
للمقتضيات المنصوص عليها في المادة 103من القانون رقم 17/89المتعلق بالضريبة العامة
على الدخل.
وقد جاء في قرار المجلس األعلى( )2وهو يربط بين مسطرة التظلم ومسطرة الطعن القضائي
وتقرر بطالن مسطرة فرض الضريبة إلخالل إدارة الضرائب بضمانة حق الدفاع المخولة للملزم
في إطار مسطرة الفرض التلقائي ما يلي" :لكن حيث إن المشرع إذ كان في الفصل 47من
القانون المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة قد أوجب على الملزم بالضريبة أن يتظلم لدى
اإلدارة المختصة قبل رفع منازعته إلى القضاء ،فإن المشرع قبل ذلك أعطى للملزم حقا أساسيا
ينص عليه الفصل 28من نفس القانون ،وهو حق الدفاع المتمثل في وجوب تمكين الملزم من
التعرف على أساس الضريبة ومناقشتها قبل فرضها تلقائيا عليه"
فالفرض التلقائي إذن ال يكتسي أي طابع تواجهي( ،)3ألن تبليغ الملزم باألسس الضريبية محل
الفرض التلقائي للضريبة ليس من شأنها أن يفتح حوارا بينه وبين اإلدارة ،وهو ما تتميز به
مسطرة التصحيح ،فهي ال تدعوه إلى الموافقة أو إبداء مالحظاته بشأن األساس المقترح لفرض
الضريبة ،بل هو مجرد تذكير من اإلدارة للخاضع للضريبة بالتزاماته الضريبية عند تجاهله لها،
- 1قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد 679بتاريخ ،2008/9/10ملف إداري عدد ،2006/2/4/1346غير منشور.
- 2قرار الغرفة اإلدارية عدد 412بتاريخ ،2002/7/4ملف إداري عدد 2000/1277 -2000/299أشار إليه محمد قصري في مقاله "مسطرة فرض الضريبة،
أية ضمانات" ،مرجع سابق ،ص .17
- 3حسن العفوي ،مرجع سابق ،ص .16
108 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وأن أية محاولة من طرف الملزم لتجاهل القرار الضريبي اإلداري ،أو رفض تنفيذه سيعرضه
للتحصيل الجبري.
كما يظهر أيضا الدور الكبير الذي يلعبه العمل القضائي في الميدان الضريبي في حماية اإلستثمار
على عدة مستويات من قبيل تدخله لتطبيق القواعد الجبائية واإلجراءات الشكلية ،خصوصا أن القانون
الضريبي يتميز بدقة اإلجراءات .فمثال بالنسبة لمسطرة الفرض التلقائي للضريبة يؤدي التعسف في
مباشرتها إلى بطالنها .وهذا ما ذهبت إليه المحكمة اإلدارية بالرباط في حكم لها ،1حيث إعتبرت
فيه أن مباشرة مصلحة الوعاء الضريبي مسطرة الفرض التلقائي في مواجهة المدعي ومباشرة
إجراءات التحصيل الجبري من حجز ورهن رسمي بمناسبة هذا الفرض الضريبي رغم انتفاء
موجبات تطبيقه في ظل العجز المسجل بمحاسبة المدعي يرتب مسؤوليتها اإلدارية عن كافة
األضرار المادية والمعنوية المترتبة عن هذا الخطأ.
وجاء في حيثيات الحكم … حيث استصدر حكم نهائيا أي المدعي ببطالن مسطرة الفرض
الضريبي ،إال أن اإلدارة كانت قد تابعت إجراءات التحصيل وقامت بحجز أمالكه والتعرض على
حساباته بين يدي… مما أدى إلى شل نشاطه المتمثل في اإلنعاش والمضاربة العقاريين .
وال يقف دورالقاضي اإلداري عند هذا الحد بل يمتد إلى تحديد القانون الواجب التطبيق عندما تلجأ
اإلدارة إلى فرض الضريبة استنادا إلى قانون غير واجب التطبيق كما في حالة نسخ القانون وفق ما
ذهبت إليه المحكمة اإلدارية بوجدة في حكمها عدد 364بتارخ 30.12.2004بشأن ،ضريبة
التضامن الوطني حيث اعتبرت أنه باستلهام قصد المشرع من إلغاء ضريبة التضامن الوطني ،فإن
المشرع وهو األكثر حرصا على الحفاظ على حقوق خزينة الدولة قد اتجه إلى إلغاء ضريبة التضامن
الوطني بصفة نهائية ابتداء من فاتح يناير ،2001ولم يخول اإلدارة الجبائية حق فرضها بعد هذا
التاريخ و لو تعلق األمر بسنوات سابقة سواء من حيث فرضها ألول مرة أو من حيث تصحيحها.2
- 1حكم صادر عن إدارية الرباط رقم 441بتاريخ 7.2.2012ملف رقم ،.310.7.09تم ذكره من طرف إبراهيم أنوض" ،القاضي اإلداري بين ضرورة حماية
اإلستثمار وخصوصيات القانون الضريبي" ،منشورات مجلة المهن القانونية والقضائية ،سلسلة القضاء االداري والمنازعات االدارية ، 4/3سنة .2019
- 2محمد لمزوغي اإلصالح الضريبي وعالقته بمجال االستثمار .مجلة الودادية الحسنية للقضاة العدد 3مارس 2012ص .133
109 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
تمارس اإلجراءات الجبرية في حق الملزمين الذين يمتنعون عن تسديد ديونهم بإرادتهم داخل
المدة المحددة قانونا ،وهكذا تنص المادة 36من قانون 15/97المتعلق بمدونة تحصيل الديون
العمومية على ما يلي "ال يمكن مباشرة التحصيل الجبري إال بعد إرسال آخر إشعار للمدين بدون
صائر ،ويجب تقييد تاريخ إرسال هذا اإلشعار في جدول الضرائب والرسوم أو في سند تنفيذي
آخر ،ويعتد بهذا التقييد ما لم يطعن فيه بالزور".
- 1المادة االولى من مدونة تحصيل الديون العمومية من قانون 15.97المحدث بظهير بمقتضى ظهير شريف رقم 1.00.175بتاريخ 28محرم 1421الموافق لـ
3ماي . 2000
- 2حسن العفوي"،المنازعة الضريبية أمام القضاء بين التأسيس والتحصيل" ،مرجع سابق ،ص .22
- 3الحبيب العطشان ،مساهمة القاضي الضريبي المغربي في حماية االستثمار ،مرجع سابق ص .319
110 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
إن التحصيل الجبري ،وإن كان يمنح اإلدارة الجبائية آلية قانونية إضافية تمكنها من إخضاع
المكلف( ،)1فإن هذا اإلجراء ال يمارس إال في الحدود القانونية ،وفي ذلك ضمانة بالنسبة للمكلف
وحد نسبي من السلطة التقديرية المطلقة لإلدارة.
وعليه ينص الباب الثالث من مدونة تحصيل الديون العمومية على مراحل التحصيل الجبري،
إال أنه من خالل هذا البحث سوف يقتصر على كل من الحجز في الفقرة (أ) على أن تخصص
الفقرة (ب) لإلكراءه البدني باعتبارهما أهم مراحل هذا اإلجراء.
الحــــــجــــــز أ)
يعتبر الحجز إجراء من إجراءات المتابعة الجبرية على أموال المدين ،وهو إما أن يكون تحفظيا
أو تنفيذيا.2
فالحجز التحفظي هو إجراء يهدف إلى الحجز على أموال المدين خشية التصرف فيها بالتفويت،
مما يلحق الضرر بدائنيه ،لذا يتم وضع هذه األموال بين يدي المحاسب المكلف بالتحصيل إلى أن
يتحول لحجز تنفيذي ما لم يؤمر بغير ذلك.
فيما يهدف الحجز التنفيذي إضافة إلى حفظ أموال المدين ،إلى بيعها جبرا ليستوفي الدائن حقه
من حصيلة البيع.
ويمثل الحجز ثاني إجراء نصت عليه المدونة بعد توجيه اإلنذار وفق المادة 36من مدونة
تحصيل الديون العمومية.
فبعد توجيه اإلنذار ومرور 30يوما 3دون وفاء الملزم بالتزاماته الضريبية ،4يقوم مأموري
الخ زينة العاملين تحت إمرأة المحاسب العمومي المكلف بالحجز ،بحجز األثاث واألمتعة المنقولة
111 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
والمحاصيل والثمار التي في ملكية المكلف المعني ،وذلك بعد الحصول على ترخيص بذلك من
طرف رئيس اإلدارة التي ينتمي إليها المحاسب.
بعد حجز أموال المدين ،مع استثناء األموال المنصوص عليها في المادة 46من المدونة،
واستمراره في رفض أداء ما بذمته ،يتم تحرير محضر يصف األمتعة المحجوزة وتاريخ البيع،
وإلى ذلك الحين يتم تعيين حارس لحراسة المال المحجوز .وفي أية لحظة إذا ما قرر المكلف
المدين أداء الدين العمومي إضافة إلى صوائر الحجز ،فإن عملية الحجز تتوقف مباشرة بعد أداء
تلك المبالغ المالية.
ويمكن أن تصطدم عملية الحجز ،بتحويل المدين لعنوانه دون أن يعلن عن ذلك ،فيتعذر على
المحاسب القيام بأي حجز ،في هذه الحالة ينبغي عليه أن يحرر محضرا للتفتيش كما يمكن أن يجد
المدين في عنوانه المصرح به .ولكنه ال يمتلك أية أموال قابلة للحجز إذ يكون في وضعية العسر،
فينبغي كذلك على المحاسب أن يشير إلى ذلك في المحضر ليطلب بناءا عليه إبراء ذمته من الدين
العمومي المذكور.
لكن في أغلب الحاالت فإن المكلف المدين البد وأن يمتلك ماال قابال للحجز ،ومنه فإن إصراره
على عدم األداء سيعرض ذلك المال لعملية البيع من طرف المحاسب العمومي بعد الحجز بثمانية
أيام ،إال أنه باتفاق مع المدين يمكن تخفيض األجل حين يخشى تلف المحجوزات.1
وتعرض األشياء المحجوزة للبيع حسب الترتيب الذي يرغب فيه صراحة المدين المحجوز
عليه ويمكن بطلب منه وبترخيص من رئيس اإلدارة التابع لها المحاسب المكلف بالتحصيل أن
يبيع األمتعة المحجوزة بنفسه ،ويخول له القيام بذلك في أجل 30يوما من تاريخ الترخيص
الممنوح.
إال أنه إذا تعذر وجود أموال كافية يمكن اللجوء حسب المادة 76من مدونة تحصيل الديون
العمومية رقم ( )15/97إلى اإلكراه البدني.
اإلكــراه البـدنــي ب)
112 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
يعرف اإلكراه البدني من خالل مقتضيات مدونة التحصيل الديون العمومية بأنه ":حبس –
المدين -المحكوم عليه ،مدة معينة يحددها الحكم الصادر به طبقا لمقتضيات القانون المنظم لهذا
االجراء القهري إلجباره على أداء ما إلتزم به أو ألزمه به القضاء".1
وتم تنيظم مسطرة اإلكراه البدني بمقتضيات المواد من 76إلى 83من مدونة تحصيل الديون
العمومية ،إال ما خول للنيابة العامة بحكم دورها في تنفيذ اإلجراءات الزجرية.
إذ لم تؤدي اإلجراءات :اإلنذار ،الحجز والبيع إلى تحقيق النتيجة المطلوبة ،فإن اإلدارة
الضريبية (الخزينة العامة للمملكة) تلجأ أخيرا إلى اإلكراه البدني ،لعل ذلك يؤثر على المدين من
أجل أداء دينه ،وهي في ذلك تتمتع بصالحيات واسعة خاضعة لمراقبة القضاء الذي يوجه إليه
الطلب المتعلق باإلكراه البدني ،2فيقوم رئيس المحكمة باعتباره قاضي المستعجالت بالبت في ذلك
الطلب.
وتنص المادة 79من مدونة تحصيل الديون العمومية على مدة اإلكراه البدني حيث تتراوح
بين 15يوما و 15شهرا حسب قيمة الدين.
وقد القى تطبيق اإلكراه البدني خالفا كبيرا بين الفقه والقضاء بخصوص مشروعيته خاصة
بعد مصادقة المغرب في مارس 1979على إتفاقية نيويورك الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية و
السياسية المؤرخة في 1962/12/16والتي جاء في فصلها 11على أنه "ال يجوز سجن إنسان
3
فقط على أساس عدم قدرته على الوفاء بإلتزام تعاقدي"
وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يمكن مباشرة اإلكراه البدني حسب المادة 77من مدونة تحصيل
الديون العمومية إذا كان مبلغ الدين يقل عن 8000درهم ،أو كان سن المدين يقل عن 20سنة،
أو يتجاوز 60سنة ،أو إذا ثبت عسره ،أو إذا كان المدين امرأة حامل أو مرضعة في حدود
السنتين من تاريخ الوالدة كما ال يجوز حسب المادة 78من المدونة ممارسة اإلكراه البدني ضد
الزوج وزوجته في آن واحد من أجل ديون مختلفة.
- 1حسن الرميلي":االكراه البدني على ضوء التتشريع المغربي والمقارن" نشر البديع مراكش ،1997ص.30:
- 2ماء العينين الشيخ الكبير ،تحصيل الديون العمومية بالمغرب على ضوء القانون ،15.97مطبعة صوماديل ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2012ص.61
- 3محمد لمزوغي":التنفيذ الجبري عن طريق االكراه البدني من خالل مستجدات مدونة تحصيل الدين العمومية" ،منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية
والتنمية ،سلسلة مواضيع الساعة ،عدد ،2001-31ص .71-70
113 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وفي أية لحظة شاء فيها المدين أداء ما بذمته يمكن التوقف عن ممارسة اإلكراه البدني ،ولو
بأدائه نصف الدين والتعهد بأداء ما تبقى.
إال أن اإلكراه البدني وإن نفذ في حق المدين ،فإنه ال يسقط عنه الدين بل يظل متابعا به من
طرف خزينة المملكة.
فما يمكن التأكيد عليه أنه رغم تميز التحصيل الجبري بصفة عامة بالهيمنة القوية إلدارة
الضرائب فإنه يسجل حضور القاضي اإلداري لبسط رقابته على هذا اإلجراء لخلق نوع من
التوازن بين اإلدارة الضريبية وبين حقوق الملزم بصفة عامة والمستثمر بصفة خاصة.
ثانيا :البعد احلمائي لإلستثمار يف إطار الرقابة على مسطرة التحصيل اجلربي
قد يحدث أن يقوم القابض المكلف بتحصيل الضريبة ببعض األخطاء أثناء قيامه باستخالص
الدين الضريبي ،وهو األمر الذي يلحق ضررا بالغا بالملزم دون سبب وجيه .مما يمنح للقاضي
سلطة بسط رقابته على هذا اإلجراء والتأكد من مدى إحترام اإلدارة الضريبة للمقتضيات القانونية
المنظمة له ،تفاديا لحدوث أي خلل قد يعرقل سير هذه المسطرة وبالتالي إثارة المسؤولية اإلدارية
عن التحصيل الضريبي المعيب (أ) أو التصريح ببطالن إجراءات التحصيل الضريبي (ب).
