You are on page 1of 166

‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫اإلدارة العلمية لمجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‬

‫تقدم‪:‬‬

‫سلسلة أبحاث قانونية جامعية معمقة‬


‫العدد‬
‫‪48‬‬
‫خمصص ملوضوع‬
‫اإلستثمار يف ضوء التشريع الضرييب‬
‫والعمل القضائي‬
‫إعداد الباحث‪:‬‬

‫اإلشراف والتنسيق‪:‬‬ ‫املدير املسؤول‪:‬‬


‫األسـتاذ جعفر الـقاسمـي‬ ‫األسـتاذ مـحمد الـقاسمـي‬

‫جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الباحث وسلسلة األبحاث©‬


‫‪majalatlbahit2017@gmail.com‬‬

‫سلسلة األحباث املعمقة‬ ‫الباحث بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫جملةسلسلة تهتم‬
‫‪1‬‬
‫ردمك ‪ISBN: 978-9920-36-139-2‬‬ ‫ردمد ‪ISSN: 2550 – 603X‬‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫"سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا‬


‫إنك أنت العليم احلكيم"‬
‫صدق اهلل العظيم‬
‫اآلية ‪ 32‬من سورة البقرة‬

‫‪2‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫شروط النشر يف السلسلة‪:‬‬


‫أن يكون البحث املراد نشره حبثا معمق كـــالكتب واألطاريح والرسائل‪.......................................‬‬‫‪-1‬‬
‫‪ - 2‬أن يتم تنقيح البحث من كل األخطاء النحوية واملنهجية التي تـعثريه‪........................................‬‬
‫‪ - 3‬إذا كان املراد نشره يستوجب إذن من لذن جهة معينة فوجب اإلدالء به‪......................................‬‬
‫‪ - 4‬يتحمل كاتب كل حبث معمق منشور بالسلسلة املسؤولية الكاملة عن كل ما يشوبه من سرقات‬
‫أدبية ومغالطات علمية – مـع حفظ حق طاقم السلسلة يف املتابعة الــقانونية‪...............................‬‬

‫مينح لكل حبث معمق وارد على السلسلة عــدد خاص ينشر فيه بعده‪.............................................‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪ - 6‬تنشر السلسلة بشكل دوري يف آجال خمتلفة ال تتعدى يف جمملها شهر‪..............................................‬‬

‫‪ - 7‬ترسل البحوث املـــراد نشرها بصيغة الــــوورد ‪ word‬لربيد السلسلة اإللكرتوني‪..............................‬‬


‫‪Majalatlbahit2017@gmail.com‬‬

‫‪3‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫كلمة افتتاحية للعدد‪ ،‬يقدمها األستاذ محمد القاسمي‬

‫بسم اهلل الكرمي‪ ،‬وبه نستعني‪ ،‬وبفضله نغدو‬


‫يف طريقنا ااا بل نملا قا ااا الصقني‪ ،‬وال ا ا ا ا ا‬
‫خل هلد اودف و ا اافصع الورف وا نا‬ ‫والس ا ا‬
‫وخل أصحابه أمجعني؛ أ ا بعد‪:‬‬
‫إن ن أهم ظاهر ال ااا ااا االما يف العلم أن يتم‬
‫صا‬ ‫نشا ا ا ا اارل واملصغااه للعماااأ‪ ،‬ة ا ااانااا نااا ب ا‬
‫القانونص والقض ا ا ا ا ااائص للقار‬ ‫اقريب املعلو‬
‫الكرمي وخد حتمصله ش ا ا ااق المحث والسا ا اافر‬
‫ا‬ ‫وا‬ ‫خلصفا‪ ،‬اتش اارل اإلأار العلمص لل المابث للدراس ااا‬ ‫ااو‬ ‫ق ااد ا‬
‫وال الب ومل‬ ‫القانونص والقضا ا ا ا ااائص ب ن اضا ا ا ا ااع بني يدر الفقصه والمابث واملمار‬
‫ث عمق جاأ‬ ‫فتم بالش ن القانوين هذا العدأ ن السلسل الذر هو خمار خن‬
‫به جعم أبد المابثني ا ةذاذ‪ ،‬وإنه مل أواخي السا اارور أن نرف أخماذ مفذل انشا اار‬
‫ويعرل هبا لعمو املفتمني‪.‬‬
‫ةالشاا ا ااكر ا ليل لكل ن ساا ا اااهم يف إخداأ هذل الدراسا ا ا ا والتنساا ا ااصق بني‬
‫أبضا ااااا‪ ،‬والشا ااكر ا ليل للقائمني خل نشا اارها‪ ،‬ويف انتظار العدأ ‪ 49‬اقملوا أمس‬
‫ن اامع طريق الرمحان‪........‬برر بالرباط‪،‬‬ ‫خل‬ ‫التقدير واذبترا والس‬ ‫خمارا‬
‫اململك املغربص ‪ ،‬بتاريخ ‪.2021/02/20‬‬

‫‪4‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫مــقـدمة‪:‬‬
‫على شاكلة الدول الصاعدة عرف المغرب منذ اإلستقالل تحوال جذريا‪ ،‬حيث إنخرط في‬
‫سياسة تهدف إلى جعل اإلستثمار الوطني أو األجنبي دعامة إستراتجيتة للتنمية اإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪.‬‬
‫حيث يعد اإلستثمار عصب التقدم اإلقتصادي‪ ،‬والعمود الفقري للتنمية الشاملة‪ ،‬إذ بواسطته‬
‫يتم إخراج المال من دائرة الركود إلى الحركة النافعة وبه يتم دفع عجلة تقدم وإزدهار المجتمع‪.1‬‬
‫وفي هذا اإلتجاه قام المشرع المغربي بسن مجموعة من القوانين اإلستثمارية ذات طبيعة‬
‫مالية وإقتصادية وضريبية‪ ،‬وقد تم تتويج الصرح التشريعي لإلستثمار بإصدار القانون اإلطار رقم‬
‫‪ 18.95‬بمثابة ميثاق لإلستثمار‪.2‬‬
‫ولقد تضمنت هذه القوانين مجموعة من التدابير التحفيزية لفائدة المستثمرين المغاربة‬
‫واألجانب على حد السواء‪ ،‬ومن بين هذه التدابير واإلجراءات تحتل المادة الضريبية مكانة متميزة‬
‫ذلك أن الضريبة تعتبر وسيلة هامة بيد الدولة‪ ،‬تؤثر بشكل مباشر على مسلسل اإلنتاج وتشجيع‬
‫اإلدخار‪ ،‬وبالتالي دعم إستثمار األموال المدخرة في مشاريع تحقق التنمية اإلقتصادية‪ ،‬وفي المقابل‬
‫فعدم وجود قضاء فعال ونزيه يضمن األمن القضائي في المجال الضريبي للمستثمرين‪ ،‬قد يجعل‬
‫صاحب الرأسمال يتردد في إتخاذ قرار اإلستثمار‪.‬‬
‫كما أن القوة التنافسية لبلد ما ال تحدد فقط بإمكانياته اإلقتصادية‪ ،‬وإنما أيضا بقوانينه‪ ،‬وعدالته‪،‬‬
‫فالسياسة الضريبية واألمن القضائي عنصران أساسيان في تدعيم القدرة التنافسية‪ ،‬وترسيخ مكانة‬
‫الدولة كمصدر لتشجيع اإلستثمار الوطني واألجنبي‪ ،‬علما أن الهدف ليس فقط تشجيع وتحفيز‬
‫اإلستثمارات وإنما الحفاظ عليها وحمايتها‪ ،‬وذلك من أجل تحقيق تنمية إقتصادية مستدامة‪.3‬‬
‫وتعتبر السياسة الضريبية أهم هذه اإلجراءات حيث يعمد المشرع المغربي بين الفينة‬
‫واآلخرى سواء في إطار قوانين المالية أو نصوص ضريبية متفرقة إلى النص على إعفاءات كلية‬

‫‪ -‬جواد النوحي‪ ،‬مقاربة سياسية لإلستثمارات األجنبية في المغرب" أطروحة لنيل الدكتوراة في الحقوق تخصص العلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫‪1‬‬

‫واإلجتماعية أكدال الرباط ‪ ،2008/2007‬ص ‪.19‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1-95-213‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر‪ ،1995‬يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم ‪ 18-95‬بمثابة ميثاق اإلستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 4335‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪.1995‬‬
‫‪ -3‬محمد لمزوغي اإلصالح الضريبي وعالقت ه بمجال االستثمار‪ ،‬مجلة الودادية الحسنية للقضاة العدد ‪ 3‬مارس ‪ ،2012‬ص ‪.133‬‬

‫‪5‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫أو جزئية للضرائب‪ ،‬وتقديم إستشارات ضريبية مسبقة والعمل على تبسيط المساطر من خالل‬
‫الرقمنة الضريبية خدمة لإلستثمار‪ ،‬والتخفيف من العبء الضريبي على المستثمرين‪ ،‬إضافة إلى‬
‫إبرام إتفاقيات دولية من أجل تفادي حدوث اإلزدواج الضريبي بالنسبة للمشاريع اإلستثمارية في‬
‫سياق نظرة شمولية للواقع اإلقتصادي‪ 1‬واإلجتماعي‪.‬‬
‫ووعيا بأهمية السياسة الضريبية‪ 2‬في العملية التنموية‪ ،‬عمل المغرب منذ الستينات على سن‬
‫قوانين ضريبية خاصة بتشجيع اإلستثمار الوطني واألجنبي على حد سواء‪ ،‬والشك أن اإلستثمار‬
‫األجنبي يلعب دورا ديناميكيا مكمال لإلستثمارات المحلية‪ ،‬فهو ال يسهم فقط في تدفق الرأسمال‬
‫ولكن عادة ما يكون مصحوبا بمنتجات حديثة‪ ،‬وكذلك مهارات إدارية وتنظيمية وخبرات تفتقر لها‬
‫الدول النامية‪.‬‬
‫وميثاق اإلستثمار الذي صاغه المشرع المغربي بمقتضى القانون اإلطار رقم ‪،18.953‬‬
‫والذي حاول فيه تدارك عيب التشتت الذي طال النصوص السابقة وطابعها القطاعي مع مطابقته‬
‫للمعايير الدولية‪ - 4‬ونخص بالذكر قانون اإلستثمارات لسنة ‪ ،1958‬قانون اإلستثمارات لسنة‬
‫‪ 19605‬ثم قانون اإلستثمارات لسنة ‪ 61973‬ـ يندرج في سياق تحسين مناخ اإلستثمار في‬
‫المغرب عن طريق إتخاذ تدابير يمكن إجمالها في‪:‬‬
‫‪ ‬تخفيض العبء الضريبي المتعلق بعمليات شراء المعدات واآلالت والسلع التجهيزية‬
‫واألراضي الالزمة إلنجاز اإلستثمار‪.‬‬
‫‪ ‬تخفيض نسب الضريبة المفروضة على الدخول واألرباح‪.‬‬
‫‪ ‬سن نظام ضريبي تفضيلي لفائدة التنمية الجهوية‪.‬‬

‫‪ -1‬رجاء التازي‪ ،‬المراكز الجهوية لالستثمار أداة لبلورة سياسة القرب‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ‪ ،64‬شتنبر‪ -‬أكتوبر ‪ ،2005‬ص ‪.122‬‬
‫‪2 - Bakkali Hassan, investissement direct étranger et attractivité- Repères et perspective N°5-2004.‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1-95-213‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر‪ ،1995‬يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم ‪ 18-95‬بمثابة ميثاق اإلستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪3‬‬

‫‪ 4335‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪.1995‬‬


‫‪ -4‬خليل اللواح‪ ،‬دور االدارة العمومية في تحسين مناخ األعمال بالمغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2018‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ -5‬ظهير الشريف رقم ‪ 1.60.059‬الصادر الجريدة الرسمية عدد ‪ 2478‬في بتاريخ ‪ 28‬شعبان ‪ 1379‬الموافق ل ‪ 26‬فبراير ‪.1960‬‬

‫‪ -6‬ظهير شريف رقم ‪ 1.73.413‬بتاريخ ‪ 13‬غشت ‪ 1973‬بمثابة قانون يتعلق بإتخاد تدابير خاصة بتشجيع االستثمار‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3172‬بتاريخ ‪ 15‬غشت‬
‫‪.1973‬‬

‫‪6‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬تعزيز الضمانات الممنوحة للمستثمرين بتيسير طرق الطعن فيما يتعلق بالنظام الضريبي‬
‫الوطني والمحلي‪.‬‬
‫‪ ‬إنعاش المناطق المالية الحرة‪ ،‬ومناطق التصدير الحرة ونظام المستودعات الحرة‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق توزيع أفضل للعبء الضريبي وتطبيق أحسن للقواعد المتعلقة بالمنافسة الحرة‬
‫وخاصة عن طريق مراجعة نطاق تطبيق اإلعفاء من الضريبة‪.‬‬
‫غير أنه مهما كانت أهمية النصوص والمواثيق الهادفة إلى جلب اإلستثمار فإن فاعليتها‬
‫رهينة بكيفية تطبيقها فالتشريع الجيد يحتاج إلى تنفيذ سليم‪ ،‬وضمان حسن التنفيذ يتوقف على رقابة‬
‫قضائية فاعلة ومبدعة‪ ،‬وداخل هذا المركب الثالثي األضالع ( المشرع ‪ -‬اإلدارة ‪ -‬القضاء)‪،‬‬
‫ودرجة العالقة التكاملية واإلتساق في الرؤى بين أطرافه الفاعلة‪ ،‬يقع تجاوز العثرات واإلخفاقات‪،‬‬
‫وبالتالي تحقيق األهداف المرسومة‪.1‬‬
‫وترتيبا على ما سبق‪ ،‬يتضح دور العمل القضائي في المادة الضريبية في تحقيق حماية‬
‫اإلستثمار وهذا ما نبه إليه الملك الحسن الثاني رحمه هللا حينما قال‪ " :‬ونطلب من المستثمرين أن‬
‫يأتوا ليستثمروا عندنا‪ ،‬ولكن إذا لم يعرفوا أن بالدنا تنعم بالسلم والضمان الجبائي فإنهم لن يأتوا‪،‬‬
‫وبقطع النظر عن المعامالت التي يحظى بها األجانب علينا على األقل أن ننصف قبل كل شيء‬
‫رعايانا ومواطنينا‪ ،2"...‬ولعل أهم المجاالت التي يكتسي فيها هذا الدور طابعا متميزا هو مجال‬
‫المنازعات الضريبية‪.‬‬
‫فأي سياسة تهدف إلى اإلصالح اإلقتصادي والسياسي واإلجتماعي يتطلب إصالح حقيقي‬
‫للمؤسسة القضائية المتشبعة بمبادئ العدل واإلنصاف حتى تستطيع تحقيق التنمية الشاملة‬
‫المنشودة‪.‬‬
‫ولهذا اإلعتبار تأتي أهمية حماية المستثمر من ظلم اإلدارة الضريبية التي قد تفرض عليه‬
‫ضرائب هو في األصل معفى من أدائها أو من خالل التعسف في إستعمال الحق من طرف اإلدارة‬
‫الضريبية‪ ،‬والشك أن الحماية القضائية هي الكفيلة بفعالية أي سياسة محفزة على اإلستثمار‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد العزيز اليعكوبي‪ " ،‬القضاء الجبائي وحماية االستثمار من خالل قرارات المجلس األعلى"‪ ،‬الندوة الجهـوية ‪ -4‬محكمة االستئناف التجارية الدار البيضاء ‪،18‬‬
‫‪ 19‬أبريل ‪ ،2007‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط ص ‪.179‬‬
‫‪ -2‬خطاب الملك الحسن الثاني يوم ‪ 8‬ماي ‪ ،1990‬بمناسبة إنشاء المجلس اإل ستشاري لحقوق اإلنسان‪ ،‬المصدر انبعاث أمة‪ ،‬الجزء الخامس والثالثون‪ ،1990 ،‬ص‬
‫‪.126‬‬

‫‪7‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫غير أن الحماية القضائية التي يركن إليها المستثمر في حالة نزاع ضريبي والتي تعد من‬
‫محاور هذا البحث هي حماية القاضي الضريبي لإلستثمار بإعتباره المختص بالنظر في هذه‬
‫القضايا‪.‬‬
‫وباإلنتقال إلى الحديث عن السياق التاريخي للعمل القضائي في المادة الضريبية‪ ،‬فإننا نجد‬
‫أنه قبل إنشاء المحاكم اإلدارية كانت المحاكم اإلبتدائية هي المختصة بالنظر في جميع المنازعات‬
‫اإلدارية بما فيها المنازعات الضريبية وذلك بمقتضى الفصل ‪ 18‬من قانون المسطرة المدنية‪،1‬‬
‫أما من حيث اإلختصاص المحلي فقد نظمه الفصل ‪ 28‬من قانون المسطرة المدنية الذي يشير إلى‬
‫كون الدعاوى المتعلقة بالضرائب تباشر أمام محكمة المكان الذي يتعين فيه تأدية الضريبة‪.‬‬
‫أما بعد إحداث المحاكم اإلدارية بموجب القانون رقم ‪ ،412-90‬فقد أصبحت الوريث‬
‫‪3‬‬
‫الشرعي للعديد من اإلختصاصات التي كانت موكولة للمحاكم اإلبتدائية ومنها النزاعات الضريبية‬
‫بموجب المادة ‪ 8‬من هذا القانون‪.‬‬
‫كما خص المواد من ‪ 28‬إلى ‪ 36‬من قانون ‪ 441-90‬لذكر بعض الضرائب‪ ،‬إال أن المالحظ‬
‫من إستقراء هذه المواد إهمال التطرق ألنواع آخرى من الضرائب‪ ،‬كالضريبة المهنية‪ ،‬الضريبة‬
‫على األرباح العقارية‪...‬هذا التعداد الوارد جاء على سبيل المثال ال على سبيل الحصر وذلك‬
‫بإعتبار المادة ‪ 8‬من قانون ‪ 415-90‬منحت لهذه المحاكم إختصاص البت في النزاعات الضريبية‪.‬‬
‫إال أنه وبالرغم من هذا الغموض الذي إكتنف هذه المواد فما يجب توضيحه هو أن جميع‬
‫المحاكم اإلدارية تعتبر نفسها مختصة إختصاصا كامال ومطلقا في هذا النوع من النزاعات‪ ،‬إذ لم‬
‫يسبق لها لحد اآلن أن دفعت بعدم اإلختصاص النوعي لمحكمة إدارية إذا ما عرض عليها نزاع‬
‫يتعلق بضريبة غير وارد تعدادها في المواد المشار إليها سابقا‪.‬‬

‫‪ -‬تختص المحاكم االبتدائية – مع مراعاة االختصاصات الخاصة المخولة إلى أقسام القرب – بالنظر في جميع القضايا المدنية وقضايا االسرة والتجارية واالدارية‬
‫‪1‬‬

‫واالجتماعية ابتدائيا وانتهائيا أو ابتدائيا مع مع حفظ الحق في االستيناف‪.‬‬


‫تختص أيضا بقطع النظر عن جميع المقتضيات المخالفة ولو في الحالة التي يسند فيها قانون خاص سابق النظر في بعض أنواع القضايا إلى محكمة أخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬ظهير شريف رقم ‪ 1.91.225‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 4227‬بتاريخ ‪ 22‬من ربيع االول ‪ 10(1414‬سبتمبر ‪ )1993‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 41.90‬المحدث‬
‫بموجبه محاكم إدارية‪.‬‬
‫‪ -‬حسن صحيب‪ ،‬القضاء اإلداري المغربي‪ ،‬الطبعة الثانية ماي ‪ ،2019‬ص‪.135‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1.91.225‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 4227‬بتاريخ ‪ 22‬من ربيع االول ‪ 10(1414‬سبتمبر ‪ )1993‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 41.90‬المحدث‬
‫‪4‬‬

‫بموجبه محاكم إدارية‪.‬‬


‫‪ -5‬ظهير شريف رقم ‪ 1.91.225‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 4227‬بتاريخ ‪ 22‬من ربيع االول ‪ 10(1414‬سبتمبر ‪ )1993‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 41.90‬المحدث بموجبه محاكم إدارية‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ضبط المفاهيم التي يتمحور حولها البحث‪:‬‬


‫‪ ‬اإلسـتـثـمـار‪ :‬أول ما يطالعنا في تحديد داللة هذا المفهوم هو صعوبة تعريفه وإعطاء‬
‫معنى واضح له‪ ،‬وذلك راجع إلى أن هذا المصطلح ذا معاني متعددة‪.‬‬
‫فمن الناحية اإلقتصادية يستقر اإلعتقاد على أن المقصود باإلستثمار إكتساب الموجدات‬
‫المالية واإلنتاج هو ما يضيف منفعة أو يخلق منفعة تكون على شكل سلع وخدمات‪ ،‬وهذا اإلنتاج‬
‫له عدة عناصر مادية وبشرية ومالية‪ ،‬وبالتالي فإن كان المال عنصر إنتاج فالبد أن يكون على‬
‫شكل خلق طاقة إنتاجية موجودة‪.1‬‬
‫أما من المنظور المالي يعرف االستثمار بأنه كل النفقات التي تولد مداخل جديدة على‬
‫المدى الطويل‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الحقل المحاسبي نجده يعرف اإلستثمار على أنه مجموعة من الممتلكات‬
‫والقيم الدائمة‪ ،‬مادية كانت أو معنوية مكتسبة أو منشأة من طرف المؤسسة‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫إستعمالها كوسيلة دائمة اإلستغالل وليس بهدف بيعها وتحويلها‪.2‬‬
‫ويتضح تبعا لذلك أن مفهوم اإلستثمار من هذا المنظور يتمثل في كل ما تمتلكه المؤسسة‬
‫سواء ماديا (أراضي‪/‬مباني‪/‬تجهيزات‪ ،)...‬أومعنويا (محالت تجارية‪/‬حقوق الملكية الصناعية)‪.3‬‬
‫‪ ‬التشريع الضريبي‪ :‬يمكن تعريف التشريع الضريبي بوحه عام مجموعة من القواعد‬
‫القانونية التي تحدد ماهية النظام الضريبي في دولة معينة وفي فترة محددة‪ ،‬وأنه عبارة عن‬
‫ترجمة لمبادئ وقواعد السياسة الضريبية في شكل قوالب قانونية تمكن من تحقيق األهداف‬
‫المرجوة‪ .4‬ومن زاوية أخرى شكل التشريع الضريبي مجاال للفعل السياسي الذي عرفته‬
‫المجتمعات اإلنسانية‪ ،5‬فهو من الدوافع األساسية التي كفلت تخويل السلطات التشريعية‬
‫للبرلمانات كما نعرفه اليوم‪ ،6‬والشك أن إتخاذ القرار الجبائي له ثأثير واضح في طبيعة السياسة‬

‫‪1-‬‬ ‫‪francois dennis, « le capital d’investissement : guide juridique et fiscal », edition 5 poit rinal, paris, 20 novembre 2015, p :20 .‬‬
‫‪ -2‬عيسى بلخضر‪" ،‬سياسة تمويل االستثمار في الجزائر وتحديات التنمية في ظل التطورات العالمية الراهنة (‪ ،")2015-1988‬أطروحة لنيل شهادة‬
‫الكتوراه في العلوم االقتصادي ة‪ ،‬بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سيدي بلعباس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2019-2018‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -3‬أحمد شوقي شاهدي‪ ،‬المراكز الجهوية لالستثمار بالمغرب"مكامن الخلل ومداخل االصالح"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص التدبير االداري‬
‫والمالي‪ ،‬بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بأكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2020-2019‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -4‬محمد الحالق‪ ،‬التشريع الضريبي‪ ،‬الجامعة االفتراضية السورية‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪5-‬‬‫‪Michel Bouvier , introduction au droit fiscal general et à la théorie de l’impots , 10émé editition,2010, lgdj l’extenso‬‬
‫‪editions .‬‬
‫‪ -6‬خالد الشرقاوي السموني‪ ،‬أي دور للبرلمان في وضع قانون المالية‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد يناير‪-‬فبراير ‪ ،2002‬ص ‪ 71‬وما يليها‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الضريبية‪ ،‬وفي قدرتهاعلى تحقيق أهدافها العامة‪ ،‬خصوصا في المجال االقتصادي‬


‫واالجتماعي‪.1‬‬
‫السياسة الضريبية‪ :‬تعبر السياسة الضريبية عن مجموع التدابير ذات الطابع الضريبي‬ ‫‪‬‬
‫المتعلق بتنظيم التحصيل الضريبي قصد تغطية النفقات العمومية من جهة والتأثير على الوضع‬
‫اإلقتصادي واإلجتماعي حسب التوجهات العامة لالقتصاد من جهة ثانية‪.‬‬
‫وإذا كان النظام الضريبي يرتبط إرتباطا وثيقا بالسياسة الضريبية للمجتمع حيث أنه صياغة‬
‫فنية لها ويصمم من أجل تنفيذ أهدافها فإن السياسة الضريبية تعرف على أنها‪" :‬مجموعة البرامج‬
‫التي تخططها الحكومة وتنفذها عن عمد مستخدمة فيها كافة األدوات الضريبية الفعلية والمحتملة‬
‫إلحداث آثار معينة وتجنب آثار أخرى تتالءم مع أهداف المجتمع اإلقتصادية واإلجتماعية‪.2‬‬
‫العمل القضائي في الميدان الضريبي ‪ :‬العمل القضائي هو المحك الحقيقي لتقييم مدى‬ ‫‪‬‬
‫مالءمة القوانين للمجتمع الذي تطبق فيه ومدى فعالية هذه القوانين لخدمة أطراف النزاع‪ .‬وهو‬
‫من يلمس عن قرب عجز الجانب اإلجرائي في العملية القضائية ويحاول عن طريق مجموع‬
‫اإلجتهادات التي تصدر تدارك النقص في هذا الجانب اإلجرائي بتنقيحه بتفسيرات تخدم حقوق‬
‫أطراف النزاع‪.‬‬
‫ونظرا للدور الذي تلعبه المادة الضريبية في مجال التنمية وتشجيع االستثمار‪ ،‬فقد أسند‬
‫المشرع المغربي للعمل القضائي في المادة الضريبية النظر في المنازعات الضريبية بمقتضي‬
‫القانون ‪ 341-90‬المحدث للمحاكم اإلدارية من أجل تكريس االمن القضائي وحماية الضمانات‬
‫المخولة للملزمين‪ 4‬في منازعات الوعاء والتحصيل‪.‬‬
‫ولتعريف المنازعة الضريبية في مجال اإلستثمار فيجب ربطها بكل من القانون اإلداري‬
‫والضريبي‪ ،‬فالمنازعة في الميدان الضريبي هي ذلك النزاع الناشئ عن نشاط اإلدارة الضريبية‬

‫‪ -1‬الطاهري توفيق‪ ،‬إتخاذ القرار الجبائي والعدالة الجبائية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية أكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2009-2008‬ص ‪.105‬‬
‫‪ -2‬يونس أحمد البطريق‪ ،‬المرسي السيّد حجازي ‪:‬النظم الضريبية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪2004، ،‬ص‪.24‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1.91.225‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 4227‬بتاريخ ‪ 22‬من ربيع االول ‪ 10(1414‬سبتمبر ‪ )1993‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 41.90‬المحدث‬
‫‪3‬‬

‫بموجبه محاكم إدارية‪.‬‬


‫‪ - 4‬محمد قصري‪ ،‬المنازعات الضريبية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي‪ ،‬دار أبي رقراق للطبع والنشر بالرياط‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ ،2009‬ص ‪.95‬‬

‫‪10‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ومجموع اإلجراءات التي تسمح بحله‪ ،1‬كما عرفت المنازعة الضريبية بأنها‪ " :‬مجموعة‬
‫النازعات التي تثيرها اإلقتطاعات الضريبية"‪.2‬‬
‫وعلى الرغم من أن المنازعات الضريبية تتسم بكثير من الخصوصيات أهمها المراحل التي‬
‫قد تمر منها‪ ،‬فهي ال ترفع مباشرة أمام القضاء بل البد من مرورها من مرحلة الطعن اإلداري‬
‫من جهة‪ ،‬ومن جهة آخرى أمام اللجان الضريبية‪ ،3‬إال أن غالبية الطعون المقدمة تحال أمام‬
‫القضاء‪ ،‬وذلك في حالة استمرار النزاع أمام الملزم واالدارة الضريبية‪.4‬‬
‫ومن هنا يتم اللجوء إلى المؤسسة القضائية عبر آلية الطعن القضائي التي خولها المشرع‬
‫للملزم‪ ،‬حيث تجسد الرقابة القضائية المفهوم الحقيقي للمنازعات المتعارف عليه‪ ،‬ذلك أن المنازعة‬
‫أمام القضاء تشكل أنجع الوسائل لتسوية المنازعات الضريبية‪ ،‬الن الفائدة الحقيقية من الرقابة‬
‫القضائية على أعمال االدارة الضريبية هي ضمان تحقيق التوازن بين أطراف النزاع الضريبي‬
‫أي المحافظة على المال العام من جهة‪ ،‬ومن جهة آخرى حماية حقوق الملزمين ثم تكريس‬
‫الضمانات الممنوحة لهم قانونا من جهة آخرى‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫لقد تم تحديد الموضوع بدقة من خالل التطرق للجانب المتعلق بكل من دور السياسة‬
‫الضريبية وما تحتوي عليه من آليات وأدوات مهمة في تحفيز اإلستثمار من قبيل منح المستثمرين‬
‫لإلستشارات الضريبية المسبقة‪ ،‬وكذلك من خالل التحفيزات الضريبية سواء في الضرائب‬
‫المباشرة والغير المباشرة‪ ،‬إضافة إلى العمل التخفيف من العبء الضريبي الذي غالبا ما يؤدي‬
‫الى نفور المستثمرين ورقمنة اإلدارة الضريبية وتبسيط مساطرها‪ .‬إلى جانب العمل على تفادي‬
‫حدوث اإلزدواج الضريبي من أجل تحقيق مناخ أعمال جيد إلستقطاب اإلستثمارات األجنبية ودعم‬
‫التنافسية بالنسبة لإلستثمارات الداخلية‪ ،‬ومن جهة أخرى توضيح الدور الحمائي الذي يلعبه العمل‬
‫القضائي في الميدان الضريبي بإعتباره المكلف بفض النزاعات الضريبية التي تقوم بين اإلدارة‬
‫الضريبية والمستثمرين‪ ،‬وذلك حتى يتم ضبط مختلف العناصر الموجهة للبحث مما يفضي إلى‬

‫‪1‬‬
‫‪- LAMARQUE Jean, Répertoire de contentieux administratif (Contentieux fiscal), Dalloz 2003, p 03.‬‬
‫‪2 -DEBBASCH Charles, Contentieux administratif, 7 éme édition, Dalloz, 1999, p 99.‬‬
‫‪ - 3‬في حالة سلوك اإلدارة الضريبية مسطرة الفحص الضريبي المنصوص عليها في المادة ‪ 212‬من المدونة العامة للضرائب المحدثة بقانون رقم‬
‫‪ 06.43‬الصادر في الجريدة الرسمية عدد ‪5487‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪.2007‬‬
‫‪ - 4‬نجيب جيري‪ ،‬المنازعات الضريبية بالمغرب‪ ،‬النظام القانوني واالشكاالت التطبيقية‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء االداري‪ ،‬عدد ‪ ،2016 8‬ص ‪.78‬‬

‫‪11‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫تحقيق إضافة علمية متميزة في هذا المجال المهم والذي ما أحوجنا إليه من أجل تحقيق تنمية‬
‫إقتصادية شاملة ومستديمة‪.‬‬
‫كما تفيد هذه الدراسة في التعريف بحقوق المستثمر المسطرة في ميثاق اإلستثمار والقوانين‬
‫الخاصة ‪ -‬التشريع الضريبي ‪ -‬بتشجيعه في شتى المجاالت (القطاع العقاري‪ ،‬الصناعي‪،)...‬‬
‫وحقوق اإلدارة الضريبية في ممارسة الرقابة الضريبية والتحصيل وإجبار الملزم ـ المستثمرـ‬
‫على دفع الضريبة المشروعة ولو بصفة جبرية وفق اإلجراءات الواجب إتباعها‪ ،‬والجزاءات التي‬
‫يرتبها القانون في حالة خرق المسطرة القانونية‪ ،‬ومن جهة آخرى توضيح العمل الذي يقوم به‬
‫القاضي الضريبي في حماية الضمانات القانونية المخولة للمستثمر من خالل المحافظة على‬
‫المراكز القانونية‪ ،‬والبحث عن عناصر الخلل التي مازالت تطبع عالقة المستثمر باإلدارة‬
‫الضريبية وتشخيص المشاكل القانونية والواقعية التي تميز هذه العالقة‪ ،‬وبالتالي تنبيه الجهات‬
‫المختصة لمعالجة هذه المعوقات‪.‬‬

‫المناهج المعتمدة ‪:‬‬


‫وألجل ذلك‪ ،‬سيتم اإلعتماد في هذا البحث على المنهج الوظيفي من خالل توضيح وتبيين‬
‫الدور التي تقوم به الضريبة في تحفيز اإلستثمار‪ ،‬والمنهج التحليلي الذي سيسمح بتحليل مختلف‬
‫النصوص القانونية واألحكام والقرارات القضائية المعتمدة في هذا البحث‪ ،‬على أن يتم اإلعتماد‬
‫على المنهج المقارن من خالل مقارنة النموذج المغربي بنماذج أجنبية خصوصا النموذج الفرنسي‬
‫كلما سمح األمر بذلك‪ ،‬وهذا من شأنه أن يبرز مواطن النقص الذي قد يكتنف الواقع العملي للقضاء‬
‫في الميدان الضريبي بالمغرب‪.‬‬

‫اإلشكالية‪:‬‬
‫~ بناءا على ما سبق‪ ،‬فإن اإلشكالية المطروحة في هذا البحث تتجلى في ‪:‬‬
‫‪ ‬ما مدى نجاعة وفعالية التشريع الضريبي والعمل القضائي في تشجيع‬
‫وحماية اإلستثمار؟‬
‫~ وكما يتفرع عن اإلشكالية المركزية مجموعة من األسئلة الفرعية والتي ستمثل المحاور‬
‫األساسية لبحثنا التالي‪:‬‬

‫‪12‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬أين تتجلى آليات الدعم والتشجيع من خالل السياسة الضريبية؟‬


‫‪ ‬أين ينعكس البعد الحمائي للعمل للقضائي في المادة الضريبي في مجال اإلستثمار؟‬
‫‪ ‬هل إستطاع هذا القضاء بالفعل بسط رقابته على أعمال اإلدارة الضريبية من خالل‬
‫مسطرتي الفرض والتحصيل الضريبي؟‬
‫‪ ‬وماهي تجليات محدودية العمل القضائي في المادة الضريبية ؟‬
‫‪ ‬وماهي سبل وأفاق تطوير العمل القضائي في المادة الضريبية؟‬

‫خطة البحث ‪:‬‬


‫لقد تطلب هذا العمل تقسيمه وفق التصميم التالي‪:‬‬
‫‪ ‬الفصل األول‪ :‬التدابير القانونية والضريبية لتشجيع اإلستثمار‬
‫‪ ‬الفصل الثاني‪ :‬دور القاضي الضريبي في حماية اإلستثمار‬

‫‪13‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪14‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الفصل األول‪ :‬التدابير القانونية والضريبية لتشجيع اإلستثمار‬


‫تحتل السياسة الضريبية مكانة هامة ضمن السياسات العمومية‪ ،‬كونها تستطيع تحقيق األهداف‬
‫المتعددة لإلقتصاد الوطني‪ ،‬كما يعتبر اإلستثمار رافعة كبرى للتنمية اإلقتصادية في أي بلد‪ ،‬لذلك‬
‫أصبح جلب المستثمرين الخارجيين وتشجيع المستثمرين المحليين في قلب السباق والمنافسة بين‬
‫الدول‪.‬‬
‫ولقد عمل المغرب منذ حصوله على اإلستقالل إما عبر تمويل ودعم وتطوير اإلستثمارات من‬
‫خالل مدونات اإلستثمار وصوال إلى قانون االطار ‪1 18-95‬بمثابة ميثاق لالستثمار بتوفير‬
‫الضمانات الكافية لحماية وتحفيز اإلستثمار الوطني واإلجنبي (المبحث األول)‪ ،‬وكذلك عبر إتخاذ‬
‫تدابير وإجراءات ضريبية تحفيزية إضافة إلى سن تدابير إضافية تهم بالخصوص تقديم إستشارات‬
‫ضريبية مسبقة وتبسيط اإلجراءات والمساطر االدارية الخاصة بالضريبة‪ ،‬وذلك من أجل تحسين‬
‫أنشطة األعمال (المبحث الثاني)‪.‬‬
‫المبحث األول‪:‬اإلطار المفاهيمي والقانوني لإلستثمار‬
‫يقوم اإلستثمار بدور مهم في إنعاش اإلقتصاد‪ ،‬فهو يشكل رافعة قوية لتحقيق الطموحات‬
‫والتطلعات اإلقتصادية واإلجتماعية لكل البلدان‪ ،‬فالوجود تنمية هادفة تقوم على إختيار المشاريع‬
‫وإنتقائها وفق سلم األولويات‪ ،‬وإعتماد البدائل المالئمة التي تؤمن اإلستخدام األمثل لعوامل اإلنتاج‬
‫وتوفير إمكانية إقتحام األسواق بنوع من المفاضلة في ظل المنافسة الشديدة من المنتوجات‬
‫والخدمات المماثلة‪ ،‬وتتنوع مجاالت اإلستثمار من مجال خاص بالفالحة والصناعة والسياحة‬
‫والبناء (‪ .)...‬وبالرغم من تنوع قطاعات اإلستثمارية إال أن القطاع الصناعي يحظى بأهمية بالغة‬
‫لكون التخلف اإلقتصادي الذي تعيشه البلدان النامية يختزله الدارسون في هشاشة التصنيع وضعفه‬
‫الكبير بالمقارنة مع ما هو موجود في الدول المتقدمة‪.‬‬
‫ولمواجهة هذا الوضع عمل المغرب في هذا اإلطار على إصدار مدونات لإلستثمار التي تخول‬
‫العديد من المزايا الضريبية لصالح المستثمرين الخواص سواء كانو مغاربة أو أجانب‪ ،‬وقد بدأ‬
‫إعتماد هذه التشريعات منذ حصول المغرب على اإلستقالل‪ .‬وتم إصدار أول مدونة خاصة‬

‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1-95-213‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر‪ ،1995‬يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم ‪ 18-95‬بمثابة ميثاق اإلستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪1‬‬

‫‪ 4335‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪.1995‬‬

‫‪15‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫باإلستثمار سنة ‪ 11958‬ثم توالى بعد ذلك إتخاذ جملة من اإلجراءات في هذا اإلتجاه خالل السنوات‬
‫الالحقة إلى أن تم إصدار قانون إطار بمثابة ميثاق لإلستثمار سنة ‪ .19952‬كان الهدف منه إنعاش‬
‫التنمية في األ قاليم والمناطق التي تشكو من التخلف والتهميش‪ ،‬وخلق نشاط مالي وإقتصادي في‬
‫جميع ربوع المملكة‪ ،‬وذلك عن طريق جذب رأسمال الخواص وتحفيزهم على اإلستثمار في أفق‬
‫تكوين قطاع خاص مؤهل يقوم بدوره كامال في مسلسل النمو اإلقتصادي (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫وقبل التطرق لمضامين هذه القوانين اإل ستثمارية التي أتى بها المشرع المغربي نخوض في‬
‫بعض الجوانب النظرية المرتبطة بالعملية اإلستثمارية ( المطلب األول)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مقاربة نظرية لمفهوم اإلستثمار‬


‫يعد اإلستثمار عنصرا أساسيا في مجال اإلنتاج وخطط التنمية‪ ،‬وإستعمال الدخول بشكل موجه‬
‫و منتج عن طريق التراكم المكثف لرساميل الذي قد يتم إستثمارها لتؤمن الرفع من المستوى‬
‫اإلنتاجي لإلقتصاد الوطني‪ ،‬وهو ما سلكه المغرب منذ فجر اإلستقالل عن طريق إصدار مدونات‬
‫اإلستثمار التي تخول العديد من المزايا بما فيها الجبائية لصالح المستثمرين الخواص‪ ،‬فلقد نهج‬
‫المغرب سياسة تشجيعية لفائدة المقاوالت الخاصة تمخض عنها إصدار مجموعة من الشريعات‬
‫اإلستثمارية إنطالقا من سنة ‪ 1958‬إلى أن تم إصدار قانون إطار بمثابة ميثاق لإلستثمار سنة‬
‫‪ ،1995‬والتي كان الهدف من وراءها خلق نشاط مالي وإقتصادي داخل البالد‪ ،‬وإنعاش التنمية‬
‫من خالل جذب رأسمال الخواص لتحفيزهم على اإلستثمار والعمل على تكوين قطاع خاص مؤهل‬
‫يساهم في مسلسل النمو اإلقتصادي للبالد‪.‬‬
‫فاإلستثمار يحتاج الى سياسة مالئمة تعطي الحرية‪ ،‬وضمان تأطير األهداف العامة للقطاع‬
‫الخاص في اإلستيراد والتصدير وتحويل االموال والتوسع في المشاريع‪ ،‬هذه السياسة يجب أن‬
‫تكون مستقرة ومحددة وشاملة‪ ،‬وهو ما حاول المغرب القيام به من خالل إدخاله لمجموعة من‬
‫اإلصالحات العامة خصوصا على األنظمة البنكية والمالية وتحرير عمليات التمويل الخارجي لفائدة‬

‫‪ - 1‬ظهير الشريف رقم ‪1.58.263‬الصادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 2477‬بتاريخ ‪ 28‬صفر ‪ 1378‬الموافق لـ ‪ 13‬شتنبر ‪.1958‬‬
‫‪ - 2‬ظهير شريف رقم ‪ 1-95-213‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر‪ ،1995‬يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم ‪ 18-95‬بمثابة ميثاق االستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 4335‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪.1995‬‬

‫‪16‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الفاعلين اإلقتصاديين‪ ،‬مستهدفة من ذلك حث القطاع الخاص على أن يتخذ له موقعا في السوق‬
‫العالمية حتى يتسنى له تمويل عملياته التجارية‪.‬‬
‫وقد ساهمت هذه الجهود في بث الثقة لدى المستثمرين والتدفق المتزايد لإلستثمارات الخارحية‬
‫الشيء الذي يدفعنا للبحث ومعرفة ماهية اإلسثمار ليخول لنا فهم أغوار هذا المفهوم المهم في‬
‫المجال اإلقتصادي (الفقرة األولى)‪ ،‬لنقوم بعد ذلك بالبحث عن أهم اآلليات اإلقتصادية والتشريعية‬
‫التي إستخدمتها السلطات العامة المغربية وفعاليتها في مجال اإلستثمار (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية اإلستثمار أنواعه وعوامل تطوره‬
‫يعد اإلستثمار من أهم العوامل المحركة لإلقتصاد‪ ،‬لما له من تأثير مباشر على معدالت التكوين‬
‫الرأسمالي للدولة‪ ،‬والتحسين من مستوى معيشة المواطنين عن طريق توفير فرص عمل والتقليل‬
‫من نسب البطالة‪ ،‬باإلضافة إلى دوره في الرفع من إنتاج السلع والخدمات التي تشبع حاجات‬
‫المواطنين وتصدير الفائض منها للخارج‪ ،‬مما يوفر العمالت األجنبية الالزمة لشراء اآلالت‬
‫والمعدات وزيادة التكوين الرأسمالي‪ ،‬فهو إذن العنصر القادر على الدفع بعجلة التنمية اإلقتصادية‬
‫في الدول النامية بإعتبار تأثيراته على النشاطات االقتصادية‪ ،‬وبإرتباطه باإلطار التأسيسي‬
‫اإلقتصادي واإلجتماعي للدولة‪ ،‬إذ هو الوحيد القادر على خلق مسلسل تغيير هيكلي لتنمية مستدامة‪،‬‬
‫فالتنمية اإلقتصادية ألي دولة تعني تطوير إمكانيات الدخل الحقيقي في مختلف المناطق‪ ،‬باإلعتماد‬
‫على األهمية اإلنتاجية للرأسمال إلحداث تغييرات ولزيادة الموارد اإلنتاجية‪ ،‬وبالتالي الرفع من‬
‫الدخل اإلجمالي‪ ،‬وفي هذا اإلطار يعتبر اإلستثمار وسيلة ضرورية لبلوغ هذا الهدف‪.‬‬
‫وبمعنى آخر‪ ،‬اإلستثمار هو أحد الركائز األساسية للتنمية اإلقتصادية الحديثة‪ ،‬وأيضا لتحقيق‬
‫اإلختيارات في مجال اإلنتاج والخطط المتبعة لتحقيق السياسات التنموية للدولة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف اإلستثمار وأنواعه‬
‫أ) تعريف اإلستثمار‪:‬‬
‫‪ ‬اإلستثمار لغة‪ :‬مصدر إستثمر يستثمر وهو الطلب بمعنى طلب اإلستثمار‪ ،‬أي إستثمر المال أو‬
‫‪1‬‬
‫نحو منه‪ ،‬أي جعله يثمر‪.‬‬

‫‪ - 1‬مجلة مجمع الفقه االسالمي‪ ،‬عن الموقع االلتكروني المكتبة الشاملة‪ ،‬تاريخ الزيارة ‪ ،2020-5-28‬على الساعة ‪.15:45‬‬

‫‪17‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫أما اإلستثمار في التحليل اإلقتصادي‪ ،‬فالمالحظ أن الخبراء الذين تناولوا مسألة اإلستثمار‬
‫بالدراسة والبحث قد فشلوا في صياغة تعريف جامع مانع للمفهوم‪ ،‬رغم ذلك فالمساهمات المتقدمة‬
‫في هذا المجال تبقى متكاملة ومتداخلة‪ ،‬ولم يكن رجال القانون أوفر حظا من علماء اإلقتصاد ألجل‬
‫اإلجماع على تعريف موحد لإلستثمار‪.‬‬
‫وهكذا نجد معجم اإلصطالح اإلقتصادي والمالي‪ ،‬يرى أن اإلستثمار هو"إكتساب الموجدات‬
‫المالية واإلنتاج هو ما يضيف منفعة أو يخلق منفعة تكون على شكل سلع وخدمات‪ ،‬وهذا اإلنتاج‬
‫له عناصر مادية وبشرية ومالية‪ ،‬فإن كان المال عنصر إنتاج فال بد أن يكون على شكل خلق‬
‫طاقة إنتاجية جديدة أو توسيع طاقة إنتاجية موجودة‪ ،‬وهو التعريف الذي جاء به غالبية الفقه‬
‫الليبرالي‪.1‬‬
‫أما الموسوعة اإلقتصادية فقد جاء فيها أن اإلستثمار هو مصروف يقوم به رب العمل كي يحفظ‬
‫أو يطور جهاز إنتاجه الذي يعبر عن إنتقال الرأسمال النقدي إلى رأسمال منتج‪.‬‬
‫فاإلستثمار إذن هو الذي يحدد الرأسمال ويوجهه‪ ،‬بمعنى آخر هو تخصيص الموارد لتوسيع قدرة‬
‫إنتاج المقاولة أو اإلقتصاد‪ ،‬وذلك عن طريق تطوير وسائل اإلنتاج المادية‪ ،‬أي أنه ذلك التجهيز‬
‫الذي ليس له منفعة في حد ذاته‪ ،‬وإنما هو الذي يؤدي إلى إنتاج السلع والخدمات التي لها منفعة‬
‫نهائية‪.‬‬
‫هكذا يتبين أن تعريف اإلستثمار ليس باألمر الهين خاصة إذا ما تمت مقاربته بعيدا عن المحيط‬
‫العام‪ ،‬وإشكاالته العميقة فهو ‪-‬أي اإلستثمار‪ -‬مفهوم كأغلب مفاهيم العلوم اإلنسانية متطور ونسبي‬
‫يتغير مغزاه بتبدل الزمان والعالقات اإلجتماعية‪.‬‬
‫ب) أنواع اإلستثمار‬
‫تم إعتماد العديد من المعايير والمقاييس لتقسيم اإلستثمارات‪:‬‬
‫• حسب مساهمة اإل ستثمار في نمو القدرات مثل شراء اآلالت أو يساعد فقط في تحسين جودة‬
‫مجموعة من اآلآلت المستعملة‪ ،‬هنا نجد إستثمارات القدرة أي اإلستثمارات اإلنتاجية‪.‬‬
‫• بحسب األنشطة القطاعية التي تتم فيها االستثمارات‪ ،‬فتميز بين االستثمارات الفالحية‪ ،‬الصناعية‪،‬‬
‫والخدماتية‪.‬‬

‫‪1 -francois denis, le capital d’investissement : guide jurdique rt fiscale, édition 5 poit rinal, paris, 20 novembre 2015, p :20 .‬‬

‫‪18‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫• تبعا لطابعه الحقوقي‪ ،‬إذ نميز بين اإلستثمار الخاص واإلستثمار العمومي‪ ،‬ويجعل هذا التصنيف‬
‫ظاهرة اإلستثمار عملية جوهرية ومعقدة في ذات الوقت‪ ،‬إذ أن الجانب المالي والدولي أصبح يأخذ‬
‫أهمية كبيرة في تحديد أهدافه‪ ،‬ويعرف أبعاد سياسية على الصعيد المحلي للصعوبة في التمييز بين‬
‫ما هو خاص وما هو عام‪.‬‬
‫• وقد أضاف البعض تصنيفا آخر هو إستثمار رأس المال وإستثمار العمل‪ ،‬فالثاني يعوض األول‬
‫في قطاعات عديدة وخاصة في إقتصاد مختلف‪ ،‬منها القطاع الفالحي وإستثمار رأس المال هو‬
‫الذي تأخذه المحاسبة الوطنية بعين االعتبار‪ ،‬وهو التكوين الخام للرأسمال الثابت‪ ،1‬وجدير بالذكر‬
‫أن هذه المحاسبة تصنف اإلستثمارات إلى ‪:‬‬
‫‪ ‬اإلستثمارات الصافية وخلق إستثمار صافي‪.‬‬
‫‪ ‬إستهالك رأس المال وإستثمارات التعويض المعدة للحفاظ على قيمة رأس المال ثابتة‪.‬‬
‫‪ ‬تغييرات المخزون‪.‬‬
‫وعادة ما يتم التعبير عن إستهالك رأس المال واإلستثمارات الصافية‪ 2‬باإلستثمار اإلجمالي وال‬
‫تخفى أهمية هذا في مدى تأثيره في عملية النمو اإلقتصادي خاصة في المجتمعات السائرة في‬
‫طريق النمو‪ ،‬فقد ينتج تشكل رأس المال عن نشاط األفراد والمقاوالت والدولة ويبرر ذلك من خالل‬
‫عمليات اإلدخار والتمويل واإلستثمار‪.‬‬
‫• ويتم التمييز أيضا بين اإلستثمار المباشر والغير المباشر الذي يسمى كذلك " إستثمار المحفظة‬
‫(‪ ،" )investiment en portefeuille‬وهو شراء حقوق خاصة أو أسهم أو سندات دون هدف‬
‫ممارسة رقابة‪ ،‬أما اإلستثمار المباشر فهو يقتضي رقابة على المقاولة‪ ،‬ويأخذ شكل المقاولة تؤسس‬
‫من طرف المستثمر إما لوحده أو بمساهمة متساوية أو بشراء جزئي أو كلي لمقاولة موجودة أو‬
‫بتوسيع مشروع قائم بإعادة إستثمار األرباح مثال‪ ،‬ومعيار الرقابة الذي يعتد به يعد نسبيا ومختلفا‬
‫بشأنه‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الحق أبو الوفا‪ ،‬االستثمار العمومي بين التراجع وإجراءات الخوصصة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية لإلدارة الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،1991-1999‬الرباط‪ ،‬ص‪.28-27:‬‬
‫‪ - 2‬فاطمة الحمدان بحير‪ ،‬السياسة الجمركية المغربية وإشكاالت المبادالت التجارية الدولية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬طبعة ‪ ،2005‬ص‬
‫‪.129‬‬

‫‪19‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫• تبعا لجنسية اإلستثمار‪ :‬يتحدد اإلستثمار األجنبي في هذا اإلتجاه بجنسية المستثمر‪ ،‬فإن كان‬
‫الشخص طبيعيا تحدد قواعد الجنسية بالنسبة لقوانين دولته‪ ،‬ويأخذ الفقه الدولي بمعيار الجنسية‬
‫الفعلية‪ ،‬فالشخص األجنبي هو الذي ال يحمل جنسية البلد الذي يقوم باإلستثمار فيه‪ ،‬أما إذا كان‬
‫الشخص معنويا أي الشركات أحيانا وهي قد تختلف عن جنسية الشركة على حساب جنسية‬
‫المساهين وفي هذه النقطة نجد إختالفا بين آراء الفقهاء وأفكار اإلقتصاديين حيث أن هؤالء يعتدون‬
‫بمسألة الرقابة اإلقتصادية على المقاولة لتقرير والئها السياسي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عوامل تطوير وإستقرار اإلستثمار‬
‫العوامل التي دفعت إلى تطور هذا النمط من اإلستثمار والتي يمكن تحديدها في ثالثة عوامل‬
‫رئيسية‪ ،‬علما أن ظاهرة االستثمار األجنبي ليست في الواقع بالظاهرة القديمة جدا إذ أنها إرتبطت‬
‫بقيم الثورة الصناعية في مستهل القرن التاسع‪ ،‬ثم نمت وتطورت حتى بلغت ذروتها في األعوام‬
‫‪ 1996-1997‬وسنتولى بحث هذه العوامل فيما يلي‪:‬‬
‫أ) العوامل اإلقتصادية‪:‬‬
‫إن هدف أي مشروع إقتصادي هو إستمرارية النشاط التجاري وتطوير اإلستغالل والحصول‬
‫على أكبر قدر ممكن من األسواق مما يحقق (ربح مالئم) وألجل تحقيق ذلك فإن المستثمر يبحث‬
‫عن سبل متباينة تؤدي إلى زيادة اإلنتاج وعوائده‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق فقد إتجهت الشركات التجارية المختلفة إلى اإلستثمار في دول أخرى‪ ،‬سعيا‬
‫وراء تحقيق األرباح من خالل اإلنتاج بأقل تكلفة‪ ،‬معتمدة على إختالف الدرجات ومستويات نمو‬
‫اإلقتصاديات الوطنية المتنوعة وعلى إختالف تكاليف اإلنتاج في الدول األخرى‪ ،‬ويتجسد ذلك في‬
‫معايير منها مثال " إختالف أجرة العمل‪ ،‬وتباينها بين الدول المصدرة التي تعاني من ندرة في‬
‫العمالة‪ ،‬وإرتفاع أجرها بين الدول الضعيفة إقتصاديا والتي غالبا ما تكون بحاجة إلى ذلك الرأسمال‬
‫الوافد‪ ،‬والتي تتوافر فيه العمالة المنخفضة األجر‪.‬‬

‫ب) العوامل القانونية‪:‬‬

‫‪20‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫تحتل العوامل القانونية مركزا متميزا‪ ،‬لما لها من دور في نمو وتطور وجذب االستثمارات‬
‫األجنبية‪ ،‬وذلك ألن المستثمر األجنبي سواء أكان فردا أم شركة ال يقدم على االستثمار في دولة‬
‫أخرى إال إذا توفرت له الضمانات والتسهيالت والحماية القانونية الكافية‪.‬‬
‫فتعامل الدولة المضيفة مع المخاطر غير التجارية بالمرونة والشفافية‪ 1‬له أهمية كبيرة لتعزيز‬
‫الثقة واالطمئنان في نفوس المستثمرين‪ ،‬وذلك ألن هذا النمط من المخاطر يقلق المستثمرين‪ ،‬ألنه‬
‫غالبا ما يكون غير معروف‪ ،‬على خالف المخاطر التجارية التي تصاحب بشكل طبيعي العملية‬
‫االستثمارية وتقوم بالتأمين عليها بصورها المختلفة‪.‬‬
‫ج) العوامل السياسية واإلجتماعية‪:‬‬
‫يعتبر اإلستقرار السياسي عنصرا أساسيا في قرار االستثمار األجنبي‪ ،‬وذلك يشعر المستثمرين‬
‫األجانب بالمزيد من األمان واإلطمئنان‪ ،‬فالمستثمر ال يخاطر برأسماله أو خبرته في دولة ال تتسم‬
‫أجواؤها باالستقرار السياسي مما ال شك فيه أن هدف المشروع االقتصادي هو ديمومة المشروع‬
‫التجاري وتطوير االستغالل والحصول على أكبر قدر ممكن من األسواق مما يحقق (ربح مالئم)‬
‫وألجل تحقيق ذلك فإن المستثمر يبحث عن سبل متباينة تؤدي إلى زيادة اإلنتاج وعوائده‪.‬‬
‫وكلما كانت هناك شفافية وعدم المضاربة في سياسات الدول‪ ،‬كلما كانت فرص اإلستثمار‬
‫وإنتقال رؤوس األموال بين الدول كبيرة وسهلة‪ ،‬ألن المجتمعات التي تسود أجواؤها أزمات‬
‫سياسية وإجتماعية تهاجر منها رؤوس األموال األجنبية‪ ،‬كما أن إستمرار اإلضطرابات في بلد ما‬
‫ال يؤدي إلى هجرة رؤوس األموال األجنبية فقط‪ ،‬بل يطرد األموال الوطنية أيضا‪.‬‬
‫وبذلك فإن اإلستقرار السياسي في الدولة يعد عامال فعاال في تشجيع اإلستثمار األجنبي وإقبال‬
‫المستثمر على المساهمة في عملية تنمية إقتصاديات تلك الدول‪ ،‬أما العوامل اإلجتماعية فتعكس‬
‫ما لدى جمهور المستهلكين في بلد ما من تفضيل للمنتج المحلي على غيره وقد تلعب هذه العوامل‬
‫دورا إيجابيا في جذب رؤوس األموال األجنبية‪ ،‬وتشجيع المستثمر من خالل إنشاء وحدات إنتاجية‬
‫في البلد المستورد لهذه األموال‪.‬‬
‫ويتضح مما تقدم أن العوامل الثالثة تكمل إحداها األخرى ألنها مرتبطة وتؤثر في بعضها‬
‫البعض‪ ،‬بحيث تؤدي بالنتيجة إلى خلق مناخ إستثماري وجذب رؤوس األموال األجنبية ألن هذه‬

‫‪ - 1‬سلسلة دراسات األونكتاد بشأن مسائل إتفاقات اإلستثمارات الدولية‪ ،‬تقرير األ مم المتحدة للتجارة والتنمية حول موضوع الحوافز سنة التقرير ‪ ، 2008‬ص‪.60‬‬

‫‪21‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫العوامل تشكل عوامل جذب وإستقطاب وعوامل نفور وطرد لرأسمال ولهذا بدأ اإلستثمار األجنبي‬
‫المباشر بالتدفق على مناطق جذبه‪ ،‬وقد صنفت إلى ما يأتي " إستثمار يبحث عن السوق‪ ،‬وآخر‬
‫يبحث عن الموارد وهناك من يبحث عن الكفاءة "‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أهمية اإلستثمار في مسألة التنمية‬
‫للتنمية مفاهيم عدة تختلف بإختالف المجال التي تنشده‪ ،‬غير أن ما يهمنا هنا هو التنمية‬
‫اإلقتصادية قبل ذلك يجب توضيح بين مفهومين متقاربين وهما النمو ‪،Croissance‬‬
‫والتنمية ‪ ،Développement‬فالنمو يعتبر من بين األهداف األسياسية للسياسات اإلقتصادية‬
‫الظرفية بعد التحكم في نسبتي التضخم والبطالة زيادة على خفض عجز ميزان الحساب الجاري‬
‫لميزان األداءات‪ ،‬كما يعرف النمو اإلقتصادي كمفهوم كمي أضيق من التنمية اإلقتصادية للزيادة‬
‫المستمرة في خلق الثروة االقتصادية ‪ Richesse‬من خالل الرفع من الناتج الداخلي الخام وبمعنى‬
‫آخر هي الزيادة في قيمة السلع والخدمات التي يكون مصدرها األنشطة األقتصادية المختلفة‪ ،‬أما‬
‫التنمية فتعرف كمفهوم كيفي أكثر منه كمي‪ ،‬وأوسع من النمو وتعتبر على أنها مجموعة من‬
‫المتغيرات اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية التي يشهدها اإلقتصاد نوعيا وكميا‪ ،‬فالتنمية‬
‫اإل قتصادية ليست تغييرا ماليا‪ ،‬جزئيا‪ ،‬مرحليا‪ ،‬عابر يقتصر على زيادة في الناتج الداخلي الخام‬
‫لكنها خطة وسياسة معقدة متشابكة تستهدف تغيير جوهري في البنيان اإلقتصادي‪.‬‬
‫فمن غير الممكن أن يتناول الباحث دراسته بعيدا عن بعض العناصر اإلقتصادية الهامة‪ ،‬كمفهوم‬
‫اإلدخار فما طبيعة العالقة بين هذين العنصرين والتنمية ؟‬
‫أوال‪ :‬عالقة اإلستثمار باإلدخار والتنمية‬
‫اإلدخار هو مجموع المبالغ التي يحتفظ بها األفراد لإلحتياط أو اإلستثمار عندما يضغطون على‬
‫اإلستهالك إلى مستوى دون مستوى الدخل‪ ،1‬وبناءا على هذا يصح القول أن قرار اإلستثمار‬
‫مرتبط أشد االرتباط بتواجد اإلدخار‪ ،‬وهو ما يؤمن به المنظرون اإلقتصاديون الكالسيكيون فكل‬
‫إدخار وجب إستثماره ولكن اإلدخار وحده ال يمكن أن يؤدي إلى اإلستثمار‪ ،‬إذ هناك عوامل أخرى‬

‫‪ -1‬أحمد زكي بدوي‪ ،‬معجم المصطلحات االقتصادية‪ ،‬دار الكتاب المصري القاهرة‪ ،‬ص‪.261‬‬

‫‪22‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫تتحكم في ذلك‪ ،‬وبصيغة أخرى ال توجد عالقة حتمية بين اإلدخار واإلستثمار‪ ،‬وبناءا عليه إذا‬
‫كان اإلدخار ضعيفا فلن يكون اإلستثمار ضعيفا أوتوماتيكيا‪.‬‬
‫كما أن المالحظ بالنسبة للبلدان النامية تجد صعوبة في الربط بين اإلدخار واإلستثمار ألن‬
‫الدخل غالبا ما يتم توجيهه نحو األنشطة المضاربية بدال عن خلق فرص اإلستثمارات المنتجة‪،‬‬
‫زيادة على مشكل محدودية السوق الداخلية وضيقها في هذه البلدان الشيء الذي ال يشجع اإلستثمار‬
‫ويعيقه‪ ،‬ومما يزيد الوضع تعقيدا هو تداخل التجهيزات اإلقتصادية واإلجتماعية من جهة والبنيات‬
‫التحتية والمردودية المباشرة من جهة أخرى‪.‬‬
‫كما أن اآلراء حول اإلستثمار في عالقته باإلدخار عرفت سلسلة من التطورات‪ ،‬والتي حددها‬
‫برادل‪ PRADEL 1‬في ثالثة مراحل‪:‬‬
‫‪ ‬المرحلة األولى‪ :‬كانت مع األزمة اإلقتصادية لسنة ‪ 1929‬ونتائجها الجسيمة على المستويات‬
‫اإلجماعية واإل قتصادية والتي جعلت النظام الرأسمالي عاجزا عن العمل بصورة عادية وبين‬
‫حاجته إلى إجراء إصالحات عميقة بدأت بوادرها األولى مع سياسة " نيودل " التي تميزت‬
‫بالقوانين اإلجتماعية للرفع من دخول األفراد وتحسين أوضاعهم‪،‬غير أن عالج األزمة كان هو‬
‫ضرورة تدخل الحكومة للقيام باإلستثمارات‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الثانية‪ :‬تزامنت مع نشر كتاب " النظرية العامة " للعالم كينز الذي وصف كتابه بثورة‬
‫اإلقتصاد الجديد‪ ،‬فقد حاول نسف مجموعة من المفاهيم السائدة أنذاك‪ ،‬ورأت نظريته الجديدة أن‬
‫أسباب أزمة أمريكا لسنة ‪ 1929‬والغرب الرأسمالي عامة تعود إلى نقص إستثمارات المقاوالت‪،‬‬
‫األمر الذي يحتم على جهاز الدولة أن يتدخل لتحريك آليات اإلستثمار وتنشيطه‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الثالثة‪ :‬فتم إدراك دور اإل ستثمار وأهميته على المدى البعيد كعامل أساسي للنمو‪،‬‬
‫وكأحد المحركات الرئيسية لتنشيط اإلقتصاد على المدى القصير‪ ،‬ولكن المشكل الذي يظل قائما‬
‫سواء في البلدان المتقدمة أو المتخلفة هو مسألة اإلدخار وكذا التوازن بينه وبين اإلستثمار‪،‬‬
‫فميكانيزمات السوق واإلختبارات الحرة للفاعلين اإلقتصاديين تتحكم في نصيب مهم من الحركة‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬وعليه فإن عملية اإلدخار واإل ستثمار ال تتحقق بصفة تلقائية والبحث عن نمو مهم‬
‫في هذه الحالة يتطلب ان يكون مستوى اإلستثمارات مرتفعا‪ ،‬أما في األقطار النامية فيسجل غياب‬

