You are on page 1of 89

‫رسالةُ التجديد‬

‫نور ي ِ‬
‫هدي ال قَي ٌد ََي ِسر‬‫ٌَ‬

‫د‪.‬حممد حبش‬
‫مركز الدراسات اإلسالمية‬

‫دمشق‬
‫‪2005‬‬
‫رسالة التجديد‬

2021 ‫الطبعة األولى‬


‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫ محمد حبش‬.‫ د‬:‫المؤلف‬
‫هذه الطبعة من إصدار مركز الدراسات لبحوث التنوير والحضارة‬
‫دار متخصصة بالدراسات اإلنسانية وإخاء األديان‬
‫ اإلمارات‬- ‫ الشارقة‬- ‫ شارع الشيخ محمد بن زايد‬-‫ مدينة الشارقة للنشر‬-19
0097165545544 :‫هاتف‬
habash2005@gmail.com
www.mohammadhabash.org

First Edition 2021


All Rights Reserved
Mohamad Habash
This edition is issued by the Studies Center for Civilization and
Enlightenment Research.
The center specializes in human studies and brotherhood of
religions
Address: 19- Sharjah Publishing City - Sheikh Mohammed Bin
Zayed Rd - Sharjah - UAE
Tel: 0097165545544
habash2005@gmail.com
www.mohammadhabash.org
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱰﱱﱲﱳﱴ ﱶ‬
‫ﱵﱷ‬

‫ﱻﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ‬
‫ﱼ‬ ‫ﱸ ﱹﱺ‬

‫ﲂﲃ ﱠ‬
‫[يوسف‪]١٠٨ :‬‬
‫لكي يبقى اإلسالم حيا‬
‫علينا أن أنخذ من تراث اآلابء‬
‫اجلذوة‪...‬ال الرمـ ــاد‬
‫‪ | 5‬رسالة التجديد‬

‫تصدير‬
‫هتدف هذه األوراق إىل توضيح املسائل اليت يتبناها تيار التجديد‬
‫اإلسالمي حول قضااي الرتاث‪ ،‬وهي أفكار حتتاج‬
‫ِ‬ ‫والتنوير يف خطابه‬
‫ِ‬
‫بكل أتكيد إىل شرح ومناقشة‪ ،‬ولكن قد يكون من املفيد أن توضع‬
‫بني يدي اإلخوة الدارسني والباحثني‪ ،‬إلغنائها والنظر فيها‪.‬‬

‫يف شباط عام ‪ 2004‬عقد مركز الدراسات اإلسالمية الذي أتشرف‬


‫ابلعمل فيه على مدرج جامعة دمشق مؤمتر جتديد اخلطاب الديين‪ ،‬وهو‬
‫أول مؤمتر إسالمي ينعقد يف دمشق منذ أربعني عاماً‪ ،‬ي ُّ‬
‫عد املؤمتر يف‬
‫مهمة يف إطار توضيح رسالة التجديد يف اجملتمع‬
‫الواقع خطوة َّ‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ومع أن أعمال املؤمتر صدرت يف عمل ضخم قرأه الناس‬
‫ظل على ِ‬
‫كل حال صورة ال ترقى إىل األهداف اليت نتغيَّاها‬ ‫ولكن ذلك َّ‬
‫خلطاب التجديد اإلسالمي‪.‬‬

‫يواجه تيار التجديد يف السنوات التالية يف سورية سلسلةً من االنتقادات‬


‫احلادة بوساطة مراصد خمتلفة‪ ،‬ولدينا اليوم سلسلة من فتاوى التكفري‬
‫َّ‬
‫والزندقة اليت أطلقها شيوخ مشهورون َّ‬
‫ضد خطاب التجديد كما تبنيناه‬
‫‪ | 6‬رسالة التجديد‬

‫حادة ودقيقة حول‬


‫يف املركز‪ ،‬وقد طرحت هذه التطورات تساؤالت َّ‬
‫مستقبل خطاب التجديد الديين واألهداف اليت يبتغيها‪.‬‬

‫ينظر مركز الدراسات اإلسالمية إىل حركة الشيخ عبد الرمحن الكواكيب‬
‫يف الشام على َّأّنا منطلق اإلصالح الديين يف سورية‪ ،‬وهو اإلصالح‬
‫الذي تناغم مع احلركة اإلصالحية يف مصر‪ ،‬كما يشري إىل عدد من‬
‫رموز اإلصالح الديين يف سوراي كالشيخ األمري عبد القادر اجلزائري‪،‬‬
‫وخري الدين الزركلي‪ ،‬ومعروف الدوالييب‪ ،‬والشيخ أمحد كفتارو‪ ،‬والشيخ‬
‫مهماً‬
‫رصيدا َّ‬
‫جودت سعيد‪ ،‬وخالص جليب‪ ،‬وهؤالء يف الواقع يعدُّون ً‬
‫حلركة التجديد‪ ،‬وال شك َّ‬
‫أن أعماهلم وأنشطتهم تساعد يف االندفاع‬
‫حنو رسم مالمح خطاب جتديد يهدف إىل حتقيق التناغم بني العقيدة‬
‫اإلسالمية وبني حاجات العصر‪.‬‬

‫َّأما اإلصالح الديين يف مصر‪ ،‬فال شك أنَّه انطلق جبهود حممد علي‬
‫ابشا وإرادته يف بعث النهضة املصرية وهو ما استأنفه رفاعة الطهطاوي‪،‬‬
‫وحممد عبده‪ ،‬ومجال الدين األفغاين‪ ،‬وعلي عبد الرازق‪ ،‬وقاسم أمني‪،‬‬
‫‪ | 7‬رسالة التجديد‬

‫وعبد العزيز املراغي‪ ،‬والشيخ حممود شلتوت‪ ،‬وحممد الغزال‪ ،‬ومجال‬


‫البنا‪ ،‬والشيخ علي مجعة‪.‬‬

‫وحياول مركز الدراسات اإلسالمية أن يطرح نفسه ديو ًان حلركة التجديد‬
‫يف سورية‪ ،‬وأن يبلور يف النهاية مقاصد التجديد وغاايته وأهدافه يف لغة‬
‫واضحة ال حتتمل اللبس وال التحريف‪.‬‬

‫خطاب يراد به التعامل‬


‫ٌ‬ ‫ومن الواجب أن نشري هنا إىل أن التجديد‬
‫مع الرتاث‪ ،‬وهبذه اجلزئية ال جيوز القول إن التجديد وحده قادر‬
‫على بناء األوطان‪ ،‬إنه يشارك فيها ويعاجل قضية العالقة مع املاضي‪،‬‬
‫ولكن بناء احلياة يتطلب ما هو أكثر من خطاب التجديد‪.‬‬

‫إن كفاح اجليل جيب أن يتوجه إىل بناء مواطنة صحيحة يتساوى‬
‫فيها الناس أمام القانون‪ ،‬وينالون حريتهم التامة يف االعتقاد وممارسة‬
‫احلياة العامة والسياسية واالجتماعية‪ ،‬وميكن تلخيص األهداف اليت‬
‫السوري كامال‬
‫ُّ‬ ‫نتبناها يف نشاطنا السياسي مبا نص عليه الدستور‬
‫َرغم التحفظ على مادتني فيه‪ ،‬ولكننا ملتزمون مبواد الدستور مجيعها‬
‫‪ | 8‬رسالة التجديد‬

‫مع االحتفاظ ِّ‬


‫ابحلق يف تعديلهما ابلوسائل الدميقراطية مبا ينسجم‬
‫مع قيم املواطنة الكاملة‪.‬‬

‫وجيب القول هنا إ ن القضااي اليت نطرحها يف هذه األوراق ليست هي‬
‫برنمج التنمية املأمول‪ ،‬وال هي األهداف اليت نرصد حياتنا ألجلها‪ ،‬بل‬
‫هي مالحظات للمشتغلني يف احلقل الرتاثي واملهتمني مبقاربة النصوص‪،‬‬
‫وال شك َّ‬
‫أن النضال االجتماعي والديين الذي نعمل ألجله جيب أن‬
‫يشتمل على مشاريع تنموية وصحية وخدمية وتعليمية‪ ،‬ولكن معاجلة‬
‫قضااي الرتاث ضرورة حتتِمها حاجة األمة يف جمتمع ما يزال حيتكم إىل‬
‫الرتاث يف شطر كبري من حياته وسلوكه‪.‬‬

‫وال شك أنَّه من نفلة القول أن نشري هنا إىل أن ما سنكتبه يف هذه‬


‫مفتقرا‬
‫معصوما وسيظهر بوجه أكيد ً‬ ‫ً‬ ‫نصاً‬
‫الدراسة لن يكون ابلتأكيد َّ‬
‫للشروح والتفاصيل وهو ما أنمل أن َييت متكامالً فيما بعد مع رؤية‬
‫مشولية للحل‪.‬‬
‫‪ | 9‬رسالة التجديد‬

‫ﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄ‬

‫ﭐﱡﭐ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱠ‬

‫[اإلسراء‪]٥٣ :‬‬

‫ميثاق رسالة التجديد‬


‫اإلميان ابهلل وحده ال شريك له‪ ،‬واإلميان أبمسائه احلسىن اليت‬ ‫•‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫يتحبب هبا إىل خلقه‪ ،‬وأنَّه وسعت رمحته َّ‬
‫اإلميان ابألنبياء الكرام وكتبهم املقدسة اليت جاؤوا هبا إىل‬ ‫•‬

‫أزمنتهم وأقوامهم‪.‬‬
‫نؤمن ابآلخرة‪ ،‬وأن هللا قادر على أن يعيد اخللق وهو أهون‬ ‫•‬

‫عليه‪ ،‬ونصدق ِ‬
‫بكل ما ورد فيها من صيغ العدل ونتأول ما‬
‫ورد من مظامل حبسب الظاهر‪ ،‬وفق قاعدة‪ :‬فمن يعمل‬
‫مثقال ذرة خرياً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره‪.‬‬
‫لكل َّأمة شريعة ومنهاجاً‪ ،‬وكذلك ِ‬
‫لكل جيل‬ ‫نؤمن أبن ِ‬ ‫•‬

‫وزمان ومكان‪.‬‬
‫‪ | 10‬رسالة التجديد‬

‫هدى لإلنسان ونور أهلمها هللا سبحانه‬


‫إن الشرائع مجيعها ً‬ ‫•‬

‫للبشر يف مراحل خمتلفة‪ ،‬وهي تلخص جتارب إصالحية‬


‫فريدة قدمت اخلري واهلدى للناس‪.‬‬
‫األداين مدارس هداية ونور‪ ،‬ونؤمن أب َّن هللا أودع فيها ما‬ ‫•‬

‫ينفع الناس‪ ،‬وندعو إىل التعامل مع األداين وفق الدعوة‬


‫القرآنية‪ :‬مصدقاً ملا بني يديه‪ ،‬وهو ما يعين تبادل االحرتام‬
‫واملودة‪ ،‬ورفض صيغ القطيعة والكراهية اليت تروج يف تراثنا‬
‫وثقافتنا‪.‬‬
‫األول عن اختيار سلوكه يف‬ ‫َّ‬
‫إن اإلنسان هو املسؤول َّ‬ ‫•‬

‫اجتهادا واستنباطًا وحبثًا‪ ،‬وعليه أن يهتدي يف‬


‫ً‬ ‫األرض‪،‬‬
‫خياراته مبن سبقه من األنبياء واملصلحني واحلكماء‪ ،‬وال ُّ‬
‫تعد‬
‫ملزما‪.‬‬
‫خيارا ً‬
‫أي من هذه اخليارات ً‬
‫ٌّ‬
‫االختالف جزء من فطرة اإلنسان وتكوينه‪ ،‬وال ينبغي أن‬ ‫•‬

‫ينصرف جهد املصلحني إىل القضاء على االختالف وإمنا‬


‫إىل اإلفادة منه يف إطار التنوع والتعدد والتكامل‪.‬‬
‫‪ | 11‬رسالة التجديد‬

‫َّ‬
‫إن منهج القبول والرد من املعارف والثقافات مجيعها هو أننا‬ ‫•‬

‫نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاهتم ‪،‬‬


‫ونلتمس هلم األعذار فيما ال يستقيم‪ ،‬على أساس أنه األليق‬
‫بظروفهم وزماّنم‪.‬‬
‫مجيعا متساوون أمام عدالته‬
‫شعب خمتار‪ ،‬واخللق ً‬
‫ليس هلل ٌ‬ ‫•‬

‫ورمحته‪.‬‬
‫نؤمن َّ‬
‫أبن آايت هللا يف اآلفاق واألنفس هلا قوة آايته يف الكتب‬ ‫•‬

‫املنزلة‪.‬‬
‫‪ | 12‬رسالة التجديد‬
‫‪ | 13‬رسالة التجديد‬

‫يف العقيدة‬
‫إن الثابت األول يف مسائل االعتقاد هو أن هلل سبحانه صفات‬
‫كل نص يوهم الظلم أو‬
‫الكمال من العدل واإلحسان والرمحة‪ ،‬و ُّ‬
‫االنتقام أو االستهزاء أو املكر جيب أتويله مهما كان هذا التأويل‬
‫متعسفا‪ ،‬فحقيقة عدل هللا أكرب وأوىل من مراعاة ظاهر التنـزيل‪ ،‬ويف‬
‫ما يتصل مبسائل االعتقاد فنحن نلتزم االتفاق التام على مسائل‬
‫االعتقاد من وحدانية هللا تعاىل وقدرته ورمحته وحكمته‪ ،‬وثبوت‬
‫صفات الكمال املطلق له سبحانه‪ ،‬مع ضرورة توضيح النقاط‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫رفض القهر والظلم يف ِّ‬
‫حقه تعاىل‬
‫َّ‬
‫إن هللا تعاىل خلق اخللق ليحسن إليهم ولن يكون يف ميثاق هللا تعاىل‬
‫كل ما‬
‫أي ظلم‪ ،‬وهو حبيب قريب إليهم وال يرضى يف مملكته الظلم‪ ،‬و ُّ‬
‫ُّ‬
‫خطر ببالك من الظلم والقهر واالنتقام والتشفي فهو ليس من شأن هللا‬
‫تعاىل هللا عن ذلك علواًكبرياً‪.‬‬
‫‪ | 14‬رسالة التجديد‬

‫ونرفض ما زعمته اخلوارج من عذاب األطفال يف اآلخرة‪ ،‬وأبناء املشركني‬


‫أن هللا أعلم مبا كانوا عاملني‪ ،‬ومثل ذلك ما ورد من َّ‬
‫أن هللا‬ ‫على أساس َّ‬
‫إذا أجنز احلساب أخذ قبضة بيده من أهل النار فألقاهم يف اجلنة وقال‬
‫هؤالء يف اجلنة وال أابل‪ ،‬وأخذ قبضة من أهل اجلنة فألقاهم يف النار‬
‫وقال هؤالء يف النار وال أابل‪ ،‬فذلك كله ال يستقيم مع عدالة هللا‬
‫وإحسانه وحكمته‪ ،‬ومثل ذلك ما ورد يف حديث البخاري؛ إذ يقول‬
‫هللا آلدم‪(( :‬اي آدم أخرج بعث النار‪ ،‬قال‪ :‬وما بعث النار‪ ،‬قال‪ :‬من‬
‫متاما مع غاية اخللق‬ ‫ِ‬
‫كل ألف تسعمئة وتسع وتسعون)) فهذا يتناقض ً‬
‫ورمحة هللا اليت وسعت غضبه‪ ،‬وغفرانه سبحانه لعباده‪.‬‬

‫كما ال ميكن قبول التعذيب يف النار الذي ورد يف بعض السنن جزاء‬
‫ألعمال بسيطة كإسبال اإلزار‪ ،‬وعدم إسباغ الوضوء‪ ،‬ومن زعم أنَّه يف‬
‫اجلنة فهو يف النار‪ ،‬ومن شبَّه هللا بشيء من خلقه فهو يف النار‪ ،‬وما‬
‫أسفل من الكعبني فهو يف النار‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن أمساء هللا احلسىن عظيمة وجليلة ولكن مل يرد تفصيلها عن الرسول‬
‫الضار‪ ،‬واستبداهلا مبا‬ ‫خبرب يقني‪ ،‬وال َّ‬
‫بد من مراجعة أمساء مثل املنتقم و َّ‬
‫‪ | 15‬رسالة التجديد‬

