You are on page 1of 9

‫إبطال التفاعل المتسلسل‬

‫يتعامل املسلمون مع الويح وأكنه خارج التارخي ‪ .‬هل يرجع ذكل إىل كونه مقدس ًا أم لكوهنم‬
‫خارج التارخي ؟‬

‫‪ )1‬كيف يصرون على أنهم معتصمون به ‪ ،‬وقلوبهم شتى ؟ يسوقهم رد‬


‫الفعل ويحكم أسلوب فهمهم ‪ .‬تعددت الحلول اإلسالموية ‪ :‬بين فريق‬
‫يرى الحل بالسالح ويرى الشهادة غاية وليست وسيلة ‪ ،‬وفريق يرى‬
‫اإلشتغال بالسياسة والدعوة معا ً وينسى ( ما أسألكم عليه من أجر )‬
‫ويحتج بالشمولية ‪ ،‬وفريق يرى أنه ليس في اإلمكان أبدع مما كان‬
‫فيعتصم بالماضي ويظن أنه باإلمكان تجاوز الحاضر لصناعة‬
‫المستقبل ‪ ،‬وفريق يعتصم بالخرافة فكان نموذجا ً للهوس الديني ‪،‬‬
‫وفريق يخرج على الجميع وينادي بكفر من في األرض ما عدا هو‬
‫ومن اقتنع بفهمه ‪....‬وكل فريق يضم جماعات وجماعات ‪....‬تفاعل‬
‫متسلسل اليتوقف إال بعد تفجير األمة ‪.‬وتظل الحجة ال وسيلة لدينا إال‬
‫هذه وك ٌل يدعي أن منهجه هو الحق وهو الذي يؤدي إلى فالح الدنيا‬
‫ونجاة اآلخرة أما حجة البناء والتجديد فلم تجد لها سنداً بين ظلم‬
‫المستكبرين ويأس المستضعفين ‪.‬‬
‫‪ )2‬التُدرك األوضاع إال من خارجها ‪.‬لذلك فاإلنسان ال يدرك حقيقة الدنيا‬
‫إال عندما يغادرها ‪:‬‬
‫( وجاءت سكرة الموت بالحق ‪ ،‬ذلك ما كنت منه تحيد ‪ .‬ونفخ في الصور ‪ ،‬ذلك‬
‫يوم الوعيد ‪ .‬وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ‪ .‬لقد كنت في غفلة من هذا‬
‫فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )‬
‫‪...............‬؟‬