أ) المسؤولية اإلدارية عن التحصيل الضريبي المعيب
إن أهمية الدور الحمائي للعمل القضائي في الميدان الضريبي تتجلى بشكل أخص في تقرير
المسؤولية عن الخطأ 1في التحصيل الضريبي الذي يؤدي إلى إلحاق أضرار بالغير تأسيسا على
مقتضيات الفصل 79من قانون اإللتزامات والعقود .2والشك أنه ال يكفي لتحقيق الحماية المطلوبة
الحكم بإلغاء الفرض الضريبي المعيب ،أو الحكم باسترداد المبالغ المستخلصة على غير وجه
حق ،فكل ذلك غير كاف لتصحيح األوضاع التي وقع المساس بها بل البد من جبر األضرار
المترتبة عن ذلك متى ثبت حصولها.
وفي هذا السياق قضت الغرفة اإلدارية في قرارها 3الصادر بتاريخ 2003/7/3بمسؤولية
اإلدارة عن التحصيل الضريبي المعيب.
-1عبد العزيز يعكوبي" ،القضاء الجبائي وحماية االستثمار من خـالل قرارات المجلس األعلى" ،مـرجع سابق ،ص .198
.)1913 -2قانون االلتزامات والعقود المنظم بظهير 9رمضان 1331الموافق ل ( 12أغسطس
-3قرار الغرفة اإلدارية ،عدد ،134الصادر بتاريخ ،2007/7/3أشار إليه عبد العزيز يعكوبي ،مرجع سابق ،ص .199
114 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وتتخلص معطيات هذه النازلة في كون المدعي باع شقته وصرح بهذا البيع لدى الجهة الضريبية
المختصة وأدى ما بذمته من ضرائب ،وبينما كان بفندق بالجديدة للمشاركة كعضو في مناقشة
أطروحة جامعية ،باعتباره أستاذا جامعيا ،فوجئ بإلقاء القبض عليه من طرف شرطة الجديدة بعلة
كونه مبحوثا عنه في إطار مسطرة اإلكراه البدني استنادا إلى طلب اعتقال صادر عن قباضة فاس
عين قادوس ،وظل رهن االعتقال 5أيام بعد أدائه مجموع المبالغ موضوع مسطرة اإلكراه.
وتمسكت اإلدارة في هذه القضية ،بكونها وجهت إعالمات ضريبية للمدعي لم يسلك بشأنها أي
طعن ،إلى أن وصل األمر إلى مسطرة اإلكراه البدني ،مدعية بكون تقاعسه عن لفت انتباه اإلدارة
للخطأ المحتمل هو الذي تسبب في مباشرة التحصيل عن طريق اإلكراه.
غير أن اإلدارة استبعدت هذا الدفع معتبرة "بأنه وخالفا لما جاء في أسباب االستئناف،
فالمستأنف عليه ينفي توصله باإلعالم المذكور ،وال شيء في الملف يفند عكس ذلك ،ومن جهة
أخرى فالمستأنفة تقر إقرارا تاما بما حصل للمستأنف عليه ،متذرعة بأن ذلك راجع لخطأ
الشخصي ،مما يؤكد أحقية المدعي في طلب التعويض ،وأن خطأ المرفق العام ثابت ويتمثل في
فرض الضريبة مرتين على نفس السبب رغم األداء".
وفي نفس االتجاه فقد رتبت المحكمة االدارية بالرباط في قرارها 1عن مسؤولية اإلدارة عن
التحصيل الضريبي المعيب في القضية التي تسببت فيها االدارة الضريبية والخزينة العامة للمملكة
والتي أدت إلى شل حركة المدعي الذي كان يمارس اإلستثمار في المجال العقاري.
كما أنه مما الشك فيه أن قرار االدارة عن الفرض المعيب ،والذي ألحق أضرار بالغير كما هو
معروض في القضية ،إستوجب على القاضي اإلداري فرض الحماية على المستثمر ،والشك أنه
ال يكفي لتحقيق الحماية المطلوبة الحكم بإلغاء الفرض الضريبي المعيب ،أو الحكم باسترداد المبالغ
المستخلصة على غير وجه حق ،فكل ذلك غير كاف لتصحيح األوضاع التي وقع المساس بها بل
البد من جبر األضرار المترتبة عن ذلك متى ثبت حصولها ،وهذا هو الذي لمسناه من القضية.
115 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وفي إطار التحصيل الضريبي المعيب فقد اعتبرت إدارية البيضاء 1أن قيام القابض بمباشرة
إجراءات تحصيل دين سبق إلغاء األمر باستخالصه من طرف الخازن العام للمملكة إجراء غير
مستند على أساس صحيح ويقتضي التصريح بسقوط حق الخزينة العامة في إستيفائه.
والشك أن إقرار المسؤولية اإلدارية عن الفرض اإلداري المعيب ،الذي يلحق ضررا بالغير،
كما في الحالة أعاله ،من شأنه تحقيق حماية أكبر للملزمين عموما وللمستثمرين على وجه
الخصوص ،ذلك أن الفروض الضريبية وإجراءات التحصيل المرتبطة بها غير المستندة إلى
أساس قانوني والتي تلحق أضرارا بالمستثمر يمكن أن تجعل اإلدارة المعينة موضوع مساءلة
بالتعويض.
- 1حكم صادر عن إدارية الدار البيضاء ،ملف رقم 2005/62ع ،بتاريخ ،2005/05/9غير منشور.
- 2حكم إدارية البيضاء ،ملف رقم 2006/30غ ،بتاريخ ،2006/10/23غير منشور.
116 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
المادة 36نصت على أنه ال يمكن مباشرة التحصيل الجبري إال بعد إرسال آخر إشعار للمدين
بدون صائر .وأن العارض طبقا للفصل 120من مدونة التحصيل وجه للسيد الخازن العام للمملكة
بالرباط رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل ،إال أنه لم يجب داخل األجل المنصوص عليه في
الفصل 120السابق الذكر ،لذلك يلتمس العارض الحكم بإبطال هذا اإلجراء.
وهذا ما قضت به هذه اإلدارية معللة حكمها بأنه ال يمكن للقابض مباشرة إجراءات التحصيل
إال بعد إرسال آخر إشعار للمدين بدون صائر ،ويجب تقييد تاريخ إرسال هذا اإلشعار في جدول
الضرائب والرسوم أو في أي سند تنفيذي آخر ويعتد بهذا التقييد ما لم يطعن فيه بالزور.
وحيث إنه ولئن كان المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم توجيه اإلنذار بدون صائر إلى المدين
فقد درج اجتهاد المحاكم اإلدارية على التصريح ببطالن جميع اإلجراءات الالحقة في حالة عدم
إرسال هذا اإلشعار".
وفي نفس السياق قضت إدارية البيضاء 1بسقوط حق الخازن العام في تحصيل الضريبة لعدم
سلوكه أي إجراء من اإلجراءات القاطعة للتقادم وفق مقتضيات الفصل 123من مدونة التحصيل.
وفي نفس السياق قدت إدارية الرباط ببطالن المسطرة و ذلك بسبب التقادم ،2حيث يعتبر التقادم
من أهم المبادئ الحمائية التي كرستها التشريعات الضريبية في إطار التوفيق بين حماية الضرائب
كمورد هام من موارد الخزينة وبين حماية الملزمين.
وهكذا تتمتع اإلدارة الضريبية في إطار ممارسة سلطتها الجبائية بكامل الحرية في إختيار
الوقت المناسب الستيفاء الضرائب غير أن هذا الوقت ليس مطلقا ،بل يخضع للتقادم إذ ثم حصره
من طرف المشرع الضريبي في ظرف أربع سنوات إبتداء من تاريخ إستحقاق الضريبة ،إذ على
اإلدارة الضريبية إن هي أرادت قطع التقادم إن تقوم بتبليغ الملزم بضرورة أداء الضريبة خالل
هذه المدة أال وهي أربع سنوات وإال فسوف تفقد حقها في استيفاء الضريبة ،وتصبح بالتالي أي
قرارات مبنية على هذه الضريبية باطلة.
117 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وهذا ما أكده حكم إدارية الرباط1الذي قضى”:بأن قطع التقادم ال يكفي بوضع جدول التحصيل
بالضريبة المعنية وإنما بإعالم الملزم المعني باألمر بالضريبة المفروضة عليه داخل أجل التقادم
” وذلك في قضية السيد (…) ،الذي قدم مقاال بواسطة نائبه إلى هذه المحكمة يعرض فيه أنه
بتاريخ 1996/7/31توصل من قباضة وزان بإنذار مؤرخ في 96/6/25يتعلق باداء مبلغ
9900.90درهم يشمل الضريبة على الدخل من سنة .1992وبما أن هذه الضريبة تقادمت بمرور
أكثر من 4سنوات وقد بادر العارض إلى المنازعة في هذا اإلنذار عن طريق التظلم الذي رفعه
إلى إدارة الضرائب بتاريخ 96/8/15وتوصلت به اإلدارة بتاريخ 96/8/21غير أنها لم تتخذ
أي قرار بشأنه رغم مرور الستة أشهر وعلى إثر ذلك لجأ إلى القضاء اإلداري ملتمسا الحكم
بإلغاء قرار الضريبة القاضي بأداء مبلغ 9900.90درهم.
وبعد فحص المحكمة للملف قضت ببطالن الضريبة العامة على الدخل المفروضة على المدعي،
وتحميل مديرية الضرائب الصائر.
- 1حكم إدارية بالرباط ،رقم 900بتاريخ 23جمادى الثانية 1419موافق 98/10/15ملف رقم 97/263ع(.)1 - 4
- 2محمد قصري" :إيقاف التنفيذ للدين العمومي أمام القضاء االستعجالي" ،مجلة المحاكم اإلدارية ،العدد ،3ماي ،2008ص .32
118 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
- 1حكم رقم 8صادر عن المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتاريخ 31ماي 1995ورد فيه أن القاضي االستعجالي اإلداري وريث شرعي لالختصاصات التي كان
يمارسها القاضي االستعجالي العادي قبل إحداث المحاكم اإلدارية".
- 2محمد السماحي ،مسطرة المنازعة في الضريبة ،مرجع سابق ،ص .209
- 3عبد هللا بون يت"،إيقاف تنفيذ القرار االداري على ضوء االجتهاد القضائي المغربي والمقارن-دراسة تطبيقية"مطبعة اواي ،سنة ،2009ص.115
- 4أمر رئيس المحكمة اإلدارية بفاس ،صادر بتاريخ 2004/5/19تحت عدد 04/1106في الملف االستعجالي عدد .04/17
119 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
التي تبرر االستجابة لطلب إيقاف التنفيذ مع توافر حالة االستعجال ،ومما جاء فيه "تقبل المطالبة
بإيقاف تنفيذ الدين العمومي كإجراء وقتي لغاية استنفاد المسطرة اإلدارية للطعن اإلداري أو البت
في جوهر النزاع أمام قضاء الموضوع في إطار القواعد العامة لالستعجال ،من غير اشتراط
الضمانة الكفيلة بتأمين استخالص الدين الضريبي كما هي منصوص عليها في الفصلين 117
و 118من القانون رقم ،97/15حالة توافر ظاهر الطلب على جدية السبب".
ولقد بين األمر القضائي المذكور المقصود بجدية السبب بقوله" :يقصد بجدية المنازعة في مبدأ
اإلخضاع الضريبي أو في مسطرة فرض الضريبة والتي بحسب ما يظهر من خاللها إلى ترجيح
إلغاء الضريبة لعدم مشروعيتها".
وسيرا على نفس النهج فقد أكدت المحاكم اإلدارية على ضرورة وجود نزاع جدي للمطالبة
بإيقاف التنفيذ ونسوق على سبيل المثال:
* المحكة اإلدارية بالرباط ،حيث ورد في حكم صدر عنها بتاريخ 20دجنبر " :2000أن
المنازعة الجدية في مشروعية فرض ضريبة أو رسم ما ،ال يستوجب تقديم الضمانة المنصوص
عليها في المادة 117من مدونة تحصيل الديون العمومية أمام قاضي المستعجالت عند المطالبة
بإيقاف إجراءات التحصيل مؤقتا إلى حين البت في دعوى الموضوع(.)1
كما صدر عن نفس المحكمة حكم( )2بتاريخ 2001/10/24ورد فيه " أن وجود نزاع جدي حول
قيمة الضريبة المفروضة على المدعي يبرر األمر بإيقاف مسطرة التحصيل إلى حين البت في
دعوى الموضوع".
كما صدر عن إدارية البيضاء( ،)3أن األمر يتعلق بمنازعة الطالب في صفته كملزم بأداء الضريبة
على األرباح العقارية بمناسبة تفويته لألرض العارية.
في حين يتمسك العارض أنه لم ينجز أية عملية تفويت للعقار من شأنها أن تنتج أرباحا خاضعة
للضريبة العامة على الدخل ،وأن األرض العارية محل النزاع لم يتم بيعها وإنما تقرر نزع ملكيتها
- 1حكم رقم 216صدر عن إدارية الرباط بتاريخ 20دجنبر ،2000في الملف رقم 00/193أشار إليه ،عبد الحميد الحمودي ،تحصيل الديون العمومية في التشريع
والقضاء المغربي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق ،أكدال ،الرباط ،2006ص .220
- 2حكم إدارية الرباط رقم ،144بتاريخ ،2001/10/24في الملف عدد ،01/106أشار إليه عبد الحميد الحنودي ،مرجع سابق .ص .221
- 3حكم إدارية البيضاء رقم 31ملف عدد ،2005/2بتاريخ ،2005/01/27غير منشور.
120 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
من أجل المنفعة العامة مستندا في ذلك على مقتضيات البند IIمن المادة 82من قانون 17/89
المتعلق بالضريبة العامة على الدخل والذي ال ينص على عملية نزع الملكية".
* المحكمة اإلدارية بمراكش ،حيث ورد في حكم صادر عنها بتاريخ 23أبريل 2002ما يلي:
" ....المنازعة الجدية في صفة ملزم بالضرائب يتم معها استبعاد تطبيق الفصل 117من مدونة
تحصيل الديون العمومية"(.)1
وهكذا نستخلص من إجتهاد الغرفة اإلدارية بعض وسائل المنازعة الجدية المثارة بسبب طلبات
إيقاف التنفيذ والتي تبثثها المحاكم اإلدارية فيما يلي:
المنازعة في صفة الملزم بأداء الضريبة.
توقف الملزم عن مزاولة النشاط المفروضة عليه الضريبة.
توفر الملزم على شروط اإلعفاء الكلي أو الجزئي من الضريبة.
