You are on page 1of 14

‫الفقرة الثالثة‪ :‬إجراءات التقاضي أمام المحاكم اإلدارية‬

‫يتم تطبيق أمام المحاكم اإلدارية المغربية نفس المقتضيات والقواعد المقررة في قانون‬
‫المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خالف ذلك (المادة ‪ 7‬من قانون ‪ ،)41-90‬مما يؤكد‬
‫خصوصية النظام القضائي عموما ببالدنا والقضاء اإلداري خصوصا حيث سمات وحدة القضاء‬
‫ال تزال تتجسد في المسطرة القضائية المطبقة أمام مختلف المحاكم العادية منها واإلدارية‪ ،‬على‬
‫عكس ما هو معمول به في فرنسا التي أوجدت مساطر مستقلة عن المسطرة المدنية لعب االجتهاد‬
‫القضائي دورا طالئعيا في إنشاء معظمها‪ ،‬بشكل أصبح معه النظام القضائي الفرنسي نظاما‬
‫مزدوجا‪.‬‬
‫فما هي خصائص الدعوى اإلدارية ببالدنا؟ ثم ما هي اإلجراءات الواجب اتباعها في هذه‬
‫الدعوى ؟‬
‫أوال‪ -‬خصائص الدعوى اإلدارية‪:‬‬
‫يمكن إجمالها في‪:‬‬
‫‪ -1‬المسطرة المدنية أساس التقاضي اإلداري‪:‬‬
‫رغم بعض اإلجراءات المسطرية التي تضمنها قانون ‪ ،41-90‬فإنه اعتمد فيما سواها‬
‫القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬ال سيما تلك التي ال تتعارض ومسطرة التقاضي‬
‫اإلدارية‪ ،‬منها إلزام أطراف الدعوى اإلدارية بوضع طلباتهم االفتتاحية‪ ،‬ومذكراتهم التعقيبية‬
‫ومستنتجاتهم وتأويالتهم للوسائل القانونية المثارة‪ ،‬كتابة باللغة العربية وال تقبل المالحظات‬
‫الشفوية إال إذا ُو ِجد نص صريح يبيحها‪ ،‬كاالستماع إلى الشهود مثال (وتتم هذه المسطرة الكتابية‬
‫في مقال مكتوب موقع من لدن محام مسجل في جدول هيأة من هيآت المحامين بالمغرب)‪ .‬كذلك‬
‫فإن المفوض الملكي وبموجب المادة ‪ 5‬من قانون ‪ 41-90‬ملزم بعرض استنتاجاته كتابة‪ ،‬حتى‬
‫يتمكن األطراف من أخذ نسخة منها لالطالع عليها‪.‬‬
‫إلى جانب هذا فإنها مسطرة تحقيقية حيث يأمر المستشار المقرر بتقديم المستندات التي‬
‫يرى وجودها ضروريا للتحقيق في القضية‪ ،‬ويستمع لألطراف ويجري معاينة وقد يستعين بتقرير‬
‫الخبراء‪ ،‬والقاضي عند أمره هذا يراعي وضعية الطرف الذي يكون في منزلة غير متكافئة مع‬
‫اإلدارة بأن يجعل عبء اإلثبات يقع على عاتق هذه األخيرة أو إلزامها بتقديم األسباب التي‬
‫استندت عليها أثناء اتخاذ القرار المطعون فيه‪.‬‬
‫كذلك هي مسطرة حضورية بالنسبة لجميع األطراف فال بد للمدعي من إبداء دفوعاته‬
‫والرد على جميع المسائل القانونية التي أثيرت سواء في المقال االفتتاحي أو المذكرات التعقيبية‬
‫‪ ...‬وأيضا في الجانب اآلخر بعد تبليغه بنسخة المقال والوثائق المرفقة به‪ ،‬يكون المدعى عليه‬
‫ملزما باإلجابة والرد عليها باإلدالء بحججه داخل األجل الممنوح‪ ،‬يمكن إضافة خاصية السرية‬
‫كخاصية تميز مسطرة التقاضي أمام المحاكم اإلدارية‪ ،‬فاألغيار ال يحق لهم االطالع على‬
‫وجد نص صريح يبيح‬
‫مستندات الملف‪ ،‬كما الجلسات ال تكون علنية في جميع األحوال إال إذا ِ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬مجانية دعوى اإللغاء‪:‬‬
‫لقد تم إعفاء طلبات اإللغاء بسبب تجاوز السلطة من أداء الرسم القضائي )المادة ‪ 22‬من‬
‫قانون ‪ (41-90‬على خالف بعض التشريعات التي ال تعفي مثل هذا النوع من الدعاوى‪ ،‬كما هو‬
‫الحال في دولة مصر حيث يشترط أداء رسوم متعددة منها ما هو قار ومنها ما هو نسبي‪ ،‬أو ما‬
‫يعمل به في فرنسا حيث يتم كتابة العرائض على أوراق خاصة ذات قيمة مالية (ورقة الدمغة)‪.‬‬

‫‪ -3‬منح المساعدة القضائية‪:‬‬


‫أعطى المشرع في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 03‬من قانون ‪ 41-90‬لرؤساء المحاكم اإلدارية‬