‫هو أليق بكماله سبحانه كالشايف والكامل واألكرب‪ ،‬كما أنه ال يصح‬
‫وصفه سبحانه ابملاكر واملستهزئ والكائد ولو دلت لذلك ظواهر‬
‫النصوص‪.‬‬

‫اجلزاء األخروي وأتويل آايت العذاب‬


‫اإلميان َّ‬
‫أبن اجلنة دار حق والنار دار حق‪ ،‬ولكن ليس ذلك ابلضرورة‬
‫على وفق ما نفهمه من ظاهر ِ‬
‫النص بل القصد احلق يف الكتاب هو‬
‫َّ‬
‫أن اجلنة دار كرامة والنار دار حساب وتطهري‪ ،‬والزمن فيها ليس مبا‬
‫نعرفه من السنني واألايم‪ ،‬بل هو بقدر ما يغدو اخللق مطهرين أنقياء‬
‫لدخول اجلنة والتنعم مبا فيها‪ ،‬و َّأما النار واإلحراق والتنكيل الذي ورد‬
‫يف الكتاب العزيز فال يصح قبوله على ظاهره بل ال َّ‬
‫بد من أتويله‬
‫حبيث يكون معناه التطهري وليس االنتقام‪.‬‬

‫و َّأما ما ورد يف تفاصيل العذاب‪ ،‬وخلود أهل النار يف النار فال ميكن‬
‫قبول ظاهره لتناقضه التَّام مع عدالة هللا تعاىل وغفرانه‪ ،‬واخللود يف‬
‫النار املذكور يف القرآن لإلشارة إىل طول العذاب‪َّ ،‬أما القول ابخللود‬
‫املطلق فهو يتناقض مع احلكمة يف اخللق والرمحة يف اخلالق‪.‬‬
‫‪ | 16‬رسالة التجديد‬

‫لون من اجملاز والرتهيب‪ ،‬يشبه‬ ‫ُّ‬


‫ويعد كل ما ورد يف أمر النار والعذاب ً‬
‫ما قاله الرسول لبعض الصحابة‪(( :‬ثكلتك أمك‪ ،‬ويل أمه‪ ،‬تربت‬
‫فكل هذه األوصاف جماز ال يراد معناها وإمنا هي صيغ‬
‫يداك‪ُّ ))...‬‬
‫حتذير وردع‪.‬‬

‫وال ميكن عقالً وال ذوقًا قبول اخللود يف العذاب مقابل بعض التفريط‬
‫متاما‬
‫يف الدنيا‪ ،‬مهما كان هذا التفريط‪ ،‬واخللود يف العذاب يتناقض ً‬
‫مع رمحة هللا وإحسانه وعفوه‪ ،‬وحنن نتأول ذلك كله على منهج‬
‫السادة الصوفية‪.‬‬
‫الشيخ األكرب حمي الدين بن عريب و َّ‬

‫واخلالصة فإن للعامل اآلخر قوانني وسنن ال تنطبق على ما يف عاملنا‬


‫هذا‪ ،‬فالعاملان خمتلفان وحتكم قوانينهما حقيقة واحدة هي عدل هللا‬
‫كل تصور عن اآلخرة يفهم منه الظلم أو العبث يف حقه‬
‫ورمحته‪ ،‬و ُّ‬
‫سبحانه فهو وهم وضالل‪ ،‬ولو دلت عليه ظواهر األدلة‪.‬‬

‫كتابة أعمال العباد مبا يستقيم مع القدر ومسؤولية اإلنسان‬


‫َّ‬
‫إن األقدار املتصلة إبرادة العباد‪ ،‬ال تكتب منذ األزل على الناس‪،‬‬
‫وإمنا تكتب بعد أن يفعلها العباد وال معىن للمسؤولية واحملاسبة إذا‬
‫‪ | 17‬رسالة التجديد‬

‫كانت األقدار قد كتبت قبالً وال معىن حينئذ للثواب والعقاب‪ ،‬وال‬
‫يضري يف شيء القول أبن علم هللا تعاىل يتعلق ابحلاضر واملاضي دون‬
‫املستقبل‪ ،‬كما نقول أبن قدرة هللا تعاىل تتعلق ابملمكنات دون‬
‫املستحيالت والواجبات‪ ،‬وسلوك العباد حمكوم بقانون قرآين واضح‪:‬ﭐ‬
‫ﱒﱔﱕﱖﱠ‬
‫ﱓ‬ ‫ﭐﱡﭐ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ‬
‫[امللك‪]٣ - ٢ :‬‬

‫ﱵﱠ‬
‫ﱶ‬ ‫وقوله‪:‬ﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ‬
‫[البقرة‪]١٤٣ :‬‬

‫وقوله‪:‬ﭐﱡﭐ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﱠ‬

‫[الكهف‪]١٢ :‬‬

‫وقوله‪:‬ﭐﭐﱡﭐ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﱠ [سبأ‪:‬‬
‫‪]٢١‬‬

‫ﱡ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏﱠ [املائدة‪]٩٤ :‬‬ ‫وقوله‪:‬‬

‫ﭐﱡﭐ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ‬ ‫وقوله‪:‬‬
‫ﳤ ﳥ ﳦ ﳧ ﱠ [اجلن‪]٢٨ :‬‬
‫‪ | 18‬رسالة التجديد‬

‫ويف إشارات أخرى تشري اآلايت إىل َّ‬


‫أن الكتابة تكون بعد اقرتاف‬
‫العبد اخلطيئة‪ ،‬ومنه قول هللا تعاىل‪:‬‬

‫ﭐﱡﭐ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ [الزخرف‪]١٩ :‬‬

‫حق‪،‬ﭐﱡﭐﱍ ﱎ ﱏ‬ ‫وقال‪ :‬سنكتب ما قالوا وقتلهم األنبياء بغري‬


‫ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱠ [آل عمران‪]١٨١ :‬‬

‫ﱒ ﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛ‬
‫ﱓ‬ ‫ﭐﱡﭐ‬ ‫وكذلك قوله‪:‬‬
‫ﱜ ﱠ [مرمي‪]٧٩ :‬‬

‫ويف ذلك إشارات واضحة إىل أن كتابة العمل تتم بعد أن يقرتفه‬
‫العبد‪ ،‬وأما الكتابة قبل ذلك فال شك أّنا إلغاء لإلرادة اإلنسانية‪.‬‬

‫احلساب والعدل للمحسن واملسيء‬


‫نؤمن بعدالة هللا تعاىل املطلقة‪ ،‬ومقتضى ذلك أن ال يضيع عمل‬
‫ﭐﱡﭐ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ‬ ‫حمسن‪ ،‬عمالً بظاهر قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱠ [الزلزلة‪ ]٨ – ٧ :‬واخللق جمزيون على‬ ‫ﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠ‬

‫أعماهلم‪ ،‬واحملسنون مأجورون عند الناس وعند هللا مسلمني كانوا أم‬
‫مسيحيني أم يهوداً أم بوذيني أو كانوا بغري دين‪.‬‬
‫‪ | 19‬رسالة التجديد‬

‫واملسيؤون كذلك حماسبون عند هللا إال أن يعفو عنهم‪ ،‬من ِ‬


‫كل امللل‬
‫واألداين والشرائع‪.‬‬

‫مجيعا نثين على احملسن ونشكره‪،‬‬


‫وحنن مأمورون ابإلحسان إىل اخللق ً‬
‫وأنخذ على ِ‬
‫يد املسيء وحناسبه من ِ‬
‫أي ملة أو دين كان‪َّ ،‬أما‬
‫احلساب على االعتقاد فهو إىل هللا‪ ،‬كما َّ‬
‫دل له ظاهر الكتاب العزيز‪:‬‬
‫ﱡﭐ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ‬

‫ﱚﱜﱝﱞﱟ‬
‫ﱛ‬ ‫ﱓﱔﱕﱖﱗﱘ ﱙ‬

‫ﱠ ﱡ ﱢ ﱠ [احلج‪]١٧ :‬‬

‫أن الدين عند هللا اإلسالم‪ ،‬فتأويلها َّ‬


‫أن‬ ‫وأ َّما النصوص اليت وردت يف َّ‬
‫اإلسالم اسم جامع ِ‬
‫لكل موحد أسلم وجهه هلل سبحانه‪ ،‬و َّ‬
‫أن‬
‫األعمال الزاهقة هي أعمال السوء والشر واألذى اليت يقوم هبا‬
‫الكافرون احملاربون لإلسالم‪َّ ،‬أما ما يقوم به الناس من عمل اخلري‬
‫قطمريا‬
‫ً‬ ‫فتيال وال‬
‫نقريا وال ً‬
‫واملعروف واإلحسان فإن هللا ال يظلم الناس ً‬
‫وال مثقال ذرة‪.‬‬
‫‪ | 20‬رسالة التجديد‬

‫اإلسالم انسخ أم مصدق‬


‫ال نشك َّ‬
‫أن اإلسالم هو الدين اخلامت الذي أراد هللا به السعادة‬
‫للعاملني‪ ،‬وهو دين يكمل ويصدق‪ ،‬وال ينقض ويبطل‪ ،‬ولألمم كتبها‬
‫خملصا له الدين فهو مقبول عند هللا‪ ،‬أبي‬
‫عبد هللا ً‬
‫وهداها‪ ،‬فمن َ‬
‫مذهب أو دين أو ملة كانت‪ ،‬وواجبنا أن نذكر له حماسن اإلسالم‬
‫حممدا ويعرف فضله‪ ،‬فإن مل يبلغ ذلك بسبب‬
‫حىت حيب النيب ً‬
‫تقصرين يف شرح رسالتنا فحسابنا عند هللا أشد من حسابه‪ ،‬ومن‬
‫أيقن بصدق اإلسالم وصدق الرسول مث استكرب وأعرض فهو من‬
‫املستكربين‪ ،‬وحسابه عند هللا‪ ،‬وهللا ال حيب املستكربين‪.‬‬
‫‪ | 21‬رسالة التجديد‬

‫يف الفقه‬
‫َّ‬
‫إن الفقه اإلسالمي خمزون كرمي وكبري من املعرفة واحلكمة والتجربة‪ ،‬وهو‬
‫ديوان العقل اإلسالمي يف مدَّة صعوده احلضاري‪ ،‬ولكن ال نؤمن‬
‫بعصمته واستعالئه‪ ،‬ونؤمن بتفوقه يف مسائل وقصوره يف مسائل‪ ،‬ونؤمن‬
‫أ نه حكمة بني احلكم‪ ،‬وجتربة بني جتارب األمم‪ ،‬وكنز تشريعي جياور‬
‫كنوز األمم‪ ،‬وندعو إىل دراسته واالستفادة مما قدمه الفقهاء الكرام على‬
‫قاعدة‪ :‬نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاهتم‪ ،‬ومن املسائل‬
‫اليت نطالب مبراجعتها‪:‬‬

‫يف العبادات‬
‫يف الطهارة‪:‬‬
‫متقدما يف عصرهم‪،‬‬
‫ّنجا ً‬‫نع ُّد ما أورده الفقهاء الكرام يف شأن الطهارة ً‬
‫حيمدون عليه‪ ،‬ولكن الطهارة اليوم تطورت بشكل ليس له مثيل‪ ،‬وبعد‬
‫أن كان التطهري يتم ابحلجر صار ابملاء‪ ،‬مثَّ ابلصابون‪ ،‬مثَّ ابملواد‬
‫الكيميائية‪ ،‬مثَّ ابحلرارة الشديدة‪ ،‬مثَّ ابلتعقيم املخربي‪ ،‬وال َّ‬
‫بد من احرتام‬
‫ما انتهى إليه العلم يف هذه احلقائق‪ ،‬وهكذا فباب الطهارات‬
‫‪ | 22‬رسالة التجديد‬

‫والنجاسات مل يعد مربراً يف الفقه القدمي وأصبح املطلوب دراسة ذلك‬


‫وفق املعارف احلديثة‪ ،‬وابلقيم واملعايري املتطورة‪.‬‬

‫ومثل ذلك ما يتصل ابلسواك ونتف اإلبط وحلق العانة ابلوسائل‬


‫احلديثة فذلك كله يستقيم مع التطور الطيب احلديث وال داعي لاللتزام‬
‫به على طريقة األوائل‪.‬‬

‫وال ميس هذا التطوير النسك الشرعي من الوضوء والغسل والتنزه بل‬
‫ميس أدواته اليت هي املاء واملطهرات‪.‬‬

‫يف الصالة‪:‬‬
‫نؤمن أبن الصالة كما نقلتها لنا كتب السنة الشريفة هي أرقى أشكال‬
‫االتصال ابهلل سبحانه‪ ،‬وهي تشتمل على أرقى حلظات التجلي‬
‫والوصال بني العبد وبني ِ‬
‫الرب‪ ،‬وتظهر هيبة اإلسالم وجالله يف ركوعها‬
‫وسجودها وتشهدها‪ ،‬ونتفق مع األئمة الكرام يف ِ‬
‫كل ما رووه بشأن‬
‫أحكام الصالة‪ ،‬ونرى املسائل اآلتية‪:‬‬
‫‪ | 23‬رسالة التجديد‬

‫• األخذ مبا ورد يف اجلمع بني الصلوات للعذر واحلاجة‪:‬‬


‫أحب األعمال إىل هللا الصالة على وقتها‪ ،‬ولكن ظروف احلياة احلديثة‬
‫ُّ‬
‫قد تلجئ إىل أتخري بعض الصلوات بسبب العمل أو االنتقال فال أبس‬
‫الردة‪.‬‬
‫أبداء ذلك يف وقت آخر‪ ،‬كما أن ترك الصالة ال يعين الكفر أو َّ‬

‫ومن فاتته صالة أو صلوات فبحسبه أن جيدد احملبة هلل تعاىل‪ ،‬وال نرى‬
‫وجوب قضاء ما فات‪ ،‬والتائب من الذنب كمن ال ذنب له‪.‬‬

‫وقد مجع رسول هللا من غري سفر والمطر‪ ،‬وسنته التيسري‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫وما ورد من النوافل والرواتب ومواسم الطاعة فهو خري موضوع‪ ،‬واملؤمن‬
‫راغب يف اخلريات مسارع فيها‪.‬‬

‫• عقوبة اترك الصالة‪:‬‬


‫وح ْسبه من العقاب أنَّه حرم مناجاة‬
‫أي عقوبة لتارك الصالة‪َ ،‬‬
‫ال نرى َّ‬
‫هللا ووصاله‪ ،‬ونستنكر َّ‬
‫أشد اإلنكار القول بقتل اترك الصالة سواء‬
‫حودا كان أم كسالً‪ ،‬أخ ًذا بعموم اآلية‪ :‬ﱡﭐ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﱠ [البقرة‪:‬‬
‫أج ً‬
‫‪]٢٥٦‬‬
‫‪ | 24‬رسالة التجديد‬

‫و َّأما عقابه يف اآلخرة فموكول إىل هللا‪ ،‬على أننا نرى َّ‬
‫أن ما ورد من‬
‫ِ‬
‫للمقصر للدخول مع السابقني‪ ،‬وجيب أن‬ ‫ذلك حممول على أنه تطهري‬
‫يستقيم مع رمحة هللا وعدله وفضله‪ ،‬وليس انتقاماً منه وختليصاً حلق‬
‫جمحود‪.‬‬

‫يف الصيام‪:‬‬
‫نتفق يف أحكام الصيام مجيعها اليت أصلها العلماء الكرام‪ ،‬ونشتاق إىل‬
‫نفحات رمضان وليلة القدر‪ ،‬وأنعم هبا من نفحات طاهرات‪ ،‬وخنتار‬
‫أن نقول يف املفطرات أبّنا ما دخل اجلوف عن طريق الفم من الطعام‬
‫أو الشراب‪ ،‬وندعو إىل االتفاق على مواعيد الصوم واألعياد‪ ،‬وذلك‬
‫بوساطة احلساب الفلكي الذي صار اليوم يقيناً علمياً جيب احرتامه‪.‬‬

‫يف الزكاة‪:‬‬
‫نتفق يف أحكام الزكاة اليت أصلها العلماء‪ ،‬ونلتزم مقاديرها وأنصباءها‬
‫كما روي عن الرسول الكرمي‪ ،‬وندعو إىل توسيع موارد الزكاة لتشمل‬
‫كل مصلحة حقيقية للمجتمع‪،‬‬
‫كل مال نم‪ ،‬وتوسيع مصارفها لتشمل َّ‬
‫َّ‬
‫وندعو لقيام هيئة وطنية تتبىن مجع الزكاة واملواءمة بينها وبني الضرائب‬
‫‪ | 25‬رسالة التجديد‬