إثارة التقادم الضريبي سواء ما تعلق منه بالوعاء أو التحصيل.
مطالبة الملزم بأداء ضرائب التي الزال النزاع في شأنها معروضا أمام اللجان الضريبة.
- 1حكم إدارية مراكش رقم 31بتاريخ 23أبريل ،2002منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ،49-48فبراير – أبريل .2003
- 2عبد اللطيف هداية هللا ،القضاء المستعجل في القانون المغربي ،الطبعة األولى ،1998ص .75
- 3عبد هللا حداد :تطبيقات الدعوى اإلدارية في القانون المغربي ،منشورات عكاظ ،الرباط ،1999ص .261
- 4أمر إستعجالي رقم 234بتاريخ 12/05/2009في الملف عدد 2009/0/152صادر عن المحكمة االدارية بالدار البيضاء غير منشور.
121 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ويقصد به كذلك الحالة التي يرى فيها طالب اإليقاف أن مباشرة إجراءات تحصيل الضريبة
في مواجهته من شأنه أن يسبب له أو لمقاولته خطر 1أو أضرار وخيمة قد يصعب تدارك نتائجها
في المستقل.
في هذا السياق ،صدر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء 2أمرا إستعجاليا جاء فيه"
وحيث إستقر إجتهاد هذه المحكمة على أن طلب إيقاف إجراءات الحجز الستخالص دين عمومي
هو طلب وقتي لكونه محدد في الزمان وتستدعيه الضرورة الملحلة لحل قانوني ومؤقت يحافظ
على مصالح الخصوم وال يمس موضوع المنازعة ،وال تسعف فيه إجراءات التقاضي العادية،
كما أنه يجنب أخطار مواصلة الخصوم وال يمس موضوع المنازعة ،وال تسعف فيه إجراءات
التقاضي العادية ،كما أنه يجنب أخطار مواصلة التنفيذ التي قد تصيب أموال الطالبة بحبسها
وحجزها وبالتالي تأثيرها على مركزها المالي.
وبعد أن بين األمر اإل ستعجالي أعاله طبيعة الطلب الرامي إلى إيقاف إجراءات التحصيل
باعتباره طلبا وقتيا بطبيعته وهو ما يفسر توفر حالة االستعجال ،جاء في الحيثية الموالية ما يوضح
توفر عنصر اإلستعجال كشرط إليقاف التنفيذ بقوله" :وحيث اتضح لنا من ظاهر الوثائق المدلى
بها في الملف أن الحجز قد يصيب كافة منقوالت األصل التجاري المملوك للشركة الطالبة وهو
ما قد يصيبها بشلل تام نتيجة فقدها لكل عناصره المادية في حالة مواصلة إجراءات الحجز والبيع.
األمر الذي قد يترتب عنه عواقب وخيمة يصعب تداركها بعد التنفيذ سيما وأنها تدعي عدم
مديونيتها للصندوق المدعى عليه ،مما يستدعي من التصريح بإيقاف إجراءات التحصيل مؤقتا
إلى حين الفصل في دعوى االستحقاق".
كما صدر عن نفس المحكمة اإلدارية أمرا 3إستعجاليا جاء فيه "حيث يرمي الطلب إلى إيقاف
إجراءات التحصيل ورفع الحجز على الرصيد البنكي للعارضة لدى التجاري وفابنك.
وحيث يتبين من ظاهر المستندات المرفقة بالمقال أنه صدر أمر باستخالص الرسوم الجمركية
موضوع طلب اإليقاف وذلك عن طريق اإلشعار للغير الحائز الذي يعتبر إجراء من إجراءات
االستخالص الجبري يجعل المدعية مهددة في أية لحظة بإستخالص تلك المبالغ ،الشيء الذي
- 1حسن صحيب"،القضاء االداري المغربي" ،منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية-سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ،عدد ، 80الطبعة ،2008ص .542
- 2أمر رئيس إدارية الدار البيضاء رقم 991بتاريخ ،2004/8/5أورده حسن العفوي ،مرجع سابق ،ص .27
- 3أمر رئيس إدارية البيضاء ،ملف عدد 2006/6بتاريخ ،2006/2/7غير منشور.
122 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
يجعل حالة االستعجال متوافرة في النازلة والمتمثلة في التأثير السلبي على الرواج التجاري المتمثل
في استيراد أجهزة تلفاز 14و 21بوصة من دولة الصين".
وخالصة القول البد لمنح إيقاف التنفيذ من توفر الشرطين معا وأن يثبت الملزم أن أداء الضريبة
قد يسبب أضرارا يصعب تداركها وذلك من خالل التحقيق في طبيعة الضرر ومداه.
الفقرة الثانية :تطبيقات إيقـاف تـنفيـذ إجــراءات المتابعة
يتميز العمل القضائي في المادة الضريبية بخصوص اإليقاف بتداخل العديد من النصوص
القانونية التي أسهمت في توسيع مجال تطبيقه ليشمل العديد من المحاكم.
فالمالحظ من إستقراء العمل القضائي في المادة الضريبية 1حول المنازعات المتعلقة بدرجات
التحصيل الجبري للدين العمومي سواء أمام القضاء االستعجالي أو قضاء الموضوع تبين أن
متابعة الخزينة للمدين بالدين العمومي يطرح إشكاليات عديدة خصوصا فيما يتعلق بالحجز على
األصل التجاري أو الحجز على العقار(أوال) ،أو تطبيق مسطرة اإلكراه البدني (ثانيا).
أوال :إيـــقـــاف تـــنـفــيـذ الـحــجــز الضــريـبــي
إذا كان الحجز على المنقوالت وبالتبعية طلبات إيقافه ال يثير إشكاالت من حيث اختصاص
القضاء اإلداري بالنظر في دفوعات المدين المتعلقة بعدم مشروعية الحجز الضريبي ومن تم طلب
إيقافه بناءا على منطوق المادة 141من مدونة تحصيل الديون العمومية المحال عليها بمقتضى
المادة 45من نفس القانون وهذا ما أكدته إدارية مكناس ،2حيث أمر رئيس المحكمة بقبول طلب
المدعية والرامي إلى إيقاف إجراءات الحجز التنفيذي على منقوالتها من أجل إستخالص ديون
مختلفة في اسم المكري بإعتبارها أجنبية عن النزاع القائم بين صاحب المحل وقباضة مكناس".
فاإلشكال الحقيقي في هذا اإلجراء يثور بخصوص حجز العقار واألصل التجاري فرغم
تنصيص المادة 141من مدونة تحصيل الديون العمومية على إسناد البت في النزاعات الناشئة
عن تطبيق أحكام هذا القانون إلى المحاكم اإلدارية ،إال أن هذه المادة اصطدمت ببعض المقتضيات
المتعلقة باختصاص المحاكم اإلبتدائية والتجارية.
- 1محمد قصري" ،إيقاف التنفيذ للدين العمومي أمام القضاء االستعجالي" ،مرجع سابق ،ص .56
- 2أمر رئيس إدارية مكناس رقم 8 / 2005/334ش ،ملف رقم 8/2005/58ش ،تاريخ 2005/10/13غير منشور.
123 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
فإحالة مدونة التحصيل على قانون المسطرة المدنية أثارت خالفا قانونيا حول تحديد رئيس
المحكمة المختص بإيقاف تنفيذ الحجز على العقار موضوع المتابعة الضريبية ،هل هو رئيس
المحكمة االبتدائية أم رئيس المحكمة اإلدارية ،مادام أن المادة 45من مدونة التحصيل التي تتيح
للمدين حق التعرض على حجز العقار لم تحدد الجهة القضائية التي لها صالحية النظر في هذا
التعرض؟
وفي هذا اإلطار عرض على أنظار القضاء االستعجالي بالمحكمة اإلدارية بفاس ،قضية كان
فيها الطالب قد تقدم بطلب إستصدار أمر بإيقاف بيع العقار المحجور حجزا تنفيذيا بملف الحجز
العقاري الجاري مسطرة بيعه أمام المحكمة ،لغاية البت في الدعوى المعروضة على قضاء
1
موضوع المحكمة اإلدارية المستمد من تقادم المطالبة بالدين العمومي وقد سن أمر إدارية فاس
في هذا الشأن قاعدة ترتبت عنها النتائج التالية:
حجز العقار حجزا تنفيذيا الستخالص الدين العمومي مما يختص به القضاء العادي.
الطعون المتعلقة باإلجراءات الموالية للحجز سواء كانت موضوعية أو إستعجالية مما يختص
به القضاء العادي دون اإلداري.
إجراءات التحصيل الجبري السابقة على الحجز من توجيه إشعار بدون صائر وتبليغ اإلنذار
القانوني عالوة على إدعاء التقادم مما يختص بالبت في العيوب المتارة والمطالبة ببطالنها أمام
القضاء اإلداري.
إيقاف تنفيذ بيع العقار المحجوز لإلخالالت التي شابت إجراءات التحصيل السابقة على الحجز
مما يختص به القضاء اإلداري االستعجالي.
ومن جهة أخرى فقد تضمنت مدونة تحصيل الديون العمومية إحالة تتعلق هذه المرة بما ورد
في المادة 68التي نصت على ما يلي" :يتم تنفيذ حجز األصول التجارية وبيعها وفق الشروط
واألشكال المنصوص عليها في القانون رقم 95/17المتعلق بمدونة التجارة.
في هذا الصدد يتم التساؤل عن من له الحق واالختصاص للنظر في طلبات إيقاف حجز األصل
التجاري موضوع المتابعة الضريبية .خاصة وأن المادة 11من مدونة التجارة تنص على أن
المنازعات المتعلقة باإلجراءات التحفظية تعرض على المحاكم التجارية فهل يفيد ذلك أن المحاكم
- 1أمر رئيس المحكمة اإلدارية بالملف االستعجالي 41س ،2004/أشار إليه محمد قصرى ،مرجع سابق ص .60
124 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
اإلدارية ممنوعة من البت في النزاعات التي تنشأ عن إجراءات حجز األصل التجاري الستخالص
الدين الضريبي؟
وهكذا قضت المحكمة اإلدارية لمدينة الدار البيضاء في أمر صادر عنها 1جاء فيه " يختص
قاضي المستعجالت طبقا للمادة 19من قانون رقم 41.90بشأن إحداث المحاكم اإلدارية بالنظر
في اإلجراءات الوقتية التحفظية ،وأن الطلب المتعلق بإيقاف إجراء حجز عناصر مادية ألصل
تجاري التي يجريها القابض تعتبر من اإلجراءات التي تتضمنها مقتضيات المادة المذكورة متى
تبين بأن األساس المعتمد عليه في الطلب مبني على أساس.
أما الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى فقد ذهبت إلى خلع االختصاص عن المحاكم اإلدارية كلما
تعلق النزاع بحجز أصل تجاري أو المطالبة بإيقاف تنفيذه.2
- 1أمر المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء عدد 96/33بتاريخ ،1996/04/09ورد في مؤلف سعاد بنور .العمل القضائي في المادة الجبائية ،دار القلم للطباعة والنشر،
الرباط ،2003ص .137
- 2قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى رقم 189في الملف عدد 99/1161بتاريخ ، 2000/11/30أشار إليه عبد الرحيم بشكار ،إيقاف الدين الضريبي في المنازعة
الجبائية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،كلية الحقوق السويسي ،الرباط ،الموسم الجامعي ،2008/2007ص .95
- 3عبد الرحيم بشكار ،مرجع سابق ،ص .96
125 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
القانون بالبت في جميع المنازعات المتعلقة بمسطرة مباشرة تلك اإلجراءات ،وبالتالي يكون
القضاء االستعجالي للمحكمة اإلدارية مؤهال للبت في طلبات إيقاف مسطرة اإلكراه البدني،
باستثناء الحالة المتعلقة بتحديد مدة اإلكراه البدني التي استثناها المشرع من إختصاصه ومنحها
لرئيس المحكمة االبتدائية عمال بمقتضيات الفصل 80من القانون رقم .15.97
وهكذا جاء في أمر رئيس المحكمة اإلدارية بفاس 1وهو يقضي باإليقاف المؤقت لتنفيذ مسطرة
اإلكراه البدني.
"حيث إنه أمام المنازعة الجدية في مسطرة التبليغ وأمام عدم وضوح سالمة هذه المسطرة
بشكل ال غبار عليه وتفاديا لتنفيذ اإلكراه البدني رغم ما قد يشوبها من عيوب تؤدي بقضاء
الموضوع إلى التصريح ببطالنها ،وما قد ينتج عن ذلك من صعوبة تدارك األضرار الناتجة عن
تنفيذ هذه المسطرة خاصة وأن األمر يتعلق بحرية اإلنسان ،فإننا قدرنا أن طلب تأجيل تنفيذ مسطرة
اإلكراه البدني مبرر علما بأن تأجيل هذه المسطرة ال يغل يد القابض عن سلوك مساطر التنفيذ
األخرى كالحجز والبيع من أجل تحصيل الديون العمومية في إطار الشروط القانونية المعمول
بها" :وهو نفس المنحى أكدته الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى.2
إال أن اإلشكالية المطروحة على مستوى هذا اإلجراء تتمثل في تحديد الدور الذي يملكه القاضي
اإلداري في إيقاف تنفيذ اإلكراه البدني وخاصة وأن المادة 34من مدونة تحصيل الديون العمومية
أخضعت مسطرة اإلكراه البدني للفصول 675و 687من قانون المسطرة الجنائية :
أي هل يكون رئيس المحكمة اإلدارية مختصا بإيقاف مسطرة تنفيذ اإلكراه البدني حتى ولو
كان المعني باألمر معتقال؟
وفي هذه اإلطار صدر أمر عن رئيس المحكمة اإلدارية بوجدة 3قضى بعدم إختصاصه نوعيا
بالبت في طلب إيقاف مسطرة تنفيذ اإلكراه البدني باعتبار المدين معتقال في إطار تنفيذ اإلكراه
البدني وأن النص الواجب التطبيق هو الفصل 683من قانون المسطرة الجنائية الذي يعطي
االختصاص لرئيس المحكمة االبتدائية.