‫‪1‬‬
‫ما دمنا يحكمنا رد الفعل ‪ ،‬ما دام اإلنفعال يؤسس الفعل مباشرة بدون المرور على‬
‫العقل فلن ننجح في فهم كتاب هللا ‪ ،‬ولن نجد فيه حالً نتفق عليه ‪ .‬البد أن يتوسط‬
‫العقل بين اإلنفعال والفعل ‪ .‬وما دام العقل ال يعرف منهجا ً للتفكير يتقيد به فال‬
‫يمكنه أن يؤدي باإلنفعال إلى فعل مثمر ‪.‬‬
‫ما دام المسلم يتكلم ثم يفكر ‪ ،‬يغضب ثم يفكر ‪ ،‬يفرح ثم يفكر ‪ ،‬يحزن ثم يفكر فإنه‬
‫دوما ً سيبحث عن مبرر عقلي أوشرعي ألقواله وأفعاله ‪.‬‬
‫ما دام المسلم يك ّون أراءه وأحكامه ثم يبحث لها عن دليل عقلي أو شرعي فلن‬
‫يتمكن من حل مشكلته مع دينه وال مع دنياه ‪ ،‬سيظل في رماله المتحركة التي كلما‬
‫أـراد أن يخرج منها أُعيد فيها ‪ .‬ما دام يضع عقله وراء رد الفعل الغريزي يسنده‬
‫ويبرره فلن يفهم القرآن وال السنة وال الواقع ‪ .‬ألنه لم يفهم نفسه ‪ ،‬لم يفهم أنه ال‬
‫يفكر وإنما يتخبط بين رغبات نفسه وضغوط الواقع‬
‫فتحرير العقل من سطوة اإلنفعال ونوجيهه بالمنهج العلمي المفصل في القرآن‬
‫والسنة والذي تقيد به سلفنا الصالح هو الذي يؤدي إلى إخراج المسلمين من هذا‬
‫المأوق التاريخي الذي بدأبسقوط الخالفة الراشدة التي غاب الرشد بغيابها ‪.‬‬
‫وما أهل السنة والجماعة إال قوم اتخذوا الوحي منهجا ً للتفكيرقبل أن يتخذوه منهجا ً‬
‫لمعتقدات معينة آراء معينة ‪.‬ليس مفهوم السنة والجماعة أقوال واعتقادات وآراء‬
‫وأعمال إنما هو مفهوم يقوم على منهج التفكير القرآني في التعامل مع كل شيء‪.‬‬
‫فبيان المنهج هو البداية الصحيحة وإال كنا كحاطب ليل يجمع الحطب والعقارب‬
‫معا ً وهو اليدري ‪.‬‬
‫‪-)3‬بين القرآن متى تكون الفكرة حقا ً ومتى تكون باطالُ ‪ .‬فهل يعرف المسلم‬
‫ذلك ؟ هل يعلم المسلم المنطق الذي يجب أن يتقيد به في إطالق أحكامه ‪.‬‬
‫‪-‬بين القرآن أن العقل ال يمكنه التعامل إال مع آيات هللا وال يمكن أن يدرك غير‬
‫ذلك ‪ ،‬ال يمكنه أن يتفكر في ذات هللا وإنما يجب عليه أن يتفكر في آيات هللا ‪.‬‬
‫وآيات هللا في القرآن تطلق على آياته في الكون والتاريخ والقرآن ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-‬بين القرآن أن من الناس من يعطل عقله ومنهم من يسيء أستعماله ‪،‬‬
‫والمؤمنون هم أولو األلباب الذين لم يعطلوا عقولهم ولم يسيئوا استعمالها ألنهم‬
‫تقيدوا بمنهج التفكير الذي أمرهم هللا به وعلى لسان رسوله –صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫‪-‬بين القرآن وبينت السنة التوجيهات العملية المتعلقة بهذا المنهج ‪ ،‬وبين نماذج‬
‫بسرية في التفكير لم تتقيد بهذا المنهج وبين نتائج هذه المخالفة في الدنيا‬
‫واآلخرة ‪.‬‬
‫‪-‬بين القرآن مفهوم العلم وما الذي يمكن أن يطلق عليه هذا اللفظ ‪.‬‬
‫‪-‬بين القرآن ارتباط الفكر باإلرادة وأن ليس هناك فكر بال إرادة أو إرادة بال‬
‫فكر ألن مصدرهما واحد وهو القلبـ ‪.‬‬
‫‪-‬بين القرآن أن الكفر واإلسالم والظلم والفسوق واإليمان هي اتجاهاتـ (‬
‫‪)Attitudes‬أي طريقة في التفكير والسلوك ‪.‬‬
‫هذه النقاط السبعة مفصلة في كتاب هللا تبين المنهج بشقيه النظري والعملي الذي‬
‫يجب على المسلمين أن يتقيدو به في تأسيس أحكامهم ‪.‬‬
‫هكذا يدير القرآن المعركة بين الحق والباطل في هذه األرض ‪ ،‬يبدأها من الدخل‬
‫بتحرير العقل لتحرير اإلتسان من األوثان التي تقبع داخله وتتسلط عليه‬
‫‪،‬لتحرير اإلنسان من األوثان الخارجية ‪ ،‬هكذا نحقق قوله تعالى ‪( :‬يعبدونني ال‬
‫يشركون بي شيئا ً ) لتحقيق التمكين الذي شرطه الحرية بهذا المفهوم ‪:‬‬
‫(وعد هللا الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في األرض كما‬
‫استخلف الذين من قبلهم وليمكننهم في األرض وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ً‬
‫‪،‬يعبدونني اليشركون بي شيئا ً )‬
‫واألمر ال يحتاج إلى إطالق الرصاص وال إلى عمليات استشهادية وال إلى‬
‫تضحيات خرافية يحتاج إلى من يؤمن بقوله تعالى ‪ ( :‬إني أعلم ما ال تعلمون )‬
‫في رده على المالئكة الذين قالوا (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن‬
‫نسبح بحمدك ونقدس لك ) ذلك ألنه (وعلم آدم األسماء كلها ) التي لم تعرفها‬

‫‪3‬‬
‫المالئكة ‪ .‬هذا العلم الذي يحقق قوله تعالى ( إني أعلم ما ال تعلمون ) أداته‬
‫القرآن عندما نتخذه منهجا ً للتفكير ال وسيلة لتأييد أفكارنا عندما نتخذه منهجا ً‬
‫للفكر ال وسيلة لترويجه ‪.‬‬
‫‪)4‬من فقد القدرة على الغضب اليمكن أن يوصف بالحلم‬
‫من فقد القدرة على الزنا ال يمكن أن يوصف بالعفة‬
‫من فقد القدرة على المعصية ال يمكن أن يوصف بالطاعة‬
‫من فقد القدرة على العقاب ال يمكن أن يوصف بالعفو ‪.‬‬
‫كذلك من فقد القدرة على التمرد ال يمكن أن يوصف بالخضوع واإلنقياد‬
‫لذلك شرط اإلسالم القدرة على التمرد ‪ .‬عالمة اإلسالم الخضوع هلل والقدرة‬
‫على التمرد على غيره من اآللهة المزعومة ‪.‬‬
‫تعددت اآللهة بتعدد الباطل الذي تأسست عليه ‪ .‬تعس عبد الدينار تعس عبد‬
‫الناس تعس عبد هواه تعس عبد السلطان تعس عبد الشرق تعس عبد الغرب‬
‫‪.‬تعس عبد غير هللا ‪.‬‬
‫نخضع لما تأسس على الحق ‪ ،‬شرعي الخضوع هي الحق ‪ ،‬هي طاعة هللا‬
‫ورسوله وما تأسس على غير ذلك فال ينبغي الخضوع له‪ .‬ألن الخضوع‬
‫للباطل واإليمان ال يجتمعان ‪:‬‬
‫( ال يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ‪ ،‬ال يسرق السارق حين يسرق وهو‬
‫مؤمن )‬
‫الحق وده الذي نعبد وهو مبين في كتاب هللا وسنة رسوله وما تناقض معهما‬
‫ال يمكن أن يكون حقا ً ألن هللا ال يناقض نفسه ‪ ،‬وإنما هو من ترويج اآللهة‬
‫المزعومة التي نبغي الخروج عليها تحقيقا ً إلسالمنا في الواقع ‪.‬‬
‫الحق المرتبط بالخير وليس الحق المجرد المثالي الذي يكفر بالواقع ‪.‬‬
‫الحق ثابت ال يتغير ولكن الخير يتغير بتغير الزمان والمكان والتقيد بالقرآن‬
‫والسنة كمنهج هو الذي يم ّكن المسلم من حل هذه المعادلة الصعبة وذلك‬
‫‪4‬‬
‫بتطبيق معيار الجمال في تحديد الفعل ‪ .‬الفعل المناسب في المكان المناسب‬
‫في الزمان المناسب ‪ .‬الفعل الذي علته الحق وغايته الخير ووسيلته الجمالـ‬
‫‪.‬والصادقون هم وحدهم القادرون على ذلك ‪.‬‬
‫صدق األفكار وصدق اإلرادة ‪.‬‬
‫األفكار الصادقة هي التي اتفقت مع منطق القرآن الذي بين أن الفكرة‬
‫الصادقة هي التي ال تعاني من التناقض ال في ذاتها وال مع الواقع ‪.‬‬
‫اإلرادة الصادقة هي التي دل عليها الواقع (واقع المريد ) فلم تتناقض معه ‪.‬‬
‫الصادق يبحث دوما ً عن الوحدة ويبتعد عن التناقض ‪ .‬لذلك فهو ينجح في‬
‫تأسيس ألفعل الذي علته الحق وغايته الخير ووسيلته الجمال ‪ .‬ذلك ألن شرط‬
‫الجنال الوحدة والمواءمة والوضوح ‪ .‬الصادق تحركه العبودية العبودية هلل ‪.‬‬
‫الصادق تحركه الحرية ( التحررمن الخضوع لغير الحق ) التحرر من‬
‫الخضوع للباطل سوا ًء كان فكرةً أو إرادةً ‪ ،‬فقد يكون الباطل فكرةً تأسست‬
‫على التناقض أو إرادة ترغمه على الخضوع للتناقض في فكره أوسلوكه‪.‬‬
‫‪ )5‬الكون من حولنا يدلنا على ارتباط هذه القيم الثالثة الحق والخير والجمال‬
‫‪:‬‬
‫فالكون ال يعاني من التناقض ‪ ( :‬ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت) ألنه‬
‫متلبس بالحق ( خلق السماوات واألرض بالحق ) والكون خلق بحيث يحقق‬
‫الخير للناس ‪:‬‬
‫( ألم نجعل األرض مهاداً والجبال أوتاداً وخلقناكم أزواجا ً وجعلنا نومكم‬
‫سباتا ً وجعلنا الليل لباسا ً وجعلنا النهار معاشا ً وبنينا فوقكم سبعا ً شداداً وجعلنا‬
‫سراجا ً وهاجا وأنزلنا من المعصرات ما ًءا ثجاجاًـ لنخرج به حبا ً ونباتا ً‬
‫وجنات ألفافاًـ متاعا ً لكم وألنعامكم )‬
‫(قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق األرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب‬
‫العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في‬

‫‪5‬‬
‫أربعة أيام سوا ًء للسائلين ) والكون يمتلئ بالجمالـ حتى يفيض من المتأمل‬
‫دموعا ً وسكينة ‪:‬‬
‫(وزينا السماء الدنيا بمصابيح ) ( إنا جعلنا ما على األرض زينة لها)‬
‫(وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ) ( ولكم فيها جمال حين تريحون وحين‬
‫تسرحون )‬
‫فهل بعد ذلك يقال أن الحق والخير والجمال منفصلة غير مترابطة ؟ هل‬
‫يمكن لنا بعد ذلك أن نؤسس أفعالنا على الحق وحده دون اعتبار للخير‬
‫والجمال أو أن ندعو إلى الخير الذي ال يضع اعتباراً للحق ويراه نسبيا ً أو أن‬
‫ندعي حب الجمالـ فنؤسس فنونا ً تحتقر الحق وال ترى الخير إال فيما يراه‬
‫الداعون لها ؟‬
‫إن التعامل مع هذه القيم على أنها منفصلة عن بعضها يجعل منا ( يقطعون‬
‫ما أمر هللا به أن يوصل ) وذلك يؤدي إلى الفساد في األرض‪.‬‬
‫إن الطائفة األولى التي تقطع ما أمر هللا به أن يوصلهيي الطائفة المثالية التي‬
‫ال تعير الواقع أي اهتمام فؤسس أفعالها على الحق وحده دون اعتبار للخير‬
‫أو الجمالـ ‪.‬‬
‫والطائفة الثانية التي تقطع ما أمر هللا به أن يوصل هي الطائفة الواقعية التي‬
‫ال تهتم إال بالخير بغض النظر عن الحق والجمال ‪.‬‬
‫والطائفة الثالثة التي تقطع ما أمر هللا به أن يوصل هي طائفة الفن للفن أو‬
‫الفن للمجتمع فتسعى وراء الجمال بغض النظر الخير (الفن للفن )وبغض‬
‫النظر عن الحق (الفن للمجتمع )‪.‬‬
‫المثالية تقوم بها عقول معطلة والواقعية تقوم بها عقول مستعبدة ‪ .‬المثالية‬
‫تنتج إنسانا ً مبرمجا ً (‪)Robot‬والواقعية تنتج إنسانا ً (‪)Zambei‬ميت يظن‬
‫أنه حي ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفعل المطلوب هو الذي يؤدي إلى مستقبل وهو الذي علته الحق وغايته‬
‫الخير ووسيلته الجمالـ ‪ ،‬هو الذي ال يؤدي إلى تكرار الماضي ‪ ،‬طبعة‬
‫جديدة لخطأٍ سابق وحقوق نشره غير محفوظة ‪.‬‬
‫والقرآن وحده عندما يُتعامل معه كمنهج للتفكير يُنتِج"أولي األلباب" الذين‬
‫يعتبرون هذه القيم الثالثة مترابطة ألنهم يصلون ما أمر هللا به أن يوصل‬
‫وتدل أفعالهم على هذه الحقيقة فعلتها الحق وغايتها الخير ووسيلتها الجمال ‪:‬‬
‫نز ل إليك من ربك هو الحق كمن هو أعمى ‪ .‬إنما يتذكر‬ ‫ُ‬
‫(أفمن يعلم أنما أ ِ‬
‫أولو األلباب الذين يوفون بعهد هللا وال ينقضون الميثاق والذين يصلون ما‬
‫أمر هللا به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا‬
‫ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصالة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعالنية‬
‫ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار )‬
‫القرآن وحده عندما نتعامل معه كطالب علم وليس كطالب حجة أو تبرير أو‬
‫ترويج لفكرة ما ‪ .‬ذلك هو معيار الصدق في التعامل مع كتاب هللا كمنهج‬
‫معرفة ‪.‬هذا هو المعيار الوحيد الذي يمكن أن يوحد الرؤية لنهاية هذا النفق‬
‫المظلم الذي نحن فيه ‪(:‬قد جاءكم من هللا نور وكتاب مبين يهدي به هللا من‬
‫اتبع رضوانه سبل السالم ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم‬
‫إلى صراط مستقيم )‬
‫ألن الصدق كما قال رسول هللا – صلى هللا عليه وسلم – ( يهدي إلى البر )‬
‫لذلك البد كي يؤدي تعاملنا مع كتاب هللا إلى البر ال بد أن نؤسس هذا التعامل‬
‫على الصدق وذلك بأن نأتي إلى كتاب هللا بدون أجوبة مسبقة عن تساؤالتنا‬
‫وبال رغبة مسبقة في إجابة معينة محددة سلفا ً ‪.‬‬
‫كيف يكون صادقا ً معك من يسألك عن سؤال يعلم جوابه ؟كيف يكون صادقا ً‬
‫معك من يسألك وفي نفسه ميل إلى إجابة محددة فإن وافق جوابك ميله أذعن‬
‫إليه وإال فال ؟‬
‫إذا كانت تسوقنا الرغبة في جواب محدد على سؤالنا فكيف يجوز لنا الزعم‬
‫بأننا صادقون في تعملنا مع كتاب هللا ؟‬
‫‪7‬‬
‫الكذب في التعامل مع كتاب هللا هو الذي أدى إلى تعدد األجوبة وتناقضها في‬
‫أحيان كثيرة ‪:‬‬
‫( كان الناس أمة واحدة فبعث هللا النبيئين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم‬
‫الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ‪ ،‬وما اختلف فيه إال الذين أُتوه من‬
‫بعد ما جاءهم العلم بغيا ً بينهم ‪ ،‬فهدى هللا الذين آمنو ا لما اختلفوا فيه من‬
‫الحق بإذنه وهللا يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )‬
‫وكل المنتمين يجدون فيه ما يدعمون به آراءهم التناقضة حتى اليهود‬
‫والنصارى ‪:‬‬
‫(وليزيدن كثيراً منهم ما أُنزل إليك من ربك طغيانا ً وكفراً فال تأس على القوم‬
‫ّ‬
‫الكافرين )‬
‫والال منتمي أقدر على صدق التعامل مع كتاب هللا وسنة رسوله أقدر على‬
‫اكتشاف الفعل المناسب في المكان المناسب في الزمان المناسب ذلك إن‬
‫كانت علة فعله الحق وغايته الخير ووسيلته الجمالـ ذلك عبد هللا الذي‬
‫الينتمي إلى أية أيديولوجيا دينية أو ال دينية عبد هللا ال يلتزم إال بمنهج القرآن‬
‫في التمييزبين الحق والباطل وال يؤسس تميييزه هذا على أشخاص معينين‬
‫مهما كانت وجاهتهم أو مكانتهم ‪:‬‬
‫(هللا ال إله إال هو ن ّزل عليك المتاب بالحق مصدقا ً لما بين يديه وأنزل التوراة‬
‫ى للناس وأنزل الفرقان )‬
‫واإلنجيل من قبل هد ً‬
‫والفرقان ما يفرق به بين الخق والباطل ‪.‬‬
‫والمسلمون يعلمون القرآن وال يعلون الفرقان ‪ .‬الفرقان هو منهج القرآن في‬
‫التمييز بين الحق والباطل ‪ .‬هو منطق عبد هللا بينه له كتاب هللا ‪ (.‬ال يأتيه‬
‫الباطل من بين يديه وال من خلفه تنزيل من حكيم حميد )‪.‬‬
‫آن للمسلم الذي يقرأ القرآن أن يفكر كما أمر القرآن كي تبدأحضارة جديدة‬
‫كما بدأت من قبل ‪ .‬وكما فعل سلفنا الصالح عندما أخذوا العلم والعمل من‬
‫القرآن ألنهم صدقوا في التعامل معه ‪ .‬فمن أراد أن يتعامل مع كتاب هللا‬
‫بصدق وجب عليه أال يأتي إلى كتاب هللا وفي رأسه أفكار يبحث عن‬
‫‪8‬‬
‫شرعية لها أو في نفسه ميول يبحث عن تدعيم أو تصديق لها ‪ .‬ذلك هو‬
‫الهوى الذي ينهى القرآن عنه ‪:‬‬
‫( وال تتبع الهوى فيضلك عن سبيل هللا )‬
‫وككلما تقيد المسلم بمنهج القرآن في التفكير كلما زاد صدقه في التعامل معه‬
‫وكلما زاد صدقه زاد نجاحه ‪ .‬وبقدر صدقه بقدر إيمانه وبقدر إيمانه بقدر‬
‫والية هللا له وبقدر والية هللا له بقدر خروجه من الظلمات إلى النور ‪:‬‬
‫(هللا ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم‬
‫الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحابـ النار هم فيها‬
‫خالدون ) ‪.‬‬

‫‪9‬‬

You might also like