‫حبيث تنفق الزكاة يف اخلري االجتماعي الذي يعود على الفقراء فقط‪،‬‬
‫ويتم إنفاق الضرائب يف اخلري االجتماعي الذي يستفيد منه املكلف‪.‬‬

‫يف احلج‪:‬‬
‫احلج مناسك ومنافع‪ ،‬وحنن نتفق مع ِ‬
‫كل ما أصله الفقهاء الكرام يف‬
‫شأن مناسك احلج‪ ،‬زمانً ومكانً وأركانً ومواقيت وواجبات وسننًا‪،‬‬
‫ونرى َّ‬
‫أن من فقه العامل الفتوى ابلتيسري يف احلج‪ ،‬ونؤكد على وجوب‬
‫حتقيق أعلى درجات النظافة والنظام واألمن يف أداء املناسك‪ ،‬ولو كان‬
‫ذلك على حساب بعض الواجبات أو السنن‪ ،‬ومسؤولية ذلك تقع‬
‫على عاتق اجلهات املنظمة للحج‪.‬‬

‫َّأما منافع احلج فهي اليوم غائبة ال دور هلا‪ ،‬وحنن نطالب إبحياء منافع‬
‫احلج‪ ،‬حبيث تقوم هيئة إسالمية دولية بتنظيم نشاطات ثقافية وعلمية‬
‫وسياسية واقتصادية على هامش مناسك احلج والعمرة‪ ،‬حبيث يكون‬
‫احلج والعمرة مناسبة لالستفادة من طاقات املسلمني الكربى‪.‬‬
‫‪ | 26‬رسالة التجديد‬

‫كما ندعو للحفاظ على اآلاثر اإلسالمية ُّ‬


‫ويعد هدم اآلاثر الذي وقع‬
‫وضاال‪ ،‬وجيب إعادة االعتبار ِ‬
‫لكل هذه‬ ‫فاسدا ً‬
‫عمال ً‬
‫يف القرون األخرية ً‬
‫اآلاثر ورفض الذرائع املوهومة وإعادة بناء ما هتدم منها‪.‬‬

‫ونؤكد َّ‬
‫أن احلج اإلسالمي هو أهم مظاهر الوحدة اإلسالمية والعمل‬
‫اإلسالمي املشرتك‪ ،‬ومن واجب األمة أن تعمل على خدمته وتطويره‪،‬‬
‫َّ‬
‫تستعد إدارة احلج الستقبال مئة مليون حاج وأكثر‪ ،‬وليس‬ ‫وجيب أن‬
‫أن تعمل على غلق املنافذ وحتديد العدد‪.‬‬

‫يف أحكام املعامالت‪:‬‬


‫يف الفقه االقتصادي‪:‬‬
‫نؤمن َّ‬
‫أبن اإلسالم قصد بناء اقتصاد اجتماعي متكافل ومتني‪ ،‬يتأسس‬
‫مهمة ألجل‬
‫سن تشريعات َّ‬
‫على حترمي الراب واالستغالل والظلم‪ ،‬وأنه َّ‬
‫ذلك‪ ،‬وقد استجدت فيما بعد عصر الفقه اإلسالمي آالف األمناط‬
‫جديدا‪ ،‬وليس من احلكمة‬
‫ً‬ ‫اجتهادا‬
‫ً‬ ‫من االقتصاد‪ ،‬وكلُّها تستدعي‬
‫حصرها يف ميزان األوائل‪ ،‬واحلكم على ِ‬
‫كل منط اقتصادي جديد بقدر‬
‫حصرا إىل‬
‫ما يقدمه من خري وبركة وفائدة للناس‪ ،‬ويرجع تقدير ذلك ً‬
‫‪ | 27‬رسالة التجديد‬

‫اخلرباء االقتصاديني املؤمتنني الذين درسوا الفقه اإلسالمي ودرسوا جتارب‬


‫أي تسلل للظلم حتت عنوان‬
‫األمم‪ ،‬وجيب على هؤالء اخلرباء أن حياربوا َّ‬
‫اقتصاد السوق أو العرض والطلب‪ ،‬بل َّ‬
‫إن مهمة َّ‬
‫الدولة اإلسالمية أتمني‬
‫حياة اقتصادية كرمية للناس‪ ،‬يتأمن فيها التكافل والرتاحم والنمو‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وأن تيسر للناس التشارك التجاري والزراعي‬
‫والصناعي‪ ،‬والقروض املطلوبة فيه وفق مصاحل الناس من عامل‬
‫ومستثمر‪ ،‬ابلصيغ الضامنة العادلة‪ ،‬والثابت يف الشرع هو الدفاع عن‬
‫احملتاج وحماربة الظلم الذي يظهر بشكل جلي يف الراب والتدليس والغش‬
‫والتزوير وغريها من جرائم االقتصاد‪...‬‬

‫حرره الفقهاء يف أبواب البيوع والكفالة واحلوالة واملضاربة‬


‫وحنرتم ما َّ‬
‫والعاريَّة واجلعالة واهلبة واإلجارة واحلجر والغصب والشفعة والقسمة‬
‫واملزارعة واملساقاة والسلم واملخابرة وإحياء املوات والرهن والقرض‬
‫والتفليس واحلجر‪ ،‬ونؤمن هبا على أّنا جتربة إنسانية مضيئة نستفيد‬
‫منها بكل ما ميكن‪ ،‬ونلحظ أن النيب الكرمي مل يشرع يف هذا الباب‬
‫إماما والدليل على ذلك رجوعه صلَّى هللا عليه‬
‫بوصفه نبيًا بل بوصفه ً‬
‫وسلَّم عن حكمه يف أمر السلم وأتبري النخل والغيلة واإلذخر وحلوم‬
‫‪ | 28‬رسالة التجديد‬

‫احلمر األهلية وادخار األضاحي‪ ،‬مما يفتح الباب واسعاً للحقوقيني يف‬
‫األمة لتشريع ما هو مناسب للزمان يف املعاملة والبيوع والشركات‬
‫مهتدين بتجارب الفقهاء الكرام ولكن دون أن نؤطر نشاطنا‬
‫دونوه‪ ،‬بل ننظر إليها على أّنا معامل هادية‬
‫االقتصادي املعاصر مبا َّ‬
‫للمشرتعني‪ ،‬ينسجون على منواهلا ما يناسب الزمان واملكان حمافظني‬
‫على قيم اإلسالم الكربى يف العدالة والتنمية واحرتام العقود‪.‬‬

‫ونؤمن َّ‬
‫أبن االقتصاد اإلسالمي هو ما يقرره احلقوقيون واخلرباء والعلماء‬
‫يف جمالس األمة املتخصصة لتحقيق العدالة والتنمية بغض النظر عن‬
‫موافقته لتجارب الفقهاء الكرام أو عدم موافقته لذلك‪ ،‬وبغض النظر‬
‫عن التزامه بظاهر ما روي يف السنن الكرمية أو عدم التزامه بذلك‪ ،‬ذلك‬
‫أن ما صدر من أحكام املعامالت على لسان النيب الكرمي كان ضمن‬
‫دائرة قوله‪(( :‬أنتم أعلم أبمور دنياكم))‪.‬‬

‫إحلاحا اليوم هي مسألة املصارف والراب اليت‬


‫ورمبَّا كانت أكثر املسائل ً‬
‫يكثر فيها اجلدل وقد أفردهتا هبذه اإلشارة مع أّنا متضمنة يف عموم‬
‫ما سبق‪.‬‬
‫‪ | 29‬رسالة التجديد‬

‫املصارف‪:‬‬ ‫يف‬
‫ونرى وجوب التفريق بني القرض االستهالكي الذي حيتاجه الفقراء‪،‬‬
‫وبني القرض التجاري أو الصناعي الذي حيتاجه األغنياء‪ ،‬فال ِ‬
‫تصح‬
‫األول ِ‬
‫وتصح يف الثاين‪ ،‬بل قد جتب وذلك‬ ‫الزايدة على أصل املال يف َّ‬
‫لضرورة تثمري املال العام‪ ،‬وقد أشرك هللا فيه الفقراء واملساكني وذوي‬
‫احلاجة فال جيوز التربع حبقوقهم لألغنياء املتمولني‪ ،‬ومثله القروض‬
‫الزراعية اليت هتدف إىل تعظيم ربح األرض‪.‬‬

‫ونرى جواز البيع ابلتقسيط ولو زاد أصل املال‪ ،‬ملا فيه من املنفعة‬
‫األمة إىل تطوير هذا اللون من التعاون؛ لتأمني حاجات‬
‫املتبادلة‪ ،‬وندعو َّ‬
‫الناس الضرورية‪.‬‬

‫ونطالب ابلتيسري يف القروض الطويلة األجل اليت تقدمها َّ‬


‫الدولة لشراء‬
‫البيوت أو ملكافحة البطالة ونطالب أبن تكون دون زايدة‪ ،‬أو أن تقتصر‬
‫الزايدة على ِ‬
‫احلد األدىن لسداد نفقات العاملني واملشرفني‪.‬‬

‫والنظام املصريف نظام حديث‪ ،‬ال ينفع فيه القياس على القدمي‪ ،‬وإمنا‬
‫حيكمه قصد الشارع احلكيم إىل حتقيق العدل بني الناس ومنع الظلم‬
‫‪ | 30‬رسالة التجديد‬

‫والراب واالستغالل‪ ،‬وهو ما يعظم املسؤولية على رجال التشريع‬


‫لالستحسان وتقرير مصاحل األمة‪.‬‬

‫األمة مأمورة أن جتتهد بوساطة برملاّنا ومؤسساهتا‬


‫وابختصار فإن َّ‬
‫التشريعية للوصول إىل اقتصاد عادل حيقق العدالة بني الناس‪ ،‬ومأمورة‬
‫أن توفر القروض اخلريية للمحتاجني بال فوائد‪ ،‬وأن تيسر للناس التشارك‬
‫التجاري والزراعي والصناعي‪ ،‬والقروض املطلوبة فيه وفق مصاحل الناس‬
‫من عامل ومستثمر‪ ،‬ابلصيغ الضامنة العادلة‪ ،‬والثابت يف الشرع هو‬
‫الدفاع عن احملتاج وحماربة الظلم الذي يظهر بشكل جلي يف الراب‬
‫والتدليس والغش والتزوير وغريها من جرائم االقتصاد‪.‬‬

‫يف أحكام النكاح‪:‬‬


‫حنرتم ما قرره الفقهاء الكرام يف شأن أحكام النكاح‪ ،‬ونؤكد على أن‬
‫نظام األسرة هو النظام األمثل للحياة‪ ،‬ونعرتض غاية االعرتاض على‬
‫األمناط اليت يسوقها بعض اإلابحيني من تشريع الشذوذ بنوعيه‪ ،‬وكذلك‬
‫اجملون واخلالعة واإلابحية ِ‬
‫بكل صورها‪ ،‬ونرى يف مسائل الزواج القضااي‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪ | 31‬رسالة التجديد‬

‫حق الفتاة يف االختيار‪:‬‬

‫نؤمن ِ‬
‫حبق الفتاة يف اختيار شريكها وننكر إجبار البكر على الزواج‬
‫حتت أي ذريعة‪ ،‬ونؤمن ِ‬
‫حبقها يف اخلطوبة والتعرف إىل من تراه أهالً‬ ‫َّ‬
‫ملشاركتها يف احلياة‪ ،‬وذلك بوساطة اللقاء واحلديث والكالم‪ ،‬مع‬
‫التأكيد على رفض اخللوة الشرعية قبل القول املعروف وهو العقد‪.‬‬

‫ونرى َّ‬
‫أن اخلطوبة فرتة حقيقية لكي يعرف كلٌّ من اخلاطبني صاحبه مبا‬
‫يف ذلك النظر إىل ما يعجبه منها على اختالف بني الفقهاء خنتار منه‬
‫مذهب اإلمام أمحد ليسره وواقعيته‪ ،‬وهو النظر إىل األطراف اخلمسة‪،‬‬
‫وهو وسط بني رأي اجلمهور وبني رأي ابن حزم‪.‬‬

‫الشروط يف النكاح‪:‬‬

‫موسعا تفصيليَّاً‪ ،‬وأن يكون للمرأة‬


‫ً‬ ‫ونطالب أن يكون عقد النكاح‬
‫حق املرأة يف عدم التعدد‬‫وخباصة ُّ‬
‫َّ‬ ‫احلق يف اشرتاط ما شاءا‬
‫وللرجل ُّ‬
‫وحقها يف متابعة حتصيلها وعلمها وتوفري سكنها‬‫عليها إال إبذّنا‪ِ ،‬‬

‫الشرعي املستقل‪.‬‬
‫‪ | 32‬رسالة التجديد‬

‫وال أبس ابلشروط اليت تتنازل فيها املرأة عن بعض حقها يف النفقة أو‬
‫السكىن أو التأبيد مقابل رغبتها يف السرت والنسل‪ ،‬أو يتنازل فيها الرجل‬
‫عن بعض حقه يف العصمة والقوامة‪ ،‬وإمنا حيرم الزواج مع التواصي‬
‫مجيعا‪.‬‬ ‫ابلتكامت وال َّ‬
‫بد فيه من اإلشهاد واإلشهار ً‬
‫عقاب الزنة‪:‬‬

‫ونطالب بفرض العقاب على الزانيات والزنة مبا يردعهم‪ ،‬ومبا ينسجم‬
‫مع القوانني الوطنية‪ ،‬وليس العقاب ابلضرورة اجللد‪ ،‬بل ميكن اختيار‬
‫السجن أو التغرمي على ما ختتاره املؤسسة التشريعية‪ ،‬وهو مطلب‬
‫تشاركنا فيه النظم احلديثة اليوم والشرفاء يف العامل أمجع‪.‬‬

‫َّأما الرجم فنعتقد أنه يتناىف مع منطق اإلسالم يف العقوبة‪ ،‬بل ويف‬
‫اإلحسان يف القتلة الذي أمرت به الشريعة‪ ،‬وننكر أن يكون يف كتاب‬
‫هللا آية يف الرجم‪ ،‬واآلحاد ال يثبت به قرآن‪ ،‬وال يصح أن تراق به‬
‫نتأوله على أنَّه كان قبل‬
‫فنرده‪ ،‬أو َّ‬
‫الدماء‪ ،‬و َّأما خرب الغامديَّة وماعز ُّ‬
‫نزول اآلايت‪ ،‬ولعلَّه من شرائع ما قبل اإلسالم‪.‬‬

‫الطالق واخللع‪:‬‬
‫‪ | 33‬رسالة التجديد‬

‫ونطالب ِ‬
‫حبق املرأة يف اخللع على الرجل ولو دون رضاه‪ ،‬إذا ردت له‬
‫املهر‪ ،‬وال نرى له ح ًقا يف مراجعتها يف عدة اخللع‪.‬‬

‫وحق الشرع يف الثالثة‪ ،‬فيملك يف‬


‫حق الرجل مرتني ُّ‬
‫ونرى أن الطالق ُّ‬
‫الطلقتني الرجعة وال ميلكها يف الثالثة‪ ،‬وال جيوز هدم احلياة الزوجية أبقل‬
‫مما بنيت به من اإلرادة الصحيحة والصيغة بلفظ الطالق دون سواه‪،‬‬
‫ﭐﱡﭐ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱠ‬ ‫واإلشهاد عليه‪ ،‬كما يف نص اآلية‪:‬‬
‫[الطالق‪ ]٢ :‬ونرى َّأال يقع الطالق إال يف احملكمة احتياطاً ومحاية ِ‬
‫حلق‬
‫الزوجني‪ ،‬ومن ِ‬
‫حق الفقهاء أن يضعوا الضوابط املالئمة هلذه الغاية‪.‬‬

‫تعدد الزوجات‪:‬‬

‫نؤمن َّ‬
‫أن النيب الكرمي مل يعدد على زوجته أم أوالده‪ ،‬واحرتم مشاعرها‬
‫حىت ماتت مع أّنا كانت قد بلغت اخلامسة والستني وهي أكرب منه‬
‫عاما‪ ،‬فضرب املثل األعلى يف الوفاء للزوجة شريكة العمر‪،‬‬
‫خبمسة عشر ً‬
‫وكان يشرتك الشرط َّإايه على من خيطب بناته من األصهار كما يف‬
‫حال أيب العاص وعثمان وعلي‪ ،‬ومل تقبل بنات رسول هللا دخول ضرائر‬
‫عليهن‪.‬‬
‫‪ | 34‬رسالة التجديد‬