- 1أمر رئيس إدارية فاس في الملف رقم ،2001/91بتاريخ ،2002/2/6أشار إليه حسن العفوي ،مرجع سابق ،ص .65
-2قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد 713بتاريخ 2001/12/6بالملف عدد ،2001/1/4/1282أشار إليه حسن العفوي ،مرجع سابق ،ص .65
- 3أمر رئيس إدارية وجدة بالملف 2000/100س ،بتاريخ ،2000/10/24أشار إليه حسن العفوي ،مرجع سابق ،ص .74
126 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وعلى خالف ذلك ذهب رئيس المحكمة اإلدارية 1بفاس إلى القول باختصاص رئيس المحكمة
اإلدارية للبت في طلب إيقاف تنفيذ مسطرة اإلكراه البدني ولو كان المعني باألمر في حالة اعتقال
تنفيذا لإلكراه البدني معلال موقفه فيما يلي ":حيث إن هذا الطلب وإن كان يتعلق بنظر في مشروعية
االعتقال التي يرجع فيها األمر صراحة إلى رئيس المحكمة االبتدائية بمقتضى المادة 683من
قانون المسطرة الجنائية فإن أسباب الطلب تنبني على ما نسب إلى الخزينة العامة من خرق
لمقتضيات ظهير 1935/8/21المتعلق بطرق إستيفاء ديون الدولة ومستحقاتها والمتابعات
والمطالبات الضريبية .وبغض النظر عن اإلشكاالت المتعلقة بمدى صالحية قاضي المستعجالت
اإلداري في توجيه األمر للنيابة العامة من أجل إطالق سراح المدين المعتقل فإن هناك اتجاها
يرى أن مقتضيات المادة 683من قانون المسطرة الجنائية التي تستند االختصاص لرئيس
المحكمة االبتدائية فيما يتعلق بالمنازعة في صحة إجراءات اإلكراه البدني ،أصبحت متجاوزة،
وتم نسخها ضمنيا بمقتضى القانون رقم ،97-15وأن ال مانع يمنع الملزم من طلب إيقاف
إجراءات اإلكراه البدني.
المبحث الثاني :حــدود وأفــاق القــضـاء اإلداري
رغم أهمية االختصاص للعمل القضائي في دعوى المنازعة الضريبية سواء في إطار مسطرة
الوعاء أو التحصيل ،أو في إطار القضاء اإلستعجالي لوقف تنفيذ الحجز الضريبي ،فان هذه
السلطات الواسعة للقاضي اإلداري تعرف عدة قيود تحد من فعالية تدخله ،و بالتالي هناك نقط
تعتبر عائقا لتدخل القضاء اإلداري في النزاع الضريبي ،تتجلى في طبيعة تكوين القاضي اإلداري
الذي يغلب عليه الطابع المدني ،مما يؤثر على جودة االحكام من حيث التحرير والتعليل ،وإستعانة
القضاء اإلداري بالخبرة في المجال الضريبي ،2ومن اإلكراهات التي تعيق اإلجتهاد القضاء
اإلداري في المادة الضريبية إشكالية تنفيذ االحكام الصادرة ضد اإلدارة الضريبية.
وهناك من نادى بإمكانية حل النزاع الضريبي عبر أليتي الصلح والتحكيم ،وجانب أخر رفض
فكرة حل النزاع عبر الوسائل البديلة ،نظرا للمس بالسيادة وإرتباط المنازعات الضريبية بالنظام
العام ،ومنه سنحاول إبراز في (المطلب االول) بعض االكراهات المعيقة لتدخل القضاء اإلداري
- 1أمر رئيس إدارية فاس عدد 132بتاريخ 13نونبر 2000منشور في المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد ،36ص .112
- 2عبد الكريم حضيرة ،سلطات القاضي االداري في المادة الجبائية ،مقال منشور بمجلة دفاتر الحكامة ،العدد ،2/دجنبر ،2015ص.205
127 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
في المنازعة الضريبية ،ثم سنخصص (المطلب الثاني) للحديث عن آليتي الصلح والتحكيم و مدى
إمكانية تسوية النزاع الضريبي عبرهما.
المطلب األول :إكراهات القاضي اإلداري في المنازعة الضريبية
سنحاول مقاربة معيقات تدخل القاضي اإلداري المغربي في منازعات الضريبية عبر مسطرتي
الوعاء والتحصيل من خالل ضعف تكوين في المادة الضريبية وإستعانته المكثفة بالخبرة (الفقرة
االولى) ،وكما سنقوم بالوقوف على االكراهات االجرائية لرفع الدعوى مع تحليلنا إلشكالية تنفيذ
االحكام الصادرة ضد اإلدارة الضريبية (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :الحدود المرتبطة بالقاضي اإلداري
من المعلوم أن المعهد العالي للقضاء وشروط الولوج إليه ،تفترض الحصول على اإلجازة في
القانون الخاص مما يؤدي إلى غلبة التكوين المدني والخاص على قضاة المستقبل ،خاصة بعد
تعتر تجربة قبول طلبة القانون العام (أوال) ،كما أن القانون الضريبي يتميز بالتشتت والغموض،
وصعوبة ضبط الجوانب التقنية والمحاسبية له إال من طرف المتخصصين في المجال ،وغياب
التكوين المستمر للقضاة ،كل هذه العوامل وغيرها تنعكس بشكل سلبي على العمل القضائي في
المادة الضريبية وعلى جودة األحكام الصادرة(1ثانيا).
- 1نجيب البقالي ،حدود العمل القضائي في المادة الجبائية ،مقال منشور بمجلة القضاء المدني ،سلسلة دراسات و أبحاث ،العدد 7/الجزء االول ،المنازعات
الضريبية و تحصيل الديون العمومية ،ص .35
128 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الخاص.1 القانون قواعد وليس العام القانون قواعد وهي التطبيق، الواجبة
كما أن ضعف تكوين القضاة في المادة الضريبية ،والتغيرات التي تعرفها القوانين الضريبية سنويا
تجعل القضاة غير قادرين على مسايرة التطورات والتعديالت التي تعرفها .2وأيضا نظرا ألن
القانون الضريبي يتميز بالدقة والتعقد والتقنية مما يزيد من صعوبة القاضي في ضبطه وإستيعاب
فلسفته القانونية.
ويعمق هذا األمر تطبيق قواعد المسطرة المدنية في اإلجراءات أمام المحاكم اإلدارية عن طريق
اإلحالة المنصوص عليها في المادة 7من القانون 41/90على قانون اإلجراءات المدنية ،كما
يبرز التكوين المدني للقاضي اإلداري غموض بعض االحكام القضائية ،فكثيرا ما كان يؤدي
غموض النصوص الضريبية وصعوبة فهمها إلى اعتماد القضاء على قواعد القانون المدني
مستعمال سلطته في التفسير التي ال تختلف بشيء عن تلك المستعملة في إطار المنازعة العادية،
والحقيقة أن هذا التوجه قد يتناقض مع بعض المبادئ التي يقوم عليها القانون الضريبي .والتي
تقوم على مبادئ تختلف عن مبادئ القانون المدني ،وما يعكس التكوين المدني للقاضي هو المباراة
التي تعلن عنها وزارة العدل و التي تفتح في وجه حاملي االجازة في القانون الخاص ،3أو في
الشريعة االسالمية ،مع ضرورة احترام الشروط العامة للوظيفة من حيث الجنسية و التمتع
بالحقوق الوطنية ويجب أال يقل سنه عن 21سنة .4
و رغم أهمية التكوين الذي يتالقاه القاضي خالل فترة تدريبه داخل المعهد العالي للقضاء يظل
مقتصرا على الشق المدني دون تلقي القاضي المتدرب دروسا نظرية في المادة الضريبية ،و
بالتالي يتخرج قضاة ليس لديهم دراية كافية بكيفية فرض الضريبة وال احتسابها وال االعفاءات
الممنوحة للمستثمرين وهو ما يأثر سلبا على جودة االحكام القضائية المتعلقة بالمجال الضريبي.5
129 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
فقبل إنشاء المحاكم اإلدارية صدر قرار عن محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ 22مارس
: يلي ما فيه جاء والذي ) 88-77 إداري (ملف 1990
” حيث أن الفصل 62من ق.ل.ع يقضي بأن اإللتزام المبني على سبب غير مشروع يعتبر كأن
لم يكن ،وأن السبب يعتبر غير مشروع إذا كان مخالفا لألخالق الحميدة أو النظام العام،
وحيث أن األموال التي يمكن أن تجبى من بيوت الدعارة ال يمكن اعتبارها ربحا خاضعا للضريبة
مشروع. غير فيها االلتزام محل ألن
التالية: لالعتبارات به التسليم يمكن ال الموقف هذا أن والحقيقة
• لم يراع ذاتية القانون الضريبي والذي ال يهتم بشرعية الفعل بقدر ما يهتم بموضوع الربح ،فمتى
الضريبة. وعاء وجد الربح تحقق
• ظهير 1959المتعلق بالضريبة على األرباح المهنية ،موضوع المنازعة في هذا القرار ،ال
يوجد به نص يحرم صراحة إخضاع األموال التي يكون محل االلتزام فيها غير مشروع.
• إستناد المحكمة إلى المادة 62من ق.ل.ع وهو قانون يطبق على االلتزامات العادية بين أطراف
متساوية في الحقوق وااللتزامات ،في حين أن االلتزام الضريبي مصدره القانون العام.1
يتضح بشكل جلي أن ضعف تكوين القاضي اإلداري في المادة الضريبية يجعله مياال العتماد
قواعد القانون الخاص ،بالرغم من خصوصية القانون الضريبي وإستقالله عن باقي فروع القانون
الخاص والعام األخرى ،وهذه اإلشكالية ال زالت مطروحة وترتبط أشد االرتباط بقاعدة إستقاللية
القانون الضريبي أو إندماجه في المنظومة القانونية كباقي فروع القانون األخرى أو بطبيعة
خاصة.
لكن في ظل التطورات االقتصادية التي أصبحت تعرفها بالدنا ،أصبحنا نالحظ إنفتاح القانون
الضريبي على باقي فروع القانون االخرى وخاصة القانون الخاص ،لتأويل النص الضريبي،
وأصبح القضاء اإلدار ي يعتمد بشكل مكثف على الخبرة لتوضيح بعض االشكاالت أو لتفسير
بغض الغموض ،بل إنها في بغض الحاالت أصبحث تحل محل القاضي الضريبي في الحسم
النزاع.
- 1سعاد بنور ،العمل القضائي في المادة الجبائية ،دراسة تحليلية قانونية فقهية وقضائية مع أحدث االجتهادات القضائية ،مطبعة دار القلة الرباط ،الطبعة االولى
،2003ص.150
130 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
131 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
حينما يقتنع القاضي أن " المحكمة ال تتوفر على العناصر الكافية للبث في النازلة خاصة أن األمر
يتطلب تقنيات وعمليات حسابية دقيقة …".1
أضف إلى ذلك أن هناك بعض األوامر التمهيدية ال تحدد مهمة الخبير بشكل دقيق أو أنها تسند
إلى خبير غير مؤهل للقيام بها ال يمكن أن ينتج عنه إال صياغة تقرير وصفي ،ال يفيد المحكمة
في شيء أمام تزايد رفض الخبراء المؤهلين عمليا إسناد مهام الخبرة إليهم ،مع أن أسماءهم مدرجة
في جدول الخبراء.2
كما أن بعض األوامر التمهيدية ال تحترم التخصص في تعيين الخبراء مما يترتب عنها نتائج
سلبية من حيث المس بمصداقية األحكام واإلضرار بمصالح المتقاضين.
إضافة إلى ذلك هناك بعض الممارسات الألخالقية ( كالرشوة و المحسوبية…) يقوم بها بعض
الخبراء لفائدة الملزم تنعكس سلبا على العمل القضائي في المادة الضريبية وعلى حقوق الخزينة.
واألخطر ما في األمر هو المصادقة على أغلب التقارير المنجزة من طرف الخبراء عندما تكون
بذلك. ملزمة غير المحكمة أن من بالرغم قانونا المطلوب للشكل محترمة
ودون مناقشة المآخذ المقدمة من طرف الدفاع ،علما أن الحكم الذي ال يجيب على الدفوعات يكون
معرضا لإلبطال لمسه بحقوق الدفاع ولكونه ناقص التعليل الموازي النعدامه ،ومثال على ذلك
الحكم الصادر عن إدارية البيضاء بتاريخ " 1999-9-8حيث أن الخبرة مستوفية لسائر شروطها
الشكلية والموضوعية ال يسع المحكمة إال المصادقة عليها لكونها مطابقة للمادة 63من قانون
المدنية ".3 المسطرة
بستثناء قلة منها قد يشكك القاضي اإلداري في الخبرة المأمور بإجرائها في الحكم التمهيدي،
األول. محل آخر خبيرا فينتدب
ومنه يتضح أن سلطة فض المنازعات الضريبية قد عرفت انسيابا من القاضي إلى الخبير الذي
أصبح هو الحاكم الفعلي والمقرر الحقيقي في ملفات المنازعات الضريبية أمام القضاء اإلداري،
وتحولت الخبرة من وسيلة تحقيق كما نص على ذلك قانون المسطرة المدنية ،إلى وسيلة إتباث
قوية.
- 1نجاة العماري ،المنازعات الضريبية ،أطروحة لنيل دكتوراه في الحقوق ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية الدار البيضاء ،سنة ،2004ص.201
- 2محمد الهيني" ،إشكالية الخبرة في المادة المدنية" ،مجلة االشعاع عدد 24دجنبر ،2001ورد عن إبراهيم الخطاب مرجع سابق ،ص.279
- 3حكم صادر عن إدارية البيضاء ،رقم الملف ،99/7/1713ذكره ابراهيم الخطاب ،مرجع سابق ،ص .279
132 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ويرجع ذلك إلى ضعف التكوين الذي يعاني منه القاضي الضريبي في المادة الضريبية ومن تمة
يتعين على القضاة بدل مجهود كبير لتجاوز هذا النقص وهذا التقصير.
- 1الطيب الفصايلي ،الوجيز في القانون القضائي الخاص ،الطبعة الثالثة ،سنة ،1999ص.103
- 2جواد لعسري ،أطروحة لنيل الدكتو راه في القانون العام بعنوان "عالقة إدارة الضرائب المباشرة بالملزمين وإنعكساتها" ،بكلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتماعية بأكدال ،السنة الجامعية ،2002-2001ص .245
133 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
كما أن إستمرار شرط المؤازرة من طرف المحامي حتى في ظل قانون 41.90يعد إستمرار
للعيب الذي كانت تعرفه دعوى إلغاء من قبل وسيحد من الطابع الموضوعي لهذه الدعوى.1
ثانيا :إشتراط تقديم الضمانة كعبء إضافي على المستثمر
تنص الفقرة الثانية من المادة 117من مدونة التحصيل الديون العمومية على "أنه للمدين الذي
ينازع كال أو بعضا في المبالغ المطالب بها أن يوقف أداء الجزء المتنازع فيه شريطة أن يكون
قد رفع مطالبته داخل االجال المنصوص عليها في القوانين واالنظمة الجاري بها العمل وأن يكون
قد كون ضمانات من شأنها أن تؤمن تحصيل الديون المتنازع فيها.
فالمادة 117وبعدما أكدت في فقرتها األولى على أن أي مطالبة قضائية او ادارية ال توقف
إجراءات التحصيل ،حاولت في الفقرة الثانية أن تقلل من حدة المقتضى المنصوص عليه في الفقرة
االولى ،وذلك بتمكين الملزم من المطالبة بوقف تنفيذ الجراءات المتعلقة بالتحصيل.