‫منح المساعدة القضائية لرفع الدعاوى أمامها‪ ،‬أو تنصيب محام واإلعفاء من أداء الرسوم‬
‫القضائية في دعاوى القضاء الشامل أو تنصيب محام في دعوى اإللغاء وخالفا لما يتم العمل به‬
‫أمام المحاكم العادية حيث منح المساعدة القضائية أسند للجنة‪ ،‬وليس لرئيس المحكمة‪.‬‬
‫وقبل منح المساعدة القضائية‪ ،‬يقوم رئيس المحكمة اإلدارية بالبحث عن كافة المعلومات‬
‫سره وذلك بتكليفه باإلدالء بشهادة مسلمة من السلطة المحلية‬
‫ع ِ‬‫المتعلقة بطالب المساعدة‪ ،‬من ُ‬
‫تثبت ذلك‪ ،‬وكذلك شهادة اإلعفاء من الضرائب وبيان مفصل عن األجرة أو المرتّب‪ ،‬كما يكون‬
‫لرئيس المحكمة في جميع الحاالت إجراء بحث تكميلي وبعده يصدر مقررا بالقبول أو بالرفض‬
‫مع قابلية هذا المقرر لالستئناف أمام محاكم االستئناف اإلدارية في حالة الرفض‪.‬‬
‫‪ -4‬تبسيط مساطر رفع الدعوى اإلدارية‪:‬‬
‫ويتجلى ذلك حينما أكد المشرع‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة تسلم الوصل بإيداع المقال‪ ،‬يوضع على نسخة منه خاتم كتابة الضبط‪ ،‬وتاريخ‬
‫اإليداع مع بيان الوثائق المرفقة حتى تحرص كتابة الضبط على ضمها إلى النازلة والحفاظ عليها‬
‫بالعناية المطلوبة لتُعرض على الجهة القضائية‪ ،‬فهذا اإلجراء فيه ضمان للمتقاضي والعدالة‪.‬‬
‫‪ -‬إحالة الملف حاال على القاضي المقرر من طرف رئيس المحكمة اإلدارية وعلى‬
‫المفوض الملكي ليتخذ كل منهما ما ي ُِلزمه به القانون تفاديا إلطالة أمد النزاع والبت فيه بأقصى‬
‫سرعة ممكنة (كما هو الحال في نوازل االنتخابات‪ ،‬التي تعرف نزاعاتها أجال معينا حدّده القانون‬
‫للبت فيها)‪.‬‬
‫‪ -‬إمكانية الطاعن في دعوى اإللغاء أن يختار موطن أو المحكمة التي صدر في دائرتها‬
‫القرار المطعون فيه‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬إجراءات إقامة الدعوى اإلدارية‪:‬‬
‫منها ما هو متعلق بالمؤازرة بالمحامي ومنها ما يخص مقال الدعوى وإجراءات القاضي‬
‫المقرر‪ ،‬وقبل هذه اإلجراءات ال بد من التعرف على الشروط الواجب توفرها في رافع الدعوى‪.‬‬
‫‪ -1‬الشروط الواجب توفرها في رافع الدعوى‪ :‬هي نفسها في رافع أية دعوى قضائية‬
‫أخرى‪ ،‬وهي كما أتت في الفصل ‪ 1‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫* األهلية‪ :‬وهي قدرة الشخص على تحمل االلتزامات وعلى اكتساب الحقوق‬
‫وممارستها‪ ،‬ويجب أن تتوفر في رافع الدعوى أهلية التقاضي ليتم قبول دعواه‪ ،‬وتكون بالنسبة‬
‫لألفراد الطبيعين في سن ‪ 18‬سنة‪ ،‬وبالنسبة للجماعة فال يمكنها التقاضي ما لم تكن متمتعة‬
‫بالشخصية المعنوية‪ ،‬وينوب عنها ممثلها القانوني‪.‬‬
‫* المصلحة‪ :‬عمال بالمبدأ القائل" حيث ال مصلحة ال دعوى"‪ ،‬فإنه ال يمكن رفع الدعوى‬
‫اإلدارية إال ممن لهم مصلحة في رفعها‪ ،‬بحيث يجب على رافع الدعوى أن يبين أن القرار‬
‫سه في بعض مصالحه كالمساس بممتلكاته أو في بعض حقوقه األخرى أو حرياته‬
‫المطعون فيه م َّ‬
‫أو بعض مشاعره (وهنا الحديث يكون عن المساس بمصلحته المعنوية)‪.‬‬
‫* الصفة ‪ :‬هي اإلمكانية المباحة للطاعن من أجل رفع الدعوى وإبداء دفاعه‪ ،‬فقد يتوفر‬
‫للطاعن الشرطين األولين األهلية والمصلحة إال أنه تنعدم فيه شرط الصفة‪ ،‬األمر الذي يحول‬
‫بينه وبين رفع الدعوى‪ ،‬وكمثال على ما سبق للتوضيح‪ :‬أن يصدر قرار يمس حقوق جمعية‪،‬‬
‫فإنه ال يجوز ألي عضو فيها – رغم ما له من أهلية ومصلحة‪ -‬رفع الدعوى لفقدان الصفة التي‬
‫تكمن في هذه الحالة فيمن يم ِثّلها قانونيا‪.1‬‬
‫إن شرط الصفة ال يثير أية مشكلة أمام المحاكم اإلدارية إذا كان رافع الدعوى شخصا‬
‫عاديا‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلجراءات المتعلقة بمؤازرة المحامي‪:‬‬
‫بموجب المادة ‪ 3‬من قانون ‪ ،41-90‬فإن القضايا المرفوعة إلى المحكمة اإلدارية تكون‬
‫بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيأة من هيآت المحامين بالمغرب‪ ،‬ويتم الجواب‬
‫كتابة أيضا من طرف الجهة المدعى عليها‪ ،‬غير أنه إذا تعلق األمر بالدولة أو أحد مرافقها سواء‬
‫كانت مدعية أو مدعى عليها فإنها ليست ملزمة بتنصيب محام لينوب عنها‪ ،‬وتبعا لما هو‬
‫منصوص عليه في الفصل ‪ 515‬من قانون المسطرة المدنية فإن الدعوى ترفع ضد‪:‬‬
‫‪ -‬الدولة في شخص السيد الوزير األول‪ ،‬وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند‬
‫االقتضاء‪.‬‬

‫‪ - 1‬وفي أحد قرارات الغرفة اإلدارية وبالتحديد قرار ‪ 354‬بتاريخ ‪ 1974/12/18‬بأن أي جماعة عندما ترفع الدعوى الالزمة‬
‫للمحافظة على مصالحها‪ ،‬عليها أن تنقل سلطاتها ألشخاص مختارين من طرفها مع إعطائهم وكالة لينوب عنها وال اعتبر‬
‫طلبها غير مقبول‬
‫‪ -‬الخزينة في شخص الخازن العام‪.‬‬
‫‪ -‬الجماعات المحلية في شخص العامل بالنسبة للعماالت واألقاليم‪ ،‬وفي شخص رئيس‬
‫المجلس بالنسبة للجماعات‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسات العمومية في شخص ممثلها القانوني‪.‬‬
‫‪ -‬مديرية الضرائب في شخص مدير الضرائب فيما يخص النزاعات المتعلقة بالقضايا‬
‫الجبائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلجراءات الخاصة بمقال الدعوى‪:‬‬
‫يجب إيداع مقال الدعوى بكتابة ضبط المحكمة اإلدارية‪ ،‬وأن يشتمل على مجموعة من‬
‫البيانات المنصوص عليها في الفصل ‪ 32‬من قانون المسطرة المدنية والتي يحيل عليها المادة‬
‫‪ 23‬من قانون ‪ ،41-90‬وهذه البيانات تتعلق بأسماء طرفي الدعوى ومهنتهم وصفتهم ومحل‬
‫إقامتهم‪ ،‬فضال عن تضمين المقال الوقائع والوسائل المثارة مع إرفاقه بالمستندات التي ينوي‬
‫المدعي استعمالها عند االقتضاء‪ ،‬كما يتعين أن يرفِق المقال بالنسخ الكافية منه بحسب عدد‬
‫المدعى عليهم لتبليغها إليهم‪.‬‬
‫وت جدر اإلشارة إلى أنه‪ ،‬إذا كانت الدعوى اإلدارية دعوى إلغاء يجب أن يرفق بنسخة‬
‫من القرار المطلوب إلغاؤه‪ ،‬وإذا سبقه تظلم إداري تعين إرفاق طلب اإللغاء بنسخة من قرار‬
‫رفض التظلم أو نسخة من وثيقة تشهد بإيداع التظلم‪ ،‬إن كان رفضه ضمنيا (المادة ‪ 21‬من قانون‬
‫‪.)90-41‬‬
‫كذل ك وكما تمت اإلشارة إليه سلفا فإن طلبات اإللغاء معفاة من أداء الرسم القضائي‪ ،‬أما‬
‫باقي الدعاوى فتخضع ألداء الرسوم القضائية إال ما استثني بنص قانوني مع إمكانية طلب‬
‫المساعدة القضائية بالنسبة للعاجز عن أداء الرسوم القضائية وأداء أتعاب الدفاع‪.‬‬
‫وفيما يخص طلب اإللغاء إلى المحكمة فيجب أن يرفع داخل أجل ‪ 60‬يوما من تاريخ‬
‫نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاءه أو من تاريخ علمه اليقيني به‪ ،‬ولهذا األخير إن شاء أن‬
‫يتظلم من القرار اإلداري إلى ُمصدِره أو رئيسه داخل أجل ‪ 60‬يوما من توصله بقرار رفض‬
‫التظلم أو انصراف أجل ‪ 60‬يوما عن توصل اإلدارة به وعدم جوابها عنه‪.‬‬
‫‪ -4‬إجراءات القاضي المقرر‪:‬‬
‫بعد أن يحال الملف على القاضي المقرر‪ ،‬هذا األخير يأمر بتبليغ نسخ من المقال للمدعى‬
‫عليهم مع إنذارهم بالجواب واستدعائهم ألول جلسة تعقدها المحكمة‪ ،‬وعند إدالء الجهة المدعى‬
‫عليها بالجواب يبلغ نسخة منه للمدعي وينذره بالتعقيب داخل أجل يحدده‪ ،‬وتستمر عملية تبادل‬
‫المذكرات بين الطرفين طالما أن هذه المذكرات تتضمن عناصر جديدة‪.‬‬
‫وفي ظل ذلك يحق للقاضي المقرر اتخاذ جميع اإلجراءات التي يراها ضرورية لحسن‬
‫سير المسطرة‪ ،‬فله أن يكلف األطراف باإلدالء بالحجج الالزمة للفصل في النزاع‪ ،‬وله أن يمنح‬
‫أجال إضافيا ألي طرف متى اعتبر ذلك ضروريا‪ ،‬وله أن يقوم بأي إجراء من إجراءات التحقيق‬
‫المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية كلما ارتأى أن ذلك مفيد للحسم في النازلة‪ .‬وبعد‬
‫استيفاء اإلجراءات التي تتطلبها كل قضية وصيرورة القضية جاهزة للبت فيها‪ ،‬يصدر القاضي‬
‫المقرر أمرا بالتخلي ويعين الجلسة التي ستندرج بها ويش ِعر األطراف بذلك وبتاريخ الجلسة‪ ،‬ثم‬
‫يحيل الملف على المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق ليحرر مستنتجاته الكتابية‪ ،‬والتي‬
‫يقوم بتالوتها بالجلسة المحددة‪ ،‬ولألطراف حق االطالع عليها أو أخذ نسخ منها دون إمكانية‬
‫التعقيب عليها‪ ،‬ثم تضع الهيآة الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يتم تحديدها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬محاكم االستئناف اإلدارية‬


‫بإحداث هذه المحاكم يكون المغرب خطا خطوة أخرى نحو بناء قضاء إداري مستقل –‬
‫في انتظار إكمال استقالله بإنشاء مجلس الدولة – وترسيخ دولة الحق والقانون‪ ،‬دولة المؤسسات‬
‫حيث تحترم فيه المشروعية والشرعية ويسود القانون بجعله أساس العالقة التي تربط اإلدارة‬
‫بالمواطن‪.‬‬
‫وبالفعل صدر قانون ‪ 80-03‬المحدث للمحاكم االستئناف اإلدارية بتاريخ ‪ 15‬محرم‬
‫‪ 14( 1427‬فبراير ‪ ،2)2006‬وقد حدد المرسوم التطبيقي عددها في إثنتين هما محكمة االستئناف‬
‫بالرباط ومراكش‪.‬‬
‫وكما قمنا بالتطرق إلى تركيب واختصاصات وإجراءات التقاضي أمام المحاكم اإلدارية‬
‫أول درجة‪ ،‬األمر ذاته سنقوم به وإن بإيجاز مع هذا الصنف من المحاكم‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تأليف المحاكم االستئنافية اإلدارية‬
‫بالعودة إلى القانون ‪ 80-03‬في مادته الثانية‪ ،‬ال نجد تغييرا فيها مقارنة بما تتش َّكل وتتر َّكب‬
‫منه المحاكم اإلدارية أول درجة‪ ،‬إذ نجد المحاكم االستئناف اإلدارية مؤلفة من رئيس أول‬
‫ورؤساء غرف ومستشارين وكتابة ضبط‪ ،‬ويجوز أن تقسم إلى عدة غرف حسب أنواع القضايا‬
‫المعروضة عليها‪ ،‬ويع ِّين الرئيس األول لهذه المحكمة من بين المستشارين مفوضا ملكيا أو أكثر‬
‫للدفاع عن القانون والحق باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين قابلة للتجديد‪.‬‬
‫أوال‪ -‬الرئيس األول‪:‬‬
‫يتولى رئاسة محكمة االستئناف اإلدارية مستشار من الدرجة االستثنائية ويُعين بظهير‬
‫ملكي شريف باقتراح من المجلس األعلى للسلطة القضائية )المجلس األعلى للقضاء سابقا)‪،‬‬
‫ويتولى مهام إدارية من قبيل تسيير شؤون المحكمة واإلشراف على العاملين بها بحكم ما له من‬
‫سلطة الرقابة‪ ،‬حيث يقوم بتنقيط المستشارين العاملين بالمحكمة ويتلقى المراسالت الواردة على‬
‫المحكمة‪ ،‬كما يرأس الجمعية العمومية‪ ،‬ويقوم بمهام التفتيش التسلسلي للمحاكم اإلدارية التابعة‬
‫للنفوذ الترابي لمحكمة االستئناف‪.‬‬
‫أما مهامه القضائية فتتمحور حول رئاسته لجلسات المحكمة وممارسة القضاء االستعجالي‬
‫ومنح المساعدة القضائية والنظر في طلبات تجريح القضاة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬المفوض الملكي‪:‬‬

‫‪ - 2‬بموجب الظهير الشريف رقم ‪ ،1-06-07‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5398‬بتاريخ ‪ 24‬محرم ‪ 23( 1427‬فبراير‬
‫‪ )2006‬المحدث للمحاكم االستئناف اإلدارية ص‪.490 :‬‬
‫كما تمت اإلشارة إلى ذلك في السابق‪ ،‬فإنه يتم تعيين مفوض ملكي أو أكثر – بموجب‬
‫الفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون ‪ -80-03‬للدفاع عن القانون والحق من طرف الرئيس‬
‫األول لمحكمة االستئناف اإلدارية من بين المستشارين العاملين بها‪ ،‬باقتراح من الجمعية العمومية‬
‫لمدة سنتين قابلة للتجديد‪ ،‬ومن مهامه اإلدالء بآرائه ومستنتجاته في الملفات المسلمة إليه كتابة‪،‬‬
‫على أن يعمل على شرحها وبسطها وتوضيحها شفهيا لهيأة الحكم بالجلسة العامة بكامل االستقالل‬
‫سواء فيما يخص الوقائع أو القواعد القانونية المطبقة عليها‪ ،‬ويعتبر حضوره ضمن تشكيلة الهيأة‬
‫إلزاميا إال أنه ال يشارك في المداوالت‪ .‬ويحق لألطراف الحصول على نسخة من مستنتجات‬
‫المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق التي تتضمن اقتراحا للحل الواقعي والقانوني للنزاع‬
‫المعروض على هيأة الحكم‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬المستشارون‪:‬‬
‫يعين بمحاكم االستئناف اإلدارية مستشارون مرتبون في الدرجات االستثنائية واألولى‬
‫والثانية‪ ،‬ويكلف كل واحد منهم بالتقرير في القضايا المكلف بها‪ ،‬ويشارك في إصدار األحكام‬
‫طبقا للقواعد المنظمة للنصاب القانوني‪.‬‬
‫ويتولى المستشار المقرر تجهيز القضية باتخاذه لجميع اإلجراءات المسطرية الالزمة‪،‬‬
‫من أمر بتبليغ المقال االستئنافي والمذكرات الجوابية والردود وسلوك إجراءات تحقيق الدعوى‬
‫عن طريق القيام باألبحاث واألمر بالخبرات والمعاينات التي يراها ضرورية لسير المسطرة‬
‫طبقا ألحكام الفصول ‪ 329‬إلى ‪ 334‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬كتابة الضبط‪:‬‬


‫تعمل كتابة الضبط على تلقي المقاالت االستئنافية وفتح الملفات وتوجيه االستدعاءات‬
‫وتسجيل م ا يروج في الجلسات في شكل محاضر رسمية‪ ،‬ويعتبر حضورها داخل الجلسات‬
‫إجباريا‪ ،‬ويرأس كتابة الضبط موظف ينتمي إليها يعينه وزير العدل‪ ،‬الذي يتولى تحت مراقبة‬
‫الرئيس األول لمحكمة االستئناف اإلدارية اإلشراف على موظفي كتابة الضبط وتقييم أعمالهم‪،‬‬
‫ويمكن تقسيم كتابة الضبط إلى عدة أقسام حسب نوعية القضايا التي تدخل في نطاق اختصاص‬
‫المحكمة التي تنتمي إليها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اختصاص محاكم االستئناف اإلدارية‬


‫حددته المادة ‪ 5‬من قانون ‪ ،80-03‬التي تنص على أن محاكم االستئناف اإلدارية مختصة‬
‫بالنظر في استئناف أحكام المحاكم اإلدارية التي تدخل في دائرة نفوذها الترابي‪ ،‬ما عدا إذا كانت‬
‫هناك مقتضيات قانونية مخالفة‪.‬‬
‫واختصاصها إما أن يكون محليا أو نوعيا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬االختصاص المحلي‪:‬‬
‫هو ذلك االختصاص الذي تنبني قواعده على أساس المكان أو الموقع‪ ،‬حيث يتم تحديد‬
‫المنازعات الداخلة في دائرة محكمة بناء على اعتبارات محلية أو إقليمية كموطن الخصوم أو‬
‫محل األموال موضوع النزاع‪ ،‬وفيما يخص هذا االختصاص بالنسبة لمحاكم االستئناف اإلدارية‬
‫ودوائر نفوذها الترابي نجده في المرسوم التطبيقي رقم ‪ 460 -187‬المؤرخ في ‪ 24‬يوليوز‬
‫‪ ،2006‬ونطاقها الترابي وفقه هو‪:‬‬
‫محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط‪ ،‬تضم جغرافيا المحاكم اإلدارية للرباط والدار‬
‫البيضاء‪ ،‬فاس‪ ،‬مكناس‪ ،‬وجدة‪.‬‬
‫ومحكمة االستئناف اإلدارية بمراكش‪ ،‬وتضم المحكمة اإلدارية بمراكش وأكادير‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬االختصاص النوعي‪:‬‬
‫كقاعدة عامة فإن االختصاصات التي تبت فيها محاكم االستئناف اإلدارية تهم كل القضايا‬
‫التي تنظر فيها المحاكم اإلدارية بموجب المادة ‪ 8‬من القانون ‪ ،41-90‬إضافة إلى استئناف القرار‬
‫الصادر عن رئيس المحكمة اإلدارية أول درجة برفض منح المساعدة القضائية إلى محكمة‬
‫االستئناف اإلدارية داخل أجل ‪ 15‬يوم من التبليغ‪ ،‬ويحال مقال االستئناف مع المستندات على‬
‫المحكمة داخل أجل ‪ 15‬يوما من تاريخ وضع مقال االستئناف‪ ،‬على أن تبت غرفة المشورة في‬
‫االستئناف داخل أجل ‪ 51‬يوما من تاريخ إحالة الملف (المادة ‪ 8‬من قانون ‪.)80 – 03‬‬
‫كما تُستأنف أمامها أوامر رؤساء المحاكم اإلدارية بمقتضى المادة ‪ 5‬من قانون ‪.80-03‬‬
‫ويستثنى منها وفقا لما أتى في آخر المادة السالفة الذكر "‪ ...‬ما عدا إذا كانت هناك مقتضيات‬
‫قانونية مخالفة"‪:‬‬
‫‪ -‬األحكام الصادرة في موضوع االختصاص النوعي سواء أكان من طرف المحاكم‬
‫اإلدارية أو المحاكم العادية‪ ،‬فالبت فيها الذي يكون بحكم مستقل‪ ،‬يقبل االستئناف أمام محكمة‬
‫النقض وليس أمام محكمة االستئناف اإلدارية عمال بمقتضيات المادة ‪ 12‬من قانون ‪،80-03‬‬
‫التي تنص على أنه "تبقى مقتضيات المادة ‪ 13‬من القانون ‪ 41-90‬المحدثة بموجبه محاكم إدارية‬
‫سارية المفعول في شأن استئناف األحكام الصادر في موضوع االختصاص النوعي‪ ،‬ويحيل‬
‫المجلس األعلى )محكمة النقض اليوم( الملف بعد البت فيه إلى المحكمة المختصة"‪.3‬‬
‫‪ -‬األوامر الصادرة عن رئيس المحكمة اإلدارية بصفته قاضيا للمستعجالت باإلذن‬
‫بالحيازة طبقا للمادة ‪ 32‬من قانون رقم ‪ 7-81‬المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة‬
‫واالحتالل المؤقت‪ ،‬فهذه األوامر ال تكون قابلة للطعن فيها باالستئناف‪ ،‬وإنما تكون قابلة للطعن‬
‫بالنقض أما إذا كانت هذه األوامر تَرفض وال تقبل طلب اإلذن بالحيازة المتقدم به من طرف‬
‫نازع الملكية‪ ،‬فتكون قابلة للطعن باالستئناف بالمفهوم المخالف للنص‪ ،‬مادام أن المادة ‪ 32‬من‬
‫قانون ‪ 7-81‬تحدثت فقط على أنه "‪ ..‬ال يمكن استئناف األمر الصادر باإلذن في الحيازة "‬
‫وسكت عن حالة األمر برفض أو عدم قبول اإلذن بالحيازة‪ ،‬مما يعني جواز استئناف تلك‬
‫األوامر‪.‬‬

‫‪ - 3‬وقد حالف المشرع الصواب حينما جعل استئناف األحكام حول االختصاص النوعي اختصاص منعقدا لمحكمة النقض وليس‬
‫محاكم استئناف إدارية‪ ،‬وذلك لضرورة وجود جهة قضائية واحدة تحسم في نقطة االختصاص النوعي وتو ِ ّحد العمل القضائي‬
‫بخصوصه ومرحليا المجلس األعلى في انتظار إحداث محكمة التنازع بعد إحداث مجلس الدولة مستقبال‪ ،‬بحيث لو ُمنح هذا‬
‫االختصاص لمحاكم االستئناف اإلدارية‪ ،‬فإنه سيُفضي حتما إلى تعارض االتجاهات فيما بينها‪ ،‬بما يؤدي إلى المساس بمصداقية‬
‫ونجاعة القضاء اإلداري من جهة واألوضاع والمراكز القانونية للمتقاضين من جهة أخرى‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى أن استئناف المنازعات االنتخابية‪ ،‬أو ما أحيل على المحاكم اإلدارية من‬
‫أجل تقدير شرعية القرارات اإلدارية‪ ،‬فإنه يعود إلى الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض وليس محاكم‬
‫االستئناف اإلدارية‪ ،‬هذا األمر كان قبل تعديل المادة ‪ 16‬من القانون ‪ 80-03‬التي تم تعديلها سنة‬
‫‪ 2008‬بموجب القانون ‪ ،46-08‬أما بعده فقد أضحت إمكانية استئناف تقدير شرعية القرارات‬
‫أمام الغرفة اإلدارية بشكل نهائي لوحدها‪ ،‬وعودة المحاكم االستئناف اإلدارية لتختص بالنظر في‬
‫المنازعات االنتخابية استئنافا ونقضها أمام ‪ -‬المجلس األعلى سابقا‪ -‬محكمة النقض‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬إجراءات التقاضي أمام محكمة االستئناف اإلدارية‬


‫ال تخرج هذه اإلجراءات عما هو متضمن في قانون المسطرة المدنية إال في حالة وجود‬
‫قانون مخالف‪ ،‬وهذه المساطر تمر عبر مرحلتين األولى تتعلق في جانب منها بشروط قبول‬
‫الطعن باالستئناف‪ ،‬والثانية تنطوي على إجراءات لتجهيز القضية‪.‬‬

‫أوال‪ -‬شروط قبول الطعن باالستئناف‪:‬‬


‫منها ما هو متعلق بمقال االستئناف (‪ )1‬ومنها ما هو متعلق بآجال االستئناف (‪.)2‬‬
‫‪ –1‬الشروط الواجب توفرها في مقال االستئناف‪:‬‬
‫* يجب أن يقدم في شكل مكتوب بحيث يتضمن مجموعة من البيانات‪ ،‬منها ما يتعلق‬
‫بأطراف النزاع (هوية أطراف النزاع)‪ ،‬ومنها ما يتعلق بوقائع النزاع وموضوعه والوسائل‬
‫المعتمدة في االستئناف التي يتطرق من خاللها للعيوب التي يستأنف بسببها الحكم اإلداري‪،‬‬
‫وينبغي أن يكون عدد نسخ المقال االستئنافي مساويا لعدد األطراف المستأنف عليهم‪ ،‬حتى يتم‬
‫تبليغها إليهم ضمانا لحقوق الدفاع‪ ،‬وفي حالة عدم اإلدالء بها يتم إنذار المستأ ِنف بذلك داخل أجل‬
‫‪ 10‬أيام‪ ،‬وعند عدم اإلنجاز داخل األجل المذكور يمكن إصدار قرار بالتشطيب‪.‬‬
‫* يجب أن يكون المقال االستئنافي موقعا من طرف محام وجوبا بالنسبة لألفراد واختياري‬
‫بالنسبة للدولة واإلدارات العمومية (المادة ‪ 10‬من قانون ‪.)80-03‬‬
‫* تعفى طلبات استئناف األحكام الصادرة عن المحاكم اإلدارية من أداء الرسوم القضائية‬
‫طبقا لما جاء في المادة ‪ 48‬من القانون ‪ ،41-90‬ونود التذكير بأن المشرع أجاز للرئيس األول‬
‫لمحكمة االستئناف اإلدارية منح المساعدة القضائية لطالبها طبقا للشروط المنصوص عليها في‬
‫المرسوم الملكي رقم ‪ 514 - 65‬بتاريخ ‪ 17‬من رجب ‪( 1386‬فاتح نونبر ‪ )1966‬بمثابة قانون‬
‫يتعلق بالمساعدة القضائية (المادة ‪ 7‬من قانون ‪.)80-03‬‬
‫‪ -2‬آجال االستئناف‪:‬‬
‫يتم الطعن باالستئناف في األحكام الصادرة عن المحاكم اإلدارية في ‪ 30‬يوما كاملة من‬
‫تاريخ تبليغ الحكم إلى المحكوم عليه‪ ،‬و‪ 15‬يوما بالنسبة الستئناف أوامر المبنية على الطلب‬
‫الصادرة عن رؤساء المحاكم اإلدارية‪ ،‬و ‪ 8‬أيام بالنسبة أوامر األداء الصادرة عنهم‪ ،‬ويبقى‬
‫احترام هذا األجل من النظام العام تثيره المحاكم تلقائيا‪ ،‬كما يعتبر هذا األجل أجل سقوط يؤدي‬
‫فواته إلى عدم قبول الطعن باالستئناف‪ .‬كذلك فيما يخص أجل االستئناف فال بد من أخذ بعين‬
‫االعتبار أن تبليغ الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية يشكل نقطة بداية سريان األجل القانوني‬
‫المخصص للطعن منه باالستئناف‪.‬‬
‫والتبليغ يكون بالنسبة للشخص الذاتي في موطنه الحقيقي (الفصل ‪ 512‬من قانون‬
‫المسطرة المدنية)‪ ،‬و يكون بالنسبة للشخص المعنوي في الموطن المختار (الفصل ‪ 524‬من‬
‫قانون المسطرة المدنية)‪.‬‬
‫كما قد يتم وقف أجل االستئناف في حاالت معينة وهي المرتبطة ب‪:‬‬
‫* وفاة أحد األطراف‪ ،‬وإذا توفي الطرف الذاتي في النزاع بعد صدور الحكم اإلداري‪،‬‬
‫فإن آجال االستئناف يُوقَّف لصالح ورثته‪ ،‬ولمواصلتها من جديد يتعين تبليغ الحكم إلى الورثة‬
‫في موطن المتوفى وانتظار أجل ‪ 15‬يوما‪.‬‬
‫* تغير أهلية أحد األطراف‪ ،‬ذلك أنه إذا وقع أثناء أجل االستئناف تغيير في أهلية أحد‬