‫وننكر أن يكون التعدد تلبية لسعار الرجل‪ ،‬فالرجل واملرأة يف هذا سواء‪،‬‬
‫وعلى الزوج أن يعف ويكف ويرضى بقسمة هللا‪ ،‬وال ننكر التعدد إذا‬
‫ماسة‪ ،‬ومعيار ذلك رضى املرأة األوىل‪.‬‬
‫كانت تدعو له حاجة َّ‬

‫ابب اللعان‪:‬‬

‫ندعو إىل تطبيق أحكام اللعان يف حال االشتباه ابلفاحشة ولو جزم‬
‫نص عليه‬
‫الزوج أو الزوجة رؤية ذلك يقينًا‪ ،‬وننكر غاية اإلنكار ما َّ‬
‫قانون العقوابت من منح العذر احملل ملن قتل امرأته أو قريبته إذا رآها‬
‫تفعل الفاحشة‪ ،‬أو منح العذر املخفف ملن اراتب يف قريبته أو زوجته‪،‬‬
‫أن التشريع املذكور فيه هدر للروح اإلنسانية وقتل بغري ِ‬
‫حق وال‬ ‫ونرى َّ‬
‫برهان واستهتار ابلقضاء الشرعي وافتئات على ول األمر‪.‬‬

‫ابب العدة‪:‬‬

‫نرى االلتزام بظاهر الكتاب يف اعتداد املطلقة ثالثة أقراء واعتداد املتوفاة‬
‫عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أايم‪ ،‬والعدة هنا هي االمتناع من التزوج‬
‫َّ‬
‫للمتوىف ومحاية للمرأة من الزواج‬ ‫خالل هذه املدة؛ صونً لألرحام وحرمةً‬
‫الكيدي‪ ،‬ولكننا نعرتض على ِ‬
‫كل ما ألزمت به املرأة خالل العدة من‬
‫‪ | 35‬رسالة التجديد‬

‫عزلة واحتجاب عن الناس‪ ،‬بل من الواجب أن نساعدها على جتاوز‬


‫حمنتها والتفريج عنها ابلوسائل كلِها‪ ،‬وابختصار فالعدة هي عدم‬
‫التزوج‪ ،‬و َّأما أمر لزوم البيوت فهو حق للمرأة تطالب به إن أرادت وال‬
‫متنع منه‪ ،‬كما أّنا ال جترب عليه إن مل يكن هلا به حاجة‪.‬‬

‫ابب احلضانة‪:‬‬

‫حق الطفل فينظر الفقهاء إىل ما هو أنفع‬


‫احلضانة حال الطالق هي ُّ‬
‫له‪ ،‬ويف زماننا فنحن خنتار ما ذهب إليه املالكية من َّ‬
‫أن احلضانة لألم‬
‫للولد إىل الثالثة عشرة وللبنت إىل اخلامسة عشرة وبعد ذلك خيريان‪،‬‬
‫وهذا احلكم ميكن تغيريه ابلطريق الدستوري كل مدَّة من الزمن‪.‬‬

‫ابب النفقة‪:‬‬

‫النفقة مسؤولية الرجل‪ ،‬والرجال قوامون على النساء‪ ،‬وال تكلف املرأة‬
‫ابإلنفاق إال إذا حتقق فقر الرجل وعوزه‪ ،‬وال أبس ابالتفاق على خالف‬
‫ذلك بني الزوجني سواء يف العقد املبتدئ أم يف اإلجازة الالحقة‪.‬‬
‫‪ | 36‬رسالة التجديد‬

‫يف أحكام املرأة‬


‫يف املساواة‪:‬‬

‫ﱡﭐ ﲁ ﲂ‬ ‫نؤمن أبن املرأة مساوية للرجل لقوله تعاىل‪:‬‬


‫ﲃ ﲄﲅﱠ [التوبة‪]٧١ :‬‬

‫وأنخذ بعموم هذه اآلية فال ُّ‬


‫يصد عن املرأة منصب هي له كفء يف‬
‫التعليم والسياسة والقضاء‪ ،‬وندعو إىل تعليمها وأتهيلها وإلغاء‬
‫التشريعات التمييزية َّ‬
‫ضدها‪ ،‬واحرتام شهادهتا مساويةً لشهادة الرجل‪،‬‬
‫وما ورد من التمييز يف الشهادة مرة هلا كما يف الشهادة على البكارة‪،‬‬
‫ومرة ضدها كما يف الشهادة على العقود يف األسواق‪ ،‬فهو قابل للتغيري‬
‫حبسب ظروف املرأة يف ِ‬
‫كل عصر‪ ،‬وال جيوز أن يكون بسبب التمييز‬
‫ضد املراة‪.‬‬

‫يف احلجاب‪:‬‬

‫احلجاب أدب من آداب اإلسالم‪ ،‬وهو حيقق فوائد عظيمة للمرأة منها‬
‫حتقيق عفافها واحليلولة دون أن تكون متعة رخيصة ألهل اخلالعة‬
‫‪ | 37‬رسالة التجديد‬

‫واجملون‪ ،‬ومنها أنه حيقق املساواة بني النساء أبيسر ما يكون فاحملجبات‬
‫أقل متايزاً وأكثر تشاهباً‪.‬‬

‫ولكن مع التأكيد على منزلة احلجاب فيجب اإلشارة إىل األمور اآلتية‪:‬‬

‫ظل‬ ‫إن الشريعة مل حتسم شكل احلجاب على ِ‬


‫كل مسلمة بل َّ‬ ‫• َّ‬
‫احلجاب حمل اجتهاد وأتويل وقد مجعنا يف كتاب املرأة بني‬
‫الشريعة واحلياة طائفة كبرية من أقوال األئمة يف جواز صيغ‬
‫متعددة من احلجاب فيها على األمة تيسري ورمحة‪ ،‬وفيها رفع‬
‫احلرج واملشقة‪.‬‬
‫• َّ‬
‫إن نصوص الفقهاء متضافرة يف رفع احلرج عن نساء كثرية يف‬
‫عورة الشعر املسرتسل وما يبدو عند املهنة‪ .‬وهذه املسائل‬
‫مرتوكة يف الواقع للمرأة املسلمة تقدر منها ما يتصل بواقعها‬
‫وحاهلا؛ إذ هي دون سواها املسؤولة عن حتقيق العفاف‬
‫االجتماعي يف األمة‪.‬‬
‫كل الوجه فليس صورة حضارية‬ ‫• وأما املنديل الذي يسرت َّ‬
‫مقبولة‪ ،‬وهو ليس الصورة احملببة للمرأة املسلمة‪ ،‬ونعتقد أنَّه‬
‫‪ | 38‬رسالة التجديد‬

‫جيب العمل توجيهيَّاً وفكرَّايً َّ‬


‫ضد هذا الشكل املتعصب من‬
‫احلجاب؛ ألنه يكرس صورة شديدة القسوة على املرأة‬
‫أبدا‬
‫املسلمة‪ ،‬وتكرس الريبة وسوء الظن ابلناس‪ ،‬وال تتناسب ً‬
‫مع العصر احلاضر‪.‬‬
‫• ال شك أننا ندين نزع احلجاب ابلقوة كما ندين فرضه ابلقوة‪،‬‬
‫حيق للدولة أن تتدخل لفرض قانون احلشمة وهو قانون‬
‫ولكن ُّ‬
‫مينع املرأة من التربج تربجا فاضحا‪ِ ،‬‬
‫وحيدد ذلك خرباء املؤسسة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫التشريعية الذين عهد إليهم مبقاومة الفحشاء‪.‬‬
‫• إنَّه ليس من شأن احلجاب تقبيح املرأة أو اإلساءة إىل مجاهلا‪،‬‬
‫حقها أن تظهر كذلك‪ ،‬دون تربج‬ ‫فاهلل خلق األنثى مجيلة ومن ِ‬

‫أو هتتك‪ ،‬واحلجاب نفسه حني يتواله خرباء أزايء مؤمنون‬


‫يكون أداة مجال وعفاف وليس أداة تشويه وإساءة‪.‬‬
‫يف االختالط‪:‬‬

‫• اجملتمع املسلم جمتمع خمتلط‪َ ،‬يذن بتالقي الرجال والنساء يف‬


‫احلج والعمرة والصالة واالستسقاء والعيدين وغريها من‬
‫املناسبات العامة‪ ،‬ومثل ذلك لقاء الرجال والنساء يف الدراسة‬
‫‪ | 39‬رسالة التجديد‬

‫والعمل واألسواق والبيع والشراء‪ ،‬وكذلك املهمات االجتماعية‬


‫املختلفة‪.‬‬
‫• فيما يتصل مبصافحة النساء فلم يرد نص مينع ذلك وغاية ما‬
‫يروى يف هذا الباب َّ‬
‫أن النيب امتنع عن مصافحة النساء يف‬
‫البيعة‪ ،‬وهذا غري ملزم الحتمال أن يكون من خصائصه؛ إذ‬
‫إنه مل َيمر به أمته‪ ،‬بل َّ‬
‫إن القرآن أمر ابلوضوء من المس‬
‫النساء‪ ،‬واللمس املصافحة‪ ،‬وقد ورد يف مسند أمحد وابن ماجة‬
‫األمة كانت أتخذ بيد النيب الكرمي فال‬
‫أن َ‬ ‫عن أنس بن مالك َّ‬
‫تدع يدها من يده حىت يقضي هلا حاجتها‪ ،‬وكذلك ترجم ابن‬
‫يدا‬
‫حجر ملاريَّة التميميَّة قالت‪ :‬صافحت رسول هللا فلم َأر ً‬
‫ألني من يده‪.‬‬
‫• َّأما االختالط املمنوع فهو اخللوة الشرعية وهي أن جيلس‬
‫الرجل واملرأة يف مكان َيمنان دخول الداخل عليهما‪ ،‬فهذا‬
‫ممنوع يف الشرع‪ ،‬وعيب يف األدب االجتماعي‪ ،‬وريبة يعاقب‬
‫عليها القانون‪.‬‬
‫‪ | 40‬رسالة التجديد‬

‫• وبناء عليه فإن الدولة املسلمة وبوساطة رجال التشريع فيها‬


‫شرعا أن تقرر الشروط الضامنة للعفاف االجتماعي كما‬
‫متلك ً‬
‫هو احلال يف القانون؛ إذ حيرم املساكنة والتزاين واختاذ اخلليلة‬
‫وهذا ُّ‬
‫يعد استجابة ملراد الشارع‪ ،‬انظر املواد ‪ 473‬و‪474‬‬
‫و‪ 476‬من قانون العقوابت السوري‪ ،‬ونطالب مبزيد من‬
‫املراقبة حلماية العفاف ومنع الزن والفحشاء بصورها كلِها‪.‬‬
‫احلب والعاطفة القلبية اليت تكون بني الرجل واملرأة مما ال يؤاخذ هللا‬
‫ُّ‬
‫تعاىل عليه‪َّ ،‬‬
‫فإن املرء مؤاخذ مبا ميلك وليس مؤاخ ًذا مبا ال ميلك‪ ،‬ولكن‬
‫حيرم يف كل حال اخللوة ابملرأة إال يف ِ‬
‫ظل عقد زواج مشروع‪.‬‬
‫‪ | 41‬رسالة التجديد‬

‫يف العتق واألميان‬


‫ابب العتق‪:‬‬

‫العبودية أبشكاهلا كافة حرام‪ ،‬وجيب الكفاح َّ‬


‫ضد أشكال االستعباد‪،‬‬
‫من ِ‬
‫الرق وملك اليمني‪ ،‬وما ورد يف القرآن أو السنة من ذلك فهو‬
‫مشكلة كانت يف ذلك العصر أراح هللا منها‪ ،‬واتفقت البشرية على منع‬
‫االستعباد وحترير اإلنسان‪ ،‬وما روي من أحكام اإلماء والعبيد فهو‬
‫تراث نتأمله ونرويه‪ ،‬ونلحظ فيه تشوف الشارع والفقهاء إىل اإلعتاق‪،‬‬
‫وقد ذهب معظم الفقهاء إىل وقف العمل ِ‬
‫بكل ما روي يف القرآن‬
‫والسنة من أمر الرق والعبودية‪ ،‬وهو اجتهاد صحيح وجيب احرتامه‪.‬‬

‫مجيعا‪ ،‬ومنها ما يروج له اليوم من‬


‫أشكال االستعباد ً‬
‫َ‬ ‫وعلينا أن نكافح‬
‫أّنن ملك ميني فهذا‬
‫أحكام جيريها األغنياء على اخلادمات على أساس َ‬
‫ما ال جيوز إقراره حبال من األحوال‪.‬‬
‫‪ | 42‬رسالة التجديد‬

‫ابب األميان‪:‬‬

‫نتفق مع الفقهاء الكرام فيما ذهبوا إليه من أحكام اليمني وكفَّارة اليمني‪،‬‬
‫ونؤكد َّ‬
‫أن هللا بني املرء وبني ميينه‪ ،‬واحلالف حيلف ابسم هللا فلينظر كيف‬
‫حينث‪ ،‬وال ينعقد اليمني إال ابسم هللا تعاىل‪.‬‬

‫وننكر أن يكون اليمني مطية للمعصية أو لقطيعة الرحم أو ملنع اخلري‬


‫بل َّ‬
‫إن احلنث يف هذه األحوال واجب‪ ،‬ال أحلف على ميني مثَّ أجد‬
‫خريا منها إال فعلت الذي هو خري وكفرت عن مييين‪.‬‬
‫غريها ً‬
‫يف احلدود‬
‫ابب احلدود‪:‬‬

‫تقرر لدى األمم يف القانون‬


‫ندعو ملراجعة أحكام احلدود ابالستفادة مما َّ‬
‫أبدا‬
‫اجلنائي‪ ،‬واالعتماد على جتارب األمم يف قمع اجلرمية‪ ،‬وال نشك ً‬
‫يف وجوب مواجهة اجلرائم كلِها َّ‬
‫وخباصة ما أشار إليها القرآن الكرمي من‬
‫جرائم القتل واجلراحة واحلرابة والسرقة والزن والقذف‪ ،‬ونطالب بتشريع‬
‫عقوابت رادعة ملن يرتكبها تناسب العصر بوساطة الربملانت الوطنية‪،‬‬
‫عقااب‬ ‫كما نطالب بفرض عقوابت على اجلرائم اليت مل ِ‬
‫يسم هلا الشرع ً‬
‫‪ | 43‬رسالة التجديد‬

‫كجرائم الراب والتزوير والشهادة الزور وإدمان اخلمر‪ ،‬كما نطالب بتجرمي‬
‫اجلرائم اليت مل ترد أصالً يف الشرع وفرض عقاب رادع على فاعليها‬
‫كاملخدرات واالجتار هبا والتهرب الضرييب والتخريب اإللكرتوين وتزوير‬
‫العلمالت وتزوير التواقيع الرمسية وانتحال الشخصية وبيع األعضاء وغري‬
‫ذلك من اجلرائم اليت تظهر يف ِ‬
‫كل زمان‪.‬‬
‫مسألة ِ‬
‫حد الردة‪:‬‬

‫قطعا ألصل إسالمي كبري وهو‬


‫حد املرتد القتل مصادم ً‬ ‫َّ‬
‫إن القول أبن َّ‬
‫"ال إكراه يف الدين"‪ ،‬وال نرى أن يعاقب من خيتار ديناً غري اإلسالم‪،‬‬
‫إال أن ميارس ضد األمة احلرابة والتجسس والعدوان‪ ،‬وهذه مسائل ال‬
‫جيوز إثباهتا دون بينات‪ ،‬وال يصح اهتام الناس بذلك جملرد أّنم اختاروا‬
‫ديناً آخر‪ ،‬بل ينصحون ويرشدون‪ ،‬ويرتك هلم حرية االختيار ‪ ،‬فال بركة‬
‫يف إميان مع اإلكراه‪ ،‬واإلسالم مع اإلكراه نفاق‪.‬‬

‫َّأما املرتد الذي يلحق أبرض العدو وحيمل أسرار أمته إىل عدوه فال‬
‫خالف يف وجوب حماسبته َّ‬
‫أشد احلساب‪ ،‬وهذا هو حال املرتدين‬
‫الثالثة الذين أمر النيب الكرمي بقتلهم بعد الفتح‪.‬‬
‫‪ | 44‬رسالة التجديد‬

‫مسألة قتل الزنديق‪:‬‬


‫وما قلناه يف حد الردة هو ما يقال أيضا يف ِ‬
‫حد الزنديق‪ ،‬الذي يبتدع‬ ‫ً‬
‫األمة‪ ،‬ونعرتض َّ‬
‫أشد االعرتاض‬ ‫خاصة يف التفكري‪ ،‬ختالف مجهور َّ‬
‫أصوالً َّ‬
‫احلر‪ ،‬وقد يكون‬
‫على قتله أو اإلساءة إليه بل هو رجل ميارس االجتهاد َّ‬
‫مأجورا إذا سلمت سريرته ونيته‪ ،‬وال ننكر أنَّه قد يكون أهدى إىل هللا‬
‫ً‬
‫كفرا يعاقب عليه‪.‬‬
‫إبداعا يؤجر عليه وليس ً‬
‫يف مسائل‪ ،‬وقد يكون رأيه ً‬
‫وحنرتم حرية الفكر إىل الغاية وفق القاعدة الفقهية‪ :‬للمجتهد إن‬
‫أصاب أجران‪ ،‬وإن أخطأ أجر واحد‪.‬‬

‫يف أحكام اجلهاد‬


‫أحكام اجلهاد‪:‬‬

‫نطالب مبراجعة أحكام اجلهاد‪ ،‬وننكر أن يكون اجلهاد هو القتال‬


‫إلدخال الناس يف اإلسالم‪ ،‬بل هو اإلعداد ملا استطعنا من القوة لنرهب‬
‫به عدو هللا‪ ،‬وهو تنظيم اجليوش املدربة النظامية واجليوش الشعبية‬
‫األمة وللدفاع عن األرض والعرض‪.‬‬
‫إبشراف من الدولة حلماية َّ‬
‫‪ | 45‬رسالة التجديد‬

‫ونؤمن أبن اجلهاد القائم اليوم هو جهاد الدفع‪َّ ،‬أما جهاد الطلب فقد‬
‫كان يف املاضي؛ لتمكني الدعاة من تقدمي رسالتهم حبرية وهو غري مربر‬
‫اليوم‪ ،‬بعد توفر وسائل اإلعالم يف ِ‬
‫كل مكان يف األرض‪.‬‬

‫فتحا‬ ‫ونؤكد َّ‬


‫أن احلروب اليت وقعت يف التاريخ اإلسالمي ليست كلها ً‬
‫يؤجر فيه احملاربون‪ ،‬بل كان كثري منها بغي وعدوان واقتتال على السلطة‬
‫وهي حقائق ينبغي دراستها مبنطق املؤرخني دون ِ‬
‫أي قداسة دينية على‬
‫احملاربني فيها مصيبني أم خمطئني‪.‬‬

‫ونؤمن َّ‬
‫أبن راية اجلهاد وقرار احلرب جيب أن يكون بيد القيادة السياسية‬
‫لألمة‪ ،‬ولو مل يكونوا ملتزمني أبحكام الشريعة‪ ،‬وال جيوز أن يكون بيد‬
‫علماء الشريعة‪ ،‬مهما بلغ علمهم وفضلهم‪.‬‬

‫ونطالب القيادات السياسية ابلقصد واحليطة يف إعالن احلروب ونطالب‬


‫مجيعا حول إمياّنم بعدالة‬
‫أبن يكون قرار احلرب بعد استفتاء احملاربني ً‬
‫احلرب اليت خيوضون وال جيوز أن يقاد الناس إىل حرب ال يؤمنون هبا‪.‬‬

‫أرض احلرب وأرض اإلسالم‪:‬‬


‫‪ | 46‬رسالة التجديد‬

‫ننكر القسمة اليت ذهب إليها كثري من الفقهاء بتقسيم العامل إىل أرض‬
‫حرب وأرض إسالم‪ ،‬أو دار إسالم ودار كفر‪ ،‬ونثين على خيار الشافعية‬
‫ابلقول أبن األرض ثالثة‪ :‬دار إسالم‪ ،‬ودار حرب‪ ،‬ودار عهد‪ ،‬ونطالب‬
‫اليوم بتطوير هذا الفهم‪ ،‬ونؤمن بقسمة العامل كما اقتضته املواثيق الدولية‬
‫واألعراف اإلنسانية‪ ،‬وندعو لالعرتاف ابلسلطة األدبية لألمم املتحدة‬
‫حسما للنزاعات ودرءًا لسيطرة األقوايء على‬
‫ً‬ ‫يف رسم حدود العامل‬
‫حق الفيتو الذي يتعارض مع‬‫الضعفاء‪ ،‬ومع ذلك فإننا ندعو إىل إلغاء ِ‬
‫العدل واملساواة‪ ،‬ونؤمن ابلنضال السلمي والدبلوماسي والثقايف؛‬
‫لتصحيح بعض ما جارت فيه قرارات األمم املتحدة يف ترسيم احلدود‬
‫بني دول األرض‪.‬‬

‫اجلهاد والفتنة‪:‬‬
‫ِ‬
‫نشدد على التفريق بني اجلهاد املشروع والفتنة املمنوعة‪ ،‬والضابط بينهما‬
‫َّ‬
‫أن اجلهاد ما كان من قرار احلرب الصادر عن الدولة الشرعية بشرطه‬
‫يف حمله بعد استشارة احملاربني من اجليش الوطين أو الشعيب‪َّ ،‬أما الفتنة‬
‫فهي القتال حتت راية َع ِميَّة ليس هلا يف أعناق األمة بيعة صحيحة‪،‬‬
‫‪ | 47‬رسالة التجديد‬

‫شرعا وقانونً‪،‬‬
‫كل قتال مل َيمر به ول األمر املبايع ً‬
‫ويدخل يف قتال الفتنة ُّ‬
‫وال يصح االخنراط يف قتال حتت راية أحد مهما كان عاملا أو تقيًا أو‬
‫ً‬
‫نشئ خالاي قتالية َّ‬
‫ضد‬ ‫ورعا‪ ،‬وليس من شأن اجلماعات اإلسالمية أن ت ِ‬
‫ً‬
‫أي عدو إال إبذن ومشورة مع الدولة ووالة األمر الذين انعقدت هلم‬ ‫ِ‬
‫البيعة الصحيحة‪.‬‬

‫وإن الشرع الذي أمر ِ‬


‫بسل السيف يف اجلهاد أمر بكسر السيف يف‬ ‫َّ‬
‫الفتنة‪ ،‬وبقدر ما يؤجر املرء يف القيام يف اجلهاد فإنه يؤجر ابلقعود يف‬
‫الفتنة‪.‬‬

‫يف أحكام املرياث والوقف والوصااي‬


‫يف املرياث‪:‬‬

‫نص عليها القرآن الكرمي‪ ،‬ونرى َّ‬


‫أن فيها‬ ‫نؤمن أبحكام املرياث كما َّ‬
‫توز ًيعا عادالً للثروة‪ ،‬وحنرتم اجتهاد الفقهاء يف أبواب املرياث املسكوت‬
‫حق اإلنسان بل‬‫خباصة يف ابب الوصية الواجبة‪ ،‬ونؤكد على ِ‬ ‫عنها َّ‬
‫واجبه يف تعديل ما يراه جائرا يف ِ‬
‫حق بعض القرابة من غري الوارثني‬ ‫ً‬
‫بوساطة الوصية اجلائزة اليت هي ثلث املال‪.‬‬
‫‪ | 48‬رسالة التجديد‬

‫أي حتيز َّ‬


‫ضد املرأة؛ ألّنا‬ ‫وال نرى يف قاعدة للذكر مثل حظ األنثيني ُّ‬
‫حمكومة بقاعدة‪ :‬الرجال قوامون على النساء‪ ،‬فال يستواين يف وجوب‬
‫اإلنفاق وال يستواين يف تناول املرياث‪ ،‬وهو أليق حلاهلا وحاله‪.‬‬

‫ومع ذلك فنحن نشجع األمة أن تبدأ يف دراسة واقعها اجلديد على‬
‫ضوء التزامات النساء ومشاركتهن يف احلياة‪ ،‬وهي العلة اليت ربط هبا‬
‫القرآن الكرمي نزول حظهن من املرياث‪ ،‬وال ننكر االجتهاد إن وقع يف‬
‫مصادمة ذلك بواقع تغري الزمان وتغري األحوال استثناء من األصل‪،‬‬
‫قضائي يصدر فيه صك تشريعي‬
‫ِ‬ ‫بشرط أن يكون ذلك بوساطة اجتهاد‬
‫من أول األمر‪.‬‬

‫يف الوقف‪:‬‬

‫حنرتم إرادة الواقف وندعو إىل محايتها وتنفيذها وفق مراده‪ ،‬ونؤمن َّ‬
‫أن‬
‫شرط الواقف كنص الشارع‪ ،‬وحنن مع ِ‬
‫كل جهد تشريعي أو إداري‬
‫يهدف إىل محاية الوقف وحتقيق أهدافه يف التكافل والتنمية‪ ،‬ونثين‬
‫أطيب الثناء على اتريخ الوقف اإلسالمي وإسهامه احلقيقي يف التنمية‬
‫واخلري‪.‬‬
‫‪ | 49‬رسالة التجديد‬

‫ونطالب بتطوير إدارة الوقف على أرقى الشروط االستثمارية وإدخال‬


‫وفك االرتباط بني‬
‫خربات تنموية حقيقية لتثمري الوقف وتطويره‪ُّ ،‬‬
‫البريوقراطية والروتني وبني حاجة الوقف للتنمية والتطوير‪ ،‬وكذلك حترير‬
‫االستثمار الوقفي من القيود القدمية ليشارك يف عملية التنمية‪.‬‬

‫يف الفتوى والقضاء‬


‫ابب الفتوى‬

‫فأما‬
‫يصد عن الفتوى أحد‪َّ ،‬‬ ‫نؤمن ِ‬
‫حبق الناس يف االجتهاد والفتوى‪ ،‬وال ُّ‬
‫الزبد فيذهب جفاءً و َّأما ما ينفع الناس فيمكث يف األرض‪ ،‬وال أبس‬
‫أن يضع العلماء شروط الفتوى واملستفيت ولكنَّها غري ملزمة‪ ،‬فالفتوى‬
‫تسمي بعض علماء‬ ‫حق الدولة أن ِ‬ ‫غري ملزمة والقضاء ملزم‪ ،‬ومن ِ‬
‫الشريعة مفتني وتوصي ابألخذ عنهم دون سواهم‪ ،‬وتضع يف تصرفهم‬
‫وسائل الدولة وإمكانهتا لتسهم يف نشر ما يفتون به من القضااي اليت‬
‫يفرتض َّأّنا أقرب للصواب من فتوى األفراد‪ ،‬كما أن قيام جمامع فقه‬
‫إسالمي جيتمع فيها املتخصصون هو أمر إجيايب‪ ،‬على أَّال متنح هذه‬
‫أي سلطة تنفيذية جربية على الناس‪ ،‬وإمنا‬
‫املؤسسات وال هذه اجملامع َّ‬
‫‪ | 50‬رسالة التجديد‬

‫هي وسائل إرشاد وتوجيه‪ ،‬واحلسم واحلتم واجلزم للقضاء دون الفتوى‪،‬‬
‫وال جيوز أن يكون للفتوى صفة اإللزام؛ ألنه حتجري على ِ‬
‫حق الناس يف‬
‫حق قررته الشريعة وحيرتمه العقالء يف ِ‬
‫كل مكان‬ ‫الفكر واالجتهاد وهو ُّ‬
‫يف العامل‪.‬‬

‫وتعدد الفتوى مظهر ثراء يف الفقه اإلسالمي وصورة واضحة حلرية الرأي‬
‫شك َّ‬
‫أن هذا الفقه اإلسالمي الكرمي أكرب دليل على‬ ‫يف اإلسالم‪ ،‬وال َّ‬
‫حرية الرأي واالجتهاد اليت نهلا املسلمون يف ظالل اإلسالم‪.‬‬

‫ابب القضاء‪:‬‬

‫أمر القرآن الكرمي بتحقيق العدل بني‬


‫القضاء سلطة مستقلة‪ ،‬وقد َّ‬
‫الناس‪ ،‬ونصب لذلك منارات هادية يف قضاء داود وسليمان وقضاء‬
‫حممد (ص)‪ ،‬ونؤمن ِ‬
‫بكل ما أخرب به القرآن من ذلك وحنرتم ما‬ ‫النيب َّ‬
‫قرره الفقهاء يف ابب القضاء من أحكام تفصيلية‪ ،‬على أنَّه جتربة إنسانية‬
‫مهمة‪ ،‬ونروي أخبار القضاة من الصحابة والتابعني على َّأّنم رموز‬
‫َّ‬
‫للعدالة واالستقامة والنزاهة‪.‬‬
‫‪ | 51‬رسالة التجديد‬

‫ولكن ذلك ال يكفي لقيام قضاء صحيح وال َّ‬


‫بد من التزام ما استقرت‬
‫عليه أعراف النظم القضائية يف العامل من أصول احملاكمات واستقالل‬
‫القضاء واحرتام اختصاص احملاكم‪ ،‬وهيئاهتا وشكلها‪ ،‬وطرائق تعيني‬
‫القضاة وترقيتهم وعزهلم وحماكمتهم وغري ذلك من أصول تتفرغ‬
‫جامعات كربى ومراكز حبوث يف العامل لدراستها وتقدمي جتارب األمم‬
‫فيها‪.‬‬

‫وما قدمه الفقهاء الكرام من أحكام التقاضي والشهادات والقرائن‬


‫والقسمة واستعداء القضاة والدعاوى والبينات والقرائن وغري ذلك هو‬
‫دليل هاد لبناء قضاء صحيح ولكنه غري كاف‪ ،‬بل ال َّ‬
‫بد من دراسة‬
‫ِ‬
‫كل ما قدمته األمم يف سيبل محاية القضاء وضمان عدالة نتائجه‪.‬‬

‫والذي نراه وجوب قيام نظام قضائي مستقل يستفيد من أرقى ما‬
‫وصلت إليه جتارب األمم من احلفاظ على هيبة القضاء ونزاهته‪ ،‬وفق‬
‫معيار الشريعة األكرب يف رسالة القضاء وهي قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲰ ﲱ‬

‫ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﱠ [النساء‪]٥٨ :‬‬
‫‪ | 52‬رسالة التجديد‬
‫‪ | 53‬رسالة التجديد‬

‫يف الرتاث‪:‬‬
‫يف القرآن الكرمي‬
‫القرآن الكرمي دستور اإلسالم وجوهر رسالته‪ ،‬وحنن ندعو إىل اإلميان‬
‫ِ‬
‫بكل ما يف القرآن الكرمي‪ ،‬والعمل مبا فيه وفق ما فعله علماء اإلسالم‬
‫يف عصر َّ‬
‫اجملد اإلسالمي‪.‬‬

‫من املؤكد َّ‬


‫أن القرآن ال يشتمل على تفصيل األحكام سواء يف الفقه أم‬
‫فصل لنا ما ِ‬
‫حرم علينا ولكنَّه مل يفصل ما‬ ‫يف شؤون احلياة الدنيا‪ ،‬وقد َّ‬
‫صرح النيب الكرمي بذلك يف قوله‪(( :‬أنتم أعلم أبمور‬
‫أحل لنا‪ ،‬وقد َّ‬
‫َّ‬
‫دنياكم))‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن القرآن الكرمي كتاب هدى ونور‪ ،‬وال جيوز أن حنوله إىل غل على‬
‫العقول أو قيد على احلرية‪ ،‬بل هو يهدي إىل ِ‬
‫احلق‪ ،‬وهو الذي َيمر‬
‫ابستعمال العقول والبحث عن العدل واخلري و ِ‬
‫احلق يف األرض‪.‬‬

‫كثريا من نصوصه‬
‫لكن ً‬ ‫واألصل َّ‬
‫أن القرآن واجب االتباع على الظاهر‪ ،‬و َّ‬
‫محَّال أوجه‪ ،‬فيجب أتويله على مقاصد اإلسالم من العدل واخلري وهذا‬
‫ما فعله الرسول الكرمي وأئمة اإلسالم الكبار‪ ،‬فقد أمر النيب الكرمي بقتال‬
‫‪ | 54‬رسالة التجديد‬

‫يسمى يف ذلك‬
‫املنافقني ومل يقاتلهم‪ ،‬وأمر بقتل األسرى ومل يقتلهم‪ ،‬وال َّ‬
‫عاصيًا وال ضاالً‪ ،‬وأخرب القرآن َّ‬
‫أن بين إسرائيل فضلوا على العاملني‬
‫األمة على تقييد ذلك وختصيصه‪ ،‬وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲲ ﲳ‬ ‫وأمجعت َّ‬
‫ﲴ ﲵ ﱠ [البقرة‪ ]٢٢٣ :‬ولكن متَّ تقييد ذلك ابلقبل دون الدبر ومثل‬
‫ذلك كثري‪ .‬ويف القرآن حنو ‪ 700‬مثال مجعتها يف سفر واحد تدل على‬
‫أن القرآن الكرمي خيضع لتخصيص العام وتقييد املطلق وأتويل الظاهر‬
‫والتوقف يف النص وغريها‪ ،‬إضافة ملا عرض له من النسخ يف عصر‬
‫كفرا‬
‫الرسالة وهو عشرون آية على أقل تقدير‪ ،‬من دون أن يكون ذلك ً‬
‫اضا عن هدى القرآن الكرمي‪.‬‬
‫ابلتنزيل أو إعر ً‬
‫األمة اليت محلت القرآن الكرمي للناس فتحت الشام والعراق ومصر ومل‬
‫و َّ‬
‫يكن يف يديها إال قطاف من هذا الكتاب وسور متناثرة‪ ،‬ومل يكن يف‬
‫أيديهم آنذاك تفاسري وال كتب أصول‪ ،‬وقد حكموا األمم حني‬
‫حكموها ابلعدل واإلحسان واملعروف وليس بظاهر ِ‬
‫النص كما تطالب‬
‫اليوم حركات احلاكمية‪.‬‬
‫‪ | 55‬رسالة التجديد‬

‫واملنهج الذي نطالب به يف فهم القرآن والسنة الصحيحة يلتزم‬


‫أمرين اثنني‪:‬‬

‫األول‪ :‬الرتجيح ابملصلحة العامة لألمة‬

‫إننا نتخري أدلتنا من القرآن الكرمي والسنة املشرفة‪ ،‬ونعلم موقنني أن‬
‫املخالف لديه دليل آخر من الكتاب والسنة‪ ،‬فالقرآن محَّال أوجه‪ ،‬وإن‬
‫كان قطعي الثبوت فإن أكثره ظين الداللة‪ ،‬بدليل االختالف يف التأويل‬
‫ظين الداللة‪،‬‬
‫ظين الثبوت ُّ‬
‫كثريا منها ُّ‬
‫إن ً‬ ‫السنة كذلك‪ ،‬بل َّ‬
‫بني األئمة‪ ،‬و ُّ‬
‫وهذا اجلدل مل ينقطع منذ فجر االجتهاد يف التاريخ اإلسالمي‪ ،‬وما‬
‫ظل الفقيه يقول الرأي عندن كذا‬
‫زال‪ ،‬وسيستمر إىل ما شاء هللا‪ ،‬فقد َّ‬
‫وعند السادة الشافعية خبالفه والرأي عندن كذا وعند السادة املالكية‬
‫خبالفه‪ ،‬وهم يطوفون حول املصادر واألدلة نفسها‪ ،‬ومن زعم َّ‬
‫أن يف‬
‫مجيعا حبيث ال يبقى خالف‬
‫نصوص القرآن والسنة ما حيسم املسائل ً‬
‫يف شيء فقد أعظم الفرية على أمة حممد وأوغل يف اهتامهم ِ‬
‫برد‬
‫وفروعا‪ ،‬ومل حيصل يف‬
‫النصوص‪ ،‬إذ ما تزال هذه األمة جتتهد أصوالً ً‬
‫اترخيها الطويل أّنا حسمت أمرها يف املسألة الواحدة فلم جتد فيها قوالً‬
‫‪ | 56‬رسالة التجديد‬

‫آخر‪ ،‬واألمر كما قال اإلمام أمحد بن حنبل رمحه هللا‪ :‬من َّادعى اإلمجاع‬
‫لعل الناس اختلفوا ‪ ،‬ليقل ال نعلم يف املسألة‬
‫فقد كذب‪ ،‬وما يدريه َّ‬
‫خالفًا‪ ،‬وقال عبد هللا بن أمحد ابن حنبل ‪:‬مسعت أيب يقول ما يدعي‬
‫لعل‬
‫كاذب‪َّ ،‬‬
‫فيه الرجل اإلمجاع فهو كذب‪َ ،‬من َّادعى اإلمجاع فهو ٌ‬
‫الناس اختلفوا‪ ،‬ما يدريه ومل ِ‬
‫ينته إليه‪ ،‬فليقل ال نعلم‪ ،‬وقد تعقبت ما‬
‫مجعه العلماء من مسائل اإلمجاع فرأيت صواب ما قاله ابن حنبل ورأيت‬
‫أن املسائل اليت أمجعوا عليها إمنا هي إمجاع داخل املذهب أو إمجاع‬
‫صوري وال يزال اخلالف يف املسائل يتجدد‪ ،‬وإبمكانك أن ترى أن‬
‫مثال يف تفسريه اجلامع ألحكام القرآن ال يكاد ينقل‬
‫اإلمام القرطيب ً‬
‫إمجاعا يف مسألة إال أشار بعدئذ إىل خالف فيها‪ ،‬وال يوجد حسم‬ ‫ً‬
‫قاطع إال يف قضااي االعتقاد الكلية كوحدانية هللا ورمحته بعباده‪ ،‬ويف‬
‫مسائل الفقه الكربى كتحرمي القتل والسرقة والزن والراب‪ ،‬مع االختالف‬
‫الكبري يف أتويل تفاصيل ذلك‪ ،‬وإثبات جرائم القتل والزن والراب وغريها‪،‬‬
‫وألجل ذلك فقد اتفقوا أن رأي الفقيه ليس مبلزم وأن رأي القاضي هو‬
‫امللزم‪ ،‬فإذا حسم القضاء يف أمر تعني فيه الطاعة‪ ،‬وإذا اختلف الفقهاء‬
‫يف املسألة فقد تعني حقنا يف التخري من آرائهم‪ ،‬وليس أحد القولني‬
‫‪ | 57‬رسالة التجديد‬

‫أوىل داينة من اآلخر‪ ،‬والرتجيح هنا ليس على وفق اختيار الفقهاء بل‬
‫على وفق مصاحل األمة وحاجاهتا‪ ،‬وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬

‫الثاين‪ُّ :‬‬
‫حق األمة يف التخصيص والتقييد والتأويل والتوقف يف‬
‫النص‪.‬‬

‫إن اتباعنا للقرآن الكرمي ال يعين أنه ال يوجد جدل يف تفسريه وأتويله‪،‬‬
‫العامة ما تزال حتتاج إىل تقييد‬
‫فهذا القرآن الكرمي كتاب هللا ونصوصه َّ‬
‫خصصه العقل‪ ،‬ومنها ما‬
‫النص ومنها ما َّ‬
‫خصصه ُّ‬
‫وختصيص‪ ،‬فمنها ما َّ‬
‫خصصه العرف والواقع‪ ،‬واألمر نفسه يف تقييد املطلق‪ ،‬وأتويل الظاهر‪،‬‬
‫َّ‬
‫وتفصيل اجململ‪ ،‬وتوضيح املبهم‪ ،‬وقد قال اإلمام البلقيين‪ :‬ما من عام‬
‫يف كتاب هللا إال وقد طرأ عليه ختصيص إال آية واحدة وهي قوله تعاىل‪:‬ﭐ‬
‫ﭐﱡﭐ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﱠ [النور‪]٦٤ :‬‬

‫ولإليضاح‪ ،‬فإ َّن قوله تعاىل مثالً‪ :‬ﱡﭐ ﳮ ﳯ ﳰ ﳱ ﳲ ﳳ ﱠ [املائدة‪:‬‬

‫خمصوص مبا أشار إليه علماء العقيدة مبا كان يف ابب املمكنات‬ ‫‪]١٢٠‬‬

‫ﱡﭐ ﲝ ﲞ ﲟ‬ ‫وهو ال يتناول املستحيالت والواجبات‪ ،‬وقوله تعاىل‪:‬‬


‫‪ | 58‬رسالة التجديد‬

‫خص من الناس‬
‫ﲢ ﲣ ﲤ ﲥﱠ [آل عمران‪ ]٩٧ :‬فقد َّ‬ ‫ﲠﲡ‬

‫املؤمنني ومن املؤمنني القادرين ومن القادرين البالغني‪.‬‬

‫وقد مجعنا يف نصوص القرآن الكرمي ونصوص البخاري ومسلم أكثر‬


‫عامة طرأ عليها التخصيص أو نصوص مطلقة‬
‫من ألف مثال لنصوص َّ‬
‫طرأ عليها التقييد‪ ،‬ومنها ما اختار الفقهاء وقف العمل به وإن كان‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫ً‬
‫لعل أوضح األمثلة على ذلك أحكام ملك اليمني‪ ،‬فقد ورد الكالم‬
‫و َّ‬
‫أي‬
‫موضعا يف القرآن الكرمي‪ ،‬ال يشري ٌّ‬
‫ً‬ ‫عن ملك اليمني يف أربعة عشر‬
‫منها إىل حترمي ملك اليمني أو بطالنه‪ ،‬بل إن اآلايت جاءت لتقرير‬
‫خاصة هبم بعضها فيه رفع احلرج وبعضها فيه زايدة احلرج‪،‬‬
‫أحكام َّ‬
‫وبعضها جاء لتكريس ملك اليمني‪ :‬أو ما ملكت أمياّنن‪ ،‬ويف احلديث‬
‫عشرات املواضع اليت تشري إىل حترمي اإلابق ووجوب خضوع العبد إلرادة‬
‫سيده‪ ،‬ويف صحيح مسلم عن الشعيب عن جرير أنه مسعه يقول ‪(( :‬أميا‬
‫عبد أبق من مواليه فقد كفر حىت يرجع إليهم‪)).‬‬
‫‪ | 59‬رسالة التجديد‬

‫وفيه عن الشعيب أيضاً عن جرير قال رسول هللا‪(( :‬أميا عبد أبق فقد‬
‫برئت منه الذمة))‪.‬‬

‫وفيه عن جرير بن عبد هللا حيدث عن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫((إذا أبق العبد مل تقبل له صالة!))‬

‫كافرا!‬
‫وقد عنون اإلمام مسلم هلذا الباب بقوله‪ :‬ابب تسمية العبد اآلبق ً‬
‫ويف سنن النسائي عن جرير َّ‬
‫أن رسول هللا قال‪(( :‬إذا أبق العبد مل تقبل‬
‫كافرا)) وأبق غالم جلرير فأخذه فضرب عنقه!‬
‫له صالة‪ ،‬وإن مات مات ً‬
‫ويف صحيح مسلم عن أيب سعيد اخلدري َّ‬
‫أن رسول هللا يوم حنني بعث‬
‫سبااي‬
‫عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا هلم ً‬
‫جيشا إىل أوطاس فلقوا ً‬
‫ً‬
‫نسا من أصحاب رسول هللا حترجوا من غشياّنن من أجل‬ ‫َّ‬
‫فكأن ً‬
‫ذلك‪:‬ﭐﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ‬ ‫أزواجهن من املشركني فأنزل هللا عز وجل يف‬
‫؛ أي‪ :‬فهن لكم حالل‬ ‫ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱠ [النساء‪]٢٤ :‬‬

‫إذا انقضت عدهتن‪.‬‬


‫‪ | 60‬رسالة التجديد‬

‫السيِد يف بيع‬ ‫الرق‪ِ ،‬‬


‫وحق َّ‬ ‫أن األدلة الظاهرة يف مشروعية ِ‬
‫ولكن مع َّ‬
‫األمة اختارت فيما‬
‫عبده وشرائه ومنع العبد من التحرر الفردي‪ ،‬فإن َّ‬
‫الرق كلُّه ابطل‪ ،‬و َّ‬
‫أن الناس سواسية‪ ،‬و َّ‬
‫أن الفقه اإلسالمي‬ ‫أن ِ‬‫بعد َّ‬
‫يتشوف لإلعتاق وليس لالسرتقاق‪ ،‬و َّ‬
‫أن حترمي ملك اليمني هو اليوم‬
‫رأي معظم علماء املسلمني على اختالف مذاهبهم‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن املنهج الذي نتطلع إليه هو منهج اخلليفة الراشدي عمر بن اخلطاب‬
‫الذي مارس هذه األلوان من االجتهاد بكفاءة واقتدار‪ ،‬وأوقف العمل‬
‫وعرب عن موقفه بصراحة حني حتولت املتعة إىل عبث‬
‫بنصوص كثرية‪َّ ،‬‬
‫ابألسرة واحلج‪ ،‬وعلى الرغم مما استدل به معارضوه يف شأن املتعة وما‬
‫تدل هلا نصوص ظاهرة يف القرآن والسنة قال عمر بشجاعة‪ :‬متعتان‬
‫أحرمهما وأعاقب عليهما‪ :‬متعة‬
‫كانتا على عهد رسول هللا حالالً‪ ،‬أن ُّ‬
‫النكاح ومتعة احلج!‬

‫القراءات القرآنية‪:‬‬

‫تيسريا من النيب الكرمي على الناس‪ ،‬وقال‪َّ :‬‬


‫((إن‬ ‫نشأت القراءات القرآنية ً‬
‫القرآن نزل على سبعة أحرف كلُّها شاف كاف فاقرؤوا منه ما‬
‫‪ | 61‬رسالة التجديد‬

‫استطعتم)) والقصد هنا أن يقرأ الناس بلهجاهتم وحروفهم اليت اعتادوها‪،‬‬


‫واملذهب املختار يف أمر القرءات أّنا تدور على اختيار الفصحاء ورأي‬
‫البلغاء‪ ،‬وأّنا ظاهرة تسامح ورمحة وليست ظاهرة خوارق ومعجزات‪،‬‬
‫و َّ‬
‫أن ضبط الرواايت ابحلرف واملد واإلمالة والبطح وغري ذلك هو حمض‬
‫أي أبعاد تشريعية‪ ،‬وليست‬
‫فنون يف اللفظ العريب‪ ،‬ال ينبغي أن حتمل َّ‬
‫نتيجة توقيف معصوم‪ ،‬وإثبات تواترها إىل النيب الكرمي فيه تعسف كبري‪.‬‬

‫يف احلديث الشريف‪:‬‬


‫نقد عصمة الصحابة‪:‬‬

‫والصحابة الكرام جيل مبارك‪ ،‬ولكنَّه غري معصوم‪ ،‬وقد وقعت بينهم‬
‫الفنت واحلروب‪ ،‬وطعن بعضهم برواية بعض‪ ،‬ومن أشهر من اهتم على‬
‫ألسنة عشرات الصحابة أبو هريرة ومعاوية وعمرو بن العاص ومروان‬
‫بن احلكم وحممد بن أيب بكر‪ ،‬ومروايهتم حمل نقاش ومتحيص‪ ،‬ومن‬
‫جزم َّ‬
‫أبن الطعن فيهم كفر‪ ،‬فقد كفَّر عشرات الصحابة الكرام‪.‬‬

‫ظن‬
‫والقرآن وصف بعض الصحابة ابلنفاق وبعضهم ابلكفر‪ ،‬ومن َّ‬
‫العصمة يف الصحابة فقد أنكر مئات اآلايت يف فضح املنافقني منهم‪،‬‬
‫‪ | 62‬رسالة التجديد‬

‫حىت ظننا أن‬


‫قال ابن مسعود‪ :‬ما زالت سورة التوبة تنزل‪ ،‬ومنهم ومنهم َّ‬
‫ال يبقى منا أحد‪.‬‬

‫وحنرتم سعد بن عبادة وخيار األنصار على موقفهم من أيب بكر وعمر‪،‬‬
‫ونعدهم جمتهدين مأجورين فيما ذهبوا إليه‪.‬‬
‫وقد وردت آايت يف فضائل طائفة منهم وآايت يف ِ‬
‫الرد على املسيئني‬
‫منهم‪ ،‬وحنن نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاهتم‪.‬‬