فالمشرع أتى بضمانة مهمة لصالح الملزمين بصفة عامة-المستثمرين بصفة خاصة -إذن من
خالل هذا المقتضى يحق لنا أن نتساءل عن مدى عدالة هذا الشرط أو القيد الذي على الملزم أن
يستجيب له ،لكي يتم االستفادة من وقف االجراءات التحصيل بغاية استمرارية المشروع
اإلستثماري عند ما نص على وجوب تقديم ضمانة؟
إن إشتراط الضمانة يجب أن يفهم نية المشرع من ورائه ،فهو يرغب في حماية المال العام
العام من الضياع نتيجة المدة الطويلة التي تستغرقها القضايا عندما تعرض على القضاء ،وهذا
يعد أمرا مهما ،على اعتبار أن المصلحة العامة تبقى فوق كل إعتبار ،لكن ومع ذلك ينبغي على
المشرع أن يخضع فكرة تقديم الكفالة لظوابط محددة وتحديد الحاالت التي تستوجب تقديمها ،ال
أن يترك االمر لسلطة المحاسب في ذلك ،خصوصا وأن المستثمر غالبا ما يلجأ عند المطالبة
بوقف إجراءات االستخالص إلى القضاء االستعجالي الذي تعتبر مسألة الزمن مسألة جوهرية
فيه ،2وأن حقوق المستثمر في هذه الحالة تكون مهددة مما يتطلب التدخل المباشر للقضاء دون أية
عراقيل.
- 1عبد الفتاح بلخال ،المشروعية الجبائية والحماية القضائية لها في ظل الدستور المغربي ،أطروحة لنيل الدكتواه في القانون العام ،جامعة الحسن الثاني ،عين الشق
كلية الحقوق الدار البيضاء ،السنة الجامعية .2001-2000
- 2والغريب في االمر أن المشرع منح السلطة التقديرية للمحاسب في الفقرة االخيرة من المادة 117من مدونة تحصيل العمومية لتقدير مدى إمكانية كفاية الضمانة
ولم يكتفي بانظر في مدى وجودها أو ال.
134 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وإذا كان البعض يرى بان تقديم الضمانة يعتبر من القواعد االمرة وبالتالي ال يجوز االتفاق
على مخالفتها لما لها من دور في الحفاظ على ديون الدولة من الضياع ،1فإن العمل القضائي
إستطاع أن يتعامل بنوع مع المرونة مع هذا الشرط ،وأوجد بفضل إجتهاده بعض الحاالت التي
يعفى منها الملزمين من تقديم هذه الضمانة.
فمثال ،عندما يؤسس الملزم دعواه على أن الدين غير مستحق بفعل التقادم ،فإن ذلك يكون
مبررا اليقاف التنفيذ دون حاجة الى تقديم كفالة وال يخضع االمر هنا للسلطة التقديرية للقاضي،2
وفي حالة أخرى ذهبت إدارية أكادير في حكم عدد 07-06بتاريخ 1997-05-13في نازلة
يدعي فيها الملزم بتمسكه باالعفاء المنصوص عليه في القانون المالي لسنة 1995فان تقديم
الكفالة بالنسبة إله غير مشروطة ،ويمكن القاضي المستعجالت أن يؤجل أداء الضريبة دون إلزام
المعني باالمر بتقديم الكفالة ،كما ذهب القضاء أيضا إلى إفاء من تقديم الكفالة اذا ما أسس الملزم
دعواه على أساس خرق القانون لألن ذلك يترتب عنه قطع الصلة بين الملزم و األساس الضريبي،
مما يجعل تقد يم الكفالة غير مشروط ،كما ذهبت الغرفة االدارية في قرارها الصادر في الملف
رقم 53بتاريخ 1999-01-25في نازلة قابض فاس البطحاء ضد شركة النسيج و الخياطة
العصرية.
و على العموم يمكن القول ان اشتراط الضمانة بنبغي ان يعاج فيه النظر من طرف المشرع
نفسه ،ألنه ومهما تطور االجتهاذ القضائي في هذا المجال ،فإنه يبقى عرضة للتغيير والتذبذب من
محكمة الى اخرى ،بل حتى بالنسبة للجهة القضائية الواحدة ،اذ ان الغرفة اإلدارية بالمجلس
اإل على (محكمة النقض حاليا) سبق لها ان اصدرت قرارا في هذا المجال مخالف للقرارات التي
تطرقنا اليها أعاله ،فقد نصت في إحدى حيثيات قرارهاالى"ان قبول قضاة الموضوع لهذه الضمانة
رغم عدم توفر شروطها المتطلبة قانونا إليقاف اجراءات المتابعة يعني ان المحكمة خرقت
مقتضيات الفصل 15من ظهير 1935-08-21المشار اليه أعاله ،وعرضت بالتالي قضاءها
للنقض" .والفصل 15من هذا الظهير هو المقابل للمادة 117من مدونة التحصيل و التي تشير
الى ضرورة تقديم الضمانة.
- 1مراد الخروبي ،ضرورة تقديم الضمانات لمن ينازع في التحصيل الجبائي أمام المحاكم ،مجلة ريمالد ،العدد 26يناير-مارس ،1999ص.47
- 2قرار الغرفة االدارية عدد 975بتاريخ ،1998/10/22غير منشورأشار أليه جواد لعسري ،قرار عدد ،2000/11/16المنشور لدى محمد قصري في كتابه
المنازعات الجبائية النتعلقة بربط و تحصيل الضريبة أمام القضاء االداري ،مرجع سابق ،ص.58
135 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
ويمكن القول أن منح المشرع للمستثمرين بصفة خاصة وباقي الملزمين بصفة خاصة امكانية
ايقاف تنفيذ استخالص الديون العمومية ،حيث تعتبر من اهم الضمانات من اجل الدفع الستمرارية
المشاريع االستثمارية بغية الدفع بالتنمية اإلقتصادية للبلد وعلى تحسين تعامل االدارة مع
المستثمر.1
كما أن القاضي ال يبالغ في مراعاة مدى أداء هذه الضمانات ومدى كفايتها من عدمه ،ما دام
أن هذه المهمة يختص بها المحصلين ،2وبالتالي فكلما قبل هذا االخير للضمانات المقدمة امامه
يجب على القاضي ان ال ينظر في مدى كفايتها أم ال.
المطلب الثاني :أفاق تسوية المنازعات الضريبية في ضوء الوسائل البديلة
تعتبر الوسائل البديلة لتسوية النزاعات عدالة تصالحية ،تقوم على السرعة والمرونة وتعد كذلك
عدالة إضافية ومكملة للقضاء اإلداري ،في حل المنازعات بما فيها المنازعات المرتبطة بالشخص
العام ،والتي تظل محصورة في إختصاص القضاء االداري ،وقد عملت جل الدول بما فيها
المغرب ،على مالئمة سياستها التشريعية مع التوجهات ومبادئ العدالة البديلة ،حيث قام بتعديل
لقانون المسطرة المدنية ،3وغالبية الفقه الفرنسي 4ترى أن الوسائل البديلة كآلية لحل منازعات
الشخص العام ،خصوصا في المجال الضريبي الذي يعتبر من مظاهر سيادة الشخص العام،
الزالت فكرة عصية على الفهم ،وتعرف عدة تجاذبات بين التشريع والفقه والقضاء بين من يؤيد
الفكرة بدافع التحوالت االقتصادية التي تعرفها الدول والحاجة إلى تشجيع االستثمارات وحمايتها،
وهناك من عارض فكرة خضوع المنازعات الضريبية للتحكيم أو الصلح بدافع أنها إنقاص من
سلطة اإل دارة في فرض الضريبة وتحصيلها ،وقد تم وصف العالقة المنازعة الضريبة بالتسوية
عبر آلية الصلح والتحكيم ،بكونها عالقة صراع دائم وإستحالة التعايش .5ومنه سنحاول تناول
- 1محمد النجاري ،طلبات إيقاف التنفيذ في ضوء مسطرة إستخالص الديون العمومية ،مجلة رامليد،عدد ،45-44ص .45
- 2مصطفى ا لتراب ،المحاكم االدارية والصعوبات المثارة على مستوى التطبيق في ميدان المنازعات الجبائية ،مرجع سابق ،ص .17
- 3نص المشرع المغربي على الوسائل البديلة في قانون المسطرة المدنية رقم 05/08من الفصل 306إلى .327
ونص على إمكانية تسوية منازعات عقود التدبير المفوض عبر الوسائل البديلة في قانون التدبير المفوض رقم .54/05
وفي القانون المنظم لعقود الشراكة عام خاص ،وميثاق االستثمار .18/95
4 -JAN ROBERT-APOSTOLOS PATRICKS-DOMINIQUE FOURSSAD-FERNAND COLLAVET.
- 5مصطفى بونجة ،نهال اللواح ،التحكيم في المواد االدارية و التجا رية و المدنية دراسة ألهم االشكاالت العملية و النظرية وفقا للقانون المغربي و المقارن،
منشورات دار االفاق للنشر والتوزيع ،الطبعة االولى ،2015ص.144
136 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
بالدرس والتحليل في (الفقرة االولى) إمكانية تسوية النزاع الضريبي بواسطة الصلح كإستثناء
عللى القاعدة ،على أن نحاول مقاربة التحكيم الداخلي للمديرية العامة للضرائب وإبراز موقف
الفقه المؤيد والمعارض ومبررات كل إتجاه في (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :إمكانية الصلح في تسوية المنازعة الضريبية
يعتبر الصلح أو التصالح أو المصالحة في الميدان الضريبي من أنجع وأنجح الطرق في فض
المنازعات التي قد تحدث بين الملزم واإلدارة الضريبية ،تمكنهما معا من تجاوز المشاكل وتجنب
المعوقات وربح الوقت وتخفيف العبء والضغط سواء عن اإلدارة نفسها أو عن اللجان الضريبية
أو عن المحاكم اإلدارية (أوال) ،على أن نقوم بتسليط الضوء على الصلح المنازعات الجمركية
ومدى نجعتها في ربح الوقت ودورها في التشجيع على اإلستثمار(ثانيا).
أوال :إمكانية الصلح في المنازعات الضريبية في ضوء المذكرة المصلحية لسنة 2017
بالرغم من أن الفقه قد وقف من مسألة الصلح الضريبي بين من يقول بعدم جواز إجراء صلح
بهذا الشأن ،بحجة أن المسائل المتعلقة بالضريبة هي من النظام العام ،إستنادا إلى مقتضيات المادة
1100من قانون االلتزامات والعقود التي ال تجيز الصلح في المسائل المتعلقة بالنظام العام ،وبين
من يقول بجواز المصالحة في المجال الضريبي على إعتبار أن الصلح يساهم في تحسين العالقة
بين الخاضع للضريبة وإدارة الضرائب وإزالة سحب التنافر وتبديد المخاوف بين الطرفين ،وذلك
في غياب نص قانوني صريح وواضح يمنح أو يبيح إجراء صلح في هذا الشأن ،ما عدا مدونة
الجمارك والضرائب غير المباشرة في موادها من 273إلى 277التي تبيح لإلدارة إجراء مصالحة
مع األشخاص المتابعين من أجل أفعال مخالفة للقوانين واألنظمة الجمركية سواء قبل أو بعد
صدور حكم قضائي نهائي في الموضوع .ورغم ذلك فإن الواقع العملي قد أثبت أن المديرية العامة
للضرائب ولو في غياب نصوص قانونية بالمدونة العامة للضرائب غالبا ما تلجأ إلى أسلوب
التسوية الودية أو التوافقية مع الخاضعين للضريبة ،من أجل تصفية العديد من الملفات المتراكمة
في الرفوف ،خاصة تلك المتعلقة بتصحيح األساس الضريبي ،وذلك بغية ربح الوقت وتفادي
الطعون سواء أمام اللجان الضريبية أو أمام المحاكم اإلدارية -وحتى أثناء جريان المسطرة أمام
اللجان الضريبية أو أمام المحاكم -واختصار المسافة من أجل تحصيل ضريبي سهل ،سريع،
وفعال.
137 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وفي هذا الشأن أصدرت المديرية العامة للضرائب مذكرة مصلحية تحت عدد 16/2340بتاريخ
05أبريل 2017تحث فيها مفتشيها على اللجوء إلى مسطرة التسوية الودية خالل المرحلة
القضائية باعتبارها آلية بديلة لحسم النزاع تهدف إلى التوصل إلى حل توافقي بين اإلدارة والملزم
بخصوص المستحقات الضريبية موضوع منازعة قضائية لم يصدر فيها حكم أوقرار نهائي غير
قابل ألي وجه من أوجه الطعن.
وحسب المذكرة المشار إليها فإن مسطرة التسوية الودية التي يمكن اللجوء إليها في كافة األحوال
وخالل جميع مراحل المنازعة القضائية ،البد وأن تمر بأربعة أشواط:
الشوط األول :دراسة مقترح التسوية حيث يمكن أن يتم ذلك إما بمبادرة من الخاضع للضريبة
وإما بمبادرة من اإلدارة الضريبية سواء على مستوى المديريات اإلقليمية أو الجهوية أو على
مستوى المديرية العامة بالمركز.
الشوط الثاني :المصادقة على مقترح التسوية ويأتي بعد إخبار الخاضع للضريبة بالقرار المتخذ
حيال مقترح الصلح وموافقته عليه وحصر الواجبات الضريبية التكميلية المستحقة عليه.
الشوط الثالث :تنفيذ إتفاق التسوية ويكون بتضمين اإلتفاق الذي توصلت إليه اإلدارة مع الخاضع
للضريبة في محرر مكتوب وموقع عليه من الطرفين تحدد فيه مجموعة من اإللتزامات المتعلقة
بالمبالغ الواجب أداؤها وآجال وكيفية وطرق األداء وتعهدا من الطاعن بالتنازل كتابة وبكيفية ال
رجعة فيها عن مواصلة أية دعوى في الموضوع أمام المحاكم.
الشوط الرابع :الحكم باإلشهاد على الصلح حيث يوجه مفتش الضرائب طلبا في الموضوع إلى
المحكمة المختصة يخبره فيها وفق نموذج معد من طرف اإلدارة ووفقا لمقتضيات المادتين 230
و 1098من قانون اإللتزامات والعقود بما تم اإلتفاق عليه قصد استصدار حكم في الموضوع
يشهد على التنازل والصلح وطي ملف المنازعة نهائيا.