‫‪ - 1‬عبد الحق أبو الوفا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬

‫‪23‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ميكانيزمات السوق‪ ،‬وحتى إن وجدت فهي لم تعط النتائج المنتظرة منها‪ ،‬وهذا ما يفسر كون‬
‫الدولة هي أول من يملك المبادرة في مجال التنمية وال سيما وأن هذه البلدان تواجه نقصا حادا في‬
‫رؤوس األموال‪.‬‬
‫نستنتج مما سبق أنه ال يمكن اإلعتماد على اإلدخار الوطني مادام أن هناك إنخفاض في مستوى‬
‫دخل األفراد‪ ،‬ولذلك نبه المهتمون والدارسون إلى ضرورة تشخيص السياسات المطبقة في الدول‬
‫المتقدمة وتجنبها ألنها ببساطة ال تناسب إقتصاديات الدول السائرة في طريق النمو‪ ،‬وألن مسألة‬
‫التنمية من جهة أخرى هي ترتبط بشكل وثيق بأهمية اإلستثمار وبنيته ومدى فعاليته وقد عرف‬
‫هذا االرتباط تغيرات كبرى أمام متطلبات التنمية المتزايدة وبالخصوص بعد الثورة التكنولوجية‬
‫والعملية اللتين شاهدتهما الدول المصنعة‪.‬‬
‫لقد تطور مفهوم اإلستثمار بإنتقاله من مجرد إيداع مالي خاص إلى مفهوم يعتبر اإلستثمار‬
‫كتخصيص وطني للموارد من أجل إنعاش النمو‪ ،‬لذلك يالحظ أن هذه الدول حالما تريد المحافظة‬
‫على مواردها اإلقتصادية في مستوى التقدم التقني تلتزم بتكريس‪ 10 %‬إلى ‪ 15%‬من ناتجها‬
‫‪1‬‬
‫الخام سنويا إل ستثمارات جديدة بالنظر لتدهور التجهيز المتوفر وإنتاجية التجهيز الجديد‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق فإن توجيه اإلستثمار بالنسبة لإلقتصاد معين كان يشكل أكثر من حجمه‬
‫وخاصة في القطاعات األساسية داخل الدول النامية كالمغرب والتي تتميز بكون اقتصادها منفتح‬
‫على الخارج ومسيطر عليه من طرفه‪ ،‬ويخضع حتما لتقلبات االقتصاد العالمي ومتغيراته وكذا‬
‫التقسيم العمل على المستوى الدولي‪ ،‬مما يصعب تحديد أهمية االستثمار في المسيرة التنموية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلستثمار من مؤشرات التنمية‬
‫ال شك أن اإلستثمار في العصر الحالي يعد مقياسا أساسيا لتقييم التطور االقتصادي والتاريخي‬
‫للمجتمعات اإلنسانية‪ ،‬ولذلك تحاول معظم دول النامية أن تحقق أملها في اللحاق بركب الدول‬
‫المتقدمة كي تتجاوز التأخر اإلقتصادي بشكل عام‪.‬‬
‫فيعتبر إنعاش اإلستثمار وسيلة لتحقيق طموحات اإلستقالل الصناعي في الدول النامية التي‬
‫تلجأ العديد منها إلى سن إجراءات مالية وجبائية وجمركية وعقارية قصد جلب وإستقطاب أكبر‬

‫‪1 -Petter frank : « le rôle de l’investissement privé dans les pays en voie de déveleppement » étude publiée dans la revue‬‬
‫‪M.F.P.E.N °3 1987-1988 P :20-21.‬‬

‫‪24‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫قدر من اإلستثمارات المحلية واألجنبية‪ ،1‬ولكن هذه اآلليات لوحدها تظل غير كافية‪ ،‬فالبلدان‬
‫المتقدمة إنطلقت سياستها التصنيعية منذ أكثر من قرن‪ ،‬وقطعت أشواطا ومراحل صعبة وإعتمدت‬
‫على الوسائل التي تالءمت مع واقعها السياسي واإلجتماعي واإلقتصادي‪ ،‬وواكب تطور األدوات‬
‫المستعملة تقدم أوضاعها‪ ،‬ونستنتج من ذلك أن إستعداد دول النامية لتجاوز بعض المراحل وحرقها‬
‫‪2‬‬
‫أمر مشكوك فيه وصعب المنال‪.‬‬
‫بحيث أن إ عتبار األنشطة االستثمارية كمكون من مكونات العملية التنموية رهين بمدى توفر‬
‫أو وجود طبقة إجتماعية مؤهلة وقادرة على تبوءها لزيادة األعمال‪ ،‬فالنشاطات اإلستثمارية‬
‫محكومة بظروف التجربة وحيثياتها والتراث الثقافي للمجتمع‪ ،‬وعلى سبيل المثال فإن البرجوازية‬
‫األوروبية لعبت دورها في تطوير اإلستثمار واإلنتاج في أواخر القرن ‪ ،19‬ويقف التاريخ‬
‫اإل قتصادي شاهدا على براعة اليد العاملة الصينية ومثيلتها اليابانية والتي كانت من أهم العوامل‬
‫المساهمة في األداء اإلقتصادي المتميز لبلدان شرق آسيا ونشوء مثل هذه العوامل والفعاليات‬
‫المحركة لإلستثمار ال يحتاج إلى تمويل مبادرتها ومشاريعها‪ ،‬وقبل ذلك فهي في حاجة إلى توفير‬
‫قوات دفع مؤسساتية ترتبط بطبيعة النظام السياسي واإلقتصادي والمالي واإلجتماعي نظام يتعين‬
‫عليه إيجاد أرضية خصبة صالحة لممارسة األنشطة االستثمارية‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه أن المغرب من الدول التي تجد مشاكل متعددة في رفع إيقاع أو مستوى‬
‫اإلستثمار وتوجيهه نحو القطاعات المنتجة التي تمكن من خلق مناصب الشغل وتشييد المشاريع‬
‫اإلقتصادية المبرمجة في مخططات التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وقد كانت أول خطوة هي‬
‫خلق مؤسسات التدخل في القطاعات اإلقتصادية أي هيئات ذات طبيعة تقنية كمكتب التنمية‬
‫الصناعية على سبيل المثال ومؤسسات لها صيغة مالية كالبنك الوطني لإلنماء اإلقتصادي والبنك‬
‫الشعبي أما الخطوة الثانية فتتجلى في إصدار قانوني يهدف إلى إنعاش اإلستثمارات وتحفيز‬
‫المستثمرين للرفع من مستوى اإلنتاج‪ ،‬عالوة على تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية المرتبطة‬
‫بمنح االمتيازات المقررة في قوانين اإلستثمار‪.‬‬

‫‪ - 1‬الشريف تيست‪ ،‬تشجيع اإلستثمار بين دور االدارة وحماية القاضي االداري‪ ،‬مجلة المغربية لإلدارة المحليةوالتنمية‪،‬عدد ‪ ،140‬سنة ‪،2018‬‬
‫مطبعة البيضاوي سال‪،‬ص‪.127‬‬
‫‪ - 2‬محمد بلعوشي‪ ،‬اإلعفاءات الضريبية لتشجيع االستثمار الصناعي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام‪ ،‬بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪،1990-1989‬ص‪.27‬‬

‫‪25‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلطار القانوني المنظم لإلستثمار‬


‫تعتبر سياسة تشجيع اإلستثمار قاعدة إستراتيجية للتنمية اإلقتصادية‪ ،‬فمنذ حصول المغرب على‬
‫اإلستقالل‪ ،‬إ عتمد مجموعة من القوانين واألنظمة التي توفر للمستثمر الحوافز الالزمة إلنجاح‬
‫مشروعه‪.1‬‬
‫وهكذا فقد بادر المغرب قبل إصدار قانون اإلطار رقم ‪ 218-95‬والذي هو بمثابة ميثاق‬
‫لإلستثمار‪ ،‬بإصدار مجموعة من المدونات القطاعية‪ ،‬حيث عمدت من خاللها السلطات العمومية‬
‫إلى تبني العديد من اإلجراءات التحفيزية التي كان الهدف منها تشجيع المبادرة الخاصة بالرغم من‬
‫اعتبار البعض أن هذه المدونات أخدت تظهر بمظهر إثارة المستثمرين األجانب على األخص‪.3‬‬
‫وللحديث عن سياسة اإلستثمار في المغرب يستدعي األمر ربط الحاضر بالماضي‪ ،‬كما يستلزم‬
‫التطرق إلى تأطير اإلستثمار بالمغرب إنطالقا من فترة حصوله على اإلستقالل إلى غاية صدور‬
‫آخر مدونة لإلستثمار‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬سنتناول الحديث عن المراحل التي مر منها تطور قوانين اإلستثمار بالمغرب‬
‫في الشق األول من هذا المطلب (كفقرة أولى)‪ ،‬على أن نتطرق للحديث في شقه الثاني عن ميثاق‬
‫اإلستثمار ‪ 184-95‬المحفز لعملية اإلستثمار بالمغرب (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬قوانين اإلستثمار كخيار إقتصادي‬


‫بعد حصول المغرب على اإلستقالل وعلى غرار الدول السائرة في طريق النمو‪ ،‬تم وضع سلسلة‬
‫من التدابير من خالل مدونات اإلستثمار‪ ،‬وقد إستهدفت بشكل محدد اإلستثمارات الخاصة الوطنية‬

‫‪ -‬الحبيب العطشان‪" :‬مساهمة القا ضي الضريبي المغربي في حماية االستثمار " أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫‪1‬‬

‫واالجتماعية‪ ،‬الرباط ‪ ،2007_2006‬ص‪.11 :‬‬


‫‪ -2‬ظهير شريف رقم ‪ 1-95-213‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر‪, 1995‬يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم ‪ 18-95‬بمثابة ميثاق اإلستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 4335‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪.1995‬‬
‫‪ -3‬عبد النبي أظريف ‪" ،‬الخوصصة بالمغرب‪ ،‬إصالحات‪ ،‬حصيلة ورهانات"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية الدار البيضاء‪ ،2000-1999 -‬ص ‪.37:‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1-95-213‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر‪, 1995‬يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم ‪ 18-95‬بمثابة ميثاق اإلستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪4‬‬

‫‪ 4335‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪.1995‬‬

‫‪26‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫واألجنبية على حد سواء وذلك من خالل منح العديد من المزايا الضريبية ومن هذه القوانين نجد‬
‫أربع مدونات أساسية والتي عكست بصورة أو بأخرى السياسة اإلقتصادية للدولة‪.1‬‬
‫وقد عمدت هذه األخيرة من خاللها على تشجيع الرأسمال الخاص وخلق نشاط مالي وإقتصادي‬
‫والعمل على خلق مناصب الشغل والنهوض باألنشطة اإلقتصادية ذات األولوية وقد ركزت بشكل‬
‫‪3‬‬
‫أساسي على خلق نظام تحفيزي ضريبي بدءا بقانون ‪( 21958‬أوال)‪ ،‬وصوال إلى قانون ‪1983‬‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المرحلة التمهيدية لصدور قوانين اإلستثمار‬


‫بإعتبار هذه الفترة تجسد بداية التأسيس إلستقطاب اإلستثمارات األجنبية بالمغرب سوف نحاول‬
‫من خاللها التطرق إلى مرحلتين أساسيتين‪ ،‬المرحلة األولى والتي تهدف لإلهتمام بالرأسمال‬
‫الوطني ‪( 1958‬أ)‪ ،‬وبخصوص المرحلة الثانية ‪ 41960‬والتي تهدف لإلهتمام بالرأسمال األجنبي‬
‫(ب)‪.‬‬
‫أ) قانون ‪ 1958‬واإلهتمام بالرأسمال الوطني‬
‫إختار المغرب لنفسه قبل اإلستقالل سياسة إستثمارية بهدف تحسين بنية اإلستثمار بالمغرب في‬
‫إطار إستراتيجية الليبرالية اإلقتصادية أو اإلجراءات الضريبية اإلستثنائية لتشجيع اإلستثمار‬
‫تضمنتها نصوص ذات محتوى عام صادر في سنة ‪ 1954‬وتم إعادة النظر فيها بإصدار قانون‬
‫‪ 1958‬والذي تميز بتردده في تشجيع المبادرة الخاصة‪ ،‬كما أن هدفه األساسي كان هو تشجيع‬
‫رؤوس األموال الوطنية‪ ،‬بحيث أن اإلمتيازات المقدمة لإلستثمارات األجنبية كانت جد ضعيفة‪،‬‬
‫ويمكن تفسير ذلك بالتوجهات العامة للمسؤولين عن اإلقتصاد المغربي في تلك الفترة‪ ،‬بمنح وتحفيز‬
‫اإلستثمارات الوطنية‪ ،‬وإعطاء دور تكميلي لإلستثمارات األجنبية فإلى جانب التحرر السياسي كان‬
‫المغرب يريد تحقيق تحرره االقتصادي من التبعية األجنبية‪ ،‬ألن الهدف الرئيسي من قانون ‪1958‬‬
‫هو التخلص من هيمنة المستعمر الفرنسي‪ ،‬والحصول على السيادة اإلقتصادية‪ ،‬وعليه إلتجأ‬

‫‪ -1‬عادل الخصاصي‪" ،‬التنافسية المعيارية‪ ،‬صراع جديد بين األنظمة القانونية الوطنية "المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت ‪ ،‬عدد ‪ ،14-15‬شتنبر ‪،2008‬‬
‫ص ‪.112‬‬
‫ظهير الشريف رقم ‪1.58.263‬الصادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 2477‬بتاريخ ‪ 28‬صفر ‪ 1378‬الموافق لـ ‪ 13‬شتنبر ‪.1958‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -3‬ظهير شريف رقم ‪ 1.82.220‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 3664‬بتاريخ ‪ 1983/01/19‬بتاريخ ‪ 2‬ربيع اآلخر ‪ 17( 1403‬يناير ‪.)1983‬‬
‫‪ -4‬ظهير الشريف رقم ‪ 1.60.059‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2478‬في بتاريخ ‪ 28‬شعبان ‪ 1379‬الموافق ل ‪ 26‬فبراير ‪.1960‬‬

‫‪27‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫المغرب إلى مجموعة من التدابير اإلصالحية بهدف وضع حد لنزيف تهريب رؤوس األموال‬
‫‪1‬‬
‫األجنبية‪.‬‬
‫أما على مستوى اإلمتيازات التي نص عليها هذا القانون‪ ،‬همت بالخصوص النشاطات الصناعية‬
‫وقد حدد قرار وزاري‪ ،‬هذه األخيرة في نوعين من الصناعات المستفيدة وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬صناعات األساس‪ :‬وقد أقر لهذا الصنف بجميع التشجيعات المنصوص عليها في هذا القانون‪،‬‬
‫وتهم بالخصوص مجال صناعة الصلب والحديد‪ ،‬والصناعات الكيماوية والمعدنية وإنتاج وتصفية‬
‫الطاقة والمعادن‪.‬‬
‫‪ -2‬الصناعات اإلنتاجية‪ :‬وتتكون من صناعات تقويم وإستغالل المواد األولية المغربية‪ ،‬تقويم‬
‫المنتجات الفالحية‪ ،‬صناعة المواد االستهالكية الموجهة باألساس للسوق الداخلية كالصناعات‬
‫‪2‬‬
‫المرتبطة بالنسيج‪ ،‬السكر‪ ،‬والصيدلة‪.‬‬
‫وقد بقى المجال مفتوحا أمام وزير االقتصاد الوطني والمالية إلضافة أحد الصناعات لهذا أدخل‬
‫تعديالت عليها‪ ،‬وذلك بعد اإلستشارة وأخد الرأي من طرف اللجنة المكلفة باالستثمار والتي كان‬
‫يترأسها الوزير األول‪.‬‬
‫وعموما فما يمكن إستخالصه من مدونة اإلستثمار لسنة ‪ 19583‬أنها كانت تهدف باألساس إلى‬
‫التصدي لإلنخفاض المهول لإلستثمار‪ ،‬لكنها لم تحقق النتائج المرجوة المتوخاة منها على إعتبار‬
‫أنها ركزت على اإلستثمار الوطني بالدرجة األولى أكثر من نظيره األجنبي‪.‬‬
‫وأنها كانت تلزم المقاوالت التي تقدم ملفات استثمارها أن تمر عبر عدة لجان مصغرة ومصالح‬
‫تقنية بين الوزارات المتداخلة في الميدان وفي بعض األحيان بين أقسام ولجان داخل نفس الوزارة‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫وذلك قصد التأكد من مدى مطابقتها لسياسة التنمية المعتمدة من طرف الحكومة‪.‬‬
‫ولهذه األسباب وألسباب أخرى‪ ،‬تم التفكير في إعداد إطار قانوني جديد‪ ،‬قانون ‪ 31‬دجنبر‬
‫‪ 1960‬يتجاوز ويتخطى اإلشكاالت التي قد عرفتها مدونة ‪ 1958‬فما هو مضمون القانون الجديد‬

‫‪ -1‬سهلية أقلعي‪" ،‬إشكالية تحفيز االستثمار في المغرب"رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة ‪ ،2008-2007‬ص‪.14‬‬
‫‪ -2‬القرار الوزاري الصادر في نفس السنة والمنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 2369‬بتاريخ ‪ 26‬شتنبر‪.1958‬‬
‫‪ -3‬ظهير الشريف رقم ‪1.58.263‬الصادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 2477‬بتاريخ ‪ 28‬صفر ‪ 1378‬الموافق لـ ‪ 13‬شتنبر ‪.1958‬‬
‫‪ -4‬عبد الحي البكدوري الطراف‪" ،‬سياسة االستثمار بالمغرب والحماية القانونية للمستثمر األجنبي" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬وحدة القانون والعلوم‬
‫اإلدارية للتنمية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطبنجة‪ ،‬السنة ‪ ،2011-2010‬ص‪.13‬‬

‫‪28‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ب) قانون ‪ 11960‬واإلهتمام بالرأسمال األجنبي‬


‫لقد سبق إصدار قانون اإلستثمار لسنة ‪ 1960‬وضع المخطط الخماسي ‪ 1964-1960‬الذي‬
‫أعطى األولوية للقطاع لفالحي المصدر وللسياحة كما إهتمت الدولة بتنمية المبادرة الخاصة عن‬
‫طريق خلق الظروف المالئمة لذلك‪.‬‬
‫وقد جاء هذا القانون ليضع حدا للتجارب التي عرفها االقتصاد المغربي ما بين سنتي ‪-1956‬‬
‫‪ 1960‬وقد شكل رجوعا قويا للطبقات اإلجتماعية الوطنية التي تتبنى أفكار ليبرالية على الصعيد‬
‫‪2‬‬
‫اإلقتصادي وتراهن على ربح ثقة الرأسمال األجنبي‪.‬‬
‫ومن ذلك يمكن القول أن هذا القانون هو الذي أسس لمدونة اإلستثمار بالمعنى الدقيق للكلمة‬
‫وأعطاها صيغة ليبرالية قوية‪ ،‬حيث تأثر بالظروف السياسية التي شهدها مغرب في تلك الفترة‪،‬‬
‫حيث وضع حد لحكومة األستاذ عبد هللا إبراهيم والتي عرفت بتوجهاتها السياسية واالقتصادية‬
‫المتسمة بالتركيز على الرأسمال الوطني ومحاولة خلق استقالل اقتصادي بعد االستقالل السياسي‪،‬‬
‫وأيضا بطابعها اإلجتماعي المحض‪.‬‬
‫ومن نتائج هذا القول هي عودة الرأسمال األجنبي لإلستثمار بالمغرب نظرا للمزايا التي منحهم‬
‫إياها القانون الجديد في المجال الضريبي‪ ،‬كاإلعفاء الجزئي من الضريبة المهنية لمدة ‪ 5‬سنوات‪،‬‬
‫واإلعفاء من حقوق الجمرك على الواردات بالنسبة ألدوات التجهيز‪ ،‬وتخفيف من حقوق التسجيل‪،‬‬
‫ومن هذه المزايا أيضا تمكين المستثمر األجنبي من ترحيل أرباحه إلى الخارج‪.3‬‬
‫إضافة إلى ذلك فقد احتفظ القانون بعدة أحكام جيدة وقام بتعديل وتكملة أخرى‪ ،‬فقد احتفظ بالرسوم‬
‫الجمركية ورسوم التسجيل أما بالنسبة للمقتضيات األخرى فقد كانت تخص أحكام قانون الصرف‬
‫الذي اتخذ طريقا ليبراليا واألحكام الخاصة بتوسيع قائمة المستفيدين من هذا القانون‪ ،‬وأحكاما تخص‬

‫ظهير الشريف رقم ‪ 1.60.059‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2478‬في بتاريخ ‪ 28‬شعبان ‪ 1379‬الموافق ل ‪ 26‬فبراير ‪.1960‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -2‬المخطط الخماسي ‪ 1964-1960‬ترمي إستراتيجية إلى تحقيق االستقالل االقتصادي عن طريق التقليل نحو هيمنة الرأسمال األجنبي على المرافق الحيوية للبالد‬
‫وقد اهتم بالقطاع لفالحي والتعليم والتصنيع معتبرا تدخل الدولة في هذه المجاالت أمرا ضروريا نظرا لضعف البنيات الموجودة‪.‬‬
‫‪ -3‬حميد النهري بن محمد‪" ،‬إشكالية التدخل الجبائي في المغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪،‬أكدال‪،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2001-2000‬ص ‪.58‬‬

‫‪29‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫تشجيع اإلستثمارات خارج منطقة الدار البيضاء‪ ،‬وقد إستمر العمل بهذا القانون لمدة ‪ 13‬سنة تم‬
‫خاللها تبني ‪ 3‬مخططات للتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وعرف عدة إصالحات‪.1‬‬
‫ومجمل ما يمكن قوله عن هذا القانون أنه إتسم بالنزعة اإلقتصادية الليبرالية القوية المشجعة‬
‫لإلستثمار األجنبي الخاص‪ ،‬وأيضا مساعدة المقاولة الخاصة والشبه العامة في مرحلة تكوينها أو‬
‫في مرحلة عملها‪.‬‬
‫لكن ما يعاب عليه ‪ -‬أي قانون ‪ -1960‬أنه لم يفرق بين القطاعات اإلقتصادية‪ ،‬بل اهتم بها في‬
‫شموليتها دون التمييز بين الصناعة العصرية والتقليدية والسياحية‪ ،‬إضافة إلى غياب المبادرة‬
‫الخاصة وضعف معدل اإلستثمارات‪ 2‬المحققة‪ ،‬وبقيت الدولة في الواقع هي المهيمنة‪ ،‬حيث لم يتمكن‬
‫المغرب من تجاوز النزعة التدخلية التي إتسم بها أول قانون إستثماري‪.‬‬
‫هذه العوامل وأخرى جعلت مراجعة هذا القانون أمرا ضروريا بتصحيح الهفوات وسد الثغرات‬
‫وإزالة العوائق‪ ،‬وفي سبيل ذلك صدرت سنة ‪ 19733‬مدونة االستثمار الجديدة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المرحلة التالية لصدور قوانين اإلستثمار‬
‫بفعل الفشل الذي عرفته قوانين اإلستثمار السابقة قام المغرب بنهج سياسة إستثمارية مغايرة بدءا‬
‫بقانون ‪ 1973‬والذي هم مجموعة من القطاعات والمجاالت حيث نجد المجال الصناعي والسياحي‬
‫والصناعة التقليدية والقطاع المعدني والبحري (أ)‪ ،‬كما عرف المغرب إصدار مدونة عصرية‬
‫لتشجيع االستثمار سنة ‪( 19834‬ب)‪.‬‬
‫أ) قانون ‪ 1973‬وسياسة التشجيع القطاعي‬
‫جاء قانون اإلستثمار لسنة ‪ 1973‬مواكبا لثالث مخططات تنموية اهتمت بالقطاعات الصناعية‬
‫والفالحية والسياحية‪ ،‬حيث بات من الضروري النهوض بالتصنيع خاصة الصناعات التصديرية‬
‫المرتبط بالفالحة والتصدير‪ ،‬وإحالل المنتوجات المصنوعة محليا مكان المواد المستوردة من‬
‫الخارج‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اللطيف لفرحي‪" ،‬السياسة الجبائية وقرار االستثمار في المغرب"رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام المعمق‪ ،‬القانون اإلداري والمالية العامة‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واإلقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2008-2007‬ص ‪.14:‬‬
‫‪ -2‬عبد الحي البكدوري الطراف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -3‬ظهير شريف رقم ‪ 1.73.413‬بتاريخ ‪ 13‬غشت ‪ 1973‬بمثابة قانون يتعلق بإتخاد تدابير خاصة بتشجيع االستثمار‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3172‬بتاريخ ‪ 15‬غشت ‪.1973‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.82.220‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 3664‬بتاريخ ‪ 1983/01/19‬بتاريخ ‪ 2‬ربيع اآلخر ‪ 17( 1403‬يناير ‪.)1983‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪30‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ولقد صدر هذا القانون بعد ستة أشهر من صدور قانون المغربة‪ ،1‬الذي يركز على الرجوع إلى‬
‫المصادر الوطنية‪ ،‬وبالتالي إبعاد العنصر األجنبي الذي نتج عنه قلت تدفق اإلستثمارات األجنبية‬
‫التي تعتبر المصدر الرئيسي لإلنتاج فشل هذا المخطط اإلستثماري‪.‬‬
‫حيث أدى فشل قانون اإلستثمارات لسنة ‪ ،1973‬إلى دفع المشرع المغربي نحو التفكير في‬
‫تعديله ألن هذا القانون كان في نظر المستثمرين يتضمن حوافز ضعيفة لم تصل إلى مستوى الحوافز‬
‫اإلستثمارية المعمول بها في باقي الدول المنافسة‪ ،‬وإنطالقا من هذا التهميش كان الرفع من المزايا‬
‫اإلستثمارية في مدونة ‪ 1983‬هو األساس باإلضافة إلى تكريس اإلتجاه الليبرالي‪.‬‬
‫هذا القانون عرف هو اآلخر حصيلة سلبية على العموم‪ ،‬ويرجع ذلك إلى الظروف اإلقتصادية‬
‫التي عرفتها سنوات ا لسبعينات والتي تميزت بتدهور سعر المواد األولية وتعميق العجز المالي‪،‬‬
‫واختالل الميزان التجاري‪ ،‬وزيادة الديون الخارجية‪ ،‬رغم فشل قانون استثمارات ‪ ،1973‬إال أنه‬
‫شكل خطوة أولى في مرحلة جديدة ستحاول تقويم وتصحيح أخطاء الماضي عن طريق وضع‬
‫قوانين استثمارية جديدة تهدف إلى الرفع من االمتيازات بشكل جديد ومعقلن‪.‬‬
‫ب) قانون ‪ 19832‬ومحاولة عصرنة تشجيع اإلستثمار‬
‫أمام النتائج السلبية المحققة من طرف قانون ‪ 1973‬ونظرا لتميزه بمبدأ المغربة الذي رفضه‬
‫بشكل كبير المستثمرون األجانب‪ ،‬حيث إعتبروه حجرعثرة كبيرة أمام اإلستثمار في المغرب‪ ،‬جاء‬
‫قانون اإلستثمار لسنة ‪ 1983‬ليستهدف كل من المبادرة الخاصة الوطنية وأيضا اإلستثمارات‬
‫األجنبية على حد سواء‪ ،‬وقد جاء أيضا لتدعيم سياسة الجهوية وذلك عبر توزيع اإلعفاءات حسب‬
‫المناطق التي إ عتمدها‪ .‬باإلضافة إلى مسعاه لتشجيع الشغل وإتاحة الفرصة أمام الجميع للحصول‬
‫على منصب شغل وذلك بمنح مكافأة مالية قدرها ‪ 5000‬درهم عن كل منصب شغل محدث بشكل‬
‫قار‪.‬‬
‫فقانون اإلستثمارات لسنة ‪ 1983‬جاء بمجموعة من اإلجراءات لتحقيق بعض األهداف‪:‬‬

‫‪ -1‬ظهير شريف رقم ‪ 1.73.413‬بتاريخ ‪ 13‬غشت ‪ 1973‬بمثابة قانون يتعلق بإتخاد تدابير خاصة بتشجيع االستثمار‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3172‬بتاريخ ‪15‬‬
‫غشت ‪.1973‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.82.220‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 3664‬بتاريخ ‪ 1983/01/19‬بتاريخ ‪ 2‬ربيع اآلخر ‪ 17( 1403‬يناير ‪.)1983‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪31‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫• التخلي نهائيا وبكيفية صريحة عن قانون المغربة‪ ،‬وتبسيط مسطرة تحويل األرباح من أجل جلب‬
‫االستثمارات األجنبية‪.‬‬
‫• الحد من ظاهرة تمركز اإلستثمارات في محور الدار البيضاء‪/‬المحمدية وتوزيعها بشكل جديد‪.‬‬
‫• التشجيع على إحداث مناصب الشغل‪.‬‬
‫• تشجيع اإلستثمارات الصناعية‪.‬‬
‫لقد تناولت التعديالت التي جاء بها هذا القانون جميع القطاعات وركزت بالخصوص على تشجيع‬
‫االستثمارات التي توجه إنتاجها نحو الصناعات التصديرية‪ ،‬وأعطت المزيد من اإلمتيازات‬
‫لإلستثمارات المحلية إال أنها قلصت من مدة اإلستفادة من هذه اإلمتيازات وتطرق كذلك هذا القانون‬
‫إلى مجموعة من التعديالت الخاصة باألحكام والمزايا لكل قطاع من القطاعات المنصوص عليها‬
‫في قانون اإلستثمارات‪.1‬‬
‫رغم كل ذلك خضعت قوانين االستثمارات القطاعية لعدة انتقادات ترتكز في مجملها على التفرقة‬
‫بين القطاعات االقتصادية والتوزيع غير العادل للتحمالت الضريبية‪ .‬باإلضافة إلى عدم مراعاة‬
‫هذه القوانين لسنوات طويلة قبل أن ينتبه المشرع لعدم مسايرتها للظرفية االقتصادية الوطنية‬
‫والعالمية الشيء الذي دفع به إلى إحداث قانون جديد ألغى القوانين االستثمارية السابقة وحل مكانها‬
‫ما سمي بميثاق االستثمارات والذي يعتبر كقانون إطار‪ ،‬والذي أحدث سنة ‪.1995‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬ميثاق اإلستثمار ‪ 218-95‬بمثابة قانون إطار‬
‫ال بد من اإلشارة أن هذا القانون إعتبرته الحكومة من أهم القوانين التي تأمل من ورائه تحقيق‬
‫إنطالقة تنموية جديدة بإنعاش اإلقتصاد الوطني‪ ،‬واإلسهامات التي إعتمدتها لتحقيق أهداف معينة‬
‫تحسبها كفيلة بخلق مناخ جديد من شأنه أن يعمل على جلب رؤوس األموال الخارجية وذلك بخلق‬
‫تشجيعات جديدة من شأنها أن تلفت نظر المستثمر ليبادر من أجل اإلستثمار ببالدنا وتحفزه على‬
‫إنجاز مشاريع ذات عوائد إقتصادية وإجتماعية‪.3‬‬

‫‪ - 1‬إدريس الكراوي وعبد العزيز النويضي ‪":‬االقتصاد المغربي نموذجا الفالحة واالستثمار األجنبي" دار توبقال للنشر الطبعة االولى‪ ،1988 ،‬ص‪.74‬‬
‫‪ - 2‬ظهير شريف رقم ‪ 1-95-213‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر‪ ،1995‬يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم ‪ 18-95‬بمثابة ميثاق االستثمار الصادر في الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 4335‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪.1995‬‬
‫‪ - 3‬قاعدة محمد‪" ،‬مدى استجابة اإلدارة لمتطلبات تشجيع االس تثمار"أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬وحدة التكوين البحث‪،‬القانون اإلداري وعلم اإلدارة‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬أكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2011-2010‬ص‪.37:‬‬

‫‪32‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫أوال‪ :‬مبادئ وأهداف الميثاق لتحفيز اإلستثمار‬


‫أ) مبادئ ميثاق اإلستثمار‬
‫إن ميثاق اإلستثمار الجديد يرتكز على مبادئ أساسية يمكن اختزالها في المبادئ التالية‬
‫• مبدأ التعميم‪ :‬إن الهدف من هذا القانون هو تجاوز االنتقائية التي كانت تتميز بها القوانين‬
‫السابقة‪ ،‬وبذلك شمل الميثاق كل العمليات االستثمارية سواء تعلق األمر بإنشاء وحدات قائمة‬
‫وبغض النظر عن القطاع الذي يتم فيه االستثمار‪ ،‬وعن مكان تواجد الوحدات داخل التراب‬
‫‪1‬‬
‫الوطني‪.‬‬
‫• مبدأ االنسجام‪ :‬إذ تستفيد جميع القطاعات المستثمرة من االمتيازات والمعاملة على المستوى‬
‫‪2‬‬
‫الضريبي‪.‬‬
‫• التلقائية‪ :‬إن هذا القانون عمل على تجاوز العوائق الكبيرة التي كان يعاني منها المستثمر الذي‬
‫كان لزاما عليه في إطار إعداد الملف اإلداري والذي يستوجب مجموعة من التراخيص‪ ،‬لكن‬
‫أصعبها كان يتجلى في تأشيرة المطابقة والتي تم إلغاؤها في هذا الميثاق‪.‬‬
‫• مبدأ تكريس المنظور الشامل في الميدان الضريبي‪ :‬الذي يرمي إلى توسيع القاعدة الضريبية‬
‫توازنا مع خفض أسعار الضرائب‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬وبقراءة عامة للميثاق يمكن القول بأنه جاء عكس القوانين السابقة‪ ،‬إذ تبنى مفهوما أكثر‬
‫اتساعا لالستثمار بحيث لم تعد األنشطة المعتمدة على اليد العاملة هي المستفيد فقط‪ ،‬بل اتسع نطاق‬
‫تطبيق هذا القانون إلى االستثمار في القطاعات التقليدية كالسياحة البنيات التحتية والبيئة‪ ،‬وبهذا‬
‫فالدولة لم تعد تحتكر عملية االستثمار والهيمنة على القطاعات التقليدية التي أصبحت أنشطة‬
‫اقتصادية خاضعة لقانون السوق والفعالية في التدبير بعيدا عن تدخل الدولة‪.‬‬
‫ب) أهداف ميثاق اإلستثمار‬

‫‪ -1‬عادل الفراح‪ ،‬االستثمار والتنمية الجهوية بالمغرب جهة طنجة‪ -‬تطوان نموذجا‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬وحدة البحث والتكوين"اإلدارة‬
‫والتنمية" كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2013-2012:‬ص‪.57‬‬
‫‪ -2‬حنان القطان‪" ،‬واقع التنمية بالمغرب من خالل المراكز الجهوية لالستثما ر"أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العامة‪ ،‬وحدة التكوين والبحث في اإلدارة والتنمية‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2011-2010‬ص‪.67:‬‬

‫‪33‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫إن األهداف األساسية من سن قانون ‪ 181-95‬بمثابة ميثاق لالستثمارات هي تنمية وإنعاش‬


‫االستثمارات وذلك بتحسين مناخ ظروف االستثمارات ومراجعة مجال التشجيعات الضريبية‬
‫وإتخاذ تدابير تحفيزية لإلستثمار‪ ،‬وذلك عن طريق‪:‬‬
‫‪ -1‬تخفيض العبء الضريبي المتعلق بعمليات شراء المعدات والسلع التجهيزية واألراضي‬
‫الالزمة إلنجاز االستثمار‪.‬‬
‫‪ -2‬تخفيض نسب الضريبة المفروضة على الدخول واألرباح‪.‬‬
‫‪ -3‬سن نظام ضريبي تفضيلي لفائدة التنمية الجهوية ‪.‬‬
‫‪ -4‬إنعاش المناطق الحرة المالية ومناطق التصدير الحرة ونظام المستودعات الصناعية الحرة‪.‬‬
‫‪ -5‬إنعاش وتخفيض كلفة االستثمار وتخفيض كلفة اإلنتاج وترشيد إستهالك الطاقة والماء‬
‫والمحافظة على البيئة هذا انطالقا مما سبق‪ ،‬فالمشرع المغربي هدف من خالل بلورة ميثاق‬
‫‪2‬‬
‫االستثمار إلى تحقيق مجموعة من األهداف‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلمتيازات المضمنة بموجب ميثاق اإلستثمار‬
‫إن المشرع المغربي في عملية إصدار تشريع خاص باإلستثمارات وجلبها إلى المغرب‪ ،‬حاول‬
‫تجاوز المنطق االختزالي لالمتيازات‪.‬‬
‫ولهذا إتخدت السلطات العمومية منذ بداية االلفية الجديدة وبطريقة تدريجية حوافز تتجاوز‬
‫أحيانا تلك الواردة في ميثاق اإلستثمار‪ ،‬فمن بين التدابير ‪ 25‬التي يتضمنها‪ ،‬تم دمج ‪ 12‬تدبير ذو‬
‫طبيعة جبائية والتي حاول من خاللها المشرع تحفيز االستثمار‪ ،‬وعمل في هذا اإلطار على تفعيل‬
‫مقاربة شمولية وذلك من خالل التنصيص على مجموعة من التشجيعات والضمانات الغير‬
‫الضريبية تتجلى في مجموعة من التدابير تهدف إلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬حرية تحويل األرباح والرساميل إلى الخارج بالنسبة لمن قام باستثمارات بالعملة الصعبة‪.‬‬
‫ب‪ -‬توفير رصيد عقاري إلنجاز مشاريع استثمارية وتوضيح مساهمة الدولة في اقتناء وتجهيز‬
‫القطع األرضية الالزمة لإلستثمار‪.‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1-95-213‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر‪ ،1995‬يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم ‪ 18-95‬بمثابة ميثاق االستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ 4335‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪.1995‬‬

‫‪ -2‬إبراهيم أبو الوفا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32-31‬‬

‫‪34‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ت‪ -‬توجيه ومساعدة المستثمرين في إنجاز مشاريعهم وذلك بإحداث جهاز وطني موحد‪.‬‬
‫إن الميثاق الجديد أكد على إحداث نظام صرف خاص يسمح للمستثمر بحرية تحويل األرباح‬
‫والرساميل إلى الخارج وذلك بهدف تشجيع المستثمرين األجانب والمغاربة المقيمين بالخارج على‬
‫االستثمار بالمغرب‪.‬‬
‫لكن هذا التدبير إشترط على المستثمرين أن تكون هذه االستثمارات بعمالت أجنبية‪ ،‬لكي‬
‫يستفيدوا من‪:‬‬
‫• تحويل األرباح الخالصة من الضرائب دون تحديد للمبلغ أو المدة‪.‬‬
‫• تحويل حصيلة بيع اإلستثمار أو تصفية كال أو بعض منه بما في ذلك زائد القيمة‪.‬‬
‫ومن بين التدابير التي جاء بها هذا القانون هناك إمكانية كفالة الدولة بنفقات الرصيد العقاري‬
‫والبنيات األساسية الخارجية وبمصاريف التكوين المهني الالزمة‪ ،‬وذلك عن طريق عقود خاصة‬
‫بالنسبة لالستثمارات الكبرى المساهمة سواء من حيث حجمها او مستوى تشغيلها أو رأسمالها في‬
‫التنمية الجهوية أو في الحفاظ على البيئة أو تحويل التكنولوجيا‪.‬‬
‫كما أحدث القانون اإلستثمار لسنة ‪ 1995‬صندوق إنعاش اإلستثمارات وذلك بهدف ضبط‬
‫حسابات العمليات المتعلقة بتكفل الدولة بتكلفة المنافع الممنوحة للمستثمرين في إطار نظام عقود‬
‫اإلستثمار المشار إليها سابقا‪.‬‬
‫وكذلك بالنسبة للنفقات التي يتطلبها إنعاش عملية جلب اإلستثمارات‪ ،‬وأقر القانون على أن‬
‫الدولة تتكفل بتكلفة جزء من تكلفة إعداد المناطق الصناعية في األقاليم والعمالت التي يحتاج‬
‫مستوى نهوضها اإلقتصادي إعانة خاصة‪.‬‬
‫وحيث أنه تعتبر السياسة الضريبية من بين أهم المرتكزات التي يقوم عليها القانون اإلطار‬
‫‪ 181-95‬بمثابة ميثاق اإلستثمار سوف نسلط الدور من خالل المبحث أسلفه عن األدوار التي‬
‫تقوم بها السياسة الضريبيية من أجل تشجيع اإلستثمار سواء الوطني أو األجنبي‪.‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1-95-213‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر‪ ،1995‬يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم ‪ 18-95‬بمثابة ميثاق االستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ 4335‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪.1995‬‬

‫‪35‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور السياسة الضريبية في تجويد وتحسين مناخ اإلستثمار‬


‫تعتبر السياسة الضريبية جزءا من السياسة المالية التي هي إحدى أدوات السياسة اإلقتصادية‪،‬‬
‫فهي تبحث في مختلف الظواهر الضريبية وتحلل أوجه النشاط المالي‪ ،‬لتمكين الدولة من المساهمة‬
‫في تحقيق أهداف المجتمع‪ ،‬فهي برنامج تخططه وتنفذه الدولة مستخدمة كافة أساليب الضرائب‬
‫إلحداث آثار تسعى إلى تحقيقها على كافة متغيرات النشاط اإلقتصادي واإلجتماعي‪.‬‬
‫ولقد تعددت المفاهيم بخصوص السياسة الضريبية وإكتفى المحللين اإلقتصاديين والماليين‬
‫بإعتبارها مجموعة من القرارات المتخذة لتأسيس وتنظيم وتطبيق اإلقتطاعات الضريبية طبقا‬
‫ألهداف السلطات العمومية‪.1‬‬
‫وتعتبر أيضا بأنها مجموعة من البرامج التي تضعها الدولة مستخدمة كافة مصادرها الضريبية‬
‫الفعلية والمحتملة‪ ،‬إلحداث أثار إقتصادية وإجتماعية المرغوبة‪ ،2‬وتجنب أية آثار غير مرغوب‬
‫فيها من أجل تحقيق أهداف المجتمع اإلقتصادية واإلجتماعية‪.3‬‬
‫وتعتمد السياسة الضريبية على مجموعة من األليات المتمثلة في صورة التحفيزات الضريبية‬
‫المباشرة والغيرمباشرة‪ 4‬على أنها مزايا ضريبية تمنح من قبل المشرع الضريبي لصالح‬
‫المستثمرين سواء كانوا وطنيين أو أجانب من أجل إغراء أصحاب رؤوس األموال على إستثمار‬
‫أموالهم داخل الوطن وفي مناطقه المختلفة‪( 5‬المطلب االول)‪ ،‬كما تستعمل لتشجيع اإلستثمار‬
‫مجموعة من اآلليات اآلخرى كمنح إستشارات ضريبية مسبقة‪ ،‬إضافة على العمل على تفادي‬
‫حدوث اإلزدواج الضريبي من خالل إبرام إتفاقيات ذات طابع الضريبي‪ ،‬ورقمنة االدارة‬
‫الضريبية لتسهيل المساطر اإلدارية‪ ،‬وكذلك تخفيف العبء الضريبي عن المقاولة من أجل‬
‫تشجيعها ودعمها إلعتبارها وعاءا ضريبيا مهما يساعد على التنمية االقتصادية المنشودة (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫‪1 - Brachet bernard , le systéme fiscal francais, 7eme edition, aout 1997, paris , p 14 .‬‬

‫‪ -2‬الوليد بن صالح عبد العزيز‪ ،‬دور السياسة الضريبية في تحفيز االستثمارات في ظل التطورات العالمية المعاصرة‪ ،‬مطبعة دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ 2002،‬ص‪.71‬‬
‫‪ -3‬الحجازي مرسي السيد‪ ،‬النظم الضريبية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬الدار الجامعية ‪ ،‬اإلسكندرية‪، 1998 ،‬ص ‪145.‬‬

‫‪4 OECD, Investment Policy, POLICY FRAMEWORK FOR INVESTMENT, 2011 Edition, p08, on line‬‬
‫‪at:www.oecd.org/investment/pfitoolkit-‬‬
‫مرسي السيد الحجازي‪ ،‬النظم والقضايا الضريبية المعاصرة‪ ،‬إليكس لتكنولوجيا المعلومات‪ ،‬اإلسكندرية‪ 2004، ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪36‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫المطلب األول‪ :‬التحفيزات الضريبية كآلية لتشجيع اإلستثمار‬


‫في البداية ال بد من االتفاق على أن ما يقصد التحفيزات اإلقتصادية من داخل النظام الضريبي‬
‫العام هي مجموع اإلعفاءات والتخفيضات واإلمتيازات التي يتمتع بها ملزم بعينه أو مجموعة من‬
‫الملزمين أو قطاع معين في التشريع الضريبي المطبق على ضرائب الدولة وذلك بعرض تشجيع‬
‫اإلستثمار وتحقيق التنمية اإلقتصادية على الرغم من ما تتحمله خزينة الدولة من نفقات ضريبية‬
‫بهذا الصدد‪.‬‬
‫وتعتبر من بين التحفيزات الضريبية الموجهة نحو تشجيع اإلستثمار المنتج التحفيزات‬
‫الضريبية المتضمنة في الضرائب المباشرة (الفقرة األولى)‪ ،‬إضافة إلى منح تحفيزات آخرى‬
‫ضريبية بطريقة غير مباشرة حيث يكون الغرض منها إقتصاديا وتبعا لسياسة ضريبية محددة‬
‫ومضبوطة ترمي لتشجيع قطاعات ونشاطات معينة‪ 1‬تعتبرها ضرورية لتحقيق التنمية اإلقتصادية‬
‫( الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التحفيزات الضريبية المتضمنة في الضرائب المباشرة‬
‫سنحاول في هذه الفقرة تتبع أهم التحفيزات الضريبية الموجهة لتشجيع اإلستثمار‪ ،‬والتي تقدمها‬
‫المدونة العامة للضرائب فيما يخص الضرائب المباشرة‪ ،‬لذلك سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين‬
‫نتطرق في ( أوال ) للتحفيزات الضريبية المتضمنة في الضريبة على الدخل‪ ،2‬أما ( ثانيا )‬
‫فنخصصها لدراسة وتحليل التحفيزات الضريبية في إطار الضريبة على الشركات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التحفيزات الضريبية المدرجة في الضريبة على الدخل‬
‫يمكن تصنيف الضريبة على الدخل في خانة الضرائب األكثر فعالية والتي تنهجها الدول‬
‫المتقدمة في تضريب دخول األفراد‪ ،3‬كما تعتبر في المغرب من بين أهم إنجازات اإلصالح‬

‫‪ - 1‬عزيز صميم‪ ،‬التحفيزات الجبائية بالمغرب‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،2013‬ص ‪.20‬‬


‫‪ - 2‬كانت تسمى الضريبة العامة على الدخل منذ استحداثها غير أن قانون المالية لسنة ‪ 2007‬ومعه المدونة العامة للضرائب الصادرة بقانون ‪ ،43.06‬غير هذا االسم‬

‫لتصبح الضريبة على الدخل بدل لضريبة العامة على الدخل‪.‬‬

‫‪ -3‬صباح نعوش‪ ،‬الضرائب المباشرة في المغرب الضرائب الحالية لماذا اإلصالح؟‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬شركة النشر والتوزيع المدارس‪ ،‬الدار البيضاء الطبعة األولى‬

‫‪ ،1986‬ص ‪.39‬‬

‫‪37‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الجبائي لسنة ‪ 19841‬والذي أقام التمييز بين دخول األشخاص العاديين ودخول األشخاص‬
‫المعنويين وأحدث لكل منهما أحكام ضريبية خاصة به‪ ،‬غير أن ما يحسب فعال لهذا القانون هو‬
‫تجميع هذه الضريبة لمجموع دخول المكلف الوطني داخل كثلة جبائية موحدة تخضع لنفس النظام‬
‫ونفس القواعد الجبائية‪ ،2‬وبالتالي حلت هذه الضريبة محل الضرائب النوعية‪ 3‬التي عجزت عن‬
‫اإلحاطة بكل دخول الملزمين‪ ،4‬السيما أن نظام الضرائب النوعية يفتقر إلى اإلنسجام فيما يتعلق‬
‫بطرق وكيفيات تحديد أساس الضريبة خصوصا بالنسبة ألسعار الضريبة وتصاعديتها‬
‫واإلسقاطات من أجل التحمالت العائلية‪ ،5‬أي أن الضريبة على الدخل حاولت الجمع بين مطلبين‬
‫أساسيين هما العدالة الضريبية والمردودية دون الزيادة في الضغط الضريبي الفردي‪ ،‬مع العمل‬
‫في نفس الوقت على توسيع الوعاء الضريبي لرفع مداخيل الدولة‪ 6‬ولعل هذا المطلب األخير هو‬
‫ما أملته الضغوطات الخارجية وتبلور في شكل إصالحات جبائية‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى موضوعنا فإن الضريبة على الدخل تستعمل دائما كأداة لتحفيز النشاط‬
‫اإلقتصادي بشكل عام وتكوين اإلدخار بشكل خاص‪ 7‬هذا اإلدخار الذي يوجه حتما نحو اإلستثمار‬
‫لذا تعمل معظم البلدان المتقدمة على تبني تحفيزات جبائية تهدف لتشجيع بعض أنواع اإلدخار‬

‫‪ - 1‬وهو إصالح أملته تبعات األزمة االقتصادية التي عاشتها البالد‪ ،‬وتمثل هدفه الرئيسي في االنتقال من نظام صار حينها معقداً وضعيف النجاعة‪ ،‬إلى نظام جبائي‬

‫جديد يكون متجانسا ً وناجعا ً وأكثر شمولية‪ .‬وهكذا‪ ،‬أصبح النظام الجبائي المغربي أقرب‪ ،‬في هندسته العامة‪ ،‬إلى األنظمة الضريبية الرئيسية التي تشكل مرجعية على‬

‫الصعيد الدولي‪.‬‬

‫‪ -2‬المصطفى معمر‪ ،‬السياسة المالية ونظام التمويل العمومي في ظرفية التقويم الهيكلي‪ 1993- 1983‬محاولة في التحليل‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪،‬‬

‫جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1999/1998‬ص‪. 85‬‬

‫‪ -3‬وذلك بمقتضى الظهير رقم ‪ 1-89-116‬بتاريخ ‪ 12‬نونبر ‪ 1989‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪ 17-98‬المحدث للضريبة العامة على الدخل‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‬

‫‪ 4023‬بتارخ ‪ 6‬ديسمبر ‪ ،1989‬ولكنها لم تدخل حيز التنفيذ إال في ‪ 1‬يناير ‪ 1990‬طبقا للفصل ‪ 118‬من القانون المذكور رغم إن مشروع القانون هذا كان ومجودا‬

‫بالبرلمان منذ ‪.1985‬‬

‫‪ -4‬خالد العسالي‪ ،‬صناعة القرار السياسي الجبائي في المغرب محاولة تقويم السياسات العامة‪ -‬نموذج االمتيازات الضريبة ‪-‬أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬جامعة محمد‬

‫الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الموسم الجامعي ‪ ،2004 -2003‬ص ‪.256‬‬

‫‪ -5‬عبد السالم أديب‪ ،‬السياسة الضريبية وإستراتيجية التنمية (دراسة تحليلية للنظام الجبائي المغربي ‪ ،) 2000-1956‬إفريقيا الشرق‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1998‬ص‬

‫‪.265‬‬

‫‪6 -Najib Akesbi « L’impôt, l’Etat et l’ajustement » Edition Actes, Rabat, 1993،p 182.‬‬
‫‪7-Anass ben Saleh zemrani « fiscalité face au développement économique et sociale au Maroc », édition la porte, rabat, 1982.,‬‬
‫‪p 311.‬‬

‫‪38‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫خصوصا الذي يهم األفراد والذي يشكل ما بين ‪ %60‬و‪ %70‬من اإلدخار الداخلي للبلدان‬
‫النامية‪.1‬‬
‫والمدونة العامة للضرائب في المغرب تتضمن هي األخرى مجموعة من التحفيزات الضريبية‬
‫اإلقتصادية التي تستهدف إنعاش التنمية اإلقتصادية عن طريق تحفيز اإلدخار والذي يعتبر من‬
‫أهم العوامل التي تحفز على االستثمار ومن أمثلة هذا النوع من التحفيزات‪:‬‬

‫‪ -1‬التحفيزات الضريبية الخاصة بالدخول الناتجة عن رؤوس األموال المنقولة‪:‬‬


‫ويقصد بها حسب المدونة العامة للضرائب عوائد األسهم وحصص المشاركة‪ ،‬الحاصالت من‬
‫التوظيفات المالية ذات الدخل الثابت‪ ،‬واألرباح الصافية السنوية التي حصل عليها أشخاص‬
‫طبيعيون من تفويت قيم منقولة وغيرها من سندات الدين الصادرة عن األشخاص المعنويين‪ ،‬ولعل‬
‫المشرع وهو يقوم بسن تحفيزات جبائية خاصة بهذا النوع من المعامالت المالية كان يضع في‬
‫الحسبان الهدف اإلقتصادي الرامي لتشجيع المعامالت في البورصة إلعتبارها سوقا مالية مهمة‬
‫توفر من جهة السيولة المالية للمقاوالت التي تزيد في رأس مالها بإصدار أسهمها للبيع بدال من‬
‫التوجه لإلقتراض من األبناك ومؤسسات االئتمان والذي يخلق تبعية المقاوالت لهذه المؤسسات‬
‫من جهة وتحمل فوائد الديون من جهة أخرى في حين أن طرح األسهم للبيع في بورصة القيم ال‬
‫يستتبعها سوى االلتزام المعنوي بتأدية األرباح السنوية لمالكي األسهم إذا سمحت ميزانيتها بذلك‪،‬‬
‫كما تشكل البورصة تمويال تكميليا لإلقتصاد كما توفر فرصا إضافية لالستثمار‪.‬‬
‫ونظرا ألهمية وحيوية هذا القطاع فإن المشرع الضريبي رصد مجموعة من التحفيزات‬
‫الضريبية ال خاصة بهذا النوع من الدخول للتشجيع على التوجه نحو االستثمار فيه‪ ،‬فأعطى في‬
‫‪2‬‬ ‫المادة ‪ 68‬من المدونة العامة للضرائب نظما تتجلى في إعفاء تام للهبة التي تتعلق بالقيم المنقولة‬
‫وسندات رأس المال والدين والتي تقع بين األزواج واإلخوة واألخوات‪ ،3‬واإلجراء الثاني فيتمثل‬
‫في إعفاء الربح الناتج عن تملك هذه القيم أوعن تفويتها أو جزء منها وسندات رأس المال شريطة‬
‫أن تكون منجزة خالل سنة مدنية وأال تتجاوز حدود ثالتون ألف ‪ 30.000‬درهم‪ ،‬وهو اإلجراء‬

‫‪ -1‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬إشكالية التدخل الجبائي في المغرب‪ ،‬أ طروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‪-‬الرباط‪ -‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،2001/2000‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -2‬والتي عرفتها المادة ‪ 2‬من الظهير رقم ‪ 1-93-211‬بتاريخ ‪ 21‬ديسمبر ‪ 1993‬المتعلق ببورصة القيم ‪.‬‬
‫‪ -3‬ولعل الهدف من وراء هذا اإلجراء هو التشجيع على تملك هذا النوع من القيم والسندات والتشجيع التداول بها‪.‬‬

‫‪39‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الذي يهدف بحق لتشجيع لتعامل في البورصة غير أن السقف المعطى يبقى سقفا يستغرق فقط‬
‫العمليات الصغرى وصغار المضاربين في البورصة تأكيدا من المشرع على تشجيعه للطبقة‬
‫الوسطى لولوج هذا المجال قصد توفير رساميل في البورصة قادرة على الرفع من نسبة االدخار‬
‫الوطني والزيادة بالتالي في نسبة االستثمار‪.‬‬
‫أما في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 68‬من نفس القانون فإنها تشجع باألساس رأس المال األجنبي‬
‫‪1‬‬ ‫على التوجه للبورصة وذلك بنصها على إعفاء تام ألرباح وعوائد المساهمة في رأسمال الشركات‬
‫الواقعة في مناطق التصدير الحرة (مناطق التسريع الصناعي حاليا)‪ ،2‬ونالحظ على هذا اإلجراء‬
‫أنه إجراء غالى في تقديم اإلعفاءات والتسهيالت للرساميل األجنبية إلى درجة أنه لم يفرض سقفا‬
‫لهذه األرباح المعفية وذلك ضدا على عادة المشرع الضريبي المغربي‪ ،‬وحتى لو كان الهدف‬
‫تشجيعيا باألساس فلماذا يخصص لرأس المال األجنبي دون الوطني علما أن هناك رساميل وطنية‬
‫يمكن أن تستفيد من هذا النظام المتسامح جدا‪ ،‬إذ أنه وبتشجيع الرأسمال الوطني نكون إزاء أمرين‬
‫إيجابيين األول هو الزيادة في نسبة االدخار الداخلي والثاني هو تشجيع هذه األموال المدخرة‬
‫وتوجيهها نحو اإلستثمار عكس الرأسمال األجنبي الذي أثبتت كل التجارب اإلقتصادية أن المستثمر‬
‫األجنبي يقوم بترحيل األرباح نحو بلده األصل وبالتالي ال يستفيد موطن اإلستثمار في هذه الحالة‬
‫من إمكانية تحويل األرباح لإلستثمارات جديدة‪ ،3‬ولعل تخصيص هذا اإلجراء لألجانب هو ضرب‬
‫لمبدأ العدالة الضريبية الذي يجب أن يطبع كل األنظمة الضريبية الناجحة‪ ،‬كما أن ربط هذا اإلعفاء‬
‫بالمناطق التسريع الصناعي يمكن أن نقول عنه أنه يمس بهاجس تحقيق التوزيع العادل بين الجهات‬
‫بالرغم من الوعي األكيد بأهمية المناطق الحرة في إنعاش االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪ -2‬التحفيزات الضربيية الخاصة بالمعاشات ذات المنشأ األجنبي‪:‬‬


‫قام المشرع في إطار المادة ‪ 76‬من المدونة العامة للضرائب بالتأسيس مجموعة من التحفيزات‬
‫الضريبية المخصصة للمعاشات ذات المنشأ األجنبي والتي يتقاضاها الخاضعون للضريبة في‬
‫المغرب والمتوفرون على موطن ضريبي به أو خلفهم‪ ،‬ويقضي هذا النظام بإعفاء ‪ %80‬من مبلغ‬

‫‪ -1‬وذلك بشراء أسهمها المعروضة في البورصة‪.‬‬


‫‪ -2‬تم إستبدال عبارة المناطق الحرة للتصدير‪ ،‬بعبارة مناطق التسريع الصناعي بمقتضى البند ‪ VI‬من المادة ‪ 6‬من قانون المالية لسنة ‪.2020‬‬
‫‪ -3‬لإلطالع أكثر حول موضوع مخاطر الثقة في ا لرأسمال األجنبي راجع‪ ،‬صباح نعوش‪ ،‬الضرائب في الدول العربية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 183‬‬

‫‪40‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الضريبة المستحقة عن معاشهم وذلك بعد تحويل هذه المبالغ للعملة الوطنية‪ ،‬وبذلك يكون المشرع‬
‫المغربي قد ساهم في تشجيع مصدر دخل خارجي بالعملة الصعبة‪ ،‬وشجع على اإلدخار بالمغرب‬
‫خصوصا أن هذا اإلجراء يشمل سواء المتقاعدين المغاربة أو األجانب أي كل من له موطن جبائي‬
‫في المغرب‪ ،1‬غير أن ما يدعو لإلستغراب هو هذا التمييز الفادح بين المعاشات ذات المنشأ‬
‫الخارجي واألخرى ذات المنشأ المغربي حيث خصص القانون لهذه األخيرة نسبة تخفيض قدرها‬
‫‪ 2 %80‬مع العلم أن مستوى المعاشات في المغرب جد متواضع بل هزيل في بعض األحيان رغم‬
‫التحسن النسبي الذي طرأ على معاشات موظفي الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية‪،3‬‬
‫ليبقى بالتالي الهاجس االقتصادي في هذا المعطى طاغيا على الهاجس اإلجتماعي‪ ،‬غير أن هذا‬
‫الرأي ال يبقى صحيحا على إطالقيته ألنه إن كان الهدف الحقيقي من وراء تشجيع المعاشات‬
‫األجنبية راجع للرغبة في تشجيع اإلدخار فإن المعاشات المغربية هي األخرى يمكنها تحقيق هدف‬
‫اإلدخار‪ 4‬أيضا ليبقى هاجس جلب العملة الصعبة هو المسيطر من وراء هذه التحفيزات بوصفه‬
‫حاجة إقتصادية ملحة‪.‬‬
‫ومن خالل التعرض ألبرز التحفيزات الضريبية الموجهة للتنمية اإلقتصادية المتضمنة في‬
‫المدونة العامة للضرائب يمكن القول أن المشرع الضريبي ومن خالل تشريع الضريبي على‬
‫الدخل حرص على توجيه اإلمتيازات ذات الطابع اإلقتصادي لخدمة االدخار الوطني وبالتالي‬
‫الزيادة في حجم اإلستثمار وتجنب منح التحفيزات الضريبية واإلمتيازات العشوائية ‪5‬التي ال‬
‫تربطها أية سياسة ضريبية واضحة‪ ،‬رغم ما يمكن أن يقال على هذه التحفيزات من أنها تبقى‬
‫ضعيفة من حيث تشجيعها لإلدخار الداخلي مقارنة بحجم اإلعفاءات التي يتضمنها قانون الشركات‪،‬‬
‫فهل حاولت المدونة مراعاة األهداف اإلقتصادية الكبرى في توزيعها لهذه التحفيزات؟‬

‫‪ -1‬وذلك حسب مدلول المادة ‪ 23‬من المدونة العامة للضرائب وفق تعديالت قانون المالية لسنة ‪ 2020‬أي إما أن المغرب يشكل مركز مصالحه االقتصادية أو لديه في‬
‫المغرب محل سكنى دائم أو انه يقيم فيه سواء بصفة متقطعة أو متصلة مدة تصل إلى ‪ 183‬يوم على ‪. 365‬‬
‫‪ -2‬بعدما كانت ‪ %25‬سنة ‪ 1989‬ثم ‪ %35‬سنة ‪ ،1994‬لتصل إلى نسبة ‪ %80‬سنة ‪ 2020‬وذلك حسب المدونة العامة للضرائب‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد السالم أديب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.276‬‬
‫‪ -4‬ولعل تشجيع المعاشات المغربية سيؤدي إلى االدخار وا الستثمار أفضل من المعاشات األجنبية ألن األجانب الذين يستقرون في المغرب ال يحملون قيم التضامن‬
‫التي يحملها المغاربة وبالتالي يتجه سلوكهم االقتصادي نحو الميل الحدي لالستهالك دون االدخار وذلك عكس العقلية المغربية التي تسيطر عليها هواجس االدخار‬
‫واالكتناز‪.‬‬
‫‪ - 5‬حميد النهيري بن محمد‪ ،‬المدخل لداراسة النظرية العامة للضريبة والسياسة الجبائية‪ ،‬مطبعة سليكي أخوين‪ ،‬طبعة مارس ‪ ،2018‬ص ‪ 22‬ومايلها‪.‬‬

‫‪41‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ثانيا‪ :‬التحفيزات الضريبية الموجهة للضريبة على الشركات‬


‫فرضت الضريبة على الشركات لتحل محل الضريبة على األرباح المهنية‪ ،‬ومعلوم أن الضريبة‬
‫على األرباح المهنية فرضت أول مرة سنة ‪ 1941‬كمجرد ضريبة مهنية إضافية (الباتانتا‬
‫اإلضافية)‪ ،‬وإنطالقا من سنة ‪ 1945‬أصبحت ضريبة حقيقية على أرباح أغلب المهن المربحة‬
‫الخاضعة للضريبة المهنية أو غير الخاضعة لها‪ ،1‬إال أن هذه الضريبة لم تستطع اإلحاطة بدخول‬
‫كل المكلفين اإلعتباريين رغم خضوعها لسلسلة من التعديالت ولم تعد قادرة على مسايرة‬
‫التحوالت اإلقتصادية واإلجتماعية للبالد‪.‬‬
‫وبالتالي جاءت الضريبة على الشركات لتحل محل الضريبة على األرباح المهنية ومشكلة بذلك‬
‫الشق الثاني من اإلصالح الجبائي لسنة ‪ - 1984‬أو ما يسمى ببرنامج التقويم الهيكلي ‪ -‬لتدخل‬
‫حيز التنفيذ في يناير ‪ ،21987‬ولعل الضريبة على الشركات جاءت إستجابة لمطلبين إثنين فقد‬
‫حاولت من جهة تجنب التعددية الضريبية التي كانت تخضع لها الشركات فيما قبل والقيام بمحاولة‬
‫تجميع دخولها في مادة واحدة (الدخول الكرائية والفالحية والمهنية)‪ ،‬وتهدف كذلك للتكيف مع‬
‫الواقع الجديد القاضي بخلق ضريبة على دخل األشخاص الذاتيين‪ ،3‬ومن جهة أخرى فإن الضريبة‬
‫على الشركات جاءت إستجابة لنداءات البنك الدولي والضغوطات الخارجية التي أملت على‬
‫المغرب تطبيق سياسة التقويم الهيكلي القائمة المتشبع باألفكار الليبرالية الجديدة التي كانت سائدة‬
‫آنذاك‪ ،‬والتي تجعل من اإل ستثمار الخاص والمبادرة الحرة قطب الرحى في هذا التوجه وبالتالي‬
‫أصبحت الضرورة تفرض إيجاد ضريبة من طينة الضريبة على الشركات تساير تطبيق هذا‬
‫التوجه‪.‬‬
‫وبتصفح المدونة العامة للضرائب نجدها تنظم اإلطار العام لهذه الضريبة وذلك بتحديد نطاق‬
‫التطبيق‪ ،‬ونوعية الشركات التي تخضع لهذه الضريبة وجوبا والتي تخضع لها اختياريا‪ ،4‬كما‬
‫تحدد طرق وأنظمة إ حتساب هذه الضريبة‪ ،‬أي النظام العادي لتطبيق الضريبة على الشركات‬
‫ونظام الضريبة الجزافية والضريبة المحجوزة في المنبع‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد السالم أديب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.254‬‬