‫األطراف‪ ،‬أوقف األجل وال ينبغي سريانه من جديد إال بعد خمسة عشر يوما من تبليغ الحكم‬
‫لمن لهم الصفة في تسلم هذا التبليغ (الفصل ‪ 139‬من قانون المسطرة المدنية)‪.‬‬
‫* األشخاص الذين ليس لهم محل إقامة بالمغرب‪ ،‬تضاعف لهم اآلجال ثالث مرات‬
‫لمصلحة األطراف (الفصل ‪ 136‬من قانون المسطرة المدنية)‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬إجراءات تجهيز القضية‪:‬‬
‫يحيل القانون ‪ 80-03‬في مادته ‪ 15‬على القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية‪،‬‬
‫التي يتم اعتمادها أثناء سريان الدعوى أمام محكمة االستئناف اإلدارية والتي يقوم فيها المستشار‬
‫المقرر بدور محوري‪ ،‬فهذا األخير يتم تعيينه من قبل الرئيس األول كمقرر في الملف داخل أجل‬
‫‪ 24‬ساعة من توصل كتابة الضبط بمحكمة االستئناف بملف االستئناف‪ ،‬ليصبح الساهر على‬
‫تجهيز القضية‪ ،‬وألجل ذلك يقوم ب‪:‬‬
‫‪ -‬األمر بتبليغ المقال االستئنافي إلى الطرف اآلخر‪ ،‬كما يصدر أمرا بتبادل المذكرات بين‬
‫األطراف‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد اآلجال التي يتعين فيها على األطراف إيداع مذكراتهم أو الوثائق التي يرى أنها‬
‫ضرورية للب في النزاع‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء التحقيق من أجل االقتناع بثبوت وقائع النزاع أو إلزالة الغموض واألحكام‬
‫المحيطة بها‪( ،‬اإلجراءات المنظمة من الفصول‪ 55‬إلى ‪ 102‬من قانون المسطرة المدنية المتعلقة‬
‫أساسا بالخبرة ومعاينة األماكن‪ .‬واألبحاث وتحقيق الخطوط والزور الفرعي ‪.)...‬‬
‫‪ -‬إصدار األمر بالتخلي‪ :‬بانتهاء مرحلة التحقيق المسطرية القضائية‪ ،‬يعلن المستشار‬
‫المقرر بصفة قانونية عن تخليه عن الملف‪ ،‬بما يعني صيرورة القضية جاهزة للبت فيها من‬
‫طرف المحكمة‪ ،‬ثم يقوم بتعيين الجلسة التي تُدرج فيها القضية ويبلغ ذلك األمر إلى مختلف‬
‫األطراف‪.‬‬
‫ويمكن للمحكمة أن تقرر العدول عن األمر بالتخلي وإرجاع القضية إلى المستشار المقرر‬
‫وذلك في حالة‪:‬‬
‫‪ +‬حدوث واقعة جديدة من شأنها أن تؤثر على حل النزاع أو تعذّر إثارة واقعة حدثت قبل‬
‫األمر بالتخلي لسبب خارج عن إرادة الطرفين ‪...‬‬
‫‪ +‬انتقال سلطة تسيير إجراءات الدعوى من المستشار المقرر إلى محكمة االستئناف (هيأة‬
‫الحكم)‪ ،‬لتقرر ما إذا كانت اإلجراءات المتخذة من طرف المستشار المقرر كافية للبت في النزاع‬
‫أم أن الحل مازال يتطلب إجراءات أخرى‪ ،‬وهي بذلك تمارس (هيأة الحكم) رقابة الحقة على‬
‫صحة ومالئمة اإلجراءات المتخذة من طرف المستشار المقرر‪.‬‬
‫وكإشارة أخيرة فيما يتعلق بهذه النقطة‪ ،‬فإن استئناف األحكام الصادرة بوقف تنفيذ قرار‬
‫إداري ليست لها أثر واقف م ّما يعطي لهذه األحكام أهمية خاصة وذلك من خالل‪:‬‬
‫يخلّفه من ضرر على وضعية المدعي ال يمكن تداركه‬
‫* القوة التنفيذية بالرغم مما ِ‬
‫مستقبال‪.‬‬
‫* ا لنفاذ المعجل بقوة القانون حيث االستئناف غير مؤثر في تنفيذها الذي يبقى غير قابل‬
‫لإليقاف بحكم طبيعتها‪.‬‬
‫وإذا كان االستئناف ال يؤثر في نفاذ األحكام الصادرة بوقف تنفيذ قرار إداري‪ ،‬فإن‬
‫المشرع وفي إطار تكريسه للتوازن المنشود القائم بين المصلحة العامة ومصلحة األفراد‪ ،‬أوجب‬
‫أن يتم البت في هذا االستئناف المتعلق بوقف تنفيذ قرار إداري داخل ‪ 60‬يوما يبتدئ من تاريخ‬
‫توصل كتابة الضبط لمحكمة االستئناف بالملف‪ ،‬ذلك أن هذا األجل يعتبر كافيا للبت في االستئناف‬
‫المذكور‪.‬‬

You might also like