وبحسب ما تقدم فإ ن أي صلح في الميدان الضريبي لن يتحقق بوجود مقتضيات قانونية أو
بدونها ،إال ببناء جسور الثقة وتعزيز عالقة التفاهم والتجاوب والتعاون مابين إدارة الضرائب
والخاضعين للضريبة ،في إطار من الشفافية التامة والتحلي بروح المسؤولية والمواطنة الضريبية،
وتفويض إ ختصاصات التسوية للمفتشين النزهاء العاملين في الميدان بحكم القرب واإللمام
والدراية ،بعيدا عن أية مركزية أو تمركز في إتخاذ القرار ،بهدف الوصول إلى مفهوم جديد
138 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
للسلطة الضريبية يبيح للخاضعين للضريبة كل من موقعه وإمكانياته المساهمة في األعباء العامة
دون تنكر أو تنصل أو تملص ونحن على أبواب بناء حكامة جيدة والتمركز فعال وجهوية متقدمة
تغري المستثمر األجنبي قبل نظيره المغربي.1
ثانيا :إمكانية الصلح في تسوية المنازعات الضريبية في ضوء المنازعة الجمركية
لقد عرف المشرع المغربي الصلح بموجب المدونة العامة للجمارك و الضرائب الغير المباشرة،
وإعتبره » إتفاق مبرم بين اإلدارة والتابع ووكيله من أجل وضع حد للنزاع القائم بينهما « ،وقد
إعتبر بعض الفقه ،2أن هذا التعريف قاصر ألنه يركز على الهدف من المصالحة وهو تسوية
النزاع أو وضع حد له ولم يتطرق إلى كيفية الوصول إلى تسوية الودية للنزاع الجمركي وبين
إدارة الجمارك والضرائب الغير مباشرة التي خول لها القانون سلطة التصالح دون ما تدخل من
أية جهة أخرى ،3لوضع حد للنزاع القائم بينهما قبل الحكم أو بعده مقابل تنازل االدارة عن المتابعة
أو عن تنفيذ العقوبات المحكوم بها مع إلتزام الطرف األخر بأداء مبلغ معين ،4ويتميز الصلح بعدة
خصائص:
عقد ملزم ملزم للجانبين ألنه مقابل تنازل اإلدارة عن المتابعة كليا أو جزئيا يلتزم الطرف
اآلخر بأداء بدل الصلح ،و يمكن اللجوء للصلح في المرحلة االدارية للنزاع الضريبي أي قبل
اللجوء الملزم إلى القضاء.
إعتبار الصلح كذلك بأنه وسيلة ودية تساهم في وضع حد للنزاع والتخفيف من عبء التقاضي
على االدارة الضريبية.
الصلح يقتضي توافق إرادتين وهذين الطرفين هما االدارة الضريبية من جهة و الملزم من جهة
أخرى.
ومنه إذا وجد الفقه صعوبة في تحديد تعريف للصلح الضريبي ،فإن كل من المدونة العامة
للضرائب ومدونة الجمارك لم يعمال على تحديد االشخاص المؤهلين إلبرام الصلح إال أن النمادج
- 1المختار السريدي ،الطعن في االساس الضريبي أمام القضاء االداري ،مقال منشور على موقع مجلة قانون األعمال ،تاريخ التصفح ،2020/05/14 :على
الساعة. 14H30MIN :
- 2من الفقه الرافض لتسوية المنازعات الجمركية بواسطة الصلح نجد:عبد القدار باينة/محمد االعرج/عبد هللا درميش....
- 3حسن المير،المنازعات الضريبية بين النص القانوني والعمل القضائي ،مطبعة األمنية ،بالرباط ،طبعة ،2019ص .110
- 4محمد برادة غزيول ،مدونة وتنظيمات الجمارك والضرائب الغير مباشرة ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،الطبعة الثانية ،2000ص .30
139 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الم تعلقة بعقد المصالحة تبين بأنه يبرم بين المتابع من جهة و ألمر بالصرف للجمارك من جهة
أخرى ،أما فيما يتعلق بالمصادقة على االتفاق -أي الصلح -فهي مخولة للوزير المكلف بالمالية أو
من طرف مدبر اإلدارة الجمركية.1
ويمكن القول رغم فعالية الصلح كوسيلة لحل النزاع الضريبي عامة والجمركي خاصة فإن
المشرع لم ينص في المدونة العامة للضرائب على إمكانية اللجوء إلى إبرام الصلح رغم التنصيص
عليه في المسطرة المدنية ،لكن و من خالل ماسبق ذكره حول المدكرة المصلحية تحت عدد
16/2340بتاريخ 05أبريل 2017تحث فيها مفتشيها على اللجوء إلى مسطرة التسوية الودية
خالل المرحلة القضائية باعتبارها آلية بديلة لحسم النزاع تهدف إلى التوصل إلى حل توافقي بين
اإلدارة والملزم بخصوص المستحقات الضريبية موضوع منازعة قضائية لم يصدر فيها حكم أو
قرار نهائي غير قابل ألي وجه من أوجه الطعن.
الفقرة الثانية :إمكانية حل النزاع الضريبي بواسطة التحكيم بين الرفض والتأييد
عرف المشرع المغربي التحكيم بموجب قانون المسطرة المدنية رقم ،05.08من خالل الفصل
»306بأنه حل لنزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من االطراف مهمة الفصل في النزاع بناءا
على إتفاق تحكيم « ،ولم يكتفي المشرع المغرب ي بتعريف التحكيم فقط بل عرف شروط التحكيم
من خالل الفصل 307من قانون رقم 05.08بأنه » إلتزام االطراف باللجوء إلى التحكيم قصد
حل نزاع نشأ أو ينشأ من عالقة قانونية معينة تعاقدية أو غير تعاقدية « ،وأضاف المشرع
المغربي في نفس الفصل أن "إتفاق التحكيم يكتسي شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم" ،2وعرف
عقد التحكيم من خالل الفقرة االولى من الفصل 314من القانون رقم 05.08بأنه االتفاق الذي
يلتزم فيه االطراف على نزاع نشأ بينهم بعرض هذا على هيئة تحكيمية.3
وقد حدد المشرع المغربي بموجب قانونو المسطرة المدنية رقم 05.08في المادة 310
النزاعات االدارية ،التي يمكن أن تكون موضوع إتفاق أو شرط تحكيم ،وإستثنى التصرفات
- 1ينص الفصل 274من مدونة الجمارك على":التصبح المصالحة نهائية إال بعد المصادقة عليها من طرف الوزير المكلف بالمالية أو من طرف المدير العام
لالدارة ،ونلزم األطراف بكيفية ال رجوع فيها وال يمكن أن يقدم بشأنها أي طعن.
- 2الفصل 307من قانون المسطرة المدنية رقم 05/08الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.169بتاريخ 19ذي الحجة /1428الموافق ل 13نونبر 2007
منشور بالجريدة الرسمية عدد 5584بتاريخ 25من ذي القعدة /1428الموافق ل 6ديسمبر .2007
- 3محمد المحجوبي ،دور التحكيم في تسوية منازعات العقود االدارية الداخلية في ضوء القانون المغربي والمقارن ،مرجع سابق،ص .7
140 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
االحادية ألشخاص القانون العام ،1ويتعلق االمر بالتصرفات االحادية للدولة و الجماعات الترابية
أو غيرها من الهيئات المتمتعة بإختصاصات السلطة العمومية ،غير أن النزاعات المالية الناتجة
عنها يمكن أن تكون محل عقد تحكيم وفي نفس المادة إستثنى المشرع المغربي النزاعات المتعلقة
بالضرائب من إمكانية إبرام إتفاق أو شرط تحكيم التحكيم كما هو منصوص عليه في المادة
،2244وبالتالي نتيجة لهذا الحسم في عدم إمكانية قيام االدارة الضريبية بتسوية نزاعاتها عبر
آلية التحكيم فتح الفقه الباب لعدة تأويالت بين مؤيد للفكرة ويدعو لضرورة مواكبة التجارة الدولية
ثم إمكانية تسوية النزاعات الضريبية ذات إمتداد دولي ،وبين جانب من الفقه رافض لفكرة حل
النزاع الضريبي عبرهيئة تحكيمية مستقلة خارج االدارة الضريبية وقدم مبررات عدة منها إرتباط
الضريبة بالنظام العام ،ومن خالل ما سبق حول القضية من مؤيد ورافض سنتناول هذا الموضوع
من مقاربتين.
أوال :اإلتجاه الفقهي الرافض إلمكانية التحكيم في النزاع الضريبي
في طليعة االتجاه الفقهي الرافض للتحكيم كآلية لتسوية المنازاعات الضريبية نجد الفقه
الفرنسي ،ومن بين الفقهاء نجد ،LA FRRIERE3والذي تشبت بفكرة عدم خضوع منازعات
الدولة إلى أية هيئة تحكيمية ،وقدم عدة مبررات لذلك منها إرتباط منازعات الدولة بالنظام العام
ثم إعتبرأنه ال يعقل أن تقبل الدولة سلطة المحكمين كبديل عن سلطتها ،وفي نفس االتجاه ذهب
الفقيه فيرناند ،FERNAND4وقد إستند هذا االتجاه على عدة مبررات تتجلى في:
• معارضة اللجوء للتحكيم الضريبي إلرتباطه بسيادة الدولة ،ألن اللجوء إلى التحكيم سيسلب إدارة
الضرائب والقضاء االداري إختصاصهما ،واالدارة والقضاء يعدان من مظاهر سيادة الدولة ،كما
أن اللجوء للتحكيم سيستبعد تطبيق القانون الوطني وإستبداله بالقانون االجنبي.
- 1المادة 307من قانون المسطرة المدنية ...( 05/08ال يجوز أن يكون محل تح كيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات األحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها
من الهيئات المتمتعة بإختصاصات السلطة العمومية ،غير أن النزاعات المالية الناتجة عنها يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق القانون
الجبائي.)...
- 2تنص المادة 244من ال مدونة العامة للضرائب على":بصرف النظر عن جميع المقتضيات المخالفة:
• تمثل المديرية العامة للضرائب بكيفية صحيحة أمام القضاء ،مطالبة كانت أو مطلوبا ضدها بالمدير العام للضرائب أو الشخص الذي يعينه لهذا الغرض والذي
يمكنه إن إقتضى الحال توكيل محام؛
• ال يمكن للنزاعات المتعلقة بتطبيق القانون الجبائي أن تكون موضوع تحكيم.
3 -Edourad la frriere, trait de la jurdication administrative tome 2 ; 1er édition 1988 ,p145.
4 -Fernand collavet, l’arbitrage dans les poces ou sont parties les personnes publiques, RPD 1906, p:472 .
141 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
• تمسكوا بأن االشخاص المعنوية العامة ال تتمتع بأهلية اللجوء إلى إبرام إتفاق التحكيم وذلك نظرا
لخضوعها لمبدأ الوصاية-الرقابة ، -وأكدوا أن هناك تعارض بين نظام التحكيم وفلسفة النظام
العام ،التي تسعى االدارة دائما إلى الحفاظ عليها.
• تعارض التحكيم مع فكرة فصل السلط حيث أن لجوء لالدارة إلى إختيار هيئة تحكيمية يعد
تحييدا إلختصاص سلطة االدارة الضريبية في تسوية النزاع في المرحلة االدارية بطريقة حبية
وكذلك تحييدا إلختصاص القضاء اإلداري في تسوية المنازعات الضريبية.1
وبالنسبة للفقه المصري هو اآلخر قد سار جانب منه على درب اإلتجاه الفرنسي المعارض،
وإستند على كون المنازعات الضريبية إختصاص حصري لمجلس الدولة المصري ،وتعد من
النظام العام ال يجوز تعديل إختصاص مجلس الدولة إال بقانون وليس بموجب إتفاق ،وهناك من
الفقه من أسس رفضه بناءا على الدستور ،2وتمسكوا بمبرر النظام العام ،وإعتبروا أن الضريبة
من مظاهر السيادة ومرتبطة بالنظام العام ،نظرا بما تتميز به من إجبارية التحصيل والتأسيس
بإرادة منفردة من اإلدارة الضريبية كسلطة فرض الضريبة ،وتوقيع الجزاءات بدافع المصلحة
العامة.3
وأما بخصوص التشريع المغربي إعتبر منع اللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات الضريبية،
يعد مبدأ عام ،وفق المادة 310من المسطرة المدنية ،وكمبدأ خاص حسب ماهو منصوص عليه
بصريح العبارة في المادة 244من المدونة العامة للضرائب ،وبالتالي أسس الفقه المغربي رفضه،
على 306و 310من قانون المسطرة المدنية الملغاة ،4والمادة 244من المدونة العامة
للضرائب ،وبرروا معارضتهم للتحكيم نظرا الرتباطه بالنظام العام ،وتشبتوا بأن الضريبة تهدف
إلى تلبية المصلحة العامة ،وبالتالي ال يجوز إعمال التحكيم بشأنها ،5وأوضحوا أن منع لجوء
ا الدارة الضريبية كشخص عام إلى إبرام إتفاق التحكيم راجع إلى إمكانية مساسه بهيبة وسلطة
- 1عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،التحكيم في المنازعات االدارية الداخلية والدولية ،مطبعة دار النهضة ،سنة ،2006ص.75
- 2عبد العزيز عبد المنعم خليفة،مرجع سابق ،ص .76
-3عصمت عبد هللا الشيخ"،التحكيم في العقود االدارية دات الطابع الدولي ،مطبعة دار النهضة ،سنة ،2000ص .163
- 4المادة 306من قانون المسطرة المدنية سنة " ، 1974يمكن لالشخاص الذين يتمتعون باألهلية أن يوفقا على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها غير
أنه ال يمكن االتفاق عليه في الهبات والوصايا المتعلقة باالطمعة والمالبس والمساكن ،في المسائل المتعلقة بحالة االشخاص وأهليتهم ثم في المسائل التي تمس النظام
العام وخاصة النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام ،النزاعات المتعلقة بقوانين تتعلق بتحديد االثمان والتدوال الجبري والصرف
والتجارة الخارجية."...
- 5محمد االعرج "،الت حكيم في منازعات العقود االدارية ،مقال منشور بمجلة معيار تصدر عن هيئة المحامين بفاس ،عدد ،34ص .89
142 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
وإمتيازات الدولة ،وأضافو أن التحكيم هو تبديل إراداة الهيئة التحكيمية محل القانون العام و
القضاء االداري في حل النزاع ،وتشبتوا بنظرية النظام العام و التي ترتبط أشد إرتباط بالقضاء
االداري.
ثانيا :اإلتجاه المؤيد إلمكانية التحكيم في النزاع الضريبي
على رأس االتجاه الفقهي المؤيد ،نجد الفقيه ريفيرو JEAN RIVEROالذي أكد أن تبريرات
رفض اللجوء إلى التحكيم في المنازعات الضريبية مجرد تبريرات نفسية ،تقوم على فكرة سمو
وقداسة الشخص العام ،وأكد أنه على الدولة أن تكون قدوة في إستعمال الوسائل الحديثة و مواكبة
المستجدات التشريعية و بالخصوص إنفتاح الدول على االستثمارات و العمل على جذبها
وبإعتمادها على هذه آلية تكون من قد شجعت بشكل كبير على جلب و تشجيع االستثمار ،1ويرى
أيضا الفقيه GOUDEMENTأنه ال يوجد أي مانع دستوري يشكل عائقا إلقرار التحكيم في
المجال الضريبي ،وقد إستند في االتجاه في طرحه على عدة مبررات منها:
غياب قاعدة قانونية صريحة تمنع اللجوء إلى التحكيم في المجال الضريبي.