‫‪ -2‬الظهير الشريف رقم ‪ 1-86-239‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3873‬بتاريخ ‪ 21‬دجنبر ‪ 1986‬لتنفيذ القانون رقم ‪.24-86‬‬
‫‪ -3‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪33‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 2‬من المدونة العامة للضرائب الصادر بتنفيذه الظهيرالشريف‪.‬رقم ‪ .1.06.232‬بتاريخ ‪ 10‬ذي الحجة (‪ 31‬ديسمبر ‪ )2006‬بقانون ‪.43.06‬‬

‫‪42‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫كما أن المدونة وهي تسعى لتنظيم الضريبة على الشركات وموائمتها مع التوجهات اإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية أقرت مجموعة من التحفيزات الضريبية على غرار الضريبة على الدخل وذلك قصد‬
‫تشجيع الشركات على اإلدخار ولكن باألساس لتشجيعها على االستثمار وفي ما يلي رصد ألهم‬
‫هذه الحوافز ‪:‬‬

‫‪ -1‬نظام تحفيزي لدعم القطاع الفالحي‪:‬‬

‫تعتبر الفالحة في المغرب عصب اإلقتصاد والقطاع الذي يقوم بتشغيل أكبر قدر من اليد‬
‫العاملة‪ ،‬لذلك فإن هذا القطاع يحظى بمعاملة جبائية خاصة بدءا من اإلعفاءات الضريبية النهائية‬
‫من الضريبة على الدخل والتي أعلنت المدونة العامة للضرائب إستمرارها حتى ‪ 2013‬وتم‬
‫تمديدها إلى سنة ‪ 2014‬بأوامر ملكية‪ ،‬وعلى الرغم من تضريب هذا القطاع بشكل نسبي إال إنه‬
‫ال يزال يعتبر من أهم القطاعات الضريبية التي تحظى بنسبة عالية من التحفيزات نظرا للدور‬
‫الذي يلعبه هذا القطاع في مجال اإلستثمار الفالحي ومن بين التحفيزات الخاصة التي يملكها هذا‬
‫القطاع فيما يتعلق بالضريبة على الدخل والضريبة على الشركات والهادفة لتشجيع الشركات‬
‫الفالحية حيث يستفيدون من‪:1‬‬

‫‪ ‬اإلعفاء الكلي والدائم من الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات بالنسبة للخاضعين‬
‫للضريبة برسم الدخول الفالحية‪ ،‬والذين يحققون رقم أعمال سنوي برسم هذه الدخول يقل عن‬
‫خمسة ماليين (‪ )5.000.000‬درهـم‪ .‬غير أنه ال يمنح هذا اإلعفاء إال إذا ظل رقم األعمال المذكور‬
‫أدنى من هذا المبلغ لمدة ثالث (‪ ) 3‬سنوات محاسبية متتالية‪.2‬‬

‫‪ ‬اإلعفاء من الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل بصفة إنتقالية ابتداء من فاتح يناير‬
‫‪ 2018‬إلى غاية ‪ 31‬دجنبر ‪ ،2019‬بالنسبة للمستغلين الفالحيين الذيـن يحققون رقم أعمال يقل‬
‫عن ‪ 10.000.000‬درهم‪.3‬‬

‫‪ -‬دليل التحفيزات الجبائية‪ ،‬صادر عن المديرية العمة للضرائب‪ ،‬الطبعة ‪ ،2019‬ص ‪1.52‬‬
‫‪ -2‬دليل الحتفيزات الضريبية‪،‬طبعة ‪ ،2019‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ -3‬دليل الحتفيزات الضريبية‪ ،‬طبعة ‪،2019‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪43‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬الفرض المؤقت األسعار المخفضة تستفيد المستغالت الزراعية الخاضعة للضريبة على‬
‫الشركات مـن تطبيق السعرين المخفضين المحددين بالجدول التصاعدي عوض السعر النوعي‬
‫مع تسقيف السعر في ‪% 17,50‬؛‬

‫‪ -2‬نظام تحفيزي خاص بالمنشآت الفندقية‪:‬‬


‫يستفيد القطاع السياحي من تدابير تحفيزية بجالء نظرا للدور التدخلي الذي يمكن أن تلعبه‬
‫الجباية في بلورة السياسات العامة على أرض الواقع‪ ،‬لذلك يعسى المشرع على وجوب توائم‬
‫السياسة الضريبية من أجل تشجيع القطاع السياحي على اإلستثمار والتطوير‪ ،‬ولن يحصل هذا‬
‫التطور إال من خالل إغراء المستثمرين للدخول في هذا القطاع‪ ،‬لذلك فالمادة ‪ 6‬من المدونة العامة‬
‫للضرائب‪ 1‬تعفي هذه المؤسسات من الضريبة على الشركات إعفاءا تاما بالنسبة للمنشآت الفندقية‬
‫وعن مؤسساتها الفندقية بالنسبة لجزء األساس المفروضة عليه الضريبة المطابق لرقم أعمالها‪،‬‬
‫والمحقق بالعمالت األجنبية المحولة مباشرة إلى المغرب‪ ،‬إما من طرفها أو لحسابها عن طريق‬
‫وكاالت األسفار‪ ،‬إلى جانب شركات تدبير اإلقامات العقارية لإلنعاش السياحي‪ ،‬وكذا مؤسسات‬
‫التنشيط السياحي لمدة ‪ 5‬سنوات متتالية تبتدئ من السنة المحاسبية التي أنجزت خاللها عملية‬
‫عملية اإليواء األولى بعمالت أجنبية‪.‬‬
‫غير أن هذا النظام التحفيزي ال يمكن أن يسري إال على جزء رقم األعمال الخاضع للضريبة‬
‫على الشركات والمحقق بعمالت أجنبية محولة إلى المغرب‪ ،‬ليتبين من خالل الشرط الذي تضعه‬
‫المدونة العامة أن هذا اإلعفاء هو إقتصادي بالدرجة األولى ولكنه ال يهدف إلى تشجيع إقامة هذا‬
‫النوع من المنشآت بقدر ما يهدف لتشجيع استقطاب السياح األجانب وتشجيع االستثمار السياحي‬
‫ومحاولة خلق مصدر إضافي للعملة الصعبة‪.‬‬
‫‪ -3‬تحفيزات خاصة بمعامالت البورصة وشركات المساهمة وشركات اإلئتمان‪:‬‬
‫البد أن مكانة البورصة في مجموع المعامالت اإلقتصادية والمالية ال تخفى على أحد فهي‬
‫ممول رئيسي للشركات والمقاوالت حيث خصها المشرع بمجموعة من االمتيازات وذلك بتخفيض‬
‫من الضريبة لمدة ‪ 3‬سنوات ابتداءا من السنة المحاسبية الموالية لسنة تقييدها في جدول أسعار‬

‫‪ -1‬وهي المادة التي تؤطر مجموع اإلعفاءات التي تمنحها المدونة العامة من اإلعفاءات دائمة وأخرى متبوعة بضريبة مخفضة وتنظم التخفيضات التي تمنحها الضريبة‬
‫على الشركات أيضا‪.‬‬

‫‪44‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫البورصة‪ ،1‬وكذلك الشأن بالنسبة لشركات المساهمة التي تلعب دورا أساسيا في تحريك اإلقتصاد‬
‫الوطني والتي يسعى المشرع دوما من وراءها تشجيع المساهمين فيها عبر إحداث تحفيزات خاصة‬
‫بعائدات وأرباح أسهمهم والتي تعفى بنسبة ‪2 %100‬من حاصالت هذه الشركات حسب الشروط‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 6‬من المدونة (‪-1‬جيم‪ )1-‬كما تنص هذه الفقرة على جملة من‬
‫اإلعفاءات األخرى المتعلقة بمؤسسات االئتمان والهيآت المعتبرة في حكمها المنظمة بقانون‬
‫‪ 343.03‬خصوصا في شكل إعفاءات دائمة تخص الضريبة على الشركات المحجوزة في المنبع‪.‬‬

‫‪ -4‬التحفيزات الضريبية الموجهة لتشجيع التصدير‪:‬‬


‫يراهن التقدم اإلقتصادي في أي بلد على محاولة موازنة ميزانه التجاري‪ ،‬بل البحث عن‬
‫التصدير أكثر من اإلستيراد طالما أن التصدير هو عنوان النجاح اإلقتصادي‪ ،‬والمغرب يراهن‬
‫كثيرا على تشجيع الشركات العاملة في هذا المجال‪ ،‬لذلك فقد خصها المشرع الضريبي بمجموعة‬
‫من اإلمتيازات‪ ،‬فالمدونة تعفي المنشآت المصدرة للخدمات والمنتجات من الضريبة على الشركات‬
‫لمدة ‪ 5‬سنوات األولى من اإلستغالل باإلضافة لخضوعها لهذه الضريبة بسعر مخفض قيمته‬
‫‪ % 420‬بصفة دائمة‪ ،‬بالنسبة للبيع األخير المنجز أو الخدمة األخيرة المقدمة داخل تراب المملكة‬
‫واللذان ينتج عنهما التصدير بصورة مباشرة وفورية‪ ،‬غير أن هذا اإلعفاء يكون فقط صالحا لرقم‬
‫األعمال المحقق من قبل المنشآت المصدرة للخدمات بعمالت أجنبية كما تنص المادة ‪ 6‬من المدونة‬
‫العامة للضرائب والتي تضع شروط اإلعفاءات المنصوص عليها من قبل المادة ‪ 7‬من نفس‬
‫القانون‪.‬‬
‫ونحن بصدد تشجيع التصدير نجد نظاما تتمتع به الشركات التي تبيع لمنشآت أخرى مقامة في‬
‫المناطق الخاصة بالتصدير منتجات تامة الصنع ومعدة للتصدير ماعدا الشركات العاملة في القطاع‬
‫المنجمي وهو إعفاء بنفس النسب السابقة أي ‪ %100‬لمدة ‪ 5‬سنوات األولى و ‪ 5%20‬بعد ذلك‬
‫كسعر مخفض‪ ،‬وهذا اإلعفاء لم يربطه المشرع بالعمليات التي تجرى بالعمالت األجنبية عكس‬

‫‪ -1‬تم إداراج هذا التدبير بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 6‬من قانون المالية لسنة ‪.2017‬‬
‫‪ -2‬تم إداراج هذا التدبير بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 8‬من قانون المالية لسنة ‪.2008‬‬
‫‪ -3‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.05.178‬بتاريخ ‪ 15‬محرم ‪ 14( 1427‬فبراير ‪ ،)2006‬برسم القروض والتسبيقات الممنوحة من طرف هذه المؤسسات‪.‬‬
‫‪ -4‬تم رفع السعر من ‪ 17,5%‬إلى ‪ %20‬بمقتضى ‪ I‬من المادة ‪ 6‬من قانون المالية ‪.2020‬‬
‫‪ -5‬تم رفع السعر من ‪ 17,5%‬إلى ‪ %20‬بمقتضى ‪ I‬من المادة ‪ 6‬من قانون المالية ‪.2020‬‬

‫‪45‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫اإلعفاء السابق وهو ما يدعوا إلى التساؤل حول الحكمة من إعفاء الشركات التي تبيع المنتجات‬
‫وعدم إعفاء الشركات التي تتحمل تكلفة ومخاطر التصدير‪1‬؟ أم أن هذا اإلعفاء يبقى محاباة لفئة‬
‫إقتصادية على حساب فئة أخرى؟‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التحفيزات الضريبية المتضمنة في الضرائب غير المباشرة‬
‫بعدما حاولنا في المطلب السابق اإلطالع على مجموع التحفيزات الضريبية المتضمنة في‬
‫الضرائب المباشرة‪ ،‬البد لنا أن نبحث أيضا عن مثيالتها في الضرائب غير المباشرة والتي تشكل‬
‫الجزء الثاني والمهم في النظام الضريبي‪ ،‬وذلك من خالل الفقرتين التاليتين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الضريبة على القيمة المضافة‬
‫يسود اإلعتقاد بأن تاريخ ظهور الضريبة على القيمة المضافة يعود إلى سنة ‪ 1918‬حينما‬
‫طرحها " فون سيمسن" لتعويض النظام الضريبي التراكمي على رقم المعامالت لذلك لجأت لها‬
‫فرنسا سنة ‪ 1948‬ومنها إنتشر إستعمال هذه الضريبة‪ 2‬في جميع أنحاء العالم‪ ،‬وقد جاءت في‬
‫المغرب كبديل عن الضريبة على المنتوجات والضريبة على الخدمات ودخلت حيز التنفيذ في‬
‫فاتح أبريل ‪ ،31986‬وهي ضريبة شكلت جزءا مهما من مضمون اإلصالح الجبائي لسنة ‪،1984‬‬
‫كما أكدت بشكل واضح على أن المسؤولين رأوا أن بعض الشروط قد توافرت في بلدنا لتحقيق‬
‫قفزة جديدة في المجال الضريبي واإلقتراب أكثر من النظم الجبائية األوروبية‪ ،4‬وقد هدفت باألساس‬
‫تجاوز محدودية تطبيق الضرائب على رقم األعمال وتجنب اإلزدواجية في النظم الضريبية‬
‫وتعويض نظام اإلسقاطات الذي كان يتسم بالتعقيد‪.‬‬
‫والضريبة على القيمة المضافة هي ضريبة تفرض على جميع العمليات المنجزة في المغرب‬
‫سواء أكانت هذه العمليات بطبيعتها صناعية أو تجارية أو حرفية أو خدماتية‪ ،‬وبوصفها ضريبة‬
‫غير مباشرة فإن المستهلك النهائي هو الذي يتحمل عبئها مدمجا في ثمن السلع أو الخدمات المقدمة‬
‫له‪ ،‬بينما تحصل هذه الضريبة من قبل الدولة من لدن المنتج أو مقدم الخدمة‪ ،‬وهذه الضريبة جديرة‬

‫‪ -1‬حيث ال يتم هذا اإلعفاء إال في حدود العمليات المنجزة بالعملة الصعبة‪.‬‬
‫‪ -2‬عبد السالم أديب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.218‬‬
‫‪ -3‬وذلك بموجب الظهير الشريف رقم ‪ 1-85-347‬الصادر في ‪ 20‬دجنبر ‪ 1985‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 30-85‬القاضي بفرض الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 3818‬الصادرة بتاريخ ‪ 1‬يناير ‪.1986‬‬
‫‪4- A.B.Zemrani, op cit, p 108.‬‬

‫‪46‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫بتسمية الضريبة العمياء إذ أنها ال تقيم قدرا ال لمراكز الملزمين أو مقدرتهم التكليفية وبذلك فإنها‬
‫توصف بالضريبة األقل عدالة ولكن األكثر مردودية‪.1‬‬
‫والشك أن الضريبة على القيمة المضافة وبوصفها جزءا من السياسة الضريبية ككل تحاول‬
‫هي األخرى اإلنسجام مع المتطلبات العامة الداعية إلى تحقيق النمو االقتصادي وأداء دور فعال‬
‫في القيام بذلك‪ ،‬وهو الشيء الذي ال يمكن أن يتأتى لها إال من خالل تقديم تحفيزات جبائية خاصة‬
‫بالقطاعات الحساسة بالنسبة لالقتصاد الوطني فما هو حجم ونوع هذه التحفيزات المقدمة من قبل‬
‫الضريبة على القيمة المضافة؟‬
‫‪ -1‬التحفيزات الضريبية الخاصة بالقطاع السياحي‪:‬‬
‫بالنظر لألهمية البالغة التي يحتلها هذا القطاع داخل اإلقتصاد المغربي الذي يراهن عليه كثيرا‬
‫فإن الضريبة على القيمة المضافة شأنها في ذلك شأن باقي الضرائب حاولت تشجيع هذا القطاع‬
‫ومنحه عدة إمتيازات ضريبية‪ ،‬حيث خصته المدونة بسعر تحفيزي في المادة ‪ 99‬منها والتي تنص‬
‫على سعر ‪2 %10‬مع الحق في الخصم بالنسبة لعمليات اإليواء التي تنجزها الفنادق المعدة‬
‫للمسافرين والمطاعم و الخدمات المقدمة من طرف المقاهي‪.3‬‬
‫كما تخضع لهذا السعر أيضا كل عمليات إيجار العقارات المعدة إلستعمالها كالفنادق أو‬
‫المنتجعات أو قرى لإلصطياف أو المجموعات العقارية المعدة لألغراض السياحية كال أو بعضا‪،‬‬
‫مع إدخال المطعم والحانة والمسبح والمرقص إذا كانت جزءا ال يتجزأ من المجموعة السياحية‪،‬‬
‫ولعل المشرع وهو يقوم بإعفاء هذه العمليات سواء المتدخلة بشكل مباشر أو غير مباشر في‬
‫العملية السياحية فإن هدفها هو تشجيع اإلستثمار في هذا المجال رغم النفقات الضريبية التي‬
‫سيتحملها في مقابل هذا اإلعفاء‪.‬‬
‫‪ -2‬التحفيزات الضريبية الموجهة للقطاع الفالحي‪:‬‬
‫نظرا ألن القطاع الفالحي يتمتع بإعفاء جبائي إلى غاية ‪ 2013‬والذي تم تمديده إلى سنة‬
‫‪ ،2014‬فإن ا لضريبة على القيمة المضافة وهي تحاول حصر اإلعفاءات التي تقدمها البد وأن‬

‫‪ -1‬وهو ما يدعو للقول أن هذه الضريبة جاءت استجابة أيضا لسياسة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي الهادفة لتوسيع الوعاء الجبائي وتبسيط معيار الضريبة‬
‫وهو الشيء الذي عجزت عنه الضريبة على المنتوجات والضريبة على الخدمات ‪.‬‬
‫‪ -2‬تمت إعادة صياغة هذه الفقرة بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 6‬من قانون المالية ‪.2017‬‬
‫‪ -3‬تم تتميم هذه الفقرة بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 6‬من قانون المالية ‪.2015‬‬

‫‪47‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫تكون منسجمة مع السياسة الضريبية العامة للمغرب والهادفة في هذا المجال لتشجيع القطاع‬
‫الفالحي الذي يعاني لعنة أزمات الجفاف المتكررة‪ ،‬بالتالي فإن تصفح المدونة العامة للضرائب‬
‫وبالتحديد المادة ‪ 92‬التي تنص على حق االعفاء مع الحق في الخصم‪ ،‬تضع الئحة باألدوات‬
‫والمعدات والمواد الخاصة بالفالحة‪ ،‬تحيلنا على حجم اإلعفاءات التي تتمتع بها الفالحة سواء من‬
‫ناحية إعفاء العمليات المنجزة في المغرب كالبيع المتعلق بهذه المواد أو برسم عمليات إستيراد‬
‫هذه المواد والتي تبقى كلها معفية من الضريبة على القيمة المضافة‪.‬‬
‫تتمتع هذه األدوات والمنتجات الفالحية من إعفاء مع الحق في الخصم وذلك منذ سنة ‪،11986‬‬
‫غير أنها لم تكن تبلغ آنذاك سوى ‪ 30‬آلة وأداة لتضاف لها ‪ 26‬آلية أخرى برسم قانون المالية لسنة‬
‫‪ ،1992‬في قانون المالية لسنة ‪ 2008‬على ‪ ، 53‬لتستقر في قانون المالية لسنة ‪ 2020‬على ‪26‬‬
‫من المنتجات والمعدات المخصصة ألغراض فالحية‪ ،2‬هذا باإلضافة إلعفاء األغذية المعدة لتغذية‬
‫البهائم والدواجن وكذا الكسب المستعمل في صنعها ماعدا األغذية البسيطة مثل الحبوب والنفايات‬
‫واللباب وحثالة الشعير والتبن‪.‬‬
‫ليتبين تبعا لكرونولوجية هذه اإلعفاءات نسبة التطور التي تخضع لها حسب تطور الفالحة‬
‫المغربية‪ ،‬ليتزايد معها بالتالي حجم النفقات الجبائية التي تدفعها الدولة على مجموعة من المعدات‪،‬‬
‫أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ال تتناسب وطبيعة الفالحة التقليدية الغالبة في المغرب‪ ،‬وأنها تخدم‬
‫باألساس في الضيعات الكبرى والفالحات التسويقية التي تحقق أرباح أكثر من الشركات‬
‫والمقاوالت الصناعية‪ ،‬هذا مع العلم أن المستفيدين من هذه التحفيزات الضريبية‪ ،‬يحق لهم‬
‫إسترجاع الضريبة التي تلحق مختلف عناصرها االستهالكية‪ ،‬ويستوجب هذا االمر التفريق حتما‬
‫بين الفالح الصغير المعدم صاحب الفالحة المعيشية الذي يستحق اإلعفاء وما بين الضيعات‬
‫الفالحية المتطورة والتي يجب أن تخضع وجوبا للضريبة حتى يتحقق التوازن االجتماعي‪،‬‬
‫وبالتالي توسيع الوعاء الضريبي وخلق دينامكية مهمة داخل المجال االقتصادي بالمغرب‪.‬‬

‫‪ -3‬التحفيزات الضريبية الخاصة بالقطاع البحري‪:‬‬

‫‪ -1‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪47‬‬


‫‪ -2‬وذلك بموجب الفقرة ‪ 5‬من المادة ‪ 92‬من المدونة العامة للضرائب لسنة ‪ 2020‬المعدلة بموجب قانون المالية ‪.70.19‬‬

‫‪48‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫يدخل القطاع البحري هو اآلخر ضمن القطاعات الحساسة التي ال يمكن أن تتقدم قاطرة التنمية‬
‫بدون الدفع به‪ ،‬لذلك فالمدونة العامة للضرائب عملت على تخصيص إعفاءات لهذا القطاع قصد‬
‫تشجيعه طالما أنه يشغل عددا اليستهان به من اليد العاملة إلى جانب مركزيته في النظام االقتصادي‬
‫المغربي بطبيعة الحال‪.‬‬
‫وتتجلى هذه التحفيزات في اإلعفاء من الضريبة على القيمة المضافة مع الحق في الخصم‪،‬‬
‫بخصوص العمليات المنجزة على أدوات وشباك الصيد المعدة لمحترفي الصيد البحري‪ ،‬أي إعفاء‬
‫جميع المنتجات واآلالت المستعملة لإلجتذاب السمك أو إغرائه بطعم أو صيده أو حفظه‪ ،1‬ليتبين‬
‫من خالل هذه الفقرة‪ 2‬أن المدونة أعطت تفسيرا واسعا جدا ألدوات الصيد البحري لتصبح غير‬
‫محصورة عكس ما قامت به على المستوى المنتجات المتعلقة بالفالحة‪ ،‬فهل هذا ناتج عن عدم‬
‫إلمام المشرع الضريبي باألدوات والمنتجات الضرورية للصيد البحري؟ أم أن المشرع الضريبي‬
‫ــ وهذا هو الراجح ــ قصد التوسيع من دائرة هذه المنتجات المعفية لحماية التوازنات الماكرو‬
‫سياسية التي تتحكم في سن اإلعفاءات الضريبية‪.‬‬
‫وإلى جانب اإلعفاء األول نجد إعفاءا ثانيا في غاية األهمية‪ ،‬رصدته الفقرة ‪ 33‬من المادة ‪92‬‬
‫والذي يتعلق بعمليات البيع واإلصالح والتحويل المتعلقة بالمراكب البحرية‪ ،‬وتفسر نفس المادة‬
‫المراد بالمراكب البحرية والتي يدخل فيها السفن والمراكب والبواخر والزوارق‪ ،‬أي أن المشرع‬
‫لم يذهب في اتجاه إعفاء مراكب الصيد الساحلي والعادي التي تعتبر معيشية فقط‪ ،‬ولكن مدد هذه‬
‫النظم لتطال حتى بواخر الصيد الكبرى التي يمكن أن تكلف خزينة الدولة ماليين الدراهم سنويا‬
‫إذا هي أعفيت‪ ،‬وتؤكد هذا التوجه الفقرة ‪ 35‬من نفس المادة والتي تعفي عمليات النقل الدولي‬
‫والخدمات المرتبطة بها وكذا عمليات الصيانة والتعهد واإلصالح والتحويل واالستئجار والكراء‪،‬‬
‫المتعلقة بمختلف الوسائل المذكورة سابقا‪ ،‬لتتعمق الهوة بالتالي بين اإلعفاءات الهادفة لتحقيق‬
‫سياسة ضريبية محددة وما بين هذا النوع من اإلعفاءات الذي ال يسعى سوى إلرضاء فئة على‬
‫حساب أخرى‪.‬‬
‫‪ -4‬التحفيزات الضريبية الخاصة بالتصدير‪:‬‬

‫‪ -1‬تم إدراج أحكام هذه الفقرة بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 4‬من قانون المالية لسنة ‪.2014‬‬
‫‪-2‬الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 92‬من المدونة العامة للضرائب ‪.2020‬‬

‫‪49‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ال بد أن نعلم على أن ولوج األسواق الخارجية يبدأ من تشجيع قطاع التصدير‪ ،‬ومنحه تحفيزات‬
‫جبائية تساعده على أن يصبح أكثر تنافسية في السوق الدولية وبالتالي يحقق دوره في الحفاظ على‬
‫توازن الميزان التجاري‪ ،‬وتبعا لذلك نجد الفقرة األولى من المادة ‪ 92‬من المدونة العامة تنص‬
‫على اإل عفاء من الضريبة على القيمة المضافة مع الحق في الخصم بالنسبة للمنتجات والخدمات‬
‫المقدمة من لدن الخاضعين للضريبة‪ ،1‬وذلك ألجل التصدير شريطة أن ينتج عنه التصدير بصورة‬
‫مباشرة وفورية‪ ،‬كما وضعت هذه المادة شروطا ذات طبيعة إدارية لالستفادة من اإلعفاء تتعلق‬
‫بإثبات العمليات عبر الوثائق وعبر مسك محاسبة منتظمة‪.‬‬
‫باإلضافة لما سبق فعمليات التصدير تحضى بنظام خاص يسمى النظام الواقف‬
‫» ‪ ،« le régime suspensif‬الذي نظمته المدونة في المادة ‪ 94‬منها‪ ،‬وهو يسمح بالنسبة‬
‫للمقاوالت المصدرة للمنتجات والخدمات بإقتناء مشترياتها وخدماتها المتعلقة بعمليات التصدير‬
‫مع إمكانية وقف إستيفاء الضريبة داخل المغرب‪.‬‬
‫ثـانـيـا‪ :‬ضــريــبـة الــتســجــيــل‬
‫إضافة للضريبة على القيمة المضافة نرى من الضرورة الحديث عن ضريبة أخرى تنتمي‬
‫للضرائب غير المباشرة والتي ال تخلو من تحفيزات جبائية بغيت تشجيع االستثمار من أجل تحقيق‬
‫تنمية إقتصادية‪ ،‬وال يمكن أن تكتمل معالم خريطة التحفيزات واالمتيازات التي نبحث فيها دون‬
‫أن نعرج على هذه الضريبة التي نظمتها المدونة العامة للضرائب هي األخرى في القسم الرابع‬
‫منها‪.‬‬
‫يقصد بضريبة التسجيل مجموع الواجبات التي تؤدى من أجل إجراء التسجيل الذي عرفته‬
‫‪2‬‬ ‫المدونة العامة للضرائب في المادة ‪ 126‬منها بكونه إجراء تخضع له المحررات واالتفاقات‬
‫وتستوفى بموجبه ضريبة تسمى واجب التسجيل‪ ،‬والتسجيل يشكل إجراءا مهما للعقود حيث يكسبها‬

‫‪ -1‬يقصد بالخدمات المقدمة ألجل التصدير حسب مدلول المادة ‪:‬‬


‫‪ -‬ال خدمات المعدة الستغاللها أو استعمالها خارج المغرب‪.‬‬
‫‪ -‬الخدمات المتعلقة بمنتجات مصدرة والمنجزة لحساب مؤسسات مقامة بالخارج‪.‬‬
‫‪ -2‬غير أنه يجب اإلشارة إلى أن المحررات واالتفاقات هذه ليست خاضعة على إطالقيتها للتسجيل بل يجب التفريق بين التي تخضع للتسجيل إجباريا والتي حددتها‬
‫المدونة العامة للضرائب في المادة ‪ 127‬وهي أربعة أنواع على سبيل الحصر أما ما عداها من المحررات واالتفاقات فيبقى تسجيله إجراءا اختياريا من قبل أطاف العقد‬
‫المبرم‪.‬‬

‫‪50‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫تاريخا ثابتا ويضمن حفظها‪ ،‬كما أ ن التسجيل ‪ 1‬يمكن إعتباره قرينة على وجود المحرر وتاريخه‬
‫وعلى أنه صحيح من حيث تعيين األطراف والبنود المتضمنة فيه‪ ،2‬وباعتبار واجب التسجيل من‬
‫ضمن الضرائب غير المباشرة فإنه هو اآلخر يتضمن بعض التحفيزات الضريبية ذات الطبيعة‬
‫اإلقتصادية المشجعة على اإلستثمار‪.‬‬
‫يحتوي التنظيم القانوني لضريبة التسجيل إعفاءات صريحة تهدف المساهمة في إرساء دعائم‬
‫سياسة التنمية اإلقتصادية‪ ،‬وذلك من خالل تقديم معاملة خاصة لتسجيل العقود والمحررات المتعلقة‬
‫بالمعامالت اإلستثمارية‪ ،‬وفي ما يلي نماذج أهم هذه التحفيزات‪:‬‬
‫‪ ‬نبدأ بنظام تشجيعي تقدمه ضريبة التسجيل وذلك باإلعفاء من هذا الواجب بالنسبة لكل شخص‬
‫طبيعي أو معنوي قام باقتناء أراض سواء عارية أو عليها بنايات سيتم هدمها وذلك قصد إنجاز‬
‫مشروع إ ستثماري غير التجزيء والبناء‪ ،‬غير أن القانون وخوفا من التماطل في إقامة المشاريع‬
‫االستثمارية حدد لها أجل ‪ 36‬شهرا إبتداء من تاريخ عقد االقتناء‪ ،3‬والمالحظ أن المدونة في هذا‬
‫اإلعفاء لم تحدد سقفا يمكن على أساسه طلب االستفادة من النظام المذكور‪ ،‬فهل يمكن القول أنه‬
‫نظام شامل يعفي كل إقتناء يهدف إلقامة مشروع إستثماري؟‬
‫‪ ‬كما تظهر رغبة المشرع في تشجيع االستثمار العقاري من خالل القانون التعديلي وذلك‬
‫بتخفيض بنسبة ‪ 50%‬من واجبات التسجيل العقود المتعلقة باإلقتناء بعوض لمحالت مبنية‬
‫مخصصة للسكنى ال يتجاوز مبلغ أساسها الخاضع للضريبة مليون درهم‪ .‬ويهم هذا التحفيز كذلك‬
‫في حالة إقتناء المحالت من قبل البنوك التشاركية في إطار عقود المرابحة واإلجارة المنتهية‬
‫بالتمليك‪.4‬‬

‫‪ ‬تعفى من واجبات التسجيل عقود تأسيس التي تهدف إلى الزيادة في رأسمال الشركات الواقعة‬
‫في مناطق التصدير الحرة‪ ،‬كما تستفيد هذه االخيرة من اإلعفاءات بخصوص اإلقتناءات الواقعة‬
‫داخل مناطق التصدير الحرة لإلراضي الضرورية إلنجاز المشاريع ذات الطابع االستثماري‪.‬‬

‫‪ -1‬وهي تكتسب هذا التاريخ من خالل تسجيلها في سجل خاص يدعى سجل اإليداع‪.‬‬
‫‪ -2‬ولكن هذا ال يمكن أن يقود للقول بإمكانية االستدالل بهذا التسجيل في مواجهة الغير وإستعماله كحجة كاملة أو حتى إعتباره بداية حجة‪.‬‬
‫‪ -3‬كما تنص المادة ‪ 130‬المؤطرة لشروط اإلعفاء على أنه وفي حالة وجود قوة قاهرة يمكن تمديد هذا األجل من قبل وزير المالية أو من ينوب عنه‪.‬‬
‫‪ - 4‬تم إداراج هذا المقتضى إستثناء من أحكام المادة ‪(133‬ياء‪-‬و واو‪ )°1-‬من خالل المادة ‪ 3‬من قانون المالية المعدل ‪ 35.20‬المالية المالية ‪.2020‬‬

‫‪51‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬تعفى من واجب التسجيل العقود الرامية إلى إندماج شركات األسهم أو الشركات ذات المسؤولية‬
‫المحدودة‪ ،‬سواء تم هذا االندماج عن طريق الضم أو بإحداث شركة جديدة‪ ،‬ولعل هذا اإلجراء‬
‫يهدف باألساس لتشجيع الشركات الصغرى على االتحاد واالندماج وبالتالي خلق شركات قادرة‬
‫على مواجهة التحديات االقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬وإنسجاما مع السياسة اإلقتصادية الرامية لتشجيع اإلستثمارمن خالل التعامل في البورصة‪،‬‬
‫وتقوية هذا المصدر المالي المهم‪ ،‬قامت ضريبة التسجيل بإعفاء العمليات المنصبة على الزيادة‬
‫في رأس مال الشركات التي أدرجت أسهمها في جدول أسعار بورصة القيم‪ ،‬أو قامت بطلب ذلك‪،‬‬
‫شريطة أن تمثل األسهم ما ال يقل عن ‪ %20‬من رأسمال الشركة‪.‬‬
‫‪ ‬كما تعفى من واجب التسجيل عقود إقتناء أراضي فضاء معدة لبناء مؤسسات فندقية‪ ،‬مع‬
‫مراعات الشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 130‬من الفقرة السابعة‪ ،‬التي تنص على أنه في‬
‫حالة االخالل بهذه الشروط يتم توقيف هذه االعفاءات‪.‬‬

‫‪ ‬باإلضافة لمجموع اإلعفاءات السابقة خصصت المادة ‪ 129‬من المدونة العامة للضرائب‬
‫جزءها الخامس لجرد النظم الخاصة بالمحررات المتعلقة بعمليات القرض‪ ،‬والتي تشمل مجموع‬
‫العمليات التي يقوم بها البنك اإلفريقي للتنمية‪ ،‬والبنك اإلسالمي للتنمية وفروعه‪ ،‬كما تعفى عقود‬
‫القروض المبرمة بين الخواص ومؤسسات االئتمان‪ ،‬والهيئات المعتبرة في حكمها‪ ،‬وتشجيعا‬
‫لالستثمار العقاري تعفى عقود القروض العقارية المبرمة ما بين الخواص وشركات التمويل‪ ،‬أو‬
‫بين المقاوالت ومأجوريها أو بين جمعيات األعمال االجتماعية وبين المنخرطين فيها‪ ،‬شريطة أن‬
‫تكون هذه القروض بهدف تملك أو بناء سكن رئيسي حسب ماهو منصوص عليه في الفقرة‬
‫الرابعة‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق يمكن القول أن واجب التسجيل وبوصفه ضريبة لها تكوينها وتنظيمها‬
‫القانوني داخل المدونة العامة للضرائب‪ ،‬فإنها تنخرط هي األخرى بمجموع هذه التحفيزات من‬
‫داخل السياسة الضريبية المغربية للمساهمة في الدفع بإقالع االقتصاد الوطني‪ ،‬وذلك بتقديم‬
‫مجموعة من اإلعفاءات النهائية والتامة من واجبات التسجيل برسم زخم ال يستهان به من العقود‬
‫التي تحفل بها التعامالت االقتصادية اليومية‪ ،‬أمال في أن تساهم ضريبة التسجيل ولو بقدر بسيط‬

‫‪52‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫في الدفع بعجلة التنمية االقتصادية‪ ،‬رغم ما يمكن أن يالحظ على خارطة هذه التحفيزات‬
‫المخصصة لتشجيع قطاعات دون أخرى‪ ،‬ألن ضريبة التسجيل تركز وبشكل جلي إعفاءاتها على‬
‫قطاع اإل ستثمارات العقارية والقطاع المالي‪ ،‬بما فيه النشاط البنكي ونشاط بورصة القيم‪ ،‬ولعلنا‬
‫يمكن أن نعزو هذا التركيز لشدة إستعمال هذين القطاعين للمحررات واإلتفاقات والتي ـ نظرا‬
‫لحساسيتها وقيمتها ـ يجب أن تمر وجوبا عبر إجراء التسجيل الذي يضمن حقوق األفراد في قطاع‬
‫يعتمد باألساس على الثقة واالئتمان‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آليات السياسة الضريبية لتحسين مناخ اإلستثمار‬
‫تعتمد السياسة الضريبية لتحقيق أهدافها اإلقتصادية‪ 1‬تشجيع اإلستثمار المنتج‪ ،‬وباإلضافة إلى‬
‫منح تحفيزات ضريبية كوسيلة لتشجيع بغض القطاعات اإلنتاجية‪ ،2‬والعمل على تفادي وقوع‬
‫المستثمرين في مشكلة اإلزدواج الضريبي‪ ،‬وما إلى ذلك من تخفيف للعبء الضريبي الذي يعتبر‬
‫من األساسيات التي تحفز المقاوالت على اإلستثمار (الفقرة الثانية)‪ ،‬كما إعتمد على مجموعة‬
‫من األدوات األخرى كمنح المستثمرين إلستشارات ضريبية قبل البدء في ممارسة مشروعه‪،‬‬
‫وتسهيل وتبسيط المساطر ذات الطابع الضريبي من خالل اإلعتماد على إدارة إلكترونية عصرية‬
‫(الفقرة االولى)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أدوات النظام الضريبي ودورها في تجويد مناخ اإلستثمار‬
‫إن اإلدارة الضريبية أصبحت اليوم مدعوة لتبني مفاهيم وقيم جديدة‪ ،‬حيث أصبح مفهوم السلطة‬
‫يضمحل لفائدة مقاربات جديدة كالثقة التشارك والشفافية‪ ،‬ذلك أن هذه اإلدارة يجب أن تعمل بتنسيق‬
‫مع مختلف الفاعلين والمتدخلين في المنظومة الضريبية‪ ،3‬فالتشاركية أصبحت ضرورية أثناء إعداد‬
‫المقتضيات الضريبية‪ ،‬كما أن اإلدارة الضريبية يجب أن ال تعتبر الضريبة كوسيلة لضمان الموارد‬
‫المالية للدولة‪ ،‬وإنما كوسيلة لتحقيق أهداف السياسة االقتصادية وتشجيع االستثمارات المنتجة‪،‬‬
‫وتأمين الفعل العمومي‪ .‬وهذا لن يتم إال بمراجعة العالقة مع الملزمين‪ ،‬فهذه العالقة يجب أن تنطلق‬

‫‪ -1‬أحمد عبد الصبور الدبلجاوي‪ ،‬مفاهيم أساسية حول السياسة الضريبية‪ ،‬مجلة الميزان‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪ -2‬سعيد جفري‪ ،‬الضريبة والنظام الضريبي المغربي‪ ،‬سلسلة اريد ان اعرف العدد ‪ 9‬الطبعة االولى ‪ ،2013‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص ‪.22‬‬
‫‪ -3‬مجلة المالية‪ ،‬الصادرة عن وزارة االقتصاد و المالية‪-‬وزارة االقتصاد و المالية و إصالح االدارة حاليا‪ -‬العدد ‪ 23‬سنة ‪.2013‬‬

‫‪53‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫من الواقع السياسي واإلقتصادي واإلجتماعي والثقافي‪ .‬فالعالقة يجب أن تكون متبادلة فالملزم يجب‬
‫أن يحترم إلتزاماته واإلدارة تقوم بواجبها‪ ،‬للسعي وراء تحضر ضريبي إنمائي‪.‬‬
‫إن السمة البارزة في عالقة الملزم باإلدارة الضريبية وهي عملية الفرض الضريبي عن طريق‬
‫اإلقتطاع من الذمة المالية للملزمين‪ ،‬وأبرز صور حاالت التوثر هاته‪ ،‬تتجلى في الصعوبات التي‬
‫يواجهها الملزم حين إنتظار موقف من اإلدارة الضريبية في تفسير بعض المقتضيات الضريبية‪،‬‬
‫أو معرفة وضعيته القانونية تجاه اإلدارة (فقه اإلدارة)‪ ،‬وذلك راجع باألساس إلى عدم إستقرار‬
‫التشريع الضريبي وتعقده‪ ،‬وبالتالي يكون الملزم رهين تأويالت اإلدارة الضريبية‪ ،‬إضافة إلى طول‬
‫المساطر المراقبة الضريبية‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬عملت النظم الضريبية المقارنة النموذجية‪ ،‬على إقرار مجموعة من اآلليات‪،‬‬
‫للحد من هيمنة فقه اإلدارة‪ ،‬وتغيير هذا المعطى باإلنفتاح على مسطرة اإلستشارة القانونية المسبقة‬
‫لإلدارة الضريبية‪( 1‬أوال)‪ ،‬للحد من مظاهر إختالل العالقة الجبائية‪ ،‬وتقوية الثقة بين الملزم واإلدارة‬
‫الضريبية‪ ،‬وضمان جودة الخدمات المقدمة للمستثمرين‪/‬الملزم الضريبي‪ ،‬إلى جانب العمل على‬
‫تكريس وخلق روح جديدة للمعمالت بين اإلدارة الضريبية والمستثمر والذي يعتبر بطبيعة الحال‬
‫مكلف خاضع للضريبة عن طريق رقمنة اإلدارة الضريبية وتبسيط المساطر (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلستشارة الضريبية المسبقة كآلية لتشجيع اإلستثمار‬
‫تدخل مسطرة اإلستشارة القانونية المسبقة لإلدارة الضريبية ‪« RESCRIT FISCAL »2‬‬
‫ضمن فقه اإلدارة أو الفقه الضريبي‪ ،‬بحيث ينقسم هذا األخير بين فقه اإلدارة الذي له طابع عام أي‬
‫مجموع ما يصدر عن إدارة الضرائب من وثائق ومذكرات دورية‪ ،‬وأجوبة وزارية‪ ،‬تهدف من‬
‫خاللها اإلدارة الضريبية شرح وتأويل النصوص القانونية الضريبية‪ ،‬وفقه االدارة ذو الطابع‬
‫الخاص الذي من خالله تعمل اإلدارة الضريبية على تحديد الوضعية القانونية للملزم‪/‬المستثمر تجاه‬
‫االدارة الجبائية‪ 3‬والقانون الضريبي‪ ،‬من قبيل اإلستشارة الضريبية المسبقة‪.‬‬
‫أ) مفهوم اإلستشارة الضريبية المسبقة‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلستشارة الضريبية المسبقة وهي آلية تم كن المستثمرين‪ /‬المقاوالت من التعرف على النظام الجبائي المطبق على وضعيتهم‪ ،‬والمخاطر الضريبية ومخاطر عدم‬
‫األداء للمقاوالت‪ ،‬وبنية الظرفية االقتصادية الوطنية‪.‬‬
‫‪2- Tax rulling, en anglais.‬‬
‫‪3- Marie christine esclassane, « l’accessbillité de la doctrine administrative fiscale »Reep n°140-2017, p105.‬‬

‫‪54‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫يعود مصطلح » ‪ « LE RESCRIT‬للغة الالتينية‪ ،1‬الذي يفيد لغويا اإلجابة الكتابية‬


‫لإلمبراطور‪ ،‬أو االجابة الكتابية لإلمبراطور عن االسئلة المطروحة في مجال القانون من قبل‬
‫القضاة أو األفراد‪ ،2‬كما عرفها اإلستاذ » ‪ « PELSSIX‬في مقال له‪ ،3‬أنها اإلجابة الكتابية المقدمة‬
‫من طرف اإلمبراطور أو المجلس الذي يترأسه هذا االخير‪ ،‬لألفراد أو القضاة‪ ،‬الذين يطلبون‬
‫إستشارات تهم النظام القانوني‪ ،‬وظهر مصطلح » ‪ « LE RESCRIT‬إلول مرة في القانون‬
‫الروماني‪ ،‬وبعد ذلك برز هذا المصطلح في النظم االدارية ‪/‬الضريبية المعاصرة النمودجية‪.4‬‬
‫عموما‪ ،‬تعرف اإلستشارة االدارية‪ ،5‬أنها الخدمة التي تقدمها جهة إستشارية مختصصة‪،‬‬
‫للمساعدة على تذليل الصعوبات أو حل المشكالت التي تعوق العمل بكفاءة‪ ،‬وتلجأ إليها الجهة‬
‫المستفيدة ‪-‬في الغالب‪ -‬عندما تعجز عن تحقيق بعض أهدافها ألسباب إجرائية أو تنظيمية أو سلوكية‬
‫ال تعرفها‪ ،‬أو أنها تعرفها ولكن ال تعرف كيفية حلها‪ ،‬أو تعرفها وتعرف كذلك كيفية حلها لكنها ال‬
‫تتوفر على القدرة للقيام بذلك‪.‬‬
‫فاإلستشارة اإلدارية تشكل مفهوما سياسيا من المفاهيم التي تدعم نظام الحكم وتقوي ركائزه‪ ،6‬إذ‬
‫تمثل أحد مبادئ الحكم التي تميز نظام الحكم الديمقراطي عن بقية االنظمة االخرى‪.‬‬
‫وتعرف مسطرة اإلستشارة الضريبية المسبقة لإلدارة الضريبية‪ ،7‬هي اإلجابة المقدمة من قبل‬
‫اإل دارة الضريبية بشأن طلب المستثمر‪/‬الملزم بشأن تطبيق مقتضيات قانونية حول وضعيته تجاه‬
‫النظام الضريبي‪.8‬‬

‫‪1 - le mot rescrit vient du latin « rescriptura » qui signifie litteralement réponse par ecrit du prince.‬‬
‫‪ -2‬للمزيد من التفاصيل‪ ،‬فيما يخص االطار التاريخي لنظام االستشارة الضريية المسبقة‪ ،‬يراجع في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Frederic douet, « contribution à l’etude de la sécruité juridique en droit fiscale interne francais ».p216.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Gilles Bacheler , « le rescrit fiscal », Rffp n°130-2015, p:59 et suivantes.‬‬
‫‪3- Benoit Plessix, « le rescrit en matiere administrative »,R.j.e.p ,2008 , p: 3-11.‬‬
‫‪4- Frederic douet, op,cit,p :262 .‬‬
‫‪ - 5‬تعد االستشارة االدارية وسيلة مساعدة في إحداث التنمية االدارية بجميع أشكالها وأنواعها‪ ،‬ومن أهم الموضوعات التي تحتاج إلى عناية خاصة ودفعة كبيرة من‬
‫الجهات المعنية سواء كانت حكومية أو غير حكومية‪ ،‬لنظرا للدور الكبير ال ذي تلعبه في إجداث التنمية و تطوير القدرات االدارية‪ ،‬حيث يقوم العمل االستشاري‬
‫أساسا على توجيه الجهود نحو دراسة مشكلة قائمة أو متوقعة و تقديم الحلول التي تساهم بشكل فعال في معالجة تلك المشكلة للمزيد في هذا الشأن يراجع‪:‬‬
‫المكي السراجي‪ ،‬عبد القادر الطالبي"الرأي االستشاري"‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة المحليةو التنمية‪ ،‬العدد‪ ،54‬يناير‪،2004‬ص‪.149‬‬
‫حكيمة بومحمدي‪" ،‬اإلستشارة في التشريع المغربي"‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد‪ ،55‬يناير‪،2005‬ص‪.163‬‬
‫‪ -6‬حكيمة بومحمدي‪" ،‬اإلستشارة في التشريع المغربي"‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد‪ ،55‬يناير‪،2005‬ص‪.163‬‬
‫‪7- Le rescrit fiscal : une prise de position opposable a l’administration sur la demande d’un contribuable relatif a l’apllication‬‬
‫‪de le régle fiscale à un sitution.‬‬
‫‪8 - Gilles Bacheler , « le rescrit fiscal », Rffp n°130-2015, p:57.‬‬

‫‪55‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫ من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬48 ‫العدد‬

‫كما ظهرت تقنية اإلستشارة الرسمية المسبقة في المادة الضريبية منذ الثمانينات من القرن الماضي‬
،1‫ وتم إستعمال هذه المسطرة ألول مرة في النظام الضريبي الفرنسي‬،‫في النظم الضريبية المعاصرة‬
‫ الذي تم سنه من أجل تحسين العالقة بين الملزم و اإلدارة‬Aicardi2 ‫ في قانون‬1987 ‫سنة‬
‫ إما عن طريق التعديالت التي تطرأ على القوانين‬، ‫ وتطورت هذه المسطرة عبر سنوات‬،3‫الضريبية‬
.4‫ أو التعديالت التي تطرأ على كتاب المساطر الفرنسية‬،‫المالية‬
‫ لتكريس‬،‫فالنمودج الفرنسي تبنى وطور مسطرة اإلستشارة الضريبية المسبقة لإلدارة الضريبية‬
‫وإقرار تحضر ضريبي محفز على االستثمار وتحسين العالقة بينهما وذلك باالستفادة من التجارب‬
‫ وحتى النظام‬6‫ من قبيل النظام الضريبي األمريكي واإلنجليزي والياباني‬،5‫الفضلى في هذا المجال‬
‫الجزائي الذي كان له السبق في إعتماد اإلستشارة الضريبية المسبقة عن النظام المغربي الذي يعتبر‬
.7‫في المراحل األولى من هذه التجربة‬
‫ حبيس نوع واحد لنظام االستشارات‬،1996 ‫وظل النظام الضريبي الفرنسي إال حدود سنة‬
‫ إذا أنه حاليا يتوفر على إستشارة ضريبية مسبقة ذات طبيعة عامة وتطبق على جميع أنواع‬،8‫القبلية‬

1- Gilles Bacheler , « le rescrit fiscal », Rffp n°130-2015, p:59.


2-par la loi de 8 juillet 1987, le mot de rescrit a été utilisé pour la premier fois en drot fiscal e avec l’itroduction de l’article
L64 , du LPF par la loi du 8 juillet 1987, par extension, dans le present rapport, nous utiliserons ce terme pour desgnier
l’ensemble des provisionspar lesquelles l’administration prend positin sur sitution fiscale , ce concept ainsi entendu est
proche du rulling anglosaxon.
3-Guy Geste, « les évolutions du rescrit »,REFP N°112-2010 , p.92.
4-La loi n°96-« &’ du 12avril1996 a instaure un rescrit(codifie à article L 80B 2éme) pour l’application de régimes
dérogatoire d’amortissement et d’allégement d’impôt en faveur des entreprise nouvelles.
-La loi de finances pour 1997-12, un rescrit pour détermination des dépense éligibles au crédit impôt recherche(codifie a
l’article L80B 3éme).
-La loi n°2003-709 du 1er aout 2003, un rescrit relatif à la reconnaissance du statut d’organisme d’enteret générale ou
d’utilise publique ouvrant le droit à une réduction d’impot aux personnes qui leur octroient des dons(codifie a l’article L80C)
-La loi de finances pour 2004-13, un rescrit pour les catégorie des jeunes entreprise innovantes destiné a établir si une
entreprise nouvelle peut bénéficier des dispositions fiscales dérogatoires qui bénéficient à ladite catégorie (codifie à l’article
L80B 4éme).
5- C’est une pratique très répondue dans de nombreux pays et notamment , dans les pays de l’union européenne ou 22 états la
mettre en œuvre.
6- Rapport au ministre d’etat, ministre de l’economie , des finances et de l’industrie « améliorer la securite du droit fiscale
pour renforcer l’attractivité du territoire », etabli par bruno gibert, avocat associe la documentation francais, p :15.
‫ خالل الندوة الوطنية التي أقيمت بكلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬،"‫ مداخلة ألقيت بعنوان "اإلستشارة الضريبية المسبقة وسؤال اإلمن القانوني‬،‫ خالد المبروكي‬-7
.2019/05/03 ‫ بتاريخ‬،‫واإلجتماعية بالمحمدية‬
8- Guy Geste, « les évolutions du rescrit »,REFP N°112-2010 , p.92.

56 ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬


‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الضرائب والرسوم‪ ،‬وتم التنصيص عليها في المادة ‪/80‬ب‪ ،‬من كتاب المساطر الضريبية الفرنسي‪،‬‬
‫وهذه المسطرة محكومة بمجموعة من الشروط واآلجال بالنسبة لالدارة والملزم‪ ،1‬و أنواع أخرى‬
‫من نظام االستشارات القبلية متخصصة‪ ،‬وتطبق محددة بنص القانون‪ 2‬وهي‪:‬‬
‫‪ ‬إستشارة مسبقة تتعلق "بأثمان التحويل"‪3‬؛‬
‫لقد تم تبني هذه المسطرة كذلك في النظام المغربي"مسطرة اإلتفاق المسبق حول أثمان التحويل"‪،4‬‬
‫التي تهدف هذه المسطرة باألساس إلى تكريس األمن الضريبي وإستقرار المحيط الضريبي من‬
‫أجل تكوين ضمانات مهمة تغري المستثمرين‪ ،‬خصوصا بالنسبة للشركات المتعددة الجنسية التي‬
‫تمارس نشاطها في المغرب‪ 5‬وجل دول األعضاء في "منظمة التعاون والتنمية" تعمل بهذه‬
‫المسطرة‪ ،‬وكان النظام الفرنسي أول من تبنى هذه المسطرة سنة ‪ ،61987‬وتهدف هذه المسطرة‬
‫إلى تمكين المنشأت التي لها عالقات مباشرة أو غير مباشرة بمنشأت توجد خارج المغرب‪ ،‬أن‬
‫تطلب إبرام إتفاق مسبق مع االدارة الضريبية حول طريقة تحديد أثمنة العمليات‪.7‬‬
‫وفي األونة االخيرة لوحظ إهتمام بمبدأ االمن الضريبي بالمغرب من قبل االدارة الضريبية‪،‬‬
‫وهذا ما تجلى في أخر مذكرتين لوزارة االقتصاد والمالية بشأن قوانين المالية‪ ،‬ففي مذكرتها الدورية‬
‫رقم ‪ 724‬المتعلقة باالحكام الضريبية لقانون المالية رقم ‪ 100-14‬لسنة المالية ‪ ،82015‬تتحدث‬
‫عن األمن الضريبيي وإستقرار المحيط الضريبي‪ ،‬خصوصا بالنسبة للشركات المتعددة الجنسيات‬

‫‪1- Gilles Bacheler , « le rescrit fiscal », Rffp n°130-2015, p:62‬‬


‫‪2- ibid, p60-61.‬‬
‫‪ -3‬تم التنصيص على هذه المسطرة في المادة ‪/80‬ب من الفقرة ‪ 7‬من كتاب المساطر الضريبي الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -4‬بموجب أحكام المادة ‪ 6‬منقانون المالي رقم ‪ 100-14‬لسنة المالية ‪ ،2015‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.14.195‬بتاريخ فاتح ربيع االول‬
‫‪24(1436‬دجنبر‪ ،) 2015‬ثم إحداث باب الخامس من المدونة العامة للضرائب‪ ،‬كما وقع تتميمها و تغييرها‪ ،‬يتعلق االمر بمسطرة االتفاق المسبق حول أثمان التحويل‬
‫وقد ثم إدارج مادتين جديدتين بالباب المذكور‪:‬‬
‫المادة ‪ 234‬المكررة التي تحدد نطاق تطبيق االتفاق السالف الذكر وكذا كيفيات إبرام هذا االتفاق بنص تطبيقي؛‬
‫والمادة ‪ 234‬المكررة مرتين التي تحدد الضمانات المخولة للمقاوالت و شروط بطالن االتفاق المذكور؛‬
‫‪5- note circulaire, N°724, relative aux dispositions fiscale de la loi de finance N°14-100 pour l’année budgétaire 2015.p/39.‬‬
‫‪6- Rapport au ministre d’etat, ministre de l’economie , des finances et de l’industrie « améliorer la securite du droit fiscale‬‬
‫‪pour renforcer l’attractivité du territoire », etabli par bruno gibert, avocat associe la documentation francais, p :31.‬‬
‫‪ -7‬للمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع في هذا الشأن إلى‪ :‬المواد ‪ 234‬المكررة‪ 234 ،‬المكررة مرتين‪ ،‬و المواد ‪ 214‬و ‪ 220‬و ‪ 221‬من المدونة العامة للضرائب‪.‬‬
‫‪8 - note circulaire, N°724, relative aux dispositions fiscale de la loi de finance N°14-100 pour l’année budgétaire 2015.p/39.‬‬

‫‪57‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫التي تمارس نشاطها بالمغرب‪ ،‬فيما يخص االجراءات المتعلقة بمسطرة االتفاق المسبق حول أثمان‬
‫التحويل‪.1‬‬
‫‪ ‬إستشارة القبلية تتعلق "بالقيمة"‪.2‬‬
‫‪ ‬إستشارة القبلية تتعلق "بالتعسف في إستعمال الحق"‪.3‬‬
‫إن اإلستشارة الضريبية القبلية بشتى أنواعها‪ ،4‬من الركائز التي تكرس األمن الضريبي‪ ،‬ومدخل‬
‫أساسي للقبول بالضريبة لما توفره من إستقرار في فقه االدارة‪ .‬والمحيط الضريبي عامة‪ ،‬وتمنح‬
‫رؤية واضحة للمستثمرين فيما يتعلق بمعالجة الضريبية المتوقعة لمشاريعهم االستثمارية‪ ،‬وفي هذا‬
‫الصدد نصت المدونة العامة للضرائب لسنة ‪ ،2018‬على تمكين الخاضعين للضريبة من تقديم‬
‫طلب لإلدارة الضريبية للبث في النظام الضريبي المطبق على وضعيتهم الواقعية في ضوء االحكام‬
‫التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪ .5‬ويهم هذا الطلب التركيبات القانونية و المالية التي تهم‬
‫مشاريع اإلستثمارية المزمع إنجازها‪ ،‬وكذا عمليات إعادة الهيكلة المتوقعة للمنشآت ولمجموعات‬
‫الشركات‪ ،‬والعمليات المزمع إنجازها بين منشآت لديها عالقة تبعية مباشرة وغير مباشرة متواجدة‬
‫بالمغرب‪ ،‬وستمكن هذه المسطرة أصحاب الطلب من إستجالء موقف االدارة حول الوضعية‬
‫الواقعية‪ ،‬بإستثناء الملفات التي هي في طور المراقبة أو المنازعة‪.6‬‬
‫ب) تدعيم العمل باإلستشارة الرسمية في المادة الضريبية‬
‫عند النظر بالنسبة للتجارب المغربية مع التجارب المقارنة‪ ،‬خاصة فرنسا وإنجلترا‪ ،‬يستشف‬
‫مدى محدودية التجربة المغربية في هذا المجال‪ ،‬غير أنه من أجل فعالية هذه المسطرة‪ ،‬يجب على‬

‫‪ -1‬تم التنصيص على مسطرة االتفاق المسبق حول اثمان التحويل في المواد ‪214،234‬المكررة‪ 234،‬المكررة مرتين‪،‬من المدونة العامة للضرائب‬
‫‪ -2‬تم التنصيص عليها في المادة ‪ 18‬من كتاب المساطر الضريبية الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -3‬تم التنصيص عليها في المادة ‪ 64‬من كتاب المساطر الضريبية الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -4‬للمزيد من التفاصيل فيما يتعلق بأنواع مسطرة االستشارة الضريبية القبلية يراجع في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪Guy Geste, « les évolutions du rescrit », REFP N°112-2010 , p.92 , et suivantes.‬‬
‫‪ -5‬من أهم المستجدات التي جاء بها قانون المالية لسنة ‪ ،2018‬المادة ‪ 234‬المكررة ثالث مرات‪ ،‬التي تسمح للخاضعين بطلب االستشارة الضريبية المسبقة‪ ،‬و‬
‫نصت أحكام المادة السلفة الذكرعلى أنه‪":‬يمكن للخاضعين أن يطلبوا من إدارة الضر ائب أن تبث في النظام الجبائي المطبق على وضعيتهم الواقعية على ضوء‬
‫االحكام التشريعية المنصوص عليها في هذه المدونة و كذا المقتضيات الصادرة لتطبيقها‪ .‬وقد عرفت بعد التعديالت بخصوص قانون المالية لسنة ‪ ،2020‬حيث‬
‫وسعت من المادة لتشمل حتى إعطاء إستشارة بخصوص التعسف في إستعمال الحق‪.‬‬
‫‪ -6‬عرض محدد العناصر القانونية و الواقعية الملتمس من موقف االدارة بشآنها‪ .‬ويجب أن يكون جواب االدارة مكتوبا ومعلال ويرسل للمعني باالمر خالل أجل ال‬
‫يتعدى ثالثة أشهر إبتداءا من تاريخ التوصل‪ ،‬وفي حالة وجود نقص في العناصر االزمة فإن االدارة تدعوه الكمال الوثائق قبل إنصرام أجل الثالثة أشهر السالفة‬
‫الذكر‪.‬‬

‫‪58‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫"المديرية العامة للضرائب" العمل على تقوية هذه المسطرة في ضوء التجارب المقارنة النموذجية‪،‬‬
‫والعمل على تفعيل توصيات المنظمات المختصة إضافة إلى توصيات المناظرات الجبائية‪ 1‬التي‬
‫تعنى بإصالح الشأن الجبائي‪ ،2‬من خالل إقرار تدابير من قبيل‪:‬‬
‫‪ -1‬تسهيل الولوج إلى هذه المسطرة‪:‬‬
‫حيث يجب التقليص من شروط االستفادة من هذه المسطرة‪ ،‬والتوسيع من نطاق تطبيق مسطرة‬
‫اإلستشارات القبلية في النظام الضريبي المغربي‪ ،‬فالنظام الضريبي الفرنسي شرع في تسهيل‬
‫الولوج إلى هذه اآللية منذ سنة ‪ .1987‬من حيث توسيع نطاق تطبيق هذه المسطرة‪ ،‬والتقليص من‬
‫شروط االستفادة ‪ 1997‬هذه اآللية منذ سنة منها‪ ،‬أما النظام الضريبي المغربي‪ ،‬مازال يعاني من‬
‫محدودية هذه اآللية‪.‬‬
‫فمنذ الشروع في تطبيقها‪ -‬فاتح دجنبر ‪ -2018‬في النظام الضريبي المغربي‪ ،‬لم تتلقى المديرية‬
‫العامة للضرائب سوى طلبات قليلة‪ ،‬وهذا ما أكده التقرير السنوي ألنشطة المديرية العامة للضرائب‬
‫لسنة ‪ .2018‬فيما يخص هذه اإلستشارة‪.‬‬

‫جدول توضيحي الإلستشارات الضريبية المسبقة التي قامت بها المديرية العامة للضرائب سنة ‪.32018‬‬

‫‪ - 1‬خصوصا مخرجات المناظرتين الثانية والثالثة التي تم عقدهما من أجل إصالح النظام الضريبي ومواكبته للتطورات التي تعرفها التشريعات الجبائية المقارنة‪.‬‬
‫‪- 2‬عموما تتجلى أهمية الشكايات و االستشارات‪ ،‬في إقامة عالقة ثقة مع المرتفقين و خصوصا المستثمرين نظرا للدور الذي يلعبونه في تنمية العجلة‬
‫االقتصادية‪،‬وحددت بغض المنظمات المبادئ و التوجيهات في مجال الشكايات من بينها‪ :‬المنظمة الدولية للمعايير(إيزو)‪،‬‬
‫‪THE INTERNATIONAL ORGANISATION FOR STANDARDISATION‬‬ ‫وباالنجليزية‪:‬‬
‫‪ORGANISATION INTRENATIONAL DE NORMALISATION‬‬ ‫وبالفرنسية‪:‬‬
‫ومنظمة التعاون و التنمية االقتصادية‪THE ORGANISATION FOR ECONOMIQUE COOPERTION AND DEVELOPEMEN. :‬‬
‫مثال بانسبة لمنظمة المعايير الدولية إيزو وفق معيار ‪ ISO 1002-2004‬حدد المبادئ التوجيهية لمعالم الشكاوى وهو جزء ال يتجزء من معالجة الجودة ‪ISO‬‬
‫‪ ، 9000‬فهذا المعيار يحدد الشروط االساسية لتدبير مسلسل معالجة الشكايات بنجاح وهو يملي بهذا الصدد تسعة مبادئ أساسية توجيهية و هي‪-1 :‬الرؤية‪-2،‬‬
‫الولوجية‪-3،‬التفاعلية‪-4،‬الموضوعية‪-5،‬المصاريف‪-6،‬السرية‪-7،‬المقاربة الموجهة نحو الزبون‪-8،‬تحديد المسؤوليات‪-9،‬التحسين المستمر‪.‬‬
‫‪ - 3‬التقرير السنوي حول أنشطة المديرية العامة للضرائب لسنة ‪ ،2018‬ص‪.49‬‬

‫‪59‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ما يمكن قوله عن تجربة المغرب بخصوص اإلستشارة الضريبية المسبقة‪ ،‬فإن مدة ستة أشهر‬
‫على الشروع في تطبيق هذه المسطرة‪ ،‬غير كافية ويصعب تقييمها‪ ،‬حيث وضعت شروط يصعب‬
‫على عموم الملزمين الولوج إلى هذه المسطرة‪ ،‬في المقابل سمحت باللجوء إليها في الحاالت اآلتية‬
‫على سبيل الحصر وهذا ما يوضح بأن هذه المسطرة تهم باالساس خدمة المستثمرين نظرا للدور‬
‫الكبير الذي يلعبه االستثمار في التنمية االقتصادية‪:‬‬
‫‪ -‬التركيبات القانونية والمالية التي تهم مشاريع اإلستثمار المزمع إنجازها‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة الهيكلة للمنشآت ولمجموعات الشركات بالنسبة للشركات المقيمة في المغرب‪.‬‬
‫‪ ‬العمليات المزمع إنجازها بين منشآت متواجدة في المغرب والتي لديها عالقة تبعية مباشرة أو‬
‫غير مباشرة‪.1‬‬
‫‪ ‬العمليات التي من شأنها أن تشكل تعسفا في إستعمال حق يخوله القانون كما هو منصوص عليها‬
‫في المادة‪.V- 213 2‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فالمدونة العامة للضرائب بالرغم من أنها قلصت من سهولة الولوج إلى هذه المسطرة‬
‫بالنسبة لعموم الملزمين‪ ،‬فأنها في المقابل منحت كل من المقاوالت والمستثمرين آلية اللجوء إلى‬
‫هذه المسطرة من أجل دعم التنمية اإلقتصادية والتشجيع على اإلستثمار‪.‬‬
‫كما أن قانون المالية ‪ ،2020‬جاء بمستجد بهذا الخصوص فيما يخص العمليات التي من شأنها‬
‫أن تدخل في نطاق تطبيق طلب اإلستشارة الضريبية المسبقة حيث نجد كذلك العمليات التي من‬
‫شأنها أن تشكل تعسفا في إستعمال حق يخوله القانون كما هو منصوص عليه في المادة ‪،V213‬‬
‫وهذا في حد ذاته يعتبر تقدم ملحوظ بالنسبة للمادة ‪ 234‬مكررة ثالث مرات‪ ،‬في إنتظار أن يتم‬
‫توسيع نطاق تطبيق هذه المادة كما هو معمول به في فرنسا‪.‬‬
‫‪ -2‬تعميم مسطرة اإلستشارة الضريبية المسبقة على المستوى الترابي ‪:‬‬
‫عود إلى بدء أي تجربة النظام الضريبي الفرنسي‪ ،‬يتضح أنه يتم تقسيم معالجة اإلستشارات‬
‫الضريبية القبلية بين اإلدارة المركزية والالمركزية والمصالح الخارجية لإلدارة المركزية‪،‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 234‬مكررة ثالث مرات من المدونة العامة للضرائب‪ ،‬تم إدراجها بمقتضى أحكام البند ‪ II‬من المادة ‪ 8‬من قانون المالية لسنة ‪. 2018‬‬

‫‪ - 2‬تم إدراج هذه الفقرة بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 6‬من قانون المالية لسنة ‪ ،)70.19( 2020‬من خالل الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.125‬صادر في ربيع االخر‬
‫‪ 13( 1441‬ديسمبر ‪.)2019‬‬

‫‪60‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫باختالف نوع اإلستشارة‪ ،‬وإختالف نوع الضرائب والرسوم‪ ،‬وهذا من شأنه تجويد العمل اإلداري‪،‬‬
‫وتقريب اإلدارة الضريبية من الملزم‪/‬المستثمر‪.‬‬
‫إن تعزيز الطابع الجهوي للخدمات الضريبية سيؤدي إلى بناء ثقة بين الملزم واإلدارة الضريبية‪،‬‬
‫فالنظام الضربيي المغربي مازال يحتاج لتطوير هذه اآللية سواء على المستوى المركزي‬
‫والالمركزي وخصوصا أن المغرب يسعى لتوجه نحو الجهوية المتقدمة التي تستتبعها تنمية مجالية‬
‫تساعد على إنجاح مشروع الجهوية المتقدمة‪ ،‬من خالل إحداث نظام إستشارات ضريبية قبلية على‬
‫شاكلة النظم الضريبية النموذجية المعاصرة‪ ،‬إضافة إلى تسهيل الولوج لها والعمل على نشرها‪.‬‬
‫فحسب تقرير"‪ "FOUQUET‬الذي حمل في طياته توصيات ومقترحات لتكريس األمن‬
‫الضريبي الذي يعتبر من بين أهم الدعمات التي تجعل من التشريع الضريبي يعتبر ألية من أليات‬
‫إستقطاب وجذب االستثمارات سواء المحلية أو االجنبية أبرزها في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ ‬إحداث أنواع جديدة من نظام اإلستشارات الضريبية القبلية‪.‬‬
‫‪ ‬إعطاء الملزمين إمكانية الطعن في نظام االستشارات الضريبية القبلية‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرقمنة الضريبية ودورها في تحسين مناخ اإلستثمار‬
‫إن تحقيق التطلعات اإلقتصادية يحتم تحديث اإلدارة العمومية وأساليب تدبيرها ومالئمة نظامها‬
‫اإلداري بمستلزمات التنافسية واالنفتاح‪ ،‬وتتوخا اإلدارة االلكترونية الضريبية في هذا اإلطار‬
‫تبسيط المساطر لمرتفقيها‪ ،‬وكذا تحقيق تعاون تداخلي بين اإلدارات العمومية وبناء الثقة معهم‪.‬‬
‫تدخل اإلدارة اإللكترونية الضريبية في إطار الحكومة اإللكترونية‪ ،‬وهي أوال وقبل كل شيء‬
‫نظام يعتمد على تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت من قبل اإلدارات العمومية في عالقاتها مع‬
‫المرتفقين والشركاء من القطاع العام والخاص‪ .‬وقد تم إعتماد برنامج الحكومة اإللكترونية من أجل‬
‫إستغالل التكنولوجيات الحديثة كاإلعالم والتواصل إلعادة تشكيل عميق للمساطر اإلدارية حتى‬
‫تصبح أكثر فعالية وموجهة كليا لخدمة الملزمين بصفة عامة من جهة‪ ،‬والمستثمرين من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫فاإلدارة اإللكترونية هي اإلنتقال من تقديم الخدمات اإلدارية بالطريقة التقليدية اليدوية إلى‬
‫الطريقة اإللكترونية‪ ،‬ومن خالل ما تتيحه التكنولوجيا الحديثة من إستخدام أمثل للوقت والمال‬

‫‪ -1‬أوسامة المرابط‪ ،‬رسالة ماستر في القانون العام تحت عن عنوان‪" :‬االمن القانوني وإشكالية الثقة الضريبية"‪ ،‬كلية أكدال بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2018-2017‬‬

‫‪61‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫والجهد‪ ،‬وعملت وزارة االقتصاد والمالية في إطار االستراتيجية الحكومية الخاصة بتكنولوجيا‬
‫المعلومات واالتصاالت على تنزيل إستراتيجيتها الخاصة في مجال نظم المعلومات والتي يطلق‬
‫عليها إستراتيجية المالية اإللكترونية ‪ ."e-finance "1‬وفي إطار تفعيل إستراتيجية مالية‬
‫إلكترونية عملت المديرية العامة للضرائب على تفعيل خدمات جبائية إلكترونية سمحت للملزمين‬
‫من الولوج إلى خدمات على الخط بواسطة شبكة االنترنيت‪ ،‬وتخص كل من التصريح االلكتروني‬
‫وإستخالص الضرائب " ‪ ،2"SIMPL-TAX‬وذلك لتحقيق هدفين‪:‬‬
‫‪ ‬بناء عالقة شراكة مع الملزمين‪/‬المستثمرين متسمة بالثقة‪.‬‬
‫‪ ‬التحول نحو إدارة إلكترونية‪.‬‬
‫وفي إطار سياسة التحديث التي تنهجها المديرية العامة للضرائب‪ ،‬تم إحداث مجموعة من الخدمات‬
‫اإللكترونية التي تمكن مرتفقي هذه اإلدارة من القيام تدريجيا بإجراءاتهم اإلدارية عن بعد‪ ،‬وتبعا‬
‫لذلك يشكل التصريح واألداء اإللكترونيين للضريبة‪ ،‬أهم المداخل المعتمدة في هذا الورش‬
‫اإلصالحي لرقمنة المساطر الضريبية‪.‬‬
‫إن إعتماد اإلدارة اإللكترونية في تدبير المرافق العمومية بصفة عامة‪ ،‬واإلدارة الضريبية بصفة‬
‫خاصة‪ ،‬يتماشى مع الدور الكبير الذي يمكن أن تقوم به في تجويد وتحسين الخدمات اإلدارية‬
‫العمومية المقدمة من أجل تشجيع اإلستثمار‪ .‬كما تعتبر خدمة اإلقرار واألداء اإللكترونيين‬
‫للضريبة‪ ،‬إحدى أهم صور اإلدارة اإللكترونية في المادة الضريبية‪ .‬وتهدف باألساس اإلدارة‬
‫اإللكترونية الضريبية من هذه الخدمة إلى تبسيط المساطر‪ ،‬وتقريب اإلدارة من المستثمر الذي‬
‫يعتبر بدوره خاضع للضريبة‪.‬‬
‫أ) تبسيط المساطر الضريبية كرافعة أساسية للنهوض بمناخ األعمال بالمغرب‬
‫إن اتباع نهج اإلدارة التقليدية في التعامل مع المواطنين جعل خدماتها تتصف بالتعقيد الذي يبرز‬
‫باألساس على المستويين‪ ،‬األول يتمثل في جمود المساطر اإلدارية‪ ،‬فكما هو معروف أن المساطر‬
‫التي تتبعها اإلدارة المغربية في تعاملها مع الملزمين ‪/‬المستثمرين‪ ،‬ال تتصف بالمرونة بل تتسم‬

‫‪ -1‬تهدف استراتيجية المالية االلكترونية "‪ " e-finance‬إلى إدماج و حوسبة العمليات و ذلك بتوفير خدمات جيدة و مشخصنة لمستعملي االنترنيت كما ترمي إلى‬
‫تسهيل و تحسين تبا دل المعلومات مع الشركاء‪ ،‬وكدا قياد المهن بوزارة االقتصاد و المالية‪-‬وزارة االقتصاد و المالية و إصالح االدارة حاليا‪ -‬من أجل تسهيل أتخاد‬
‫القرار‪ ،‬باإلضافة إى ضمان استمرارية العمل و الحفاظ على رصيد المعلوماتي للوزارة‪.‬‬
‫‪ - 2‬مجلة المالية‪ ،‬صادرة عن وزارة االقتصاد والمالية وإصالح االدارة‪ ،‬عدد ‪ 32‬مارس ‪ ،2017‬ص‪.13‬‬

‫‪62‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫بالتعقيد والتكرار أو التداخل أو التبذير في الوقت والجهد والمال أما المستوى الثاني فيتمثل في تعدد‬
‫المصالح المرتبطة بالمسطرة الواحدة‪ ،‬فقد يتطلب إنجاز معاملة معينة‪ ،‬إنتقال المرتفق إلى مصالح‬
‫متعددة قد تكون متباعدة‪ ،‬بغية الحصول على توقيعات عدة في وثيقة إدارية واحدة‪ ،‬بالرغم من‬
‫وجود وثائق ذات حمولة متشابهة مما كان يشكل أهم االسباب التي تعرقل بدء المشاريع االستثمارية‬
‫وقد يصل االمر إلى حد النفور‪.‬‬
‫ولهذا فإن المقصود بتبسيط المساطر هو التخفيف ومن االجراءات الرامية الى الحصول على‬
‫المطلوب‪ ،‬وهو ما ينسجم مع مع المفهوم الجديد للسلطة‪ ،‬الذي أواله الملك محمد السادس أهمية‬
‫بالغة من خالل توجيهاته المتظمنة في الرسالة الملكية التالية‪" :1‬إن هدف اإلجراءات اإلدارية‬
‫التسهيل واليسر وليس التعقيد والتعسير‪ ،‬وهو منهاج لترسيخ روح اإلستقامة والشفافية والتعجيل‬
‫في إيصال النفع للناس‪ ...‬لذلك أمرنا بتبسيط اإلجراءات وتحيين النصوص االدارية وتحديث وسائل‬
‫التدبير والعمل على التوفيق المستمر بين مقتضيات اإلدارية وروح العصر التي طبعت اليوم كل‬
‫العالقات البشرية‪...‬ملحين على ضرورة إصالح أساليب التدبير وترشيده وتحسين إستغالل الميدان‪،‬‬
‫ورفع كل الحواجز عن طريق التجاوب الضروري بين المستثمر والمصالح المختصة"‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وإنسجاما مع التعليمات الملكية السامية تم إعتماد اإلدارة العمومية على الرقمنة والتي‬
‫تتيح مكننة المساطر اإلدارية (رخصة ‪ -‬شواهد ‪ -‬وثائق‪ ،)...‬والعمل بتقنية المساطر عن بعد‪ ،‬التي‬
‫تضع رهن إشارة العموم نماذج الطلبات واإلستمارات التي يجب تعبئتها بعناية للحصول على وثيقة‬
‫معينة‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬تم إحداث الشباك اإللكتروني للمديرية العامة للضرائب في ‪ 2007‬بإطالق‬
‫تصاريح واألداءات المرتبطة بالضريبة على القيمة المضافة على الخط ‪ SIMPL-TVA‬وفي‬
‫سنة ‪ 2009‬إضافة التصاريح واألداءات المرتبطة بالضريبة على الشركات على الخط ‪SIMPL-‬‬
‫‪ ، IS‬وفي سنة ‪ 2011‬تم إغناء الشباك االلكتروني بإدماج االجراءات المتعلقة بالتصاريح‬
‫واالداءات المتعلقة بالضريبة على الدخل ‪ .SIMPL-IR‬بإالضافة إلى إمكانية التصريح واالداء‬
‫على الخط ‪ 24/24‬و ‪ 7/7‬دون تحمل عناء التنقل‪ ،‬ويقدم الشباك االلكتروني مجموعة من الوظائف‬

‫‪ - 1‬الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في الندوة الوطنية حول"دعم األخالقيات بالمرفق العام"المنظمة من طرف وزارة الوظيفة العمومية وإصالح‬
‫االدارة‪،‬بتاريخ ‪ 29‬أكتوبر‪ ،1999‬عبر البوابة الوطنية ‪ ، www.maroc.ma‬تاريخ الزيارة ‪ 2020/06/02‬على الساعة ‪.15:21‬‬

‫‪63‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫التي تضمن تسهيل المساطر المعمول بها وذلك بالقيام ببعض العمليات من قبل التحقق من تناسق‬
‫المعلومات والملئ المسبق لإلستمارات والمساعدة على العمليات الحسابية كما تم تسهيل وتدعيم‬
‫وتوثيق التصاريح واألداءات الماديين إلى الصيغة اإللكترونية‪.1‬‬
‫عموما فإستعمال المعلوميات يساهم في الحد من شخصنة المعامالت المادية المباشرة إلى‬
‫الصيغة اإللكترونية ما بين أعوان اإلدارة والمتعاملين من خالل التعيين األوتوماتيكي للمفتشين‬
‫وتوجه نحو إدارة جبائية عصرية تساهم في تجويد الخدمات المقدمة للزبناء وخصوصا المستثمرين‬
‫التي تساهم بشكل كبير في عملية التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫ب) تقريب اإلدارة الضريبية من الملزمين‪/‬المستثمرين‪:‬‬
‫إن الفلسفة الرئيسية لإلدارة اإللكترونية هي نظرتها إلى اإلدارة كمصدر للخدمات لكل من‬
‫المرتفقين والشركات‪ ،‬وبالتالي يكون تقريب اإلدارة من الملزمين‪ /‬المستثمرين وزيادة كفاءتها في‬
‫ذلك رهين ببناء عالقة شراكة مع الملزم‪/‬المستثمر الخاضع بالضريبة‪ ،‬إال أننا في النظام اإلداري‬
‫المغربي يجب اإلختيار ما بين اإلصالح الجذري واإلجراءات التجميلية‪ ،‬هل نريد إدارة إلكترونية؟‬
‫أو واجهة إلكترونية؟ هناك مقاربتين لإلدارة في هذا المجال‪ ،‬األولى ترتكز على تقديم خدمات‬
‫للمستعملين ومقاربة ترتكز على البحث عن إدارة أحسن‪ ،‬فإذا كانت المقاربة األولى تمكن من إتاحة‬
‫إمكانية جديدة كما وكيفا‪ ،‬فالثانية تعتبر جد طموحة فهي تؤسس لنمط إداري جديد‪ ،‬ألن اإلدارة‬
‫المعلوماتية تبقى محايدة‪ ،‬وال تمكن من حل القصور الوظيفي‪ ،‬وال تمكن من تجاوز اإلختالالت‬
‫اإلدارية القائمة‪ ،‬بل قد تفضي إلى تكريسها والرفع من حدتها‪ ،‬إذ يتعين إصالح القصور الكامل‬
‫ومواجهة مكامن الخلل قبل تبني اإلدارة اإللكترونية بإإلضافة إلى الفجوة الرقمية‪ ،2‬التي تعتبر عائقا‬
‫أمام الملزمين للولوج إلى النظام المعلوماتي‪ ،‬وهذا ما قد يمس بأمنهم الضريبي‪ ،‬بل قد تمس الفجوة‬
‫الرقمية بمبدأ المساواة أمام المرافق العمومية‪ ،‬في ظل التكريس التدريجي عبر قوانين المالية‪ ،‬لكل‬
‫من التصريح واألداء وحتى التبليغ اإللكترونيين‪ ،‬حيث أن الملزمين يجب عليهم القيام بالتصريح‬
‫واألداء بالطريقة االلكترونية‪ ،‬وهنا يجب التوفيق بين رقمنة اإلدارة الضريبية واألمن الضريبي‬
‫للملزمين‪ ،‬ومراعاة خصوصية النظام االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬والمستوى المعرفي للملزمين في‬

‫‪- 1‬مجلة المالية‪ ،‬لوزارة االقتصاد والمالية ‪-‬وزارة االقتصاد والمالية وإصالح االدارة حاليا‪-‬العدد ‪ 21‬يناير ‪ ،2014‬ص‪.4‬‬
‫‪ - 2‬الفجوة الرقمية‪ ،‬هي الفجوة المعرفية والمعلوماتية بين البشر‪ ،‬وبين من يملكون القدرة على الحصول على المعلومة ببساطة‪ ،‬وبين من يحصلون عليها بمشقة‪،‬‬
‫وبين من ال يحصلون عليها إطالقا‪.‬‬

‫‪64‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫النظام الضريبي المغربي‪ ،‬إلجتناب إنعدام مبدأ مساواة الملزمين أمام المرافق العمومية‪ ،‬وصعوبة‬
‫ولوجهم لها‪ ،‬وهذا ما يشكل مس بأمنهم الضريبي‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬يتحتم على اإلدارة الضريبية اليوم التوجه نحو الملزم دون أحكام مسبقة‪ ،‬وأن تتوقف عن‬
‫النظر إليه كغشاش أو مناوئ محتمل‪ .‬وعملها في الوقت الراهن ال يقتصر على تبسيط النظام‬
‫الضريبي‪ ،‬بل يتعين تمكين الملزم من فهم توجهات اإلدارة الضريبية عبر إقرار تبادل مشترك‬
‫بينهما‪ ،‬فإقرار الشفافية اإلدارية يمر بتقليص الثوتر وإرساء االنسجام مع الملزم‪/‬المستثمر‪ ،1‬فاإلدارة‬
‫الضريبية اليوم ملزمة على اإلنخراط في تكريس األمن الضريبي‪ ،‬من أجل ضمان نظام جبائي‬
‫متحضر يقوم على الشفافية والثقة وهذه تعتبر من أهم توصيات االونكتاد‪ 2‬من خالل تقريرها الموجه‬
‫من أجل تجويد البيئة المالئمة لتشجيع االسنثمار في البلدان النامية‪.‬‬
‫ومن الضروري اليوم على اإلدارة الضريبية تحسين عالقتها وإهتمامها بمحيطها الداخلي‪ ،‬وكذا‬
‫محاولة ربط جسور الثقة مع محيطها الخارجي‪ ،‬إال أن التحديث يقتضي إدخال العديد من‬
‫الممارسات والعقليات حتى يتم إستيعابها من طرف الجميع ويضمن ممارسات كفيلة بتشجيع التعامل‬
‫بين االدارة والملزمين‪ ،‬وخاصة بالنسبة للقطاع المقاوالتي الذي يلعب دور كبيرا في عملية التنمية‬
‫اإلقتصادية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أهمية السياسة الضريبية في تحفيز المقاولة على اإلستثمار‬
‫لقد أملت الرغبة الملحة إلى الدفع بعجلة اإلقتصاد الوطني‪ ،‬وضمان اإلستمرار والتوازن‬
‫اإلجتماعي إلى حماية كل القطاعات المكونة للنشاط اإلقتصادي والمالي دون تغليب أحدها على‬
‫اآلخر‪ ،‬نظرا إلرتباطها ببعضها البعض‪ ،‬فمن هنا تبرز ضرورة حماية المقاولة ليس فقط لدورها‬
‫في اإلنتاج والتشغيل وتنشيط الحركة التجارية والصناعية‪ ،‬وإنما بإعتبارها موردا مهما لخزينة‬
‫الدولة‪ ،‬فمزاولة نشاط المقاولة‪ ،‬يقتضي فرض مجموعة من الضرائب عليها‪ ،‬وبدون هذه األخيرة‬
‫تتوقف البرامج اإلصالحية لسياسات الدولة االقتصادية‪.‬‬

‫‪ - 1‬سي محمد البقالي‪ ،‬المدخل الوجيز لدراسة القانون الضريبي‪-‬مقارنة قانونية و إجتماعية‪-‬مطبعة البصيرة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة االولى ‪،2020‬ص‪.4‬‬
‫‪ -2‬سلسلة دراسات االونكتاد بشأن مسائل اتفاقات االستثمارات ا لدولية‪ ،‬تقرير االمم المتحدة للتجارة والتنمية حول الحوافز سنة ‪.2008‬‬

‫‪65‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ولهذا الغرض قام المشرع بتعزيز اآلليات والضمانات الهادفة إلى الحفاظ على موارد الدولة‪،1‬‬
‫حيث تغيرت الرؤية التي كان ينظر بها إتجاه المقاولة حيث عرفت تطورا مهما أماله منطق التنمية‬
‫اإلقتصادية المستديمة‪.‬‬
‫ومواكبة أيضا للطفرة اإلقتصادية التي يشهدها المغرب أصبحت الحاجة ملحة لتوفير اآلليات‬
‫الضرورية لضمان استمرارية المقاولة مع مراعاة المصالح المرتبطة بها‪ ،‬وذلك باالعتماد على‬
‫تخفيف العبئ الضريبي على المقاولة من أجل تشجيعها على اإلستثمار ثم االنتاجية (أوال)‪ ،‬كما‬
‫يتعين على المشرع المغربي ومن أجل تحفيز االستثمار المحلي واالجنبي التوجه نحو إبرام‬
‫إتفاقيات جبائية دولية كوسيلة للحد من اإلزدواج الضريبي (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬العبء الضريبي ودوره في تشجيع المقاولة على االستثمار‬
‫إن المفهوم الحديث للضريبة يقوم على إعتبارها ليست فقط أحد أهم مصادر موراد الدولة بل‬
‫لكونها أحد األدوات المالية التي تمكن الدولة من التدخل في النشاط اإلقتصادي واإلجتماعي أو‬
‫السياسي لتحقيق بعض األهداف المسطرة ضمن السياسة العامة للبالد‪ .‬وإنطالقا من هذا المفهوم‬
‫ال يمكن أن تجبى الضرية أو الرسم دون أن يكون لهما إنعكاسات على اإلستهالك واإلدخار‬
‫واإلنتاج واإلستثمار‪ ،‬ومن ثم تعتبر الجباية أحد المتغيرات المهمة في تحقيق التوازن والتنمية‬
‫اإلقتصادية للدولة‪.‬‬
‫ويؤثر اإلقتطاع الضريبي على مختلف مظاهر الحياة اإلقتصادية وهذا ما يعبر عنه بالضغط‬
‫الضريبي‪ ،‬فالضغط الضريبي يقيس القدرة التكليفية واالقتصادية التي يحدثها فرض الضريبة أو‬
‫الرسوم‪ ،‬ومن تم فهو مؤشر للتقدير الكلي للجباية على مستوى اإلقتصاد الوطني‪ ،‬ويعد كذلك من‬
‫أهم المؤشرات الكمية المستخدمة لتقييم مدى تأثير الضرائب على اإلستثمارات‪.‬‬
‫وتكمن أهمية مؤشر الضغط الضريبي في كونه مقياس يبحث عن اإلمكانية المتاحة لالقتطاعات‬
‫الضريبية للوصول ألكبر حصيلة جبائية ممكنة دون إحداث أضرار باالقتصاد الوطني‪ ،‬وخاصة‬
‫المقاولة التي تلعب دور مهم في التنمية االقتصادية للدولة‪ ،‬أي أن االخالل بهذا المقتضى يمكن أن‬
‫يخلق أثار سلبية على االستثمار‪.‬‬

‫‪1- YVES CHAPUT droit du redressement et de liquidation judiciares des entreprises, 2ème éd 2012-2013, P 6-7.‬‬

‫‪66‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وإذا كانت المقاوالت الخاصة العصرية تطلع بدور مهم في تحقيق التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية وتحريك مجموع الطاقات التي يختزنها كل مجتمع‪ ،‬بل المساهمة كذلك في تحديث‬
‫نمط االنتاج وخلق الثروات ومحاربة البطالة لذلك فإنه من الضروري على الحكومة تخفيف‬
‫الضغط الضريبي على المقاولة‪.‬‬
‫أ) تطور مفهوم العبء الضريبي‬
‫إذا كانت الضريبة بشكل عام توظف لتحقيق أهداف إقتصادية وإجتماعية فضال عن هدفها‬
‫األساسي المالي"تغطية النفقات العمومية" فإن الضغط الضريبي وسيلة أساسية لقياس حجم تدخل‬
‫الدولة وإبراز موقع الجباية داخل االقتصاد الوطني‪ ،‬هذا الضغط الضريبي الذي يختلف حسب تنوع‬
‫األنظمة المالية مما يكون معه التنوع في نسبة الضغط الضريبي المقبولة وخاصة في االقتصادات‬
‫والمجتمعات المختلفة البنية‪.1‬‬
‫فمثال في ظل المالية العامة التقليدية والمحايدة‪ ،‬كانت نسبة الضغط الضريبي منخفضة بالنظر‬
‫إلى الدور المحدود للدولة وللنفقات العمومية‪ ،‬مما يتطلب إقتطاعات ضريبية محدودة‪ ،‬غير أن‬
‫التحول في مفهوم ودور الدولة وتزايد تدخلها ووظائفها إرتبط بالضرورة باإلرتفاع المتواصل‬
‫للنفقات العمومية‪ ،‬وبالتالي الزيادة في الموارد العمومية الالزمة لتغطية هذه النفقات‪ 2‬وإختفاء مبدأ‬
‫حياد الضريبة وحلول مبدأ الضريبة التدخلية حيث أصبح للضربية أهداف اجتماعية وإقتصادية‬
‫باإلضافة إلى أهدافها المالية‪.3‬‬
‫ويعد الضغط الضريبي كمفهوم على أنه العالقة التي تقوم بين االقتطاع الذي يتحمله شخص‬
‫طبيعي أو معنوي أو مجموعة إجتماعية أو جماعة ترابية‪ ،‬والدخل الذي يحصل عليه هذا الشخص‬
‫أو هذه المجموعة أو هذه الجماعة الترابية‪ ،‬وعلى هذا األساس يرتبط الضغط الضريبي بالبنيات‬
‫السياسية واالقتصادية‪ ،‬كالنظام القائم والمستوى االقتصادي‪ ،‬كما يرتبط ببعض البنيات االجتماعية‬
‫كالعقلية الجماعية‪.‬‬

‫‪ -‬محمد قزيبر‪ ،‬واقع الضغط الجبائي بالمغرب‪-‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية للتنمية‪-‬عدد‪-2008-83‬ص‪1.95‬‬
‫‪ -2‬محمد قزيبر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ -3‬خالد الخطيب‪-‬التهرب الضريبي‪ -‬مجلة جامعة دمشق‪-‬المجلد‪ – 2000-16‬جامعة دمشق – كلية االقتصاد‪ -‬ص‪. 158‬‬

‫‪67‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫كما أن الضغط الضريبي يعبر عن السياسة الضريبية وما تحدثه من تأثيرات على سلوك األفراد‬
‫و على خططهم فيما يخص اإلستهالك واإلدخار الذي يلبع دورا مهما في مبادرات اإلستثمار‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بتطور الضغط الضريبي في المغرب فلم يبدأ في اإلرتفاع إال مع بداية عهد اإلستقالل‪،‬‬
‫فطيلة عهد الحماية ظلت نسبة اإلقتطاع الضريبي ضعيفة جدا‪ ،‬حيث تراوحت بين ‪ 7%‬و ‪،% 8‬‬
‫لكن بعد اإلستقالل إرتفعت هذه النسبة إلى ‪ %10‬و‪ % 11‬على الرغم من إرتفاع النفقات العمومية‬
‫المترتبة عن األعباء الجديدة للسيادة‪ ،‬فالدولة فضلت فرض نوعا من التقشف المالي بدل الزيادة في‬
‫الضغط الضريبيي‪.1‬‬
‫ولقد إعتمد المغرب مجموعة من اإلصالحات الضريبية منذ عهد اإلستقالل‪ ،‬خاصة بعد‬
‫اإلحساس باألزمة المالية إنطالقا من سنة ‪ 1961‬على الرغم من إستقرار الضغط الضريبي بنسبة‬
‫‪ % 11‬حتى سنة ‪ ،1965-1964‬إال أن إتساع حجم األزمة رافقه زيادة في معدالت الضرائب‪،‬‬
‫خاصة الضرائب على مواد االستهالك‪ ،‬وسيزيد ارتفاع الضغط الضريبي عاما بعد آخر سنة ‪1972‬‬
‫بـ ‪ % 16‬و ‪ ،% 18.2‬وسنة ‪ ،%19.8 1974‬ليستمر سنة ‪ 1979‬ارتفاع الضغط الضريبي‪ 2‬حيث‬
‫سيضطر المغرب إلى إعتماد إصالحات جبائية في الثمانينات عبر مجموعة من المخططات التي‬
‫تندرج في السياق النيوليبرالي الذي إنتهجه المغرب حيث تطرق مخطط (‪ )1977-1973‬إلى مسألة‬
‫تخفيض العبء الضريبي‪ ،‬والمالحظ أنه مرتفع مقارنة مع التوقعات األصلية وذلك لبلوغه نسبة‬
‫‪ %21‬عوض ‪ % 19.3‬المتوقعة‪ ،‬كما الحظ تقرير بنك المغرب لسنة ‪ 1991‬ميل اإلقتطاع‬
‫الضريبي نحو اإلرتفاع منذ سنة ‪ 1986‬وهي السنة التي تم فيها الشروع في التطبيق التدريجي‬
‫لإلصالح الضريبي‪ 3‬وإستمر الضغط الضريبي في نفس المعدل الى حدود سنة ‪ ، 42019‬وهو ما‬
‫يشكل عائق أمام المبادرة نحو اإلستثمار‪ ،‬وال يمكن الحسم في مستوى الضعف الضريبي إال في‬
‫إطار نظرة شمولية وخاصة ضمن توزيع الضغط على أنواع الضرائب وحسب القطاعات‪.‬‬
‫ب) أساليب تخفيف العبء الضريبي لتشجيع تنافسية المقاولة‬

‫‪ -1‬عبد السالم أديب‪-‬السياسة الضريبية واستراتيجية التنمية‪-‬دراسة تحليلية للنظام الجبائي المغربي (‪ )2000-1956‬افريقيا الشرق‪ -‬الطبعة االولى‪ -‬ص‪. 54‬‬
‫‪ -2‬عبد السالم أديب‪-‬مرجع سابق‪ -‬ص‪.54‬‬
‫‪ -3‬محمد قزيبر‪-‬واقع الضغط الجبائي بالمغرب‪-‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪.98‬‬
‫‪ -4‬تقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي‪ ،‬بعنوان "من أجل نظام جبائي يشكل دعامة أساسية لبناء النمودج التنموي الجديد‪ ،‬إحالة ذاتية رقم ‪ ،2019/39‬ص‪.53‬‬

‫‪68‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫لقد عمل المشرع على سن مجموعة من القوانين وإتخاذ بعض الحوافز الضريبية خاصة في‬
‫مجال اإلستثمار‪ .‬تهدف إلى تشجيع المقاوالت الوطنية واألجنبية على اإلستثمار‪ ،‬فإنها تشكل في‬
‫نفس الوقت حدودا على المداخيل الضريبية خصوصا إذا ما إتسعت الحوافز الضريبية نحو تشجيع‬
‫اإلستثمار لتعم كافة القطاعات لكن في المقابل تستفيد الدولة عبر هذه المقتضيات من توسيع الوعاء‬
‫الضريبي بخصوص الضريبة على الدخل والحد من البطالة وحماية السلم االجتماعي‪ .‬وعلى هذا‬
‫المنوال إتجه المغرب منذ بداية االستقالل إلى تشجيع نمو المقاوالت الخاصة في إطار إقتصاد‬
‫ليبرالي عبر مجموعة من مدونات اإلستثمار والتي تخول العديد من المزايا الضريبية للمستثمرين‬
‫الخواص سواء المغاربة واألجانب‪.1‬‬
‫والمغرب كسائر البلدان السائرة في طريق النمو تواجهه عدة صعوبات لتمويل اإلستثمارات‬
‫وإيجاد اإلمكانيات والرساميل والمشاريع إلنعاش إقتصاده‪ ،‬وقد عمل على هذا األساس عبر سن‬
‫جملة من قوانين اإلستثمارية التي إنتهجها المغرب منذ أول قانون لإلستثمار سنة ‪ 1958‬وصوال‬
‫إلى قانون اإلطار بمثابة ميثاق اإلستثمار لسنة ‪ 1995‬باإلضافة إلى بعض التعديالت في بنوذها‬
‫من خالل قوانين مالية كل من سنة ‪ 1996‬و‪ ،2 2003‬على جلب الرأسمال الخاص مستهدفا من‬
‫وراء ذلك خلق رأسمال وطني بإمكانه أن ينشئ قطاعا خاصا قادرا على لعب دور مهم في دعم‬
‫اإلستثمار الذي يتماشى مع النهج الليبرالي الذي إعتمده المغرب في إطار تنمية إقتصادية شاملة‪.3‬‬
‫ويعد اإلستثمار خاصة منه اإلستثمار األجنبي المباشر مصدرا مهما من مصادر التمويل في‬
‫الدول المضيفة من خالل دفع بعجلة التنمية االقتصادية‪ ،‬ويتميز االستثمار األجنبي المباشر مقارنة‬
‫بوسائل التمويل الخارجي األخرى مثل المنح واإلعانات والقروض بكثير من المزايا‪ ،‬فهو تمويل‬
‫غير مكلف فهو ال يولد أقساط أو فوائد كما في حالة القروض‪ ،‬كذلك يترتب على نفقات اإلستثمار‬
‫األجنبي المباشر إنتقال القدرات التكنولوجية والخبرات اإلدارية والتسويقية والتي تكون الدول‬
‫النامية في أمس الحاجة إليها لتحقيق تنميتها اإلقتصادية‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد السالم أديب‪-‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪.65-65‬‬


‫‪- 2‬محمد خشاني‪ ،‬التأهيل القانوني للمقاولة في المغرب (نمودج ميثاق االستثمار)‪ ،‬مقال منشور في مجلة الفقه والقانون عبر موقع ‪ www.majalah.new.ma‬على‬
‫الساعة ‪ 13H00‬بتاريخ ‪.2020/05/23‬‬
‫‪ - 3‬مدني أحميدوش ظاهرة الضغط الضريبي بالمغرب‪ ،‬مقال منشور بمنشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ 69‬يوليوز‪-‬غشت ‪. 2006‬‬

‫‪69‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫كما يسعى النظام الضريبي المغربي من خالل التدابير التي يعتمدها والتي من شأنها العمل في‬
‫آن واحد على تحفيز االستثمار وتخفيف العبء الضريبي الذي يعتبر من محفزات النشاط‬
‫االقتصادي والدفع بالنظام الضريبي قدما ليصبح أكثر عدالة وإنصافا‪.‬‬
‫وبذلك تلعب التدابير الضريبية دورا مهما فهي من محددات قياس مناخ االستثمار لدى‬
‫المستثمرين حيث جاء من بين الستة عوامل التي رصدها البنك الدولي" بعنوان قضايا نظام اإلدارة‬
‫العامة ‪ ،1"2006‬ومن األساليب التي تساعد على تجاوز العبء الضريبي المرتفع تعمد الدولة‬
‫إلى توفير التجهيزات األساسية للحفاظ على إستمرارية المقاولة وذلك بتبني مجموعة من‬
‫التحفيزات والتدابير التي تساهم في التنمية اإلقتصادية والتشجيع على تجويد مناخ األعمال‬
‫واإلستثمار بالنسبة للمقاوالت وتتجلى هذه التدابير الضريبية في التخفيف من العبء الضريبي‬
‫وذلك عبر حزمة من اإلجراءات التي تعتبر من أهم أليات تحفيز االستثمار وتتمثل في ‪:‬‬
‫۞ تخفيض سعر الضريبة على الشركات‬
‫تم تخفيض سعر الضريبة على الشركات وذلك بتحديده في ‪ 228%‬بالنسبة لمؤسسات االئتمان‬
‫والهيئات المعتبرة في حكمها‪ ،‬و‪ %37‬بالنسبة لبنك المغرب وصندوق اإليداع والتدبير وشركات‬
‫التأمين وإعادة التأمين‪.‬‬
‫كما تم إحداث سعر مخفض نسبته ‪ % 15‬برسم الضريبة على الشركات لفائدة المقاوالت التي‬
‫تمارس نشاطها في مناطق التسريع الصناعي نظرا ألهمية هذه المقاوالت في النسيج االقتصادي‬
‫الوطني و رغبة في تحسين مناخ األعمال‪.3‬‬

‫۞ تشجيع إدخار المستخدمين في المقاوالت‬


‫من أجل تشجيع المستخدمين على تمويل المقاوالت و توجيه ادخارهم لصالح المقاولة المشغلة أو‬
‫مقاوالت أخرى‪ ،‬أقر المشرع تدابير يهم إعفاء مخططات ادخار المقاولة من الضريبة على الدخل‬
‫في حدود سقف معني وعدم إعتبار الدفعة التكميلية التي يساهم بها المشغل كأجر خاضع للضريبة‬
‫على الدخل ‪.‬‬

‫‪ - 1‬طالبي محمد‪-‬أثر الحوافز الضريبية وسبل تفعيلها في جلب االستثمار األجنبي المباشر في الجزائر‪-‬مجلة اقتصاديات‪ -‬عدد‪ -6‬جامعة البليدة‪ ،‬لسنة ‪.2018‬‬
‫‪ - 2‬تم إدراج هذه الفقرة بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 6‬من قانون المالية لسنة ‪.2020‬‬
‫‪ -2‬تم إستبدال عبارة "شركات" بعبارة "مقاوالت" بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 6‬من قانون المالية لسنة ‪.2020‬‬

‫‪70‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وهكذا‪ ،‬تم منح إعفاء تام للدخول واألرباح الناشئة عن رؤوس األموال المنقولة المحققة في إطار‬
‫مخطط االدخار في المقاولة‪ ،‬شريطة االحتفاظ بها في المخطط السالف الذكر لمدة ‪ 5‬سنوات وأن‬
‫ال يتجاوز مبلغ الدفعات المنجزة في إطار المخطط المذكور‪1 2.000.000‬درهم‪.‬‬

‫۞ محاربة القطاع غير المهيكل‬


‫لقد عمدت السلطات العمومية إلى إقرار نظام ضريبي من شأنه تشجيع الملزمين الذين كانوا‬
‫يزاولون نشاطات في إطار القطاع غير المنظم وحثهم بالتالي على مزاولة نشاطات منظمة بعد‬
‫الكشف عن هويتهم في إطار ما يسمى بقانون المقاول الذاتي‪ ،2‬على اإلندماج في منظومة النسيج‬
‫االقتصادي والتأقلم مع متطلبات التحوالت االقتصادية واإلكراهات التي تفرضها‪.‬‬
‫ويستفيد الملزمون الذين يدخلون ضمن فئة المقاول الذاتي من مجموعة االمتيازات الممنوحة‬
‫للحاصلين على صفة مقاول الذاتي‪ ،‬ويعتبر هذا النظام ترجمة لمشروع إقتصادي أكثر منه قانوني‬
‫من أجل التخفيف من العبء الضريبي التي تعاني منه الشركات التي تنتمي إلى القطاع المهيكل‬
‫وبالنسبة للتدابير الضريبية المحفزة لهذا النظام تتجلى في‪:3‬‬
‫‪ %0,5 ‬من رقم المعامالت بالنسبة االنشطة الصناعية والتجارية والحرفية‪.‬‬
‫‪ %1 ‬بالنسبة لنشاط الخدماتي‬
‫* التخفيض التدريجي للسعر الحالي للحد األدنى للضريبة من ‪ 0.75‬إلى ‪ 0.50‬في المئة مع‬
‫تطبيق معدل ‪ 0.75‬في المئة للمقاوالت التي توجد في وضعية عجز مزمن‪ ،‬عندما يظل الناتج‬
‫الجاري المصرح به من طرف المقاوالت‪ ،‬خارج فترة االعفاءات المنصوص عليها في المدونة‬
‫العامة للضرائب‪ ،‬سلبيا لمدة سنتين متتاليتين‪.‬‬
‫ومن التدابير المحفزة لالستثمار والتي تخفف العبء الضريبي عن المقاولة‪ ،‬مواكبة تحول‬
‫الجمعيات الرياضية على شركات من خالل االعفاء الكلي من الضريبة على الشركات خالل‬
‫السنوات الخمس االولى من االستغالل وتطبيق معدل محدد في ‪ 20‬في المئة بعد هذه الفترة‪.‬‬

‫‪ -1‬تم تغيير هذه الفقرة بمقتضى البنذ ‪ I‬من المادة ‪ 6‬من قانون المالية لسنة ‪.2020‬‬
‫‪ -2‬ظهيرشريف رقم ‪ 1.15.06‬صادر في ‪ 29‬ربيع االخر ‪19( 1436‬فبراير‪ ،)2015‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 114.13‬المتعلق بالمقاول الذاتي‪.‬‬
‫‪ -3‬لبنى حماني‪ ،‬طالبة باحثة في القانون كلية الحقوق مكناس‪ ،‬نظام ا لمقاول الذاتي بين القانون والواقع أي إستجابة لالهداف المسطرة‪ ،‬مجلة المنازعات واالعمال‪.‬‬

‫‪71‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫۞ تشجيع الشركات المدرجة في بورصة القيم‬


‫تم تمديد االستفادة من تخفيض الضريبة على الشركات لفائدة الشركات المدرجة في بورصة‬
‫القيم وذلك من أجل تشجيع الشركات لولوج سوق البورصة‪ .‬ويمكن تلخيص التحفيزات الضريبية‬
‫في تطبيق تخفيض بنسبة ‪ %25‬قيام يخص الشركات التي تدخل للبورصة في إطار فتح رأسمالها‬
‫وبيع سندتاها وبنسبة ‪ %50‬قيام يخص الشركات التي تقوم بإدراج سنداتها في البورصة مع الرفع‬
‫من رأسمالها بنسبة ال تقل عن ‪ %20‬وتطبق هذه التحفيزات بالنسبة لعمليات اإلدراج في البورصة‬
‫المحققة‪.1‬‬
‫كما تظهر أهمية اإل ستثمار من خالل التدابير التي إتخدها المشرع الضريبي من أجل تخفيف‬
‫العبء الضريبي على المقاوالت‪ ،‬وذلك من خالل تمتيع المنعشين العقاريين وفي محاولة لتحفيف‬
‫تداعيات أزمة كورونا على المنعشيين العقاريين تم منحهم من خالل مشروع القانون التعديلي أجل‬
‫(‪ )6‬أشهر‪ 2‬للذين أبرموا مع الدولة إتفاقيات من أجل إنشاء مساكن إجتماعية تنصرم آجالها خالل‬
‫فترة الطوارئ الصحية‪ ،‬مع إحتساب األجل اإلضافي من تاريخ رفع حالة الطوارئ‪.‬‬
‫ومن خالل هذه اإلجراءات يتبين حجم الدور الكبير الذي تلعبه المقاولة داخل المنظومة‬
‫اإلقتصادية بالمغرب‪ ،‬وذلك من خالل التدابير الضريبية الممنوحة من أجل تخفيف العبء‬
‫الضريبي عنها وتشجيعها على اإلستثمار‪ ،‬نظرا لألهمية التي تلعبها المقاوالت بجميع أصنافها في‬
‫تنمية االقتصادية بالمغرب‪ ،‬وباإلضافة إلى المساعدات والتدابير الضريبية التي تقوم بها الدولة‬
‫من أجل تخفيف العبئ الضريبي عن المقاولة بغرض تشجيعها على اإلستثمار تعمل وفي المقابل‬
‫على إبرام إتفاقيات ذات الطابع الضريبي تفاديا لحدوث اإلزدواج الضريبي‪ ،‬والذي يعتبر من أهم‬
‫العراقيل التي تساهم في نفور المستثمرين ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلزدواج الضريبي ودوره في تحفيز المقاولة على اإلستثمار‬
‫إن أهمية المسألة الضريبية في العالقات الدولية ليست وليدة اليوم الرتباطها بظاهرة العولمة‪،‬‬
‫بل ترجع إلى منتصف القرن ‪ 19‬أثناء إبرام اإلتفاقيات األولى بين الدول لتفادي االزدواج‬
‫الضريبي (أول إتفاقية ضريبية تم إبرامها بين فرنسا وبلجيكا سنة ‪ ،)1843‬لكن بفعل التطور لم‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 6‬من المدونة العامة للضرائب حسب آخر تعديل وفق قانون المالية لسنة ‪ 2020‬رقم ‪.70.19‬‬
‫‪ -2‬تم إداراج هذا المقتضى بموجب المادة ‪ 3‬قانون المعدل ‪ 35.20‬للسنة المالية ‪.2020‬‬

‫‪72‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫تعد العالقات التجارية بين الدول قاصرة على تبادل المواد األولية والمعادن والسلع المصنعة‪ ،‬بل‬
‫أصبحت تلك العالقات تحت تأثير ظاهرة العولمة ورهاناتها المتشابكة‪ ،‬وفرضت توسيع نشاط‬
‫المقاوالت خارج حدودها الجغرافية للبحث عن أسواق جديدة لترويج منتجاتها‪ .‬مما دفع جل الدول‬
‫إلى تكييف تشريعاتها في مجال االستثمار‪ ،‬النقذ‪ ،‬الضرائب والقوانين التجارية‪ ،‬بهدف اإللغاء‬
‫التدريجي للحوافز التي قد تعترض إنتقال األشخاص‪ ،‬البضائع والرساميل وجلب اإلستثمارات‬
‫وتوفير مناخ مشجع للشركات الوطنية وعبر الوطنية التي تبحث عن جنات ضريبية لجني األرباح‬
‫في هذا البلد أو ذاك‪.1‬‬
‫وتعتبر ظاهرة االزدواج الضريبي محط إهتمام الباحثين في المجالين االقتصادي والضريبي‬
‫على المستوى الدولي والداخلي‪ ،‬وقد تم التنديد بها والمطالبة بإلغائها أو على األقل الحد من آثارها‬
‫ألسباب إقتصادية وخصوصا قانونية‪ ،‬بحيث أن االزدواج الضريبي ينتج عنه توزيع غير عادل‬
‫للتكلفة الضريبية ما بين ملزمين يتوفرون على أنشطة خارج بلدهم وملزمين ينحصر نشاطهم‬
‫داخله‪ ،‬باإلضافة إلى أنها تشكل عرقلة في وجه توسيع التجارة واالستثمارات الدولية خاصة من‬
‫طرف الشركات عبر الوطنية ومجموعة الشركات الدولية ‪ group de société‬التي تتدخل‬
‫خارج حدودها من خالل عدة آليات‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن االتفاقيات الضريبية التي تبرمها‬
‫الدول تحد من سلطاتها في فرض الضرائب فوق ترابها‪ ،‬حيث إن التعاون الدولي في المجال‬
‫الضريبي يفرض على الدول التنازل جزئيا عن تلك السيادة‪ ،‬ويمكن لهذه االتفاقيات أن تكون ثنائية‬
‫أو متعددة األطراف‪ ،‬كما أن بمجرد التصديق عليها تصبح سارية المفعول وتسمو على التشريع‬
‫الضريبي الداخلي وتساهم بشكل كبير على منع وتفادي حدوث إزدواج الضريبي وتشجيع على‬
‫جذب االستثمارات‪.2‬‬

‫أ) ماهية اإلزدواج الضريبي أنواعه وأثاره‬


‫أصبح اإلستثمار األجنبي منذ العشرية األخيرة من القرن الماضي يحظى باهتمام ورعاية‬
‫كبيرين من قبل الدول‪ ،‬أي ساد فيما بينها تنافس كبير إلستقطاب اإلستثمارات األجنبية خاصة من‬

‫‪1 - Pheuiphanh Ngaosyvathn, le rôle de l’impôt dans les pays en voie de développement ,librairie générale de droit et‬‬
‫‪jurisprudence paris,1980, p260 et suivant.‬‬
‫‪ -2‬رشيدة سيف الدين‪ ،‬سؤال اإلصالح الضريبي بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬مسلك العلوم والتقنيات الضريبية جامعة الحسن األول‬
‫بسطات‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2012-2013‬ص ‪.178‬‬

‫‪73‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫قبل الدول النامية‪ ،‬نظرا للوضعية الحرجة التي كانت تعيشها إقتصاديات هذه األخيرة نتيجة للتذبذب‬
‫المستمر ألسعار الموارد النفطية‪ .‬مما جعل الدول تتنبه إلى ضرورة تشجيع اإلستثمار األجنبي‬
‫كمصدر بديل للعملة الصعبة‪ ،‬وكذلك من كون فعالية التي يلعبها االستثمار األجنبي كآلية لتحقيق‬
‫التنمية‪ .‬ولكن في ظل تمسك الدول بسيادتها الضريبية وعدم مالءمة تشريعاتها وقوانينها الضريبية‬
‫للمستجدات اإلقتصادية العالمية‪ ،‬سرعان ما إصطدمت بما يعرف بإشكالية اإلزدواج الضريبي‪،1‬‬
‫وعليه يجدر بنا توضيح مفهوم اإلزدواج الضريبي(أوال) ‪ ،‬أنواعه (ثانيا)‪ ،‬وآثاره (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مفهوم اإلزدواج الضريبي‪:‬‬
‫يعرف االزدواج الضريبي لدى العديد من مختصي المالية العامة بمشكلة تعدد فرض الضريبية‬
‫على المكلف بأدائها‪ .‬ففي االزدواج الضريبي يدفع المكلف بالضريبة على نفس الوعاء أكثر من‬
‫مرة‪ ،‬ألكثر من إدارة ضريبية و قد يحدث االزدواج الضريبي على المستوى الداخلي أو على‬
‫المستوى الدولي‪.2‬‬
‫حاالت‪:3‬‬ ‫وحسب تعريف هيأة األمم المتحدة فإن االزدواج الضريبي يتجلى في ثالث‬
‫‪ ‬الحالة األولى ‪ :‬وهي أن الشخص نفسه يخضع للضريبة على دخله وعلى ثروته بصفة عامة‬
‫من طرف كل الدول المتعاقدة‪.‬‬
‫‪ ‬الحالة الثانية‪ :‬عندما يكون الشخص مقيما في دولة ما ويحصل على دخل أو ثروة من دولة‬
‫أخرى‪ ،‬فإن الدولتين المتعاقدتين تخضعان دخله وثروته للضريبة‪.‬‬
‫‪ ‬الحالة الثالثة‪ :‬وتتجلى عندما تخضع الدولتين الشخص الغير مقيم بها لضريبة على دخله المحصل‬
‫يملكها‪.4‬‬ ‫عليه من إحدى الدولتين أو ثروة‬
‫و يترجم االزدواج الضريبي في القانون الدولي لخضوع نفس الدخل أو الربح لضريبتين أو عدة‬
‫ضرائب متشابهة أو متماثلة في دول مختلفة‪ ،‬تحت تأثير قواعد اإلقليم التي تتضمنها القوانين‬

‫‪ -1‬لعجال ياسمينة‪ ،‬اشكالية االزدواج ااضريبي الدولي بين اآلثار السلبية وفعالية الحلول الوطنية‪،‬مقال منشور بمجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬العدد الخامس عشر‪،‬‬
‫يناير ‪ 2016‬ص‪.115‬‬
‫‪ -2‬محمد عباس حرزي‪ ”،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة الثانية ‪2005‬ص‪.329‬‬
‫‪3- NATIONS UNIES, MODELLE de convention unies concernant des doubles imposition entre pays développés et pays en‬‬
‫‪développement ST/ESA/102, NEW YORK, 1980.‬‬
‫‪ -4‬ولتوضيح هذه الحالة نضرب مثاال يتجلى في أنه عندما يحصل شخص غير مقيم على دخل قار من إحدى الدول‪،‬ويحصل على دخل من الدولة الثانية‪.‬‬

‫‪74‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الداخلية لهذه الدول‪ ،1‬وعرفه بعضهم بأنه فرض الضريبة نفسها أكثر من مرة على المكلف نفسه‬
‫وعلى المال نفسه الخاضع للضريبة وفي المدة الزمنية نفسها‪.‬‬
‫ويالحظ أن إصطالح اإلزدواج الضريبي غير مقصور على دفع الضريبة مرتين فقط كما يفهـم‬
‫مـن تفسير كلمة " إزدواج " تفسيرا حرفيا‪ ،‬وإنما يقصد بهذا االصطالح دفع المكلف للضريبة‬
‫أكثر من مرة سواء تحديد دفعها مرتين أو ثالث مرات أو أربع أو أكثر‪ .‬وقد سميت هذه الحالة‬
‫باالزدواج الضريبي كونها الحالة الغالبة‪ ،‬إذ يغلب أن تتحدد الضريبة مرتين‪.‬‬
‫وعليه فإن اإل زدواج الضريبي يحصل عندما تفرض أكثر من ضريبة واحدة من نوع واحد‬
‫على مصدر واحد للدخل في فترة زمنية معينة‪ ،‬لذا فإن ال ازدواج إذا تعددت مصادر الدخل‬
‫وفرضت عليها أنواع مختلفة‪ 2‬من الضرائب‪ ،‬رغم تعدد التعاريف التي أعطيت لالزدواج‬
‫الضريبي‪ ،‬إال أنه يشترط في كل منها توافر األركان اآلتية مجتمعة‪:‬‬
‫‪ -1‬وحدة الشخص المكلف بالضريبة‬
‫أي يخضع نفس المكلف بالضريبة ألدائها مرتين أو أكثر‪ ،3‬وبالرغم من أن األمر يبدو بسيطا‬
‫بالنسبة للشخص الطبيعي‪ ،‬إال أن األراء قد تختلف في تكييف االزدواج الضريبي من عدمه بالنسبة‬
‫لألشخاص المعنويين (الشركات) الذين يتميزون بشخصية قانونية ومالية مستقلة عن شخصية‬
‫الشركاء (كشركة المساهمة مثال)‪ ،‬ففي حالة فرض الضريبة على إحدى هذه الشركات باعتبارها‬
‫شخصا معنويا منفصال عن شخصية مساهميها ثم فرضت الضريبة على توزيعات هذه الشركة‬
‫لمساهميها‪ ،‬ال تتوف ر ظاهرة االزدواج الضريبي من الناحية القانونية رغم وحدة المال الخاضع‬
‫للضريبة وهو ربح الشركة‪ ،‬وفي الوقت نفسه يتحقق االزدواج الضريبي من الناحية االقتصادية‬
‫نظرا لتحمل المساهمين عبء الضريبتين عند تحقيق الربح وعند توزيعه‪.4‬‬
‫‪ -2‬وحدة الضريبة أو الضرائب المفروضة‬

‫‪ -1‬عزوز علي‪ ،‬آليات ومتطلبات تفعيل التنسيق الضريبي العربي"الواقع والتحديات"‪ ،‬أطروحة لنيل درجة دكتوراه علوم في العلوم االقتصادية‪،‬جامعة “حسيبة بن‬
‫بوعلي” الشلف كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير قسم‪ :‬العلوم االقتصادية‪ ،‬السنة الجامعية‪ 2013/2014 :‬ص‪.61‬‬
‫‪ - 2‬سالم محمد الشوابكة‪ ،‬االزدواج الضريبي في الضرائب على الدخل و طرائق تجنبه‪،‬مقال منشور بمجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية و القانونية المجلد‪،21‬‬
‫العدد ‪،20‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 3‬خصاونة جهاد‪ -‬سعيد ناصر‪ ،‬مطرح الضريبة على الدخل في التشريع الضريبي األردني‪ ،‬دراسة تحليليـة‪ ،‬رسـالة ماجستير ‪-‬الجامعة األردنية‪1994 ،‬عمان –‬
‫األردن وعصام بشور‪ ،‬المالية العامة والتشريع الضريبي‪ ،‬جامعـة دمـشق‪ ،1989-1990 ،‬ص‪198.‬‬
‫‪ - 4‬يونس احمد بطريق ‪،‬اقتصاديات المالية العامة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر ‪ 1985‬ص‪ 212‬أشار إليه علي عزوز مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.64‬‬

‫‪75‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬وحدة الضريبة المفروضة ‪ :‬أي أن تكون الضريبة التي تفرض على المكلف في المرة األولى‬
‫هي الضريبة نفسها التي تفرض على المكلف في المرة الثانية ‪ ،‬وهذا يعني أن المكلف يدفع أكثر‬
‫من ضريبة على مطرح أو وعاء المال نفسه الخاضع للضريبة‪ ،‬على الرغم من أن الواقعة المنشئة‬
‫للضريبة هي نفسها وتحققت لمرة واحدة فقط‪ ،‬أما إذا تحققت تلك الواقعة أكثر من مرة وتكررت‪.‬‬
‫تبعا لذلك فإن فرض الضريبة على المكلف أكثر من مرة أيضا فإن األمر لن يتعلق بإزدواج‬
‫ضريبي وإنما تسمى هذه الظاهرة بتكرار الضريبة‪ ،‬ومثال ذلك الضرائب الجمركية فهي تفرض‬
‫عند عبور البضاعة حدود الدولة الواحدة‪ ،‬فإذا عبرت البضاعة نفسها حدود ثالث أو أربع دول‬
‫فرضت عليها الضريبة الجمركية في كل دولة‪ ،‬وبالتالي ال يمكن القول أننا في حالة ازدواج‬
‫ضريبي على الرغم من وحدة الوعاء الضريبي ووحدة الضريبة نفسها كون الواقعة المنشئة‬
‫للضريبة تكررت عند عبور السلعة إلقليم كل دولة‪ ،‬ونظرا لصعوبة تحديد الضرائب المتشابهة أو‬
‫الضرائب من نفس النوع فقد لجأت االتفاقيات الدولية الخاصة بتجنب االزدواج الضريبي إلى‬
‫تحديد الضرائب التي تعد من نوع واحد‪ ،‬كما يجب اإلشارة إلى كون أن تحديد الضرائب المتشابهة‬
‫يخضع لوجهتي نظر‪ ،‬وجهة نظر قانونية ووجهة نظر إقتصادية‪ ،‬فوجهة النظر القانونية تأخذ‬
‫بالتنظيم الفني والقانوني للضريبة‪ ،‬فالضرائب المختلفة في تنظيمها الفني والقانوني ال تعتبر‬
‫متشابهة وبالتالي فهي ال تحقق االزدواج الضريبي‪ ،‬أما وجهة النظر االقتصادية فتأخذ بالنتيجة‬
‫النهائية أي بالعبء الضريبي الذي يكون على نفس المادة الخاضعة للضريبة‪.1‬‬
‫‪ -3‬وحدة المادة الخاضعة للضريبة‬
‫يقصد بوحدة المادة الخاضعة للضريبة في حالة االزدواج الضريبي أن يكون المال الخاضع‬
‫للضريبة هو نفسه في الضريبتين‪ ،‬ومن تم فاختالف المال الخاضع للضريبة يؤدي إلى انتفاء‬
‫االزدواج الضريبي‪ ،‬فلو فرضنا أن المكلف دفع الضريبة من دخله إلى سلطة مركزية‪ ،‬وفي نفس‬
‫الوقت قام بدفع الضريبة على الدخل نفسه إلى هيئة محلية‪ ،‬ففي هذه الحالة نكون أمام االزدواج‬
‫الضريبي‪ .‬أما لو قام المكلف بدفع ضريبة عن عقار يملكه ومرة أخرى عن دخله من نشاط‬

‫‪ - 1‬علي عزوز مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪64‬‬

‫‪76‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫تجاري‪ ،‬ومرة أخرى عن دخله أو أجرته كموظف فهنا تكون المادة الخاضعة للضريبة مختلفة‬
‫وبالتالي ال يتحقق االزدواج الضريبي‪.1‬‬
‫‪ -4‬وحدة المدة المفروض عنها الضريبة‬
‫لتحقق االزدواج الضريبي يجب أن تكون المدة التي تدفع عنها الضريبة واحدة‪ ،‬يعني في نفس‬
‫السنة أو نفس الدورة الضريبية‪ ،‬أما مثال إذا قام شخص بنشاط تجاري في دولة معينة خالل سنة‬
‫معينة وسدد الضريبة على األرباح على تلك السنة لتلك الدولة‪ ،‬ثم انتقل في السنة الموالية إلى‬
‫دولة أخرى فال يمكن الحديث في هذه الحالة عن االزدواج الضريبي‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع اإلزدواج الضريبي‬
‫نميز في االزدواج الضريبي من حيث المكان بين ازدواج داخلي وازدواج دولي‪ ،‬ومن حيث‬
‫معيار طبيعة االزدواج إلى ازدواج ضريبي قانوني وآخر اقتصادي‪.‬‬
‫من حيث المكان‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ ‬اإلزدواج الضريبي الداخلي‪ :‬يتحقق اإلزدواج الضريبي داخليا عندما تتوافر عناصره داخل‬
‫الحدود اإلقليمية للدولة‪ ،‬وهذا إذا كانت السلطات المالية التي تفرض الضرائب على الوعاء تابعة‬
‫لدولة واحدة‪ ،‬أو بعبارة أخرى فإن االزدواج الضريبي الداخلي هو ذلك االزدواج الذي يتحقق‬
‫داخل إقليم الدولة الجغرافي والسياسي وذلك بتطبيق كل من السلطات المالية التابعة لهذه الدولة‬
‫ضريبة واحدة على نفس الشخص وعلى نفس الوعاء‪ ،‬وعن نفس المدة الزمنية‪.‬‬
‫ويظهر هذا االزدواج بشكل واضح في الدول االتحادية‪ ،‬حيث توجد سلطة االتحاد وسلطة الدول‬
‫الداخلة في االتحاد‪ ،‬إذ تقوم الحكومة الفدرالية بفرض ضريبة من الضرائب‪ ،‬وتقوم إحدى الواليات‬
‫بفرض الضريبة نفسها على المال نفسه العائد لشخص مقيم فيها‪.3‬‬
‫‪ ‬االزدواج الضريبي الدولي‪ :‬يحدث نتيجة تطبيق الدول تشريعاتها الضريبية المختلفة‪-4‬التي‬
‫قد تتعدى نطاق إقليمها‪ -‬وفقا لما تقتضيه مصالحها الوطنية إلى ظهور االزدواج الضريبي الدولي‬

‫‪ - 1‬علي عزوز مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪64‬‬


‫‪ -2‬إيمان صابر التحفيزات الجبائية والجمركية ودورها في تشجيع االستثمار‪ ،‬رسالة لنيل الماستر‪ ،‬قوانين التجارة واألعمال‪ ،‬جامعة محمد األول بوجدة‪،‬السنة الجامعية‬
‫‪ 2013/2012‬ص‪.189‬‬
‫‪ -3‬علي عزوز مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪ -4‬سالم محمد الشوابكة‪ ،‬المالية العامة والتشريعات الضريبية‪ ،‬دار رند للنشر والتوزيع‪ ،‬طبعة ‪2000‬م‪ ،‬ص‪.74‬‬

‫‪77‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫بما ينطـوي عليه من زيادة العبء الضريبي نتيجة عدد مرات إخضاع الدخل أو المال للضرائب‪،‬‬
‫ومن الحد مـن الميزات المالية التي تسعى الدول في تحقيقها من وراء تشجيع االستثمارات الدولية‬
‫وتدعيم عالقاتها االقتصادية التجارية‪ ،‬وذلك عندما تقوم دولتان أو اكثر بفرض الضريبة نفسها‬
‫على الوعاء نفـسه‪ ،‬وتكلف بها الشخص نفسه نتيجة الختالف األسس التي تعتمد عليها الـدول‬
‫المختلفـة فـي فـرض الضريبة الواحدة‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ ،‬قد يقيم شخص في األردن ويمتلك أسهما وسندات في المغرب‪ ،‬فتقوم اإلدارة الماليـة‬
‫فـي األردن بفرض الضريبة على هذه األسهم والسندات بصفتها دولـة المـوطن التبعيـة االجتماعية‬
‫والسياسية‪(،‬وكذلك تقوم المغرب بصفتها دولة مصدر الدخل) التبعية االقتصادية بفـرض الـضريبة‬
‫على األسهم والسندات نفسها وهكذا يتحقق االزدواج الضريبي‪ ،‬ويظهر جليا في الشركات المتعـددة‬
‫الجنسيات التي يمتد نشاطها إلى أكثر من دولة‪.1‬‬
‫‪ -2‬حسب معيار طبيعة اإلزدواج‬
‫‪ ‬اإلزدواج الضريبي القانوني‪ :‬يتحقق هذا االزدواج عندما تقوم الهيئات الضريبية داخل الدولة‬
‫أو لدولتين أو أكثر بفرض ضريبة من طبيعة واحدة على نفس المكلف سواء كان شخصا طبيعيا‬
‫أو معنويا بخصوص نفس الفترة الزمنية‪ ،‬حيث يعتبر هذا المكلف إما مقيما في كلتا الدولتين وهنا‬
‫يكون من حق الدولتين أن تفرض ضريبة عليه فيتعرض لالزدواج الضريبي‪ ،‬أو أنه مقيم في دولة‬
‫ويمارس نشاطه في دولة ألخرى‪ ،‬فيتعرض لالزدواج الضريبي أيضا من طرف الدولتين دولة‬
‫الموطن و دولة المصدر‪.‬‬
‫‪ ‬اإلزدواج الضريبي اإلقتصادي‪ :‬ينتج االزدواج الضريبي االقتصادي في حالة ما إذا تعرض‬
‫شخصين‪ ،‬مختلفين لفرض الضريبة من طبيعة واحدة بخصوص نفس الدخل أو المادة الخاضعة‬
‫للضريبة‪ ،‬وهذا خالل نفس الفترة الزمنية‪ ،‬ويمكن مالحظة ذلك في العالقات التي تربط الشركة‬
‫األم و فروعها‪ ،‬فيما يتعلق بالضريبة أو أرباح الشركات‪ ،‬فقد يكون لمؤسسة ما فروع في دول‬
‫ألخرى‪ ،‬فتقوم الدولة الموجود فيها كل فرع للشركة بفرض ضريبة على أرباح هذا الفرع‪ ،‬و في‬
‫نفس الوقت تقوم الدولة الموجود فيها المركز الرئيسي لهذه المؤسسة بفرض الضريبة نفسها على‬

‫‪ - 1‬سالم‪ ،‬محمد الشوابكة‪"،‬االزدواج الضريبي في الضرائب على الدخل و طرائق تجنبه "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫‪78‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫مجموع أرباح هذه األخيرة‪ ،‬فمن الناحية القانونية ال يتحقق االزدواج الضريبي النفصال شخصية‬
‫الشركة األم أو الفرع‪ ،‬أما من الناحية االقتصادية فإن االزدواج الضريبي يتحقق ألن مطرح‬
‫الضريبة أو مصدرها واحد‪.1‬‬
‫ثالثا‪ :‬أثار اإلزدواج الضريبي‬
‫ينتج عن اإلزدواج الضريبي بعض اآلثار السلبية التي تضر بمصلحة اقتصاد الدولة أو بالعدالة‬
‫الضريبية بين األفراد‪ ،‬وتتجلى هذه اآلثار في النواحي االجتماعية واالقتصادية والمالية‪.‬‬
‫‪ ‬اآلثار االجتماعية‪ :‬ينال االزدواج الضريبي من العدالة الضريبية التي تعتبر أحد األركان‬
‫األساسية في الضريبة ويكون ذلك بتحميل المكلف أكثر من طاقته‪ ،‬ويجعل المساواة في التضحية‬
‫شعارا نظريا‪.2‬‬
‫‪ ‬اآلثار االقتصادية‪ :‬يؤدي االزدواج الضريبي إلى عرقلة النشاط االقتصادي وتقليل حـوافز‬
‫األفراد على الرغبة في العمل واإلنتاج‪ ،‬كما انه سيؤدي إلـى عرقلـة انتقـال رؤوس األمـوال‬
‫واأليدي العاملة والمبادالت التجارية والعالقات االقتصادية الدولية مما يضر بمـصالح كـل مـن‬
‫البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء‪ .‬فالبلدان المتقدمة لن توظف مـدخراتها الوطنيـة فـي‬
‫االستثمارات خارجية‪ ،‬والبلدان النامية لن تستطيع الحصول على األموال الالزمة والـضرورية‬
‫لتمويل مشاريعها للقيام بعملية التنمية‪.3‬‬
‫‪ ‬اآلثار المالية‪ :‬تتمثل ظاهرة االزدواج الضريبي في فرض ضريبتين أو أكثر من النوع نفسه‬
‫على الوعاء نفسه‪ ،‬فذلك يؤدي من الناحية العملية إلى تكرار إجراءات تحقق و تحصيل الضريبة‬
‫مما يدفع بالعديد من المكلفين إلى التهرب من الضريبة‪ ،‬وبالتالي فإن ذلك يؤثر بصفة سلبية على‬
‫الحصيلة الضريبية المتوقعة‪ ،‬ولهذا يمكن القول بأن االزدواج الضريبي سواء أكان داخليا أو‬
‫خارجيا‪ ،‬مقصود أو غير مقصود تنتج عنه آثارعديدة يمكن تجنبها‪ ،‬فبالنسبة لالزدواج الضريبي‬
‫الداخلي فإنه يعتبر عائقا لالستثمارات التي تخضع اإليرادات المحققة عنها ألكثر من ضريبة‪ ،‬أم‬

‫‪ - 1‬علي عزوز مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.64‬‬


‫‪ -2‬علي عزوز مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪67.‬‬
‫‪ -3‬سالم محمد الشوابكة ‪" ،‬االزدواج الضريبي في الضرائب على الدخل و طرائق تجنبه"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫‪79‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫االزدواج الضريبي الدولي فإنه يعرقل حركة التجارة و حرية انتقال رؤوس األموال من دولة‬
‫ألخرى‪.‬‬
‫وإذا كان اإلزدواج الضريبي الداخلي يمكن معالجته عن طريق التشريع الداخلي للدولة‪ ،‬فإن‬
‫تجنـب اإلزدواج الضريبي الدولي ال يتحقق إال بإبرام اتفاقيات‪ 1‬لتجنب االزدواج الضريبي الدولي‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬فإن الدول قد تنبهت على معالجة مسألة االزدواج الضريبي في ظل اقتصاد عالمي أصبح‬
‫العـالم فيه قرية صغيرة‪ ،‬لما للضرائب من أهمية في التأثير في عمليـة االسـتثمار‪ ،‬والتبـادل‬
‫التجـاري واإلقليمي والدولي‪ .‬لذلك ونظرا لخطورة هذه الظاهرة عمد العديد من الفقهاء إلى دراسة‬
‫األسـاليب التي يمكن بواسطتها تجنب االزدواج الضريبي على الصعيدين الدولي والداخلي‪ ،‬وهو‬
‫ما سيتم بحثـه في الفقرة الموالية‪.‬‬
‫ب) فعالية اإلتفاقيات الضريبية الدولية في منع اإلزدواج الضريبي وتشجيع اإلستثمار‬
‫تعتبر اإلتفاقيات الضريبية بين الدول بمثابة مواثيق دبلوماسية ‪diplomatiques Traités‬‬
‫ذات طبيعة خاصة إذ أنها وثائق تقنية ومفصلة‪ ،‬تسعى إلى تفادي كل حاالت االزدواج الضريبي‬
‫بين الدول وذلك من أجل بلوغ الغاية األهم وهو تشجيع اإستثمار‪ ،‬كما أن التفاوض بشأنها ال يتم‬
‫من طرف دبلوماسيين بل من طرف أطر تقنية تابعة لإلدارة الضريبية نظرا لطابعها التقني‪.2‬‬
‫وعليه سنتطرق في هذه الفقرة إلى مفهوم االتفاقات الضريبية الدولية‪ ،‬ومدى فعالية االتفاقيات‬
‫الضريبية وضمانات المستثمر في منع االزدواج الضريبي وتحفيز االستثمار‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أهمية اإلتفاقيات الضريبية الدولية لمنع اإلزداوج الضريبي‬
‫تمثل المعاهدات الضريبية جانبا مهما من القواعد الضريبية الدولية لكثير من البلدان‪ ،‬وهناك‬
‫حاليا أكثر من ‪ 3000‬معاهدة ثنائية نافذة بشأن الضريبة على الدخل‪ ،‬وتعتبر المعاهدات موجب‬
‫المادة ‪ 26‬من إتفاقية فيينا‪ ،‬ملزمة للدول المتعاقدة وعلى هذه األخيرة تنفيذها بحسن النية‪،‬وهذا هو‬
‫مبدأ العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬وإذا لم يحترم بلد ما المعاهدات الضريبية التي التزم بها‪ ،‬فقد تجد‬
‫البلدان األخرى أنه ليس لها مصلحة في الدخول معه في معاهدات ضريبية‪ ،‬ويعتبر مبدأ المعاملة‬
‫بالمثل أساسيا في المعاهدات الضريبية‪ ،‬فعلى المستوى األوروبي هناك عدة إتفاقيات أبرمها‬

‫‪ -1‬وقد عمل المغرب على إبرام عدة اتفاقيات‪ ،‬وذلك من أجل منع حدوث ازدواج الضريبي و تشجيع االستثمار‪.‬‬
‫‪ - 2‬محمد شكيري ‪،‬القانون الضريبي المغربي‪ ،‬دراسة تحليلية ونقدية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 2005‬ص‪.84‬‬

‫‪80‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫المغرب مع الدول األوروبية‪ ،‬ونذكر من بينها اإلتفاقية الدولية بين المملكة المغربية والدولة‬
‫البلجيكية لتجنب اإلزدواج الضريبي ومنع التهرب والغش الضريبي في ميدان الضرائب على‬
‫الدخل‪ ،‬الموقعة ببروكسيل في ‪ 31‬ماي ‪ ،2006‬حيث نصت في مادتها ‪ 23‬على طرق تفادي‬
‫اإلزدواج الضريبي في المغرب عندما يحصل مقيم بالمغرب على مداخيل تفرض عليها الضريبة‬
‫في بلجيكا طبقا لمقتضيات هذه االتفاقية‪ ،‬فان المغرب يمنح على الضريبة التي يستخلصها عن‬
‫مداخيل هذا المقيم خصما يساوي مبلغ الضريبة على الدخل المؤدى في بلجيكا إال ان هذا الخصم‬
‫ال يمكنه ان يتجاوز الجزء من الضريبة على الدخل المغربي‪ ،‬المحسوبة قبل الخصم والمطابقة‬
‫للمداخيل المفروضة عليها الضريبة في بلجيكا‪ ،‬وعندما تكون المداخيل التي يحصل عليها مقيم‬
‫بالمغرب معفاة من الضريبة وفقا إلى مقتضى من هذه اإلتفاقية‪ ،‬فإن المغرب من أجل احتساب‬
‫مبلغ الضريبة على باقي مداخيل هذا المقيم يأخذ بعين االعتبار المداخيل المعفاة في حالة بلجيكا‪،‬‬
‫ويتم تفادي االزدواح الضريبي بالطريقة االتية‪:‬‬
‫‪ ‬عندما يحصل مقيم في بلجيكا على مداخيل‪ ،‬غير أرباح األسهم أو الفوائد أو االتاوات التي‬
‫تفرض عليها الضريبة في المغرب طبقا لمقتضيات هذه االتفاقية والتي خضعت فيه للضريبة فان‬
‫بلجيكا تعفي هذه المداخيل من الضريبة‪ ،‬لكن يجوز لها عند احتساب مبلغ الضريبة على باقي‬
‫مداخيل هذا المقيم تطبيق نفس السعر كما لو ان تلك المداخيل لم تكن معفاة‪.‬‬
‫غير ان بلجيكا تعفي أيضا أرباح المقاوالت التي تفرض عليها الضريبة في المغرب طبقا‬
‫لمقتضيات االتفاقية والتي يعفيها التشريع المغربي الحالي المتعلق بالحوافز الضريبية لمدة ‪5‬‬
‫سنوات متتالية ابتداء من السنة الضربية التي أنجزت فيها اول عملية أدت الى االعفاء‪ ،‬وتتخذ‬
‫السلطات المختصة في الدولتين المتعاقدتين التدابير الالزمة لتجنب االستعمال المفرط او المخالف‬
‫للمقتضيات المشار إليه أعاله‪.1‬‬
‫وأبرمت الدولة المغربية على المستوى العربي عدة إتفاقيات لتجنب اإلزدواج الضريبي ومنع‬
‫التهرب والغش الضريبيي‪ ،‬منها موريتانيا‪ ،‬السعودية والكويت واالمارات‪ ...‬ونأخذ كنموذج‬
‫االتفاقية الموقعة بأكادير مع دولة قطر‪ 17‬مارس ‪ 2006‬فيما يتعلق بالضريبة على الدخل‪. 2‬‬

‫‪ -1‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 5971‬الصادرة بتاريخ ‪ 21‬رمضان ‪ 22 / 1432‬أغسطس ‪.2011‬‬


‫‪ -2‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 5735‬الصادرة بتاريخ ‪ 22‬جمادى األولى ‪ 13 / 1431‬ماي ‪.2009‬‬

‫‪81‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وقع المغرب على سلسلة من اإلتفاقيات الثنائية مع عدد كبير من الدول االفريقية الواقعة جنوب‬
‫الصحراء تهم الجانب االستثماري وتأخذ شكل اتفاقيات التجارة أو اتفاقيات لتعزيز وحماية‬
‫االستثمارات أو إتفاقيات لتجنب اإلزدواج الضريبي‪ ،1‬وتعتبر اإلتفاقيات الضريبية كأداة قانونية‬
‫فعالة ليس فقط لتفادي االزدواج الضريبي على مستوى الدولي‪ ،‬وإنما أيضا لمكافحة التهرب‬
‫الضريبي الدولي من خالل تبادل المعلومات الضريبية حول المكلفين بين الدول المتعاقدة‬
‫والمساعدة المتبادلة في تحصيل الضرائب‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬طرق تفادي اإلزدواج الضريبي نمودج االتفاقية المغربية البلجيكية‬
‫إعتمدنا من خالل االتفاقية المغربية البلجيكية بعض الطرق سواء بالنسبة للمغرب و بلجيكا التي‬
‫إعتمدت من طرفها لتجنب االزدواج الضريبيويتم على الشكبل التالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬في حالة المغرب‬
‫‪ -‬عندما يحصل مقيم بالمغرب على مداخيل تفرض عليها الضريبة في بلجيكا طبقا لمقتضيات هذه‬
‫االتفاقية‪ ،‬فإن المغرب يضع على الضريبة التي يستخلصها عن مداخيل هذا المقيم خصما يساوي‬
‫مبلغ الضريبة على الدخل المغربي المحسوبة قبل الخصم والمطابقة للمداخيل المفروضة عليها‬
‫الضريبة في بلجيكا‪.‬‬
‫‪ -‬عندما تكون المداخيل التي يحصل عليها مقيم بالمغرب معفاة من الضريبة في المغرب وفقا ألي‬
‫مقتضى من هذ ه االتفاقية‪ ،‬فإن المغرب من أول احتساب مبلغ الضريبة مع باقي مداخيل المقيم‪،‬‬
‫يأخذ بعين اإلعتبار المداخيل المعفاة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬في حالة بلجيكا‬
‫‪ ‬عندما يحصل مقيم في بلجيكا على مداخيل غير أرباح االسهم أو الفوائد أو اإلتاوات التي تفرض‬
‫عليها الضريبة في المغرب طبقا لمقتضيات هذه االتفاقية والتي خضعت فيها الضريبة‪ ،‬فإن‬
‫بلجيكا تعفي هذه المداخيل من الضريبة لكن يجوز لها عند إحتساب مبلغ الضريبة عن باقي‬
‫مداخيل المقيم تطبق نفس السعر كما لو أن تلك المداخيل لم تكن معفاة‪.‬‬

‫‪ -1‬غربي فوزية‪ :‬تفادي االزدواج الضريبي في إطار االتفاقيات الجبائية الدولية دراسة حالة اإلتفاقية الجبائية الجزائرية الفرنسية سنة الجامعية ‪،2010-2009‬‬
‫جامعة سكيكدة رسالة لنيل شهادة الماجيستير التخصص المالية العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬صباح نعوش‪ ،‬المالية العامة للدول النامية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء الطبعة األولى ‪ ،1983‬ص ‪.197‬‬

‫‪82‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫غير أن بلجيكا تعفي أيضا أرباح المقاوالت التي تفرض عليها الضريبة في المغرب طبقا‬
‫لمقتضيات االتفاقية والتي يعفيها التشريع الجيائي المغربي المالي المتعلق بالحوافز الضريبية لمدة‬
‫(‪ )5‬خمس سنوات متتالية ابتداءا من السنة الضريبية التي أنجزت فيها أول عملية أدت إلى االعفاء‪،‬‬
‫وتتحد السلطات المختصة في الدولتين المتعاقدتين التدابير االزمة لتجنب االستعمال المفرط‪.‬‬
‫إن أرباح األسهم التي تحصل عليها شركة مقيمة في بلجيكا من شركة مقيمة في المغرب تعفى‬
‫من الضريبة على الشركات في بلجيكا في الشروط والحدود المنصوص عليها في التشريع‬
‫الضريبي البلجيكي‪.‬‬

‫‪83‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪84‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الفصل الثاني‪ :‬دور القاضي اإلداري في حماية اإلستثمار‬


‫تعتبر الرقابة القضائية ضمانة هامة وأساسية لحماية الحريات العامة للمواطنين وإلزام‬
‫اإلدارة بالخضوع لحكم القانون‪ .‬ذلك أن اإلدارة ليست تحكما وإنما هي نشاط يمارس بقصد تحقيق‬
‫الصالح العام في مجاالته المختلفة‪ ،1‬فالرقابة القضائية كفلتها الدساتير والقوانين وسائر التشريعات‬
‫المنظمة لحق التقاضي وضمان اإلجراءات في مراحلها المختلفة أمام المحاكم‪.‬‬
‫وإذا تم إسقاط ما سبقت اإلشارة إليه على العالقة الرابطة بين اإلدارة الضريبية من جهة‬
‫والمستثمر الذي يعتبر بدوره مكلف بالضريبة من جهة أخرى‪ ،‬يستشف حقيقة دور هذه الرقابة‬
‫في حماية الحقوق عموما والمراكز القانونية للمستثمر على وجه الخصوص‪ ،‬وبالتالي إتضاح‬
‫معالم الدورالذي يقوم به العمل القضائي في الميدان الضريبي من خالل تحقيق الحماية الالزمة‬
‫لإلستثمار‪.‬‬
‫ترتيبا على ما سبق‪ ،‬تعتبر رقابة سلطة اإلدارة الضريبية من المجاالت التي عرفت تطورا‬
‫متدرجا في اإل جتهاد القضائي المقارن‪ ،‬فبعد إقرار مبدأ مناعة سلطة اإلدارة التقديرية من الرقابة‬
‫من قبل اإلداري نفسه‪ ،‬عرف هذا المبدأ تراجعا في إطار التطور االجتهادي الالحق‪ .‬وتطوير‬
‫آليات الرقابة إلحتواء المجال التقديري في القرارات اإلدارية يندرج في سياق تحقيق حماية أكبر‬
‫لألفراد بما في ذلك المخاطبين بالفرض الضريبي من المستثمرين الذين يعتبرون هم أيضا‬
‫خاضعين للضريبة‪ ،‬وتمثل هذا التطور في إعتماد نظرية الغلط البين في التقدير ونظرية الموازنة‬
‫لرقابة جانب المالءمة في القرار اإلداري‪ ،‬خاصة ونحن نعلم أن السلطة التقديرية المعترف بها‬
‫إلدارة الضرائب تستهدف تمكينها من معالجة األوضاع المختلفة بحسب ما تستحقه كل حالة على‬
‫حدة‪.2‬‬
‫والشك أن هذه الرقابة كما قال مفوض الحكومة » ‪ « Braibant‬في تعليقه على تطور قضاء‬
‫مجلس الدولة الفرنسي بإتجاه تعميق آليات الرقابة على جانب المالءمة في القرار اإلداري‪ ،‬فهي‬
‫تستهدف فرض قدر أقل من المنطق وحسن التقدير على رجال اإلدارة‪ ،‬فإذا كان في وسعهم أن‬

‫‪ -1‬محمد حسيني عبد العادل‪ ،‬الرقابة القضائية على قرارات الضبط اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر الطبعة الثانية ‪ ،1991‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -2‬عبد العزيز يعكوبي‪ ،‬القضاء الجبائي وحماية االستثمار من خالل قرارات المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا)‪ ،‬مطبعة األمنية بالرباط ‪ ،‬طبعة ‪ ،2007‬ص ‪.201‬‬

‫‪85‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫يختاروا فليس معنى ذلك أن يفعلوا ما يشاؤون‪ .1‬وعليه فالبعد الحمائي الذي تكفله هذه الرقابة‬
‫يتجسد في كيفية مراقبة القضاء الضريبي للمعطيات المسطرية المتعلقة بالنزاع الضريبي سواء‬
‫تعلق األمر بمسطرة المنازعة في الوعاء والتحصيل أو القضاء االستعجالي (المبحث األول)‪،‬‬
‫لنعرج بعض ذلك ونسلط الحديث عن محدودية العمل القضائي في المادة الضريبية وآفاق تسوية‬
‫المنازعات الضريبية في ضوء الوسائل البديلة (المبحث الثاني)‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬رقابة القاضي اإلداري على أعمال االدارة الضريبية‬
‫إن القاضي اإلداري عليه أن يضمن الحماية الالزمة للمستثمرين‪ ،‬وأن يصون حقوقهم في ظل‬
‫سيادة القانون‪ ،‬وإذا لم يكن منصفا في ذلك عم شطط اإلدارة وإستشرى في جميع المراحل التي‬
‫تقطعها الضريبة من وعاء وتصفية وتحصيل‪ ،‬الشيء الذي يجعل المستثمرين يشعرون بالحيف‬
‫والتعسف‪ ،‬لذلك فال إ ستثمار بدون حماية قضائية واضحة سواء عندما يبت قاضي الموضوع في‬
‫النزاع الضريبي (المطلب األول)‪ ،‬أو عندما ينعقد االختصاص بالنسبة للقضاء اإلستعجالي‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور قاضي الموضوع في حماية اإلستثمار‬
‫إذا كانت المنازعات الضريبية ترتبط بوجود خالف بين طرفي العالقة الضريبية بمناسبة قيام‬
‫اإل دارة الضريبية بتحديد الوعاء ضريبة أو تصفيتها أو تحصيلها‪ ،‬فإن التدبير الجيد لواقع الضريبة‬
‫في التشريع المغربي يتطلب الوصول إلى توافق بين االدارة الضريبية و الملزمين‪/‬المستثمرين‬
‫حول ربط الضريبة بطريقة سليمة الشيء الذي يتطلب أن تتوافر فيه الواقعة المنشئة للضريبية‪،‬‬
‫وتقدير وعائه وتطبيق السعر المناسب المنصوص عليه قانونا‪ ،‬وبعد اإلنتهاء من إجراءات هذا‬
‫الربط يتم اللجوء إلى التحصيل‪ .‬وفي حالة تخلف الملزمين عن أداء الضريبة المستحقة‪ ،‬تقوم‬
‫االدارة بإتباع إجراءات المتابعة والتنفيذ على أموال المتخلفين بمقتضى الطرق الخاصة‬
‫المنصوص عليها في القوانين الصادرة في هذا الشأن‪.2‬‬

‫‪ - 1‬سليمان الطماوي‪" ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ - 2‬كريم لحرش‪ ،‬المنازعات الضريبية في القانون المغربي‪ ،‬ص‪.13:‬‬

‫‪86‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫لذلك يشكل التدخل القضائي في المنازعات الضريبية آلية أساسية إلقرار مختلف الضمانات‬
‫الممنوحة للمستثمرين نظرا للطابع الذي يلعبه اإلستثمار في التنمية اإلقتصادية والحفاظ على السلم‬
‫اإلجتماعي‪ ،‬كما يجب عليه في نفس الوقت الحفاظ على المصالح المالية للدولة‪.1‬‬
‫ومن هذا المنطلق فإن القاضي اإلداري دائما يلعب دورا هاما في توفير الضمانات الالزمة لحماية‬
‫المستثمر سواء في مسطرة الوعاء(الفقرة االولى)‪ ،‬ومن جهة ثانية تجدر االشارة إلى الدور‬
‫الحمائي الذي يقدمه القاضي االداري للمستثمرين في مسطرة التحصيل (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬رقابة القاضي الموضوع على مسطرة الوعاء‬
‫تعتبر مرحلة تحديد الوعاء الضريبي هي مجموع العمليات التي تتم بين اإلدارة والمواطن من‬
‫أجل تحديد الوعاء الضريبي لتصفية الضريبة من خالله‪ ،‬وقد أحاطها المشرع بمجموعة من القيود‬
‫منعا لكل تعسف محتمل وتفاديا ألي مفاجأة قد تمس المركز المالي للملزم(‪ ،)2‬ويقصد بالمنازعات‬
‫في الوعاء الضريبي كل النزاعات التي تثار بشأن تأسيس الضرائب والرسوم الضريبية سواء‬
‫تعلق االمر باألساس القانوني أو الواقعي لهذا التأسيس‪.3‬‬
‫فحينما ال يتم اإلتفاق على أساس فرض الضريبة بين اإلدارة الضريبية والمستثمر الخاضع‬
‫للضريبة‪ ،‬أو يشعر هذا األخير بخرق حقوقه من خالل إنتهاك مسطرة فرض الضريبة والرقابة‬
‫عليها فإن المسألة تتطور ليتم التنازع بشأنها أمام إدارة الضرائب نفسها أو داخل اللجان الضريبية‪،‬‬
‫أو أمام القضاء بإعتبار أن اإلجراءات المتعلقة بالمنازعات الضريبية على مستوى فرض الضريبة‬
‫وإحتسابها يشتمل على عدة أحكام‪ .‬الغاية منها تخويل الملزمين‪/‬المستثمرين ضمانات مهمة علما‬
‫بأن الهد ف المتوخى من هذه اإلجراءات هو إقرار توازن أكثر بين الواجبات المفروضة على‬
‫الخاضعين للضريبة وبين السلطة التي يخولها القانون لإلدارة(‪.)4‬‬
‫هذه السلطة ليست مطلقة وإنما مقيدة بشروط كلما أخلت بها تتعرض لجزاء بطالن اإلجراء‬
‫الممارس‪ ،‬وتتم عملية فرض الضريبة بصفة أولية إستنادا إلى ما تم التصريح به من قبل الخاضعين‬

‫‪ -1‬عبد المولى مموري‪ ،‬مساطر المنازعات الضريبية‪ ،‬حدود التوازن بين اإلدارة الضريبية وضمانات الملزم‪ ،‬ص‪.106:‬‬
‫‪ -2‬خالد النميلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫‪ -3‬هشام الوزايكي‪ ،‬دور القاضي الجيائي المغربي في حماية االستثمار‪ ،‬مجلة محاكمة عدد ‪ 11-12‬أكتوبر‪/‬دجنبر ‪ ،2016‬ص‪.153‬‬
‫‪ -4‬عبد العالي بنبريك‪ ،‬المنازعات الجبائية على مستوى فرض الضريبة وإحتسابها‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة عدد ‪ 1‬سنة‬
‫‪ ،1995‬ص ‪.85‬‬

‫‪87‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫للضريبة تسمى بعملية الفحص الضريبي (أوال)‪ ،‬وال يتم اللجوء إلى الفرض التلقائي (ثانيا) إال‬
‫إذا تقاعس الملزم عن القيام بإلتزامه القانوني‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التصريح بالضريبة‬
‫يتم ربط الضريبة بناءا على تصريح تلقائي يصدر عن المكلف بأداء الضريبة داخل آجال‬
‫قانونية محددة إ ستنادا على معطيات توفرها اإلقرارات المضمنة في التصريح في ظل النظام‬
‫اإلقراري بدل نظام الفرض التلقائي الذي كان معتمدا في السابق‪.1‬‬
‫وتتجلى أهمية التصريح بالدرجة األولى في التعبير عن رغبة المكلف في تحمل األعباء العامة‬
‫وإستعداده للمشاركة في النفع العام‪ ،‬األمر الذي سيحد من تدخل اإلدارة في تحديد األساس‬
‫الضريبي‪ ،‬لما يفترض فيه من وقوعه صحيحا بناءا على حسن نية الملزم‪/‬المستثمر‪ ،‬لكن إذا تبين‬
‫لإلدارة من خالل البيانات المقيدة فيه‪ ،‬ومقارنتها بالمعطيات المتوفرة لديها‪ ،‬التدخل لتغيير األساس‬
‫(‪)2‬‬
‫تتنوع بين مسطرة الفحص الضريبي‬ ‫الضريبي فإن المشرع قد ألزمها باتباع مساطر قانونية‬
‫(أ) ومسطرة المراجعة أو التصحيح (ب)‪.‬‬

‫) مسطرة الفحص الضرييب‬


‫أ‬

‫عرف القضاء الفرنسي مفهوم فحص المحاسبة من خالل قرار بالنيير الصادر بتاريخ‬
‫‪ 1967/3/13‬بأنه مراقبة صدق إقرارات الخاضع للضريبة وذلك من خالل مقارنتها مع البيانات‬
‫المحاسبية من أجل ضمان فرض عادل للضريبة‪.3‬‬
‫وفي القانون الضريبي المغربي فتعرف هذه المسطرة بأنها مجموعة من العمليات التي تقوم‬
‫بها اإلدارة الضريبية لفحص التناسق بين المداخيل المصرح بها من طرف الخاضع للضريبة من‬
‫جهة وو ضعية هذا األخير المادية من جهة أخرى‪ ،‬من أجل الحفاظ على القدرة التنافسية داخل‬
‫السوق بين الملزمين‪.‬‬

‫‪ -1‬جواد لعسري‪ ،‬مداخلة بعنوان قراءة في المادة ‪ 247‬من ال مدونة العامة للضرائب على ضوء مشروع قانون المالية لسنة ‪ ،2020‬بالندوة الوطنية التي أقيمت‬
‫برحاب كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالمحمدية‪.‬‬
‫‪ -2‬حسن العفوي‪" ،‬المناز عة الضريبية أمام القضاء بين التأسيس والتحصيل"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪" ،‬دراسات"‪ ،‬عدد ‪ 70‬شتنبر‪ -‬أكتوبر ‪،2006‬‬
‫ص ‪.13‬‬
‫‪ - 3‬أحمد رفيع‪ ،‬إشكالية توازن العالقة الجبائية بين اإلدارة الضريبية والمكلف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪88‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وتبتدئ هذه المسطرة بتوجيه إشعار بالفحص (أوال)‪ ،‬لتمر بعد ذلك لمراقبة الوثائق المحاسبية‬
‫والوجود المادي لكل المعطيات القانونية والواقعية ذات الصلة بتحديد األساس الضريبي (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلشعار بالفحص الضريبي‬
‫يعد التبليغ عماد التوجيب الضريبي وركيزته التي يستمد منها شرعيته في األحوال التي يتخلف‬
‫فيها الخاضع للضريبة عن تقديم إقراره الضريبي أو تقديمه إلقرار تنقصه المعلومات الالزمة‬
‫لربط الضريبة أو عند إقدام اإلدارة الضريبية بفحص محاسبة الخاضع للضريبة أو بمناسبة‬
‫مراجعتها إلقراره(‪.)1‬‬
‫وفي نفس السياق تنص المادة ‪ 212‬من المدونة العامة للضرائب على ضرورة قيام اإلدارة‬
‫الجضريبية بإرسال إشعار إلى الملزم تخبره فيه بنيتها في فحص محاسبته في أجل ال يقل عن ‪15‬‬
‫يوما من التاريخ المحدد على أال يتجاوز حضور المفتش داخل المقاولة أجل ‪ 5‬ايام عمل وإال‬
‫إعتبرت المسطرة باطلة‪.‬‬
‫← ويجب أن يتضمن ذلك اإلشعار البيانات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬إسم العون الفاحص ورتبته بحيث يكون على األقل في درجة مفتش مساعد‬
‫‪ ‬المدة التي يعنيها الفحص‪.‬‬
‫‪ ‬طبيعة الضرائب المعنية بالفحص‪.‬‬
‫‪ ‬تاريخ بداية عمليات الفحص‪.‬‬
‫‪ ‬ميثاق الملزم الذي يعرفه بحقوقه وواجباته‪.2‬‬
‫إن عمليات الفحص ال يمكن أن تبدأ إال بعد نهاية أجل ‪ 15‬يوما من تاريخ التبليغ على أال يتعدى‬
‫حضور المفتش للفحص داخل أجل ‪ 53‬أيام عمل‪ ،‬وأي ممارسة من طرف اإلدارة تخل بهذا الشرط‬
‫تؤدي إلى بطالن مسطرة الفحص‪ ،‬في هذه الحالة ال يمكن أن تقوم بهذه العملية إال بعد إرسال‬
‫إشعار جديد غير أن الفحص الجديد ال يمكنه أن يتضمن أسسا جديدة لفرض الضريبة‪ .‬إال أن‬

‫‪ - 1‬محمد صقلي حسيني‪" ،‬إشكالية التبليغ في الوعاء الضريبي"‪ ،‬مجلة المعيار‪ ،‬عدد ‪ ،31‬ص ‪.41‬‬
‫‪ - 2‬تم إحداث هذه الفقرة بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 8‬من قانون المالية لسنة ‪.2018‬‬
‫‪ - 3‬تم إدراج هذه الفقرة بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 7‬من قانون المالية لسنة ‪.2011‬‬

‫‪89‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫اإلشكال المطروح يتمثل في مدة ‪ 15‬يوما‪ ،‬هل يتم االحتساب من تاريخ إرسال اإلشعار أو من‬
‫تاريخ التوصل به‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬ذهبت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى سابقا ‪-‬محكمة النقض حاليا‪ -‬وهي‬
‫تكرس هذه الضمانة التي من شأنها تمكين الملزم من تهيئ دفاعه والدفاع عن مراكزه القانونية‬
‫إزاء عملية الفحص‪ ،‬إلى القول بإلغاء مسطرة فرض الضريبة إلخالل اإلدارة الضريبية بمقتضيات‬
‫تلك الضمانة‪ ،‬جاء في قرارها ما يلي‪" :1‬اآلجال الفاصلة بين تاريخ التوصل باإلشعار بإجراء‬
‫التفتيش وتاريخ حضور المفتش المحقق أمام الشركة المعنية لفحص المستندات يجب أال تقل عن‬
‫‪ 15‬يوما وإن العبرة في ذلك بتاريخ التوصل باإلشعار وليس بتاريخ اإلرسال لما في ذلك من‬
‫ضمانات لفائدة الملزم ليتمكن من تهيئ دفاعه"‪.‬‬
‫وجاء أيضا في قرار لمحكمة النقض مايلي‪:‬‬
‫"حيث صح ما عابته الطالبة على القرار المطعون فيه ذلك أن الغاية من تقرير أجل بين توجيه‬
‫الرسالة بخصوص إجراء الفحص المحاسباتي للملزم وإجراءها فعليا هو تمكين هذا االخير من‬
‫إعداد دفاعه وعدم مباغتثه‪ ،‬والطالبة أثبتت أن اإلعالم بالفحص تم التوصل به بتاريخ‬
‫‪ 2002/07/23‬وبداية الفحص كانت بتاريخ ‪ 2002/08/09‬وذلك حسب مذكرتها المؤرخة ‪08‬‬
‫يونيو ‪ 2007‬أمام المحكمة اإلدارية ولم تتحتفظ المطلوبة في النقض‪ -‬حسب الوثائق المعروضة‬
‫عليها عند إجراء الفحص بمساس حق من حقوق الدفاع بل أذعنت طوعا وإختيارا لعلملية الفحص‬
‫المحاسباتي ولما كان األمر كذلك فإن المحكمة بإبطالها لمسطرة التحقيق للسبب أعاله تكون بذلك‬
‫لم تراعي نية المشرع من األجل المذكور أعاله مما يستلزم معه نقض القرار‪"2‬‬
‫وهذا ما حدا بالمشرع المغربي ورغبة منه في حماية االستثمار وضمان إستمرارية المقاولة‬
‫في ممارسة نشاطها كان منه أن حدد أجل ‪ 15‬يوما من تاريخ التبليغ على أال يتعدى حضور‬

‫‪ - 1‬قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى في الملف رقم ‪ ،02/4/4/866‬بتاريخ ‪ 2003/1/3‬أورده محمد قصري‪"،‬المنازعة الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة‬
‫أمام القضاء اإلداري"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ - 2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ ،953‬المؤرخ في ‪ 2012/11/29‬ملف إداري عدد‪ 2011/1/4/1383 :‬غير منشور‪ ،‬أورده عمر أزوكار في الماسطر الضريبية بين فقه‬
‫االدارة الضريبية والعمل القضائي المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪ ،2016‬ص‪.43‬‬

‫‪90‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫المفتش للفحص داخل أجل ‪ 5‬أيام عمل‪ ،‬وأي ممارسة من طرف اإلدارة تخل بهذا الشرط تؤدي‬
‫إلى بطالن مسطرة الفحص‪.1‬‬
‫وعلى سبيل المقارنة فإن التشريع الفرنسي لم يشر إلى أية مدة من هذا النوع ولكن القضاء(‪،)2‬‬
‫هو الذي قدرها وجعل ما يفصل عن تاريخ التسلم وبداية عمليات الفحص ينبغي أن يكون في حدود‬
‫ال تقل عن ‪ 6‬أيام كمدة معقولة إلستعداد المكلف‪ ،‬مع ضرورة إرفاق اإلشعار بميثاق للملزم يوضح‬
‫له حقوقه وواجباته‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المادة ‪ 219‬من المدونة العامة للضرائب تؤكد على أن يتم التبليغ‬
‫بالعنوان المحدد من قبل الخاضع للضريبة في إقراراته أو عقوده أو مراسالته المدلى بها إلى‬
‫مفتش الضرائب التابع له مكان فرض الضريبة عليه‪ ،‬وذلك إما برسالة مضمونة الوصول مع‬
‫إشعار بالتسلم‪ ،‬أو أن يكون التسليم بواسطة المأمورين المحلفين التابعين إلدارة الضرائب أو أعوان‬
‫كتابه الضبط أو األعوان القضائيين أو بالطريقة اإلدارية ويعتبر التبليغ صحيحا إلى األشخاص‬
‫اآلتين‪:‬‬
‫‪ ‬إلى الملزم نفسه‪.‬‬
‫‪ ‬إلى ممثله القانوني‪.‬‬
‫‪ ‬أو إلى أحد أقاربه‪.‬‬
‫‪ ‬أو إلى المستخدمين عنده‪.‬‬
‫‪ ‬إلى أي شخص يسكن أو يعمل مع الموجهة إليه الوثيقة‪ .‬وفي جميع األحوال فإنه يثبت التسليم‬
‫بشهادة تحرر في نسختين بمطبوع تقدمه اإلدارة‪ ،‬وتسلم نسخة من هذه الشهادة إلى المعني باألمر‬
‫على أن تتضمن البيانات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬اسم العون المبلغ وصفته‪.‬‬
‫‪ ‬تاريخ التبليغ‪.‬‬
‫‪ ‬الشخص الذي تسلم الوثيقة‪.‬‬

‫‪ - 1‬تم إحداث هذه الفقرة بمقتضى البند ‪ 1‬من المادة ‪ 8‬من قانون المالية السنة ‪ ،2018‬رقم ‪ ،68-17‬ظهير شريف رقم ‪ 1.17.110‬صادر في ربيع اآلخر ‪25(1439‬‬
‫ديسمبر ‪.)2017‬‬
‫‪ - 2‬مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬قرار بتاريخ ‪ 7‬أبريل ‪ ،2004‬أورده أحمد رفيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪91‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬اإلشارة إلى رفض توقيع شهادة التبليغ ممن تسلمه أو عدم استطاعته ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬توقيع الشهادة من لدن العون‪.‬‬
‫ومعلوم أنه سواء تم التبليغ أو تعذر إنجازه لزم العون توجيه الشهادة إلى مفتش الضرائب‬
‫المباشرة والرسوم التي في حكمها‪ ،‬واإلشارة فيها إلى النتيجة التي آلت إليها مسطرة التبليغ‪ ،‬خاصة‬
‫عند عدم إمكان االتصال بالملزم أو ممثله القانوني‪.1‬‬
‫وعليه فإذا إتضح ما سبق ذكره‪ ،‬فقد أكدت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪" :2‬على أنه ال يكفي‬
‫توجيه اإلدارة الضريبية لإلشعار المنصوص عليه بالفصل ‪ 42‬من القانون رقم ‪ 30.85‬المتعلق‬
‫موضوعه بقيامها بالتحقق من محاسبة ما‪ .‬بل ضرورة إثباتها تبليغ الخاضع للضريبة بهذا اإلشعار‬
‫خصوصا وأن هذا األخير ينفي توصله به وأن شهادة التسليم المعتمدة من لدنها مجرد صورة‬
‫شمسية لم تدل بأصلها وال يمكن التعرف من خاللها أو التأكد من توصله باإلشعار المشار إليه‪،‬‬
‫وفي ضوء ذلك يعتبر اإلشعار المذكور غير مبلغ للطاعن تبليغا قانونيا ذلك أن التبليغ بواسطة‬
‫البريد المضمون ال يكون قانونيا إال بالتوقيع أو باإلشارة إلى رفض التسليم أو التوقيع"‪.‬‬
‫وفي نفس االتجاه فقد قضت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪ -‬محكمة النقض حاليا ‪ -‬في قرار‬
‫لها‪" :3‬يرفض التبليغ الحاصل لحارس العمارة باعتباره ليس مستخدما لدى الملزم‪ ،‬وال يسكن معه‬
‫وال يعمل عنده‪ ،‬وبالتالي فالتبليغ لحارس العمارة ال يعد تبليغا قانونيا على أساس أنه ليس من بين‬
‫األشخاص الذين يصح التبليغ إليهم"‪.‬‬
‫فمن خالل هذه القرارات يمكن استجالء البعد الحمائي للقاضي اإلداري للضمانات القانونية‬
‫المخولة للملزم بصفة عامة وللمستثمر بصفة خاصة‪ ،‬من خالل بسط رقابته على مدى احترام‬
‫اإلدارة للمقتضيات المنظمة إلجراء التبليغ‪.‬‬
‫وفي السياق ذاته وارتباطا بأهم الضمانات المنصوص عليها خالل عملية الفحص‪ ،‬نجد المادة‬
‫‪ 212‬من المدونة العامة للضرائب " تنص على أنه يحق للملزم االستعانة بمستشار من اختياره‬

‫‪ - 1‬محمد السماحي‪ ،‬مسطرة المنازعة في الضريبة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1997‬ص ‪.203‬‬


‫‪ - 2‬قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،579‬الصادر بتاريخ ‪ 2000/4/20‬في الملف عدد ‪.99/1/5/527‬‬
‫‪ - 3‬قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ 525‬بتاريخ ‪ 2008/6/11‬في الملف عدد ‪ 2006/2/4/2829‬غير منشور‪.‬‬

‫‪92‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الشخصي ليعينه في التعامل مع المفتش المراقب لوضع حد لبعض الممارسات غير القانونية التي‬
‫كان يحتمل حدوثها "‪.1‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إجراءات المراقبة الضريبية‬
‫تنص المادة ‪ 212‬من المدونة العامة للضرائب على أن "مدة الفحص ال يمكن أن تتجاوز ثالثة‬
‫أشهر(‪ 2)3‬بالنسبة للمقاوالت التي يعادل أو يقل رقم معامالتها المصرح به عن ‪ 50‬مليون درهم‬
‫دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬وستة أشهر(‪ 3)6‬بالنسبة للمنشآت التي يفوق رقم‬
‫معامالتها ذلك القدر"‪.‬‬
‫ويمكن تعريف المراقبة الضريبية‪ 4‬بكونها العملية التي تهدف إلى التثبت من صحة المعطيات‬
‫التي تضمنتها إقرارات الخاضع للضريبة ومدى مطابقتها لوثائقه المحاسبية‪.‬‬
‫وال يجب أن يفهم من هذا التعريف أن المراقبة الضريبية تقتصر فقط على فحص الوثائق‬
‫المحاسبية‪ ،‬إذ تشمل البحث الميداني ومختلف التحريات لإلطالع على المعلومات التي توجد في‬
‫حوزة الغير مادامت قد تفيد في تحديد الدخل أو الربح الخاضع للضريبة‪.‬‬
‫وعليه يجب أن تكون الدفاتر المحاسبية‪ 5‬مدعمة بمختلف اإلثباتات من فاتورات المشتريات‬
‫واألوراق المثبتة للنفقات ونسخ من الفاتورات المسلمة للزبناء أو أوراق الصندوق‪ ،‬وأن تكون‬
‫خ الية من أي بياض بين السطور وأن ال تتضمن أية إضافة أو محو أو تشطيب مما قد يدفع‬
‫للتشكيك في صحة بياناتها‪.‬‬
‫وإذا تعلق األمر بمحاسبة ممسوكة بطريقة إعالمية‪ ،‬فيتعين على الملزم تسهيل مهمة المفتش‬
‫بتمكينه من الولوج لهذه المحاسبة‪ ،‬وتسهيل حصوله على مختلف المعطيات المتعلقة بها‪ .‬وينصب‬
‫الفحص في هذه الحالة على المعالجات اإلعالمية التي أفضت إلى تكوين رقم األعمال والنتيجة‬
‫الجبائية‪.‬‬

‫‪1 - Lazrak(R), le contrôle et le contentieux de l’impôt au Maroc, édition la porte, 2007, P 157.‬‬
‫‪ - 2‬تم تقليص مدة الفحص من ‪ 6‬إلى ‪ 3‬أشهر بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 8‬من قانون المالية لسنة ‪.2016‬‬
‫‪ - 3‬تم تقليص مدة الفحص من ‪ 12‬إلى ‪ 6‬أشهر بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 8‬من قانون المالية لسنة ‪.2016‬‬
‫‪ - 4‬القرقوري محمد‪ ،‬وعاء ومنازعات الضرائب على القيمة المضافة والشركات والدخل‪ ،‬طبعة ‪ ،2002‬ص ‪.254‬‬
‫‪ - 5‬طبقا للقانون رقم ‪ 9.88‬المتعلق بالوجبات المحاسبية‪ ،‬فإن الوثائق التي يتعين مسكها وجوبا هي دفت ر اليومية‪ ،‬الدفتر األستاذ‪ ،‬دفتر الجرد‪ ،‬كما يتعين إعداد القوائم‬
‫التركيبية عند اختتام السنة المحاسبية‪.‬‬

‫‪93‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫غير أن فحص المحاسبة ال يقف عند الدفاتر والوثائق المحاسبية كما سبقت اإلشارة بل يمتد‬
‫لمراقبة المخزون السلعي والتثبت من الوجود الفعلي لألصول الثابتة وغير الثابتة‪ ،‬إضافة إلى‬
‫اإلطالع على ما يوجد لدى الغير المتعامل مع الملزم من وثائق المصلحة والوثائق المحاسبية التي‬
‫قد تفيد في ضبط الدخل المستحق عنه الضريبة‪ ،‬وذلك للتأكد من جدية أو عدم جدية البيانات‬
‫الواردة بالمحاسبة‪.1‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى خصوصية مسطرة فحص محاسبة المقاوالت والتي تتجسد‬
‫في‪:‬‬
‫‪ ‬إنتقال المفتش المحقق إلى مكاتب المقاولة إلجراء تحقيق معمق على مضمون المحاسبة لمقارنته‬
‫مع مضامين التصريحات‪ ،‬وكذلك معاينة النشاط المهني ووسائله واإلطالع على جميع الوثائق‬
‫الثبوتية وذلك لمدة زمنية قد تمتد ما بين ‪ 3‬أشهر إلى ‪ 62‬حسب الحجم االقتصادي للمقاولة الخاضعة‬
‫للفحص يتخللها حوار شفوي وتواجهي ما بين المحقق ومسؤولي المقاولة أو محاسبها أو‬
‫مستشارها‪ .‬وبعد االنتهاء من عمليات الفحص يقوم المحقق بتبليغ نتائجه في إطار مسطرة تواجهية‬
‫أطرتها المدونة بصورة دقيقة من خالل شكليات تتجسد في تعليل وتفصيل جميع التصحيحات وفق‬
‫أجال معينة يترتب عن عدم احترامها بطالن مسطرة التصحيح برمتها‪.3‬‬
‫‪ ‬إشكالية صدق المحاسبة أو القوة الثبوتية للمحاسبة‪ ،‬ذلك أن مسك محاسبة منتظمة وفقا‬
‫للمقتضيات المحاسبية والضريبية يعد حجة ودعامة ووسيلة "دفاع لصالح المقاولة إلثبات صحة‬
‫األسس المصرح بها"‪.‬‬
‫أما إذا كانت تلك المحاسبة غير ممسوكة بصورة منتظمة وتشكو من إخالالت جسيمة مما يدفع‬
‫اإلدارة إلى الشك في صدقها وبالتالي إعادة مراقبة رقم األعمال والنتيجة الجبائية باالعتماد على‬
‫معطيات متوفرة ووثائق محاسبية إلثبات نقصان النتائج‪ .‬وقد عالجت هذه المسألة المدونة العامة‬

‫‪ -1‬القرقوري محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.255‬‬


‫‪ -2‬تم تعديل المادة ‪ 212‬من خالل قانون المالية ‪ ،)70.15( 2016‬والذي بموجبه اصبحت مدة الفحص تتراوح ما بين ‪ 3‬و ‪ 6‬أشهر حسب رقم االعمال‪.‬‬
‫‪ -3‬محمد شكيري‪" ،‬خصوصية المنازعة في مجال الفحص الضريبي"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬دراسات‪ ،‬يوليوز‪ -‬غشت‪ ،‬عدد ‪ ،2007 ،75‬ص‬
‫‪.34‬‬

‫‪94‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫في باب المساطر الضريبية‪ ،‬حيث حرصت على ضرورة التقيد بالسجالت المحاسبية التي تضمن‬
‫الشفافية والصورة الصادقة‪.1‬‬
‫ومن خالل تتبع العمل القضائي بالنسبة للملفات التي كانت موضوع فحص المحاسبة بعد مرحلة‬
‫اللجن‪ ،‬نسجل لجوء المحكمة في ‪ %90‬من الحاالت إلى تعيين خبير محسباتي لحل هذا اإلشكال‪.‬‬
‫هذا ما تم تأكيده من خالل موقف إدارية وجدة‪" :2‬حيث تقدم السيد مدير الضرائب إلى هذه‬
‫المحكمة بطلب يعرض فيه أنه في إطار الصالحيات المخولة لإلدارة قامت بفحص جبائي يشمل‬
‫إقرارات الشركة المدعى عليها المتعلقة بالضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة‬
‫برسم سنتي ‪ 98‬و‪ ،99‬وخالل هذا الفحص تم الوقوف على عدة إخالالت تشوب الوثائق المحاسبية‬
‫للشركة‪ ،‬كيفها المشرع بالخطيرة‪ ،‬وهو ما يعطي الحق لإلدارة في إستبعاد المحاسبة المصرح‬
‫بها‪ ،‬وإعادة تقدير األسس الضريبية بناءا على المعطيات المتوفرة‪.‬‬
‫وسعيا لتأكد المحكمة التي حصرت النزاع في معرفة نسبة إستهالك الوقود المتعلقة بتسخين‬
‫األفرنة والمنشفات المستعملة ونسبة الكسور المتعلقة باألجور الواجب تخفيضها من األساس‬
‫الضريبي الواجب إعتماده‪ ،‬أمرت بإجراء خبرة في الموضوع‪ ،‬حيث أجاب خبير في تقريره على‬
‫جميع النقط وأوضح بشكل جلي كيفية إحتساب مادة الوقود المستعمل في صناعة األجور وذلك‬
‫من خالل تحديده ألنواع األجور التي تنتجه الشركة وكمية الوقود الذي يحتاجه كل نوع من أنواع‬
‫األجور‪ ،‬وخلص في األخير إلى نفس النسبة التي أقرتها اللجنة الوطنية"‪.‬‬

‫) مسطرة تصحيح األساس الضرييب‬


‫ب‬

‫يمكن لإلدارة الضريبية أن تباشر عملية تصحيح األساس الضريبي مباشرة بعد عملية الفحص‪،‬‬
‫كما يمكنها أن تقوم بذلك دون اللجوء إلى مسطرة الفحص أو المراقبة الضريبية‪ 3‬وبهذا فأنها تعتبر‬
‫من بين االدوات التي تضمنتها المدونة العامة للضرائب لضمان إستمرارية وعدم عرقلة سير‬

‫‪ -1‬محمد شكيري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬


‫‪ - 2‬حكم إدارية وجدة رقم ‪ ،85‬بتاريخ ‪ ،2007/03/27‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 3‬وذلك كما هو منصوص عليه في البنذ الثالث من المادة ‪ 221‬المكررة‪ ،‬والتي تنص على أنه يمكن لالدارة بعد تحليل االولي للبيانات الواردة في االقرارات وبناءا‬
‫على المعلومات المتوفرة لديها ودون اللجوء إلى مسطرة فحص المحاسبة المنصوص عليها في المادة ‪،212‬أن طلب من المازمين التوضيحات الضرورية حول‬
‫المعلومات المرتبطة بإقرارتهم إذا رصدت إخالالت ال سيما فيما يخص العناصر التي لها ثأتير على أساس فرض الضريبة المصرح به(‪.)...‬‬

‫‪95‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫المقاولة‪ ،‬وذلك بناءا على المعطيات التي تحصل عليها من خالل إجراءات التحري والمراقبة التي‬
‫تقوم بها أو من خالل عملية فحصها للوضعية الضريبية للخاضع للضريبة‪.1‬‬
‫وتبرز أهمية هذه المسطرة في تكريس مبدأ مساهمة الملزم مع اإلدارة الضريبية في ربط‬
‫الضريبة‪ ،‬له ذا قرر المشرع الضريبي مجموعة من الضوابط اآلمرة لفائدة الملزم يترتب على‬
‫عدم إحترامها بطالن عملية الربط الضريبي‪ ،‬باعتبارها تنطوي على مفهوم الشفافية‪ ،2‬حيث يجب‬
‫على اإلدارة الضريبية إشعار الملزم قبل مباشرة التصحيح (أوال) ومواصلة سير هذه المسطرة‬
‫من طرف اإلدارة الضريبية (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬إشعار الملزم قبل مباشرة التصحيح‬
‫تعتبر إجراءات تصحيح أسس فرض الضريبة من أهم الضمانات القانونية التي إكتنفها التشريع‬
‫الضريبي الذي عمل على تقنين هذه اإلجراءات في المادة ‪ 220‬من المدونة العامة للضرائب حيث‬
‫جاء فيها‪:‬‬
‫" عند ما يرتأي مفتش الضرائب تصحيح أسس فرض الضريبة يبلغ إلى الخاضعين للضريبة‬
‫وفقا إلجراءات التبليغ أسباب التصحيح المزمع القيام به وتفاصيل مبلغه فيما يخص الضريبة على‬
‫الشركات أو الضريبة العامة على الدخل أو الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬وكذا األساس الجديد‬
‫الواجب اعتماده‪ ،‬ويدعوهم إلى اإلدالء بمالحظاتهم خالل أجل الثالثين (‪ )30‬يوما التالي لتاريخ‬
‫تسلم التبليغ‪ .‬في حالة عدم الجواب داخل األجل المضروب لذلك يتم وضع الواجبات التكميلية‬
‫موضع التحصيل‪.‬‬
‫أما إذا تلقى المفتش مالحظات المعنيين باألمر داخل األجل المضروب ورأى أن جميعها أو‬
‫بعضها ال يستند إلى أي أساس صحيح‪ ،‬وجب عليه أن يقوم خالل أجل ال يتجاوز ستين (‪)60‬‬
‫يوما من تاريخ تسلم الجواب بتبليغهم وفقا لإلجراءات المتعلقة بالتبليغ أسباب رفضه الجزئي أو‬
‫الكلي وأساس فرض الضريبة الذي يرى من الواجب إعتماده‪ ،‬مع إخبارهم بأن هذا األساس‬
‫سيصير نهائيا إن لم يقدموا طعنا في ذلك إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أو اللجنة الوطنية‬

‫‪ - 1‬حسن العفوي‪" ،‬المنازعة الضريبية أمام القضاء بين التأسيس والتحصيل"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ - 2‬وداد ألمو‪ ،‬دور القاضي الجبائي في حماية االستثمار ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام بجامعة سيدي محمد بن عبدهللا بفاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪-2008‬‬
‫‪ ،2009‬ص‪.74‬‬

‫‪96‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫للنظر في الطعون الضريبية حسب رقم األعمال داخل أجل الثالثين(‪ )30‬يوما التالي لتاريخ تسلم‬
‫رسالة التبليغ الثانية"‪.‬‬
‫فإذا كانت مسطرة تصحيح األساس الضريبي تشكل ضمانة حقيقية لفائدة الملزم‪ ،‬فإن كل إخالل‬
‫بها يؤدي إلى بطالنها‪ ،‬وفي االطار يتبين الدور اإليجابي الذي يقوم به العمل القضائي في المادة‬
‫الضريبية في حماية الضمانات التي سنها القانون الضريبي للملزم في مسطرة التصحيح‪ ،‬وهكذا‬
‫‪1‬‬
‫إستقر على إن كل إخالل لمسطرة تصحيح الضريبة يقضي إلى إعتبار مسطرة التصحيح باطلة‬
‫‪.‬‬
‫وهذا ما ذهبت إليه المحكمة االدارية بأكادير في حكم لها بتاريخ ‪ 2007/11/15‬جاء فيه‬
‫"حيث أن التابث من الرسالة الثانية الصادرة عن إدارة الضرائب أن هذه االخيرة توصلت بجواب‬
‫من الملزم عن الرسالة األولى بتاريخ ‪ ،2004/06/02‬وحيث أن الثابت كذلك ممن شهادة التبليغ‬
‫أن الملزم توصل بالرسالة بتاريخ ‪ ،2004/09/18‬أي بعد إنصرام أجل ستين يوما المذكور‬
‫أعاله‪ ،‬مما يجعل مسطرة التصحيح باطلة‪.2‬‬
‫وهو نفس التوجه ذهبت إليه محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط في أحد قراراتها‪ ،3‬حيث جاء‬
‫فيه"‪...‬على أنه يترتب سقوط حق االدارة في التصحيح الضريبي إذا لم يتم تبليغ نسخة فحص‬
‫المحاسبة داخل أجل أقصاه سنة تبتدئ من تاريخ إيداع التصريح بالنتيجة النهائية للتصفية حسب‬
‫ما يستفاد من المادة ‪ 42‬من القانون المنظم للشركات"‪.‬‬
‫يتضح من خالل ما سبق أن التبليغ يعتبر ضمانة أساسية للملزم حيث يفسح له المجال للدفاع‬
‫عن مركزه القانوني والمالي في إطار المسطرة التواجهية‪.‬‬
‫وقد أكدت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء(‪ ،)4‬أيضا نفس المنحى‪" ،‬حيث تقدم المدعي بطلب‬
‫يهدف إلى إسقاط الضريبة العامة على الدخل المفروضة عليه بخصوص الدخل العقاري وذلك‬
‫لسقوط حق اإلدارة في تصحيح اإلقرار ولمبالغتها في تحديد األساس الخاضع للضريبة‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمر أبو الهمز‪ ،‬رسالة الماستر بعنوان المنازعات الجبائية بين االدارة الضريبية والقضاء‪ ،‬بكلية القانونية واالقتصادية واالجتماعية بأكدال‪ ،‬الرباط ص‪.58‬‬
‫‪_ 2‬حكم المحكمة االدارية بأكادير عدد ‪ 405/07‬بتاريخ ‪ 2007/11/15‬ملف عدد ‪ ،2007/138‬غير منشور‪.‬‬
‫‪_ 3‬قرار صادر عن محكمة االستئناف االدارية بالرباط بتاريخ ‪ 12/11/12‬تحت عدد ‪ 4355‬في الملف عدد ‪.9/11/508‬‬
‫‪_ 4‬حكم إدارية البيضاء‪ ،‬ملف عدد ‪ 2006/23‬غ‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2006/10/2‬غير منشور‪.‬‬

‫‪97‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وحيث أنه بموجب البند ‪ I‬من المادة ‪ 108‬من قانون الضريبة العامة على الدخل فإنه يمكن لمفتش‬
‫الضرائب أن يقوم بتصحيح اإلقرارات المودعة من قبل الخاضعين للضريبة الذين باعوا ممتلكات‬
‫أو حقوقا عينية عقارية‪ ،‬وإذ الحظ المفتش بعد اإلطالع على اإلقرار المذكور ما يستوجب القيام‬
‫بتصحيحات أو تقدير ثمن التملك أو نفقات االستثمار غير المثبتة‪ ،‬وجب عليه داخل أجل أقصاه‬
‫‪ 60‬يوما من تاريخ اإلدالء باإلقرار المنصوص عليه في البند ‪ I‬من المادة ‪ ،100‬بتبليغ الخاضع‬
‫للضريبة وفق اإلجراءات المنصوص عليها في المادة ‪ 112‬باألساس الجديد للضريبة وكذا أسباب‬
‫مبلغ التصحيحات المزمع القيام بها‪.‬‬
‫وحيث يتبين باإلطالع على وثائق الملف أن اإلدارة لم تعمل على احترام المسطرة المذكورة‬
‫عند تصحيحها إقرار المدعي‪ ،‬مما يشكل خرقا للضمانات المخولة قانونا للملزم وحرمانا من حق‬
‫الدفاع‪ ،‬األمر الذي يكون معه فرض الضريبة باطال ويتعين تبعا لذلك الحكم بإلغائها"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مواصلة اإلدارة الضريبية لمسطرة التصحيح الضريبي‬
‫تشكل مسطرة تصحيح الضريبة كما هي منصوص عليها في التشريع الضريبي ضمانة أساسية‬
‫للملزم لما لها من إرتباط بحقوق الدفاع المخولة له في إطار هاته المسطرة التواجهية الحضورية‪،1‬‬
‫التي تهدف إلى إقرار حقه والمتمثل في إشراكه في عملية تصحيح الوعاء الضريبي‪ ،‬لمعرفة‬
‫وسائله وحججه وموقفه من األساس المنوي إعتماده في تصفية الضريبة في إطار التصحيح‪ ،‬إال‬
‫أن عدم مواصلة اإلدارة الضريبية لهذه المسطرة بعد الشروع في اإلجراءات المنظمة لها يؤدي‬
‫إلى التصريح ببطالنها‪.‬‬
‫وفي هذه الصدد جاء في حكم إلدارية البيضاء‪" :2‬التي إعتمدت على قاعدة‪" :‬شروع اإلدارة‬
‫الضريبية في مسطرة تصحيح الضريبة العامة على الدخل واألرباح العقارية‪ ،‬وعدم مواصلتها‬
‫لذلك رغم توصلها بجواب الملزم على رسالتها األولى يقضي ببطالنها باعتبارها مسطرة معيبة"‪.‬‬
‫حيث تقدم المدعين بطلب يرمي إلى الحكم بعدم أحقية إدارة الضرائب في فرض الواجب‬
‫التكميلي على األرباح العقارية‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد قصري‪" ،‬المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضـاء اإلداري"‪ ،‬مرجـع سابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ - 2‬إدارية البيضاء‪ ،‬ملف إداري رقم ‪ 2007/20‬ق‪.‬ش بتاريخ ‪ ،2007/4/16‬غير منشور‪.‬‬

‫‪98‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫فمن خالل وثائق الملف يتبين أن المدعين توصلوا من إدارة الضرائب برسالة مؤرخة في ‪11‬‬
‫فبراير ‪ 2005‬تتعلق بتحديد األساس الجديد المصحح للضريبة على الدخل‪ ،‬األرباح العقارية‪،‬‬
‫وأنهم أجابوا برسالة مؤرخة في ‪ 2005/3/4‬متمسكين باألساس المصرح به من طرفهم‪ ،‬وأنه‬
‫رغم توصل اإلدارة بالرسالة المذكورة إال أنها لم تواصل اإلجراءات المشار إليها في المادة ‪15‬‬
‫من كتاب المساطر الجبائية المحدثة بقانون المالية لسنة ‪ -2005‬وهي نفس اإلجراءات المنظمة‬
‫لهذه المسطرة – األمر الذي تكون معه مسطرة التصحيح المباشرة من طرفها معيبة وينبغي‬
‫التصريح ببطالنها"‪.‬‬
‫وفي معرض الحديث عن مسطرة التصحيح البد من التطرق إلى مسطرة التصحيح االستعجالية‬
‫المنصوص عليها في إطار الفصل ‪ 12‬كتاب المساطر الجبائية وتلجأ اإلدارة إليها في حالة تفويت‬
‫مقاولة أو إنقطاعها عن مزاولة نشاطها أو تغيير شكلها القانوني إذا كان ذلك يترتب عليه إخراجها‬
‫من نطاق الضريبة أو إحداث شخص معنوي جديد في هذه الحالة تقوم اإلدارة بتصحيح الحصيلة‬
‫الخاضعة للضريبة‪.‬‬
‫واإلجراءات المنصوص عليها في مسطرة التصحيح العادية هي نفسها المقررة في مسطرة‬
‫التصحيح اإلستثنائية‪ ،‬والفرق بينهما يتجلى في كون مفتش الضرائب عندما يتلقى مالحظات الملزم‬
‫داخل األجل المحدد ويرى أن جميعها أو بعضها ال يستند إلى أساس صحيح‪ ،‬يفرض الضريبة‬
‫باعتبار األسس التي يرى من الواجب إعتمادها ويبلغ ذلك إلى الخاضع للضريبة مع إخباره بأن‬
‫له أن يطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة خالل الشهرين التاليين لتاريخ وضع األمر‬
‫بالتحصيل موضع التنفيذ أما في حالة مسطرة التصحيح العادية فإن المفتش يخبر الملزم بأن له أن‬
‫يطعن أمام اللجنة المحلية أو الوطنية داخل أجل شهر‪ ،‬وفي هذه الحالة ال تباشر إجراءات التحصيل‬
‫واالستخالص إال بعد استنفاذ مسطرة الطعن أمام اللجان المذكورة أو عدم تقديم الطعن داخل‬
‫األجل‪.1‬‬
‫فإذا إتضح ما قيل عن أهم الضمانات التي أقرها المشرع الضريبي لفائدة الملزم بخصوص‬
‫ضرورة إحترام اإلدارة لمسطرة التصريح التلقائي‪ ،‬يطرح التساؤل‪ :‬أين تكمن هيمنة اإلدارة‬
‫الضريبية في حالة تقاعس هذا الملزم عن وضع تصريحه أمام مصالحها‪ ،‬أو تبين لها أن محاسبته‬

‫‪ -1‬خالد النميلي‪"،‬حقوق الملزم بالضريبة من خالل مدونة المساطر الجبائية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.140‬‬

‫‪99‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫تشوبها بعض األخطاء الجسيمة‪ ،‬خاصة ونحن نعلم أنه نادرا ما تقر اإلدارة أن المكلف قد إحترم‬
‫كل اإلجراءات القانونية وأن وضعيته سليمة ؟‬
‫ثانيا‪ :‬الفرض التلقائي للضريبة‬
‫إن األصل في تحديد المادة الضريبية في النظام المغربي يكون بصورة تلقائية بتصريح أي‬
‫بتصريح عفوي‪ 1‬من ال خاضع للضريبية داخل اآلجال المحددة قانونا بإعتباره من الضمانات‬
‫‪3‬‬
‫المخولة للملزم‪ ،2‬وإما كجزاء نتيجة إخالله بإحدى التزاماته‪ .‬فأما الفرض التلقائي كإجراء قانوني‬
‫فإنه ال يكون سوى في بعض الحاالت القليلة‪ ،‬ألن فرض الضرائب بصفة عامة في مختلف األنظمة‬
‫العالمية إ ستقر حاليا على مبدأ التصريح مع احتفاظ اإلدارة بحق المراقبة والتحقيق‪ ،4‬أما الفرض‬
‫التلقائي كجزاء وهو الذي يهمنا كونه يجسد قوة اإلدارة الضريبية في مواجهة الخاضع‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المواد ‪ 228‬و‪ 229‬من المدونة العامة للضرائب نجد المشرع الضريبي حدد‬
‫الحاالت التي يلجأ إليها اإلدارة الضريبية إلى الفرض الضريبي التلقائي على سبيل الحصر‪ ،‬وهما‬
‫فرض الضريبة بصورة تلقائية لعدم تقديم االقرار‪ ،5‬ثم فرض الضريبة بصورة تلقائية على مخالفة‬
‫األحكام المتعلقة بتقديم الوثائق المحاسبية وحق المراقبة‪.6‬‬
‫فإذا كان األصل أن تفرض الضريبة في إطار إقرار مقدم من طرف الملزم بها يضمن فيه بكل‬
‫طواعيه وإ ختيار عن رغبته في تحمل المساهمة في النفقات العامة ويشكل ذلك ضمانة فعلية‬
‫وحقيقية للملزم بالضريبة‪ ،‬فإنه وفي حالة عدم تقديم هذا اإلقرار أو تقديمه ناقصا من المعطيات‬
‫الالزمة ووفق الشروط المحددة قانونا يفضي إلى تدخل إدارة الضرائب بفرض الضريبة بشكل‬
‫تلقائي‪.‬‬

‫‪_ 1‬يعتبر االقرار أو التصريح من أهم لبنات السياسة الضريبية التي تقوم على العدالة الضريبية و الرغبة في المشاركة في تحمل االعباء العامة للدولة‪.‬‬
‫‪ _ 2‬قزيبر محمد‪ ،‬القانون الضريبي المغربي‪ ،‬مطبعة سجلماسة مكناس‪ ،‬طبعة ‪ ،2018‬ص‪.102‬‬
‫‪ - 3‬محمد شكيري‪" ،‬القانون الضريبي المغربي‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية"‪ ،‬عدد ‪ 49‬سـنة ‪ ،2003‬ص ‪.356‬‬
‫‪ - 4‬غير أن النظام الضريبي المغربي مازال يحتفظ ببعض أوجه التقدير من طرف اإلدارة‪ ،‬وهو ما يعرف بالفرض التلقائي للضريبة كإجراء قانون‪ ،‬نجد ذلك على‬
‫األخص في رسم النظافة حيث يحدد وعاء الضريبة بناءا على موقع السكن داخل المنطقة الحضرية‪.‬‬
‫‪ - 5‬أنظر المادة ‪ 228‬من المدونة العامة للضرائب‪.‬‬
‫‪ - 6‬أنظر المادة ‪ 229‬من المدونة العامة للضرائب‪.‬‬

‫‪100‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ونظرا ألهمية هذه المسطرة بإعتبارها تمثل هيمنة اإلدارة الضريبية بمقتضى القانون البد من‬
‫إستدراج نقطة أساسية تتمحور حول بسط رقابة القاضي اإلداري على إجراءات هذه المسطرة‬
‫(ب)‪ ،‬لكن قبل ذلك ينبغي الحديث عن أوجه الفرض التلقائي للضريبة (أ)‪.‬‬

‫أ) أوجه الفرض التلقائي للضريبة‬

‫يتم فرض الضريبة في إطار إقرار الملزم متى إستوفى البيانات الشكلية الالزمة لربط تلك‬
‫الضريبة‪ ،‬وال ينتقل عبء تحديد الضريبة من الملزم إلى اإلدارة إال إذا تخلى الملزم نفسه عن‬
‫اإلضطالع بدوره في تقديم اإلقرار كأن لم يقدمه بالمرة‪ ،‬وفي هذه الحالة تلجأ اإلدارة إلى فرض‬
‫الضريبة تلقائيا نتيجة غياب التصريح (أوال)‪ ،‬أو قدم إقرار تنقصه البيانات الالزمة لتحديد وعاء‬
‫الضريبة (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الفرض التلقائي للضريبة بناء على غياب التصريح‬
‫تفرض الضريبة بصورة تلقائية في هذه الحالة كجزاء رتبه إخالل المكلف بواجباته الضريبية‪،‬‬
‫حيث خولت مقتضيات المادة ‪ 228‬من المدونة العامة للضرائب لإلدارة الضريبية صالحية تحديد‬
‫أسس الضريبة بشكل أحادي‪.‬‬
‫إن نظام التصريح يلزم المكلف بوضع إقراره داخل األجل القانوني بمصالح اإلدارة الضريبية‪،‬‬
‫فإذا ما إ نتهى األجل القانوني يعتبر الملزم كأنه لم يضع التصريح وإن وضعه بعد ذلك‪ ،‬ومنه‬
‫فبمجرد نهاية األجل القانوني يمكن لإلدارة الضريبية أن تباشر في وضع األسس الجديدة للضريبة‬
‫لتفرضها بصورة معقولة وفق المسطرة المعمول بها‪.1‬‬
‫وحتى إذا قدم الملزم تصريحه داخل اآلجال القانونية‪ ،‬وكان ذلك التصريح غير مكتمل من حيث‬
‫النتيجة الجبائية أو من حيث العائدات واألرباح‪ ،‬أو رقم األعمال بالنسبة للضريبة على الشركات‪،‬‬
‫والضريبة على الدخل‪ ،‬والضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬وحقوق التسجيل‪ ،‬فمثل هذه التصريحات‬
‫تعتبر الغية‪.2‬‬

‫‪1 - Laghmari(A), le contrôle fiscal, Ed. Abacus Casablanca 2004 ; p 21.‬‬


‫‪ -2‬ينبغي أن يتضمن اإلقرار بالنسبة للضرائب على الشركات العناصر المنصوص عليها في المادة ‪ 20‬والمادة ‪ 150‬من المدونة العامة للضرائب‪ :‬ويتعلق األمر‬
‫بالنتيجة وبرقم األعمال وبالترحيالت‪ ،‬وكذلك تحويل الشركة‪ ،...‬نفس الشيء بالنسبة للضريبة على الدخل حيث تنص المواد ‪ 82‬و‪ 85‬من المدونة على العناصر‬
‫الضرورية في التصريح والمواد ‪ 110‬و‪ 111‬بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬والمادة ‪ 127‬بالنسبة لحقوق التسجيل‪.‬‬

‫‪101‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وبصفة عامة فإن غياب التصريح أو وضعه خارج اآلجال القانونية أو افتقاده إلى العناصر‬
‫األساسية التي تمكن من معرفة األسس المفروضة عليها الضريبة‪ ،‬يعرض المكلف إلى فرض‬
‫الضريبة عليه تلقائيا من طرف اإلدارة‪ ،‬دون إشراكه في عملية تحديد الوعاء الضريبي‪ .‬وهو ما‬
‫يؤكد أن لإلدارة سلطة الجزاء والعقوبة تجاه المكلف المخالف للنصوص التشريعية والتنظيمية‬
‫تمارسها حسب المقتضيات القانونية وال يحد من سلطتها سوى القانون نفسه الذي يفرض عليها‬
‫مساطر البد من إتباعها‪ ،‬فهي قبل ذلك ملزمة بتوجيه رسالة التذكيرية األولى إلى الخاضع للضريبة‬
‫تدعوه من خاللها إلى إيداع إقراره المذكور داخل أجل محدد في ثالثين (‪ )30‬يوما‪ ،‬وعند عدم‬
‫تقديمه ألي جواب يتم توجيه رسالة تذكيرية ثانية بنفس الطريقة إلى الملزم عند انصرام األجل‬
‫دون قيام الخاضع للضريبة بوضع اإلقرار تكون األسس التي حددتها اإلدارة في الرسالة الثانية‬
‫موضع فرض ضريبي‪.‬‬
‫وال يكون أمامه سوى وضع طلب نزاعي أمام اإلدارة الضريبية أو طلب استعطافي إذا كان ال‬
‫ينازع في األساس‪ .‬وبعد أن ترد اإلدارة على طلبه النزاعي أو تنتهي مدة ‪ 3‬أشهر دون أن تجيبه‬
‫يمكن له آنذاك أن يطعن في قرارها أمام القضاء اإلداري‪.1‬‬
‫وفي هذا الصدد فقد ذهب االجتهاد القضائي الفرنسي‪ 2‬في نفس منحى نظيره المغربي معتبرا‬
‫كذلك أن التأخر في وضع اإلقرار كعدم وضعه‪ ،‬إال أن األخذ بحالة التأخر على إطالقها لتحريك‬
‫مسطرة الفرض التلقائي يعد أمرا غير منطقي ألن من شروط اللجوء إلى مسطرة الفرض التلقائي‬
‫هو عدم وضع اإلقرار وإن تقديم اإلقرار قبل استخراج الجدول الضريبي وتحديد أساس الضريبة‬
‫يوقف مسطرة الفرض التلقائي ويكتفي في هاته الحالة بفرض الغرامات المستحقة كجزاء عن‬
‫تقديم اإلقرار بشكل متأخر سيما وأن النصوص الضريبية لم تعمل على تنظيم الحاالت المانعة من‬
‫تقديم اإلقرار في إبانه كحالة القوة القاهرة أو الحادث الفجائي‪ ،‬وإن مثل هاته الموانع المادية‬
‫والقانونية يجب أن تؤخذ بعين االعتبار في تحريك مسطرة الفرض التلقائي في إطار تحقيق عدالة‬
‫جبائية‪.3‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 243‬من المدونة العامة للضرائب والتي تم تتميمها وتعديلها بموجب قانون المالية رقم ‪.70.19‬‬
‫‪ -2‬قرار المجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ‪ ، 1981/1/9‬أشار إليه محمد قصري‪" ،‬مسطرة فرض الضريبة‪ ،‬أية ضمانات‪ ،‬مجلة المعيار"‪ ،‬عدد ‪ ،33‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -3‬محمد قصري‪" ،‬مسطرة فرض الضريبة‪ ،‬أية ضمانات"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪102‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫كما يتجلى دور العمل القضائي في المادة الضريبية في حماية االستثمار من خالل تمتيع‬
‫المستثمرين باالمتيازات المخولة من طرف القانون‪ ،‬حيث أنه وبموجب النازلة والتي تدور حول‬
‫عدم احترام اإلدارة الضريبية للمقتضيات القانونية والتي تعفى النشاط الفالحي من الضريبة‪ ،‬حيث‬
‫قامت االدارة الضريبية بإقرار الغرامات على غياب االقرار على نشاط مدر أعفاه المشرع المشرع‬
‫الضريبي أصال من التضريب‪.‬‬
‫حيث جاء في قرار لمحكمة االستئناف اإلدارية بالرباط مايلي‪:‬‬
‫"حيث تعيب المستأنفة الحكم بمجانبته الصواب ومخالفة القانون ذلك أنه خالفا لما ذهبت إليه‬
‫المحكمة مصدرته فإن الغرامة المنازع فيها واجبة التطبيق إثر إدالء الشركة المستأنف عليها‬
‫بإقرار الحصيلة الجبائية خارج األجل القانوني المنصوص عليه في المادة ‪ 27‬من قانون الضريبة‬
‫على الشركات عمال بمقتضيات المادة ‪ 44‬من نفس القانون سواء خضعت الشركة للضريبة على‬
‫الشركات أم كانت معفاة منها‪ ،‬سيما وأن المادة ‪ 44‬االمذكورة لم تتضمن أي إستثناء لفائدة الشركات‬
‫المعفاة‪ ،‬لذا تلتمس المستأنف إلغاء الحكم لكونها غير ملزمة بتقديم اإلقرار وبالتالي تبقى الغرامات‬
‫المفروضة عليها غير مبنية على أساس قانوني ويتعين إلغائها والحكم لما نحا هذا المنحى صائبا‬
‫وواجب التأييد‪."1‬‬
‫‪ -‬وال تستحق الزيادات في حالة إيداع الملزم إلقرارته الضريبية داخل األجل المقرر قانونا‪.‬‬
‫الشيء الذي تظهر معه أهمية الرقابة التي يقوم بها االجتهاد القضائي في المادة الضريبية من أجل‬
‫الحد من شطط االدارة الضريبية‪ ،‬وحماية المسثتمر وتمتيعه بتطبيق القوانين على الوجه األكمل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الفرض التلقائي للضريبة نتيجة الفحص الضريبي‬
‫بعد أن تباشر اإلدارة الضريبية عمليات الفحص‪ ،‬فإن ذلك قد يترتب عنه فرض الضريبة‬
‫بصورة تلقائية في مجموعة من الحاالت‪ ،‬فحينما يرفض المكلف إحضار الوثائق المحاسبية‬
‫المطلوبة‪ ،‬أو يرفض الخضوع لمسطرة المراقبة‪ ،‬فإن المادة ‪ 229‬من المدونة العامة للضرائب‬
‫تتيح إمكانية الفرض التلقائي بعد توجيه اإلدارة رسالة إلى الملزم تحته فيها على ضرورة الخضوع‬
‫للمراقبة أو إحضار الوثائق المطلوبة في أجل ‪ 15‬يوما‪ ،‬فإذا أصر المكلف على الرفض ترسل له‬

‫‪ -1‬قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد‪ 1582 :‬المؤرخ في‪ 2012/04/16 :‬ملف عدد‪ 9/09/622 :‬غير منشور‪ ،‬ذكره عمر أزوكار‪ ،‬المساطر الضريبية‬
‫بين فقه اإلدارة الضريبية والعمل القضائي المغربي‪ ،‬طبعة ‪ ،2016‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪103‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫اإلدارة رسالة ثانية وفق االجراءات المنصوص عليها في المادة ‪ 219‬تخبره فيها‪ ،‬بتطبيق غرامة‬
‫المقررة‪ 1‬إما في المادة ‪ ، I-191‬وتمنحه أجل إضافي جديد مدته ‪ 15‬يوما فإذا ما إنتهى األجل‬
‫ولم يحضر المكلف الوثائق المطلوبة أو يبرر غيابها‪ .‬أو لم يقبل الخضوع لمسطرة المراقبة فإنه‬
‫يتعرض للفرض التلقائي للضريبة من دون إشعار مسبق‪ ،‬ويفقد الحق في النزاع أمام اللجان‬
‫الضريبة‪ ،‬وال يمكنه اللجوء إلى القضاء إال بعد سلوك مسطرة الطلب النزاعي أمام اإلدارة‬
‫الضريبية‪.2‬‬
‫وقد يحدث أن يقبل المكلف الخضوع لحق الفحص‪ ،‬ويحضر الوثائق المطلوبة‪ ،‬لكن المفتش‬
‫الضريبي يكتشف وجوه إخالل جسيم في المحاسبة المقدمة‪ ،‬فهل يحق للمفتش في هذه الحالة فرض‬
‫ضرائب تكميلية بصورة تلقائية؟‬
‫إستنادا إلى مقتضيات المدونة العامة للضرائب‪ ،‬والقوانين المحاسبية‪ ،‬فإن المكلف إذا التزم‬
‫باإلجراءات القانونية في عالقته مع اإلدارة الضريبية‪ ،‬فإن عبء إثبات وجود إخالالت جسيمة‬
‫بمحاسبته يبقى على عاتق اإلدارة‪ ،‬ومنه فال يمكن لهذه األخيرة فرض الضريبة بصورة تلقائية‪،‬‬
‫وإنما يمكن أن تفرضها بعد ولوج مسطرة التواجهية‪ .‬لذلك فإن المفتش الفاحص ينبغي أن يوجه‬
‫إلى المكلف رسالة يخبره فيها باألخطاء الموجودة في محاسبته‪ ،‬والتصحيحات الجديدة المزمع‬
‫القيام بها‪ ،‬فيكون على المكلف أن يرد على رسالة المفتش في أجل ‪ 30‬يوم يقبل كل التصحيحات‬
‫أو يرفضها كليا أو جزئيا‪ ،‬فإذا لم يرد داخل األجل تفرض الضريبة عليه تلقائيا‪ .‬وإذا قبل كل‬
‫التصحيحات‪ ،‬فرضت الضريبة وفق األسس التي اقترحها المفتش‪ .‬وإذا ما رفض كليا أو جزئيا‪،‬‬
‫فإما أن تعدل اإلدارة عن اقتراحات التعديل وهي من الحاالت النادرة(‪ ،)3‬وإما أن تفرض الضريبة‬
‫حسب القبول الجزئي للخاضع‪ ،‬أو يحدث أال يقتنع المفتش بتبريرات المكلف فيعزم على فرض‬
‫الضريبة وفق األسس التي يراها مناسبة‪ ،‬فيرسل رسالة ثانية إلى المكلف في أجل ‪ 60‬يوم من‬
‫تاريخ توصله برد الخاضع‪ ،‬يخبره فيها باألسس الجديدة التي ستفرض الضريبة بناءا عليها‪ ،‬كما‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 229‬من المدونة العامة للضرائب التي تم تعديلها قانون المالية لسنة ‪.2020‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 235‬من المد ونة العامة للضرائب كما تم تتميمها وتعديلها بموجب قانون المالية لسنة ‪ ،2020‬والتي تنظم حق وأجل المطالبة داخل أجل ‪ 6‬أشهر في حالة‬
‫أداء الضريبة بصورة تلقائية‪ ،‬أو في حالة فرض الضريبة عن طريق جداول أو قوائم االيرادات أو أوامر باالستخالص‪.‬‬
‫‪ -3‬محمد شكيري‪" ،‬القانون الضريبي المغربي "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.287‬‬

‫‪104‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫يخبره بحقه في الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة‪ 1‬أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون‬
‫الضريبية‪ 2‬داخل أجل ‪ 30‬يوم من تاريخ التوصل برسالته(‪.)3‬‬
‫لقد أجابت مسطرة الفرض التلقائي في كل األحوال عن الموقع المتميز لإلدارة الضريبية مقارنة‬
‫مع الملزم‪ ،‬األمر الذي يعكس أن القرار النهائي الذي تتخذه اإلدارة سوف يكون نافذا في مواجهة‬
‫المكلف‪ ،‬وال يمكن أن يحد من القوة التنفيذية لهذا القرار سوى لجوء الملزم إلى القضاء اإلداري‪.‬‬

‫ب) رقابة القاضي اإلداري يف مسطرة الفرض التلقائي للضريبة‬

‫وضع النظام الضريبي‪ ،‬مجموعة من الضوابط يرتكز عليها الفرض التلقائي للضريبة‪ ،‬تفاديا‬
‫للتعسف في استعمال سلطة الفرض الضريبي تتمحور أساسا حول ضرورة إشعار الملزم المعني‬
‫باألمر بهذا الفرض الضريبي عبر مراحل حتى يتسنى له اإلدالء بالحجج التي تدعم رأيه‪.‬‬
‫ويؤدي تغافل اإلدارة الضريبية عن تطبيق هذه اإلجراءات إلى التصريح ببطالن قراراتها من‬
‫طرف القضاء‪ ،‬وهذا ما سيتم إبرازه من خالل موقف القضاء المغربي (ثانيا) وقبل ذلك البد من‬
‫اإلشارة لموقف القضاء الفرنسي (أوال)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬موقف القضاء الفرنسي‬
‫تعامل القضاء الفرنسي فيما يخص الفرض التلقائي بنوع من الصرامة النابعة من إعمال مبدأ‬
‫أسبقية الخطأ‪ ،‬وكذلك من وجود مبدأ اإلختصاص المقيد لإلدارة في تطبيق هذه المسطرة‪.‬‬
‫فمبدأ أسبقية الخطأ يقوم على أساس أن الخاضع للضريبة هو الذي كان سباقا إلى الخطأ حينما‬
‫لم يقم بالتزامه القانوني‪ ،‬وأن أي خطأ من جانب اإلدارة سبقه خطأ من جانب الملزم(‪.)4‬‬
‫ويمكن اإلشارة إلى بعض تجليات موقف القضاء الفرنسي من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الخلل الذي قد يطال الرسالة الثانية الموجهة للخاضع للضريبة ليس من شأنه التأثير على صحة‬
‫مسطرة الفرض التلقائي للضريبة‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 225‬من المدونة العامة للضرائب المعدلة بموجب قانون المالية لسنة ‪.2020‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 226‬من المدونة العامة للضرائب المعدلة بموجب قانون المالية لسنة ‪.2020‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 220‬من المدونة العامة للضرائب المعدلة بموجب قانون المالية لسنة ‪.2020‬‬
‫‪ - 4‬حسن العفوي‪" ،‬المنازعة الضريبية أمام القضاء بين التأسيس والتحصيل"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪105‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ -2‬سجن الخاضع للضريبة عند تبليغ رسالة اإلدارة لتقديم اإلقرار‪ ،‬ال يشكل قوة قاهرة لتسوية‬
‫وضعيته الضريبية طالما أنه لم يقم خالل الثالثين (‪ )30‬يوما المحددة له باإلجراءات الضرورية‬
‫من أجل الحصول على الوثائق أو المعلومات الضرورية لتعبئة اإلقرار‪.‬‬
‫‪ -3‬إن االجتهاد القضائي الفرنسي قد سار على أنه في جميع الحاالت التي يكون فيها عدم التوصل‬
‫بطي التبليغ أو التأخير في التوصل به‪ ،‬يرجع لظروف يتحملها فقط الخاضع للضريبة‪ ،‬فهذا األخير‬
‫ال يمكنه أن يرتكز على ذلك الفعل بالتقادم‪.‬‬
‫كما ذهب في نفس اإل تجاه حينما قضى بأنه إذا رحل الخاضع للضريبة وغير مسكنه أو محل‬
‫استغالله‪ ،‬أو حول مقره اإلجتماعي دون أن يقوم باإلجراءات الضرورية أمام إدارة البريد من‬
‫أجل إعادة إرسال رسالته أو تسليمها لمن ينوب عنه يكون التقادم قد تم قطعه بأول رسالة موجهة‬
‫إلى العنوان الذي يضمنه في آخر إقرار له‪.‬‬
‫وفي نفس اإلتجاه عبر القانون الفرنسي عن موقفه المتشدد في حالة الفرض التلقائي حينما‬
‫وضع عبء اإلثبات على الخاضع للضريبة متى وجد في حالة الفرض التلقائي‪ ،‬وتفسير ذلك أن‬
‫الضريبة المفروضة تلقائيا تنبني على فرضية الصحة وينبغي على الخاضع للضريبة أن يدحض‬
‫هذه القرينة بإثبات العكس‪.1‬‬
‫لهذا نجد المشرع الفرنسي منع الحكم بالبطالن حتى ولو خالف الشكل نص القانون‪ ،‬طالما لم‬
‫يتحقق ضرر من جراء ذلك‪ ،‬حيث أجاز تصحيح اإلجراء الباطل مسايرا بذلك التشريعات الحديثة‬
‫التي تهدف إلى حماية مصالح الخصوم واالكتفاء بالنظر إلى الشكل على أنه مجرد وسيلة يقصد‬
‫من ورائها تحقيق غايات محددة‪.‬‬
‫أما في المغرب فقد سار االجتهاد القضائي للمحاكم اإلدارية على التصريح ببطالن مسطرة‬
‫الفرض كلما تبين له أن الخاضع للضريبة لم يبلغ بصفة قانونية كما اعتبر رجوع رسالة البريد‬
‫بعبارة "غير مطلوب" ال تفيد التبليغ قطعا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف القضاء المغربي‬

‫‪ - 1‬حسن العفوي‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪106‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫رتب العمل القضائي في المادة الضريبية على اإلخالل بمقتضيات مسطرة الفرض التلقائي‬
‫للضريبة البطالن إعتبارا لتعلقها بحق من حقوق الدفاع الذي يعتبر من قبيل اإلجراءات الجوهرية‬
‫اآلمرة‪ ،‬تطبيقا منه لقاعدة ما بني على باطل فهو باطل‪ ،‬وهذا ما أكده حكم اإلدارية بالرباط(‪.)1‬‬
‫الذي قضى بأنه في غياب توصل الملزم بالضريبة العامة على الدخل بالرسالتين التذكيريتين‬
‫المنصوص عليهما في المادة ‪ 103‬من القانون رقم ‪ 17/89‬المتعلقة بالضريبة على الدخل يجعل‬
‫الفرض التلقائي لتلك الضريبة عليه باطال‪ .‬وذلك في القضية اآلتية‪" :‬فقد قام المدعي بواسطة نائبه‬
‫بتسجيل مقال لدى كتابه الضبط بتاريخ ‪ 97/11/24‬والمؤدى عنه الرسوم القضائية يعرض فيه‬
‫أنه أنشأ شركة فعلية بقصد إنجاز تجزئة بمدينة الجديدة‪ ،‬وتسهيال لعملية البيع حصل العارض على‬
‫توكيل من شركائه‪ ،‬وصرح لإلدارة الضريبية بالبيانات المتعلقة بالضريبة العامة على الدخل‪ ،‬إال‬
‫أنه فوجئ بإخضاعه لمبالغ جزافية محددة من طرف اإلدارة الضريبية دون األخذ بعين االعتبار‬
‫التصريحات المودعة‪.‬‬
‫وإعتبارا لكون العارض وضع تقريراته وعلى كون قانون اإلستثمارات العقارية المعدل لسنة‬
‫‪ 1988‬يمنح إعفاءا من الضريبة العامة على الدخل بإقليم الجديدة بنسبة ‪ 100/100‬فيما يتعلق‬
‫بالتجزئات فإنه يلتمس الحكم بإلغاء قرار مديرية الضرائب والتصريح بإعفاء العارض من‬
‫الضريبة العامة على الدخل عن سنوات ‪.94.93.92‬‬
‫ولقد حكمت المحكمة اإلدارية في الموضوع بإلغاء الضريبة العامة على الدخل المفروضة على‬
‫المدعى برسم سنوات ‪ 94.93.92‬مع تحميل مديرية الضرائب الصائر‪ ،‬وذلك بناءا على الحيثيات‬
‫التالية‪:‬‬
‫" حيث أنه بعد إطالع المحكمة على وثائق الملف تبين لها أنه ليس به ما يفيد توجيه‬
‫اإلدارية الضريبية رسالة أولى إلى المدعي موصى بها مع إشعار بالتسلم تدعوه فيها إلى تتميم‬
‫إقراره داخل أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ التوصل‪ ،‬كما أنها لم توجه إليه رسالة ثانية موصى بها مع‬
‫اإلشعار بالتسلم تخبره باألسس التي قدرتها وستعرض عليه تلقائيا باعتبار أنه لم يتمم إقراره داخل‬

‫‪ - 1‬حكم إدارية الرباط رقم ‪ 360‬بتاريخ ‪ 98/3/24‬ملف رقم ‪97/376‬غ‪ ،‬أورده الحبيب العطشان‪ ،‬مساهمة القاضي الضريبي المغربي في حماية اإلستثمار‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.216‬‬

‫‪107‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫أجل ثان مدته ‪ 30‬يوما من تاريخ تسلم الرسالة المتضمنة إخباره بذلك طبقا للمادة ‪ 103‬من‬
‫القانون رقم ‪.17/89‬‬
‫وحيث أن هذا اإلنذار يترتب على عدم احترامه انهيار بنيان الفرض الضريبي لكون اإلدارة ال‬
‫يمكنها أن تلجأ إلى عملية الفرض التلقائي إال بعد استنفاذ مسطرة توجيه اإلنذار عن طريق‬
‫الرسالتين معا‪:‬‬
‫وحيث أنه في غياب توصل المدعي بالرسالتين المنصوص عليهما في المادة ‪ 103‬من القانون‬
‫أعاله والمتطلبة إلزاما صحة اإلجراءات الموالية يعدو الفرض التلقائي للضريبة "عليه باطال"‪.‬‬
‫وفي نفس اإلتجاه قضت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى في قرار لها(‪ )1‬بإلغاء األمر المتعلق‬
‫بالضريبة التكميلية على األرباح العقارية الموكأ إليها مستندة في ذلك على خرق اإلدارة الضريبية‬
‫للمقتضيات المنصوص عليها في المادة ‪ 103‬من القانون رقم ‪ 17/89‬المتعلق بالضريبة العامة‬
‫على الدخل‪.‬‬
‫وقد جاء في قرار المجلس األعلى(‪ )2‬وهو يربط بين مسطرة التظلم ومسطرة الطعن القضائي‬
‫وتقرر بطالن مسطرة فرض الضريبة إلخالل إدارة الضرائب بضمانة حق الدفاع المخولة للملزم‬
‫في إطار مسطرة الفرض التلقائي ما يلي‪" :‬لكن حيث إن المشرع إذ كان في الفصل ‪ 47‬من‬
‫القانون المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة قد أوجب على الملزم بالضريبة أن يتظلم لدى‬
‫اإلدارة المختصة قبل رفع منازعته إلى القضاء‪ ،‬فإن المشرع قبل ذلك أعطى للملزم حقا أساسيا‬
‫ينص عليه الفصل ‪ 28‬من نفس القانون‪ ،‬وهو حق الدفاع المتمثل في وجوب تمكين الملزم من‬
‫التعرف على أساس الضريبة ومناقشتها قبل فرضها تلقائيا عليه"‬
‫فالفرض التلقائي إذن ال يكتسي أي طابع تواجهي(‪ ،)3‬ألن تبليغ الملزم باألسس الضريبية محل‬
‫الفرض التلقائي للضريبة ليس من شأنها أن يفتح حوارا بينه وبين اإلدارة‪ ،‬وهو ما تتميز به‬
‫مسطرة التصحيح‪ ،‬فهي ال تدعوه إلى الموافقة أو إبداء مالحظاته بشأن األساس المقترح لفرض‬
‫الضريبة‪ ،‬بل هو مجرد تذكير من اإلدارة للخاضع للضريبة بالتزاماته الضريبية عند تجاهله لها‪،‬‬

‫‪ - 1‬قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد ‪ 679‬بتاريخ ‪ ،2008/9/10‬ملف إداري عدد ‪ ،2006/2/4/1346‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 2‬قرار الغرفة اإلدارية عدد ‪ 412‬بتاريخ ‪ ،2002/7/4‬ملف إداري عدد ‪ 2000/1277 -2000/299‬أشار إليه محمد قصري في مقاله "مسطرة فرض الضريبة‪،‬‬
‫أية ضمانات"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ - 3‬حسن العفوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬

‫‪108‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وأن أية محاولة من طرف الملزم لتجاهل القرار الضريبي اإلداري‪ ،‬أو رفض تنفيذه سيعرضه‬
‫للتحصيل الجبري‪.‬‬
‫كما يظهر أيضا الدور الكبير الذي يلعبه العمل القضائي في الميدان الضريبي في حماية اإلستثمار‬
‫على عدة مستويات من قبيل تدخله لتطبيق القواعد الجبائية واإلجراءات الشكلية‪ ،‬خصوصا أن القانون‬
‫الضريبي يتميز بدقة اإلجراءات‪ .‬فمثال بالنسبة لمسطرة الفرض التلقائي للضريبة يؤدي التعسف في‬
‫مباشرتها إلى بطالنها ‪ .‬وهذا ما ذهبت إليه المحكمة اإلدارية بالرباط في حكم لها‪ ،1‬حيث إعتبرت‬
‫فيه أن مباشرة مصلحة الوعاء الضريبي مسطرة الفرض التلقائي في مواجهة المدعي ومباشرة‬
‫إجراءات التحصيل الجبري من حجز ورهن رسمي بمناسبة هذا الفرض الضريبي رغم انتفاء‬
‫موجبات تطبيقه في ظل العجز المسجل بمحاسبة المدعي يرتب مسؤوليتها اإلدارية عن كافة‬
‫األضرار المادية والمعنوية المترتبة عن هذا الخطأ‪.‬‬
‫وجاء في حيثيات الحكم … حيث استصدر حكم نهائيا أي المدعي ببطالن مسطرة الفرض‬
‫الضريبي ‪ ،‬إال أن اإلدارة كانت قد تابعت إجراءات التحصيل وقامت بحجز أمالكه والتعرض على‬
‫حساباته بين يدي… مما أدى إلى شل نشاطه المتمثل في اإلنعاش والمضاربة العقاريين ‪.‬‬
‫وال يقف دورالقاضي اإلداري عند هذا الحد بل يمتد إلى تحديد القانون الواجب التطبيق عندما تلجأ‬
‫اإلدارة إلى فرض الضريبة استنادا إلى قانون غير واجب التطبيق كما في حالة نسخ القانون وفق ما‬
‫ذهبت إليه المحكمة اإلدارية بوجدة في حكمها عدد ‪ 364‬بتارخ ‪ 30.12.2004‬بشأن‪ ،‬ضريبة‬
‫التضامن الوطني حيث اعتبرت أنه باستلهام قصد المشرع من إلغاء ضريبة التضامن الوطني‪ ،‬فإن‬
‫المشرع وهو األكثر حرصا على الحفاظ على حقوق خزينة الدولة قد اتجه إلى إلغاء ضريبة التضامن‬
‫الوطني بصفة نهائية ابتداء من فاتح يناير‪ ،2001‬ولم يخول اإلدارة الجبائية حق فرضها بعد هذا‬
‫التاريخ و لو تعلق األمر بسنوات سابقة سواء من حيث فرضها ألول مرة أو من حيث تصحيحها‪.2‬‬

‫‪ - 1‬حكم صادر عن إدارية الرباط رقم ‪ 441‬بتاريخ ‪ 7.2.2012‬ملف رقم ‪ ،.310.7.09‬تم ذكره من طرف إبراهيم أنوض‪" ،‬القاضي اإلداري بين ضرورة حماية‬
‫اإلستثمار وخصوصيات القانون الضريبي"‪ ،‬منشورات مجلة المهن القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة القضاء االداري والمنازعات االدارية ‪ ، 4/3‬سنة ‪.2019‬‬
‫‪ - 2‬محمد لمزوغي اإلصالح الضريبي وعالقته بمجال االستثمار ‪ .‬مجلة الودادية الحسنية للقضاة العدد ‪ 3‬مارس ‪ 2012‬ص ‪.133‬‬

‫‪109‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬رقابة قاضي الموضوع في مسطرة التحصيل الضريبي‬


‫يقصد بالتحصيل مجموع العمليات واإلجراءات التي تهدف إلى حمل مديني الدولة أو الجماعات‬
‫المحلية وهيآتها والمؤسسات العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين واألنظمة‬
‫الجاري بها العمل‪ ،‬أو الناتجة عن أحكام وقرارات القضاء أو عن االتفاقات‪.1‬‬
‫فتحصيل الدين الضريبي يفرض رهانات مالية وله تأثيرات إقتصادية وإجتماعية على المكلفين‬
‫أو المسؤولين سواء كانوا أشخاصا طبيعية أو معنوية‪ .‬كما يكتسي صبغة خاصة‪ ،‬إذ غالبا ما يكلف‬
‫المحاسب بتحصيل مبالغ ضريبية لم يساهم في تحديد وعائها ومقدارها ومن ثمة ال يستطيع أن‬
‫يقنع الملزمين بقانونية هذه الضرائب‪.2‬‬
‫لذلك وفي إطار إستخالص الدين الضريبي وحينما يداهم الملزم بمسطرة التحصيل الجبري‪،‬‬
‫يلجأ إلى القضاء للمطالبة بإيقاف التنفيذ‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬فقد ميز القضاء اإلداري بين صنفين من الدعوى في التحصيل‪ ،3‬عدم التدرج‬
‫في االجراءات المنصوص عليها قانونا (أوال)‪ ،‬ثم توضيح أبعاد الحماية التي يقدمها القاضي‬
‫اإلداري في حالة عدم احترام المقتضيات القانونية الناظمة (ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬إجراءات التحصيل اجلربي‬

‫تمارس اإلجراءات الجبرية في حق الملزمين الذين يمتنعون عن تسديد ديونهم بإرادتهم داخل‬
‫المدة المحددة قانونا‪ ،‬وهكذا تنص المادة ‪ 36‬من قانون ‪ 15/97‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون‬
‫العمومية على ما يلي "ال يمكن مباشرة التحصيل الجبري إال بعد إرسال آخر إشعار للمدين بدون‬
‫صائر‪ ،‬ويجب تقييد تاريخ إرسال هذا اإلشعار في جدول الضرائب والرسوم أو في سند تنفيذي‬
‫آخر‪ ،‬ويعتد بهذا التقييد ما لم يطعن فيه بالزور"‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة االولى من مدونة تحصيل الديون العمومية من قانون ‪ 15.97‬المحدث بظهير بمقتضى ظهير شريف رقم ‪ 1.00.175‬بتاريخ ‪ 28‬محرم ‪ 1421‬الموافق لـ‬

‫‪ 3‬ماي ‪. 2000‬‬

‫‪ - 2‬حسن العفوي‪"،‬المنازعة الضريبية أمام القضاء بين التأسيس والتحصيل"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 3‬الحبيب العطشان‪ ،‬مساهمة القاضي الضريبي المغربي في حماية االستثمار‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.319‬‬

‫‪110‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫إن التحصيل الجبري‪ ،‬وإن كان يمنح اإلدارة الجبائية آلية قانونية إضافية تمكنها من إخضاع‬
‫المكلف(‪ ،)1‬فإن هذا اإلجراء ال يمارس إال في الحدود القانونية‪ ،‬وفي ذلك ضمانة بالنسبة للمكلف‬
‫وحد نسبي من السلطة التقديرية المطلقة لإلدارة‪.‬‬
‫وعليه ينص الباب الثالث من مدونة تحصيل الديون العمومية على مراحل التحصيل الجبري‪،‬‬
‫إال أنه من خالل هذا البحث سوف يقتصر على كل من الحجز في الفقرة (أ) على أن تخصص‬
‫الفقرة (ب) لإلكراءه البدني باعتبارهما أهم مراحل هذا اإلجراء‪.‬‬

‫الحــــــجــــــز‬ ‫أ)‬
‫يعتبر الحجز إجراء من إجراءات المتابعة الجبرية على أموال المدين‪ ،‬وهو إما أن يكون تحفظيا‬
‫أو تنفيذيا‪.2‬‬
‫فالحجز التحفظي هو إجراء يهدف إلى الحجز على أموال المدين خشية التصرف فيها بالتفويت‪،‬‬
‫مما يلحق الضرر بدائنيه‪ ،‬لذا يتم وضع هذه األموال بين يدي المحاسب المكلف بالتحصيل إلى أن‬
‫يتحول لحجز تنفيذي ما لم يؤمر بغير ذلك‪.‬‬
‫فيما يهدف الحجز التنفيذي إضافة إلى حفظ أموال المدين‪ ،‬إلى بيعها جبرا ليستوفي الدائن حقه‬
‫من حصيلة البيع‪.‬‬
‫ويمثل الحجز ثاني إجراء نصت عليه المدونة بعد توجيه اإلنذار وفق المادة ‪ 36‬من مدونة‬
‫تحصيل الديون العمومية‪.‬‬
‫فبعد توجيه اإلنذار ومرور ‪ 30‬يوما‪ 3‬دون وفاء الملزم بالتزاماته الضريبية‪ ،4‬يقوم مأموري‬
‫الخ زينة العاملين تحت إمرأة المحاسب العمومي المكلف بالحجز‪ ،‬بحجز األثاث واألمتعة المنقولة‬

‫‪ - 1‬أحمد رفيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬


‫‪ - 2‬أحمد البقالي‪" ،‬حجز ورهن وبيع األصل التجاري بين مدونة التجارة وقانون المسطرة المدنية ومدونة تحصيل الديون العمومية"‪ ،‬مجلة القانون المغربي‪ ،‬العدد ‪،2‬‬
‫‪ ،2002‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 40‬من مدونة تحصيل الديون العمومية المنظمة بقانون رقم ‪.15.97‬‬
‫‪ - 4‬للمزيد يمكن الرجوع إلى‪:‬‬
‫أدولف ريبولط‪" :‬المسطرة المدنية في شروح" تعريب‪:‬إدريس ملين‪ ،‬جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية‪ ،‬مطبعة االمنية ‪،1990‬ص‪ 135‬وما‬ ‫‪‬‬
‫بعدها‪.‬‬
‫عزمي عبد الفتاح‪" :‬قواعد التنفيذ الجبري" دار الفكر العربي القاهرة‪/‬ص‪ 222:‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪111‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫والمحاصيل والثمار التي في ملكية المكلف المعني‪ ،‬وذلك بعد الحصول على ترخيص بذلك من‬
‫طرف رئيس اإلدارة التي ينتمي إليها المحاسب‪.‬‬
‫بعد حجز أموال المدين‪ ،‬مع استثناء األموال المنصوص عليها في المادة ‪ 46‬من المدونة‪،‬‬
‫واستمراره في رفض أداء ما بذمته‪ ،‬يتم تحرير محضر يصف األمتعة المحجوزة وتاريخ البيع‪،‬‬
‫وإلى ذلك الحين يتم تعيين حارس لحراسة المال المحجوز‪ .‬وفي أية لحظة إذا ما قرر المكلف‬
‫المدين أداء الدين العمومي إضافة إلى صوائر الحجز‪ ،‬فإن عملية الحجز تتوقف مباشرة بعد أداء‬
‫تلك المبالغ المالية‪.‬‬
‫ويمكن أن تصطدم عملية الحجز‪ ،‬بتحويل المدين لعنوانه دون أن يعلن عن ذلك‪ ،‬فيتعذر على‬
‫المحاسب القيام بأي حجز‪ ،‬في هذه الحالة ينبغي عليه أن يحرر محضرا للتفتيش كما يمكن أن يجد‬
‫المدين في عنوانه المصرح به‪ .‬ولكنه ال يمتلك أية أموال قابلة للحجز إذ يكون في وضعية العسر‪،‬‬
‫فينبغي كذلك على المحاسب أن يشير إلى ذلك في المحضر ليطلب بناءا عليه إبراء ذمته من الدين‬
‫العمومي المذكور‪.‬‬
‫لكن في أغلب الحاالت فإن المكلف المدين البد وأن يمتلك ماال قابال للحجز‪ ،‬ومنه فإن إصراره‬
‫على عدم األداء سيعرض ذلك المال لعملية البيع من طرف المحاسب العمومي بعد الحجز بثمانية‬
‫أيام‪ ،‬إال أنه باتفاق مع المدين يمكن تخفيض األجل حين يخشى تلف المحجوزات‪.1‬‬
‫وتعرض األشياء المحجوزة للبيع حسب الترتيب الذي يرغب فيه صراحة المدين المحجوز‬
‫عليه ويمكن بطلب منه وبترخيص من رئيس اإلدارة التابع لها المحاسب المكلف بالتحصيل أن‬
‫يبيع األمتعة المحجوزة بنفسه‪ ،‬ويخول له القيام بذلك في أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ الترخيص‬
‫الممنوح‪.‬‬
‫إال أنه إذا تعذر وجود أموال كافية يمكن اللجوء حسب المادة ‪ 76‬من مدونة تحصيل الديون‬
‫العمومية رقم (‪ )15/97‬إلى اإلكراه البدني‪.‬‬
‫اإلكــراه البـدنــي‬ ‫ب)‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 59‬من مدونة تحصيل الديون العمومية المنظمة بقانون ‪.15.97‬‬

‫‪112‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫يعرف اإلكراه البدني من خالل مقتضيات مدونة التحصيل الديون العمومية بأنه‪ ":‬حبس –‬
‫المدين ‪ -‬المحكوم عليه‪ ،‬مدة معينة يحددها الحكم الصادر به طبقا لمقتضيات القانون المنظم لهذا‬
‫االجراء القهري إلجباره على أداء ما إلتزم به أو ألزمه به القضاء"‪.1‬‬
‫وتم تنيظم مسطرة اإلكراه البدني بمقتضيات المواد من ‪ 76‬إلى ‪ 83‬من مدونة تحصيل الديون‬
‫العمومية‪ ،‬إال ما خول للنيابة العامة بحكم دورها في تنفيذ اإلجراءات الزجرية‪.‬‬
‫إذ لم تؤدي اإلجراءات ‪ :‬اإلنذار‪ ،‬الحجز والبيع إلى تحقيق النتيجة المطلوبة‪ ،‬فإن اإلدارة‬
‫الضريبية (الخزينة العامة للمملكة) تلجأ أخيرا إلى اإلكراه البدني‪ ،‬لعل ذلك يؤثر على المدين من‬
‫أجل أداء دينه‪ ،‬وهي في ذلك تتمتع بصالحيات واسعة خاضعة لمراقبة القضاء الذي يوجه إليه‬
‫الطلب المتعلق باإلكراه البدني‪ ،2‬فيقوم رئيس المحكمة باعتباره قاضي المستعجالت بالبت في ذلك‬
‫الطلب‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ 79‬من مدونة تحصيل الديون العمومية على مدة اإلكراه البدني حيث تتراوح‬
‫بين ‪ 15‬يوما و‪ 15‬شهرا حسب قيمة الدين‪.‬‬
‫وقد القى تطبيق اإلكراه البدني خالفا كبيرا بين الفقه والقضاء بخصوص مشروعيته خاصة‬
‫بعد مصادقة المغرب في مارس ‪ 1979‬على إتفاقية نيويورك الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية و‬
‫السياسية المؤرخة في ‪ 1962/12/16‬والتي جاء في فصلها ‪ 11‬على أنه "ال يجوز سجن إنسان‬
‫‪3‬‬
‫فقط على أساس عدم قدرته على الوفاء بإلتزام تعاقدي"‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يمكن مباشرة اإلكراه البدني حسب المادة ‪ 77‬من مدونة تحصيل‬
‫الديون العمومية إذا كان مبلغ الدين يقل عن ‪ 8000‬درهم‪ ،‬أو كان سن المدين يقل عن ‪ 20‬سنة‪،‬‬
‫أو يتجاوز ‪ 60‬سنة‪ ،‬أو إذا ثبت عسره‪ ،‬أو إذا كان المدين امرأة حامل أو مرضعة في حدود‬
‫السنتين من تاريخ الوالدة كما ال يجوز حسب المادة ‪ 78‬من المدونة ممارسة اإلكراه البدني ضد‬
‫الزوج وزوجته في آن واحد من أجل ديون مختلفة‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسن الرميلي‪":‬االكراه البدني على ضوء التتشريع المغربي والمقارن" نشر البديع مراكش ‪ ،1997‬ص‪.30:‬‬
‫‪ - 2‬ماء العينين الشيخ الكبير‪ ،‬تحصيل الديون العمومية بالمغرب على ضوء القانون ‪ ،15.97‬مطبعة صوماديل‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2012‬ص‪.61‬‬
‫‪ - 3‬محمد لمزوغي‪":‬التنفيذ الجبري عن طريق االكراه البدني من خالل مستجدات مدونة تحصيل الدين العمومية"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،2001-31‬ص ‪.71-70‬‬

‫‪113‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وفي أية لحظة شاء فيها المدين أداء ما بذمته يمكن التوقف عن ممارسة اإلكراه البدني‪ ،‬ولو‬
‫بأدائه نصف الدين والتعهد بأداء ما تبقى‪.‬‬
‫إال أن اإلكراه البدني وإن نفذ في حق المدين‪ ،‬فإنه ال يسقط عنه الدين بل يظل متابعا به من‬
‫طرف خزينة المملكة‪.‬‬
‫فما يمكن التأكيد عليه أنه رغم تميز التحصيل الجبري بصفة عامة بالهيمنة القوية إلدارة‬
‫الضرائب فإنه يسجل حضور القاضي اإلداري لبسط رقابته على هذا اإلجراء لخلق نوع من‬
‫التوازن بين اإلدارة الضريبية وبين حقوق الملزم بصفة عامة والمستثمر بصفة خاصة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬البعد احلمائي لإلستثمار يف إطار الرقابة على مسطرة التحصيل اجلربي‬

‫قد يحدث أن يقوم القابض المكلف بتحصيل الضريبة ببعض األخطاء أثناء قيامه باستخالص‬
‫الدين الضريبي‪ ،‬وهو األمر الذي يلحق ضررا بالغا بالملزم دون سبب وجيه‪ .‬مما يمنح للقاضي‬
‫سلطة بسط رقابته على هذا اإلجراء والتأكد من مدى إحترام اإلدارة الضريبة للمقتضيات القانونية‬
‫المنظمة له‪ ،‬تفاديا لحدوث أي خلل قد يعرقل سير هذه المسطرة وبالتالي إثارة المسؤولية اإلدارية‬
‫عن التحصيل الضريبي المعيب (أ) أو التصريح ببطالن إجراءات التحصيل الضريبي (ب)‪.‬‬
‫أ) المسؤولية اإلدارية عن التحصيل الضريبي المعيب‬
‫إن أهمية الدور الحمائي للعمل القضائي في الميدان الضريبي تتجلى بشكل أخص في تقرير‬
‫المسؤولية عن الخطأ‪ 1‬في التحصيل الضريبي الذي يؤدي إلى إلحاق أضرار بالغير تأسيسا على‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 79‬من قانون اإللتزامات والعقود‪ .2‬والشك أنه ال يكفي لتحقيق الحماية المطلوبة‬
‫الحكم بإلغاء الفرض الضريبي المعيب‪ ،‬أو الحكم باسترداد المبالغ المستخلصة على غير وجه‬
‫حق‪ ،‬فكل ذلك غير كاف لتصحيح األوضاع التي وقع المساس بها بل البد من جبر األضرار‬
‫المترتبة عن ذلك متى ثبت حصولها‪.‬‬
‫وفي هذا السياق قضت الغرفة اإلدارية في قرارها‪ 3‬الصادر بتاريخ ‪ 2003/7/3‬بمسؤولية‬
‫اإلدارة عن التحصيل الضريبي المعيب‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد العزيز يعكوبي‪" ،‬القضاء الجبائي وحماية االستثمار من خـالل قرارات المجلس األعلى"‪ ،‬مـرجع سابق‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪.)1913‬‬ ‫‪ -2‬قانون االلتزامات والعقود المنظم بظهير ‪ 9‬رمضان ‪ 1331‬الموافق ل (‪ 12‬أغسطس‬
‫‪ -3‬قرار الغرفة اإلدارية‪ ،‬عدد ‪ ،134‬الصادر بتاريخ ‪ ،2007/7/3‬أشار إليه عبد العزيز يعكوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.199‬‬

‫‪114‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وتتخلص معطيات هذه النازلة في كون المدعي باع شقته وصرح بهذا البيع لدى الجهة الضريبية‬
‫المختصة وأدى ما بذمته من ضرائب‪ ،‬وبينما كان بفندق بالجديدة للمشاركة كعضو في مناقشة‬
‫أطروحة جامعية‪ ،‬باعتباره أستاذا جامعيا‪ ،‬فوجئ بإلقاء القبض عليه من طرف شرطة الجديدة بعلة‬
‫كونه مبحوثا عنه في إطار مسطرة اإلكراه البدني استنادا إلى طلب اعتقال صادر عن قباضة فاس‬
‫عين قادوس‪ ،‬وظل رهن االعتقال ‪ 5‬أيام بعد أدائه مجموع المبالغ موضوع مسطرة اإلكراه‪.‬‬
‫وتمسكت اإلدارة في هذه القضية‪ ،‬بكونها وجهت إعالمات ضريبية للمدعي لم يسلك بشأنها أي‬
‫طعن‪ ،‬إلى أن وصل األمر إلى مسطرة اإلكراه البدني‪ ،‬مدعية بكون تقاعسه عن لفت انتباه اإلدارة‬
‫للخطأ المحتمل هو الذي تسبب في مباشرة التحصيل عن طريق اإلكراه‪.‬‬
‫غير أن اإلدارة استبعدت هذا الدفع معتبرة "بأنه وخالفا لما جاء في أسباب االستئناف‪،‬‬
‫فالمستأنف عليه ينفي توصله باإلعالم المذكور‪ ،‬وال شيء في الملف يفند عكس ذلك‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى فالمستأنفة تقر إقرارا تاما بما حصل للمستأنف عليه‪ ،‬متذرعة بأن ذلك راجع لخطأ‬
‫الشخصي‪ ،‬مما يؤكد أحقية المدعي في طلب التعويض‪ ،‬وأن خطأ المرفق العام ثابت ويتمثل في‬
‫فرض الضريبة مرتين على نفس السبب رغم األداء"‪.‬‬
‫وفي نفس االتجاه فقد رتبت المحكمة االدارية بالرباط في قرارها‪ 1‬عن مسؤولية اإلدارة عن‬
‫التحصيل الضريبي المعيب في القضية التي تسببت فيها االدارة الضريبية والخزينة العامة للمملكة‬
‫والتي أدت إلى شل حركة المدعي الذي كان يمارس اإلستثمار في المجال العقاري‪.‬‬
‫كما أنه مما الشك فيه أن قرار االدارة عن الفرض المعيب‪ ،‬والذي ألحق أضرار بالغير كما هو‬
‫معروض في القضية‪ ،‬إستوجب على القاضي اإلداري فرض الحماية على المستثمر‪ ،‬والشك أنه‬
‫ال يكفي لتحقيق الحماية المطلوبة الحكم بإلغاء الفرض الضريبي المعيب‪ ،‬أو الحكم باسترداد المبالغ‬
‫المستخلصة على غير وجه حق‪ ،‬فكل ذلك غير كاف لتصحيح األوضاع التي وقع المساس بها بل‬
‫البد من جبر األضرار المترتبة عن ذلك متى ثبت حصولها‪ ،‬وهذا هو الذي لمسناه من القضية‪.‬‬

‫‪- 1‬حكم صادر عن إدارية الرباط‪ ،‬ملف رقم ‪ ،310/7/09‬بتاريخ ‪ 7/2/2012‬منشور‪.‬‬

‫‪115‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وفي إطار التحصيل الضريبي المعيب فقد اعتبرت إدارية البيضاء‪ 1‬أن قيام القابض بمباشرة‬
‫إجراءات تحصيل دين سبق إلغاء األمر باستخالصه من طرف الخازن العام للمملكة إجراء غير‬
‫مستند على أساس صحيح ويقتضي التصريح بسقوط حق الخزينة العامة في إستيفائه‪.‬‬
‫والشك أن إقرار المسؤولية اإلدارية عن الفرض اإلداري المعيب‪ ،‬الذي يلحق ضررا بالغير‪،‬‬
‫كما في الحالة أعاله‪ ،‬من شأنه تحقيق حماية أكبر للملزمين عموما وللمستثمرين على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬ذلك أن الفروض الضريبية وإجراءات التحصيل المرتبطة بها غير المستندة إلى‬
‫أساس قانوني والتي تلحق أضرارا بالمستثمر يمكن أن تجعل اإلدارة المعينة موضوع مساءلة‬
‫بالتعويض‪.‬‬

‫ب) بطالن إجراءات التحصيل‬


‫يؤدي تهاون القابض عن تطبيق أحد إجراءات التحصيل الضريبي المحددة قانونا إلى التصريح‬
‫ببطالن المسطرة في مواجهة الملزم وهذا ما تم تأكيده من خالل حكم إدارية البيضاء‪ 2‬حيث‬
‫تتلخص وقائع النازلة في‪ ":‬تقدم المدعي بكتابة ضبط هذه المحكمة بواسطة نائبه بمقال يعرض‬
‫فيه أنه فوجئ بقباضة سيدي معروف أوالد حدو‪ ،‬تضع بمنزله إنذارا تطالبه بأداء الضريبة على‬
‫القيمة المضافة للمنزل الذي تشيده‪ ،‬وأن هذا اإلنذار وإن كان يحمل رقم وعنوان منزله إال أنه‬
‫يحمل اسما غير اسمه‪ ،‬كما أن رقم الجدول الضريبي على القيمة المضافة المسجل به لدى مصالح‬
‫الضريبة على القيمة المضافة‪ .‬غير الرقم الوارد بهذا اإلنذار‪ ،‬وأن العارض لم يعلم بهذه الضريبة‬
‫إال عن طريق مراجعته لوضعية الضريبة بقباضة سيدي معروف فتقدم في الحال بتظلم في نطاق‬
‫الفصل ‪ 47‬من قانون ‪ ،85/30‬أمام السيد مدير الضرائب‪ ،‬وأن العارض لم يعلم بإجراءات‬
‫التحصيل التي يباشرها السيد قابض قباضة سيدي معروف ضده إال عندما باشر إجراءات‬
‫التحصيل بواسطة اإلنذار طبقا للمادة ‪ 40‬من مدونة التحصيل‪ ،‬وأن أول إشعار توصل به من‬
‫المحاسب المكلف بالتحصيل لقباضة سيدي معروف هو اإلنذار المنصوص عليه في الفصل ‪39‬‬
‫من مدونة التحصيل‪ ،‬دون أن يتوصل باإلعالم المنصوص عليه في المادة ‪ 5‬وكذا اإلشعار‬
‫المنصوص عليه في المادة ‪ 36‬من مدونة التحصيل‪ ،‬حيث استعملت المادة ‪ 5‬كلمة "يجب" وكذا‬

‫‪ - 1‬حكم صادر عن إدارية الدار البيضاء‪ ،‬ملف رقم ‪2005/62‬ع‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2005/05/9‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 2‬حكم إدارية البيضاء‪ ،‬ملف رقم ‪ 2006/30‬غ‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2006/10/23‬غير منشور‪.‬‬

‫‪116‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫المادة ‪ 36‬نصت على أنه ال يمكن مباشرة التحصيل الجبري إال بعد إرسال آخر إشعار للمدين‬
‫بدون صائر‪ .‬وأن العارض طبقا للفصل ‪ 120‬من مدونة التحصيل وجه للسيد الخازن العام للمملكة‬
‫بالرباط رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل‪ ،‬إال أنه لم يجب داخل األجل المنصوص عليه في‬
‫الفصل ‪ 120‬السابق الذكر‪ ،‬لذلك يلتمس العارض الحكم بإبطال هذا اإلجراء‪.‬‬
‫وهذا ما قضت به هذه اإلدارية معللة حكمها بأنه ال يمكن للقابض مباشرة إجراءات التحصيل‬
‫إال بعد إرسال آخر إشعار للمدين بدون صائر‪ ،‬ويجب تقييد تاريخ إرسال هذا اإلشعار في جدول‬
‫الضرائب والرسوم أو في أي سند تنفيذي آخر ويعتد بهذا التقييد ما لم يطعن فيه بالزور‪.‬‬
‫وحيث إنه ولئن كان المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم توجيه اإلنذار بدون صائر إلى المدين‬
‫فقد درج اجتهاد المحاكم اإلدارية على التصريح ببطالن جميع اإلجراءات الالحقة في حالة عدم‬
‫إرسال هذا اإلشعار"‪.‬‬
‫وفي نفس السياق قضت إدارية البيضاء‪ 1‬بسقوط حق الخازن العام في تحصيل الضريبة لعدم‬
‫سلوكه أي إجراء من اإلجراءات القاطعة للتقادم وفق مقتضيات الفصل ‪ 123‬من مدونة التحصيل‪.‬‬
‫وفي نفس السياق قدت إدارية الرباط ببطالن المسطرة و ذلك بسبب التقادم‪ ،2‬حيث يعتبر التقادم‬
‫من أهم المبادئ الحمائية التي كرستها التشريعات الضريبية في إطار التوفيق بين حماية الضرائب‬
‫كمورد هام من موارد الخزينة وبين حماية الملزمين‪.‬‬
‫وهكذا تتمتع اإلدارة الضريبية في إطار ممارسة سلطتها الجبائية بكامل الحرية في إختيار‬
‫الوقت المناسب الستيفاء الضرائب غير أن هذا الوقت ليس مطلقا‪ ،‬بل يخضع للتقادم إذ ثم حصره‬
‫من طرف المشرع الضريبي في ظرف أربع سنوات إبتداء من تاريخ إستحقاق الضريبة‪ ،‬إذ على‬
‫اإلدارة الضريبية إن هي أرادت قطع التقادم إن تقوم بتبليغ الملزم بضرورة أداء الضريبة خالل‬
‫هذه المدة أال وهي أربع سنوات وإال فسوف تفقد حقها في استيفاء الضريبة‪ ،‬وتصبح بالتالي أي‬
‫قرارات مبنية على هذه الضريبية باطلة‪.‬‬

‫‪ -1‬حكم إدارية الدارالبيضاء في ملف رقم ‪ 2004/47‬غ بتاريخ ‪ ،2005/05/02‬غير منشور‪.‬‬


‫‪ - 2‬الحبيب العطشان ‪ ،‬مساهمة القاضي الضريبي المغربي في حماية االستثمار‪ ،‬أطروحة دكتوراه جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية االقتصادية‬
‫واالجتماعية ‪ ،‬اكدال الرباط‪ 2008-2007 ،‬ص ‪.205‬‬

‫‪117‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وهذا ما أكده حكم إدارية الرباط‪1‬الذي قضى‪”:‬بأن قطع التقادم ال يكفي بوضع جدول التحصيل‬
‫بالضريبة المعنية وإنما بإعالم الملزم المعني باألمر بالضريبة المفروضة عليه داخل أجل التقادم‬
‫” وذلك في قضية السيد (…)‪ ،‬الذي قدم مقاال بواسطة نائبه إلى هذه المحكمة يعرض فيه أنه‬
‫بتاريخ ‪ 1996/7/31‬توصل من قباضة وزان بإنذار مؤرخ في ‪ 96/6/25‬يتعلق باداء مبلغ‬
‫‪ 9900.90‬درهم يشمل الضريبة على الدخل من سنة ‪ .1992‬وبما أن هذه الضريبة تقادمت بمرور‬
‫أكثر من ‪ 4‬سنوات وقد بادر العارض إلى المنازعة في هذا اإلنذار عن طريق التظلم الذي رفعه‬
‫إلى إدارة الضرائب بتاريخ ‪ 96/8/15‬وتوصلت به اإلدارة بتاريخ ‪ 96/8/21‬غير أنها لم تتخذ‬
‫أي قرار بشأنه رغم مرور الستة أشهر وعلى إثر ذلك لجأ إلى القضاء اإلداري ملتمسا الحكم‬
‫بإلغاء قرار الضريبة القاضي بأداء مبلغ ‪ 9900.90‬درهم‪.‬‬
‫وبعد فحص المحكمة للملف قضت ببطالن الضريبة العامة على الدخل المفروضة على المدعي‪،‬‬
‫وتحميل مديرية الضرائب الصائر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور القاضي اإلستعجالي في حماية اإلستثمار‬


‫تستمد قاعدة " أد ثم إشك" مرجعيتها القانونية من الفقرة األولى من الفصل ‪ 117‬من مدونة‬
‫التحصيل ‪ ،15.97‬التي تنص على أنه "بصرف النظر عن أية مطالبة أو دعوى ينبغي على‬
‫المدينين أن يؤدوا ما بذمتهم من ضرائب ورسوم وديون أخرى طبقا للشروط المحددة بهذا‬
‫القانون"‪.‬‬
‫وإذا كان االستثناء هو إمكانية إيقاف التنفيذ خالفا للقاعدة أعاله فقد تم تقييدها بشروط (‪.)2‬‬
‫ويقصد بإيقاف تنفيذ إجراءات استخالص دين ضريبي الحكم الذي بموجبه يرى القاضي‬
‫االستعجالي االستجابة بناءا على طلب الملزم وبعد توفر شروط معينة (الفقرة األولى) أن يوقف‬
‫مؤقتا إجراءات تحصيل الضريبة إلى حين البث بحكم نهائي في موضوع المنازعة (الفقرة الثانية)‬
‫في إطار قضاء استعجالي يهدف إلى صيانة حقوق الملزمين ولو بصفة مؤقتة عن طريق إتخاذ‬
‫إجراءات سريعة ومستعجلة‪.‬‬

‫‪ - 1‬حكم إدارية بالرباط‪ ،‬رقم ‪ 900‬بتاريخ ‪ 23‬جمادى الثانية ‪ 1419‬موافق ‪ 98/10/15‬ملف رقم ‪ 97/263‬ع(‪.)1 - 4‬‬
‫‪ - 2‬محمد قصري‪" :‬إيقاف التنفيذ للدين العمومي أمام القضاء االستعجالي"‪ ،‬مجلة المحاكم اإلدارية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬ماي ‪ ،2008‬ص ‪.32‬‬

‫‪118‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط سلوك مسطرة إيقـاف التـنـفـيـذ‬


‫يظهر من مجموعة األحكام الصادرة في السنوات األخيرة‪ ،‬أن موقف القضاء اإلداري إستقر‬
‫(‪)1‬‬
‫نظرا‬ ‫على قبول الطلبات الرامية إلى إيقاف إجراءات التحصيل في إطار القضاء االستعجالي‬
‫لطابعها المؤقت من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى نظرا لما تستدعيه الضرورة الملحة كحل مؤقت للحفاظ‬
‫على مصالح اإلدارة والملزم المدين بالضريبة بالحفاظ على نشاطه اإلستثماري إلى حين البث في‬
‫جوهر النزاع(‪.)2‬‬
‫ولسلوك هذه المسطرة يتبين دور العمل القضائي في ظل الفراغ التشريعي حيث أرسى االجتهاد‬
‫القضائي في هذا الصدد شرطين أساسيين هما شرطا جدية المنازعة (أوال)‪ ،‬وعنصر االستعجال‬
‫(ثانيا) المستمد من حدوث أضرار يصعب تداركها عند تنفيذ إجراءات التحصيل‪.‬‬

‫أوال‪ :‬شــــرط الـــجـديــة‬


‫إن المنازعة في الضريبة أمام قضاء الموضوع ال يكفي لوحده لقبول طلب وقفها من طرف‬
‫القاضي اإلستعجالي‪ ،‬إذ البد من توافر المنازعة في الجدية والتي تأخذ وضعها من دائرة‬
‫المشروعية‪ ،3‬وهذا ما أكدت عليه الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪ -‬محكمة النقض حاليا‪ -‬من‬
‫خالل عدة قرارات كان أهمها القرار الصادر عنها تحت رقم ‪ 272‬بتاريخ ‪ 2003/4/24‬في‬
‫الملف اإلداري عدد ‪.2001/4/4/70‬‬
‫وكان األمر في هاته النازلة يتعلق بمنازعة الطالب في صفته كملزم بالضريبة على األراضي‬
‫غير المبنية وقد استبان من ظاهر أوراق الملف أن األراضي المعنية بتلك الضريبة غير موصولة‬
‫بشبكة الماء والكهرباء المتطلبة قانونا إلخضاعه لتلك الضريبة‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫بإيقاف تنفيذ الضريبة على القيمة‬ ‫وفي نفس السياق أمر رئيس المحكمة اإلدارية بفاس‬
‫المضافة بعد أن تبين له من ظاهر أوراق الملف أن حق اإلدارة الجبائية قد طاله التقادم الرباعي‬
‫المنصوص عليه في الفصل ‪ 84‬من القانون رقم ‪ ،85/30‬معتبرا ذلك من قبيل المنازعة الجدية‬

‫‪ - 1‬حكم رقم ‪ 8‬صادر عن المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 31‬ماي ‪ 1995‬ورد فيه أن القاضي االستعجالي اإلداري وريث شرعي لالختصاصات التي كان‬
‫يمارسها القاضي االستعجالي العادي قبل إحداث المحاكم اإلدارية"‪.‬‬
‫‪ - 2‬محمد السماحي‪ ،‬مسطرة المنازعة في الضريبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.209‬‬
‫‪ - 3‬عبد هللا بون يت‪"،‬إيقاف تنفيذ القرار االداري على ضوء االجتهاد القضائي المغربي والمقارن‪-‬دراسة تطبيقية"مطبعة اواي‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬ص‪.115‬‬
‫‪ - 4‬أمر رئيس المحكمة اإلدارية بفاس‪ ،‬صادر بتاريخ ‪ 2004/5/19‬تحت عدد ‪ 04/1106‬في الملف االستعجالي عدد ‪.04/17‬‬

‫‪119‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫التي تبرر االستجابة لطلب إيقاف التنفيذ مع توافر حالة االستعجال‪ ،‬ومما جاء فيه "تقبل المطالبة‬
‫بإيقاف تنفيذ الدين العمومي كإجراء وقتي لغاية استنفاد المسطرة اإلدارية للطعن اإلداري أو البت‬
‫في جوهر النزاع أمام قضاء الموضوع في إطار القواعد العامة لالستعجال‪ ،‬من غير اشتراط‬
‫الضمانة الكفيلة بتأمين استخالص الدين الضريبي كما هي منصوص عليها في الفصلين ‪117‬‬
‫و‪ 118‬من القانون رقم ‪ ،97/15‬حالة توافر ظاهر الطلب على جدية السبب"‪.‬‬
‫ولقد بين األمر القضائي المذكور المقصود بجدية السبب بقوله‪" :‬يقصد بجدية المنازعة في مبدأ‬
‫اإلخضاع الضريبي أو في مسطرة فرض الضريبة والتي بحسب ما يظهر من خاللها إلى ترجيح‬
‫إلغاء الضريبة لعدم مشروعيتها"‪.‬‬
‫وسيرا على نفس النهج فقد أكدت المحاكم اإلدارية على ضرورة وجود نزاع جدي للمطالبة‬
‫بإيقاف التنفيذ ونسوق على سبيل المثال‪:‬‬
‫* المحكة اإلدارية بالرباط‪ ،‬حيث ورد في حكم صدر عنها بتاريخ ‪ 20‬دجنبر ‪" :2000‬أن‬
‫المنازعة الجدية في مشروعية فرض ضريبة أو رسم ما‪ ،‬ال يستوجب تقديم الضمانة المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 117‬من مدونة تحصيل الديون العمومية أمام قاضي المستعجالت عند المطالبة‬
‫بإيقاف إجراءات التحصيل مؤقتا إلى حين البت في دعوى الموضوع(‪.)1‬‬
‫كما صدر عن نفس المحكمة حكم(‪ )2‬بتاريخ ‪ 2001/10/24‬ورد فيه " أن وجود نزاع جدي حول‬
‫قيمة الضريبة المفروضة على المدعي يبرر األمر بإيقاف مسطرة التحصيل إلى حين البت في‬
‫دعوى الموضوع"‪.‬‬
‫كما صدر عن إدارية البيضاء(‪ ،)3‬أن األمر يتعلق بمنازعة الطالب في صفته كملزم بأداء الضريبة‬
‫على األرباح العقارية بمناسبة تفويته لألرض العارية‪.‬‬
‫في حين يتمسك العارض أنه لم ينجز أية عملية تفويت للعقار من شأنها أن تنتج أرباحا خاضعة‬
‫للضريبة العامة على الدخل‪ ،‬وأن األرض العارية محل النزاع لم يتم بيعها وإنما تقرر نزع ملكيتها‬

‫‪ - 1‬حكم رقم ‪ 216‬صدر عن إدارية الرباط بتاريخ ‪ 20‬دجنبر ‪ ،2000‬في الملف رقم ‪ 00/193‬أشار إليه‪ ،‬عبد الحميد الحمودي‪ ،‬تحصيل الديون العمومية في التشريع‬
‫والقضاء المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط ‪ ،2006‬ص ‪.220‬‬
‫‪ - 2‬حكم إدارية الرباط رقم ‪ ،144‬بتاريخ ‪ ،2001/10/24‬في الملف عدد ‪ ،01/106‬أشار إليه عبد الحميد الحنودي‪ ،‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.221‬‬
‫‪ - 3‬حكم إدارية البيضاء رقم ‪ 31‬ملف عدد ‪ ،2005/2‬بتاريخ ‪ ،2005/01/27‬غير منشور‪.‬‬

‫‪120‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫من أجل المنفعة العامة مستندا في ذلك على مقتضيات البند ‪ II‬من المادة ‪ 82‬من قانون ‪17/89‬‬
‫المتعلق بالضريبة العامة على الدخل والذي ال ينص على عملية نزع الملكية"‪.‬‬
‫* المحكمة اإلدارية بمراكش‪ ،‬حيث ورد في حكم صادر عنها بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪ 2002‬ما يلي‪:‬‬
‫" ‪ ....‬المنازعة الجدية في صفة ملزم بالضرائب يتم معها استبعاد تطبيق الفصل ‪ 117‬من مدونة‬
‫تحصيل الديون العمومية"(‪.)1‬‬
‫وهكذا نستخلص من إجتهاد الغرفة اإلدارية بعض وسائل المنازعة الجدية المثارة بسبب طلبات‬
‫إيقاف التنفيذ والتي تبثثها المحاكم اإلدارية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬المنازعة في صفة الملزم بأداء الضريبة‪.‬‬
‫‪ ‬توقف الملزم عن مزاولة النشاط المفروضة عليه الضريبة‪.‬‬
‫‪ ‬توفر الملزم على شروط اإلعفاء الكلي أو الجزئي من الضريبة‪.‬‬
‫‪ ‬إثارة التقادم الضريبي سواء ما تعلق منه بالوعاء أو التحصيل‪.‬‬
‫‪ ‬مطالبة الملزم بأداء ضرائب التي الزال النزاع في شأنها معروضا أمام اللجان الضريبة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬شـــرط اإلســتــعــجــال‬


‫اإلستعجال هو الخطر الذي يمكن أن ينتج بسبب طول المدة التي تستغرقها إجراءات الدعوى‬
‫قبل صدور حكم بات فيها‪ ،2‬ويكون من شأن هذا الخطر المساس ببعض الحقوق أو المصالح‬
‫المراد حمايتها‪ .‬فالبد أن يتخذ القاضي على الفور التدابير الالزمة لدرء أي خطر حال يهدد الحق‬
‫بالضياع‪.3‬‬
‫واالجتهاد القضائي أقر هذا االتجاه معتبرا أن‪" :‬عنصر االستعجال يكون مفترضا في كل‬
‫الطلبات الرامية إلى إيقاف إجراءات التحصيل ما دام يعتبر طلبا إستعجاليا وال شيء في القانون‬
‫‪4‬‬
‫ينفي عنه هذه الصفة"‬

‫‪ - 1‬حكم إدارية مراكش رقم ‪ 31‬بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪ ،2002‬منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ‪ ،49-48‬فبراير – أبريل ‪.2003‬‬
‫‪ - 2‬عبد اللطيف هداية هللا‪ ،‬القضاء المستعجل في القانون المغربي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1998‬ص ‪.75‬‬
‫‪ - 3‬عبد هللا حداد‪ :‬تطبيقات الدعوى اإلدارية في القانون المغربي‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬الرباط ‪ ،1999‬ص ‪.261‬‬
‫‪ - 4‬أمر إستعجالي رقم ‪ 234‬بتاريخ ‪ 12/05/2009‬في الملف عدد ‪ 2009/0/152‬صادر عن المحكمة االدارية بالدار البيضاء غير منشور‪.‬‬

‫‪121‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ويقصد به كذلك الحالة التي يرى فيها طالب اإليقاف أن مباشرة إجراءات تحصيل الضريبة‬
‫في مواجهته من شأنه أن يسبب له أو لمقاولته خطر‪ 1‬أو أضرار وخيمة قد يصعب تدارك نتائجها‬
‫في المستقل‪.‬‬
‫في هذا السياق‪ ،‬صدر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء‪ 2‬أمرا إستعجاليا جاء فيه"‬
‫وحيث إستقر إجتهاد هذه المحكمة على أن طلب إيقاف إجراءات الحجز الستخالص دين عمومي‬
‫هو طلب وقتي لكونه محدد في الزمان وتستدعيه الضرورة الملحلة لحل قانوني ومؤقت يحافظ‬
‫على مصالح الخصوم وال يمس موضوع المنازعة‪ ،‬وال تسعف فيه إجراءات التقاضي العادية‪،‬‬
‫كما أنه يجنب أخطار مواصلة الخصوم وال يمس موضوع المنازعة‪ ،‬وال تسعف فيه إجراءات‬
‫التقاضي العادية‪ ،‬كما أنه يجنب أخطار مواصلة التنفيذ التي قد تصيب أموال الطالبة بحبسها‬
‫وحجزها وبالتالي تأثيرها على مركزها المالي‪.‬‬
‫وبعد أن بين األمر اإل ستعجالي أعاله طبيعة الطلب الرامي إلى إيقاف إجراءات التحصيل‬
‫باعتباره طلبا وقتيا بطبيعته وهو ما يفسر توفر حالة االستعجال‪ ،‬جاء في الحيثية الموالية ما يوضح‬
‫توفر عنصر اإلستعجال كشرط إليقاف التنفيذ بقوله‪" :‬وحيث اتضح لنا من ظاهر الوثائق المدلى‬
‫بها في الملف أن الحجز قد يصيب كافة منقوالت األصل التجاري المملوك للشركة الطالبة وهو‬
‫ما قد يصيبها بشلل تام نتيجة فقدها لكل عناصره المادية في حالة مواصلة إجراءات الحجز والبيع‪.‬‬
‫األمر الذي قد يترتب عنه عواقب وخيمة يصعب تداركها بعد التنفيذ سيما وأنها تدعي عدم‬
‫مديونيتها للصندوق المدعى عليه‪ ،‬مما يستدعي من التصريح بإيقاف إجراءات التحصيل مؤقتا‬
‫إلى حين الفصل في دعوى االستحقاق"‪.‬‬
‫كما صدر عن نفس المحكمة اإلدارية أمرا‪ 3‬إستعجاليا جاء فيه "حيث يرمي الطلب إلى إيقاف‬
‫إجراءات التحصيل ورفع الحجز على الرصيد البنكي للعارضة لدى التجاري وفابنك‪.‬‬
‫وحيث يتبين من ظاهر المستندات المرفقة بالمقال أنه صدر أمر باستخالص الرسوم الجمركية‬
‫موضوع طلب اإليقاف وذلك عن طريق اإلشعار للغير الحائز الذي يعتبر إجراء من إجراءات‬
‫االستخالص الجبري يجعل المدعية مهددة في أية لحظة بإستخالص تلك المبالغ‪ ،‬الشيء الذي‬

‫‪ - 1‬حسن صحيب‪"،‬القضاء االداري المغربي"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية‪-‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬عدد ‪ ، 80‬الطبعة ‪ ،2008‬ص ‪.542‬‬

‫‪ - 2‬أمر رئيس إدارية الدار البيضاء رقم ‪ 991‬بتاريخ ‪ ،2004/8/5‬أورده حسن العفوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ - 3‬أمر رئيس إدارية البيضاء‪ ،‬ملف عدد ‪ 2006/6‬بتاريخ ‪ ،2006/2/7‬غير منشور‪.‬‬

‫‪122‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫يجعل حالة االستعجال متوافرة في النازلة والمتمثلة في التأثير السلبي على الرواج التجاري المتمثل‬
‫في استيراد أجهزة تلفاز ‪ 14‬و‪ 21‬بوصة من دولة الصين"‪.‬‬
‫وخالصة القول البد لمنح إيقاف التنفيذ من توفر الشرطين معا وأن يثبت الملزم أن أداء الضريبة‬
‫قد يسبب أضرارا يصعب تداركها وذلك من خالل التحقيق في طبيعة الضرر ومداه‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تطبيقات إيقـاف تـنفيـذ إجــراءات المتابعة‬
‫يتميز العمل القضائي في المادة الضريبية بخصوص اإليقاف بتداخل العديد من النصوص‬
‫القانونية التي أسهمت في توسيع مجال تطبيقه ليشمل العديد من المحاكم‪.‬‬
‫فالمالحظ من إستقراء العمل القضائي في المادة الضريبية‪ 1‬حول المنازعات المتعلقة بدرجات‬
‫التحصيل الجبري للدين العمومي سواء أمام القضاء االستعجالي أو قضاء الموضوع تبين أن‬
‫متابعة الخزينة للمدين بالدين العمومي يطرح إشكاليات عديدة خصوصا فيما يتعلق بالحجز على‬
‫األصل التجاري أو الحجز على العقار(أوال)‪ ،‬أو تطبيق مسطرة اإلكراه البدني (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬إيـــقـــاف تـــنـفــيـذ الـحــجــز الضــريـبــي‬
‫إذا كان الحجز على المنقوالت وبالتبعية طلبات إيقافه ال يثير إشكاالت من حيث اختصاص‬
‫القضاء اإلداري بالنظر في دفوعات المدين المتعلقة بعدم مشروعية الحجز الضريبي ومن تم طلب‬
‫إيقافه بناءا على منطوق المادة ‪ 141‬من مدونة تحصيل الديون العمومية المحال عليها بمقتضى‬
‫المادة ‪ 45‬من نفس القانون وهذا ما أكدته إدارية مكناس‪ ،2‬حيث أمر رئيس المحكمة بقبول طلب‬
‫المدعية والرامي إلى إيقاف إجراءات الحجز التنفيذي على منقوالتها من أجل إستخالص ديون‬
‫مختلفة في اسم المكري بإعتبارها أجنبية عن النزاع القائم بين صاحب المحل وقباضة مكناس"‪.‬‬
‫فاإلشكال الحقيقي في هذا اإلجراء يثور بخصوص حجز العقار واألصل التجاري فرغم‬
‫تنصيص المادة ‪ 141‬من مدونة تحصيل الديون العمومية على إسناد البت في النزاعات الناشئة‬
‫عن تطبيق أحكام هذا القانون إلى المحاكم اإلدارية‪ ،‬إال أن هذه المادة اصطدمت ببعض المقتضيات‬
‫المتعلقة باختصاص المحاكم اإلبتدائية والتجارية‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد قصري‪" ،‬إيقاف التنفيذ للدين العمومي أمام القضاء االستعجالي"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ - 2‬أمر رئيس إدارية مكناس رقم ‪ 8 / 2005/334‬ش‪ ،‬ملف رقم ‪ 8/2005/58‬ش‪ ،‬تاريخ ‪ 2005/10/13‬غير منشور‪.‬‬

‫‪123‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫فإحالة مدونة التحصيل على قانون المسطرة المدنية أثارت خالفا قانونيا حول تحديد رئيس‬
‫المحكمة المختص بإيقاف تنفيذ الحجز على العقار موضوع المتابعة الضريبية‪ ،‬هل هو رئيس‬
‫المحكمة االبتدائية أم رئيس المحكمة اإلدارية‪ ،‬مادام أن المادة ‪ 45‬من مدونة التحصيل التي تتيح‬
‫للمدين حق التعرض على حجز العقار لم تحدد الجهة القضائية التي لها صالحية النظر في هذا‬
‫التعرض؟‬
‫وفي هذا اإلطار عرض على أنظار القضاء االستعجالي بالمحكمة اإلدارية بفاس‪ ،‬قضية كان‬
‫فيها الطالب قد تقدم بطلب إستصدار أمر بإيقاف بيع العقار المحجور حجزا تنفيذيا بملف الحجز‬
‫العقاري الجاري مسطرة بيعه أمام المحكمة‪ ،‬لغاية البت في الدعوى المعروضة على قضاء‬
‫‪1‬‬
‫موضوع المحكمة اإلدارية المستمد من تقادم المطالبة بالدين العمومي وقد سن أمر إدارية فاس‬
‫في هذا الشأن قاعدة ترتبت عنها النتائج التالية‪:‬‬
‫‪ ‬حجز العقار حجزا تنفيذيا الستخالص الدين العمومي مما يختص به القضاء العادي‪.‬‬
‫‪ ‬الطعون المتعلقة باإلجراءات الموالية للحجز سواء كانت موضوعية أو إستعجالية مما يختص‬
‫به القضاء العادي دون اإلداري‪.‬‬
‫‪ ‬إجراءات التحصيل الجبري السابقة على الحجز من توجيه إشعار بدون صائر وتبليغ اإلنذار‬
‫القانوني عالوة على إدعاء التقادم مما يختص بالبت في العيوب المتارة والمطالبة ببطالنها أمام‬
‫القضاء اإلداري‪.‬‬
‫‪ ‬إيقاف تنفيذ بيع العقار المحجوز لإلخالالت التي شابت إجراءات التحصيل السابقة على الحجز‬
‫مما يختص به القضاء اإلداري االستعجالي‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فقد تضمنت مدونة تحصيل الديون العمومية إحالة تتعلق هذه المرة بما ورد‬
‫في المادة ‪ 68‬التي نصت على ما يلي‪" :‬يتم تنفيذ حجز األصول التجارية وبيعها وفق الشروط‬
‫واألشكال المنصوص عليها في القانون رقم ‪ 95/17‬المتعلق بمدونة التجارة‪.‬‬
‫في هذا الصدد يتم التساؤل عن من له الحق واالختصاص للنظر في طلبات إيقاف حجز األصل‬
‫التجاري موضوع المتابعة الضريبية‪ .‬خاصة وأن المادة ‪ 11‬من مدونة التجارة تنص على أن‬
‫المنازعات المتعلقة باإلجراءات التحفظية تعرض على المحاكم التجارية فهل يفيد ذلك أن المحاكم‬

‫‪ - 1‬أمر رئيس المحكمة اإلدارية بالملف االستعجالي ‪41‬س‪ ،2004/‬أشار إليه محمد قصرى‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.60‬‬

‫‪124‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫اإلدارية ممنوعة من البت في النزاعات التي تنشأ عن إجراءات حجز األصل التجاري الستخالص‬
‫الدين الضريبي؟‬
‫وهكذا قضت المحكمة اإلدارية لمدينة الدار البيضاء في أمر صادر عنها‪ 1‬جاء فيه " يختص‬
‫قاضي المستعجالت طبقا للمادة ‪ 19‬من قانون رقم ‪ 41.90‬بشأن إحداث المحاكم اإلدارية بالنظر‬
‫في اإلجراءات الوقتية التحفظية‪ ،‬وأن الطلب المتعلق بإيقاف إجراء حجز عناصر مادية ألصل‬
‫تجاري التي يجريها القابض تعتبر من اإلجراءات التي تتضمنها مقتضيات المادة المذكورة متى‬
‫تبين بأن األساس المعتمد عليه في الطلب مبني على أساس‪.‬‬
‫أما الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى فقد ذهبت إلى خلع االختصاص عن المحاكم اإلدارية كلما‬
‫تعلق النزاع بحجز أصل تجاري أو المطالبة بإيقاف تنفيذه‪.2‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إيـــقـــاف تــنـفـيـذ اإلكــراه البــدنـــي‬


‫حددت مدونة تحصيل الديون العمومية المساطر القانونية الستخالص الديون العمومية‪ ،‬مبقية‬
‫بدورها على مسطرة اإلكراه البدني إلجبار الممتنعين عن أدائها عن طريق الزج بهم في السجن‬
‫إن لم يقوموا بعد إنذارهم بأداء ما بذمتهم من ديون عمومية‪.3‬‬
‫فإذا كانت المادة ‪ 141‬من مدونة التحصيل تنص على أن جميع المنازعات التي تنشأ عن تطبيق‬
‫مدونة التحصيل الجديدة مما تختص بالبت فيها المحاكم اإلدارية الموجودة بالمكان الذي تستحق‬
‫فيه تلك الديون موضوع مسطرة االستخالص‪ ،‬وإذا كان القضاء االستعجالي بالمحكمة اإلدارية‬
‫يعتبر جزءا من المحكمة ويستمد إختصاصه من إختصاصها أمكن القول بأن القضاء االستعجالي‬
‫بالمحاكم اإلدارية يختص بالبت في جميع الطلبات المتعلقة بإيقاف إجراءات التحصيل الجبري‬
‫للديون العمومية‪ ،‬بما فيها اإلنذار والبيع واإلكراه البدني مادام أن محكمة الموضوع مختصة بقوة‬

‫‪ - 1‬أمر المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء عدد ‪ 96/33‬بتاريخ ‪ ،1996/04/09‬ورد في مؤلف سعاد بنور‪ .‬العمل القضائي في المادة الجبائية‪ ،‬دار القلم للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الرباط ‪ ،2003‬ص ‪.137‬‬
‫‪ - 2‬قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى رقم ‪ 189‬في الملف عدد ‪ 99/1161‬بتاريخ ‪ ، 2000/11/30‬أشار إليه عبد الرحيم بشكار‪ ،‬إيقاف الدين الضريبي في المنازعة‬
‫الجبائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬الموسم الجامعي ‪ ،2008/2007‬ص ‪.95‬‬
‫‪ - 3‬عبد الرحيم بشكار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬

‫‪125‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫القانون بالبت في جميع المنازعات المتعلقة بمسطرة مباشرة تلك اإلجراءات‪ ،‬وبالتالي يكون‬
‫القضاء االستعجالي للمحكمة اإلدارية مؤهال للبت في طلبات إيقاف مسطرة اإلكراه البدني‪،‬‬
‫باستثناء الحالة المتعلقة بتحديد مدة اإلكراه البدني التي استثناها المشرع من إختصاصه ومنحها‬
‫لرئيس المحكمة االبتدائية عمال بمقتضيات الفصل ‪ 80‬من القانون رقم ‪.15.97‬‬
‫وهكذا جاء في أمر رئيس المحكمة اإلدارية بفاس‪ 1‬وهو يقضي باإليقاف المؤقت لتنفيذ مسطرة‬
‫اإلكراه البدني‪.‬‬
‫"حيث إنه أمام المنازعة الجدية في مسطرة التبليغ وأمام عدم وضوح سالمة هذه المسطرة‬
‫بشكل ال غبار عليه وتفاديا لتنفيذ اإلكراه البدني رغم ما قد يشوبها من عيوب تؤدي بقضاء‬
‫الموضوع إلى التصريح ببطالنها‪ ،‬وما قد ينتج عن ذلك من صعوبة تدارك األضرار الناتجة عن‬
‫تنفيذ هذه المسطرة خاصة وأن األمر يتعلق بحرية اإلنسان‪ ،‬فإننا قدرنا أن طلب تأجيل تنفيذ مسطرة‬
‫اإلكراه البدني مبرر علما بأن تأجيل هذه المسطرة ال يغل يد القابض عن سلوك مساطر التنفيذ‬
‫األخرى كالحجز والبيع من أجل تحصيل الديون العمومية في إطار الشروط القانونية المعمول‬
‫بها"‪ :‬وهو نفس المنحى أكدته الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪.2‬‬
‫إال أن اإلشكالية المطروحة على مستوى هذا اإلجراء تتمثل في تحديد الدور الذي يملكه القاضي‬
‫اإلداري في إيقاف تنفيذ اإلكراه البدني وخاصة وأن المادة ‪ 34‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫أخضعت مسطرة اإلكراه البدني للفصول ‪ 675‬و‪ 687‬من قانون المسطرة الجنائية ‪:‬‬
‫‪ ‬أي هل يكون رئيس المحكمة اإلدارية مختصا بإيقاف مسطرة تنفيذ اإلكراه البدني حتى ولو‬
‫كان المعني باألمر معتقال؟‬
‫وفي هذه اإلطار صدر أمر عن رئيس المحكمة اإلدارية بوجدة‪ 3‬قضى بعدم إختصاصه نوعيا‬
‫بالبت في طلب إيقاف مسطرة تنفيذ اإلكراه البدني باعتبار المدين معتقال في إطار تنفيذ اإلكراه‬
‫البدني وأن النص الواجب التطبيق هو الفصل ‪ 683‬من قانون المسطرة الجنائية الذي يعطي‬
‫االختصاص لرئيس المحكمة االبتدائية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أمر رئيس إدارية فاس في الملف رقم ‪ ،2001/91‬بتاريخ ‪ ،2002/2/6‬أشار إليه حسن العفوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ -2‬قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد ‪ 713‬بتاريخ ‪ 2001/12/6‬بالملف عدد ‪ ،2001/1/4/1282‬أشار إليه حسن العفوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ - 3‬أمر رئيس إدارية وجدة بالملف ‪ 2000/100‬س‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2000/10/24‬أشار إليه حسن العفوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬

‫‪126‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وعلى خالف ذلك ذهب رئيس المحكمة اإلدارية‪ 1‬بفاس إلى القول باختصاص رئيس المحكمة‬
‫اإلدارية للبت في طلب إيقاف تنفيذ مسطرة اإلكراه البدني ولو كان المعني باألمر في حالة اعتقال‬
‫تنفيذا لإلكراه البدني معلال موقفه فيما يلي‪ ":‬حيث إن هذا الطلب وإن كان يتعلق بنظر في مشروعية‬
‫االعتقال التي يرجع فيها األمر صراحة إلى رئيس المحكمة االبتدائية بمقتضى المادة ‪ 683‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية فإن أسباب الطلب تنبني على ما نسب إلى الخزينة العامة من خرق‬
‫لمقتضيات ظهير ‪ 1935/8/21‬المتعلق بطرق إستيفاء ديون الدولة ومستحقاتها والمتابعات‬
‫والمطالبات الضريبية‪ .‬وبغض النظر عن اإلشكاالت المتعلقة بمدى صالحية قاضي المستعجالت‬
‫اإلداري في توجيه األمر للنيابة العامة من أجل إطالق سراح المدين المعتقل فإن هناك اتجاها‬
‫يرى أن مقتضيات المادة ‪ 683‬من قانون المسطرة الجنائية التي تستند االختصاص لرئيس‬
‫المحكمة االبتدائية فيما يتعلق بالمنازعة في صحة إجراءات اإلكراه البدني‪ ،‬أصبحت متجاوزة‪،‬‬
‫وتم نسخها ضمنيا بمقتضى القانون رقم ‪ ،97-15‬وأن ال مانع يمنع الملزم من طلب إيقاف‬
‫إجراءات اإلكراه البدني‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حــدود وأفــاق القــضـاء اإلداري‬
‫رغم أهمية االختصاص للعمل القضائي في دعوى المنازعة الضريبية سواء في إطار مسطرة‬
‫الوعاء أو التحصيل‪ ،‬أو في إطار القضاء اإلستعجالي لوقف تنفيذ الحجز الضريبي‪ ،‬فان هذه‬
‫السلطات الواسعة للقاضي اإلداري تعرف عدة قيود تحد من فعالية تدخله‪ ،‬و بالتالي هناك نقط‬
‫تعتبر عائقا لتدخل القضاء اإلداري في النزاع الضريبي‪ ،‬تتجلى في طبيعة تكوين القاضي اإلداري‬
‫الذي يغلب عليه الطابع المدني‪ ،‬مما يؤثر على جودة االحكام من حيث التحرير والتعليل‪ ،‬وإستعانة‬
‫القضاء اإلداري بالخبرة في المجال الضريبي‪ ،2‬ومن اإلكراهات التي تعيق اإلجتهاد القضاء‬
‫اإلداري في المادة الضريبية إشكالية تنفيذ االحكام الصادرة ضد اإلدارة الضريبية‪.‬‬
‫وهناك من نادى بإمكانية حل النزاع الضريبي عبر أليتي الصلح والتحكيم‪ ،‬وجانب أخر رفض‬
‫فكرة حل النزاع عبر الوسائل البديلة‪ ،‬نظرا للمس بالسيادة وإرتباط المنازعات الضريبية بالنظام‬
‫العام‪ ،‬ومنه سنحاول إبراز في (المطلب االول) بعض االكراهات المعيقة لتدخل القضاء اإلداري‬

‫‪ - 1‬أمر رئيس إدارية فاس عدد ‪ 132‬بتاريخ ‪ 13‬نونبر ‪ 2000‬منشور في المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،36‬ص ‪.112‬‬
‫‪ - 2‬عبد الكريم حضيرة‪ ،‬سلطات القاضي االداري في المادة الجبائية‪ ،‬مقال منشور بمجلة دفاتر الحكامة‪ ،‬العدد‪ ،2/‬دجنبر ‪ ،2015‬ص‪.205‬‬

‫‪127‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫في المنازعة الضريبية‪ ،‬ثم سنخصص (المطلب الثاني) للحديث عن آليتي الصلح والتحكيم و مدى‬
‫إمكانية تسوية النزاع الضريبي عبرهما‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إكراهات القاضي اإلداري في المنازعة الضريبية‬
‫سنحاول مقاربة معيقات تدخل القاضي اإلداري المغربي في منازعات الضريبية عبر مسطرتي‬
‫الوعاء والتحصيل من خالل ضعف تكوين في المادة الضريبية وإستعانته المكثفة بالخبرة (الفقرة‬
‫االولى)‪ ،‬وكما سنقوم بالوقوف على االكراهات االجرائية لرفع الدعوى مع تحليلنا إلشكالية تنفيذ‬
‫االحكام الصادرة ضد اإلدارة الضريبية (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحدود المرتبطة بالقاضي اإلداري‬
‫من المعلوم أن المعهد العالي للقضاء وشروط الولوج إليه‪ ،‬تفترض الحصول على اإلجازة في‬
‫القانون الخاص مما يؤدي إلى غلبة التكوين المدني والخاص على قضاة المستقبل‪ ،‬خاصة بعد‬
‫تعتر تجربة قبول طلبة القانون العام (أوال)‪ ،‬كما أن القانون الضريبي يتميز بالتشتت والغموض‪،‬‬
‫وصعوبة ضبط الجوانب التقنية والمحاسبية له إال من طرف المتخصصين في المجال‪ ،‬وغياب‬
‫التكوين المستمر للقضاة‪ ،‬كل هذه العوامل وغيرها تنعكس بشكل سلبي على العمل القضائي في‬
‫المادة الضريبية وعلى جودة األحكام الصادرة‪(1‬ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحدود المرتبطة بالقاضي المدني‬


‫من اإلكراهات التي يعاني منها القاضي اإلداري محدودية التكوين في المادة الضريبية‪ ،‬ليس‬
‫من حيث المساطر واإلجراءات التي تتقاسم فيها المادة الضريبية مع المواد األخرى‪ ،‬بل من حيث‬
‫التخصص الفني والتقني المفترض لإللمام التام بالنازلة الضريبية‪ ،‬ويتجلى في تكوينه المدني‬
‫الصرف داخل المعهد العالي للقضاء وتأثير ذلك على حسمه في جوهرها‪ ،‬األمر الغاية في األهمية‬
‫الضريبية‪.‬‬ ‫المنازعة‬ ‫ألطراف‬ ‫بالنسبة‬
‫فالفقه اإلداري أجمع على كون القانون الضريبي يتميز باالستقاللية عن القانون المدني والقواعد‬

‫‪ - 1‬نجيب البقالي‪ ،‬حدود العمل القضائي في المادة الجبائية‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء المدني‪ ،‬سلسلة دراسات و أبحاث‪ ،‬العدد‪ 7/‬الجزء االول‪ ،‬المنازعات‬
‫الضريبية و تحصيل الديون العمومية‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪128‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الخاص‪.1‬‬ ‫القانون‬ ‫قواعد‬ ‫وليس‬ ‫العام‬ ‫القانون‬ ‫قواعد‬ ‫وهي‬ ‫التطبيق‪،‬‬ ‫الواجبة‬
‫كما أن ضعف تكوين القضاة في المادة الضريبية‪ ،‬والتغيرات التي تعرفها القوانين الضريبية سنويا‬
‫تجعل القضاة غير قادرين على مسايرة التطورات والتعديالت التي تعرفها‪ .2‬وأيضا نظرا ألن‬
‫القانون الضريبي يتميز بالدقة والتعقد والتقنية مما يزيد من صعوبة القاضي في ضبطه وإستيعاب‬
‫فلسفته القانونية‪.‬‬
‫ويعمق هذا األمر تطبيق قواعد المسطرة المدنية في اإلجراءات أمام المحاكم اإلدارية عن طريق‬
‫اإلحالة المنصوص عليها في المادة ‪ 7‬من القانون ‪ 41/90‬على قانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬كما‬
‫يبرز التكوين المدني للقاضي اإلداري غموض بعض االحكام القضائية‪ ،‬فكثيرا ما كان يؤدي‬
‫غموض النصوص الضريبية وصعوبة فهمها إلى اعتماد القضاء على قواعد القانون المدني‬
‫مستعمال سلطته في التفسير التي ال تختلف بشيء عن تلك المستعملة في إطار المنازعة العادية‪،‬‬
‫والحقيقة أن هذا التوجه قد يتناقض مع بعض المبادئ التي يقوم عليها القانون الضريبي‪ .‬والتي‬
‫تقوم على مبادئ تختلف عن مبادئ القانون المدني‪ ،‬وما يعكس التكوين المدني للقاضي هو المباراة‬
‫التي تعلن عنها وزارة العدل و التي تفتح في وجه حاملي االجازة في القانون الخاص‪ ،3‬أو في‬
‫الشريعة االسالمية‪ ،‬مع ضرورة احترام الشروط العامة للوظيفة من حيث الجنسية و التمتع‬
‫بالحقوق الوطنية ويجب أال يقل سنه عن ‪ 21‬سنة ‪.4‬‬
‫و رغم أهمية التكوين الذي يتالقاه القاضي خالل فترة تدريبه داخل المعهد العالي للقضاء يظل‬
‫مقتصرا على الشق المدني دون تلقي القاضي المتدرب دروسا نظرية في المادة الضريبية‪ ،‬و‬
‫بالتالي يتخرج قضاة ليس لديهم دراية كافية بكيفية فرض الضريبة وال احتسابها وال االعفاءات‬
‫الممنوحة للمستثمرين وهو ما يأثر سلبا على جودة االحكام القضائية المتعلقة بالمجال الضريبي‪.5‬‬

‫‪ - 1‬نجيب البقالي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.35‬‬


‫‪2-soith faycal, le contentieux de l’impôt des patentes mémoire de D.E.S.A année universitaire 2000-2001, agdal rabat.‬‬
‫‪ - 3‬إستثناء من هذه القاعدة تم سنة ‪ 2000‬فتح مباراة الملخقين القضائيين في وجه طلبة االجازة في القانون العام‪ ،‬إال أن هذه البادرة كانت جد محمودة‪ ،‬حيث همت‬
‫‪ 12‬قاضيا بالفوج ‪ 30‬ولم تتكرر بعد‪.‬‬
‫‪ - 4‬يترتب عن هذا الشرط ممارسة بعض القضاة لمهامهم وهم في سن ‪ 23‬فقط‪ ،‬وكان من األجدر رفع سن المباراة إلى ‪ 30‬سنة مع اشتراط التجربة في الميدان‬
‫القانوني والحصول على شهادة التفوق في اإلجازة‪.‬‬
‫‪ - 5‬نجيب البقالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.37‬‬

‫‪129‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫فقبل إنشاء المحاكم اإلدارية صدر قرار عن محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 22‬مارس‬
‫‪:‬‬ ‫يلي‬ ‫ما‬ ‫فيه‬ ‫جاء‬ ‫والذي‬ ‫)‬ ‫‪88-77‬‬ ‫إداري‬ ‫(ملف‬ ‫‪1990‬‬
‫” حيث أن الفصل ‪ 62‬من ق‪.‬ل‪.‬ع يقضي بأن اإللتزام المبني على سبب غير مشروع يعتبر كأن‬
‫لم يكن‪ ،‬وأن السبب يعتبر غير مشروع إذا كان مخالفا لألخالق الحميدة أو النظام العام‪،‬‬
‫وحيث أن األموال التي يمكن أن تجبى من بيوت الدعارة ال يمكن اعتبارها ربحا خاضعا للضريبة‬
‫مشروع‪.‬‬ ‫غير‬ ‫فيها‬ ‫االلتزام‬ ‫محل‬ ‫ألن‬
‫التالية‪:‬‬ ‫لالعتبارات‬ ‫به‬ ‫التسليم‬ ‫يمكن‬ ‫ال‬ ‫الموقف‬ ‫هذا‬ ‫أن‬ ‫والحقيقة‬
‫• لم يراع ذاتية القانون الضريبي والذي ال يهتم بشرعية الفعل بقدر ما يهتم بموضوع الربح‪ ،‬فمتى‬
‫الضريبة‪.‬‬ ‫وعاء‬ ‫وجد‬ ‫الربح‬ ‫تحقق‬
‫• ظهير ‪ 1959‬المتعلق بالضريبة على األرباح المهنية‪ ،‬موضوع المنازعة في هذا القرار‪ ،‬ال‬
‫يوجد به نص يحرم صراحة إخضاع األموال التي يكون محل االلتزام فيها غير مشروع‪.‬‬
‫• إستناد المحكمة إلى المادة ‪ 62‬من ق‪.‬ل‪.‬ع وهو قانون يطبق على االلتزامات العادية بين أطراف‬
‫متساوية في الحقوق وااللتزامات‪ ،‬في حين أن االلتزام الضريبي مصدره القانون العام‪.1‬‬
‫يتضح بشكل جلي أن ضعف تكوين القاضي اإلداري في المادة الضريبية يجعله مياال العتماد‬
‫قواعد القانون الخاص‪ ،‬بالرغم من خصوصية القانون الضريبي وإستقالله عن باقي فروع القانون‬
‫الخاص والعام األخرى‪ ،‬وهذه اإلشكالية ال زالت مطروحة وترتبط أشد االرتباط بقاعدة إستقاللية‬
‫القانون الضريبي أو إندماجه في المنظومة القانونية كباقي فروع القانون األخرى أو بطبيعة‬
‫خاصة‪.‬‬
‫لكن في ظل التطورات االقتصادية التي أصبحت تعرفها بالدنا‪ ،‬أصبحنا نالحظ إنفتاح القانون‬
‫الضريبي على باقي فروع القانون االخرى وخاصة القانون الخاص‪ ،‬لتأويل النص الضريبي‪،‬‬
‫وأصبح القضاء اإلدار ي يعتمد بشكل مكثف على الخبرة لتوضيح بعض االشكاالت أو لتفسير‬
‫بغض الغموض‪ ،‬بل إنها في بغض الحاالت أصبحث تحل محل القاضي الضريبي في الحسم‬
‫النزاع‪.‬‬

‫‪ - 1‬سعاد بنور‪ ،‬العمل القضائي في المادة الجبائية‪ ،‬دراسة تحليلية قانونية فقهية وقضائية مع أحدث االجتهادات القضائية‪ ،‬مطبعة دار القلة الرباط‪ ،‬الطبعة االولى‬
‫‪ ،2003‬ص‪.150‬‬

‫‪130‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ثانيا‪ :‬اإلعـتماد المكثف القاضي اإلداري للخبرة‬


‫محدودية تكوين القاضي اإلداري في المادة الضريبية يجعله ملزما في العديد من الحاالت‬
‫بإنتداب الخبير ليحل التعقيدات التقنية ذات الطبيعة المحاسبية‪ ،‬خاصة وأن القاضي ملزم بالبث‬
‫فيما أحيل إليه من القضايا بالرغم من اإلكراهات التي قد يتعرض إليها‪ ،‬وإال اعتبر وفقا للقانون‬
‫للعدالة‪.‬‬ ‫ناكرا‬ ‫الجنائي‬
‫لكن مع ذلك فإن الخبرة تلعب دورا بالغ األهمية في العمل القضائي كوسيلة تحقيق‪ ،‬وقد نظم‬
‫المشرع المغربي الخبرة بقتضى الفصول من ‪ 59‬إلى ‪ 66‬من قانون المسطرة المدنية وعرفت‬
‫الفصول المنظمة للخبرة بموجب القانون ‪ ،185.00‬والقاضي له الحق في انتداب الخبراء في‬
‫المسائل التقنية والفنية لمساعدته على تكوين قناعته‪ ،‬لكن دراسة العمل القضائي للمحاكم اإلدارية‬
‫‪:‬‬ ‫منها‬ ‫أخرى‬ ‫حقائق‬ ‫يؤكد‬ ‫بالمغرب‬
‫أن المحاكم تقضي بالخبرة حتى في المسائل القانونية‪ ،‬فقد جاء في قرار للمحكمة اإلدارية بوجدة‬
‫‪:‬‬ ‫يلي‬ ‫ما‬
‫"إن تمسك أحد األطراف بعدم مس ك دفاتر تجارية منتظمة ال يغل يد القاضي عن االستعانة بأهل‬
‫الخبرة عند وجود أمور تقنية محاسبتية ضريبية يصعب على المحكمة الكشف عنها‪ ،‬وبذلك يجوز‬
‫إسناد القضاء للخبراء بمأمورية البحث عن النص القانوني الواجب التطبيق متى وجدت حالة‬
‫"‪.2‬‬ ‫معينة‬ ‫قانونية‬ ‫مادة‬ ‫في‬ ‫وكثرتها‬ ‫القوانين‬ ‫تشعب‬
‫لكن ال يجب التذرع بتعقد المادة الضريبية للحكم بالخبرة‪ ،‬فكل تقنية تحكم المادة الضريبية هي‬
‫أيضا في جانب آخر مؤطرة بقاعدة قانونية‪ ،‬يفترض في القاضي العلم بها‪ ،‬واإللمام بها لكونها‬
‫به‪.‬‬ ‫العلم‬ ‫يفترض‬ ‫الذي‬ ‫القانون‬ ‫صميم‬ ‫في‬ ‫تدخل‬
‫بل إن رأي القاضي اإلداري حول الخبرة يذهب بعيدا حد الشعور بضرورتها حتى يجزم في أحد‬
‫األحكام " ألن إجراء الخبرة تقنية ضرورية "‪ ،‬وفي بعض األحيان من خالل أحكام عدة تقترن‬
‫هذه الضرورة بموضوعية عدم القدرة على الحسم في الدعوى الضريبية في غياب الخبير‪ ،‬وذلك‬

‫‪ - 1‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،6648‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬يناير ‪ ،2001‬ص ‪.233‬‬


‫‪ - 2‬حكم بتاريخ ‪ 1999/5/5‬في الملف رقم ‪ 1/8‬عدد ‪ 99/85‬ذكره إبراهيم أحطاب بمقال بعنوان" إشكالية الخبرة في المادة الجبائية "‪ ،‬دفاتر المجلس االعلى‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،2005/8‬ص ‪.277‬‬

‫‪131‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫حينما يقتنع القاضي أن " المحكمة ال تتوفر على العناصر الكافية للبث في النازلة خاصة أن األمر‬
‫يتطلب تقنيات وعمليات حسابية دقيقة …"‪.1‬‬
‫أضف إلى ذلك أن هناك بعض األوامر التمهيدية ال تحدد مهمة الخبير بشكل دقيق أو أنها تسند‬
‫إلى خبير غير مؤهل للقيام بها ال يمكن أن ينتج عنه إال صياغة تقرير وصفي‪ ،‬ال يفيد المحكمة‬
‫في شيء أمام تزايد رفض الخبراء المؤهلين عمليا إسناد مهام الخبرة إليهم‪ ،‬مع أن أسماءهم مدرجة‬
‫في جدول الخبراء‪.2‬‬
‫كما أن بعض األوامر التمهيدية ال تحترم التخصص في تعيين الخبراء مما يترتب عنها نتائج‬
‫سلبية من حيث المس بمصداقية األحكام واإلضرار بمصالح المتقاضين‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك هناك بعض الممارسات الألخالقية ( كالرشوة و المحسوبية…) يقوم بها بعض‬
‫الخبراء لفائدة الملزم تنعكس سلبا على العمل القضائي في المادة الضريبية وعلى حقوق الخزينة‪.‬‬
‫واألخطر ما في األمر هو المصادقة على أغلب التقارير المنجزة من طرف الخبراء عندما تكون‬
‫بذلك‪.‬‬ ‫ملزمة‬ ‫غير‬ ‫المحكمة‬ ‫أن‬ ‫من‬ ‫بالرغم‬ ‫قانونا‬ ‫المطلوب‬ ‫للشكل‬ ‫محترمة‬
‫ودون مناقشة المآخذ المقدمة من طرف الدفاع‪ ،‬علما أن الحكم الذي ال يجيب على الدفوعات يكون‬
‫معرضا لإلبطال لمسه بحقوق الدفاع ولكونه ناقص التعليل الموازي النعدامه‪ ،‬ومثال على ذلك‬
‫الحكم الصادر عن إدارية البيضاء بتاريخ ‪ " 1999-9-8‬حيث أن الخبرة مستوفية لسائر شروطها‬
‫الشكلية والموضوعية ال يسع المحكمة إال المصادقة عليها لكونها مطابقة للمادة ‪ 63‬من قانون‬
‫المدنية "‪.3‬‬ ‫المسطرة‬
‫بستثناء قلة منها قد يشكك القاضي اإلداري في الخبرة المأمور بإجرائها في الحكم التمهيدي‪،‬‬
‫األول‪.‬‬ ‫محل‬ ‫آخر‬ ‫خبيرا‬ ‫فينتدب‬
‫ومنه يتضح أن سلطة فض المنازعات الضريبية قد عرفت انسيابا من القاضي إلى الخبير الذي‬
‫أصبح هو الحاكم الفعلي والمقرر الحقيقي في ملفات المنازعات الضريبية أمام القضاء اإلداري‪،‬‬
‫وتحولت الخبرة من وسيلة تحقيق كما نص على ذلك قانون المسطرة المدنية‪ ،‬إلى وسيلة إتباث‬
‫قوية‪.‬‬

‫‪ - 1‬نجاة العماري‪ ،‬المنازعات الضريبية‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه في الحقوق‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية الدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص‪.201‬‬
‫‪ - 2‬محمد الهيني‪" ،‬إشكالية الخبرة في المادة المدنية"‪ ،‬مجلة االشعاع عدد ‪ 24‬دجنبر ‪ ،2001‬ورد عن إبراهيم الخطاب مرجع سابق‪ ،‬ص‪.279‬‬
‫‪ - 3‬حكم صادر عن إدارية البيضاء‪ ،‬رقم الملف ‪ ،99/7/1713‬ذكره ابراهيم الخطاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.279‬‬

‫‪132‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ويرجع ذلك إلى ضعف التكوين الذي يعاني منه القاضي الضريبي في المادة الضريبية ومن تمة‬
‫يتعين على القضاة بدل مجهود كبير لتجاوز هذا النقص وهذا التقصير‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحدود اإلجرائية للمنازعة الضريبية‬


‫تتجلى الصعوبات االجرائية في بعض الشروط الشكلية التي يتعين على المستثمر‪/‬الملزم‪ ،‬أن‬
‫يستجيب لها تحت طائلة عدم قبول دعواه‪ ،‬ومميزات هذه الشروط أنها قد تكون تعجيزية بالنسبة‬
‫لبعض المستثمرين الذين يفضلون االلتجاء إلى التسوية كما هو معمول به في المنازعات الجمركية‪،‬‬
‫على عكس االمر كان على المشرع أن ينهج أسلوب المرونة في اشتراطه لهذه المنازعات لنظرا‬
‫للدور الكبير الذي يحظى به االستثمار في تنمية عجلة االقتصاد‪ ،‬و من بين هذه الشروط‪ ،‬نجد ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إشتراط الترافع بواسطة المحامي‬
‫تعتبر مهنة المحامات مهنة حرة تشارك القضاء في تحقيق العدالة وفي كفالة حق الدفاع عن‬
‫حقوق المو اطنين سواء المحليين أو االجانب‪ ،‬فالمحامي خير عون للقاضي على إظهار الحجج و‬
‫صراع اآلراء ويساهم في تجنيبه الكثير من المشقة‪.1‬‬
‫و إذا كان المشرع من خالل اشتراطه الترافع بواسطة محام فقد راعى مصلحة القاضي و‬
‫منخرطي المهنة بالخصوص‪ ،‬فإن ذلك ال يجب أن يكون على حساب مصلحة المتقاضي‪ ،‬فهناك‬
‫العديد من المتقاضين يتوفرن على مستوى ثقافي وقانوني عال‪ ،‬عندما يرغبون في التقاضي‬
‫يفرض عليهم اللجوء الى المحامي‪ ،‬في الوقت الذي يتطلب ذلك مصاريف باهظة‪.‬‬
‫وهذا يشكل نوع من تقييد في حق التقاضي الذي يقتضي على دولة الحق والقانون تسهيل و تيسير‬
‫حق اللجوء إليه بصرف النظر عن الحالة المادية للملزم‪ ،2‬ففي الوقت الذي كان يفترض في‬
‫المحامي أن يدافع عن مصالح االطراف فان المشرع من خالل هذا الشرط‪ ،‬قد يقيد من حق اللجوء‬
‫الى القضاء اإلداري الذي يعتبر حق يجب إحترامه من قبل حق الدفاع‪.‬‬

‫‪ - 1‬الطيب الفصايلي‪ ،‬الوجيز في القانون القضائي الخاص‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬سنة ‪ ،1999‬ص‪.103‬‬
‫‪ - 2‬جواد لعسري‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتو راه في القانون العام بعنوان "عالقة إدارة الضرائب المباشرة بالملزمين وإنعكساتها"‪ ،‬بكلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية بأكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2002-2001‬ص ‪.245‬‬

‫‪133‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫كما أن إستمرار شرط المؤازرة من طرف المحامي حتى في ظل قانون ‪ 41.90‬يعد إستمرار‬
‫للعيب الذي كانت تعرفه دعوى إلغاء من قبل وسيحد من الطابع الموضوعي لهذه الدعوى‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬إشتراط تقديم الضمانة كعبء إضافي على المستثمر‬
‫تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 117‬من مدونة التحصيل الديون العمومية على "أنه للمدين الذي‬
‫ينازع كال أو بعضا في المبالغ المطالب بها أن يوقف أداء الجزء المتنازع فيه شريطة أن يكون‬
‫قد رفع مطالبته داخل االجال المنصوص عليها في القوانين واالنظمة الجاري بها العمل وأن يكون‬
‫قد كون ضمانات من شأنها أن تؤمن تحصيل الديون المتنازع فيها‪.‬‬
‫فالمادة ‪ 117‬وبعدما أكدت في فقرتها األولى على أن أي مطالبة قضائية او ادارية ال توقف‬
‫إجراءات التحصيل‪ ،‬حاولت في الفقرة الثانية أن تقلل من حدة المقتضى المنصوص عليه في الفقرة‬
‫االولى‪ ،‬وذلك بتمكين الملزم من المطالبة بوقف تنفيذ الجراءات المتعلقة بالتحصيل‪.‬‬
‫فالمشرع أتى بضمانة مهمة لصالح الملزمين بصفة عامة‪-‬المستثمرين بصفة خاصة‪ -‬إذن من‬
‫خالل هذا المقتضى يحق لنا أن نتساءل عن مدى عدالة هذا الشرط أو القيد الذي على الملزم أن‬
‫يستجيب له‪ ،‬لكي يتم االستفادة من وقف االجراءات التحصيل بغاية استمرارية المشروع‬
‫اإلستثماري عند ما نص على وجوب تقديم ضمانة؟‬
‫إن إشتراط الضمانة يجب أن يفهم نية المشرع من ورائه‪ ،‬فهو يرغب في حماية المال العام‬
‫العام من الضياع نتيجة المدة الطويلة التي تستغرقها القضايا عندما تعرض على القضاء‪ ،‬وهذا‬
‫يعد أمرا مهما‪ ،‬على اعتبار أن المصلحة العامة تبقى فوق كل إعتبار‪ ،‬لكن ومع ذلك ينبغي على‬
‫المشرع أن يخضع فكرة تقديم الكفالة لظوابط محددة وتحديد الحاالت التي تستوجب تقديمها‪ ،‬ال‬
‫أن يترك االمر لسلطة المحاسب في ذلك‪ ،‬خصوصا وأن المستثمر غالبا ما يلجأ عند المطالبة‬
‫بوقف إجراءات االستخالص إلى القضاء االستعجالي الذي تعتبر مسألة الزمن مسألة جوهرية‬
‫فيه‪ ،2‬وأن حقوق المستثمر في هذه الحالة تكون مهددة مما يتطلب التدخل المباشر للقضاء دون أية‬
‫عراقيل‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الفتاح بلخال‪ ،‬المشروعية الجبائية والحماية القضائية لها في ظل الدستور المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتواه في القانون العام‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬عين الشق‬
‫كلية الحقوق الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2001-2000‬‬
‫‪ - 2‬والغريب في االمر أن المشرع منح السلطة التقديرية للمحاسب في الفقرة االخيرة من المادة ‪ 117‬من مدونة تحصيل العمومية لتقدير مدى إمكانية كفاية الضمانة‬
‫ولم يكتفي بانظر في مدى وجودها أو ال‪.‬‬

‫‪134‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وإذا كان البعض يرى بان تقديم الضمانة يعتبر من القواعد االمرة وبالتالي ال يجوز االتفاق‬
‫على مخالفتها لما لها من دور في الحفاظ على ديون الدولة من الضياع‪ ،1‬فإن العمل القضائي‬
‫إستطاع أن يتعامل بنوع مع المرونة مع هذا الشرط‪ ،‬وأوجد بفضل إجتهاده بعض الحاالت التي‬
‫يعفى منها الملزمين من تقديم هذه الضمانة‪.‬‬
‫فمثال‪ ،‬عندما يؤسس الملزم دعواه على أن الدين غير مستحق بفعل التقادم‪ ،‬فإن ذلك يكون‬
‫مبررا اليقاف التنفيذ دون حاجة الى تقديم كفالة وال يخضع االمر هنا للسلطة التقديرية للقاضي‪،2‬‬
‫وفي حالة أخرى ذهبت إدارية أكادير في حكم عدد ‪ 07-06‬بتاريخ ‪ 1997-05-13‬في نازلة‬
‫يدعي فيها الملزم بتمسكه باالعفاء المنصوص عليه في القانون المالي لسنة ‪ 1995‬فان تقديم‬
‫الكفالة بالنسبة إله غير مشروطة‪ ،‬ويمكن القاضي المستعجالت أن يؤجل أداء الضريبة دون إلزام‬
‫المعني باالمر بتقديم الكفالة‪ ،‬كما ذهب القضاء أيضا إلى إفاء من تقديم الكفالة اذا ما أسس الملزم‬
‫دعواه على أساس خرق القانون لألن ذلك يترتب عنه قطع الصلة بين الملزم و األساس الضريبي‪،‬‬
‫مما يجعل تقد يم الكفالة غير مشروط‪ ،‬كما ذهبت الغرفة االدارية في قرارها الصادر في الملف‬
‫رقم ‪ 53‬بتاريخ ‪ 1999-01-25‬في نازلة قابض فاس البطحاء ضد شركة النسيج و الخياطة‬
‫العصرية‪.‬‬
‫و على العموم يمكن القول ان اشتراط الضمانة بنبغي ان يعاج فيه النظر من طرف المشرع‬
‫نفسه‪ ،‬ألنه ومهما تطور االجتهاذ القضائي في هذا المجال‪ ،‬فإنه يبقى عرضة للتغيير والتذبذب من‬
‫محكمة الى اخرى‪ ،‬بل حتى بالنسبة للجهة القضائية الواحدة ‪ ،‬اذ ان الغرفة اإلدارية بالمجلس‬
‫اإل على (محكمة النقض حاليا) سبق لها ان اصدرت قرارا في هذا المجال مخالف للقرارات التي‬
‫تطرقنا اليها أعاله‪ ،‬فقد نصت في إحدى حيثيات قرارهاالى"ان قبول قضاة الموضوع لهذه الضمانة‬
‫رغم عدم توفر شروطها المتطلبة قانونا إليقاف اجراءات المتابعة يعني ان المحكمة خرقت‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 15‬من ظهير ‪ 1935-08-21‬المشار اليه أعاله‪ ،‬وعرضت بالتالي قضاءها‬
‫للنقض"‪ .‬والفصل ‪ 15‬من هذا الظهير هو المقابل للمادة ‪ 117‬من مدونة التحصيل و التي تشير‬
‫الى ضرورة تقديم الضمانة‪.‬‬

‫‪ - 1‬مراد الخروبي‪ ،‬ضرورة تقديم الضمانات لمن ينازع في التحصيل الجبائي أمام المحاكم‪ ،‬مجلة ريمالد‪ ،‬العدد ‪ 26‬يناير‪-‬مارس ‪ ،1999‬ص‪.47‬‬
‫‪ - 2‬قرار الغرفة االدارية عدد ‪ 975‬بتاريخ ‪،1998/10/22‬غير منشورأشار أليه جواد لعسري‪ ،‬قرار عدد ‪ ،2000/11/16‬المنشور لدى محمد قصري في كتابه‬
‫المنازعات الجبائية النتعلقة بربط و تحصيل الضريبة أمام القضاء االداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58‬‬

‫‪135‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫ويمكن القول أن منح المشرع للمستثمرين بصفة خاصة وباقي الملزمين بصفة خاصة امكانية‬
‫ايقاف تنفيذ استخالص الديون العمومية‪ ،‬حيث تعتبر من اهم الضمانات من اجل الدفع الستمرارية‬
‫المشاريع االستثمارية بغية الدفع بالتنمية اإلقتصادية للبلد وعلى تحسين تعامل االدارة مع‬
‫المستثمر‪.1‬‬
‫كما أن القاضي ال يبالغ في مراعاة مدى أداء هذه الضمانات ومدى كفايتها من عدمه‪ ،‬ما دام‬
‫أن هذه المهمة يختص بها المحصلين‪ ،2‬وبالتالي فكلما قبل هذا االخير للضمانات المقدمة امامه‬
‫يجب على القاضي ان ال ينظر في مدى كفايتها أم ال‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أفاق تسوية المنازعات الضريبية في ضوء الوسائل البديلة‬
‫تعتبر الوسائل البديلة لتسوية النزاعات عدالة تصالحية‪ ،‬تقوم على السرعة والمرونة وتعد كذلك‬
‫عدالة إضافية ومكملة للقضاء اإلداري‪ ،‬في حل المنازعات بما فيها المنازعات المرتبطة بالشخص‬
‫العام‪ ،‬والتي تظل محصورة في إختصاص القضاء االداري‪ ،‬وقد عملت جل الدول بما فيها‬
‫المغرب‪ ،‬على مالئمة سياستها التشريعية مع التوجهات ومبادئ العدالة البديلة‪ ،‬حيث قام بتعديل‬
‫لقانون المسطرة المدنية‪ ،3‬وغالبية الفقه الفرنسي‪ 4‬ترى أن الوسائل البديلة كآلية لحل منازعات‬
‫الشخص العام‪ ،‬خصوصا في المجال الضريبي الذي يعتبر من مظاهر سيادة الشخص العام‪،‬‬
‫الزالت فكرة عصية على الفهم‪ ،‬وتعرف عدة تجاذبات بين التشريع والفقه والقضاء بين من يؤيد‬
‫الفكرة بدافع التحوالت االقتصادية التي تعرفها الدول والحاجة إلى تشجيع االستثمارات وحمايتها‪،‬‬
‫وهناك من عارض فكرة خضوع المنازعات الضريبية للتحكيم أو الصلح بدافع أنها إنقاص من‬
‫سلطة اإل دارة في فرض الضريبة وتحصيلها‪ ،‬وقد تم وصف العالقة المنازعة الضريبة بالتسوية‬
‫عبر آلية الصلح والتحكيم‪ ،‬بكونها عالقة صراع دائم وإستحالة التعايش‪ .5‬ومنه سنحاول تناول‬

‫‪ - 1‬محمد النجاري‪ ،‬طلبات إيقاف التنفيذ في ضوء مسطرة إستخالص الديون العمومية‪ ،‬مجلة رامليد‪،‬عدد ‪ ،45-44‬ص ‪.45‬‬
‫‪ - 2‬مصطفى ا لتراب‪ ،‬المحاكم االدارية والصعوبات المثارة على مستوى التطبيق في ميدان المنازعات الجبائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ - 3‬نص المشرع المغربي على الوسائل البديلة في قانون المسطرة المدنية رقم ‪ 05/08‬من الفصل ‪ 306‬إلى ‪.327‬‬
‫ونص على إمكانية تسوية منازعات عقود التدبير المفوض عبر الوسائل البديلة في قانون التدبير المفوض رقم ‪.54/05‬‬
‫وفي القانون المنظم لعقود الشراكة عام خاص‪ ،‬وميثاق االستثمار ‪.18/95‬‬
‫‪4 -JAN ROBERT-APOSTOLOS PATRICKS-DOMINIQUE FOURSSAD-FERNAND COLLAVET.‬‬
‫‪ - 5‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬التحكيم في المواد االدارية و التجا رية و المدنية دراسة ألهم االشكاالت العملية و النظرية وفقا للقانون المغربي و المقارن‪،‬‬
‫منشورات دار االفاق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،2015‬ص‪.144‬‬

‫‪136‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫بالدرس والتحليل في (الفقرة االولى) إمكانية تسوية النزاع الضريبي بواسطة الصلح كإستثناء‬
‫عللى القاعدة ‪ ،‬على أن نحاول مقاربة التحكيم الداخلي للمديرية العامة للضرائب وإبراز موقف‬
‫الفقه المؤيد والمعارض ومبررات كل إتجاه في (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إمكانية الصلح في تسوية المنازعة الضريبية‬
‫يعتبر الصلح أو التصالح أو المصالحة في الميدان الضريبي من أنجع وأنجح الطرق في فض‬
‫المنازعات التي قد تحدث بين الملزم واإلدارة الضريبية‪ ،‬تمكنهما معا من تجاوز المشاكل وتجنب‬
‫المعوقات وربح الوقت وتخفيف العبء والضغط سواء عن اإلدارة نفسها أو عن اللجان الضريبية‬
‫أو عن المحاكم اإلدارية (أوال)‪ ،‬على أن نقوم بتسليط الضوء على الصلح المنازعات الجمركية‬
‫ومدى نجعتها في ربح الوقت ودورها في التشجيع على اإلستثمار(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬إمكانية الصلح في المنازعات الضريبية في ضوء المذكرة المصلحية لسنة ‪2017‬‬
‫بالرغم من أن الفقه قد وقف من مسألة الصلح الضريبي بين من يقول بعدم جواز إجراء صلح‬
‫بهذا الشأن‪ ،‬بحجة أن المسائل المتعلقة بالضريبة هي من النظام العام‪ ،‬إستنادا إلى مقتضيات المادة‬
‫‪ 1100‬من قانون االلتزامات والعقود التي ال تجيز الصلح في المسائل المتعلقة بالنظام العام‪ ،‬وبين‬
‫من يقول بجواز المصالحة في المجال الضريبي على إعتبار أن الصلح يساهم في تحسين العالقة‬
‫بين الخاضع للضريبة وإدارة الضرائب وإزالة سحب التنافر وتبديد المخاوف بين الطرفين‪ ،‬وذلك‬
‫في غياب نص قانوني صريح وواضح يمنح أو يبيح إجراء صلح في هذا الشأن‪ ،‬ما عدا مدونة‬
‫الجمارك والضرائب غير المباشرة في موادها من ‪ 273‬إلى ‪ 277‬التي تبيح لإلدارة إجراء مصالحة‬
‫مع األشخاص المتابعين من أجل أفعال مخالفة للقوانين واألنظمة الجمركية سواء قبل أو بعد‬
‫صدور حكم قضائي نهائي في الموضوع‪ .‬ورغم ذلك فإن الواقع العملي قد أثبت أن المديرية العامة‬
‫للضرائب ولو في غياب نصوص قانونية بالمدونة العامة للضرائب غالبا ما تلجأ إلى أسلوب‬
‫التسوية الودية أو التوافقية مع الخاضعين للضريبة‪ ،‬من أجل تصفية العديد من الملفات المتراكمة‬
‫في الرفوف‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بتصحيح األساس الضريبي‪ ،‬وذلك بغية ربح الوقت وتفادي‬
‫الطعون سواء أمام اللجان الضريبية أو أمام المحاكم اإلدارية ‪ -‬وحتى أثناء جريان المسطرة أمام‬
‫اللجان الضريبية أو أمام المحاكم ‪ -‬واختصار المسافة من أجل تحصيل ضريبي سهل‪ ،‬سريع‪،‬‬
‫وفعال‪.‬‬

‫‪137‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وفي هذا الشأن أصدرت المديرية العامة للضرائب مذكرة مصلحية تحت عدد ‪ 16/2340‬بتاريخ‬
‫‪ 05‬أبريل ‪ 2017‬تحث فيها مفتشيها على اللجوء إلى مسطرة التسوية الودية خالل المرحلة‬
‫القضائية باعتبارها آلية بديلة لحسم النزاع تهدف إلى التوصل إلى حل توافقي بين اإلدارة والملزم‬
‫بخصوص المستحقات الضريبية موضوع منازعة قضائية لم يصدر فيها حكم أوقرار نهائي غير‬
‫قابل ألي وجه من أوجه الطعن‪.‬‬
‫وحسب المذكرة المشار إليها فإن مسطرة التسوية الودية التي يمكن اللجوء إليها في كافة األحوال‬
‫وخالل جميع مراحل المنازعة القضائية ‪ ،‬البد وأن تمر بأربعة أشواط‪:‬‬
‫‪ ‬الشوط األول‪ :‬دراسة مقترح التسوية حيث يمكن أن يتم ذلك إما بمبادرة من الخاضع للضريبة‬
‫وإما بمبادرة من اإلدارة الضريبية سواء على مستوى المديريات اإلقليمية أو الجهوية أو على‬
‫مستوى المديرية العامة بالمركز‪.‬‬
‫‪ ‬الشوط الثاني‪ :‬المصادقة على مقترح التسوية ويأتي بعد إخبار الخاضع للضريبة بالقرار المتخذ‬
‫حيال مقترح الصلح وموافقته عليه وحصر الواجبات الضريبية التكميلية المستحقة عليه‪.‬‬
‫‪ ‬الشوط الثالث‪ :‬تنفيذ إتفاق التسوية ويكون بتضمين اإلتفاق الذي توصلت إليه اإلدارة مع الخاضع‬
‫للضريبة في محرر مكتوب وموقع عليه من الطرفين تحدد فيه مجموعة من اإللتزامات المتعلقة‬
‫بالمبالغ الواجب أداؤها وآجال وكيفية وطرق األداء وتعهدا من الطاعن بالتنازل كتابة وبكيفية ال‬
‫رجعة فيها عن مواصلة أية دعوى في الموضوع أمام المحاكم‪.‬‬
‫‪ ‬الشوط الرابع‪ :‬الحكم باإلشهاد على الصلح حيث يوجه مفتش الضرائب طلبا في الموضوع إلى‬
‫المحكمة المختصة يخبره فيها وفق نموذج معد من طرف اإلدارة ووفقا لمقتضيات المادتين ‪230‬‬
‫و‪ 1098‬من قانون اإللتزامات والعقود بما تم اإلتفاق عليه قصد استصدار حكم في الموضوع‬
‫يشهد على التنازل والصلح وطي ملف المنازعة نهائيا‪.‬‬
‫وبحسب ما تقدم فإ ن أي صلح في الميدان الضريبي لن يتحقق بوجود مقتضيات قانونية أو‬
‫بدونها‪ ،‬إال ببناء جسور الثقة وتعزيز عالقة التفاهم والتجاوب والتعاون مابين إدارة الضرائب‬
‫والخاضعين للضريبة‪ ،‬في إطار من الشفافية التامة والتحلي بروح المسؤولية والمواطنة الضريبية‪،‬‬
‫وتفويض إ ختصاصات التسوية للمفتشين النزهاء العاملين في الميدان بحكم القرب واإللمام‬
‫والدراية‪ ،‬بعيدا عن أية مركزية أو تمركز في إتخاذ القرار‪ ،‬بهدف الوصول إلى مفهوم جديد‬

‫‪138‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫للسلطة الضريبية يبيح للخاضعين للضريبة كل من موقعه وإمكانياته المساهمة في األعباء العامة‬
‫دون تنكر أو تنصل أو تملص ونحن على أبواب بناء حكامة جيدة والتمركز فعال وجهوية متقدمة‬
‫تغري المستثمر األجنبي قبل نظيره المغربي‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬إمكانية الصلح في تسوية المنازعات الضريبية في ضوء المنازعة الجمركية‬
‫لقد عرف المشرع المغربي الصلح بموجب المدونة العامة للجمارك و الضرائب الغير المباشرة‪،‬‬
‫وإعتبره » إتفاق مبرم بين اإلدارة والتابع ووكيله من أجل وضع حد للنزاع القائم بينهما «‪ ،‬وقد‬
‫إعتبر بعض الفقه‪ ،2‬أن هذا التعريف قاصر ألنه يركز على الهدف من المصالحة وهو تسوية‬
‫النزاع أو وضع حد له ولم يتطرق إلى كيفية الوصول إلى تسوية الودية للنزاع الجمركي وبين‬
‫إدارة الجمارك والضرائب الغير مباشرة التي خول لها القانون سلطة التصالح دون ما تدخل من‬
‫أية جهة أخرى‪ ،3‬لوضع حد للنزاع القائم بينهما قبل الحكم أو بعده مقابل تنازل االدارة عن المتابعة‬
‫أو عن تنفيذ العقوبات المحكوم بها مع إلتزام الطرف األخر بأداء مبلغ معين‪ ،4‬ويتميز الصلح بعدة‬
‫خصائص‪:‬‬
‫‪ ‬عقد ملزم ملزم للجانبين ألنه مقابل تنازل اإلدارة عن المتابعة كليا أو جزئيا يلتزم الطرف‬
‫اآلخر بأداء بدل الصلح‪ ،‬و يمكن اللجوء للصلح في المرحلة االدارية للنزاع الضريبي أي قبل‬
‫اللجوء الملزم إلى القضاء‪.‬‬
‫‪‬إعتبار الصلح كذلك بأنه وسيلة ودية تساهم في وضع حد للنزاع والتخفيف من عبء التقاضي‬
‫على االدارة الضريبية‪.‬‬
‫‪‬الصلح يقتضي توافق إرادتين وهذين الطرفين هما االدارة الضريبية من جهة و الملزم من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬ومنه إذا وجد الفقه صعوبة في تحديد تعريف للصلح الضريبي‪ ،‬فإن كل من المدونة العامة‬
‫للضرائب ومدونة الجمارك لم يعمال على تحديد االشخاص المؤهلين إلبرام الصلح إال أن النمادج‬

‫‪ - 1‬المختار السريدي‪ ،‬الطعن في االساس الضريبي أمام القضاء االداري‪ ،‬مقال منشور على موقع مجلة قانون األعمال‪ ،‬تاريخ التصفح‪ ،2020/05/14 :‬على‬
‫الساعة‪. 14H30MIN :‬‬
‫‪ - 2‬من الفقه الرافض لتسوية المنازعات الجمركية بواسطة الصلح نجد‪:‬عبد القدار باينة‪/‬محمد االعرج‪/‬عبد هللا درميش‪....‬‬
‫‪ - 3‬حسن المير‪،‬المنازعات الضريبية بين النص القانوني والعمل القضائي‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬بالرباط‪ ،‬طبعة ‪ ،2019‬ص ‪.110‬‬
‫‪ - 4‬محمد برادة غزيول‪ ،‬مدونة وتنظيمات الجمارك والضرائب الغير مباشرة‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2000‬ص ‪.30‬‬

‫‪139‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الم تعلقة بعقد المصالحة تبين بأنه يبرم بين المتابع من جهة و ألمر بالصرف للجمارك من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬أما فيما يتعلق بالمصادقة على االتفاق ‪-‬أي الصلح‪ -‬فهي مخولة للوزير المكلف بالمالية أو‬
‫من طرف مدبر اإلدارة الجمركية‪.1‬‬
‫ويمكن القول رغم فعالية الصلح كوسيلة لحل النزاع الضريبي عامة والجمركي خاصة فإن‬
‫المشرع لم ينص في المدونة العامة للضرائب على إمكانية اللجوء إلى إبرام الصلح رغم التنصيص‬
‫عليه في المسطرة المدنية‪ ،‬لكن و من خالل ماسبق ذكره حول المدكرة المصلحية تحت عدد‬
‫‪ 16/2340‬بتاريخ ‪ 05‬أبريل ‪ 2017‬تحث فيها مفتشيها على اللجوء إلى مسطرة التسوية الودية‬
‫خالل المرحلة القضائية باعتبارها آلية بديلة لحسم النزاع تهدف إلى التوصل إلى حل توافقي بين‬
‫اإلدارة والملزم بخصوص المستحقات الضريبية موضوع منازعة قضائية لم يصدر فيها حكم أو‬
‫قرار نهائي غير قابل ألي وجه من أوجه الطعن‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إمكانية حل النزاع الضريبي بواسطة التحكيم بين الرفض والتأييد‬
‫عرف المشرع المغربي التحكيم بموجب قانون المسطرة المدنية رقم ‪ ،05.08‬من خالل الفصل‬
‫‪ »306‬بأنه حل لنزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من االطراف مهمة الفصل في النزاع بناءا‬
‫على إتفاق تحكيم «‪ ،‬ولم يكتفي المشرع المغرب ي بتعريف التحكيم فقط بل عرف شروط التحكيم‬
‫من خالل الفصل ‪ 307‬من قانون رقم ‪ 05.08‬بأنه » إلتزام االطراف باللجوء إلى التحكيم قصد‬
‫حل نزاع نشأ أو ينشأ من عالقة قانونية معينة تعاقدية أو غير تعاقدية « ‪ ،‬وأضاف المشرع‬
‫المغربي في نفس الفصل أن "إتفاق التحكيم يكتسي شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم"‪ ،2‬وعرف‬
‫عقد التحكيم من خالل الفقرة االولى من الفصل ‪ 314‬من القانون رقم ‪ 05.08‬بأنه االتفاق الذي‬
‫يلتزم فيه االطراف على نزاع نشأ بينهم بعرض هذا على هيئة تحكيمية‪.3‬‬
‫وقد حدد المشرع المغربي بموجب قانونو المسطرة المدنية رقم ‪ 05.08‬في المادة ‪310‬‬
‫النزاعات االدارية‪ ،‬التي يمكن أن تكون موضوع إتفاق أو شرط تحكيم‪ ،‬وإستثنى التصرفات‬

‫‪ - 1‬ينص الفصل ‪ 274‬من مدونة الجمارك على‪":‬التصبح المصالحة نهائية إال بعد المصادقة عليها من طرف الوزير المكلف بالمالية أو من طرف المدير العام‬
‫لالدارة‪ ،‬ونلزم األطراف بكيفية ال رجوع فيها وال يمكن أن يقدم بشأنها أي طعن‪.‬‬
‫‪ - 2‬الفصل ‪ 307‬من قانون المسطرة المدنية رقم ‪ 05/08‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.169‬بتاريخ ‪ 19‬ذي الحجة ‪/1428‬الموافق ل ‪ 13‬نونبر ‪2007‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5584‬بتاريخ ‪ 25‬من ذي القعدة ‪/1428‬الموافق ل ‪ 6‬ديسمبر ‪.2007‬‬
‫‪ - 3‬محمد المحجوبي‪ ،‬دور التحكيم في تسوية منازعات العقود االدارية الداخلية في ضوء القانون المغربي والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.7‬‬

‫‪140‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫االحادية ألشخاص القانون العام‪ ،1‬ويتعلق االمر بالتصرفات االحادية للدولة و الجماعات الترابية‬
‫أو غيرها من الهيئات المتمتعة بإختصاصات السلطة العمومية‪ ،‬غير أن النزاعات المالية الناتجة‬
‫عنها يمكن أن تكون محل عقد تحكيم وفي نفس المادة إستثنى المشرع المغربي النزاعات المتعلقة‬
‫بالضرائب من إمكانية إبرام إتفاق أو شرط تحكيم التحكيم كما هو منصوص عليه في المادة‬
‫‪ ،2244‬وبالتالي نتيجة لهذا الحسم في عدم إمكانية قيام االدارة الضريبية بتسوية نزاعاتها عبر‬
‫آلية التحكيم فتح الفقه الباب لعدة تأويالت بين مؤيد للفكرة ويدعو لضرورة مواكبة التجارة الدولية‬
‫ثم إمكانية تسوية النزاعات الضريبية ذات إمتداد دولي‪ ،‬وبين جانب من الفقه رافض لفكرة حل‬
‫النزاع الضريبي عبرهيئة تحكيمية مستقلة خارج االدارة الضريبية وقدم مبررات عدة منها إرتباط‬
‫الضريبة بالنظام العام‪ ،‬ومن خالل ما سبق حول القضية من مؤيد ورافض سنتناول هذا الموضوع‬
‫من مقاربتين‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلتجاه الفقهي الرافض إلمكانية التحكيم في النزاع الضريبي‬
‫في طليعة االتجاه الفقهي الرافض للتحكيم كآلية لتسوية المنازاعات الضريبية نجد الفقه‬
‫الفرنسي‪ ،‬ومن بين الفقهاء نجد ‪ ،LA FRRIERE3‬والذي تشبت بفكرة عدم خضوع منازعات‬
‫الدولة إلى أية هيئة تحكيمية‪ ،‬وقدم عدة مبررات لذلك منها إرتباط منازعات الدولة بالنظام العام‬
‫ثم إعتبرأنه ال يعقل أن تقبل الدولة سلطة المحكمين كبديل عن سلطتها‪ ،‬وفي نفس االتجاه ذهب‬
‫الفقيه فيرناند ‪ ،FERNAND4‬وقد إستند هذا االتجاه على عدة مبررات تتجلى في‪:‬‬
‫• معارضة اللجوء للتحكيم الضريبي إلرتباطه بسيادة الدولة‪ ،‬ألن اللجوء إلى التحكيم سيسلب إدارة‬
‫الضرائب والقضاء االداري إختصاصهما‪ ،‬واالدارة والقضاء يعدان من مظاهر سيادة الدولة‪ ،‬كما‬
‫أن اللجوء للتحكيم سيستبعد تطبيق القانون الوطني وإستبداله بالقانون االجنبي‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 307‬من قانون المسطرة المدنية ‪...( 05/08‬ال يجوز أن يكون محل تح كيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات األحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها‬
‫من الهيئات المتمتعة بإختصاصات السلطة العمومية‪ ،‬غير أن النزاعات المالية الناتجة عنها يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق القانون‬
‫الجبائي‪.)...‬‬
‫‪ - 2‬تنص المادة ‪ 244‬من ال مدونة العامة للضرائب على‪":‬بصرف النظر عن جميع المقتضيات المخالفة‪:‬‬
‫• تمثل المديرية العامة للضرائب بكيفية صحيحة أمام القضاء‪ ،‬مطالبة كانت أو مطلوبا ضدها بالمدير العام للضرائب أو الشخص الذي يعينه لهذا الغرض والذي‬
‫يمكنه إن إقتضى الحال توكيل محام؛‬
‫• ال يمكن للنزاعات المتعلقة بتطبيق القانون الجبائي أن تكون موضوع تحكيم‪.‬‬
‫‪3 -Edourad la frriere, trait de la jurdication administrative tome 2 ; 1er édition 1988 ,p145.‬‬
‫‪4 -Fernand collavet, l’arbitrage dans les poces ou sont parties les personnes publiques, RPD 1906, p:472 .‬‬

‫‪141‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫• تمسكوا بأن االشخاص المعنوية العامة ال تتمتع بأهلية اللجوء إلى إبرام إتفاق التحكيم وذلك نظرا‬
‫لخضوعها لمبدأ الوصاية‪-‬الرقابة‪ ، -‬وأكدوا أن هناك تعارض بين نظام التحكيم وفلسفة النظام‬
‫العام‪ ،‬التي تسعى االدارة دائما إلى الحفاظ عليها‪.‬‬
‫• تعارض التحكيم مع فكرة فصل السلط حيث أن لجوء لالدارة إلى إختيار هيئة تحكيمية يعد‬
‫تحييدا إلختصاص سلطة االدارة الضريبية في تسوية النزاع في المرحلة االدارية بطريقة حبية‬
‫وكذلك تحييدا إلختصاص القضاء اإلداري في تسوية المنازعات الضريبية‪.1‬‬
‫وبالنسبة للفقه المصري هو اآلخر قد سار جانب منه على درب اإلتجاه الفرنسي المعارض‪،‬‬
‫وإستند على كون المنازعات الضريبية إختصاص حصري لمجلس الدولة المصري‪ ،‬وتعد من‬
‫النظام العام ال يجوز تعديل إختصاص مجلس الدولة إال بقانون وليس بموجب إتفاق‪ ،‬وهناك من‬
‫الفقه من أسس رفضه بناءا على الدستور‪ ،2‬وتمسكوا بمبرر النظام العام‪ ،‬وإعتبروا أن الضريبة‬
‫من مظاهر السيادة ومرتبطة بالنظام العام‪ ،‬نظرا بما تتميز به من إجبارية التحصيل والتأسيس‬
‫بإرادة منفردة من اإلدارة الضريبية كسلطة فرض الضريبة‪ ،‬وتوقيع الجزاءات بدافع المصلحة‬
‫العامة‪.3‬‬
‫وأما بخصوص التشريع المغربي إعتبر منع اللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات الضريبية‪،‬‬
‫يعد مبدأ عام ‪ ،‬وفق المادة ‪ 310‬من المسطرة المدنية‪ ،‬وكمبدأ خاص حسب ماهو منصوص عليه‬
‫بصريح العبارة في المادة ‪ 244‬من المدونة العامة للضرائب‪ ،‬وبالتالي أسس الفقه المغربي رفضه‪،‬‬
‫على ‪ 306‬و ‪ 310‬من قانون المسطرة المدنية الملغاة‪ ،4‬والمادة ‪ 244‬من المدونة العامة‬
‫للضرائب‪ ،‬وبرروا معارضتهم للتحكيم نظرا الرتباطه بالنظام العام‪ ،‬وتشبتوا بأن الضريبة تهدف‬
‫إلى تلبية المصلحة العامة‪ ،‬وبالتالي ال يجوز إعمال التحكيم بشأنها‪ ،5‬وأوضحوا أن منع لجوء‬
‫ا الدارة الضريبية كشخص عام إلى إبرام إتفاق التحكيم راجع إلى إمكانية مساسه بهيبة وسلطة‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬التحكيم في المنازعات االدارية الداخلية والدولية‪ ،‬مطبعة دار النهضة‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص‪.75‬‬
‫‪ - 2‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ -3‬عصمت عبد هللا الشيخ‪"،‬التحكيم في العقود االدارية دات الطابع الدولي‪ ،‬مطبعة دار النهضة‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص ‪.163‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 306‬من قانون المسطرة المدنية سنة ‪" ، 1974‬يمكن لالشخاص الذين يتمتعون باألهلية أن يوفقا على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها غير‬
‫أنه ال يمكن االتفاق عليه في الهبات والوصايا المتعلقة باالطمعة والمالبس والمساكن‪ ،‬في المسائل المتعلقة بحالة االشخاص وأهليتهم ثم في المسائل التي تمس النظام‬
‫العام وخاصة النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام‪ ،‬النزاعات المتعلقة بقوانين تتعلق بتحديد االثمان والتدوال الجبري والصرف‬
‫والتجارة الخارجية‪."...‬‬
‫‪ - 5‬محمد االعرج‪ "،‬الت حكيم في منازعات العقود االدارية‪ ،‬مقال منشور بمجلة معيار تصدر عن هيئة المحامين بفاس ‪ ،‬عدد ‪ ،34‬ص ‪.89‬‬

‫‪142‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫وإمتيازات الدولة‪ ،‬وأضافو أن التحكيم هو تبديل إراداة الهيئة التحكيمية محل القانون العام و‬
‫القضاء االداري في حل النزاع‪ ،‬وتشبتوا بنظرية النظام العام و التي ترتبط أشد إرتباط بالقضاء‬
‫االداري‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلتجاه المؤيد إلمكانية التحكيم في النزاع الضريبي‬
‫على رأس االتجاه الفقهي المؤيد‪ ،‬نجد الفقيه ريفيرو ‪ JEAN RIVERO‬الذي أكد أن تبريرات‬
‫رفض اللجوء إلى التحكيم في المنازعات الضريبية مجرد تبريرات نفسية‪ ،‬تقوم على فكرة سمو‬
‫وقداسة الشخص العام‪ ،‬وأكد أنه على الدولة أن تكون قدوة في إستعمال الوسائل الحديثة و مواكبة‬
‫المستجدات التشريعية و بالخصوص إنفتاح الدول على االستثمارات و العمل على جذبها‬
‫وبإعتمادها على هذه آلية تكون من قد شجعت بشكل كبير على جلب و تشجيع االستثمار‪ ،1‬ويرى‬
‫أيضا الفقيه ‪ GOUDEMENT‬أنه ال يوجد أي مانع دستوري يشكل عائقا إلقرار التحكيم في‬
‫المجال الضريبي‪ ،‬وقد إستند في االتجاه في طرحه على عدة مبررات منها‪:‬‬
‫‪ ‬غياب قاعدة قانونية صريحة تمنع اللجوء إلى التحكيم في المجال الضريبي‪.‬‬
‫‪ ‬قصر مدة فض النزاع في العملية التحكيمية مقارنة مع طول المدة التي يستغرقها القضاء بسبب‬
‫طول االجراءات المسطرية‪.‬‬
‫أما الفقه المصري المؤيد لفكرة اللجوء إلى إبرام إتفاق التحكيم من طرف االشخاص المعنوية‬
‫العامة فقد تأثر بنظيره الفرنسي‪ ،‬وإستند في تأييده على قانون المرافعات و اإلجراءات المدنية رقم‬
‫‪ 9‬لسنة ‪ ،1994‬والذي عدل وتمم بقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1997‬وعلى المادة االولى التي جاءت‬
‫عامة ‪ -‬وقد أعتبر الفقه أن العام يؤخد على إطالقه ما لم يخصص ‪ -‬كم استندو على المادة ‪172‬‬
‫من الدستور المصري‪ ،‬والمادة ‪ 10‬من القانون المنظم لمجلس الدولة المصري‪ ،‬وأكدوا أن إستبعاد‬
‫التحكيم كوسيلة لفض المنازعات اإلدارية( الضريبية)‪ ،‬إنما قصد به إستبعاد التحكيم عن القضاء‬
‫العادي‪ ،‬وفي نظرهم أن اللجوء إلى التحكيم يوفر الجهد والمال بالنسبة للقضاء وأيضا يساعد على‬
‫جذب االستثمارات االجنبية و تشجيع االستثمارات المحلية‪ ،‬أما لجوء أشخاص القانون العام إلى‬

‫‪1 -jean river, personnes moral de droit public et arbitrage reveue de droit public et arbitrage n°2, anneé 1973, p :268.‬‬

‫‪143‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫إبرام إتفاق التحكيم في المنازعات الضريبية ذات إمتداد لم يلق أي معارضة بل جميع الفقه أيد‬
‫فكرة خضوعها لشرط التحكيم‪.1‬‬
‫وعلى غرار الفقه الفرنسي والمصري‪ ،‬إنطلق الفقه المغربي المؤيد إلمكانية إبرام الشخص‬
‫العام إلتفاق التحكيم‪ ،‬من خصوصية النظام المغربي‪ ،‬و الذي يعتبر بأنه نظام حداثي مفتوح على‬
‫إمكانية لجوء االشخاص العامة للتحكيم سواء تعلق االمر بالنزاعات ذات الطابع الدولي للضريبة‬
‫والمغر ب من نفتح على هذا القرار خاصة من خالل محاولته لتشجيع االستثمار‪ ،‬كما يؤيد الفقه‬
‫على إمكانية اللجوء إلى التحكيم في التعويض بدل اللجوء إلى القضاء‪ ،2‬نظرا لكون هذه االخيرة‬
‫دعوى شخصية مالية‪ ،‬تهدف إلى حماية المراكز الفردية والحقوق الشخصية ألطرافها والتعويض‬
‫يكون عينيا أو نقديا‪ -‬مادي‪ -‬وبالتالي ال عالقة لها بمبدأ المشروعية وال بالنظام العام‪ ،‬ودور‬
‫القاضي يقف عند حد تعويض المدعي عما أصابه من ضرر جراء قرار غير مشروع أو فعل‬
‫ضار من جانب االدارة‪ ،‬وال تمتد سلطة القاضي إلى محاولة إعدام القرار الغير مشروع‪ ،‬من أجل‬
‫حماية المشروعية والنظام العام‪ ،‬وإستند الفقه إلى المؤيد لتبرير رأيهعلى كون القاعدة القانونية‬
‫تجيز الصلح في الدعاوي القضاء الشامل‪ ،‬وإذا تمت التسوية صلحا‪ ،‬فال يجوز للمتصالحين إثارة‬
‫النزاع ثانية‪ ،‬وقياسا على جواز الصلح في المنازعات القضاء الشامل‪-‬قضايا التعويض‪ -‬يمكن‬
‫إبرام إتفاق التحكيم في هذه الدعوة خاصة أن الحق الذي تسعى لحمايته دعوى التعويض هو حق‬
‫شخصي ومالي‪ ،3‬هذا بخالف النزاع الذي يثار بشأن إلغاء قرار إداري غير مشروع صادر عن‬
‫شخص من أشخاص القانون العام‪ ،‬يكون غير قابل للتحكيم نظرا لتعلق المنازعة بمبدأ المشروعية‬
‫وبقرار إداري الذي يعد من إمتيازات السلطة العامة ثم إرتباطه بالنظام العام‪.4‬‬
‫ومنه نستنتج حظر المشرع المغربي إمكانية اللجوء إلى التحكيم الخارجي لتسوية النزاع‬
‫الضريبي أي إبرام إتفاق التحكيم مع هيئة خارجية لتسوية منازعاتها‪ ،‬بل منح للجنة المحلية و‬
‫الوطنية إختصاص ممارسة الدور التحكيمي لتسوية المنازعات وذلك تحت رقابتها في إطار الرقابة‬
‫االدارية وتحت رقابة القاضي اإلداري‬

‫‪ - 1‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬التحكيم في المواد االدارية والتجارية و المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.166:‬‬
‫‪ - 2‬من بين الفقه المؤيد نجد االستاذ محمد االعرج‪/‬مصطفى بونجة‪.‬‬
‫‪ - 3‬محمد االعرج‪ ،‬التحكيم في منازعات العقود االدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ - 4‬محمد االعرج‪ ،‬التحكيم في منازعات العقود االدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪144‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪145‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫خــــــاتمة‪:‬‬
‫من خالل هذا البحث تمت محاولة الوقوف على أهمية العالقة بين الضريبة واإلستثمار‪،‬‬
‫إذ كلما كانت هذه العالقة مضبوطة بالشكل الالزم‪ ،‬كلما ساهم كل منهما في إغناء اآلخر‪ ،‬فال‬
‫يتصور قيام مشاريع إستثمارية دون سياسة ضريبية مدروسة‪ ،‬وال يمكن تنمية الموارد المالية‬
‫للدولة دون إيرادات ضريبية مهمة‪ ،‬وهذا ما يستوجب إعادة النظر في ميثاق اإلستثمار الذي‬
‫أصبح مطلبا ملحا من قبل المستثمرين على المستوى الوطني والدولي‪ .‬كما أكد ذلك جاللة الملك‬
‫محمد السادس في الرسالة التي وجهها إلى المشاركين في المؤتمر الدولي للعدلة‪" :1‬لقد أكدنا في‬
‫مناسبات عديدة‪ ،‬على ضرورة وضع رؤية إستراتيجية في مجال تحسين مناخ األعمال ورؤية‬
‫قوامها توفير بيئة مناسبة لإلستثمار‪ ،‬وإعتماد منظومة قانونية حديثة ومتكاملة ومندمجة‪ ،‬تجعل‬
‫من المقاولة رافعة أساسية للتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‪.‬‬

‫كما يعتبر القاضي اإلداري طرفا مهما في هذه العالقة‪ ،‬فهو الحكم بين ما هو مقرر بنصوص‬
‫قانونية وبين ما يفرزه الواقع العملي على مستوى العمل اإلداري‪ ،‬والحماية الممارسة من طرف‬
‫هذا القاضي تنصب على حماية النشاط اإلستثماري من زاوية ومن زاوية أخرى حماية الموارد‬
‫المالية للدولة‪.‬‬
‫إال أنه وبتحليل اإلجتهادات القضائية الصادرة في الموضوع‪ ،‬إتضح سوء العالقة بين هذين‬
‫الطرفين (اإلدارة والمستثمر)‪ ،‬تمثلت في كثرة القضايا المرفوعة أمام القضاء الضريبي نتيجة‬
‫غياب سياسة التوصل بينهما من جهة مما يؤدي إلى التعثر في تنفيذ البرامج المسطرة‪ ،‬وبالتالي‬
‫غياب بالوعي الجبائي للملزم من جهة أخرى أو ما يصطلح عليه بظاهرة التهرب الضريبي‪.‬‬
‫وبذلك فنجاح هذه العملية رهين بخلق ظروف مناسبة تساعد على تقوية قدرات اإلدارة وبالتالي‬
‫يجب تشجيع‪:‬‬
‫‪ ‬خضوع مفتشي الضرائب لتكوين مستمر يؤهلهم لممارسة عملهم بشكل دقيق وفعال وهو األمر‬
‫الذي يمكنهم من إقناع الملزمين بمدى شرعية الفرض الضريبي عليهم‪.‬‬

‫‪ - 1‬الرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في المؤتمر الدولي الثاني للعدالة‪ ،‬بمراكش يومي ‪ 21‬و ‪ 22‬أكتوبر ‪ 2019‬تحت شعار"العدالة واالستثمار‪-‬التحديات‬
‫والرهانات"‪.‬‬

‫‪146‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬خلق خاليا داخل المديريات الجهوية للضرائب تتكلف باستقبال الملزمين الذين يريدون معرفة‬
‫تفسير بعض مقتضيات القانون الضريبي وذلك عبر تفعيل آلية االستشارة الضريبية المسبقة‪.‬‬
‫‪ ‬إشاعة حسن المعاملة أثناء قيام مفتش الضرائب بإجراء مراقبة جبائية وذلك بمناسبة تحديد‬
‫أسس فرض الضريبة‪.‬‬
‫‪ ‬ولنجاح سياسة التواصل بين اإلدارة الضريبية والملزم البد من إنفتاح اإلدارة الضريبية على‬
‫نفسها باعتبار التواصل الداخلي يساعد على تفاعل كل مكونات اإلدارة وهذا لن يتأتى إال عن‬
‫طريق تفعيل العالقة ما بين اإلدارة الضريبية وموظفيها‪ ،‬وفي هذا اإلطار نجد اإلدارة مطالبة‬
‫بضمان الشروط المادية والمعنوية الضرورية للموظفين ثم نهج سياسة التحفيز حسب اإلستحقاق‬
‫لتشجيع الموظفين حتى يبرهن كل واحد منهم عن كفاءاته العملية‪.‬‬
‫‪ ‬محاربة ظاهرة التهرب الضريبي بتشجيع التعاون ما بين المشرع واإلدارة الضريبية وبإقناع‬
‫المكلف ودفعه إلى المشاركة بدوره في القضاء على هذه الظاهرة‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين مناخ األعمال ومنح الفاعلين اإلقتصاديين الرؤية الضرورية لمزاولة نشاطهم‪ ،‬وذلك‬
‫بوضع ميثاق إلستقرار المنظومة الجبائية‪.‬‬
‫‪ ‬متابعة سياسة تخفيض العبء الضريبي وعقلنة قواعد إحتساب أساس فرض الضريبة التي من‬
‫شأنها تنمية تنافسية المقاوالت في إطار إقتصاد منفتح وتنافسي سواء على الصعيد الوطني أو‬
‫الدولي‪.‬‬
‫‪ ‬تجريم اإل متناع عن تنفيذ حكم الدعوى الضريبية‪ ،‬ألن من شأن هذا اإلجراء أن يجعل اإلدارة‬
‫الضريبية في منأى من اللجوء إلى القضاء اإلداري إن كان موقفها ضعيفا في النزاع الضريبي‪.‬‬
‫‪ ‬خلق مؤسسات دائمة كما هو الشأن في فرنسا تساعد على خلق القاعدة الضريبية كالمجلس‬
‫اإلقتصادي واإلجتماعي‪ ،‬والغرف البرلمانية الدراسية التي تسهر في عالقات دائمة مع ممثلي‬
‫التنظيمات السوسيومهنية للملزمين من أجل اقتراح كل التعديالت الضريبية التي تهم هذه الشرائح‪.‬‬
‫وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أن تحفيز وحماية االستثمار يتطلب تفادي معوقات‪ ،‬وهذا لن‬
‫يتحقق إال بـ‪:‬‬

‫‪ ‬خلق جهاز القاضي الضريبي المختص فقط بفحص النزاعات الضريبية داخل المحكمة اإلدارية‪.‬‬

‫‪147‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬إحداث محاكم جبائية على غرار المحاكم التجارية‪ ،‬وخلق هذه المحاكم يستوجب بالضرورة‬
‫توفير العدد الكافي منها حتى يتسنى لنا الحديث عن تحقيق القرب الجغرافي للقضاء من المتقاضين‪.‬‬
‫‪ ‬وكما أتمنى أن يتم تضمين مقتضيات خاصة بالمصالحة في شكل نصوص قانونية بالمدونة‬
‫العامة للضرائب كما هو الشأن بالنسبة لمدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة التي حسمت‬
‫بشكل واضح في مسألة المصالحة مع المخالفين والخاضعين‪.‬‬
‫‪ ‬العمل على اإلسراع بتحديث الترسانة القانونية المرتبطة بممارسة األعمال ومالئمتها مع‬
‫البرنامج التنموي الجديد‪.‬‬

‫‪148‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪149‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الئـــحــة الـــمــراجــع‪:‬‬
‫الكـــتــب‪:‬‬
‫‪ ‬سي محمد البقالي‪ ،‬المدخل الوجيز لدراسة القانون الضريبي‪ -‬مقارنة قانونية و إجتماعية‪-‬مطبعة‬
‫البصيرة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة االولى ‪.2020‬‬
‫‪ ‬عمر أزوكار‪ ،‬المساطر الضريبية بين فقه اإلدارة الضريبية والعمل القضائي المغربي‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪.2016‬‬
‫‪ ‬الوليد بن صالح عبد العزيز‪ ،‬دور السياسة الضريبية في تحفيز اإلستثمارات في ظل التطورات‬
‫العالمية المعاصرة‪ ،‬مطبعة دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2002‬‬
‫‪ ‬خليل اللواح‪ ،‬دور االدارة العمومية في تحسين مناخ األعمال بالمغرب‪ ،‬الطبعة االولى ‪،2018‬‬
‫دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫‪ ‬الحسن المير‪ ،‬المنازعات الضريبية بين النص القانوني والعمل القضائي‪ ،‬مطبعة االمنية بالرباط‪،‬‬
‫طبعة ‪.2019‬‬
‫‪ ‬ماء العينين الشيخ الكبير‪ ،‬تحصيل الديون العمومية بالمغرب على ضوء القانون ‪ ،15.97‬مطبعة‬
‫صوماديل‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2012‬‬
‫‪ ‬عزيز صميم‪ ،‬التحفيزات الجبائية بالمغرب‪ ،‬الطبعة االولى ‪.2013‬‬
‫‪ ‬حسن صحيب‪ ،‬القضاء اإلداري المغربي‪ ،‬الطبعة الثانية ماي ‪.2019‬‬
‫‪ ‬المصطفى قريشي‪ ،‬محاضرات في القانون الجبائي المغربي‪ ،‬الموسم الجامعي ‪.2020-2019‬‬
‫‪ ‬إدريس الكراوي وعبد العزيز النويضي‪ ،‬االقتصاد المغربي"نموذجا الفالحة واالستثمار‬
‫األجنبي"‪ ،‬دار توبقال للنشر الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪.1988‬‬
‫‪ ‬عبد الهادي الحردان‪ ،‬دراسات في التشريع الضريبي‪ ،‬مطبعة دمشق ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2010‬‬
‫‪ ‬سعيد جفري‪ ،‬الضريبة والنظام الضريبي المغربي‪ ،‬سلسلة أريد أن أعرف العدد ‪ 9‬الطبعة االولى‬
‫‪ ،2013‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ ‬عبد اللطيف هداية هللا‪ ،‬القضاء المستعجل في القانون المغربي‪ ،‬الطبعة األولى ‪.1998‬‬

‫‪150‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬أحمد زكي بدوي‪ ،‬معجم المصطلحات االقتصادية‪ ،‬مطبة دار الكتاب المصري القاهرة‪ ،‬سنة‬
‫‪.2013‬‬
‫‪ ‬فاطمة الحمدان بحير‪ ،‬السياسة الجمركية المغربية وإشكاالت المبادالت التجارية الدولية‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة الدار البيضاء المغرب طبعة ‪.2005‬‬
‫‪ ‬حميد النهيري بن محمد‪ ،‬المدخل لداراسة النظرية العامة للضريبة والسياسة الجبائية‪ ،‬مطبعة‬
‫سليكي أخوين‪ ،‬طبعة مارس ‪.2018‬‬
‫‪ ‬الحجازي مرسي السيد‪ ،‬النظم الضريبية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مطبعة الدار الجامعية‬
‫اإلسكندرية‪.1998 ،‬‬
‫‪ ‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬التحكيم في المنازعات االدارية الداخلية والدولية‪ ،‬مطبعة دار‬
‫النهضة‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬
‫‪ ‬سليمان الطماوي‪ ،‬القضاء االداري‪ ،‬قضاء التعويض وطرق الطعن‪ ،‬القاهرة ‪ ،1986‬دون‬
‫اإلشارة إلى دار الطبع‪.‬‬
‫‪ ‬صباح نعوش‪ ،‬الضرائب المباشرة في المغرب الضرائب الحالية لماذا اإلصالح؟‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬
‫شركة النشر والتوزيع المدارس‪ ،‬الدار البيضاء الطبعة األولى ‪.1986‬‬
‫‪ ‬عبد السالم أديب‪ ،‬السياسة الضريبية وإستراتيجية التنمية (دراسة تحليلية للنظام الجبائي المغربي‬
‫‪ ،) 1956-2000‬إفريقيا الشرق‪ ،‬الطبعة األولى ‪.1998‬‬
‫‪ ‬كتاب دليل التحفيزات الجبائية‪ ،‬صادر عن المديرية العامة للضرائب‪ ،‬الطبعة ‪.2019‬‬
‫‪ ‬محمد شكيري ‪،‬القانون الضريبي المغربي ‪،‬دراسة تحليلية ونقدية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪. 2014‬‬
‫‪ ‬سالم محمد الشوابكة‪ ،‬المالية العامة والتشريعات الضريبية‪ ،‬دار رند للنشر والتوزيع‪ ،‬طبعة‬
‫‪.2000‬‬
‫‪ ‬سعاد بنور‪ ،‬العمل القضائي في المادة الجبائية‪ ،‬دراسة تحليلية قانونية فقهية وقضائية مع أحدث‬
‫االجتهادات القضائية‪ ،‬مطبعة دار القلم الرباط‪ ،‬الطبعة االولى ‪.2003‬‬
‫‪ ‬محمد حسيني عبد العادل‪ ،‬الرقابة القضائية على قرارات الضبط اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫مصر الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪.1991‬‬
‫‪ ‬قزيبر محمد‪ ،‬القانون الضريبي المغربي‪ ،‬مطبعة سجلماسة مكناس‪ ،‬طبعة ‪.2018‬‬

‫‪151‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬حسن الرميلي‪،‬االكراه البدني على ضوء التتشريع المغربي والمقارن‪ ،‬مطبعة نشر البديع‬
‫مراكش‪ ،‬طبعة ‪.1997‬‬
‫‪ ‬القرقوري محمد‪ ،‬وعاء ومنازعات الضرائب على القيمة المضافة والشركات والدخل‪،‬مطبعة‬
‫االمنية‪ ،‬طبعة ‪.2002‬‬
‫‪ ‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬التحكيم في المواد االدارية والتجارية والمدنية دراسة ألهم‬
‫االشكاالت العملية والنظرية وفقا للقانون المغربي والمقارن‪ ،‬منشورات دار االفاق للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪.2015‬‬

‫األطــروحــات والــرســائـل‪:‬‬
‫‪ ‬االطــروحــات‪:‬‬
‫‪ ‬عبد النبي أظريف ‪":‬الخوصصة بالمغرب‪ ،‬إصالحات‪ ،‬حصيلة ورهانات"‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء‪-1999 -‬‬
‫‪.2000‬‬
‫‪ ‬الحبيب العطشان‪" ،‬مساهمة القاضي الضريبي المغربي في حماية االستثمار "‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط ‪.2007-2006‬‬
‫‪ ‬جواد لعسري‪ ،‬عالقة إدارة الضرائب المباشرة بالملزمين وانعكاساتها‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق الرباط‪ ،‬أكدال ‪.2002-2001‬‬
‫‪ ‬حميد النهري بن محمد ‪"،‬إشكالية التدخل الجبائي في المغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‬
‫الرباط‪.2001-2000،‬‬
‫‪ ‬عبد الفتاح بلخال‪ ،‬المشروعية الجبائية والحماية القضائية لها في ظل الدستور المغربي‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتواه في القانون العام‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬عين الشق كلية الحقوق الدار البيضاء‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2001-2000‬‬
‫‪ ‬قاعدة محمد‪":‬مدى إستجابة اإلدارة لمتطلبات تشجيع االستثمار"أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬وحدة التكوين البحث‪" :‬القانون اإلداري وعلم اإلدارة"‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬أكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2011-2010‬‬

‫‪152‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬عادل الفراح‪ ،‬االستثمار والتنمية الجهوية بالمغرب جهة طنجة تطوان نموذجا‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬وحدة البحث والتكوين"اإلدارة والتنمية"‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية طنج‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2013-2012‬‬
‫‪ ‬حنان القطان‪"،‬واقع التنمية بالمغرب من خالل المراكز الجهوية لالستثمار"أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬وحدة التكوين والبحث "في اإلدارة والتنمية "‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2011-2010‬‬
‫‪ ‬المصطفى معمر‪ ،‬السياسة المالية ونظام التمويل العمومي في ظرفية التقويم الهيكلي محاولة في‬
‫التحليل ما بين ‪ ،1993-1983‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1999/1998‬‬
‫‪ ‬خالد العسالي ‪ ،‬صناعة القرار السياسي الجبائي في المغرب محاولة تقويم السياسات العامة ‪-‬‬
‫االمتيازات الضريبة نموذجا ‪ -‬أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الموسم‬
‫الجامعي ‪.2004 -2003‬‬
‫‪ ‬عزوز علي‪ ،‬آليات ومتطلبات تفعيل التنسيق الضريبي العربي"الواقع و التحديات" أطروحة‬
‫لنيل درجة دكتوراه علوم في العلوم االقتصادية‪،‬جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف كلية العلوم‬
‫االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير قسم العلوم االقتصادية‪ ،‬السنة الجامعية‪. 2013/2014 :‬‬
‫‪ ‬ماء العينين الشيخ الكبير‪ ،‬تحصيل الديون العمومية "بين ضوابط التشريع وإشكاالت التطبيق"‪،‬‬
‫أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام و العلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪-‬أكدال‪ ،-‬السنة الجامعية ‪.2019-2018‬‬
‫‪ ‬الــرســائــل‪:‬‬

‫‪ ‬عبد الحق أبو الوفا‪:‬االستثمار العمومي بين التراجع وإجراءات الخوصصة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫السلك العالي للمدرسة الوطنية لإلدارة الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1999-1991‬‬
‫‪ ‬محمد بلعوشي‪:‬اإلعفاءات الضريبية لتشجيع االستثمار الصناعي‪:‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا في القانون العام‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء السنة الجامعية ‪.1989-1990‬‬
‫‪ ‬سهلية أقلعي‪"،‬إشكالية تحفيز االستثمار في المغرب"رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪،‬‬
‫جامعة عبد المالك السعدي طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008-2007‬‬

‫‪153‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬عبد الحي البكدوري الطراف‪" ،‬سياسة االستثمار بالمغرب والحماية القانونية للمستثمر‬
‫األجنبي"رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬وحدة القانون والعلوم اإلدارية للتنمية‪ ،‬جامعة‬
‫عبد المالك السعدي‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطبنجة‪ ،‬السنة ‪.2011-2010‬‬
‫‪ ‬عبد اللطيف لفرحي ‪":‬السياسة الجبائية وقرار االستثمار في المغرب"رسالة لنيل دبلوم الماستر‬
‫في القانون العام المعمق‪ ،‬القانون اإلداري والمالية العامة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008-2007‬‬
‫‪ ‬أسامة المرابط‪ ،‬رسالة ماستر في القانون العام تحت عن عنوان‪" ،‬االمن القانوني وإشكالية الثقة‬
‫الضريبية"‪ ،‬كلية أكدال بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2018-2017‬‬
‫‪ ‬إيمان صابر التحفيزات الجبائية والجمركية ودورها في تشجيع االستثمار‪ ،‬رسالة لنيل الماستر‪،‬‬
‫قوانين التجارة واألعمال‪ ،‬جامعة محمد األول بوجدة‪،‬السنة الجامعية ‪. 2013/2012‬‬
‫‪ ‬وداد ألمو‪ ،‬دور القاضي الجبائي في حماية االستثمار‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعة سيدي‬
‫محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪-2008‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ ‬رشيدة سيف الدين‪ ،‬سؤال اإلصالح الضريبي بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫العام‪،‬مسلك العلوم والتقنيات الضريبية جامعة الحسن األول بسطات‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2012-2013‬‬
‫‪ ‬عمر أبو الهمز‪ ،‬المنازعات الجبائية بين االدارة الضريبية والقضاء‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماستر‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2008-2009‬‬
‫‪ ‬عبد المولى مموري‪ ،‬مساطر المنازعات الضريبية‪ ،‬حدود التوازن بين االدارة الضريبية‬
‫وضمانات الملزم‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعة الحسن االول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية سطات‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014-2013‬‬

‫الخــطــب والـرسائـل الـمـلـكـيـة‪:‬‬


‫‪ ‬خطاب الملك الحسن الثاني يوم ‪ 8‬ماي ‪ ،1990‬بمناسبة إنشاء المجلس االستشاري لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬المصدر إنبعاث األمة‪ ،‬الجزء الخامس والثالثون‪.1990 ،‬‬

‫‪154‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬الرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في المؤتمر الدولي الثاني للعدالة‪ ،‬بمراكش يومي‬
‫‪21‬و‪ 22‬أكتوبر ‪ 2019‬تحت شعار"العدالة واالستثمار‪-‬التحديات والرهانات"‪.‬‬
‫‪ ‬الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في الندوة الوطنية حول"دعم األخالقيات بالمرفق‬
‫العام"المنظمة من طرف وزارة الوظيفة العمومية وإصالح االدارة‪،‬بتاريخ ‪ 29‬أكتوبر‪.1999‬‬

‫المــجــالت‪:‬‬
‫‪ ‬الشريف تيست‪ ،‬تشجيع اإلستثمار بين دور االدارة وحماية القاضي اإلداري‪ ،‬مجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬عدد ‪ ،140‬سنة ‪ ،2018‬مطبعة البيضاوي‪.‬‬
‫‪ ‬عادل الخصاصي‪" ،‬التنافسية المعيارية‪ ،‬صراع جديد بين األنظمة القانونية الوطنية "‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لقانون األعمال والمقاوالت"‪ ،‬عدد ‪ ،14-15‬شتنبر ‪.2008‬‬
‫‪ ‬إبراهيم أنوض‪" ،‬القاضي اإلداري بين ضرورة حماية اإلستثمار وخصوصيات القانون‬
‫الضريبي"‪ ،‬منشورات مجلة المهن القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة القضاء االداري والمنازعات‬
‫االدارية ‪ ، 4/3‬سنة ‪.2019‬‬
‫‪ ‬مجلة المالية‪ ،‬الصادرة عن وزارة االقتصاد والمالية‪ -‬وزارة االقتصاد والمالية وإصالح االدارة‬
‫حاليا‪ -‬العدد ‪ 23‬سنة ‪.2013‬‬
‫‪ ‬المكي السراجي‪ ،‬عبد القادر الطالبي"الرأي االستشاري"‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬العدد‪ ،54‬يناير‪.2004‬‬
‫‪ ‬حكيمة بومحمدي‪"،‬االستشارة في التشريع المغربي"‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة المحلية و التنمية‪،‬‬
‫العدد‪ ،55‬يناير‪.2005‬‬
‫‪ ‬حكيمة بومحمدي‪" ،‬اإلستشارة في التشريع المغربي"‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة المحلية و التنمية‪،‬‬
‫العدد‪ ،55‬يناير‪.2005‬‬
‫‪ ‬مجلة المالية‪ ،‬لوزارة االقتصاد و المالية‪-‬وزارة االقتصاد والمالية وإصالح االدارة حاليا‪ -‬العدد‬
‫‪ 24‬يناير ‪.2014‬‬
‫‪ ‬عبد العزيز يعكوبي‪ ،‬القضاء الجبائي وحماية االستثمار من خالل قرارات المجلس األعلى‪،‬‬
‫الندوة الجهوية ‪ -4‬محكمة االستئناف التجارية الدار البيضاء ‪ 19،18‬أبريل ‪ ،2007‬مطبعة األمنية‪،‬‬
‫الرباط‪.‬‬

‫‪155‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬لعجال ياسمينة‪ ،‬إشكالية االزدواج الضريبي الدولي بين اآلثار السلبية وفعالية الحلول الوطنية‪،‬‬
‫مقال منشور بمجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬العدد الخامس عشر‪ ،‬يناير ‪.2016‬‬
‫‪ ‬محمد قزيبر‪ ،‬واقع الضغط الجبائي بالمغرب‪-‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية للتنمية‪-‬عدد‪-83‬‬
‫‪.2008‬‬
‫‪ ‬خالد الخطيب‪ ،‬التهرب الضريبي‪ ،‬مجلة جامعة دمشق كلية االقتصاد ‪-‬المجلد‪ -16‬سنة ‪.2000‬‬
‫‪ ‬طالبي محمد‪ ،‬أثر الحوافز الضريبية وسبل تفعيلها في جلب االستثمار األجنبي المباشر في‬
‫الجزائر‪ ،‬مجلة اقتصاديات‪ -‬عدد‪ -6‬جامعة البليدة‪ ،‬لسنة ‪.2018‬‬
‫‪ ‬هشام الوزايكي‪ ،‬دور القاضي الجبائي المغربي في حماية االستثمار‪ ،‬مجلة محاكمة عدد ‪-12‬‬
‫‪ 11‬أكتوبر‪/‬دجنبر ‪.2016‬‬
‫‪ ‬حسن صحيب‪"،‬القضاء االداري المغربي"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية‪-‬‬
‫سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬عدد ‪ ، 80‬طبعة سنة ‪.2008‬‬
‫‪ ‬حسن العفوي‪" ،‬المنازعة الضريبية أمام القضاء بين التأسيس والتحصيل"‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪" ،‬دراسات"‪ ،‬عدد ‪ 70‬شتنبر‪ -‬أكتوبر ‪.2006‬‬
‫‪ ‬عبد العالي بنبريك‪ ،‬المنازعات الجبائية على مستوى فرض الضريبة واحتسابها‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة عدد ‪ ،1‬سنة ‪.1995‬‬
‫‪ ‬محمد شكيري‪" ،‬خصوصية المنازعة في مجال الفحص الضريبي"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬دراسات‪ ،‬يوليوز‪ -‬غشت‪ ،‬عدد ‪ ،75‬سنة ‪.2007‬‬
‫‪ ‬أحمد البقالي‪" ،‬حجز ورهن وبيع األصل التجاري بين مدونة التجارة وقانون المسطرة المدنية‬
‫ومدونة تحصيل الديون العمومية"‪ ،‬مجلة القانون المغربي‪ ،‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪.2002‬‬
‫‪ ‬محمد شكيري‪" ،‬القانون الضريبي المغربي‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية"‪ ،‬عدد‬
‫‪ 49‬سـنة ‪.2003‬‬
‫‪ ‬محمد لمزوغي‪":‬التنفيذ الجبري عن طريق االكراه البدني من خالل مستجدات مدونة تحصيل‬
‫الدين العمومية"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لالدارة المحلية و التنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪،‬‬
‫عدد ‪ ،31‬سنة ‪.2001‬‬

‫‪156‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪ ‬محمد قصري‪" :‬إيقاف التنفيذ للدين العمومي أمام القضاء االستعجالي"‪ ،‬مجلة المحاكم اإلدارية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،3‬ماي ‪.2008‬‬

‫الـمـقـاالت‪:‬‬
‫‪ ‬نجيب البقالي‪ ،‬حدود العمل القضائي في المادة الجبائية‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء المدني‪ ،‬سلسلة‬
‫دراسات و أبحاث‪ ،‬العدد‪ 7/‬الجزء االول‪ ،‬المنازعات الضريبية و تحصيل الديون العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬عبد الكريم حضيرة‪ ،‬سلطات القاضي االداري في المادة الجبائية‪ ،‬مقال منشور بمجلة دفاتر‬
‫الحكامة‪ ،‬العدد‪ ،2/‬دجنبر ‪.2015‬‬

‫‪ ‬سالم محمد الشوابكة‪ ،‬االزدواج الضريبي في الضرائب على الدخل و طرائق تجنبه‪ ،‬مقال منشور‬
‫بمجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية و القانونية المجلد‪ ،21‬العدد ‪.20‬‬

‫الـنـدوات وتـقـاريـر‪:‬‬
‫‪ ‬الـنـدوات‪:‬‬
‫‪ ‬جواد لعسري‪ ،‬مداخلة بعنوان قراءة في المادة ‪ 247‬من المدونة العامة للضرائب على ضوء‬
‫مشروع قانون المالية‪ ،‬بالندوة الوطنية التي اقيمت بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫بالمحمدية‪ ،‬بتاريخ ‪ 20‬نونبر ‪.2019‬‬
‫‪ ‬خالد المبروكي‪ ،‬مداخلة بعنوان االستشارة الضريبية المسبقة وسؤال االمن القانوني‪ ،‬ندوة وطنية‬
‫حول موضوع "األمن القانوني والقضائي في المجال الضريبي"‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية بالمحمدية بتاريخ ‪ 03‬ماي ‪.2019‬‬
‫‪‬تـقـاريـر‪:‬‬
‫‪ ‬تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬بعنوان "من أجل نظام جبائي يشكل دعامة‬
‫أساسية لبناء النمودج التنموي الجديد‪ ،‬إحالة ذاتية رقم ‪.2019/39‬‬
‫‪ ‬التقرير السنوي حول أنشطة المديرية العامة للضرائب لسنة ‪.2018‬‬
‫‪ ‬تقرير األونكتاد بشأن مسائل إتفاقات اإلستثمارات الدولية‪ ،‬تقرير االمم المتحدة للتجارة والتنمية‬
‫حول موضوع الحوافز لسنة ‪.2008‬‬

‫‪157‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الـنصـوص الـقانـونـيـة والـظـهـائـر‪:‬‬


‫‪ ‬ظهير شريف رقم ‪ 1-95-213‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر‪ ،1995‬يتضمن األمر بتنفيذ القانون اإلطار رقم‬
‫‪ 95-18‬بمثابة ميثاق االستثمار الصادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 4335‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪.1995‬‬
‫‪ ‬ظهير شريف رقم ‪ 1.20.72‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6903‬بتاريخ ‪ 4‬ذي الحجة‬
‫‪ 25 (1441‬يوليو ‪ ) 2020‬بتنفيذ قانون المالية المعدل رقم ‪ 20.35‬للسنة المالية ‪.2020‬‬
‫‪ ‬ظهير شريف رقم ‪ 1.73.413‬بتاريخ ‪ 13‬غشت ‪ 1973‬بمثابة قانون يتعلق بإتخاد تدابير خاصة‬
‫بتشجيع االستثمار‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3172‬بتاريخ ‪ 15‬غشت ‪.1973‬‬
‫‪ ‬ظهير شريف رقم ‪ 1.17.110‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6633‬ربيع اآلخر ‪1439‬‬
‫(‪ 25‬ديسمبر ‪ )2017‬بتنفيذ قانون المالية رقم ‪ 68.17‬للسنة المالية ‪.2018‬‬
‫‪ ‬ظهير شريف رقم ‪ 82.220.1‬صادر في ‪ 2‬ربيع اآلخر ‪ 17( 1403‬يناير ‪ ،)1983‬يتضمن‬
‫األمر بتنفيذ القانون رقم ‪ 17.82‬المتعلق باالستثمارات الصناعية الصادر في الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 3664‬بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪.1981‬‬

‫‪ ‬ظهير الشريف رقم ‪ 232-06-1‬الصادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 5487‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر‬


‫‪ 2007‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 43-06‬بشإن إحداث المدونة العامة للضرائب‪.‬‬
‫‪ ‬ظهيرشريف رقم ‪ 1.15.06‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6342‬بتاريخ ‪ 29‬ربيع االخر‬
‫‪19( 1436‬فبراير‪ ،)2015‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 114.13‬المتعلق بالمقاول الذاتي‪.‬‬
‫‪ ‬ظهير رقم ‪ 1-89-116‬بتاريخ ‪ 12‬نونبر ‪ 1989‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪ 17-89‬المحدث‬
‫للضريبة العامة على الدخل‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4023‬بتارخ ‪ 6‬ديسمبر ‪.1989‬‬
‫‪ ‬ظهير الشريف رقم ‪ 1-86-239‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 3873‬بتاريخ ‪ 28‬ربيع اآلخر‬
‫‪ 21( 1407‬دجنبر ‪ )1986‬لتنفيذ القانون رقم ‪ 86-24‬المتعلق بالضريبة على الشركات‪.‬‬
‫‪ ‬ظهير الشريف رقم ‪ 1-85-347‬الصادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 3818‬بتاريخ ‪ 20‬دجنبر‬
‫‪ 1985‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 85-30‬القاضي بفرض الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 3818‬الصادرة بتاريخ ‪ 1‬يناير ‪.1986‬‬
‫‪ ‬ظهير الشريف رقم ‪ 1.14.195‬الصادر في الجريدة الرسمية ‪ 6320‬بتاريخ فاتح ربيع األول‬
‫‪24( 1436‬دجنبر‪ )2015‬بتنفيذ قانون المالية رقم ‪ 100-14‬للسنة المالية ‪.2015‬‬

‫‪158‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫ من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬48 ‫العدد‬

‫ مكرر بتاريخ ربيع االخر‬6838 ‫ صادر في الجريدة الرسمية‬1.19.125 ‫ ظهير الشريف رقم‬
. 2020 ‫ للسنة المالية‬70.19 ‫) بتنفيذ قانون المالية رقم‬2019 ‫ ديسمبر‬13( 1441

:‫الـمـراجـع بالـفـرنـسـيـة‬

OUVRAGES
 francois denis, le capital d’investissement : guide jurdique rt fiscale,
édition 5 poit rinal, paris, 20 novembre 2015.
 Michel Bouvier , introduction au droit fiscal general et à la théorie de
l’impots , 10émé editition,2010, lgdj l’extenso editions .
 Petter frank " le rôle de l’investissement privé dans les pays en voie de
déveleppement ". Etude publiée dans la revue M.F.P.E.N 1987-1988.
 Brachet bernard , le systéme fiscal francais, 7eme edition, aout 1997,
paris.
 Najib Akesbi « L’impôt, l’Etat et l’ajustement » Edition Actes, Rabat,
1993.
 Anass ben Saleh zemrani « fiscalité face au développement économique
et sociale au Maroc », édition la porte, rabat, 1982.
 Pheuiphanh Ngaosyvathn, le rôle de l’impôt dans les pays en voie de
développement , librairie générale de droit et jurisprudence paris 1980.
 Lazrak Rachid, le contrôle et le contentieux de l’impôt au Maroc, édition
la porte, 2007.
 Laghmari(A), le contrôle fiscal, Edition, Abacus Casablanca 2004.

Articles

159 ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫ من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬48 ‫العدد‬

 Bakkali(H), investissement direct changer et attractivé-répére et prespective


N°5-2004 .
 Marie christine esclassane, « l’accessbillité de la doctrine administrative
fiscale »REEP n°140-2017.
 Guy Geste, « les évolutions du rescrit », REFP N°112-2010.
 Gilles Bacheler , « le rescrit fiscal », RFFP n°130-2015.
Momoires
 sotih faycal, le contentieux de l’impôt des patentes mémoire de D.E.S.A
année universitair 2000-2001, agdal, Rabat.

Rapport
 OECD, Investment Policy, POLICY FRAMEWORK FOR INVESTMENT,
Edition 2011.

160 ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫‪161‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫الفهرس‪:‬‬

‫مــقـدمة‪5 ............................................................................................................................... :‬‬


‫الفصل األول‪ :‬التدابير القانونية والضريبية لتشجيع اإلستثمار ‪15 ............................................‬‬
‫المبحث األول‪:‬اإلطار المفاهيمي والقانوني لإلستثمار ‪15 .........................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مقاربة نظرية لمفهوم اإلستثمار ‪16 .................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية اإلستثمار أنواعه وعوامل تطوره‪17 ......................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أهمية اإلستثمار في مسألة التنمية‪22 ...............................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اإلطار القانوني المنظم لإلستثمار ‪26 ...............................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قوانين اإلستثمار كخيار إقتصادي ‪26 ................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬ميثاق اإلستثمار ‪ 18-95‬بمثابة قانون إطار ‪32 ...............................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دور السياسة الضريبية في تجويد وتحسين مناخ اإلستثمار ‪36 .......................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التحفيزات الضريبية كآلية لتشجيع اإلستثمار ‪37 ..............................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التحفيزات الضريبية المتضمنة في الضرائب المباشرة ‪37 ................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬التحفيزات الضريبية الموجهة للضريبة على الشركات ‪42 ..............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التحفيزات الضريبية المتضمنة في الضرائب غير المباشرة ‪46 .........................‬‬
‫أوال‪ :‬الضريبة على القيمة المضافة ‪46 ....................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آليات السياسة الضريبية لتحسين مناخ اإلستثمار ‪53 ......................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أدوات النظام الضريبي ودورها في تجويد مناخ اإلستثمار ‪53 ...........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أهمية السياسة الضريبية في تحفيز المقاولة على اإلستثمار‪65 ........................‬‬
‫‪84 ..........................................................................................................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور القاضي اإلداري في حماية اإلستثمار ‪85 ...................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬رقابة القاضي اإلداري على أعمال االدارة الضريبية ‪86 ...................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور قاضي الموضوع في حماية اإلستثمار ‪86 ..................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬رقابة القاضي الموضوع على مسطرة الوعاء ‪87 .............................................‬‬

‫‪162‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫أوال‪ :‬إشعار الملزم قبل مباشرة التصحيح ‪96 ...........................................................................‬‬


‫ثانيا‪ :‬الفرض التلقائي للضريبة ‪100 .......................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬رقابة قاضي الموضوع في مسطرة التحصيل الضريبي ‪110 .............................‬‬
‫الحــــــجــــــز ‪111 .....................................................................................‬‬ ‫أ)‬
‫المسؤولية اإلدارية عن التحصيل الضريبي‬ ‫أ)‬
‫‪114‬‬ ‫المعيب‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور القاضي اإلستعجالي في حماية اإلستثمار ‪118 .........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شروط سلوك مسطرة إيقـاف التـنـفـيـذ ‪119 .....................................................‬‬
‫‪119 .......................................................................................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬شـــرط اإلســتــعــجــال ‪121 .........................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تطبيقات إيقـاف تـنفيـذ إجــراءات المتابعة ‪123 ................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حــدود وأفــاق القــضـاء اإلداري ‪127 ............................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إكراهات القاضي اإلداري في المنازعة الضريبية ‪128 .....................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحدود المرتبطة بالقاضي اإلداري ‪128 ...........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحدود اإلجرائية للمنازعة الضريبية ‪133 ........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أفاق تسوية المنازعات الضريبية في ضوء الوسائل البديلة ‪136 ....................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إمكانية الصلح في تسوية المنازعة الضريبية ‪137 ...........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إمكانية حل النزاع الضريبي بواسطة التحكيم بين الرفض والتأييد ‪140 ............‬‬
‫‪145 .......................................................................................................................................‬‬
‫‪145 .......................................................................................................................................‬‬
‫الفهرس ‪162 ..........................................................................................................................‬‬

‫‪163‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫انتهى حبمد اهلل وتوفيقه‬

‫‪164‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫رابط حتميل مجيع األعداد السابقة من سلسلة أحباث قانونية جامعية معمقة‬
‫‪https://allbahit.blogspot.com/search/label/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A9%‬‬
‫‪20%D8%A3%D8%A8%D8%AD%D8%A7%D8%AB%20%D9%82%D8%A7%D9%86%D9‬‬
‫‪%88%D9%86%D9%8A%D8%A9%20%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D9%8A%D‬‬
‫‪8%A9%20%D9%85%D8%B9%D9%85%D9%82%D8%A9‬‬

‫‪165‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬
‫العدد ‪ 48‬من سلسلة األبحاث المعمقة بعنوان اإلستثمار في ضوء التشريع الضريبي والعمل القضائي للباحث سفيان سروتي‬

‫سلسلة أبحاث قانونية جامعية معمقة‬

‫منشورات‪:‬‬

‫‪166‬‬ ‫سلسلة تهتم بنشر األبحاث المعمقة – تقديم األستاذ محمد القاسمي‬

You might also like