Professional Documents
Culture Documents
يتعامل املسلمون مع الويح وأكنه خارج التارخي .هل يرجع ذكل إىل كونه مقدس ًا أم لكوهنم
خارج التارخي ؟
1
ما دمنا يحكمنا رد الفعل ،ما دام اإلنفعال يؤسس الفعل مباشرة بدون المرور على
العقل فلن ننجح في فهم كتاب هللا ،ولن نجد فيه حالً نتفق عليه .البد أن يتوسط
العقل بين اإلنفعال والفعل .وما دام العقل ال يعرف منهجا ً للتفكير يتقيد به فال
يمكنه أن يؤدي باإلنفعال إلى فعل مثمر .
ما دام المسلم يتكلم ثم يفكر ،يغضب ثم يفكر ،يفرح ثم يفكر ،يحزن ثم يفكر فإنه
دوما ً سيبحث عن مبرر عقلي أوشرعي ألقواله وأفعاله .
ما دام المسلم يك ّون أراءه وأحكامه ثم يبحث لها عن دليل عقلي أو شرعي فلن
يتمكن من حل مشكلته مع دينه وال مع دنياه ،سيظل في رماله المتحركة التي كلما
أـراد أن يخرج منها أُعيد فيها .ما دام يضع عقله وراء رد الفعل الغريزي يسنده
ويبرره فلن يفهم القرآن وال السنة وال الواقع .ألنه لم يفهم نفسه ،لم يفهم أنه ال
يفكر وإنما يتخبط بين رغبات نفسه وضغوط الواقع
فتحرير العقل من سطوة اإلنفعال ونوجيهه بالمنهج العلمي المفصل في القرآن
والسنة والذي تقيد به سلفنا الصالح هو الذي يؤدي إلى إخراج المسلمين من هذا
المأوق التاريخي الذي بدأبسقوط الخالفة الراشدة التي غاب الرشد بغيابها .
وما أهل السنة والجماعة إال قوم اتخذوا الوحي منهجا ً للتفكيرقبل أن يتخذوه منهجا ً
لمعتقدات معينة آراء معينة .ليس مفهوم السنة والجماعة أقوال واعتقادات وآراء
وأعمال إنما هو مفهوم يقوم على منهج التفكير القرآني في التعامل مع كل شيء.
فبيان المنهج هو البداية الصحيحة وإال كنا كحاطب ليل يجمع الحطب والعقارب
معا ً وهو اليدري .
-)3بين القرآن متى تكون الفكرة حقا ً ومتى تكون باطالُ .فهل يعرف المسلم
ذلك ؟ هل يعلم المسلم المنطق الذي يجب أن يتقيد به في إطالق أحكامه .
-بين القرآن أن العقل ال يمكنه التعامل إال مع آيات هللا وال يمكن أن يدرك غير
ذلك ،ال يمكنه أن يتفكر في ذات هللا وإنما يجب عليه أن يتفكر في آيات هللا .
وآيات هللا في القرآن تطلق على آياته في الكون والتاريخ والقرآن .
2
-بين القرآن أن من الناس من يعطل عقله ومنهم من يسيء أستعماله ،
والمؤمنون هم أولو األلباب الذين لم يعطلوا عقولهم ولم يسيئوا استعمالها ألنهم
تقيدوا بمنهج التفكير الذي أمرهم هللا به وعلى لسان رسوله –صلى هللا عليه
وسلم.
-بين القرآن وبينت السنة التوجيهات العملية المتعلقة بهذا المنهج ،وبين نماذج
بسرية في التفكير لم تتقيد بهذا المنهج وبين نتائج هذه المخالفة في الدنيا
واآلخرة .
-بين القرآن مفهوم العلم وما الذي يمكن أن يطلق عليه هذا اللفظ .
-بين القرآن ارتباط الفكر باإلرادة وأن ليس هناك فكر بال إرادة أو إرادة بال
فكر ألن مصدرهما واحد وهو القلبـ .
-بين القرآن أن الكفر واإلسالم والظلم والفسوق واإليمان هي اتجاهاتـ (
)Attitudesأي طريقة في التفكير والسلوك .
هذه النقاط السبعة مفصلة في كتاب هللا تبين المنهج بشقيه النظري والعملي الذي
يجب على المسلمين أن يتقيدو به في تأسيس أحكامهم .