قصر مدة فض النزاع في العملية التحكيمية مقارنة مع طول المدة التي يستغرقها القضاء بسبب
طول االجراءات المسطرية.
أما الفقه المصري المؤيد لفكرة اللجوء إلى إبرام إتفاق التحكيم من طرف االشخاص المعنوية
العامة فقد تأثر بنظيره الفرنسي ،وإستند في تأييده على قانون المرافعات و اإلجراءات المدنية رقم
9لسنة ،1994والذي عدل وتمم بقانون رقم 27لسنة 1997وعلى المادة االولى التي جاءت
عامة -وقد أعتبر الفقه أن العام يؤخد على إطالقه ما لم يخصص -كم استندو على المادة 172
من الدستور المصري ،والمادة 10من القانون المنظم لمجلس الدولة المصري ،وأكدوا أن إستبعاد
التحكيم كوسيلة لفض المنازعات اإلدارية( الضريبية) ،إنما قصد به إستبعاد التحكيم عن القضاء
العادي ،وفي نظرهم أن اللجوء إلى التحكيم يوفر الجهد والمال بالنسبة للقضاء وأيضا يساعد على
جذب االستثمارات االجنبية و تشجيع االستثمارات المحلية ،أما لجوء أشخاص القانون العام إلى
1 -jean river, personnes moral de droit public et arbitrage reveue de droit public et arbitrage n°2, anneé 1973, p :268.
143 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
إبرام إتفاق التحكيم في المنازعات الضريبية ذات إمتداد لم يلق أي معارضة بل جميع الفقه أيد
فكرة خضوعها لشرط التحكيم.1
وعلى غرار الفقه الفرنسي والمصري ،إنطلق الفقه المغربي المؤيد إلمكانية إبرام الشخص
العام إلتفاق التحكيم ،من خصوصية النظام المغربي ،و الذي يعتبر بأنه نظام حداثي مفتوح على
إمكانية لجوء االشخاص العامة للتحكيم سواء تعلق االمر بالنزاعات ذات الطابع الدولي للضريبة
والمغر ب من نفتح على هذا القرار خاصة من خالل محاولته لتشجيع االستثمار ،كما يؤيد الفقه
على إمكانية اللجوء إلى التحكيم في التعويض بدل اللجوء إلى القضاء ،2نظرا لكون هذه االخيرة
دعوى شخصية مالية ،تهدف إلى حماية المراكز الفردية والحقوق الشخصية ألطرافها والتعويض
يكون عينيا أو نقديا -مادي -وبالتالي ال عالقة لها بمبدأ المشروعية وال بالنظام العام ،ودور
القاضي يقف عند حد تعويض المدعي عما أصابه من ضرر جراء قرار غير مشروع أو فعل
ضار من جانب االدارة ،وال تمتد سلطة القاضي إلى محاولة إعدام القرار الغير مشروع ،من أجل
حماية المشروعية والنظام العام ،وإستند الفقه إلى المؤيد لتبرير رأيهعلى كون القاعدة القانونية
تجيز الصلح في الدعاوي القضاء الشامل ،وإذا تمت التسوية صلحا ،فال يجوز للمتصالحين إثارة
النزاع ثانية ،وقياسا على جواز الصلح في المنازعات القضاء الشامل-قضايا التعويض -يمكن
إبرام إتفاق التحكيم في هذه الدعوة خاصة أن الحق الذي تسعى لحمايته دعوى التعويض هو حق
شخصي ومالي ،3هذا بخالف النزاع الذي يثار بشأن إلغاء قرار إداري غير مشروع صادر عن
شخص من أشخاص القانون العام ،يكون غير قابل للتحكيم نظرا لتعلق المنازعة بمبدأ المشروعية
وبقرار إداري الذي يعد من إمتيازات السلطة العامة ثم إرتباطه بالنظام العام.4
ومنه نستنتج حظر المشرع المغربي إمكانية اللجوء إلى التحكيم الخارجي لتسوية النزاع
الضريبي أي إبرام إتفاق التحكيم مع هيئة خارجية لتسوية منازعاتها ،بل منح للجنة المحلية و
الوطنية إختصاص ممارسة الدور التحكيمي لتسوية المنازعات وذلك تحت رقابتها في إطار الرقابة
االدارية وتحت رقابة القاضي اإلداري
- 1مصطفى بونجة ،نهال اللواح ،التحكيم في المواد االدارية والتجارية و المدنية ،مرجع سابق ،ص.166:
- 2من بين الفقه المؤيد نجد االستاذ محمد االعرج/مصطفى بونجة.
- 3محمد االعرج ،التحكيم في منازعات العقود االدارية ،مرجع سابق ،ص .91
- 4محمد االعرج ،التحكيم في منازعات العقود االدارية ،مرجع سابق ،ص .92
144 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
145 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
خــــــاتمة:
من خالل هذا البحث تمت محاولة الوقوف على أهمية العالقة بين الضريبة واإلستثمار،
إذ كلما كانت هذه العالقة مضبوطة بالشكل الالزم ،كلما ساهم كل منهما في إغناء اآلخر ،فال
يتصور قيام مشاريع إستثمارية دون سياسة ضريبية مدروسة ،وال يمكن تنمية الموارد المالية
للدولة دون إيرادات ضريبية مهمة ،وهذا ما يستوجب إعادة النظر في ميثاق اإلستثمار الذي
أصبح مطلبا ملحا من قبل المستثمرين على المستوى الوطني والدولي .كما أكد ذلك جاللة الملك
محمد السادس في الرسالة التي وجهها إلى المشاركين في المؤتمر الدولي للعدلة" :1لقد أكدنا في
مناسبات عديدة ،على ضرورة وضع رؤية إستراتيجية في مجال تحسين مناخ األعمال ورؤية
قوامها توفير بيئة مناسبة لإلستثمار ،وإعتماد منظومة قانونية حديثة ومتكاملة ومندمجة ،تجعل
من المقاولة رافعة أساسية للتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية.
كما يعتبر القاضي اإلداري طرفا مهما في هذه العالقة ،فهو الحكم بين ما هو مقرر بنصوص
قانونية وبين ما يفرزه الواقع العملي على مستوى العمل اإلداري ،والحماية الممارسة من طرف
هذا القاضي تنصب على حماية النشاط اإلستثماري من زاوية ومن زاوية أخرى حماية الموارد
المالية للدولة.
إال أنه وبتحليل اإلجتهادات القضائية الصادرة في الموضوع ،إتضح سوء العالقة بين هذين
الطرفين (اإلدارة والمستثمر) ،تمثلت في كثرة القضايا المرفوعة أمام القضاء الضريبي نتيجة
غياب سياسة التوصل بينهما من جهة مما يؤدي إلى التعثر في تنفيذ البرامج المسطرة ،وبالتالي
غياب بالوعي الجبائي للملزم من جهة أخرى أو ما يصطلح عليه بظاهرة التهرب الضريبي.
وبذلك فنجاح هذه العملية رهين بخلق ظروف مناسبة تساعد على تقوية قدرات اإلدارة وبالتالي
يجب تشجيع:
خضوع مفتشي الضرائب لتكوين مستمر يؤهلهم لممارسة عملهم بشكل دقيق وفعال وهو األمر
الذي يمكنهم من إقناع الملزمين بمدى شرعية الفرض الضريبي عليهم.
- 1الرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في المؤتمر الدولي الثاني للعدالة ،بمراكش يومي 21و 22أكتوبر 2019تحت شعار"العدالة واالستثمار-التحديات
والرهانات".
146 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
خلق خاليا داخل المديريات الجهوية للضرائب تتكلف باستقبال الملزمين الذين يريدون معرفة
تفسير بعض مقتضيات القانون الضريبي وذلك عبر تفعيل آلية االستشارة الضريبية المسبقة.
إشاعة حسن المعاملة أثناء قيام مفتش الضرائب بإجراء مراقبة جبائية وذلك بمناسبة تحديد
أسس فرض الضريبة.
ولنجاح سياسة التواصل بين اإلدارة الضريبية والملزم البد من إنفتاح اإلدارة الضريبية على
نفسها باعتبار التواصل الداخلي يساعد على تفاعل كل مكونات اإلدارة وهذا لن يتأتى إال عن
طريق تفعيل العالقة ما بين اإلدارة الضريبية وموظفيها ،وفي هذا اإلطار نجد اإلدارة مطالبة
بضمان الشروط المادية والمعنوية الضرورية للموظفين ثم نهج سياسة التحفيز حسب اإلستحقاق
لتشجيع الموظفين حتى يبرهن كل واحد منهم عن كفاءاته العملية.
محاربة ظاهرة التهرب الضريبي بتشجيع التعاون ما بين المشرع واإلدارة الضريبية وبإقناع
المكلف ودفعه إلى المشاركة بدوره في القضاء على هذه الظاهرة.
تحسين مناخ األعمال ومنح الفاعلين اإلقتصاديين الرؤية الضرورية لمزاولة نشاطهم ،وذلك
بوضع ميثاق إلستقرار المنظومة الجبائية.
متابعة سياسة تخفيض العبء الضريبي وعقلنة قواعد إحتساب أساس فرض الضريبة التي من
شأنها تنمية تنافسية المقاوالت في إطار إقتصاد منفتح وتنافسي سواء على الصعيد الوطني أو
الدولي.
تجريم اإل متناع عن تنفيذ حكم الدعوى الضريبية ،ألن من شأن هذا اإلجراء أن يجعل اإلدارة
الضريبية في منأى من اللجوء إلى القضاء اإلداري إن كان موقفها ضعيفا في النزاع الضريبي.
خلق مؤسسات دائمة كما هو الشأن في فرنسا تساعد على خلق القاعدة الضريبية كالمجلس
اإلقتصادي واإلجتماعي ،والغرف البرلمانية الدراسية التي تسهر في عالقات دائمة مع ممثلي
التنظيمات السوسيومهنية للملزمين من أجل اقتراح كل التعديالت الضريبية التي تهم هذه الشرائح.
وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أن تحفيز وحماية االستثمار يتطلب تفادي معوقات ،وهذا لن
يتحقق إال بـ:
خلق جهاز القاضي الضريبي المختص فقط بفحص النزاعات الضريبية داخل المحكمة اإلدارية.
147 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
إحداث محاكم جبائية على غرار المحاكم التجارية ،وخلق هذه المحاكم يستوجب بالضرورة
توفير العدد الكافي منها حتى يتسنى لنا الحديث عن تحقيق القرب الجغرافي للقضاء من المتقاضين.
وكما أتمنى أن يتم تضمين مقتضيات خاصة بالمصالحة في شكل نصوص قانونية بالمدونة
العامة للضرائب كما هو الشأن بالنسبة لمدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة التي حسمت
بشكل واضح في مسألة المصالحة مع المخالفين والخاضعين.
العمل على اإلسراع بتحديث الترسانة القانونية المرتبطة بممارسة األعمال ومالئمتها مع
البرنامج التنموي الجديد.
148 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
149 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الئـــحــة الـــمــراجــع:
الكـــتــب:
سي محمد البقالي ،المدخل الوجيز لدراسة القانون الضريبي -مقارنة قانونية و إجتماعية-مطبعة
البصيرة ،الرباط ،الطبعة االولى .2020
عمر أزوكار ،المساطر الضريبية بين فقه اإلدارة الضريبية والعمل القضائي المغربي ،مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،طبعة .2016
الوليد بن صالح عبد العزيز ،دور السياسة الضريبية في تحفيز اإلستثمارات في ظل التطورات
العالمية المعاصرة ،مطبعة دار النهضة العربية ،الطبعة األولى .2002
خليل اللواح ،دور االدارة العمومية في تحسين مناخ األعمال بالمغرب ،الطبعة االولى ،2018
دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط.
الحسن المير ،المنازعات الضريبية بين النص القانوني والعمل القضائي ،مطبعة االمنية بالرباط،
طبعة .2019
ماء العينين الشيخ الكبير ،تحصيل الديون العمومية بالمغرب على ضوء القانون ،15.97مطبعة
صوماديل ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى .2012
عزيز صميم ،التحفيزات الجبائية بالمغرب ،الطبعة االولى .2013
حسن صحيب ،القضاء اإلداري المغربي ،الطبعة الثانية ماي .2019
المصطفى قريشي ،محاضرات في القانون الجبائي المغربي ،الموسم الجامعي .2020-2019
إدريس الكراوي وعبد العزيز النويضي ،االقتصاد المغربي"نموذجا الفالحة واالستثمار
األجنبي" ،دار توبقال للنشر الدار البيضاء ،الطبعة األولى .1988
عبد الهادي الحردان ،دراسات في التشريع الضريبي ،مطبعة دمشق ،الطبعة األولى .2010
سعيد جفري ،الضريبة والنظام الضريبي المغربي ،سلسلة أريد أن أعرف العدد 9الطبعة االولى
،2013مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.
عبد اللطيف هداية هللا ،القضاء المستعجل في القانون المغربي ،الطبعة األولى .1998
150 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
أحمد زكي بدوي ،معجم المصطلحات االقتصادية ،مطبة دار الكتاب المصري القاهرة ،سنة
.2013
فاطمة الحمدان بحير ،السياسة الجمركية المغربية وإشكاالت المبادالت التجارية الدولية ،مطبعة
النجاح الجديدة الدار البيضاء المغرب طبعة .2005
حميد النهيري بن محمد ،المدخل لداراسة النظرية العامة للضريبة والسياسة الجبائية ،مطبعة
سليكي أخوين ،طبعة مارس .2018
الحجازي مرسي السيد ،النظم الضريبية بين النظرية والتطبيق ،مطبعة الدار الجامعية
اإلسكندرية.1998 ،
عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،التحكيم في المنازعات االدارية الداخلية والدولية ،مطبعة دار
النهضة ،سنة .2006
سليمان الطماوي ،القضاء االداري ،قضاء التعويض وطرق الطعن ،القاهرة ،1986دون
اإلشارة إلى دار الطبع.