‫نقد عصمة احملدثني‪:‬‬

‫نؤمن َّ‬
‫أبن كتب احلديث الشريف هي جهود مربورة جلمع احلكمة اليت‬
‫نطق هبا النيب الكرمي وكذلك احلكماء من أصحابه واتبعيه‪ ،‬واجلهد‬
‫لكن هذه األحاديث ال يصح فيها‬
‫املبذول يف ذلك مربور ومشكور‪ ،‬و َّ‬
‫ادعاء العصمة بل فيها ما هو صحيح وفيها مما هو سقيم وهذا منطق‬
‫عرفته األمة منذ فجر التدوين‪.‬‬

‫واإلسناد ُّ‬
‫أحد صور حتري صحة النصوص‪ ،‬ولكن النصوص على‬
‫افرتاض صحة نسبتها إىل الرسول الكرمي فهي ليست ابلضرورة أوامر‬
‫لألمة‪ ،‬بل هي حمكومة بزماّنا ومكاّنا‪ ،‬ويطرأ عليها التخصيص‬
‫قاطعة َّ‬
‫‪ | 63‬رسالة التجديد‬

‫والتقييد والتأويل والتوقف‪ ،‬واملرجح يف كل حال هو مصلحة األمة‪،‬‬


‫وهي نصوص حكمة نستأنس هبا وال نرغم على اتباع ظواهرها‪.‬‬

‫وحنرتم اجلهد الكبري الذي بذله الشيخان البخاري ومسلم‪ ،‬ونعتقد أن‬
‫أصح الكتب يف ضبط الرواية إىل رسول هللا‪ ،‬ولكن ال‬
‫كتابيهما من ِ‬
‫معصوما‪ ،‬فقد طرأ عليهما النقد يف كثري من الرجال‪ ،‬وقد‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫نعد ما فيهما‬
‫روى البخاري أكثر من ثالمثئة حديث عن عكرمة وهو متهم عند مسلم‬
‫ومن قبله ابن عمر وسعيد بن املسيب وعبيد هللا بن عبد هللا بن عباس‪،‬‬
‫وروى عن بعض عتاة اخلوارج‪ ،‬بل إن البخاري نفسه اهتم ابلقول خبلق‬
‫القرآن‪ ،‬وجرحه ألجل ذلك الرازاين‪.‬‬
‫واملعول عليه يف أمر القبول و ِ‬
‫الرد هو موافقة النص ملقاصد اإلسالم‬
‫وأحكام العقول السليمة ومصاحل األمة‪ ،‬ويف ِ‬
‫كل األحوال فهو حكمة‬
‫نصوص تشريع ملزمة‪.‬‬
‫َ‬ ‫حمرتمة وليس‬

‫معيارا ّنائيَّاً‬
‫جهودا ملعرفة التاريخ‪ ،‬وال ينبغي أن تكون ً‬
‫ً‬ ‫وكتب الرجال‬
‫ردها‪ ،‬بل استئناس للوصول إىل احلكمة‪ ،‬ولكن املعول‬ ‫لقبول السنة أو ِ‬
‫‪ | 64‬رسالة التجديد‬

‫عليه هو مقاصد القرآن ومصاحل األمة والتزام ما دلت له العقول‬


‫السليمة‪.‬‬

‫يف كتب التفاسري‪:‬‬

‫تضم كتب التفسري ثقافة الرجال الذين كتبوها‪ ،‬وهي حكمة ونور‬
‫ولكنها مل تلزم السابقني وال ينبغي أن تفرض على الالحقني‪ ،‬وقد طرأ‬
‫عليها بوضوح أتثري اإلسرائيليات‪ ،‬ودخلها حشو كثري من ثقافة العصور‬
‫اليت كتبت فيها‪ ،‬ومبالغات يف استنطاق النص مبا ليس فيه‪ ،‬واستغراق‬
‫يف داللة اللغة مبا ليس حمل اتفاق‪.‬‬

‫ومن ِ‬
‫حق ِ‬
‫كل أحد أن يكتب رؤيته يف تفسري النص القرآين‪ ،‬وليس من‬
‫ِ‬
‫حق أحد أن حيتكر فهم النص أو يزعم عليه اإلمجاع‪ ،‬ومن قال‪ :‬أمجع‬
‫الناس‪ ،‬فقد أعظم الفرية‪ ،‬وما أدراه َّ‬
‫أن الناس اتفقوا‪ ،‬ليقل ال نعلم يف‬
‫املسألة خالفًا‪.‬‬

‫مصادر الشريعة‪:‬‬
‫نؤمن َّ‬
‫أبن مصادر الشريعة كثرية وأمهها القرآن الكرمي والعقل واحلكم‬
‫فيها مبا خيتاره األكثرية من العلماء واخلرباء وأهل االختصاص‪ ،‬ونستنكر‬
‫‪ | 65‬رسالة التجديد‬

‫امتدادا ملنطق اخلوارج‬


‫حصر مصادر الشريعة ابلكتاب والسنة‪ ،‬ونرى فيه ً‬
‫الذين قالوا‪ :‬ال حكم إال هلل‪ ،‬ونؤيد ما ذهب إليه فقهاء العصر الذهيب‬
‫يف اإلسالم يف ِ‬
‫عد املصادر العشرة للشريعة وهي القرآن والسنة واإلمجاع‬
‫والقياس واالستحسان واالستصالح والعرف وسد الذرائع وشرع من‬
‫مجيعا كرمية وعظيمة‪،‬‬ ‫قبلنا ومذهب الصحايب‪ ،‬ونرى َّ‬
‫أن هذه املصادر ً‬
‫األمة‬
‫مجيعاً‪ ،‬والرتجيح بعدئذ ملا اختاره علماء َّ‬
‫ميكن االستنباط منها ً‬
‫وخرباؤها بوساطة آلة الشورى ووسائلها‪.‬‬

‫األمة وحكمائها‪،‬‬
‫ونرى االجتهاد يف مورد النص بعد عرضه على جمالس َّ‬
‫وحنرتم قواعد الفقه احلكيمة يف االستصحاب واألخذ ِ‬
‫أبقل ما قيل ورفع‬
‫احلرج وغريها‪ ،‬وهي نتيجة فقه حكيم وجتارب عظيمة‪ ،‬تستحق‬
‫االحرتام‪.‬‬

‫و َّأما األخذ من هذه املصادر عند اختالفها فاملعول عليه هو مصلحة‬


‫ونواهبا‪ ،‬وحكم العقل مما‬
‫األمة وعلماؤها َّ‬
‫األمة العليا كما يقرره خرباء َّ‬
‫أيدته املعارف العلمية القطعية‪.‬‬
‫‪ | 66‬رسالة التجديد‬

‫يف الواقع‬
‫املعاهد الدينية‪:‬‬

‫املعاهد الدينية مراكز ضرورية لدراسة تراث األمة واترخيها وأقوال العلماء‬
‫من السلف‪ ،‬وأعلم الناس أعلمهم ابختالف الناس‪ ،‬ومهمتها ختريج‬
‫أئمة وخطباء‪ ،‬وهي ضرورة اجتماعية ال َّ‬
‫بد منها‪.‬‬

‫ولكن جيب القول َّ‬


‫إن املواد الشرعية اليت تدرس اليوم يف املعاهد الدينية‬
‫غري كافية‪ ،‬وال يصح عزل الطلبة عن معارف العصر من الفيزايء‬
‫والكيمياء واللغات والرايضيات‪ُّ ،‬‬
‫ويعد تغييب هذه العلوم عن الطلبة‬
‫لون سلبيَّاً من التجهيل‪.‬‬
‫ً‬

‫ونرى أنَّه ال َّ‬


‫بد للطالب من دراسة التعليم األساسي ليحيط مبعارف‬
‫عصره‪ ،‬ونرى َّ‬
‫أن سوق األوالد إىل الدراسة الشرعية املنقطعة عن معارف‬
‫اشدا وخيتار مصلحته فيه لون من التعسف‬
‫العصر قبل أن يبلغ الغالم ر ً‬
‫واإلكراه والتحكم مبصري األوالد وهو ما َييت عادة خبالف املقصود‪.‬‬
‫‪ | 67‬رسالة التجديد‬

‫العامة إىل املرحلة الثانوية مع إمكان إدخال‬


‫واألفضل هو دراسة املعارف َّ‬
‫مواد حمددة من القرآن واحلديث خاللئذ‪ ،‬ومن مثَّ االختصاص بعلوم‬
‫الشريعة يف املرحلة اجلامعية‪.‬‬

‫وجيب أن يدرك الطلبة أ َّّنم يدرسون الرتاث وليس القانون‪ ،‬ويتعلمون‬


‫املاضي وليس احلاضر‪ ،‬و َّ‬
‫أن ما حيملونه من معارف هو مروايت لتجارب‬
‫األمم وليس ابلضرورة األصلح لزماننا وبيئتنا‪.‬‬

‫وال َّ‬
‫بد من مواجهة بعض مفردات التطرف يف املدارس الدينية وخباصّة‬
‫الردة واجلهاد‪ ،‬وال َّ‬
‫بد من مواجهة علمية مع هذه املفردات وال‬ ‫يف ابب َّ‬
‫حىت حذفها من املنهاج‬
‫يكفي يف هذا السبيل جتاهلها أو جتاوزها‪ ،‬وال َّ‬
‫بد من مواجهتها بشجاعة حتت أصل إسالمي كلِي وهو َّ‬
‫أن‬ ‫بل ال َّ‬
‫الدين رمحة للعاملني وليس سي ًفا يقتل به املخالفون‪.‬‬

‫اجلماعات الدينية‪:‬‬

‫اجلماعات الدينية جتمعات تقوم على غذاء الروح والبحث عن املعرفة‪،‬‬


‫دورا اجتماعيًا طيبًا وعادة ما تتطور إىل أنشطة تعاونيَّة‬
‫وهي تؤدي ً‬
‫وكشفيَّة وتعليميَّة‪.‬‬
‫‪ | 68‬رسالة التجديد‬

‫ولكن اجلماعات الدينيَّة معرضة لسلسة طويلة من االحتماالت قد‬


‫تنحرف عن دورها االجتماعي إىل ثقافة التعال على الناس‪ ،‬على أساس‬
‫هدايتهم إىل هللا‪ ،‬وتقسيم الناس إىل ضالني ومهتدين‪ ،‬وفق قرهبم أو‬
‫بعدهم من اجلماعة‪ ،‬كما يعرض للجماعات الدينية التعصب للزعيم‬
‫والتشكيك يف أخصامه وحماربتهم‪ ،‬ويعرض للجماعات الدينية تربير‬
‫إنفاق املال العام على أساس الوالء‪.‬‬

‫وال ينبغي أن تتحول اجلماعات الدينية إىل حزب سياسي‪ ،‬حيث َّ‬
‫إن‬
‫األحزاب السياسية ينبغي أن تنطلق من احرتام الدميقراطية وهو أمر يف‬
‫غاية البعد عن املعارف الدينية اليت تتأسس على الغيب واحلكم ابملطلق‪.‬‬

‫لسنا َّ‬
‫ضد دخول املتدينني العمل السياسي ولكن على أساس أحزاب‬
‫سياسية بشرية‪ ،‬تعمل وفق القانون‪ ،‬وليس على أساس نصوص مساوية‬
‫مطلقة معصومة ال تقبل النقاش وال اجلدال‪.‬‬

‫مشروع أسلمة العامل‪:‬‬

‫لألمة توفري من يرعى أبناءها يف املغرتب‪ ،‬وتوفري من يعرف‬


‫ينبغي َّ‬
‫ابإلسالم لغري املسلمني؛ رغبةً يف نشر التعارف واحملبة يف األرض‪َّ ،‬أما‬
‫‪ | 69‬رسالة التجديد‬

‫جهود التبشري الديين اهلادفة إىل اقتالع الناس من اترخيهم وثقافاهتم‬


‫وأدايّنم‪ ،‬وتشويه اعتقادات اآلخرين واهلجوم على أدايّنم فليست يف‬
‫الواقع مقبولة يف عصر العلم واملعرفة‪َّ ،‬‬
‫وإن بذل أموال الزكاة من أجل‬
‫إدخال الناس يف الدين هو أمر غري مربر مع وجود الفقر واجلوع واحلاجة‬
‫لدى الشعوب اإلسالمية‪ ،‬وإن حتول العامل إىل اإلسالم عن طريق التبشري‬
‫هو أمر بعيد املنال إن مل نقل هو أمر مستحيل‪ ،‬وهو إضاعة ملال الزكاة‬
‫وحتويله عن احملتاجني إليه إىل املطموع يف إسالمهم‪.‬‬

‫ونقول يف إنفاق سهم املؤلفة قلوهبم مبا قاله عمر بن اخلطاب رضي هللا‬
‫عنه‪ ،‬ونرى وقف العمل آبية املؤلفة قلوهبم يف سورة التوبة‪.‬‬

‫أن العامل يعيش جاهلية القرن العشرين‪ ،‬بل َّ‬


‫إن شعوب األرض‬ ‫وال نعتقد َّ‬
‫املتحضرة أصبحت أكثر قرًاب من قيم اإلسالم الكربى من املسلمني‬
‫أنفسهم‪ ،‬فقد متَّ حتقيق التكافل والقضاء على الفقر والبطالة واحرتام‬
‫القضاء والعدل والقوانني وارتقاء مستوى التعليم ومقارعة االستبداد‬
‫وتداول السلطة وحماسبة احلاكم واحرتام حقوق اإلنسان بنسب ال تقارن‬
‫مع واقع احلال يف البدان اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ | 70‬رسالة التجديد‬

‫والذي نراه هو بذل اجلهود واألموال لتنمية األمة وترقيتها وهذا أفضل‬
‫كل احلجج املتينة واخلطب البليغة ليست‬
‫طريق للتعريف ابإلسالم‪ ،‬فإن َّ‬
‫بذات أثر إذا كان واقع احلال يعكس َّأمة متخلفة جاهلة متفرقة‪.‬‬

‫كثريا من األمم‬
‫أن ً‬ ‫إن العامل يتجه حنو القيم العليا لإلسالم ويبدو َّ‬
‫َّ‬
‫املتحضرة قد سبقتنا إليها‪ ،‬واملطلوب هو املصاحلة مع العامل‪ ،‬والبحث‬
‫عن املشرتك‪ ،‬والتعامل مع املنجز احلضاري مبنطق "نتعلم ونعلِم‪ ،‬ونفيد‬
‫ونستفيد‪ ،‬نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاهتم"‪.‬‬

‫السنن يف اآلفاق واألنفس‪:‬‬

‫جاء النيب الكرمي ليخرج الناس من ضباب اخلوارق إىل ضياء السنن‪،‬‬
‫إيذان‬
‫وكان النيب الوحيد الذي عرفه العامل بال معجزات‪ ،‬فكان ذلك ً‬
‫ابنتهاء عهد الغيب وبدء عصر الشهود‪ ،‬وأعلن ختم النبوة فكان ذلك‬
‫إيذان ابنتهاء عصر األنبياء وبدء عصر احلكمة والسنن والعقل‪.‬‬
‫ً‬

‫والسنن هي قوانني الطبيعة واجملتمع‪ ،‬وهي خالصة الكفاح اإلنساين‬


‫وجتارب األمم ومنجزات العلم‪ ،‬وهي لدى بلوغها رتبة اليقني واجبة‬
‫‪ | 71‬رسالة التجديد‬

‫االتباع وهلا يف ضمري املؤمن قوة النص الديين من الكتاب والسنة‬


‫الصحيحة‪.‬‬

‫الوحي متلو وجملو‪ ،‬فاملتلو ما نراه يف سطور الكتاب واجمللو ما نراه يف‬
‫حقائق الطبيعة‪ ،‬كتاب مسطور وكتاب منشور‪ ،‬كتاب القرآن وكتاب‬
‫األكوان‪ ،‬وآايت هللا يف املخابر أكثر من آايته يف املنابر‪ ،‬وآايته يف‬
‫احملراث أكثر من آايته يف احملراب‪ ،‬وكالمها له قوة الدليل القطعي بقدر‬
‫ما حيقق للناس مصاحلهم وفوائدهم‪.‬‬

‫العرب واإلسالم‪:‬‬

‫تصحيحا‬
‫ً‬ ‫العرب هم ملح اإلسالم ومادته‪ ،‬وحنن نؤمن أبن اإلسالم جاء‬
‫تغيريا لواقعها‪ ،‬والشعوب اليت عاشت يف منطقة‬
‫لتاريخ املنطقة وليس ً‬
‫الرافدين وبالد الشام ومشال أفريقيا هي الشعوب العربية والتعبري‬
‫ابلشعوب السامية فيه ضالل اترخيي مبني‪ ،‬واألنبياء الذين ذكروا يف‬
‫القرآن هم أنبياء عرب عاشوا على األرض العربية وتكلموا اللغة العربية‬
‫بلهجاهتا السائدة من آرامية وسراينية وعربانية‪.‬‬
‫‪ | 72‬رسالة التجديد‬

‫والنضال يف سبيل الوحدة العربية نضال مشروع‪ ،‬وهو حلم نعمل‬


‫ألجله‪ ،‬ليس على أساس إلغاء اخلصوصية القطرية بل على أساس‬
‫احرتامها وفق النموذج األورويب‪ ،‬حيث يربح اجلميع وال خيسر أحد‪.‬‬

‫وال جيوز أن يكون التوجه حنو احمليط العريب سببًا يف ظلم الشعوب‬
‫الكرمية اليت تعيش على األرض العربية من كرد وأرمن وأمازيغ وعربانيني‬
‫وغريهم‪ ،‬بل جيب االعرتاف حبقوقهم ولغتهم وتراثهم وأدايّنم‪ ،‬ومنحهم‬
‫الفرصة إلدارة مواردهم ضمن إطار الوطن الواحد‪.‬‬

‫ونعمل جاهدين مع ِ‬
‫أي جهد خملص يهدف إىل نشر اللغة العربية‬
‫وخباصة بني الشعوب اإلسالمية واحتضان ما‬
‫َّ‬ ‫ومحايتها يف العامل‪،‬‬
‫ينشرونه من تراثهم بلغة العرب‪ ،‬على أساس التكامل مع األمم وليس‬
‫على أساس االستعالء على شعوب األرض ولغات الناس‪.‬‬

‫ونؤمن َّ‬
‫أبن تطوير اللغة العربية يكون بتعزيز ثقافة املشرتك اللغوي‬
‫وإدخال املفردات احلديثة إىل املعجم اللغوي العريب واعتماد التعريب‬
‫على أساس اعتماد حروف املصطلح العاملي والتصريف العريب وليس‬
‫اعتماد النحت العريب من املعاجم القدمية‪.‬‬
‫‪ | 73‬رسالة التجديد‬

‫املشرتك بني اإلنسان واإلنسان‪:‬‬

‫اإلنسان هو مشروع هللا يف األرض‪ ،‬وهو الذي مسحت جبينه ميني‬


‫الرمحن‪ ،‬واخللق كلُّهم عيال هللا‪ ،‬وال شك أن هللا ألقى سره يف ضمائر‬
‫كثريا من املشرتك بينهم كلَّما‬
‫عباده‪ ،‬ومن شأن ذلك أن جيد الناس ً‬
‫حبثوا عن الكمال والفضيلة‪ ،‬فالقيم اإلنسانية متشاهبة يف األرض‪،‬‬
‫فالصدق فضيلة والكذب رذيلة‪ ،‬والصدقة فضيلة والسرقة جرمية‪ ،‬وهذا‬
‫كله مما اتفق عليه العقالء‪.‬‬

‫واملطلوب أن نبحث عن املشرتك اإلنساين بني املسلم والناس‪ ،‬وبني‬


‫األمة اإلسالمية وبني شعوب األرض‪ ،‬وشأن احلضارات أن تتحاور‬
‫َّ‬
‫وتتكامل وتتالقى وليس أن تتصارع وتتقاتل‪.‬‬

‫واحلضارة واحدة تسلِمها األمم جيالً بعد جيل‪ ،‬وقد أفادت احلضارة‬
‫اإلسالمية من حضارة اببل واليونن‪ ،‬وأفادت من جاء بعدها من األمم‬
‫من األوروبيني واألمريكيني‪.‬‬
‫‪ | 74‬رسالة التجديد‬

‫واملشرتك كثري بني قيم اإلسالم وبني إعالن حقوق اإلنسان‪ ،‬وكما جاء‬
‫اإلسالم مصدقًا ملا سلف بني يديه من ثقافات األمم َّ‬
‫فإن اإلسالم جاء‬
‫مصدقًا ملا يستجد من حكمة ومعرفة وّنوض‪.‬‬

‫وحنن نؤمن ابلتشابه الكبري بني القيم اإلنسانية‪ ،‬ويف قيم األداين وكالم‬
‫احلكماء وجتارب املصلحني‪ ،‬يف املسيحية واليهودية والبوذية‬
‫والكونفوشية والزرداشتية والشامانية واألرواحية‪ ،‬وكذلك يف حكمة‬
‫اليونن والفرس‪ ،‬ونصوص الثورة الفرنسية وإعالن االستقالل األمريكي‬
‫وواثئق التحرر األفريقي ونصوص الدستور الياابين وميثاق الوحدة‬
‫األوروبية‪ ،‬وال نسعى إىل تشويه هذه املنجزات اإلنسانية العظيمة أو‬
‫تسفيهها وإمنا نسعى للبحث عن املشرتك فيما بني اإلنسان واإلنسان‪.‬‬

‫اإلسالم والدميقراطية‪:‬‬

‫نؤمن َّ‬
‫أبن اإلسالم رسالة دميقراطية يف التشريع والسلوك‪ ،‬وقد افردت‬
‫مساحة كبرية ملشاركة اإلنسان يف التشريع‪ ،‬كما يشرحه أسباب النزول‬
‫والنسخ والتقييد والتخصيص ومراعاة أحوال العباد‪.‬‬
‫‪ | 75‬رسالة التجديد‬

‫ونؤمن أبن النيب كان دميقراطيَّاً مبعىن أنه استمع آلراء الناس‪ ،‬وبدل‬
‫مواقفه يف كثري من األحيان استجابة لرأي األغلبية‪ ،‬ورفض احتكار‬
‫كرم املرأة‪،‬‬
‫وحرر العبيد و َّ‬
‫السلطة وتوريثها وطالب ابالختيار الدميقراطي‪َّ ،‬‬
‫واحرتم خيار اجلماعة‪.‬‬

‫السبل ملنهج‬ ‫ونؤمن َّ‬


‫أبن اخليار الدميقراطي يف احلياة السياسية هو أقرب ُّ‬
‫النيب الكرمي وسلوكه السياسي‪ ،‬وأنَّه ال تعارض بني اإلسالم والدميقراطية‬
‫من حيث املرجعية‪ ،‬فيقال َّ‬
‫إن اإلسالم مرجعيته هللا والدميقراطية‬
‫مرجعيتها الشعب‪ ،‬فقد انقطع الوحي منذ وفاة الرسول‪ ،‬وأمرت األمة‬
‫ابلشورى واالستنباط ملا يستجد من أحوال وال شك َّ‬
‫أن أكثر أشكال‬
‫االستنباط عدالة هو الشكل الدميقراطي‪ ،‬و َّ‬
‫أن مظهر معرفة حكم هللا‬
‫هو استفتاء عباده‪ ،‬من علماء وخرباء وعارفني‪.‬‬

‫وحتكم أحكام املعامالت والسياسة واحلكم يف اإلسالم القاعدة الذهبية‬


‫اليت نص عليها الرسول الكرمي‪(( :‬أنتم أعلم أبمور دنياكم))‪.‬‬

‫َّأما ابب العبادات والعقائد فليس للدميقراطيات شأن به وهو حمسوم مبا‬
‫بينه الوحي وعلينا االتباع يف ذلك كله‪.‬‬
‫‪ | 76‬رسالة التجديد‬

‫اإلسالم وحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫نؤمن مبا أنتهى إليه العامل من إعالن حقوق اإلنسان ونعتقده صورة ملا‬
‫أرشد إليه اإلسالم من تكرمي ابن آدم‪ ،‬ومنزلة اإلنسان بني سائر‬
‫املخلوقات‪.‬‬

‫كبريا ملا أرادت‬


‫تطورا ً‬ ‫نص عليه قانون حقوق اإلنسان ُّ‬
‫يعد ً‬ ‫ونعتقد َّ‬
‫أن ما َّ‬
‫الشريعة حتقيقه يف األرض‪.‬‬

‫نقصا وحنن نطالب ِ‬


‫بضم‬ ‫ومع ذلك فإن إعالن حقوق اإلنسان ما يزال ً‬
‫وحق‬
‫حق اإلنسان يف الوالدة بني أبوين‪ُّ ،‬‬
‫سلسلة من احلقوق إليه أمهها‪ُّ :‬‬
‫حق اإلنسان يف التمرد على احلرب‬
‫األبوة والبنوة واألخوة‪ ،‬وكذلك ُّ‬
‫الظاملة وهي حقوق مل يشر إليها اإلعالن العاملي وحنن نناضل من أجل‬
‫إقرارها والتزامها‪.‬‬

‫األمم املتحدة‪:‬‬

‫مشروعا نبيالً يهدف إىل تنظيم احلياة يف‬ ‫ً‬ ‫حنن نرى يف األمم املتحدة‬
‫األرض‪ ،‬وخلق تعاون أممي بني دول العامل‪ ،‬وحنرتم املشاريع البنَّاءة اليت‬
‫‪ | 77‬رسالة التجديد‬

‫وخباصة يف إطار املساعدات‬


‫َّ‬ ‫تدعو هلا واليت تقوم بنشرها يف األرض‬
‫اإلنسانية واالجتماعية والتعليمية وتبادل اخلربات‪.‬‬

‫ونتحفظ على ِ‬
‫حق الفيتو الذي احتكرته أمم عدَّة قوية بعد احلرب‬
‫العاملية وما زالت حتتكره‪ ،‬وحنن نطالب إبلغاء هذا ِ‬
‫احلق من امليثاق؛‬
‫ألنه يتناقض مع مبادئ املساواة‪ ،‬وعلى العامل البحث عن طريقة أخرى‬
‫تليب حاجة األمم الكربى يف التمثيل النسيب وتلتزم قيم العدالة يف احرتام‬
‫إرادة الغالبية من أعضاء اجملمع العاملي‪.‬‬

‫وحنرتم ونؤيد جهود الوكاالت العاملية املتخصصة املنبثقة عن األمم‬


‫املتحدة كاليونسكو واليونيسيف واليونيفيم واألونروا وحمكمة العدل‬
‫الدولية واجمللس االقتصادي واالجتماعي ومنظمة الصحة العاملية واليو‬
‫إن دي يب واليونيفيد وما تنشؤه األمم املتحدة من هذه الوكاالت‬
‫اإلجيابية اليت ختدم أهداف السالم والتنمية يف العامل‪.‬‬

‫وحنن نرى َّ‬


‫أن قرارات اجلمعية العامة لألمم املتحدة عادلة ومنطقية‪ ،‬يف‬
‫حني َّ‬
‫أن قرارات جملس األمن فاشية وظاملة؛ ألّنا حمكومة ابلسياسة‬
‫ومصاحل الدول الكربى‪.‬‬
‫‪ | 78‬رسالة التجديد‬

‫يف اجلانب الوطين‪:‬‬

‫نص عليها الدستور السوري يف‬


‫نسعى لتحقيق األهداف العليا اليت َّ‬
‫احلرية والكرامة والعدالة وحقوق اإلنسان‪ ،‬ونعمل على التحول إىل وطن‬
‫فعال يف األسرة الدولية‪.‬‬
‫دميقراطي حديث وعضو َّ‬

‫أبدايً‪،‬‬
‫نؤمن بسورية حبدودها السياسية احلالية وفيها اجلوالن احملتل وطنًا َّ‬
‫ونسعى من أجل حريته واستقالله حتت راية احلكومات الوطنية فيه‪،‬‬
‫ونؤمن أنَّه جزء من األمة العربية‪.‬‬

‫ونسعى للتكامل بني بالد الشام األربعة‪ ،‬على أساس املشرتك التارخيي‪،‬‬
‫والتكامل الواضح واجللي بني أبناء هذه الشعوب األربعة سورية ولبنان‬
‫وفلسطني واألردن‪.‬‬
‫‪ | 79‬رسالة التجديد‬

‫ﱝ ﱟﱠ ﱡ ﱢ ﱣﱠ‬
‫ﭐﱡﭐﱚﱛﱜ ﱞ‬
‫[البقرة‪]١٢٨ :‬‬

‫ﱡﭐ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﱠ‬
‫[األحزاب‪]٤ :‬‬
‫‪ | 80‬رسالة التجديد‬

‫وبعد‪ ،‬فهذه مجلة مواقف مجعت من نثار جدل طويل‪ ،‬مجعت على‬
‫غري نظام‪ ،‬يف مطلع القرن اجلديد‪ ،‬وقد شرحت كل فقرة منها‬
‫بعشرات املقاالت والدراسات التالية‪ ،‬وكلها منشورة يف العامل‬
‫فحسبُك‬ ‫األخضر‪ ،‬وما شئت من توسع تبتغيه يف ِّ‬
‫أي بند منها ْ‬
‫البحث يف غوغل‪ ،‬وستصل إىل تفصيل كاف شاف واف‪.‬‬

‫وأقول ابختصار‪ :‬هذه هي األفكار اليت اخرتهتا من مذاهب‬


‫املسلمني وأعتقد أهنا كافية لتكون قاعدة فكرية ننطلق منها حنو‬
‫إسالم حضاري يقوم على إخاء األداين وكرامة اإلنسان‪.‬‬
‫‪ | 81‬رسالة التجديد‬

‫الفهرس‬
‫تصدير ‪5 ..........................................................‬‬
‫ميثاق رسالة التجديد ‪9 ............................................‬‬
‫يف العقيدة ‪13 .....................................................‬‬
‫رفض القهر والظلم يف ِّ‬
‫حقه تعاىل ‪13 ...........................‬‬
‫اجلزاء األخروي وأتويل آايت العذاب ‪15 ......................‬‬
‫كتابة أعمال العباد مبا يستقيم مع القدر ومسؤولية اإلنسان ‪16‬‬
‫احلساب والعدل للمحسن واملسيء ‪18 ........................‬‬
‫اإلسالم انسخ أم مصدق ‪20 ..................................‬‬
‫يف الفقه ‪21 .......................................................‬‬
‫يف العبادات ‪21 ................................................‬‬
‫يف الطهارة‪21 .............................................. :‬‬
‫يف الصالة‪22 ...............................................:‬‬
‫يف الصيام‪24 ............................................... :‬‬
‫يف الزكاة‪24 ................................................ :‬‬
‫يف احلج‪25 ................................................. :‬‬
‫‪ | 82‬رسالة التجديد‬

‫يف أحكام املعامالت‪26 ...................................... :‬‬


‫يف الفقه االقتصادي‪26 ..................................... :‬‬
‫يف املصارف‪29 ............................................. :‬‬
‫يف أحكام النكاح‪30 ..........................................:‬‬
‫يف أحكام املرأة ‪36 .............................................‬‬
‫يف العتق واألميان ‪41 ...........................................‬‬
‫يف احلدود ‪42 ..................................................‬‬
‫يف أحكام اجلهاد ‪44 ...........................................‬‬
‫يف أحكام املرياث والوقف والوصااي ‪47 ........................‬‬
‫يف الفتوى والقضاء ‪49 .........................................‬‬
‫يف الرتاث‪53 ..................................................... :‬‬
‫يف القرآن الكرمي ‪53 .........................................‬‬
‫يف احلديث الشريف‪61 ....................................... :‬‬
‫مصادر الشريعة‪64 ........................................... :‬‬
‫يف الواقع ‪66 ......................................................‬‬
‫‪ | 83‬رسالة التجديد‬

‫املعاهد الدينية‪66 ............................................ :‬‬


‫اجلماعات الدينية‪67 ......................................... :‬‬
‫مشروع أسلمة العامل‪68 ....................................... :‬‬
‫السنن يف اآلفاق واألنفس‪70 ................................ :‬‬
‫العرب واإلسالم‪71 ...........................................:‬‬
‫املشرتك بني اإلنسان واإلنسان‪73 ............................ :‬‬
‫اإلسالم والدميقراطية‪74 ...................................... :‬‬
‫اإلسالم وحقوق اإلنسان‪76 .................................. :‬‬
‫األمم املتحدة‪76 ............................................. :‬‬
‫يف اجلانب الوطين‪78 ......................................... :‬‬
‫‪ | 84‬رسالة التجديد‬

You might also like