هكذا يدير القرآن المعركة بين الحق والباطل في هذه األرض ،يبدأها من الدخل
بتحرير العقل لتحرير اإلتسان من األوثان التي تقبع داخله وتتسلط عليه
،لتحرير اإلنسان من األوثان الخارجية ،هكذا نحقق قوله تعالى ( :يعبدونني ال
يشركون بي شيئا ً ) لتحقيق التمكين الذي شرطه الحرية بهذا المفهوم :
(وعد هللا الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في األرض كما
استخلف الذين من قبلهم وليمكننهم في األرض وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ً
،يعبدونني اليشركون بي شيئا ً )
واألمر ال يحتاج إلى إطالق الرصاص وال إلى عمليات استشهادية وال إلى
تضحيات خرافية يحتاج إلى من يؤمن بقوله تعالى ( :إني أعلم ما ال تعلمون )
في رده على المالئكة الذين قالوا (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن
نسبح بحمدك ونقدس لك ) ذلك ألنه (وعلم آدم األسماء كلها ) التي لم تعرفها
3
المالئكة .هذا العلم الذي يحقق قوله تعالى ( إني أعلم ما ال تعلمون ) أداته
القرآن عندما نتخذه منهجا ً للتفكير ال وسيلة لتأييد أفكارنا عندما نتخذه منهجا ً
للفكر ال وسيلة لترويجه .
)4من فقد القدرة على الغضب اليمكن أن يوصف بالحلم
من فقد القدرة على الزنا ال يمكن أن يوصف بالعفة
من فقد القدرة على المعصية ال يمكن أن يوصف بالطاعة
من فقد القدرة على العقاب ال يمكن أن يوصف بالعفو .
كذلك من فقد القدرة على التمرد ال يمكن أن يوصف بالخضوع واإلنقياد
لذلك شرط اإلسالم القدرة على التمرد .عالمة اإلسالم الخضوع هلل والقدرة
على التمرد على غيره من اآللهة المزعومة .
تعددت اآللهة بتعدد الباطل الذي تأسست عليه .تعس عبد الدينار تعس عبد
الناس تعس عبد هواه تعس عبد السلطان تعس عبد الشرق تعس عبد الغرب
.تعس عبد غير هللا .
نخضع لما تأسس على الحق ،شرعي الخضوع هي الحق ،هي طاعة هللا
ورسوله وما تأسس على غير ذلك فال ينبغي الخضوع له .ألن الخضوع
للباطل واإليمان ال يجتمعان :
( ال يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ،ال يسرق السارق حين يسرق وهو
مؤمن )
الحق وده الذي نعبد وهو مبين في كتاب هللا وسنة رسوله وما تناقض معهما
ال يمكن أن يكون حقا ً ألن هللا ال يناقض نفسه ،وإنما هو من ترويج اآللهة
المزعومة التي نبغي الخروج عليها تحقيقا ً إلسالمنا في الواقع .
الحق المرتبط بالخير وليس الحق المجرد المثالي الذي يكفر بالواقع .
الحق ثابت ال يتغير ولكن الخير يتغير بتغير الزمان والمكان والتقيد بالقرآن
والسنة كمنهج هو الذي يم ّكن المسلم من حل هذه المعادلة الصعبة وذلك
4
بتطبيق معيار الجمال في تحديد الفعل .الفعل المناسب في المكان المناسب
في الزمان المناسب .الفعل الذي علته الحق وغايته الخير ووسيلته الجمالـ
.والصادقون هم وحدهم القادرون على ذلك .
صدق األفكار وصدق اإلرادة .
األفكار الصادقة هي التي اتفقت مع منطق القرآن الذي بين أن الفكرة
الصادقة هي التي ال تعاني من التناقض ال في ذاتها وال مع الواقع .
اإلرادة الصادقة هي التي دل عليها الواقع (واقع المريد ) فلم تتناقض معه .
الصادق يبحث دوما ً عن الوحدة ويبتعد عن التناقض .لذلك فهو ينجح في
تأسيس ألفعل الذي علته الحق وغايته الخير ووسيلته الجمال .ذلك ألن شرط
الجنال الوحدة والمواءمة والوضوح .الصادق تحركه العبودية العبودية هلل .
الصادق تحركه الحرية ( التحررمن الخضوع لغير الحق ) التحرر من
الخضوع للباطل سوا ًء كان فكرةً أو إرادةً ،فقد يكون الباطل فكرةً تأسست
على التناقض أو إرادة ترغمه على الخضوع للتناقض في فكره أوسلوكه.
)5الكون من حولنا يدلنا على ارتباط هذه القيم الثالثة الحق والخير والجمال
:
فالكون ال يعاني من التناقض ( :ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت) ألنه
متلبس بالحق ( خلق السماوات واألرض بالحق ) والكون خلق بحيث يحقق
الخير للناس :
( ألم نجعل األرض مهاداً والجبال أوتاداً وخلقناكم أزواجا ً وجعلنا نومكم
سباتا ً وجعلنا الليل لباسا ً وجعلنا النهار معاشا ً وبنينا فوقكم سبعا ً شداداً وجعلنا
سراجا ً وهاجا وأنزلنا من المعصرات ما ًءا ثجاجاًـ لنخرج به حبا ً ونباتا ً
وجنات ألفافاًـ متاعا ً لكم وألنعامكم )
(قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق األرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب
العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في
5
أربعة أيام سوا ًء للسائلين ) والكون يمتلئ بالجمالـ حتى يفيض من المتأمل
دموعا ً وسكينة :
(وزينا السماء الدنيا بمصابيح ) ( إنا جعلنا ما على األرض زينة لها)
(وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ) ( ولكم فيها جمال حين تريحون وحين
تسرحون )
فهل بعد ذلك يقال أن الحق والخير والجمال منفصلة غير مترابطة ؟ هل
يمكن لنا بعد ذلك أن نؤسس أفعالنا على الحق وحده دون اعتبار للخير
والجمال أو أن ندعو إلى الخير الذي ال يضع اعتباراً للحق ويراه نسبيا ً أو أن
ندعي حب الجمالـ فنؤسس فنونا ً تحتقر الحق وال ترى الخير إال فيما يراه
الداعون لها ؟
إن التعامل مع هذه القيم على أنها منفصلة عن بعضها يجعل منا ( يقطعون
ما أمر هللا به أن يوصل ) وذلك يؤدي إلى الفساد في األرض.
إن الطائفة األولى التي تقطع ما أمر هللا به أن يوصلهيي الطائفة المثالية التي
ال تعير الواقع أي اهتمام فؤسس أفعالها على الحق وحده دون اعتبار للخير
أو الجمالـ .
والطائفة الثانية التي تقطع ما أمر هللا به أن يوصل هي الطائفة الواقعية التي
ال تهتم إال بالخير بغض النظر عن الحق والجمال .
والطائفة الثالثة التي تقطع ما أمر هللا به أن يوصل هي طائفة الفن للفن أو
الفن للمجتمع فتسعى وراء الجمال بغض النظر الخير (الفن للفن )وبغض
النظر عن الحق (الفن للمجتمع ).
المثالية تقوم بها عقول معطلة والواقعية تقوم بها عقول مستعبدة .المثالية
تنتج إنسانا ً مبرمجا ً ()Robotوالواقعية تنتج إنسانا ً ()Zambeiميت يظن
أنه حي .
6
الفعل المطلوب هو الذي يؤدي إلى مستقبل وهو الذي علته الحق وغايته
الخير ووسيلته الجمالـ ،هو الذي ال يؤدي إلى تكرار الماضي ،طبعة
جديدة لخطأٍ سابق وحقوق نشره غير محفوظة .
والقرآن وحده عندما يُتعامل معه كمنهج للتفكير يُنتِج"أولي األلباب" الذين
يعتبرون هذه القيم الثالثة مترابطة ألنهم يصلون ما أمر هللا به أن يوصل
وتدل أفعالهم على هذه الحقيقة فعلتها الحق وغايتها الخير ووسيلتها الجمال :
نز ل إليك من ربك هو الحق كمن هو أعمى .إنما يتذكر ُ
(أفمن يعلم أنما أ ِ
أولو األلباب الذين يوفون بعهد هللا وال ينقضون الميثاق والذين يصلون ما
أمر هللا به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا
ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصالة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعالنية
ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار )
القرآن وحده عندما نتعامل معه كطالب علم وليس كطالب حجة أو تبرير أو
ترويج لفكرة ما .ذلك هو معيار الصدق في التعامل مع كتاب هللا كمنهج
معرفة .هذا هو المعيار الوحيد الذي يمكن أن يوحد الرؤية لنهاية هذا النفق
المظلم الذي نحن فيه (:قد جاءكم من هللا نور وكتاب مبين يهدي به هللا من
اتبع رضوانه سبل السالم ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم
إلى صراط مستقيم )
ألن الصدق كما قال رسول هللا – صلى هللا عليه وسلم – ( يهدي إلى البر )
لذلك البد كي يؤدي تعاملنا مع كتاب هللا إلى البر ال بد أن نؤسس هذا التعامل
على الصدق وذلك بأن نأتي إلى كتاب هللا بدون أجوبة مسبقة عن تساؤالتنا
وبال رغبة مسبقة في إجابة معينة محددة سلفا ً .
كيف يكون صادقا ً معك من يسألك عن سؤال يعلم جوابه ؟كيف يكون صادقا ً
معك من يسألك وفي نفسه ميل إلى إجابة محددة فإن وافق جوابك ميله أذعن
إليه وإال فال ؟
إذا كانت تسوقنا الرغبة في جواب محدد على سؤالنا فكيف يجوز لنا الزعم
بأننا صادقون في تعملنا مع كتاب هللا ؟
7
الكذب في التعامل مع كتاب هللا هو الذي أدى إلى تعدد األجوبة وتناقضها في
أحيان كثيرة :
( كان الناس أمة واحدة فبعث هللا النبيئين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم
الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ،وما اختلف فيه إال الذين أُتوه من
بعد ما جاءهم العلم بغيا ً بينهم ،فهدى هللا الذين آمنو ا لما اختلفوا فيه من
الحق بإذنه وهللا يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )
وكل المنتمين يجدون فيه ما يدعمون به آراءهم التناقضة حتى اليهود
والنصارى :
(وليزيدن كثيراً منهم ما أُنزل إليك من ربك طغيانا ً وكفراً فال تأس على القوم
ّ
الكافرين )
والال منتمي أقدر على صدق التعامل مع كتاب هللا وسنة رسوله أقدر على
اكتشاف الفعل المناسب في المكان المناسب في الزمان المناسب ذلك إن
كانت علة فعله الحق وغايته الخير ووسيلته الجمالـ ذلك عبد هللا الذي
الينتمي إلى أية أيديولوجيا دينية أو ال دينية عبد هللا ال يلتزم إال بمنهج القرآن
في التمييزبين الحق والباطل وال يؤسس تميييزه هذا على أشخاص معينين
مهما كانت وجاهتهم أو مكانتهم :
(هللا ال إله إال هو ن ّزل عليك المتاب بالحق مصدقا ً لما بين يديه وأنزل التوراة
ى للناس وأنزل الفرقان )
واإلنجيل من قبل هد ً
والفرقان ما يفرق به بين الخق والباطل .
والمسلمون يعلمون القرآن وال يعلون الفرقان .الفرقان هو منهج القرآن في
التمييز بين الحق والباطل .هو منطق عبد هللا بينه له كتاب هللا (.ال يأتيه
الباطل من بين يديه وال من خلفه تنزيل من حكيم حميد ).
آن للمسلم الذي يقرأ القرآن أن يفكر كما أمر القرآن كي تبدأحضارة جديدة
كما بدأت من قبل .وكما فعل سلفنا الصالح عندما أخذوا العلم والعمل من
القرآن ألنهم صدقوا في التعامل معه .فمن أراد أن يتعامل مع كتاب هللا
بصدق وجب عليه أال يأتي إلى كتاب هللا وفي رأسه أفكار يبحث عن
8
شرعية لها أو في نفسه ميول يبحث عن تدعيم أو تصديق لها .ذلك هو
الهوى الذي ينهى القرآن عنه :
( وال تتبع الهوى فيضلك عن سبيل هللا )
وككلما تقيد المسلم بمنهج القرآن في التفكير كلما زاد صدقه في التعامل معه
وكلما زاد صدقه زاد نجاحه .وبقدر صدقه بقدر إيمانه وبقدر إيمانه بقدر
والية هللا له وبقدر والية هللا له بقدر خروجه من الظلمات إلى النور :
(هللا ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم
الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحابـ النار هم فيها
خالدون ) .
9