صباح نعوش ،الضرائب المباشرة في المغرب الضرائب الحالية لماذا اإلصالح؟ ،الجزء األول،
شركة النشر والتوزيع المدارس ،الدار البيضاء الطبعة األولى .1986
عبد السالم أديب ،السياسة الضريبية وإستراتيجية التنمية (دراسة تحليلية للنظام الجبائي المغربي
،) 1956-2000إفريقيا الشرق ،الطبعة األولى .1998
كتاب دليل التحفيزات الجبائية ،صادر عن المديرية العامة للضرائب ،الطبعة .2019
محمد شكيري ،القانون الضريبي المغربي ،دراسة تحليلية ونقدية ،الطبعة الثانية . 2014
سالم محمد الشوابكة ،المالية العامة والتشريعات الضريبية ،دار رند للنشر والتوزيع ،طبعة
.2000
سعاد بنور ،العمل القضائي في المادة الجبائية ،دراسة تحليلية قانونية فقهية وقضائية مع أحدث
االجتهادات القضائية ،مطبعة دار القلم الرباط ،الطبعة االولى .2003
محمد حسيني عبد العادل ،الرقابة القضائية على قرارات الضبط اإلداري ،دار النهضة العربية،
مصر الطبعة الثانية ،سنة .1991
قزيبر محمد ،القانون الضريبي المغربي ،مطبعة سجلماسة مكناس ،طبعة .2018
151 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
حسن الرميلي،االكراه البدني على ضوء التتشريع المغربي والمقارن ،مطبعة نشر البديع
مراكش ،طبعة .1997
القرقوري محمد ،وعاء ومنازعات الضرائب على القيمة المضافة والشركات والدخل،مطبعة
االمنية ،طبعة .2002
مصطفى بونجة ،نهال اللواح ،التحكيم في المواد االدارية والتجارية والمدنية دراسة ألهم
االشكاالت العملية والنظرية وفقا للقانون المغربي والمقارن ،منشورات دار االفاق للنشر والتوزيع،
الطبعة األولى .2015
األطــروحــات والــرســائـل:
االطــروحــات:
عبد النبي أظريف ":الخوصصة بالمغرب ،إصالحات ،حصيلة ورهانات" ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء-1999 -
.2000
الحبيب العطشان" ،مساهمة القاضي الضريبي المغربي في حماية االستثمار " ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط .2007-2006
جواد لعسري ،عالقة إدارة الضرائب المباشرة بالملزمين وانعكاساتها ،أطروحة لنيل الدكتوراه
في القانون العام ،كلية الحقوق الرباط ،أكدال .2002-2001
حميد النهري بن محمد "،إشكالية التدخل الجبائي في المغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،أكدال
الرباط.2001-2000،
عبد الفتاح بلخال ،المشروعية الجبائية والحماية القضائية لها في ظل الدستور المغربي ،أطروحة
لنيل الدكتواه في القانون العام ،جامعة الحسن الثاني ،عين الشق كلية الحقوق الدار البيضاء ،السنة
الجامعية .2001-2000
قاعدة محمد":مدى إستجابة اإلدارة لمتطلبات تشجيع االستثمار"أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام ،وحدة التكوين البحث" :القانون اإلداري وعلم اإلدارة" ،جامعة محمد الخامس كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط ،أكدال ،السنة الجامعية .2011-2010
152 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
عادل الفراح ،االستثمار والتنمية الجهوية بالمغرب جهة طنجة تطوان نموذجا ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،وحدة البحث والتكوين"اإلدارة والتنمية" ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية طنج ،السنة الجامعية .2013-2012
حنان القطان"،واقع التنمية بالمغرب من خالل المراكز الجهوية لالستثمار"أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،وحدة التكوين والبحث "في اإلدارة والتنمية " ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية .2011-2010
المصطفى معمر ،السياسة المالية ونظام التمويل العمومي في ظرفية التقويم الهيكلي محاولة في
التحليل ما بين ،1993-1983أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،جامعة الحسن الثاني ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية .1999/1998
خالد العسالي ،صناعة القرار السياسي الجبائي في المغرب محاولة تقويم السياسات العامة -
االمتيازات الضريبة نموذجا -أطروحة لنيل الدكتوراه ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،الموسم
الجامعي .2004 -2003
عزوز علي ،آليات ومتطلبات تفعيل التنسيق الضريبي العربي"الواقع و التحديات" أطروحة
لنيل درجة دكتوراه علوم في العلوم االقتصادية،جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف كلية العلوم
االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير قسم العلوم االقتصادية ،السنة الجامعية. 2013/2014 :
ماء العينين الشيخ الكبير ،تحصيل الديون العمومية "بين ضوابط التشريع وإشكاالت التطبيق"،
أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام و العلوم السياسية ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية-أكدال ،-السنة الجامعية .2019-2018
الــرســائــل:
عبد الحق أبو الوفا:االستثمار العمومي بين التراجع وإجراءات الخوصصة ،رسالة لنيل دبلوم
السلك العالي للمدرسة الوطنية لإلدارة الرباط ،السنة الجامعية .1999-1991
محمد بلعوشي:اإلعفاءات الضريبية لتشجيع االستثمار الصناعي:رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا في القانون العام ،جامعة الحسن الثاني ،الدار البيضاء السنة الجامعية .1989-1990
سهلية أقلعي"،إشكالية تحفيز االستثمار في المغرب"رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام،
جامعة عبد المالك السعدي طنجة ،السنة الجامعية .2008-2007
153 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
عبد الحي البكدوري الطراف" ،سياسة االستثمار بالمغرب والحماية القانونية للمستثمر
األجنبي"رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،وحدة القانون والعلوم اإلدارية للتنمية ،جامعة
عبد المالك السعدي،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطبنجة ،السنة .2011-2010
عبد اللطيف لفرحي ":السياسة الجبائية وقرار االستثمار في المغرب"رسالة لنيل دبلوم الماستر
في القانون العام المعمق ،القانون اإلداري والمالية العامة ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية .2008-2007
أسامة المرابط ،رسالة ماستر في القانون العام تحت عن عنوان" ،االمن القانوني وإشكالية الثقة
الضريبية" ،كلية أكدال بالرباط ،السنة الجامعية .2018-2017
إيمان صابر التحفيزات الجبائية والجمركية ودورها في تشجيع االستثمار ،رسالة لنيل الماستر،
قوانين التجارة واألعمال ،جامعة محمد األول بوجدة،السنة الجامعية . 2013/2012
وداد ألمو ،دور القاضي الجبائي في حماية االستثمار ،بحث لنيل دبلوم الماستر ،جامعة سيدي
محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس ،السنة الجامعية -2008
.2009
رشيدة سيف الدين ،سؤال اإلصالح الضريبي بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
العام،مسلك العلوم والتقنيات الضريبية جامعة الحسن األول بسطات ،السنة الجامعية .2012-2013
عمر أبو الهمز ،المنازعات الجبائية بين االدارة الضريبية والقضاء ،بحث لنيل دبلوم الماستر،
جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي ،السنة الجامعية
.2008-2009
عبد المولى مموري ،مساطر المنازعات الضريبية ،حدود التوازن بين االدارة الضريبية
وضمانات الملزم ،بحث لنيل دبلوم الماستر ،جامعة الحسن االول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية سطات ،السنة الجامعية .2014-2013
154 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في المؤتمر الدولي الثاني للعدالة ،بمراكش يومي
21و 22أكتوبر 2019تحت شعار"العدالة واالستثمار-التحديات والرهانات".
الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في الندوة الوطنية حول"دعم األخالقيات بالمرفق
العام"المنظمة من طرف وزارة الوظيفة العمومية وإصالح االدارة،بتاريخ 29أكتوبر.1999
المــجــالت:
الشريف تيست ،تشجيع اإلستثمار بين دور االدارة وحماية القاضي اإلداري ،مجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية،عدد ،140سنة ،2018مطبعة البيضاوي.
عادل الخصاصي" ،التنافسية المعيارية ،صراع جديد بين األنظمة القانونية الوطنية " ،المجلة
المغربية لقانون األعمال والمقاوالت" ،عدد ،14-15شتنبر .2008
إبراهيم أنوض" ،القاضي اإلداري بين ضرورة حماية اإلستثمار وخصوصيات القانون
الضريبي" ،منشورات مجلة المهن القانونية والقضائية ،سلسلة القضاء االداري والمنازعات
االدارية ، 4/3سنة .2019
مجلة المالية ،الصادرة عن وزارة االقتصاد والمالية -وزارة االقتصاد والمالية وإصالح االدارة
حاليا -العدد 23سنة .2013
المكي السراجي ،عبد القادر الطالبي"الرأي االستشاري" ،المجلة المغربية لالدارة المحلية
والتنمية ،العدد ،54يناير.2004
حكيمة بومحمدي"،االستشارة في التشريع المغربي" ،المجلة المغربية لالدارة المحلية و التنمية،
العدد ،55يناير.2005
حكيمة بومحمدي" ،اإلستشارة في التشريع المغربي" ،المجلة المغربية لالدارة المحلية و التنمية،
العدد ،55يناير.2005
مجلة المالية ،لوزارة االقتصاد و المالية-وزارة االقتصاد والمالية وإصالح االدارة حاليا -العدد
24يناير .2014
عبد العزيز يعكوبي ،القضاء الجبائي وحماية االستثمار من خالل قرارات المجلس األعلى،
الندوة الجهوية -4محكمة االستئناف التجارية الدار البيضاء 19،18أبريل ،2007مطبعة األمنية،
الرباط.
155 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
لعجال ياسمينة ،إشكالية االزدواج الضريبي الدولي بين اآلثار السلبية وفعالية الحلول الوطنية،
مقال منشور بمجلة دفاتر السياسة والقانون ،العدد الخامس عشر ،يناير .2016
محمد قزيبر ،واقع الضغط الجبائي بالمغرب-المجلة المغربية لإلدارة المحلية للتنمية-عدد-83
.2008
خالد الخطيب ،التهرب الضريبي ،مجلة جامعة دمشق كلية االقتصاد -المجلد -16سنة .2000
طالبي محمد ،أثر الحوافز الضريبية وسبل تفعيلها في جلب االستثمار األجنبي المباشر في
الجزائر ،مجلة اقتصاديات -عدد -6جامعة البليدة ،لسنة .2018
هشام الوزايكي ،دور القاضي الجبائي المغربي في حماية االستثمار ،مجلة محاكمة عدد -12
11أكتوبر/دجنبر .2016
حسن صحيب"،القضاء االداري المغربي" ،منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية-
سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ،عدد ، 80طبعة سنة .2008
حسن العفوي" ،المنازعة الضريبية أمام القضاء بين التأسيس والتحصيل" ،المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية" ،دراسات" ،عدد 70شتنبر -أكتوبر .2006
عبد العالي بنبريك ،المنازعات الجبائية على مستوى فرض الضريبة واحتسابها ،المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة عدد ،1سنة .1995
محمد شكيري" ،خصوصية المنازعة في مجال الفحص الضريبي" ،المجلة المغربية لإلدارة
المحلية والتنمية ،دراسات ،يوليوز -غشت ،عدد ،75سنة .2007
أحمد البقالي" ،حجز ورهن وبيع األصل التجاري بين مدونة التجارة وقانون المسطرة المدنية
ومدونة تحصيل الديون العمومية" ،مجلة القانون المغربي ،العدد ،2سنة .2002
محمد شكيري" ،القانون الضريبي المغربي ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية" ،عدد
49سـنة .2003
محمد لمزوغي":التنفيذ الجبري عن طريق االكراه البدني من خالل مستجدات مدونة تحصيل
الدين العمومية" ،منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية و التنمية ،سلسلة مواضيع الساعة،
عدد ،31سنة .2001
156 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
محمد قصري" :إيقاف التنفيذ للدين العمومي أمام القضاء االستعجالي" ،مجلة المحاكم اإلدارية،
العدد ،3ماي .2008
الـمـقـاالت:
نجيب البقالي ،حدود العمل القضائي في المادة الجبائية ،مقال منشور بمجلة القضاء المدني ،سلسلة
دراسات و أبحاث ،العدد 7/الجزء االول ،المنازعات الضريبية و تحصيل الديون العمومية.
عبد الكريم حضيرة ،سلطات القاضي االداري في المادة الجبائية ،مقال منشور بمجلة دفاتر
الحكامة ،العدد ،2/دجنبر .2015
سالم محمد الشوابكة ،االزدواج الضريبي في الضرائب على الدخل و طرائق تجنبه ،مقال منشور
بمجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية و القانونية المجلد ،21العدد .20
الـنـدوات وتـقـاريـر:
الـنـدوات:
جواد لعسري ،مداخلة بعنوان قراءة في المادة 247من المدونة العامة للضرائب على ضوء
مشروع قانون المالية ،بالندوة الوطنية التي اقيمت بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
بالمحمدية ،بتاريخ 20نونبر .2019
خالد المبروكي ،مداخلة بعنوان االستشارة الضريبية المسبقة وسؤال االمن القانوني ،ندوة وطنية
حول موضوع "األمن القانوني والقضائي في المجال الضريبي" ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية بالمحمدية بتاريخ 03ماي .2019
تـقـاريـر:
تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،بعنوان "من أجل نظام جبائي يشكل دعامة
أساسية لبناء النمودج التنموي الجديد ،إحالة ذاتية رقم .2019/39
التقرير السنوي حول أنشطة المديرية العامة للضرائب لسنة .2018
تقرير األونكتاد بشأن مسائل إتفاقات اإلستثمارات الدولية ،تقرير االمم المتحدة للتجارة والتنمية
حول موضوع الحوافز لسنة .2008
157 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
158 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي48 العدد
مكرر بتاريخ ربيع االخر6838 صادر في الجريدة الرسمية1.19.125 ظهير الشريف رقم
. 2020 للسنة المالية70.19 ) بتنفيذ قانون المالية رقم2019 ديسمبر13( 1441
:الـمـراجـع بالـفـرنـسـيـة
OUVRAGES
francois denis, le capital d’investissement : guide jurdique rt fiscale,
édition 5 poit rinal, paris, 20 novembre 2015.
Michel Bouvier , introduction au droit fiscal general et à la théorie de
l’impots , 10émé editition,2010, lgdj l’extenso editions .
Petter frank " le rôle de l’investissement privé dans les pays en voie de
déveleppement ". Etude publiée dans la revue M.F.P.E.N 1987-1988.
Brachet bernard , le systéme fiscal francais, 7eme edition, aout 1997,
paris.
Najib Akesbi « L’impôt, l’Etat et l’ajustement » Edition Actes, Rabat,
1993.
Anass ben Saleh zemrani « fiscalité face au développement économique
et sociale au Maroc », édition la porte, rabat, 1982.
Pheuiphanh Ngaosyvathn, le rôle de l’impôt dans les pays en voie de
développement , librairie générale de droit et jurisprudence paris 1980.
Lazrak Rachid, le contrôle et le contentieux de l’impôt au Maroc, édition
la porte, 2007.
Laghmari(A), le contrôle fiscal, Edition, Abacus Casablanca 2004.
Articles
159 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي48 العدد
Rapport
OECD, Investment Policy, POLICY FRAMEWORK FOR INVESTMENT,
Edition 2011.
160 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
161 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
الفهرس:
162 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
163 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
164 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
رابط حتميل مجيع األعداد السابقة من سلسلة أحباث قانونية جامعية معمقة
https://allbahit.blogspot.com/search/label/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A9%
20%D8%A3%D8%A8%D8%AD%D8%A7%D8%AB%20%D9%82%D8%A7%D9%86%D9
%88%D9%86%D9%8A%D8%A9%20%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D9%8A%D
8%A9%20%D9%85%D8%B9%D9%85%D9%82%D8%A9
165 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي
العدد 48من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي
منشورات:
166 سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي